اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

حَجْب الموقِع أم حَجْب القلب؟

المشاركات التي تم ترشيحها

image.jpeg.c3e244c815644f4d889e0810143bc9c3.jpeg



تَعمَد عددٌ من الدول إلى حجب المواقع التي تسيء إلى بلدانها ورموزها السياسية، والقليل من هذه الدول التي تحجب تلك المواقع التي تنشر الفحش والفجور الأخلاقي، والمواد الإباحية! ولقد تفنن الناسُ في البحث عما يكسر هذه الحُجُب؛ بإصدار البرامج التي تتجاوز الحجب، ليمتّع ناظريه بما حُجِب عنه! وهنا تبدأ رحلةٌ لكن من نوعٍ آخر، إنها رحلةُ حجب القلب عن مقام نظر الرب!

إن الإحصائيات التي تنقلها المواقع المعتمَدة في عدد الدخول إلى أمثال هذه المواقع الإباحية -في الدول العربية والإسلامية- أرقامٌ مرعبة ومحزنة! وهي تثبت أن المنع وسيلةٌ -مع أهميتها وضرورة بقائها- لكنها ليست هي الأقوى.

وفي نظري أن الأهم في التعامل مع هذه المشكلة أن يُكثَّف الحديث عن الأكسير الأكبر -في تقليل آثار هذه المواقع التي تتزايد في الدقيقة الواحدة-، ذلكم هو: تقوية عبادة المراقبة والخوف من الله، والتأمل في أثر هذه المواقع وإدمانها في "حجب القلب" عن الله؛ فذاك العذاب الأكبر عند أهل القلوب الحيّة!

إنني أكتب هذه الأحرف، ورسائل الشكوى التي يرسلها المكتَوون بنار تقليب صفحات تلك المواقع ماثلةٌ أمامي، وآهاتُ أصحابها المكتوبة كأنما هي -من شدة الألم- تنطق عما أحدثته في نفوسهم!

كم شكى عددٌ من الشباب مِن فقد لذة العبادة التي كان يجدها! وكم حُرِمَ مِن قيام ليلٍ كان يراه جنةَ قلبه في هذه الحياة المنغَّصة! وكم نسي عددٌ منهم ما كان يحفظ من كتاب الله! وكم فتحت لهم هذه المعصية أبواباً أخرى من المعاصي! وكم هَوَتْ قلوبٌ -بسبب هذه المناظر- من علياء التألق الإيماني إلى دَرَكٍ من الهمّ والغمّ! وكم أبعدتهم عن مجالس الأخيار لشعورهم بتأنيب داخلي، وتناقُضٍ بين ظاهرهم وباطنهم؛ فقادهم هذا الانقطاع إلى الارتباط بصداقات جديدة قرّبتهم من المنكرات، وأنستهم مجالس الذكر والعِبَر والعظات!


Image result for بعلمك ان نظر الله اليك اسبق"

إن من المهم أن يتدارك -المبتلى بهذا الداءِ- نفسَه قبل أن يصطدم بجدار الموت، أو يستمر "حجب قلبه" والعياذ بالله.

ومن الأسباب المعينة على ذلك:


أولاً: استشعار مراقبة الله تعالى للعبد، وأنه مطّلع عليه، وأن يتخيل نفسَه لو دخل عليه رجلٌ من كرام عشيرته، ورآه على معصيةٍ ما، ما حاله؟! الله أولى بهذا الحياء! وليحذر أن يكون له نصيب من هذه الآية التي ذمّ الله أهلها: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً﴾[النساء: 108].

ثانياً: تذكرُ ثمرة خوف الله في الخلوات، فإن ذلك يورث عز الدنيا والآخرة: 
﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾[النازعات: 40، 41]، وليست هي جنةً واحدة، بل جنتان: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان﴾[الرحمن: 46].

ثالثاً: البعد بل الحذر من الاقتراب من كل ما يمهّد السبيل للنظر الحرام، وإغلاق الباب مبكراً، ولهذا جاء التعبير القرآني في النهي عن الزنا بقوله: 
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾[الإسراء: 32]، ولم يقل: ولا تزنوا؛ لأن الزنا غالباً تكون له مقدمات، ومن أخطرها أمثال هذه المواقع.

رابعاً: التفكرُ فيما يفوت المُطلق لبصرِه من بركاتٍ وآثار على القلب، والتي لو لم يكن منها إلا ضعفُ أو فَقْدُ التلذذ بالعبادة -التي شكى منها كثيرون- لكفى بها حسرة! ولا عجب! "فأعظم عذاب الروح انغماسها وتدسيسها في أعماق البدن، واشتغالها بملاذّه، وانقطاعها عن ملاحظة ما خُلِقَتْ له، وهُيئت له، ولكن سُكْرَ الشهوات يحجبها عن مطالعة هذا الألم والعذاب، فإذا صحتْ من سُكْرِها، وأفاقتْ من غَمْرَتِها، أقبلت عليها جيوشُ الحسرات من كل جانب، فحينئذ تتقطع حسراتٍ على ما فاتها من كرامة الله وقُربِه، والأُنس به"([1]).

وما أجمل تَذَكّر تلك الوصية التي أوصى بها أحدُ السلف تلميذَه فقال: «اتق الله في خلواتك، وحافظ على أوقات صلواتك، وغض طرْفَك عن لحظاتك؛ تكن عند الله مقرباً في حالاتك»([2]).

"زهّدنا الله وإياك زهادةَ من أمكنه الحرام والذنوب في الخلوات، فعلم أن الله سبحانه وتعالى يراه فتركه"([3]).


Image result for غض البصر"

............................

([1]) مفتاح دار السعادة (1/150).


([2]) حلية الأولياء (10/ 162).

([3]) هذه دعوة كان يقولها التابعي الجليل بكر بن عبدالله المزني -رحمه الله- إذا لقي أحداً من إخوانه، كما في حلية الأولياء (6/ 303).


الموقع الرسمى لدكتور عمر المقبل


Image result for السلام عليكم"

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

كلام واقعي اختي الحبيبة ونقل قيم ,

انه الغراغ في حياة الاغلب من الناس  والله المستعان 

فلو كل أمرءِ وجد ما يشغله لما التفت الى البحث عن تلك المواقع 

علنا نبحث في حياتنا عما يشغلنا , ليس ما يشغلنا فحسب بل ما يفيدنا...

كطلب العلم ولو حتى في سن متقدم او الانشغال بعمل منه جدوى 

وقتها سنجد هذه المواقع بحاجة لاعلانات لتجد من يشاهدها 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا على هذه التذكرة القيمة 

ونسأل الله أن يحفظ شبابنا ونسائنا من هذه المحرمات .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
في ٤‏/٦‏/١٤٤١ هـ at 09:10, قالت أمّ عبد الله:

جزاك الله خيرا على هذه التذكرة القيمة 

ونسأل الله أن يحفظ شبابنا ونسائنا من هذه المحرمات .

اختي بارك الله فيك حاولت ااتواصل معك برسالة ما استطعت حول امر يخص المنتدى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×