اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

في المعاملة بالذهب وما يدخله من ربا

المشاركات التي تم ترشيحها

لحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، حذَّر من أكْل الربا والتعامل فيه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الذي بيَّن لأمَّته كيف تتعامَل في بيعها وشرائها، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحابته الممتثلين لأوامره والمجتنبين لنواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 



أمَّا بعدُ:


 

فيا عباد الله، اتَّقوا الله -تعالى- وتُوبوا إليه، واحذَرُوا عُقوبات الذّنوب والمعاصي؛ ومن ذلك التعامل في الرّبا وأكْل الأموال بالباطل، فقد فشا ذلك في هذه الأزمان، ومن هذه المعاملات الربويَّة ما يعمله بعض باعة الذهب أو أكثرهم في شِراء الذهب القديم وبيع الجديد بزيادة؛ ويُبرِّرون هذه الزيادة للخبرة أو الصَّنعة كما يقولون.

 

أو يبيعون الذهب بالريالات بدون قبض الريالات، وكلُّ ذلك حرامٌ لا يجوز التعامُل به، ومن المصائب أنَّ البعض يعرف حُرمتَه ومنعه، ولكنْ طمع الدنيا والأمن من العُقوبات يحمل على هذه المعاملة المحرَّمة.

 

وقد يجهَل البعض ولكنَّه غير معذور في ترْك السؤال عمَّا يحلُّ ويحرم، وهذه المعاملة الربويَّة فاشيةٌ بين النساء اللاتي يبعنَ الذهب المستعمل على بعض باعة الذهب المتربِّصين لضعيفات العقل والدِّين.

 



تأتي المرأة بالذهب المصاغ المستعمَل، وقد يكون استعماله قليلًا ولكنَّ الصنعة الجديدة سميت باسمٍ جديد وهذا الاسم له قيمته، أمَّا الاسم القديم فقد انحطَّتْ قيمته، فتبيعه ناقصةُ العقل المخدوعة بالزخارف والكلمات المنمَّقة تَبِيعه برخص وتشتري الجديد بالزيادة، فلا تقبض ثمن المبيع ولا يقبض المشتري ثمن الجديد، وإنما ذهب بذهب أقل منه وزنًا وتدفع المرأة الزائد على ثمن الجديد، وهذه معاملةٌ ربويَّة محرَّمة، وقد يكون فيها شرط أو تواطُؤ بين البائعة والمشتري وهو أنْ يأخُذ القديم بكذا وتأخُذ الجديد بكذا وإنْ لم يكن هذا صَرِيحًا بين المتبايعَيْن، ولكن كلًّا منهما عرف مقصود صاحبه، فتسامَحا في الصفقتين فهذه من المعاملة الربويَّة التي ورد النهي عنها صريحًا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبرُّ بالبرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثلٍ، سَواء بسَواء، يدًا بيد، فإذا اختلفتْ هذه الأصناف فبِيعُوا كيف شِئتُم إذا كان يدًا بيد))[1].

 


وفي الصحيحين من حديث أبي مسعودٍ وفيه: ((فمَن زاد أو استَزاد فقد أربى، الآخِذ والمُعطِي فيه سواء))[2].

 

فاتَّقوا الله يا عباد الله، فقد سمعتُم قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، مثلًا بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد)).

 



اتَّقوا الله يا مَن تتَعامَلون في الذهب؛ فإنَّكم على خطر، فطمع الدنيا قد يحملكم على ارتكاب المحرَّم، وما تبررون به من أعذارٍ لا يجدي شيئًا، فالدنيا فانيةٌ، وأنتم مُحاسَبون على أعمالكم، فلا تتحيَّلوا على أكل المال بالباطل.

 

اسلُكوا السبيل السليم في بيعكم وشِرائكم، إنْ كان ذهبًا بذهب فلا بُدَّ من مماثلة وزنِ هذا بوزنِ هذا، ولا بُدَّ من القبض في المكان الواحد، وإنْ كان الذهب بفضَّة أو ريالات الورق فلا بُدَّ من التقابُض في المكان.

 

واحذَرُوا التحايُل والخِداع بتقليل قيمة الذهب القديم وتحسين الجديد بالأسماء المنمَّقة التي تخدع ناقصات العقل والدِّين.

 




فمَن أراد أنْ يشتري ذهبًا قديمًا فيشتريه بقِيمته، ويشعر البائع أنَّه سيدفع الثمن نقدًا إنْ كان ريالات مثلًا ولا يبحث معها في شراء جديد ولا يشعرها بذلك، ومتى تَمَّ البيع بينهما فيدفع الثمن في مكان البيع نقدًا دون أنْ ينقص منه شيئًا، فمتى تسلَّمت البائعة أو البائع ثمن الذهب وأرادت أو أراد شراء ذهب جديد تبيع معه بيعًا منفصلًا عن البيع الأول، لا علاقة له به، لا تصريحًا ولا تلميحًا، ويدفع المشتري ثمنَ الذهب الجديد في الحال دون التفرُّق أو يذهب ويشتري من غيرك وهذا هو الأسلم لك وله.

 

ويا أيها الأولياء، اتَّقوا الله في أنفُسكم وفي نسائكم، حذِّروهن من هذه المعاملة الربوية التي وقَع الكثير فيها وهم يشعُرون أو لا يشعُرون.

 

فكثيرٌ من النساء تبيع حُلِيَّها في السنة عدَّة مرَّات، فكلَّما ظهَر في الأسواق صنعة ذهب وسُمِّيتْ باسمٍ جديد هرعت إلى السوق وباعت الأول وإنْ كان جديدًا، واشترت ما ظهر أخيرًا، والنقص والخسارة على الزوج الذي سلَّم الأمر، وإنْ وقَع الجميع في المحرَّم وتاجَر الذهب مُتربِّص لضعيفة العقل وزوجها المغلوب على أمره، إنها مصائبُ أصابت المسلمين؛ خسارة دِين ودنيا، وتغفيل وسذاجة لدى الكثير من العامَّة، ومكر وخِداع لدى الكثير من الباعَة.

 



فاتَّقوا الله أيها المسلمون، لا تُضيِّعوا أموالكم فيما لا فائدةَ فيه، وتقَعُوا في المحرَّم بالتعامُل في الربا.

 

اتَّقوا الله أيها الباعَة من التعامُل في الحرَّم والخِداع والتحايُل، اتَّقوا الله أيها المسلمون، لا تُعرِّضوا أنفسكم لحرب الله؛ فالله يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 278-281].

 

بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم إنَّه هو التوَّاب الرحيم.

 

أقول قولي هذا وأستغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم.

 

واعلَمُوا - رحمكم الله - إنَّ ممَّا وقَع فيه الكثير من المحرَّمات التعامُل في الربا، ومن ذلك ما يحصل في بيع الذهب، ولا يقتصر على أصحاب المحلات الخاصَّة ببيعه، بل حتى لدى بعض مَن يتعامَل في الدَّين، فالبعض يبيع الذهب بثمن مُؤجَّل، وهذا باطل ولا يصحُّ، فلا بُدَّ من قبض الثمن في المجلس.

 



فاتَّقوا الله يا عباد الله في مُعامَلاتكم وفي بيعكم وشِرائكم؛ فإنَّ فيما أحلَّ الله لكم غنية عمَّا حرَّم عليكم، والدنيا ليست عِوَضًا عن الآخِرة، فاتَّقوا الله في أنفُسكم وفي أمَّتكم لا تُعرِّضوا الجميعَ للعُقوبات؛ فإنَّ الذنب إذا خفي ضرَّ صاحبه، وإذا ظهر ولم يُنكَر عمَّ الجميع.



 



[1] أخرجه مسلم (1587).

[2] أخرجه مسلم [82 - (2584)].

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×