اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57514
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180564
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8261
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53015
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32200
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37434 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 14 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    2 عضوات تواجدن خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 8، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:   فهذه دُرَر مختصرة من أقوال الفضيل بن عياض رحمه الله، كلُّ دُرَّة عبارة عن سطرٍ واحدٍ، أسأل الله الكريم أن ينفع بها.       • أعلم الناس بالله أخوفهم له.     • من خاف الله دلَّه الخوف على كل خير.     • إنما يهابك الخلق على قدر هيبتك لله.     • من خاف الله لم يضرَّه شيء، ومن خاف غير الله لم ينفعه شيء.     • رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة.   • من جلس إلى صاحب بدعة فاحذروه.       • أحب أن يكون بيني وبين المبتدع حصن من حديد.   • من جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة.     • لا تجلس مع صاحب بدعة؛ فإني أخشى عليك اللعنة.     • احذروا الدخول على صاحب البدع؛ فإنهم يصدون عن الحق.     • لا يمكن أن يكون صاحب سنة يمالئ صاحب بدعة إلا من النفاق.     • من جلس إلى صاحب بدعة أورثه الله العمى؛ يعني في قلبه.       • إياك أن تجلس مع صاحب بدعة؛ فإني أخشى عليك مقت الله عز وجل.       • صاحب بدعة لا تأمنه على دينك، ولا تشاوره في أمرك، ولا تجلس إليه.     • من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة، خرج من عصمة الله، ووكل إلى نفسه.     • إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خُلُق حماري وخادمي.     • قال الله عز وجل: "إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني".     • إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبَّل، كبَّلَتْكَ خطيئتُك.     • من عفا وأصلح فأجْرُه على الله.     • صاحب العفو ينام الليل على فراشه، وصاحب الانتصار يقلب الأمور.     • أعرف من يعدُّ كلامه من الجمعة إلى الجمعة.       • احفظ لسانك وأقبِلْ على شأنك، واعرف زمانك وأخْفِ مكانك.     • المؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل.     • تكلُّمك فيما لا يعنيك يشغلك عما يعنيك، ولو شغلك ما يعنيك تركت ما لا يعنيك.     • من ساء خُلُقه ساء دينه وحسبُهُ ومودَّتُهُ.     • خالط حسن الخلق؛ فإنه لا يدعو إلا إلى الخير، وصاحبه منه في راحة.     • لا تخالط سيئ الخلق؛ فإنه لا يدعو إلا إلى الشر، وصاحبه منه في عناء.       • المؤمن... زهادته في الدنيا على قدر شوقه إلى الجنة.     • المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط.     • المؤمن يستر ويعظ وينصح، والفاجر يهتك ويعير ويفشي.     • أشد الورع في اللسان.     • لا حج ولا جهاد أشدّ من حبس اللسان.     • ما تزين الناس بشيء أفضل من الصدق.     • من عامل الله عز وجل بالصدق أورثه الله عز وجل الحكمة.     • الله عز وجل يسأل الصادقين عن صدقهم...كيف بالكذابين المساكين؟! ثم بكى.     • إن الله يحب العالم المتواضع، ويبغض العالم الجبار.     • العلماء إذا تعلموا عملوا، وإذا عملوا شغلوا، وإذا شغلوا فقدوا، وإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا.     • ربما دخل العالم على السلطان ومعه دينه فيخرج وما معه منه شيء؛ يمدحه ويصدقه في كذبه.     • على الناس أن يتعلموا، فإذا علموا فعليهم العمل.     • من عمل بما علم استغنى عما لا يعلم، ومن عمل بما علم وفَّقه الله لما لا يعلم.     • الكنود: الذي أنْسَتْه الخصلةُ الواحدةُ من الإساءة الخصالَ الكثيرةَ من الإحسان.     • الشكور: الذي أنْسَتْه الخصلةُ الواحدةُ من الإحسان الخصالَ الكثيرةَ من الإساءة.     • كفى بخشية الله علمًا.     • أكذب الناس العائد في ذنبه.     • أجهل الناس المدِلُّ بحسناته.     • اسلك الحياة الطيبة: الإسلام والسنة.     • ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل.     • الغبطة من الإيمان، والحسد من النفاق.     • فرح الدنيا للدنيا يذهب بحلاوة العبادة.     • رحم الله امرأ أخطأ وبكى على خطيئته.     • شكر كل نعمة ألَّا تعصي الله بعد تلك النعمة.     • إذا أراد أن يُتحف العبد سَلَّط عليه من يظلمه.     • من أحب أن يُذكر لم يُذكر، ومن كرِه أن يُذكر ذُكِرَ.       • الذاكر سالم من الإثم ما دام يذكر الله، غانم من الأجر.     • اثنتان تقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل.     • ما حليت الجنة لأمة ما حليت لهذه الأمة، ثم لا ترى لها عاشقًا.     • قال رجل له: إن فلانًا يغتابني، قال: قد جلب لك الخير جلبًا.     • علامة الزهد في الناس: إذا لم يحبَّ ثناء الناس عليه، ولم يُبال بمذمَّتهم.     • أنا منذُ خمسين سنة أطلب صديقًا إذا غضب لا يكذب عليَّ، ما أجده.     • ما عليك أن تكون مذمومًا عند الناس، إذا كنت محمودًا عند الله تعالى؟     • إني لأرحم ثلاثة: عزيز قوم ذل، وغني قوم افتقر، وعالمًا تلعب به الدنيا.     • إنما تقاطع الناس بالتكلف، يزور أحدهم أخاه فيتكلف له، فيقطعه ذلك عنه.     • من خالط الناس...إما أن يخوض معهم إذا خاضوا في الباطل، أو يسكت إن رأى منكرًا فيأثم.       • كفى بالله محبًّا، وبالقرآن مؤنسًا، وبالموت واعظًا، اتخذ الله صاحبًا، وذر الناس جانبًا.     • التواضع أن تخضع للحق ولو سمعته من صبي...ولو سمعته من أجهل الناس قبلته منه.     • من وقي خمسًا وقي شر الدنيا والآخرة: العجب، والرياء، والكبر، والإزراء، والشهوة.   • اللهم زهِّدنا في الدنيا؛ فإنه صلاح قلوبنا وأعمالنا، وجميع طلباتنا، ونجاح حاجاتنا.       • لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام؛ فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد.     • ما على الرجل... إذا لم يكن صاحب هوى، ولا يشتم السلف، ولا يخالط السلطان.     • من علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول، ومن علم أنه مسئول فليُعد للسؤال جوابًا.     • لو كانت الدنيا من ذهب يفنى والآخرة من خزف يبقى، لكان أن نختار خزفًا يبقى على ذهب يفنى.     • العمل لا يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا؛ فالخالص إذا كان لله، والصواب إذا كان على السنة.     • وعظ هارون الرشيد فقال: يا حسن الوجه، حساب الخلائق كلهم عليك، فبكى الرشيد.     • قال لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة، قال: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ.     • أحسِن فيما بقي، يغفر لك ما مضى؛ فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.     • أخلاق الدنيا والآخرة أن تَصِلَ مَنْ قَطَعَك، وتُعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك.     شبكة الالوكة فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ    
    • (وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ )٣٠-الشورى كلمة أصاب مأخوذة من إصابة السهم للهدف، فإذا كان الرامي حاذقاً أصاب الهدف دون انحراف، فكأن المصائب في الدنيا سهام أُطْلقت بالفعل، وهي لا بدَّ صائبة أصحابها. لذلك يقولون: إن المصيبة ليست ناشئة حال وقوعها، إنما هي مُقدَّرة أزلاً، وسهم أُطلق بالفعل، فوقتها هو مسافة سفر السهم إليك، كما سبق أنْ قُلْنا في مصيبة الموت.
      فهو إذن مسألة مفروغ منها وأمر مُسجَّل ومكتوب عليه أزلاً ليس حادثاً، فالكون كله له (ماكيت) مُسجَّل ومُوضَّح به كل شيء. لذلك قال تعالى: { { مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [الحديد: 22] إذن: لا مفرَّ أبداً من المصيبة ولا مهربَ منها، ولا يمكن أبداً أنْ نحتاط لها، لأن السهم الذي أُطلِق لا يُرد.
        والمصائب التي تصيب الإنسان على نوعين: نوع لك فيه دَخْل ويد، ونوع لا دخلَ لك فيه، فمثلاً التلميذ الذي يرسب آخر العام لأنه أهمل دروسه ولم يجتهد لا شكَّ أن له دخلاً في هذه المصيبة التي حلَّت به آخر العام، فإذا كنت لا تريد أن تصيبك هذه المصيبة فخُذْ بأسباب النجاح واحذر أسباب الفشل وسوف تجد النجاح.
      الأخرى: مصيبة لا دخْلَ لك فيها، كالتلميذ يذاكر ويجتهد ويحفظ دروسه لكن يصيبه دوار ساعة الامتحان أو مرض مفاجئ فلا يستطيع إكمال الامتحان فيرسب، هذا حدث بقدر الله والذي أجرى عليه القدر ربه عز وجل، ولا بدَّ أنَّ له فيه حكمة، لذلك يجب الرضا بهذه المصيبة على أنها قضاء الله وقدره، والمصيبة تهون مهما كانت عظيمة حينما يؤمن المصاب بها أنها من الله لا من أحد سواه.
        وسبق أنْ أوضحنا هذه المسألة بمثال من الواقع. قلنا: هَبْ أنك جالس فدخل عليك ابنك الصغير ووجهه يسيل منه الدم، وإن أول ما يتبادر إلى ذهنك أن تسأله: مَنْ فعل بك هذا؟ إذن: لم تحكم على الحدث إنما سألتَ عن صاحبه؛ لأن الحدث في ذاته لا يُحزن ولا يُفرح إلا بمصاحبة الفاعل.
      فإنْ قال لك الولد: عمِّي فلان ضربني تهدأ. وتقول له: لا بدَّ أنكَ فعلتَ شيئاً يستحق العقاب، أما إنْ قال لك: ضربني فلان جارنا تغضب وتقيم الدنيا ولا تقعدها.
        إذن: الحدث إنْ كان من مُحبٍّ قبلناه، وعلمنا أن وراءه مصلحة ورضينا به، وإنْ كان من عدو فلا مصلحةَ فيه واعترضنا عليه.
      فالحق سبحانه يريد أنْ يُعلِّمنا كيفية استقبال المصائب وأنَّ كلَّ مصيبة تأتي لها سبب، فإنْ عرفناه كان بها، وإنْ جهلناه قلنا لا بدَّ أن لله فيه حكمة ودخلنا من باب الرضا والتسليم بدل أن ندخل من باب السخط والاعتراض.
      فالطالب الذي أصابه دوار ولم يؤدِّ الامتحان يقول في نفسه: لعلَّني كنت مغروراً، فأراد الله أنْ يقضي على غروري، أو لعلَّني كنت سأحصل على مجموع أقل مما أريد، أو لعلَّ الله دفع عني بذلك عيون الحاسدين.
      ألم يقل الحق سبحانه في حق نبيه صلى الله عليه وسلم: { { وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ .. } [القلم: 51].
      والحق سبحانه وتعالى في سورة الكهف يعطينا مثالاً ونموذجاً يُعلِّمنا كيف نستقبل الأحداث؟ وكيف نتقبل المصائب؟ فما دام أنه لا دخْلَ لك فيها فلا بدَّ أن لله فيها حكمة، تقرأون قصة العبد الصالح مع سيدنا موسى عليهما السلام، فالعبد الصالح لم يكُنْ نبياً ومع ذلك تعلَّم منه النبي وطلب مصاحبته، فالعبد حينما يرتقي في علاقته بربه يفتح الله عليه فتوحات من عنده ويعلمه علماً لا يعطيه إلا لخاصته.
      العبد الصالح كان يعبد الله على منهج سيدنا موسى، ومع ذلك تبعه موسى ليتعلم منه، لأن مهمة الرسول أن يصل المرسل إليه بربه، فإذا ما وصله بربه تركه وشأنه مع الله، وعندها يكون كل عبد (وشطارته) في علاقته بالله تعالى، فهذا العبد الصالح تقرَّب إلى الله ودخل معه سبحانه في وُدٍّ، فكان له معه شأن خاص.
      انظر سيدنا موسى يقول للعبد الصالح: { { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } [الكهف: 66-67] ذلك لأنك سترى أموراً لا تعجبك وأفعالاً لا تدرك أنت حكمتها { { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً * قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً * قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } [الكهف: 68-70].
      ثم تبدأ الرحلة وينطلق موسى في صحبة العبد الصالح، وأول حدث بينهما كانت السفينة { { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } [الكهف: 71].
      هذا أول اعتراض من موسى، لأن الفعل في ظاهره غريب يستحق الاعتراض. { { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً * فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } [الكهف: 72-74] يعني: منكراً.
      نعم موسى لم يستطع أن يصبر وهو يرى هذا الفعل العجيب المنكر في نظره { { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً * فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } [الكهف: 75-77].
      وكانت هذه هي الثالثة، وتحقق الشرط الذي قطعه موسى على نفسه، فقرر العبد الصالح مفارقته، لكن قبل أن يفترقا قال له: تعالَ أوضح لك ما لم يحتمله صبرك في هذه الأحداث: { { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً * أَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي ٱلْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } [الكهف: 78-79] أي: يأخذ كل سفينة صالحة.
      ولا شكَّ أن خرق السفينة مصيبة لأصحابها في ظاهر الأمر، لكن لله تعالى فيها حكمة، حيث كان وراء هؤلاء المساكين ملك ظالم يأخذ كل سفينة جيدة ويغتصبها، فأردتُ أنْ أُحدِثَ بها عيباً حتى لا يأخذها.
      إذن: فنحن هنا لا نقارن بين سفينة مخروقة وسفينة صالحة، إنما بين سفينة مخروقة وعدم وجود سفينة أصلاً، فخرْق السفينة أهونُ بالنسبة لأصحابها من أخذها كلية، ثم بإمكانهم أنْ يُصلحوها بعد ذلك، المهم أنْ تسلم لهم من هذا الملك. { { وَأَمَّا ٱلْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِّنْهُ زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً } [الكهف: 80-81] ففي علم الله تعالى أنه سيكون ولداً عاقاً يُحدث فتنة لأبويه، كما قال سبحانه: { { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ .. } [التغابن: 14] فكان في القضاء عليه حكمة.
      فإنْ قلت: فما ذنبُ الغلام يُقتل وهو صغير؟ قالوا: لا ذنب له لكنه لم يخْلُ من مصلحة وخير يلحقه هو أيضاً حيث أُخِذ وهو صغير، فقد اختصرنا له الحياة فلم يُعانِ فيها، ولم يقترف شيئاً من سيئاتها، ومات قبل سِنِّ التكليف فلن يُحاسب على شيء، ثم سيكون في عداد الشهداء، ومسكنه في الجنة يتجول فيها حيث أراد ويدخل منها أيَّ مكان حتى على رسول الله، فهو من (دعاميص) الجنة، إذن: فقتله جاء رحمة به. { { وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً } [الكهف: 82].
        أولاً عرفنا أن هذه القرية فيها ناس لئآم لا خير فيهم، بدليل أنهم منعوهما الطعام ومَنْع الطعام فيه لُؤْم وخِسَّة، لأن الذي يسأل الطعام غير الذي يسأل المال، الذي يسألك مالاً ربما ليكنزه، أمَّا سؤال الطعام فلا يكون إلا عن حاجة.
      لذلك قالوا: أصدق سؤال مَنْ يسألكم طعاماً، فلما منعوهما الطعام كان أمراً عجيباً أنْ يبني لهم العبد الصالح الجدار، فما قصته؟ كان الجدار لغلامين يتيمين في المدينة، وتصوَّر حال اليتيمين بين هؤلاء اللئام، كيف لو ظهر لهم هذا الكنز؟
      وقد فهمنا من هذه المسألة أن صلاح الآباء ينفع الأبناء، وأن الغلامين كانا توأماً، بدليل قوله تعالى { { أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا .. } [الكهف: 82] فلو كان أحدهما أكبر من الآخر ربما أخذه لنفسه، وأن العبد الصالح بنى الجدار بناء موقوتاً، بحيث يعيش فقط حتى سِنِّ البلوغ لهذين الغلامين، ثم ينهار فيجدا الكنز ويستطيعا حمايته من هؤلاء اللئام، ثم في بناء الجدار عقاب لهؤلاء البخلاء وقصاص منهم على بخلهم، حيث منعهم من أخذ أموال هذا الكنز.
      وأخيراً لم يَفُتْ العبد الصالح أنْ يُبيِّن لسيدنا موسى أنَّ ما فعله لم يكُنْ من عنده، إنما بأمر من الله { { وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي .. } [الكهف: 82] إنما عن أمر الله، إذن: حين تنزل المصيبة وليس لك فيها دَخْل فابحث عن الحكمة منها، ولا بدَّ أنك ستجدها وتهتدي إليها.
        والخطاب في { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ .. } [الشورى: 30] خطاب للعموم يشمل المؤمنين والكفار، الكافر لأنه دخل المعركة فهُزم فإنْ أخذ ماله أو قتل فبكفره، أما المؤمن فقد يكون ارتكب مخالفات ومعاصي تستوجب أنْ يعاقب كما في حدّ الزنا، وحدّ شرب الخمر مثلاً، أو أن يُعزَّز.
      والحق سبحانه وتعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم أنْ يُنبِّه أمته، وأنْ يُعلِّمها كيف تستقبل المصائب، فقال صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المؤمن من نصيب ولا وصب حتى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه" .
        لذلك يقول أحد العارفين: إنِّي لأعرف مقامي عند ربي من خُلُق دابتي، يعني: حين تحرَن منه دابته أو تتعثَّر يسأل نفسه: ماذا فعلتُ حتى تحرنَ الدابة؟ وسيدتنا أسماء بنت سيدنا أبي بكر كان يلازمها شيء من الصداع، فكانت تمسك برأسها وتقول: بذنبي ويعفو الله عن كثير.
      ولتوضيح هذه المسألة قلنا: إن الحق سبحانه خلق الإنسان وحدَّد مهمته في الحياة، ووضع له منهجاً يحميه ويُنظم حركته فيها، فإنْ خالف هذا المنهج لا بدَّ أنْ يحدث له عطب، مثل الآلة يصنعها الإنسان، ويضع لها (كتالوجاً) يوضح كيفية استخدامها، فإنْ خالفت هذه التعليمات تعطلتْ الآلة.
        فالحق سبحانه يريد منَّا أنْ نعِيَ هذه القضية، ليطمئن المؤمن حين تصيبه مصيبة أو تنزل به نازلة، فيصبر ولا يجزع ولا يتسخط، بل يبحث عن الحكمة أو ينظر في نفسه: ماذا فعلتُ لتنزل بي هذه المصيبة، فهي ولا بدَّ تغسل عني شيئاً اقترفتُه وذنباً ارتكبته.
      هذا حال المؤمن الناصح أنْ يعود لنفسه وأنْ يحاسبها؛ لأنه يعلم مما علَّمه الله أن الدنيا دارُ عمل لا دار جزاء، الجزاء في الآخرة { { ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ .. } [غافر: 17] إذن: ما يقع لي في الدنيا من ابتلاءات ومصائب ليس جزاءً؛ إنما لفْتُ نظر للعمل الصالح، ولأتعلم من مادية الأشياء أنَّ المخالفة لا بدَّ أنْ يكون لها عقاب.
      ثم نحن نشاهد المصائب تحلُّ بالصديق وبالزنديق وتعمُّ الجميع حتى الأنبياء، لذلك ورد في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشدُّ الناس بلاءً: الأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل" .
      فالابتلاءات للأنبياء ليستْ لذنوب ارتكبوها، إنما امتحان في التكليف وأُسْوة للغير، أُسْوة تصلح حال القوم وتُعلِّمهم الصبر عند المصيبة، فحين تنزل بنا المصائب نتذكر مصائب الأنبياء، وكيف أنهم صبروا فنصبر مثلهم، ونصحِّح من سلوكنا مع الله.
        وقوله: { وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [الشورى: 30] يعني: كثير من ذنوبنا وخطايانا، ولولا عفوه تعالى ورحمته بخَلْقه ما نجا أحد.
      لذلك نقول لمن تصيبه مصيبة (كفارة إنْ شاء الله) يعني: جعلها الله كفارةً لذنوبك، وقد ورد في الحديث القدسي: "وعِزَّتي وجلالي لا أُخرِج عبدي من الدنيا وقد أردتُ به الخير حتى أوفيه ما عمله من السيئات، من مرض في جسمه، أو خسارة في ماله، أو فَقْد ولده، فإذا بقيتْ عليه سيئة ثقَّلْتُ عليه سكرات الموت حتى يأتي كما ولدتْه أمه. وعزتي وجلالي لا أُخرج عبدي من الدنيا وقد أردتُ به الشر حتى أُوفِّيه ما عمله من الحسنات: من صحة في جسمه، وكثرة في ماله، وسلامة في ولده حتى يأتي يوم القيامة، وليس له عندي حسنة، لأنني قلت: لا أضيع أجر من أحسن عملاً" . نعم يغدق الله عليه الخير في دار الفناء لأنه لا حظَّ له في دار البقاء.   التفاسير العظيمة
    • كل وسيلة يمكن أن تؤدي إلى الشرك الأكبر، ولم تبلغ رتبة العبادة، ولا يخرج فاعله من الإسلام، ولكنه من الكبائر: 1- الرياء اليسير: والتصنُّع للمخلوق، كالمسلم الذي يعمل لله، ويُصلي لله ولكنه يحسن صلاته وعمله لِيمدَحَه الناس، قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].   وقال صلى الله عليه وسلم: « إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ »؛ [صحيح: رواه أحمد].   2 - الحلف بغير الله لقوله صلى الله عليه وسلم: « مَن حَلفَ بغير الله فقد أشرك »؛ [صحيح: رواه أحمد]. وقد يكون الحلف بغير الله من الشرك الأكبر، وذلك إذا اعتقد الحالف أن الولي له تصرفات يضره إذا حلف به كاذبًا.   3 - الشرك الخفِي: وفسره ابن عباس بقول الرجل لصاحبه: " ما شاء الله وشئت "، ومثله: " لولا الله وفلان"، ويجوز أن نقول: " لولا الله ثم فلان ". قال صلى الله عليه وسلم: « لا تقولوا ما شاء الله، وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان »؛ [صحيح: رواه أحمد وغيره].   مِن مظاهر الشرك: إن مظاهر الشرك المنتشرة في العالم الإسلامي هي السبب الرئيسي في مصائب المسلمين، وما يلاقونه من الفتن والزلازل والحروب، وغيرها من أنواع العذاب الذي صبَّه الله على المسلمين، بسبب إعراضهم عن التوحيد، وظهور الشرك في عقيدتهم وسلوكهم، والدليل على ذلك ما نراه في أكثر بلاد المسلمين من مظاهر الشرك المتنوعة التي حسبها الكثير من المسلمين أنها من الإسلام، ولذلك لم ينكروها، علمًا بأن الإسلام جاء ليحطم مظاهر الشرك، أو المظاهر التي تؤدي إليه، وأهم هذه المظاهر:   1- دعاء غير الله: ويظهر ذلك في الأناشيد والقصائد التي تقال بمناسبة الاحتفال بالمولد أو بذكرى تاريخية، فقد سمعتهم ينشدون: يا إمام الرسل يا سنَدي أنتَ بابُ الله ومُعتمدي وفي دنياي وآخرتي يا رسول الله خُذ بيدي ما يُبدِلُني عسر يُسرا إلَّاكَ يا تاج الحضره   ولو سمع الرسول مثل هذا لتبرأ منه، إذ لا يبدل العسر باليسر إلا الله وحده، ومثلها قصائد الشعر التي تكتب في الجرائد والمجلات والكتب، وفيها طلب المدد والعون والنصر من الرسول والأولياء والصالحين العاجزين عن تحقيقها...   2- دفن الأولياء والصالحين في المساجد: فترى في أكثر بلاد المسلمين القبور في بعض المساجد، وقد بُنيت عليها القباب، وبعض الناس يسألونها من دون الله، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))؛ [متفق عليه]. فإذا كان دفن الأنبياء في المساجد ليس مشروعًا، فكيف يجوز دفن المشايخ والعلماء؟ عِلمًا بأن هذا المدفون قد يُدعى مِن دون الله، فيكون سببًا لحصول الشرك، والإسلام يُحرم الشرك، ويُحرم وسائله المؤدية إليه.   3- النذر للأولياء: بعض الناس ينذرون ذبيحة أو مالًا أو غير ذلك للولي الفلاني، وهذا النذر شرك يجب عدم تنفيذه، لأن النذر عبادة وهي لله وحده. قالت امرأة عمران: ﴿ رب إني نذرتُ لكَ ما في بطني مُحرَّرًا ﴾. [آل عمران:35].   4- الذبح عند قبور الأنبياء والأولياء: ولو كانَتِ النية أن الذبيحة لله، فهو من عمل المشركين الذين كانو يذبحون عند تماثيل أصنامهم الممثلَة لأوليائهم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله مَن ذبح لغير الله))؛ [رواه مسلم].   5- الطواف حول قبور الأنبياء والأولياء: كالجيلاني والرفاعي والبدوي والحسين وغيرهم، لأن الطواف عبادة لا يجوز إلا حول الكعبة لقوله تعالى: ﴿ ولْيطَّوَّفُوا بالبيتِ العتيقِ ﴾ [الحج: 29].   6- الصلاة إلى القبور: وهي غير جائزة لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجلسوا على القبور، ولا تُصَلُّوا إليها))؛ [رواه مسلم].   7- شد الرحال إلى القبور: للتبرك بها، أو للصلاة عندها لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُشَدُّ الرِحال إلَّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى))؛ [متفق عليه]. وإذا أردنا الذهاب إلى المدينة المنورة فنقول: ذهبنا لزيارة المسجد النبوي ثم السلام على صاحبه صلى الله عليه وسلم.   8- الحكم بغير ما أنزل الله: كالحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للقرآن الكريم، والسنة الصحيحة إذا اعتقد جواز العمل بتلك القوانين، ومثلها الفتاوى التي تصدر عن بعض المشايخ، وهي تتعارض مع النصوص الإسلامية، كتحليل الربا[1]الذي أعلن الله الحرب على فاعله.   9- طاعة الحكام، أو العلماء والمشايخ: في أمر يخالف نص القرآن أو السنة الثابتة، وهذا يُسمى شرك الطاعة [2]، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق))؛ [صحيح: رواه أحمد]. وقوله تعالى: ﴿ اتخذوا أحبارَهم ورُهبانهم أربابًا مِن دون الله والمسيحَ ابنَ مريم وما أُمِروا إلا ليَعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يُشركون ﴾ [التوبة: 31].   وقد فسر حذيفة العبادة بالطاعة فيما أحل لهم علماء اليهود وحرَّموا.   المشاهد والمزارات: إن المشاهد التي نراها في البلاد الإسلامية، كبلاد الشام والعراق ومصر وغيرها من البلاد لا توافق تعاليم الإسلام، فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، ففي الحديث الصحيح: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجصَّصَ القبر وان يُقعَد عليه، وأن يُبنى عليه))؛ [رواه مسلم].   والتجصيص: (يشمل الدهان بالكلس وغيره) وفي رواية صحيحة للترمذي: "وأن يُكتب عليه" (القرآن والشعر وغيره).   1- إن هذه المزارات أكثرها غير صحيح: فالحسين بن علي رضي الله عنه استشهد في العراق، ولم يصل إلى مصر فقبره في مصر غير صحيح، وأكبر دليل على ذلك أن له قبرًا في العراق ومصر والشام؛ ودليل آخر، وهو أن الصحابة لا يدفنون الموتى في المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم: « قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد »؛ [منفق عليه].   والحكمة في ذلك حتى تبقى المساجد خالية من الشرك، قال تعالى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]. والثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم دُفن في بيته، ولم يدفن في مسجده، وقد وسع الأمويون المسجد فأدخلوه فيه، وليتهم لم يفعلوا؛ وقبر الحسين الآن في المسجد يطوف بعض الناس حوله، ويطلبون حاجاتهم التي لا تطلب إلا من الله، كشفاء المرضى، وتفريج الكربات وديننا يأمرنا أن نطلبها من الله وحده، وألا نطوف إلا حول الكعبة، وقال تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29].   2- إن مشهد السيدة زينب بنت علي، في مصر ودمشق غير صحيح، لأنها لم تمت في مصر، ولا في الشام، والدليل على ذلك وجود مشهد لها في كل منهما!!   3- إن الإسلام ينكر بناء القباب على القبور، وجَعلَها في المساجد ولو كانت حقيقة، كقبر الحسين في العراق، وعبد القادر الجيلاني في بغداد والإمام الشافعي في مصر وغيرهم، للنهي العام الوارد المتقدم؛ وحَدثني شيخ صادق أنه رأى رجلًا يصلي إلى قبر الجيلاني، ويترك القبلة، وقدم النصيحة له فرفضها، وقال له: أنت وهابي!! وكأنه لم يسمع قوله صلى الله عليه وسلم: « لا تجلسوا على القبور ولا تُصَلّوا إليها »؛ [رواه مسلم].   4- إن أكثر المشاهد في مصر بنتها ما تسمى بالدولة الفاطمية[3]، وقد ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" (ج 11/ ص 346) قائلًا عنهم: (كفار، فساق، فجار، مُلحدون، زنادقة، مُعطلون، للإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية مُعتقدون). هؤلاء الكفار، راعهم لما رأوا المساجد تمتلئ بالمصلين، وهم لا يُصلون ولا يَحجون ويحقدون على المسلمين، ففكروا في صرف الناس عن المساجد، فأنشؤوا القباب والمزارات الكاذبة، وزعموا أن فيها الحسين بن علي، وزينب بنت علي، وأقاموا احتفالات ليجذبوا الناس إليها، وسَمُّوا أنفسهم بالفاطميين تَسَتُّرًا ليميل الناس إليهم، ثم أخذ المسلمون عنهم هذه البدع التي أوقعتهم في الشرك، وصرفوا لها الأموال الطائلة، وهم في أمس الحاجة إليها لشراء الأسلحة للدفاع عن دينهم وكرامتهم.   5 - إن المسلمين الذين صرفوا الأموال على بناء القباب والمزارات والجدران والشواهد على القبور، لا تفيد الميت شيئًا، ولو أعطوا هذه الأموال للفقراء لنفعت الأحياء والأموات؛ علمًا بأن الإسلام يُحرم البناء على القبور كما تقدم. وقال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: « لا تَدَعْ تمثالًا إلا طمستَه، ولا قبرًا مُشرِفًا إلا سوَّيته »؛ [رواه مسلم]. (أي لا تترك قبرًا مرتفعًا إلا كسرته، وجعلته قريبًا من الأرض). وقد سمح الإسلام أن يرفع القبر قدر شبر حتى يُعرف.   6- وهذه النذور التي تُقدم للأموات، هي من الشرك الأكبر، يأخذها الخدام بالحرام، وقد يصرفونها في المعاصي والشهوات فيكون صاحب النذر والمعطَى شريكه في ذلك. ولو أُعطي هذا المال باسم الصدقة للفقراء لاستفاد الأحياء والأموات وتحقق للمتصدق ما يحتاجه في قضاء حوائجه.   اللهم أرِنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه وحببنا فيه وأرِنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه وكَرهنا فيه.   [1] متعمدًا غير متأول. [2] إذا اعتقد المطيع جواز طاعتهم في المعصية. [3] اسمهم الحقيقي (العُبَيْديون) نسبة إلى عبيد بن سعد ذكر اسمه ابن كثير فى البداية والنهاية ج 11/ 346.   الشيخ محمد جميل زينو   شبكة الالوكة
    • ذكر المفسرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه قوم من عظماء أهل الشرك، فرأوه جالساً مع بعض صحابته، من بينهم: خَبَّاب، وصهيب، وبلال، فسألوه أن يقيمهم عنه، إذا حضروا. قالوا: فَهَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل، فأنزل الله عليه: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} (الأنعام:52). ثم كاد يقوم، ويتركهم قعوداً، فأنزل الله عليه: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} (الكهف:28). ولنا مع هذه الآية الأخيرة الوقفات التالية:

      الوقفة الأولى: قوله عز وجل: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي}. هذا أمر منه سبحانه لنبيه بملازمة ضعاف المسلمين، بقوله: {واصبر نفسك }، أي: احبسها معهم حبس ملازمة. قال السعدي: "في قوله: {واصبر نفسك} أَمْرٌ بصحبة الأخيار، ومجاهدة النفس على صحبتهم، ومخالطتهم، وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يحصى...و(الصبر) المذكور في هذه الآية، هو الصبر على طاعة الله، الذي هو أعلى أنواع الصبر، وبتمامه تتم باقي الأقسام".

      وقد ذكر المفسرون في (الدعاء) = {يدعون} الذي كان هؤلاء الرهط، الذين يدعون ربهم به أقوالاً: فقال بعضهم: هو الصلوات الخمس. وقال آخرون: هو شهود الصلوات المكتوبة. وقال آخرون: ذكرهم الله تعالى ذكره. وقال آخرون: كان ذلك تعلمهم القرآن وقراءته. وقال آخرون: عبادتهم ربهم.

      والصواب أن يقال: إن الله سبحانه أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه {مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} و(الدعاء لله)، يكون بذكره وتمجيده والثناء عليه قولاً باللسان، وعملاً بالجوارح. وقد يجوز أن يكون القوم كانوا جامعين هذه المعاني كلها، فوصفهم الله بذلك بأنهم يدعونه بالغداة والعشي؛ لأن الله قد سمى (العبادة) (دعاء)، فقال تعالى ذكره: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} (غافر:60). قال الطبري: "ولا قول أولى بذلك بالصحة، من وصف القوم بما وصفهم الله به: من أنهم كانوا يدعون ربهم بالغداة والعشي، فيُعمُّون بالصفة التي وصفهم بها ربهم، ولا يخصون منها بشيء دون شيء".

      الوقفة الثانية: قوله سبحانه: {بالغداة والعشي} ذكروا في المراد منها وجوهاً: الأول: المراد كونهم مواظبين على دعاء ربهم في كل الأوقات، كقول القائل: ليس لفلان عمل بالغداة والعشي إلا قراءة القرآن. الثاني: أن المراد صلاة الفجر والعصر. الثالث: المراد أن (الغداة) هي الوقت الذي ينتقل فيه الإنسان من النوم إلى اليقظة، وهذا الانتقال شبيه بالانتقال من الموت إلى الحياة. و(العشي) هو الوقت الذي ينتقل فيه الإنسان من اليقظة إلى النوم، ومن الحياة إلى الموت. والإنسان العاقل يكون في هذين الوقتين كثير الذكر لله، عظيم الشكر لآلاءه ونعمائه.

      قال ابن عاشور هنا: "هذا الكلام تعريض بحماقة سادة المشركين، الذين جعلوا همهم وعنايتهم بالأمور الظاهرة، وأهملوا الاعتبار بالحقائق والمكارم النفسية، فاستكبروا عن مجالسة أهل الفضل والعقول الراجحة والقلوب النيرة، وجعلوا همهم الصور الظاهرة".

      الوقفة الثالثة: قوله عز وجل: {ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا}، يخاطب سبحانه نبيه طالباً منه أن لا يصرف عينيه عن هؤلاء الذين أمره أن يصبر نفسه معهم إلى غيرهم من الكفار. قال ابن عباس رضي الله عنه: ولا تجاوزهم إلى غيرهم. يعني: تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة، وتتزين بمجالسة هؤلاء الرؤساء، الذين اقترحوا إبعاد الفقراء من مجلسك. قال القرطبي: "ولم يُرِدِ النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل ذلك، ولكن الله نهاه عن أن يفعله، وليس هذا بأكثر من قوله: {لئن أشركت ليحبطن عملك} (الزمر:65). وإن كان الله أعاذه من الشرك".

      قال ابن عاشور: "وهذا الكلام تعريض بحماقة سادة المشركين الذين جعلوا همهم وعنايتهم بالأمور الظاهرة، وأهملوا الاعتبار بالحقائق والمكارم النفسية، فاستكبروا عن مجالسة أهل الفضل والعقول الراجحة والقلوب النيرة، وجعلوا همهم الصور الظاهرة. هذا نهي جامع عن ملابسة شيء مما يأمره به المشركون. والمقصود من النهي تأسيس قاعدة لأعمال الرسول والمسلمين تجاه رغائب المشركين، وتأييس المشركين من نوال شيء مما رغبوه من النبي صلى الله عليه وسلم".

      الوقفة الرابعة: قوله تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه}، ينهى سبحانه نبيه عن طاعة من شُغِلَ قلبه بالكفر، وغلبه الشقاء عليه، واتبع هواه، وتَرَك اتباع أمر الله ونهيه، وآثر هوى نفسه على طاعة ربه. وبعبارة مختصرة: شُغِل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا. قال الرازي: "لما بالغ في أمره بمجالسة الفقراء من المسلمين، بالغ في النهي عن الالتفات إلى أقوال الأغنياء والمتكبرين".

      والآية تدل -كما قال الرازي- على أن شر أحوال الإنسان، أن يكون قلبه خالياً عن ذكر الحق، ويكون مملوءاً من الهوى الداعي إلى الاشتغال بالخلق؛ ذلك أن ذكر الله نور، وذكر غيره ظلمة...فالقلب إذا أشرق فيه ذكر الله، فقد حصل فيه النور والضوء والإشراق، وإذا توجه القلب إلى الخلق، فقد حصل فيه الظلم والظلمة، بل الظلمات؛ فلهذا السبب، إذا أعرض القلب عن الحق، وأقبل على الخلق، فهو الظلمة الخالصة التامة، فالإعراض عن الحق هو المراد بقوله: {أغفلنا قلبه عن ذكرنا}، والإقبال على الخلق، هو المراد بقوله: {واتبع هواه}.

      فالآية دالة بالعبارة والإشارة على أن الذي ينبغي أن يطاع، ويكون إماماً للناس، من امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه، فلهج بذكر الله، واتبع مرضاة ربه، فقدمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما مَنَّ الله به عليه، فحقيق بذلك، أن يُتبع ويُقتدى به.

      الوقفة الخامسة: قوله سبحانه: {وكان أمره فرطا}، للمفسرين أقوال في المراد من قوله سبحانه: {وكان أمره فرطا}، فقال بعضهم: كان أمره ضياعاً. وقال آخرون: كان أمره ندماً. وقال آخرون: هلاكاً. وقال آخرون: خلافاً للحق. واختار الطبري أن أولى الأقوال أن يكون "معناه: ضياعاً وهلاكاً، من قولهم: أفرط فلان في هذا الأمر إفراطاً: إذا أسرف فيه، وتجاوز قدره، وكذلك قوله: {وكان أمره فرطا} معناه: وكان أمر هذا الذي أغفلنا قلبه عن ذكرنا في الرياء والكبر، واحتقار أهل الإيمان، سَرَفاً قد تجاوز حده، فضيع بذلك الحق وهلك".

      فالآية تنهى عن طاعة واتباع من كانت أعماله وأفعاله سَفَهاً وتفريطاً وضياعاً؛ إذ كيف يكون مَنْ هذه صفته أهلاً للاتباع والاقتداء. قال الرازي: "وهذه الحالة صفة من لا ينظر لدينه، وإنما عمله لدنياه. فبين تعالى من حال الغافلين عن ذكر الله التابعين لهواهم، أنهم مقصرون في مهماتهم، معرضون عما وجب عليهم من التدبر في الآيات، والتحفظ بمهمات الدنيا والآخرة".

      والحاصل، أنه تعالى وصف أولئك الفقراء بالمواظبة على ذكر الله، والإعراض عن غير ذكره سبحانه، فقال: {الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه}، ووَصَفَ هؤلاء الأغنياء بالإعراض عن ذكر الله تعالى، والإقبال على غيره تعالى، وهو قوله: {أغفلنا قلبه واتبع هواه} ثم أمر رسوله بمجالسة أولئك، والمباعدة عن هؤلاء.

      وقد روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (جلست في عصابة من ضعفاء المهاجرين، وإن بعضهم ليستتر ببعض من العري، وقارئ يقرأ علينا، إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام علينا، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، سكت القارئ، فسلم، ثم قال: (ما كنتم تصنعون) قلنا: يا رسول الله! إنه كان قارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمع إلى كتاب الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي جعل من أمتي مَنْ أُمرت أن أصبر نفسي معهم، قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطنا؛ ليعدل بنفسه فينا، ثم قال بيده هكذا، فتحلقوا وبرزت وجوههم له، قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف منهم أحداً غيري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم، وذاك خمس مائة سنة).

      وروي أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إليهم، وجلس بينهم، وقال: (الحمد لله الذي جعل من أمتي مَنْ أُمرت أن أصبر نفسي معه)، وروي أنه قال لهم: (رُحباً بالذي عاتبني فيهم ربي).   اسلام ويب
    • الخطبة الأولى (انْتِظَارُ الْفَرَجِ)  الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.                                       أما بعد  أيها المسلمون     يقول الله تعالى: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (7) الطلاق، وفي مسند أحمد: قال صلى الله عليه وسلم: (وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً»،     إخوة الإسلام سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ، فانتظارُ الفَرَجِ عِبادةٌ عَظيمةٌ، نتأملها في ثَنايا قوله صلى الله عليه وسلم: (وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً»، وانتظارُ الفَرَجِ عِبادةُ الأنبياءِ، وزَادُ الأولياءِ، وسَلوةُ الأتقياءِ، فإذا أشَدُّ على المسلمين البَلاء، فأنيسُهم هو الإيمانُ الرَّاسخُ بوَعدِ الله تعالى: (‌سَيَجْعَلُ ‌اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق:7]، ووَعد الرسول صلى الله عليه وسلم: “وَأَنَّ ‌الْفَرَجَ ‌مَعَ ‌الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً”، ولِسانُ حَالِ قُلوبِهم يتلون قوله تعالى: (‌وَمَنْ ‌يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَاّ الضَّالُّونَ) [الحجر:56].                  وانتظار الفرج هو حسن ظن بالله تعالى، فهو الذي صير النار للخليل بردا وسلاما، وهو الذي فرج عن يونس فأخرجه من بطن الحوت، وهو الذي فلق لنبي الله موسى وقومه البحر، وأنجاهم من الكرب العظيم، وهو الذي أخرج يوسف من الجب، وأخرجه من السجن، وهو الذي رفع عيسى، ونجاه من القتل، وهو الذي نجا رسوله محمدا من قومه، إذ يمكرون به ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه، فالشدّة لا تدوم، والعسر يعقبه يسر، وما من ضائقة إلا ويزيلها الفرج، فمن إيمان العبد بربه، أن يستشعر أن للآلام نهاية، وأن لكل داء دواء. فانتظر الفرج أيّها المسلم (المهموم والمكروب والمحزون) بإيمان، وعمل خالص، وحسن ظن بربك جل وعلا، ولا تخرم وثيقة الايمان بسخط متكرر، أو جزع متتالي، أو اعتراض لا يجدي، ولكن انتظر الفرج بقلب آمن ومطمئن، وبلسان ذاكر شاكر، وبجوارح عاملة باذلة، وبإقامة للعبادات والطاعات، وبتوبة من المعاصي والمنكرات، وبتذلل لله وخضوع، وابتهال إليه وخشوع،   انتظر الفرج؛ لأن انتظارك عباده، وصبرك طاعة، وبعد الضيق فسحة، وبعد الكدر سرور، وبعد المدكرات صافيات، وما أجمل أن يتربى الانسان على انتظار الفرج؛ لأنه لا محالة قادم، فتنال بذلك أجر انتظاره، وتفوز بسعادة وصوله، والعبد المسلم يؤمن أن ما يتعرض له من ابتلاءات ومصائب – أيّاً كانت – فهي تكفير له من الذنوب، وتطهير له من الخطايا، ورفع للدرجات، فكم من عبد غارق في الذنوب والشهوات، فإذا به قد أصابه البلاء، فصبر وصدق ،فكان له ذلك البلاء مصفياً لذنوبه وخطاياه، وفي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»، وفيه أيضا: (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ».    أيها المسلمون   لقد روى الامام مالك في الموطإ: (عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ كَتَبَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جُمُوعًا مِنَ الرُّومِ وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلْ بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مُنْزَلِ شِدَّةٍ يَجْعَلِ اللَّهُ بَعْدَهُ فَرَجًا وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران:200، فانتظار المؤمنِ لفرَج اللهِ تعالى هو أملٌ في اللهِ كبيرٌ، وتَوقُّعٌ جازمٌ بالخيرِ، يَجودُ به اللطيفُ الخبيرُ؛ فالمؤمن في كلِّ أحواله وساعاتِه مُرْتَقِبٌ تفريجَ كربتِه، وتيسيرَ عسرتِه؛ فكما أنَّ الأملَ فيه معْقودٌ وحدَه -سبحانه-؛ فكذلك، لا تكونُ الشكايةُ إلا إليه، كما قال يعقوبُ -عليه السلامُ-: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 86]، والمؤمنُ وهو في ذلك الانتظارِ، يتقلَّبُ في عبادةٍ هيَ من أعظم العباداتِ، ففي انتظارِ الفرجِ قَطْعُ ‌للعلائقِ والأسبابِ، وتعلُّقُ القلبِ بالله تعالى، وشُخوصُ الأملِ إليه، والتبرِّي من الحَوْلِ والقوةِ؛ وهذا خالِصُ الإيمانِ، فأشرفُ العبادات، ولب الطاعات، أنْ يتوجَّهَ القلبُ بهمومِه كلِّها إلى خالقه، ومدبر أمره ومولاه؛ فإذا نزلَ به ضيقٌ انتظرَ الفرَجَ منه، لا من سواه، مع صبرِه، وعدمِ ضجرِه، وعدمِ شكواه، وعدمِ اتهامِه للحقَّ فيما ابتلاه؛ فانتظار المؤمنِ لفرَج اللهِ تعالى فيه من الانقيادِ للقضاءِ، والتسليمِ لقدْرِ اللهِ، فما أقربَ فرَجُ اللهِ لمن انكسرَ قلبُه بين يديه، ولم يرتضِ جابراً لكَسْرِه سوى الجبَّارِ -سبحانه- وفي انتظارِ المؤمن للفرَجِ من اللهِ: إفرادٌ له بالربوبيةِ، وتدبيرِ الأمورِ، وأنَّ الكونَ كله في قبْضتِه؛ ومحكومٌ بقدَرِه وقدرته، فمشيئةً مُطْلَقةً؛ لا يُعجزُها شيءٌ، ولا يصمدُ أمامَ فرَجِها أيُّ قوةٍ، وإنْ اجتمع عليها أهلُ الأرضِ قاطبةً، وانتظارُ الفرَجِ من اللهِ مُفْرَدَةٌ من مُفرداتِ حُسْنِ الظنِّ به -سبحانَه-؛ إذ حقيقةُ ذلك الانتظارِ إفلاسٌ مما عدا اللهِ، وخيبةُ ظنٍّ فيما سواه، وقَصْرٌ لِحُسْنِ الظنِّ فيه وحدَه -جلَّ شَأْنُه-؛ وذاك أعظمُ درجاتِ حُسْنِ الظنِّ باللهِ، وانتظارُ الفرجِ من اللهِ تعالى فيه مُعايَشَةُ وتذوِّقِ لطَعْمِ معاني أسمائه الحُسنى وصفاتِه العُلا؛ من رحمةِ الرحيمِ، ولُطْفِ اللطيفِ، وجَبْرِ الجَبَّارِ، وقَهْرِ القَّهارِ، وعُلُوِّ العليِّ الأعلى، وسَمْعِ السميعِ، وقُرْبِ القريبِ الباطنِ، واطِّلاعِ الرقيبِ، ومودَّةِ الوَدودِ، ومِنَّةِ المنَّانِ، وعِزَّةِ العزيزِ، وسَعَةِ الواسعِ، وهِبَةِ الوهابِ، ورِزْقِ الرزَّاقِ، وحياةِ الحيِّ، وقيَّوميِّةِ القيومِ، وملكوتِ المَلَكِ المالكِ.   نعم فقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (فلنْ يَغلبَ عسرٌ يسريْنِ)، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: ” إِذَا جَاءَكَ أَمْرٌ لَا ‌كِفَاءَ لَكَ بِهِ؛ فَاصْبِرْ، وَانْتَظِرِ الْفَرَجَ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- “، فإمّا يُذْهِبُ اللهُ الشدةَ، أو يُعينُ عليها بالصبرِ، والتعايشِ والاسترواحِ بارتقابِ الفرجِ، وفي انتظارِ فرجِ اللهِ تسريعٌ لفرَجِه، وتَرَقٍّ في سُلِّمِ عبوديتِه، وتلذُّذٌ بمناجاتِه، فانتظار الفرج انتصار على اليأس، كما قال يعقوب لبنيه: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} يوسف: (87)، وفيه قهر للقنوط، كما قال نبي الله إبراهيم: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ } الحجر: (56)، وفي انتظار الفرج تصديق للخبر، قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} الشرح: (5)، (6)، وفيه تسليم للوعد، بأن الفرج بعد الكرب، وفيه اطمئنان لسنة الله: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) (7) الطلاق، وفي انتظار الفرج تطلع إلى لطفه ورحمته، قال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الأعراف (56)، وفيه ركون إلى كفايته سبحانه، قال تعالى: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (137) البقرة، وفيه اعتماد على رعايته وولايته، قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} البقرة: 257، وقال ابن رجب الحنبلي في (جامع العلوم والحكم): في قوله صلى الله عليه وسلم: (وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً)، قال: (وهذا يشهد له قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) الشورى: (28)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند أحمد: (عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ»، والمعنى: أنه سبحانه يعجب من قنوط عباده عند احتباس القطر عنهم، وقنوطهم ويأسهم من الرحمة، وقد اقترب وقت فرجه ورحمته لعباده، بإنزال الغيث عليهم، وتغيره لحالهم وهم لا يشعرون. وقال تعالى: (فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) الروم (48)، (49)،                              أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم                                 الخطبة الثانية (انْتِظَارُ الْفَرَجِ)    الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.                                      أما بعد  أيها المسلمون                                                    نحن-المسلمين- نَنتَظرُ الفَرجَ: لأنَّنا نَعلمُ أنَّ لنا رَبَّاً عَليماً حَكيماً، سَميعاً كَريماً، بَصيراً رَحيماً، ونَنتظرُ الفَرجَ: بِحُسنِ ظَنٍّ باللهِ الذي لا يَنقَطِعُ بِهِ الرَّجاءُ، فَمهمَا اشتَدَّ الظَّلامُ فلا بُدَّ أن يَعقِبَهُ ضِياءٌ، وسَطوةُ الفَقرِ لا بُدَّ لَها مِن جَلاءٍ، وشِدَّةُ الضِّيقِ عَاقِبَتُها إلى سِعةٍ ورَخاءٍ، هَكَذا عَلَّمنا القُرآنُ، عَلمنا أنَّهُ ليسَ لَها مِن دُونِ اللهِ كاشفةٌ، فآمنا: (إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) [الزمر:38].   ونحن-المسلمين- نَنتظرُ الفَرَجَ: بِصبرٍ جَميلٍ على أقدارِ العزيزِ الجليلِ، دُونَ شَكوى أو تسَخَطٍ، وننتظرُ الفَرَجَ بِدُعاءٍ صَادقٍ، مِن أعماقِ القُلوبِ، فإنَّه نِعمَ الصَّاحبُ في الشدة والأزَماتِ والكُروبِ، فَقد أَمرَنا اللهُ تَعالى بالدُّعاءِ، ووَعدَ بالإجابةِ، ففي صحيح البخاري: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَدْعُو عِنْدَ الْكَرْبِ «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ»، وفي مسند أحمد: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ وَحَزَنٌ اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلاَءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي. إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ. قَالَ «أَجَلْ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ»، وفي صحيح الأدب المفرد للبخاري: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت”. وفي سنن الترمذي: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ».   حامد ابراهيم  
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182241
    • إجمالي المشاركات
      2535520
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93218
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×