إذن فابدأ مع رمضان
السؤال 
أخي مشرف النافذة،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
أنا شاب في العشرينات مشكلتي التي أثقلتني وأفقدتني طعم الحياة أنني مبتلى ببعض المعاصي.. والكثير من التفريط والعقوق.. حتى أنني تجرأت على والدتي وأسمعتها من الكلام ما لا يليق رغم علمي بعظم حقها، بل وقاطعت بعض أهلي لا لشيء إلا لأنهم لا يرضون عن الطريق الذي أسلكه!! والآن أشعر بِهَمٍّ كبير يخنقني.. ويأس.. وألم صامت.. ووضعي يسوء.. ومعاناتي تزداد فماذا أعمل خاصة ونحن في هذا الشهر الفضيل؟
 

الجواب  
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لن ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
 
أولاً: أن ما تشعر به أخي الكريم من هَمٍ وغم أثقلا كاهلك كما تقول.. دليل على إحساسك الداخلي بعدم الرضى عما أنت عليه والرفض الكبير لهذا التفريط والتجاوز.. وهو صراع داخلي عنيف بين ما تتمنى أن تعمله وما تعمله بالفعل... بين حقيقتك وواقعك، وهذا مبدئياً شيء طيب سيساعدك كثيراً في تجاوز هذا الأمر.. لأن رفضنا لواقعنا السلبي هو بداية مهمة وضرورية جداً لتجاوزه ومواجهته.
أما قبوله وتبريره فهو الخطأ الفادح والخطر الكبير.
 
ثانياً: لذلك كله.. فإني واثق أن ما تعانيه هو دليل رفض وعدم رضى عما تقترفه بحق نفسك وحق والدتك وأهلك.. بل ودينك وأمتك.. لأن الخلل أينما وجد في الفرد أو الأسرة يعتبر نقطة ضعف في جدار قيم المجتمع وترابطه وتكاتفه، بل هو سوس ينخر في بنيانه ونسيجه بشكل أو بآخر، وأمتنا أخي الكريم تحتاج إلى كل أبنائها رجالاً ونساءً.. صغاراً وكباراً لتواجه بهم أعدائها وتحق رسالتها.. وتستكمل مسيرتها.
 
ثالثاً: أما العقوق، والجرأة على الأم، ومقاطعة الأهل الذين يحترقون لأجلك، ويتمنون لك الخير، ويرفضون واقعك "المؤلم والمحزن والخاطئ" فذاك وربي أمر غريب.. ولا أظنك بحاجة إلى تذكيرك بعظم حق الوالدين عامة والأم خاصة.. فقد ذكرت في سؤالك ما يدل على إدراكك لعظم حقها.. ولكنك بحاجة إلى من يذكرك بأن كل ذلك من عمل إبليس وتدبيره وكيده.. فهو العدو المبين الذي أقسم بعزة الله أن يغوي جميع خلقه واستثنى من ذلك عباد الله المخلصين جعلنا الله وإياك منهم. ولذلك فاستعذ بالله قائماً وقاعداً من كيد الشيطان (إن كيد الشيطان كان  ضعيفاً).
 
رابعاً: إنها فرصتك أخي الكريم لتنال سعادة الدارين بإذن الله.. خاصة ونحن في هذا الشهر الفضيل الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فابدأ منذ الآن بتصحيح المسيرة، والتوبة والاستغفار عما سلف وابدأ بوالدتك فتحلل منها وقبل جبينها واطلبها الصفح عما بدر والدعاء لك بالهداية ثم اصلح ما بينك وبين أهلك.. وتذكر قوله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإما يَنْزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم..).
 
خامساً: أحسن الظن بالله.. وبادر بالتوبة النصوح واحمد الله الذي ردك إلى الحق رداً جميلاً.. وتذكر قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له....) وقوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات) واسأل الله الهداية والتوفيق والسداد والثبات حتى الممات.
 
سادساً: لا تنسى أخي الكريم الأهمية الكبيرة للجلساء وتأثيرهم الكبير والخطير على الإنسان، سواء في الخير أو في غيره.
فبادر أخي باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه، وتأكد أن المرء من قرينه، وأننا نحشر يوم القيامة مع من نحب [من  أحب قوماً حُشر معهم].. والحمد لله الذي هداك وردك إلى الحق قبل أن تقول نفس يا حسرتاً على ما فرطت في جنب الله.
وتأكد أنك بفضل الله وتوفيقه مقبل.. وما حزنك الذي تجد وهمك الذي تكابد إلا دليل أكيد على عدم رضاك ورفضك لهذا الواقع الذي تعيشه –كما أسلفت– فاحمد الله وبادر.. ما دام في العمر بقية.. (ولا تدري نفس ماذا تكسب غداً ولا تدري نفس بأي أرض تموت).
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.
 
 
[أحمد المقبل]
 
www.Islamtoday.net




أتى هذا المقال من أخوات طريق الإسلام
http://akhawat.islamway.com

عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://akhawat.islamway.com/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=99