المنتديات
-
"أهل القرآن"
-
ساحة القرآن الكريم العامة
مواضيع عامة تتعلق بالقرآن الكريم
المشرفات: الملتزمة المتفائلة, ام جومانا وجنى- 57406
- مشاركات
-
ساحات تحفيظ القرآن الكريم
ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]- 109817
- مشاركات
-
ساحة التجويد
ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح
- 9066
- مشاركات
-
-
القسم العام
-
الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"
للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة
المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات- 284
- مشاركات
-
- 180535
- مشاركات
-
شموخٌ رغم الجراح
من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.
المشرفات: مُقصرة دومًا- 56695
- مشاركات
- المقاومة جهاد
- بواسطة أمّ عبد الله
-
- 259983
- مشاركات
-
شكاوى واقتراحات
لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره
- 23500
- مشاركات
-
-
فتياتنا الجميلات
-
- 204494
- مشاركات
- ♥♥ زخــات الحب ♥♥
- بواسطة حواء أم هالة
-
- 117096
- مشاركات
- صويحباتي
- بواسطة أمّ عبد الله
-
- 136895
- مشاركات
-
- 20372
- مشاركات
- مذكرة فتاة مسلمة
- بواسطة مناهل ام الخير
-
-
ميراث الأنبياء
-
قبس من نور النبوة
ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها
المشرفات: سدرة المُنتهى 87- 8247
- مشاركات
-
مجلس طالبات العلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"
المشرفات: جمانة راجح, ميرفت ابو القاسم- 32133
- مشاركات
-
- 4162
- مشاركات
- أسئلة نحوية (2)
- بواسطة امانى يسرى محمد
-
أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة
يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم
المشرفات: إشراف ساحة الأحاديث الضعيفة- 3918
- مشاركات
-
- 25483
- مشاركات
-
- 1677
- مشاركات
-
-
الملتقى الشرعي
-
- 30256
- مشاركات
-
الساحة العقدية والفقهية
لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.
المشرفات: أرشيف الفتاوى- 53000
- مشاركات
-
أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية
يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية
المشرفات: أرشيف الفتاوى- 19530
- مشاركات
-
- 6678
- مشاركات
-
-
قسم الاستشارات
-
استشارات اجتماعية وإيمانية
لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية
المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات- 40679
- مشاركات
-
- 47551
- مشاركات
- كتلة مشتبه بها في الثدي
- بواسطة Nibras
-
-
داعيات إلى الهدى
-
زاد الداعية
لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.
المشرفات: جمانة راجح- 21004
- مشاركات
- أهم صفات الداعية
- بواسطة أمّ عبد الله
-
إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية
إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.
- 776
- مشاركات
-
-
البيت السعيد
-
بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]
المشرفات: جمانة راجح- 6306
- مشاركات
-
- 97009
- مشاركات
- عاشروهن بالمعروف
- بواسطة أمّ عبد الله
-
آمال المستقبل
"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء
المشرفات: ~ محبة صحبة الأخيار~- 36838
- مشاركات
-
-
سير وقصص ومواعظ
-
- 31794
- مشاركات
- أسعار ثلاجات العرض
- بواسطة hanaali
-
القصص القرآني
"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"
المشرفات: ** الفقيرة الى الله **- 4883
- مشاركات
-
- 16438
- مشاركات
-
سيرة الصحابة والسلف الصالح
ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."
المشرفات: سدرة المُنتهى 87- 15479
- مشاركات
-
على طريق التوبة
يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.
المشرفات: أمل الأمّة- 29721
- مشاركات
-
-
العلم والإيمان
-
العبادة المنسية
"وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس
- 31147
- مشاركات
-
- 12926
- مشاركات
-
-
إن من البيان لسحرًا
-
- 50492
- مشاركات
- صفو الاكدار
- بواسطة أسما المشد
-
-
مملكتكِ الجميلة
-
- 41313
- مشاركات
-
منزلكِ الجميل
تصاميم.. لمسات تجميلية.. نصائح.. متعلقة بمنزلكِ
- 33893
- مشاركات
-
الطيّبات
- الأطباق الرئيسية
- قسم الحلويات
- قسم المقبلات
- قسم المعجنات والمخبوزات
- منتدى الصحة والرشاقة
- تطبيقات الطيبات
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
[البقرة : 172]- 91746
- مشاركات
-
-
كمبيوتر وتقنيات
-
- 32199
- مشاركات
-
جوالات واتصالات
قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة
- 13117
- مشاركات
-
- 34854
- مشاركات
- تصميم مواقع
- بواسطة Hannan Ali
-
- 65605
- مشاركات
-
وميضُ ضوء
صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا
المشرفات: محبة للجنان, ** الفقيرة الى الله **- 6120
- مشاركات
-
الفلاشات
- || لَوْحَہٌ مِنْ اِبْدَاعِے ||
- || سَاحَہ الفلاَشْ اَلْتَعْلِيمِيَہْ ||
- || حَقِيَبہُ الْمُصَمِمَہْ ||
ساحة خاصة بأفلام الفلاشات
المشرفات: محبة للجنان, مُقصرة دومًا- 8966
- مشاركات
-
المصممة الداعية
يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات
- 4925
- مشاركات
-
-
ورشة عمل المحاضرات المفرغة
-
ورشة التفريغ
هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)
- 12904
- مشاركات
-
المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة
هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها
- 508
- مشاركات
-
-
le forum francais
-
- 7177
- مشاركات
-
-
IslamWay Sisters
-
English forums (37243 زيارات علي هذا الرابط)
Several English forums
-
-
المكررات
-
المواضيع المكررة
تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.
- 101648
- مشاركات
-
-
المتواجدات الآن 0 عضوات, 0 مجهول, 33 زوار (القائمه الكامله)
لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن
-
العضوات المتواجدات اليوم
2 عضوات تواجدن خلال ال 24 ساعة الماضية
أكثر عدد لتواجد العضوات كان 7، وتحقق
إعلانات
- تنبيه بخصوص الصور الرسومية + وضع عناوين البريد
- يُمنع وضع الأناشيد المصورة "الفيديو كليب"
- فتح باب التسجيل في مشروع "أنوار الإيمان"
- القصص المكررة
- إيقاف الرسائل الخاصة نهائيًا [مع إتاحة مراسلة المشرفات]
- تنبيه بخصوص المواضيع المثيرة بالساحة
- الأمانة في النقل، هل تراعينها؟
- ضوابط و قوانين المشاركة في المنتدى
- تنبيه بخصوص الأسئلة والاستشارات
- قرار بخصوص مواضيع الدردشة
- يُمنع نشر روابط اليوتيوب
-
أحدث المشاركات
-
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
تفسير الشيخ الشعراوي (وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ )١٧ (ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ )١٨-الزمر كلمة الطاغوت مبالغة من طاغٍ، والطاغوت هو الظالم الذي يزيده احترام الناس لظلمه، أو خوفهم منه يزيده ظلماً وغطرسة، والطاغوت لا بدّ أنْ يكون له توجيه وتعالٍ، لذلك لا يقال للأصنام طواغيت، لأنها لا تعلو بذاتها، وليس لها توجيهات، إنما يعلو بها عُبَّادها، إذن: الطاغوت لا يكون إلا من البشر، ولو كان حاكمين فقط، وإلا فما وَجْه الطغيان في الأصنام؟ الأصنام لا قالت ولا ظلمت.
وفي المثل الريفي يقولون: (يا فرعون إيه فرعنك؟ قال: ملقيتش حد يردني) إذن: لو وقف الناس في وجهه، ولو ردوا ألوهيته عندما ألَّه نفسه لارتدع عن هذا.
ورحم الله أحمد الزين، ففي عهد الملك أرادوا وحدة وطنية تجمع كل الأحزاب تجتمع بالملك ليفكروا في حَلِّ مشاكل البلد، ودَعَوا لذلك مصطفى النحاس، لكنه لم يذهب، فلما سأله أتباعه: لماذا لم تذهب لهذا الاجتماع؟ قال: لأني سأكون فيه أقلية. يعني: لكثرة الموجودين، فأخذ أحمد الزين هذا الموقف، وقال فيه قصيدة أراد أنْ يغمز فيها الملك، فقال: كُلُّهم بالهَوَى يُمجِّدُ دِينَهُ أَلْف مُفْتٍ ومالكٌ بالمدينَه
كَمْ رئيس لَوْلاَ القَوانينُ تَحْمِي جَهْلَهُ كانَ طرده قَانُونهْ
ذُو جُنُونٍ وَزَادَ فِيهِ جُنُوناً أنْ يَرىَ عَاقِلاً يُطِيعُ جُنُونَهُ فالطاغوت ما صار طاغوتاً إلا لأن الناسَ خافوه ولم يَرُدُّوا طغيانه، ولم يجابهوه، بل وافقوه وداهنوه، فاستشرى به الطغيان.
البعض يرى أن الطاغوت كل ما عُبد من دون الله، لكن ينبغي أنْ نضيفَ إلى ذلك: وهو رَاضٍ بهذه العبادة، وبناءً على هذا التعريف لا تُعَدُّ الأصنامُ طواغيتَ، ولا يُعَدُّ عيسى - عليه السلام - طاغوتاً، ولا يُعَدُّ أولياءُ الله طواغيتَ كما يدَّعي البعض؛ لأن الناس فُتِنَوا فيهم، ولا ذنب لهم في ذلك.
وقوله: { وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ .. } [الزمر: 17] أي: رجعوا إلى عبادته وحده لا شريك له { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } [الزمر: 17] أي: بالجنة لأنهم وقفوا في وجه الطغيان، وردُّوا الظلم ولم يقبلوه، والله تعالى يريد من المجتمع المسلم أنْ يقف في وجه كل طاغية، وأن يُعدِّل سلوك كل منحرف، وأنْ يقاطع أهل الفساد ويعزلهم عن المجتمع وحركة الحياة فيه.
ومثَّلنا لذلك بالفتوة الذي يحمل السلاح ويهدد الناس في نفوسهم وفي أرزاقهم وأعراضهم، بل ومنهم مَنْ يتحدى القانون والسلطة والنظام، إنه ما وصل إلى هذه الدرجة إلا لأن المجتمع تخلى عن دوره في الإصلاح والتصدي لأهل الشر.
قبل أن أبدأ لقائي في هذه الحلقة أذكر أنه وصلني كتاب اليوم من أحد الإخوان يطلب مني أولاً أن أذكر له القصيدة التي قيلت في قنوت الليل، وأنا لا أقول مَنْ قالها، وإنما أحيله إلى رجل حجة في هذا الباب، هو الدكتور محمد عبد المنعم خفاجة عميد كلية اللغة العربية سابقاً، وحجة رابطة الأدب في مصر.
وسأل أيضاً عن اختلاف العلماء في تحديد الليل والنهار اختلافاً ينفي بعض الليل من النهار، وينفي بعض النهار من الليل، وأقول وبالله التوفيق: إن اختلاف الناس في الليل والنهار اختلاف بين الشرعيين والفلكيين، فالشرعيون يروْنَ أن الليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، والفلكيون يقولون: إن الليل يبدأ من غروب الشمس إلى شروق الشمس.
إذن: فهناك فترة مختلف عليها، وهي من الفجر إلى الشروق، فالذين نظروا إلى أنها ليستْ من الليل هم الشرعيون، وذلك لأن المراد في احتياط الصوم ألاَّ يجور الإنسان على شيء من الليل، يدخل فيه شيئاً من النهار فاحتاطوا لذلك.
ووجه الاحتياط أن الشرعي نظر إلى النور الذي يبدو عند طلوع الفجر، ولم ينظر إلى سبب النور وهو الشمس، فنحن نرى نوراً قبل أن تطلع الشمس.
أما الفلكي فينظر إلى وجود النور، هذا النور يكون من علامة الليل. الشرعي قال: لا ففرقٌ بين النور يظهر وبين المنوِّر، لأن نور الفجر إلى الشروق نور لا نرى فيه الشمس، وهو مرتبط بغروب الشمس وشروقها، والليل يقال فيه: ليل ألْيَل أو ليلة لَيْلاء يعني شديدة الظلمة وهي حينما يكون القمر في المحاق، أو يقال ليلة ليلاء. يعني: فيها تعب ومشقة.
وقد جعل المحِبُّون من الليل مراحاً ومَغْدى لشعرهم، فإن كانوا مع الأحبة تمنَّوْا أنْ يطول الليل، وإنْ فارقوا الأحبة تمنَّوْا أنْ يقصرَ الليلُ.
ومن ذلك قول الشاعر طَالَ لَيْلِي وَلَمْ أَنَمْ وَنَفَى عَنِّي الكَرَى طَيْفٌ أَلَمّ وقال آخر لما اجتمع شمله بمَنْ يحب: يَا لَيْلُ طُلْ يَا نوْم زُلْ يَا صُبْح قفْ لاَ تَطْلُعْ والآخر جمع الحالين معاً، أظنه البحتري حين قال: وَدَّعَ الصّبْرَ مُحِبٌّ ودَّعَكَ ذائعٌ مِنْ سِرِّه مَا اسْتَوْدَعَكْ
يَقْرَعُ السِّنَّ علَى أنْ لَمْ يكُنْ زَادَ فِي تِلْكَ الخُطَى إذْ شيَّعَكْ
يَا أخَا البَدْر سَناءً وَسَنا حفظ اللهُ زَمَاناً أطلعَكْ
إنْ يطُلْ بَعدَكَ لَيْلِي فَلَكَمْ بِتّ أشْكُو قِصَرَ الليْلِ مَعَكْ والليل يقابله النهار، لذلك يقول سبحانه: { { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ } [القصص: 71-72].
فجعل الليل مقابل النهار، وتلحظ هنا دقَّة الأداء القرآني، لأن المتكلم رب والأداء أداء إلهي، فلما تكلم عن الليل ذيَّل الكلام بقوله: { { أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } [القصص: 71] ولما تكلم عن النهار ذيَّل الكلام بقول: { { أَفلاَ تُبْصِرُونَ } [القصص: 72] ذلك لأن السمع وسيلة الإدراك بالليل حيث لا رؤية، أما في النهار فالبصر.
وقد اضطر العلماء إلى البحث في علاقة اليوم بالليل والنهار، فقالوا: الحق يقول: { { سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ } [سبأ: 18].
فجعل سبحانه اليوم مقابل النهار، لكن يوم الفلكيين غير هذا، فاليوم عندهم لا يُحسب إلا من وقت إلى مثله في القادم، يعني: إنْ بدأت من العصر فاليوم إلى العصر القادم. ويقولون في التوقيت: صباحاً ومساءً، فلو استيقظتُ مثلاً للسحور الساعة الثانية بعد منتصف الليل أقول: تسحرت الساعة الثانية صباحاً، مع أنني ما زلتُ في الليل، وبالعكس أقول في النهار: الساعة الخامسة مساءً، مع أنني ما زلتُ في النهار، هذا كله من اختلاف الفلكيين والشرعيين.
ولكن اليوم اخْتُلف في مدلوله في كثير من المواضع، فالحق سبحانه يقول في كتابه: { { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً } [المائدة: 3] فأطلق اليوم على أيِّ لحظة من لحظاته.
وقال سبحانه: { { وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ ٱللَّهِ } [إبراهيم: 5] والمراد بأيام الله الأيام التي تُنسب إليها الأحداث، سواء أكانت نعمة أو نقمة، نقول مثلاً يوم بدر، وكان يوم بدر نعمة للمؤمنين ونقمةً على الكافرين. وإلى هنا انتهت الإجابة على سؤال الأخ السائل، ونعود إلى ما كنا بصدد الحديث عنه من قوله سبحانه: { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا .. } [الزمر: 17].
قلنا: الطاغوت هو الذي يطغى، ويبارك الناسُ طغيانه، ولا يصدونه عنه، والطاغوت جاءت هنا مُؤنَّثة بدليل { أَن يَعْبُدُوهَا .. } [الزمر: 17]، وفي موضع آخر جاء بصيغة المذكر في قوله تعالى: { { يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ .. } [النساء: 60].
وكلمة الطاغوت من الكلمات التي تُطلق على: المفرد والمثنى والجمع مُذكَّراً ومُؤنَّثا، فنقول: هذا رجل طاغوت، وهذه امرأة طاغوت، وهذان طاغوت، وهؤلاء طاغوت. وهي هنا للجمع، بدليل قوله تعالى: { أَن يَعْبُدُوهَا .. } [الزمر: 17] وهي مثل كلمة سبيل، نقول: هذه سبيل، وهذا سبيل.
والطاغوت - كما قلنا: لا بُدَّ أن تكون له توجيهات، لذلك لا يُطلق إلا على الطاغي من البشر أو من الجن، أما الملائكة فلم ترْضَ أنْ تُعبد من دون الله، كذلك يُسمَّى الظالمُ طاغوتاً.
ونفهم من قوله تعالى: { وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ .. } [الزمر: 17] أي: رجعوا إليه، نفهم منها أنهم كانوا مع الله أولاً ثم انحرفوا عنه، كيف؟ قالوا: لأن كلَّ إنسان كان مع الله على فطرة الإيمان الأولى عندما أخذ اللهُ الميثاقَ على الخَلْق جميعاً فقال: { { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ .. } [الأعراف: 172] لكن منهم مَنْ ظلَّ على هذا العهد وعلى هذه الفطرة السليمة، ومنهم مَنْ انحرف عنها ونسيها.
لذلك كثيراً ما يقول القرآن (وذكر) أي: بالعهد الأول، فمعنى { وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } [الزمر: 17] يعني: رجعوا إلى الإيمان الفطري وإلى العهد الأول، أو رجعوا إلى الله للجزاء يوم القيامة.
وقوله سبحانه: { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } [الزمر: 17] البشرى الخبر السَّار الذي نخبر به قبل أوانه، والبُشْرى تنقسم إلى قسمين: إزالة عطب وألم، أو تحقيق مراد وأمل، فالذين اجتنبوا الطاغوت فلم يعبدوها وأنابوا إلى الله تحقَّق لهم الأمران معاً، لأنهم أولاً برئوا من النار وآلامها، ثم تحقَّق مرادهم بدخول الجنة كما قال سبحانه: { { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ .. } [آل عمران: 185].
لذلك قال بعدها: { فَبَشِّرْ عِبَادِ } [الزمر: 17] أي بهذه البشرى السارة { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [الزمر: 18] القول لا بدَّ أنْ يكون من قائل، فإذا استمعوا القول من قائل يتبعون أحسن ما قيل، وأن ما قيل يكون من أحسن قائل، وإذا نظرنا إلى أحسن قائل لا نجد إلا الحق سبحانه وتعالى، فإذا أمر الله بحكم فاتبعوه فقوله أحسن القول، وأمره أنفع أمر.
والحق سبحانه لا يستفيد من أوامره لكم، ولا تضره معصيتكم، فأنتم إذن المنتفعون بالمنهج، المستفيدون من تنفيذه، ثم أنتم خَلْق الله وصَنْعته، ويعز عليه سبحانه أن تنحرف هذه الصنعة أو تعذَّب.
ثم يريد سبحانه من منهجه وشرعه أنْ يُديمَ عليكم عطاءه ونعمه، وأن تكون نعمة الدنيا موصولة لكم بنعمة الآخرة، لذلك قال عنهم في الحديث القدسي: "لو خلقتموهم لرحمتموهم" .
أو: أحسن ما قيل يعني الإسلام، فالإسلام جاء والناس أصناف شتَّى: كفرة لا يؤمنون بإله، ومشركون يؤمنون بإله معه غيره، وأتباع ديانات كان لها كتب ورسل سابقون كاليهود والنصارى. فهؤلاء الذين عاصروا الإسلام إنْ يستمعوا يستمعوا لقول هذا وقول ذاك، يستمعوا للكفار والملاحدة وللمشركين ولأصحاب الكتب السابقة.
فكأن الحق سبحانه يقول: اعرضوا هذه الأقوال على عقولكم، واختاروا أحسنها ولا تتعصبوا لقول دون أنْ تبحثوه وتقارنوه بغيره، فإن فعلتم ذلك وإنْ توفرت لكم هذه الموضوعية فلن تجدوا إلا الإسلام أحسن الأقوال والأَوْلَى بالاتباع، فهو الدين الذي جمع للناس كلَّ خير، ونأى بهم عن كل شر.
وهو الدين الذي جاء مهيمناً على جميع الأديان قبله، وكتابه المهيمن على كل الكتب قبله، وجاء الإسلام ديناً عاماً في الزمان وفي المكان؛ لذلك هو الدين الخاتم الذي لا دينَ بعده، ولا كتابَ بعد كتابه، ولا رسول بعد رسوله.
ودينٌ هذه صفاته لا بدَّ أن يكون قد استوفى كلّ شروط الكمال، كما قال سبحانه: { { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً .. } [المائدة: 3] فالإسلام إذن أحسن الأديان، وأحسن الأقوال، وأحسن ما نتبعه.
ثم تستمر الآيات في وَصْف المؤمنين الذين اجتنبوا الطاغوت أنْ يعبدوها، والذين أنابوا إلى الله والذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [الزمر: 18] هداهم يعني دلَّهم وأرشدهم، فلما اتبعوا دلالته وإرشاده ولم يكُنْ في نفوسهم عناد لهذه الدلالة أعطاهم هدايةَ التوفيق والإيمان فآمنوا.
وقلنا: إن الهداية نوعان: هداية الدلالة، وهداية المعونة. وبيَّنا ذلك كما سبق برجل المرور الذي تجده على مفترق الطرق يدلّ الناس ويُرشدهم، فإن دلَّك على الطريق فأطعْتَه وشكرته على معروفه زادك، وسار معك حتى لا تؤذيك عقبَات الطريق؛ لأنه وجدك أهلاً لأنْ تُعان فأعانك.
كذلك الحق سبحانه يعطي عبده هداية الدلالة والإرشاد، وهذه للمؤمن وللكافر، فمَنْ أطاع في الأولى أخذ الثانية، وهي هداية المعونة، وهذه للمؤمن دون الكافر، فكأن الله تعالى يقول لعبده المؤمن: أنت آمنت بي، وسمعتَ كلامي، وأطعتَ فسوف أعينك على الطاعة، وأخفف أمرها عليك، وأُعسِّر عليك أمر المعصية.
وهذه من أعظم نِعَم الله على العبد أنْ يُيسِّر له أمر الطاعة، ويُعينه على مشقاتها، وفي المقابل يقفل دونه أبواب المعصية ودواعيها. وهذا معنى قوله تعالى: { { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } [محمد: 17].
فمعنى (زادهم هدى) يعني: أعطاهم هداية المعونة على الإيمان.
وقوله: { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [الزمر: 18] أي: أصحاب العقول المفكرة المعتبرة، لأنهم نشروا أمامهم كل الأقوال، وبحثوها وقارنوا بينها، وأخذوا أحسنها الذي يحقق لهم السعادة والمصلحة والانسجام في حركة الحياة بلا تعاند، بل حركة مستقيمة متساندة تنفي من القلوب: الحقد والغل والحسد، وتمنع الانحراف من: سرقة وغش ورشوة واغتصاب .. إلخ.
فمَنْ يصادم مثل هذا المنهج؟ ومَنْ يرفضه؟ إنه منهج مستقيم لا يملك العقل السليم إلا الإذعان له والسير على هَدْيه، لذلك سمى الله هؤلاء الذين اختاروا هذا المنهج سماهم { أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [الزمر: 18] أي أصحاب العقول، والعقل مهمته أن يعقل الفكر فلا يشطح، بل يعرض المسائل ويختار من البدائل ما يصلحه، لكن آفة الرأي الهوى، فالهوى هو الذي يصرفك عن مقول العقل إلى مقول الهوى.
قول آخر يقول: المراد بقوله تعالى { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [الزمر: 18] أنه خاصٌّ بمَنْ يستمعون أقوال الإسلام، فيتبعون أحسن هذه الأقوال؛ لذلك جاء بصيغة التفضيل (أحسن) فكأن في الإسلام (قول حسن) و (أحسن)، فهذا الرأي لا يأخذ المسألة على العموم، إنما يجعلها خاصة بأقوال الإسلام، وهي كلها مُتصفة بالحُسْن، لكن منها حسن وأحسن، وأصحاب العقول المتأملة يختارون منها الأحسن.
ومثال ذلك: شرع الإسلامُ مثلاً القصاصَ من القاتل وشرع الدية عليه، وشرع أيضاً العفو، فقال سبحانه: { { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَٱتِّبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ .. } [البقرة: 178] فمن أخذ بالقصاص أو الدية أخذ بالحسن، ومَنْ تسامى إلى العفو أخذ بالأحسن.
كذلك في قوله تعالى: { { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ .. } [البقرة: 271] فإنْ أبديتَ الصدقة فأنت غير آثم، بل هو أمر حسن، لكن الأحسن منه أنْ تخفيها.
ومثله قوله سبحانه: { { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [الشورى: 40].
وفي كل هذه المواضع، نجد الحق سبحانه يُرغّب عباده في التسامح، لكن التسامح يكون في الأمر الذي تتحمل أنت ثمنه، ويعود عليك ضرره إنْ كان هناك ضرر، أما إنْ عاد الضرر على المجتمع عامة فلا تسامح.
والنبي صلى الله عليه وسلم علَّمنا هذا الدرس، فكان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه قط. إنما كان يغضب إذا انتهِكَ أمر الله، إذن: تسامح في الأمر الذي يتعلق بك، أما إنْ تعلق الأمر بعامة المسلمين فليس لأحد الحق أن يتسامح فيه.
والحق سبحانه يلفت أنظارنا إلى اختيار الأحسن هو أحسن لنا نحن وأفضل، ففي قصة الإفك، قال تعالى: { { أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ .. } [النور: 22] يعني: لا تغضب لأنك غفرتَ لمن أساء إليك، لأن الله تعالى سيعاملك بالمثل فيغفر لك إنْ أسأتَ، ومَنْ لا يحب أنْ يغفر الله له؟ فما دُمْتَ تحب أنْ يُغفر لك فاغفر لصاحبك، لكن شريطةَ ألاّ تهيج المجتمع ولا تضره. التفاسير العظيمه -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
تفسير الشيخ الشعراوي (قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )١٠-الزمر التقوى أنْ تحترز من المعاصي، وأنْ تجعل بينك وبين صفات الجلال من الله وقاية، فالله جبار قهار ذو انتقام، فاجعل بينك وبين هذه الصفات وقاية تحميك.
وقوله { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [الزمر: 10] للعقائد { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } [الزمر: 10] أي: في التكاليف { لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ } [الزمر: 10] أي: حسنة في الآخرة، فلم يقل: للذين أحسنوا حسنةً في هذه الدنيا؛ لأن الكفار يتمتعون في الدنيا بحسنات كثيرة من المال والجاه والعلم .. الخ.
فإنْ فسَّرنا الحسنة على أنها النعيم، فالنعيم الذي يكون سبباً في صَرْف الإنسان عن ربه لا يُعَدُّ حسنة إنما سيئة، إذن: فالحسنة المرادة هنا في الآخرة { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } [الزمر: 10] لكن ما علاقة { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ .. } [الزمر: 10] بقوله { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } [الزمر: 10].
قالوا: يعني: إنْ صادفتَ متاعبَ في أرضك التي تعيش فيها، فإنَّ أرضَ الله واسعةٌ، فالتمس حمايةَ نفسك ودينك في أرض أخرى، كما قال سبحانه: { { وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً } [النساء: 100].
وقال في نفس المعنى: { { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ظَالِمِيۤ أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي ٱلأَرْضِ قَالْوۤاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا .. } [النساء: 97].
إذن: حين تضيق بك أرضك، وحين يضيق عليك الخناق بها، فالتمس أرضاً أخرى تأمن فيها على نفسك وعلى دينك، وعلى تطبيق منهج الله دون معاند، ودون معارض.
ولو تنبهنا إلى آية في سورة الرحمن لوجدنا فيها حلاً لكل مشاكل الدنيا المعاصرة، هي قوله تعالى: { { وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ } [الرحمن: 10].
يعني: جعل الأرض كل الأرض دون تحديد تحت تصرف كل الأنام دون تحديد أيضاً، فكلُّ إنسان له في أرض الله نصيب، فإذا ضاق به مكان فله حَقٌّ في مكان آخر. لكن قوانين البشر ومصالحهم غَيَّرَتْ هذه الصورة، ووضعت العقبات والعراقيل والإجراءات المعقدة في طريق هذه الحرية التي كفلها الخالق سبحانه للحركة على أرضه.
لذلك وجدنا أن مشكلة العالم الاقتصادية تكمن في وجود أرض بلا رجال، أو رجال بلا أرض، ولو تركنا الأرض لله كما خلقها الله لعباده، لو جعلنا الأرض كل الأرض للأنام كل الأنام لقضَيْنا على كل مشاكل الدنيا.
وانظر مثلاً إلى السودان جارتنا من الجنوب، بها ملايين الأفدنة لا يُستفاد منها، وعندنا في مصر ملايين من الأيدي العاملة العاطلة، ولولا الحدود التي قيدنا أنفسنا بها لَحلَّتْ السودانُ مشكلة الغذاء في العالم العربي كله. بل والأدهى من ذلك والأمرّ أن نختلف على الحدود، ونتزاحم على شبر واحد، وتنشب الحروب والأزمات بين الدول بسبب هذه المسألة، إنها النتيجة الطبيعية لمخالفة أمر الله وسنته في الخَلْقَ.
ثم يقول سبحانه: { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10] الحث على الصبر بعد قوله { وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ } [الزمر: 10] دلَّ على أنه لا بُدَّ أَنْ تُوجَد في الحياة صِعَاب ومشاكل ومتاعب تحتاج إلى صبر، والشاعر يقول: لعمْرُكَ مَا ضَاقَتْ بلادٌ بأهلها ولَكِنَّ أَخْلاقَ الرِّجَالِ تَضِيقُ فالحق سبحانه يريد منا أنْ نتحمل منهج الله، وأن نقوم به لنسعد أنفسنا، ثم نتسامى في الإيمان، ونحاول أن نسعد غيرنا ليحدث استِطراقٌ للخير في المجتمع؛ لِذلك قال صلى الله عليه وسلم: "نَضّر اللهُ امرءاً سمع مَقالتي فَوَعاهَا، ثُمَّ أدَّاها إلى مَنْ لم يَسْمَعْها، فَرُبَّ مُبلِّغْ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" .
إذن: فنقْلُ الخير إلى الغير فيه خير لك أنت، وسوف يعود عليك نفعه، لأنه حين تحجب عِلْم الخير عن الغير سيكون هذا الغير في شَرٍّ، وسوف يتعبك هذا الشر وينالك شيء منه، فمن مصلحتك أنت أنْ يعمَّ الخيرُ الآخرين، ومن مصلحتك أنْ يكون غيرك خَيِّراً، لا يسرق ولا يَسُبّ ولا يخون، ولا يتعدى على الآخرين، فنقْل علم الخير إلى الغير مُفيد لناقله، ليكفّ شرَّ ذي الشر عنه على الأقل.
والصابر هو الذي يصبر على الشدائد والمحن التي تُخرِجه عن: سلامة الجوارح، وسلامة المال، وسلامة الأهل، والصابر واثق بأن إيلاَمه وإيذاءه يعطيه خيراً من النعيم الذي فقده قبل الإيلام والإيذاء، لأن الله قال: { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10].
وإذا كانت التكاليفُ لها حساب عند الله، فالصلاة لها حساب، والزكاة لها حساب .. إلخ أما الصبر فإن أجره بغير حساب يعني: غير معلوم، حتى قالوا أنه في الجنة حين يرون منازل لم يكُنْ أهلها معروفين بالعمل الصالح، ومع ذلك منازلهم في الجنة عالية، فلما سألوا عن ذلك قالوا: إنهم كانوا من أهل الصبر على البلاء وعلى الشدائد والمحن، فنالوا هذه المنزلة بصبرهم.
والصبر عدم تشكيك في رحمة الله، وعدم اعتراض على حكمه وقضائه، فمثلاً نرى بعض أهل البلاء يعرضون آفاتهم وبلواهم على المجتمع في موسم الحج، فبعض هؤلاء يذهب للحج وهناك يكشف بلواه أمام الناس، ويظهر عاهته في رِجْله أو في يده يستجدي بها الخلق، وكأنه يشكو الخالق لخَلْقه، ولو أنه ستر بلاءه ورضي به لطرق الرزقُ بابه، ولَساقَه الله إليه دون جهد.
وفي سير الصحابة وسلف الأمة رأينا امرأة لا تقبل من زوجها أن يشكو الفقر لرسول الله، وكانا لا يملكان إلا ثوباً واحدا يلبسه الرجل، ويذهب به في أول الصلاة خلف رسول الله ثم يسرع بعد الصلاة وينصرف إلى بيته لتلبسه زوجته وتصلي هي أيضاً فيه.
وقد لاحظ سيدنا رسول الله أنه يرى هذا الرجل في أول الصلاة، ولا يراه بعدها، فتحيَّن رسولُ الله الفراغَ من الصلاة، ثم التفت إليه سريعاً فوجده خارجاً من المسجد، فناداه وقال له: أراك أول الصلاة ثم لا أراك بعدها أَزُهْداً فينا؟ قال: لا يا رسول الله ولكن لي امرأة بالبيت تنتظر ردائي هذا لتصلي فيه، فدعا له بالخير.
فلما ذهب قالت امرأته: لقد تأخرتَ قَدْر كذا تسبيحة - هكذا كان حساب الوقت عند هؤلاء - فقال لها: إن رسول الله استوقفني وسألني عن أمري، فلم أجد بُدّاً أن أقول له: إن لي امرأة بالبيت تنتظر ردائي هذا للصلاة، فقالت له: يا هذا أتشكو ربك لمحمد؟ هكذا كان صبر الصحابة، صبر لا يعرف الجزع ولا الشكوى ولا الاعتراض على قضاء الله.
لذلك يقول بعض العارفين حين يرى حظ الصابرين في الآخرة: لو علم الناسُ جزاءَ الصابرين لَتمنَّوْا أنْ يعودوا إلى الدنيا، وتُقرض أجسادهم لينالوا هذه المنزلة. التفاسير العظيمة -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
1- من ظن أن نصرة الإسلام تتحقق وهو ملتحف بالراحة، سالم من المنصات؛ فليعد تلاوة آيات الابتلاء في مطلع العنكبوت، والبقرة وآل عمران والتوبة. 2- تأمل قول الله في العنكبوت (أحسب الناس أن يتركوا..) وفي التوبة (أم حسبتم أن تتركوا..) وفي البقرة وآل عمران (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة..) 3- قال ابن تيمية في القواعد النورانية (التناقض واقع من كل عالم غير النبيين) قلت:ومما يدل عليه (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) 4- المسائل العسكرية ليست مفتوحة للنقاش العام، بل ترد للأكابر (وإذاجاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول، وإلى أولي الأمر منهم..). 5- إلى إخواننا بالشام : الآلة الإعلامية للجهاد من أعظم مقامات الجهاد التي يكف الله بسببها العدو (وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا). 6- حذرنا الله صراحة من انقسام الصف الإسلامي في التعامل مع المنافقين، والمطلوب توحيد الموقف تجاههم، قال الله: (فما لكم في المنافقين فئتين). 7- لم الانقسام تجاه المنافقين؟ .. بسبب مبالغة البعض بكسبهم وهدايتهم (فما لكم في المنافقين فئتين، والله أركسهم بماكسبوا، أتريدون أن تهدوامن أضل الله). 8- انتصارنا على العدو من الله (وما النصر إلا من عند الله) وتسلط العدو علينا من الله (ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم) فقلب المجاهد معلق بالله. 9- يتصور البعض أن (الدعوة للتبرعات) عمل ثانوي ومجاني، وأن القيمة الحقيقية للمتبرع نفسه، وهذا غير دقيق (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة). 10- هل يسوغ أن ننسب لليهود والنصارى ماصنع آباؤهم؟ (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء، فقد سألوا موسى أكبرمن ذلك، فقالوا أرنا الله جهرة). 11- جهز نفسك لثقل رسالة القرآن (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) وفي البخاري (ورأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديدالبرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا). 12- مطالبات المصلحين تحفظ الدول (وماكان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) وفسادالطبقة المخملية يسقطها (وإذاأردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها). 13- مراعاةعامل الزمن في #تدبر القرآن (و قرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) (وقال الذين كفرو لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك). 14- كان مع أصحابه يتعاونون على العلم والإيمان..ثم شعر أنه أضاع وقته ولم ينتبه لدنياه..فتركهم، والله يقول (ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا). 15-ليس المرض، ولاحتى الموت، بل قد يقدر الله على ولدك القتل وهو يريد بك خيرا (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا و كفرا). 16- يحتج لتفريطه بأن الله قال عن النار(أعدت للكافرين) ويغفل عن قول الله عن الجنة (أعدت للمتقين) فليت شعري مامصير واقف بين الجنة والنار؟ 17- نسبة الولد للمخلوق كمال، ومع ذلك قال الله عن نسبةالولد له (تكادالسموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخرالجبال هدا) فكيف بمن نسب النقائص لله؟ 18- تأمل جنودك الذين ينتظرون إشارتك..وموكبك الذي يغلق الطريق..وعقاراتك ومزارعك وخيولك ونوقك..ثم اقرأ قول الله (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا). 19- كلما سمعت حكايات السحر و السحرة و تسرب إليك القلق والتخوف فتذكر قول الله (إنما صنعوا كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى) فلا تستسلم للأوهام. 20- يقول لماذا نستعمل الوعيد والترهيب؟ والله يقول عن كتابه (وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا). 21- مهما عصينا وغوينا فالطريق إلى الله مفتوح..ليس لمرتبة التوبة فقط، بل قد تصل للاجتباء (وعصى آدم ربه فغوى، ثم اجتباه ربه، فتاب عليه وهدى). 22-الزهد ليس بأن لاتملك، ولكن الزهد أن يفرغ قلبك من ملاحظة منافسات الناس في الدنيا (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرةالحياة الدنيا). 23- كيف تخرج إلى المسجد وأبناؤك يغطون في فرشهم والله يقول (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) ويقول سبحانه (وكان يأمر أهله بالصلاة) ؟ 24- السخرية بالصحابة من صفات المنافقين قال الله عن المنافقين (إنما نحن مستهزئون) روى أبو جعفر الطبري عن ابن عباس: (أي ساخرون بأصحاب محمد). 25- زور ملأ فرعون مطالبات موسى (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم) وكما يزور الإعلام الليبرالي مطالبات المصلحين وعذابات الموقوفين. 26-الإيمان يتأثر بالزمن: (فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم)، (أفطال عليكم العهد)، (بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر) فتعاهد قلبك. 27- التحقير من أعمار المصلحين، وأنهم مجرد شباب طائشين متحمسين؛ ذريعة قديمة: يقول الله (قالوا سمعنا "فتى" يذكرهم، يقال له إبراهيم). 28- يفقد الإنسان من التقوى بقدر ما ينقص في قلبه الإشفاق من اليوم الآخر يقول الله (للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون). 29- مشغول بتقليص الدين في السياسة، يظن أنه بذلك سينجح والله يقول (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون). 30- المجادلة في المسائل الشرعية دون خلفية علمية يقود غالبا لاتباع الشيطان (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد). 31- لا تقتصر آلام النار على العذاب الجسدي، بل يزيد على ذلك الهموم والغموم النفسية (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها) يارب سلم. 32- كلما زاد إيمان المرء زادت قوته بدفاع الله عنه (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) فمن زاد في الإيمان عظمت مدافعة الله عنه. 33- يحتج على الخطاب الشرعي بعدم اقتناع العلمانيين (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود، وقوم إبراهيم وقوم لوط، وأصحاب مدين، وكذب موسى). 34- تأمل في النفط الخليجي، إذ يذهب بعضه لتثبيت النظم الفاسدة، وبعضه لإشعال الثورات (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات..). 35- التعهد بالأمورالكبيرة مستقبلا، مع عدم القيام بأقل منها حالا: دليل الكذب (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن، قل لا تقسموا طاعة معروفة). 36- ما أكثر مايقع في النفوس أن أمريكا يستحيل هزيمتها.. (لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض). 37- النظم الفاسدة تتهم المصلحين بالأجندة السياسية قال الملأ لنوح (ماهذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم) وقالوا لموسى (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم). 38- لاجؤوا الشام يحتاجون وسائل التدفئة (إني آنست نارا سآتيكم منهابخبرأو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) وفي السنن (ثلاث لايمنعن:الماء والكلأوالنار). 39- واحزناه الحاكم الكافر أدرك بعقله أهمية المشاركة (أفتوني في أمري ماكنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) ويرفضها الحاكم المسلم المأمور بها (وأمرهم شورى بينهم). 40- #تدبر يقول: الخطاب الديني سبّب انقسام المجتمع. والله يقول (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون). 41- لا يكاد يخلو مجتمع من لوبيات الإفساد، وهم مجموعات نافذة تقف في طريق الإصلاح، قال الله (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون). 42- إقرار الشذوذ في المجتمع الغربي دليل على تخلف وانحطاط هذا المجتمع إلى مرتبة الجهل (أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء، بل أنتم قوم تجهلون). 43- استشعار الاضطرار إلى الله، وامتلاء القلب بالافتقار والاحتياج إلى عون الله؛ من أعظم أسباب إجابة االدعاء (أمن يجيب المضطر إذا دعاه). 44- من مقاصد القرآن الإجابة على بعض ما اختلفت فيه الأمم السابقة، قال الله (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون). 45- من أعظم مراتب الدعوة إلى الله تلاوة القرآن على الناس وبيان معانيه، والنتائج على الله (وأن أتلو القرآن، فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه...). 46- المستبد يوقع بين مكونات المجتمع لينفرد بالهيمنة (إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلهاشيعا) قال الرازي (أي فرقا أغرى بينهم العداوة ليكونو له أطوع). 47- إلى مشايخنا الذين قدر الله عليهم الابتلاء بالاعتقال: الإمامة تأتي بعد الاستضعاف. (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة). 48- #تدبر إذا أراد الله بعبده الخير، لطف به، حتى لقد يصبح أشد الأشياء خطرا أكثرها سلامة! (فإذا خفت عليه فألقيه في اليم). 49- هل يجوز تسريب أخبار الظلمة إلى المصلحين؟ (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى، قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إني لك من الناصحين). 50- إذا رزقك الله علما، أو وفقك لمنجزات دعوية، ورأيت إعجاب الناس، فاحذر أن تنسب الفضل لذاتك وذكائك، وتذكر قول قارون (قال إنما أوتيته على علم عندي). 51- بعض المشتغلين بالفكر ينتمي للقرآن باعتباره كتاب (هوية ثقافية) لا (تشريع وعمل)، قارن هذا بقوله (إن الذي فرض عليك القرآن) (سورة أنزلناها وفرضناها). 52- نهى الله عن صلاة المخمور، والعلة (حتى تعلمو ماتقولون) ونهى النبي عن صلاةالناعس، والعلة (فلينم حتى يعلم مايقرأ) البخاري فكم مصل غاب عقله بالهواجيس. 53- جمع الكلمة يكون على حبل الله، قال ربنا (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) قال أهل العلم جعل النهي عن التفرق بعد الاعتصام. 54- كم من متوادين بالدنيا سيتلاعنون بالآخرة! (اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا، ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) 55- #تدبر الجريمة غير المسبوقة أفظع من الجريمة التقليدية، فالسبق معتبر في البشاعة (إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين). 56- كم من أصحاب عقول وبصائر وذكاء .. ومع ذلك ضلوا (فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين) أين استبصارهم لم ينفعهم؟ إنه سلب التوفيق الإلهي. 57- من بلاغة القرآن تمثيل كل شريحة منحرفة برمز تاريخي (وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات) فقارون للمال،وفرعون للسلطة،وهامان للحاشية. 58-يستنكرون على العالم الشرعي أن يعلق على الأحداث السياسية،برغم أن القرآن نزل على الصحابة يخبرهم بأحداث سياسية ويعقب عليها (ألم، غلبت الروم..) 59- استعمل السيف لفتح الدول وإقامة الشرع (وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين لله) ولم يستعمل لإكراه أحدعلى الاسلام (لاإكراه في الدين). 60- تختلف لغات الناس لدرجة لايفهم بعضهم بعضا وتختلف ألوانهم من بياض لسواد مع كون أبيهم واحد! (واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين). 61- ماأكثر ماتتناقض مشاعرالإنسان تجاه الحدث الواحد،فإذا انفجرهزيم الرعد اجتمع شوق المطر وخوف التلف في آن واحد (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا). 62- ليس من الدقيق إطلاق عذر الجاهل أو عدمه، فالجاهل لا يعذر أحيانا، كالجاهل المعرض عن العلم المتبع لهواه (بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم). 63- سمعت مرة أحد أهل الأهواء يقول (سماع المعازف من الفطرة). والصحيح أن الفطرة موافقة للشرع (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها). 64- هذه الزيادة الربوية التي يأخذها المرابي، هي في حقيقتها ليست من ماله، لذلك قال الله (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس)، فهي من مال الناس! 65- فضائيات الفحش وروايات المجون والمظالم السياسية تفسد البيئة (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) وعليه فالإصلاح الديني يحفظها. 66- النظر إلى الربيع بعد المطر مما يحيي الإيمان في النفوس (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها) #تدبر. 67- لاحظ كيف ينتفش بعضهم بما قرأ من الثقافة المعاصرة، وكيف يعارض بها نصوص الوحي، ثم تدبر (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم). 68- #تدبر لو لم يكن (التدبر) من مفاتيح استمداد (بركة) القرآن، لم يعقب الله وصف البركة بالأمر بالتدبر (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته). 69- بعض المنتسبين للقضاءيغضب إذا ذكره أحدالمترافعين بالله،أو قال له"اتق الله ياشيخ" وقد قال الله لنبيه داود(فاحكم بين الناس بالحق ولاتتبع الهوى). 70- يحتاج الإنسان أن يعرف الطريق جيدا، ويحتاج أن يتداوى من الأسقام التي يتعثر بها مسيره، والله يقول عن القرآن: (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء). 71- هل رسول الله يعلم بأخبارجميع الرسل تفصيلا؟ أم فيه قدر من الإيمان المجمل؟ (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك، منهم من قصصنا عليك، ومنهم من لم نقصص عليك). 72- المغالطة في المسائل الشرعية، تحجب عيون المغالط عن رؤية الحق .. فيبدأ مكابرا وينتهي كفيفا (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون). 73- هل يسوغ للمصلح استعمال أسلوب تخويف السلطة من زوال سلطتهم؟ (ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض، فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا). 74- يحرص الداعية أن تستجيب الحكومات لأمر الله، فإن لم تستجب انتقل لمرتبة ثانية وهي أن تدعه وشأنه يدعو الناس، كما قال موسى (وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون). 75- إذا رأيت المسرف على نفسه بالمعاصي ذاهلا عن نفسه، غائبا عن الاستعداد لمستقبله، فتذكر قول الله (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم). 76- ماأكثر ما نسمع الآيات والأحاديث، ثم نصر على تفريطنا كأننا ماسمعناها (يسمع آيات الله تتلى عليه، ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها، فبشره بعذاب أليم). 77- أهل البدع يقولون لوكان خلاف قولهم حقا لسبق إليه رؤوسهم، ويرددون:كيف يفوت على علمائهم؟! وهذه مشابهة لاحتجاج الكفار (لو كان خيرا ماسبقونا إليه). 78- الداعية وهو يجادل أهل الأهواءالفكرية والكلامية؛ ينبغي أن يستشعر الخوف عليهم من النار كما قال الأنبياء لأقوامهم (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم). 79- حولهم القرآن إلى (دعاة) بجلسة واحدة! (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن، فلما حضروه قالوا أنصتوا، فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين). 80- في عصرالنبوة كان القرآن ذاته يميز بين علماءالصحابة، ومن هم دونهم، كقوله (قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا)، (لعلمه الذين يستنبطونه منهم). 81- كان الصحابة حريصين على تأصيل أعمالهم بالنصوص، فلما أرادوا القتال سألوا الله نزول نص (ويقول الذين آمنوا لولانزلت سورة) قارن بمن يلمزالنصوصيين! 82- مشغول بوظيفة أو تجارة أو متابعات سياسية وإعلامية ولايتدبر القرآن أفلا يخشى أن يكون الله أقفل قلبه؟ (أفلا يتدبرون القرآن، أم على قلوب أقفالها). 83- يرفضون الإلزام بالشريعة مطلقا، والقرآن يميز بين حال الضعف والقوة ففي الضعف (كفوا أيديكم) وفي القوة (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون). 84- (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم، يريدون أن يبدلوا كلام الله) طلب المشاركة بالغنيمة تبديل! فكيف بتأويلات التغريبيين. 85- لم يكتف بمدح الصحابة في القرآن، بل وصف الصحابة في الكتب السماوية السابقة قبل مجيئهم: (ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل..) يا خسارة من عاداهم. 86- إذا كان من يجهر لرسول الله مطعون في عقله (إن الذين ينادونك من وراءالحجرات أكثرهم لا يعقلون) فكيف بمن يعارض أحاديث النبي بعقله؟ فأي عقل له؟! 87- بكل مجتمع تجدشخصيات محل وفاق يلجأ إليهم للإصلاح بين المتخاصمين، وهذه منقبة عظيمة (فأصلحوا بين أخويكم) (وأصلحوا ذات بينكم) (أو إصلاح بين الناس). 88- كيف ترجو أن تلقى نبيك في الجنة، وتسلم عليه، وتجالسه؛ وأنت تقدح في بعض أحاديثه؟! بأي وجه ستلقى رسول الله؟ (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي). 89- لاتكاد تجد شخص يسخر من قبيلة أو بلد أو منطقة أو عرق إلا وتجد فيهم من هو خير منه، وهذا مصداق قول الله (لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم). 90- ما المانع أن يجلس المرء مع نفسه ويعيد ترتيب جدول علاقاته وأصدقائه، قبل أن يأتي ذلك اليوم: (ياويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) 91- قد تسهر إلى السحر،أو تستيقظ آخر الليل، أو تنتهي من وترك قبيل الفجر،فماذا تصنع؟ (والمستغفرين بالأسحار)، (وبالأسحار هم يستغفرون). 92- هذا القرآن نزل من علو، فلا يناسب أن يطأطئ المرء به رأسه، ويداهن فيه: (تنزيل من رب العالمين، أفبهذا الحديث أنتم مدهنون). 93- يمعن المؤمن في الصدقة إذا استشعر أن هذا المال الذي في محفظته ليس له.. لا يملكه.. وضعه الله امتحانا (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه). 94- يحب الله من عبده تلك الكسرة التي تكون في قلبه، وإطراق القلب لجلال الله، بل ويستبطئ عباده لذلك (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله). 95- تحكّم الشريعة بالقوة بحسب الإمكان، لذا أعقب ذكر(الحديد) ب(النصرة): (وأنزلنا الحديدفيه بأس شديد و منافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب). 96-الأصل بدهي أحيانا، إلا أن النفوس تغفل عن الرابطة بين الأصل والفرع، والتذكير بالأصل البدهي يوقظ (ماهن أمهاتهم، إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم). 97- من أكثر مشاهد لقاء الله مهابة، تلك اللحظة التي يخبرنا فيها بمعاصٍ، فعلناها ونسيناها (يوم يبعثهم الله جميعا فينبؤهم بما عملوا، أحصاه الله ونسوه). 98- الطالب الذي يفكر بيوم الاختبار مسبقا يكبر في عينك عقله والموظف الذي يدّخر للمستقبل يعتبرونه أعقل لكن أعظم مستقبل:(ولتنظر نفس ما قدمت لغد). 99- هل يستهدف الإسلام الهيمنة على العالم؟ قال الله في ٣ مواضع،في التوبة والفتح والصف: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله). 100- يقول الليبرالي: الدين قوي في ذاته ليس بحاجةأن نمنع الباطل حسنا..الله ليس بحاجة لنصرتنا ويقول (ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله) 101- يقول الليبرالي: دع الحرية للحق والباطل يعملان سويا والله يقول: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) 102- يقول الليبرالي: لا يحق لك أن تمنع الطوائف المخالفة للإسلام والله يقول عن خليله إبراهيم: (وتالله لأكيدن أصنامكم)، (فجعلهم جذاذا) 103- يقول الليبرالي:لايحق لك إتلاف المواد المخالفة للإسلام والله يقول عن موسى:(وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه) 104- يقول الليبرالي: يجب احترام كل خلاف والله يقول: (وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 105- يقول الليبرالي: يجب احترام جميع الديانات الأخرى والله يقول: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا)، (إن هم إلا كالأنعام) 106- يفرح بكلام الغربيين، وتضايقه النصوص (وإذا ذكرالله وحده اشمأزت قلوب الذين لايؤمنون بالآخرة، وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) 107- يقول الليبرالي: لا مانع أن تشارك المرأة في الأولمبياد والله يقول: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) 108-يقول الليبرالي:المرأة مثل الرجل والله يقول (ولاتتمنوا مافضل الله به بعضكم على بعض، للرجال نصيب مما اكتسبوا، وللنساء نصيب مما اكتسبن) 109-يقول الليبرالي: الأهم مصلحة وطننا، لاشأن لنا بالمجاهدين خارجه والله يقول: (وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا) 110- يقول الليبرالي:لافرق بين التمويل الربوي والعقود الشرعية كالسلم، كلها فيها فائدة والله يقول:(ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) 111- يقول الليبرالي:هناك نصوص شرعية لا تناسب العصر والله يقول (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) 112- يقول الليبرالي: النصوص الشرعية التي تناسب العصر نأخذ بها والله يقول (يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا) 113- يقول الليبرالي: لسنا ملزمين باتباع السلف في فهم الإسلام والله يقول (والذين اتبعوهم بإحسان) -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
﴿ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦﴾] ووصفه بالربوبية تذكير لهم بنعمة الإِيجاد والإِمداد؛ وهو معنى الربوبية، وتوطئة للتسجيل عليهم بكفران نعمته الآتي في قوله: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر). ابن عاشور:23/336. ﴿ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ خَلْقًا مِّنۢ بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَٰتٍ ثَلَٰثٍ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦﴾] (في ظلمات ثلاث) أي: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة. الجزائري:4/468. ﴿ خْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ خَلْقًا مِّنۢ بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَٰتٍ ثَلَٰثٍ ۚ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦﴾] (خلقاً من بعد خلق) يعني: أن الإنسان يكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، إلى أن يتم خلقه، ثم ينفخ فيه الروح. ابن جزي:2/264. ﴿ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلْأَنْعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزْوَٰجٍ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦﴾] وهي التي ذكرها في سورة الأنعام: (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين)، (ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين) [الأنعام: 143، 144] وخصها بالذكر مع أنه أنزل لمصالح عباده من البهائم غيرها لكثرة نفعها، وعموم مصالحها، ولشرفها، ولاختصاصها بأشياء لا يصلح غيرها؛ كالأضحية، والهدي، والعقيقة، ووجوب الزكاة فيها، واختصاصها بالدية. السعدي:719. ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١٩﴾] اجتلب فعل الإِنقاذ هنا تشبيهاً لحال النبي ﷺ في حرصه على هديهم، وحالِهم في انغماسهم في موجبات وعيدهم بحال من يحاول إنقاذ ساقط في النار قد أحاطت النار بجوانبه. ابن عاشور:23/371. ﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُۥٓ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمْ أُو۟لُوا۟ ٱلْأَلْبَٰبِ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١٨﴾] يستمعون القرآن فيتبعون بأعمالهم أحسنه؛ من العفو الذي هو أحسن من الانتصار، وشبه ذلك. ابن جزي:2/267. ﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُۥٓ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُ ۖ وَأُو۟لَٰٓئِكَ هُمْ أُو۟لُوا۟ ٱلْأَلْبَٰبِ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١٨﴾] هذا جنس يشمل كل قول؛ فهم يستمعون جنس القول ليميزوا بين ما ينبغي إيثاره مما ينبغي اجتنابه، فلهذا من حزمهم وعقلهم أنهم يتبعون أحسنه، وأحسنه على الإطلاق كلام الله وكلام رسوله؛ كما قال في هذه السورة: (اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا)... فإن الذي لا يميز بين الأقوال: حسنها، وقبيحها ليس من أهل العقول الصحيحة، أو الذي يميز لكن غلبت شهوته عقله، فبقي عقله تابعاً لشهوته، فلم يؤثر الأحسن؛ كان ناقص العقل. السعدي:722. ﴿ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُۥٓ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١٨﴾] قال ابن عباس: «هو الرجل يسمع الحسن والقبيح، فيتحدث بالحسن، وينكف عن القبيح، فلا يتحدث به»، وقيل: «يستمعون القرآن وغيره؛ فيتبعون القرآن». القرطبي:18/260. ﴿ قُلْ إِنَّ ٱلْخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۗ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١٤﴾] أي: تفارقوا؛ فلا التقاء لهم أبداً، وسواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار، أو أن الجميع أسكنوا النار، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور. ابن كثير:4/49. ﴿ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١٢﴾] لأني الداعي الهادي للخلق إلى ربهم، فيقتضي أني أول من ائتمر بما آمر به، وأول من أسلم، وهذا الأمر لا بد من إيقاعه من محمد صلى الله عليه وسلم، وممن زعم أنه من أتباعه. السعدي:721. ﴿ قُلْ إِنِّىٓ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ ٱلدِّينَ ﴿١١﴾ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿١١﴾] فإن قيل: كيف عطف (أُمِرت) على (أُمِرت) والمعنى واحد؟ فالجواب أن الأول أمر بالعبادة والإخلاص، والثاني أمر بالسبق إلى الإسلام، فهما معنيان اثنان. ابن جزي:2/266. ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٧﴾] وخُصّت أمثال القرآن بالذكر من بين مزايا القرآن؛ لأجل لَفت بصائرهم للتدبر في ناحية عظيمة من نواحي إعجازه؛ وهي بلاغة أمثاله؛ فإن بلغاءهم كانوا يتنافسون في جَودة الأمثال. ابن عاشور:23/397. ﴿ أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِۦ سُوٓءَ ٱلْعَذَابِ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٤﴾] جاءه العذاب العظيم، فجعل يتقي بوجهه الذي هو أشرف الأعضاء وأدنى شيء من العذاب يؤثر فيه، فهو يتقي فيه سوء العذاب؛ لأنه قد غُلَّت يداه ورجلاه. السعدي:723. ﴿ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِى بِهِۦ مَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٣﴾] فإن قيل: لم ذكر الجلود أولاً وحدها، ثم ذكر القلوب بعد ذلك معها؟ فالجواب: أنه لما قال أولاً: (تقشعر) ذكر الجلود وحدها؛ لأن القشعريرة من وصف الجلود لا من وصف غيرها، ولما قال ثانياً: (تلين) ذكر الجلود والقلوب؛ لأن اللين توصف به الجلود والقلوب... فاقشعرت أولاً من الخوف، ثم لانت بالرجاء. ابن جزي:2/268. ﴿ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَٰبًا مُّتَشَٰبِهًا مَّثَانِىَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٣﴾] أي: تثنى فيه القصص والأحكام، والوعد والوعيد، وصفات أهل الخير وصفات أهل الشر، وتثنى فيه أسماء الله وصفاته... وأن تلك المعاني للقلوب بمنْزلة الماء لسقي الأشجار، فكما أن الأشجار كلما بَعُد عهدها بسقي الماء نقصت، بل ربما تلفت، وكلما تكرر سقيها حسنت وأثمرت أنواع الثمار النافعة، فكذلك القلب يحتاج دائماً إلى تكرر معاني كلام الله تعالى عليه... وهكذا ينبغي للقارئ للقرآن المتدبر لمعانيه أن لا يدع التدبر في جميع المواضع منه؛ فإنه يحصل له بسبب ذلك خير كثير ونفع غزير. السعدي:723. ﴿ ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٣﴾] ومعنى كون القرآن أحسن الحديث: أنه أفضل الأخبار؛ لأنه اشتمل على أفضل ما تشتمل عليه الأخبار من المعاني النافعة والجامعة لأصول الإِيمان، والتشريع، والاستدلال، والتنبيه على عظم العوالم والكائنات، وعجائب تكوين الإِنسان، والعقل، وبثّ الآداب، واستدعاء العقول للنظر والاستدلال الحق، ومن فصاحة ألفاظه وبلاغة معانيه البالغَيْن حدّ الإعجاز. ابن عاشور:23/385. ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَٰسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ ۚ أُو۟لَٰٓئِكَ فِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٢﴾] قال مالك بن دينار: «ما ضُرِب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله عز وجل على قوم إلا نزع منهم الرحمة». البغوي:4/12. ﴿ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُۥ لِلْإِسْلَٰمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِۦ ۚ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٢٢﴾] إيثار كلمة (شرح) للدلالة على قبول الإِسلام؛ لأن تعاليم الإِسلام وأخلاقه وآدابه تكسب المسلم فرحاً بحاله، ومسرة برضى ربه، واستخفافاً للمصائب والكوارث؛ لجزمه بأنه على حق في أمره، وأنه مثاب على ضره، وأنه راج رحمة ربه في الدنيا والآخرة، ولعدم مخالطة الشك والحيرة ضميره. ابن عاشور:23/380. ﴿ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٠﴾] (عذاب يخزيه) أي: يذله، ويكسر أنفه بالقتل والأسر والجوع والقحط، وقد أصاب المشركين هذا في مكة وبدر. وقوله: (ويحل عليه عذاب مقيم) وهو عذاب النار في الآخرة، نعوذ بالله من العذابين: عذاب الخزي في الحياة الدنيا، وعذاب النار في الدار الآخرة. الجزائري:4/490. ﴿ قُلْ يَٰقَوْمِ ٱعْمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّى عَٰمِلٌ ۖ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣٩﴾ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٣٩﴾] لما أبلغهم الله من الموعظة أقصى مَبلغ، ونصب لهم من الحجج أسطع حجة، وثبَّت رسوله صلى الله عليه وسلم أرسخ تثبيت، لا جرم أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يوادعهم موادعة مستقرِب النصر، ويواعدهم ما أُعد لهم من خسر. ابن عاشور:24/19. ﴿ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِى ٱنتِقَامٍ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٣٧﴾] فإذا كانوا يقرّون لله بالوصفين المذكورين فما عليهم إلا أن يعلموا أنّه كافٍ عبده بعزته، فلا يقدر أحد على إصابة عبده بسوء، وبانتقامه من الذين يبْتغون لعبده الأذى. ابن عاشور:24/15. ﴿ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُۥ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٣٦﴾] وقوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) تقوية لنفس النبي عليه السلام؛ لأن كفار قريش كانت خوَّفته من الأصنام، وقالوا: يا محمد أنت تسبها ونخاف أن تصيبك بجنون أو علة، فنزلت الآية في ذلك. ابن عطية:4/532. ﴿ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُۥ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٣٦﴾] وفي استحضار الرسول ﷺ بوصف العبودية، وإضافته إلى ضمير الجلالة معنى عظيم من تشريفه بهذه الإِضافة، وتحقيق أنه غير مُسلمِه إلى أعدائه. ابن عاشور:24/13. ﴿ وَٱلَّذِى جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ ۙ أُو۟لَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٣٣﴾] فإن جميع خصال التقوى ترجع إلى الصدق بالحق والتصديق به. السعدي:724. ﴿ ۞ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدْقِ إِذْ جَآءَهُۥٓ ۚ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَٰفِرِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٣٢﴾] فإنهم أتوا أصنافاً من الظلم العظيم: ظلم الاعتداء على حرمة الرب بالكذب في صفاته؛ إذ زعموا أن له شركاء في الربوبية، والكذب عليه بادعاء أنه أمرهم بما هم عليه من الباطل، وظُلم الرسول بتكذيبه، وظلم القرآن بنسبته إلى الباطل، وظلم المؤمنين بالأذى، وظلم حقائق العالم بقلبها وإفسادها، وظلم أنفسهم بإقحامها في العذاب الخالد. ابن عاشور:24/ 5. ﴿ وَبَدَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا۟ يَحْتَسِبُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٧﴾] عن مجاهد قال: عملوا أعمالا توهموا أنها حسنات، فإذا هي سيئات، ويجوز أن يكونوا توهموا أنه يغفر لهم من غير توبة، (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) من دخول النار، وقال سفيان الثوري في هذه الآية: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء، هذه آيتهم وقصتهم، وقال عكرمة ابن عمار: جزِع محمد بن المنكدر عند موته جزعا شديدا، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: أخاف آية من كتاب الله: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)، فأنا أخشى أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب. القرطبي:18/289. ﴿ قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ عَٰلِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِى مَا كَانُوا۟ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٥﴾] ووصف (فاطر السماوات والأرض) مشعر بصفة القدرة، وتقديمُه قبل وصف العِلم لأن شعور الناس بقدرته سابق على شعورهم بعلمه، ولأن القدرة أشدّ مناسبة لطلب الحكم؛ لأن الحكم إلزام وقهر، فهو من آثار القدرة مباشرةً. ابن عاشور:24/31. ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٤﴾] معناها: أن الكفار يكرهون توحيد الله، ويحبون الإشراك به، ومعنى (اشمأزت): انقبضت من شدة الكراهية. ابن جزي:2/271. ﴿ قُل لِّلَّهِ ٱلشَّفَٰعَةُ جَمِيعًا ۖ لَّهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٤﴾] نص في أن الشفاعة لله وحده، كما قال: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) [البقرة:255]، فلا شافع إلا من شفاعته. القرطبي: 18/289. ﴿ أَمِ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُفَعَآءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا۟ لَا يَمْلِكُونَ شَيْـًٔا وَلَا يَعْقِلُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٣﴾] ولما كانت الشفاعة أمراً معنوياً؛ كان معنى ملكها تحصيل إجابتها، والكلام تهكم؛ إذ كيف يشفع من لا يعقل؟! فإنه لعدم عقله لا يتصور خُطُورُ معنى الشفاعة عنده، فضلاً عن أن تتوجه إرادته إلى الاستشفاع؛ فاتخاذهم شفعاء من الحماقة. ابن عاشور:24/27. ﴿ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٣﴾] أي: لَدلالات على قدرته؛ حيث لم يغلط في إمساك ما يمسك من الأرواح، وإرسال ما يرسل منها، قال مقاتل: لعلامات لقوم يتفكرون في أمر البعث، يعني: أن توفي نفس النائم وإرسالها بعد التوفي دليل على البعث. البغوي:4/19. ﴿ ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٢﴾] إخباره أنه يتوفى الأنفس وإضافة الفعل إلى نفسه لا ينافـي أنه قد وكّل بذلك ملك الموت وأعوانه... لأنه تعالى يضيف الأشياء إلى نفسه باعتبار أنه الخالق المدبر، ويضيفها إلى أسبابها باعتبار أن من سننه تعالى وحكمته أن جعل لكل أمر من الأمور سبباً. السعدي:725. ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٥١﴾] أي: بسط الرزق وقبضه عائد إلى الحكمة والرحمة، وأنه أعلم بحال عبيده؛ فقد يضيق عليهم الرزق لطفاً بهم؛ لأنه لو بسطه لبغوا في الأرض، فيكون تعالى مراعياًً في ذلك صلاح دينهم الذي هو مادة سعادتهم وفلاحهم. السعدي:727. ﴿ بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٩﴾] (ولكن أكثرهم لا يعلمون) فلذلك يعدون الفتنة منحة، ويشتبه عليهم الخير المحض بما قد يكون سبباًً للخير أو للشر. السعدي:727. ﴿ ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَٰهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلْمٍۭ ۚ بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٩﴾] أي: على علم من الله أني له أهل، وقال مقاتل: على خير علمه الله عندي... (بل هي فتنة) يعني: تلك النعمة فتنة استدراج من الله تعالى وامتحان وبلية. البغوي:4/21. ﴿ قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ عَلَىٰ عِلْمٍۭ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٩﴾] يحتمل وجهين: أحدهما -وهو الأظهر- أن يريد على علم مني بالمكاسب والمنافع، والآخر: على علم الله باستحقاقي لذلك. ابن جزي:2/271. ﴿ فَإِذَا مَسَّ ٱلْإِنسَٰنَ ضُرٌّ دَعَانَا ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٩﴾] في هذه الآية بيان حقيقة، وهي: أن كفار قريش كانوا يؤمنون بالله رباًً، فهم أفضل من كفار البلاشفة الشيوعيين الذين لا يؤمنون بالله تعالى، كما أن كفار قريش أحسن حالا من بعض جهال المسلمين اليوم؛ إذ يخلصون الدعاء لله في الشدة، وجهال المسلمين يشركون في الرخاء والشدة معا؛ وذلك بدعائهم الأولياء والأموات، والاستغاثة بهم في كل حال. الجزائري:4/498. ﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٤٨﴾] وأوثر فعل (كسبوا) على فعل (عملوا) لِقطع تبرمهم من العذاب بتسجيل أنهم اكتسبوا أسبابه بأنفسهم؛ كما تقدم آنفاً في قوله: (وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون) [الزمر: 24] دون: (تعملون). ابن عاشور:24/34. ﴿ قُلْ يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُوا۟ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا۟ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٥٣﴾] أُطنبت آيات الوعيد بأفنانها السابقة إطناباً يبلغ من نفوس سامعيها أيَّ مبلغ من الرعب والخوف، على رغْم تظاهرهم بقلة الاهتمام بها، وقد يبلغ بهم وقعها مبلغَ اليأس من سَعيٍ ينجيهم من وعيدها، فأعقبها الله ببعث الرجاء في نفوسهم؛ للخروج إلى ساحل النجاة إذا أرادوها؛ على عادة هذا الكتاب المجيد من مداواة النفوس بمزيج الترغيب والترهيب. ابن عاشور:24/39. ﴿ بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٦﴾] وفي تدبر أن النعم الدينية من الله تعالى، والشكر لله عليها سلامة من آفة العجب التي تعرض لكثير من العاملين بسبب جهلهم، وإلا فلو عرف العبد حقيقة الحال لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر. السعدي:729. ﴿ بَلِ ٱللَّهَ فَٱعْبُدْ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٦﴾] (وكن من الشاكرين) لله على توفيق الله تعالى؛ فكما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية؛ كصحة الجسم وعافيته وحصول الرزق وغير ذلك، كذلك يُشكر ويُثنى عليه بالنعم الدينية؛ كالتوفيق للإخلاص، والتقوى، بل نِعَم الدين هي النعم على الحقيقة. السعدي:729. ﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُوٓنِّىٓ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَٰهِلُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٤﴾] أي: هذا الأمر صدر من جهلكم، وإلا فلو كان لكم علم بأن الله تعالى الكامل من جميع الوجوه، مسدي جميع النعم، هو المستحق للعبادة، دون من كان ناقصاً من كل وجه، لا ينفع ولا يضر، لم تأمروني بذلك. السعدي:729. ﴿ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَىْءٍ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٢﴾] هذه العبارة وما أشبهها مما هو كثير في القرآن تدل على أن جميع الأشياء غير الله مخلوقة؛ ففيها رد على كل من قال بقدم بعض المخلوقات؛ كالفلاسفة القائلين بقدم الأرض والسماوات، وكالقائلين بقدم الأرواح، ونحو ذلك من أقوال أهل الباطل المتضمنة تعطيل الخالق عن خلقه. السعدي:728. ﴿ وَيُنَجِّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوٓءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦١﴾] أي: (وينجي الله الذين اتقوا) من جهنم؛ لأنهم ليسوا بمتكبرين، وهذا إيذان بأن التقوى تنافي التكبر؛ لأن التقوى كمال الخُلق الشرعي، وتقتضي اجتناب المنهيات، وامتثال الأمر في الظاهر والباطن، والكبر مرض قلبي باطني. ابن عاشور:24/52. ﴿ وَيَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٠﴾] وفي وصفهم بالمتكبرين إيماء إلى أن عقابهم بتسويد وجوههم كان مناسباً لكبريائهم؛ لأن المتكبر إذا كان سيِّء الوجه انكسرت كبرياؤه؛ لأن الكبرياء تضعف بمقدار شعور صاحبها بمعرفة الناس نقائصه. ابن عاشور:24/51. ﴿ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِى لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٥٧﴾] وقد حُكي كلام النفس في ذلك الموقف على ترتيبه الطبيعي في جَوَلانه في الخاطر؛ بالابتداء بالتحسر على ما أوقعت فيه نفسها، ثم بالاعتذار والتنصل؛ طمعاً أن ينجيها ذلك، ثم بتمنيّ أن تعود إلى الدنيا؛ لتعمل الإِحسان؛ كقوله تعالى: (قال رب ارجعون * لعلى أعمل صالحاً فيما تركت) [المؤمنون: 99- 100]، فهذا الترتيب في النظم هو أحكم ترتيب. ابن عاشور:24/47 ﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَٰلِدِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٣﴾] لم يذكر الجواب ههنا، وتقديره: (حتى إذا جاءوها)، وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراماً وتعظيماً، وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء، كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب والتأنيب، فتقديره: إذا كان هذا سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم، وإذا حذف الجواب ههنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل. ابن كثير:4/68. ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٣﴾] قال في حق الفريقين: (وسيق)؛ بلفظ واحد؛ فسوق أهل النار: طردهم إليها بالخزي والهوان؛ كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل، وسوق أهل الجنان: سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان؛ لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين؛ كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، فشتان ما بين السوقين. القرطبي:4/142. ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٣﴾] وجَعلهم زُمراً بحسب مراتب التقوى. ابن عاشور:24/71. ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٠﴾] وجَعلهم زُمراً بحسب مراتب التقوى. ابن عاشور:24/71. ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٠﴾] وإنما جُعلوا زمراً لاختلاف دَرَجات كفرهم؛ فإن كان المراد بالذين كفروا مشركي قريش المقصودين بهذا الوعيد كان اختلافهم على حسب شدة تصلبهم في الكفر وما يخالطه من حَدَب على المسلمين أو فظاظة. ابن عاشور:24/69. ﴿ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓا۟ إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٠﴾] وابتدئ في الخَبر بذكر مستحقي العقاب؛ لأنه الأهم في هذا المقام؛ إذ هو مقام إعادة الموعظة والترهيب للذين لم يتعظوا بما تكرر في القرآن من العظات مثل هذه، فأما أهل الثواب فقد حصل المقصود منهم، فما يذكر عنهم فإنما هو تكريرُ بشارة وثناء. ابن عاشور:24/69. ﴿ وَجِا۟ىٓءَ بِٱلنَّبِيِّۦنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٩﴾] جيء بهم، فسألهم عما أجابتهم به أممهم،.. والشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله. القرطبي:18/315. ﴿ وَأَشْرَقَتِ ٱلْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٦٩﴾] علم من هذا أن الأنوار الموجودة تذهب يوم القيامة وتضمحل، وهو كذلك؛ فإن الله أخبر أن الشمس تكور، والقمر يُخسف، والنجوم تندثر، ويكون الناس في ظلمة، فتشرق عند ذلك الأرض بنور ربها، عندما يتجلّى وينزل للفصل بينهم. وذلك اليوم يجعل الله للخلق قوة، وينشئهم نشأة يَقْوَوْنَ على أن لا يحرقهم نوره، ويتمكنون أيضا من رؤيته، وإلا فنوره تعالى عظيم؛ لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه. السعدي:730. ﴿ وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ [سورة الزمر آية:﴿٧٥﴾] حذف فاعل القول لأنه غير معين، بل كل أحد يحمده على ذلك الحكم الذي حكم فيه؛ فيحمده أهل السماوات وأهل الأرض، والأبرار والفجار، والإنس والجن، حتى أهل النار... كأن الكون كله نطق بذلك. ابن القيم:2/403. الكلم الطيب -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
تفسير الشيخ الشعراوي (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ) ٩ الزمر كلمة (أم) تفيد التخيير بين أمرين، تقول هذا أم هذا، فلا بُدّ أن يكون لها مقابل، فما مقابل { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ ٱلَّيلِ .. } [الزمر: 9] المقابل لذلك في قوله تعالى قبلها: { { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُوۤ إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ .. } [الزمر: 8].
فالمعنى أيهما أحسن من صفته إذا مسَّه الضر يضرع إلى الله، فإذا كشف عنه الضر جعل لله أنداداً، أمَّن هو قانتٌ آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه.
ومعنى: { قَانِتٌ .. } [الزمر: 9] دائم الخضوع والعبادة (آنَاءَ) جمع (إنْو) مثل حِمْل وأحمال، فكلمة (إنْو) أي: جزء من الليل، وهي من حيث التصريف أأْناو وقُلِبتْ الهمزة إلى مَدٍّ والواو إلى همزة لأنها وقعتْ بعد الألف الزائدة، فصارت (آناء).
وقوله: { يَحْذَرُ ٱلآخِرَةَ } [الزمر: 9] يعني: يخاف منها ومن القهر فيها { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] لأن رحمته سبقت غضبه، لم يقل يأمن مقابل يحذر إنما ذكر أولاً ما يُخوِّف من الآخرة إنْ عصى، والمراد يحذر النار في الآخرة، لكن لما تكلَّم عن رحمة الله جعلها مباشرة، فقال { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] ولم يقل: ويرجو الجنة.
والمؤمن حين يرجو لا يرجو عمله وسَعْيه في الدنيا، إنما يرجو وينتظر رحمة الله، لأنه لا ينجو بعمله، لأن أيَّ إنسان مهما كان صالحاً حين تحاسبه حساباً دقيقاً لا بُدَّ أنْ يخرج بذنوب وإدانة.
إذن: فالكفيل فينا جميعاً والذي يسعنا رحمة الله، كما جاء في الحديث الشريف: "لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسولَ الله؟ قال: ولا أنا إلا أنْ يتغمدني الله برحمته" .
فإياك إذن أنْ تغترَّ بعملك، لأن التكاليف كلها لصالحك أنت، ولا يعود على الله منها شيء، فحين يجازيك عليها في الآخرة فهو تفضُّل من الله ونعمة.
ثم يقول سبحانه: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9] بعد أن عقد الحق سبحانه مقارنة بين الإنسان إذا مسَّه ضُر دعا ربه منيباً إليه، ثم إذا خوَّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل، ومَنْ هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذَرُ الآخرة ويرجو رحمة ربه.
أراد سبحانه أن يؤكد هذا المعنى، وأنْ يبين لنا أن أصحاب العلم الحقيقي لا يستوون، وأصحاب العلم غير الحقيقي { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9] فالذي رجع إلى الكفر بعد أنْ كشف الله عنه ضُره لم يعلم العلم الحقيقي، لأنه لو علمه ما رجع إلى الكفر ولاستقلَّ المطلوب منه في الدنيا إذا قارنه بما أعدّ له من جزاء في الآخرة.
أما الذي هو قانِتٌ آناءَ الليل ساجداً وقائماً، يحذَرُ الآخرة، ويرجو رحمة ربه، فقد علم العلم الحقيقي، فالقنوت بالليل فيه مسائل كثيرة: أولاً: أنه أبعد عن الرياء والسمعة، ثانياً: أن كل جوارحه تفرغتْ للقاء ربه، فالعين مثلاً في ظلمة الليل تستريح من المرائي التي تشغل الإنسان وتأخذ انتباهه؛ لأن كل مرءَى يأخذ جزءاً من خواطرك، فهذا راح وهذا جاء وهذا قال وهذا ..
أما الليل فسكونٌ لا انشغال فيه، فالجوارح كلها خالصة لوجه الله، لا تشغلها المرائي والأصوات. وهذا الجو يوفر لك وقفة حقيقية وخاشعة بين يدي الله.
وفي القنوت تترك النوم وتحرم نفسك راحتها، لتقوم بين يدَيْ ربك ساجداً أو قائماً؛ لذلك يقول الشاعر: خَلوْتُ إلى رَبِّي فَهِمْتُ بِقُرْبه وَصِرْتُ خَفِيفَ النفْسِ كَأنِّي بِلاَ جسْمِ
تَلوْتُ كِتابَ الله فيا نعمَ ما عُوِّضْتُ مِنْ نعمةِ النَّوْمِ
تَمنَّيتُ ليْلي أنْ يطُولَ لأنتهي إلى السِّين مِنْ والنّاسِ موصُولة باسْمِ هذه صفة أهل القنوت الذين يقضون الليل في مناجاة ربهم، وهذا هو حال المرتحل في كتاب الله الذي لا ينتهي إلى السين من والناس حتى يبدأ في بسم الله الرحمن الرحيم في أوله؛ لذلك سبق أنْ قُلْنا: إن القرآن كله مبني على الوصْل، لا على الوقف.
فهل يستوي مَنْ هذا حاله مع مَنْ كفر بالله؟ هذا علم وعمل، ولذلك لم يعلم أو علم ولم يُوظِّف علمه فيما ينفعه. ثم إن العبد حينما يعلم ويعمل بعلمه يُفيض الله عليه بالمزيد، فيعطيه علمَ المكاشفة، وعلمَ الفيض، رحمةً منه سبحانه وفضلاً، كما رأينا في قصة العبد الصالح الذي صاحبه سيدنا موسى - عليه السلام - قال تعالى في شأنه: { { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } [الكهف: 65] كذلك الرحمة هنا في { وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ } [الزمر: 9] أي: الفيوضات الخاصة التي يفيض الله بها على مَنْ ظل في معيته، ونحن نشاهد هذا في عالم البشر، فحين يكون لك صديق يلازمك ويسير في معيتك لا بُدَّ أن تخصَّه بفضلك وخصوصياتك، فما بالك بمَنْ ظل في معية ربه؟ أيعطيك بلا خصوصية؟ أيُسوِّيك بمَنْ يؤدي الفرض وحده؟ لذلك قال سبحانه في الحديث القدسي: "ما تقرب إليَّ عبدي بمثل ما افترضتُه عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْلَه التي يمشي بها، ولئن سألني لأُعطينه" .
وهكذا يدخل العبد في الربانية التي تقول للشيء كُنْ فيكون، وهذه من الفيوضات لمن كان لله ساجداً أو قائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه، يعبده بلا رياء ولا سمعة، ويمنع نفسه النومَ والراحة؛ لأنه أنِسَ بربه، واستراح في قربه.
فقوله تعالى: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9] دلّ على أن هناك علماً اسمه علم المكاشفة، يُفيض الله به على مَنْ يشاء من عباده الصالحين، الذين استحقوا هذه المنزلة، فالعبد الصالح صاحب موسى وعبد الله على منهج موسى، وليس برسول، ومع ذلك فاق الرسول؛ لأن موسى - عليه السلام - أوصله بربه فتقرَّب إليه، حتى صار من أهل المكاشفة واتصل هو بالله مباشرة، وأطلعه الله على ما لم يُطلِع عليه نبيه موسى عليه السلام.
لذلك في آخر قصته مع سيدنا موسى قال: { { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي } [الكهف: 82] إذن: فمهمة الرسل أنْ يُوصلُوا الخَلْق بالخالق، فإذا ما اتصلوا به كان الخط بينهما مباشراً، وكُلٌّ بحسب قُرْبه من ربه.
وقوله سبحانه { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [الزمر: 9].
أي: أصحاب العقول المفكرة التي تبحث في المحسَّات، وتتأمل في الآيات؛ لأن للإنسان حواسَّ تدرك، وعقلاً يرجح ويختار، فيأخذ هذه بالسمع، وهذه بالبصر، وهذه بالأنف ثم يعرضها على العقل لينظرَ ما فيها من الخير وما فيها من الشر، فإنْ كان العقل صحيحاً رجح الخير، واختار من البدائل أجداها فائدة، وأهمها نفعاً. التفاسير العظيمة
-
-
آخر تحديثات الحالة المزاجية
-
أم أنيس تشعر الآن ب حزينة
-
حواء أم هالة تشعر الآن ب راضية
-
مناهل ام الخير تشعر الآن ب سعيدة
-
سارة سيرو تشعر الآن ب مكتئبة
-
samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
-
-
إحصائيات الأقسام
-
إجمالي الموضوعات182110
-
إجمالي المشاركات2535362
-
-
إحصائيات العضوات
منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤
أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..