اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

أشراط الساعة الصغرى

المشاركات التي تم ترشيحها

 

القرآنَ الكريم أكدَّ مرارًا أنَّ الساعةَ آتية، وأنَّها لا تأتي إلا بغتةً، وأنَّهُ لا يَعلمُ وقتَ قيامِها إلا اللهُ وحدَهُ فقط، وإنَّ قيامَها قريبٌ، وأنَّ هناك علاماتٍ وأماراتٍ ستقعُ قبلَها، تدلُ على قُربِ قيامها.. وذكرنا أنَّ تقديرِنا للزمن نسبيٌّ، فما نراهُ بعيدًا هو في الحقيقة قريبٌ جدًا.. وذكرنا أنَّ أشهرَ النظرياتِ حولَ نشأةِ الكونِ ومراحلِ تكِّونِه، وما قالوهُ عن نهايتهِ الحتميةِ، يتوافقُ بعضُه مع حقائقِ القرآنِ الكريم ومع الأحاديثِ النبوية الصحيحةِ..

 

 أنَّ الحقائقَ العلميةَ الثابتةَ لمْ ولنْ تتعارضَ مع حقائقِ القرآنِ الكريم: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53].

 

أمَّا أهمُّ الدروسِ التي نتمنى أنَّ نخرجَ بها من هذه السلسلة عُمومًا فهو التذكيرُ بقُرب قيامِ الساعة، وأنَّنا بحاجةٍ كبيرةٍ وعاجلةٍ لأن نتزودَ لها كثيرًا، ونستعِدَ لها جيدًا، فهي المآلُ والمستقر، وفيها البقاءُ الأبدي السرمدي.. وهو نفسُ الغرضِ الأساسي للآيات الكريمةِ والأحاديثِ الشريفةِ التي تتحدثُ عن قيامِ الساعةِ، وعن قُربِها، وعن الأحداثِ والوقائعِ التي تسبِقُ قيامها، أو ما يسميهِ العلماءُ بعلامات الساعةِ وأشراطِها، فالعلاماتُ أو الأماراتُ، أو الأشراطُ هي الأحداث التي أخبرنا اللهُ تباركَ وتعالى، أو نبيُه صلى الله عليه وسلم أنها ستقعُ في المستقبل، والتي تدلُ على قُرب قيامِ الساعةِ..

 

أيَّها الأحبةُ الكرام: علاماتُ الساعةِ وأشراطُها كثيرةٌ جدًّا، جاءَ بعضُها في القرآن الكريم، وجاءَ أكثرها في الأحاديث الشريفة؛ فعَنْ أَبي زَيْدٍ عمْرُو بنِ أخْطَبَ الأنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَال: صلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم الْفَجْر، وَصعِدَ المِنْبَرَ، فَخَطَبنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَل فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَر حَتَّى حَضَرتِ العصْرُ، ثُمَّ نَزَل فَصَلَّى، ثُمَّ صعِد المنْبر حتى غَرَبتِ الشَّمْسُ، فَأخْبرنا مَا كان ومَا هُوَ كِائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أحْفَظُنَا؛ رواهُ مُسْلِمٌ.

 

وفي صحيح مسلمٍ أيضًا، عن حُذيفةَ بن اليمان رضيَ اللهُ عنهُ قال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَقَامًا، ما تَرَكَ شيئًا يَكونُ في مَقَامِهِ ذلكَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ، إلَّا حَدَّثَ به، حَفِظَهُ مَن حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَن نَسِيَهُ، قدْ عَلِمَهُ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ، وإنَّه لَيَكونُ مِنهُ الشَّيْءُ قدْ نَسِيتُهُ فأرَاهُ فأذْكُرُهُ، كما يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إذَا غَابَ عنْه، ثُمَّ إذَا رَآهُ عَرَفَهُ"..

 

وقد قسَّم أهلُ العلمِ علاماتِ الساعةِ إلى قسمين: صُغرى وكُبرى، وهذا التقسيمُ ليسَ من حيثُ ضخامةِ الحدث، وإنما سُميت العلاماتُ الصغرى بالصغرى لأنها الأبعدُ زمنًا عن قيام الساعة، ولأنَّ نطاقَ أثرها محدود، فيشعرُ بها قومٌ دونَ قوم، ولأنَّ دِلالتِها على قُرب الساعةِ، أقلَ مِن دِلالة العلاماتِ الكبرى، فالعلاماتُ الكبرى شديدةُ القُربِ من قيام الساعةِ، ودِلالتُها على قُربِ القيامةِ كبيرٌ وواضحٌ، وتأثيرُها يعُمُ الأرضَ جميعًا.. والمتأمِّلُ في العلاماتِ عُمومًا، يجدُ أنَّها غالبًا ما تدورُ حولَ غُربةِ الدين، وعن تناقُصِ الخيرِ وأهلهِ، وتكاثُرِ الشَّرِ وأهلهِ، وعن ظهورِ الفتنٍ الجديدةِ وتزايُدِها.

 

ويلاحِظُ كذلك أنهُ كُلَّما تقدمَ الزَّمنُ ازدادت العلاماتُ كثرةً، وقويت دِلالتُها، وتسارعَ تتابُعها، وتقاربَ زمانها، واتسعَ نِطاقَ تأثيرها، حتى إذا ظهرت العلاماتُ الكبرى، كانت كخرزاتِ سلكٍ انقطع، فتتابعت سريعًا، وعمَّ أثرُها الأرضَ جميعًا، ودلَّ ذلك على أنَّ القيامةَ وشيكةٌ جدًا.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْآيَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ فِي سِلْكٍ، فَإِنْ يُقْطَعِ السِّلْكُ يَتْبَعْ بَعْضُهَا بَعْضًا"؛ صححه الألباني.

 

قال العلماء في شرحها أنَّ علاماتِ الساعَةِ الكُبرَى، تخرُجُ مُتتابِعَةً لا يَفصِلُ بينهُنَّ فاصِلٌ طويلٌ.. والمقصود بالعلامات الكبرى هي العلاماتُ التي جمعها حديثُ حذيفةَ بن أُسيدٍ في صحيح مسلمٍ، قال: اطَّلَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتَذاكَرُ فقال ما تَذكُرونَ قالوا نَذكُرُ الساعةَ قال إنها لن تَقومَ حتى ترَوا قبلَها عشْرَ آياتٍ فذَكَر الدُّخانَ والدجَّالَ والدابَّةَ وطُلوعَ الشمسِ من مَغرِبِها ونُزولَ عيسى ابنِ مريمَ صلى الله عليه وسلم ويَأجوجَ ومَأجوجَ وثلاثَ خُسوفٍ خَسفٌ بالمَشرِقِ وخَسفٌ بالمَغرِبِ وخَسفٌ بجزيرةِ العربِ وآخِرُ ذلك نارٌ تَخرُجُ من اليمَنِ تَطرُدُ الناسَ إلى مَحشَرِهم"، هذه هي العلاماتُ الكبرى، ويُلحقُ بها علاماتٌ أخرى سنتحدث عنها بإذن الله في حينها..

 

 

أما إذا أردنا أن نُقسِّمَ العلاماتِ من حيثُ ترتيبِ ظهورها، فيمكنُ أن يكونَ التقسيمُ على النحو التالي:

 

أولًا: علاماتٌ ظهرت وانتهت.

ثانيًا: علاماتٌ ظهرت وما زالت مُستمرة.

ثالثًا: علاماتٌ لم تظهر بعدُ..

رابعًا وأخيرًا: العلاماتُ الكبرى..

 

الأشراط التي ظهرت وانتهت

 

معاشرَ المؤمنين الكرام، القِسمُ الأولُ من علامات الساعةِ، علاماتٌ ظهرت وانتهت، وأولُ تلك العلامات:

بعثةُ النبي صلى الله عليه وسلم، فهو عليه الصلاةُ والسلام خاتمُ الأنبياء والمرسلين وآخرهم، وأقربهم ليوم القيامة، إذ لا نبيَ ولا رسالةَ بعدهُ، وقد ثبتَ في الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بُعثتُ أنا والسَّاعةِ كهاتَيْن وجمعَ بين السَّبَّابةِ والوُسطَى".

 

والعلامةُ الثانيةُ من العلامات التي ظهرت وانتهت: انشقاقُ القمرِ، ففي مُحكم التنزيل، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1]، وعن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: انْشَقَّ القَمَرُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِقَّتَيْنِ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: « اشْهَدُوا »؛ متفق عليه.

 

والعلامةُ الثالثةُ إلى السادسة: أربعُ علاماتٍ جمعها حديثٌ واحدٌ، ففي صحيح البخاري، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ تَبُوك وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: "اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الغَنَمِ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ المَالِ حتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِئَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا،... إلى آخر الحديث.

 

فالعلامةُ الثالثة: مَوتُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في العام العاشر للهجرة،

 

والعلامةُ الرابعة: فَتحُ بَيتِ المَقدِسِ، وقد تمَّ في عَهدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، في العام الخامِسِ عشر للهجرة،

 

والعلامةُ الخامسة: مُوتانٌ كَقُعاصِ الغَنَمِ، موتان: أي موتٌ كثير، والقُعاصُ داءٌ يُصيبُ الغَنَمَ، فيقضي عليها سريعًا، والمقصودُ به طاعونُ عَمَواسَ، الذي حدثَ في العام الثامنِ عشر للهجرة، حيثُ ماتَ منهُ أكثرَ من خمسةِ وعشرين ألْفًا من المسلمين، من بينهم أمينُ هذه الأُمَّةِ أبو عبيدةَ عامرُ بن الجراح، وغيرهُ من كبارِ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم أجمعين.

 

والعلامةُ السادسة: استِفاضةُ المالِ حتَّى يُعطَى الرَّجُلُ مِئةَ دينارٍ فيَظَلُّ ساخِطًا؛ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المالُ، فَيَفِيضَ حتَّى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَن يَقْبَلُهُ منه صَدَقَةً، ويُدْعَى إلَيْهِ الرَّجُلُ فيَقولُ: لا أرَبَ لي فِيه"، وقد حدثَ هذا في زمن خلافةِ عمر بن عبدالعزيز رحمه الله.

 

والعلامةُ السابعة: معركةُ صفين، سنةَ سَبعٍ وثَلاثينَ للهِجرةِ، وكانت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، ومع كُلٍّ منهما جيشٌ عظيمٌ يزيدُ عن المائة الف، وقد راحَ ضحيةُ هذا الخِلافِ عددٌ كبيرٌ جدًا من الصحابةِ والتابعينَ يُقدرُ بسبعينَ الفًا، فعن ابي هريرةَ رضيَ الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتانِ عَظِيمَتانِ، وتَكُونُ بيْنَهُما مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ ودَعْواهُما واحِدَةٌ"؛ رواه مسلم.

 

والعلامةُ الثامنة: نارٌ تخرجُ بأرض الحجازِ تُضيءُ لها أعناقُ الإبلِ بالشام، ففي الصحيح عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِن أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أعْناقَ الإبِلِ ببُصْرَى"، وبُصرى هي مدينةُ حُورانَ بالشام، وتبعدُ عن المدينة أكثر من ألف كيلو، قال الامام النووي رحمه الله، خَرجت في زماننا نارٌ بالمدينة سنةَ 654 للهجرة، وكانت نارًا عظيمة بِقُرْبِ المدينةِ، تَوَاتَرَ العِلْمُ بها عند أهلِ الشَّامِ، وسائرِ البُلدانِ، وقال ياقوت الحموي: إنَّ أهل الشام رأوا ضوءها، وقيل: إنها لَبِثَتْ مُتقدةً تَرمي بالحمم نَحْوًا من خَمسينَ يومًا.

 

والعلامةُ التاسِعة: قتالُ التتار والمغولِ والترك، ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا قَوْمًا نِعالُهُمُ الشَّعَرُ، وحتَّى تُقاتِلُوا التُّرْكَ، صِغارَ الأعْيُنِ، حُمْرَ الوُجُوهِ، ذُلْفَ الأُنُوفِ، كَأنَّ وُجُوهَهُمُ الـمَجانُّ الـمُطْرَقَةُ"؛ أي عريضةٌ مسطحة، وقد حدث هذا في نهاية العهد العباسي في القرن الثامن الهجري.

 

أيها الأحبة الكرام، كُلُّ علامةٍ من هذه العلامات، إعجازٌ غيبي، ودليلٌ من دلائل صدقه صلى الله عليه وسلم، وهناك أحاديثُ صحيحةٌ كثيرةٌ، فيها إخبارٌ بأحداثٍ وقعت كما أخبرَ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتعتبرُ من علامات الساعةِ؛ كخبر مقتلِ عمرَ وعثمانَ رضيَ الله عنهما، ومعركةُ الجملِ وفتنةُ الخوارجِ، وتنازلِ الحسنِ عن الخلافة، وزوالِ فارسَ والروم، ومقتلُ بعضِ الصحابةِ كعمَّار وغيره، لكن لأنَ المصطفى صلى الله عليه وسلم لم ينص على أنها من علامات الساعة فلم نفصِّل فيها، كما أنَّ هناك أحاديث كثيرة فيها ذكرٌ للساعة، ولكنها من العلامات التي ما زالت مُستمرةً،

 

 

أمَّا القِسمُ الثاني، وهي العلامات التي ظهرت وما زالت مستمرة

 

فأولها ظهورُ الفتن: فعن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بينَ يديْ الساعةِ فِتَنًا كقطعِ الليلِ المظلمِ يُصبحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويُمسي كافرًا، ويُمسي مؤمنًا ويُصبحُ كافرًا، القاعدُ فيها خيرٌ من القائمِ، والماشي فيها خيرٌ من الساعي"، والحديث صححه الألباني.

 

فالفتنُ بين يدي الساعةِ كثيرةٌ جدًّا، منها الصغيرُ ومنها الكبير، ومنها ما لا يُحتمل، وكُلها من الابتلاء والامتحان، فقد جاء في الحديث الصحيح قال رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا ثُمَّ يُمْسِي كَافِرًا، ثُمَّ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ أَقْوَامٌ خَلاَقَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا يَسِيرٍ"، قَالَ الْحَسَنُ البصري: "وَلَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ صُوَرًا وَلاَ عَقْلَ، أَجْسَامٌ وَلاَ أَحْلاَمَ، فَرَاشَ نَارٍ، وَذِئَابَ طَمَعٍ، يَغْدُونَ بِدِرْهَمَيْنِ، وَيَرُوحُونَ بِدِرْهَمَيْنِ، يَبِيعُ أَحَدُهُمْ دِينَهُ بِثَمَنِ الْعَنْزِ"..

 

وهذا الحديث من جوامع كلمهِ صلى الله عليه وسلم، فغالبُ أحاديث الساعة عن الفتن، وكثيرٌ منها فتنٌ عظيمةٌ يمكنُ أن تصرفَ المسلمَ عن دينه، وتحولهُ إلى الكفر عياذًا بالله، وثاني العلامات التي ظهرت وما زالت مستمرة: ظهورُ الدجالينَ الكذابين الذين يدَّعُون النبوةِ، فقد جاء في صحيح مُسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذّابُونَ قَرِيبٌ مِن ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنَّه رَسولُ اللَّهِ"، وقد ظهرَ كثيرٌ من هؤلاء الدجالين: منهم مُسيلمةَ الكذاب، ظهر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومات على كفره، وسجاحُ، وهي امرأةٌ من بني تميم ادَّعت النبوة ثم تابت وأسلمت، وطليحةُ الأسدي وقد أسلم أيضًا، والأسود العنسي ظهر بصنعاء وقُتل على الكفر، ثم ظهر المختار الثقفي، والحارثُ الكذابُ في خلافة بني أمية، وخرج غيرهم في خلافة بني العباس، كما ظهرَ مجموعة في عصرنا الحالي، منهم: أحمد القادياني بالهند، والميرزا عباس بإيران، ولا يزالُ هؤلاء الكذابون يظهرونَ حتى يكون آخرهم الأعورُ الدجال، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "وأنَّهُ واللَّهِ لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يخرجَ ثلاثونَ كذَّابًا، آخرُهُمُ الأعوَرُ الدَّجَّالُ مَمسوحُ العَينِ اليسرى"، ومن العلامات المستمرة: كثرةُ الهرج، ففي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بين يَدَيْ السَّاعَةِ الهَرْجَ، قالوا: وما الهَرْجُ؟ قال: القَتْلُ، إنَّهُ ليس بقَتْلِكُمُ المُشْرِكِينَ، ولكنْ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، حتى يقتلَ الرجلُ جارهُ، ويقتلُ أخاهُ، ويقتلُ عمَّهُ، ويقتلُ ابنَ عمِّهِ .. إلخ الحديث، ومن علامات الساعةِ التي ظهرت وما زالت مُستمرة: فشوُ التجارةِ، وتسليمُ الخاصةِ، وقطعُ الأرحامِ، وكتمُ شهادةِ الحقِّ، وظهورُ القلمِ، ففي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ بين يَدَيِ الساعةِ تسليمَ الخاصةِ، وفُشُوَّ التجارةِ حتى تُعِينَ المرأةُ زوجَها على التجارةِ، وقَطْعَ الأرحامِ، وشهادةَ الزُّورِ، وكِتمانَ شهادةِ الحقِّ، وظهورَ القلمِ"، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ من أشراطِ الساعةِ أن يُسلِّمَ الرجلُ على الرجلِ لا يُسلِّمُ عليهِ إلا للمعرفةِ"، والحديث صحيح، وقد أُمرنا بالسلام على من نعرف ومن لا نعرف، وأما فشوُّ التجارة فمعناه ازديادها حتى تُلهي عن طاعة الله، وظهورُ القلم، أي انتشارُ الكتابة، وتوفُّر أدواتها، ومن علامات الساعة التي ظهرت وما زالت مستمرة: التطاولُ في البنيان، وأن تلدَ الأمةُ ربتها، وأن يعلو الأشرار، ففي الحديث الصحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "منَ اقترابِ الساعَةِ أن تُرْفَعَ الأشرارُ ويوضَعَ الأخيارُ"، وفي حديث جبريل عليه السلام، حين سألَ عن أمارات الساعةِ، فقال صلى الله عليه وسلم: سأُخبرُكَ عن أشراطِها، إذا ولدتِ الأمَةُ ربَّتَها فذلكَ من أشراطِها، وإذا كانتِ العُراةُ الحُفاةُ رُؤوسَ الناسِ، فذاكَ من أشراطِها، وإذا تَطاوَلَ رِعاءَ البُهمِ في البنيانِ، فذاكَ من أشراطِها"، وفي رواية لمسلم: "أن تلدَ الأمةُ ربَّتَها، وأن ترى الحفاةَ العراةَ العالةَ رِعاءَ الشَّاءِ يتطاولونَ في البنيانِ"، وصدق أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، فها هم من كانوا بالأمس رُعاة الغنمِ والإبل، يملكون اليوم أطولَ الأبراج في العالم، ومن علامات الساعة التي ظهرت وما زالت مستمرة: ضياع الأمانة، ففي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة"، قال: كيفَ إضاعتها يا رسول الله؟! قال: "إذا أُسندَ الأمرُ إلى غير أهلهِ فانتظر الساعة"، ومن علامات الساعة المستمرة: التشبه بالكفار، ففي صحيح البخاري: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَأْخُذَ أُمَّتي بأَخْذِ القُرُونِ قَبْلَها، شِبْرًا بشِبْرٍ وذِراعًا بذِراعٍ، فقِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كَفارِسَ والرُّومِ؟ فقالَ: ومَنِ النَّاسُ إلَّا أُولَئِكَ"، وفي صحيح الجامع عن المستورد بن شداد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَتْرُكُ هذه الأمةُ شيئًا من سُنَنِ الأولينَ حتى تأتيَه".

 :

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، معاشر المؤمنين الكرام، ما زلنا مع علامات الساعةِ التي ظهرت وما زالت مُستمرةً، ومن أخطرها: ظهورُ النساءِ الكاسيات العاريات، فعنِ أبي هريرَةَ قال: "مِنْ أشراطِ الساعةِ أنْ يَظْهَرَ الشحُّ والفُحشُ ويؤتَمَنَ الخائِنُ وَيُخَوَّنَ الْأَمِينُ وتظْهَرَ ثِيَابٌ تَلْبَسُها نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ"، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: "صِنفان من أهل النار لم أرهما، قومٌ معهم سياطٌ كأذناب البقر، يضربونَ بها الناس، ونساءٌ كاسياتٌ عاريات، مُميلاتٌ مائلات، رؤوسُهن كأسنمة البُخت المائلة، لا يدخُلن الجنة، ولا يجدنَ ريحها، وإنَّ ريحها ليوجدُ من مسيرة كذا وكذا"، وتأمَّلوا دِقةَ الوصفِ، فقولهُ: كاسياتٌ عاريات؛ أي: إنَّ بعض أجسادِهن مغطًّى، والبعضُ الآخرُ مكشوف، فهي كاسيةٌ عارية، وذلك أشدُّ في الفتنة، وقولهُ: مُميلاتٌ مائلات، وصفٌ دقيقٌ لمن تلبس الكعب العالي فتميلُ بجسمها، وإذا مشت به مالَ إليها من في قلبه مرض، فهي على الحقيقة: مائلةٌ في نفسها، مُميلةٌ لغيرها، وكُلُّ هذا من علامات النبوةِ، ودلائلِ صدقهِ صلى الله عليه وسلم، ومن العلامات المستمرة: انتشارُ الفُحش، وقطعِ الأرحام، وأن يُؤتمَنَ الخائنُ ويُخوَّنَ الأمينُ، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "مِن أشراطِ السَّاعةِ الفُحْشُ والتَّفحُّشُ وقطيعةُ الأرحامِ وتخوينُ الأمينِ وائتمانُ الخائنِ"، والفحش هو ما يشتد قُبحه، ومن العلامات المستمرة: انتشارُ الربا والزنا والخمر، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "بين يدَيِ السَّاعةِ يظهرُ الرِّبا والزِّنا والخمرُ"، وفي صحيح مُسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ أشْراطِ السَّاعَةِ أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويَثْبُتَ الجَهْلُ، ويُشْرَبَ الخَمْرُ، ويَظْهَرَ الزِّنا"، ويُلحقُ بهذا التهاون بالكبائر واستحلالُها: ففي صحيح البخاري: قال صلى الله عليه وسلم: "ليكوننَّ من أمتي أقوامٌ يستحلونَ الحِرَ - أي الزنا - والحرير، والخمر، والمعازف"، وتأملوا يا عباد الله ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعزَفُ علَى رؤوسِهِم بالمعازفِ والمغنِّياتِ، يخسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ، ويجعَلُ منهمُ القِرَدةَ والخَنازيرَ"، ومن العلامات المُستمرة: كثرةُ الكذبِ، وتقاربُ الأسواقِ، ففي الحديث الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَقومُ السَّاعةُ حتى تَظهَرَ الفِتَنُ، ويَكثُرَ الكَذِبُ، وتتقارَبَ الأسواقُ، ويتقارَبَ الزَّمانُ، ويَكثُرَ الهَرْجُ. قيلَ: وما الهَرْجُ؟ قال: القَتلُ"، ومن أشراط الساعةِ التي ظهرت وما زالت مُستمرة: زخرفةُ المساجد والتباهي بها، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن أشراطِ السَّاعةِ أن يَتباهى النَّاسُ في المساجدِ"؛ صححه الألباني.

ومن العلامات التي ظهرت ولا زالت مُستمرةً

زوالُ الجبالِ، فعن سَمرةَ بن جُندبٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تزولَ الجبالُ عن أماكنِها، وترَونَ الأمورَ العظامَ الَّتي لم تَكونوا ترَونَها"؛ صححه الألباني.

صِدقُ رؤيا المؤمن: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اقتربَ الزمانُ لم تكدْ رؤيا الرجلِ المسلمِ تكذبُ"؛ صححه الألباني.

 

 

أيها المؤمنون الكرام، كُلُّ حديثٍ من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عن علامات الساعةِ هو في الحقيقةِ إعجازٌ غيبي، ودليلٌ من دلائل صدقهِ صلى الله عليه وسلم، يزيدُ الإيمان، تأمَّل قوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22]، كما أنَّ أشراطَ الساعة وعلاماتها تؤكدُ للمؤمن أن يثبُتَ على دِينه، وأن يُبادرَ بالتوبة والأعمالِ الصالحة؛ فالفتنُ الشديدةُ قادمةٌ، وما لم يتهيأ لها ويُقوي إيمانهُ، فقد يُفتنُ ويُصرفُ عن دِينه، ففي حديث الفتن: "يُصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، يبيعُ دينهُ بعرضٍ من الدنيا قليل".

 

 

 الأشراط التي لم تظهر بعد

 

أمَّا أول الأشراط والعلامات التي لم تظهر بعد:

فهي المجاهرةُ بالفحش، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه ما قالَ: قالَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يتسافَدوا في الطَّريقِ تسافُدَ الحميرِ". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيدهِ لا تفنى هذه الأمَّةُ حتى يقومَ الرجلُ إلى المرأةِ فيفترِشُها في الطريقِ، فيكونُ خيارهم يومئذٍ من يقولُ: لو واريتها وراءَ هذا الحائطِ".

 

ومن العلاماتِ التي لم تظهر بعدُ:

انتفاخُ الأهلةِ، فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مِن اقترابِ الساعةِ انتفاخُ الأَهِلَّةِ، وأن يُرَى الهلالُ لليلةٍ، فيقالُ: هو ابنُ ليلتيْنِ"؛ صححهُ الألباني. ومفهومُ الحديثِ أن الانتفاخَ يشملُ الأهلةَ كُلَّها، وليسَ أحيانًا.

 

ومن علاماِت الساعةِ التي لم تظهر بعدُ:

كثرةُ الصواعِقِ والمطر بلا نباتٍ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَكثُرُ الصَّواعِقُ عِندَ اقْتِرابِ السَّاعةِ، حتَّى يَأتيَ الرَّجُلُ القَومَ، فيقول: مَن صَعِقَ قِبَلَكمُ الغَداةَ؟ فيَقولون: صَعِقَ فُلانٌ وفُلانٌ."، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقومُ السَّاعةُ حتى يُمطَرَ النَّاسُ مَطرًا عامًّا، ولا تُنبِت الأرضُ شيئًا"؛ صححه الألباني.

 

 

ومن علاماتِ الساعةِ التي لم تظهر بعدُ:

تكلُّمُ السِّباعِ والجماداتِ، فعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "والَّذي نفسي بيدِه، لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يُكلِّمَ السِّباعُ الإنسَ، ويُكلِّمُ الرَّجلُ عذَبَةَ سوطِه، وشِراكَ نعلِه، ويُخبِرُه فخِذُه بما حدَّثَ أهلُه بعدَهُ".

 

وفي روايةٍ: "والذي نفسي بيده لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ أحدكُم من أهلهِ، فيخبرهُ نعلهُ، أو سَوطهُ، أو عصاهُ بما أحدَثَ أهلهُ بعدهُ" صححه الألباني. وإذا كانت كمِراتُ المراقبةِ تفعلُ شيئًا من ذلك، فإنَّ ما في الحديثِ يختلف عن ذلك كثيرًا.

 

ومن علاماتِ الساعةِ التي لم تظهر بعدُ:

تمني الموتَ، وذلك من شِدّةِ البلاءِ، فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى يمرَّ الرجلُ بقبرِ الرجلِ، فيقولُ يا ليتني مكانَهُ"؛ صححه الألباني.

 

وفي صحيحِ مسلم: "والّذي نفْسِي بِيدِهِ، لا تَذْهبُ الدنيا حتى يَمُرَّ الرَّجُلُ على القَبْرِ، فيَتمَرَّغُ عليه، ويَقولُ: يا ليْتَنِي كُنتُ مكانَ صاحِبَ هذا القبْرِ، وليس بهِ الدَّين، إلَّا البلاءُ"، والمعنى: أنَّه لا يَتمنَّى الموتَ تديُّنًا، وإنَّما لِما نَزَلَ به من البَلاءِ وفسادِ الحالِ.. وكونهُ يفعلُ ذلك عند القبر، دليلٌ على شدةِ البلاء.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تكونَ السَّجدةُ الواحدةُ خيرٌ مِن الدُّنيا وما فيها"، وهذا لقلة الساجدين، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي علَى النَّاسِ زمانٌ الصَّابرُ فيهِم على دينِهِ كالقابِضِ على الجمرِ". وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"لا تقومُ السَّاعةُ إلَّا على شِرارِ الخَلْقِ"؛ رواه مُسلم.

 .

 

ومن العلامات التي لم تظهر بعد:

قتالُ اليهودِ وإخراجُهم من فلسطينَ بإذن اللهِ تعالى، ففي الصحيحينِ، من حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ."، وفي القرآنِ العظيمِ خبرٌ مؤكدٌ أنَّ المسلمينَ سيدخلونَ المسجدَ الأقصى مرةً أخرى، ويُدمِروا ما فعلهُ اليهودُ تدمِيرًا.

 

ومن العلامات التي لم تظهر بعد:

انحسارُ الفرات عن جبلٍ من ذهب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى يحسِرَ الفراتُ عن جبلٍ من ذهبٍ، يقتتلُ الناسُ عليه، فيُقتلُ من كلِّ مائةٍ تسعةٌ وتسعونَ، ويقولَ كلُّ رجلٍ منهم: لعلي أكونُ أنا الذي أنجو"؛ والحديث صححه الألباني. وفي البخاري ومسلم: "يُوشِكُ الفُراتُ أنْ يَحْسِرَ عن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ، فمَن حَضَرَهُ فلا يَأْخُذْ منه شيئًا".

 

ومن العلامات التي لم تظهر بعد:

خروج رجلٍ من قحطان يسوقُ الناسَ بعصاه، ففي الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقومُ الساعةُ حتى يخرجَ رجلٌ من قحطانَ يسوقُ النَّاسَ بعصاهُ"، والمعنى كما يقولُ العلماءُ: أنَّ النَّاسَ تنقادُ لهُ بالقوة، وليس في الحديثِ ما يدلُ على صلاحهِ أو فسادهِ، وأن كانَ فيهِ ما يدلُ على شِدَّتهِ.

 

وهناكَ حديثٌ آخرَ صحيح، يرويهِ أبو هريرةَ أيضًا: قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يذهبُ الليلُ والنهارُ حتى يَملِكَ رجلٌ من الموالِي يُقالُ لهُ جَهْجَاهُ"، ومن معاني الجهجَاه: جهوريُ الصَّوتِ، شديدُ النبرةِ .. فهل القحطانيُّ والجهجاهُ شخصٌ واحدٌ أم شخصين، اللهُ أعلمُ بالصواب.

 

ومن العلاماتِ التي لم تظهر بعدُ:

عودةُ جزيرةِ الإسلامِ مُروجًا وانهارًا، ففي صحيحِ مُسلمٍ، قال عليه الصلاة والسلام: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ المالُ ويَفِيضَ، حتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بزَكاةِ مالِهِ فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُها منه، وحتَّى تَعُودَ أرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وأَنْهارًا".

 

أيُّها المؤمنونَ الكرام:كل حديث من أحاديث أشراطُ الساعةِ وعلاماتها يستحق وقفة طويلة، لأنه يبيِّنُ لنا أهميةَ الثباتِ على الدِّين، وأنَّ الأمرَ يحتاجُ إلى وعيٍّ كبيرٍ، وإلى عملٍ جادٍ، وأنَّ على المؤمنِ أن يُبادرَ بالتَّوبةِ النَّصوحِ، والإكثارِ من الأعمالِ الصالحةِ؛ فالفتنُ الشدِيدةُ وإذا لم يتهيأ لها المؤمنُ ويُقويِّ إيمانهُ، ويتعلقُ بربهِ أكثرَ وأكثر، فقد يُفتنُ ويُصرَفُ عن دِينهِ عياذًا بالله، ففي حديثِ الفتن: "يُصبحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا، يبيعُ دِينهُ بعرَضٍ من الدُّنيا قليل"، وفي مُحكمِ التنزيلِ: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25].

 

أحبتي في الله، سنستكمل ما تبقى من العلاماتِ والأشراطِ التي لم تظهر بعدُ، في الحلقةِ القادمةِ بإذن الله تعالى.

 

نسألُ اللهَ جلَّ وعلا أن يُعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يجعلنا هُداة مُهتدين، وأن يُجنبنا الفتن، ما ظهر منها ...

 

 

 

الشيخ عبدالله محمد الطوالة
 
شبكة الالوكة

.


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×