اذهبي الى المحتوى
عروس القرءان

|| صفحة مدارسة التفسير|| ..~ ليدبروا آياته ~..

المشاركات التي تم ترشيحها

2sr79977.png

 

 

Ooالأسبوع السادسoO

 

فوائد الآيات [1-11] من سورة (النساء)

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (1)

· افتتح تعالى هذه السورة بالأمر بتقواه، والحث على عبادته، والأمر بصلة الأرحام، والحث على ذلك.

· السبب الداعي الموجب لكل من ذلك، والموجب لتقواه لأنه رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ورزقكم، ورباكم بنعمه العظيمة، التي من جملتها خلقكم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ليناسبها، فيسكن إليها، وتتم بذلك النعمة، ويحصل به السرور

· ومن الموجب الداعي لتقواه تساؤلكم به وتعظيمكم، حتى إنكم إذا أردتم قضاء حاجاتكم ومآربكم، توسلتم بـها بالسؤال بالله. فيقول من يريد ذلك لغيره: أسألك بالله أن تفعل الأمر الفلاني؛ لعلمه بما قام في قلبه من تعظيم الله الداعي أن لا يرد من سأله بالله، فكما عظمتموه بذلك فلتعظموه بعبادته وتقواه.

· الإخبار بأنه رقيب، مطلع على العباد في حال حركاتـهم وسكونـهم، وسرهم وعلنهم، وجميع أحوالهم، مراقبا لهم فيها مما يوجب مراقبته، وشدة الحياء منه، بلزوم تقواه.

· وفي الإخبار بأنه خلقهم من نفس واحدة، وأنه بثهم في أقطار الأرض، مع رجوعهم إلى أصل واحد -ليعطف بعضهم على بعض، ويرقق بعضهم على بعض.

· قرن الأمر بتقواه بالأمر ببر الأرحام والنهي عن قطيعتها، ليؤكد هذا الحق، وأنه كما يلزم القيام بحق الله، كذلك يجب القيام بحقوق الخلق، خصوصا الأقربين منهم، بل القيام بحقوقهم هو من حق الله الذي أمر به.

· وقد افتتح هذه السورة بالأمر بالتقوى، وصلة الأرحام والأزواج عموما، ثم بعد ذلك فصل هذه الأمور أتم تفصيل، من أول السورة إلى آخرها، فكأنـها مبنية على هذه الأمور المذكورة، مفصلة لما أجمل منها، موضحة لما أبهم.

· وقوله: { وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا } تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج، فبينهم وبينهن أقرب نسب وأشد اتصال، وأقرب علاقة.

،,

قال الله تعالى:{وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (2)

هذا أول ما أوصى به من حقوق الخلق في هذه السورة. وهم اليتامى الذين فقدوا آباءهم الكافلين لهم، وهم صغار ضعاف لا يقومون بمصالحهم. فأمر الرءوف الرحيم عباده أن:

· يحسنوا إليهم

· وأن لا يقربوا أموالهم إلا بالتي هي أحسن

· وأن يؤتوهم أموالهم إذا بلغوا ورشدوا، كاملة موفرة

· وأن لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ الذي هو أكل مال اليتيم بغير حق.بِالطَّيِّبِ وهو الحلال الذي ما فيه حرج ولا تبعة،ومن استبدال الخبيث بالطيب أن يأخذ الولي من مال اليتيم النفيس، ويجعل بدله من ماله الخسيس.

· وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ مع أموالكم، وفيه تنبيه لقبح أكل مالهم بهذه الحالة، التي قد استغنى بها الإنسان بما جعل الله له من الرزق في ماله، فمن تجرأ على هذه الحالة، فقد أتى حُوبًا كَبِيرًا وإثمًا عظيمًا، ووزرًا جسيمًا.

* وفيه الولاية على اليتيم، لأن مِنْ لازم إيتاء اليتيم ماله، ثبوت ولاية المؤتي على ماله.

* وفيه الأمر بإصلاح مال اليتيم، لأن تمام إيتائه ماله حفظه والقيام به بما يصلحه وينميه وعدم تعريضه للمخاوف والأخطار.

،,

قال الله تعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (3)

· وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت ولايتكم وخفتم أن لا تقوموا بحقهن لعدم محبتكم إياهن، فاعدلوا إلى غيرهن، وانكحوامَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء وهم ما وقع عليهن اختياركم من ذوات الدين، والمال، والجمال، والحسب، والنسب، وغير ذلك من الصفات الداعية لنكاحهن

· من أحسن ما يختار من ذلك صفة الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يمينك"

· وفي هذه الآية أنه ينبغي للإنسان أن يختار قبل النكاح، بل وقد أباح له الشارع النظر إلى مَنْ يريد تزوجها ليكون على بصيرة من أمره.

· وقوله: { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء } دليل على أن نكاح الخبيثة غير مأمور به، بل منهي عنه كالمشركة، وكالفاجرة، كما قال تعالى: { وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } وقال: { وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ }

· ثم ذكر العدد الذي أباحه من النساء فقال: { مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } أي: من أحب أن يأخذ اثنتين فليفعل، أو ثلاثا فليفعل، أو أربعا فليفعل، ولا يزيد عليها، لأن الآية سيقت لبيان الامتنان، فلا يجوز الزيادة على غير ما سمى الله تعالى إجماعا.

· وذلك لأن الرجل قد لا تندفع شهوته بالواحدة، فأبيح له واحدة بعد واحدة، حتى يبلغ أربعا، لأن في الأربع غنية لكل أحد، إلا ما ندر

· ومع هذا فإنما يباح له ذلك إذا أمن على نفسه الجور والظلم، ووثق بالقيام بحقوقهن فإن خاف شيئا من هذا فليقتصر على واحدة، أو على ملك يمينه فإنه لا يجب عليه القسم في ملك اليمين

· ذَلِك الاقتصار على واحدة أو ما ملكت اليمين أَدْنَى أَلَّا تَعُولُواأي: تظلموا.

· وفي هذا أن تعرض العبد للأمر الذي يخاف منه الجور والظلم، وعدم القيام بالواجب -ولو كان مباحًا- أنه لا ينبغي له أن يتعرض له بل يلزم السعة والعافية، فإن العافية خير ما أعطي العبد.

،,

قال الله تعالى:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} (4)

· لما كان كثير من الناس يظلمون النساء ويهضمونـهن حقوقهن، خصوصا الصداق الذي يكون شيئا كثيرًا، ودفعة واحدة، يشق دفعه للزوجة، أمرهم وحثهم على إيتاء النساء أي: مهورهنعن طيب نفس، وحال طمأنينة، فلا تمطلوهن أو تبخسوا منه شيئا.

· المهر يدفع إلى المرأة إذا كانت مكلفة، وأنـها تملكه بالعقد، لأنه أضافه إليها، والإضافة تقتضي التمليك.

· فَإِنْ طِبْنَ لَكُم عَنْ شَيْءٍ من الصداق نَفْسًابأن سمحن لكم عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه.فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًافلا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة.

· وفيه دليل على أن للمرأة التصرف في مالها -ولو بالتبرع- إذا كانت رشيدة، فإن لم تكن كذلك فليس لعطيتها حكم، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء، غير ما طابت به.

،,

قال الله تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (5)

* السفهاء: جمع "سفيه" وهو: من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله كالمجنون والمعتوه، ونحوهما، وإما لعدم رشده كالصغير وغير الرشيد.

* فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها، لأن الله جعل الأموال قياما لعباده في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها، فأمر الولي:

· أن لا يؤتيهم إياها، بل يرزقهم منها ويكسوهم، ويبذل منها ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية

· وأن يقولوا لهم قولا معروفا، بأن يعدوهم -إذا طلبوها- أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم، ونحو ذلك

· ويلطفوا لهم في الأقوال جبرًا لخواطرهم.

* في إضافته تعالى الأموال إلى الأولياء، إشارة إلى أنه يجب عليهم أن يعملوا في أموال السفهاء ما يفعلونه في أموالهم، من الحفظ والتصرف وعدم التعريض للأخطار.

* في الآية دليل على أن نفقة المجنون والصغير والسفيه في مالهم، إذا كان لهم مال، لقوله: { وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ }

* في الآية دليل على أن قول الولي مقبول فيما يدعيه من النفقة الممكنة والكسوة؛ لأن الله جعله مؤتمنا على مالهم فلزم قبول قول الأمين.

،,

قال الله تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (6)

· الابتلاء: هو الاختبار والامتحان، وذلك بأن يدفع لليتيم المقارب للرشد، الممكن رشده، شيئا من ماله، ويتصرف فيه التصرف اللائق بحاله، فيتبين بذلك رشده من سفهه، فإن استمر غير محسن للتصرف لم يدفع إليه ماله، بل هو باق على سفهه، ولو بلغ عمرا كثيرا.

· فإن تبين رشده وصلاحه في ماله وبلغ النكاح { فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } كاملة موفرة.

· وَلَا تَأْكُلُوا مال اليتامى مجاوزة للحد الحلال الذي أباحه الله لكم من أموالكم، إلى الحرام الذي حرمه الله عليكم من أموالهم،أو في حال صغرهم التي لا يمكنهم فيها أخذها منكم، ولا منعكم من أكلها، تبادرون بذلك أن يكبروا، فيأخذوها منكم ويمنعوكم منها.

· وهذا من الأمور الواقعة من كثير من الأولياء، الذين ليس عندهم خوف من الله، ولا رحمة ومحبة للمولى عليهم، يرون هذه الحال حال فرصة فيغتنمونها ويتعجلون ما حرم الله عليهم، فنهى الله تعالى عن هذه الحالة بخصوصها.

،,

قال الله تعالى:{لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} (7)

· كان العرب في الجاهلية - من جبروتهم وقسوتهم لا يورثون الضعفاء كالنساء والصبيان، ويجعلون الميراث للرجال الأقوياء لأنهم -بزعمهم- أهل الحرب والقتال والنهب والسلب

· فأراد الرب الرحيم الحكيم أن يشرع لعباده شرعًا، يستوي فيه رجالهم ونساؤهم، وأقوياؤهم وضعفاؤهم. فقال:

· { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ }: أي: قسط وحصة { مِمَّا تَرَكَ }أي: خلف { الْوَالِدَان }أي: الأب والأم { وَالْأَقْرَبُونَ }عموم بعد خصوص{ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا }أي: قد قدره العليم الحكيم. وسيأتي -إن شاء الله- تقدير ذلك

· وأيضا فهاهنا توهم آخر، لعل أحدا يتوهم أن النساء والولدان ليس لهم نصيب إلا من المال الكثير، فأزال ذلك بقوله: { مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ }فتبارك الله أحسن الحاكمين.

،,

قال الله تعالى:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (8)

وهذا من أحكام الله الحسنة الجليلة الجابرة للقلوب فقال:

· وَإِذَا حَضَرَ قسمة المواريث { أُولُو الْقُرْبَى } أي: الأقارب غير الوارثين بقرينة{ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين } أي: المستحقون من الفقراء. { فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ } أي: أعطوهم ما تيسر من هذا المال الذي جاءكم بغير كد ولا تعب، ولا عناء ولا نَصَب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، وقلوبهم متطلعة، فاجبروا خواطرهم بما لا يضركم وهو نافعهم.

· قوله: { الْقِسْمَةَ } لأن الوارثين من المقسوم عليهم.

· ويؤخذ من المعنى أن كل من له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جاء أحدَكم خادمُه بطعامه فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين"

· وكان الصحابة رضي الله عنهم -إذا بدأت باكورة أشجارهم- أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرَّك عليها، ونظر إلى أصغر وليد عنده فأعطاه ذلك، علما منه بشدة تشوفه لذلك

· هذا كله مع إمكان الإعطاء، فإن لم يمكن ذلك -لكونه حق سفهاء، أو ثَم أهم من ذلك- فليقولوا لهم قَولًا مَعْرُوفًاويردوهم ردًّا جميلا، بقول حسن غير فاحش ولا قبيح

،,

قال الله تعالى:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (9)

· إن هذا خطاب لمن يحضر مَنْ حضره الموت وأجنف في وصيته، أن يأمره بالعدل في وصيته والمساواة فيها، بدليل قوله: { وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } أي: سدادا، موافقا للقسط والمعروف.

· وأنهم يأمرون من يريد الوصية على أولاده بما يحبون معاملة أولادهم بعدهم.

· وقيل: إن المراد بذلك أولياء السفهاء من المجانين والصغار والضعاف أن يعاملوهم في مصالحهم الدينية والدنيوية بما يحبون أن يعامل به مَنْ بعدهم من ذريتهم الضعاف فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ في ولايتهم لغيرهم، ويعاملونهم بما فيه تقوى الله، من عدم إهانتهم والقيام عليهم، وإلزامهم لتقوى الله.

،,

قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} (10)

· ولما أمرهم بذلك، زجرهم عن أكل أموال اليتامى، وتوعد على ذلك أشد العذاب فقال:

· إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا بغير حق. وهذا القيد يخرج به ما تقدم، من جواز الأكل للفقير بالمعروف، ومن جواز خلط طعامهم بطعام اليتامى.

· فمَنْ أكلها ظلمًا فـإنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا تتأجج في أجوافهم وهم الذين أدخلوها في بطونهم.وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا نارًا محرقة متوقدة

· وهذا أعظم وعيد ورد في الذنوب، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى وقبحها، وأنها موجبة لدخول النار، فدل ذلك أنها من أكبر الكبائر. نسأل الله العافية.

،,

قال الله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (11)

· هذه الآيات والآية التي هي آخر السورة هن آيات المواريث المتضمنة لها. فإنها مع حديث عبد الله بن عباس الثابت في صحيح البخاري "ألْحِقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر"- مشتملات على جل أحكام الفرائض، بل على جميعها كما سترى ذلك، إلا ميراث الجدات فإنه غير مذكور في ذلك. لكنه قد ثبت في السنن عن المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس، مع إجماع العلماء على ذلك.

· قد وصاكم الله بأولادكم -يا معشر الوالِدِين- فهم عندكم ودائع ، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمةالتقوى على الدوام كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ }فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب.

· وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهم، عليهم.

· ثم ذكر كيفية إرثهم فقال:{ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }هذا مع اجتماع الذكور والإناث حيث كان أولاد الصلب ذكورًا وإناثا وقد أجمع العلماء على أنه -مع وجود أولاد الصلب- فالميراث لهم، وليس لأولاد الابن شيء

· وهنا حالتان: انفراد الذكور، وسيأتي حكمها. وانفراد الإناث، وقد ذكره بقوله: { فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ }أي: بنات صلب أو بنات ابن، ثلاثا فأكثر { فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَة }أي: بنتا أو بنت ابن { فَلَهَا النِّصْفُ }وهذا إجماع.

· بقي أن يقال: من أين يستفاد أن للابنتين الثنتين الثلثين بعد الإجماع على ذلك؟فالجواب أنه يستفاد من قوله: { وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ }فمفهوم ذلك أنه إن زادت على الواحدة، انتقل الفرض عن النصف، ولا ثَمَّ بعده إلا الثلثان.

· وأيضا فقوله: { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ }إذا خلَّف ابنًا وبنتًا، فإن الابن له الثلثان، وقد أخبر الله أنه مثل حظ الأنثيين، فدل ذلك على أن للبنتين الثلثين،وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ابنتي سعد الثلثين كما في الصحيح.

· فما الفائدة في قوله: { فَوْقَ اثْنَتَيْن }؟. قيل: الفائدة في ذلك -والله أعلم- أنه ليعلم أن الفرض الذي هو الثلثان لا يزيد بزيادتهن على الثنتين بل من الثنتين فصاعدًا

· ودلت الآية الكريمة أنه إذا وجد بنت صلب واحدة، وبنت ابن أو بنات ابن، فإن لبنت الصلب النصف، ويبقى من الثلثين اللذين فرضهما الله للبنات أو بنات الابن السدس، فيعطى بنت الابن، أو بنات الابن، ولهذا يسمى هذا السدس تكملة الثلثين.

· وتدل الآية أنه متى استغرق البنات أو بنات الابن الثلثين، أنه يسقط مَنْ دونهن مِنْ بنات الابن لأن الله لم يفرض لهن إلا الثلثين، وقد تم وكل هذه الأحكام مجمع عليها بين العلماء ولله الحمد.

· ودل قوله: { مِمَّا تَرَكَ }أن الوارثين يرثون كل ما خلف الميت من عقار وأثاث وذهب وفضة وغير ذلك، حتى الدية التي لم تجب إلا بعد موته، وحتى الديون التي في الذمم

· ثم ذكر ميراث الأبوين فقال: { وَلِأَبَوَيْهِ }أي: أبوه وأمه { لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ }أي: ولد صلب أو ولد ابن ذكرًا كان أو أنثى، واحدًا أو متعددًا.

  • فأما الأُم فلا تزيد على السدس مع أحد من الأولاد.
  • وأما الأب فمع الذكور منهم، لا يستحق أزيد من السدس
  • فإن كان الولد أنثى أو إناثا ولم يبق بعد الفرض شيء -كأبوين وابنتين- لم يبق له تعصيب. وإن بقي بعد فرض البنت أو البنات شيء أخذ الأب السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا، لأننا ألحقنا الفروض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر، وهو أولى من الأخ والعم وغيرهما.
  • { فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } أي: والباقي للأب
  • وعلم من ذلك أن الأب مع عدم الأولاد لا فرض له، بل يرث تعصيبا المال كله، أو ما أبقت الفروض
  • لكن لو وجد مع الأبوين أحد الزوجين -ويعبر عنهما بالعمريتين- فإن الزوج أو الزوجة يأخذ فرضه، ثم تأخذ الأُم ثلث الباقي والأب الباقي.
  • وذهب وفضة وغير ذلك، حتى الدية التي لم تجب إلا بعد موته، وحتى الديون التي في الذمم
  • ثم ذكر ميراث الأبوين فقال: { وَلِأَبَوَيْهِ } أي: أبوه وأمه { لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ } أي: ولد صلب أو ولد ابن ذكرًا كان أو أنثى، واحدًا أو متعددًا.
  • فأما الأُم فلا تزيد على السدس مع أحد من الأولاد.
  • وأما الأب فمع الذكور منهم، لا يستحق أزيد من السدس
  • فإن كان الولد أنثى أو إناثا ولم يبق بعد الفرض شيء -كأبوين وابنتين- لم يبق له تعصيب. وإن بقي بعد فرض البنت أو البنات شيء أخذ الأب السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا، لأننا ألحقنا الفروض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر، وهو أولى من الأخ والعم وغيرهما.
  • { فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } أي: والباقي للأب
  • وعلم من ذلك أن الأب مع عدم الأولاد لا فرض له، بل يرث تعصيبا المال كله، أو ما أبقت الفروض
  • لكن لو وجد مع الأبوين أحد الزوجين -ويعبر عنهما بالعمريتين- فإن الزوج أو الزوجة يأخذ فرضه، ثم تأخذ الأُم ثلث الباقي والأب الباقي.
  • وقد دل على ذلك قوله: { وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ } أي: ثلث ما ورثه الأبوان. وهو في هاتين الصورتين إما سدس في زوج وأم وأب، وإما ربع في زوجة وأم وأب.
  • فلم تدل الآية على إرث الأُم ثلثَ المال كاملا مع عدم الأولاد حتى يقال: إن هاتين الصورتين قد استثنيتا من هذا.
  • ويوضح ذلك أن الذي يأخذه الزوج أو الزوجة بمنزلة ما يأخذه الغرماء، فيكون من رأس المال، والباقي بين الأبوين.
  • ولأنا لو أعطينا الأُم ثلث المال، لزم زيادتها على الأب في مسألة الزوج، أو أخذ الأب في مسألة الزوجة زيادة عنها نصفَ السدس، وهذا لا نظير له، فإن المعهود مساواتها للأب، أو أخذه ضعفَ ما تأخذه الأم.
  • { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ } أشقاء، أو لأب، أو لأم، ذكورًا كانوا أو إناثًا، وارثين أو محجوبين بالأب أو الجد ولا يحجبها عن الثلث من الإخوة إلا الإخوة الوارثون. ويؤيده أن الحكمة في حجبهم لها عن الثلث لأجل أن يتوفر لهم شيء من المال، وهو معدوم، والله أعلم] ولكن بشرط كونهم اثنين فأكثر، ويشكل على ذلك إتيان لفظ "الإخوة" بلفظ الجمع.
  • فعلى هذا لو خلف أمًّا وأبًا وإخوة، كان للأُم السدس، والباقي للأب فحجبوها عن الثلث، مع حجب الأب إياهم
  • وهذه الفروض والأنصباء والمواريث إنما ترد وتستحق بعد نزع الديون التي على الميت لله أو للآدميين، وبعد الوصايا التي قد أوصى الميت بها بعد موته، فالباقي عن ذلك هو التركة الذي يستحقه الورثة.
  • وقدم الوصية مع أنها مؤخرة عن الدين للاهتمام بشأنها، لكون إخراجها شاقًّا على الورثة، وإلا فالديون مقدمة عليها، وتكون من رأس المال.
  • والوصية تصح من الثلث فأقل للأجنبي الذي هو غير وارث.
  • { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا } فلا يدرون أَيُّ الأولادِ أو الوالِدين أنفع لهم، وأقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية.
  • فلو ردَّ تقدير الإرث إلى عقولكم واختياركم لحصل من الضرر ما الله به عليم، لنقص العقول وعدم معرفتها بما هو اللائق الأحسن، في كل زمان ومكان.
  • { فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي: فرضها الله الذي قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحكم ما شرعه وقدَّر ما قدَّره على أحسن تقدير لا تستطيع العقول أن تقترح مثل أحكامه الصالحة الموافقة لكل زمان ومكان وحال.

akhawat_islamway_1426467939____.png

تم تعديل بواسطة عروس القرءان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(تعديل)

----------

 

· ثم ذكر ميراث الأبوين فقال: { وَلِأَبَوَيْهِ }أي: أبوه وأمه { لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ }أي: ولد صلب أو ولد ابن ذكرًا كان أو أنثى، واحدًا أو متعددًا.

· فأما الأُم فلا تزيد على السدس مع أحد من الأولاد.

· وأما الأب فمع الذكور منهم، لا يستحق أزيد من السدس

· فإن كان الولد أنثى أو إناثا ولم يبق بعد الفرض شيء -كأبوين وابنتين- لم يبق له تعصيب. وإن بقي بعد فرض البنت أو البنات شيء أخذ الأب السدس فرضًا،والباقي تعصيبًا، لأننا ألحقنا الفروض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر، وهو أولى من الأخ والعم وغيرهما.

· { فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ }أي: والباقي للأب

· وعلم من ذلك أن الأب مع عدم الأولاد لا فرض له، بل يرث تعصيبا المال كله، أو ما أبقت الفروض

· لكن لو وجد مع الأبوين أحد الزوجين -ويعبر عنهما بالعمريتين- فإن الزوج أو الزوجة يأخذ فرضه، ثم تأخذ الأُم ثلث الباقي والأب الباقي.

· وقد دل على ذلك قوله: { وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ }أي: ثلث ما ورثه الأبوان. وهو في هاتين الصورتين إما سدس في زوج وأم وأب، وإما ربع في زوجة وأم وأب.

· فلم تدل الآية على إرث الأُم ثلثَ المال كاملا مع عدم الأولاد حتى يقال: إن هاتين الصورتين قد استثنيتا من هذا.

· ويوضح ذلك أن الذي يأخذه الزوج أو الزوجة بمنزلة ما يأخذه الغرماء، فيكون من رأس المال، والباقي بين الأبوين.

· ولأنا لو أعطينا الأُم ثلث المال، لزم زيادتها على الأب في مسألة الزوج، أو أخذ الأب في مسألة الزوجة زيادة عنها نصفَ السدس، وهذا لا نظير له، فإن المعهود مساواتها للأب، أو أخذه ضعفَ ما تأخذه الأم.

· { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ }أشقاء، أو لأب، أو لأم، ذكورًا كانوا أو إناثًا، وارثين أومحجوبين بالأب أو الجد ولا يحجبها عن الثلث من الإخوة إلا الإخوة الوارثون. ويؤيده أن الحكمة في حجبهم لها عن الثلث لأجل أن يتوفر لهم شيء من المال، وهو معدوم، والله أعلم]ولكن بشرط كونهم اثنين فأكثر، ويشكل على ذلك إتيان لفظ "الإخوة" بلفظ الجمع.

· فعلى هذا لو خلف أمًّا وأبًا وإخوة، كان للأُم السدس، والباقي للأب فحجبوها عن الثلث، مع حجب الأب إياهم

· وهذه الفروض والأنصباء والمواريث إنما ترد وتستحق بعد نزع الديون التي على الميت لله أو للآدميين، وبعد الوصايا التي قد أوصى الميت بها بعد موته، فالباقي عن ذلك هو التركة الذي يستحقه الورثة.

· وقدم الوصية مع أنها مؤخرة عن الدين للاهتمام بشأنها، لكون إخراجها شاقًّا على الورثة، وإلا فالديون مقدمة عليها، وتكون من رأس المال.

· والوصية تصح من الثلث فأقل للأجنبي الذي هو غير وارث.

· { آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا } فلا يدرون أَيُّ الأولادِ أو الوالِدين أنفع لهم، وأقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية.

· فلو ردَّ تقدير الإرث إلى عقولكم واختياركم لحصل من الضرر ما الله به عليم، لنقص العقول وعدم معرفتها بما هو اللائق الأحسن، في كل زمان ومكان.

· { فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا }أي: فرضها الله الذي قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحكم ما شرعه وقدَّر ما قدَّره على أحسن تقدير لا تستطيع العقول أن تقترح مثل أحكامه الصالحة الموافقة لكل زمان ومكان وحال.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

Ooالأسبوع السابعoO

مقدار المدارسة: نصف حزب.

الآيات [12-35] من سورة (النساء)

 

 

فوائد الآيات [12-23]

من تفسير الوسيط للطنطاوي -رحمه الله- :

قال الله تعالى: { وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ } (12)

 

 

{ وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ. فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ }

* للزوج في الميراث حالتين:

إحداهما: يأخذ فيها نصف ما تركته زوجته المتوفاة من مال إن لم تترك خلفها ولدا من بطنها أو من صلب بنيها أو بني بنيها ... إلخ، (( ذكرا كان أو أنثى، واحدا كان أو متعددا، منكم كان أو من غيركم ))

والثانية: إن تركت ولدا على التفصيل السابق كان لزوجها ربع ما تركت من مال.

ويكون الباقي في الحالتين لبقية الورثة.

 

 

{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ }

* متعلق بكلتا الحالتين.

أي: لكم ذلك أيها الرجال من بعد استخراج وصيتهن وقضاء ما عليهن من ديون.

 

 

 

{ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ، فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ }

* للزوجات في الميراث حالتين:

إحداهما: يأخذن فيها ربع المال الذي تركه أزواجهن إذا لم يكن لهؤلاء الأزواج الأموات ولد من ظهورهم أو من ظهور بنيهم أو بني بنيهم.. إلخ.

والثانية: إن ترك الأزواج من خلفهم ولدا فللزوجات ثمن المال الذي تركه أزواجهن.

ويكون المال الباقي في الحالتين لبقية الورثة.

 

 

 

{ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ }

* هذه قاعدة عامة في قسمة الميراث بالنسبة للذكر والأنثى، ولم يستثن إلا الإخوة لأم، والأبوين في بعض الأحوال.

ونرى من هذا أن الزوجة على النصف في التقدير من الزوج.

 

 

 

{ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ. فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ. }

* الكلالة هم القرابة من غير الأصول والفروع.

* الكلالة تطلق على واحد من ثلاثة:

1- على من لم يخلف ولدا ولا والدا.

2- وعلى من ليس بولد ولا والد من المخلفين.

3- وعلى القرابة من غير جهة الولد والوالد.

* الكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال وهو ذهاب القوة من الإعياء،

واستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد لأنها بالإضافة إلى قرابتهما كالّة ضعيفة.

* الظاهر أن كلمة كلالة هنا: وصف للميت الموروث،

ويرى بعضهم أن كلمة كلالة هنا: وصف للوارث الذي ليس بولد ولا والد للميت.

* المراد بالإخوة والأخوات هنا: (الإخوة والأخوات لأم) .

 

 

 

 

{ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً }

أي: يورث من غير أصوله أو فروعه { أَوِ امْرَأَةٌ } أي: تورث كذلك من غير أصولها أو فروعها.

{ وَلَهُ } أي للميت { أَخٌ أَوْ أُخْتٌ } أي: من الأم فقط.

* الإخوة والأخوات من الأم لهم حالتان في الميراث:

إحداهما: أن الأخ أو الأخت إذا انفردا، يأخذ كل واحدٍ منهما السدس مما ترك ذلك المتوفى من غير تفضيل للذكر على الأنثى، لأنهما يتساويان في الإدلاء إلى الميت بمحض الأنوثة.

والثانية: أن يتعدد الأخ لأم أو الأخت لأم، وفي هذه الحالة يكون نصيبهم الثلث يشتركون فيه بالسوية بلا فرق بين الذكر والأنثى.

والباقي من المال الموروث يقسم بين أصحاب الفروض والعصبات من الورثة.

 

 

 

{ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ }

* هذه القسمة التي قسمها الله تعالى لكم بالنسبة للإخوة للأم إنما تتم بعد تنفيذ وصية الميت وقضاء ما عليه من ديون، من غير ضرار الورثة بوصيته أو دينه.

* ذكر سبحانه هذين الأمرين أربع مرات في هاتين الآيتين:

- تأكيدا لحق الدائنين والموصى لهم.

- وتبرئة لذمة المتوفى.

* وقد قدم سبحانه الوصية على الدين في اللفظ مع أنها مؤخرة عن الدين في السداد:

للتشديد في تنفيذها، لأن إخراجها مما يشق على الورثة ولا تطيب أنفسهم بها، فكان أداؤها مظنة الإهمال أو الإخفاء،

بخلاف الدين فإن نفوسهم مطمئنة إلى أدائه، فلذلك قدمت على الدين بعثا على وجوبها والمسارعة إلى إخراجها مع الدين.

* وقد ذكر -سبحانه- { غَيْرَ مُضَارٍّ } بعد حديثه عن ميراث الإخوة والأخوات من الأم، تأكيدا لحقوقهم، وتحريضا على أدائها، لأن حقوقهم مظنة الضياع والإهمال.

 

 

- والضرر بالورثة عن طريق الوصية يتأتى بأن يوصي المورث بأكثر من الثلث، أو به فأقل مع قصده الإضرار بالورثة.

فقد روى النسائي في سننه عن ابن عباس أنه قال: الضرار في الوصية من الكبائر» .

- والضرر بالورثة بسبب الدين يتأتى بأن يقر بدين لشخص ليس له عليه دين دفعا للميراث عن الورثة، أو يقر بأن الدين الذي كان له على غيره قد استوفاه ووصل إليه، مع أنه لم يحصل شيء من ذلك.

 

 

{ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ }

* التنوين فيها للتفخيم والتعظيم.

أي: وصية كائنة من الله، فمن خالفها كان مستحقا لعقابه.

 

 

{ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ }

* تذييل قُصِدَ به تربية المهابة في القلوب من خالقها العليم بأحوالها.

* أي: والله عليم بما تسرون وما تعلنون، وبما يُصلح أحوالكم، وبمن يستحق الميراث ومن لا يستحقه، وبمن يطيع أوامره ومن يخالفها.

حليم لا يعجل بالعقوبة على من عصاه، فهو -سبحانه- يمهل ولا يهمل.

 

،,

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

قال الله تعالى: { تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } (13)

* أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها، ولا القصور عنها.

* الوصية للوارث بزيادة على حقه يدخل في هذا التعدي، مع قوله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" .

* أعظم ما أمر الله ورسوله به هو التوحيد، وأعظم ما نهيا عنه هو الشرك بالله.

،,

 

 

قال الله تعالى: { وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } (14)

* يدخل في اسم المعصية الكفر فما دونه من المعاصي.

* إن الله تعالى رتب دخول الجنة على طاعته وطاعة رسوله. ورتب دخول النار على معصيته ومعصية رسوله.

- فمن أطاعه طاعة تامة دخل الجنة بلا عذاب.

- ومن عصى الله ورسوله معصية تامة يدخل فيها الشرك فما دونه، دخل النار وخلد فيها.

- ومن اجتمع فيه معصية وطاعة، كان فيه من موجب الثواب والعقاب بحسب ما فيه من الطاعة والمعصية.

* قد دلت النصوص المتواترة على أن الموحدين الذين معهم طاعة التوحيد، غير مخلدين في النار، فما معهم من التوحيد مانع لهم من الخلود فيها.

،,

 

 

قال الله تعالى: { وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا * وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } (15-16)

* النساء { اللاتي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ } أي: الزنا، ووصفها بالفاحشة لشناعتها وقبحها.

* { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ } أي: من رجالكم المؤمنين العدول.

* { فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ } أي: احبسوهن عن الخروج الموجب للريبة { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ }

والحبس من جملة العقوبات.

* { أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا } أي: طريقا غير الحبس في البيوت، وهو رجم المحصن وجلد غير المحصن.

* { وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا... }

أي وكذلك اللذان يأتيان الفاحشة من الرجال والنساء، فآذوهما بالقول والتوبيخ والتعيير والضرب الرادع عن هذه الفاحشة.

* على هذا يكون الرجال إذا فعلوا الفاحشة يؤذون، والنساء يحبسن ويؤذين.

* الحبس غايته إلى الموت، والأذية نهايتها إلى التوبة والإصلاح.

* { إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا } كثير التوبة على المذنبين الخطائين، عظيم الرحمة والإحسان، الذي -من إحسانه- أنه وفقهم للتوبة وقبلها منهم، وسامحهم عن ما صدر منهم.

* يؤخذ من هاتين الآيتين أن بينة الزنا، لا بد أن تكون أربعة رجال مؤمنين، يُشترط عدالتهم؛

لأن الله تعالى شدد في أمر هذه الفاحشة، سترًا لعباده، حتى إنه لا يقبل فيها النساء منفردات، ولا مع الرجال، ولا ما دون أربعة.

* ولا بد من التصريح بالشهادة،

شهادة صريحة عن أمر يشاهد عيانًا، من غير تعريض ولا كناية.

* إن الأذية بالقول والفعل والحبس، قد شرعه الله تعزيرًا لجنس المعصية الذي يحصل به الزجر.

،,

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } (17-18)

* توبة الله على عباده نوعان: توفيق منه للتوبة، وقبول لها بعد وجودها من العبد.

* إن التوبة المستحقة على الله حق أحقه على نفسه، كرما منه وجودا، لمن عمل المعاصي بجهالة منه بعاقبتها وإيجابها لسخط الله وعقابه، وجهل منه بنظر الله ومراقبته له، وجهل منه بما تئول إليه من نقص الإيمان أو إعدامه،

فكل عاصٍ لله، فهو جاهل بهذا الاعتبار وإن كان عالما بالتحريم.

بل العلم بالتحريم شرط لكونها معصية معاقبا عليها.

* { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ }

- يحتمل أن يكون المعنى: ثم يتوبون قبل معاينة الموت، فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب قبل معاينة الموت والعذاب قطعا.

وأما بعد حضور الموت فلا يُقبل من العاصين توبة ولا من الكفار رجوع.

كما قال تعالى عن فرعون: { حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ }

وقال تعالى: { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ }

وقال هنا: { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ } أي: المعاصي فيما دون الكفر.

{ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا }

وذلك أن التوبة في هذه الحال توبة اضطرار لا تنفع صاحبها، إنما تنفع توبة الاختيار.

- ويحتمل أن يكون المعنى: قريب من فعلهم للذنب الموجب للتوبة،

* إن من بادر إلى الإقلاع من حين صدور الذنب وأناب إلى الله وندم عليه فإن الله يتوب عليه، بخلاف من استمر على ذنوبه وأصر على عيوبه، حتى صارت فيه صفاتٍ راسخةً فإنه يعسر عليه إيجاد التوبة التامة.

* الغالب أن الذي يعمل السوء على علم تام ويقين وتهاون بنظر الله إليه، أنه لا يوفق للتوبة ولا ييسر لأسبابها، وهو الذي سد على نفسه باب الرحمة.

* لكن قد يوفق الله عبده المصر على الذنوب عن عمد ويقين لتوبة تامة يمحو بها ما سلف من سيئاته وما تقدم من جناياته، ولكن الرحمة والتوفيق لمن يبادر بالتوبة.

* { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }

مِن علمه أنه يعلم صادق التوبة وكاذبها فيجازي كلا منهما بحسب ما يستحق بحكمته،

ومن حكمته أن يوفق من اقتضت حكمته ورحمته توفيقَه للتوبة، ويخذل من اقتضت حكمته وعدله عدمَ توفيقه.

،,

 

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا } (19)

* كانوا في الجاهلية

- إذا مات أحدهم عن زوجته، رأى قريبُه كأخيه وابن عمه ونحوهما أنه أحق بزوجته من كل أحد، وحماها عن غيره، أحبت أو كرهت.

فإن أحبها تزوجها على صداق يحبه دونها، وإن لم يرضها عضلها فلا يزوجها إلا من يختاره هو،

وربما امتنع من تزويجها حتى تبذل له شيئًا من ميراث قريبه أو من صداقها.

- وكان الرجل أيضا يعضل زوجته التي [يكون] يكرهها ليذهب ببعض ما آتاها.

* فنهى الله المؤمنين عن جميع هذه الأحوال إلا حالتين:

الأولى- إذا رضيت واختارت نكاح قريب زوجها الأول، كما هو مفهوم قوله: { كَرْهًا }

الثانية- وإذا أتين بفاحشة مبينة كالزنا والكلام الفاحش وأذيتها لزوجها، فإنه في هذه الحال يجوز له أن يعضلها، عقوبة لها على فعلها لتفتدي منه إذا كان عضلا بالعدل.

* { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } هذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية،

- فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما،

- فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال.

* { فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }

أي: ينبغي لكم -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا.

من ذلك

- امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة.

- ومنها أن إجباره نفسَه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة.

- وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك.

- وربما رزق منها ولدا صالحا نفع والديه في الدنيا والآخرة.

 

 

وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور.

فإن كان لا بد من الفراق، وليس للإمساك محل، فليس الإمساك بلازم.

 

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا } (20)

* متى { أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ } أي: تطليقَ زوجة وتزوجَ أخرى. فلا جناح عليكم في ذلك ولا حرج.

* إذا آتيتم إحداهن (المفارقة أو التي تزوجها) { قِنْطَارًا } أي: مالا كثيرا. (فلا تأخذوا منه شيئًا) بل وفروه لهن ولا تمطلوا بهن.

* في هذه الآية دلالة على عدم تحريم كثرة المهر، مع أن الأفضل واللائق الاقتداءُ بالنبي صلى الله عليه وسلم في تخفيف المهر.

ووجه الدلالة أن الله أخبر عن أمر يقع منهم، ولم ينكره عليهم، فدل على عدم تحريمه.

* قد ينهي عن كثرة الصداق إذا تضمن مفسدة دينية وعدم مصلحة تقاوم.

* { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } فإن هذا لا يحل ولو تحيلتم عليه بأنواع الحيل، فإن إثمه واضح.

،,

 

 

 

قال الله تعالى: { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا } (21)

* بيان ذلك: أن الزوجة قبل عقد النكاح محرمة على الزوج، ولم ترض بحلها له إلا بذلك المهر الذي يدفعه لها، فإذا دخل بها وأفضى إليها وباشرها المباشرة التي كانت حراما قبل ذلك، والتي لم ترض ببذلها إلا بذلك العوض، فإنه قد استوفى المعوض فثبت عليه العوض.

فكيف يستوفي المعوض ثم بعد ذلك يرجع على العوض؟ هذا من أعظم الظلم والجور.

* أخذ الله على الأزواج ميثاقا غليظا بالعقد، والقيام بحقوقها.

،,

 

 

قال الله تعالى: { وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا } (22)

* أي: لا تتزوجوا من النساء ما تزوجهن آباؤكم أي: الأب وإن علا.

{ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً } أي: أمرا قبيحا يفحش ويعظم قبحه، ومقتًا من الله لكم، ومن الخلق، بل يمقت بسبب ذلك الابن أباه والأب ابنه، مع الأمر ببره.

{ وَسَاءَ سَبِيلًا } أي: بئس الطريق طريقا لمن سلكه؛ لأن هذا من عوائد الجاهلية، التي جاء الإسلام بالتنزه عنها والبراءة منها.

،,

 

 

قال الله تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } (23)

* هذه الآيات الكريمات مشتملات

على المحرمات بالنسب، والمحرمات بالرضاع، والمحرمات بالصهر، والمحرمات بالجمع،

وعلى المحللات من النساء.

* أما المحرمات في النسب بإجماع العلماء، هن السبع اللاتي ذكرهن الله.

- الأم يدخل فيها كل من لها عليك ولادة، وإن بعدت،

- ويدخل في البنت كل من لك عليها ولادة،

- والأخوات الشقيقات، أو لأب أو لأم.

- والعمة: كل أخت لأبيك أو لجدك وإن علا.

- والخالة: كل أخت لأمك، أو جدتك وإن علت وارثة أم لا.

- وبنات الأخ

- وبنات الأخت أي: وإن نزلت.

 

 

وما عدا هؤلاء فيدخل في قوله: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } وذلك كبنت العمة والعم وبنت الخال والخالة.

* وأما المحرمات بالرضاع فقد ذكر الله منهن الأم والأخت.

- وفي ذلك تحريم الأم مع أن اللبن ليس لها، إنما هو لصاحب اللبن،

- دل بتنبيهه على أن صاحب اللبن يكون أبا للمرتضع فإذا ثبتت الأبوة والأمومة ثبت ما هو فرع عنهما كإخوتهما وأصولهم وفروعهم.

- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"

- فينتشر التحريم من جهة المرضعة ومن له اللبن كما ينتشر في الأقارب، وفي الطفل المرتضع إلى ذريته فقط.

لكن بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات في الحولين كما بينت السنة.

* وأما المحرمات بالصهر فهن أربع.

- حلائل الآباء وإن علوا،

- وحلائل الأبناء وإن نزلوا، وارثين أو محجوبين.

- وأمهات الزوجة وإن علون،

فهؤلاء الثلاث يحرمن بمجرد العقد.

- والرابعة: الربيبة وهي بنت زوجته وإن نزلت، فهذه لا تحرم حتى يدخل بزوجته كما قال هنا { وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ } الآية.

وقد قال الجمهور: إن قوله: { اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ } قيد خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، فإن الربيبة تحرم ولو لم تكن في حجره،

ولكن للتقييد بذلك فائدتان:

إحداهما: فيه التنبيه على الحكمة في تحريم الربيبة وأنها كانت بمنزلة البنت فمن المستقبح إباحتها.

والثانية: فيه دلالة على جواز الخلوة بالربيبة وأنها بمنزلة من هي في حجره من بناته ونحوهن.

* وأما المحرمات بالجمع

- فقد ذكر الله الجمع بين الأختين وحرمه

- وحرم النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها،

 

فكل امرأتين بينهما رحم محرم، لو قدر إحداهما ذكرًا والأخرى أنثى حرمت عليه فإنه يحرم الجمع بينهما، وذلك لما في ذلك من أسباب التقاطع بين الأرحام.

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

Ooالأسبوع السابعoO

مقدار المدارسة: نصف حزب.

تابع فوائد الآيات [24 -35] من سورة (النساء)

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}(24)

 

* وَمن المحرمات في النكاح الْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ

أي: ذوات الأزواج، فإنه يحرم نكاحهن ما دمن في ذمة الزوج حتى تطلق وتنقضي عدتها.

 

* { إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ }

أي: بالسبي، فإذا سبيت الكافرة ذات الزوج حلت للمسلمين بعد أن تستبرأ.

وأما إذا بيعت الأمة المزوجة أو وهبت فإنه لا ينفسخ نكاحها لأن المالك الثاني نزل منزلة الأول ولقصة بريرة حين خيرها النبي صلى الله عليه وسلم.

 

* وقوله: { كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ }

أي: الزموه واهتدوا به فإن فيه الشفاء والنور وفيه تفصيل الحلال من الحرام.

 

* ودخل في قوله: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } كلُّ ما لم يذكر في هذه الآية، فإنه حلال طيب.

فالحرام محصور والحلال ليس له حد ولا حصر لطفًا من الله ورحمة وتيسيرًا للعباد.

 

* وقوله: { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ }

أي: تطلبوا من وقع عليه نظركم واختياركم من اللاتي أباحهن الله لكم حالة كونكم مستعفين عن الزنا، ومعفين نساءكم غَيْرَ مُسَافِحِينَ فإن الفاعل لذلك لا يحصن زوجته لكونه وضع شهوته في الحرام فتضعف داعيته للحلال فلا يبقى محصنا لزوجته.

 

* وفيها دلالة على أنه لا يزوج غير العفيف لقوله تعالى: { الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } .

 

* فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ ممن تزوجتموها فَآتُوهُنَّ الأجور في مقابلة الاستمتاع، ولهذا إذا دخل الزوج بزوجته تقرر عليه صداقها وإتيانكم إياهن أجورهن فرض فرضه الله عليكم، ليس بمنزلة التبرع الذي إن شاء أمضاه وإن شاء رده.

 

* أو معنى قوله فريضة: أي: مقدرة قد قدرتموها فوجبت عليكم، فلا تنقصوا منها شيئًا.

 

* { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ }

أي: بزيادة من الزوج أو إسقاط من الزوجة عن رضا وطيب نفس هذا قول كثير من المفسرين

 

* إِنَّ اللَّهَ كَانَ كامل العلم واسعه، كامل الحكمة، فمن علمه وحكمته شرع لكم هذه الشرائع وحد لكم هذه الحدود الفاصلة بين الحلال والحرام.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (25)

 

* ومن لم يستطع الطول الذي هو المهر لنكاح المحصنات الحرائر المؤمنات وخاف على نفسه الزنا والمشقة الكثيرة، فيجوز له نكاح الإماء المملوكات المؤمنات.

وهذا بحسب ما يظهر، وإلا فالله أعلم بالمؤمن الصادق من غيره

 

* أمور الدنيا مبنية على ظواهر الأمور، وأحكام الآخرة مبنية على ما في البواطن.

 

* فَانْكِحُوهُنَّ المملوكات بِإِذْنِ سيدهن واحدا أو متعددا، وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولو كن إماء، فإنه كما يجب المهر للحرة فكذلك يجب للأمة.

 

* ولكن لا يجوز نكاح الإماء إلا إذا كن مُحْصَنَاتٍ عفيفات عن الزنا غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ زانيات علانية. وَلَا مُتَّخِذَاتِ أخلاء في السر.

 

* لا يجوز للحر المسلم نكاح أمة إلا بأربعة شروط ذكرها الله:

* الإيمان بهن

* والعفة ظاهرا وباطنا

* وعدم استطاعة طول الحرة

* وخوف العنت

 

* فإذا تمت هذه الشروط جاز له نكاحهن، ومع هذا فالصبر عن نكاحهن أفضل لما فيه من تعريض الأولاد للرق، ولما فيه من الدناءة والعيب.

وهذا إذا أمكن الصبر، فإن لم يمكن الصبر عن المحرم إلا بنكاحهن وجب ذلك. ولهذا قال: { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }

 

 

* فَإِذَا تزوجن أو أسلمن الإماء فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ الحرائر مِنَ الْعَذَابِ وذلك الذي يمكن تنصيفه وهو: الجَلد فيكون عليهن خمسون جَلدة. وأما الرجم فليس على الإماء رجم لأنه لا يتنصف

 

فعلى القول الأول إذا لم يتزوجن فليس عليهن حد، إنما عليهن تعزير يردعهن عن فعل الفاحشة.

 

وعلى القول الثاني: إن الإماء غير المسلمات، إذا فعلن فاحشة أيضا عزرن.

 

* حكم العبد الذكر في الحد المذكور حكم الأمة لعدم الفارق بينهما.

 

* وختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين "الغَفُورٌ الرَّحِيمٌ" لكون هذه الأحكام رحمةً بالعباد وكرمًا وإحسانًا إليهم فلم يضيق عليهم، بل وسع غاية السعة

وذكر المغفرة بعد ذكر الحد إشارة إلى أن الحدود كفارات، يغفر الله بها ذنوب عباده

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا(27) يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا(28)}

الآية (26)

يخبر تعالى بمنته العظيمة وحسن تربيته لعباده المؤمنين وسهولة دينه فقال:

* يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ جميع ما تحتاجون إلى بيانه من الحق والباطل، والحلال والحرام،

* وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ الذين أنعم الله عليهم من النبيين وأتباعهم، في سيرهم الحميدة، وأفعالهم السديدة فلذلك نفذ ما أراده، وبين بيانا كما بين لمن قبلكم، وهداكم هداية عظيمة في العلم والعمل.

 

* { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } فمن توبته على عباده:

* الاكتفاء بما أحله فتقل ذنوبكم بسبب ما يسر الله عليكم

* أنهم إذا أذنبوا فتح لهم أبواب الرحمة وأوزع قلوبهم الإنابة إليه، والتذلل بين يديه ثم يتوب عليهم بقبول ما وفقهم له. فله الحمد والشكر على ذلك.

 

* وَاللَّهُ كامل الحكمة والعلم، فمن علمه أن علمكم ما لم تكونوا تعلمون، ومنها هذه الأشياء والحدود. ومن حكمته أنه يتوب على من اقتضت حكمته ورحمته التوبة عليه، ويخذل من اقتضت حكمته وعدله من لا يصلح للتوبة.

 

الآية (27)

* وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ توبة تلم شعثكم، وتجمع متفرقكم، وتقرب بعيدكم.

* وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ من أصناف الكفرة والعاصين، المقدمين لأهوائهم على طاعة ربهم، ويقدمونها على ما فيه رضا محبوبهم، ويعبدون أهواءهم، فهؤلاء يريدون أَنْ:

 

* تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا وتنحرفوا عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم والضالين.

* يصرفوكم عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، وعن التزام حدود من السعادة كلها في امتثال أوامره، إلى مَنْ الشقاوةُ كلها في اتباعه.

 

* فإذا عرفتم أن الله تعالى يأمركم بما فيه صلاحكم وفلاحكم وسعادتكم، وأن هؤلاء المتبعين لشهواتهم يأمرونكم بما فيه غاية الخسار والشقاء، فاختاروا لأنفسكم أوْلى الداعيين، وتخيّروا أحسن الطريقتين.

الآية (28)

* يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ بسهولة ما أمركم به و ما نهاكم عنه، ثم مع حصول المشقة في بعض الشرائع أباح لكم ما تقتضيه حاجتكم

كالميتة والدم ونحوهما للمضطر

وكتزوج الأمة للحر بتلك الشروط السابقة.

 

وذلك لرحمته التامة وإحسانه الشامل، وعلمه وحكمته بضعف الإنسان من جميع الوجوه، ضعف البنية، وضعف الإرادة، وضعف العزيمة، وضعف الإيمان، وضعف الصبر، فناسب ذلك أن يخفف الله عنه، ما يضعف عنه وما لا يطيقه إيمانه وصبره وقوته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا(30)}

* الآية (29)

ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل:

* أكلها بالغصوب والسرقات

* وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة.

* ويدخل في ذلك أكل مال نفسك على وجه البطر والإسراف

 

* لما حرم أكلها بالباطل- أباح لهم أكلها بالتجارات والمكاسب الخالية من الموانع، المشتملة على الشروط من التراضي وغيره.

 

ولا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل الإنسان نفسه. ويدخل في ذلك:

* الإلقاءُ بالنفس إلى التهلكة

* وفعلُ الأخطار المفضية إلى التلف والهلاك

 

* من رحمة الله تعالى أن صان نفوسكم وأموالكم، ونهاكم عن إضاعتها وإتلافها، ورتب على ذلك ما رتبه من الحدود.

 

* تأمل هذا الإيجاز والجمع في قوله: { لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ } { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } كيف شمل أموال غيرك ومال نفسك وقتل نفسك وقتل غيرك

 

* إضافة الأموال والأنفس إلى عموم المؤمنين فيه دلالة على أن المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ومصالحهم كالجسد الواحد، حيث كان الإيمان يجمعهم على مصالحهم الدينية والدنيوية.

 

* ولما نهى عن أكل الأموال، أباح لهم ما فيه مصلحتهم من أنواع المكاسب والتجارات، وأنواع الحرف والإجارات، فقال: { إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } فإنها مباحة لكم

وشرط التراضي -مع كونها تجارة- لدلالة أنه:

 

* يشترط أن يكون العقد غير عقد ربا لأن الربا ليس من التجارة، بل مخالف لمقصودها

* وأنه لا بد أن يرضى كل من المتعاقدين، ومن تمام الرضا أن يكون المعقود عليه معلوما

* غير المقدور عليه شبيه ببيع القمار، فبيع الغرر بجميع أنواعه خال من الرضا فلا ينفذ عقده.

* تنعقد العقود بما دل عليها من قول أو فعل، لأن الله شرط الرضا فبأي طريق حصل الرضا انعقد به العقد.

 

* وختم الآية بقوله: { إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } ومن رحمته أن عصم دماءكم وأموالكم وصانها ونهاكم عن انتهاكها.

 

 

* الآية (30)

* وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أي أكل الأموال بالباطل وقتل النفوس عُدْوَانًا وَظُلْمًا لا جهلا ونسيانا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا عظيمة وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا (31) وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا

(33)}

 

* الآية (31)

* هذا من فضل الله وإحسانه على عباده المؤمنين وعدهم أنهم إذا اجتنبوا كبائر المنهيات غفر لهم جميع الذنوب والسيئات وأدخلهم مدخلا كريما كثير الخير وهو الجنة المشتملة على ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

 

* ويدخل في اجتناب الكبائر فعل الفرائض التي يكون تاركها مرتكبا كبيرة،

* كالصلوات الخمس

* والجمعة

* وصوم رمضان

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم

"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما ما اجتنبت الكبائر" .

 

* أحسن ما حُدت به الكبائر، أن الكبيرة ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو نفي إيمان، أو ترتيب لعنة، أو غضب عليه.

 

 

* الآية (32)

* ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة.

 

* فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء

 

* ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها.

 

* لأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل التي لا يقترن بها عمل ولا كسب.

 

وإنما المحمود أمران:

* أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية

* ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه.

 

* لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا من أعمالهم المنتجة للمطلوب وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه.

 

* وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ من جميع مصالحكم في الدين والدنيا. فهذا كمال العبد وعنوان سعادته

لا من يترك العمل، أو يتكل على نفسه غير مفتقر لربه، أو يجمع بين الأمرين فإن هذا مخذول خاسر.

 

* إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق.

 

* الآية (33)

* وَلِكُلٍّ من الناس جَعَلْنَا مَوَالِيَ يتولونه ويتولاهم بالتعزز والنصرة والمعاونة على الأمور.

 

* { مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ } وهذا يشمل سائر الأقارب من الأصول والفروع والحواشي، هؤلاء الموالي من القرابة.

 

* وهناك نوعا آخر من الموالي وهو َالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ أي: حالفتموهم بما عقدتم معهم من عقد المحالفة على النصرة والمساعدة والاشتراك بالأموال وغير ذلك، حيث كان الموالي يتعاونون بما لا يقدر عليه بعضهم مفردا.

 

* ولذلك أمر الله تعالى أن يؤتوا الموالي نصيبهم الذي يجب القيام به من النصرة والمعاونة والمساعدة على غير معصية الله. والميراث للأقارب الأدنين من الموالي.

 

* إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ومطلع على كل شيء بعلمه لجميع الأمور، وبصره لحركات عباده، وسمعه لجميع أصواتهم.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)}

 

* الآية (34)

* يخبر تعالى أن الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن أيضا بالإنفاق عليهن، والكسوة والمسكن

 

* والسبب الموجب لقيام الرجال على النساء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ

 

* فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة:

* من كون الولايات مختصة بالرجال، والنبوة، والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع.

* وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله.

* وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء.

* الرجل كالوالي والسيد لامرأته، وهي عنده عانية أسيرة خادمة، فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به. ووظيفتها القيام بطاعة ربها وطاعة زوجها

 

* فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ مطيعات لله تعالى حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب تحفظ بعلها بنفسها وماله، وذلك بحفظ الله لهن وتوفيقه لهن، لا من أنفسهن، فإن النفس أمارة بالسوء، ولكن من توكل على الله كفاه ما أهمه من أمر دينه ودنياه.

 

* وَاللَّاتِي تَخَافُونَ ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل

 

* فَعِظُوهُنَّ ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته، فإن انتهت فذلك المطلوب، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا لأنه حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر.

 

* إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا له العلو المطلق بجميع الوجوه والاعتبارات، علو الذات وعلو القدر وعلو القهر الكبير الذي لا أكبر منه ولا أجل ولا أعظم، كبير الذات والصفات

 

* الآية (35)

* وإن خفتم الشقاق بين الزوجين والمباعدة والمجانبة حتى يكون كل منهما في شق فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا وهما رجلين مكلفين مسلمين عدلين عاقلين يعرفان ما بين الزوجين، ويعرفان الجمع والتفريق.

 

* الحَكَم لا يصلح حَكمًا إلا من اتصف بتلك الصفات

 

* فينظران ما ينقم كل منهما على صاحبه، ثم يلزمان كلا منهما ما يجب، فإن لم يستطع أحدهما ذلك، قنَّعا الزوج الآخر بالرضا بما تيسر من الرزق والخلق، ومهما أمكنهما الجمع والإصلاح فلا يعدلا عنه.

* فإن وصلت الحال إلى أنه لا يمكن اجتماعهما وإصلاحهما إلا على وجه المعاداة والمقاطعة ومعصية الله، ورأيا أن التفريق بينهما أصلح، فرقا بينهما.

 

* ولا يشترط رضا الزوج، كما يدل عليه أن الله سماهما حكمين، والحكم يحكم ولو لم يرض المحكوم عليه

 

* إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا بسبب الرأي والكلام الذي يجذب القلوب ويؤلف بين القرينين.

 

* إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا عالمًا بجميع الظواهر والبواطن، مطلعا على خفايا الأمور وأسرارها.

فمن علمه وخبره أن شرع لكم هذه الأحكام الجليلة والشرائع الجميلة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

 

 

 

Ooالأسبوع الثامنoO

مقدار المدارسة: نصف حزب.

الآيات [36-73] من سورة (النساء)

 

فوائد الآيات [36-57]

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

قال الله تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } (36)

* يأمر تعالى عباده بعبادته وحده لا شريك له، وهو الدخول تحت رق عبوديته، والانقياد لأوامره ونواهيه، محبة وذلا وإخلاصا له، في جميع العبادات الظاهرة والباطنة.

* وينهى عن الشرك به شيئا لا شركا أصغر ولا أكبر، لا ملكا ولا نبيا ولا وليا ولا غيرهم من المخلوقين الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا،

بل الواجب المتعين إخلاص العبادة لمن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وله التدبير الكامل الذي لا يشركه ولا يعينه عليه أحد.

* بعد ما أمر بعبادته والقيام بحقه أمر بالقيام بحقوق العباد الأقرب فالأقرب.

- { وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } أي: أحسنوا إليهم بالقول الكريم والخطاب اللطيف والفعل الجميل بطاعة أمرهما واجتناب نهيهما والإنفاق عليهما وإكرام من له تعلق بهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا بهما.

* للإحسان ضدان، الإساءةُ وعدمُ الإحسان. وكلاهما منهي عنه.

- { وَبِذِي الْقُرْبَى } أيضا إحسانا، ويشمل ذلك جميع الأقارب، قربوا أو بعدوا، بأن يحسن إليهم بالقول والفعل، وأن لا يقطع برحمه بقوله أو فعله.

- { وَالْيَتَامَى } أي: الذين فقدوا آباءهم وهم صغار، فلهم حق على المسلمين، سواء كانوا أقارب أو غيرهم بكفالتهم وبرهم وجبر خواطرهم وتأديبهم، وتربيتهم أحسن تربية في مصالح دينهم ودنياهم.

- { وَالْمَسَاكِين } وهم الذين أسكنتهم الحاجة والفقر، فلم يحصلوا على كفايتهم، ولا كفاية من يموّنون،

فأمر الله تعالى بالإحسان إليهم، بسد خلتهم وبدفع فاقتهم.

- { وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى }أي: الجار القريب الذي له حقان حق الجوار وحق القرابة، فله على جاره حق وإحسان راجع إلى العرف.

- { والْجَارِ الْجُنُبِ } أي: الذي ليس له قرابة.

* كلما كان الجار أقرب بابًا كان آكد حقًّا،

فينبغي للجار أن يتعاهد جاره بالهدية والصدقة والدعوة واللطافة بالأقوال والأفعال وعدم أذيته بقول أو فعل.

- { وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ }

قيل: الرفيق في السفر،

وقيل: الزوجة،

وقيل: الصاحب مطلقا، ولعله أولى، فإنه يشمل الصاحب في الحضر والسفر ويشمل الزوجة.

* فعلى الصاحب لصاحبه حق زائد على مجرد إسلامه،

من مساعدته على أمور دينه ودنياه، والنصح له؛ والوفاء معه في اليسر والعسر، والمنشط والمكره، وأن يحب له ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وكلما زادت الصحبة تأكد الحق وزاد.

- { وَابْنَ السَّبِيلِ } وهو: الغريب الذي احتاج في بلد الغربة أو لم يحتج، فله حق على المسلمين لشدة حاجته وكونه في غير وطنه بتبليغه إلى مقصوده أو بعض مقصوده [وبإكرامه وتأنيسه] .

- { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } أي: من الآدميين والبهائم بالقيام بكفايتهم وعدم تحميلهم ما يشق عليهم وإعانتهم على ما يتحملون، وتأديبهم لما فيه مصلحتهم.

 

* فمن قام بهذه المأمورات فهو الخاضع لربه، المتواضع لعباد الله، المنقاد لأمر الله وشرعه، الذي يستحق الثواب الجزيل والثناء الجميل،

* ومن لم يقم بذلك فإنه عبد معرض عن ربه، غير منقاد لأوامره، ولا متواضع للخلق، بل هو متكبر على عباد الله معجب بنفسه فخور بقوله،

ولهذا قال: { إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا } أي: معجبا بنفسه متكبرًا على الخلق

{ فَخُورًا } يثني على نفسه ويمدحها على وجه الفخر والبطر على عباد الله،

 

فهؤلاء ما بهم من الاختيال والفخر يمنعهم من القيام بالحقوق.

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا } (37)

* { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ } أي: يمنعون ما عليهم من الحقوق الواجبة.

* { وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ } بأقوالهم وأفعالهم

* { وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ } أي: من العلم الذي يهتدي به الضالون ويسترشد به الجاهلون فيكتمونه عنهم، ويظهرون لهم من الباطل ما يحول بينهم وبين الحق.

 

فجمعوا بين البخل بالمال والبخل بالعلم، وبين السعي في خسارة أنفسهم وخسارة غيرهم، وهذه هي صفات الكافرين،

فلهذا قال تعالى: { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } أي: كما تكبروا على عباد الله ومنعوا حقوقه وتسببوا في منع غيرهم من البخل وعدم الاهتداء، أهانهم بالعذاب الأليم والخزي الدائم.

،,

 

قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا } (38)

* { وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ } أي: ليروهم ويمدحوهم ويعظموهم.

* { وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ } أي: ليس إنفاقهم صادرا عن إخلاص وإيمان بالله ورجاء ثوابه.

* { وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا }

فهذا من خطوات الشيطان وأعماله التي يدعو حزبه إليها ليكونوا من أصحاب السعير.

وصدرت منهم بسبب مقارنته لهم وأزهم إليها.

* بئس المقارن والصاحب الذي يريد إهلاك من قارنه ويسعى فيه أشد السعي.

،,

 

قال الله تعالى: { وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا } (39)

* أي: أي شيء عليهم وأي حرج ومشقة تلحقهم لو حصل منهم الإيمان بالله الذي هو الإخلاص، وأنفقوا من أموالهم التي رزقهم الله وأنعم بها عليهم فجمعوا بين الإخلاص والإنفاق.

* { وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا } الإخلاص سرٌّ بين العبد وبين ربه، لا يطلع عليه إلا الله، والله تعالى عليم بجميع الأحوال.

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } (40)

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ }

* أي: لا ينقصها من حسنات عبده أو يزيدها في سيئاته.

* يخبر تعالى عن كمال عدله وفضله وتنزهه عما يضاد ذلك من الظلم القليل والكثير.

كما قال تعالى: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }

 

{ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا }

* أي: إلى عشرة أمثالها، إلى أكثر من ذلك، بحسب حالها ونفعها وحال صاحبها، إخلاصا ومحبة وكمالا.

 

{ وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا }

* أي: زيادة على ثواب العمل بنفسه من التوفيق لأعمال أخر، وإعطاء البر الكثير والخير الغزير.

،,

 

قال الله تعالى: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } (41)

* أي: كيف تكون تلك الأحوال، وكيف يكون ذلك الحكم العظيم، الذي جمع أن من حكم به كاملُ العلم، كاملُ العدل، كامل الحكمة، بشهادة أزكى الخلق وهم الرسل على أممهم مع إقرار المحكوم عليه؟"

فهذا -والله- الحكم الذي هو أعم الأحكام وأعدلها وأعظمها.

* وهناك يبقى المحكوم عليهم مقرين له لكمال الفضل والعدل، والحمد والثناء.

* وهناك يسعد أقوام بالفوز والفلاح والعز والنجاح. ويشقى أقوام بالخزي والفضيحة والعذاب المهين.

،,

 

قال الله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا } (42)

* يومئذٍ يود الذين جمعوا بين الكفر بالله وبرسوله، ومعصيةِ الرسول { لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ } أي: تبتلعهم ويكونون ترابا وعدما،

كما قال تعالى: { وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا }.

* { وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا } بل يقرون له بما عملوا، وتشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون.

يومئذ يوفيهم الله جزاءهم الحق، ويعلمون أن الله هو الحق المبين.

* ما ورد من أن الكفار يكتمون كفرهم وجحودهم، فإن ذلك يكون في بعض مواضع القيامة، حين يظنون أن جحودهم ينفعهم من عذاب الله،

فإذا عرفوا الحقائق وشهدت عليهم جوارحهم حينئذ ينجلي الأمر، ولا يبقى للكتمان موضع، ولا نفع ولا فائدة.

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } (43)

 

* ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يقربوا الصلاة وهم سكارى، حتى يعلموا ما يقولون،

- وهذا شامل لقربان مواضع الصلاة، كالمسجد، فإنه لا يمكَّن السكران من دخوله.

- وشامل لنفس الصلاة، فإنه لا يجوز للسكران صلاة ولا عبادة، لاختلاط عقله وعدم علمه بما يقول،

 

حدد تعالى ذلك وغياه إلى وجود العلم بما يقول السكران.

* يؤخذ من المعنى منع الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط، الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل.

* ينبغي لمن أراد الصلاة أن يقطع عنه كل شاغل يشغل فكره، كمدافعة الأخبثين والتوق لطعام ونحوه كما ورد في ذلك الحديث الصحيح.

 

 

 

{ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ }

* لا تقربوا الصلاة حالة كون أحدكم جنبا، إلا في هذه الحال وهو عابر السبيل أي: تمرون في المسجد ولا تمكثون فيه، { حَتَّى تَغْتَسِلُوا }

 

 

 

{ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا }

* أباح التيمم للمريض مطلقًا مع وجود الماء وعدمه، والعلة المرض الذي يشق معه استعمال الماء.

* وكذلك السفر، فإذا فقد المسافر الماء أو وجد ما يتعلق بحاجته من شرب ونحوه، جاز له التيمم.

* وكذلك إذا أحدث الإنسان ببول أو غائط أو ملامسة النساء، فإنه يباح له التيمم إذا لم يجد الماء، حضرًا وسفرًا.

* الحاصل: أن الله تعالى أباح التيمم في حالتين:

- حال عدم الماء، وهذا مطلقا في الحضر والسفر.

- وحال المشقة باستعماله بمرض ونحوه.

* إن التيمم يكون بالصعيد الطيب، وهو كل ما تصاعد على وجه الأرض سواء كان له غبار أم لا،

ويحتمل أن يختص ذلك بذي الغبار لأن الله قال: { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } وما لا غبار له لا يمسح به.

 

 

 

{ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ }

* محل المسح في التيمم: الوجه جميعه واليدان إلى الكوعين، كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، ويستحب أن يكون ذلك بضربة واحدة.

* فائدة:

اعلم أن قواعد الطب تدور على ثلاث قواعد:

- حفظ الصحة عن المؤذيات،

- والاستفراغ منها،

- والحمية عنها.

 

وقد نبه تعالى عليها في كتابه العزيز.

 

- أما حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي،

فقد أمر بالأكل والشرب وعدم الإسراف في ذلك، وأباح للمسافر والمريض الفطر حفظا لصتحهما، باستعمال ما يصلح البدن على وجه العدل، وحماية للمريض عما يضره.

- وأما استفراغ المؤذي

فقد أباح تعالى للمحْرِم المتأذي برأسه أن يحلقه لإزالة الأبخرة المحتقنة فيه،

ففيه تنبيه على استفراغ ما هو أولى منها من البول والغائط والقيء والمني والدم، وغير ذلك.

نبه على ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى.

* في الآية وجوب تعميم مسح الوجه واليدين، وأنه يجوز التيمم ولو لم يضق الوقت، وأنه لا يخاطب بطلب الماء إلا بعد وجود سبب الوجوب.

 

 

 

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا }

* كثير العفو والمغفرة لعباده المؤمنين، بتيسير ما أمرهم به، وتسهيله غاية التسهيل، بحيث لا يشق على العبد امتثاله، فيحرج بذلك.

- ومن عفوه ومغفرته أن رحم هذه الأمة بشرع طهارة التراب بدل الماء، عند تعذر استعماله.

- ومن عفوه ومغفرته أن فتح للمذنبين باب التوبة والإنابة ودعاهم إليه ووعدهم بمغفرة ذنوبهم.

- ومن عفوه ومغفرته أن المؤمن لو أتاه بقراب الأرض خطايا ثم لقيه لا يشرك به شيئا، لأتاه بقرابها مغفرة.

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا } (44-45)

 

 

 

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ }

* هذا ذم لمن أوتو نصيبًا من الكتاب، وفي ضمنه تحذير عباده عن الاغترار بهم، والوقوع في أشراكهم.

 

 

 

{ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ }

* يحبونها محبة عظيمة ويؤثرونها إيثار من يبذل المال الكثير في طلب ما يحبه.

* يؤثرون الضلال على الهدى، والكفر على الإيمان، والشقاء على السعادة.

 

 

 

{ يُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ }

* حريصون على إضلالكم غاية الحرص.

* لما كان الله ولي عباده المؤمنين وناصرهم، بيَّن لهم ما اشتملوا عليه من الضلال والإضلال،

 

 

 

{ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا }

* يتولى أحوال عباده ويلطف بهم في جميع أمورهم، وييسر لهم ما به سعادتهم وفلاحهم.

 

 

{ وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا }

* ينصرهم على أعدائهم ويبين لهم ما يحذرون منهم ويعينهم عليهم.

 

* ولاية الله تعالى فيها حصول الخير، ونصره فيه زوال الشر.

،,

 

قال الله تعالى: { مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا } (46)

 

* بين تعالى كيفية ضلالهم وعنادهم وإيثارهم الباطل على الحق.

 

{ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا } أي: اليهود وهم علماء الضلال منهم.

يُحرفون الكلم عن مواضعه: إما بتغيير اللفظ أو المعنى، أو هما جميعا.

 

* من تحريفهم

- حالهم في العلم:

تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم التي لا تنطبق ولا تصدق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم على أنه غير مراد بها، ولا مقصود بها بل أريد بها غيره، وكتمانهم ذلك.

 

- حالهم في العمل والانقياد:

يقولون سمعنا قولك وعصينا أمرك، وهذا غاية الكفر والعناد والشرود عن الانقياد.

وكذلك يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب،

فيقولون: (اسمع منا غير مسمع ما تحب، بل مسمع ما تكره) ،

(وراعنا) قصدهم بذلك الرعونة، بالعيب القبيح [يلوون به ألسنتهم إلى الطعن في الدين والعيب للرسول، ويصرحون بذلك فيما بينهم] .

 

ويظنون أن اللفظ -لما كان محتملا لغير ما أرادوا من الأمور- أنه يروج على الله وعلى رسوله.

 

* أرشدهم إلى ما هو خير لهم من ذلك فقال: { وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ }

 

لما تضمنه هذا الكلام

- من حسن الخطاب والأدب اللائق في مخاطبة الرسول،

- والدخول تحت طاعة الله والانقياد لأمره،

- وحسن التلطف في طلبهم العلم بسماع سؤالهم، والاعتناء بأمرهم.

 

* ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية، أعرضوا عن ذلك، وطردهم الله بكفرهم وعنادهم، فقال: { وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا }

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } (47)

 

* يأمر تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى أن يؤمنوا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله عليه من القرآن العظيم، المهيمن على غيره من الكتب السابقة التي قد صدقها.

* وأنهم ينبغي أن يكونوا قبل غيرهم مبادرين إليه بسبب ما أنعم الله عليهم به من العلم، والكتاب الذي يوجب أن يكون ما عليهم أعظم من غيرهم.

* توعدهم على عدم الإيمان بجزاء من جنس ما عملوا،

- بطمس وجوههم كما طمسوا الحق.

- وأن تجعل وجوههم في أقفائهم، كما قلبوا الحقائق وآثروا الباطل وتركوا الحق.

- { أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ } بأن يطردهم من رحمته، ويعاقبهم بجعلهم قردة، كما فعل بإخوانهم الذين اعتدوا في السبت { فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } .

 

 

{ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } كقوله: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

،,

 

قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (48)

 

* يخبر تعالى: أنه لا يغفر لمن أشرك به أحدًا من المخلوقين، ويغفر ما دون الشرك من الذنوب صغائرها وكبائرها، وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك، إذا اقتضت حكمتُه مغفرتَه.

* الذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها أسبابا كثيرة:

- كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة في الدنيا، والبرزخ ويوم القيامة، وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وبشفاعة الشافعين.

- ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد.

* المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة، وأغلق دونه أبواب الرحمة، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد، ولا تفيده المصائب شيئا، وما لهم يوم القيامة من شافعين ولا صديق حميم.

 

 

 

{ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }

* أي ظلم أعظم ممن سوى المخلوق -من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الفقير بذاته من كل وجه، الذي لا يملك لنفسه- فضلا عمن عبده -نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا-

بالخالق لكل شيء، الكامل من جميع الوجوه، الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، الذي بيده النفع والضر والعطاء والمنع، الذي ما من نعمة بالمخلوقين إلا فمنه تعالى،

فهل أعظم من هذا الظلم شيء؟

 

* حَتَّمَ الله على المشرك بالخلود بالعذاب وحرمان الثواب { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ }

وهذه الآية الكريمة في حق غير التائب،

 

وأما التائب، فإنه يغفر له الشرك فما دونه كما قال تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } أي: لمن تاب إليه وأناب.

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } (49)

 

* هذا تعجيب من الله لعباده، وتوبيخ للذين يزكون أنفسهم من اليهود والنصارى، ومن نحا نحوهم من كل من زكى نفسه بأمر ليس فيه.

* اليهود والنصارى يقولون: { نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } ويقولون: { لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى } وهم كذبة في ذلك، ليس لهم من خصال الزاكين نصيب، بسبب ظلمهم وكفرهم لا بظلم من الله لهم، ولهذا قال: { وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا } .

 

 

{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }

* هؤلاء هم الذين زكاهم الله.

 

{ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ }

* بالإيمان والعمل الصالح بالتخلي عن الأخلاق الرذيلة، والتحلي بالصفات الجميلة.

،,

 

قال الله تعالى: { انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا } (50)

 

 

{ انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ }

* بتزكيتهم أنفسهم، لأن هذا من أعظم الافتراء على الله.

لأن مضمون تزكيتهم لأنفسهم، الإخبار بأن الله جعل ما هم عليه حقا وما عليه المؤمنون المسلمون باطلا.

وهذا أعظم الكذب وقلب الحقائق بجعل الحق باطلا، والباطلِ حقًّا.

* وكفى بذلك إثمًا ظاهرًا بينًا موجبًا للعقوبة البليغة والعذاب الأليم.

،,

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا } (51-52)

 

* من قبائح اليهود وحسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين: ترك الإيمان بالله ورسوله، والتعوض عنه بالإيمان بالجبت والطاغوت.

* الإيمان بالجبت والطاغوت هو: الإيمان بكل عبادة لغير الله، أو حكم بغير شرع الله.

- يدخل في ذلك السحر والكهانة، وعباده غير الله، وطاعة الشيطان، كل هذا من الجبت والطاغوت.

* وكذلك حَمَلهم الكفر والحسد على أن فضلوا طريقة الكافرين بالله -عبدة الأصنام- على طريق المؤمنين { وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }

،,

 

قال الله تعالى: { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا } (53-54)

 

 

{ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ }

* فيفضِّلون من شاءوا على من شاءوا بمجرد أهوائهم، فيكونون شركاء لله في تدبير المملكة.

 

 

{ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا }

فلو كان لهم نصيب من الملك لشحوا وبخلوا أشد البخل، فلا يُؤتون الناس شيئًا ولا قليلا.

* هذا وصف لهم بشدة البخل على تقدير وجود ملكهم المشارك لملك الله. وأُخْرِجَ هذا مَخرج الاستفهام المتقرر إنكاره عند كل أحد.

 

 

 

{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }

أي: هل الحامل لهم على قولهم كونهم شركاءَ لله فيفضلون من شاءوا؟

أم الحامل لهم على ذلك الحسدُ للرسول وللمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله؟.

* وذلك ليس ببدع ولا غريب على فضل الله { فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا }

* فإنعامه لم يزل مستمرًا على عباده المؤمنين.

فكيف ينكرون إنعامه بالنبوة والنصر والملك لمحمد صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأجلهم وأعظمهم معرفة بالله وأخشاهم له؟.

،,

تم تعديل بواسطة زُلفى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى: { فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } (55)

 

* من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، نال بذلك السعادة الدنيوية والفلاح الأخروي.

* ومن صدَّ عنه عنادًا وبغيًا وحسدًا، حصل لهم من شقاء الدنيا ومصائبها ما هو بعض آثار معاصيهم.

 

{ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا } تسعر على من كفر بالله، وجحد نبوة أنبيائه من اليهود والنصارى وغيرهم من أصناف الكفرة.

،,

 

قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا } (56)

 

* نارًا عظيمة الوقود شديدة الحرارة.

- كلما نضجت (احترقت) جلودهم، بدلناهم جلودًا غيرها؛ ليبلغ العذاب منهم كل مبلغ.

- وكما تكرر منهم الكفر والعناد وصار وصفا لهم وسجية؛ كرر عليهم العذاب جزاء وِفاقا.

 

 

 

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا }

* له العزة العظيمة والحكمة في خلقه وأمره، وثوابه وعقابه.

،,

 

قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا } (57)

 

* إن الذين آمنوا بالله وما أوجب الإيمانَ به، وعملوا الصالحات من الواجبات والمستحبات، سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا.

لهم فيها أزواج مطهرة من الأخلاق الرذيلة، والخلْق الذميم، ومما يكون من نساء الدنيا من كل دنس وعيب { وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا }

 

 

 

akhawat_islamway_1426467939____.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1426463229___.png

 

Ooالأسبوع الثامنoO

 

مقدار المدارسة: نصف حزب.

 

تابع فوائد الآيات من [58 -73]من سورة (النساء)

 

من تفسير العلامة السعدي -رحمه الله- :

 

قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59)}

 

 

* الآية (58)

* الأمانات كل ما ائتمن عليه الإنسان وأمر بالقيام به.

 

* أمر الله عباده بأداء الأمانات كاملة موفرة، لا منقوصة ولا مبخوسة، ولا ممطولا بها،

ويدخل في ذلك:

- أمانات الولايات والأموال والأسرار

- والمأمورات التي لا يطلع عليها إلا الله.

 

* ذكر الفقهاء على أن من اؤتمن أمانة وجب عليه حفظها في حرز مثلها.

قالوا: لأنه لا يمكن أداؤها إلا بحفظها؛ فوجب ذلك.

 

* وفي قوله: { إِلَى أَهْلِهَا }

دلالة على أنها لا تدفع وتؤدى لغير المؤتمِن، ووكيلُه بمنزلته؛

فلو دفعها لغير ربها لم يكن مؤديا لها.

 

* { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ }

وهذا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأموال والأعراض، القليل من ذلك والكثير،

على القريب والبعيد، والبر والفاجر، والولي والعدو.

 

* المراد بالعدل الذي أمر الله بالحكم به هو ما شرعه الله على لسان رسوله من الحدود والأحكام، وهذا يستلزم معرفة العدل ليحكم به.

 

* ولما كانت هذه أوامر حسنة عادلة قال: { إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا }

* هذا مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما،

لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.

 

 

* الآية (58)

* أمر الله تعالى في هذه الآية بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما.

 

* أمر الله تعالى بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين

 

* لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعة أولي الأمر والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده

ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

 

* السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية.

 

* أمر الله تعالى برد كل ما تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه إلى الله وإلى الرسول

وهو كتاب الله وسنة رسوله؛ فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما أو عمومهما؛ أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه

 

* كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما. فالرد إليهما شرط في الإيمان

 

 

* { إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ }

دل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائل النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، كما ذكر في الآية بعدها

 

* ذَلِكَ الرد إلى الله ورسوله خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا فإن حكم الله ورسوله أحسن الأحكام وأعدلها وأصلحها للناس في أمر دينهم ودنياهم وعاقبتهم.

تم تعديل بواسطة عروس القرءان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×