اذهبي الى المحتوى
امة من اماء الله

خلاصة السيرة النبوية لابن هشام نصوص ودروس(5)

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

إقـامته الثانية فـي بني سعد وحـادثة شـق البطـن

 

أ- قال ابن اسحاق مواصلا حكاية قول حليمة السعدية:

 

قالت : فرجعنا به، فوالله أنه بعد مقدمنا بأشهر مع أخيه لفي بهم (جمع بهمة : أولاد الضأن والمعز) لنا خلف بيوتنا، إذ أتانا أخوه يشتد : (يسرع)، فقال لي ولأبيه : ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاه، فشقا بطنه، فهما يسوطانه (أي يضربانه). قالت : فخرجت أنا وأبوه نحوه، فوجدناه قائما منتقعا لونه (أي متغيرا من الخوف). قالت : فالتزمته (أي اعتنقته) والتزمه أبوه، فقلنا له : ما لك يا بني: قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاني وشقا بطني، فالتمسا شيئا لا أدري ما هو. قالت : فرجعنا إلى خيامنا. قالت : وقال لي أبوه يا حليمة، لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به، قالت : فاحتملناه، فقدمنا به على أمه، فقالت : ما أقدمك به يا ظئر(الظئر : العاطفة على ولد غيرها) وقد كنت حريصة عليه، وعلى مكثه عندك؟ قالت : فقلت : قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي، وتخوفت الأحداث عليه، فأديته إليك كما تحبين، قالت : ما هذا شأنك، فاصدقيني خبرك. قالت : فلم تدعني حتى أخبرتها. قالت : أفتخوفت عليه الشيطان؟ قالت : قلت نعم : قالت : كلا، والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لبني لشأنا، أفلا أخبرك خبره، قالت : بلى، قالت : رأيت حين حملت به، أنه خرج مني نور أضاء قصور بصرى من أرض الشام، ثم حملت به، فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف ولا أيسر منه، ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض، رافع رأسه إلى السماء، دعيه عنك وانطلقي راشدة. (السيرة النبوية 1/164-165)

 

 

ب- ممايستفاد من النص:

 

 

1- أنه صلى الله عليه وسلم أقام مرة ثانية في بني سعد أشهرا بعد الإقامة الأولى التي أتم فيها سنتي الرضاع كما تقدم (حتى مضت سنتان وفصلته.. فرجعنا به، فوالله أنه بعد مقدمنا بأشهر..) وذلك جعله يستفيد من البادية كثيرا في لسانه وجسمه وعقله.

 

 

2- أنه شارك في رعي الغنم في هاته السن المبكرة، ثم رعاها بعد كبيرا لأهل مكة على قراريط، وما “من نبي إلا وقد رعى الغنم” إعدادا له. (..مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا).

 

 

3- إن حادثة شق الصدر وقعت له أول ما وقعت وهو في الثالثة من عمره (فوالله أنه بعد مقدمنا بأشهر.. إذ أتانا أخوه يشتد..) وفي صحيح مسلم (باب الإسراء من كتاب الإيمان).

 

وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست مِنْ ذهب بماء زمزم ثم لأَمَهُ، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه (يعني ظئره) فقالوا : إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس : وقد كنت أرى ذلك المخيط في صدره”.

ثم تكررت الحادثة أول الإسراء قبل العروج إلى السماء، كما في صحيح مسلم أيضا باب الاسراء.

 

 

4- إن حادثة شق الصدر هاته من أكبر التحضيرات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد نزع من صدره في وقت مبكر أصل الغل، وأخرج من قلبه حظ الشيطان، فصار طاهرا مطهرا، غير قابل لأن تؤثر فيه البيئة و المحيط أثرا غير صالح، إذ لم يعد موجودا فيه ما به تحصل الاستجابة لذلك والتجاوب معه، فنما زكيا وترعرع نقيا لتلقي الحق، حتى جاءه الحق وهو أكثر ما يكون استعدادا.

 

 

 

أ.د. الشاهد البوشيخي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وُلد مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ، رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ؟

 

السؤال:

هل ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم وُلد رافعا أصبعه ورأسه إلى السماء ؟

الجواب :

الحمد لله

روى عبد الرزاق في "المصنف" (9718) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : أن أمه صلى الله عليه وسلم قالت : لَقَدْ وَلَدْتُهُ حِينَ وَلَدْتُهُ ، فَخَرَّ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ، رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ " .

وهذا مرسل صحيح الإسناد .

ورواه ابن حبان (6335) ، وأبو يعلى (7163) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، رَضِيَ الله عَنْهما ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ السعدية ... فذكر قصة إرضاعه صلى الله عليه وسلم ، وفيه : أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَتْ:

" ... ثُمَّ وَضَعْتُهُ ، فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَهُ بِالْأَرْضِ، رَافِعًا رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ".

وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان :

" في سنده انقطاع بين عبد الله بن جعفر -وهو ابن أبي طالب- وبين حليمة.

وجَهم بن أبي جهم : ذكره المؤلف في "الثقات" 4/113، فقال: يروي عن عبد الله بن جعفر، وعن المِسور بن مَخْرَمَةَ ، وهو مولى الحارث بن حاطب القرشي ، روى عنه محمد بن إسحاق وعبد الله العمري ، والوليد بن عبد الله بن جميع، وذكره البخاري 2/229، وابن أبي حاتم 2/521، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلا.

ولا يعرف لحليمة رواية إلا هذا الحديث، ولم يثبت أنها رأت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد بعثته " انتهى مختصرا .

ورواه الآجري في "الشريعة" (964) ، والبيهقي في "الدلائل" (1/132) ؟، وابن عساكر في "التاريخ" (3/91) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي جَهْمٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: حُدِّثْتُ عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ ... فذكره .

وهذا إسناد ضعيف ، جهم بن أبي الجهم مجهول ، ذكره الذهبي في "الميزان" (1/ 426) وقال : " لا يعرف، له قصة حليمة السعدية " انتهى .

ولم يسمع هذه القصة من عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، لقوله : " حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ ".

وعبد الله بن جعفر لم يسمعها من حليمة السعدية ، لقوله : " حُدِّثْتُ عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ ".

ولكن هذه الأخيرة علة خفيفة ، لأن عبد الله بن جعفر صحابي غير أنه من صغار الصحابة .

ورواه ابن سعد في "الطبقات" (1/81 ،120) ، من طريق شيخه الواقدي من طرق متعددة ، ولكن الواقدي متهم ، كذبه الإمام أحمد وغيره ، وقال أبو داود : لا أكتب حديثه ولا أحدث عنه ، ما أشك أنه كان يفتعل الحديث . وقال بندار : ما رأيت أكذب منه.

وقال إسحاق بن راهويه : هو عندي ممن يضع الحديث .

راجع : "تهذيب التهذيب" (9 /323-326)

فلا عبرة بما روى .

والحديث ضعفه الشيخ الألباني ، قال رحمه الله ، في "التعليق على فقه السيرة" للبوطي :

" القصة لم تأت بإسناد تقوم به الحجة وأشهر طرقها ما رواه محمد بن إسحاق عن جهم بن أبي جهم عن عبد الله بن جعفر عن حليمة بنت الحارث السعدية

أخرجه أبو يعلى (ق 128 / 1) وعنه ابن حبان (2094 - موارد) وأبو نعيم في (دلائل النبوة) (1 / 47) عن ابن إسحاق به وأخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) (1 / 108) عنه أيضا إلا أنه قال: حدثنا جهم بن أبي الجهم - مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب وكان يقال: مولى الحارث بن حاطب - قال: حدثنا من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة بنت الحارث .

قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان:

الأولى: الاضطراب في إسناده كما هو ظاهر ، ففي الرواية الأولى عنعنة ابن إسحاق من جميع رواته ، وفي الأخرى تصريحه بالتحديث ، مع تصريح الجهم بأنه لم يسمعه من عبد الله بن جعفر ، وتصريح هذا بأنه لم يسمعه من حليمة .

فعلى الرواية الأولى : فيه انقطاع بين ابن إسحاق والجهم ، لأن الأول مشهور بالتدليس .

وعلى الرواية الأخرى : الانقطاع في موضعين منه .

ومنه تعلم وهم الحافظ في (الإصابة) حيث قال (4 / 266) : (وصرح ابن حبان في (صحيحه) بالتحديث بين عبد الله وحليمة) ؛ فإنه لا أصل لهذا التحديث عند ابن حبان ولا عند غيره ممن ذكرنا .

ويستبعد جدا أن يدرك عبد الله بن جعفر حليمة مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان عبد الله ابن عشر سنين ، وهي وإن لم يذكروا لها وفاة ، فمن المفروض عادة أنها توفيت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم . والله أعلم .

وسواء كان الراجح الرواية الأولى ، أو الأخرى : فالإسناد منقطع لا محالة .

والعلة الأخرى : أن مداره على جهم بن أبي الجهم ، وهو مجهول الحال ، قال الذهبي في (الميزان) : (لا يعرف له قصة حليمة السعدية) .

وأما ابن حبان فذكره في (الثقات) (1 / 31) على قاعدته في توثيق المجهولين .

وللقصة عند أبي نعيم طريقان آخران مدارهما على الواقدي ، وهو كذاب ، أحدهما عن شيخه موسى بن شيبة ، وهو لين الحديث ، كما قال الحافظ في (التقريب) ، والأخرى عن عبد الصمد بن محمد السعدي عن أبيه عن جده قال: حدثني بعض من كان يرعى غنم حليمة. . . وهؤلاء مجهولون" .

انتهى ، من "دفاع عن الحديث النبوي" (39) .

وقال أيضا ، في "تعليقه على صحيح ابن حبان" (9/128) :

" .. صرَّح ابن إسحاق بالتحديث في "سيرة ابن هشام" (1/ 172)، لكنَّه شكَّ، فقال: عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أو عمَّن حدَّثه عنه، قال ..... ؛ فذكره.

فلم تطمئن النفس لاتصاله، ولا سيما وجهمٌ هذا مجهول الحال؛ لم يُوَثِّقْهُ غير ابن حبان (4/ 113)، وقال الذهبي في "الميزان" وغيره: "لا يُعرف" . انتهى .

وينظر : "المطالب العالية" لابن حجر ، وتعليق المحققين (17/180-182) .

وهذا الحديث مشهور برواياته ، وطرقه ، عند أهل السير ، كما قال ابن كثير رحمه الله :

" هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ، وَهُوَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي " انتهى من "البداية والنهاية" (2/ 275) .

ولعله ، لشهرته : قواه الذهبي رحمه الله ، فقال عن حديث ابن إسحاق المتقدم :

" هذا حديث جيد الإسناد " انتهى من "تاريخ الإسلام" (1/48) .

والله أعلم .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×