اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

لمسات بيانية في القرآن الكريم د.فاضل السامرائي

المشاركات التي تم ترشيحها

. تتنزلٌ- تنزلَ

سورة فصلت (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30))

سورة القدر (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4))

 

استخدم نفس الفعل المضارع لكن حذفت التاء في الآية الثانية (تنزّل) لماذا؟

الآية الأولى هي عند الموت تنزل الملائكة على الشخص المستقيم تبشرّه بمآله إلى الجنة أما الثانية فهي في ليلة القدر ، التنزّل في الآية الأولى يحدث في كل لحظة لأنه في كل لحظة يموت مؤمن في هذه الأرض إذن الملائكة في مثل هذه الحالة تتنزّل في كل لحظة وكل وقت أما في الآية الثانية فهي في ليلة واحدة في العام وهي ليلة القدر، لإن التنزّل الأول أكثر استمرارية من التنزّل الثاني، ففي الحدث المستمر جاء الفعل كاملاً غير مقتطع (تتنزّل) أما في الثانية في الحدث المتقطع اقتطع الفعل (تنزّل).

 

 

سورة النساء (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (977))

وفي سورة النحل (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28)).

لنستعرض المتوفين في السياقين:

في آية سورة النساء المتوفون هم جزء من المتوفين في آية سورة النحل ففي سورة النساء المتوفون هم المستضعفون من الذين ظلموا أنفسهم أما في سورة النحل فالمتوفون هم ظالمي أنفسهم كلهم على العموم، فأعطى تعالى القسم الأكبر الفعل الأطول وأعطى القسم الأقل الفعل الأقلّ.

 

 

تبدل - تبدلوا

في سورة الأحزاب (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (522))

وقوله تعالى في سورة النساء (وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (22))

 

في آية سورة الأحزاب هي مقصورة على الرسول والحكم مقصور عليه . أما الآية الثانية فهي آية عامة لكل المسلمين وهذا التبدّل هو لعموم المسلمين وليس مقصوراً على أحد معين وإنما هو مستمر إلى يوم القيامة، لذا أعطى الحدث الصغير الصيغة القصيرة (تبدّل) وأعطى الحدث الممتد الصيغة الممتدة (تتبدلوا).

 

 

مقتطفات من كتاب أسرار البيان في التعبير القرآني

- د. فاضل السامرائي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لمسات بيانية في آيات الصيام

للدكتور فاضل السامرائي

 

1202828.jpg

 

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) البقرة)

 

1281967237Fasting2.jpg

 

 

 

موقع آيات الصيام كما جاءت في سياقها في القرآن الكريم: آيات الصوم هذه

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ)

إلى أواخر آيات الصوم وقعت بين آيات الشدة وذكر الصبر وما يقتضي الصبر. قبلها قال

(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177))

والصوم نصف الصبر كما في الحديث والصبر نصف الإيمان وتقدّمها أيضاً

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (178))

هذه شدة وتحتاج إلى صبر وقبلها

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180))

هذه شدة وتحتاج إلى الصبر وبعدها آيات القتال

(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ (190))

(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (191))

(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ (193))

 

الصوم من المشاق والقتال من المشاق والقتال يقتضي الصبر

(اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا)

والصوم نصف الصبر.

 

 

بعدها ذكر آيات الحج لأن الحج يقع بعد الصيام بعد شهر رمضان تبدأ أشهر الحج فذكر

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197))

 

ثم ذكر المريض في الحج كما ذكر المريض في الصوم وذكر الفدية في الحج ومن الفدية الصيام

(فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (196))

إذن موقع آيات الصيام تقع بين آيات الصبر وما يقتضي الصبر وعموم المشقة.

 

 

يتبع

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183))

الفعل كُتب مبني للمجهول وجاء مع (عليكم) تحديداً مع أنه ورد في القرآن

(إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ (120) التوبة)؟

 

نلاحظ ربنا تعالى قال يا ايها الذين آمنوا ناداهم بنفسه ولم يقل (قل يا أيها الذين آمنوا) لم يخاطب الرسول وقال له قل وإنما ناداهم مباشرة لأهمية ما ناداهم إليه لأن الصيام عبادة عظيمة قديمة كتبها تعالى على من سبقنا فنادنا قال

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)

ولم يأمر الرسول بالقول إذن نادنا مباشرة ولم ينادينا بالواسطة.

 

استعمال كتب فيه شدة ومشقة وما يستكره من الأمور عموماً لما يقول كُتب عليكم يكون أمر فيه شدة وشقة وإلزام، في أمور مستثقلة ومن معاني كتب ألزم ووجب وفرض مثلاً

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى (17))

فيه شدة،

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180))

شدة،

(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ (216))،

(وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (3) الحشر)

أما (كُتب له) فهو في الخير

(إلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ (120) التوبة)

هذا خير،

وفي يتامى النساء قال

(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ (127) النساء)

(وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (121) التوبة)

كلها خير

(وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ (187)).

 

إذن كُتِب عليكم فيه شدة ومشقة وإلزام والصوم مشقة يترك الطعام والشراب والمفطرات من الفجر إلى الليل فيه مشقة

لذا قال كتب عليكم ولم يقل لكم.

قال تعالى (قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (12) الأنعام)

أي ألزم نفسه تعالى بذلك، كتب على فيها إلزام.

أحياناً تأتي كتب بدون على أو لكم. كُتب عليكم فيها شدة ومشقة وإلزام.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بناء الفعل للمجهول

(كُتِب)

لأن فيها مشقة لأن الله تعالى يظهر نفسه في الأمور التي فيها خير

أما في الأمور المستكرهة وفي مقام الذم أحياناً يبني للمجهول مثل

(حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ)

و(زّين للناس حب الشهوات)

مبني للمجهول التي فيها شر لا ينسبها لنفسه ومثلها آتيناهم الكتاب وأوتوا الكتاب:

في مقام الذم يقول أوتوا الكتاب مطلقاً وفي مقام الخير يقول آتيناهم الكتاب.

 

لما كان هناك مشقة على عباده قال (كُتب) ولم يقل كتبنا.

في الأمور التي فيها خير ظاهر يظهر نفسه

(كتب الله لكم)

(يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ (21) المائدة)

هذا خير

(أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ (22) المجادلة)

(كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (12) الأنعام)

(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف)

 

إذن البناء للمجهول في الأمور التي فيها مشقة وفيها شدة.

قوله تعالى

(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ (45) المائدة)

هذه فيها إلزام لهم، كتب على بني إسرائيل الأمور التي شددها عليهم شدد عليهم لأنهم شددوا على أنفسهم.

حرف الجر يغير الدلالة وأحياناً يصير نقيضها مثل رغب فيه يعني أحبّه ورغب عنه يعني كرهه، وضعه عليه يعني حمّله ووضعه عنه أي أنزله.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ختمت الآية

( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

فما اللمسة البيانية فيها؟

قال

(كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ

قال

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

هذا يدل على علو هذه العبادة وعظمتها وربنا كتب هذه العبادة على الأمم التي سبقتنا معناها هذه العبادة عظيمة ولا نعلم كيفيتها لكن كان الصيام موجوداً.

ثم يدل على الترغيب في هذه العبادة لأهميتها بدأ بها تعالى في الأمم السابقة ثم أن الأمور إذا عمّت هانت والصيام ليس بِدعاً لكم وإنما هي موجودة في السابق فإذن هذا الأمر يدل على أهميتها ويدل على تهوينها أنها ليس لكم وحدكم وإنما هي مسألة قديمة كما كتبت عليكم كتبت على الذين من قبلكم.

 

 

كلمة (تتقون) أطلقها ولم يقل تتقون كذا كما جاء اتقوا النار أو اتقوا ربكم يحتمل أشياء مرادة تحتمل تتقون المحرمات وتحذرون من المعاصي لأن الصوم يكسر الشهوة ويهذبها

(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يتسطع فعليه بالصوم فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)

الصوم من هذه الناحية وقاء للشاب يكسر الشهوة ويحُدّها.

تتقون المفطرات والاخلال بأدائها أي تحفظون الصيام وتتقون المفطرات الإخلال بأشياء تؤدي إلى ذهاب الصوم، لعلكم تتقون تحتمل تصلون إلى منزلة التقوى وتكونوا من المتقين فإذن فيها احتمالات عديدة وهي كلها مُرادة.

 

إذا كان تتقون المعاصي فهي تحتمل لأن الصوم يكسر الشهوة وإذا كان تتقون المفطرات تحتمل وإذا كانت تصل إلى منزلة التقوى أيضاً تحتمل. في هذا السياق تكرر ذكر التقوى والمتقين قال

(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177))

(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179))

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180))

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183))

(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187))

(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194))

تكررت التقوى في السياق وهي مناسبة لأنه في أول السورة قال تعالى

(ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2)).

في عموم السورة إطلاق التقوى.

وسورة البقرة تردد فيها التقوى ومشتقاتها 36 مرة.

التقوى فِعلها وقى وقى نفسه أي حفظ نفسه وحذر، المتقون أي حفظوا نفسهم من الأشياء التي ينبغي أن يبتعدوا عنها.

 

قسم يقول أن التقوى هي أن لا يرك الله حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك يعني الابتعاد عن المحرمات والانهماك في الطاعات هذه هي التقوى.

جاءت التقوى في سورة البقرة على الإطلاق ومنها قوله

(لعلكم تتقون)

يعني تتقون أي شيء عموماً.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ)

لماذا معدودات وليس معدودة؟

 

فيها أمران من حيث اللغة قد يكون معدودات تقليلاً لها لأن معدودة أكثر، معدودات قليلة. الجمع في غير العاقل معدودات تدل على القلة ومعدودة تدل على الكثرة هذا قياس في اللغة.

 

في غير العاقل المفرد يدل على الكثرة والجمع يدل على القلة حتى يذكرون بقولهم: الجذوع انكسرت (الجذوع كثرة فاستعمل انكسرت بالمفرد) والأجذاع إنكسرن (الأجذاع قِلّة فاستعمل انكسرن بالجمع)

وفي الآية

 

(إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ (36) التوبة).

جمع القلة يكون من واحد إلى عشرة، قالوا

(أياماً معدودات)

تقليلاً لهن تهويناً للصائم.

وقسم يقول أنها في أول فرض العبادة كانت ثلاثة أيام في كل شهر ولم يبدأ بالشهر كاملاً ثم نُسِخ وجاء شهر رمضان فصارت معدودات، ثم قال شهر رمضان بعد هذه الأيام.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)

كلمة يطيقونه فيها كلام قسم قال المقصود في بدء فرض الإسلام عند بداية الفريضة أنهم لم يكونوا متعودين على الصوم فمن شاء يصوم ومن شاء يفدي في زمن الرسول لما نزلت هذه الآية كأنهم فهموا أنهم مخيّرون بين الصوم والافطار.

 

ما المقصود بـ (يطيق)؟

قسم قالوا هذه الآية نسخت لأنه فعلاً في أول الاسلام كانوا مخيرين من شاء يفطر ويفدي ومن شاء يصوم.

وقسم قال أطاق أي تكلفه بمشقة وصعوبة وتكون الهمزة للسلب يعني سلبت طاقته وجهده.

الفعل الثلاثي طاق أي تحمل وأطاق فيها خلاف ما هذه الهمزة؟ هل أطاقه بمعنى قدر عليه؟ أو همزة السلب أي سلب طاقته؟ يعني الذي لا يستطيع الصوم يسلب طاقته بحيث لا يتمكن أن يصوم فيفدي (طعام مسكين) وإذا كانت بمعنى التحمّل يصوم

 

(وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ)

الصيام أفضل. الفدية مرهونة بعدم الصيام وعدم الصيام هو أحد أمرين إذا كان كما يقولون أنه في أول الاسلام كان المسلمون مخيرين في الافطار ودفع الفدية أو الصوم والصوم خير وإن كان غير ذلك أن الهمزة للسلب تبقى على دلالتها وليست منسوخة فالذي لا يستطيع أن يصوم والصوم يسلب طاقته بحيث لا يتمكن من الصوم فرب العالمين رخص الله تعالى بالفدية كالشيخ الكبير الهِرم والمريض الذي لا يرجى شفاؤه. تبقى على دلالتها مستمرة ليس فيها نسخ إذا جعلت للسلب والحكم عام ساري إلى يوم القيامة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)البقرة)

الملاحظ أنه ذكر الفريضة أولاً

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)183

لم يحدد وقتاً ولا مدة ولا شيء وإنما ذكر الفريضة ثم بعدها ذكر الأيام مبهمة قال (أياماً معدودات)،

إذن ذكر الفريضة ثم ذكر أيام معدودات مبهمة لم يُحّددها ثم بيّن بقوله

(شَهْرُ رَمَضَانَ)

هذا فيما بعد، الآن تعيّن الوقت للصيام وحدد بقوله

(شَهْرُ رَمَضَانَ)

إذن أصبح الفريضة هي صيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أي الذي ابتدأ فيه نزول القرآن من اللوح المحفوظ جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل منجماً فيما بعد على مدى ثلاث وعشرون سنة.

 

 

(أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)

فيها دلالتان إما ما ذكرناه الآن أي ابتداء إنزال القرآن فيه أو أنزل في شأنه القرآن أي في تعظيمة، أُنزل في الكلام عنه وفي بيان تعظيم هذا الشهر.

 

 

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)

فيها دلالتان أنه نزل فيه وأنه أُنزل في شأنه القرآن وهو من باب تعظيم هذا الشهر كما نقول قال فيه كلاماً طيباً والاحتمالان مرادان لما قال

(إنا أنزلناه في ليلة القدر)

أي أنزلناه في ليلة القدر وأنزل في تعظيمها قرآن.

 

(الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ)

يعود الضمير على الشهر كله. فقال

(أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)

ولم يقل أنزلنا فيه القرآن لأنه يتكلم على شهر رمضان وليس على مُنزِله لو قال أنزلنا يكون الكلام عن الله وليس على الشهر لو قال أنزلنا يعود إلى ضمير المتكلم لكنه يريد الكلام على الشهر

قال أنزل تعظيماً لهذا الشهر وليس على منزل هذا القرآن.

 

بينما قال أنزلنا الحديد تعظيماً لله تعالى وعظمته والنعمة التي أنعمها على خلقه.

(تنزيل من حكيم حميد)

أنزل إليك ثم قال من لدن حكيم حميد لأن الكلام عن الكتاب وتعظيم الكتاب وليس عن الله . لهذا قال تعالى

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)

السياق في الشهر وليس على مُنزل القرآن لو قال أنزلنا يكون الكلام عن الله .

 

سياق الكلام على شهر رمضان وليس على مُنزل القرآن أي ليس الكلام عن الله تعالى فالكلام كله يتعلق بالشهر وليس بالمنزل لهذا قال أُنزل فيه القرآن الفعل مبني للمجهول والفاعل مُضمر محذوف ليس له ذكر لأن الكلام على الشهر الذي أُنزل فيه القرآن وليس على الذي أنزل القرآن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

في الآية قبلها قال

(أياماً معدودات)

جمع قلة والشهر ثلاثون يوماً وجمع القلة حتى العشرة فكيف نفهمها؟

 

يجوز من باب البلاغة للتكثير يجوز وضع أحدهما مكان الآخر كما يستعمل القريب للبعيد والبعيد للقريب لكن قلنا هنالك أمران

الأمر الأول أنه تهوين الأمر على الصائمين أنه شهر، أياماً معدودة وهو لا يقاس بالنسبة للأجر أنت تدفع هذه الأيام بالنسبة لما في الأجر فهي قليلة جداً، أنت تدفع هذه الأيام بالنسبة للأجر لا يقاس بأجره العظيم لما فيه من عظمة الأجر جزاء هذا الذي تعمله شيء قليل وليس كثيراً هذا ثمن قليل لما سيعطيك ربك هذا ثمن قليلة فهي معدودات.

ومن ناحية قالوا أن الصيام كان فعلاً ثلاثة أيام في الشهر (أياماً معدودات) وكان مخيراً بين الفدية والصيام، فإذن كان فعلاً اياماً معدودات (ثلاثة أيام) إذن تؤخذ من باب التهوين وأنها هي قليلة بالنسبة لما سيعطيك الله تعالى فهي قليلة وتهوينها على الصائم وهي فعلاً كانت كذلك فهي إذن هي أيام معدودات.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)

ما إعراب كلمة هدى؟

 

فيها احتمالان أن تكون حال أي (هادياً للناس) أُنزل القرآن هادياً للناس أو مفعول لأجله أي لأجل هداية الناس. المفعول لأجله لا يشترط أن يسبق بلام وإنما هذا معنى المفعول لأجله وليس لازماً (فعل ذلك ابتغاء مرضاة الله) لم يقل لابتغاء مرضاة الله، معنى اللام أو معنى من ولكن هي في المعنى هكذا (يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ (19) البقرة) من الحذر، (حذر) مفعول لأجله. المفعول لأجله بيان عِلّة الفعل وسبب حدوث الفعل أي السبب الذي من أجله حدث الفعل سواء كان علّة مبتغاة كما تقول أدرس طلباً للنجاح هذه علة مبتغاة غير موجودة أو هي الدافع للنجاح. تقول قعد جبناً ليس لابتغاء الجبن لكن الجبن سبب قعوده، الجبن هو علة القعود. إما أن يكون هنالك أمر غير موجود يبتغيه الشخص كابتغاء مرضاة الله وإما يكون السبب الدافع قتل نفسه أسفاً مثلاً أو قعد خوفاً، هذه العلة الدافعة للفعل وليست لابتغاء الفعل. إذن المفعول لأجله نوعين إما أن يبتغي شيئاً غير موجود أو أن يكون هو الدافع لطلب الفعل علّة موجودة في نفسه دفعته إلى القيام بهذا الفعل.

 

(هُدًى لِّلنَّاسِ)

في الآية هداية للناس الهداية غير موجودة لولا القرآن، لولا القرآن لم تكن هنالك هداية فإذن هي ابتغاء علة لم تكن حاصلة لكن بالقرآن يحصل هذا الأمر. فإذن فيها أمرين: إما حال وإما مفعول لأجله، بهذه الطريقة يجمع معنيين معنى الحالية ومعنى المفعول لأجله ولو أراد الحالية لقال هادياً للناس وهناك فرق بين الحال والمفعول لأجله الحال يبين هيئة صاحبه. إذا أراد الحالية قال (هادياً ) إذا أراد التنصيص على الحالية يقول هادياً. ما الفرق بين هادياً وهدى؟ هادياً إسم فاعل وهدى مصدر وهناك فرق كبير بينهما حتى لو كان التنصيص على الحاليّة في غير هذا فهناك فرق كبير المصدر وإسم الفاع، فرق كبير بين أقبل راكضاً وأقبل ركضاً وكلتاهما حال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً (15) الأنفال) ما قال زاحفين هذه حال، (يأتينك سعياً) لم يقل ساعيات مع أنها حال لكن لماذا اختار؟

إسم الفاعل أو الوصف عموماً يدل على الحدث وذات الفاعل أي شيئين لما تقول قائم القيام مع الشخص الذي اتصف به، الحدث وذات الفاعل، إذن قائم فيها شيئين الحدث وهو القيام وذات الفاعل لكن القيام هو المصدر المجرد ليس فيه نفس الارتباط الذي مع اسم الفاعل. لما تقول أقبل راكضاً، راكضاً يدل على الحدث وصاحب الحدث، أقبل ركضاً تحوّل الشخص إلى مصدر، هو صار ركضاً. ولذلك هذا ليس قياساً عند الجمهور مع أنه يقع كثيراً وربنا تعالى لما ذكر إبراهيم (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا (260) البقرة) ما قال ساعيات اي ليس فيهن شيء يُثقلهن من المادة يتحولن من أقصى الهمود إلى حركة أي هنّ أصبحن سعياً ولو قال ساعيات يعني فيها صفة من الصفات فيها الحدث وصاحب الحدث، هناك فرق أقبل ماشياً أقبل مشياً ليس فقط ماشياً وإنما تحوّل إلى مشي.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ)

كيف يشهد الشهر؟

هل يراه مثلاً؟

 

(فَمَن شَهِدَ)

أي من كان حاضراً غير مسافر، من كان مقيماً وليس مسافراً شهد الشهر ليس شاهد الهلال أو رأى الهلال. تقول أشهِدت معنا؟ أي كنت حاضراً معنا؟.

 

(فَمَن شَهِدَ)

أي من كان حاضراً (وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود) وشرط الشهادة أن تكون حاضراً وليس مسافراً لأنه ذكر المسافر فيما بعد.

أي من شهد منكم الشهر أي من حضره.

 

ثم قال

(وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)

لم يقل من كان منكم مريضاً كما قال ومن شهد منكم الشهر.

قال في الأولى كُتب عليكم الصيام باستخدام عليكم فلماذا قال منكم؟

قال كُتب عليكم، الفرق في الاية الأولى قال

(كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)

تقدمها قوله

(كما كتب على الذين من قبلكم)

لو قال فمن كان مريضاً ما قال منكم كاد يُظن أن هذا حكم الأولين وليس لنا هذا الحكم (أي منكم وليس من الذين من قبلكم).

 

هنا قيّد فلا بد أن يذكر (منكم) لئلا ينصرف المعنى للذين من قبلكم، إنما ليس لها نفس المكان في الثانية (ومن كان مريضاً) وليس في القرآن ولا حرف زائد مطلقاً.

لم يقل تعالى (وأن تصوموا خير لكم) كما قال في سابقتها لأنه إذا قرأنا الآية نفسها (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)

قال يريد بكم اليسر فكيف يقول أن تصوموا خير لكم؟

وهذا من تمام رأفته ورحمته بنا .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185))

 

 

(وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ)

(ما) تحتمل معنيين

بمعنى التي والمصدرية بمعنى الهداية ونرجح المعنيين فهما مرادان، أي على الذي هداكم وعلى هدايته لكم.

السياق أحياناً يعين على فهم دلالة واحدة.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ (23) الأحزاب)

بمجرد أن قال (عليه) تحدد معنى (الذي) ولو لم يقل عليه لاحتملت ما الموصولة أو المصدرية فطالما لم يحدد يُطلق.

 

 

(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186))

هذه الآية جاءت بين آيات الصيام

فلماذا؟

 

هذا يدل على أن الصيام من دواعي الإجابة وقوع هذا الدعاء بين آيات الصيام إرشاد العباد إلى أن يلحوا بالدعاء ويكثروا منه لأن الصائم مجاب الدعوة في صومه وعند فطره فإذن وقوع هذه الآية بين آيات الصوم إرشاد للعباد على أن هذه فرصة ودعوة لهم بأن الصائم لا ترد دعوته.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ما دلالة استخدام (وإذا) بدل (وإن)؟

 

 

قبل هذه لم يقل فقل لهم إني قريب وإنما تكفل تعالى بالإجابة مباشرة كما خاطبهم مباشرة

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)

ما قال قل لهم كتب عليهم الصيام كذلك في الدعاء لم يقل قل لهم وإنما قال

(فإني قريب)

مع أنه في آيات أخرى عندما يكون هناك سؤال يقول قل، مثلاً

(يسألونك عن المحيض قل هو أذى)

أما في هذه الآية تكفل الله تعالى بالإجابة مباشرة

(فإني قريب).

هو يُدعى بلا واسطة وهو يجيب مباشرة حتى نلاحظ معظم سألك في القرآن يأتي بعدها (قل).

 

ثم إنه قال

(أجيب دعوة الداع)

لم يقل إن شئت أو إن شاء ربك وإنما قال أجيب دعوة الداع كأنه أجاب بينما نلاحظ في آية أخرى

(قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) الأنعام)

لم يقطع بينما في آية الصيام فالإجابة لا بد أن تكون إما يعجل له أو يُدّخر له أو يرد عنه بمقدارها من الأذى كما في الحديث، أجيب دعوة الداع لم يعلقها بشيء.

 

أما استخدام (إذا) لأنه أراد أن يكثر الناس من الدعاء لأن (إذا) تفيد الكثير والمقطوع ولم يقل (إن)،فالمطلوب أن يكثروا من الدعاء ويلحوا في الدعاء، (إن) احتمالات وتستعمل للشك لمحتمل الوقوع والنادر الوقوع والمستحيل الوقوع أما (إذا ) فهي لمقطوع الوقوع أو كثير الوقوع.

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ (180) البقرة)

هذا مقطوع الوقوع وقال

(إذا جاء نصر الله والفتح) (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ (86) النساء)

هذا كثير الوقوع، وقال

(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا)

هذه قليلة.

قال (إذا سألك) وقال (إِذَا دَعَانِ)

هذه إشارة أن المطلوب من العبد الإكثار من الدعاء وعليه أن يكثر من الدعاء وفيها الدعاء شرط الإجابة

(أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)

جعل الله تعالى الدعاء شرط الإجابة ومن باب التوكيد قدّم الإجابة على الدعاء. مثلاً إذا جئت إليّ أُكرمك، أنت بنيت كلامك على الإجابة حتى النحاة يقولون لما تقول أكرمك إن جئتني، هو قال له أُكرمك هذا شبه متفق عليه من قبل النحاة. بنى على الإخبار بالإكرام وهنا ربنا بنى على الإجابة، الإجابة بفضل الله متحققة والله تعالى يريد من العباد أن يدعوا والدعاء شرط الإجابة. وقال تعالى أجيب دعوة الداع وليس أجيب الداعي لأن الدعوة هي المطلوبة بالذات. يجيب ماذا تريد أنت أي يجيب الدعوة. وربنا يغضب إذا لم يدعوه العبد ويحب الملحاح في الدعاء وغضب ربنا على أقوام لأنهم لم يدعوه

(وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ (43) الأنعام) (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ (76) المؤمنون) (قل أعوذ برب الفلق)

أي ادعُ وقلها لا في نفسك فقط، عندما يقول أعوذ يعني أنه يحتاج لمن يعينه فينبغي أن يقولها.

 

 

انتهى

 

 

من برنامج لمسات بيانية

للدكتور فاضل السامرائي

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لمحات قرآنية تربوية في وصية لقمان لابنه

الشكر والكفر

(وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)

"يشكر"

قال الشكر بلفظ المضارع ، والكفران قاله بالفعل الماضي "ومن كفر" من الناحية النحوية الشرط يجعل الماضي استقبالا ، مثال (إذا جاء نصر الله)،فكلاهما استقبال.

ويبقى السؤال :

لماذا اختلف زمن الفعلين فكان الشكر بالمضارع والكفر بالماضي على أن الدلالة هي للاستقبال؟

من تتبُعنا للتعبير القرآني وجدنا أنه إذا جاء بعد أداة الشرط بالفعل الماضي فذلك الفعل يُفعل مرة واحدة أو قليلا، وما جاء بالفعل المضارع يتكرر فعله

- مثال: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) [النساء:92] وبعدها قال: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا) [النساء:93] فعندما ذكر القتل الخطأ جاء بالفعل الماضي لأن هذا خطأ غير متعمد، إذا هو لا يتكرر وعندما جاء بالقتل العمد جاء بالفعل المضارع (وَمَنْ يَقْتُلْ) لأنه ما دام يتعمد قتل المؤمن فكلما سنحت له الفرصة فعل. فجاء بالفعل المضارع الذي يدل على التكرار.

- مثال آخر: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) [الاسراء:19] فذكر الآخرة وجاء بالفعل الماضي لأن الآخرة واحدة وهي تراد. لكن عندما تحدث عن الدنيا قال: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) [آل عمران:145] لأن إرادة الثواب تتكرر دائما كل عمل تفعله تريد الثواب، فهو إذن يتكرر والشيء المتكرر جاء به بالمضارع "يشكر"، فالشكر يتكرر لأن النعم لا تنتهي (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم:34] فالشكر يتكرر، كلما أحدث لك نعمة وجب عليك أن تُحدث له شكرا، أما الكفر فهو أمر واحد حتى إن لم يتكرر، فإن كفر الإنسان بأمر ما فقد كفر، إن كفر بما يعتقد من الدين بالضرورة فقد كفر، لا ينبغي أن يكرر هذا الأمر لأنه إن أنكر شيئا من الدين بالضرورة واعتقد ذلك فقد كفر وانتهى ولا يحتاج إلى تكرار، أما الشكر فيحتاج إلى تكرار لأن النعم لا تنتهي، وفيه إشارة إلى أن الشكر ينبغي أن يتكرر وأن الكفر ينبغي أن يقطع، فخالف بينهما في التعبير فجاء بأحدهما في الزمن الحاضر الدال على التجدد والاستمرار وجاء بالآخر في الزمن الماضي الذي ينبغي أن ينتهي.

 

 

المحاضرة التي ألقاها فضيلة العالم الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي

في جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم .

المصدر:

موقع لمسات بيانيه

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
*قال تعالى في سورة النور(أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء) لماذا جاء الطفل مفرد والذين جمع؟ (د.فاضل السامرائى)

وردت كلمة طفل في سورة النور وفي سورة غافر والحج.
ووردت كلمة الطفل والأطفال في القرآن والطفل تأتي للمفرد والمثنى والجمع فنقول جارية طفل وجاريتان طفل وجواري طفل.
فمن حيث اللغة ليست كلمة الطفل منحصرة بالمفرد.
لكن وردت في سورة النور أيضاً كلمة الأطفال
(وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {59})

ولو لاحظنا في سورة الحج (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ {5}‏)

الآيات تتكلم عن خلق الجنس وليس عن خلق الأفراد فكل الجنس جاء من نطفة ثم علقة ثم مضغة لذا جاءت كلمة طفل.  أما قوله تعالى في سورة النور (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) بكلمة الأطفال فهنا السياق مبني على علاقات الأفراد وليس على الجنس لأن الأطفال لما يبلغوا ينظرون إلى النساء كل واحد نظرة مختلفة فلا يعود التعاطي معهم كجنس يصلح في الحكم فقال (ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم منكم) فاقتضى الجمع هنا.


لكن لماذا قال الطفل في سورة النور في الآية موضع السؤال؟
(الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء)
كل المذكورين في الآية موقفهم مختلف بالنسبة لعورات النساء أما الطفل فموقفه واحد بالنسبة لعورات النساء في جميع الحالات لأنهم لا يعلموا بعد عن عورات النساء فهي تعني لهم نفس الشيء فجعلهم كجنس واحد لذا أفرده مع أنه جمع لكن اختيار اللفظ ناسب سياق الآيات.
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ماالفرق بين :--
(جعلنا فى الأرض رواسى) و (ألقينا فيها رواسي) ؟

(د.فاضل السامرائى)
__________________________

قال تعالى في سورة (ق) :--
(وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7))
وفى سورة الإنبياء ...
(وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31))
هذا سؤال يجب أن يُوجّه إلى المعنيين بالاعجاز العلمي.

لكن الملاحظ أنه تعالى يقول أحياناً ألقينا وأحياناً يقول جعلنا في الكلام عن الجبال بمعنى أن التكوين ليس واحداً وقد درسنا أن بعض الجبال تُلقى إلقاء بالبراكين (جبال بركانية) والزلازل أو قد تأتي بها الأجرام السماوية على شكل كُتل، وهذا يدل والله أعلم على أن هناك أكثر من وسيلة لتكوين الجبال. وكينونة الجبال تختلف عن كينونة الأرض فالجبال ليست نوعاً واحداً ولا تتكون بطريقة واحدة هذا والله أعلم.

من آيات الإعجاز العلمى:

بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض . وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل ، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية.

 

من برنامج لمسات بيانية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ختم الله تعالى بعض الآيات
بقوله
(ذلك هو الفوز العظيم)
وفى آيات أخرى يقول (ذلك الفوز العظيم)

فما دلالة الاختلاف؟
(للدكتور.فاضل السامرائى)
_______________________________

هو عرّف الفوز وجاء بضمير الفصل (هو) "وضمير الفصل يقع بين المبتدأ والخبر أو ما أصله مبتدأ وخبر أي إسم أن وخبرها وإسم كان وخبرها بين المفعولين حتى يفصل بين الخبر والنعت أو الصفة"،
هذا هو ضمير الفصل وفائدته التوكيد والحصر.


فلما قال (ذلك هو الفوز العظيم) يعني ليس هناك فوز آخر وما عداه هو الخسران.
ما قال ذلك فوز عظيم لأن معناه قد يكون هناك فوز آخر محتمل. هذا ربح وليس معناه أنه ليس هناك ربح آخر، هذا نجاح وليس معناه أنه ليس هناك نجاح آخر.


فلما قال (ذلك هو الفوز العظيم) تحديداً أي ليس هناك فوز آخر وما عداه خسران. وجاء بـ (هو) زيادة في التوكيد والحصر. ويقول في آيات أخرى (ذلك الفوز العظيم) هذه فيها حصر وأحياناً تأتي بؤكد واحد أو مؤكدين تكون أقوى. في نفس السؤال

نضرب مثلاً في قوله تعالى :---
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الصفّ)

ما قال (هو)،
قال (تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله، ثم ذكر يغفر لكم ذنوبكم ويدخلهم جنات، طلب منهم الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات.

وقال تعالى في آية أخرى ...
(إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة)

في الآية الأولى قال تؤمنون بالله، يعني طلب منهم الإيمان بالله والاستمرار عليه وهنا قال اشترى من المؤمنين فوصفهم بالإيمان. هناك طلب منهم أن يجاهدوا في سبيل الله (تجاهدون في سبيل الله) عندهم الأموال والأنفس يجاهدون فيها لكن في الثانية باع واشترى ولم يبقى عندهم مال ولا أنفس (فاستبشروا ببيعكم).

هناك جهاد وهنا يقاتلون والجهاد ليس بالضرورة من القتال فالدعوة جهاد (وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) الفرقان)
أما القتال حرب (فيقتلون ويُقتلون) وهذا أقوى الجهاد.

أي تضحية أكبر من أن يدفع الواحد نفسه فلا يبقى عنده مال ولا نفس؟ هذه أكبر ولذلك في الآية الأولى قال (ويدخلكم جنات) لما أدخلهم جنات هل بالضرورة أنها صارت مُلكهم؟ في الثانية قال (بأن لهم الجنة) كأنهم اشتروا الجنة فصارت تمليكاً لهم كأن الله تعالى اشترى منهم أنفسهم وأموالهم بالجنة، هذا تمليك أما في الآية الأولى فليس فيها تمليك فالإدخال ليس بالضرورة أن يكون تمليكاً، الثانية بيع وشراء هذا هو الفوز الأعظم
ولذلك قال فيها (ذلك هو الفوز العظيم).

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لمسات بيانية في سورة الأحزاب - (يقنت، يأت، تعمل) - د. فاضل السامرائي

لمسات بيانية في سورة الأحزاب - (يقنت، يأت، تعمل) - د. فاضل السامرائي
من برنامج لمسات بيانية - د. فاضل السامرائي/ د. حسام النعيمي
تفريغ سمر الأرناؤوط حصريًا لموقع إسلاميات


ما دلالة استخدام المذكر أولاً ثم المؤنث في قوله تعالى (يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) الأحزاب) ثم لماذا الخطاب مرة لجماعة الإناث ثم جماعة الذكور ؟

إجابة د.فاضل السامرائي :
ذكرنا أن (ما) و (من) لفظهما مذكر ومعناهما يختلف قد يدل على واحد أو أكثر، مذكر أو مؤنث، (من وما) تسمى من الأسماء المشترِكة تشترك في العدد والجنس سواء كانتا اسم استفهام أو اسم موصول، إذاً من حيث اللغة يجوز. العرب فى الغالب عندما تأتي (من) يبدأون بذكر ما يدل على لفظها ثم يبينون المعنى، لفظها مفرد مذكر يأتي أول مرة بالمفرد المذكر ثم يوضح المعنى.


أمثلة :
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة) (من يقول) جاءت للمفرد المذكر و(ماهم بمؤمنين) (هم) جمع ليبين المعنى، بدأ بالمفرد المذكر على اللفظ ثم بين معناه. (وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ (49) التوبة).

(وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ (99) التوبة).(وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) التوبة). هذا أمر جارٍ وهو الأفصح في اللغة والأكثر والأشيع أن تبدأ بالمفرد المذكر ثم تبين المعنى.

إذا طبقنا هذا على آية سورة الأحزاب (من يأت)و(من يقنت)مفرد مذكر ثم بين المعنى بـ(وتعمل). القاعدة النحوية هو أن الفعل يؤنّث ويذّكر فإذا كان الفعل مؤنثاً ووقع بين الفعل والفاعل فاصلاً ثم إن الخطاب الموجه لنساء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) هذا خطاب خاص بهن فجاء بصيغة خطاب الإناث أما في الآية (يريد الله ليذهب عنكم الرجز أهل البيت ويطهركم تطهيرا) هذا الخطاب يشمل كل أهل بيت النبوة وفيهم الإناث والذكور لذا اقتضى أن يكون الخطاب بصيغة المذكر.


سؤال: هل هذا مثل قوله تعالى (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ (30) يوسف)؟
لا هذا أمر مختلف، هذا غير (من) و(ما). يذكرون أيضاً قوله تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا (14) الحجرات) يقولون ومنهم الفرّاء وغيره أن الفعل لما يأتي ويسند إلى جمع جمع القلة يأتي بالتذكير ولما يأتي لجمع الكثرة يأتي بالتأنيث. فالنسوة جمع قلّة، كم واحدة قالت؟
قليل والأعراب كثير. فالقلة (قال نسوة) لأنهن قليلات هم جماعة الملكة وحاشيتها أما مع الأعراب قال (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا) فجاء بالتأنيث للدلالة على جمع الكثرة .فالعرب عندهم التأنيث يدل على عدد أكثر من التذكير (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ (11) إبراهيم.


سؤال:أليس التأنيث هنا لأن الجمع ليس له مفرد من جنسه؟
لا، هذا ليس له دخل.
مثال آخر: (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (183)آل عمران) جاءكم رسل، وفى آية أخرى (لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (43) الأعراف).

الأولى هي في بني اسرائيل الذين قالوا (الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ (183) آل عمران) كم واحد جاءهم بقربان تأكله النار؟ قليل.
أما الثانية ففى الآخرة يوم القيامة عند الحساب عندما يخاطب الله تعالى الناس، الآخرة يوم القيامة كل الرسل للدلالة على كثرة الرسل الذين بعثوا إليهم. .


مداخلة
حول آية (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ (37) الأحزاب) وكأن الله عز وجل يبيّن فيها زيادة تبرئة للنبي من الشبهات أن الله يريد إنهاء التبني وتبعيات وأن هذا الأمر شاق جداً حتى عليك أنت يا رسول الله فإذا أنت تخشى الناس أن تواجه بهذا الأمر فكيف بالآخرين؟!.
الله تعالى يبين للناس جميعاً أن هذا الأمر ثقيل حتى على رسول الله فلو لم يفعله ما كان لأحد أن يفعله وهذا فيه زيادة تبرئة وزيادة تأكيد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما فعله لأنه ملزم أن يفعله.

******************************************

إجابة د.حسام النعيمي:
الكلام هو لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهنّ. (ومن يقنت منكم) العلماء يقولون (من) لفظها لفظ مذكر ومعناها وفقٌ للسياق بما يوافق السياق. يعني ممكن أن تأتي (من) للمفرد المؤنث وتأتي للمفرد المذكر وتأتي للمثنى وتأتي لجمع الذكور وتأتي لجمع الإناث لكن لفظها لفظ مذكر فأنت تقول: من درس أو من يدرس. بعد ذلك يمكن أن تعيد عليها بالإفراد أو التثنية أو الجمع أو التذكير أو التأنيث فيمكن أن تقول: من يدرس ينجحون، من درس نجحوا، من درس نجحت، من درس نجحا، من درس ينجحون، فيقول مرة أعدت على اللفظ ومرة أعدت على المعنى. أنت ماذا تريد من المعنى؟ فإذا قلت : من درس نجحوا، تريد الذين درسوا نجحوا ويمكن إبتداءً أن تقول من درسوا نجحوا ومن درسن نجحن ومن درست نجحت لكن غالباً لو نظرنا في آيات القرآن الكريم نجد أنه مع (من) إبتداءً يُراعي لفظها لفظ المفرد المذكر فيقول مثلاً (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) طه) فأحياناً ينظر لمّا يكون الكلام على المفرد دائماً عن المفرد لكن لما يكون عن الجمع يبدأ بالإفراد مراعاة للفظ (من). (ومن يقنت) نظر إلى لفظ (من) أنه مذكر مفرد يقال (ومن يقنت) ثم بيّن (منكن) يعني من يقع منه القنوت منكن. فإذن (من) هنا روعي لفظها لأن قلنا لفظ (من) مفرد مذكر. المعنى هنا للمؤنث الجمع، ما الدليل على أن المعن للجمع المؤنث؟ الدليل أنه قال (منكن). فإذن في كلمة (يقنت) وهذا هو الماضي أولاً يبدأ بمراعاة لفظها ثم يُراعي معناها كأنما يعطي (من) حقها مرتين يعطي (من) حق اللفظ ثم يعطيها حق المعنى فقال (ومن يقنت منكن) راعى في كلمة (يقنت) حق اللفظ وهذه سُنّة العرب في كلامهم مع (من) تراعي حق اللفظ أولاً ثم تراعي حق المعنى.حتى يكون الكلام عاماً في البداية مع (من) (وتعمل صالحاً) راعى المعنى مع أنه لغة يجوز أن يقول (ومن يقنت منكن لله ورسوله ويعمل صالحاً نؤتها أجرها) هنا يكون قد راعى اللفظ فقط. وقُريء (ويعمل صالحاً) في السبعة و قرأ حمزة والكسائي (ويعمل صالحاً) معناها أن بعض قبائل العرب وفّقت بين الفعلين (يقنت – يعمل) ولا توجد قراءة (تقنت) لأنه خلاف لغة العرب.

لغة العرب تراعي لفظ (من) أولاً ثم تعكف عليه بمراعاة المعنى لأن اللفظ هو الظاهر والمعنى يأتي بعد ذلك فهي أولاً تراعي اللفظ ثم تعلّق عليه بمراعاة المعنى. ولو عكس لاعترضت العرب وقالوا هذا ليس من كلامنا. وشيء آخر يمكن أن نلحظه: طبعاً خمسة من القرّاء السبعة معناه أكثر القبائل العربية بل لغة قريش (من يقنت – وتعمل) لكن حمزة والكسائي أنهما كانا في الكوفة بعض قبائل العرب المحيطة بالكوفة وقرأوا بما أقرّه الرسول صلى الله عليه وسلم لهم وليس من عند أنفسهم وهذا نكرره دائماً وأن القراءة ليست من هوى النفس وإنما برواية. وقبائل العرب روت عن آبائهم الأمة أخذته عن الأمة لكن عموم القراء قرأوا (وتعمل).

لما ننظر (وتعمل صالحاً) هذا التأنيث تذكيره قد يُلبس لأن قبله (ورسوله) (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِوَتَعْمَلْ صَالِحًا) كأن العمل يعود على الرسول r فتفادياً لمثل هذا اللبس الذي قد يحدث قرأ الجمهور (وتعمل) ليس هذا هو السبب لكن كما قلت روعي اللفظ ثم المعنى ولكن لما روعي إبتعد هذا اللبس. الواو في (وتعمل) عاطفة على (ومن يقنت) ولذلك جزم.

في سورة يوسف قال (وقال نسوة) ولم يقل (قالت نسوة): قلنا هذا الجمع الذي هو جمع تكسير، النسوة جمع إمرأة لأن ليس لها مفرد من لفظه وهو جمع تكسير إذا قُدّر بالجمع وقال جمع النسوة يقول (قال) ولجماعة النسوة يقول (قالت جماعة النسوة).

لمسات بيانية في سورة الأحزاب - (يقنت، يأت، تعمل) - د. فاضل السامرائي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  لمسات بيانية من سورة القمر
الدكتور فاضل السامرائي



قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ) [القمر].



سأل سائل: لم وحد تعالى: (النهر) في هذه الآية ولم يجمعه مع أن الجنات قبله جمع بخلاف المواضع الأخرى من القرآن الكريم، فإنه إذا جمع الجنة، جمع النهر أيضاً فيقول: (جنات تجري من تحتها الأنهار)


والجواب: أنه جمع في لفظ (النهر) عدة معان وأعطى أكثر من فائدة لا يفيدها فيما لو قال: (أنهار) ذلك أنه علاوة على أن فواصل الآيات، تقتضي (النهر) لا (الأنهار) لأن آيات السورة على هذا الوزن فقد جاء قبلها: (وكل شيء فعلوه في الزبر * وكل صغير وكبير مستطر) وجاء بعدها : (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) فإن المعنى أيضاً ذلك من جهات أخرى منها:


أن النهر اسم جنس بمعنى الأنهار، وهو بمعنى الجمع[1]


والكثرة، ومنه قوله: صلى الله عليه وسلم "أهلك الناس الدينار والدرهم" والمراد بالدينار والدرهم الجنس لا الواحد.


وجاء في (معاني القرآن): "ونهر معناه أنهار وهو في مذهبه كقوله تعالى : (سيهزم الجمع ويولون الدبر)[2] وزعم الكسائي أنه سمع العرب يقولون: أتينا فلاناً فكنا في لحمة ونبيذة فوحد ومعناه الكثير " [3] .


ومنها: أن معاني(النهر) أيضاً السعة[4]


والسعة ههنا عامة تشمل سعة المنازل وسعة الرزق والمعيشة، وكل ما يقتضي تمام السعادة السعة فيه. جاء في (البحر المحيط): " ( ونهر) : وسعة في الأرزاق والمنازل " [5] .


وجاء في(روح المعاني): "وعن ابن عباس تفسيره بالسعة والمراد بالسعة سعة المنازل على ما هو الظاهر، وقيل: سعة الرزق والمعيشة، وقيل: ما يعمهما " [6] .


ومنها: أن من معاني(النهر) أيضاً الضياء [7] .


جاء في (لسان العرب): "وأما قوله عز وجل : (إن المتقين في جنات ونهر) فقد يجوز أن يعني به السعة والضياء ، وأن يعني به النهر الذي هو مجرى الماء، على وضع الواحد موضع الجميع... وقيل في قوله: (جنات ونهر) أي: في ضياء وسعة، لأن الجنة ليس فيها ليل، إنما هو نور يتلألأ " [8] .


وجاء في (معاني القرآن) للفراء: "ويقال: (إن المتقين في جنات ونهر) في ضياء وسعة " [9] .


وهذه المعاني كلها مرادة مطلوبة، فإن المتقين في جنات وأنهار كثيرة جارية، وفي سعة من العيش والرزق والسكن وعموم ما يقتضي السعة، وفي ضياء ونور يتلألأ ليس عندهم ليل ولا ظلمة.


فانظر كيف جمعت هذه الكلمة هذه المعاني كلها، إضافة إلى ما تقتضيه موسيقى فواصل الآيات بخلاف ما لو قال(أنهار)، فإنها لا تعني إلا شيئاً واحداً.


ثم انظر كيف أنه لما كان المذكورون هم من خواص المؤمنين، وهم المتقون وليسوا عموم المؤمنين أعلى أجرهم ودرجتهم، فقال: (ونهر) ولم يقل: (وأنهار) ولما أعلى أجرهم ودرجتهم وبالغ في إنعامهم وإكرامهم جاء بالصفة والموصوف بما يدل على المبالغة فقال: (عند مليك مقتدر) ولم يقل: (ملك قادر) فإن (مليك) أبلغ من (ملك) و(مقتدر) أبلغ من (قادر) فإن كلمة (مليك) على صيغة (فعيل) وهي أبلغ واثبت من صيغة (فعل)


[10].


جاء في (روح المعاني): " (عند مليك )، أي: ملك عظيم الملك، وهو صيغة مبالغة، وليست الياء من الإشباع" [11] .


ولما جاء بالصيغة الدالة على الثبوت، قال: (في مقعد صدق) "ذلك لأن هذا المقعد ثابت لا يزول، فهو وحده مقعد الصدق، وكل المقاعد الأخرى كاذبة، لأنها تزول إما بزوال الملك صاحبه، وإما بزوال القعيد، وإما بطرده، وهذا المقعد وحده الذي لا يزول، وقد يفيد أيضاً أنه المقعد الذي صدقوا في الخبر به " [12] .


هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، إن معنى الصدق ههنا يفيد معنى الخير أيضاً والجودة والصلاح[13] فجمعت كلمة (الصدق) ههنا معنيي الخير والصدق معاً، كما جمع (النهر) أكثر من معنى ثم انظر كيف أنهم لما صدقوا في إيمانهم وعملهم، كان لهم مقعد الصدق.


و(المقتدر) أبلغ أيضاً من (القادر) ذلك أن (المقتدر) اسم فاعل من (اقتدر) وهذا أبلغ من (قدر) فإن صيغة (افتعل) قد تفيد المبالغة والتصرف والاجتهاد والطلب في تحصيل الفعل بخلاف فعل[14]


ومنه اكتسب واصطبر واجتهد قال تعالى:


( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) [البقرة].


جاء في (الكشاف) في هذه الآية: "فإن قلت: لم خص الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت: في الاكتساب اعتمال، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس، وهي منجذبة إليه وأمارة به كانت في تحصيله أعمل وأجد، فجعلت لذلك مكتسبة فيه، ولما لم تكن كذلك في باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال " [15] .


وجاء في (البحر المحيط): "والذي يظهر لي أن الحسنات، هي مما تكتسب دون تكلف والسيئات ببناء المبالغة"[16] .


وقال سيبويه: "كسب: أصاب، واكتسب: تتصرف واجتهد " [17] .


فجاء ههنا، أي: في قوله: (مقتدر) بالصيغة الدالة على القدرة البالغة مع الملك الواسع الثابت.


فانظر كيف بالغ وأعظم في الأجر، وبالغ وأعظم في الملك، وبالغ وأعظم في القدرة لمن بالغ وجد في عمله وصدق فيه وهم المتقون.


ونريد أن نشير إلى أمر، وهو إطلاق وصف (المبالغة) على صفات الله نحو علام، وعليم، وغفور، وما إلى ذلك فقد توهم بعضهم أنه ينبغي أن لا يطلق على صفات الله وصف المبالغة، لأنها صفات الله وصف المبالغة، لأنها صفات حقيقية وليست مبالغاً فيها. وقد اعترض علي معترض ذات مرة بنحو هذا. مع أنهه من الواضح أن ليس المقصود كما ظن الظان أو توهم فالمقصود أن هذا البناء يفيد كثرة وقوع الفعل، وليس المقصود أن الأمر مبالغ فيه. فـ (عليم) أبلغ من (عالم) و(صبور) أبلغ من (صابر) ذلك أن الموصوف بعليم معناه أنه موصوف بكثرة العلم، وليس المقصود أن صاحبه وصف بهذا الوصف وهو لا يستحق أن يوصف به فكان الوصف به مبالغة.


ولا نريد أن نطيل في كشف هذه الشبهة، فإنها فيما أحسب لا تستحق أكثر من هذا.



الهوامش :

[1] الكشاف 3/186، والبحر المحيط 8/184، روح المعاني 27/958


[2] سورة القمر 45


[3] معاني القرآن 3/111


[4] لسان العرب (نهر 7/96، القاموس المحيط (نهر 2/150، تاج العروس 3/591، الكشاف 3/ 186


[5] البحر المحيط 8/184


[6] روح المعاني


27/95 [7] لسان العرب (نهر 7/96، تاج العروس (نهر 3/591، الكشاف 3/186


[8] لسان العرب


7/96[9] معاني القرآن 3/111 وانظر الكشاف 3/186


[10] انظر كتاب (معاني الأبنية بابي صيغ المبالغة والصفة المشبهة.


[11] روح المعاني 27/96


[12] البحر المحيط 8/184


[13] البحر المحيط 8/184


[14] انظر كتاب سيبويه 2/241 شرح الشافيه للرضي 1/110، البحر المحيط 2/366


[15] الكشاف 1/308


[16] البحر المحيط 2/366


[17] كتاب سيبويه 2/241، وانظر لسان العرب(كسب) 2/211




عن موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لمسات بيانية الحلقة 121

 

سورة الجن

 

سؤال : قال تعالى في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)) في سورة النساء قال (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)) فما الفرق بين خالدين وخالداً؟

 

الآية الكريمة في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) وفي النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) قال خالدين في سورة الجن بالجمع وخالداً بالإفراد في النساء. الوعيد بالعذاب في آية النساء أشد (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) أشد لأنه عذاب بالنار وبالوحدة، في الجن قال خالدين بالجمع وهنا قال خالداً يعني منفرداً لأن الوحدة عذاب حتى لو كان في الجنة، يكون وحده ليس معه أحد ولا يتكلم مع أحد هذا شيء ثقيل جداً. إذن مبدئياً العذاب في آية النساء أشد، الوعيد. لماذا هو أشد؟ قال في سورة الجن (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ) وقال في سورة النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) هذا زيادة. العصيان يعني عدم الطاعة وتعدي الحدود عدم الطاعة ولكن فيها إضافة قد تكون هنالك حدود في أمور معينة (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا (187) البقرة) (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا (229) البقرة) هذه إضافة إلى العصيان لأن أحياناً مجرد العصيان ليس بالضرورة كفر مجرد المعصية لأن الإنسان قد يعصي ربه في شرب خمر أو سرقة أو زنا. (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) هذه زيادة. الجريرة هنا جريرتان عصيان وتعدٍ الحدود، في الجن ذكر العصيان فقط وفي النساء ذكر العصيان وتعدي الحدود ولذلك قال (وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) إضافة إلى النار له عذاب مهين فإذن هنالك سبب دعا إلى هذا الاختلاف ولذلك لا تجد في أصحاب الجنة خالداً مطلقاً وإنما دائماً خالدين لأنه ليس هناك وحدة بينما في النار فنجد خالدين وخالداً.

 

 

سؤال: ربما تكون (من) هنا للجمع أو للمفرد، هل (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) تعني مفرد أو جمع؟

 

(من) تحتمل لأن كلمة خالدين خلّصتها للجمع. وأيضاً هنالك أمر آخر بياني حسّن استخدام الجمع في آية الجن وهو ذكر اجتماع الكفرة على رسوله (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) الجن) هذا اجتماع، هؤلاء خالدين بزمرتهم. مما حسّن الإفراد في آية سورة النساء أنهم أقل من المذكورين لأنه عصيان وتعدي الحدود فيه قلة ومن ناحية أخرى حسّن القلّة نسبياً. إذن من كل وجه صار الإفراد في آية النساء أنسب في السياق وخالدين في آية الجن أنسب في السياق.

 

سؤال: هل لنا أن نفهم في آية النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) يتعدى حدود من؟ الله أو الرسول؟ هل العطف يعود على الأقرب؟

 

العطف ليس بالضرورة يعود على الأقرب لأن ما حدّه الرسول هو ما حدّه الله، يعني يتعدى حدوده أي حدود الله.

 

سؤال : قال تعالى في آية النساء (يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) هل لنا أن نسقم العذاب بحسب الجريرة، يعني ناراً خالداً فيها بسبب العصيان وله عذاب مهين بسبب تعدي الحدود؟

الله أعلم، ليست هنالك قرينة سياقية تحدد صورة معينة للعذاب مع خطيئة محددة. ذكر مهين أنهم تعدوا الحدود، استخفوا بحدود الله فأهانهم أي أذلّهم، لأن العذاب ليس بالضرورة مهين قد يكون فيه عذاب أليم أن تضربه مثلاً. ليس العذاب مهيناً بالضرورة ولهذا هنالك في القرآن عذاب عظيم، وشديد ومهين وأليم، عذاب مُذِل يعني أمام الناس تفضحه وتجعله يفعل أشياء.

 

 

سؤال : في الجن قال (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) وفي النساء (خَالِدًا فِيهَا) هل تضيف كلمة (أبداً) لخالدين من حيث الدلالة الزمنية على الأقل؟

 

لما يكون تفصيل غالباً تضيف (أبداً) لكن هنا قال (وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ). (أبداً) يعني غير منقطع مستمر. الخلود هو البقاء الطويل أيضاً هو في القرآن خالداً لكن (أبداً) تأكيد للمسألة.

 

 

سؤال : هل هنالك خلود في النار؟ أم من يقضي سيئاته سيخرج ويذهب إلى الجنة؟ ماذا يحتمل سياق الآية من الناحية اللغوية؟

 

أنا أعرف أن الخلود هو البقاء غير المنقطع والدوام و(أبداً) يؤكد هذا المعنى، هذا الذي أفهمه من اللغة.

 

سؤال : ليتنا نأتي على كل الآيات نقوم بعمل دراسة في القرآن الكريم على من يذهب والعياذ بالله أعاذنا منها إلى النار ونبحث مدة البقاء فيها، هنالك من يجلس في النار وهنالك من (خالدين فيها أبداً) (خالداً فيها) (وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) البقرة) وهناك البعض يقول يقضي ما عليه من السيئات ثم يخرج منها.

 

إذا كان مسلماً يقضي من السيئات ما يقضي ثم يخرج بعدها (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران) (وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ (40) الأعراف) معاصي مختلفة، هذا الباب الدخول فيه والكلام فيه يحتاج لحذر شديد وربنا تعالى ذكر أن من يقتل نفساً بغير نفس خالداً فيها لكن كثير من الناس قال هذه تغليظ عقوبة القتل.

 

 

سؤال : هل هناك دليل في القرآن على هذا؟

 

هم يقولون بالنسبة للمسلم يستندون للأحاديث ” من قال لا إله إلا”.

 

 

سؤال : في قوله تعالى (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) ما معنى (ما يوعدون)؟

 

(ما يوعدون) يحتمل أمرين كما يقول المفسرون: إظهار النصر عليهم ربنا تعالى ينصر نبيه ومن تبعه عليهم في بدر مثلاً كما يحتمل يوم القيامة، يحتمل أنهم يرون ما يوعدون في غلبة المسلمين عليهم وهذا حصل (حتى إذا رأوا ما يوعدون أي الكفار) فإذن يحتمل ما يوعدون من إظهار النصر عليهم ويحتمل أن يراد به يوم القيامة. هذه الآية مرتبطة بقوله تعالى (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) يعني هم استضعفوه، رأوا قلة أتباعه فربنا توعدهم وقال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) بالنصر عليهم، هذا تهديد. ومرتبطة أيضاً بقوله تعالى (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)) فإذن هذه الآية وعيد لهم في الدنيا والاخرة والله أعلم، ما يوعدون في الدنيا من نصر عليهم وما يلقونه من العذاب يوم القيامة.

 

استطراد من المقدم: هل هناك مشكلة في اللغة العربية لدرجة أن هنالك بعض السخرية في الدراما المصرية يقولون “معه دكتوراه في (حتى) والبعض قال “أموت وفي نفسي شيء من (حتى)؟

(حتى) ليس فيها إشكال، نسمع هذه المقولة لكن (حتى) محدودة ومعروفة في كتب النحو تكون حرف جر وتكون حرف عطف وتكون حرف ابتداء وتكون ناصبة لكن هل هي ناصبة أو حرف جر هذه اختلف فيها بين البصريين والكوفيين.

 

 

سؤال : في سورة مريم قال تعالى (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا (75)) ما الفرق بينها وبين آية الجن؟

 

هناك فرق في ناحيتين أو أكثر هنا في سورة الجن قال (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ) لم يفصل ما يوعدون أما في مريم جاء بأداة تفضيل (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ)، هناك أجمل (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ) وهنا فصّل (إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ). واختلف مسألة العلم ماذا سيعلمون في الجن قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) وفي مريم قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) إذن صار اختلاف في التفصيل ثم سبب الاختلاف في هذا المعلوم ماذا يعلم هؤلاء وماذا يعلم هؤلاء؟.حتى السؤال لماذا هذا الاختلاف؟ ذكرنا الإختلاف لكن ما ذكرنا الداعي لهذا الاختلاف بين السياقين: التفصيل في مريم والإجمال في الجن كلٌ له سببه، التفصيل في مريم هو تقدّم الآية ذكر العذاب وذكر الساعة بطلام طويل قبل هذه الآية (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)) هذه فيها عذاب والساعة وهناك ليس فيها إلا هذه الآية. بعدها قال (كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)). في سورة الجن ما قال (وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)) جزء من آية بينما هناك تفصيل في ذكر العذاب والساعة فناسب التفصيل التفصيل والإجمال الإجمال. يبقى هنالك (إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ (75) كريم) هذا ما يوعدون به، العذاب محتمل العذاب الدنيوي بغلبة المؤمنين كما ذكرنا في آية الجن فيكون هذا مناسباً لما تقدم الآية أيضاً (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)) هذه في الدنيا ومناسب لما ختمت به السورة (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98) كريم). إذن إذا كان عذاب الدنيا فله أيضاً في السياق ما يؤيده وإذا كان الساعة الستعة مذكورة فله في السياق أيضاً ما يؤيده. إذن التعبير في هذا التفصيل  له ما يدعو إليه ويناسبه في السياق ولم يكن مثلما ذكر في سورة الجن الذي هو جزء من آية. هذا من حيث التفصيل يبقى من حيث الاختلاف في العلم. في سورة الجن قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) وفي مريم قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا (75)) اختلف المعلوم. لا نعلم إن كانوا هم نفس الفئة لكن يبدو أن السياق ليسوا هؤلاء لأنه اختلف ما يعلمونه. سورة الجن مناسبة واضحة (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) لأنه كان فرداً وأنصاره قليل واجتمعوا عليه (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)) كان ضعيفاً استضعفوه فقال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)) (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ (26) الأنفال) إذن هو مستضعف فقال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) استضعف وليس له أنصار هو فرد فهددهم ربنا

بهذا (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا)، هم يرون الرسول r ليس له أنصار فاستضعفوه هم يرون الرسول أضعف ناصراً وأقل عدداً من وجهة نظرهم وهذا أسلوب سخرية فقال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) هم استضعفوه واجتمعوا عليه فيسعلمون من هو أضعف ناصراً وأقل عدداً، هذا تهديد. في مريم قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا (75)) (مكاناً منصوب على التمييز) وهي مناسبة لما تقدم قال قبل هذه الآية: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)) يعتزون بمكانتهم أي الفريقين من نزل عليه الوحي وهم؟ يدلون عليهم ويتبجحون أيّ الفريقين نحن أم أنتم خير مقاماً؟ (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا (75)) وكأنه رد من الله سبحانه وتعالى عليهم لأنهم تبجحوا وقالوا (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) ليس فقط المقام وإنما المكان والمكان أوسع من المقام، المقام مكان القيام في الأصل وهو محدود والمكان عام. جاء بصفة عكس التي قالوها ووسع المكان (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) لأنهم هم قالوا (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) الندي هو المكان الذي يجتمعون فيه وفيه الأعوان والأنصار الجنود ومن ينصرونهم، الندي من النادي المجلس الجامع لوجوه القوم قومهم وجندهم وأعوانهم وأنصارهم (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) ردّ عليهم بأسلوب يلائمهم هم لأنهم لما تبجحوا كثيراً كان الرد فيه قسوة عليهم. وهنالك فرق آخر: قال في سورة الجن (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا) وفي مريم

 

قال (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) جاء بـ (هو). يعني الآن هو سيصير أوسع. (مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا) (من) تحتمل أمرين إما أن تكون إسم استفهام أو إسم موصول بمعنى الذي وليس هنالك قرينة سياقية تحدد معنى معيناً والأمران مرادان. إذا كانت (من) إسم موصول بمعنى الذي أضعف ناصراً فستصير أضعف خبر لمبتدأ محذوف يعني من هو أضعف. (أضعف) إذا كانت (من) إسم استفهام (من) مبتدأ و(أضعف) خبر وإذا كانت (من) إسم موصول (من) مفعول به لفعل (فسيعلمون) و(أضعف) خبر لمبتدأ محذوف و(هو أضعف) جملة صلة. إذن هنالك خبر لمبتدأ محذوف وفي سورة مريم المبتدأ مذكور (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) والذكر أقوى وآكد من الحذف. فهنالك أمرين يحسن ذكر (هو) الأول تفصيل الذي في مريم من العذاب وما إلى ذلك وهنا ذكر وتفصيل وهناك إيجاز أوجب الحذف، هذا أمر. والأمر الآخر أنهم تبجحوا بمكانهم (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) لم يقولوا هذا الشيء في آية الجن، هم تبجحوا في مقامهم وفي مكانتهم فربنا أكّد ضعف هذا المجلس فجاء بـ (هو) (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضْعَفُ جُندًا) للتأكيد على ضعفه. ثم قال (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)) فإذن هم تبجحوا بمقامهم وربنا رد عليهم (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)) أحسن من هؤلاء فأكّد أن (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا) تبجحوا بالمكان فصاروا شر مكاناً فصار تأكيد من ناحيتين من ناحية التفصيل ومن ناحية أنهم شر مكاناً.

 

اسلاميات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لمسات بيانية في سورة الليل

للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي

استاذ الآدب في كلية اللغة العربية في  جامعة الشارقة

 

 

والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى

ما الحكم البياني في استخدام بالفعل المضارع (يغشى) مع الليل والفعل الماضي (تجلى) مع النهار؟

سورة الليل تبدأ بقوله تعالى (والليل إذا يغشى) هو سبحانه أقسم بالليل وقت غشيانه ونلاحظ ان المفعول لفعل يغشى محذوف فلم يقل سبحانه ماذا يغشى الليل، هل يغشى النهار او الشمس لأنه سبحانه أراد ان يطلق المعنى ويجعله يحتوي كل المعاني المحتملة.(والنهار إذا تجلى) أي كشف وظهر.

واستعمال صيغة المضارع مع فعل يغشى هو لأن الليل يغشى شيئاً فشيئاً بالتدريج وهو ليس كالنهار الذي يتجلى دفعة واحدة بمجرد طلوع الشمس. أي ان عملية الغشيان تمتد ولذا احتاج الفعل لصيغة المضارع، اما النهار فيتجلى دفعة واحدة لذا وجب استخدام صيغة الماضي مع الفعل تجلى. والآيات هنا مشابهة لآيات سورة الشمس في قوله تعالى: (والنهار إذا جلاها، والليل إذا يغشاها) فصيغة الافعال متعلقة بالتجلي والغشيان.

 

وما خلق الذكر والأنثى

فا حكم (ما) في هذه الآية؟

هناك احتمالان لمعنى (ما): الاول أن (ما) اسم موصول بمعنى الذي. ويعتقد الكثيرون ان (ما) تستخدم لغير العاقل فيقولون (ما) لغير العاقل و(من) للعاقل ولكن الحقيقة أن ما تستعمل لذات غير العاقل كما في قوله: (يأكل مما تأكلون منه ويشر مما تشربون) ولصفات العقلاء كما في قوله: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) (ونفس وما سواها) ويؤتى بها في التفخيم والتعظيم في صفات العقلاء، ولذلك قال تعالى (وما خلق الذكر والانثى) ويعني به ذاته العلية.

ويحتمل ان تكون مصدرية بمعنى (وخلق الذكر والانثى)اي أنه سبحانه يقسم بخلق الذكر والانثى وليس بالخالق. وعليه فإن (ما) تحتمل أمرين إما ان الله عز وجل يقسم بذاته او أنه يقسم بفعله الذي هو خلق الذكر والانثى. فلو أراد تعالى أن ينص على أحد المعنيين لجاء بذلك ولقال سبحانه (والذي خلق الذكر والانثى) وتأتي ما بمعنى اسم موصول كما سبق أو قال سبحانه (وخلق الذكر والانثى) لتعطي معنى القسم بالفعل الذي هو خلق الذكر والانثى، ولكن الصورة التي جاءت عليها الآية تفيد التوسع في المعنى فهي تفيد المعنيين السابقين معاً وكلاهما صحيح.

فيبقى مجال الترجيح في المجيء هنا بـ (ما) والاحتمال هو مقصود لإرادة ان يحتمل التعبير المعنيين الخلق والخالق، كلاهما مما يصح أن يقسم به خلقه والخالق وربنا سبحانه يقسم بخلقه ويقسم بذاته. و لو أردنا ان نرجح لقلنا أن القسم هنا القسم بالخالق والله أعلم . (وما خلق الذكر والانثى) لم يقسم بالمخلوق وإنما اقسم بالمصدر (أي خالق الذكر والانثى) أما الليل والنهار فهما مخلوقان فإذا اردنا المخلوق نؤل المصدر بالمفعول أحياناً فيصبح تأويل بعد تأويل أحياناً يطلق على المصدر ويطلق على الذات مثال: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه) أحياناً يراد بالمصدر الذات. والخلق ليس مثل الليل والنهار.

مثال: زرعت زرعاً في اللغة العربية زرعاً هي المصدر وأحياناً يضع العرب المصدر موضع الذات كقوله (نخرج به زرعاً تأكل منه أنعامهم) فالزرع هنا اصبح الذات واليس المصدر.

 

سؤال: يقول السيد مصطفى ناصف في السياق اللغوي ان السياق هو الحقيقة الاولى والكلمة خارج السياق لا تفي بشيء وفائدة السياق اللغوي انه يحول معنى الكلمة من التعدد والاحتمال الى التحديد والتعيين. فلماذا لم يحدد ربنا في هذه الآية معنى (ما) ولم يترك المعنى هكذا بدون تحديد؟

جواب: هناك مبدأ عام في اللغة العربية: الجمل في اللغة على نوعين:

  • ذات دلالة محددة معينة قطعية (أحل الله البيع وحرم الربا)

  • ذات دلالة احتمالية (اشتريت قدح ماء) هنا تدل الجملة على احد امرين: إما ان اكون اشتريت القدح وإما ان اكون اشتريت ماء بقدر قدح. فإذا قلنا (اشتريت قدحاً ماءً) دلت الجملة على معنى واحد قطعي اني اشتريت الماء قطعاً ولا يحتمل ان تكون اشتريت القدح بتاتاً

ومثال ذلك ايضاً لا النافية للجنس فهي قطعية كقولنا: لا رجل حاضر، فإذا قلنا: لا رجلاً حاضراً تحتمل الجملة إما نفي الجنس (الرجال) او نفي الوحدة (ولا حتى رجل واحد حاضر)

وفي تحديدنا لهذه المعاني للجمل يجب مراعاة ما يريد المتكلم البليغ هل يريد الاحتمال او القطع.فالذي يريد الاحتمال له غرض من ارادة الاحتمال والذي يريد القطع له غرض من ارادة القطع وهنا تتفاوت البلاغة فالمتكلم البليغ يختار الجملة التي تؤدي المعنى الذي يريده. فالسياق لا يمكن ان يؤدي الى بيان المقصود لأن المقصود قد يكون هو الاحتمال بحد ذاته في القرآن يحذف حرف الجر وقد يكون هناك اربع احتمالات ومع هذا حذف الحرف لأن هذا ما أراده الله تعالى .

 

وما خلق الذكر والأنثى

ما المراد بالذكر والانثى هنا؟

قسم من المفسرين قالوا ان الذكر هنا هو الجنس البشري وقسم آخر قال انه كل ذكر او انثى من المخلوقات جميعاً بلا تحديد وهذا الذي يبدو على الارجح لأن سياق الآيات كلها في هذه السورة في العموم والله اعلم.

 

إن سعيكم لشتى

ما علاقة القسم (والليل اذا يغشى…) بهذا الجواب؟

منذ بداية السورة أقسم الله تعالى بأشياء متضادة: يغشى ، يتجلى، الذكر، الانثى، الليل، النهار فجواب القسم شتى يعني متباين لأن سعينا متباين ومتضاد فمنا من يعمل للجنة ومنا من يعمل للنار فكما ان الاشياء متضادة فان اعمالنا مختلفة ومتباينة ومن هذا نلاحظ أنه سبحانه أقسم بهذه الاشياء على اختلاف السعي (ان سعيكم لشتى) واختلاف الاوقات (الليل والنهار) واختلاف الساعين (الذكر والانثى) واختلاف الحالة (يغشى وتجلى) واختلاف مصير الساعين (فاما من أعطى … وإما من بخل واستغنى)

 

والليل إذا يغشى  والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى

لماذا هذا الترتيب؟

نلاحظ ان الله تعالى بدأ بالليل قبل النهار لأن الليل هو اسبق من النهار وجوداً وخلقاً لأن النهار جاء بعد خلق الأجرام وقبلها كانت الدنيا ظلام دامس والليل والنهار معاً اسبق من خلق الذكر والانثى وخلق الذكر اسبق من خلق الانثى (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) فجاء ترتيب الآيات بنفس ترتيب الخلق: الليل اولاً ثم النهار ثم الذكر ثم الانثى وعلى نفس التسلسل.

 

ما الحكم في عدم استخدام كلمة الزوجين في الآية ( وما خلق الزوجين الذكر والانثى)؟

كما يأتي في معظم الآيات التي فيها الذكر والانثى كقوله تعالى:( (فجعل منه الزوجين الذكر والانثى)(سورة القيامة) وقوله: (وأنه خلق الزوجين الذكر والانثى)(سورة النجم) وانما قال: (وما خلق الذكر والانثى) بحذف الزوجين؟

 

إذا استعرضنا الآيات في سورة القيامة نرى ان الله سبحانه وتعالى فسر تطور الجنين من بداية (ألم يك نطفة الى قوله فجعل منه الزوجين الذكر والانثى) فالآيات جاءت اذن مفصلة وكذلك في سورة النجم (وأنه هو اضحك وأبكى الى قوله ,انه خلق الزوجين الذكر والانثى). لقد فصل سبحانه مراحل تطور الجنين في سورة القيامة وفصل القدرة الالهية في سورة النجم أما في سورة الليل فإن الله تعالى أقسم بلا تفصيل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى قوله تعالى (إن سعيكم لشتى) يقتضي عدم التفصيل وعدم ذكر الزوجين. لماذا؟ لأن كلمة الزوج في القرآن تعني المثيل كقوله تعالى (وآخر من شكله أزواج) وكلمة شتى تعني مفترق لذا لا يتناسب التماثل مع الافتراق فالزوج هو المثيل والنظير وفي الآية (إن سعيكم لشتى) تفيد التباعد فلا يصح ذكر الزوجين معها. الزوج قريب من زوجته مؤتلف معها (لتسكنوا اليها) وكلمة شتى في الآية هنا في سورة الليل تفيد الافتراق. فخلاصة القول اذن ان كلمة الزوجين لا تتناسب مع الآية (وما خلق الذكر والانثى)من الناحية اللغوية ومن ناحية الزوج والزوجة لذا كان من الانسب عدم ذكر كلمة الزوجين في الآية.

 

هل يستوجب القسم في السورة هذا الجواب (إن سعيكم لشتى)؟

المقصود في السورة ليس القسم على أمر ظاهر او مشاهد مما يعلمه الناس ولكن القسم هو على أمر غير مشاهد ومتنازع فيه والله تعالى أوضح القسم (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) هذا الامر متنازع فيه واكثر الخلق ينكرونه (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) عموم الخلق لا يعلمون (فأما من أعطى…) ويتنازعزن فيه. والسعي هنا لا يدل على السعي في امور الدنيا من التجارة والزراعة والصناعة وغيرها  وانا السعي للآخرة. وكذلك قال تعالى (سعيكم) وكأنه يخاطب المكلفين فقط وليس عامة الناس ولذا أكد باللام أيضاً في (لشتى) ولم يقل إن السعي لشتى.

 

فأما من أعطى واتقى  وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى

لماذا لم يذكر المفعولين لفعل أعطى؟

اذا تدارسنا سورتي الليل والشمس لوجدنا ان القسم في سورة الليل وجواب القسم مطلق (والليل إذا يغشىk والنهار إذا تجلىk وما خلق الذكر والانثىk) كلها مطلقة فلم يقل ماذا يغشى الليل ولم يحدد الذكر والانثى من البشر وكذلك جواب القسم في سورة الليل (ان سعيكم لشتى) مطلق ايضاً وكذلك (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) اطلق العطاء والاتقاء والحسنى.

أما في سورة الشمس (والشمس وضحاها والقمر اذا تلاها والنهار اذا جلاها والليل اذا يغشاها والسماء وما بناها والارض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاهاوقد خاب من دساهاكذبت ثمود بطغواهاk..) في هذه الآيات تحديد واضح فقد قال تعالى يغشاها وجلاها وكذلك حدد في (ونفس وما سواها) خصص بنفوس المكلفين من بني البشر وكذلك في (كذبت ثمود بطغواها) محددة ومخصصة لقوم ثمود.

فكأنما سورة الليل مبنية كلها على العموم والاطلاق في كل آياتها. وقد أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء (الليل والنهار وخلق الذكر والانثى) وذكر ثلاث صفات في المعطي (أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) وثلاث صفات فيمن بخل (وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى)

 

في الآية (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) لم يذكر المفعولين المعطى والعطية والمراد بهذا اطلاق العطاء فلم يذكر المعطى او العطية لأنه أراد المعطي والمقصود اطلاق العطاء سواء يعطي العطاء من ماله او نفسه فقد يعطي الطاعة والمال ونفسه كما نقول يعطي ويمنع لا نخصصه بنوع من العطاء ولا بصنف من العطاء. وقد يرد في القرآن الكريم مواضع فيها ذكر مفعول واحد المراد تحديده وحذف مفعول يراد اطلاقه كقوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) و (إنا اعطيناك الكوثر) أما في سورة الليل فحذف المفعولين دليل على العموم والاطلاق.

 

فعل أعطى هو فعل متعدي ولازم فهل نقول على هذا الفعل أن السلوك الخاص به في الجملة سلوك لازم أي فعل متعدي أم حذف مفعول؟ قسم يقول أنه هذا حذف وقسم يقول عدم ذكر. حذف عندما يقتضي التعبير الذكر، مثل جملة الصفة لا بد ان يكون فيها ضمير يعود على الموصوف (يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والابصار) ويمكن أن نحذف كما في قوله تعالى: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) هذا حذف. العائد للذكر فإذا حذف نقول محذوف كقوله: (ذرني ومن خلقت وحيدا) حذف الهاء في (خلقته). فيما عدى الذكر تنزيل المتعدي منزلة اللازم: لا يحتاج الى مفعول (ان في ذلك لآيات لقوم يعلمون) او لقوم يفقهون، يسمعون، لا يحتاج هنا الى مفعول ولا يريد ان يقيد العلم بشيء. وفي قوله: (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك من الله شيئاً) أراد أصل المسألة فلم يرد أن يقيد السمع أو البصر بشيء معين أما في (ولا يغني عنك من الله شيئاً) فيها ذكر واطلاق، وهل المعنى لا يغني عنك إغناءً او شيئاً من الأشياء؟ كل واحدة لها معنى وليست الاولى كالثانية.

 

كذلك الفعل (اتقى). معنى اتقى هو احترز وحذر. والفعل اتقى هنا يراد به الاطلاق أيضاً ولم يقيده سبحانه بشيء فقد يقول (اتقوا النار او اتقوا يوماً) ولكن هنا جاء الفعل مطلقاً. فأما من أعطى واتقى تدل على أنه اتقى البخل.

الحسنى: اسم تفضيل وهو بمعنى تأنيث الأحسن كما نقول (العليا – الاعلى، الدنيا – الادنى) والحسنى هو وصف مطلق لم يذكر له موصوف معين. وصدق بالحسنى معناها أنه صدق بكل ما ينبغي التصديق به قسم يقول انها الجنة وقسم يقول الحياة الحسنى وآخر الكلمة الحسنى (لا إله إلا الله) او العاقبة الحسنى في الآخرة وقسم يقول إنها العقيدة الحسنى  ولكنها في الحقيقية تشمل كل هذه المعاني عامة، فكما حذف مفعولي أعطى واتقى للإطلاق أطلق الحسنى بكل معانيها بحذف المفعول وحذف الموصوف. ولو أراد سبحانه أن يعين الموصوف لذكره وحدد الفعل كما في قوله (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) ولكنه أطلق لتتناسب مع باقي الآيات في السورة، فإذا اراد أن يطلق حذف.

 

لماذا الترتيب على النحو التالي: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره للحسنى)؟

هناك أكثر من سبب لذلك فقد قال قسم من المفسرين ان التقديم في سبب النزول لأن هذه الآيات نزلت في شخص فعل هذه الافعال بهذا التسلسل وقالت جماعة أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخرى قالت انها نزلت في علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

وترتيب العطاء ثم الاتقاء لأنه سبحانه بدأ بالأخص ثم ما هو أعم ثم ما هو أعم. كل معط في سبيل الله متقي ولكن ليس كل متق معطي فالمعطي إذن أخص من المتقي. وكل متق مصدق بالحسنى لكن ليس كل مصدق بالحسنى متق لذا فالمتقي أخص من المصدق بالحسنى وعلى هذا كان الترقي من الأخص إلى الأعم.

إن سعيكم لشتى والسعي هو العمل وأقرب شيء للسعي هو العطاء. أما الإتقاء ففيه جانب سعي وجانب ترك كترك المحرمات وعلى هذا نلاحظ أن الآيات رتبت بحيث قربها من السعي أي بتسلسل العطاء ثم الاتقاء ثم التصديق وهو الاقل والابعد عن السعي.

 

وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى

المجتمع يتكون من الذكر والانثى وأهم شيء يقدمه الانسان للمجتمع هو العطاء فهو اذن الدعامة الاولى لبناء المجتمع فعلى الانسان ان يكون معطياً لآ آخذاً وهذا يعني التآزر والتكافل ثم يلي ذلك الإتقاء وهو أن يحذر من الإساءة إلى الآخرين كما يحذر أن يضع نفسه في موضع الإساءة (أي يقي نفسه ويحفظ مجتمعه الذي هو فيه) لذا يأتي الإتقاء بعد العطاء. أما التصديق بالحسنى فهي من صفات المجتمع المؤمن وهي من الصفات الفردية فالمصدق بالحسنى لا يفرط في حقوق الآخرين . وعلى هذا الأساس قدم الله تعالى ما هو أنسب للمجتمع عامة: العطاء ثم الإتقاء ثم التصديق بالحسنى.

 

فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى

ما معنى (فسنيسره لليسرى)؟

اليسرى في اللغة هي تأنيث الأيسر مضاد الأعسر او الأشق، يقال الامر اليسير والامر العسير، فاليسرى هو اسم تفضيل من الدرحة الثالثة أي اعلى درجات التفضيل.

الحكم النحوي لليسرى: اذا كان اسم التفضيل مجرداً من (أل) او الإضافة او مضاف الى نكرة يصح التذكير (استخدام صيغة المذكر) فيقال أفضل رجل وافضل امرأة. أما اذا أضيف الاسم الى معرفة جاز فيه المطابقة وعدم المطابقة، فإذا عرف بـ(أل) وجبت المطابقة إلا إذا لم يسمع او لم يرد عند العرب. يقال: النار الكبرى.

استخدام كلمة اليسرى جاء بالدرجة العليا من التفضيل من ناحية ونلاحظ انه ذكر الصفة ولم يذكر الموصوف ولو أراد أن يقيد او يحدد امراً محدداً لذكر وقال مثلاً الخلة اليسرى او العاقبة اليسرى او غيره تماما كما جاء في الاستخدام المطلق لكلمة الحسنى في الآية السابقة كما ورد ذكرها آنفاً.

واليسرى يطلق على كل ما هو الايسر سواء من أعمال الدنيا او الآخرة، واليسرى تدور حول ثلاث محاور: الول: ان ييسر على غيره امورهم ويسعى في حاجتهم ويعينهم ويغيثهم ويعطيهم بمعنى يسر الله لخير غيره. والمحور الثاني أنه تتيسر اموره كلها ةتكون سهلة وميسرة عليه فيما يريد من أي ضيق وحالة تصيبه مداقاً لقوله تعالى: (يجعل له من أمره يسرا)، والمحور الثالث هو الآخرة بمعنى أن الله تعالى ييسره لدخول الجنة بيسر وسهولة وهذه عاقبة المحورين الاولين. إذن هي ثلاثة محاور تندرج تحت (فسنيسره لليسرى) وهذا مفهوم الآية.

 

ورد في القرآن (ونيسرك لليسرى) وهنا جاءت الآية (فسنيسرك لليسرى) لماذا هذا الاختلاف؟

السين في اللغة تفتيد الاستقبال عند النحاة بالاجماع وكثير منهم يذهب الى ان السين تفيد التوكيد (يعني الاستقبال مع التوكيد) السين وسوف يفيدان التوكيد والاختلاف بينهما هو ايهما ابعد زمنا لكن الاثنين يفيدان الاستقبال مع التوكيد وقد بدأ بهذا الرأي الزمخشري، فالسين اذن هي للاستقبال المؤكد.

في الآية الكريمة (ونيسرك لليسرى) هي خطاب للرسول الكريم r والرسول أموره كلها ميسرة دائماً في الحال وفي المستقبل لذا قال تعالى: ونيسرك لليسرى. أما في الآية (فسنيسرك لليسرى) فهي جاءت بعد الآية (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) بمعنى أن التيسير لليسرى في هذه الآية مرتبط بالعطاء والإتقاء والتصديق بالحسنى، فإذا أعطينا واتقينا وصدقنا بالحسنى عندها سييسرنا الله لليسرى.

 

ما ارتباط (فسنيسرك لليسرى) بما قبلها؟

كما قلنا سابقاً التيسير لليسرى جاء على ثلاث محاور وقد قال تعالى: (فإما من أعطى) مرتبط بالمعنى الاول لأن الذي يعطي ييسر على الآخرين فأعانهم، الاعطاء هنا ينطبق على القسم المحور الاول من محاور التيسير. (واتقى) قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا) اتقى هنا تأتي مرتبطة بالمحور الثاني من محاور التيسير أي أن الله تعالى ييسر له اموره كلها. (وصدق بالحسنى) مرتبط بالمحور الثالث لليسرى لأن الله تعالى يجعل له العاقبة الحسنى ويدخله الدار الحسنى (للذين استجابوا لربهم الحسنى) فمن يصدق بالحسنى سيدخل الجنة بيسر وسهولة، فالآية مرتبطة بكل متعلقات (فسنيسره لليسرى).

 

فأما من  بخل واستغنى  وكذب  بالحسنى فسنيسره للعسرى

تقابل هذه الصفات ما قبلها في الآية التي سبقت. وقد أورد الله تعالى امرين: الشيء ونقيضه فقال سبحانه: فأما من أعطى مقابلها فأما من بخل، واتقى مقابلها واستغنى، وكذب بالحسنى مقابل وصدق بالحسنى. والسورة كلها قائمة على التقابل: الليل والنهار، يغشى و تجلى، الذكر والانثى.. استغنى مقابل اتقى لأن المستغني لا يحذر شيئاً ولا يحترس والاستغناء مدعاة للطغيان كما في قةله تعالى: (إن الانسان ليطغى، أن رآه استغنى) والذي يطغى لا يحذر لأنه لو كان يحذر لما طغى أصلاً والمتقي يحذر ويحترس أما الطاغية فلا يحذر والطغيان مدعاة ااتعسير على الآخرين. كذب بالحسنى جاءت مقابل صدق بالحسنى، وكذلك جاءت (فسنيسره للعسرى) مقابل (فسنيسره لليسرى) ولم يقل نعسره للعسرى لأنها تفيد الثناء على عكس المقصود بالآية أنه يعسر الامور على غيره وعلى نفسه وفي الآخرة يعسر عليه دخول الجنة.

وفي العسرى كما في اليسرى لم يذكر سبحانه وتعالى موصوفاً فتركها مطلقة وأعسر العسرى هي النار أعاذنا الله منها جميعا. والسورة بكاملها تفيد الاطلاق (يغشى ولم يحدد ماذا يغشى، تجلى ولم يحدد ماذا تجلى، الذكر والانثى ولم يحدد اهما للبشر فقط او لسائر المخلوقات، سعيكم لشتى ولم يحدد من عمل صالحاً مثلاً انما السعي على اطلاقه) فخط السورة اذن هو خط الاطلاق والعموم من أولها إلى آخرها. كما أنه لم يحدد الحسنى كذلك لم يحدد اليسرى ولم يحدد العسرى وحتى (من أعطى واتقى) لم يحدد العطاء والاتقاء.

 

وما يغني عنه ماله إذا تردى 

لماذا جاءت هذه الآية عقب الآية السابقة: (فإما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى) ولم تأت آية مثلها عقب الآية: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى)؟

في الآية ذكر الله تعالى أن الذي بخل، بخل بماله واستغنى من الغنى فلما بخل ذكر (ما يغني عنه ماله) و(ما يغني عنه ماله) وضع المفسرون لها احتمالين: الاول أن تكون نافية والثاني أن تكون استفهامية ومن باب التقريع والتوبيخ. ويسمى هذا في اللغة من باب الاتساع في المعنى، فلو أراد تعالى بالآية معنى الاستفهام لقال تعالى: (ماذا يغني عنه ماله) ولو أراد النفي لقال تعالى: (لم يغني عنه ماله) وانما جاء سبحانه وتعالى بلفظ يتسع للمعنيين وهو يريدهما معا فكأنما يريد القول ماذا يغني عنه ماله ولم يغني عنه ماله، اي يريد الاستفهام للتوبيخ والتقريع والنفي ايضاً ولهذا يضع سبحانه وتعالى جملة فيها اتساع في المعنى وهذا الاسلوب يتكرر في القرآن فقد يستعمل سبحانه وتعالى ألفاظاً تحتمل معاني عدة قد تصل إلى اربع او خمس معاني للفظ الواحد وهذا من البلاغة التامة حتى لا تتكرر الآية بمعنى مختلف في كل مرة وأنما يؤتى بها بلفظ معين يتسع لكل المعاني المقصودة. وهذا لا يعني تناقضاً او عدم تحديد في القرآن كما قد يتبادر الى اذهان المستشرقين لأن الله تعالى عندما يريد التقييد يأتي بحرف او كلمة محددة تفيد المعنى المراد كما في قوله سبحانه: (اذكروا الله ذكراً كثيرا) فقد حدد هنا الذكر الكثير وفي موضع آخر (واذكروا الله كثيراً) لم يرد التقييد ولم يحدد انما اطلق المعنى.

فالقاعدة أن ننظر ماذا يريد المتكلم البليغ، هل يريد التحديد فهو يحدد. في الآية الكريمة: (ولا تشركوا به شيئا) سورة النساء، آية 36، فيها اطلاق والآية: (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) فيها تخصيص. في الآية الاولى لا ندري ما المقصود بـ (شيئا) هل شيئا من الاشياء التي يشرك بها كالأصنام او الاشخاص او غيره او المقصود شيئا من الشرك (شرك أعلى او شرك أصغر) ولو أراد أن يخصص لقال كما في الآية (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) سورة الكهف، آية 110، أحدا هنا لا تحتمل غير معناها لأنها محددة. لذا فإن الآية (ولا تشركوا به شيئا) تحتمل المعنيين والمراد منها أن لا نشرك بالله شيئا من الشرك او شيئا من الاشياء كالأصنام والبشر وهذا يسمى اتساع في المعنى. مثال آخر في الآية: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات احلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا) سورة النساء، آية 160، هل المعنى خلقا كثيرا او صدا كثيرا او زمنا كثيرا؟ انها كل هذه المعاني الصد الكثير والخلق الكثير والوقت الكثير ولو أراد سبحانه أحد هذه المعاني فقط لجاء بلفظ يدل على المعنى المطلوب ولحدد وخصص.

 

ما الحكم البياني في استخدام (إذا) بدلا عن (إن): (وما يغني عنه ماله إن تردى) بدل (وما يغني عنه ماله إذا تردى)؟

إذا في كلام العرب تستعمل:

· للمقطوع بحصوله كما في الآية: (إذا حضر أحدكم الموت) ولا بد ان يحضر الموت، (فإذا انسلخ الاشهر الحرم) ولا بد للأشهر الحرم من أن تنسلخ، وقوله تعالى: (وترى الشمس إذا طلعت) ولا بد للشمس من أن تطلع وكقوله: (فإذا قضيت الصلاة) ولا بد للصلاة أن تنقضي.

· وللكثير الحصول كما في قوله تعالى: (إذا قمتم الى الصلاة..) و (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها) تفيد الحدوث الكثير.

واذا جاءت (إذا) و(إن) في نفس الآية تدل (إذا) على الكثير و(إن) على الاقل كما في قوله تعالى: (وإن تعجب فعجب قولهم ءإذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد. ) سورة الرعد، آية 5، والآية: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا) سورة المائدة، آية 6، فإقامة الصلاة أكثر حدوثا من الجنابة لذا استعملت (إذا) مع اقامة الصلاة و(إن) مع الجنب. والآية:( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن ما على المحصنات من العذاب) سورة النساء، آية 25. فالمحصنات أكثر من اللواتي يأتين بفاحشة مبينة.

(إذا) وردت في القرآن الكريم في 362 موقعاً ولم تأت في موقع غير محتمل البتة فإما أن تأتي بأمر مجزوم بوقوعه كما في الآيات التي تصف الآخرة كقوله: (إذا الشمس كورت، واذا النجوم انكدرت…) وقوله: (إذا السماء انفطرت، واذا الكواكب انتثرت..) لأن كل آيات الآخرة مقطوع بحصولها، او كثير الحصول كما ورد سابقاً.

(إن) تستعمل لما قد يقع ولما هو محتمل او مشكوك فيه او نادر او مستحيل كما في قوله: (أرايتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) الموقف هنا افتراضي، وقوله: (وإن يروا كسفا من السماء ساقطا..) لم يقع ولكنه احتمال. وقوله تعالى: (انظر الى الجبل فإن استقر مكانه..) افتراضي واحتمال وقوعه.

والتردي حاصل والتردي اما أن يكون من الموت او الهلاك، او تردى في قبره، او في نار جهنم فماذا يغني عنه ماله عندها؟وهذه ليست افتراضاً وانما حصولها مؤكد وهي امر حاصل في كل لحظة ولهذا السبب جاء بلفظ (إذا) بدل (إن) لأن (إذا) مؤكد حصولها) و(إن) مشكوك فيها او محتمل حدوثها. وهذه إهابة بالشخص أن لا يبخل او يطغى او يكذب بالحسنى،إذن لا مفر منه فلماذا يبخل ويعسر على الآخرين ويطغى ويكذب بالحسنى؟

 

إن علينا للهدى  وإن لنا للآخرة والأولى 

ما هو المعنى العام للآيات وارتباطها بما سبقها وما تلاها من الآيات؟

إن علينا للهدى 

هذا التعبير (إن علينا للهدى) يحتمل معنيين: الاول علينا أن نبين طريق الهدى بمعنى أن الله تعالى يتكفل ببيان طريق الهدى، والثاني أن الهدى يوصل صاحبه الى الله. طريق الهدى في النتيجة يوصل الى الله عز وجل (إن ربي على صراط مستقيم) (فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا) من أراد أن يبتغي مرضاة ربه يسلك هذا الطريق ومثلها قوله تعالى (وعلى الله قصد السبيل) والقصد هو استقامة الطريق. فمعنى الآية علينا ان نبين الطريق المستقيم والطريق المستقيم يوصل الى الله تعالى.

 

ما الحكم البياني في التقديم والتأخير في الآية (إن علينا للهدى) بدل القول إن الهدى علينا؟

التقديم في هذه الآية يفيد القصر. إن معرفة وتقديم الخبر يفيد القصر. طريق الهدى يبينه الله تعالى فقط وليس هناك معه جهة أخرى، أي ان الهدى يعود الينا (أي الله تعالى) حصراً وأي هدى من غير طريق الله فهو غير مقبول ومرفوض ولا يوصل الى الله عز وجل. فالجهة التي تبين طريق الهدى هو الله تعالى حصراً.

وقول: إن الهدى علينا يتضمن المعنى السابق لكنه لا ينفي كون جهة اخرى توصل الى الهدى ولكن الله تعالى حصر الهدى به جل وعلا.

 

ما الحكم البياني في استخدام التوكيد بـ(إن) وبـ(اللام)؟

التوكيد يكون بحسب الحاجة وبحسب إنكار المخاطب للأمر. إذا كان المخاطب يقبل الامر لا يوجد داعي للتوكيد لكن أكثر الناس يرفضون هذا الأمر لقوله تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) وهذا الشيء ينازع فيه كثير من الناس في زمن الرسول او الآن ويرفضون الفكرة وينسبون الهدى لأنفسهم وأنهم هم الذين يبينونه وينازعون فيه لذا وجب التوكيد، لذا المسألة تحتاج الى توكيد بالمعنيين: الهدى علينا حصراً والمعنى الآخر: طريق الهدى هو الطريق الذي يوصل الى الله. ولو جاءت الآية (إن الهدى لعلينا) هذا يؤكد المعنى الثاني ويؤدي الى فوات معنى الحصر الأول.

في عموم القرآن هناك ارتباط بين الآيات وما يسبقها او يليها، (إن علينا للهدى)مرتبطة بما قبلها (إن سعيكم لشتى) لأنه لو ابتغى الناس الهدى عند الله لما تشتت سعيهم ومرتبطة بالآية (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) لأنها من الهدى الذي ييسره الله تعالى.

 

وإن لنا للآخرة والأولى 

وهذه الآية مرتبطة ايضاً بما قبلها (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) (وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى) لأن الذي يعطي ويتقي يريد الآخرة فقال الله تعالى (إن لنا للآخرة) والذي يبخل يريد الدنيا فقال تعالى (والاولى) فالآخرة والاولى لله وحده فيجب ان نتبع هدى الله تعالى في الاولى والآخرة. ومرتبطة كذلك بالآية (فسنيسره لليسرى) (فسنيسره للعسرى) لأن التيسير والتعسير إما أن يكونا في الدنيا او في الآخرة ولله الآخرة والأولى. إذن علينا ان نتبع ما أراد الله منا.

ما الحكم البياني في تقديم الآخرة على الأولى؟

التقديم والتأخير في القرآن عموماً مرتبط بسياق الآيات فأحياناً يقدم المفضول على الأفضل وقد يقدم المتأخر على المتقدم. ولو نظرنا في سياق الأيات في هذه السورة لوجدنا أن الله تعالى قدم الآخرة لتقدم طالبها (فأما من أعطى واتقى وصدق الحسنى) وأخّر الاولى لتأخر طالبها (فأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى).

في سورة القصص وردت الآية: ( فله الحمد في الأولى والآخرة) أي تقدم ذكر الاولى على الآخرة وفي سورة الليل تقدم ذكر الآخرة على الأولى فما الفرق بين الآيتين؟ في سورة القصص سياق الآيات (70 – 73) هو في نعم الدنيا من الآية: (وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الاولى والآخرة وله الحكم واليه ترجعون، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون، ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيع ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون) فالسياق كله في الدنيا وما أودع الله تعالى من النعم في الأولى. فلذا ناسب تقديم الاولى على الآخرة في سورة القصص. وقال تعالى: (وله الحمد) ايضاً الذي يدل على أن النعم يجب أن تقابل بالحمد والشكر والاختيار ناسب السياق للآيات وهو تذكير للإنسان بنعم الله تعالى في الدنيا. اما في سورة الليل فقال تعالى (إن لنا للآخرة والأولى) لم يذكر الحمد وقدم الآخرة كما سبق وفصلنا.

والتوكيد بـ(اللام) في كلمة (للآخرة) فيه اختلاف مع آية سورة النجم (فلله الآخرة والأولى) فما الحكم البياني في هذا التوكيد في سورة الليل؟ التوكيد في سورة الليل جاء مناسباً لسياق الآيات، فسياق الآيات في ورة الليل جاء كله في الاموال وامتلاكها والتصرف فيها (فأما من أعطى) والمعطي لا بد ان يكون مالكاً لما يعطيه، (وأما من بخل واستغنى) والبخيل هو أيضاً مالك للمال لأنه لو لن يكن يملكه فبم يبخل؟ وكذلك الذي استغنى وهو من الغنى ثم ذكر المال (وما يغني عنه ماله إذا تردى) و (الذي يؤتي ماله يتزكى) فالسورة كلها في ذكر الاموال وتملكها والتصرف فيها فلذا ناسب التوكيد باللام هنا لأن الآخرة والاولى من الملك لله حصراً. أما في سورة النجم فسياق الآيات ليس في المال ولا في التملك اصلاً فلم يؤكد باللام.

في الآية جاءت كلمة (الأولى) مقابل (الآخرة) ولم ترد مثلاً كلمة (الدنيا) مقابل (الآخرة) ما الحكم في اسخدام الأولى بدل الدنيا؟ الحقيقة أولاً وللعلم لم يرد في القرآن الكريم كله ولا مرة واحدة لفظ الدنيا مع الآخرة إنما ورد دائماً كلمتي الأولى والآخرة. ولهذا اسبابه البيانية:

  1. الأولى أعم من الدنيا في الاستعمال القرآني وفي اللغة أيضاً. القرآن يستعمل الدنيا لما يحيا فيه الانسان ويعيش كقوله تعالى: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) و (اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة) و (متاع الدنيا قليل)، أما الأولى فتستعمل عامة لما يعلمه الانسان وما لا يعلمه من أمر السموات والأرض فكلها الأولى. فالأولى إذن أوسع من الدنيا. ولما أراد الله تعالى ان يذكر سعة الملك في سورة الليل ناسب أن يأتي بكلمة الأولى التي هي أعم وأوسع.
  2. الثاني ان كلمة الدنيا نفسها هي مؤنث الأدنى ومن معانيها الأقرب والأخس والدون والأقل كما في قوله تعالى (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) فلما أراد الله تعالى ان يذكر في سورة الليل سعة ملكه وعظمته لم يناسب ذكر كلمة الدنيا التي قد تحتمل في معانيها (الدون او الأقل). إذن كلمة الدنيا لا تناسب هنا من حيث الدلالة اللغوية واشتقاقها ومن حيث السياق ايضاً.

 

فأنذرتكم ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى  الذي كذب  وتولى

هذه الآيات مرتبطة بقوله تعالى (إن علينا للهدى* وإن لنا للآخرة والأولى) لأن هذا من الهدى. أنذرنا هو من الهدى الذي ينبه الله تعالى منه (إن علينا للهدى) وهذا في الآخرة فهي مرتبطة بـ (وإنا لنا للآخرة). وفي سورة الليل ذكر الله تعالى الإنذار ولم يذكر التبشير ولذلك اقتصر على ذكر النار ولم يذكر الجنة لأن ذكرها تبشير وليس هنا مقام التبشير. كما ذكر للأشقى صفتين: التكذيب والتولي، (الذي كذب وتولى) كذب: بمعنى كذب بكل مفردات الإيمان، وتولى بمعنى أدبر عن الطاعات واشتغل بالمعاصي. فجاءت كذب مقابل (وصدق بالحسنى) وتولى وقابل (أعطى واتقى) لأن عدم العطاء من التولي. وهذه الآية (لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى) توكيج للآية السابقة (وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى) وهي أعم منها ايضاً لأن التولي أعم من البخل والاستغناء فالتولي لا يقتصر على البخل والاستغناء انما هو تولي عن كل الطاعات وادبار عنها عموماً. وكذّب أعم من (كذّب بالحسنى) لأنه كذّب بالحسنى وبغير الحسنى.

إذن لما عمّ السوء وانتشر أصبحت العاقبة أشد من الأولى و لما كان هذا أعم كانت العاقبة أسوأ لأن الأول بخل واستغنى وكذب بالحسنى وهذا كذب عموما وتولي عام لذا كان يجب أن تكون العقوبة أسوأ، أولاً وصفه بالأشقى وذكر أن له ناراً تلظى أما في الآيات السابقة اكتفى بـ (فسنيسره للعسرى) وهذه العاقبة أخف.

 

ما الحكمة في الإتيان بفعل (فأنذرتكم) بصيغة الماضي وقد ورد هذا الفعل بصيغة المضارع في آيات أخرى في القرآن؟:

جاء الفعل بصيغة المضارع لأن الله تعالى أنذرهم هنا بشيء واحد ألا وهو ناراً تلظى بمعنى شيء واحد وانتهى، كما في قوله أيضاً (فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) و(إنا أنذرناكم عذاباً قريبا). أما في قوله تعالى (إنما أنذركم بالوحي) فالإنذار هنا مستمر طالما الوحي مستمر بالنزول ولا ينتهي لذا جاءت صيغة الفعل المضارع.

 

ما الحكم البلاغي في مجيء الآية (فأنذرتكم ناراً تلظى) بدون توكيد على خلاف ما جاء في سورة النبأ (إنا أنذرناكم عذاباً قريبا).

سورة النبأ فيها توكيد لأن الإنذار في سورة النبأ متسع ومتكرر من أول السورة الى أوسطها ألى آخرها (كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون) (إن جهنم كانت مرصادأ للطاغين مآبا،…جزاء وفاقا..فذوقوا ..) (إنا أنذرناكم عذاباً قريبا) فهو إنذار متسع طويل وفيه بسط ومتصل ومكرر فهو أدعى للتوكيد من سورة الليل. أما في سورة الليل فلم يرد الإنذار إلا في آية واحدة لذا لا تحتاج إلى توكيد.

 

وسيجنبها الأتقى  الذي يؤتي ماله يتزكى

لماذا لم ترد الآية على نفس سياق ما قبلها (ولا يجنبها إلا الأتقى)

لا تصح لأن في هذا جلالة على أنه لن يجنبها إلا الأتقى بمعنى أن المتقون لن يحنبوها وفي هذا ظلم للمتقين وحاشا لله أن يكون هذا. وهذا من رحمة الله تعالى بعباده لأن معنى الآية أن الله تعالى يجنب الأتقى وغير الأتقى أيضاً فرحمته سبقت غضبه. في العذاب حصر (لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى) وفي الرحمة أطلق سبحانه هو الرحيم.

إجمالاً في هذه الآية والتي قبلها ذكر مقابل الأشقى الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى. فالصفة العليا (الأتقى) الذي يؤتي ماله (الوصف الأعلى للإنفاق ولم يقل من ماله إنما قال ماله ولم يقل المال) والتزكي (أعلى درجات التصديق).

في السيئة بدأ من الخاوص إلى العموم (أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) وفي الحسنة ترقى من الأفضل إلى الأفضل (الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى) أعطى مقابل يؤتي ماله، وواتقى مقابل الأتقى وصدق بالحسنى مقابل يتزكى لأن صدق بالحسنى هي أعلى التدرجات لأن فيها الإخلاص.

سيجنبها: استخدم الفعل بصيغة المبني للمجهول فلماذا لم يستخدم الفعل (سيتجنبها)؟ الآية فيه تحذير وإنذار عظيم إلى الناس لأن الأتقى لا يتجنبها بنفسه وإنما الأمر يعود إلى خالق الخلق وخالق النار ، فالله تعالى هو الذي يجنب عباده النار  ولا أحد يستطيع أن يتجنبها بنفسه ابدا. ونظير هذه الآية ما جاء في قوله تعالى (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) سورة مريم. لا يستطيع الناس أن ينجوا بأنفسهم من النار ولو كان أحدهم الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى إنما ألمر يعود لخالق الناس وخالق النار سبحانه.

جاء في كثير من الآيات في القرآن الكريم قوله تعالى (ينجي الله) (ننجي الذين اتقوا)  فما الحكمة في الآية هنا (سيجنبها الأتقى)؟ هناك فرق بين التجنيب والتنجية. التنجية قد تكون بعد الوقوع في الشيء ومعاناته كما في قوله (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب) يمعنى أنهم ذاقوا العذاب ثم نجاهم الله تعالى فكانت النجاة بعد الوقوع في المكروه. وكذلك قوله تعالى (ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) بعدما وقعوا في النار يبنجي الله تعالى الذين اتقوا. وكذلك في قصة سيدنا يونس u (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) سورة الأنبياء، آية 88، كان قد وقع في الكرب ثم نجاه الله تعالى منه . إذن النجاة تقع بعد الوقوع (ننجي الذين اتقوا). أما التجنيب فهي التنحية بمعنى أنه لا يقع في المكروه أصلاً (سيجنبها الأتقى) والأتقى في المرتبة الأعلى فهو لا يقع في التجربة أصلاً. ذن مع اتقوا يستعمل القرآن لفظ (التنجية) ومع الأتقى يستعمل (التجنيب).

 

وما لأحد عنده من نعمة تجزى  إلاّ ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى

عندما يؤتي ماله ليس لأحد فضل عليه يؤديه له وإنما يفعله لوجه الله تعالى وعمله غير مشوب بشائبة فهو لا يرد معروفاً لأحد وإنما ابتغاء وجه الله من غير توقع رد جميل وإنما هو خالص لوحه الله وهذا هو منتهى الإخلاص. ليس لأحد فضل فيجازيه عليه وإنما يفعله خالصاً لوجه الله تعالى.

ولسوف يرضى: فيها احتمالين أن تكون للشخص الذي يرضى بثوابه في الآخرة (الأتقى الذي أعطى ماله) أو هو الذي يبتغي وجه ربه الأعلى إذن سيرضى الله عنه، وهي الحالتين معاً سيرضى بثوابه فيما أعج الله تعالى له من كرامة ورضوان الله أعلى شيء ( ورضوان من الله أكبر) أكبر من الجنات. وقالوا في الأثر: تحتاجون لعلمائكم في الجنة كما كنتم تحتاجون إليهم في الدنيا قالوا كيف يا رسول الله قال يطلع الله على أهل الجنة فيقول سلوني سلوني ولا يعرفون ما يسألونه فيذهبون إلى علمائهم فيقولون ماذا نسأل ربنا فقالوا اسألوه رضوانه وهو أعلى شيء.

الخطوط التعبيرية في السورة: خط العموم، خط المقابلة، خط التفضيل.

خط العموم: السورة كلها في العموم من قوله تعالى (والليل إذا يغشى) لم يذكر تعالى ناذا يغشى و(النهار إذا تجلى) (وما خلق الذكر والأنثى)، (إن سعيكم لشتى) (فأما من أعطى ) أطلق العطاء وأطلق جهة العطاء وأطلق اتقى ماذا اتقى. النار، غير النار، (صدق بالحسنى) ما هي الحسنى؟ (فسنيسره لليسرى) ما هي اليسرى؟

 

اسلاميات

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
**لمسات بيانية في سورة الناس للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي
 
المعوذتان هما سورتان في القرآن الكريم جمعتا الإستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفيّة والواقعة على الإنسان من الخارج والتي تصدر منه من الداخل.
فسورة الفلق تضمنت الإستعاذة من الشرورالظاهرة والخفية الواقعة على الإنسان من الخارج ولا يمكن للإنسان دفعها ولا سبيل لذلك إلا بالصبر لأن الإنسان الصابر إذا صبر على هذه الشرور ينال الأجر من الله تعالى على صبره ويزيد في ميزان حسناته لأن الله تعالى يجزي الصابرين.
والشر في سورة الفلق مما لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه فهو غير محاسب عليه أما سورة الناس التي بين أيدينا فهي سورة الإستعاذة من شرور الإنسان الداخلية
(النابعة من نفسه) وهي التي تقع على الإنسان نفسه أو على غيره وهي التي يستطيع الإنسان أن يدفعهاويتجنب ظلم النفس والآخرين وهذه الشرور إذا وقع فيها الإنسان يكون في صحيفة سيئاته.والشر المقصود في هذه السورة هو مما يدخل تحت التكليف ويحاسب عليه المرء لأنه يدخل ضمن ما نُهي عنه .
السورتان جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية.. ما يدخل تحت التكليف (ما جاء في الناس)، وما لا يدخل في التكليف (ما جاء في الفلق) ..
ما لا يستطيع دفعه (الفلق) وما يستطيع الناس دفعه وما يدخل سجل الحسنات (الفلق) وما يدخل سجل السيئات (الناس). وكما قال عدد من المفسرين والمحققين: سورة الفلق استعاذة بالله من شرور المصائب وسورة الناس استعاذة بالله من شرور المعايب.
 
*"قل أعوذ برب الناس(1)"
أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجأ وأعتصم بالله. قل: أمر الله تعالى للرسول بأن يقول (قل) والأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود. (قل) للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فكلمة (قل) هي من باب الإفصاح والإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا،
وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه. وفيها قتل للغرورلأن الكِبر والغرور يمنعان المرء أحيانا من طلب الإعانة وهو في حاجة شديدة إليها، ولأن الذي يطلب المعونة من غيره يمتنع عن الغرور، ولا يكتفي الإنسان بالشعور بالحاجة إلى ربه لكن ينبغي أن يُعلن حاجته لربه سواء أكان الرسول أو غيره من الناس. قالوا أتشكو إليه ما ليس يخفى عليه
فقلت ربي يرضى ذل العزيز لديه قل: في هذا الإعلان قتل بل علاج للكبر والغرورالذي في نفس الإنسان والذي قد يودي به إلى الطغيان. (إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) لذلك لا بد من قولها باللسان ولا يجوز النطق بالاستعاذة دون الأمر (قل) وهذا القول من أسباب الطاعة فإذا استعنا بالله ليعصمنا من الشرور فإنها من أسباب الطاعة له سبحانه.
وإذا صاحب الإستعاذة شعور بالنفس بالحاجة إلى غياث المستغيثين ليأوي إلى ركن شديد فهذا الشعور بالحاجة إلى مولاه فهذا الشعور يُلين القلوب القاسية.
 
 
*"قل أعوذ برب الناس (1) ملك الناس (2) إله الناس (3)"
الإستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخنّاس. فالمستعاذ منه شرّ واحد والإستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة. وهذا بخلاف ما جاء في سورة الفلق حيث كانت الإستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة. وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسةعلى الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذها لوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة، أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة . وجاء الترتيب في سورة الناس على الشكل التالي:
رب، ملك، إله. فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن له خبرة وتجربة ليرشده وليشير عليه بما يفعل وهذا هو شأن الربّ أي المربي فهو المرشد والمعلم والموجه ولذا بدأت الآيات به (رب الناس). فإذا لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها أي الملك (ملك الناس) فإن لم تُجدي السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية،
فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله. والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام .. والإلحاد .. وتحتاج إلى تذكير.
 
وقد تدرّجت الآيات من الكثرة إلى القلّة فالربّ هو المرشد الموجّه وقد يكون هناك العديد من المرشدين والمربّين في المجتمع لكن لكل دولة ملك واحد والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد للكل فانتقل في السياق من الكثرة للقلة من حيث دلالة الكلمة بالعدد (الرب كثير، الملك أقلّ وأما الإله فهو واحد). وردت كلمة الناس 3 مرات في السورة وكل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها نوضحها فيما يلي:
 
كلمة الناس تُطلق على مجموعة قليلة من الناس أو واحد من الناس أو كل الناس. والربّ هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة أو كثيرة، أما الملك فناسه أكبر من ناس المربي وأما الإله فهو إله كل الناس وناسه الأكثر حتماً. فلو جاءت الآيات برب الناس وملكهم وإلههم لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس (ناس الرّب) دون أن يشمل غيرهم ولما تحدد أي مجموعة من الناس. لذلك لا يغني الضمير هنا، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورا صريحا، لأن لكل معنى مختلف. .
وكلمة الناس من حيث دلالتها العديدة في السورة تنتقل على عكس كلمة الرب والملك والإله من القلّة إلى الكثرة. فالتدرج في الصفات بدأ من الكثرة إلى القلة، أما في المضاف إليه (الناس) فبالعكس من القلة إلى الكثرة، فناس المربي أقل،
وناس الملك أكثر، وناس الإله هم الأكثر. ولم تأتي الآيات في السورة بواو العطف فيما بينها ولا يجوز أصلاً أن يقول (برب الناس وملك الناس وإله الناس)
 
وإنما جاءت (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) وهذا حتى لا يُظنّ أنهم ذوات مختلفة لأنها هي ذات واحدة فهو سبحانه المربي وهو الملك وهو الإله الواحد.
وحتى لا يُظن أن المقصود أكثر من واحد، بل هو واحد سبحانه، فمن أراد الرب يقصد رب الناس ومن أراد الملِك يقصد ملك الناس
ومن أراد الإله يقصد إله الناس فلا إله إلا الله
 
*"من شر الوسواس الخنّاس (4) الذي يوسوس في صدور الناس (5) من الجنّة والناس (6)"
 
من شر الوسواس الخنّاس:جاءت الآية باستخدام (من شر الوسواس ) وليس (من الوسواس) كما في الاستعاذة من الشيطان : "فاستعذ بالله من الشيطانِ الرجيم"، لأنه هنا لم يحدد الشيطان، بل قال :
من الجِنّة والناس، فجعل الوسواس قسمين: من الجِنّة أو من الناس . قد يكون الوسواس من الجِنّة أو من الناس فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" كما قال تعالى على لسان الجن في سورة الجن،
لذا لا يصحّ الإستعاذة من الجِنّة عموماً وكذلك الناس نحن نستعيذ من الظالمين والأشرار من الناس وليس من الناس كلهم جميعاً ولذا جاءت الآية بتحديد الاستعاذة من الشر (من شر الوسواس الخنّاس) وأما الشيطان فشرّ كله لذلك جاءت الآية بالاستعاذة منها، أما البشر فلا، ورد في الأثر:(الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)
 
الوسواس كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسةويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث) وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار.
وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس لأن لأن الموسوس لا تفيد المبالغة، ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة. وجاءت الإستعاذة بـ(شر الوسواس) وليس شر الوسوسة فقط للدلالة على أن الإستعاذة إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن.
 
الخنّاس:صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء، وهي أيضا صيغة مبالغة،وتدل على أن الخنوس صار نوعا من حرفة يداوم عليها. عندما يكون للمرء عدو فإنه يحرص على أن يعرف مقدار عدائه ومدى قوته والأساليب التي تمكنه من التغلب عليه أو النجاة منه، وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا أن قصارى ما يستطيع الإنسان فعله هو أن نخنس وسوسته لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله أو فعل أي شيء آخر به وإنما نستعيذ بالله فيخنس الشيطان أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة كما جاء في الحديث: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس
 
( الذي يوسوس في صدور الناس:)ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،فمنها تدخل الواردات إلى القلب، والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان، بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.
 
من الجِنّة والناس:الوسواس قسمان فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ولذا جاء الآية رب الناس ولم يقل رب الجِنّة والناس لأن الناس لما وقع عليهم الأذى استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلّصهم من شر الوسواس والجِنّة هم الأصل في الوسوسة.وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة، والناس تَبَع، وهم المعتدون على الناس، ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني. والجِنّة هم الأصل في الوسوسة، ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس. وفي آية أخرى في القرآن الكريم وردت الأية بتقديم شياطين الإنس على الجنّ وذلك لأن السياق كان على كفرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة فلذا تقدّم ذكرهم على الجنّ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الأنعام آية 112.
**لمسات بيانية في سورة الناس للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي
 
المعوذتان هما سورتان في القرآن الكريم جمعتا الإستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفيّة والواقعة على الإنسان من الخارج والتي تصدر منه من الداخل.
فسورة الفلق تضمنت الإستعاذة من الشرورالظاهرة والخفية الواقعة على الإنسان من الخارج ولا يمكن للإنسان دفعها ولا سبيل لذلك إلا بالصبر لأن الإنسان الصابر إذا صبر على هذه الشرور ينال الأجر من الله تعالى على صبره ويزيد في ميزان حسناته لأن الله تعالى يجزي الصابرين.
والشر في سورة الفلق مما لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه فهو غير محاسب عليه أما سورة الناس التي بين أيدينا فهي سورة الإستعاذة من شرور الإنسان الداخلية
(النابعة من نفسه) وهي التي تقع على الإنسان نفسه أو على غيره وهي التي يستطيع الإنسان أن يدفعهاويتجنب ظلم النفس والآخرين وهذه الشرور إذا وقع فيها الإنسان يكون في صحيفة سيئاته.والشر المقصود في هذه السورة هو مما يدخل تحت التكليف ويحاسب عليه المرء لأنه يدخل ضمن ما نُهي عنه .
السورتان جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية.. ما يدخل تحت التكليف (ما جاء في الناس)، وما لا يدخل في التكليف (ما جاء في الفلق) ..
ما لا يستطيع دفعه (الفلق) وما يستطيع الناس دفعه وما يدخل سجل الحسنات (الفلق) وما يدخل سجل السيئات (الناس). وكما قال عدد من المفسرين والمحققين: سورة الفلق استعاذة بالله من شرور المصائب وسورة الناس استعاذة بالله من شرور المعايب.
 
*"قل أعوذ برب الناس(1)"
أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجأ وأعتصم بالله. قل: أمر الله تعالى للرسول بأن يقول (قل) والأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود. (قل) للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فكلمة (قل) هي من باب الإفصاح والإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا،
وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه. وفيها قتل للغرورلأن الكِبر والغرور يمنعان المرء أحيانا من طلب الإعانة وهو في حاجة شديدة إليها، ولأن الذي يطلب المعونة من غيره يمتنع عن الغرور، ولا يكتفي الإنسان بالشعور بالحاجة إلى ربه لكن ينبغي أن يُعلن حاجته لربه سواء أكان الرسول أو غيره من الناس. قالوا أتشكو إليه ما ليس يخفى عليه
فقلت ربي يرضى ذل العزيز لديه قل: في هذا الإعلان قتل بل علاج للكبر والغرورالذي في نفس الإنسان والذي قد يودي به إلى الطغيان. (إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) لذلك لا بد من قولها باللسان ولا يجوز النطق بالاستعاذة دون الأمر (قل) وهذا القول من أسباب الطاعة فإذا استعنا بالله ليعصمنا من الشرور فإنها من أسباب الطاعة له سبحانه.
وإذا صاحب الإستعاذة شعور بالنفس بالحاجة إلى غياث المستغيثين ليأوي إلى ركن شديد فهذا الشعور بالحاجة إلى مولاه فهذا الشعور يُلين القلوب القاسية.
 
 
*"قل أعوذ برب الناس (1) ملك الناس (2) إله الناس (3)"
الإستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخنّاس. فالمستعاذ منه شرّ واحد والإستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة. وهذا بخلاف ما جاء في سورة الفلق حيث كانت الإستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة. وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسةعلى الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذها لوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة، أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة . وجاء الترتيب في سورة الناس على الشكل التالي:
رب، ملك، إله. فالإنسان إذا وقع في حاجة يستعين أولاً بخبرته وعلمه أو بمن له خبرة وتجربة ليرشده وليشير عليه بما يفعل وهذا هو شأن الربّ أي المربي فهو المرشد والمعلم والموجه ولذا بدأت الآيات به (رب الناس). فإذا لم ينجح فيما يريد لجأ إلى السلطة وصاحبها أي الملك (ملك الناس) فإن لم تُجدي السلطة نفعاً التجأ إلى الله تعالى (إله الناس) والترتيب في الآيات في السورة هو على سياق هذا الترتيب وكحاجة الإنسان للتعامل في الحياة. وهو واضح في مراحل حياة الإنسان ومعاشهم، فالأجنة هي البداية ثم يخرج الناس للحياة ليواجهوا المربي الذي يقدم لهم ما يحتاجونه من تربية ورعاية،
فإذا كبروا احتاجوا إلى المجتمع وما ينظم علاقتهم به، ثم يأتي سن التكليف حيث يحاسبه الإله. والمجتمعات عموما بين الربوبية والملك، فكل مجتمع يحتاج صغاره إلى المربي ثم إلى السلطة، أما الألوهية فتتأخر وقد تخفى على بعض الناس وتحيطها الشكوك والأوهام .. والإلحاد .. وتحتاج إلى تذكير.
 
وقد تدرّجت الآيات من الكثرة إلى القلّة فالربّ هو المرشد الموجّه وقد يكون هناك العديد من المرشدين والمربّين في المجتمع لكن لكل دولة ملك واحد والدنيا فيها ملوك كثر ولكن الإله واحد للكل فانتقل في السياق من الكثرة للقلة من حيث دلالة الكلمة بالعدد (الرب كثير، الملك أقلّ وأما الإله فهو واحد). وردت كلمة الناس 3 مرات في السورة وكل منها تعني مجموعة من الناس مختلفة عن غيرها نوضحها فيما يلي:
 
كلمة الناس تُطلق على مجموعة قليلة من الناس أو واحد من الناس أو كل الناس. والربّ هو مُرشد مجموعة من الناس قد تكون قليلة أو كثيرة، أما الملك فناسه أكبر من ناس المربي وأما الإله فهو إله كل الناس وناسه الأكثر حتماً. فلو جاءت الآيات برب الناس وملكهم وإلههم لعاد المعنى كله إلى المجموعة الأولى من الناس (ناس الرّب) دون أن يشمل غيرهم ولما تحدد أي مجموعة من الناس. لذلك لا يغني الضمير هنا، بل لا بد من تكرار المضاف إليه مذكورا صريحا، لأن لكل معنى مختلف. .
وكلمة الناس من حيث دلالتها العديدة في السورة تنتقل على عكس كلمة الرب والملك والإله من القلّة إلى الكثرة. فالتدرج في الصفات بدأ من الكثرة إلى القلة، أما في المضاف إليه (الناس) فبالعكس من القلة إلى الكثرة، فناس المربي أقل،
وناس الملك أكثر، وناس الإله هم الأكثر. ولم تأتي الآيات في السورة بواو العطف فيما بينها ولا يجوز أصلاً أن يقول (برب الناس وملك الناس وإله الناس)
 
وإنما جاءت (قل أعوذ برب الناس* ملك الناس* إله الناس) وهذا حتى لا يُظنّ أنهم ذوات مختلفة لأنها هي ذات واحدة فهو سبحانه المربي وهو الملك وهو الإله الواحد.
وحتى لا يُظن أن المقصود أكثر من واحد، بل هو واحد سبحانه، فمن أراد الرب يقصد رب الناس ومن أراد الملِك يقصد ملك الناس
ومن أراد الإله يقصد إله الناس فلا إله إلا الله
 
*"من شر الوسواس الخنّاس (4) الذي يوسوس في صدور الناس (5) من الجنّة والناس (6)"
 
من شر الوسواس الخنّاس:جاءت الآية باستخدام (من شر الوسواس ) وليس (من الوسواس) كما في الاستعاذة من الشيطان : "فاستعذ بالله من الشيطانِ الرجيم"، لأنه هنا لم يحدد الشيطان، بل قال :
من الجِنّة والناس، فجعل الوسواس قسمين: من الجِنّة أو من الناس . قد يكون الوسواس من الجِنّة أو من الناس فالجِنّة فيهم صالحون وفيهم قاسطون " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون" كما قال تعالى على لسان الجن في سورة الجن،
لذا لا يصحّ الإستعاذة من الجِنّة عموماً وكذلك الناس نحن نستعيذ من الظالمين والأشرار من الناس وليس من الناس كلهم جميعاً ولذا جاءت الآية بتحديد الاستعاذة من الشر (من شر الوسواس الخنّاس) وأما الشيطان فشرّ كله لذلك جاءت الآية بالاستعاذة منها، أما البشر فلا، ورد في الأثر:(الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم)
 
الوسواس كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسةويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث) وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار.
وقد جاء التعبير في الآية بكلمة الوسواس وليس الموسوس لأن لأن الموسوس لا تفيد المبالغة، ولأنها تقال للشخص الذي تعتريه الوسوسة دون أن تفيد المبالغة. وجاءت الإستعاذة بـ(شر الوسواس) وليس شر الوسوسة فقط للدلالة على أن الإستعاذة إنما تكون من كل شرور الوسواس سواء كانت وسوسة أو لم تكن.
 
الخنّاس:صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء، وهي أيضا صيغة مبالغة،وتدل على أن الخنوس صار نوعا من حرفة يداوم عليها. عندما يكون للمرء عدو فإنه يحرص على أن يعرف مقدار عدائه ومدى قوته والأساليب التي تمكنه من التغلب عليه أو النجاة منه، وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا أن قصارى ما يستطيع الإنسان فعله هو أن نخنس وسوسته لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله أو فعل أي شيء آخر به وإنما نستعيذ بالله فيخنس الشيطان أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة كما جاء في الحديث: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس
 
( الذي يوسوس في صدور الناس:)ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،فمنها تدخل الواردات إلى القلب، والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان، بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.
 
من الجِنّة والناس:الوسواس قسمان فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ولذا جاء الآية رب الناس ولم يقل رب الجِنّة والناس لأن الناس لما وقع عليهم الأذى استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلّصهم من شر الوسواس والجِنّة هم الأصل في الوسوسة.وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة، والناس تَبَع، وهم المعتدون على الناس، ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني. والجِنّة هم الأصل في الوسوسة، ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس. وفي آية أخرى في القرآن الكريم وردت الأية بتقديم شياطين الإنس على الجنّ وذلك لأن السياق كان على كفرة الإنس الذين يشاركون الجن الوسوسة فلذا تقدّم ذكرهم على الجنّ (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الأنعام آية 112.
 
موقع اسلاميات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
قال تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 238-239].



سؤال:

 
لماذا وسّط ربنا تعالى هذه الآية بين أحداث الطلاق والوفاة، فإن قبلها: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ * وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: 236-237].
وبعدها: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا﴾ [البقرة: 240]؟.



الجواب:

 
1 – إن المشكلات بين الزوجين قد تؤدي إلى أن يحيب أحدهما على الآخر، وينتصر لنفسه فيظلم الآخر.
وإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال ربنا: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45] فأمرهم بذلك ليرتدعوا ولئلا يبغي بعضهم على بعض.



2 – ثم إنه تعالى أمرهم بالمحافظة على الصلاة لئلا تشغلهم المشكلات العائليَّة عنها فيتركوها أو يتهاونوا في أدائها.
وقد أمرهم بالمحافظة عليها في الوقت الذي هو أشدُّ من ذلك، وذلك عند الخوف فقال: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: 239]. فكيف فيما هو دون ذلك؟
وهذا يدل على عِظم هذه الفريضة وأنه ينبغي ألا يشغلهم عنها شاغل مهما عظم.

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
التقديم والتأخير في ذكر الأشقياء والسعداء (فاضل السمرائى)
 

قال تعالى في سورة آل عمران: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: 106-107].

سؤال:

لماذا قدَّم أولاً مَنْ تبيضُّ وجوههم على مَن تَسودُّ فقال: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾، ثم قدَّم بعده مَنْ تسودُّ وجوهُهم على من تبيضُّ، فقال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ، وقال بعده: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ.
وكان المظنون أن يكون التفصيل على نسق ما بدأ، فيقول أولاً(فأما الذين ابيضَّت وجوههم)، ويقول بعده: (وأما الذين اسودَّت وجوههم)، نظير قوله تعالى في سورة هود: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [هود: 105-108].
فإنه لما قال: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فقدّم الشقي كان التفصيل على نسق ذلك، فقال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فقدّم الذين شقوا على الذين سعدوا فما الفرق؟



الجواب:

إنَّ التقديم والتأخير في آل عمران جرى بحسب القرب والبعد، فمَن كان قريباً قدّم القول فيه، ومَن كان بعيداً أخَّر القول فيه.
وإيضاح ذلك أنَّ الكلام كان على صنفين من الناس أحدهما مُخاطب والآخر غائب، ولا شك أنَّ المخاطب أقرب من الغائب فقدَّم ما يتعلق بالمخاطب وأخَّر ما يتعلق بالغائب.
وبيان ذلك أنَّ السياق في آل عمران إنما هو في خطاب المؤمنين فقد خاطبهم بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 100]..
ويستمر الكلام في خطابهم فيقول: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [آل عمران: 101-106]، فالمؤمنون هم المُخَاطَبون وهم الذين تَبيضُّ وجوههم.
والذين تفرَّقوا واختلفوا هم الذين تسودُّ وجوههم وهم في السياق غائبون، ألا ترى إلى قوله: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ فأخبر عنهم بضمير الغيبة؟.
فقدّم القول في المخاطبين كما ذكرنا فقال:﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ .


وأما الكلام بعد ذلك فإنَّ الذين اسودَّت وجوههم هم المخاطبون فيه، وأما الذين ابيضَّت وجوههم فهم غائبون.
فقد قال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [آل عمران: 106].
فقد خاطبهم بقوله: ﴿أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾، ﴿فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ.
وأما الذين ابيضّت وجوههم فهم هنا غائبون فقد قال سبحانه فيهم: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [آل عمران: 107].
فأخبر سبحانه عنهم بضمير الغيبة.
فقدّم القول في المُخَاطبين كما فعل أولاً، فجرى الكلام على نسق واحد في التقديم والتأخير.
وأما التقديم والتأخير في سورة هود فقد جرى على نهج واضح أيضاً، فإنَّ السياق فيها في ذكر الأمم الكافرة الذين عَصَوا رسلَهم وأنزل بهم العقوبات، ثم عقّب بعد ذلك بقوله: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾ [هود: 100-101]، فالسياق في الأشقياء من الناس فقدَّم الأشقياء فقال: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هود: 105].


وأما التفصيل فيما بعد فقد جرى على نسق ما ذكر؛ لأنَّهم كلهم غائبون فهم بمنزلة واحدة، فقد قال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: 106].


وقال تعالى بعدها: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [هود: 108]، بخلاف ما عليه السياق في آل عمران فإنَّ منهم مخاطباً ومنهم غائب، فجرى التفصيل في هود على ما أجمل، فلما قال: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ فقدَّم الأشقياء فصّل الكلام على نسق ذلك، فقال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا....وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا...﴾ فكانكل تعبير مناسباً في سياقه الذي ورد فيه.


رابطة العلماء السوريين

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة امانى يسرى محمد
      مهما غرقنا في متعة السفر فلا بد أن نفكر جيدا بالعودة
      " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" .
      / عبد الله بلقاسم
       
       
      ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
      نحن منه في البداية وإليه في النهاية ؛
      ولهذا : لنكن (معه) فيما بين ذلك.
      / د.عقيل الشمري
       
       
      (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ)
      تدبر معي .. قوله : ( تفرون ) فالفرار مما تظنه وراءك ؛ وقوله : ( ملاقيكم ) فاللقاء يكون لما هو أمامك !! فيا الله ما أبلغ هذا التعبير القرآني وما أعجب هذا الوصف الرباني لحالنا مع الموت ! فنحن لا ندري أين الموت ؟ فنفر منه تظنه وراءنا ؛والحق أنه أمامنا لا نفر منه إلا إليه... فاللهم ارحمنا و اغفرلنا يا واسع الرحمة والمغفرة ؛وأحسن لنا الخاتمة يا رب
      ماجد الزهراني
       
       
      ( كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ )
      ليست معلومة تُقْرأ ؛ وإنما حقيقة تستحق العمل .
      الموت ليس النهاية بل بداية النعيم أو بداية الجحيم ؛ فحدّد مصيرك الآن !
       
       
      (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)
      نزل الموت منزلة المشاهد ( ذلك ) للدلالة على قرب حصوله.



      ابن_عاشور
       
       
      ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)
      لم نخلق للبقاء !
      فـَصنع لـنفسك أثراً طيباً ؛ يبقى من بعدك .
       
       
      (وَالْتَفَّتْ السَّاقُ بِالسَّاقِ)
      هذا مشهد أخر يوم للعبد في الدنيا وأول يوم أخرته
      مشهد عصيب ينبغي لكل عاقل استحضاره قبل أن يتحسر ويندم
      / محمد العيد



    • بواسطة ام عبد الودود السلفية
      AM 11:50 | 2015 Jun 17
      بِسْــمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـيمِ
       
      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ...
      فيقول الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى:
      وَأَمَّا التَّأَمُّلُ فِي الْقُرْآنِ: فَهُوَ تَحْدِيقُ نَاظِرِ الْقَلْبِ إِلَى مَعَانِيهِ، وَجَمْعُ الْفِكْرِ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَتَعَقُّلِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِإِنْزَالِهِ، لَا مُجَرَّدُ تِلَاوَتِهِ بِلَا فَهْمٍ وَلَا تَدَبُّرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) [ص: 29] وَقَالَ تَعَالَى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24] وَقَالَ تَعَالَى: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) [المؤمنون: 68] وَقَالَ تَعَالَى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف: 3] وَقَالَ الْحَسَنُ: "نَزَلَ الْقُرْآنُ لِيُتَدَبَّرَ وَيُعْمَلَ بِهِ فَاتَّخِذُوا تِلَاوَتَهُ عَمَلًا".
      فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ: مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ؛
      ـ فَإِنَّهَا تُطْلِعُ الْعَبْدَ عَلَى مَعَالِمِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ بِحَذَافِيرِهِمَا، وَعَلَى طُرُقَاتِهِمَا وَأَسْبَابِهِمَا وَغَايَاتِهِمَا وَثَمَرَاتِهِمَا، وَمَآلِ أَهْلِهِمَا،
      ـ وَتَتُلُّ[1] فِي يَدِهِ مَفَاتِيحَ كُنُوزِ السَّعَادَةِ وَالْعُلُومِ النَّافِعَةِ،
      ـ وَتُثَبِّتُ قَوَاعِدَ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِهِ، وَتُشَيِّدُ بُنْيَانَهُ وَتُوَطِّدُ أَرْكَانَهُ،
      ـ وَتُرِيهِ صُورَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِي قَلْبِهِ،
      ـ وَتُحْضِرُهُ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَتُرِيهِ أَيَّامَ اللَّهِ فِيهِمْ، وَتُبَصِّرُهُ مَوَاقِعَ الْعِبَرِ،
      ـ وَتُشْهِدُهُ عَدْلَ اللَّهِ وَفَضْلَهُ، وَتُعَرِّفُهُ ذَاتَهُ، وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، وَمَا يُحِبُّهُ وَمَا يُبْغِضُهُ، وَصِرَاطَهُ الْمُوصِلَ إِلَيْهِ، وَمَا لِسَالِكِيهِ بَعْدَ الْوُصُولِ وَالْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَقَوَاطِعَ الطَّرِيقِ وَآفَاتِهَا،
      ـ وَتُعَرِّفُهُ النَّفْسَ وَصِفَاتِهَا، وَمُفْسِدَاتِ الْأَعْمَالِ وَمُصَحِّحَاتِهَا،
      ـ وَتُعَرِّفُهُ طَرِيقَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ وَأَعْمَالَهُمْ، وَأَحْوَالَهُمْ وَسِيمَاهُمْ، وَمَرَاتِبَ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَهْلِ الشَّقَاوَةِ، وَأَقْسَامَ الْخَلْقِ وَاجْتِمَاعَهُمْ فِيمَا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، وَافْتِرَاقَهُمْ فِيمَا يَفْتَرِقُونَ فِيهِ.
      وَبِالْجُمْلَةِ تُعَرِّفُهُ:
      ـ الرَّبَّ الْمَدْعُوَّ إِلَيْهِ،
      ـ وَطَرِيقَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ،
      ـ وَمَا لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِ.
      وَتُعَرِّفُهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ ثَلَاثَةً أُخْرَى:
      ـ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ،
      ـ وَالطَّرِيقَ الْمُوصِلَةَ إِلَيْهِ،
      ـ وَمَا لِلْمُسْتَجِيبِ لِدَعْوَتِهِ مِنَ الْإِهَانَةِ وَالْعَذَابِ بَعْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ.
      فَهَذِهِ سِتَّةُ أُمُورٍ ضَرُورِيٌّ لِلْعَبْدِ مَعْرِفَتُهَا، وَمُشَاهَدَتُهَا وَمُطَالَعَتُهَا.
      ـ فَتُشْهِدُهُ الْآخِرَةَ حَتَّى كَأَنَّهُ فِيهَا،
      ـ وَتَغَيِّبُهُ عَنِ الدُّنْيَا حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا،
      ـ وَتُمَيِّزُ لَهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فِي كُلِّ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعَالَمُ، فَتُرِيهِ الْحَقَّ حَقًّا، وَالْبَاطِلَ بَاطِلًا،
      ـ وَتُعْطِيهِ فُرْقَانًا وَنُورًا يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ،
      ـ وَتُعْطِيهِ قُوَّةً فِي قَلْبِهِ، وَحَيَاةً، وَسَعَةً وَانْشِرَاحًا وَبَهْجَةً وَسُرُورًا، فَيَصِيرُ فِي شَأْنٍ وَالنَّاسُ فِي شَأْنٍ آخَرَ.
      فَإِنَّ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ دَائِرَةٌ عَلَى التَّوْحِيدِ وَبَرَاهِينِهِ، وَالْعِلْمِ بِاللَّهِ وَمَا لَهُ مِنْ أَوْصَافِ الْكَمَالِ، وَمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ مِنْ سِمَاتِ النَّقْصِ، وَعَلَى الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ، وَذِكْرِ بَرَاهِينِ صِدْقِهِمْ، وَأَدِلَّةِ صِحَّةِ نُبُوَّتِهِمْ، وَالتَّعْرِيفِ بِحُقُوقِهِمْ، وَحُقُوقِ مُرْسِلِهِمْ، وَعَلَى الْإِيمَانِ بِمَلَائِكَتِهِ، وَهُمْ رُسُلُهُ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، وَتَدْبِيرِهِمُ الْأُمُورَ بِإِذْنِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَا جُعِلُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَمَا يَخْتَصُّ بِالنَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ مِنْهُمْ، مِنْ حِينِ يَسْتَقِرُّ فِي رَحِمِ أُمِّهِ إِلَى يَوْمِ يُوَافِي رَبَّهُ وَيَقْدَمُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ فِيهِ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ دَارِ النَّعِيمِ الْمُطْلَقِ الَّتِي لَا يَشْعُرُونَ فِيهَا بِأَلَمٍ وَلَا نَكَدٍ وَتَنْغِيصٍ، وَمَا أَعَدَّ لِأَعْدَائِهِ مِنْ دَارِ الْعِقَابِ الْوَبِيلِ الَّتِي لَا يُخَالِطُهَا سُرُورٌ وَلَا رَخَاءٌ وَلَا رَاحَةٌ وَلَا فَرَحٌ. وَتَفَاصِيلِ ذَلِكَ أَتَمَّ تَفْصِيلٍ وَأَبْيَنَهُ، وَعَلَى تَفَاصِيلِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالشَّرْعِ وَالْقَدَرِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْمَوَاعِظِ وَالْعِبَرِ، وَالْقَصَصِ وَالْأَمْثَالِ، وَالْأَسْبَابِ وَالْحِكَمِ، وَالْمَبَادِئِ وَالْغَايَاتِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ.
      فَلَا تَزَالُ مَعَانِيهِ تُنْهِضُ الْعَبْدَ إِلَى رَبِّهِ بِالْوَعْدِ الْجَمِيلِ، وَتُحَذِّرُهُ وَتُخَوِّفُهُ بِوَعِيدِهِ مِنَ الْعَذَابِ الْوَبِيلِ، وَتَحُثُّهُ عَلَى التَّضَمُّرِ وَالتَّخَفُّفِ لِلِقَاءِ الْيَوْمِ الثَّقِيلِ، وَتَهْدِيهِ فِي ظُلَمِ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَتَصُدُّهُ عَنِ اقْتِحَامِ طُرُقِ الْبِدَعِ وَالْأَضَالِيلِ وَتَبْعَثُهُ عَلَى الِازْدِيَادِ مِنَ النِّعَمِ بِشُكْرِ رَبِّهِ الْجَلِيلِ، وَتُبَصِّرُهُ بِحُدُودِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَتُوقِفُهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَتَعَدَّاهَا فَيَقَعَ فِي الْعَنَاءِ الطَّوِيلِ، وَتُثَبِّتُ قَلْبَهُ عَنِ الزَّيْغِ وَالْمَيْلِ عَنِ الْحَقِّ وَالتَّحْوِيلِ، وَتُسَهِّلُ عَلَيْهِ الْأُمُورَ الصِّعَابَ وَالْعَقَبَاتِ الشَّاقَّةَ غَايَةَ التَّسْهِيلِ، وَتُنَادِيهِ كُلَّمَا فَتَرَتْ عَزَمَاتُهُ وَوَنَى فِي سَيْرِهِ تَقَدَّمَ الرَّكْبُ وَفَاتَكَ الدَّلِيلُ، فَاللِّحَاقَ اللِّحَاقَ، وَالرَّحِيلَ الرَّحِيلَ، وَتَحْدُو بِهِ وَتَسِيرُ أَمَامَهُ سَيْرَ الدَّلِيلِ، وَكُلَّمَا خَرَجَ عَلَيْهِ كَمِينٌ مِنْ كَمَائِنِ الْعَدُوِّ، أَوْ قَاطِعٌ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ نَادَتْهُ: الْحَذَرَ الْحَذَرَ! فَاعْتَصِمْ بِاللَّهِ، وَاسْتَعِنْ بِهِ، وَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
      وَفِي تَأَمُّلِ الْقُرْآنِ وَتَدَبُّرِهِ، وَتَفَهُّمِهِ، أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْحِكَمِ وَالْفَوَائِدِ.
      وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أَعْظَمُ الْكُنُوزِ، طَلْسَمُهُ الْغَوْصُ بِالْفِكْرِ إِلَى قَرَارِ مَعَانِيهِ.
      نَزِّهْ فُؤَادَكَ عَنْ سِوَى رَوْضَاتِهِ *** فَرِيَاضُـهُ حِـلٌّ لِكُـلِّ مُنَزَّهِ
      وَالْفَهْمُ طَلْسَمٌ لِكَنْزِ عُلُومِـهِ *** فَاقْصِدْ إِلَى الطَّلْسَمِ تَحْظَ بِكَنْزِهِ
      لَا تَخْشَ مِنْ بِدَعٍ لَهُمْ وَحَوَادِثِ *** مَا دُمْتَ فِي كَنَفِ الْكِتَابِ وَحِرْزِهِ
      مَنْ كَانَ حَارِسَهُ الْكِتَابُ وَدِرْعَهُ *** لَمْ يَخْشَ مِنْ طَعْنِ الْعَدُوِّ وَوَخْزِهِ
      لَا تَخْشَ مِنْ شُبُهَاتِهِمْ وَاحْمِلْ إِذَا *** مَا قَابَلَتْكَ بِنَصْرِهِ وَبِعِزِّهِ
      وَاللَّهِ مَا هَابَ امْرُؤٌ شُبُهَاتِهِمْ *** إِلَّا لِضَعْفِ الْقَلْبِ مِنْهُ وَعَجْزِهِ
      يَا وَيْحَ تَيْسٍ ظَالِعٍ يَبْغِي مُسَا *** بَقَةَ الْهِزَبْرِ بِعَدْوِهِ وَبِجَمْزِهِ
      وَدُخَانِ زِبْلٍ يَرْتَقِي لِلشَّمْسِ يَسْـ *** تُرُ عَيْنَهَا لَمَّا سَرَى فِي أَزِّهِ
      وَجَبَانِ قَلْبٍ أَعْزَلٍ قَدْ رَامَ يَأْسِـ *** رُ فَارِسًا شَاكِي السِّلَاحِ بِهَزِّهِ
       
      انتهى النقل من: [مدارج السالكين: 1/ 451-453
    • بواسطة زهرة نسرين
      علمتني سورة الكهف
      أن على المسلم أن يأوي إلى سورة الكهف تلاوةً وتدبراً وعملاً لينجو من أعظم الفتن فتنة الدجال وفتنة الدين والمال والعلم..
       
      علمتني سورة الكهف
      (فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا )
      لاتأكل إلاطيباً ولاتُطعِم إلاطيباً
      فالله طيبٌ لايقبل إلاطيباً..
       
      علمتني سورة الكهف
      ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)الصديق الصالح من إذا صاحبته تعلقتَ بالآخرة..
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أنه لا سبيل إلى نيل الهداية إلا من الله فهو الهادي المرشد لمصالح الدارين سبحانه ( مَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا )..
       
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن الرب الذي أمات أصحاب الكهف ثلاث مائة عام وازدادوا تسعا ثم أحياهم بعد ذلك قادر على أن يحيي أمتنا مهما طال سباتها..
       
       
      علمتني سورة الكهف
      من الأدب مع الله تعالى أن لا يقول العبد سأفعل كذا مستقبلاً إلا قال بعدها إن شاء الله وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًاإِلَّا أَن يَشَاءَ الله
       
       
      علمتني سورة الكهف
      (وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا).
      أنه أعظم علاج للنسيان هو الإكثار من ذكر الله فذكر الله والدعاء علاج للنفس والنسيان"
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن عذاب الدنيا مهما بلغ فإنه لا يقارن بعذاب الآخرة
      (قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا)
      نعوذ بالله من النار..
       
       
      علمتني سورة الكهف
      ( احفظ الله يحفظك )
      ( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ
      )قال ابن عباس لو لم يُقَـلّبوا لأكلتهم الأرض."
      فمن حفظ أوامر الله حفظه الله،ومن حفظه الله
      ،سخر له كل شي السماء والأرض والبشر والجمادات والحيوانات
       
       
      علمتني سورة الكهف
      ( وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا
      قال أهل العلم يستفاد من هذه الآية : مشروعية كتمان بعض الأعمال وعدم إظهارها..
       
       
      علمتني سورة الكهف
      " فانطلقا " " فانطلقا " " فانطلقا
      أن النجاح والفلاح في الدارين يحتاج إلى انطلاق ..."
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن الدنيا(وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا)
      فماأقصرهاحياة.!ومـاأهونهاحياة.!
       
       
      علمتني سورة الكهف
      إياك أن يأثر فيك إعراض الناس وعدم قبولهم في مسيرة دعوتك (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)
       
       
      علمتني سورة الكهف
      ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا)
      انتبه لأقوالك ! فرب كلمة تخرجها ترجح بكفة سيئاتك..
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن لا أتعلق إلا بالله فلا ناصر إلا إياه(وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)خير مما على الأرض من متاع وولد
      (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أنه مهما بلغَتْ قوة قلبك وجسدك
      فأنت ضعيف في نفسك قوي بإخوانك..(فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا)
       
       
      علمتني سورة الكهف
      (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)
      ولم يقل سُبحانه أكثر وأدوم !
      بل أحسن ..بإخلاص النية واتباعه.
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أني كلما تعاليت واستكبرت على خلق الله تذكرت(أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)فلمَ الكِبر والخُيلاء.؟
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن من أعظم أسباب الثبات التمسك بالقرآن، فالله قص علينا ثبات أهل الكهف، ثم أعقب ذلك بالوصية وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن من المهارة في القيادة نفع الآخرين بتوظيف طاقاتهم، كما وظف ذو القرنين طاقات قوم لا يكادون يفقهون قولا..!!
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن الكهف أوسع من الفضاء إذا عبدت الله فيه , وأن الفضاء أضيق من الكهف إذا لم تستطع عبادة الله فيه ..
       
       
      علمتني سورة الكهف
      أن صلاح الأب فيه حفظ لأبناءه بعد مماته . ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا)
       
       
       
       
      مما راق لي
    • بواسطة امانى يسرى محمد
      مقصد سورة الضحى:تركّز على رعاية الله لنبيه والامتنان عليه بنعمة الوحي ودوامها له.
      المختصر في التفسير
      . مقصد سورة الشرح:تركّز على إتمام منّة الله على نبيه بزوال الغم والحرج والعسر عنه،وما يوجب ذلك. المختصر في التفسير
       
       
      (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى )
      1-بعدما كان ينام على الحصير ويربط الحجر على بطنه من الجوع ، تنطرح الدنيا عند قدميه .. فيصرفها !
      قلب ممتلئ بـ : وللآخرة خير لك من الأولى . ./ حاتم المالكي
      2-مهما كثر مالك وعظم جاهك في هذه الدنيا فـالآخرة خير لك وابقى فقدم لها
      3- نهاية كل أمر أوسع من أوله ، فلا تقلـق وأحسـن ظنك بالله . / عايض المطيري
      لم يقل الله لرسوله ولسوف يعطيك ربك فتسعد وإنما قال"وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"
      فالخير كله في عطاء الله حتى لو خالف أمنياتنا ..
       
       
       
      (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى )
      تكفل به جده،عمه،ألقى حبه في قلب خديجة، واسته بمالها،صدَّقته حينما كذَّبه الناس، إنها رعاية الله !
      إذا عطَفَ الناس عليك... وأكرموك.. وأعطوك.. فهذا من محبة الله لك .... أودع حبك في قلوبهم !
      / نايف الفيصل
       
       
      { وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}
      السؤال عن العلم والدين أعظم من سؤال المال، فالرفق بسائل العلم والاحتفاء به أولى وأحرى.
      (وأما (السائل) فلا تنهر )
      لم تحدد هُويته ولا جنسه ولا مسألته!
      فلا تزجر أي سائل لمال أو طعام أو علم أو غيره.
       
       
       
      ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
      (نعمة) مفرد مضاف فيعم كل النعم وأعظمها النعم الدينية والقرآن (حدث)
      اذكرها على سبيل الشكرلا العجب والتباهي
      / محمد السريع
       
       

       
       
      "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ"
      1-ليست النعمة الكبرى أن يتغير من أجلك العالم
      النعمة الكبرى أن يتغير صدرك ليحتوى العالم.
      عبد الله بلقاسم
      2-أحياناً يكون عندك كل أسباب السعادة ولا تشعر إلا بالاختناق !
      سكينة القلب إحدى رحماته سبحانه
      3-القلب مستودع العلم والحكمة فمن أراد الله به خيرا وسع قلبه لاستقبال الخير وأخلاه من وساوس الشر
       
       
       
      وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3)الشرح
      إذا كان وزره -وهو المعصوم- قد أثقل ظهره، فكيف بذنوبنا؟!
      وتعظم مصيبةُ مَن لا يحس بثقل ذنوبه وهي كالجبال! /أ. د. ناصر العمر
      كلما زادت خشيتك استشعرت بثِقل وزرك !!
       
       
      (الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ)
      ثقل الظهر يمنع من قطع مسافة السفر، وكذلك الأوزار تمنع القلب من السير إلى الله،
      وتثقل الجوارح من النهوض للطاعة.
      هل تشعر بثقله؟
      هكذا الذنب يثقل الظهر ويوهنه لمن بقي في قلبه إحساس.. د/عمر المقبل
       
       
       
      فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (5)
      إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (6)
      مهما كثرت الهموم.. فإن مع العسر يسرا سيأتيك فرج ينسيك آلام الماضي!
      اطمئن.. ( سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً ) / نايف الفيصل
      إذا ضاقت بك الدنيا فـتذكر : " إن | مع | العُسْر يُسراً " نعم معه ..
      | مع | الضيق الفرج | مع | الفقر الغنى | مع | المرض الصحة/ نايف الفيصل
       
       
      قال الله عن اشتداد المحن(إن مع العسر يسرا)وقال"وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب". قال"مع" ولم يقل "بعد"؛إنه دليل على السرعة والمزامنة. /سعود الشريم
      مايُصيب المرء من أوجاع وإبتلاءات ماهي إلا خير له سواءاً أدركه أم لم يُدركه وما غلب عُسر يُسرَين؛ فإن مع العُسر يُسراً إن مع العُسر يُسراً
       
       
       
      فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7)
      { فإذا فرغت فانصب}
      قال عمر: إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سهلا لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة . /محمد الربيعة
      هل تجد فراغاً في وقتك؟ فإذا فرغت فانصب..وإلى ربك فارغب
      الفراغ فرصة للقرب من الله . / نايف الفيصل
       
      (فإذا فَرَغْتَ فَانصَبْ)
      قال بعض العلماء: "إذا فرغت من أشغال الدنيا فانصب في عبادة ربك"، وأرجح الأقوال: إذا فرغت من عملٍ فانصب في عملٍ آخر، إذا فرغت من عمل الدنيا فانصب في عمل الآخرة، وإذا فرغت من عمل الآخرة فانصب في عمل الدنيا، وإياك والكسل، وإياك والخمول، وإياك واللهو، وإياك واللعب، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أنه مرّ برجلين يتصارعان، فقال: ما بهذا أُمرنا بعد فراغنا"، وكان عُمر - رضي الله عنه – يقول: "إنّي لأكرهُ لأحدكم أن يكون سَبَهْلَلاً، لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة ".


       

      { فإذا فرغت فانصب}
      قال الضحاك : فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء / محمد الربيعة



      وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8)
      " وإلى ربك فــارغـــب "
      ماذا ترغب ؟؟ ارغب فيما عند الله يحبّك الله...
      وارغب فيما في أيدي الناس يُبْغضك الناس... / نايف الفيصل
       
      (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)
      إلجأ إلى الله في تحقيق مطلوبك(إنا إلى الله راغبون)وتقديم الجار والمجرور(إلى ربك) يفيد الحصر،لأن الرغبة لا تكون إلا لله / محمد السريع


       

      المصدر



      اسلاميات وحصاد التدبر


    • بواسطة مريم فوزي
      بسم الله الرحمن الرحيم



      .. (:


       

      رابط الموضوع الأصلي :



      http://akhawat.islam...howtopic=333931

       
       
       




      وعدناكنَّ منذ فترة طويلة مع أول المسابقة بهذا الوعد، و الذي هو أن نفتح موضوع بالساحة به تدبراتكنَّ الطيبة (:



      فقبل أي شيء اعتذار واجب لكنَّ على كل هذا التأخير



      لكننا على الوعد إن شاء الله، و أنتنَّ بالقلب دومًا : )


       

      و نوصي أنفسنا و إياكنَّ كما كانت الوصية في المرة الأولى ()


       
       
       



       

      إن شاء الله سنضع هنا تدبرات كل أخت على حدى في رد وحدها ()



      هناك بعض الأخوات لم يشاركن بتدبر كل الآيات، لكننا سنضع تدبراتهنَّ حتى لو اقتصر الأمر على تدبر واحد ..



      نفع الله بكنَّ جميعًا (":


       

      يقول ابن تيميه : ” من تدبر القرآن طالبا الهدى منه , تبين له طريق الحق “. ~



      نسأل الله أن يجعلنا و إياكنَّ من أهل القرءان الذين هم أهل الله و خاصته


       

      ♥ ~ صمــ همسة الأمل تُ ~♥


منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×