اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

لماذا نقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة؟(2)

المشاركات التي تم ترشيحها


هذه حلقة ثانية من حلقات البحث عن الحكمة من قراءة سورة الكهف كل يوم جمعة، وقد وَفَّق الله سبحانه لاستخراج عشر حِكمٍ جديدة من هذه السورة المباركة، وهي:

الأولى: كشفت سورة الكهف عن دعاء مستجاب، نطقتْ به ألسنةٌ صادقة، وقلوب مخلصة؛ إنَّهم فِتية الكهف، ويعد كنزًا من كنوز القرآن العظيمة للداعين، وهذا الدعاء أخبَرَنا الحق عنه بقوله: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].

الثانية: تعلِّمنا سورةُ الكهف أنك إذا دعوتَ الله سبحانه في حوائجك فلا تحدِّد؛ فإنَّ عطاءه أوسع مما تطلب.

إنَّ أصحاب الكهف كانوا يَنشدون السلامةَ من عدوِّهم، فدعَوْا بهذه الكلمات المباركة: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10]، فاستجاب لهم، وأكرَمَهم بآيات خلدت في القرآن، وأصبحت حديث الأيام.

الثالثة: تُعلِّمنا سورة الكهف درسًا مهمًّا من دروس علم الاقتصاد؛ وهو إصلاح ما يمكن إصلاحه من ممتلكاتنا، قال تعالى: ﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾ [الكهف: 77].

الرابعة:‏ تعلِّمنا سورة الكهف قاعدةً من قواعد التعامل مع الآخرين، وهي التلطُّف، قال تعالى:﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ ﴾ [الكهف: 19].

هذه الكلمة القرآنية المباركة نطَق بها أحد فِتية الكهف، وسجَّلها القرآن.

الخامسة: تعلِّمنا سورةُ الكهف أن يكون ذكر الله على ألسنتنا في كل أحوالنا؛ لأنَّ أثر الإيمان يظهر على ألسنة المؤمنين الصَّالحين، وقد أحصيتُ في سورة الكهف عشرة مواقف تؤكِّد ذلك، وهي:

1 - أوى الفتية إلى الكهف فكانت أول كلمة نطقوا بها: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].

2 - وعندما تساءلوا عن المدة التي استغرَقوها في نومهم، كان قولهم: ﴿ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُم ﴾ [الكهف: 19].

3 - والمؤمنون الذين تنازعوا في أمر أصحاب الكهف ختموا نقاشهم بالقول: ﴿ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ﴾ [الكهف: 21].

4 - اختلف الناس في عدَّة أصحاب الكهف، فأمَرَ الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يقول: ﴿ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ﴾ [الكهف: 22].

5 - وعندما اختلفوا في مدَّة نومهم، أمره الله أن يقول: ﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ﴾ [الكهف: 26].

6 - وفي قصة صاحب الجنتين، قال المؤمن: ﴿ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 38].

7 - والكليم موسى عليه السلام يقول للعبد الصالح: ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ﴾ [الكهف: 69].

8 - والعبد الصالح يقول: ﴿ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ [الكهف: 82].

9 - وذو القرنين يقول: ﴿ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ [الكهف: 95].

10 - ويقول مكررًا لفظ ربِّي ثلاث مرات في آية واحدة: ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 98].

السادسة: تعلِّمنا سورةُ الكهف أن يتفقَّد الإنسان نفسه، ويطيل النظر في أحواله؛ خوفًا من أن يُمضي دهرًا من عمره وهو من الأخسرين، ويظن أنه من المحسنين!

وتأمَّل قوله تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104].

السابعة: تعلِّمنا سورة الكهف أنَّ البحث عن أطايب الطعام وأزكاه أمرٌ مشروع، قال تعالى: ﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ ﴾ [الكهف: 19].

الثامنة: في قوله تعالى: ﴿ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1]:

‏توجيه للتمسُّك بالقرآن الكريم، الذي ليس فيه اعوجاج ولا خلَل، ونحن بأمسِّ الحاجة إلى هَدْيِه في عصر الفتن، وقراءةُ ذلك كل يوم جمعة تَذكيرٌ بهذه الحقيقة، وتثبيت لها.

ولهذا حمد الله سبحانه نفسَه، وعلَّمنا أن نحمده على هذه النِّعمة العظيمة فقال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1].

التاسعة: تعلِّمنا سورة الكهف أنَّ الإنسان في هذه الأرض يعيش فترةَ اختبار، فهل سيحسن أم يسيء؟ قال تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7].

وأنَّ زينة الحياة بهرج سرعان ما سينقضي وينتهي، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [الكهف: 8].

وقراءتها كل يوم جمعة تأكيدٌ لهذا المعنى في قلب المسلم، وتطبيق ذلك في حياته.

وقد ذكر ذلك في أول السورة.

العاشرة: أنَّ العمل الصالح وَفق منهج هذا الكتاب يوصلنا إلى لقاء الله سبحانه، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

وقد ذكر ذلك في آخر السورة.

ونحن نشهد في هاتين الحكمتين الأخيرتين ملمحًا من ملامح الترابط الجميل بين فاتحة هذه السُّورة وخاتمتها!

وكل ما جاء في هذه السورة من تفاصيل وأحداث يَهدف للوصول إلى هذه النتيجة.

فسبحان الله مِن ملكٍ جليل! ما أجلَّ كلامَه، وأحسَنَ بيانَه!

د. عبدالسميع الأنيس
شبكة الألوكه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×