اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

علامات في مواجهة الأزمات..

المشاركات التي تم ترشيحها

لا يكاد أحد من الناس ينجو من أزمة تحل به أو مشكلة تعرض له , والمشكلات والأزمات والمصائب هم سبب الكدر في حياة الناس , فالحياة لا تكاد تصفو لأحد , لكن الناس يختلفون في مواجهة مشكلاتهم وأزماتهم ومصائبهم بحسب عدة عوامل مؤثرة : فأهمها وأولها مدى قربه من ربه سبحانه , ومدى ارتباطه بالتوكل عليه سبحانه والثقة فيه عز وجل , فالمرء الذي يعود إلى ربه في أزماته ويتوكل عليه سبحانه في حلها , ويرجوه ويلح في دعائه أن يفرجها عنه واثقا في ذلك وموقنا به ومسَلما أمره له سبحانه فهو الأجدر أن تحل مشكلاته وينجو من أزماته , والمرء الذي يلتفت إلى الماديات بعيدا عن ربه سبحانه , ويظن أن الحياة المادية تكفيه فهو مغرور ما يلبث أن يفجع في نفسه وفي دنياه , قال سبحانه : " مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يغيظ ,, "

والقلب المطمئن الذي تملؤه السكينة الإيمانية يتلقى الأزمات بثبات وهدوء , فهو يعلم أن ماأصابه لم يكن ليخطئه وما أخطاه لم يكن ليصيبه , فهو راض بقضاء ربه سبحانه , صابر صبرا جميلا , أما القلب المكدوس في الدنيا وزخرفها فهو يعتصر ألما عند المشكلات ويحترق غيظا إذا ماأصابته مصيبة فيما يراه من مكتسباته مما أنفق فيه زهرة حياته , فهو مصدوم مشلول الحركة تجاه مصائبه وأزماته , أو أنه متخبط متردد ثائر تائه !
 

وفي الحديث لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تبكي ابنها بكاء شديدا وتصرخ قال لها :" اتق الله واصبري " ..
فقالت أليك عني لم تصب بمصيبتي , فلما ذهبت اليه وكلمته وقالت لم أعرفك , قال لها :" إنما الصبر عند الصدمة الأولى " أخرجه مسلم وفي الحديث ايضا " ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيرا منها ، إلا أخلف الله له خيرا منها " أخرجه مسلم

هناك عامل آخر مهم للغاية , فالرؤية الصحيحة للأزمة هي سبب مؤثر في صحة حلها أو مواجهتها , وصوابية الرؤية تؤدي إلى صوابية الحل , وكثير ن الناس يصاب بتشويش الرؤية فلا يرى الأمور على حقائقها , وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه " اللهم أرني الحق حقا وارزقني اتباعه وارني الباطل باطلا وارزقني اجتنباه " فانظر إلى الازمة التي تمر بك من أعلاها لا من جانبها , فصفها لنفسك وصفا دقيقا بغير تهويل ولا تهوين , واعرف أطرافها جيدا , والعوامل المؤثرة فيها , ومدى اثرها المتوقع عليك وعلى من حولك ولا تفتح لنفسك مجالا لتداخل الرؤى بين ما يمر بك من مؤثرات أخرى وبين مشكلتك .
 
الجانب الأهم هنا في التعامل مع الأزمات هو مواجهتها وعدم الهروب منها , وأقصد بمواجهتها وضعها على طاولة التفكير والنظر والبحث لدراستها دراسة جيدة , فالذين يهربون من مواجهة مشكلاتهم تظل مشكلاتهم وأزماتهم بغير حل أو انقضاء , بل إن بعضهم يظل قيد مشكلته حتى بعدما تنقضي المشكلة .
 
والبعض يلحق به أزى مرضي سواء أكان نفسيا أو عضويا بسبب عدم مواجهة مشكلته أو الانزواء عنها أو الخوف من مواجهتها , فتجد كثيرا من أمراض الاكتئاب وكثرة النوم والانطواء سببه ضغط الأزمات وعدم الرغبة في مواجهتها .
 
وبدلا من تضييع وقتك وجهدك تأسفا على ما حدث لك , وسقوطك في التيه النفسي تقليبا في أحداث مااصابك , فأولى لك أن تتفكر في أسباب ما حصل لك , فإن كان أمرا قدريا ليس لك فيه دور فعليك بقبوله والصبر عليه , وسؤال الله التثبيت لنفسك و فإنما هو ابتلاء يبتلي الله سبحانه به عباده و وعليك أن تدرب نفسك على تقبله . وإن كانت أزمة ذات أذرع وفروع فتفكر في اسبابها , فالتفكير في الاسباب جزء من التفكير في الحل , والموفق من وفقه الله الى مسببات الأشياء فتوكل على الله في الأخذ بأسبابها .
 
محور آخر هام في مواجهة الأزمات و وهو سؤالك لنفسك كيف ستواجهها ؟ هل ستواجهها بالانطواء والعزلة أم بالتصعيد والغضب والنفخ فيها أم بالصبر والهدوء والعقل والروية ؟ وبالطبع فالخياران الأوليان هما خيارا الأحمق الذي يأخذ الغضب بتلابيب وجدانه ويسيطر عليه حزنه وألمه .
 

ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم عدم إطالة الأحزان , بل قد جعل للعزاء ثلاثة ايام , وكره العزاء بعدها , لأن قلب المصاب يكون قد بدأ في الهدوء وبدأ الجرح في الاندمال فلا نفتح المجال لإثارته .
 
ومن الحكمة في مواجهة الأزمات ان تضع لها حلولا مختلفة , وألا تقتصر على حل واحد , بل إن بدائل الحلول هي كلمة السر في حل الأزمات , وكلما كان البديل واقعيا وقريبا من الإمكانات والقدرات كلما كان أقرب للتطبيق . ويجب ان تعلم نفسك أنك إذا اخترت حلا بديلا وبدات فيه فإياك أن تتردد , بل سر فيه مادمت قد اتخذت خطواتك سليمة كما بينا لك .
 
و بعد تفنيد اسباب ما تواجهه , ووصفه وصفا دقيقا بعيدا عن التوتر , ووضع خيارات الحلول الذاتية , جاء الدور على استشارة أهل الخبرة والعلم , فاستشارتهم تضيف علما إلى علمنا وخبرة إلى خبرتنا في مواجهة الأزمة , ثم علينا أن نضيف آراءهم وما تفضلوا به من اقتراحات ورؤى الى ما سبقناهم فيه ثم نضع وصفا جديدا وصورة نهائية للازمة وحلها .
 
وتأتي استخارة الله العظيم سبحانه قبل الهموم والبدء بالعمل وبالحل كأمر أساسي ومبارك في حل الأزمة ومواجهتها , بل أنا دائما أنظر إلى الاستخارة وكأنها بوصلة في الطريق توجهنا نحو هدف مرجو صحيح

د. خالد رُوشه
موقع المسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×