اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

كيف نحافظ على النعم؟

المشاركات التي تم ترشيحها

يُصبح العبد في زحامٍ من النعم، فيُعمِيه الشيطان عنها، ويُبصِّره ببلاء واحد ليتذمَّر منه، وينسى أنه غارق في نعم الله وعافيته .. الحمدلله على ما أعطى وأجزل

د.حسين الفيفي

 

 

 (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}.

قال ابن كثير في التفسير: لئن شكرتم لأزيدنكم  أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها،  ولئن كفرتم أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها إن عذابي لشديد ، وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها.

 وقد جاء في الحديث:  إن العبد ليحرم الرزق الذنب يصيبه. رواه أحمد وابن حبان والحاكم

 

 من الدعاء المأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما -:

«اللهم إنّي أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك»

رواه مسلم

 


كيف يكون شكر العبد ربَّه على نعمه الجليلة ؟

يكون الشكر بتحقيق أركانه ، وهي شكر القلب ، وشكر اللسان ، وشكر الجوارح .
قال ابن القيم - رحمه الله - :
الشكر يكون : بالقلب : خضوعاً واستكانةً ، وباللسان : ثناءً واعترافاً ، وبالجوارح : طاعةً وانقياداً .
" مدارج السالكين " ( 2 / 246 ) .
وتفصيل ذلك :

1. أما شكر القلب : فمعناه : أن يستشعر القلب قيمة النعم التي أنعمها الله على عبده ، وأن ينعقد على الاعتراف بأن المنعم بهذه النعَم الجليلة هو الله وحده لا شريك له ، قال تعالى : ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) النحل/ 53 .
وليس هذا الاعتراف من باب الاستحباب ، بل هو واجب ، ومن نسب هذه النعم لغيره تعالى : كفر .


2. وأما شكر اللسان : فهو الاعتراف لفظاً – بعد عقد القلب اعتقاداً – بأن المنعَم على الحقيقة هو الله تعالى ، واشتغال اللسان بالثناء على الله عز وجل .
قال تعالى في سياق بيان نعمه على عبده محمد صلى الله عليه وسلم : ( وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ) الضحى/ 8 ، ثم أمره في مقابل ذلك بقوله : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) الضحى/ 11 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
أي : وكما كنت عائلا فقيراً فأغناك الله : فحدِّث بنعمة الله عليك .
" تفسير ابن كثير " ( 8 / 427 ) .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ) .
رواه مسلم ( 2734 ) .


3. وأما شكر الجوارح : فهو أن يسخِّر جوارحه في طاعة الله ، ويجنبها ارتكاب ما نهى الله عنه من المعاصي والآثام .
وقد قال الله تعالى : ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً ) سـبأ/ من الآية 13 .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ قَالَتْ عَائِشَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ : ( يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ) .
رواه البخاري ( 4557 ) ومسلم ( 2820 ) .

 

نعم الله على عباده لا تعد ولا تحصى:

فكم من نعمة أنعم الله بها على عباده: نعمة الإيمان والإسلام، ونعمة الصحة العافية ، ونعمة العقل والعلم، ونعمة الأمن والسلام، ونعمة المأكل والمشرب، ونعمة المسكن والملبس والمركب، ونعمة الزواج والذرية والقرابة والصداقة، ونعمة الوظيفة والمنصب، ونعمة السمع والبصر واللسان واليدين والقدمين... وغير ذلك كثير؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]. وقال عز وجل: ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ﴾. فما من نعمة ظاهرة أو باطنة، عامة أو خاصة، كبيرة أو صغيرة، إلا وهي من عند الله الكريم الرحيم بعباده. فله الحمد والشكر، لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه سبحانه.

 

وليعلم من كفر نعمة الله جل وعلا أنهإن لم يبادر إلى التوبة والإنابة إلى الله فلا مناص له من أحد أمرين : إما عقوبة معجلة تزول بها النعمة وتتحول فيها العافية وتحل النقمة ، أو أن يُمد له في الإنعام على وجه الاستدراج ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون:55-56].


 إن الشكر للنعمة حافظٌ للنعم الموجودة وجالبٌ للنعم المفقودة ، فإن النعمة إذا شُكرت قرَّت وإذا كُفرت فرَّت ؛ فلنحرص يا معاشر المؤمنين على شكر ربنا على نعمائه وحمده جل في علاه على فضله وعطائه ، ولنسأله سبحانه أن يوزعنا شكر نعمه وأن يعيذنا من تبديل النعمة كفرا فإن ذلك موجبٌ للعقوبة وحلول النقمة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×