أخطاء الصائمين [الشيخ سلمان العودة]
الوقفة الثامنة: هي أخطاء الصائمين، ولا شك أن الصائمين من أفضل العباد لكن مع ذلك لا بد من التنبيه على بعض الأخطاء التي يقع فيها الصوام.
 
فمن ذلك أن كثيراً من الناس يقبلون على العبادة في رمضان ويدعونها في غيره..
ولذلك تمتلئ المساجد في رمضان بل من المؤسف جدا أن المساجد تمتلئ في وقت المغرب خاصة يقلون حتى إن آخر رمضان مثل غيره من الشهور تقريباً، وهذا أمر خطير ويجب على الأئمة والدعًاة والوعاظ أن ينبهوا الناس إليه ويستغلوه فرصة خروجهم من بيوتهم ومخابئهم إلى المسجد لينبهوهم على خطورة هذا الأمر.
فمن الأخطاء أن بعض الناس لا يعرفون الله تعالى إلا في رمضان ويهجرون العبادات في غير هذا الشهر الكريم.
 
مثل آخر أن بعض الناس يصومون عما أحل الله ويفطرون على ما حرم الله..
فيصومون عن الأكل والشرب والجماع -إتيان أهلهم- لكنهم يفطرون أو يرتكبون أشياء محرمة مثل الغيبة والنميمة وقول الزور وشهادة الزور والكذب والسب والشتم وغيرها من المحرمات سواء كانت قولية أو فعلية. وهذا لا شك أنه انتكاس في مفهوم الصيام لأن الصوم تربية وليس من المعقول أن يربيك الله تعالى على ترك بعض المباح ثم تذهب لترتكب أشياء محرمة في الصوم.
ولذلك ذهب بعضهم إلى أنه يفطر بذلك لكن الصحيح أنه لا يفطر بذلك والحديث الوارد في هذا ضعيف، قصة المرأتين اللتين غلبهما الصيام فجيء بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: قيئا، فقاءتا قيحاً ودماً عبيطاً فقال عليه الصلاة والسلام "إن هاتين أفطرتا على ما حرم الله وصامتا عما أحل الله" هذا الحديث لا يصح ولذلك احتج به ابن حزم وغيره على أن الغيبة والنميمة تفطر وهو حديث ضعيف.
 
ومن الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس -خاصة المتحدثين عن الصيام- أنهم يركزون في حديثهم عن الفوائد الدنيوية للصوم..
فيتكلمون مثلاً عن أثر الصوم في الصحة في حفظ الصحة ويأتون بالحديث الضعيف كما سأشير بعد قليل "صوموا تصحوا " ويذكرون أثر الصيام في الصحة مثلاً أو أثر الصيام في حفظ الجسم في الحمية أو أثر الصيام في تحقيق سعادة دنيوية وينسون ضرورة تنبيه الناس إلى أثر الصيام في الدار الآخرة وضرورة أن يعلم الناس أن الصوم عبادة سواء كانت تضرك أو تنفعك.. يعني أنت ينبغي أن تصوم حتى لو فرض جدلاً أن الصوم يضرك تصوم،  تصوم طاعة لله جل وعلا ولذلك الإنسان في المعارك يخوض المعركة وقد تذهب روحه في سبيل الله تعالى لأن هذه طاعة وعبادة وقربة فليس المقصود أن الإنسان يصوم حتى يصح جسمه أو تقوى قواه أو يسلم من الأمراض والآفات والعاهات أو يحصل على سعادة عاجلة وإن كانت هذه الأمور كلها تأتي تبعاً لكنه يصوم طاعة لله عز وجل.
 
ومن مثالب الصوام سوء الخلق..
فإن كثيرا من الصائمين يصبح عنده سوء في خلقه بسبب امتناعه عن الأكل والشرب فيغلظ على أهله ويقسو عليهم وكذلك إن كان موظفاً يغلظ ويقسو على المراجعين ويعاملهم بأسلوب فظ غليظ ويستخدم ألفاظاً نابية لا تليق. والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا كما في الحديث المتفق عليه أن الصوم جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم.
فأرشدك إذا كنت صائماً إذا سبك أحد أو شتمك ألا ترد عليه وتقول له: "إني صائم". فما بال بعض الناس إذا صاموا عكسوا القضية؟
فربما يكون الواحد منهم في غير الصوم هادئاً وديعاً خلوقاً، لكن إذا صام اشتدت أعصابه وتوترت وأصبح يرمي بالعبارات النابية الغليظة هنا وهنا لأهله.. لأولاده.. لجيرانه.. لمراجعيه.. لزملائه.. إلى غير ذلك.
 
ومن مثالب الصوام أن بعضهم يتخذ رمضان فرصة للكسل والخمول ويحتج بأنه صائم..
يحتج بأنه صائم ونحن نجد أن المسلمين الأول كانوا عكس ذلك؛ كثير من المعارك الإسلامية الشهيرة كانت في رمضان ولم يكن الصيام فرصة للنوم.
وبعضهم يحتجون في ذلك بأحاديث ضعيفة مثل "نوم الصائم عبادة" ولو فرض أنه صحيح فإنه لا يدل على ما ذهبوا إليه فالحقيقة أن الصائم ينبغي أن يعود نفسه على النشاط والإقدام والقيام بالأعمال الصالحة
 
وأخيراً من مثالب الصوام المبالغة في تناول الأطعمة..
فإننا نجد أن كثيراً من الناس يستعدون لاستقبال رمضان بألوان المطعومات والمشروبات ويعدون لسحورهم وفطورهم وعشائهم. يعني من أطايب الطعام ما لا يعرفه الناس في غير رمضان. وهذا لا شك أنه يتنافى مع الحكمة الأساسية من مشروعية الصيام ولذلك تعجبني كلمة ذكرها أحد المصنفين وهو يوبخ الناس فيقول لهم: إنكم تأكلون الأرطال وتشربون الأسطال وتنامون بالليل ولو طال وتزعمون أنكم أبطال. وهذا في الواقع أنه هو حكاية الحال التي يعيشها كثير من الجهال يقول: إنكم تأكلون الأرطال، وتشربون الأسطال، وتنامون بالليل ولو طال،   وتزعمون أنكم أبطال، فالإنسان عليه أن يكون مقتصداً في أكله وشربه في نهار رمضان.
 
[الشيخ سلمان بن فهد العودة]




أتى هذا المقال من أخوات طريق الإسلام
http://akhawat.islamway.com

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://akhawat.islamway.com/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=51