تعدّ شريحة كبار السن، أو من هم في مرحلة الشيخوخة، كبيرة في جميع
المجتمعات والدول، وتعاني هذه الشريحة العديد من الأمراض والمشاكل الصحية والنفسية،
ورغم أنها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والمشاكل الصحية، إلا أنها قلّما تجد الرعاية
الصحية اللازمة لها.
من بين الحقائق التي توردها المجلات الطبية، أن معظم كبار السن من
النساء، حيث تعمّر النساء لسنوات أكثر من الرجال، ومقابل كل 100 رجل مسن، هناك 118
امرأة مسنة تقريباً في عمر 65 – 69. وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 241 امرأة مسنة،
مقابل كل 100 رجل مسن، بعد سن الـ 85 عامًا.
غياب الإحصاءات العربية:
من بين أكثر المشاكل التي يعاني منها كبار السن، المشكلات النفسية،
التي تعدّ جزءً من الشيخوخة الطبيعية. ومن هذه المشكلات نلاحظ: القلق، قلّة
الإدراك، اضطراب المزاج العام، فضلاً عن النسيان وغيرها.
وإن كان الله سبحانه وتعالى فضّلنا على كثير من عباده بمبادئ الإسلام
التي تحفظ النفس البشرية، فإن الدول الأجنبية تعاني من ارتفاع معدلات الانتحار بين
كبار السن، حيث تبلغ نسبة انتحار من هم فوق سن الـ 85، ضعف المعدل الوطني للانتحار
في أمريكا مثلاً.
وأمام افتقار الكثير من المجتمعات العربية لنسب وإحصاءات تتعلق
بالمرضى النفسيين من كبار السن، يستعين الكثير بالإحصاءات الغربية حول ذلك, منها
مثلاً ما تكشفه المجلات الطبية الأمريكية، والتي تشير إلى أن نصف كبار السن الذين
يعانون من مشاكل صحية، يتلقون العلاج على أيدي ممرضي الرعاية الصحية الأولية. ونسبة
أقل من ذلك (3%) فقط، تحصل على خدمات طبية متخصصة في الصحة العقلية.
وهذا يعني أن الغالبية من المسنين، لا يحصلون على حقّهم الكافي في
الرعاية الصحية النفسية والعقلية. لماذا؟
أسباب عدم الاهتمام بالصحة النفسية
للمسنين:
أهم هذه الأسباب، الخوف من العار.. وهو لفظ ثقيل قليلاً، إلا أنه واقع
في مجتمعاتنا العربية مع كل أسف.. حيث يفضّل الكثير من الناس، معالجة آباءهم أو
أجدادهم كبار السن، والذين يعانون من مشاكل نفسية وعقلية، في المنزل، على أن يخرجوا
بهم إلى المستشفيات والمراكز الصحية.
هناك أسباب أخرى بطبيعة الحال، منها أيضاً، اليأس من العلاج. حيث ينظر
الكثير إلى هذه الأمراض على أنها جزء طبيعي من الشيخوخة، وهي مراحل متقدمة تعني أن
الإنسان الكبير على حافة الموت. إلا أن الحقيقة هنا أن الأعمار بيد الله عز وجل
وحده، وكثيراً ما عمّر الأجداد والآباء أكثر من أبناءهم وأحفادهم.. أفلا يستحقون
فرصة للعلاج النفسي والعقلي؟!
من الأسباب أيضاً، قلّة المواد المالية، وتكاليف المعالجة المرتفعة..
خاصة عندما يكون يضطر البعض للذهاب إلى المركز الصحية الخاصة. وهنا يجب الاهتمام
بهذه الأقسام بشكل أكبر في المشافي الحكومية، كي تكون بديلاً حقيقياً عن المستوصفات
الصحية الخاصة، وتستقطب أعداداً أكبر من المرضى كبار السن.
مشكلة أخرى تواجه البعض، وهو ندرة هذا التخصص في المراكز الطبية،
وقلّة المهتمين بدراسته، وبالتالي قلّة توفرهم في المستشفيات الحكومية. وهي مشكلة
لا تشتكي منها الدول العربية فحسب، بل أيضاً الدول الغربية.
نصائح هامة:
- إن رعاية المسنين
مسؤولية يتقاسمها الأهل والمجتمع.
- العناية بإدراك
وعقل كبار السن أولوية تماثل أولوية العناية بصحتهم. الذكر وقراءة القرآن، وقراءة
الكتب، ومناقشتهم في الكثير من أمور الحياة، وأخذهم برحلات عائلية، تجعل أدمغتهم
تعمل بطاقة أفضل، وتؤخّر المشاكل العقلية لديهم.
- زيارة الطبيب يجب
أن لا تحدث حرجاً للناس.. فهم جزء من المجتمع، ومشاكلهم الصحية مثلها مثل المشاكل
الصحية للأطفال، والنساء، والرجال.
- الحرص على زيارة
طبيب مختص، وليس طبيباً عاماً. والالتزام بنصائحه وإرشاداته.
- عدم إعطاء كبار
السن الحبوب المهدّئة والمنومة، دون مراجعة طبيب، وليس صيدلاني.
- الاهتمام بصحتهم
الجسدية، لأنها جزء أساسي من صحته النفسية. ومراعاة حقّهم على
الجميع.
- اتقاء الله بهم.. فهم أمانة في أعناق المجتمع
والأهل، حملوا أمانتكم وأنتم صغار، واهتموا بكم بالقدر الذي جعلكم كبارًا.. وليس
الاهتمام بهم إلا سدًّا لدين كانوا قد قدموه لكم سلفًا.
معمر الخليل
موقع لها
أونلاين