اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

ملخص أحكام الوضوء من تمام المنة

المشاركات التي تم ترشيحها

مُلَخَّص أحكام الوضوء من
المختصر البسيط لكتاب تمام المنة
في فقه الكتاب وصحيح السنة
لفضيلة الشيخ عادل العزازي أثابه الله·
 
 
أولاً: دليل مَشروعِيته (أي الدليل على أنه من الشَرع):
ثبتَتْ مَشروعيَّةُ الوضوء بالكتاب والسُنّة والإِجْماع.

 
 
ثانياً: فضل الوضوء:
وَرَدَ في فضل الوضوء وفضل إسباغه أحاديثُ كثيرة؛ ولكنْ سوف أقتصر هنا على بعضها:
 
 
1 - قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما مِنكُم رَجُل يُقرِّبُ وَضُوءَه، فيُمَضمِض، ويَستنشِق فينتثر - (يعني فيُخرج الماء مِن أنْفه) - إلاَّ خَرََّت خطايا وجهه مِن فِيه وخياشيمه - (أي مِن فَمِهِ وأنفِه) - ثُمَّ إذا غسل وجهه كما أمره الله إلاَّ خَرََّت خطايا وجهه مِن أطراف لِحيَتِهِ مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المِرفقيْن إلاَّ خرَّت خطايا يدَيْه مِن أنامله - (أي مِن أطراف أصابعه) - مع الماء، ثم يمسح رأسه إلاَّ خَرََّت خطايا شعرِه مع الماء، ثم يغسل رجلَيْه إلى الكعبين إلاَّ خرَّت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإنْ هو قام فصَلَّى فحَمِدَ الله تعالى وأثْنَى عليه، ومَجَّدَه بالذي هو له أهْلٌ - (أي بالذي يستحقه سبحانه) - ، وفرَّغَ قلْبَه لله تعالى، إلاَّ انصرَف من خطيئته كهيئته يومَ ولدَتْه أمُّه ))[1].
 
 
• (ومعنَى الوَضوء - بفتح الواو- : هو الماء الذي يُتَوضَّأ به)، (أما الوُضوء - بضَّم الواو - :     هو فِعلُ الوضوء نفسُه).
 
 
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتى المَقْبرَة، فقال:  ((السَّلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين، وإنَّا إنْ شاء الله بِكُم لاحِقون، وَدِدْتُ أنَّا قد رأَيْنا إخوانَنا))، قالوا: أوَلَسْنا إخوانَك يا رسول الله؟ قال: ((أنتم أصحابي، وإخوانُنا الذين لَم يأتوا بَعْدُ))، قالوا: كيف تعرف مَن لم يأتِ بَعدُ مِن أُمَّتِك يا رسول الله؟ قال: ((أرأيتَ لو أنَّ رَجُلاً له خَيل غُرٌّ مَُحَجَّلة - (يعني يوجد بَيَاضٌ في جَبهتهم وفي ثلاث قوائِمَ من قوائمِهم)- بين ظهرَي خَيلٍ دُهْم بُهْم - (يعني في وَسَطِ خيول سَوداء) - ألاَ يَعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنَّهم يأتون غُرًّا مُحَجَّلين من الوضوء، وأنا فرَطُهُم على الحَوض - (أي أسبقهم على الحَوض) - ألا ليُذَادَنَّ رجالٌ عن حَوضي - (يعني يُطرَدُوا عن الحَوض)- كما يُذَاد البَعير الضالُّ، أناديهم: ألاَ هَلُمَّ؛    فيُقال: إنَّهم قد بَدَّلوا بعدَك، فأقول: سُحقًا سُحقًا - (أي: بُعداً بُعدا) [2].
 
وفي هذا الحديث دلالة على خطورة التفريط  في اتباع سُنة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم .

 
 
ثالثاً: فرائض الوضوء:
 
1 - النِّيَّة: ومَعنَى النِّية : القَصْد والعَزم على فِعل الشيء، ومَحِلُّها: القلب، فلا يجوز التلفُّظ بها.
 
قال ابن القيِّم رحمه الله: "... ، ومَن قعَدَ ليتوضَّأ فقد نوَى الوضوء".[3]
 
 
 
واعلم أن التلفُّظ بالنِّية بِدْعة؛ إذْ لَم يثبت التلفُّظ بِها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا عن أصحابه، ولا عن الخُلَفاء، ولا عن الأئمَّة.
 
 
 
2 - المضمضة والاستنشاق: وقد أفادَتِ الأحاديثُ وجوب المضمضة والاستنشاق والاستِنْثار، وهو الرَّاجح من أقوال أهل العلم.
 
 
 
ومعنى المضمضة: أنْ يَجْعل الماء في فَمِه، ثم يُدِيره فيه، ثم يَمُجُّه ، والاستنشاق: هو جَذْب الماء في الأَنْف، فإذا أخرجه بعد ذلك سُمِّيَ استنثارًا .
 
 
 
3 - غسل الوَجه:
 
وَحُدود الوَجه هي: ما بين مَنْبَت الشَّعر المعتاد إلى مُنتهَى الذَّقن طُولاً، وما بين شحْمَتَيِ الأذُن عَرْضًا، ويدخل في ذلك ظاهِرُ اللِّحية الكثيفة (وهي التي لا يظهر الجلد من تحتها)، وأمَّا اللِّحية الخفيفة (وهي التي يظهر الجلد من تحتها)، فإنَّه يجب غسلها حتى يصل الماء إلى الجِلْد من تحتها.
 
 
 
4 - غَسْل اليَدَيْن إلى المِرفقيْن:
 
وتُغسَل اليَدَان بدءًا من رؤوس الأصابع إلى المِرْفقَيْن، (والمِرفق هو المِفصَل الذي بين العَضُد والسَاعِد)، وقد اتَّفَق العلماءُ على وُجوب غسل المِرفقيْن مع اليدَيْن ، فإنْ كان مقطوعَ اليَد غسَل ما تبَقَّى مِن الجزء المفروض عليه غَسْله، فإنْ كان القَطْع عند المِرْفَق غَسَلَ مِرْفَقه فقط، فإنْ كان فوق المِرفق فلا شيء عليه في هذه اليَدِ المقطوعة، ونفس الحُكم السابق يُقال عند غسل الرِّجْلين.
 
 
 
5 - مَسْح الرأس: وقد اختلف العلماءُ في عدد مرَّات مَسْح الرأس؛ فذهب أكثر العلماء بأنَّ مَسْح الرأس مرَّة واحدة، وهذا هو الأرجح، واختلفوا أيضًا في القَدْر الواجب في مَسح الرأس؛ فمِنهم مَن يَرَى وُجُوب مَسْح جَميع الرأس، ومنهم مَن يرى وجوبَ مَسْح بعضها، والأرجح ألاّ يقتصر على مَسْح بعض الرأس إلاَّ إنْ كان سَيُكمِل المَسْح على العِِمامة كما سيأتي، ولكنْ لا نُنكِر على مَنْ يمسح على بعض الرأس.
 
 
 
وعلى ذلك يُمْكِننا أنْ نُقَسِّم طريقة المَسْح على الرأس إلى ثلاثة أقسام - (كما هو ثابتٌ من فِعْل النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم) - على النَّحو الآتي:
 
أولاً: المَسْح على جميع الرأس، وله صُورَتان:
 
الصُّورة الأولى: أنْ يضع يَدَيْهِ عند مُقدِّمة رأسه، ثُمَّ يَرجع بِهما إلى قفاه، ثُم يَرُدُّهُما مِن حَيثُ بَدَأ .
 
 
 
الصُّورة الثانية: أنْ يضع يَدَيْهِ في أعلى رأسه عند مِفرَق الشعر، ثم يُمَرِّر يَدَيْه حسب اتِّجاه الشعر بحيث لا يُحَرِّك الشَّعر عن هيئتِه .
 
 
 
ثانيًا: المَسْح على العِمامة وَحْدَها :وكذلك يجوز للمرأة أنْ تَمسح على الخمار، وقد ثبت ذلك عن أمِّ سَلمَة رضي الله عنها[4].
 
 
 
ثالثًا: المَسْح على النَّاصية (وهي مقدمة الرأس) ثم يُكمِل المَسح على العِمامة .
 
 
 
ملحوظة: لا يُشترَط في المَسْح على العمامة أنْ تكون لُبِست على طهارة، وكذلك لا يُقيَّد المَسح عليها بوقت كما هو الحال بالنِّسبة للمَسح على الخُفَّيْن.
 
 
 
 
6 - مَسْح الأذنين:
 
وقد اختلف العلماءُ في مَسح الأذنَيْن هل هو واجبٌ  أم مُستحَب؟ والصَّواب القول بأنه واجب . والسُنّة أنْ يَمْسَح ظاهِرَهُما وباطِنَهما (أي من الخارج والداخل)، (فمن الداخل بالمُسَبِحَتَيْن (يعني السَبّابتيْن)، ومن الخارج بالإبهامَيْن) ، ولا يُشترَط لِمَسحِهِما ماءٌ جديد، بل يَكفي مَسْحُهما مع الرأس (أي بنفس الماء الذي تَمَّ مَسح الرأس به).
 
 
 
7 - غَسْل الرِّجلَيْن إلى الكَعبيْن:
 
فقد ثبَتَ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الأَمْرُ بغَسْلِ الرِّجلَيْن ، بل إنَّه عنَّف الذين اكتَفَوا بالمَسح عليهما؛ فقال لهم: ((ويْلٌ للأعقاب من النار))[5] .
 
 
 
والأعقاب: جَمْع عَقِب، (والعقب هو مُؤخَّر القدم، وهو الذي يُعرَف عند العَوَام بـ (الكعب) وهذا خطأ، والصواب أنَّ الكعبان هما العظمتان البارزتان على جانِبَي الرِّجل عند التقاء كَف القدم بالساق)، وقد وقعَ الخِلاف أيضًا بين العلماء: هل يَجِب غَسْل الكَعْبيْن مع الرِّجل أم لا؟ والراجح: وُجُوب غَسْلِهما، كما بيََّنْتُ ذلك في وُجُوب غَسْْل المِرْفقَيْن.
 
 
 
8 - المُوَالاَة: والمقصود بالمُوَالاَة أنْ لا يُؤخِّر غَسْل عُضْوٍ حتى يَجفّ ما قبْلَه بِزَمَن معتدل.
 
 
 
9 – الترتيب (يعني ترتيب غسل الأعضاء أثناء الوضوء):
 
لأنَّه هو الثابت مِن فِعْلِه صلَّى الله عليه وسلَّم، إذ أنَّ فِعْلَه صلَّى الله عليه وسلَّم هو بيانُ القرآن .
 
 
• • • •
 
رابعاً: سُنن الوضوء:
 
1 - التَسمِيَة قبل الوُضوء[6]:
 
اختلفَ العلماءُ في حُكم التَّسمِيَة؛ فبعضهم يَرَى الوُجُوب، ويَرَى جُمهور العلماء أنَّها مُستحبَّة، ومَن قال بالوُجُوب اختلفوا أيضًا في التَّفريق بين الناسِي والذَّاكر.
 
 
 
قال الشيخ عادل العزّازي: والذي يَتبيََّنُ لي أنَّ قَوْل الجُمهور هو الأرجَح، وأن التَّسمية سُنَّة؛ وذلك لأنَّ الذين وَصَفُوا وضوء النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَذْكُرُوا التَّسمية .
 
 
 
2 - السِّواك قبل الوضوء:
 
وقد وَرَدَ في السواك وفضْلِه عِدّة أحاديث نذكر منها قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (السواك مَطهَرَة للفم، مَرضَاة للرَب) [7] .
 
 
 
3 - غَسْل الكَفَّيْن في أوَّل الوضوء:
 
ويَزْداد غَسْل الكفَّيْن تأكيدًا إذا كان الوضوء بعد النَّوم، فقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا استيقظ أحدُكم مِن نوْمِه فلا يَغمس يَدَهُ حتَّى يَغسِلها ثلاثًا؛ فإنَّه لا يدري أين باتتْ يَدُه))[7]. [8] - وقد استحبَّ الجمهورُ غَسْل الكفَّيْن بعد كلِّ نوم، وخصَّه الإمام أحمدُ بِنَوم اللَّيل؛ لقوله في آخِر الحديث: (أين باتَتْ)، وفي رواية لمسلم: (فإذا قام أحدكم من الليل)؛ ولذلك ذهب الإمام أحمد إلى الوجوب عند القيام من نوم الليل خاصَّة.
 
 
 
4 - تثليث غَسْل الأعضاء (يعني غسل الأعضاء ثلاث مرات):
 
ولا يَزيد في غسل الأعضاء عن ثلاث غسلات؛ لأنَّه أكثر ما وردَتْ به الرِّوايات في صِفَة وضوء النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
 
 
 
قال ابن المُبَارَك رَحِمَهُ الله: "لا آمَنُ إذا زاد في الوضوء على الثَّلاث أنْ يَأثَم"[9]، وقال أحمد وإسحاق: "لا يَزيد على الثلاث إلاَّ رَجُل مُبتلًى - (يعني عنده وسواس)" [10].
 
 
 
ولكنْ يُلاحَظ أنه يجوز لمن احتاجَ أنْ يغسل أنفه فوق الثلاث مرات(لِسُعال أو رَشح أو غير ذلك) أنْ يزيد على الثلاث، وذلك لعموم قوْل النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (وبالِغ في الاستنشاق إلا أنْ تكونَ صائماً)··، أما إذا كان على وجهه ويديه تراب مثلاً فالأفضل أنْ يغسل وجهه ويديه أولاً قبل أنْ يتوضأ، ثم بعد ذلك يتوضأ، وذلك حتى لا يزيد على الثلاث أثناء وضوئه فيُخالف السُنَّة.
 
 
 
قال الشيخ عادل العزّازي: ويجوز أنْ يتوضَّأ مَرَّة مَرَّة (أي يَغسِل كل عُضو مرة واحدة فقط)، ومَرتَيْن مرتين (أي يَغسِل كل عُضو مرتين باستثناء الأذن والرأس فيتم مسحهما مرة واحدة في جميع الحالات على الأرجَح)، فقد توضَّأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مَرَّة مَرَّة[11]، وتوضأ مرَّتَين مرتين [12].
 
 
 
قال النوويُّ رحمه الله: "وقد أجْمَع المسلمون على أنَّ الواجب في غَسْل الأعضاء مرَّة مرة، وعلى أن الثلاثة سُنَّة، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بغَسْل الأعضاء مرَّة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا، وبعضها مرَّتين، وبعضها مرَّة، قال العلماء: فاختلافها دليلٌ على جواز ذلك كلِّه، وأن الثَّلاث هي الكَمَال، والواحدة تُجْزِئ"[13] .
 
 
5 - التَّيَامُن (يعني البدء بغسل العُضو الأيمَن قبل الأيسَر):
 
فقد كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يحبُّ التيامُن في تنعُّلِه، وتَرَجُّلِه، وطهوره، وفي شأنه كلِّه"[14]، ومعنى تنعُّله: أي لِبْسُ النَّعل (وكذلك الجَورَب)، ومعنى ترجُّلِه :أي تَسْريح الشَعر (فيبدأ بتسريح الجانب الأيمن من الشَعر).
 
 
 
قال النوويُّ رحمه الله: "وقاعدة الشَّرع المُستمِرَّة استحبابُ البداءة باليمين في كلِّ ما كان من باب التكريم والتزيُّن، وما كان بضدها استُحِبَّ فيه التَّياسُر"، قال: "وأجمَعَ العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سُنَّة، ومن خالفها فاتَهُ الفَضْل، وتَمَّ وُضوءُه".[15]
 
 
 
6 - تخليل اللحية:
 
فقد كان النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا توضَّأ أخذ كفًّا من ماء، فأدخله تحت حَنَكِه، فخلَّل به لِحْيتَه، وقال: ((هكذا أمرَنِي ربِّي عزَّ وجلّ))[16]
 
 
 
وقد اختلف العلماءُ في حُكم تَخْليل اللِّحية، فذهَب بعضُهم إلى الوجوب، والأكثر على أنَّها سُنَّة، وهو الرَّاجح .
 
 
 
7 - إطالة الغُرَّة والتَحْجِيل:
 
والغُرَّة: (غَسل شيءٍ من مُقدّمة الرأس أثناء غسل الوجه)، والتَّحْجِيل: (غَسْل ما فوق المِرْفقيْن والكَعبَيْن أثناء غسل اليَدَيْن والرِّجلَيْن)، وقد قال العلماء: (يُسمَّى النُّور الذي يكون على مَوَاضِع الوضوء يوم القيامة غُرَّة وتَحجيلاً؛ تشبيهًا بغُرة الفرس وتحجيله) .
 
 
 
8 - دَلك الأعضاء:
 
قال النوويُّ رحمه الله: "واتَّفَق الجمهور على أنه يكفي غَسْل الأعضاء في الوضوء - (يعني لا يشترطون دَلك الأعضاء) - ، والغَسْل: جَريانُ الماء على الأعضاء، ولا يُشترَط الدَلك، وانفرد مالكٌ والمُزَنِي باشتراطه - (أي باشترَاط الدَلك)".[17]
 
 
 
9 - الاقتِصاد في الماء (يَعني عدم الإسراف في الماء أثناء الوضوء):
 
فقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((سيكون في هذه الأمة قومٌ يَعتدُون في الدعاء والطهور)).[18]
 
 
10 - ومن السُنَّة بعد الفراغ من الوضوء:
 
1 - الدعاء بعده:
 
فقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما منكم من أحدٍ يتوضَّأ فيُسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، إلاَّ فُتِحَتْ له أبوابُ الجنة الثمانية، يَدْخلُ من أيِّها شاء)).[19]
 
 
 
زاد التِرمِذِي في روايةٍ: ((اللَّهم اجعلْنِي من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين)).[20]
 
 
 
وقال النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أيضاً: ((مَنْ توضَّأ فقال: سبحانك اللَّهم وَبِِحَمْدِك، أشهد أنْ لا إله إلاَّ أنت، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك، كُتِب له في رق - (يعني في صحيفة) - ، ثم جُعل في طابع، فلم يُكْسَر إلى يوم القيامة))[21]، والطابع: الخاتم، يريد أنه يُخْتَم عليه.
 
 
 
2 - صلاة ركعتين بعد الوضوء:
 
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال لبلال: ((يا بلال، حَدِّثْنِي بأَرْجَى عمَلٍ عملْتَه في الإسلام؛ إنِّي سَمِعتُ دَفَّ نعلَيْك بين يدَيَّ في الجنَّة))، قال: ما عَمِلتُ عملاً أرجَى عِندي من أنِّي لم أتطهَّر طهورًا في ساعةٍ من ليل أو نَهار إلاَّ صلَّيْتُ بذلك الطهور ما كُتِب لي أنْ أصلِّي.[22]
 
 
 
وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن توضَّأ نحوَ وُضُوئِي هذا، ثم قام فَرَكَعَ ركعتَيْن لا يُحدِّثُ فيهما نفسَه، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)).[23]
 
 
 
وسواء صَلَّى (بعد ذلك الوُضوء) فريضة أو نافلة (راتبة - (مثل سُنَّة الفجر أو الظهر أو سُنَّة الوضوء والضحى وقيام الليل وغير ذلك) -  أو تطوُّعًا) حَصَلتْ له هذه الفضيلة، كما تَحْصُل تحيَّة المسجد بذلك، وأمَّا قوْله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يُحدِّثُ فيهما نفسه))، فقد قال النوويُّ رحمه الله: "فالمراد لا يُحدِّثُ بشيء من أمور الدُّنيا، وما لا يتعلَّق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرضَ عنه بمجرَّد عروضه، عُفِيَ عن ذلك وحصلت له هذه الفضيلة إنْ شاء الله تعالى؛ لأن هذا ليس مِن فِعلِه، وقد عُفِيَ لهذه الأمَّة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر".[24]
 
 
خامساً: نواقض الوضوء:
 
أولاً: كل ما خرج من السَبيليْن (القبُل والدّبُر):
 
قال ابن المنذِر رحمه الله: "أجْمَع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدّبُر، وخروج البول من ذَكَر الرَّجل وقبُلِ المرأة، وخروج المَذي، وخروج الرِّيح من الدّبُر، وزوالَ العقل - بأيِّ وجه زال عقْلُه - أحداثٌ يَنقُضُ كلُّ واحدٍ منها الطَّهارة، ويُوجِبُ الوضوء". [25]
 
 
 
قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: "المَنِيُّ والوَدْي والمَذي؛ أمَّا المَنِيُّ ففيه الغُسل، وأما المَذي والوَدْي ففيهما إسباغ الوضوء، ويَغْسل ذَكَرَهُ". [26]
 
 
 
ثانيًا: النوم: والنوم الناقضَ للوضوء هو النَّوم المستغرَق الذي لا يبقى معه إدراك، وأمَّا مَبادئ النَّوم قبل الاستغراق، فهذا لا يَنقُضُ الوضوء.
 
 
 
تنبيهات:
 
أ- قال النوويُّ رحمه الله: "واتَّفَقوا على أنَّ زوال العقل بالجنون، والإغماء، والسَُّكْر بالخمر، أو النِبيذ، أو البِنْج، أو الدَّواء - يَنقُضُ الوضوء، سواء قلَّ أو كَثُر، وسواء كان مُمكّنَ المقعدة، أو غير مُمكّنِها".[27]
 
 
 
ب - قال النَّووي رحمه الله: "قال أصحابُنا: وكان من خصائص رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه لا يُنتقَضُ وضوءه بالنَّوم مضطجعًا؛ للحديث الصَّحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى سَمِعتُ غطيطه، ثم صلَّى ولم يتوضَّأ"[28].[29]
 
 
 
ثالثًا: مَسُّ الفَرْج:
 
يجب الوضوء مِن مَسِّ الفرْج؛ سواء في ذلك الرَّجل والمرأة، وسواء كان المَسُّ بباطن الكفِّ أو بظاهره، إلاَّ أنْ يكون بينه وبينه حائل، وقد قال بعض العلماء في تلك المسألة كلاماً (مُختَصَرُه): (أنّ مَسَّ الفرج يَنقُضُ الوضوء لِمَن قصَدَ الشَّهوة بالمَسِّ، أما مَنْ لم يَقصِد الشهوة فلا يُنتقَضُ وضوءه) ، وهو قوْل حَسَن، لا بأسَ به، وإنْ كان الأَوْلى والأحْوَط أنْ يتوضأ إذا مَسّ فرجه سواء قصَدَ الشَّهوة أو لم يَقصِدها ، والله أعلم .
 
 
 
وأما مَسُّ الأُنثيَيْن (الخِصيَتَيْن) أو حَلقة الدّبُر، فلا يَنقُضُ الوضوء .

 
 
رابعًا: أكْل لحم الإبل:
 
سواء كان نيئًا، أو مَطْبوخًا، أو مَشويًّا، أو على أيّ صفة أخرى ، فعن جابِر بن سَمُرَة رضي الله عنه أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: أأتوَضَّأ من لحوم الغنم؟ قال: ((إنْ شئتَ فتوضَّأ، وإنْ شئتَ فلا تتوضَّأ))، قال: أتوضَّأ من لحوم الإبل؟ قال: ((نعم، فتوضَّأ من لحوم الإبل)) [30]، والظاهر من قوله: (لُحوم الإبل): جُمْلة البَعير؛ فعلى هذا يَجِب الوضوء إذا أكل كَبِدَهُ أو سَنامَهُ أو كِرشَهُ ونحو ذلك، وأمَّا اللَّبَن فلا يَدخُل فيه؛ لأنَّه ليس لحمًا، فالنَصُّ لا يشمله.
 
 
 
خامسًا: لَمْس المرأة:
 
الصحيح أن لَمْس المرأة لا يَنقُضُ الوضوء، سواء كانت من ذوات المَحارم، أو أجنبيَّة ،   ولكنْ هناكَ تنبيهٌ هامٌّ وهو أن القوْل بعدم نَقْضِ الوضوء مِن لَمْسِ المرأة، لا يَعْنِي جَوازَ مُصافحة الرَّجُل للمرأة الأجنبيَّة، فمصافَحتُها حرام؛ لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((اليدانِ تَزْنِيان، وزِناهُما البَطْش)) ،[31] ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم أيضاً: ((لأَنْ يُطعَنَ في رأس أحَدِكم بِمِخيَطٍ مِن حديد خيرٌ له مِن أنْ يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له)).[32]
 
 
 
ملاحظات متعلِّقة بنواقض الوضوء:
 
1 - الدَّم لا يَنقُضُ الوضوء، سواء كان قليلاً أم كثيرًا.
 
2 – القيْء، والقلس (وهو ما يَخْرج من الجوف عند امتلاء البَطْن) لا يَنقُضان الوضوء .
 
3 - ما يَدْفعه رَحِم المرأة من قَصَّة بيضاء (أيْ إفرازات بيضاء)، أو صُفْرة (أيْ إفرازات صفراء)، أو كُدرة (أيْ لون يَمِيل إلى السَوَاد)، أو كَغُسالة اللَّحم (أيْ لون أحمر يشبه الذي ينزل عند غسل اللحم)، أو دم أَحْمر - إذا كان ذلك في غير زمَنِ الحيض - فلا يجب عليها وضوءٌ ولا غُسْل.[33]

رأى اخر منقول من اسلام ويب
الإفرازات الخارجة من فرج المرأة على أقسام، فمنها: المذي وهو كما عرفه العلماء سائل أبيض رقيق يخرج عند الشهوة ولا يعقب خروجه فتور، ولا يكاد يشعر به غالباً وهو عند النساء أكثر منه عند الرجال، ويخرج عادة عند الملاعبة أو التفكير في أمر الجماع، وهو نجس اتفاقاً، ويجب الوضوء منه اتفاقاً، ويجب غسل ما أصاب البدن والثياب منه..

ومنها: الودي وهو سائل ثخين يخرج عقب البول وهو نجس يجب الوضوء منه اتفاقاً، ومنها المني: وهو سائل أبيض يخرج عند اشتداد الشهوة، وهو يخرج من الرجال والنساء؛ لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سألته عن غسل المرأة إذا احتلمت:  إذا رأت الماء وجب الغسل. واختلف العلماء هل هو نجس أو طاهر؟ والراجح طهارته، ويجب الغسل منه اتفاقاً.

ومنها: ما يخرج من فرج المرأة لا لسبب وهو المعروف عند الفقهاء برطوبات فرج المرأة، واختلف العلماء هل هي نجسة أو طاهرة؟ فذهب الحنفية إلى طهارتها، ونقل ابن عابدين في حاشيته اتفاقهم عليه، وهو كذلك الصحيح عند الشافعية واختاره جماعة من كبارهم منهم البغوي والرافعي والنووي كما في المجموع، وهو كذلك الصحيح عند الحنابلة، قال المرداوي في الإنصاف: وفي رطوبة فرج المرأة روايتان: إحداهما هو طاهر وهو الصحيح من المذهب مطلقاً. انتهى بتصرف يسير.

وعليه؛ فلا يجب غسل ما أصاب البدن ولا الثياب منها، وأما الوضوء فإنه ينتقض بخروجها، والظاهر أن ما ترينه من الإفرازات ليس مذياً ولا منياً بل هو من هذه الرطوبات التي ذكرنا أنها طاهرة ولكنها ناقضة للوضوء، وليس لهذه الإفرازات حكم إلا إذا خرجت من الفرج سواء أوصلت إلى الملابس أم لا، وإذا كانت المرأة مبتلاة بكثرة خروج هذه الإفرازات فيلزمها ما يلزم المستحاضة من الوضوء لكل صلاة، ولا تفتحي على نفسك باب الشك والوسوسة، فإذا لم تتيقني أنه قد خرج منك مني أو مذي فلا شيء عليك.

 
 
4 - القهقهة لا توجب الوضوء، سواء كانت القهقهة في الصَّلاة، أو خارجها - علمًا بأنَّها تُبْطِل الصلاة - والقهقهة مذمومة، وهي في الصلاة أشدُّ وأقبح؛ لِما في ذلك من سوء الأدب، وعدم التعظيم لشعائر الله.
 
 
 
5 - إذا شكَّ أو خُيِّل إليه أنه خرَجَ منه شيءٌ - بِمَعنى أنه شكَّ هل أَحْدَثَ، أمْ لا؟ - فلا يَضرُّه ذلك، ولا يُنتقَضُ وضوءه إلاَّ إذا تَيَقنَ أنه أحْدَث؛ وذلك لِمَا ثبت عن عَبَّاد بن تَميم عن عمِّه أنه شكا إلى النبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الرَّجُلَ يُخيَّل إليه أنَّه يَجِد الشيء في الصلاة، فقال: ((لا يَنْفتل - (يعني لا يخرج من صلاته) - حتَّى يَسمعَ صَوتًا، أو يَجدُ ريحًا)) [34]
 
 
 
قال النوويُّ رحمه الله:" معناه: يعلم وجودَ أحدِهما، ولا يُشترط السَّماع والشمُّ بإِجْماع المسلمين" [35]
 
 
 
قال الشيخ عادل العزّازي: وكذلك إذا سمع صوتًا داخل بطنِه، فإنَّه لا يُنتقَضُ الوضوء إلاَّ بخروج الريح من الدّبُر.
 
 
 
6 - قال ابن قدامة رحمه الله: "إذا عَلِم أنه توضَّأ (يعني تَيَقنَ أنه توضأ) وشكَّ هل أحْدَثَ أم لا؟ بنَى على أنَّه متطهِّر، وإنْ كان مُحْدِثًا (يعني تَيَقنَ أنه أحْدَثَ) فشكَّ هل توضأ أم لا؟ فهو مُحْدِث، يبني في الحالتَيْن على ما عَلِمَه قبل الشَكِّ، ويلغي الشَكَّ".[36]
 
 
 
7 - إذا أكل أو شرب فلا يجب عليه الوضوء، وإنَّما يَكْفيه أنْ يتمضمض إذا كان الطَّعام دَسِمًا ، وذلك على سبيل الاستحباب بحيث إنه إذا لم يتمضمض فالصلاة صحيحة .
 
 
 
8 - لَمْس فرج الصَّغير لا يَنقُضُ الوضوء - على الراجح - وعلى هذا فإنَّ مَن يقومون بتنظيف الأطفال، وَمَسُّوا فروجَهم فإنَّ وضوءهم لا يُنتقَضُ.[37]
 
 
 
9 - اعلم أنَّ سقوط النَّجاسة على بدن الإنسان لا يَنقُضُ الوضوء، وإنَّما عليه فقط أنْ يُزيل هذه النجاسة، وهو على حاله إنْ كان متوضِّئًا.
 
 
 
سادساً: ما يَجِب له الوضوء وما يُستحَب:
 
هناك بعض الحالات توجب الوضوء، وبعضها لا توجبه، بل يستحبُّ من أجْلِها الوضوء ، فالذي يجب له الوضوء شيئان:
 
1 - الصلاة:
 
حيث يُشترَط الوضوء لصِحَّة الصلاة إذا كان مُحْدِثًا حدثًا أصْغَر ، وأما غير المُحْدِث فلا يجب عليه الوضوء لكلِّ صلاة، فيجوز له أنْ يصلِّي أكثر من صلاة ما دام أنَّه لم يأتِ بِما يَنقُضُ وضوءه.
 
 
 
2- الطواف:
 
ينبغي لمن يطوف بالبيت الحرام أنْ يكون على طهارة كاملة، كطهارة الصَّلاة.
 
وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الطَّواف يُشترَط فيه ما يُشترَط في الصَّلاة، لكن أُبيحَ فيه الكلام ، ورَأى بعض العلماء أنَّه لا تشترط الطَّهارة للطَّواف، وهذا ما رجَّحه ابن تَيْمِيَة في "مَجموع الفتاوى"، وابن عُثَيْمِين  في "الشَّرح المُمْتِع[38]"، وسيأتي ذِكْر ذلك في كتاب الحجِّ.
 
 
 
وأمَّا ما يُستحَب له الوضوء:
 
1 - تجديد الوضوء لكل صلاة: تقدَّم أنه يُجْزِئ للمتوضِّئ أنْ يصلِّي بالوضوء الواحد أكثرَ من صلاة، لكن يُستحبُّ له تجديدُ الوضوء لكل صلاة .
 
 
 
2 - الوضوء لذِكْر الله عزَّ وجَلَّ: يَجوز لمن أراد أنْ يَذْكر الله تعالى أنْ يذكره على كلِّ أحواله، سواء كان مُتطهِّرًا، أو مُحْدِثًا حدثًا أصغر، أو جُنبًا، وسواء كان قاعدًا، أو ماشيًا، أو مضطجعًا؛ لِما ثبت في الحديث "أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَذكُرُ الله على كلِّ أحيانه[39]" ،   (هذا من حيث الجَواز، إلاَّ أنه يُستحبُّ أنْ يكون الذَّاكر متوضِّئًا) ، ومن هذا الباب أيضاً جوازُ قراءة القرآن ومسِّ المصحف للمُحْدِث حدثًا أصغر؛ لعدم وجود دليلٍ صحيح صريح يَمنعه من ذلك، وإنْ كان المستحَبُّ له الوضوء.
 
 
 
3- الوضوء للدعاء: لِما ثَبَتَ عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه توضأ واستقبل القِبلة ثم دَعَا[40]
 
 
 
4 - الوضوء عند النوم: فعن البَراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا أتيتَ مَضجعَك فتوضَّأ وضوءَك للصلاة، ثم اضطجع على شقِّك الأيمن، ثُم قل: اللَّهم أسلمْتُ نفسي إليك، ووجَّهْتُ وَجهي إليك، وفوَّضْت أمري إليك، وألْجَأت ظهري إليك، رغبةً ورهبة إليك، لا ملجأ ولا مَنجَى منك إلاَّ إليك، آمنتُ بكتابك الذي أنزلْتَ، ونبيِّك الذي أرسلْتَ، فإنْ مِتَّ مِن ليلتك فأنت على الفِطرة، واجْعلهُنَّ آخِرَ ما تتكلَّم به)).[41]
 
 
 
5 - الوضوء للجُنُب: إذا أراد الجنُبُ النومَ، أو الأكل، أو أراد أنْ يُعاود الجِماع، فيُستحبُّ له الوضوء فإنَّه أنشَطُ للعَود.
 
 
 
6 - الوضوء بعد أيِّ حَدَثٍ ولو لم يُرِد الصلاة: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:  ((استقيموا ولن تُحْصُوا، واعلَموا أن خَيْر أعمالكم الصلاة، ولن يُحافِظ على الوضوء إلا مؤمنٌ(([42]، وقد أصبح رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومًا، فدعا بلالاً، فقال: ((يا بلال، بِمَ سبقتَنِي إلى الجنة؟ إنِّي دخلْتُ البارحَة الجنَّة، فسمعْتُ خشخشتَك أمامي؟))، فقال بلال: يا رسول الله ما أَذَّنْتُ قط إلاَّ صلَّيتُ ركعتين، وما أصابني حدَثٌ قطُّ إلاَّ توضَّأت عندها، ورأيتُ أنَّ لِلهِ عليَّ ركعتَيْن، فقال رسول الله عليه وسلم: ((بهما[43])) والخشخشة: هي صوت النَّعل.
 
 
 
7 - الوضوء من حَمْل الميت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن غَسَّل ميتًا فلْيَغتسل، ومَن حَمَلَهُ فليتوضَّأ[44]))، والأمر بالغُسْل والوضوء في هذا الحديث مَحمولٌ على الاستحباب؛ وذلك لما ثبت أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ليس عليكم في غسل ميتِكم غُسْل إذا غسَّلتموه؛ فإنَّ ميتكم ليس بنجس، فحَسْبُكم أنْ تَغْسِلوا أيدِيَكم)).[45]
 
 
 
صفة الوُضوء كامِلة:
 
ذكَرْنا فيما سبق فرائضَ وسُننَ الوضوء، وإتْمامًا للفائدة نذكُرُ هنا صفة الوضوء مُرَتَّبة كالآتي:
 
1 - استحضار النيَّة في القلب، ثم البَدْء بالسِّواك.
 
2 - التسمِيَة عند البَدْء بالوضوء وذلك بأنْ يقول "بسم الله".
 
3 - غَسْل الكَفَّيْن ( ثلاث مرات).
 
4 - المضمضة والاستنشاق (ثلاث مرات بثلاث غرَفات) ؛ في كلِّ غرْفة يتمضمض ويستنشق على الأصَحّ، (ويَجوز أنْ يتمضمض ثلاث مرات، ثم يستنشق ثلاث مرات).
 
5 - غَسْل الوجه (ثلاث مرات) مع تخليل اللحية (ويُستَحَبُّ غسل شيئ مِن مقدمة الرأس مع الوجه حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
 
6 - غسْل اليدَيْن من رؤوس الأصابع إلى المرفقين (ثلاث مرات) على أنْ يبدأ بيده اليمنى قبل اليُسرى (ويُستَحَبُّ غسل ما فوق المِرفقيْن حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
 
7 - مَسْح الرأس (مرة واحدة) على ما تقدَّم تفصيلُه.
 
8 - مَسْح الأذنَيْن من الداخل والخارج مرَّة واحدة مع الرأس(بنفس الماء الذي مَسحَ به الرأس).
 
9 - غسْل رِجلَيْه إلى الكَعبيْن (ثلاث مرات) على أنْ يبدأ برجله اليمنى (ويُستَحَبُّ غسل ما فوق الكَعبَيْن حتى تأتي يوم القيامة وعليها نُور).
 
10 - يقول بعد فراغه من الوضوء: "أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله اللَّهم اجعلْنِي من التوَّابين، واجعلني من المتطهِّرين" ، ويقول أيضاً: (سبحانك اللَّهم وَبِِحَمْدِك، أشهد أنْ لا إله إلاَّ أنت، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك).
 
 
 
ملاحظات عامّة على الوضوء:
 
1- يَجوز الكلام أثناء الوضوء؛ إذ لا دليل يَمْنع من ذلك.
 
 
 
2- ليس هناك أذكارٌ تُقال أثناء الوضوء، وما ورد في ذلك ضعيف لا يَصِحُّ.
 
 
 
3 - إذا قلَّم أظفاره أو حلَق شعره بعد الوضوء، فلا يلزمه غسل ما ظَهَر من الأظفار بعد تقليمها، وكذلك الشعر.
 
 
 
4 - ليس هناك دليلٌ على وضع أُصْبعِه في فمه عند المضمضة، وإنَّما يَكفِي تحريك الماء بِحَركة الفم، ثم مَجِّه.
 
 
 
5 - لو كان شعره كثيفًا ومَسَحَ عليه، ولم يَصِل إلى بشرته (يعني جلد الرأس)، فالوضوء صحيح ولا يضرُّ ذلك، لكنه لا يَمْسح على المسترسل منه فقط، بل لا بدَّ أنْ يَمسح ما فوق الرأس.
 
 
 
6 - يجوز أنْ يلبس العمامة متعمِّدًا عند الوضوء من أَجْل المسح عليها، وكذلك يجوز للمرأة أنْ تَمسح على الخمار.
 
 
 
7 - إذا كان على أعضاء الوضوء مادة عازلة تَمْنع وُصول الماء إلى البشرة كالشمع والدهانات والجمالَكّا - (وهو دِهَان يُدهَن به الخشب) - والمونيكير وغير ذلك، فالواجب إزالة هذه المواد، وإلاَّ فالوضوء غير صحيح.
 
 
 
8 - أمَّا إذا كانت هناك أصباغ كالحِنّاء وصبغة اليُود - (مثل الميكروكروم) - ونحوهما مما ليس له كثافة، ولكنه يصبغ الجلد فقط، فهذا لا يؤثِّر في صِحَّة الوضوء (لأنها ليست مواد عازلة).
 
 
 
9 - اعلم أنَّه لا يُشرَع في الوضوء مَسْحُ الرَّقبة، بل مَسحُها يُعَدُّ بدعة.
 
 
 
10 - يَجوز الوضوء في الحمَّام، وله أنْ يُسمِّي سرًّا.
 
 
 
11 - إذا كان مقطوع اليدَيْن، فإنْ وجد مَن يُوضِّئه ولو بالأجرة فبِها، وإنْ لم يجد سقط عنه الوضوء وصلَّى على حالِهِ ولا إعادة عليه.
 
 
 
12 - إذا نسي عُضوًا أثناء الوضوء: فإنْ تذكَّر قبل أنْ يَطول الفصل - (يعني قبل أنْ يجف العضو الذي يَلِي هذا العُضو المَنسِي) - عاد إليه فغَسَله، ثُم أتَمَّ بقيَّة أعضائه على الترتيب، وإنُ طال الفَصْل أعاد الوضوء من أوَّلِه؛ لأنه بذلك يكون فقدَ المُوَالاة.
 
 
 
13 - إذا صلَّى مُحْدِثًا بغير وضوء لا تصحُّ صلاتُه، سواء كان عالمًا بِحَدَثِه أو جاهلاً أو ناسيًا، إلاَّ أن الناسي والجاهل لا يأْثَمان، وعليهما الإعادة، وأما المتعمد فقد ارتكَب معصية عظيمة، فعليه التوبة والنَّدم، وعليه الإعادة.
 
 
 
14 - لا يَلزَم خلع الأسنان المُركَّبَة عند المضمضة؛ لِما في ذلك من المَشقَّة، وأما تَحْريك الخاتم في الأصبع فمحَلُّ خلاف بين العلماء، والحديث الوارد بأن النبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يُحرِّك خاتَمَه رواه ابن أبي شيبة، وهو حديث ضعيف.
 
 
 
15 - يَجُوز التنشيف بعد الوضوء كما يَجُوز ترْكُه؛ إذِ الأصل في ذلك إباحة الفِعل وترْكِه، وستأتي هذه المسألة أيضًا في أبواب الغسل.
 
 
 
16 - إذا خرج من الدّبُر شيءٌ غير مُعتاد، كالحَصَى والدُود ونحو ذلك، فإنَّه يَنقضُ الوضوء عند أكثر أهل العلم.
 
 
 
17 - إذا أُدخل في فتحة الذَّكَر أو الدّبُر شيء - (مِثل المنظار الطبي أو غيره) - ثم أُُخْرِج وَجَبَ الوضوء؛ لأنَّه لا يَخلُو من بَلَّةٍ نجسة.
 
 
 
18 - إذا خرج البَول أو الغائط مِن غير السَّبيلَيْن (القبُل والدّبُر) (مثل ما يعرف بالقسطرة التي توضع للمريض)، وَجَبَ فيهما الوضوء على الرَّاجح؛ لِعموم حديث صَفوان: "... لكنْ مِن غائطٍ وبَول ونوم"، سواءٌ كان من المَخْرج المُعتاد، أو مِن غيره.
 
"التلخيص على مسؤولية الكاتب"
 
 
· مُختَصَرَة من كتاب (تمام المِنّة في فِقه الكتاب وصحيح السُنّة) لفضيلة الشيخ عادل العزّازي أثابه الله لمن أراد الرجوع للأدلة والترجيح، أما الكلام الذي تحته خط أثناء الشرح من توضيحٍ أو تعليقٍ أو إضافةٍ أوغير ذلك فهو من كلامي (أبو أحمد المصري)، وقد تمَّ مراجعة المُلَخَّص من أحد تلاميذ الشيخ عادل.
 
[1] مسلم (832)، وابن ماجه (28. )
 
[2] مسلم (249)، والنَّسائي (1/ 93)، وابن ماجه (4306)   ، وأحمد (2/ 300)
 
[3] "إغاثة اللَّهفان" (1/ 137)
 
[4] حسن: رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 22)، ورجاله ثقات عدا "أم الحسن"، واسمها "خيرة"، قال الحافظ: لا بأس بها، فهذا يعني أن حديثها حسَنٌ عند الحافظ.
 
[5] البخاري (60)، ومسلم (241)، وأبو داود (97)، والنَّسائي (1/ 77)، وابن ماجه (450).
 
[6] قال الشيخ عادل العزّازي: كنت أرجِّح في الطبعات السابقة أن التسمية واجبة؛ لذا ذكرْتُها ضمن الفرائض، والصَّحيح أنَّ موضعها ضمن سُنَن الوضوء، فتنَبَّه.
 
[7] صححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3695 .
 
[8] البخاري (162)، ومسلم (278)، وأبو داود (105)، والترمذي (24)، والنَّسائي (1/ 706)، وابن ماجه (393)
 
[9] انظر "الْمُغْنِي" (1/ 161).
 
·· صحيح: رواه أبو داوود (142)،(143) ، والترمذي (788)، وأحمد (4/211)
 
[10] انظر تعليق الترمذي على الحديث (244)، و"المغني" (1/ 161)، و"نَيْل الأوطار" (1/ 215) (**) صحيح: رواه أبو داوود (142)،(143) ، والترمذي (788)، وأحمد (4/211)
 
[11] البخاري (157)، وأبو داود (138)، والترمذي (42)، والنَّسائي (1/ 62)، وابن ماجه (411)
 
[12] البخاري (158)، وأحمد (4/141)، وابن خزيمة (170)
 
[13] شرح صحيح مسلم (3/ 106)
 
[14] البخاري (168)، ومسلم (268)، والترمذي (608)، وأحمد (6/202)
 
[15] نقلاً من فتح الباري (1/ 270) تعليقًا على الحديث رقم (167 – 168).
 
[16] صحَّحه الألبانِيُّ: رواه أبو داود (145)، والبيهقي (1/ 54)، قال الشيخ عادل العزّازي: لكن فيه الوليد بن زوران، قال فيه ابن حجر: لَيِّنُ الحديث
 
[17] شرح مسلم (3/ 107)
 
[18] إسناده صحيح: رواه أبو داود (96)، وأَحْمد (4/ 86)، وابن حبَّان (6763)
 
[19] مسلم (234)، وأبو داود (460)، والنَّسائي (1/ 92)، والترمذي (55)، وابن ماجه (470).
 
[20] الترمذي (55)، والطبراني في "الأوسط" (5/ 140)، وحسَّنَه الألباني في "الإرواء" (96)
 
[21] رواه النَّسائي في الكبرى (9909)، وصوَّبَ وقْفَه، وقال الألباني: وهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يُقال بِمُجرَّد الرَّأي
 
[22] البخاري (1149)، ومسلم (2458)
 
[23] البخاري (164)، ومسلم (226)
 
[24] شرح صحيح مسلم (3/ 108)
 
[25] الإجماع (ص3)، ووقع في النسخة عندي: "المني"، بدلاً من "المذي"، وصوابه: المَذي
 
[26] صحيح: رواه ابن أبي شَيْبة (1/ 89)، والبيهقي (1/ 169)
 
[27] شرح صحيح مسلم (4/ 74)
 
[28] البخاري (117)، (138)، (183)، ومسلم (763)، وأبو داود (58)
 
[29] شرح صحيح مسلم (4/ 74).
 
[30] مسلم (360)، وثبت عن البَراء نحوُه: رواه أبو داود (184)، والترمذي (81)، وأحمد (4/ 303)
 
[31] البخاري (6243)، ومسلم (2657)، وأبو داود (2153)، واللفظ له
 
[32] حسن: رواه الطبراني في الكبير (20/ 211)، وحسنه الألبانِيُّ في "السلسلة الصحيحة" (226).
 
[33] انظر في ذلك "المُحلَّى" (1/ 348)، المسألة رقم (169)
 
[34] البخاري (137)، ومسلم (361)، وأبو داود (176)، والنَّسائي (1/ 98)، وابن ماجه (513)
 
[35] شرح مسلم للنووي (4/ 49)
 
[36] المُغْنِي"، (1/ 226)
 
[37] انظر فتاوى كبار العلماء - فتوى ابن عُثَيْمِين - ص178 ط/ الإسلامية.
 
[38] "مجموع الفتاوى" (26/ 198)، و"الشرح الممتع" (7/ 300)
 
[39] مسلم (373)، وأبو داود (18)، والترمذي (3384)، وابن ماجه (302)
 
[40] صحيح: الترمذي (3914)، ورواه أحمد (1/ 115)، وابن خزيمة (209 – 210)
 
[41] البخاري (247)، ومسلم (2710)، وأبو داود (5046)، والترمذي (3394)، والنَّسائي في "اليوم والليلة" (780 – 785)
 
[42] صحيح: رواه ابن ماجه (277)، وأحمد (5/ 276)، والحاكم (1/ 130) وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه المنذريُّ في "الترغيب والترهيب"، وللحديث ألفاظ أخرى بمعناه؛ انظر "إرواء الغليل"، (1/ 135)
 
[43] صحيح: رواه الترمذي (3689) وصححه، والحاكم (1/ 313) وصححه، ووافقه الذهبي، ورواه أحمد (5/ 354، 360)
 
[44] إسناده حسن: رواه الترمذي (993)، وابن ماجه (1463)، وأبو داود (3161)، واللفظ له).
 
[45] حَسَن: رواه الحاكم (1/ 386)، والدار قطني (2/ 76)، والبيهقي (3/ 398)، وصححه الحاكم ووافقه الذَّهبِي، وحسَّنه الحافظ في "التلخيص" (1/ 137 -  138)، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (5408).
 
 
 
رامي حنفي محمود
شبكة الالوكة
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×