اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

تأملات في سورة القمر

المشاركات التي تم ترشيحها


 تبدأ السورة بخبرٍ عن اقتراب الساعة وانشقاق القمر؛ قال تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1]، هذه الآية العظيمة من آيات الله في الكون التي يجب أن نعتبر بها، ونتأهب لقرب هذا اليوم العظيم العسير على الكافرين، اليسير على المؤمنين.
 
 ﴿ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر: 3]؛ التكذيب والإعراض عن الحق، والادعاءات والافتراءات الباطلة - هي الحجج والوسائل الفاسدة الباطلة التي اعتاد استخدامَها المعرضون عن الحق المتبعون لأهوائهم.
 
 تتوالى آيات الله في الكون ومن حولنا، وقد ذكر الله تبارك وتعالى بعض القصص للأقوام السابقة في هذه السورة الكريمة، وذكر الله لنا أن التكذيب واتباع الهوى من أكثر الآفات القلبية المدمرة للإنسان.
 
 في قصة نوح عليه السلام أوضح الله لنا عاقبة التكذيب والافتراءات الباطلة، وخطورة القسوة والتعدي، ورفض الاستسلام والانقياد لأوامر الله واتباع رسوله؛ فكانت العاقبة الهلاك بالغرق في الدنيا والخلود في العذاب في الآخرة.
 
وظهرت لنا أهمية السعي والدأب والصبر والتوكل على الله من خلال شخصية نوح عليه السلام، وتعلمنا منه أهمية الدعاء واللجوء إلى الله عز وجل، والتضرع إليه مع اليقين وحسن الظن بالله في النصر والنجاة.
 
 مراقبة الله في كل الأقوال والأفعال، واستشعار معية الله وإحاطته بكل شيء وكل صغيرة وكبيرة؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ ﴾ [القمر: 52، 53].
 
 اليقين في إجابة الله عز وجل وأنه قريب مجيب للداعي؛ فوعده حق، وبذلك تكون منَّة الله ونعمته وفضله علينا بتهدئة النفس وسكينتها من خلال الاعتقاد بعدله ورحمته؛ فلا نيأس من روح الله.
 
 وتختتم قصة قوم نوح عليه السلام بتيسير القرآن لمن أراد وسعى واجتهد ليتدبره، ويتفقه على الوجه الحق الذي أراده الله وقَصَدَهُ؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 17]؛ فكما كانت السفينة وسيلة النجاة للمؤمنين، فإن القرآن والعمل بأوامر الله واجتناب نواهيه هو النجاة لنا في الدنيا والآخرة.
 
 تنتقل بنا السورة لتقصَّ علينا خبر قوم عاد، وأن التكذيب هو الأسلوب المتبع لدى الكفار؛ ومن هنا إشارة للمؤمن الحق بضرورة التسليم والتصديق بشرع الله وأوامره.
 
 وكيف كان عقاب الله لقوم عاد عقابًا سريعًا وشديدًا في قوته، ومستمرًّا في دوامه اليوم بأكمله، وقبل العذاب يأتي دومًا الإنذار؛ قال تعالى: ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ [القمر: 18]، فيجب علينا أن نتعظ ونسرع بالتوبة والرجوع إلى الله، والندم على ما نرتكبه من معاصٍ وذنوب.
 
 وتختتم القصة بذكر فضل القرآن، وضرورة تعهده بتطبيق أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره؛ في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 22].
 
 وتبدأ قصة نبي الله صالح عليه السلام، ويكون التكذيب هو السلوك المتبع عند الكفار، وزاد عليه اتهامهم لصالح عليه السلام بالتجبر والكبر، وهو الوصف الحقيقي لهؤلاء الكفار المتكبرين عن الحق.
 
 ومن هنا نلتفت إلى اصطفاء الله لرسله ولأوليائه الصالحين من البشر؛ فلنحرص على تحقيق التوحيد والسعي نحو منزلة المقربين السابقين بالخيرات.
 
 ضرورة اتباع أوامر الله والتحذير من الكبر والعناد، والإصرار على الباطل، والبعد عن الحق.
 
 لم ينتفع قوم ثمود بآية الله (الناقة)، ورفضوا تنفيذ ما أُمِرُوا به وتجاوزوا الحد في العصيان بأنهم خططوا لقتل الناقة وعقروها، فكان عقاب الله صيحة واحدة، فسبحان الله! فمشيئته نافذة، وعذابه أليم؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ﴾ [القمر: 31].
 
 وتختتم القصة بذكر القرآن في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 32]؛ ليؤكد ضرورة تدبره، والاتعاظ والعبرة بما فيه من قصص قرآني وأوامر ونواهٍ.
 
 قصة لوط عليه السلام نتدبر منها خطورة التكذيب وضرورة طاعة الله، وأهمية شكر النعم التي وهبها الله عز وجل لنا ومنَّ علينا بها بفضله وكرمه.
 
 التذكر والاتعاظ بمرارة العذاب، وأن متع الدنيا وشهواتها زائلة وفانية، وخطورة اتباع الأهواء المخالفة لشرع الله.
 
 وتأتي النجاة بفهم القرآن الميسر لمن أراد تدبره؛ في قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 40].
 
 قصة موسى عليه السلام مع فرعون جاءت لتؤكد خطورة التكذيب والإعراض عن الحق، وتختتم بعذاب الله لفرعون، وأن لا عزيزَ ولا قادر سوى الله سبحانه وتعالى.
 
 وتختتم السورة ببشارة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالنصر للمسلمين وهزيمة الكفار؛ وذلك حدث في غزوة بدر في قوله تعالى: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45].
 
 ويؤكد الله شدة عقابهم في الآخرة كما ذكر الله: ﴿ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ ﴾ [القمر: 46].
 
 وتأتي آية تبعث الطمأنينة والسكينة في القلب: ﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ [القمر: 50]؛ حيث يخبرنا الله أن مشيئته نافذة وفوق كل شيء؛ فأمره سبحانه وتعالى بكن فيكون، فلكل شيء نهاية وعاقبة.
 
 من خلال تأمل سورة القمر، أيقنَّا بضرورة مراقبة الله في كل وقت وحين، وعدم غفلة القلب وانشغاله بمتع الدنيا وشهوات الأنفس، التي قد تضله في الحياة وتهلكه في الآخرة.
 
 بعد ذكر هلاك الأقوام السابقة بطرق متعددة، وكيف كان العذاب الأليم لهم في الدنيا والخلود في النار - يكون ختام السورة كله سكينة وطمأنينة وبشرى بجزاء المتقين، وفوزهم بنعيم الجنة الدائم ومعية الله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55].

 
نهى  فرج
شبكة الالوكة

 
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×