اذهبي الى المحتوى
عروس القرءان

|| صفحة مدارسة التفسير|| ..~ ليدبروا آياته ~..

المشاركات التي تم ترشيحها

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } أي: خلق لكم, برا بكم ورحمة, جميع ما على الأرض, للانتفاع والاستمتاع والاعتبار.

 

وفي هذه الآية العظيمة دليل على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة, لأنها سيقت في معرض الامتنان، يخرج بذلك الخبائث, فإن [تحريمها أيضا] يؤخذ من فحوى الآية, ومعرفة المقصود منها, وأنه خلقها لنفعنا, فما فيه ضرر, فهو خارج من ذلك، ومن تمام نعمته, منعنا من الخبائث, تنزيها لنا.

 

وقوله: { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

{ اسْتَوَى } ترد في القرآن على ثلاثة معاني:

ــــ فتارة لا تعدى بالحرف، فيكون معناها, الكمال والتمام, كما في قوله عن موسى: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى }

ــــ وتارة تكون بمعنى " علا " و " ارتفع " وذلك إذا عديت بـ " على "كما في قوله تعالى: { ثم استوى على العرش } { لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ }

ــــ وتارة تكون بمعنى " قصد " كما إذا عديت بـ " إلى " كما في هذه الآية،

أي: لما خلق تعالى الأرض, قصد إلى خلق السماوات

 

{ فسواهن سبع سماوات } فخلقها وأحكمها, وأتقنها,

{ وهو بكل شيء عليم } فـ { يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها } و { يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } يعلم السر وأخفى.

 

وكثيرا ما يقرن بين خلقه للخلق وإثبات علمه كما في هذه الآية, وكما في قوله تعالى: { أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } لأن خلقه للمخلوقات, أدل دليل على علمه, وحكمته, وقدرته.

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى

وقصة خلق آدم عليه السلام ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

نُتابع بإذن الله تعالى تفسير آيات سورة البقرة.

وسيكون هذا اللقاء عن [قصة خلق آدم عليه السلام] .

 

 

قال الله تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (30)

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم ، بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم ، فقال تعالى: ( وإذ قال ربك للملائكة ) أي: واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة ، واقصص على قومك ذلك.

 

وحكى ابن جرير عن بعض أهل العربية [ وهو أبو عبيدة ] أنه زعم أن " إذ " هاهنا زائدة ، وأن تقدير الكلام: وقال ربك. ورده ابن جرير.

قال القرطبي: وكذا رده جميع المفسرين حتى قال الزجاج: هذا اجتراء من أبي عبيدة.

( إني جاعل في الأرض خليفة ) أي: قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل ،

كما قال تعالى: ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) [ الأنعام : 165 ]

وقال ( ويجعلكم خلفاء الأرض ) [ النمل : 62 ] .

وقال ( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون ) [ الزخرف : 60 ] .

وقال ( فخلف من بعدهم خلف ) [ مريم : 59 ] .

 

[ وقرئ في الشاذ: " إني جاعل في الأرض خليقة " حكاه الزمخشري وغيره ونقلها القرطبي عن زيد بن علي ] .

 

وليس المراد هاهنا بالخليفة آدم - عليه السلام - فقط ، كما يقوله طائفة من المفسرين ، وعزاه القرطبي إلى ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل ، وفي ذلك نظر ،

بل الخلاف في ذلك كثير ، حكاه فخر الدين الرازي في تفسيره وغيره ،

 

 

والظاهر أنه لم يرد آدم عينا إذ لو كان كذلك لما حسن قول الملائكة: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) فإنهم إنما أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك ، وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص ، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمإ مسنون

[ أو فهموا من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس فيما يقع بينهم من المظالم ، ويرد عنهم المحارم والمآثم ، قاله القرطبي ]

أو أنهم قاسوهم على من سبق ، كما سنذكر أقوال المفسرين في ذلك.

 

وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ، ولا على وجه الحسد لبني آدم ، كما قد يتوهمه بعض المفسرين

[ وقد وصفهم الله تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول ، أي: لا يسألونه شيئا لم يأذن لهم فيه وهاهنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقا.

قال قتادة: وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها فقالوا: ( أتجعل فيها ) الآية ]

وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ، يقولون: يا ربنا ، ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ، فإن كان المراد عبادتك ، فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، أي: نصلي لك كما سيأتي ، أي: ولا يصدر منا شيء من ذلك ، وهلا وقع الاقتصار علينا؟ قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال: ( إني أعلم ما لا تعلمون ) أي: إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم ؛ فإني سأجعل فيهم الأنبياء ، وأرسل فيهم الرسل ، ويوجد فيهم الصديقون والشهداء ، والصالحون والعباد ، والزهاد والأولياء ، والأبرار والمقربون ، والعلماء العاملون والخاشعون ، والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله ، صلوات الله وسلامه عليهم.

 

وقد ثبت في الصحيح: أن الملائكة إذا صعدت إلى الرب تعالى بأعمال عباده سألهم وهو أعلم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون.

وذلك لأنهم يتعاقبون فينا ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر ، فيمكث هؤلاء ويصعد أولئك بالأعمال

كما قال عليه السلام: يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل

 

فقولهم: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون من تفسير قوله: ( إني أعلم ما لا تعلمون )

 

وقيل: معنى قوله جوابا لهم: ( إني أعلم ما لا تعلمون ) أن لي حكمة مفصلة في خلق هؤلاء والحالة ما ذكرتم لا تعلمونها ،

وقيل: إنه جواب لقولهم: ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) فقال: ( إني أعلم ما لا تعلمون ) أي: من وجود إبليس بينكم وليس هو كما وصفتم أنفسكم به.

وقيل: بل تضمن قولهم: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ) طلبا منهم أن يسكنوا الأرض بدل بني آدم ، فقال الله تعالى لهم: ( إني أعلم ما لا تعلمون ) من أن بقاءكم في السماء أصلح لكم وأليق بكم. ذكرها فخر الدين مع غيرها من الأجوبة ، والله أعلم.

 

ذكر أقوال المفسرين ببسط ما ذكرناه:

قال ابن جرير: حدثني القاسم بن الحسن قال: حدثنا الحسين قال: حدثني الحجاج ، عن جرير بن حازم ، ومبارك ، عن الحسن وأبي بكر ، عن الحسن وقتادة ، قالوا: قال الله للملائكة: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال لهم: إني فاعل. وهذا معناه أنه أخبرهم بذلك.

 

وقال السدي: استشار الملائكة في خلق آدم. رواه ابن أبي حاتم ، قال: وروي عن قتادة نحوه.

وهذه العبارة إن لم ترجع إلى معنى الإخبار ففيها تساهل ، وعبارة الحسن وقتادة في رواية ابن جرير أحسن ، والله أعلم.

 

( في الأرض ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة ، حدثنا حماد حدثنا عطاء بن السائب ، عن عبد الرحمن بن سابط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دحيت الأرض من مكة ، وأول من طاف بالبيت الملائكة ، فقال الله: إني جاعل في الأرض خليفة ، يعني مكة.

وهذا مرسل ، وفي سنده ضعف ، وفيه مدرج ، وهو أن المراد بالأرض مكة ، والله أعلم ، فإن الظاهر أن المراد بالأرض أعم من ذلك.

( خليفة ) قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة أن الله تعالى قال للملائكة: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قالوا: ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا.

 

قال ابن جرير: فكان تأويل الآية على هذا: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) مني ، يخلفني في الحكم بين خلقي ، وإن ذلك الخليفة هو آدم ومن قام مقامه في طاعة الله والحكم بالعدل بين خلقه. وأما الإفساد وسفك الدماء بغير حقها فمن غير خلفائه.

قال ابن جرير: وإنما [ كان تأويل الآية على هذا ] معنى الخلافة التي ذكرها الله إنما هي خلافة قرن منهم قرنا.

قال: والخليفة الفعيلة من قولك ، خلف فلان فلانا في هذا الأمر: إذا قام مقامه فيه بعده ،

كما قال تعالى: ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) [ يونس : 14 ] .

ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم: خليفة ؛ لأنه خلف الذي كان قبله ، فقام بالأمر مقامه ، فكان منه خلفا.

قال: وكان محمد بن إسحاق يقول في قوله تعالى: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) يقول: ساكنا وعامرا يسكنها ويعمرها خلفا ليس منكم.

قال ابن جرير: وحدثنا أبو كريب ، حدثنا عثمان بن سعيد ، حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال: أول من سكن الأرض الجن ، فأفسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء ، وقتل بعضهم بعضا. قال: فبعث الله إليهم إبليس ، فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال. ثم خلق آدم وأسكنه إياها ، فلذلك قال: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) .

وقال سفيان الثوري ، عن عطاء بن السائب ، عن ابن سابط: ( إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) قال: يعنون [ به ] بني آدم.

 

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال الله للملائكة: إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا وأجعل فيها خليفة وليس لله عز وجل خلق إلا الملائكة ، والأرض ليس فيها خلق ، قالوا: ( أتجعل فيها من يفسد فيها [ ويسفك الدماء ] ؟!

 

وقد تقدم ما رواه السدي ، عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة: أن الله أعلم الملائكة بما يفعل ذرية آدم ، فقالت الملائكة ذلك.

 

وتقدم آنفا ما رواه الضحاك ، عن ابن عباس: أن الجن أفسدوا في الأرض قبل بني آدم ، فقالت الملائكة ذلك ، فقاسوا هؤلاء بأولئك.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن بكير بن الأخنس ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو ، قال: كان الجن بنو الجان في الأرض قبل أن يخلق آدم بألفي سنة ، فأفسدوا في الأرض ، وسفكوا الدماء ، فبعث الله جندا من الملائكة فضربوهم ، حتى ألحقوهم بجزائر البحور ، فقال الله للملائكة: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون.

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) إلى قوله: ( وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) [ البقرة : 33 ]

قال: خلق الله الملائكة يوم الأربعاء وخلق الجن يوم الخميس ، وخلق آدم يوم الجمعة ؛ فكفر قوم من الجن ، فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم ، فكانت الدماء بينهم ، وكان الفساد في الأرض ، فمن ثم قالوا: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) كما أفسدت الجن ( ويسفك الدماء ) كما سفكوا.

قال ابن أبي حاتم: وحدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا مبارك بن فضالة ، حدثنا الحسن ، قال: قال الله للملائكة: ( إني جاعل في الأرض خليفة ) قال لهم: إني فاعل. فآمنوا بربهم ، فعلمهم علما وطوى عنهم علما علمه ولم يعلموه ، فقالوا بالعلم الذي علمهم: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) ؟ ( قال إني أعلم ما لا تعلمون )

 

قال الحسن: إن الجن كانوا في الأرض يفسدون ويسفكون الدماء ، ولكن جعل الله في قلوبهم أن ذلك سيكون ، فقالوا بالقول الذي علمهم.

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) كان [ الله ] أعلمهم أنه إذا كان في الأرض خلق أفسدوا فيها وسفكوا الدماء ، فذلك حين قالوا: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) .

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا هشام الرازي ، حدثنا ابن المبارك ، عن معروف ، يعني ابن خربوذ المكي ، عمن سمع أبا جعفر محمد بن علي يقول: السجل ملك ، وكان هاروت وماروت من أعوانه ، وكان له في كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب ، فنظر نظرة لم تكن له فأبصر فيها خلق آدم وما كان فيه من الأمور ، فأسر ذلك إلى هاروت وماروت ، وكانا من أعوانه ، فلما قال تعالى: ( إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) قالا ذلك استطالة على الملائكة.

وهذا أثر غريب. وبتقدير صحته إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن الباقر ، فهو نقله عن أهل الكتاب ، وفيه نكارة توجب رده ، والله أعلم.

ومقتضاه أن الذين قالوا ذلك إنما كانوا اثنين فقط ، وهو خلاف السياق.

وأغرب منه ما رواه ابن أبي حاتم - أيضا - حيث قال: حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن أبي عبد الله ، حدثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير ، قال: سمعت أبي يقول: إن الملائكة الذين قالوا: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) كانوا عشرة آلاف ، فخرجت نار من عند الله فأحرقتهم.

وهذا - أيضا - إسرائيلي منكر كالذي قبله ، والله أعلم.

قال ابن جريج: إنما تكلموا بما أعلمهم الله أنه كائن من خلق آدم ، فقالوا: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء )

وقال ابن جرير: وقال بعضهم: إنما قالت الملائكة ما قالت: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) ؛ لأن الله أذن لهم في السؤال عن ذلك ، بعد ما أخبرهم أن ذلك كائن من بني آدم ، فسألته الملائكة ، فقالت على التعجب منها: وكيف يعصونك يا رب وأنت خالقهم!؟ فأجابهم ربهم: ( إني أعلم ما لا تعلمون ) يعني: أن ذلك كائن منهم ، وإن لم تعلموه أنتم ومن بعض من ترونه لي طائعا.

قال: وقال بعضهم: ذلك من الملائكة على وجه الاسترشاد عما لم يعلموا من ذلك ، فكأنهم قالوا: يا رب خبرنا ، مسألة [ الملائكة ] استخبار منهم ، لا على وجه الإنكار ، واختاره ابن جرير.

وقال سعيد عن قتادة قوله: ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) فاستشار الملائكة في خلق آدم ، فقالوا: ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) وقد علمت الملائكة من علم الله أنه لا شيء أكره إلى الله من سفك الدماء والفساد في الأرض ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ) فكان في علم الله أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة ، قال: وذكر لنا عن ابن عباس أنه كان يقول: إن الله لما أخذ في خلق آدم قالت الملائكة: ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا ، فابتلوا بخلق آدم ، وكل خلق مبتلى كما ابتليت السماوات والأرض بالطاعة فقال: ( ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ) [ فصلت : 11 ] .

 

وقوله تعالى: ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) قال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة: التسبيح: التسبيح ، والتقديس: الصلاة.

وقال السدي ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود - وعن ناس من الصحابة: ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) قال: يقولون: نصلي لك.

وقال مجاهد: ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) قال: نعظمك ونكبرك.

وقال الضحاك: التقديس: التطهير.

وقال محمد بن إسحاق: ( ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ) قال: لا نعصي ولا نأتي شيئا تكرهه.

وقال ابن جرير: التقديس: هو التعظيم والتطهير ، ومنه قولهم: سبوح قدوس ، يعني بقولهم: سبوح ، تنزيه له ، وبقولهم: قدوس ، طهارة وتعظيم له.

ولذلك قيل للأرض: أرض مقدسة ، يعني بذلك المطهرة.

فمعنى قول الملائكة إذا: ( ونحن نسبح بحمدك ) ننزهك ونبرئك مما يضيفه إليك أهل الشرك بك ( ونقدس لك ) ننسبك إلى ما هو من صفاتك ، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك.

[ وفي صحيح مسلم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الكلام أفضل؟ قال: ما اصطفى الله لملائكته: سبحان الله وبحمده وروى البيهقي عن عبد الرحمن بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به سمع تسبيحا في السماوات العلا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى ] .

 

( قال إني أعلم ما لا تعلمون ) قال قتادة: فكان في علم الله أنه سيكون في تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة ، وسيأتي عن ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من الصحابة والتابعين أقوال في حكمة قوله تعالى: ( قال إني أعلم ما لا تعلمون )

وقد استدل القرطبي وغيره بهذه الآية على وجوب نصب الخليفة ليفصل بين الناس فيما يختلفون فيه ، ويقطع تنازعهم ، وينتصر لمظلومهم من ظالمهم ، ويقيم الحدود ، ويزجر عن تعاطي الفواحش ، إلى غير ذلك من الأمور المهمة التي لا يمكن إقامتها إلا بالإمام ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

والإمامة تُنَال

بالنص كما يقوله طائفة من أهل السنة في أبي بكر ،

أو بالإيماء إليه كما يقول آخرون منهم ،

أو باستخلاف الخليفة آخر بعده كما فعل الصديق بعمر بن الخطاب ،

أو بتركه شورى في جماعة صالحين كذلك كما فعله عمر ،

أو باجتماع أهل الحل والعقد على مبايعته

أو بمبايعة واحد منهم له فيجب التزامها عند الجمهور وحكى على ذلك إمام الحرمين الإجماع ، والله أعلم ،

أو بقهر واحد الناس على طاعته فتجب لئلا يؤدي ذلك إلى الشقاق والاختلاف ، وقد نص عليه الشافعي.

وهل يجب الإشهاد على عقد الإمامة؟ فيه خلاف ،

فمنهم من قال: لا يشترط ،

وقيل: بلى ويكفي شاهدان.

وقال الجبائي: يجب أربعة وعاقد ومعقود له ،

كما ترك عمر رضي الله عنه الأمر شورى بين ستة ، فوقع الأمر على عاقد وهو عبد الرحمن بن عوف ، ومعقود له وهو عثمان ، واستنبط وجوب الأربعة الشهود من الأربعة الباقين ، وفي هذا نظر ، والله أعلم.

 

ويجب أن يكون ذكرا حرا بالغا عاقلا مسلما عدلا مجتهدا بصيرا سليم الأعضاء خبيرا بالحروب والآراء قرشيا على الصحيح ،

ولا يشترط الهاشمي ولا المعصوم من الخطأ خلافا للغلاة الروافض ،

 

ولو فسق الإمام هل ينعزل أم لا؟ فيه خلاف ،

والصحيح أنه لا ينعزل

لقوله عليه الصلاة والسلام: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان

 

وهل له أن يعزل نفسه؟ فيه خلاف ،

وقد عزل الحسن بن علي نفسه وسلم الأمر إلى معاوية لكن هذا لعذر وقد مدح على ذلك.

فأما نصب إمامين في الأرض أو أكثر فلا يجوز

لقوله عليه الصلاة والسلام: من جاءكم وأمركم جميع يريد أن يفرق بينكم فاقتلوه كائنا من كان.

وهذا قول الجمهور ، وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد ، منهم إمام الحرمين ،

 

وقالت الكرامية:يجوز نصب إمامين فأكثر كما كان علي ومعاوية إمامين واجبي الطاعة ،

قالوا: وإذا جاز بعث نبيين في وقت واحد وأكثر جاز ذلك في الإمامة ؛ لأن النبوة أعلى رتبة بلا خلاف ،

وحكى إمام الحرمين عن الأستاذ أبي إسحاق أنه جوز نصب إمامين فأكثر إذا تباعدت الأقطار واتسعت الأقاليم بينهما ، وتردد إمام الحرمين في ذلك ،

قلت: وهذا يشبه حال خلفاء بني العباس بالعراق والفاطميين بمصر والأمويين بالمغرب.

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (31)

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة ، بما اختصه به من علم أسماء كل شيء دونهم ،

وهذا كان بعد سجودهم له ،

وإنما قدم هذا الفصل على ذاك ، لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة ، حين سألوا عن ذلك ، فأخبرهم [ الله ] تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ؛

ولهذا ذكر تعالى هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم ، فقال تعالى: ( وعلم آدم الأسماء كلها )

 

وقال السدي ، عمن حدثه ، عن ابن عباس: ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال: عرض عليه أسماء ولده إنسانا إنسانا ، والدواب ، فقيل: هذا الحمار ، هذا الجمل ، هذا الفرس.

 

وقال الضحاك عن ابن عباس: ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان ، ودابة ، وسماء ، وأرض ، وسهل ، وبحر ، وجمل ، وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.

 

وروى ابن أبي حاتم وابن جرير ، من حديث عاصم بن كليب ، عن سعيد بن معبد ، عن ابن عباس: ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال: علمه اسم الصحفة والقدر ، قال: نعم حتى الفسوة والفسية.

 

وقال مجاهد: ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال: علمه اسم كل دابة ، وكل طير ، وكل شيء.

 

وكذلك روي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف: أنه علمه أسماء كل شيء ،

 

وقال الربيع في رواية عنه: أسماء الملائكة.

 

وقال حميد الشامي: أسماء النجوم.

 

وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته كلهم.

 

واختار ابن جرير أنه علمه أسماء الملائكة وأسماء الذرية ؛ لأنه قال: ( ثم عرضهم ) وهذا عبارة عما يعقل.

 

وهذا الذي رجح به ليس بلازم ، فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم ، ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب.

كما قال: ( والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ) [ النور : 45 ] .

 

[ وقد قرأ عبد الله بن مسعود: ثم عرضهن وقرأ أبي بن كعب: ثم عرضها أي: السماوات ] .

 

 

والصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها:

ذواتها وأفعالها ؛ كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية.

يعني أسماء الذوات والأفعال ، المكبر والمصغر ؛

 

ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الآية من كتاب التفسير من صحيحه: حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا مسلم ، حدثنا هشام ، حدثنا قتادة ، عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد ، عن قتادة عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال - : يجتمع المؤمنون يوم القيامة ، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا؟

فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ، فاشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا ،

فيقول: لست هناكم ، ويذكر ذنبه فيستحيي ؛ ائتوا نوحا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ،

فيأتونه فيقول: لست هناكم. ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم فيستحيي. فيقول: ائتوا خليل الرحمن ، فيأتونه ، فيقول: لست هناكم ؛ فيقول: ائتوا موسى عبدا كلمه الله ، وأعطاه التوراة ، فيأتونه ، فيقول: لست هناكم ، ويذكر قتل النفس بغير نفس ، فيستحيي من ربه ؛ فيقول: ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه ، فيأتونه ، فيقول: لست هناكم ، ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتوني ، فأنطلق حتى أستأذن على ربي ، فيؤذن لي ، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا ، فيدعني ما شاء الله ، ثم يقال: ارفع رأسك ، وسل تعطه ، وقل يسمع ، واشفع تشفع ، فأرفع رأسي ، فأحمده بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أعود إليه ، وإذا رأيت ربي مثله ، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أعود الرابعة فأقول: ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود.

هكذا ساق البخاري هذا الحديث هاهنا.

وقد رواه مسلم والنسائي من حديث هشام ، وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي ، عن قتادة ، به. وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث سعيد ، وهو ابن أبي عروبة ، عن قتادة.

 

ووجه إيراده هاهنا والمقصود منه قوله عليه الصلاة والسلام:

فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل شيء ،

فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات ؛

ولهذا قال: ( ثم عرضهم على الملائكة ) يعني: المسميات ؛ كما قال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة قال: ثم عرض تلك الأسماء على الملائكة ( فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين )

 

وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس - وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة: ( وعلم آدم الأسماء كلها ) ثم عرض الخلق على الملائكة.

وقال ابن جريج ، عن مجاهد: ( ثم عرضهم ) عرض أصحاب الأسماء على الملائكة.

 

وقال ابن جرير: حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثني الحجاج ، عن جرير بن حازم ومبارك بن فضالة ، عن الحسن - وأبي بكر ، عن الحسن وقتادة - قالا علمه اسم كل شيء ، وجعل يسمي كل شيء باسمه ، وعرضت عليه أمة أمة.

 

وبهذا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله: ( إن كنتم صادقين ) إني لم أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منه ، فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين.

 

وقال الضحاك عن ابن عباس: ( إن كنتم صادقين ) إن كنتم تعلمون لم أجعل في الأرض خليفة.

 

وقال السدي ، عن أبي مالك وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة: إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء.

 

وقال ابن جرير: وأولى الأقوال في ذلك تأويل ابن عباس ومن قال بقوله ، ومعنى ذلك فقال: أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة القائلون: أتجعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك

الدماء ، من غيرنا أم منا ، فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ إن كنتم صادقين في قيلكم: إني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني ذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء ، وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس ، فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وأنتم تشاهدونهم ، فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين.

 

 

يُتبع بإذن الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } (32)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ قَالُوا سُبْحَانَكَ } أي: ننزهك من الاعتراض منا عليك, ومخالفة أمرك.

{ لَا عِلْمَ لَنَا } بوجه من الوجوه { إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا } إياه, فضلا منك وجودا،

{ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ }

العليم الذي أحاط علما بكل شيء, فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السماوات والأرض, ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

الحكيم: من له الحكمة التامة التي لا يخرج عنها مخلوق, ولا يشذ عنها مأمور، فما خلق شيئا إلا لحكمة، ولا أمر بشيء إلا لحكمة،

والحكمة: وضع الشيء في موضعه اللائق به، فأقروا, واعترفوا بعلم الله وحكمته, وقصورهم عن معرفة أدنى شيء، واعترافهم بفضل الله عليهم؛ وتعليمه إياهم ما لا يعلمون.

 

-----------

 

إضافة من تفسير الإمام ابن كثير:

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث ، عن حجاج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس: سبحان الله ، قال: تنزيه الله نفسه عن السوء.

[ قال ] ثم قال عمر لعلي وأصحابه عنده: لا إله إلا الله ، قد عرفناها فما سبحان الله؟

فقال له علي: كلمة أحبها الله لنفسه ، ورضيها ، وأحب أن تقال.

 

قال: وحدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا النضر بن عربي قال: سأل رجل ميمون بن مهران عن سبحان الله ، فقال: اسم يعظم الله به ، ويحاشى به من السوء.

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم بارك وفقكن الله ونفعنا به

 

أهلًا بكِ أختي الحبيبة.

اللهم آمين، نفع الله الجميع.

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيراً أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

 

ــــــــــــــــــ

 

@ أم 3 أطفال

وبارك فيكِ الرحمن أختي الحبيبة

اللهم آمين، وإياكِ أختي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: { قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

فحينئذ قال الله: { يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ } أي: أسماء المسميات التي عرضها الله على الملائكة; فعجزوا عنها

{ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ } تبين للملائكة فضل آدم عليهم; وحكمة الباري وعلمه في استخلاف هذا الخليفة

{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } وهو ما غاب عنا; فلم نشاهده، فإذا كان عالما بالغيب; فالشهادة من باب أولى

{ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ } أي: تظهرون { وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

وقوله تعالى : ( قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون )قال زيد بن أسلم . قال : أنت جبريل ، أنت ميكائيل ، أنت إسرافيل ، حتى عدد الأسماء كلها ، حتى بلغ الغراب .

وقال مجاهد في قول الله : ( يا آدم أنبئهم بأسمائهم ) قال : اسم الحمامة ، والغراب ، واسم كل شيء .

فلما ظهر فضل آدم ، عليه السلام ، على الملائكة ، عليهم السلام ، في سرده ما علمه الله تعالى من أسماء الأشياء

قال الله تعالى للملائكة : ( ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) أي : ألم أتقدم إليكم أني أعلم الغيب الظاهر والخفي ،

كما قال [ الله ] تعالى : ( وإن تجهر بالقولِ فإنَّهُ يَعلَمُ السِّرَ وأخفَى )

وقيل في [ معنى ] قوله تعالى : ( وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) غير ما ذكرناه ؛ فروى الضحاك ، عن ابن عباس : قال : يقول : أعلم السر كما أعلم العلانية ،

يعني : ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار .

وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس : ( وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ) فكان الذي أبدوا قولهم : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ) وكان الذي كتموا بينهم قولهم : لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم . فعرفوا أن الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

* من تفسيرالإمام القرطبي -رحمه الله-:

قوله تعالى :{ قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم }

فيه مسائل :

الأولى : قوله تعالى : أنبئهم بأسمائهم أمره الله أن يعلمهم بأسمائهم بعد أن عرضهم على الملائكة ليعلموا أنه أعلم بما سألهم عنه تنبيها على فضله وعلو شأنه ، فكان أفضل منهم بأن قدمه عليهم وأسجدهم له وجعلهم تلامذته وأمرهم بأن يتعلموا منه . فحصلت له رتبة الجلال والعظمة بأن جعله مسجودا له ، مختصا بالعلم .

الثانية : في هذه الآية دليل على فضل العلم وأهله ، وفي الحديث : "وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم" أي تخضع وتتواضع وإنما تفعل ذلك لأهل العلم خاصة من بين سائر عيال الله ; لأن الله تعالى ألزمها ذلك في آدم عليه السلام فتأدبت بذلك الأدب . فكلما ظهر لها علم في بشر خضعت له وتواضعت وتذللت إعظاما للعلم وأهله ، ورضا منهم بالطلب له والشغل به .

هذا في الطلاب منهم فكيف بالأحبار فيهم والربانيين منهم جعلنا الله منهم وفيهم ، إنه ذو فضل عظيم .

الثالثة : اختلف العلماء من هذا الباب ، أيما أفضل ؟ الملائكة أو بنو آدم على قولين : فذهب قوم إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة ، والأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة .

وذهب آخرون إلى أن الملأ الأعلى أفضل . احتج من فضل الملائكة بأنهم عباد مكرمون . لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . وقوله :{ لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون} وقوله : {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك} . وفي البخاري : ( يقول الله عز وجل : من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) . وهذا نص . احتج من فضل بني آدم بقوله تعالى : {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية }، من برأ الله الخلق .

وقوله عليه السلام : "وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم الحديث" . أخرجه أبو داود ، وبما جاء في أحاديث "من أن الله تعالى يباهي بأهل عرفات الملائكة "، ولا يباهي إلا بالأفضل ، والله أعلم .

 

يتبع بإذن الله ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم أمرهم تعالى بالسجود لآدم; إكراما له وتعظيما; وعبودية لله تعالى، فامتثلوا أمر الله; وبادروا كلهم بالسجود، { إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى } امتنع عن السجود; واستكبر عن أمر الله وعلى آدم، قال: { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } وهذا الإباء منه والاستكبار; نتيجة الكفر الذي هو منطو عليه; فتبينت حينئذ عداوته لله ولآدم وكفره واستكباره.

 

وفي هذه الآيات من العبر والآيات

إثبات الكلام لله تعالى; وأنه لم يزل متكلما; يقول ما شاء; ويتكلم بما شاء;

وأنه عليم حكيم، وفيه أن العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالوجب عليه; التسليم; واتهام عقله; والإقرار لله بالحكمة،

وفيه اعتناء الله بشأن الملائكة; وإحسانه بهم; بتعليمهم ما جهلوا; وتنبيههم على ما لم يعلموه.

وفيه فضيلة العلم من وجوه: منها: أن الله تعرف لملائكته; بعلمه وحكمته ،

ومنها: أن الله عرفهم فضل آدم بالعلم; وأنه أفضل صفة تكون في العبد،

ومنها: أن الله أمرهم بالسجود لآدم; إكراما له; لما بان فضل علمه،

ومنها: أن الامتحان للغير; إذا عجزوا عما امتحنوا به; ثم عرفه صاحب الفضيلة; فهو أكمل مما عرفه ابتداء،

ومنها: الاعتبار بحال أبوي الإنس والجن; وبيان فضل آدم; وأفضال الله عليه; وعداوة إبليس له; إلى غير ذلك من العبر.

 

* من تفسيرالوسيط للطنطاوي -رحمه الله- :

قوله - تعالى - : ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسجدوا لأَدَمََ . . . )

والسجود : لغة التذلل والخضوع مع انخفاض بانحناء وغيره ، وخص في الشرع بوضع الجبهة على الأرض بقصد العبادة .

وللعلماء في كيفية السجود الذي أمر به الملائكة لآدم أقوال : أرجحها أن السجود المأمور به في الآية يحمل على المعنى المعروف في اللغة ، أي : أن الله - تعالى - أمرهم بفعل تجاه آدم يكون مظهراً من مظاهر التواضع والخضوع له تحية وتعظيماً ، وإقراراً له بالفضل دون وضع الجبهة على الأرض الذي هو عبادة ، إذ عبادة غير الله شرك يتنزه الملائكة عنه .

وعلى هذا الرأي سار علماء أهل السنة .

ثم بين - سبحانه - ما حدث من الملائكة ومن إبليس فقال :

( فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى واستكبر وَكَانَ مِنَ الكافرين ) .

إبليس : اسم مشتق من الإِبلاس ، وهو الحزن الناشئ عن شدة اليأس ، وفعله أبلس ، والراجح أنه اسم أعجمي

وقوله : ( أبى واستكبر )

الإِباء : الامتناع عن الفعل أنفة مع التمكن منه .

والاستكبار : التكبر والتعاظم والغرور ، بمعنى أن يرى الشخص في نفسه علواً على غيره ، وهو خلق مذموم .

وكان في قوله : ( وَكَانَ مِنَ الكافرين ) بمعنى صار .

وجاء العطف في قوله ( فَسَجَدُواْ . . . ) بالفاء المفيدة للتعقيب ، للإشارة إلى أن الملائكة قد بادروا بالامتثال بدون تردد ، ولم يصدهم ما كان في نفوسهم من التخوف من أن يكون هذا المخلوق ، مظهر فساد وسفك دماء ، لأنهم منزهون عن المعاصي .

 

وللعلماء في كون إبليس من الملائكة أم لا قولان :

أحدهما : أنه كان منهم لأنه - سبحانه - أمرهم بالسجود لآدم ، ولولا أنه كان منهم لما توجه إليه الأمر بالسجود ، ولو لم يتوجه إليه الأمر بالسجود لم يكن عاصياً ، ولما استحق الخزي والنكال .

ولأن الأصل في المستثنى أن يكون داخلا تحت اسم المستثنى منه حتى يقوم دليل على أنه خارج عنه . وقد اختار هذا الرأي ابن عباس ، وابن مسعود وجمهور المفسرين .

وقيل إنه ليس منهم لقوله - تعالى - ( إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) فهو أصل الجن ، كما أن آدم أصل الإِنس ، ولأنه خلق من نار ، والملائكة خلقوا من نور ، ولأن له ذرية ولا ذرية للملائكة . وقد اختار هذا القول الحسن وقتادة وغيرهما .

وقد حاول ابن القيم أن يجمع بين الرأيين فقال : والصواب التفصيل في هذه المسألة ، وأن القولين في الحقيقة قول واحد ، فإن إبليس كان من الملائكة بصورته وليس منهم بمادته وأصله . كان من نار وأصل الملائكة من نور ، فالنافي كونه من الملائكة . والمثبت لم يتواردا على محل واحد .

 

ولما كان استثناء إبليس من الساجدين لا يدل على أنه ترك السجود عصياناً ، إذ قد يكون تركه لعذر ، دل بقول : ( أبى واستكبر ) على أنه امتنع من السجود أنفة ، وتعاظماً ، وأردف هذا التعاظم والغرور باعتراضه على الله - في تفصيل آدم ، فصار بذلك في فريق الكافرين ، ولذا ختمت الآية بقوله - تعالى - : ( وَكَانَ مِنَ الكافرين ) أي : صار بسبب عصيانه واستكباره من الكافرين بالله ، الجاحدين لنعمه ، البعيدين عن رحمته ورضوانه .

 

يتبع بإذن الله ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

لما خلق الله آدم وفضله; أتم نعمته عليه; بأن خلق منه زوجة ليسكن إليها; ويستأنس بها; وأمرهما بسكنى الجنة; والأكل منها رغدا; أي: واسعا هنيئا،

{ حَيْثُ شِئْتُمَا } أي: من أصناف الثمار والفواكه; وقال الله له: { إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى }

{ وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ } نوع من أنواع شجر الجنة; الله أعلم بها، وإنما نهاهما عنها امتحانا وابتلاء [أو لحكمة غير معلومة لنا]

{ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } دل على أن النهي للتحريم; لأنه رتب عليه الظلم.

* من تفسيرالوسيط للطنطاوي -رحمه الله- :

وقوله - تعالى - ( وَقُلْنَا يَآءَادَمُ اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة ) معطوف على قوله ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ . . . ) أي : بعد أن أمرنا الملائكة بالسجود لآدم ، قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ، فهذه تكرمه أكره الله بها بعد أن أكرمه بكرامة الإِجلال من تلقاء الملائكة .

وقوله : ( اسكن ) أمر من السكنى بمعنى اتخاذ المسكن على وجه الاستقرار .

والزوج : يطلق على الرجل والمرأة والمراد به هنا حواء ، حيث تقول العرب للمرأة زوج ، ولا تكاد تقول زوجة .

والجنة : هي كل بستان ذي شجر متكاثف ، ملتف الأغصان ، يظلل ما تحته ويستره ، من الجن ، وهو ستر الشيء عن الحاسة .

وجمهور أهل السنة على أن المراد بها هنا دار الثواب . التي أعدها الله للمؤمنين يوم القيامة ، لأن هذا هو المتبادر إلى الذهن عند الإِطلاق .

ويرى جمهور علماء المعتزلة أن المراد بها هنا بستان بمكان مرتفع من الأرض ، خلقه الله لإِسكان آدم وزوجه ، واختلفوا في مكانه ، فقيل بفلسطين . وقيل بغيرها .

وقد ساق الإِمام ابن القيم في كتابه ( حادي الأرواح ) أدلة الفريقين دون أن يرجح شيئاً منها .

والأحوط والأسلم : الكف عن تعيينها وعن القطع به ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأبو منصور الماتريدي في التأويلات ، إذ ليس لهذه المسألة تأثير في العقيدة .

والمخاطب بالأمر ، بسكنى الجنة آدم وحواء ، ولكن الأسلوب جاء في صيغة الخطاب لآدم وعطفت عليه زوجه ، لأنه هو المقصود بالأمر وزوجه تبع له .

ثم بين - سبحانه - أنه قد أباح لهما أن يأكلا من ثمار الجنة أكلا واسعا فقال : ( وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا ) أي كلا من مطاعم الجنة وثمارها أكلا هنيئاً أو واسعاً في أي مكان من الجنة أردتم .

يقال : رغد عيش القوم أي : اتسع وطاب ، وأرغد القوم ، أي : اخصبوا وصاروا في رزق واسع .

والضمير في قوله ( مِنْهَا ) يعود إلى الجنة ، والمراد بالأكل منها : الأكل من مطاعمها وثمارها ، لأن الجنة تستلزم ثماراً هي المقصودة بالأكل .

ثم بين - سبحانه - أنه نهاهم عن الأكل من شجرة معينة فقال : ( وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة فَتَكُونَا مِنَ الظالمين ) .

القرب : الدنو ، والمنهى عنه هو الأكل من ثمار الشجرة ، وتعليق النهي بالقرب منها إذ قال ( وَلاَ تَقْرَبَا ) القصد منه المبالغة في النهي عن الأكل ، إذ في النهي عن القرب من الشيء قطع لوسيلة التلبس سبه ، كما قال تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى ) فنهى عن القرب من الزنا ليقطع الوسيلة إلى ارتكابه وهي القرب منه .

 

وأكد الله بأن جعل عدم اجتناب الأكل من الشجرة ظلماً فقال : ( فَتَكُونَا مِنَ الظالمين ) وقد ظلما أنفسهما إذ أكلا منها ، فقد ترتب على أكلهما منها أن أخرجا من الجنة التي كانا يعيشان فيها عيشة راضية .

وقد تكلم العلماء كثيراً عن اسم هذه الشجرة ونوعها فقيل هي التينة ، وقيل : هي السنبلة ، وقيل هي الكرم . . الخ . إلا أن القرآن لم يذكر نوعها على عادته في عدم التعرض لذكر ما لم يدع المقصود من سوق القصة إلى بيانه .

وقد أحسن الإِمام ابن جرير في التعبير عن هذا المعنى فقال : " والصواب في ذلك أن يقال : إن الله - تعالى - نهى آدم وزوجه عن الأكل من شجرة يعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها فأكلا منها ، ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين ، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ولا من السنة الصحيحة ، وقد قيل : كانت شجرة البر ، وقيل كانت شجرة العنب . وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه ، وإن جهله جاهل لم يضره جهله به .

 

 

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

نُتابع تفسير آيات سورة البقرة.

 

 

 

قال الله تعالى: { فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } (36)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهيا عنه؛ حتى أزلهما، أي: حملهما على الزلل بتزيينه.

{ وَقَاسَمَهُمَا } بالله { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } فاغترا به وأطاعاه؛ فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والرغد؛ وأهبطوا إلى دار التعب والنصب والمجاهدة.

{ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أي: آدم وذريته؛ أعداء لإبليس وذريته،

ومن المعلوم أن العدو؛ يجد ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشر إليه بكل طريق؛ وحرمانه الخير بكل طريق،

ففي ضمن هذا, تحذير بني آدم من الشيطان كما قال تعالى { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا }

ثم ذكر منتهى الإهباط إلى الأرض، فقال: { وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ } أي: مسكن وقرار،

{ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } انقضاء آجالكم, ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها, وخلقت لكم، ففيها أن مدة هذه الحياة, مؤقتة عارضة, ليست مسكنا حقيقيا, وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار, ولا تعمر للاستقرار.

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

وقال فخر الدين: اعلم أن في هذه الآيات تهديدا عظيما عن كل المعاصي من وجوه:

الأول: أن من تصور ما جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزلة الصغيرة كان على وجل شديد من المعاصي ،

قال الشاعر:

يا ناظرا يرنو بعيني راقد ومشاهدا للأمر غير مشاهد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي

درج الجنان ونيل فوز العابد أنسيت ربك حين أخرج آدما

منها إلى الدنيا بذنب واحد

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } (37)

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ فَتَلَقَّى آدَمُ } أي: تلقف وتلقن, وألهمه الله { مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ } وهي قوله: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا } الآية،

فاعترف بذنبه وسأل الله مغفرته { فَتَابَ } الله { عَلَيْهِ } ورحمه

{ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ } لمن تاب إليه وأناب.

وتوبته نوعان:

- توفيقه أولا,

- ثم قبوله للتوبة إذا اجتمعت شروطها ثانيا.

{ الرَّحِيمِ } بعباده, ومن رحمته بهم, أن وفقهم للتوبة, وعفا عنهم وصفح.

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد أنه كان يقول في قول الله تعالى: ( فتلقى آدم من ربه كلمات ) قال: الكلمات: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ، إنك خير الغافرين ، اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فارحمني ، إنك خير الراحمين.

اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فتب علي ، إنك أنت التواب الرحيم.

 

 

وقوله تعالى: ( إنه هو التواب الرحيم ) أي : إنه يتوب على من تاب إليه وأناب ،

كقوله: ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ) [ التوبة : 104 ]

وقوله: ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 11 ] ،

وقوله: ( ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) [ الفرقان : 71 ]

وغير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى يغفر الذنوب ويتوب على من يتوب وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده ، لا إله إلا هو التواب الرحيم.

 

وذكرنا في المسند الكبير من طريق سليمان بن سليم عن ابن بريدة وهو سليمان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت سبعا ، وصلى خلف المقام ركعتين ، ثم قال: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي ، فاقبل معذرتي ، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي ، وتعلم ما عندي فاغفر ذنوبي ، أسألك إيمانا يباشر قلبي ، ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي.

قال فأوحى الله إليه إنك قد دعوتني بدعاء أستجيب لك فيه ولمن يدعوني به ، وفرجت همومه وغمومه ، ونزعت فقره من بين عينيه ، وأجرت له من وراء كل تاجر زينة الدنيا وهي كلمات عهد وإن لم يزدها رواه الطبراني في معجمه الكبير.

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } (38)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

تفسير الآيتين 38 و 39 :ـ كرر الإهباط, ليرتب عليه ما ذكر وهو قوله: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى } أي: أيَّ وقت وزمان جاءكم مني -يا معشر الثقلين- هدى, أي: رسول وكتاب يهديكم لما يقربكم مني, ويدنيكم مني؛ ويدنيكم من رضائي، { فمن تبع هداي } منكم, بأن آمن برسلي وكتبي, واهتدى بهم, وذلك بتصديق جميع أخبار الرسل والكتب, والامتثال للأمر والاجتناب للنهي، { فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } وفي الآية الأخرى: { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }

 

فرتب على اتباع هداه أربعة أشياء:

نفي الخوف والحزن

والفرق بينهما,

- أن المكروه إن كان قد مضى, أحدث الحزن,

- وإن كان منتظرا, أحدث الخوف،

فنفاهما عمن اتبع هداه وإذا انتفيا, حصل ضدهما, وهو الأمن التام،

وكذلك نفي الضلال والشقاء عمن اتبع هداه

وإذا انتفيا ثبت ضدهما، وهو الهدى والسعادة،

 

فمن اتبع هداه,

حصل له الأمن والسعادة الدنيوية والأخروية والهدى،

وانتفى عنه كل مكروه, من الخوف, والحزن, والضلال, والشقاء،

فحصل له المرغوب, واندفع عنه المرهوب،

 

وهذا عكس من لم يتبع هداه, فكفر به, وكذب بآياته. فـ { أولئك أصحاب النار } أي: الملازمون لها, ملازمة الصاحب لصاحبه, والغريم لغريمه، { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لا يخرجون منها، ولا يفتر عنهم العذاب ولا هم ينصرون.

 

وفي هذه الآيات وما أشبهها, انقسام الخلق من الجن والإنس, إلى أهل السعادة, وأهل الشقاوة, وفيها صفات الفريقين والأعمال الموجبة لذلك، وأن الجن كالإنس في الثواب والعقاب, كما أنهم مثلهم, في الأمر والنهي.

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

( فلا خوف عليهم ) أي: فيما يستقبلونه من أمر الآخرة ( ولا هم يحزنون ) على ما فاتهم من أمور الدنيا ،

كما قال في سورة " طه " : ( قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ) [ طه : 123 ]

 

قال ابن عباس: فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.

( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ) [ طه : 124 ]

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)}

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ } المراد بإسرائيل: يعقوب عليه السلام، والخطاب مع فرق بني إسرائيل, الذين بالمدينة وما حولها, ويدخل فيهم من أتى من بعدهم, فأمرهم بأمر عام،

 

فقال: { اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها، والمراد بذكرها بالقلب اعترافا, وباللسان ثناء, وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه.

 

{ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي } وهو ما عهده إليهم من الإيمان به, وبرسله وإقامة شرعه.

 

{ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } وهو المجازاة على ذلك. والمراد بذلك: ما ذكره الله في قوله: { وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي } إلى قوله: { فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ }

ثم أمرهم بالسبب الحامل لهم على الوفاء بعهده, وهو الرهبة منه تعالى, وخشيته وحده, فإن مَنْ خشِيَه أوجبت له خشيته امتثال أمره واجتناب نهيه.

 

 

يتبع بإذن الله ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم أمرهم بالأمر الخاص, الذي لا يتم إيمانهم, ولا يصح إلا به فقال: { وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ } وهو القرآن الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالإيمان به, واتباعه, ويستلزم ذلك, الإيمان بمن أنزل عليه، وذكر الداعي لإيمانهم به،

فقال: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } أي: موافقا له لا مخالفا ولا مناقضا، فإذا كان موافقا لما معكم من الكتب, غير مخالف لها; فلا مانع لكم من الإيمان به, لأنه جاء بما جاءت به المرسلون, فأنتم أولى من آمن به وصدق به, لكونكم أهل الكتب والعلم.

 

وأيضا فإن في قوله: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به, عاد ذلك عليكم, بتكذيب ما معكم, لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم.

وأيضا, فإن في الكتب التي بأيدكم, صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به، فإن لم تؤمنوا به, كذبتم ببعض ما أنزل إليكم, ومن كذب ببعض ما أنزل إليه, فقد كذب بجميعه، كما أن من كفر برسول, فقد كذب الرسل جميعهم.

 

فلما أمرهم بالإيمان به, نهاهم وحذرهم من ضده وهو الكفر به فقال: { وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي: بالرسول والقرآن.

وفي قوله: { أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أبلغ من قوله: { ولا تكفروا به } لأنهم إذا كانوا أول كافر به, كان فيه مبادرتهم إلى الكفر به, عكس ما ينبغي منهم, وصار عليهم إثمهم وإثم من اقتدى بهم من بعدهم.

 

ثم ذكر المانع لهم من الإيمان, وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال: { وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا } وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل, التي يتوهمون انقطاعها, إن آمنوا بالله ورسوله, فاشتروها بآيات الله واستحبوها, وآثروها.

 

{ وَإِيَّايَ } أي: لا غيري { فَاتَّقُونِ } فإنكم إذا اتقيتم الله وحده, أوجبت لكم تقواه, تقديم الإيمان بآياته على الثمن القليل، كما أنكم إذا اخترتم الثمن القليل, فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم.

 

 

يتبع بإذن الله ..

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

قوله تعالى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (42)}

 

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم قال: { وَلَا تَلْبِسُوا } أي: تخلطوا { الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } فنهاهم عن شيئين

ــ عن خلط الحق بالباطل

ــ وكتمان الحق

لأن المقصود من أهل الكتب والعلم,

ــ تمييز الحق

ــ وإظهار الحق

ليهتدي بذلك المهتدون, ويرجع الضالون, وتقوم الحجة على المعاندين

 

لأن الله فصل آياته وأوضح بيناته, ليميز الحق من الباطل, ولتستبين سبيل المهتدين من سبيل المجرمين، فمن عمل بهذا من أهل العلم, فهو من خلفاء الرسل وهداة الأمم.

ومن لبس الحق بالباطل, فلم يميز هذا من هذا, مع علمه بذلك, وكتم الحق الذي يعلمه, وأمر بإظهاره, فهو من دعاة جهنم, لأن الناس لا يقتدون في أمر دينهم بغير علمائهم, فاختاروا لأنفسكم إحدى الحالتين.

 

 

* من تفسيرالوسيط للطنطاوي -رحمه الله- :

ولدعاة الضلالة طريقتان في إغواء الناس :

إحداهما : طريقة خلط الحق بالباطل حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر وهي المشار إليها بقوله تعالى : ( وَلاَ تَلْبِسُواْ الحق بالباطل ) .

والثانية : طريقة جحد الحق وإخفائه حتى لا يظهر ، وهي المشار إليها بقوله تعالى : ( وَتَكْتُمُواْ الحق ) .

وقد استعمل بنو إسرائيل الطريقتين لصرف الناس عن الإِسلام

قد كان بعضهم يؤول نصوص كتبهم الدالة على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - تأويلا فاسداً ، يخلطون فيه الحق بالباطل ، ليوهموا العامة أنه ليس هو النبي المنتظر ،

 

وكان بعضهم يلقى حول الحق الظاهر شبهاً ، لوقع ضعفاء الإِيمان في حيرة وتردد ،

 

وكان بعضهم يخفى أو يحذف النصوص الدالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي لا توافق أهواءهم وشهواتهم

فنهاهم الله - تعالى - عن هذه التصرفات الخبيثة .

والمعنى : ولا تخلطوا الحق الواضح الذي نطقت به الكتب السماوية ، وأيدته العقول السليمة ، بالباطل الذي تخترعونه من عند أنفسكم ، إرضاء لأهوائكم ، ولا تكتموا الحق الذي تعرفونه ، كما تعرفون أبناءكم ، بغية انصراف الناس عنه " لأن من جهل شيئا عاداه ، فالنهي الأول عن التغيير والخلط ، والنهي الثاني عن الكتمان والإِخفاء .

 

يتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة زُلفى ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

نُتابع تفسير آيات سورة البقرة.

 

قال الله تعالى: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } (43)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

ثم قال: { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } أي: ظاهرا وباطنا { وَآتُوا الزَّكَاةَ } مستحقيها، { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أي: صلوا مع المصلين، فإنكم إذا فعلتم ذلك مع الإيمان برسل الله وآيات الله, فقد جمعتم بين الأعمال الظاهرة والباطنة, وبين الإخلاص للمعبود, والإحسان إلى عبيده، وبين العبادات القلبية البدنية والمالية.

وقوله: { وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ } أي: صلوا مع المصلين, ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها، وفيه أن الركوع ركن من أركان الصلاة لأنه عبّر عن الصلاة بالركوع، والتعبير عن العبادة بجزئها يدل على فرضيته فيها.

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

وقوله تعالى: ( واركعوا مع الراكعين ) أي: وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم ، ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة.

[ وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة ، وبسط ذلك في كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله ، وقد تكلم القرطبي على مسائل الجماعة والإمامة فأجاد ] .

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

 

قال الله تعالى: { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } (44)

 

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ } أي: بالإيمان والخير { وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } أي: تتركونها عن أمرها بذلك، والحال: { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } وأسمى العقل عقلا لأنه يعقل به ما ينفعه من الخير, وينعقل به عما يضره، وذلك أن العقل يحث صاحبه أن يكون أول فاعل لما يأمر به, وأول تارك لما ينهى عنه، فمن أمر غيره بالخير ولم يفعله, أو نهاه عن الشر فلم يتركه, دل على عدم عقله وجهله, خصوصا إذا كان عالما بذلك, قد قامت عليه الحجة.

 

وهذه الآية, وإن كانت نزلت في سبب بني إسرائيل, فهي عامة لكل أحد لقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }

 

وليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أنه يترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين،

وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين:

أمر غيره ونهيه, وأمر نفسه ونهيها،

فترك أحدهما, لا يكون رخصة في ترك الآخر،

فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين,

والنقص الكامل أن يتركهما،

وأما قيامه بأحدهما دون الآخر, فليس في رتبة الأول, وهو دون الأخير،

وأيضا فإن النفوس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة.

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة.

 

 

حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي وائل ، قال: قيل لأسامة - وأنا رديفه - : ألا تكلم عثمان؟

فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم.

إني لا أكلمه فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا - لا أحب أن أكون أول من افتتحه ، والله لا أقول لرجل إنك خير الناس. وإن كان علي أميرا - بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ،

قالوا: وما سمعته يقول؟

قال: سمعته يقول: يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق به أقتابه ، فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه ، فيطيف به أهل النار ،

فيقولون: يا فلان ما أصابك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟

فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه.

ورواه البخاري ومسلم ، من حديث سليمان بن مهران الأعمش ، به نحوه.

 

 

[ وقال أحمد: حدثنا سيار بن حاتم ، حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء.

 

 

وقد ورد في بعض الآثار: أنه يغفر للجاهل سبعين مرة حتى يغفر للعالم مرة واحدة ، ليس من يعلم كمن لا يعلم.

وقال تعالى: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ) [ الزمر : 9 ] .

 

 

وروى ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أناسا من أهل الجنة يطلعون على أناس من أهل النار فيقولون: بم دخلتم النار؟ فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم ، فيقولون: إنا كنا نقول ولا نفعل.

رواه من حديث الطبراني عن أحمد بن يحيى بن حيان الرقي عن زهير بن عباد الرواسي عن أبي بكر الداهري عن عبد الله بن حكيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن الوليد بن عقبة فذكره ]

.

 

وقال الضحاك ، عن ابن عباس: إنه جاءه رجل ، فقال: يا ابن عباس ، إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ،

قال: أوبلغت ذلك؟

قال: أرجو.

قال: إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب الله فافعل.

قال: وما هن؟

قال: قوله عز وجل: ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) أحكمت هذه؟

قال: لا.

قال: فالحرف الثاني.

قال: قوله تعالى: ( لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) [ الصف : 2 ، 3 ] أحكمت هذه؟

قال: لا.

قال: فالحرف الثالث.

قال: قول العبد الصالح شعيب ، عليه السلام: ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) [ هود : 88 ] أحكمت هذه الآية؟

قال: لا.

قال: فابدأ بنفسك.

رواه ابن مردويه في تفسيره.

 

 

وما أحسن ما قال مسلم بن عمرو:

ما أقبح التزهيد من واعظ يزهد الناس ولا يزهد لو كان في تزهيده صادقا

أضحى وأمسى بيته المسجد إن رفض الناس فما باله

يستفتح الناس ويسترقد الرزق مقسوم على من ترى

يسقى له الأبيض والأسود

 

وقال بعضهم:

جلس أبو عثمان الحيري الزاهد يوما على مجلس التذكير فأطال السكوت ،

ثم أنشأ يقول:

وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي والطبيب مريض

قال: فضج الناس بالبكاء.

 

وقال أبو العتاهية الشاعر:

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى وريح الخطايا من ثيابك تسطع

 

وقال أبو الأسود الدؤلي:

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

فابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى بالقول منك وينفع التعليم

 

 

 

 

يُتبع بإذن الله.

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426467939____.png

 

 

قال الله تعالى: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } (45)

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه،

وهو الصبر على طاعة الله حتى يؤديها،

والصبر عن معصية الله حتى يتركها,

والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها،

فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور,

ومن يتصبر يصبره الله،

وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان, وتنهى عن الفحشاء والمنكر, يستعان بها على كل أمر من الأمور { وَإِنَّهَا } أي: الصلاة { لَكَبِيرَةٌ } أي: شاقة { إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } فإنها سهلة عليهم خفيفة؛ لأن الخشوع, وخشية الله, ورجاء ما عنده يوجب له فعلها, منشرحا صدره لترقبه للثواب, وخشيته من العقاب، بخلاف من لم يكن كذلك, فإنه لا داعي له يدعوه إليها, وإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه.

 

 

من تفسير الإمام ابن كثير -رحمه الله- :

فأما الصبر فقيل: إنه الصيام ، نص عليه مجاهد.

 

[ قال القرطبي وغيره: ولهذا سمي رمضان شهر الصبر كما نطق به الحديث ] .

 

وقال سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن جري بن كليب ، عن رجل من بني سليم ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصوم نصف الصبر.

 

وقيل: المراد بالصبر الكف عن المعاصي ؛ ولهذا قرنه بأداء العبادات وأعلاها: فعل الصلاة.

 

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن حمزة بن إسماعيل ، حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي سنان ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: الصبر صبران: صبر عند المصيبة حسن ، وأحسن منه الصبر عن محارم الله.

[ قال ] وروي عن الحسن البصري نحو قول عمر.

 

وقال ابن المبارك عن ابن لهيعة عن مالك بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، قال: الصبر اعتراف العبد لله بما أصاب فيه ، واحتسابه عند الله ورجاء ثوابه ، وقد يجزع الرجل وهو يتجلد ، لا يرى منه إلا الصبر.

 

وقد رواه ابن جرير ، من حديث ابن جريج ، عن عكرمة بن عمار ، عن محمد بن عبيد بن أبي قدامة ، عن عبد العزيز بن اليمان ، عن حذيفة ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.

قال ابن جرير: وروي عنه ، عليه الصلاة والسلام ، أنه مر بأبي هريرة ، وهو منبطح على بطنه ، فقال له: اشكنب درد [ قال: نعم ] قال: قم فصل فإن الصلاة شفاء [ ومعناه: أيوجعك بطنك؟ قال: نعم ] .

 

قال ابن جرير: وقد حدثنا محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم ، قالا حدثنا ابن علية ، حدثنا عيينة بن عبد الرحمن ، عن أبيه: أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر ، فاسترجع ، ثم تنحى عن الطريق ، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) .

 

وقال سنيد ، عن حجاج ، عن ابن جرير: ( واستعينوا بالصبر والصلاة ) قال: إنهما معونتان على رحمة الله.

 

 

 

يُتبع بإذن الله مع أختي الحبيبة عروس القرآن.

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرًا أختي الحبيبة زُلفى

تمت دراسة تفسير الآيات

 

أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنة، ويعملون به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

نتابع تفسير الآيات منــ{ سورة البقرة}

 

قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46)}

* من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

والخشوع هو: خضوع القلب وطمأنينته, وسكونه لله تعالى, وانكساره بين يديه, ذلا وافتقارا, وإيمانا به وبلقائه.

ولهذا قال: { الَّذِينَ يَظُنُّونَ } أي: يستيقنون { أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ } فيجازيهم بأعمالهم

{ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } فهذا الذي خفف عليهم العبادات وأوجب لهم التسلي في المصيبات, ونفس عنهم الكربات, وزجرهم عن فعل السيئات، فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغرفات العاليات، وأما من لم يؤمن بلقاء ربه, كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه.

* من تفسيرالوسيط للطنطاوي -رحمه الله- :

ثم وصف - سبحانه - الخاشعين وصفاً يناسب المقام ، ويظهر وجه الاستعانة ، فقال - تعالى : ( الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ).

الظن : يرد في أكثر الكلام بعنى الاعتقاد الراجح ، وهو ما يتجاوز مرتبة الشك ، وقد يقوي حتى يصل إلى مرتبة اليقين والقطع ، وهو المراد هنا؛

ومثل ذلك قوله - تعالى -( أَلا يَظُنُّ أولئك أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ . لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ) أي ألا يعتقد أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم .

وقوله تعالى : ( إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ ) أي علمت أني ملاق حسابيه .

ـــ وملاقاة الخاشعين لربهم معناها الحشر إليه بعد الموت ، ومجازاتهم على ما قدموا من عمل .

والمعنى : إن الصلاة لثقيلة إلا على الخاشعين ، الذين يعتقدون لقاء الله - تعالى - يوم الحساب ، وأنهم عائدون إليه لينالوا ما يستحقونه من جزاء على حسب أعمالهم .

ـــ والذين قالوا إن الظن هنا على معناه الحقيقي، فسروا " ملاقاة الخاشعين لربهم " بمعنى قربهم من رضاه يوم القيامة " ورجوعهم إليه "

بمعنى حلولهم بجواره الطيب ، واستقرارهم في جناته ،

أي : وإن الصلاة لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يتوقعون قربهم من ربهم ، ودخولهم جناته عند رجوعهم إليه .

وإلى هذا التفسير ذهب صاحب الكشاف ، فقال قال : ( فإن قلت : ما لها لم تثقل على الخاشعين والخشوع في نفسه مما يثقل؟ قلت : لأنهم يتوقعون ما ادخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم . ألا ترى إلى قوله تعالى : ( الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم ملاقوا رَبِّهِمْ ) أي يتوقعون لقاء ثوابه ، ونيل ما عنده ويطمعون فيه ) .

وإنما كان شعور الخاشعين بذلك كله ظناً لا يقيناً ، لأن خواتيم الحياة لا يعلمها كيف تكون سوى علام الغيوب ، ففي وصفهم بأنهم ( يَظُنُّونَ ) إشارة إلى خوفهم ، وعدم أمنهم مكر الله - تعالى - وهكذا يكون المؤمن دائماً بين الخوف والرجاء .

 

ومن هذا العرض لمعنى الآية الكريمة يتبين لنا

ـــ أن من فسر الظن هنا بمعنى اليقين والعلم ، يرى أن لقاء الخاشعين لله معناه الحشر بعد الموت ، ورجوعهم إليه معناه مجازاتهم على أعمالهم والحشر والمجازاة يعتقد صحتهما الخاشعون اعتقاداً جازماً .

ـــ أما من فسر الظن هنا بمعنى الاعتقاد الراجح ، فيرى أن لقاء الخاشعين لله معناه توقعهم لقاء ثوابه ، ورجوعهم إليه معناه ظفرهم بجناته ، وتوقع الثواب والظفر بالجنات يرجح الخاشعون حصولهما لأن مرجعهما إلى فضل الله وحده .

 

والذي نراه أن الرأي الأول أكثر اتساقاً مع ظاهر معنى الآية الكريمة وبه قال قدماء المفسرين ، كمجاهد وأبي العالية وغيرهما .

 

يتبع بإذن الله ..

تم تعديل بواسطة عروس القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×