اذهبي الى المحتوى
*محبة الرحمن*

::: البدعة وآثارها في محنة المسلمين :::

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم الانبياء والمرسلين

 

السلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته

 

أمّا بعد ..

 

أخواتي الحبيبات ،،

 

نحنُ في زمنٍ تكاثرت به البدع بل وأصبحت لدى البعض من ثوابت الدين الإسلامي ..

 

فهل أنتنّ مدركات لمدى خطورة البدع !!

 

وأنها أحبّ إلى إبليس (أعاذنا الله منه ) من المعاصي !!

 

إذن أعطين من وقتكن لهذه المقالة بُرهة ... لعلّ الله يكتب لنا فيها الإفادة ،

 

بارك الله بكنّ ورزقنا السير على نهجه المستقيم ..

 

- - - - - - - - - - - - - - - - - - -

 

 

[ البدعة وآثارها في محنة المسلمين ]

 

( للشيخ أبا إسحاق الحويني )

 

نشاهد اليوم كثيراً من المسلمين يعتنقون البدع أكثر من المعاصي؛

لأن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، وقد أتى إبليس على الناس

عن طريق الابتداع في الشرع، متمسكين ببعض الحجج الواهية،

مخالفين بذلك خير القرون؛ فإنهم لم يغيروا ولم يبدلوا في دين الله.

 

 

:: خطر البدعة الإضافية على الشرع ::

 

 

 

إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا،

من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي

هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة،

وكل ضلالة في النار. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،

في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل

إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. لا فرق عند العلماء بين إخراج الحق من الدين وبين إدخال

الباطل فيه؛ لأن كلاهما بخلاف مراد الشارع، فإخراج الحق من الدين يساوي إدخال الباطل فيه.

 

ونحن بمناسبة الكلام على البدعة وعن أثرها في تأسيس محنة المسلمين اليوم، لابد أن نُلقي ضوءاً

جلياً واضحاً على جيل الصحابة، وكيف كانوا يواجهون البدع. البدعة: شيء مخترع لا أصل له في الدين،

وهذه يسميها الإمام الشاطبي : بالبدعة الحقيقية. شيء مخترع لا أصل له في دين الله عز وجل،

كالصلاة المذكورة في شهر رجب، أو صلاة النصف من شعبان، فهذه لا أصل لها في دين الله عز وجل.

وأنا أظن أن هذا النوع من البدع ليس بأكثر خطورة من النوع الآخر،الذي يسميه الإمام الشاطبي : البدعة الإضافية.

 

فمحنتنا الآن هي البدعة الإضافية. البدعة الحقيقية من الممكن أن تنصب الدلائل على بدعيتها وتستريح،

أما البدعة الإضافية فإنه يدخل شياطين الإنس من أبوابها، وسميت إضافية؛

لأنها تضاف إلى الشرع من وجه، وتباين الشرع من وجه آخر، فهذه هي مشكلتها؛

لذلك سماها العلماء: بالبدعة الإضافية، أي: لأنها أضيفت إلى الشرع ظلماً وزوراً.

 

ولنضرب مثلاً للبدعة الإضافية حتى يتضح معناها. ......

 

 

 

::نموذج آخر للبدعة الإضافية::

 

 

 

ذات مرة في رمضان كنت في درس، فسألني ولد عن قراءة: (قل هو الله أحد) بين التراويح أهي سنة أم بدعة؟

قلنا : بدعة، أخذ الولد هذا الكلام وذهب إلى أبيه -وكان أبوه رأس البدعة في بلده-،

وهو الذي يبتدئ بقراءة: (قل هو الله أحد) ثم الناس يقرءون معه، فذهب وأنكر على أبيه،

فجاء أبوه في موعد الدرس الثاني، واستمع، وبعدما انفض المجلس جاء فقال:

أنت قلت لولدي: إن قراءة: (قل هو الله أحد) بين التراويح بدعة؟ قلت: نعم.

قال: قل هو الله أحد، ثلث القرآن بدعة! انظر كيف شدد! (قل هو الله أحد) ثلث القرآن بدعة!

قلت له: أنا ما قلت إن قراءة القرآن بدعة، قلت إن قراءتك لـ (قل هو الله أحد) بين التراويح بدعة.

قال: أنا ارتكبت حراماً؟ فقلت له: لو أنك عطست الآن ماذا تقول؟ قال: أقول: الحمد لله،

أو الحمد لله على كل حال. قلت: فهل يجوز أن تقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؟

قال: لا، قلت: لماذا؟ الصلاة على الرسول حرام! يعني: هل أنت تحرم الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم،

والله تبارك وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]

ما رأيك هل أقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؟ قال: لا.

 

وهكذا كان من فضل الله عز وجل أنه اختصر المسألة، ولو كابر وقال: نعم يصح،

كان سيحوجنا إلى أن نأتي بدليل آخر، لكن من فضل الله عز وجل أنه اختصر فقلت له:

لماذا لا نصلي على الرسول في العطاس؟ قال: لأن الرسول لم يقل ذلك، قلت: هذا عين جوابي،

فالرسول عليه الصلاة والسلام لمّا صلى التراويح هل كان يقرأ: (قل هو الله أحد) بين التراويح؟

فسكت قليلاً ثم قال -وهذا هو الشاهد- : يعني أنا مكثت ستين سنة مغفلاً؟!

ولكن ما هو المانع أن يكون المرء مغفّلاً؟ الصحابة رضوان الله عليهم قال غير واحد منهم:

(كنا ضلالاً حتى جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم..) ما هي المشكلة أن أكون أنا مغفلاً ثم رجعت؟!

احمد الله أنك رجعت غيرك مات وهو مغفل، فاحمد الله أن مد في عمرك، وسخر لك من يوقظك،

واحمد الله أن رزقك القبول والتسليم، هذه أشياء يستحق الإنسان أن يحمد الله عليها،

فمضى الرجل ولم يقتنع، الأدلة كلها تكبله؛ لكن هذا هو الشاهد، لا يسلِّم، المشكلة أن البدعة يعتقد

صاحبها أنها دين، لذلك كانت المعصية أفضل من البدعة، الزاني أفضل من المبتدع، شارب الخمر أفضل

من المبتدع، قاتل النفس أفضل من المبتدع، وليس معنى أفضل أن القتل حلال، لا.

وإنما تفاضل في الشرع؛ لأن هناك كفراً دون كفر وظلماً دون ظلم، لماذا؟ لأن أي إنسان يعلم أن المعصية

حرام وإن كابر فيها، فإذا علم أنها حرام يمكن أن يخرج منها يوماً بالتوبة.

 

كنت أخطب الجمعة في سنة من السنوات في القاهرة، وتكلمت عن الرجم، وأن الزاني المحصن يرجم،

ويحفر له في الأرض حفرة، ثم يرجم بالحجارة حتى يموت، فهذا هو الحد، وتكلمت ومضيت في الكلام،

وبعد أن انتهيت من الخطبة وخرجت من المسجد، رأيت رجلاً في نحو السبعين أو الثمانين من عمره،

يقف أمامي وهو يرتعد، قلت: إن هذا رجل أعصابه تعبانة، وأطرافه تهتز، وكان كذلك،

لكن لم يكن المرض العصبي عنده هو السبب المباشر لهذا فقط، هذا الرجل يسكن بعيداً عن المسجد

فرجع إلى بيته بعد الخطبة، ثم قفل راجعاً إلى المسجد. وقال لي: أريدك على انفراد.

ثم قال: أنا رجل عشت حياتي في الزنا، وأول مرة أسمع الكلام الذي قلته في الخطبة،

كنت أريد أن أخرج من المسجد؛ لأني كنت أحس أنك ترجمني بالحجارة، لكن استحيت أن أقوم من المسجد،

انتهت الصلاة لم أستطع المكوث في المسجد، ذهبت إلى البيت لكن ما استطعت القعود،

ولا القيام، ولا استطعت الأكل ولا الشرب، بيتي بعيد، وليس عندي سيارة،

ولكني رجعت لأسأل سؤالاً واحداً، هل يمكن أن تقبل توبتي؟!

هذا الرجل الذي ظل يزني عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة،

أكثر من الزنا حتى صار لا يعلم أهو حلال أم حرام؟!

ولا يمكن أن يعتقد إنسان في حرام بحت أنه حلال، إلا إذا كان جاهلاً بالمرة عن هذا الشيء،

الرسول عليه الصلاة والسلام عندما قسم الأشياء، جعلها ثلاثة:

الحلال المحض البيَّن لا يحتاج إلى برهان،

الحرام المحض البيَّن الذي لا يحتاج إلى برهان أيضاً،

وبينهما الأمور المشتبهات.

 

قال بعض العلماء: كيف لا يفطر المرء على معرفة الحلال المحض من الحرام المحض،

وقد فطر الله الحيوانات على معرفة ذلك؟ وضرب المثل الذي نعرفه نحن جميعاً،

إذا أعطيت القط قطعة لحم أكلها بجانبك، أما إذا خطفها فإنه يولي هارباً،

لماذا يولي هارباً إذا خطفها؟ لأنه سارق، لكن إذا أعطيتها له أكلها بجانبك؛

لأنها جاءت من الحل، إذاً الإنسان الذي ركب الله فيه آلة العقل لا يستطيع

أن يجهل الحرام المحض! بل يعرفه، لكن يكابر.

 

 

 

::نموذج للبدعة الإضافية وإنكار الصحابة لها::

 

 

 

جاء في سنن الدارمي بسند صحيح عن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه قال:

(كنا جلوساً بباب عبد الله بن مسعود بعد صلاة الغداة، فبينما نحن جلوس إذ جاء

أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وقال: أخرج أبو عبد الرحمن ؟ قلنا: لا، فجلس معنا،

فلما خرج اكتنفناه فقال أبو موسى : أبا عبد الرحمن لقد رأيت في المسجد آنفاً شيئاً أنكرته

ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: وماذا رأيت؟ قال: إن عشت فستراه، رأيت قوماً حِلقاً حِلقاً،

أمامهم حصى يسبحون الله تبارك وتعالى، ويكبرونه، ويحمدونه، ومعهم رجل يقول: سبحوا مائة،

فيأخذون مائة حصاة ويسبحون، كبروا مائة، فيكبرون مائة بالحصى.

 

وفي بعض الروايات خارج الدارمي قال: (فرجع ابن مسعود إلى داره وتلثم، ثم دخل المسجد فإذا

هم كما وصف أبو موسى الأشعري ). حينئذ كشف ابن مسعود رضي الله عنه عن وجهه وقال:

(ما أسرع هلكتكم يا أمة محمد! هاهو محمد صلى الله عليه وسلم آنيته لم تكسر،

وثيابه لم تبلَ حتى جئتم بشيءٍ ما فعله ولا أصحابه.. أنا عبد الله بن مسعود ،

أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ! ما نريد إلا الخير. -قولة كل مبتدع-

فقال: كم من مريد للخير لا يبلغه؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا:

(أن رجالاً يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم وايم الله لعل أكثركم منهم، قال راوي الحديث:

فلقد رأيت عامة هؤلاء يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوارج). فهذا مثال،

 

وهناك بعض المسلمين يستحب التسبيح بهذه الصورة، وهو التسبيح على المسبحة؛

لأنه لا فرق بين التسبيح على الحصى باعتبار أن الحصى فرد، وبين أن تنظم هذا الحصى في عقد.

فالآن من المسلمين من يُفتي باستحباب التسبيح على المسبحة، وهذه كانت بدعة عند الصحابة،

فانظر إلى تطاول الزمن! كان عندهم بدعة ثم صار مستحباً عندنا، وعبد الله بن مسعود أفقه صحابي،

نزل الكوفة بعد علي بن أبي طالب ، ويشهد الكل له بذلك،

وكان فقيهاً في دين الله عز وجل لاسيما في كتابه تبارك وتعالى، كان يقول:

(لقد أخذت سبعين سورة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أعلم أن

رجلاً عنده ما ليس عندي تضرب إليه أكباد الإبل لفعلت).

عندما يرى عبد الله بن مسعود رجالاً يسبحون الله على الحصى في المسجد، فهذه هي البدعة الإضافية،

التسبيح مشروع لكن هيئته هي البدعة، فانظر كيف صار لها وجهان؟ وجه مشروع، وهو أصل التسبيح،

ووجه غير مشروع وهو كيفية التسبيح؛ لذلك هؤلاء ينسبون هذه الهيئة كلها اعتماداً على الأصل إلى الشرع،

ولذلك أبو موسى الأشعري قال لـعبد الله بن مسعود : (رأيت في المسجد شيئاً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً..)

وإذا كان خيراً لماذا تنكره؟ الكلام قد يبدو متناقضاً: (أنكرته ولم أر إلا خيراً) إذا لم تر إلا خيراً فما الداعي للإنكار؟

أي: أصل الذكر لا يُنكر، رجال جلسوا يذكرون الله، من ينكر هذا؟! فهذا الذي عناه أبو موسى الأشعري قال:

لم أر والحمد لله إلا خيراً. أما الذي أنكره فهو كيفية التسبيح.

ولذلك كان في الماضي يوجد بدعة وسنة، أما الآن فالموجود هو بدعة وردة؛ لذلك أصبح الناس الآن يرون

البدع ولا ينكرونها؛ لأنهم يرون في مقابل البدعة كفراً بواحاً، فتهون البدعة عندهم،

وما علم هذا المسكين أن عدم إنكاره للبدع هو السبب في وجود هذا الكفر.

 

لا تحقرن صغيـرة إن الجبال من الحصى الصحابة كان عندهم نفرة شديدة من أي محدثٍ مهما كان دقيقاً،

لذلك ظل الدين نقياً عندهم، فأنت إذا كان عندك حساسية شديدة للصغير فمن باب أولى أن تنكر الكبير؛

لكن إذا أنكرت الكبير فقط مر الصغير بسلام، وهذه هي المشكلة، صغير مع صغير مع صغير،

تفاجأ أنه صار جبلاً يصعب عليك إنكاره. فالآن لو وجد شخص ينكر المسبحة،

يقول له الآخر: تنكر عليه لماذا؟ ترى الناس قاعدين على المقاهي يشربون الحشيش والقهوة ولا تنكر عليهم،

انظر كيف؟ أتى بالحشيش والأفيون في مقابل المسبحة،

إذاً الذي يسبح بالمسبحة رضي الله عنه، ما دام أنك وضعت في مقابله هذا الحشاش،

لكن عندما تقيس المسألة قياساً صحيحاً، وتضع هذا الذي يسبح على الحصى في مقابل ما كان يفعله الصحابة،

تقوم فتشنع على هذا الذي يسبح بالحصى، وذلك لأن الصحابة كانوا ينكرونه.

لذلك نحن نريد أن نبين كيف كان الجيل الأول ينكر؟ لأنهم أفضل الناس علماً وعملاً، وأرق الناس قلوباً.

فـعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري أنكرا مجرد التسبيح.

المبتدع إنما يريد أن يثبت بدعته اعتباراً بدليل الأصل،

وبعض الناس لما سمع هذا الحديث جاء وقال: ألم يقل الله تبارك وتعالى: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [الأحزاب:41]..

فجعل الذكر مطلقاً لماذا تريد أن تقيده؟ هذا يرد على ابن مسعود وأبي موسى الأشعري لأنهما

أنكرا مثل هذا الفهم المطلق، لا يجوز لنا أن نطلق فهماً كان الصحابة يرونه مقيداً، العبرة بهم..

فالنبي عليه الصلاة والسلام لما علّم الصحابة قال لبعض زوجاته، أو لبعض النساء:

(واعقدن التسبيح بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات).. والتسبيح يكون بالأنامل،

كل أنملة يسبح عليها ثلاث مرات، والأنامل هي أطراف الأصابع، ومن استهون مثل هذا يستهون غيره،

ومشكلة المبتدع أنه يعتقد بدعته ديناً، لذلك مهما جئته بكل آية لا يسلِّم.

 

 

 

 

 

::السر في كون البدعة أحب إلى إبليس من المعصية::

 

 

 

قال سفيان الثوري وغيره من العلماء:

 

(البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن البدعة لا يتاب منها، والمعصية يتاب منها،

ومن أظهر الدلائل على أن إبليس لا يكترث بالمعصية، حديث جابر الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء) فهو يضع عرشه أي: الكرسي،

ثم يجلس عليه وبعد ذلك يعطي للأبالسة خط سير، كل واحد يذهب إلى بني آدم:

(يرسل سراياه تترى إلى بني آدم.) تترى: بعضها خلف بعض. لو أننا نعمل كالأبالسة لكنا من المصطفَين الأخيار،

إنهم لا يكلون ولا ينامون ولا يهدءون، فإبليس لا يحاسب رأس كل شهر ولا أسبوع،

إبليس يحاسب كل يوم، يرسل سراياه تترى، ثم بعد ذلك يأتون مرتصين أمامه كالطابور،

وهو قاعد على الكرسي، كل واحد يأتي له بتقرير (يقول الأول: ما تركته حتى فعل كذا وكذا)

ونحن يمكن أن نسمي كذا وكذا من عندنا، مثلاً يقول: ما تركته حتى زنى، يقول له إبليس لم تصنع شيئاً، وأنت؟!

فيقول: ما تركته حتى قتل أخاه يقول له: لم تصنع شيئاً، وأنت؟! فيقول: ما تركته حتى شرب الخمر، وأنت؟

فيقول: ما تركته حتى سرق، لم تصنع شيئاً، كلهم لم يصنعوا شيئاً، حتى يأتي الدور على واحد منهم..

فيقول له: وأنت ماذا فعلت؟ يقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، حينئذ يقوم من كرسيه ويعتنقه (يلتزمه)

ثم يقول له: نعم أنت، أنت أنت. هذا الشغل. إذاً أهل الطلاق حلال أم حرام؟ الطلاق بدون سبب مباح،

والذي يقول: إنه لابد أن يكون للطلاق من علة مخطئ (فالنبي صلى الله عليه وسلم لما طلق حفصة جاءه

جبريل عليه السلام فقال إن ربك يأمرك أن تراجعها فإنها صوامة قوامة) هل هناك أفضل من هذا؟ صوامة قوامة،

فالطلاق مباح، لكن هل الزنا حلال؟ الخمر حلال؟ القتل حلال؟ أبداً، كان المفروض أن إبليس عندما يقول له ابنه:

ما تركته حتى زنى يقوم ليعانقه تعظيماً لما قام به، فكيف يعظم إبليس شيئاً من المباحات ولا يكترث بالكبائر؟

مع أن هذا المطلق لزوجه لم يرتكب حراماً، وهذا ارتكب كبيرة؛ لأن العبد إذا ملأ الأرض بالمعاصي ثم قال: رب تبت،

قال: غفرت لك، إذاً ذهب جهد إبليس كله هدراً، لذلك إبليس لا يكترث بالمعصية، لا تهمه؛

لأن العبد إذا تاب تاب الله عليه، لو ظل مائة عام يعصي الله عز وجل، ثم رزقه الله الإنابة إليه،

ووفقه إلى عمل صالح قدمه قبل موته، ذهب عمل إبليس كله.

ولا أدل على ذلك من قصة الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً، لما ذهب يسأل العابد قال له:

لا توبة لك فقتله فأكمل به المائة. هذه مائة نفس قتلها رجل واحد، وغفر الله تبارك وتعالى له،

إذاً المعصية لا قيمة لها عند إبليس، إذ أنه يُتاب منها، أما البدعة فلا يُتاب منها؛

لأن العبد يعتقدها ديناً.

ومن الأدلة الواضحة التي ذكرت في كتب التاريخ قصة الجعد بن درهم رأس الجهمية القدرية المعطلة،

أخذ البدعة عن ابن سمعان ، وابن سمعان أخذها عن طالوت ، وطالوت أخذها عن لبيد بن الأعصم اليهودي

الذي سحر النبي عليه الصلاة والسلام، والجهم بن صفوان أخذ المذهب الرديء عن الجعد بن درهم . انظر الإسناد!

ظلمات بعضها فوق بعض، الجهم عن الجعد عن ابن سمعان عن طالوت عن لبيد اليهودي .

الجعد بن درهم قال: إن الله لم يكلم موسى تكليماً ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، هذا مضاد لصريح القرآن:

وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء:125] وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء:164]، لماذا تنكر؟ قال:

لأن الكلام يحتاج إلى شفتين وأسنان ولهاة وحنك، ويحتاج إلى حنجرة وصوت وهواء وغيرها،

والله منزه عن ذلك، إذاً الله لا يتكلم؛ ولأن إثبات الكلام معناه إثبات الجارحة والله ليس كمثله شيء،

إذاً لا نثبت له الكلام، وهكذا دواليك، حتى نفى الصفات كلها فصار يعبد عدماً. له إله لا سميعاً ولا بصيراً

ولا متكلماً ولا عليماً ولا قديراً، ما هذا!! خلقه أحسن منه! يعني: أن الإنسان المخلوق سميع وبصير

ومتكلم وحساس، وقادر، إذاً الإنسان أحسن من خالقه، فهذا المعطل يعبد عدماً، فلما أظهر هذه المقالة

الشنيعة طلبه الأمير آنذاك -وكان خالد بن عبد الله القسري - وأرسل الشرطة فقبضوا عليه وكان بإمكانه

أن يتوب، لكنه لم يتب، وظل محبوساً حتى عيد الأضحى، أتوا به مقيداً ووضعوه تحت المنبر،

خطب خالد بن عبد الله القسري خطبة العيد، وختمها بقوله: أيها الناس! ضحوا تقبل الله ضحاياكم

فإني مضح بـالجعد بن درهم ، فإنه يزعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً،

ونزل فذبحه في أصل المنبر، فشكر له علماء المسلمين ذلك.. انظر خطورة البدعة!!

الله تبارك وتعالى رخص للمسلم أن يتكلم بكلمة الكفر لينجو، قال تبارك وتعالى:

إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]. نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر رضي الله عنه

كان نحيفاً ضعيفاً، فأخذه صناديد قريش وعذبوه العذاب الأليم، وشرطوا عليه لكي يتركوه

أن يسب النبي عليه الصلاة والسلام، لم يتحمل العذاب، قال لهم: ماذا أقول؟ قالوا:

قل: هو ساحر، هو كاهن، هو مجنون، قال: ساحر، كاهن، مجنون، فلما تركوه و برد جلده،

لام نفسه، وقال: هذا الذي أخرجني من الظلمات إلى النور! مجنون ساحر كاهن!

ذهب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقال له ذلك فقال:

(يا عمار كيف تجد قلبك؟ قال: يا رسول الله! أجده مطمئناً بالإيمان. قال: يا عمار ! إن عادوا فعد)

مع أن سب الرسول عليه الصلاة والسلام كفر، باتفاق العلماء أن الذي يسب الرسول عليه الصلاة

والسلام يقتل ولو تاب؛ حماية لجناب الرسول عليه الصلاة والسلام حتى يكون معظماً عند الناس؛

لأن من الممكن أن هذا التائب يكون كاذباً في رجوعه، فلو تركنا الرسول عليه الصلاة والسلام

لكل أحد يسبه فممكن لأي شخص أن يسب ثم يدعي التوبة، حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم ليست مهزلة؛

فمن يسب النبي فإنه يقتل ولو تاب، فإن كان تاب حقاً نفعه هذا بينه وبين الله،

وإن كان كاذباً مات على ذلك، ما اتفق عليه العلماء، ومع ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام يقول له:

(كيف تجد قلبك؟ يقول: أجده مطمئناً بالإيمان، يقول: إن عادوا فعد) إن عادوا لضربك فعد إلى سبي.

 

إذاً يرخص للمسلم إذا وقع في مثل هذه المواقف أن يصرح بكلمة الكفر ؛

فكان يمكن للجعد بن درهم أن يقول: أنا كنت مخطئاً، أنا تبت، وينقذ نفسه ولو كاذباً؛

لكنه أبى وفضّل أن يقتل دون أن يرجع عن هذه البدعة؛ لأنه يعتقدها ديناً،

ولو أنك ذهبت إلى عالم من علماء المسلمين وقلت له: ارجع عن دينك.. لا يرجع أبداً،

كذلك المبتدع لا يرجع أبداً، كما أن هذا العابد يعتقد بدعته ديناً، لذلك لا يمكن أن يرجع،

فالبدعة خطيرة جداً جداً، وكل الذي بيننا من الخور أصله البدعة، ولو أننا هجرنا المبتدعة

في الله مع مراعاة الأحكام الشرعية الخمسة، ومراعاة ضبط المصالح والمفاسد لذلوا،

هم الآن أطول الناس أعناقاً. الذين يدعون الآن لاجتماع شمل المسلمين واهمون،

كيف تجمع ما بين رجل يقول: الله في كل مكان، وما بين رجل يقول: الله في السماء وهذا هو القول الحق؟!

الذي يقول: إن الله في كل مكان، يتهم الذي يقول: إن الله في السماء بأنه مجسم، اتهامات متبادلة،

كيف تجمع ما بين رجال اختلفوا في ربهم، هناك من يقول:

الله لا فوق ولا تحت ولا وراء ولا أمام ولا خارج العالم ولا داخله؟! ......

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

نقل رائع يا غالية

بارك الله فيكِ و نفع بكِ

فما أضر هذه البدع على القلوب

 

قال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها: هل علمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها؟

قال: لم يعلموها.

قال: فشيء لم يعلمه هؤلاء علمته أنت؟

قال الرجل: فإني أقول: قد علموها.

قال: فبوسعهم أن لا يتكلموا بها ولا يدعوا الناس إليها؟ أم لم يسعهم؟

قال: بلى وسعهم.

قال: فشيء وسع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه لا يسعك أنت؟

فانقطع الرجل، فقال الخليفة: وكان حاضرًا: لا وسع الله على من لم يسعه ما لم يسعهم.

 

 

و جاء رجل إلى الإمام مالك فقال يا أبا عبد الله من أين أحرم؟ قال: من ذي الحليفة من حيث أحرم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أريد أن أحرم من المسجد من عند القبر، قال: لا تفعل فإني أخشى عليك الفتنة

فقال:وأي فتنة في هذه إنما هي أميال أزيدها، قال: وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصّر عنها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إني سمعت الله يقول :"فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم".

 

رأى سعيد بن المسيب رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه. فقال: يا أبا محمد! أيعذبني الله على الصلاة؟! قال: لا ولكن يعذبك على خلاف السنة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله لك يا غاليتي

{اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن }

post-26014-1174505314.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

أخواتي الحبيبات بارك الله بمروركما الكريم وجزاكنّ خير الجزاء .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×