اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

شرح حديث: مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها

المشاركات التي تم ترشيحها

عَنْ جابرٍ - رَضْيَ اللهُ عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مَثَلِي ومَثَلُكُمْ كَمَثلِ رَجُلٍ أوْقدَ نارًا، فجعَل الجَنادِبُ والفَراشُ يَقَعْنَ فيها وهو يَذُبُّهنَّ عنها وأنا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عن النَّارِ، وأنتم تَفَلَّتونَ مِنْ يَدِي» رواه مُسلم.

 

«الجَنادِبُ»: نحو الجَرادِ والفَراشِ، هذا هو المعروفُ الذي يقعُ في النَّارِ.

 

و«الحُجَز»: جمْعُ حُجْزَةٍ، وهي مَعْقِدُ الإِزارِ والسَّراويلِ.

 

قَالَ العلَّامةُ ابنُ عثيمينَ - رحمه الله -:

قال المؤلفُ - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا»، أراد النبيُّ - عليه الصلاة والسلام - بهذا المثل أن يبين حاله مع أمته عليه الصلاة والسلام، وذكر أن هذه الحال كحال رجل في برية، أوقد نارًا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها. والجنادب: نوعٌ من الجراد، أما الفراش فمعروف.

 

«يقعن فيها»؛ لأن هذه هي عادة الفراش والجنادب والحشرات الصغيرة، إذا أوقد إنسان نارًا في البر؛ فإنها تأوي إلى هذا الضوء.

 

قال: «وأنا آخذٌ بحُجَزكم» يعني لأمنعكم من الوقوع فيها، ولكنكم تفلَّتون من يدي.

 

ففي هذا دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم - جزاه الله عنا خيرًا - على حماية أمته من النار، وأنه يأخذ بحجزها ويشدها حتى لا تقع في هذه النار، ولكننا نفلت من ذلك، ونسأل الله أن يعاملنا بعفوه. فالإنسان ينبغي له أن ينقاد لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يكون لها طوعًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما يدل على الخير واتقاء الشر، كالذي يأخذ بحجزة غيره، يأخذ بها حتى لا يقع في النار، لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - كما وصفه الله في كتابه: ﴿ لقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، صلوات الله وسلامه عليه.

 

ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان - بل يجب - أن يتبع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به، وفي كل ما نهى عنه، وفي كل ما فعله، وفي كل ما تركه، يلتزم بذلك، ويعتقد أنه الإمام المتبوع صلوات الله وسلامه عليه، لكن من المعلوم أن من الشريعة ما هو واجب يأثم الإنسان بتركه، وما هو محرم يأثم بفعله، ومنها ما هو مستحب؛ إن فعله فهو خير وأجر، وأن تركه فلا أثم عليه. وكذلك من الشريعة ما هو مكروه كراهة تنزيه؛ إن تركه الإنسان فهو خير له، وإن فعله فلا حرج عليه، لكن المهم أن تلتزم بالسنة عمومًا، وأن تعتقد أن إمامك ومتبوعك هو محمد صلى الله عليه وسلم وأنه ليس هناك سبيل إلى النجاة إلا باتباعه، والسير في طريقه، والتمسك بهديه.

 

ومن فوائد هذا الحديث: بيان عظم حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، وأنه كان لا يألو جهدًا في منعها وصدها عن كل ما يضرها في دينها ودنياها، كما يكون صاحب النار التي أوقدها وجعل الجنادب والفراش تقع فيها وهو يأخذ بها.

 

وبناءً على ذلك، فإذا رأيتَ نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء؛ فأعلم أن فعله شر، ولا تقل هل هو للكراهة أم هو للتحريم، اترك ما نهى عنه، سواء كان للكراهة أو للتحريم، ولا تعرض نفسك للمساءلة لأن الأصل في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه للتحريم، إلا إذا قام دليل على أنه للكراهة التنزيهية.

 

وكذلك إذا أمر بشيءٍ، فلا تقل هذا واجب أو غير واجب، افعل ما أمر به، فهو خير لك، إن كان واجبًا فقد أبرأت ذمتك، وحصلت على الأجر، وإن كان مستحبًّا فقد حصلت على الأجر، وكنت متبعًا تمام الاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يرزقنا وإياكم إتباعه ظاهرًا وباطنًا.

 

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2 /296 - 298)

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×