اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57834
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180593
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8283
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30261
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53042
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97011
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31798
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33888
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32201
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34855
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37618 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 143 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    1 عضوة تواجدت خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 8، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • تكفل الله بالرزق لعباده

      عباد الله: إن لله  أسماءً عظيمة، دالة على قدرته ، ومن أسمائه : الرزاق، يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ [سورة آل عمران:37]، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [سورة هود:6].

      ومن أجل ذلك فإنه سبحانه لما خلق السموات والأرض خلق السموات والأرض في يومين عمومًا، ثم عمد إلى الأرض فقدر فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ [سورة فصلت:10]، في أربعة أيام أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا [سورة النازعات:31]، وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ [سورة لقمان: 10]، وهيأ السكن للساكن . وأمر  عباده أن يمشوا في الأرض، وأن يبتغوا من رزقه، وأن يطلبوا الرزق منه سبحانه لا من غيره، فهذا الكوكب الذي نعيش عليه كوكب غني للغاية فيه من أنواع المعايش ما لا يخطر ببال، ولا يزال البشر يكتشفون من المعايش التي أودعها الله في هذا الكوكب العجيب الأمور الكثيرة في أرضه، وفيما يخرج من زرعه، وفي الدواب التي بثها، وهذه الثروة الحيوانية، وفي هذه الكائنات البحرية، والبحر الذي تستخرجون منه لحمًا طريًا، وفي هذه الجبال وما أنزل فيها من الحديد، وخلق فيها من المعادن، ذهب وفضة، ونحاس، وغير ذلك، كوكب غني للغاية. ظاهرة القلق على الرزق

      وما يحصل في الأرض من المجاعات فإنما هو بذنوب العباد، واحتباس المطر كذلك، ما يحدث من المجاعات بظلم بعضهم لبعض، وتسلط بعضهم على بعض، وإلا فإن في الأرض ما يكفيهم وزيادة والذي لا إله غيره، نقول هذا الكلام في الوقت الذي يدب القلق في نفوس كثير من الناس على أرزاقهم، وعندما تضيق فرص المعيشة تقل الوظائف، أو تسرح الشركات موظفيها، أو بعضهم، أو تخفض من رواتبهم، أو يتأخر صرفها، ونحو ذلك، فإن القلق يساور الكثيرين، وبالذات أصحاب الأسر والأولاد، والذين عندهم مسؤوليات، وأناس ينفقون عليهم، ويريد هو أيضًا أن يعيش ويتزوج، ويسكن، ويفرش السكن، ونحو ذلك. وإن هذا القلق -يا عباد الله- لا بدّ من علاجه، وقد كثر في العالم، فالاضطرابات النفسية تصيب أكبر من نصف سكان العالم، وثلث البشر مصابون بالقلق، ويموت شخص كل كذا ثانية بسبب الانتحار، وحالات الاكتئاب في العالم تقدر بثلاثمائة وخمسين مليون حالة، تؤدي إلى قرابة مليون حالة انتحار كل عام، ولا تسل أيضا عن الحالات والأمراض الأخرى المتصلة بهذا، جزء من القلق متعلق بقضية الرزق، وتوفير الاحتياجات الأساسية والمتطلبات، وخصوصًا في زمن يوجد فيه فواتير للصرف وأبواب لم تكن من قبل في الإنفاق على الصحة والتعليم، وغير ذلك من الاحتياجات.   نصائح وقواعد في الرزق

      وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ۝ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ۝ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [سورة الذاريات:56 – 58].
      فيحتاج المسلم إلى نصائح وتطمينات بشأن هذا القلق واليقين: بأن الله  قد ضمن أرزاق العباد، هذا ركن أساس في معالجة هذا القلق، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [سورة الذاريات:58]. عندما نؤمن أن الله خلق كوكبًا غنيًا، وأنه يوجد فيه بالتأكيد زراعة وثروة حيوانية ومعادن، إلى آخره، بالتأكيد يوجد للعباد ما يكفيهم وزيادة، ولما قال: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا [سورة الملك:15] هو  يعلم ماذا سينتج عن المشي في مناكبها من الفرص والأرزاق والأموال: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ [سورة المزمل:20]، فهذه الأسفار، وتغيير المكان، والانتقال من مكان إلى آخر، لا شك أنه يولد أيضًا سعة، هذا كما نص الله سبحانه عمن ينتقل في الأرض يجد مراغمًا كثيرًا وسعة: وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ۝ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ [سورة الذاريات:22، 23]. ثم تفكر في الكائنات غير العاقلة الدواب: وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ [سورة العنكبوت:60] لا تطيق جمعه وتحصيله، ولا تؤخر شيئًا لغد اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ [سورة العنكبوت:60] يقيض لها الرزق على ضعفها، وييسره لها، ويخرجه، ويبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه، حتى الذر في قرار الأرض، والطير في مرتفعات الجو والهواء، هذا رزق الله لا يستطيع أن يمنعه أحد، إذا أرادك الله برَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا [سورة فاطر:2]، رزق الله لا يرده كراهية كاره.
        ولو أن في صخرة صماء ململمة في البحر راسية ملس نواحيها رزقا لعبد براها الله لانفلقت حتى تؤدي إليه كل ما فيها أو كان فوق الطباق السبع مسلكها لسهل الله في المرقى مراقيها حتى ينال الذي في اللوح خط له فإن أتته وإلا سوف يأتيها
      من الأشياء التي تسكن القلق: أن الله أول ما خلق الله القلم وقال له: اكتب، فكتب مقادير السموات والأرض، كتب المقادير، وكتب ما هو كائن قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وجف القلم على هذا المكتوب، وطوى الله عنا الغيب، أمران عجيبان، كتب المقادير كلها قبل أن يخلق الخلق، وطوى عنا الغيب فلا نعلمه، وأمرنا باتخاذ الأسباب، والدعاء، وأخبرنا أنه كتب المقادير، ومنها: أرزاقنا: لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [سورة الحديد:23]، وأن تعلم أنه شيء مقسوم، مكتوب، مقدر، مفروغ منه، وزيادة على ذلك ما من نفس تنفخ في جسدها وهي جنين في بطن أمها إلا وملك يرسل لنفخها، ويكتب رزقها وأجلها وعملها، وشقي أو سعيد[1] يكتب رزقها وهذا شيء يريح الإنسان جدًا. وأيضًا أخبر ﷺ: أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها، ما في شيء مكتوب لك إلا سيأتيك قبل أن تموت قطعًا، قال: فاتقوا الله وأجملوا في الطلب[2]، أجملوا في الطلب يعني إذا دعوت ادع بالجملة، ادع بالعموم كما في دعاء: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [سورة البقرة:201] وحسنة الدنيا تشمل: الرزق الوفير، والمركب الهانئ، والدار والواسعة، والزوجة الصالحة، والأولاد البررة، والذكر الحسن، وهكذا.. عباد الله: من القواعد العظيمة: قوله ﷺ: ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله قوله في الحديث: ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته[3]،اغسل يدك من باب رزق حرام، ولو ضاقت عليك اغسل يدك من باب رزق حرام، لو حصل فهو عقوبة وبلاء، وشؤمه إذا ما طالك في الدنيا ولا بدّ أن يطال، فسيأتي شؤمه في الآخرة عذابًا أليمًا.

      الأخذ بأسباب الرزق

      عباد الله: هذه قضية الرزق مكتوب حتى لا يحمل الإنسان نفسه فوق ما تحتمل، فهو مطالب بالأخذ بالأسباب: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ [سورة الملك:15]، لن ينزل من السماء أن تمطر ذهبًا أو فضة، نعم في السماء أرزاق تنزل، وفي مطر ينزل، لكن لن تمطرك ذهبًا وفضة، لكن هناك قدر بالرزق ينزل، وهناك مطر يعين على الرزق ينبت الله به ما ينبت، يعين على الرزق، ولذلك إذا ابتغيت السبب، يعني ضربت في الأرض، مشيت في مناكبها، وسعيت، وولجت الأبواب، وما يتعلق بذلك من دراسة وسعي وسؤال وتقديم، ونحو ذلك، بل عمل مباشر في هذه الأرض: زراعة، صناعة، واستيلادًا لهذه الثروة الحيوانية، ونحو ذلك، أو الإجارة بتأجير النفس فيما يسمى بعالم الوظائف، كلها عوالم، عوالم جعلها الله، زراعة صناعة تجارة، إجارة أسباب، أبواب، المطلوب أن يجلها الإنسان. وبعضهم على طبق دون تعب، لا -يا إخواني- هذا ليس مسلك العقلاء، وإذا نجحت عند بعض الناس لسبب أو لآخر فإنها لن تنجح عند الأكثر.
      أبواب الرزق حتى فيما فجره الله -تعالى- في هذا الزمن من هذه الشبكات، فإنها تحمل، وفيها أبواب للزرق أيضا.

      واعلم أن الله إذا سد عليك بحكمته طريقًا فإنما يفتح لك برحمته طريقًا آخر قد يكون أنفع منه، وأوسع رزقًا. تذكر -يا مسلم- أن من أسماء الله -تعالى-: المقيت، ومعنى المقيت الذي يوصل إلى كل مخلوق رزقه المناسب له، وما يقتات به وعليه، فهو المقيت سبحانه، وهو خير الرزاقين، يرزق المسلم والكافر، وإذا كان يرزق حشرة أفلا يرزق الإنسان؟ وإذا كان يرزق الكافر أفلا يرزق المؤمن؟ القلق على الرزق من الشيطان: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ [سورة البقرة:268]، يقيم لك هذا الهاجس دائمًا منصوبًا أمامك في ذهنك حتى يجعلك تحزن، وربما يفوت عليك بالاكتئاب فرصًا للرزق، فتنبه.

      ولذلك إذا بذلت الأسباب أزل هذا القلق تمامًا؛ لأن المسألة الآن رزق من الله ، وقد يؤخره لحكمة، وقد يقلله لحكمة، يضيق بالرزق لأسباب، وقد تكون في مصلحة العبد، فقد يعصي بالرزق فيمنع منه فيتوب ويؤوب ويعود، وينسد باب للمعصية، ويفتح باب للتوبة، ويشعر الإنسان بالحاجة إلى الله، وكان من قبل مستغن عن ربه: كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى ۝ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى [سورة العلق:6 - 7]، فعندما يضيق عليه يشعر بالحاجة، فيدعو ويدعو، ويأتيه من أنواع الحسنات، والصبر على البلاء، حتى ذكر الإمام أحمد -رحمه الله-: "لروعة صاحب العيال يبكون في حجره أحب إلي من كذا وكذا"، يعني من العبادات، بما يكتب الله له بذلك من الحسنات.

      التوكل على الله في الرزق

      وهنا أمر من أعمال القلوب نتحدث عنه وكثيرًا ما لا نحسنه، أي عملًا في الواقع وتطبيقًا، ألا وهو: التوكل: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [سورة الطلاق:3]، التوكل يصب عليك الرزق صبًا، هناك أدلة يقينية لكن القضية في العمل بذلك: لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله وهذه: حق توكله فيها المربط والسر حق توكله هذه قضية تفريغ القلب إلا من الله، ولا اعتماد إلا على الله، ولا لجوء إلا إلى الله، وطلب الرزق منه لا من غيره، وتفويض الأمور إليه: لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا تذهب في أول النهار جياعًا وتروح بطانًا[4] تعود في آخر النهار مملوءة البطون، حديث صحيح.
      العلماء قالوا: هذا الحديث أصل في التوكل وأنه من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق.
        توكل على الرحمن في الأمر كله فما خاب حقًا من عليه توكلا وكن واثقًا بالله وارض بحكمه تفز بالذي ترجوه منه تفضلًا
      والتوكل هذا توحيد، وتوحيد الله أعظم مذهبات القلق؛ لأن توحيد الله أمن: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ [سورة الأنعام:82]، وَلَمْ يَلْبِسُواْْ إِيمَانَهُم توحيدهم بِظُلْمٍبشرك لا أكبر ولا أصغر ولا خفي، أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [سورة الأنعام:82] ومن ضمن الأمن: الأمن النفسي، والأمن النفسي يعني طيب النفس أخبر عليه الصلاة والسلام أنه من النعيم، أن الإنسان تكون طيبة نفسه، وهذا متعلق بمسألة مهمة وهي غنى القلب والقناعة، فقد يكون غنيًا من جهة كثرة المال، لكن ما عنده طمأنينة، ولا أمن نفسي، ولا عنده رضا، ما عنده قناعة بما قسم الله له، وقد يكون قليل المال لكن طيب النفس، منشرح الصدر، عنده نعيم نفسي بالقناعة، وغنى القلب، والاستغناء بالله عن غيره.

      بعض مفاتيح الرزق وأسبابه الإيمانية

      عباد الله: ما نحتاجه في تسكين النفس أهم مما نحتاج إليه في تسكين البطن، تسكين القلب أعظم من تسكين البطن، عندما يقول الله : مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [سورة النحل:97].
      إذًا، عمل الصالحات.
      لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم[5] كلمات للكرب تقولها، حتى لو خشيت أن تطرد من عملك: اللهم رحمتكك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله [6]، وهذا يشمل رزقك لا إله إلا أنت. عندما تقول دعاء المكروب: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك الحديث..[7] هذا فيه زوال الكرب وتنفيس هذا والحزن والغم والهم زوالًا. عندما يتوكل الإنسان على الله  حقيقة ويؤمن اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت[8] هذه أشياء تستجلب الرزق. عندما تتسلح بذكر الله ، ومنه: الاستغفار، الاستغفار هو بالأصل لطلب مغفرة الذنوب، ومحو الذنوب، مرادك أخروي، لكن له بركات دنيوية، له فوائد تبعية، من هذه الفوائد التبعية: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ۝ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [سورة نوح:10- 12]، وهذه أرزاق دنيوية، من فوائد الاستغفار التبعية في الدنيا مع أن أصل ما يقوله الإنسان لأجل الآخرة، لكن الله كريم، يعطي هنا ويعطي هناك. عندما يكون هناك تعلق حقيقي بالله سبحانه وهناك صلاة حقيقية خاشعة تزول أنواع كثيرة من القلق: إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا [سورة المعارج:19، 20] يحبط بسرعة ييأس يسقط في يده، ينهار، يتحطم، يكتئب إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۝ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا [سورة المعارج:19 – 21] إلا طائفة واحدة: إِلَّا الْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ [سورة المعارج:22، 23] دَائِمُونَفجر وعصر كل الصلوات. المسلم الذي إذا أخذ مضجعه، وهو يقول: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك[9] الحديث.. هذه الكلمات إذا كانت عن إيمان واعتقاد حقيقي، وهو يتفكر في معانيها، ويقصدها بما يقول حقًا، ما لها أثر؟ على الأقل في تسكين نفسه، فضلًا عن جلب الرزق. الحمد، هذه العبادة العظيمة ما لها أثر؟ عندما يقول: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي[10] كفار ما عندهم رب يؤمنون به، ملاحدة، زنادقة، ما عندهم رب يتوكلون عليه، ولا يثقون به، ولا يدعونه، ولا يلجؤون إليه، لكن عندنا إيمان، وعندنا تفويض وعندنا توكل: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله هذا أصل دعاء الخروج من البيت فيه أن الملك يقول: هديت وكفيت ووقيت[11]. عندما يقول الإنسان: لا حول ولا قوة إلا بالله حقًا، لا حول لا استطاعة ولا قدرة، ولا قوة إلا بالله، ثم لا يقع شيء في الكون إلا بأمر الله: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [سورة القمر:49] هناك مصائب يعني لا بدّ أن يمر بالإنسان مصائب إذا ما ضاق عليه في الصحة ضاق عليه في الزرق، ما ضاق عليه في الرزق ضاقت أشياء، لكن مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [سورة التغابن:11].

      ثم الدنيا طلوع ونزول وحركة موجية، وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [سورة آل عمران:140]، لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ [سورة الانشقاق:19] شدة ورخاء، صحة ومرض، فقر وغنى، فإذا تأملت حالها صبرت على النزول كما استمتعت بالطلوع والصعود، وسيأتيك رزق بعد ذلك تصعد به مرة أخرى.
      ثم الضيق الذي تجده ما هو ببلاش؟ لأن النبي ﷺ قال: عجبًا لأمر المؤمن أن أمره كله خير قال: وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًاا له[12]. ثم لا يهولنك أي مؤامرة عليك، فإن النبي ﷺ قال: ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف[13] لا تقف واجمًا قلقًا.
        سهرت أعين ونامت عيون في شؤون تكون أو لا تكون إن ربا كفاك بالأمس ما كان سيكفيك في غد ما يكون

      لما يقول فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ [سورة العنكبوت:17] يقدم: عِندَ اللَّهِ على الرزق، ما قال: فابتغوا الرزق عند الله، فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ، فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ[سورة الملك:15]، وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ [سورة النساء:32] كم مرة سألت الله من فضله؟ نحن الآن في دعاء خروج المسجد نعرف أننا نقول إذا خرجنا: اللهم إني أسألك من فضلك[14] لكن هل نقولها بحضور قلب؟ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [سورة آل عمران:74] يعني إذا سئل يعطي كريم .

      الأخذ بأسباب الرزق الإيمانية والدنيوية

      ثم -يا عباد الله- هذه المفاتيح الإيمانية: التقوى، والعمل الصالح، والذكر، والاستغفار، إلى آخره، هذه يستجلب بها أقوى وأكثر من المفاتيح الأرضية؛ مثل: قضية الضرب في الأرض والسفر والانتقال، والسعي، وأن يزرع، وأن يصنع، وأن يستخرج، إلى آخره. وكذلك فإن الله  قد أمرنا بالحكمة، وأمرنا بالأخذ بالأسباب التي خلقها، وجعل من التوكل الأخذ بالأسباب. وأنت -يا أخي- أسبابك الإيمانية بالإضافة إلى أسبابك الدنيوية ستأتي لك بالنتيجة، لما تصل الرحم هذه مثراة في المال. لما تحافظ على الصلاة وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [سورة طـه:132]،وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [سورة الطلاق:2، 3] هذه أشياء ليست عبثية، ولا مجرد تسلية نفسية وهمية، هذه أشياء حقيقية، يعني لما يقول: الحج والعمرة ينفيان الفقر[15] لا تغفل عن أذكار الله الخفية، أرزاق الله الخفية. أيضًا نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس[16] عندك حواس، وعندك صحة، وعندك زوجة، وعندك أولاد، وعندك أمن.
      نسأل الله أن يزيدنا أمنًا وإيمانًا، وعندك عافية، وسل الله العافية، وأيضًا إذا جاءتك البركة والله يكفيك الذي هو أقل، ربما يقل على الإنسان الراتب، لكن إذا ابتغى أسباب البركة هذا حل كبير للمشكلة، سيكفيه الأقل، وإن كان أقل عددًا ورقمًا، لكنه سيكون أكثر من جهة الكفاية والسعة والقيام بحاجاته، والصلاح هذا صلاح النفس، وصلاح الزوجة وصلاح الأولاد، وصلاح البيت، إنه يأتي بأشياء لا تخطر بالبال.

      التوسط والاعتدال في الإنفاق

      عباد الله: كل ما قلنا عندما يجتمع معه اعتدال في الإنفاق، وترك الإسراف، فضلًا عن التبذير؛ لأن التبذير الإنفاق في الحرام ولو ريال، والإسراف مجاوزة الحد في الحلال، وعندما يجتمع الاقتصاد، والاقتصاد من النبوة، وأسألك القصد في الفقر والغنى[17]،و"الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة"، كما قال السلف، ويجتمع مع ذلك حسن التدبير، وعندما يقسط المال الموجود على هذه الاحتياجات، وعندما يكون هناك رفق المعيشة، هذه تدابير شرعية قد جاءت في الشرع أيضًا.
      وكذلك أن تترك ورثتك أغنياء، وفي أشياء تعد للمستقبل، وأيضا الرفق في المعيشة شيء عظيم.
      واحذروا -رحمكم الله- من السفه، فالله لا يحب السفهاء.

      تعدد مصادر الدخل وتنوعها

      اللهم اجعل عيشنا رغدًا، وصب علينا الرزق صبًا، ولا تجعل عيشنا كدا كدا، يا رزاق يا كريم يا واسع الفضل، يا ذا الفضل العظيم أغث إخواننا المستضعفين يا رحمن يا رحيم، احمل حافيهم، واشف مرضيهم، وأبرئ جرحيهم، وارحم ميتهم، اللهم إنهم في هذا البرد في البلاء مما لا يعلمه إلا أنت فاكشف ما نزل بهم من ضر يا رحمن يا رحيم، عجل الفرج لأمة محمد ﷺ، آمنا في الأوطان والدور، وأصلح الأئمة وولاة الأمور.
      اللهم إنا نسألك لبلدنا هذا الأمن والإيمان ولسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعلها آمنة بشرعك، عاملة بأمرك، قائمة بذكرك.
      اللهم اشف مرضانا، وارحم موتانا، واجمع على الحق كلمتنا.
      نسأل الله  أن يبارك لنا فيما آتانا، وأن يوسع لنا في أرزاقنا، وأن يقضي عنا ديوننا.
      عباد الله:إن هذه القضية جديرة بالتفكر والتأمل والنظر إليها من الزوايا الشرعية، وما قد جعل وما هو منزل في الكتاب والسنة بهذا الشأن سواء من جهة الأسباب الإيمانية، أو الأسباب الدنيوية، حتى الأسباب الدنيوية موجودة مذكورة في القرآن والسنة. أفضل الكسب بيع مبرور[18]، بورك لهما في بيعهما[19] وتشتري شيئًا وتبيعه بالصدق والتبيين فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما. عباد الله: الصدقة تزيد في المال، واعلم بأنك في فرصة في تنويع مصادر الدخل والالتفات إلى مصادر قد غفلت عنها، والانتقال من عالم الوظيفة إلى عالم المتاجرة والصفقات، وكل بيع مبرور تذكر أحاديث البيع المبرور، وفائدة البيع المبرور، والبركة في البيع المبرور. ^ بمعناه رواه البخاري: (3208)، ومسلم: (2643).
      ^ رواه ابن ماجه: (2144)، وقال الألباني: "صحيح لغيره" كما في صحيح الترغيب والترهيب: (1698).
      ^ رواه الطبراني في الكبير: (7694)، وهو في السلسلة الصحيحة: (2866).
      ^ رواه الترمذي: (2344)، وابن ماجه: (4164)، وأحمد: (205)، وهو في السلسلة الصحيحة: (310).
      ^ رواه البخاري: (6346)، ومسلم: (2730).
      ^ رواه أبو داود: (5090)، وأحمد: (20430)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1823).
      ^ رواه أحمد: (3712)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1822).
      ^ رواه البخاري: (844)، ومسلم: (593).
      ^ رواه البخاري: (247)، ومسلم: (2710).
      ^ رواه مسلم: (2715).
      ^ رواه أبو داود: (5095)، والترمذي: (3426)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: (1605).
      ^ رواه مسلم: (2999).
      ^ رواه الترمذي: (2516)، وأحمد: (2669)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: (5302).
      ^ رواه مسلم: (713).
      ^ رواه الترمذي: (810)، والنسائي: (2630)، وأحمد: (3669)، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح: (2524).
      ^ رواه البخاري: (6412).
      ^ رواه النسائي: (1305).
      ^ رواه أحمد: (15836)، وهو في السلسلة الصحيحة: (607).
      ^ رواه البخاري: (2079)، ومسلم: (1532).

      موقع الشيخ صالح المنجد
    • قسَّم الشاطبي المقاصد إلى قسمين رئيسين: 1- قصد الشارع، وقد قسمه إلى أقسام كما سيأتي إن شاء الله.   2- قصد المكلف، وخلاصته: أن قصد المكلَّف في العمل يجب أن يكون موافقًا لقصد الشارع، وإلا كان باطلاً، وهذا القسم لم يقسمه إلى أقسام؛ وإنما بحَثَه في مسائل، والكلام في المنهج سيكون مركزًا على القسم الأول، فإلى تفاصيله.   أقسام قصد الشارع عند الشاطبي: أربعة، وهي: 1- قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداءً لمراعاة مصالح العباد في الدارين. 2- قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام. 3- قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها. 4- قصد الشارع في وضع الشريعة لدخول المكلف تحتها (أي: لامتثالها).   الترابط التسلسلي بين هذه الأقسام الأربعة: قد يتوهَّم البعض أنه لا ترابطَ بين هذه الأقسام الأربعة التي ذكرها الشاطبي عند كلامه عن قصد الشارع، والحق أن بينها ترابطًا واضحًا للمتأمِّل.   فإن النوع الأول: وهو قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداءً، وهو أنه يتمثل في تحقيق مصالح العباد في الدارين، ولكي يتمكن العباد من القيام بهذه التكاليف الشرعية؛ قصد الشارع أن تكون مفهومة لهم، وإلى جانب ذلك، فإن الشارع قصد أن يكون المكلَّفون قادرين على تطبيق هذه التكاليف.   وعلى ذلك؛ فإن هذه التكاليف الشرعية قد وُضِعت وَفْقَ مصالح العباد، وهي قد وضعت وَفْق مفهومهم ووَفْق قدرتهم واستطاعتهم، فنتج عن ذلك قصد الشارع إلى أن يدخلوا تحت هذه التكاليف عمليًّا، عبوديةً له سبحانه وامتثالاً لأمره.   شرح هذه الأقسام الأربعة: القسم الأول: قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداءً: ومعنى ابتداءً؛ أي: بالقصد الذي يعتبر في المرتبة الأولى. وقصد الشارع في وضع الشريعة بالقصد الأول هو أنها وُضِعت لمصالح العباد في العاجل والآجل معًا. وهذه القضية مسلَّمة، والأدلة عليها أكثر من أن تحصر.   وقد استدل لها الشاطبي بالاستقراء، فقال: "والمعتمد إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراءً لا ينازع فيه الرازي ولا غيره، فإن الله تعالى يقول في بعثِه الرسلَ - وهو الأصل -: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ﴾ [النساء: 165]، {﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].   وقال في أصل الخِلقة: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7]، ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]، ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2].   وأما التعاليل لتفاصيل الأحكام في الكتاب والسنة، فأكثر من أن تحصى؛ كقوله بعد آية الوضوء: ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6].   وقال في الصيام: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].   وفي الصلاة: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].   وقال في القبلة: ﴿ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ﴾ [البقرة: 150].   وفي الجهاد: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39].   وفي القصاص: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179].   وفي التقرير على التوحيد: ﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 172]، والمقصود التنبيه.   وإذا دلَّ الاستقراء على هذا، وكان في مثل هذه القضية مفيدًا للعلم، فنحن نقطع بأن الأمر مستمرٌّ في جميع تفاصيل الشريعة.   ومن هذه الجملة ثبت القياس والاجتهاد، فلنجرِ على مقتضاه".   مراتب المصالح: وهذه المصالح المذكورة في هذا القسم على مراتب ثلاث: ضرورية، وحاجية، وتحسينية.   يقول الشاطبي: "تكاليف الشريعة ترجعُ إلى حفظ مقاصدها في الخلق، وهذه المقاصد لا تعدو ثلاثة أقسام: أحدها: أن تكون ضرورية، والثاني: أن تكون حاجية، والثالث: أن تكون تحسينية".   القسم الأول: المقاصد الضرورية: وهي التي تقوم عليها حياة الناس، ويتوقَّف عليها وجودهم في الدنيا، بحيث لو فُقِدت لعمَّت فيهم الفوضى، وتعرَّض وجودهم للخطر والدمار.   أو هي - كما قال محمد الطاهر بن عاشور -: "التي تكون الأمة بمجموعها وآحادها في ضرورةٍ إلى تحصيلها، بحيث لا يستقيم النظام باختلالها، بحيث إذا انخرمت تؤول حالةُ الأمة إلى فسادٍ وتلاشٍ".   وقد حصرها العلماء في حفظ خمسة أشياء؛ هي: الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال.   يقول الإمام الغزالي - رحمه الله -: "ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يُفوِّت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة".   ولرعاية هذه المقاصد؛ وضع الشارع طريقين أساسيين: أولاً: وضع الأحكام الشرعية التي تؤمِّن وجود هذه المصالح، وتقيم أركانها، وتُوفِّر تحقيق المنافع منها، وذلك في حالة وجودها.   ثانيًا: وضع الأحكام الشرعية التي تحفظ هذه المصالح، وتصونها من الضياع أو الإخلال بها، وذلك في حالة العدم، لدفع المفاسد عن الناس.   1- فحفظ الدين: يكون بأمرين: أ- مراعاة حفظه من جانب الوجود، بإقامة أركانه وتثبيت قواعده؛ فشرعت لذلك أصول العبادات؛ كالإيمان، والنطق بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج.   ب- مراعاة حفظه من جانب العدم بما يدرأ عنه الاختلال الواقع أو المتوقع؛ ولذا شرع الجهاد لمحاربة المعتدين، وحماية المستضعفين، ورفع الظلم عنهم، وشرعت العقوبات غير المقدرة لإيقاف فساد المبتدعة في الدين.   2- حفظ النفس: ويكون بأمرين: أ- حفظها من جانب الوجود، بتناول الطعام والشراب، واتخاذ الملبس والمسكن، مما يتوقف عليه بقاء الحياة وصون الأبدان.   ب- حفظها من جانب العدم، بإقامة العقوبات على مَن سوَّلت له نفسه المساس بها؛ ولذا شرع القصاص لقوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ﴾ [البقرة: 178].   3- حفظ العقل: ويكون بأمرين: أ- حفظه من جانب الوجود، بتوجيهه إلى النظر والتفكير والاستنتاج؛ لقوله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَنْظُرُونَ ﴾، ﴿ أَفَلَا يَعْقِلُون ﴾، ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.   ب- حفظه من جانب العدم، بتحريم المُسكِرات وإقامة العقوبة عليها؛ ولذا شرع حد الشرب.   4- حفظ النسل: ويكون بأمرين: أ- حفظه من جانب الوجود، بإباحة ما فُطِرت عليه النفس البشرية من الميل إلى الغريزة الجنسية؛ فشرع النكاح، وأحكام الحضانة، والنفقات، وما إلى ذلك.   ب- حفظه من جانب العدم، بمحاربة وعقوبة مَن يساهم في اختلاطه وإضعافه وانحلاله؛ ولذا شرع حد الزنا والقذف، وما إلى ذلك.   5- حفظ المال: ويكون بأمرين: أ- حفظه من جانب الوجود، بتنميتِه تنميةً مشروعة؛ ولذا شرع المولى - عز وجل - طرقًا لكسبه، وإنفاقه، وتنميته.   ب- حفظه من جانب العدم، بتحريم السرقة والغش، والرشوة، بل إن الشارع أقام عليها عقوبات مقدرة وغير مقدرة، فقال تعالى في حد السرقة: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [المائدة: 38]، وترك العقوبات غير المقدرة للحاكم يتصرف فيها وَفْق ما تقتضيه المصلحة.   القسم الثاني: المقاصد الحاجية: وهي الأمور التي يحتاجها الناس لتأمين شؤون الحياة بيسر وسهولة، وتدفع عنهم المشقة، فإذا فُقِدت هذه الأمور لا يختل نظام حياتهم، ولا يتهدَّد وجودهم، ولكن يلحقهم الحرج والضيق؛ لذلك تأتي الأحكام التي تُحقِّق هذه المصالح الحاجية للناس؛ لتساعدهم على صيانة مصالحهم الضرورية وتأديتها، وهي جارية في العبادات، والعادات، والمعاملات، والجنايات: • ففي العبادات: شُرِعت الرخص المخففة للمشقة المترتبة على السفر والمرض. • وفي العادات: أبيح الصيد والتمتُّع بالطيِّبات مما هو حلال مأكلاً ومشربًا وملبسًا ومركبًا، وما إليه. • وفي المعاملات: شرعت القسامة، وضرب الدِّيَة على العاقلة، وتضمين الصُّنَّاع، وما أشبه ذلك.   القسم الثالث: المقاصد التحسينية: وهي الأمور التي تتطلَّبها المروءة والآداب ومكارم الأخلاق، ويحتاج الناس إليها لتسيير شؤون حياتهم على أكمل وجه، وإذا فقدت لا تختلُّ شؤون الحياة، ولا ينتاب الناسَ الحرجُ والمشقة، ولكن يحسُّون بالخجل وتستنكر عقولهم وتأنف فطرتهم من فقدها.   وهي جارية فيما جرى فيه الأُولَيان، وأمثلة ذلك ما يلي: • ففي العبادات: شُرعت الطهارات كلها، وستر العورة، وأخذ الزينة، والتقرب بنوافل الخيرات... إلخ.   • وفي العادات: كآداب الأكل والشرب، ومجانبة المآكل النجسات، والمشارب المستخبثات، والإسراف والإقتار في المتناولات.   • وفي المعاملات: كالمنع من بيع النجاسات، وفضل الماء والكلأ، وما أشبه ذلك.   • وفي الجهاد: كمنع قتل النساء والصبيان والرهبان، وما إلى ذلك.   وكل مرتبة من هذه المراتب الثلاث لها تتمَّة وتكملة، بحيث لو فُقِدت لم يُخِلَّ بحكمتها الأصلية؛ أي إن فقد المكمل والمتمم لا يعود على الأصل بالإبطال.   الأحكام المتممة والمكمِّلة للمصالح: اقتضتِ الحكمةُ الإلهية أن تضع أحكامًا تشريعية إضافية مكمِّلة للأحكام التي شرعت لحفظ كل نوع من أقسام المصالح، لتصبح أمانًا احتياطيًّا، وسياجًا واقيًا؛ لتكون الشريعة تامَّة وكاملة، كما ارتضاها لنا المولى عز وجل.   • فشرع الإسلام الصلاةَ لحفظ الدين، وشرع للصلاة أحكامًا تكميلية؛ كالأذان لإعلانها، وصلاة الجمعة في المسجد، وخطبة الجمعة والعيدين لتعليم الناس أمور دينهم.   • وشرع القصاص لحفظ النفوس، وشرع لإكماله التماثل في النفس والعضو والجروح.   • وشرع النكاح لحفظ النسل والنسب، وشرع لإكمال المقصد منه الإعفاف، والقيام بحقوق الزوجية، وحسن المعاشرة، والسعي لكسب الحلال، والقيام بشؤون البيت.   • وحرَّم الإسلام الزنا لحفظ العرض وصَوْن النسل، وشرع لإكماله غضَّ البصر، والاستئذان عند دخول البيت، وحرَّم التبرُّج وإبداء الزينة، وحرَّم الخلوة بالمرأة الأجنبية.   • وحرم الإسلام الخمر لحفظ العقل، وشرع لإكماله تحريم القليل منه، ولو لم يُسكِر، كما طلب الشارع التورُّع عن الشبهات.   • وشرع الإسلام لتكميل الحاجيات الشروط في العقود، ونهى عن الغرر والجهالة، المفضيات إلى التخاصم والتحاقد.   • وفي التحسينات بيَّن الشارع شروط الطهارة، والإنفاق من الكسب الطيب، وأن يحسن المسلم الأضحية والعقيقة، ونهى عن الإسراف والتقتير.   وقد شرط الشاطبي في كل تكملة - من حيث هي تكملة - ألا يعود اعتبارُها على الأصل بالإبطال، فإن أفضى اعتبارُها إلى هدم أصلها، فلا يلتفت إليها؛ وذلك لوجهين: أحدهما: أن في إبطال الأصل إبطال التكملة؛ لأن التكملة مع ما كملتْه كالصفة مع الموصوف.   والثاني: لو قدر تقديرًا أن المصلحة التكميلية تحصل مع فوات المصلحة الأصلية، لكان حصول الأصلية أولى؛ لما بينهما من التفاوت.   ثم وضع الشاطبي قواعد خمسًا أوضح فيها ما تكون عليه المقاصد الضرورية إذا تعرَّضت للاختلال؛ وهي: 1- أن الضروري أصل لما سواه من الحاجي والتكميلي. 2- أن اختلال الضروري يلزم منه اختلال الباقيينِ بإطلاق (اختلالاً تامًّا). 3- أنه لا يلزم من اختلال الباقيين اختلال الضروري. 4- أنه قد يلزم من اختلال التحسيني بإطلاق أو الحاجي بإطلاق اختلالُ الضروري بوجهٍ ما. 5- أنه ينبغي المحافظة على الحاجي وعلى التحسيني لحفظ الضروري.   ومرماه من تقرير هذه القواعد وتوضيحها، الوصول إلى النتيجة التالية: على المرء أن يعتني بهذه المكملات؛ حتى يأتي بالضروري كاملاً ومتينًا ومحصنًا.   يقول الشاطبي: "الصلاة - مثلاً - إذا تقدَّمتها الطهارة أشعرت بتأهُّب لأمر عظيم، فإذا استقبل القِبْلة أشعر التوجُّه بحضور المتوجَّه إليه، فإذا أحضر نية التعبد أثمر الخضوع والسكون، ثم يدخل فيها على نسقها بزيادة السورة خدمة لفرض أمِّ القرآن؛ لأن الجميع كلام الرب المتوجَّه إليه، وإذا كبَّر وسبَّح وتشهَّد، فذلك كله تنبيه للقلب وإيقاظ له أن يغفل عما هو فيه من مناجاة ربه والوقوف بين يديه، وهكذا إلى آخرها، فلو قدَّم قبلها نافلة كان ذلك تدريجًا للمصلي واستدعاءً للحضور، ولو أتبعها نافلة أيضًا لكان خليقًا باستصحاب الحضور في الفريضة".   إلى قوله: "فأنت ترى أن هذه المكملات الدائرة حول حمى الضروري خادمةٌ له ومقوية لجانبه، فلو خلَت عن ذلك أو عن أكثره، لكان خللاً فيها، وعلى هذا الترتيب يجري سائر الضروريات مع مكملاتها لمن اعتبرها".   ما يترتب على هذا التقسيم: تظهر أهمية هذا التقسيم في مسائل الترجيح بين المصالح، وذلك على الترتيب التالي: 1- الضروري. 2- مكمِّل للضروري. 3- الحاجي. 4- مكمِّل للحاجي. 5- التحسيني. 6- مكمِّل للتحسيني.   فإذا حصل تعارضٌ بين مصلحتين، نتج عن هذه المراتب الست عدة حالات، نذكر بعضها: 1- أن تكون كلا المصلحتينِ في رتبة الضروري، إلا أن الأولى تتعلق بحفظ الدين، والثانية تتعلق بحفظ النفس وما دونها، فتُرجَّح الأولى على الثانية. مثال ذلك: قتل أسرى المسلمين الذين تترَّس بهم الكفار ليُداهِموا أرض المسلمين، فيقتلونهم ويفتنون مَن بقي منهم عن دينه؛ لأن في قتلهم كسرًا لشوكة الكفار، وينتج عنه المحافظة على الدين، وهي أقوى من مصلحة المحافظة على النفس، فرجحت عليها.   2- أن تكون الأولى في رتبةِ الضروري، والثانية في رتبة المكمِّل له، فترجح الأولى على الثانية. مثال ذلك: الجهاد وراء الإمام الفاسق؛ لِما جاء في سنن أبي داود: ((الجهاد واجب عليكم مع كل أمير، برًّا كان أو فاجرًا))، فجهاد الكفار من أجل حفظ الدين ضروري، وتوفر العدالة في الإمام الذي نجاهد خلفه مكمِّل لهذا الضروري؛ لذا رجح ما هو في رتبة الضروري على ما هو مكمِّل له، فجاز أن نجاهد وراء الفاسق.   3- أن تكون الأولى في رتبة الضروري والثانية في رتبة الحاجي، فترجح الأولى على الثانية. مثال ذلك: مَن أشرف على الهلاك، ولا يوجد أمامه إلا الحرام كالميتة، فإن ترك الميتةَ أخل بالضروري وأهلك نفسه، وإن تناول الميتة حافظ على الضروري على حساب الحاجي المتمثِّل في تناول الحلال، فيجب عليه أن يتناول الميتة بالقدر الذي يحافظ فيه على حياته.   4- أن تكون الأولى حاجية والثانية تحسينية، فترجح الأولى على الثانية. مثال ذلك: الصلاة خلف الإمام الفاسق؛ لما جاء في الحديث: ((والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم، برًّا كان أو فاجرًا، وإن عمل الكبائر))؛ رواه أبو داود.   فصلاة الجماعة من شعائر الإسلام، وهي في رتبة الحاجي، وأداؤها وراء الإمام الصالح من التحسينات، فإذا انعدم الصالح وحلَّ محله الفاسق، تعيَّنت صلاة الجماعة وراءه، إقامة لهذه الشعيرة، ترجيحًا للحاجي على التحسيني.   بعض القواعد الفقهية المتعلقة بترجيح المصالح: وأختم هذه الفقرة - حالة تعارض المصالح - بسرد أهم القواعد الفقهية التي وضعها علماء الفقه والأصول لترجيح أحد الأحكام والمصالح على الآخر، وهي: 1- الضرورات تبيح المحظورات. 2- يتحمَّل الضرر الخاص لدفع الضرر العام. 3- يختار أهون الشرين. 4- يُرتَكب أخفُّ الضررين لاتقاء أشدهما. 5- المشقة تجلب التيسير. 6- الحاجة تنزل منزلة الضرورة. 7- الحرج مرفوع شرعًا. 8- الضرر يزال شرعًا. 9- الضرر لا يزال بالضرر. 10- دفع المضار مقدَّم على جلب المنافع. 11- درء المفاسد أولى من جلب المصالح.   مسألة من المسائل التي ذكرها الشاطبي: المصالح المجتلبة شرعًا والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من حيث تُقام الحياة الدنيا للحياة الأخرى، لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية، أو درء مفاسدها العادية، والدليل على ذلك أمور: أحدها: أن الشريعة إنما جاءت لتُخرِج المكلَّفين عن دواعي أهوائهم، حتى يكونوا عبادًا لله، وهذا المعنى إذا ثبت لا يجتمع مع فرضِ أن يكون وضعُ الشريعة على وَفْق أهواء النفوس، وطلب منافعها العاجلة كيف كانت.   والثاني: أن المنافع الحاصلة للمكلَّف مَشُوبة بالمضارِّ عادةً، كما أن المضار محفوفةٌ ببعض المنافع، كما نقول: إن النفوس محترمة محفوظة ومطلوبةُ الإحياء، بحيث إذا دار الأمر بين إحيائها وإتلاف المال عليها، أو إتلافها وإحياء المال، كان إحياؤها أولى، فإنْ عارَض إحياؤها إماتةَ الدين، كان إحياء الدين أولى وإن أدَّى إلى إماتتها؛ كما جاء في جهاد الكفار، وقتل المرتد، وغير ذلك، وكما إذا عارض إحياء نفس واحدة إماتة نفوس كثيرة في المحارب مثلاً، كان إحياء النفوس الكثيرة أولى، وكذلك إذا قلنا: الأكل والشرب فيه إحياء النفوس، وفيه منفعة ظاهرة، مع أن فيه من المشاق والآلام في تحصيله ابتداءً، وفي استعماله حالاً، وفي لوازمه وتوابعه انتهاءً، كثيرًا.   ومع ذلك، فالمعتبر إنما هو الأمر الأعظم، وهو جهة المصلحة التي هي عماد الدين والدنيا، لا من حيث أهواء النفوس، حتى إن العقلاء قد اتَّفقوا على هذا النوع في الجملة، وإن لم يُدرِكوا من تفاصيلها قبل الشرع ما أتى به الشرع، فقد اتفقوا في الجملة على اعتبارِ إقامة الحياة الدنيا لها أو للآخرة؛ بحيث منعوا من اتباع جملة من أهوائهم بسبب ذلك، هذا وإن كانوا بفقد الشرع على غير شيء، فالشرع لَمَّا جاء بيَّن هذا كله، وحمل المكلَّفين عليه طَوْعًا أو كَرْهًا، ليُقِيموا أمر دنياهم لآخرتهم.   والثالث: أن المنافع والمضار عامَّتها إضافية لا حقيقية، ومعنى كونها إضافية أنها منافعُ أو مضار في حال دون حال، وبالنسبة إلى شخص دون شخص، أو وقت دون وقت؛ فالأكل والشرب مثلاً منفعة للإنسان ظاهرة، لكن عند وجود داعية الأكل، وكون المتناوَل لذيذًا طيبًا، لا كريهًا ولا مرًّا، وكونه لا يولِّد ضررًا عاجلاً ولا آجلاً، وجهةُ اكتسابه لا يلحقه به ضرر عاجل ولا آجل، ولا يلحق غيره بسببه أيضًا ضرر عاجل ولا آجل.   وهذه الأمور قلما تجتمع، فكثير من المنافع تكون ضررًا على قومٍ، لا منافع، أو تكون ضررًا في وقت أو حال، ولا تكون ضررًا في آخر، وهذا كله بيِّن في كون المصالح والمفاسد مشروعة أو ممنوعة لإقامة هذه الحياة، لا لنَيْل الشهوات، ولو كانت موضوعة لذلك لم يحصل ضرر مع متابعة الأهواء، ولكن ذلك لا يكون، فدلَّ على أن المصالح والمفاسد لا تتبع الأهواء.   والرابع: أن الأغراض في الأمر الواحد تختلف، بحيث إذا نفذ غرض بعض وهو منتفع به، تضرر آخر لمخالفة غرضه، فحصول الاختلاف في الأكثر يمنع من أن يكون وضعُ الشريعة على وَفْق الأغراض، وإنما يستتب أمرها بوضعها على وَفْق المصالح مطلقًا، وافقت الأغراضَ أو خالفتها.   القسم الثاني: قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام: أي إن الشارع قصد في أحكامه الشرعية أن تكون مفهومة للمكلَّفين؛ كي يتسنَّى لكل مكلَّف فهم المقصود من التكليف، وهذا الفهم إنما يكون إذا سلَّمنا بأمرين اثنين: الأول: أن هذه الشريعة المباركة جاءت بلسان عربي. الثاني: أن هذه الأمة المباركة أميَّة.   الفكر المقاصدي والتجديد في التشريع الإسلامي إن الحاجة اليوم إلى تجديد منهج استنباط الأحكام الشرعية ملحَّةٌ؛ ذلك أن الواقع يتطوَّر بنسق سريع، يترك الفقه الإسلامي يعيش فراغاتٍ كبيرةً لا يمكن أن تجد لها حلولاً في آراء القدامى، ولا تستوعبها المدونة الفقهيَّة الموروثة على أهميتها.   ولقد مرَّ التشريع الإسلامي بمراحلَ مختلفةٍ، وكان المنهج الأصولي يستجيبُ في كل مرحلة للتحديات الواقعية التي يواجهها المسلمون، فقد انطلق مع اجتهادات الخلفاء، خاصةً عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لكن المحطة الأولى للتدوين والتقعيد كانت مع الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة"، الذي يبدو فيه علم أصول الفقه إنتاجًا إسلاميًّا خالصًا، رغم تشتت مباحثه، مما بوَّأ الإمام الشافعي مكانةَ الواضع لعلم أصول الفقه.   وتوالت الكتابات بعده، فألف الدبوسي "تأسيس النظر"، والبصري "المعتمد في أصول الفقه"، وابن حزم "الإحكام في أصول الأحكام".   وصنف الإمام الجويني "البرهان"، وهو كتاب ضخم بدأ يظهر فيه البناء الرباعي لهذا العلم الجليل، وإمام الحرمين أبو المعالي هو "صاحب الفضل والسبق في التقسيم الثلاثي لمقاصد الشريعة (الضرورات - الحاجيات - التحسينيات)، وهذا التقسيم سيصبح من أسس الكلام في المقاصد"؛ (الريسوني، نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي).   ثم جاء تلميذه الإمام الغزالي ومثَّل المحطة الثانية المهمَّة في تاريخ علم أصول الفقه، وبَلْوَر بناءه الرباعي، فكانت شجرة الأصول بفروعها الأربعة: الثمرة، والمثمر، وطرائق الاستثمار، والمستثمِر، وتعني: الحكم، والأدلة، وطرق الاستنباط، والمجتهد.   وأضاف الغزالي مقدمةً طويلة عن المنطق لكتابه "المستصفى من علم أصول الفقه"، واشترط المنطق في كل علم، فمن لا منطق له لا ثقة بعلمه، وفي "المستصفى نظم الغزالي المقاصد بشكل أكثر إحكاما وتنقيحا"،، وقد "أصبحت هذه الخطوات التي خطاها الإمام الغزالي، وهذه المبادئ التي نقحها وحررها في مقاصد الشريعة، هي المبتدأ والمنتهى لعامة الأصوليين الذين جاؤوا بعده، حتى نصل إلى الإمام الشاطبي"؛ (الريسوني، نظرية المقاصد).   ويرى الشيخ محمد الفاضل بن عاشور وجود مرحلة بين علمي "الأصول والمقاصد"، وهي مرحلة "القواعد" و"الفروق"؛ ذلك أن البحث عن مقاصد الشريعة لا يُنتظر أن يوجد في كتب أصول الفقه؛ وإنما يوجد مبثوثًا في الأوضاع الفقهية الأولى التي كانت تبحث الحكم والعلل والمصالح، وتستند في ذلك إلى القواعد العامة؛ ذلك أن الفقهاء هم الذين اتجهوا إلى البحث عما يسمى حكمة المشروعية، وبحثوا في تحكيم المصالح، ووازنوا بين الأقوال الفقهية وما يكون منها أكثر تحقيقًا للمصالح؛ لذلك برز فن "القواعد" و"الفروق"؛ وقد برز فيه: من الشافعية العز بن عبدالسلام بكتابه: "قواعد الأحكام في مصالح الأنام". ومن المالكية شهاب الدين القرافي بكتابه: "أنوار البروق في أنواء الفروق".   وهذه الطريقة تكمنُ أهميتها في استخراج العلل، فتسمو بها إلى المراجع الكلية لتصبح قواعد جامعةً، أو فروقًا تبين نشأة الاختلاف بين المسائل، وهذا الفن سماه مالكية المغرب بعلم "الأصول القريبة".   ونحن عند البحث عن المقاصد نجد جذورَ تأصيلها في الاجتهادات الفقهية لعمر الفاروق (رضي الله عنه)، غير أن هذا الفن لم يرتفع عن النسق المذهبي، بل ساير النزعة المذهبية؛ لأنه اعتمد الفروع الفقهية داخل المذهب، وبنى منها الكليات لتكون أصولاً للمذهب، وهي طريقة تقترب من المنهج الحنفي الذي لا ينطلق من المعاني النظرية الاستدلالية، ولا يتمسَّك بالأصول المبدئية، منطلقًا للاجتهاد المطلق، وإنما يعتمد الفروع وينطلق منها.   وقد امتاز العلامة المغربي أبو عبدالله المقري بجهده في هذا المجال، فسمَا بعلم الأصول القريبة (القواعد)، ليبحث عن مبادئ كلية لا اختلاف فيها بين المذاهب، وفي نفس الإطار تندرج حركة التجديد التي قام بها شيخ الإسلام ابن تيمية، وتبعه في ذلك تلميذه ابن قيم الجوزية في "إعلام الموقعين"، وقد انبنت هذه المحاولات على نقد موضوعي منهجي لعلم الأصول؛ (راجع محاضرات للشيخ محمد الفاضل بن عاشور، بين أصول الفقه ومقاصد الشريعة).   وجاء الإمام الشاطبي ليسموَ بأصول الفقه إلى درجةِ الأمر القطعي، من خلال وضعه علمًا جديدًا هو "علم مقاصد الشريعة"، ومثَّل الإمام الشاطبي المحطة الثالثة في هذا العلم، بل يعدُّ مرحلة راقية، وإضافة نوعية في علم أصول الفقه؛ إذ كان تركيز السابقين عنه على المسائل اللُّغوية ومباحث الألفاظ والمعاني والعلل، فارتقى بها الإمام الشاطبي إلى استجلاء مقاصد الشريعة الإسلامية، وليكمل الشطر الثاني من علم أصول الفقه، وهي المقاصد التشريعية، فاهتم بأسرار الشريعة ومقاصدها (من جهة وضع الشريعة ابتداءً، ووضع الشريعة للإفهام، ووضع الشريعة للتكليف، ووضع الشريعة للامتثال)، كما وضع منهجًا لاستقراء طرق معرفة المقاصد، أو طرق الكشف عنها، والاستقراء هو استخلاص القواعد من الأحكام الجزئية.   وهو بتعريف الدكتور سعد الدين العثماني: "صياغة قاعدة عامة من تتبع حالات جزئية كثيرة، أو تجميع أدلة جزئية متعددة لا يقوى أي منها على إفادة القطع"؛ (من مقال لمجلة "الفيصل" السعودية عدد 123).   وقد ذكر الدكتور عبدالله دراز، في مقدمة كتاب "الموافقات"، أن لاستنباطِ أحكام الشريعة ركنين: أحدهما: علم لسان العرب. وثانيهما: علم أسرار الشريعة ومقاصدها.   فقال: "وقد وقف هذا الفن منذ القرن الخامس عند حدود ما تكوَّن منه في مباحث الشطر الأول، وما تجدَّد من الكتب بعد ذلك دائرٌ بين تلخيص وشرح ووضع له في قوالب مختلفة، وهكذا بقي علم الأصول فاقدًا قسمًا عظيمًا، هو شطر العلم الباحث عن أحد ركنَيْه، حتى هيَّأ الله - سبحانه وتعالى - أبا إسحاق الشاطبي في القرن الثامن الهجري، لتدارك هذا النقص وإنشاء هذه العمارة الكبرى في هذا الفراغ المترامي الأطراف في نواحي هذا العلم الجليل"؛ (مقدمة الشارح للموافقات).   وقد توسَّع الإمام الشاطبي في مقاصد الشريعة بعد أن كانت مغمورة يشار إليها في مباحث العلة في القياس، أو كانت "خبايا في بعض مسائل أصول الفقه، أو في مغمور أبوابها المهجورة... ترسب في أواخر كتب الأصول، ولا يصل إليها المؤلفون إلا عن سآمة... فبقيت ضئيلة ومنسية"؛ (ابن عاشور، مقاصد الشريعة، المقدمة).   وقد انتقل بها الإمام الشاطبي من الخبايا والإشارة، إلى الصدارة والعمارة والتأسيس، وأخرج الاجتهاد من مضايق قواعد اللغة و"العلل" الجزئية، إلى متسعات المقاصد الرحبة، بعد أن جمد العلماء على الموروث، متمسكين به، منخرطين في منهجه؛ مما أفرز توجهًا ضيقًا جمد على الفروع والمناحي الفردية، فكان الشاطبي - رحمه الله - علامةً مضيئة في تاريخ الاجتهاد، فمثَّل بجهده التجديدي إضافةً نوعية كانت فتحًا من الفتوحات المهمة في علم أصول الفقه، وقد ارتقى به من الجانب النظري إلى التأسيس "لفقه التنزيل"، خاصة من خلال طرح مسائل تحقيق المناط واعتبار مآلات الأفعال واعتبار المقاصد.   يقول الإمام الشاطبي: "النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعًا، كانت الأفعالُ موافقةً أو مخالفة؛ وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعلٍ من الأفعال الصادرة عن المكلَّفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك العمل"؛ (الموافقات).   ويقول الدكتور حسن حنفي في حديثه عن الشاطبي: "فإذا ما تَمَّت تنقية مقاصد الوحي، وتحويلها إلى مقاصد المكلف، أمكن أن يصبح الوحي نظامًا مثاليًّا للعلم من خلال فعل المكلَّف، وبالتالي تحقيق خلافة الله في الأرض من خلال المكلف، وعلى هذا النحو يكون علم أصول الفقه هو علم (التنزيل) الذي يستنبط الأحكام الشرعية ويتجه من الله إلى الإنسان، وفي هذه الحالة يكون علم أصول الفقه هو العلم الذي يعطي للمسلمين ما يحتاجون إليه في عالَمِهم هذا وفي عصرهم هذا"؛ (حسن حنفي، دراسات إسلامية).   وهكذا كان للإمام الشاطبي أثرٌ ظاهر في التأسيس لعلم المقاصد الشرعية، وكان الرائد الذي سار في طليعة العلماء ومهَّد الطريق؛ ذلك أن كشف القوانين العامة والقواعد، واستجلاء الغوامض - يرتَهِن في كل مرحلة من التاريخ بظهور الأفذاذ، وكان الشاطبي أحدهم.   يقول الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: "لقد بنى الشاطبي - حقًّا - بهذا التأليف هرمًا شامخًا للثقافة الإسلامية، استطاع أن يُشرِف منه على مسالكَ وطرقٍ لتحقيق خلود الدين وعصمته، قلَّ مَن اهتدى إليه قبلَه، فأصبح الخائضون في معاني الشريعة وأسرارها عالةً عليه، وظهرت مزية كتابه ظهورًا عجيبًا، لما أشكلت على العالم الإسلامي - عند نهضته من كبوته - أوجهُ الجمع بين أحكام الدين ومستجدات الحياة العصرية، فكان كتاب "الموافقات" للشاطبي هو المفزعَ، وإليه المرجع"؛ (ابن عاشور محمد الفاضل، أعلام الفكر الإسلامي)، وهذا ما دعا الإمام محمد عبده للاهتمام بهذا الكتاب ودعوة الطلاب لمدارسته قبل أن ينتشر الوعي بأهمية هذا المؤلف.   ونخلص من خلال كلام ابن عاشور إلى أهمية المقاصد في التجديد والنهوض الحضاري، فالمقاصد الشرعية يمكن أن تستوعب المستجدَّات المعاصرة، وتحقق الاستجابة للتحدِّيات التي تواجه المشروع الإسلامي.   واليوم يحتاج التجديدُ إلى فقهِ المقاصد "لتحويل الوحي إلى فعلٍ في العالم، وإلى حركة في التاريخ"، وذلك بتطوير الاجتهاد المقاصدي، وبَلْوَرة فقه الأولويات، وفقه الموازنات، وفقه السنن، وفقه الأقليات، وهذه كلها مما يستوجبها الدرس المقاصدي اليوم لتغطية كل نشاطات الإنسان وكل مجالات الحياة، وتوسيع الكليات، وإبراز كل المقاصد في النفس والتاريخ والاجتماع والمعرفة، وإعادة رسم المقاصد لتكون منظومةً واسعة ومستوعبة لكل التطورات؛ لأن العلم الإسلامي الحقيقي هو العلم الذي لا تتعارض فيه العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية، مع الاستفادة من مناهج هذه العلوم - طبعًا بعد تجريدها من أسسها الفلسفية الوضعية - لتبرزَ المقاصد في التفكير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، فالحاجة اليوم هي للتجديد، لا للاختصار والشرح من دون إضافة.   ويمثل مشروع الإمام محمد الطاهر بن عاشور في استنباط مقاصد شرعية قطعيةٍ لفضِّ الخلاف المستند إلى الظنيات التي تختلف فيها الأفهام - خطوةً إضافية ونوعية في سبيل الارتقاء بهذا العلم.   يقول ابن عاشور: "فنحن إذا أردنا أن نُدوِّن أصولاً قطعية للتفقُّه في الدين، حقَّ علينا أن نعمِدَ إلى مسائل أصول الفقه المتعارفة، وأن نعيد إذابتها في بوتقة التدوين، ونعيرها بمعيار النظر والنقد، فننفي عنها الأجزاء الغريبة التي علقت بها، ونضع فيها أشرف معادنِ مداركِ الفقه والنظر، ثم نعيد صَوْغ ذلك العلم ونسميه علم مقاصد الشريعة"؛ (ابن عاشور، المقاصد، المقدمة).   وكتب - رحمه الله - فصلاً بعنوان: "أدلة الشريعة اللفظية لا تستغني عن معرفة المقاصد الشرعية"، أكَّد فيه على أهمية اعتبار المقاصد التي تدلُّ عليها القرائن والأمارات الخارجة عن النص، وحمل على المتعامِلين مع النصوص بتجريدها من الدلائل التي تهدي إلى مقاصدها ومعانيها الحقيقية.   يقول ابن عاشور: "ومن هنا يقصر بعض العلماء، ويتوحَّل في خضخاض من الأغلاط حين يقصر في استنباط أحكام الشريعة على اعتصار الألفاظ، ويُوجِّه رأيه إلى اللفظ مقتنعًا به، فلا يزال يُقلِّبه ويحلله ويأمل أن يستخرج لبه، ويهمل ما قدمناه من الاستعانة بما يحف بالكلام من حافات القرائن والاصطلاحات والسياق"؛ (ابن عاشور، المقاصد، ص24).   وأمام ازدحام الواقع بالأحداث، وتسارع نسق المستجدات في مختلف مجالات تصريف شؤون المجتمع، تصبح الحاجةُ إلى منهجٍ في الاستنباط يمكن أن يستوعب هذا العصر من دون التنكر إلى ثوابت الأصل - مسألةَ ضرورةٍ؛ حتى يستعيد العقلُ الفقهي صلتَه بالواقع، ويحقق للاجتهاد الاستجابة المطلوبة للتحديات الحضارية بكل أبعادها، ويساعد على فهم العصر وتطوير المعرفة الإسلامية في النفس والاجتماع والتاريخ، على أرضية المرجعية الإسلامية، باعتبارها عنوان الانتماء للإسلام، وإلا لَمَا كانت هناك جدوى للحديث عن الاجتهاد إذا كان من خارج دائرة هذه المرجعية، مهما كانت العناوين التي يتدثَّر بها، غيرَ أن فكر المقاصد اليوم لم يتقدَّم كثيرًا عن الدعوة والمناداة بضرورة التجديد وفتح آفاق الاستنباط، ولم ينجز أصحابُه مشاريعَ تطبيقية يمكن أن تكون نموذجًا لدعوات الإمام ابن عاشور، فبقيت هذه المشاريع في طور الإضافات الجزئية والتوضيحات المنهجية داخل الجامعات الإسلامية، خاصة في بلاد المغرب، وبقي كتاب الإمام الشاطبي وابن عاشور في مقاصد الشريعة، كمقدمة ابن خلدون في فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع، ولكن البحث يراكم المعرفة، وبالمراكمة تتحقق الإضافة النوعية ويتحرَّر العقل الإسلامي الفقهي من سجن الماضي؛ لأن السجين - في زنزانته - يشعر بالماضي أكثر من الحاضر، فيُهرَع إلى الذكريات يستعيدها، والإسلام بطبيعته لا يفر من الواقع، بل يسعى إلى أسمى درجات الكمال الإنساني في الروح والمادة والعقل، ضمن منهج الاستخلاف؛ باحث وكاتب من تونس[1].   [1] - مقتطف من جريدة الشرق الأوسط الصادرة بتاريخ يوم الثلاثـاء 19 ربيـع الأول 1432 هـ 22 فبراير 2011 العدد 11774.   حمزة بن عبدالعزيز المجاطي   شبكة الالوكة
    • قسم القرآن الكريم الناس بالنسبة إلى الصلاة أربعة أقسام:   القسم الأول: من أنكر الصلاة، وجحدها، ولم يعتقد بفرضيتها، وهم الكافرون.   القسم الثاني: المنافقون الذين يراؤون في صلاتهم ولا يذكرون الله إلا قليلًا.   القسم الثالث: أقوام أهملوها وضيعوها.   القسم الرابع: هم المحافظون عليها الفائزون بثوابها.       القسم الأول: من أنكر الصلاة، وجحدها، ولم يعتقد بفرضيتها، وهم الكافرون:   قال تعالى في سورة (المدثر) حكاية عن قول أصحاب اليمين في سؤالهم الكافرين: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴾ [المدثر: 42]، فيجيب الكافرون بقولهم:   ﴿ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 43]؛ أي: لم نؤدِّ الصلاة، ولم نعتقد بفرضيتها، ﴿ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ﴾ [المدثر: 44]؛ أي: لم نكن نتصدق، ونحسن إلى الفقراء والمساكين، ﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ﴾ [المدثر: 45]؛ أي: وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغواية، والضلالة، ونقع معهم فيما لا ينبغي من الأباطيل، ﴿ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ [المدثر: 46]؛ أي: نكذب بيوم القيامة، وبالجزاء، والمعاد، ﴿ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾ [المدثر: 47]؛ أي: حتى جاءنا الموت.       ومما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب:   عن جابر قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ‌تركَ ‌الصلاة))؛ [رواه مسلم (82)].       وعند الترمذي (2618): عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((بَيْنَ الكُفْرِ وَالإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلَاةِ)).       وعند أبي داود (4678): عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَيْنَ الْعَبْدِ، وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ)).       وعَنْ عَبْداللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((‌العَهْدُ ‌الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ))؛ [رواه الترمذي (2621)].       القسم الثاني: المنافقون الذين يراؤون في صلاتهم ولا يذكرون الله إلا قليلًا:   قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142].       هذا إعلام من الله تعالى أن المنافقين لا يعملون شيئًا من الفروض إلا رياء، وإبقاء على أنفسهم، فهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى؛ إذ ليست عندهم بفرض، إنما يقومون للناس رياء؛ إذ لا يرجون ثوابًا، ولا يخافون عقابًا.       ﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾؛ أي: إلا ذكرًا قليلًا، والمعنى: أنهم يذكرون الله رياء لا ذكر مؤمن موقن بتوحيد الله عز وجل؛ فلذلك سمي قليلًا؛ إذ هو غير مقصود به الله سبحانه، وما عنده تعالى، فمن أجل هذا وُصف بالقلة، مع أنه ليس في ذكر الله عز وجل قليل، إنما قلَّ من أجل اعتقادهم لا من أجل قلة ذكرهم، قيل: إنما قلَّ لأنه كان لغير الله سبحانه.       وقال تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 4، 5].       ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ [الماعون: 5]: قيل: هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس، ويصلون في العلانية إذا حضروا معهم؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴾ [الماعون: 6]، قيل: لا يرجون لها ثوابًا إن صلوا، ولا يخافون عليها عقابًا إن تركوا، وقيل: هم الذين إذا صلوها، صلوها رياء، وإن فاتتهم لم يندموا عليها، وقيل: هم الذين لا يصلونها لمواقيتها، ولا يتمون لها ركوعها، ولا سجودها، ساهون عنها لا يبالون صلوا، أو لم يصلوا.       وفي قوله تعالى: ﴿ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ إشارة إلى أنها في المنافقين؛ ولهذا قال بعض السلف: الحمد لله الذي قال: ﴿ عَنْ صَلَاتِهِمْ ﴾، ولم يقل: فِي صَلَاتِهِمْ؛ لأنه لو قال: فِي صَلاتِهِمْ، لكانت في المؤمنين، والمؤمن قد يسهو في صلاته، والفرق بين السهوين واضح، فإن سهو المنافق سهوُ ترك، وقلة التفات إليها، فهو لا يتذكرها، ويكون مشغولًا عنها، والمؤمن إذا سها في صلاته، تداركه في الحال، وجبره بسجود السهو.           القسم الثالث: أقوام كان آباؤهم يصلون ويحسنون الصلاة، أما هم فقد أهملوها وضيعوها:   قال تعالى في سورة (مريم): ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].       وإضاعتهم الصلاة تأخيرها عن أوقاتها، وقيل: تركها، وذكر بعضهم أن هذه الآية في قوم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يكونون في آخر الزمان.       وفي صحيح البخاري (553) عن أبي المليح، قال: كنا مع بريدة في غزوة في يوم ذي غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ترك صلاة العصر فقد حبِط عمله)).       وفي صحيح البخاري (552) ومسلم (626) عن عبدالله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وُتِرَ أهله وماله)).       ويحتمل أن تكون إضاعتها الإِخلالَ باستيفاء شروطها؛ فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل المسيء صلاته: ((ارجِع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ))؛ [رواه البخاري (757)، ومسلم (397)].       وقال حذيفة رضي الله عنه لرجل يصلي، ولم يتم صلاته: ((منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال: منذ أربعين عامًا، قال: ما صليت، ولو متَّ وأنت تصلي هذه الصلاة، لمتَّ على غير فطرة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إن الرجل ليخفف الصلاة، ويتم، ويحسن))؛ [رواه النسائي (1312)].           القسم الرابع: هم المحافظون عليها الفائزون بثوابها:   قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2].       الفلاح هو السعادة، وقيل البقاء في الخير، والمفلحون الذين أدركوا ما طلبوا، ونجوا من شر ما منه هربوا.       وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المؤمنون: 9].       وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [الأنعام: 92].       وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34].       وقال تعالى: ﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 22، 23].       وجماع ما قيل في ذلك: يحافظون على مواقيت الفرض منها، ويكثرون فعل التطوع منها، ولا يلتفتون فيها.       ومن الحفاظ عليها أداؤها ولو في حالة الحرب والخوف.   قال تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [النساء: 101].       وقال تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].       وقوله: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 103] كقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200].       ومن أهم أسباب الحفاظ عليها أداؤها في جماعة.   عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة))؛ [رواه البخاري (645)، ومسلم (650)].       وعن عبدالله بن مسعود قال: ((من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيُحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يُؤتَى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصف))؛ [رواه مسلم (654)].   الشيخ نشأت كمال شبكة الالوكة
    • (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا)مريم 5 1-  “فهب لي من لدنك وليا”قبل أن تذكر حاجتك..اعترف في دعائك أنها لن تصلك تلك الحاجة إلا من قبله سبحانه.. فهذا تملق تستنزل به الإجابة / علي الفيفي 2-  “فهب لي من لدنك وليا” إذا اشتدت حاجتك .. وتقطعت دونها الأسباب .. فأكثر من “لدنك” فإن العطاءات المدهشة تحضر معها / علي الفيفي 3-  ليكن من دعائك لابنك أن ينال مقاما في الدين والأمة تأمل دعاء زكريا{ فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب} أي النبوة بعده/ محمد الربيعة 4-  ( وكانت امرأتي عاقرا..)بلغا من الكبر عتيا، وعلاقتهما الزوجية مستمرة ، ما المانع من استمرار الزواج بلا أبناء لا كما يفعله بعضهم !!!/ عايض المطيري 5-  [ وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا] اذا سدت كل المنافذ ونفضت حتى يدك من حيلتك لنفسك وتعلق الرجاء بالله وحده هنا سترى عجائبه / مها العنزي 6-  { وكانت امرأتي عَاقِرًا} { أَأَلِدُ وأنا عجوز }زكريا وإبراهيم لم تتكرر عبثاً نفس الفكرة لعلها إشارة لكل من تأخر مطلبه وانقطعت أسبابه؛ لا تيأس ! / مها العنزي 7-( وكَانتْ امْرأتِي عَاقرًا فهبْ لِي منْ لدنك ) اقْهرِ تلك الموانعَ بالتضرع في الدعاء ، ثمَّ انسفْها بحــرارة مُناجاتكَ في النداء ، منْ عاقرِ ظُروفكَ يُولدُ الأملُ ومعه الرجاء ./ عايض المطيري 8-﴿ وكانت امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنك ﴾ زكريا ذكر كل الأسباب التي تقف حائلاً أمام تحقيق أمنيته المستحيلة "بنظرة البشر" لكن مع ذلك كان يقينه بقدرت الله فوق كل هذه الأسباب، فكانت المكافئة الربانية لهذا اليقين: ﴿ يا زَكَرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَام ﴾ 9-﴿هب لي من لَّدُنك وليا﴾ الكريم إن أعطى (أدهشك وأبهرك) لم يرزق زكريا الولد فقط بل وهبه سيد ومصدق ونبي من الصالحين هذاعطاء الوهاب 10-﴿وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا﴾ الهبة تبدأ من الله، وتصل إليك، وتمر بالمخلوقات، فلا تتعلق إلا " بالأول الآخر سبحانه "   11-معنى الموالي، تفسير الشيخ الشعراوي للآية 5 من سورة مريم قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: (الموَالِي) من الولاء، وهم أقاربه من أبناء عمومته، فهم الجيل الثاني الذي سيأتي بعده، ويخاف أنْ يحملوا المنهج ودين الله من بعده؛ لأنه رأى من سلوكياتهم في الحياة عدم أهليتهم لحمْل هذه المهمة، «مِن وَرَآئِي» [مريم: 5] سبق أن أوضحنا في سورة الكهف أن كلمة وراء تأتي بمعنى: خلف، أو أمام، أو بعد، أو غير، وهنا جاءت بمعنى: من بعدي، ثم يقول: «وَكَانَتِ امرأتي عَاقِرًا» [مريم: 5] والعاقر هي التي لا تلد بطبيعتها بداية، أو صارت عاقرًا بسبب بلوغها سِنَّ اليأس مثلًا، ونحن نعلم أن التكاثر والإنجاب في الجنس البشري ينشأ من رجل وامرأة، وقد سبق أنْ وصفَ زكريا حاله من الضعف والكبر، ثم يخبر عن زوجته بأنها عاقرٌ لا تلد، إذن: فأسباب الإنجاب جميعها مُعطلَّة. وقوله: «وَكَانَتِ امرأتي عَاقِرًا» [مريم: 5] أي: هي بطبيعتها عاقر، وهذا أمر مصاحب لها ليس طارئًا عليها، فلم يسبق لها الإنجاب قبل ذلك، ثم يقول: «فَهَبْ لِي» [مريم: 5] والهِبَة هي العطاء بلا مقابل، فالأسباب هنا مُعطَّلة، والمقدمات تقول: لا يوجد إنجاب؛ لذلك لم يقُلْ مثلًا: أعطني؛ لأن العطاء قد يكون عن مقابل، أما في هذه الحالة فالعطاء بلا مقابل وبلا مقدمات، فكأنه قال: يارب إنْ كنتَ ستعطيني الولد فهو هِبَة منك لا أملك أسبابها؛ لذلك قال في آية أخرى عن إبراهيم عليه السلام: «الحمد للَّهِ الذي وَهَبَ لِي عَلَى الكبر إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ»   ولنا وَقْفة ومَلْحظ في قوله تعالى: «عَلَى الكبر» [إبراهيم: 39] حيث قال المفسرون: (على) هنا بمعنى (مع) و(على) ثلاثة أحرف و(مع) حرفان، فلماذا عدل الحق تبارك وتعالى عن الخفيف إلى الثقيل؟ لابد أن وراء هذه اللفظ إضافةً جديدة، وهي أن (مع) تفيد المعية فقط، أما (على) فتفيد المعية والاستعلاء، فكأنه قال: إن الكِبَر يا رب يقتضي ألاَّ يوجد الولد، لكن طلاقة قدرتك أعلى من الكِبَر، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: «وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ»  كأن الظلم يقتضي أن يُعاقبوا، لكن رحمة الله بهم ومغفرته لهم عَلَتْ على استحقاق العقاب، وقوله: «مِن لَّدُنْكَ» [مريم: 5] أي: من عندك أنت لا بالأسباب (وَلِيًا) أي: ولدًا صالحًا يليني في حَمْل أمانة تبليغ منهجك إلى الناس لِتسْلَم لهم حركة الحياة.    
    • فقه الابتلاء بالضراء للمُكلفين يتكون من سبع أركان:   الركن الأول: سبب الابتلاء الرئيسي والغالب هو الذنوب والخطايا وقيل أن سبب الابتلاء الرئيسي للمكلفين هو الاختبار من الله جل جلاله واستدلوا بقوله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) ولا منافاة بين كون الابتلاء بسبب الذنوب وفي ذات الوقت يكون اختباراً من الله سبحانه لا سيما وأن أكثر بني آدم مسرفين على أنفسهم بالذنوب والخطايا , وقد قال الله تعالى في شأن الذنوب وآثارها {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠].وهذه القاعدة القرآنية المحكمة تكررت بلفظ قريب في عدد من المواضع، كما تكرر معناها في مواضع أخرى.فمن نظائرها اللفظية المقاربة قول الله عز وجل: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ١٦٥]، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩]، ويقول عز وجل: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ... } [القصص: ٤٧].   وأما الآيات التي وردت في تقرير هذا المعنى فكثيرة جداً، ومن ذلك قوله سبحانه: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: ٥٩]، وكقوله عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: ٤١]، وقال جل وعلا: {وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (١٨١) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران: ١٨١، ١٨٢] في ثلاث مواضع من كتاب الله عز وجل. ويقول سبحانه: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: ٣٦]،   يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ملخصاً ما دلت عليه هذه الآيات الكريمة بتلخيص العالم المتتبع المستقرئ لنصوص القرآن الكريم، يقول رحمه الله: "والقرآن يبين في غير موضع: أن الله لم يهلك أحداً ولم يعذبه إلا بذنب". وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآيات الكريمة دلت عليه أيضاً نصوص من الوحي الآخر، ألا وهو السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبى ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث القدسي العظيم ـ الذي يرويه عن ربه تعالى قال الله عز وجل: "إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلوم إلا نفسه" وفى صحيح البخاري من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ... الحديث" وفى الصحيحين لما سأل أبو بكر - رضي الله عنه - النبيَّ صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته، قال له عليه الصلاة والسلام: "قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" فتأمل ـ أيها القاراء الكريم ـ تأمل في هذه الأحاديث جيداً! فَمَنْ هو السائل؟ ومَنْ هو المجيب؟ أما السائل فهو أبو بكر الصديق الأكبر الذي شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة في مواضع متعددة، وأما المجيب فهو الرسول الناصح المشفق صلوات الله وسلامه عليه! ومع هذا يطلب منه عليه الصلاة والسلام أن يعترف بذنوبه، وظلمه الكبير والكثير، ويسأل ربه مغفرة ذلك والعفو عنه، والسؤال هنا ـ أيها القاراء الكريم ـ مَنْ الناس بعد أبي بكر رضي الله عنه؟ بل ويقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ) , ويقول جل ذكره في موضع آخر (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) , فمن نحن بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا على مذهب من يفسر الآية على ظاهرها وأن الأنبياء غير معصومين من صغائر الذنوب ولكن لا يُقرون عليها.إذا تقررت هذه الحقيقة الشرعية ـ وهي أن الذنوب سببٌ للعقوبات العامة والخاصة ـ فحري بالعاقل أن يبدأ بنفسه، فيفتش عن مناطق الزلل فيه، وأن يسأل ربه أن يهديه   ما الذي أغرق أهل الأرض كلهم؟ حتى علا الماء فوق رأس الجبال، وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض، كأنهم أعجاز نخل خاوية؟ ودمرت ما مرَّ عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم؟ حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟ فالغالب هو الذنوب والخطايا كما ذكرنا لكن ليس من لازم الابتلاء الوقوع في ذنوب لا يُكفرها إلا الابتلاء فقد يكون للابتلاء أسباب أخرى كما هو حال ابتلاء الأنبياء عليهم السلام وقد قيل أن سبب الابتلاء الرئيسي.     الركن الثاني: وجوب اعتقاد أن كل قضاء للمؤمن هو خيرٌ له وإن كان ظاهره الشر: فإنه قد ثبت في الصحيح (أن الله تعالى لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).     الركن الثالث:  مقاصد الابتلاء للمُكلفين ستة وهي ما يلي:   اعلم أولاً أن كل ابتلاء من الله بلا استثناء لا يخلو من حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها ولكن قد استنبط أهل العلم بعض مقاصد الابتلاء من خلال كتاب الله وسنة نبيه فتارة يكون:   ١/ لتكفير الخطايا، ومحو السيئات فيُعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب فتكون في حقه كفارة وعقوبة مخففة ظاهرها القسوة وباطنها الرحمة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر" رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وحسنه السيوطي.، وكما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه" رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده أو في ماله أو في ولده حتى يلقى الله سبحانه وما عليه خطيئة) رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة.وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من يُرد الله به خيراً يُصب منه)). ولذلك؛ فالمؤمن ينظر إلى الابتلاء أنه نعمة ورحمة من اللَّه على عباده، يتعهدهم بالابتلاء المرة بعد المرة؛ لينقيهم، ويطهرهم، ويذهب عنهم رجز الشيطان، ويربط على قلوبهم، ويُثبَت به الأقدام, وكذلك ينظر إليه أنه دليل رضى ومحبة من اللَّه لعباده؛ فإن اللَّه إذا أحب عبداً ابتلاه، لا لحبه لابتلاء عبده بل لما في هذا الابتلاء من عواقب حميدة قد يجهلها العبد نفسه , وكلما صلب إيمان المرء وقوي يقينه؛ اشتد بلاؤه، فمن رضي؛ فله الرضى، والعكس بالعكس, وهنا معلومة مهمة وهو أن الابتلاء وإن كان لتكفير الخطايا، ومحو السيئات إلا أنه مُتضمَن لرفع الدرجات بطريق اللزوم.   ٢/ وتارة يكون لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات، كما قال عليه الصلاة والسلام: إذا سَبَقَتْ للعبدِ من الله مَنْزِلَة لم يَبْلُغْهَا بِعَمَلِه ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده، ثم صَبَّرَه حتى يُبَلِّغَه المنْزلة التي سَبَقَتْ له منه. رواه الإمام أحمد.   وكما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل ... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" رواه البخاري. قال العلماء: يُبتلى الأنبياء لتُضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيُقتدى بهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً. انتهى. وبعض الناس يظن أن هذا الذي يُصاب بالأمراض ونحوها مغضوب عليه وليس الأمر كذلك فإنه قد يُبتلى بالمرض والمصائب من هو من أعز الناس عند الله وأحبهم إليه كالأنبياء والرسل وغيرهم من الصالحين كما تقدم , وكما حصل لنبينا صلى الله عليه وسلم في مكة وفي يوم أحد وغزوة الأحزاب وعند موته صلى الله عليه وسلم وكما حصل لنبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام، ولنبي الله يونس عليه الصلاة والسلام، وذلك ليرفع شأنهم ويعظم أجورهم وليكونوا أسوة صالحة للمبتلين بعدهم.     ٣/ وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، فلا بد أن يمتحن اللَّه أهل الإيمان ويبتليهم حتى يميز الصادق من الكاذب، هذا وإن كان الله يعلم من هم أهل الإيمان ومن هم أهل الكفر والنفاق قبل أن يخلق الخلق سبحانه ولكن ليُقيم الحجة على الخلق , ولذلك اقتضت حكمة اللَّه -تعالى- البالغة أن نَصَبَ الابتلاء سبباً مُفضياً إلى تمييز الخبيث من الطيب، والشقي من السعيد، ومن يصلح مما لا يصلح.قال تعالى: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب} [آل عمران: ١٧٩] , ويخلص الصادق من الوهن البشري الذي لا تسلم منه نفس بشرية؛ فتسمو همته فوق الألم فيدرك أنه جسر إلى المعالي.لا تحْسبنّ المجد تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبراويُبتلى المرء على قدر دينه، كلما اشتد إيمانه عظم ابتلاؤه، حتى يخلص من شرور نفسه وسيئات أعماله، ويطهر طيب نفسه بكير الامتحان؛ كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بكير النيران وقال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت:٢ - ٣]. فيبتلي الله عباده ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليُعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين , وإذا قلنا بأن الابتلاء يكون أحياناً اختباراً يُعرف به الصابرون ويتميزون عن غيرهم، فليس معناه أن الله تعالى يجهل حال هؤلاء المُبتلين -حاشاه من ذلك- وإنما معناه أن يظهر على المرء لنفسه ولغيره من بني جنسه ما هو عليه من رضا بقضاء الله فيُثاب على ذلك، أو من سخط لذلك فيُحاسب أي على حسب ما ظهر منه.٤/ وتارة يقع البلاء بالمؤمن رحمة به وحمايه   .٤/ وتارة يقع البلاء بالمؤمن رحمة به وحماية له من أضرار الدنيا وفتنها, فالله تعالى قد يمنع عبده الدنيا رحمة به وحماية له من أضرارها كما يحمي الناس بعض المرضى من الماء إذا كان يضر بهم، ففي الحديث: إذا أحب الله عبدًا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي والألباني.   ٥/ وتارة يقع البلاء بالمؤمن لتنبيه العبد وتوجيهه ومن ذلك قوله تعالى (وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).   ٦/ وتارة يقع البلاء بالمؤمن للتمكين والإمامة فى الأرض ومن ذلك قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذالِكُمْ بَلاءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ) وكان عاقبة هذا البلاء العظيم (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَأَىئِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) وكذلك قوله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ).     الركن الرابع:  ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة:   روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى  ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.قال ابن حجر العسقلاني: والأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حصول المصيبة، وأما الصبر والرضا فقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة، قال القرافي: المصائب كفارات جزماً سواء اقترن بها الرضا أم لا، لكن إن اقترن بها الرضا عظم التكفير وإلا قلّ، كذا قال، والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها، وبالرضا يؤجر على ذلك، فإن لم يكن للمصاب ذنب عُِّوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه ..... انتهى فتح الباري.     الركن الخامس:  للتمييز بين العقوبة والابتلاء لرفعة الدرجة في حق المؤمن:   إن كان العبد قائماً بأمر الله، متمسكاً بشرعه، مستقيماً على دينه، فنرجو أن يكون ما أصابه من مصائب رفعة له في الدرجات، ومُثقلاً لموازين حسناته , وأما إن كان العبد مُقيماً على معصية الله، مُفرطاً في دينه، لاهياً عابثاً، فقد تكون المصائب والآفات التي يُبتلى بها تنبيهاً له من الله ليتوب ويرجع قبل فوات الأوان، وقد تكون عقوبة له في الدنيا نظير ظلمه لنفسه , وكل ما سبق لا نقطع به، ولكن نستشرفه من قرائن الأحوال.هذا، وإن الواجب على العبد أن إذا أصيب بمصيبة أن يقابلها بالصبر الجميل، فلا يسخط ولا يجزع؛ فإنه غانم على جميع الاحتمالات إن هو صبر واحتسب، فماينزل بالعبد من مصائب وآلام وأحزان، مما يكفر به من سيئاته، فهي رحمة من الله تعالى به، سواء كانت عقوبة على ذنب، أو كانت ابتلاء لرفع الدرجات، فقد روى أحمد والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال):إذا أراد الله بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة). وللحديث قصة مثبتة في رواية أحمد عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: أن رجلاً لقي امرأة بغياً في الجاهلية، فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها فقالت المرأة: مه، فإن الله عز وجل قد ذهب بالشرك، -وفي رواية ذهب بالجاهلية- وجاءنا بالإسلام، فولى الرجل، فأصاب وجهه الحائط فشجه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: أنت عبد أراد الله بك خيراً، إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً ..... الحديث.ومجيء المصيبة عقب الذنب دليل على أنها عقوبة، كما في الحديث السابق.لكن ما أكثر الذنوب التي يقترفها العبد وهو لا يشعر بخطرها وشناعتها، ومن هذا الذي لا ينفك عن ذنب ظاهراً أو باطناً، سراً أو علانية، كبيراً أو صغيراً؟ولا ينبغي للعبد أن يُحسن الظن بنفسه، فيراها نقية من الذنوب، ثم يتوهم أن ما نزل به هو بلاء لم يترتب على ذنب، وخاصةً أنه ليس من فائدة تعود على الإنسان إذا ميز بين العقوبة والابتلاء، فهو مأمور بالصبر في الحالين، مع تكفير سيئاته وكونه ممن أراد الله بهم الخير أيضاً.وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يُشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.     الركن السادس: ابتلاء الله لخلقه بالسراء والنعماء ليس دليلاً على محبته إياهم كما أن ابتلاءهم بالضراء والمصائب ليس دليلاً على بغضه لهم: إن كثيراً من الناس يقعون في خطأ كبير عندما يجري عليهم قدر الله عز وجل بشيء من العطاء أو بشيء من المنع؛ فإذا وسع الله على أحدهم في رزقه، أو أكرمه الله في تجارته، أو وفقه في دراسته، أو يسر له الزواج بمن يريد، أو أعطاه من الذرية ما يشاء، أو حفظه من مكروه، حسب أن هذا دليل إكرام من الله عز وجل، بل دليل حب منه سبحانه وتعالى له، ومن العجيب أن مِن هؤلاء مَن قد يكون من المسرفين على أنفسهم الظالمين لها بترك ما أمر الله وركوب ما نهى عنه من الشرور والمعاصي، ومع ذلك نجده يقول: لو لم يحبني لما أعطاني كذا وكذا، لو لم يحبني لما جنبني كذا وكذا!وفي المقابل نجد من الناس من إذا تعرض لما يسوؤه؛ من خسارة أو مرض أو فقد حبيب وما أشبه ذلك، اسودت الدنيا في عينه وأرجع هذا الأمر لعدم محبة الله سبحانه وتعالى له، وأنه لو كان يحبه لما فعل به ما فعل، مع أن مِن هؤلاء مَن قد يكون من الطيبين الحافظين لحدود الله جل وعلا المقيمين على طاعته والمجانبين لمعصيته!ولا شك أن كلا الموقفين يدل على جهل ببعض ما جاء به هذا الشرع الحنيف، وجهل بحقيقة هذه الدنيا، وبحقيقة محبة الله لعباده وآثارها.   إن اعتقاد هؤلاء الناس كان يمكن أن يكون صحيحاً لو أن الله سبحانه وتعالى جعل هذه الدنيا دار جزاء وحساب، لكنها ليست كذلك، بل هي دار ابتلاء واختبار، قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: ٧]، وبين سبحانه أن هذا الاختبار يكون بالشر والخير جميعاً، قال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: ٣٥].إن اعتقاد هؤلاء الناس كان يُمكن أن يكون صحيحاً لو أن الله جعل متاع الدنيا لأحبائه المؤمنين خاصة دون غيرهم من عباده، لكن الأمر ليس كذلك، قال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء: ٢٠]،   قال ابن الجوزي: (قال المفسرون: كُلاًّ نعطي من الدنيا، البَرَّ والفاجرَ، والعطاء هاهنا: الرزق، والمحظور: الممنوع، والمعنى: أن الرزق يعم المؤمن والكافر، والآخرة للمتقين خاصة).إن اعتقاد هؤلاء الناس كان يُمكن أن يكون صحيحاً لو كان لمتاع الدنيا قيمة حقيقية عند الله، لكنه ليس كذلك، قال تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: ٧٧]،   وقال صلى الله عليه سلم: "لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء". بل إنه قد ثبت أن أشد الناس بلاءً هم أولياؤه وأحباؤه من النبيين والصالحين، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله من أشد الناس بلاءً؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتَلى العبد على حسب دينه، فما يبرح بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"، ولهذا كان الصالحون يخشون على أنفسهم إذا مر عليهم زمن لم يتعرضوا فيه للابتلاء في أنفسهم أو أهليهم أو أموالهم وغير ذلك , هذا مع أن المؤمن مُطالب بسؤال الله العفو والعافية وكما قيل السلامة لا يعدلها شاء لكن لو ابتُلي فليصبر مُستعيناً بربه.     الركن السابع: فقه التعامل مع أقدار الله الشاملة للسراء والضراء ما يلي: يقول أهل العلم من علامات السعادة أن المسلم إذا أُنعم عليه شكر وإذا ابتُلي صبر وإذا أذنب استغفر, فعلى المؤمن أن يصبر على كل ما يُصيبه من مصائب وبلايا لينال أجر الصابرين الشاكرين، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم. فالمؤمن الذي تُصيبه السراء والنعمة فيشكر ربه فله العاقبة الحسنة، وذلك لأن الله يحب الشاكرين، ويزيدهم من نعمه، قال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم:٧]. والمؤمن الذي يصبر على الضراء ينال أجر الصابرين، كما قال تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:١٥٥ - ١٥٧].وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من يصبر على فقد (موت) ولده ولا يجزع، بل يسترجع، ويحمد الله، أن الله يبني له بيتاً في الجنة جزاءً على صبره وشكره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة، وسموه بيت الحمد" رواه الترمذي، وقال حديث حسن.ومعنى استرجع: قال: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) فعلى المؤمن أن يقول ذلك إذا أصابته مصيبة من المصائب، وعليه أن يرجع إلى الله، وأن يكثر من ذكره ومن الصلاة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر يفزع إلى الصلاة.ومعنى حزبه: أي نزل به أمر مهم.         من كتاب كتاب: فقه الابتلاء, وأقدار الله المؤلمة
      المؤلف: أبو فيصل البدراني   رابط الموضوع   https://shamela.ws/book/96250/25
       
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182437
    • إجمالي المشاركات
      2535936
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93285
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    خلود محمد متولي
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×