اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

تفسير سورة المنافقون كاملة بأسلوب بسيط جدًّا

المشاركات التي تم ترشيحها

تفسير سورة المنافقون كاملة

 


الآية 1، والآية 2، والآية 3: ﴿ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ : يعني إذا حضر المنافقون مَجلسك أيها الرسول: ﴿ قَالُوا  لك بألسنتهم: ﴿ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ  ﴿ سَواء شهد المنافقون بذلك أو لم يشهدوا)﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ فيما أظهروه لك، وحلفوا عليه بألسنتهم (وقد أخفوا في قلوبهم الكفر به)، وهؤلاء المنافقون قد ﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً  أي جعلوا حَلفهم الكاذب وقايةً لهم من قتل المسلمين لهم وأخْذ أموالهم بسبب كُفرهم ﴿ فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ : أي فصَدُّوا المؤمنين - بذلك الحَلِف الكاذب - عن سبيل الله (وهو جهادهم وتطهير صفوف المسلمين منهم)، إذ كانوا يوقعون العداوة بين المسلمين، ويثيرون المخاوف والشكوك في قلوبهم، حتى يصدوهم عن سبيل الله وهو الإسلام، وهم مختبئون تحت عباءته ﴿ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  أي قَبُحَ ما كانوا يعملونه من النفاق والحَلف الكاذب،﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا : يعني ذلك لأنهم آمَنوا في الظاهر، ثم كفروا في الباطن، واستمَروا على ذلك ولم يتوبوا ﴿ فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ  أي خَتَمَ الله على قلوبهم بالكفر والعياذُ بالله (فلا يَدخل قلوبهم خيرٌ ولا إيمان)، ﴿ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ  أي لا يَفهمون ما فيه صَلاحهم.

 

 



من الآية 4 إلى الآية 8: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ  يعني: وإذا نظرتَ أيها الرسول إلى هؤلاء المنافقين: أعجَبك مَناظرهم وهيئاتهم (إذ هم يَهتمون بالظاهر ولا يُصلِحون الباطن)، ﴿ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ  يعني وإن يتحدثوا: تَتلذذ بالاستماع لحديثهم (وذلك لفصاحة ألسنتهم)، وهُم في الحقيقة ﴿ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ  يعني كأنهم أخشابٌ مُلقاة على الحائط، لا حياةَ فيها، ولا ثَباتَ لها، ولا مَنفعة منها (وذلك لفراغ قلوبهم من الإيمان وعقولهم من الفَهم والعلم النافع، على الرغم مِن عِظَم أجسامهم)، ﴿ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ : أي يظنون أن كل صوت عالٍ واقعٌ عليهم وضارٌّ بهم (وذلك لشدة جُبنهم وعِلمهم بحقيقة نفاقهم)، ﴿ هُمُ الْعَدُوُّ  أي هم أعداؤكم - أيها الرسول والمؤمنون - بل إنّ عداوتهم أشد خطراً من عداوة المُشرِكين (إذ عداوتهم غير ظاهرة، لدخولهم تحت شعار الإسلام، على العكس ممن يُعلنون عداوتهم لكم من المُشرِكين وغيرهم)، ﴿ فَاحْذَرْهُمْ  أي خُذ حذرك منهم أيها الرسول (حتى لا يُفشوا أسراركم، أو يريدوا بكم سوءاً)، ﴿ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ  أي طَرَدهم الله من رحمته وفضَحَهم وأهلكهم، ﴿ أَنَّى يُؤْفَكُونَ : يعني كيف يَنصرفون عن الحق إلى الباطل، رغم ما يشاهدونه مِن وضوح الحق وقوَّة أدِلَّته؟!

 

 


﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ  أي لهؤلاء المنافقين - بعد أن قالوا بعض الكلمات الخبيثة في حق الرسول وأصحابه -: ﴿ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ : يعني أقبِلوا تائبينَ إلى الله تعالى، مُعتذرينَ عمَّا صدر منكم من القول السيِّئ، حتى يَستغفر لكم رسول الله ويدعو اللهَ تعالى أن يعفو عنكم، فإذا قيل لهم ذلك، تجدهم أيها الرسول قد ﴿ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ  أي حَرَّكوها إلى جهةٍ غير جهة من يُخاطبهم، رافضينَ الاعتذار إليك، ﴿ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ  أي يُعرِضون عن الحق، ﴿ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ  عن الامتثال لأوامر ربهم.

 

 


 ثم أخبَر اللهُ رسوله أن استغفاره لهؤلاء المنافقين لا يَنفعهم، فقال: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ  (وذلك لإصرارهم على الكفر والعناد، وتوَغّلهم في الفِسق والضَلال) ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ  أي لا يوفِّق الخارجين عن طاعته للإيمان بدينه (وذلك لاستمرارهم على الباطل مِن بعد ما تبَيَّن لهم الحق).

 

 


 وهؤلاء المنافقون (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ  فيما بينهم - بعد أنْ أغاظهم اجتماع الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة حُبهم له -: ﴿ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا : أي لا تنفقوا على فقراء المهاجرين وهم عند محمد، ولا تقدموا لهم عوناً أو مساعدة حتى يجوعوا، فيتفرقوا طالبينَ للرزق بعيداً عنه (وكأنّ الرزق بأيديهم وتحت مشيئتهم!)، فَرَدَّ الله عليهم قائلاً: ﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ  أي هو وحده الذي يَملكها ويتصرف فيها، فيُعطي الرزق لمَن يشاء - بتيسير أسبابه له - ويَمنعه عمَّن يشاء، ﴿ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ  أي لا يَفهمونَ ذلك لفساد قلوبهم، ولهذا ظنوا أنهم إنْ مَنَعوا الإنفاق على المهاجرين، فسوف يموتون جوعاً (ولم يعلموا أن الذي يرزق المنافقين أنفسهم هو الله وحده)، و﴿ يَقُولُونَ  أيضاً: ﴿ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ  - وذلك بعد أن كانوا في إحدى الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم -: ﴿ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ  - يَقصدون بذلك أنفسهم - أنهم سيُخرِجون ﴿ مِنْهَا  أي من "المدينة": ﴿ الْأَذَلَّ  (يَقصدون بذلك المؤمنين)، فَرَدَّ الله عليهم قائلاً: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ  أي لهم الغَلَبة والعُلُوّ لا لغيرهم ﴿ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ  أي لا يَعلمونَ ذلك؛ لانغماسهم في الجهل الضلال.

 

 


الآية 9، والآية 10، والآية 11: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ  أي لا تُشْغِلْكم أموالكم ولا أولادكم عن عبادة الله وطاعته، ﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ  يعني: ومَن شَغَلته أمواله وأولاده عن فرائض الله ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ  الذين بلغوا أقصى درجات الخسران والغفلة، لأنهم خالفوا ما أمَرَهم الله به، ﴿ وَأَنْفِقُوا  أيها المؤمنون ﴿ مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ  (ويدخل في هذا: النفقات الواجبة - كالزكاة والكفارة ونفقة الزوجات والنفقة في الجهاد -، والنفقات المستحبة، وهو التصدق في جميع طُرُق الخير)، وسارِعوا إلى ذلك ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ  ﴿ فَيَقُولَ  نادمًا: ﴿ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ : يعني هَلاّ أمهلتني، وأخَّرتَ موتي إلى وقتٍ قصير ﴿ فَأَصَّدَّقَ  يعني فأتصدق مِن مالي ﴿ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ  الأتقياء، ﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا  (وذلك حيثُ لا يَنفع الندم)، فتُوبوا أيها العُصاة قبل فوات الأوان﴿ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ  وسيُجازيكم على أعمالكم.

 

 


 ولَعَلّ الله تعالى ختم سورة المنافقين بالحث على كثرة الذِكر والصدقة، لأنّ فيهما علاجاً للقلب من مرض النفاق، فقد وَصَفَ الله تعالى المنافقين بأنهم (لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً)، فتَبيَّنَ مِن ذلك أن الذِكر الكثير براءةٌ للقلب من النفاق، كما أن الصدقة سببٌ لعلاج القلب المريض، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (داوُوا مرضاكم بالصدقة) (انظر صحيح الترغيب والترهيب ج: 1)، وليس هناك أخطر من أمراض القلوب، إذ لا ينفع في الآخرة مالٌ ولا بنون، إلا مَن أتى الله بقلبٍ سليم.


 

 من سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.


• واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن

 

رامى حنفي محمود

 

شبكة الالوكة

 


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×