اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

احذروا الربا (خطبة)

المشاركات التي تم ترشيحها


تهنئة عيد الفطر | كل عام وأنتم بخير | تقبل الله منكم صالح الأعمال ¸.·`¯)




الخطبة الأولى
 

الحمد لله رب العالمين، أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث ووضع عنا الآصار والأغلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو العزة والكبرياء والجلال، وأشهد أنْ محمدًا عبده ورسوله، اصطفاه واختاره وطبعه على أكرم الأخلاق وخير الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحبٍ وآل، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى وطاعته؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان: 33].

 

أيها المسلمون:

في "صحيح البخاري" عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: « يَأْتي علَى النَّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المَرْءُ ما أخَذَ منه؛ أمِنَ الحَلالِ أمْ مِنَ الحَرامِ ».

 

وها نحن نشاهد في هذا الزمان وقد افتتن كثير من الناس بالمال، خاصة مع انتشار شركات الأسهم والبنوك الربوية، وأصبح الكثير يدخل في كثير من البيوع من غير أن يتأكد من مشروعيتها مع علمه بأنها لا تسلم من الربا.

 

و الربا أسلوب تعاملي فاسد، بل عمل ظالم باطل جائر، فظيع شنيع، ضار بالإيمان، ساحق للبركة، ماحق للمنفعة.

 

لا يأكل الربا - يا عباد الله - ولا يتعاطاه ويتعامل به بعد العلم بتحريمه وخطره إلا ظالم فاسق عاص لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم.

 

والربا هو الزيادة في أحد النوعين من المال على النوع الآخر، هذا إذا كانا من جنس واحد، مثل: ذهبٌ بذهب أو فضة بفضة أو شعير بشعير...الخ.

 

والربا نوعان:

الأول: ربا الفضل، والثاني: ربا النسيئة، فما تعريف كل نوع مع الأمثلة؟

ربا الفضل مثل ريال بريالين، ودينار بدينارين، ومثل صاع من البر بصاع ونص من البر فهذا يسمى ربا الفضل. يعني يفضل أحدهما على الأخر بزيادة، فمثلا من يكون معه خمسون جرامًا ذهبًا ويذهب إلى صاحب ذهب فيقول له أريد أن أشتري منك ذهبًا جديدًا بدل هذا الذهب القديم، فيقول اختار نوع الذهب الذي تريد، ثم يزن ذهبه الجديد، ويزن القديم فيقول باقي عندك مثلا أربع مائة ريال أو نحوها، هذا نوع من الربا، ومثلها رجل يريد يشتري صاعًا من الذرة الجيد الجديد وما عنده مال، وليس عند إلا حب ذرة قديم ورديء، فيقول للبائع أريد أعطيك صاعين من حبي الرديء على أن تعطيني صاعًا من الحب الذرة الجيد، فهذا هو ربا الفضل، الدليل على ذلك ما رواه البخاري في "صحيحه" أنه "جَاءَ بِلالٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مِن أيْنَ هذا؟ قَالَ بِلالٌ: كانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ منه صَاعَيْنِ بصَاعٍ؛ لِنُطْعِمَ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: أوَّهْ أوَّهْ! عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَلْ، ولَكِنْ إذَا أرَدْتَ أنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ ببَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ."

 

فالطريقة الصحيحة في بيع نوعين من جنس واحد، وحتى لا يقع في الربا، أن تبيع ما لديك من ذهب أو فضة أو بر أو أي شيء آخر إذا كان من نفس النوع ثم بعد قبض الثمن تشتري ما تريد، هذه هي الطريقة الصحيحة إذا كنت تريد تبيع وتشتري نفس النوع الربوي يعني تبيع ذهبًا وتشتري ذهبًا أو برًا ببر أو ملحًا بملح أو شعيرًا بشعير فلا يجوز التفاضل ولكن افعل ما قلت لك أن تبيع ما لديك ثم بعد قبض الثمن فلك أن تشتري ما تريد بمالك، أما إذا كان النوعين مختلفين مثلا تستبدل ذهبًا بفضة أو فضة بذهب أو برًا بشعير أو شعيرًا بذرة فيجوز الزيادة والتفاضل، بشرط أن يتقابضا في المجلس، يعني تقول للبائع خذ ذهبًا واعطني فضة مع زيادة أو نقصان، أو تقول له خذ صاعين من بر بصاع من شعير، ولكن بشرط هاء وهاء يستلم ويسلم، فإن تفرقا قبل القبض وقعا في الربا، أو قبض أحد النوعين وأجل الآخر وقعا في الربا، هذا هو ربا الفضل انتهينا منه.

 

أما ربا النسيئة: فهو أن يبيع وليس قرضًا وإنما يبيع درهمًا بدرهم أو ريالًا بريال إلى أجل هذا نسيئة، صاع بر بصاع بر آخر لكن نسيئة، هذا ربا نسيئة، أو فضة بذهب من دون قبض يسمى ربا نسيئة، أو بُر بشعير بغير قبض يسمى ربا نسيئة وهكذا. أو ريالات سعودية بجنيه سوداني، أو دولار بجنيه مصري، أو بيورو، أو أي عملة أخرى، فيجوز الزيادة أو النقصان بشرط القبض في المجلس قبل التفارق، وهذا يسمى الصرف، لأنه اختلف جنس العملتين، وكذلك في مسألة الدين الذي يقع فيه كثير من الناس وهو ربا الجاهلية.

 

مثال من الواقع: رجل اقترض دينًا من رجل آخر مبلغ ألف ريال يسدده بعد سنة، ولما حان الوقت المتفق عليه، وجاء صاحب الدين يريد ماله، قال المديون ليس عندي مال، أريد أن تمهلني سنة أخرى، فوافق صاحب الدين بشرط أن يسدده ضعف المبلغ أي بدل الألف يسدده ألفين، وكلما طلب تأجيل السداد زاد عليه ضعف المبلغ، حتى يتورط المدين فيما لا طاقة له به فهذا ربا النسيئة وهو ما كان يتعامل به أهل الجاهلية وهو محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، طيب إذا عجز المدين عن السداد في وقته فما هو الحل؟

الحل في قول الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280].

 

عنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ)، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ) قُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ)، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ) قَالَ: (لَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ).

 

والحديث صححه الألباني في "الصحيحة" (86) يعني إذا أقرضت شخصًا مبلغًا من المال لمدة معينة، فلك بك يوم صدقة حتى يسددك، فإذا حان موعد السداد، وطلب منك مهلة أخرى فأمهلته فلك بكل يوم مثليه صدقة يعني بدل الصدقة صدقتين كل يوم، وهكذا لو أمهلته ثالثة ورابعة تضاعف لك الصدقات حسب المدة، فهنيئًا للميسرين بهذا الفضل العظيم.

 

فأقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم.

 

فواصل مواضيع - d1g
الخطبة الثانية

الحمد لله الذي أحل الطيبات من الرزق، ونهى عن الخبائث، وحم الربا بكل صوره وذرائعه وحيله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في أفعاله وأسمائه وصفاته، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسله، أرسله بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله وسراجًا منيرًا.

 

أما بعد:

فيا عباد الله: الربا أمره خطير وعقابه أليم، وهو من كبائر الذنوب، وقد استفاضت الأحاديث النبوية في التحذير من الربا، ومنها ما رواه ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا أحدٌ أكثرَ منَ الرِّبَا إلا كانَ عاقبةُ أمرِهِ إلى قِلَّة"؛ أخرجه ابن ماجه، وصححه الألباني.

 

وفي "صحيح مسلم" عن جابر قال: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - آكلَ الربا ومُوكِله وكاتبَه وشاهدَيْه، وقال: "هُمْ سَوَاء".

 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبُوا السَّبعَ الموبِقات، وذكر منهن: وأكلُ الرِّبا"؛ متفق عليه.

 

وروى الإمام أحمد في "المسند" (36 /288) من حديث عبد الله بن حنظلة، بلفظ: (دِرْهَمٌ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً).

 

فالأمر خطير عبادَ الله.

 

وقد توعد الله آكل الربا بوعيدٍ شديد، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: 278-279]، وهذا وعيدٌ شديد، لكلِّ مرابٍ عنيد، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "يُقال يوم القيامة لآكلِ الربا: خُذْ سلاحَك للحرب -تهكُّمًا به-". وهل يقوى الإنسان الضعيف على محاربة القويِّ العزيز؟! ألا ما أعظم الأمر، وما أفدح الخطب، وما أشدَّ الخسارة على أهل الربا في الدنيا والآخرة.

 

يقول - جلَّ وعلا -: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة: 275].

 

فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ فقال جلَّ مِن قائلٍ عليمٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].




يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الالوكة



الكبيرة الخامسة - الربا - أبو عمر ( تسجيل صوتي) - موقع بلدتنا
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×