اذهبي الى المحتوى
الملتزمة المتفائلة

خطوات في تحسين علاقة الفتاة بأمها وردم هوة الاختلاف بينهم..

المشاركات التي تم ترشيحها

السؤالr

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد:

 

أنا فتاة في ال(ـ16) سنة من عمري، ومشكلتي أنني لا أتفق مع أمي أبداً، حيث إن تفكيري يكون من أقصى اليمين وتفكيرها في أقصى الشمال ولا يلتقيان أبداً، فأصبحت أتجنبها كثيراً ولا أقص لها أي شيء من قصص المدرسة أو الأصدقاء، وبذلك أكون قد فقدت من أتحدث إليه؛ وإن حاولت تقريب المسافات أكون دوماً على غلط في قصتي، ويحدث التوبيخ والشتم وأعود وأنا نادمة.

 

فسؤالي هو: هل السبب هو الفارق العمري بيننا (30سنة)؟ وما هو الحل؟

 

 

 

الإجابــة

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم.

الأخت الفاضلة / بحر الأحزان حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

 

(بحر الأحزان) هذا هو الاسم الذي اخترته ليكون رامزاً إليك في هذا السؤال، وهو يدل بوضوح على مدى الألم العميق الذي تجدينه في نفسك، إنك تشعرين أنك تسبحين في بحر من الأحزان نظراً لتأزم العلاقة بينك وبين والدتك، نعم إنها أمك الحبيبة التي يشق عليك مشقة شديدة أن تجدي نفسك بعيدة عنها، كيف وهي الصدر الحنون، كيف وهي أمك؟ فحسبها أنها تحمل هذا الاسم؛ فهي الأم التي أنجبتك وربتك والتي في الحقيقة تحبك وتقدمك في ذلك على نفسها، وإنك لتدركين ذلك من قرارة نفسك، ولكن يقع معك ومعها شيء من الخصام وشيء من عدم الاتفاق فيجعلك تشعرين بالبعد الشديد عنها، ثم ها أنت تسألين: هل للفارق الكبير الذي بيني وبين أمي في السن علاقة بهذا؟

 

 

والجواب يا أختي: كلا. إن هذا ليس له من علاقة، بل إن الأم يكون بينها وبين ولدها أكثر من هذا العمر، بل ربما كان أكثر بكثير ومع هذا فتظل هي الأم، وتظل هي القريبة من نفس ولدها، وتظل أفهم الناس لمراد أولادها، وهم أيضاً يفهمون عنها مشاعرها وأحاسيسها، فمجرد النظرة بينهما تحكي الكثير وتؤدي المعاني الواسعة، فليس لهذا أي تأثير على الحقيقة.

 

نعم قد يكون هنالك اختلاف في أسلوب التفكير، ولكن هذا في الأصل لا يكون راجعاً إلى مجرد الفارق في السن، وإنما هو راجع في الحقيقة إلى طريقة التعامل في تناول الأمور من أحد الطرفين أو من كليهما.

 

وقد سألت السؤال الثاني: فما هو الحل إذن في هذا الأمر؟ كيف أصلح من علاقتي بوالدتي؟

 

فالجواب: بأن تنظري إلى أهمية أن تكون علاقتك مع والدتك على الوجه الحسن المرغوب، فأصل ذلك أن تعلمي أن فساد العلاقة مع الوالدة ليس فقط هو خسارة للإنسان من جهة مشاعره وأحاسيسه، ولا هو خسارة فقط من جهة الحزن الذي يصيب الإنسان بشعوره بأن أمه الحبيبة بعيدة عنه، ولكن أيضاً خسارة في الدين، لا سيما إن كان هنالك شيء من الخلاف الذي قد يؤدي إلى رفع الصوت مثلاً على الوالدة، أو أن تحدِّي النظر إليها بعينيك، أو أن يحصل هنالك إشارة بيدك تدل على النفور والاعتراض كما يقع من كثير من الأولاد مع أمهاتهم، فكيف إذا كان هنالك إغلاظ في العبارة أو تعدٍّ فيها كما يقع من بعض البنات مثلاً مع أمهاتهنَّ؟! فلابد إذن من معرفة أن تحصيل رضاها من أعظم القربات، كما أن الفرار من عقوقها من أعظم النجاة عند الله جل وعلا، كيف وقد قرن الله تعالى بر الوالدين بأعظم أمر وهو توحيده، وقرن عقوقهما بأعظم نهي وهو الشرك به؟! قال تعالى: ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[النساء:36]، وقال تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ))[الإسراء:23]، ولذلك ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اجتنبوا السبع الموبقات –أي: المهلكات - قالوا: يا رسول الله! وما هنَّ؟ قال: الشرك بالله وعقوق الوالدين..) الحديث.

 

 

وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر –ثلاثاً-؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور) متفق عليه. وقال صلوات الله وسلامه عليه: (الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) خرجه البخاري في صحيحه.

 

والمقصود أن طاعة الوالدين من أعظم القربات إلى الله جل وعلا، كما أن عقوقهما من أعظم الذنوب، بل إن مجرد قول (أف) من كبائر الذنوب، قال تعالى: ((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا))[الإسراء:23-24]، ويقول صلوات الله وسلامه عليه: (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخلاه الجنة) أخرجه مسلم في صحيحه.

 

والمقصود يا أختي أن هذا النظر يعينك تماماً على أن تتنازلي لوالدتك، على أن تخفضي جناحك لها، على أن يكون لك ذلة البنت البارة لأمها. فإن قلت: فأنا لا أحب أن أكون ذليلة، فكيف أؤمر بأن أكون ذليلة وأنا أحب لنفسي أن تكون عزيزة؟

 

فالجواب: إن هذا ليس هو المراد، إن المراد بالذلة ها هنا هو خفض الجناح، إلانه القول، أن تكوني متنازلة لوالدتك، فالذلة ها هنا معناها اللين في المعاملة وليست الذلة التي هي ضد العزة، بل إن طاعتك والدتك - بحمد الله عز وجل – هي من العزة؛ لأن كل ما يرضي الله جل وعلا فهو عز للمؤمن، قال تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا ))[فاطر:10]، أي: من كان يريد أن يعز نفسه فليبتغ العزة بطاعة الله جل وعلا.

 

فالمقصود هو استحضار هذه المعاني لتكوني أبعد عن الخلاف مع والدتك وأقرب إلى برها والإحسان إليها، فهي الوقفة الأولى إذن.

 

وأما الوقفة الثانية فهي: أن تقتربي من والدتك. نعم اجلسي إليها يا أختي، حدثيها عن نفسك بصورة لطيفة، فقد عرفت ما يزعجها وعرفت ما تنفر منه، فحدثيها كما تحدث الفتيات أمهاتهنَّ، ها أنت تدخلين وقد عدت راشدة من مدرستك فتغلقين الباب فتدخلين على والدتك فتقبلين يديها وحقيبتك ما زالت في يديك، تسلمين عليها وقد ابتسمت في وجهها وتسألين عن حالها، ثم بعد ذلك تعاملينها المعاملة اللطيفة، فبعد أن ترتاحي تقومين بمساعدتها بدون أن تطلبك، تقومين بإعانتها في شئون المطبخ وفي شئون تنظيف البيت بدون أن يكون هنالك توجيه منها؛ لترى ابنتها الحبيبة العزيزة على قلبها تُقر عينها بهذه التصرفات التي تجعلها تشعر أنها بحمدِ الله قد أنجبت البنت البارة الصالحة التي يهنأ بالها بها، ثم إذا جلست معها فحديثها عن يومك وما حصل لك فيه متجنبة أي أخبار تثيرها وتثير انفعالها وتغضبها عليك، فتختارين الأخبار الحسنة اللطيفة التي تسر خاطرها، تحدثينها عن معلماتك وما أخذته في يومك، وهكذا يحصل بينك وبينها قرب وأنس وتجدين أنها قد انفتحت معك أيضاً في الكلام وعبرت لك عن مشاعرها وعن مشاكلها وعن نفسها، فكوني يا أختي محسنة في التحدث إليها لتكون بعد ذلك باثة لك أمورها بل وأسرارها أيضاً، فإنها حينئذ ستجد ابنتها هي نعم المعين لها، ولعلها أن تسترشد بعد ذلك برأيك وأن تسألك عن أمورها صغيرها وكبيرها كما هو واقع في كثير من الأحيان، ولكن بالتلطف تصلين إلى هذا المعنى.

 

والوقفة الثالثة: استخدام الأساليب اللطيفة الحسنة التي ترقق قلبها، الهدية المعبرة، وليس من شرطها أن تكون غالية الثمن، فها أنت تهدينها مصحفاً كريماً، تهدينها سجادة للصلاة، تختارين لها بعض الكتيبات أو الأشرطة الإسلامية وتقدمينها إليها، وقد كتبت عليها بعض العبارات اللطيفة: إلى أمي الحبيبة التي أحبها أكثر من نفسي، أسأل الله عز وجل أن ينفعك بهذه الهدية. فبمثل هذا الأسلوب تصلين يا أختي إلى أفضل الأمور وأحسنها معها، منتقلة إلى الوقفة الرابعة وهي:

 

تجنب أسباب الشقاق معها وأسباب الخلاف، ولو قدر أنها اختلفت معك في الرأي فحاولي أن تستمعي إلى رأيها وأن تقدريه، وحتى لو ظهر لك خطؤها فاصبري يا أختي ولا تبادري إلى تغليطها، فحاولي أن توافقيها وألا تختلفي معها وأن تستمعي إلى كلامها، فبهذا يا أختي لا نقول: إنك تحصلين رضاها فقط، بل وتملكين قلبها، فجربي ولن تخسري بإذنِ الله واسعي سعي المؤمنة الطالبة وجه الله جل وعلا والمحتسبة عند ربها وستجدين بإذنِ الله الخير والرشاد.

 

ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يزيدك من فضله، وأن يصلح ما بينكما وأن يؤلف على الخير قلوبكم.

وبالله التوفيق.

منقول

 

تم تعديل بواسطة مـ أم الزهراء ـرام
  • معجبة 2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يكفي في تحسين العلاقة بين الأم و ابنتها أن تتيقن أنه لا يوجد صدر أحن عليها من صدر أمها

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

وخيرا جزاكن ونفع بكن غاليياتي\\\\\\زز

بوركتن (:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×