اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم (خطبة)

المشاركات التي تم ترشيحها

الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم

 


أما بعد: فحديثنا إليكم أيها الجمع الكريم عن (الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم) التي بها ينال رحمة الله تعالى ومغفرته ورضوانه فأعيروني القلوب والأسماع أيها الأحباب ...

 

الله هو الرحمن الرحيم:


من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى (الرحمن، الرحيم)، فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه - سبحانه وتعالى-: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة:163]، والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره، قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى.. ﴾ [الإسراء:110]. ورود الاسمين في القرآن الكريم: وقد ذُكر اسمه تعالى: (الرحمن) في القرآن 57 مرة، أما اسمه (الرحيم) فذُكر 114 مرة.

 

الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه:5]، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته.

 

الرحيم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قوله تعالى: ﴿ .. وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب:43]، فخص برحمته عباده المؤمنين.

 

سعة رحمة الله تعالى:


أيها الإخوة الأحباب إن رحمة الله واسعة، يقول الله جلَّ وعلا: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.. ﴾ [الأعراف:156]، فرحمة الله عزَّ وجلَّ عامة واسعة، هي للمؤمنين في الدارين، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ .. فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، وفتح الله تعالى: أبواب رحمته للتائبين، فقال تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر:53].

 

عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِنَّ للهِ مائةَ رحمةٍ أنزل منها رحمةً واحدةً بين الجنِّ والإنسِ والبهائمِ والهوامِّ، فبها يَتَعَاطَفُونَ، وبها يَتَرَاحَمُونَ، وبها تعطِفُ الوحشُ على ولدِها"، وفي روايةٍ: "حتى تَرفعَ الدَّابةُ حافِرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه، وأخَّر اللُه تسعًا وتسعين رحمةً يَرحمُ بها عبادَهُ يومَ القيامةِ"، وفي رواية: "إِنَّ الله خلقَ الرَّحمةَ يومَ خلقها مائةَ رحمةٍ"، وفي رواية: "كلُّ رحمةٍ طِباقُ ما بين السماءِ والأرضِ، فأمسَكَ عنده تسعًا وتسعين رحمةً، وأرسلَ في خلقِهِ كلِّهم رحمةً واحدةً"[1].

 

الوسائل العشر لنيل رحمة الرحمن الرحيم:


اعلموا عباد الله: أن الله تعالى برحمته أرشدنا في كتابه العزيز إلى ما يوصلنا إلى رحمته جل جلاله وإليكم هذه الوسائل لعل الله تعالى أن يرسل علينا سحائب رحمته مدرارًا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

أولا: الإحسان:

الإحسان كلمة جامعة لأصول الدين وأصول المعاملات وأصول الأخلاق قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

 

فرحمة الله قريب من المحسنين الذين يعبدون الله تعالى كأنهم يرونه، فيراقبونه في كل صغيرة وكبيرة، ويعلمون أنه جل جلاله يعلم السر وأخفى فيأتمرون بأمره وينتهون عن نهيه.

 

ورحمة الله قريبة من المحسنين الذين يحسنون في عبادتهم لله تعالى ويؤدونها دون خلل أو تقصير أو تفريط.

 

ورحمة الله قريب من المحسنين الذين يحسنون إلى خلق الله بالمعاملة الحسنة.

 

ثانيًا: تقوى الله تعالى:

ومن وسائل تحصيل رحمة الله التقوى والإتيان بأمهات الطاعات، فمن اتقى الله تعالى وأتى بأمهات الطاعات فقد نال القسط الأوفى من رحمته تعالى؛ ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ﴾ [الأعراف: 156، 157].

 

﴿ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ فَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: نَحْنُ مُتَّقُونَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ ﴾ الْآيَةَ. فَخَرَجَتِ الْآيَةُ عَنِ الْعُمُومِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

 

رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كتبها الله عز وجل لهذه الأمة[2].

 

ثالثًا: رحمة المخلوقات سبيل إلى رحمة رب الأرض والسماوات:


معاشر الموحدين: ومن أسباب رحمة الله بعبده رحمة مخلوقاته من الآدميين والبهائم، فمن علامات سعادة العبد أن يكون رحيم القلب؛ فالرحيم أولى الناس برحمة الله، وهو أحب الناس إلى الناس، وأقرب الناس إلى قلوب الناس، وهو أحق الناس بالجنة، لأن الجنّة دار الرّحمة لا يدخلها إلّا الرّاحمون عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»[3].

 

ورحمة الخلق جميعًا بشرًا أو حيوانات من أعظم أسباب المغفرة، فقد غفر الله لبغي سقت كلبًا، وغفر الله لرجل رأى كلبًا يلهث الثرى من العطش فرَقَّ له فسقاه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، إِذِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ وَخَرَجَ، فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي بَلَغَ مِنِّي، فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ، فَسَقَى الْكَلْبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لأَجْرًا؟ فَقَالَ: فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ[4].

 

إِنْ كُنتَ لَا تَرحَمُ المِسكِينَ إِنْ عَدِمَا 
وَلَا الفَقِيرَ إِذَا يَشكُو لَكَ العَدَمَا 
فَكَيفَ تَرجُو مِنَ الرَّحمَنِ رَحمَتَهُ 
وَإِنَّمَا يَرحَمُ الرَّحمَنُ مَنْ رَحِمَا 

 

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَضَعُ اللَّهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّنَا يَرْحَمُ، قَالَ: (لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ، يُرْحَمُ النَّاسُ كَافَّةً)[5].

 

عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَابَ عَبْدٌ وَخَسِرَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ رَحْمَةً لِلْبَشَرِ)[6].

 

رابعًا: الإيمان والجهاد والهجرة:


الإيمان كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 218] أن تحقق الإيمان في أفعالك وأحوالك أن تترجم الإيمان ترجمة حرفية فورية في معاملتك مع الخلق،

 

والمهاجر هو من ترك ما نهى الله تعالى عنه، والمجاهد هو من جاهد نفسه في طاعة ربه ومولاه جل في علاه.

 

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ[7].


خامسًا ومن أسباب الرحمة:


إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56].

 

كيف ترجو رحمة الله يا من تؤخر الصلاة عن وقتها؟!

كيف ترجو رحمة الله يا من لا تصلي في جماعة؟!

كيف ترجو رحمة الله يا من تنام عن الصلاة المكتوبة؟!

كيف ترجو رحمة الله أيها الغني وأنت تضن بمالك عن الفقراء والمساكين؟!

كيف ترجو رحمة الله يا من تكنز الأموال ولا تخرج حق الفقراء والمساكين؟!

 

سادسًا: ومن أسباب الرحمة طاعة الله ورسوله: قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132].

 

فطاعة الله وطاعة رسوله، من أسباب حصول الرحمة، وهذه الآية جاءت ضمن الحديث عن جريمة أكل الربا، فأطيعوا الله والرسول فيما نهيا عنه من أكل الربا وما أمرا به من الصدقة لعلكم ترحمون في الدنيا بما تفيدكم الطاعة من صلاح حال مجتمعكم، وفي الآخرة بحسن الجزاء على أعمالكم.

 

فيا أيها المرابي كيف ترجو رحمة الله وقد عصيت أوامره ولم تطع رسوله صلى الله عليه وسلم؟

 

سابعًا: اتباع أوامر القران الكريم واجتناب نواهيه:


فالقران الكريم أيها الأحباب هو دستور الأمة الإسلامية وقد بني ذلك الدستور على الرحمة في التكاليف والنواهي، والرحمة في الأفعال والأقوال، فمن اتبع القران الكريم نال من رحمته بقدر اتباعه له، قال تعالى: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155].

 

أي: اعملوا بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام وَاتَّقُوا يعني مخالفته واتباع غيره لكونه منسوخًا به لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي: لترحموا بواسطة اتباعه، وهو العمل بما فيه، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من البينات والحكمة، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

ثامنًا: الاستماع الإنصات لتلاوة القران الكريم


أيها الإخوة الأحباب اعلموا أن من أسباب الرحمة الاستماع والإنصات لتلاوة القرآن الكريم قال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].

 

يقول السعدي -رحمه الله -: هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب الله يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.

 

وأما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب الله، فإنه ينال خيرًا كثيرًا وعلمًا غزيرًا، وإيمانًا مستمرًا متجددًا، وهدى متزايدًا، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب الله حصول الرحمة عليهما، فدل ذلك على أن من تُلِيَ عليه الكتاب، فلم يستمع له وينصت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خير كثير.

 

ومن أوكد ما يؤمر به مستمع القرآن، أن يستمع له وينصت في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه، فإنه مأمور بالإنصات، حتى إن أكثر العلماء يقولون: إن اشتغاله بالإنصات، أولى من قراءته الفاتحة، وغيرها[8].

 

تاسعًا: الدعاء باسمه الرحمن الرحيم والتعبد بهما:

ومن أسباب حصول الرحمة أن يدعو المسلم باسم الله الرحمن الرحيم فإن ذلك أرجى لحصول الرحمة يقول الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10] قال تعالى: ﴿ وَللهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، فيسأل لكل مطلوب بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله، ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ﴿ وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 118].

 

عاشرًا: الإكثار من الاستغفار:

أيها الإخوة الأحباب لقد أرشدنا الرحمن الرحيم إلى وسيلة أخرى من وسائل حصول الرحمة الربانية ألا وهي الاستغفار قال العزيز الغفار: ﴿ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل: 46].

 

فكثرة الاستغفار والتوبةُ مِن أسباب تنزُّل الرحمات الإلهية، والألطافِ الربانية، والفلاح في الدنيا والآخرة.

 

عن أبي ذَرّ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-قال: -فيما روى عن الله تبارك وتعالى -أنه قال: «يا عبادي إني حَرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تَظَالموا، يا عبادي، كُلُّكم ضالٌّ إلا مَنْ هَدَيتُه، فاسْتَهدُوني أهْدِكم، يا عبادي، كُلُّكم جائع إلا مَنْ أطعمتُهُ، فاستطعِموني أُطْعِمْكم، يا عبادي، كُلُّكم عارٍ إلا مَنْ كَسوْتُه، فاستكْسُوني أكْسُكُمْ، يا عبادي، إنكم تُخطئون بالليل والنهار، وأنا أَغْفِرُ الذُّنوبَ جميعًا، فاستغفروني أغفِرْ لكم )) [9].

 

قال العلماء: وإنما قال سبحانه جميعًا ها هنا قبل أمره إيَّانا باستغفاره حتى لا يقنَطَ أحدٌ مِن رحمة الله لعظيم ذنب احتقره، ولا لشديد وِزْر قد ارتكبه، ما أرحمَه وألطفَه جلَّ شأنُه، خلقنا وهو يعلَمُ أننا سوف نذنب ليلًا ونهارًا، ثم فتح لنا أبواب مغفرتِه، ولم يُقنِّط عبادَه مِن رحمته.

 

[1] رواه البخاري (9469)، ومسلم (2752/ 18 -19، 2753/ 21).

[2] تفسير القرطبي (7/ 296)

[3] رواه الترمذي رقم (1925) في البر والصلة، باب في رحمة الناس، وأبو داود رقم (4941) في الأدب، باب في الرحمة،

[4] أخرجه "البُخاري" 173 وفي "الأدب المفرد" 378. و"مسلم" 5921

[5] حسنه الألباني رحمه الله في "الصحيحة" (167).

[6] حسنه الألباني في "الصحيحة" (456) .

[7] أخرجه الترمذي (1621) مختصرًا، وأحمد (23967).

[8] تفسير السعدي (ص: 314)

[9] رواه مسلم رقم (2577) في البر والصلة، باب تحريم الظلم، والترمذي رقم (2497) في صفة القيامة، وباب رقم 49.

السيد مراد سلامة

 

شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×