للأيام العشر
الأُول من شهر ذي الحجة خصائص كثيرة ، نذكرُ منها ما يلي :
1 - أن الله تعالى أقسم بها : والإقسام بالشيء دليل على أهميته
وعظم نفعه ، قال تعالى : ( والفجر وليال
عشر ) قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف : إنها عشر ذي الحجة . قال ابن كثير : " وهو الصحيح " تفسير ابن كثير 8 /413 .
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما
تقدّم في الحديث الصحيح .
3 - أنه حث فيها على العمل الصالح : لشرف الزمان بالنسبة لأهل
الأمصار ، وشرف المكان - أيضاً - وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام .
4 - أنه أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد
الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من
هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " . أخرجه أحمد 7/224 وصحّح إسناده أحمد شاكر .
5 - أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين
وصيامه يكفّر آثام سنتين ، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو
أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه
من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره .
6 - أن فيها الأضحية والحج .
7 - أن هذه الأيام المباركات تُعد مناسبةً سنويةً مُتكررة تجتمع
فيها أُمهات العبادات كما أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله : " والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة
والحج ، ولا يتأتى ذلك في غيره " فتح الباري .
بعض
الأعمال الواردة في هذه الأيام :
الأول
: أداء الحج والعمرة ،
وهو أفضل ما يعمل ، ويدل على فضله عدة أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) وغيره من الأحاديث الصحيحة .
الثاني
: صيام هذه الأيام أو ما
تيسر منها – وبالأخص يوم عرفة – ولاشك أن جنس الصيام من أفضل الأعمال وهو مما اصطفاه الله
لنفسه ، كما في الحديث القدسي :
( الصوم لي وأنا أجزي به ، انه ترك شهوته وطعامه وشرابه
من أجلي ) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله ، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن
النار سبعين خريفاً ) متفق عليه . ( أي
مسيرة سبعين عاماً ) ، وروى مسلم رحمه الله عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) .
الثالث
: الإكثار من ذكر الله
سبحانه وتعالى ودعائه وتلاوة القرآن الكريم لقوله تبارك و تعالى : { وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ { سورة الحج : الآية 28 .
ولِما حث عليه الهدي
النبوي من الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام على وجه الخصوص ؛
فقد روي عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التكبير ، والتهليل ، والتحميد " ( أحمد ، مج 2 ، ص 131 ، الحديث
رقم 6154 ) .
وهنا تجدر الإشارة إلى
أن بعض السلف كانوا يخرجون إلى الأسواق في هذه الأيام العشر ، فيُكبرون
ويُكبر الناس بتكبيرهم ، ومما يُستحب أن ترتفع الأصوات به التكبير وذكر
الله تعالى سواءً عقب الصلوات ، أو في الأسواق والدور والطرقات ونحوها
.
كما يُستحب الإكثار من
الدعاء الصالح في هذه الأيام اغتناماً لفضيلتها ، وطمعاً في تحقق الإجابة فيها
.
الرابع
: التوبة والإقلاع عن
المعاصي وجميع الذنوب ، حتى يترتب على الأعمال المغفرة والرحمة ، فالمعاصي سبب البعد والطرد
، والطاعات أسباب القرب والود ،
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه
) متفق عليه .
الخامس
: كثرة الأعمال الصالحة
من نوافل العبادات كالصلاة والصدقة والجهاد وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ونحو ذلك فانها من الأعمال التي تضاعف في هذه الأيام ، فالعمل فيها وان كان
مفضولاً فأنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها وان كان فاضلاً حتى
الجهاد الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده واهريق دمه .
السادس : ومن الأعمال الصالحة في هذا
العشر التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي واستسمانها واستحسانها وبذل المال
في سبيل الله تعالى .
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته
وأن يتقبل منا إن ربي قريب مجيب
يتبع