اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

وسائل الصبر على معاملة الأقارب السيئة

المشاركات التي تم ترشيحها

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بعض الأقرباء قاطعونا، ولفَّقوا عليَّ كلامًا لم أتلفظ به، ولكن قبل المقاطعة أخطؤوا فينا في منزلنا، ولكنِ احترمنا وجودَهم في البيت، ولم نردَّ الخطأ بالخطأ، والآن هم مَن قاطعونا لمدة تزيدُ عن سنة، حتَّى إنَّهم قطعوا المجيءَ لزيارتنا، سواء برمضان أم بالعيد أم بغيره، رغم أنِّي اتَّصلت حتى أفهم السبب، لكنَّ أعذارهم كانت "مُجرد انشغال في الدُّنيا"؛ يعني: تَهربوا من ذكر السبب، الآن نريد النُّصح منكم كيف التصرُّف معهم؟
جُزيتم خيرًا.

 

الجواب
من أكثر الصُّعوبات التي تُواجهنا مع الاستشارات عن بُعد أنْ نضطر لتخمين جنس وعمر المرسِل؛ حيث إنَّ لذلك أكبر الأثر بالنظر للمشكلة من زاويتها الحقيقيَّة؛ لذلك من الصَّعب أن تكونَ إجابتي لهذه الاستشارة وافية بشكل خاص، قد أستطيع الجوابَ بشكل عام، وإن كانت المشكلات لا تعمم، فلكلِّ مشكلة أسبابُها الخاصة بها، وحلولها الأنسب لها تحديدًا.

لا شكَّ أنَّه من المؤلم والصعب ما يَحصل معكم، فالإنسان لو لم يأمن أقاربه، فمن سيأمن؟! ولو عجز عن تصفية النفوس تُجاههم فهل سيرتاح؟

هل يُخفِّف من وطء الألم والصَّدمة أنْ تعلمَ أنَّ هذا أمرٌ طبيعي، ويَحدث في كثير من البيوت، فالشيطانُ لا يستقيلُ، ويُمارس عمله بهمَّة، وها قد نَجَح بالإيقاع بينكم وبين هذه العائلة.

من الوصف يبدو أنَّ العائلة وقعت في مشاكلَ سبَّبت ذلك؛ حيث أخطؤوا فيكم، ولَفَّقوا كلامًا، وغير ذلك مما قاموا به، ولا شَكَّ أنَّه سببٌ، وإن كان يصعُب الجزم به، قد يكون السبَبُ هو مجرد ضعفٍ بالنُّفوس وقلة ثقة.

لكن مهما كانت الأسباب لا تُضيعوا الكثير من الوقت في التفكير بها، فالله - تعالى - يُحاسبنا على ما نقوم نحن به، ليس على ما يقوم به الآخرون، فاجعلوا التركيزَ على ما يَجب عليكم التصرُّف به.

وأنتم تحتاجون الحكمةَ ولا شك للتعامل مع عائلة بهذه العقليَّة التي تصفها.

وأوَّل الطريق أن تربطوا أعمالَكم بدايةً برضا الله، فمهما بحثنا عن رضا الآخرين، فلن نصلَ له؛ ما لم نشترِهِ برضا الله أولاً.

ثانيًا: لا تَجعلوا أحدًا أيًّا كان يدفعُكم للقيام بما يُخالف أخلاقكم وقِيَمكم، ولمست التربية والاحترامَ من خلال الكلام أعلاه، فلو تطوَّع أحدُهم لنقل كلام بينكما فارفضوا سماعَه، واكتفوا بأنْ تخبروه بخطر النَّميمة، وأنَّها من أول أسباب إفساد العلاقات والمجتمع؛ لذلك جعلها الله من الكبائر.

وتذكروا قوله - تعالى -: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة:2 - 8]. 

فلا تَجعلوا عداوتهم لكم سببًا بأنْ تنسوا الأصلَ بالتقوى، وهو أنَّ تعامُلَكم لله ليس لبشر، تَختلف القاعدة تمامًا حينما ندرك هذه المشاعر، وحينما نتعامل مع الله لنزيد رصيدَ حسناتِنا وقربنا من الله، وقْتَها لن يعنينا كثيرًا، ولن يُحبطنا الآخرون حين لا يُقدِّرون ما نفعله، ولن يكونَ ذلك بالأمر السهل ما لم ندرِّب نفوسَنا عليه ونجاهدها؛ لنصل له بإذن الله.

يساعدكم على ذلك تذكُّر ما ورد بصلة الرحم؛ كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الرَّحم مُعلقة بالعرش تقول: مَن وصلني وصله الله، ومَن قطعني قطعه الله))؛ (رواه مسلم).

وعنه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصلْ رحمه))؛ رواه البخاري.

أما كونهم هم البادئين بالقطيعة، وهم مَن التمس المشكلات؛ لتصل لهذه النهاية، لستِ وحْدَك مَن يعاني هذه المشكلة، فقد عاناها الناس من قديم من أقارب يُوادُّونَهم فلا يجدون استجابةً، ويحسنون إليهم فيزيدهم ذلك إعراضًا، لكن ذلك يعني الكثير، فيكفي أنَّ الله سيكون الظهير عليهم وقتَها، كما وصلنا عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قال: يا رسولَ الله، إنَّ لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويَجهلون عليَّ، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنْ كنتَ كما قلت، فكأنَّما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم، ما دُمت على ذلك))؛ رواه مسلم (2558)، والمَلُّ: يعني الرمل الحار. 

تذكروا دائمًا أن الأجر يكون بوصل ما يقطعُه الأقارب، ليس بالصَّبر عليهم عن بُعد فحسب؛ فعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قطعت رَحِمُه وصلها))؛ رواه البخاري.

ابذلوا الجُهد، واستمروا بمحاولاتِكم لوصلهم، ولا تَجعلوا الشيطان يُحبطكم، لكن لا يعني ذلك أنْ تَجعلوهم يتمادَوْن في الحديث عنكم، لكن تلمَّسوا الحكمةَ بفهمهم، وضَعُوا طريقةً تريحكم في التعامُل معهم، دون أنْ يعيد ذلك المشكلات بينكم، بإذن الله.

فانتبهوا لسوء الظنِّ وإطلاق الأحكام على النوايا وتَجنَّبوه تمامًا، فهو من أشد ما يفسد القلب ويُؤدِّي للعداوة.

وأرسلوا لهم الهدايا، فلها سحر عجيب بتأليف القلوب، وتحدَّثوا عنهم بخير، وإنْ لم تجدوا، فتجنبوا الحديث عنهم - على الأقل - بسوء، وابذلوا جُهدكم بتصفية قلوبكم تُجاههم، وأكثروا من الدُّعاء بذلك.

فما في القلوب ينتقل أسرعَ مِمَّا تقوله الألسن؛ لذلك تجد الكثير من الناس يتوترون دون أن نسيء معاملتهم؛ فقط لشعورهم بالنَّقص أو عدم التقدير.

بعض الشخصيات يفيد معها التجاهُل، والبعض يَحتاج مواجهة بحكمة، والبعض الآخر يكفي معه الإحسان، وقد لا يُجدي شيء، فيكون عليكم اختيار الطريقة التي تريحكم في التعامُل، ولا شيءَ يُريح قدر رَبْط الأمور بالله والأجر، والرضا عن النفس؛ لأنَّها لم تنزلق للأخلاق السيئة بالتعامل، وللمعاملة بالمثل والانتقام للنفس.

فلا شيءَ يعدل ذلك الشعور بأن الله معنا، وأنه فحسب من يهمُّنا رضاه، وقتها ستبدو كلُّ الأمور صغيرة، ولا تكاد تؤثر علينا.

وفقكم الله وأعانكم.

المصدر الألوكه
الفتاوى والاستشارات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×