اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57630
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180578
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8272
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30257
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53031
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31796
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33885
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32200
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37495 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 114 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    2 عضوات تواجدن خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 8، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٢٦﴾ ﴾    [النور   آية:٢٦]   س: حدثت مناظرة بيني وبين شخص مسيحي ، وقد فاجأني بقوله لي : هناك آية في القرآن تتضمن قول الله سبحانه وتعالى : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ إلى آخر الآية ، والآية الأخرى تتضمن قوله تعالى : رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ و يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ وهناك آية أخرى ، وهي قوله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ إلى آخر الآية ، وأن هناك - على حد زعمه - تناقضا ، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى : وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ إلى آخر الآية ، بينما زوجات أنبياء الله نوح ولوط خبيثات ، وفرعون كما جاء فيه في القرآن وزوجته طيبة ، وحيث ليس لدي جواب مقنع ، آمل التكرم بإفتائي عن ذلك جزاكم الله خيرا ؟   جـ : أولا : قال الله تعالى : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ هذه الآية ذكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيدا لبراءة عائشة - رضي الله عنها - مما رماها به عبد الله بن أبي ابن سلول ، رأس المنافقين ، زورا وبهتانا ، وبيانا لنزاهتها وعفتها في نفسها ، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم . وللآية معنيان :   الأول : أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون ، والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة ، والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية ، والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات . والمعنى الثاني : أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين ، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات ، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء ، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات ، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها ، وهو نزاهة عائشة - رضي الله عنها - عما رماها به عبد الله بن أبي ابن سلول من الفاحشة ، ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه ، واغتر بزخرف قوله .   ثانيا : قال الله تعالى : وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ سورة هود ، ومعنى الآيتين أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح - عليه السلام - أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له : احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وقد وعدتني بنجاة أهلي ووعدك الحق الذي لا يخلف وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي الذين وعدتك بإنجائهم لأني إنما وعدتك بإنجاء من آمن من أهلك بدليل الاستثناء في قوله تعالى : إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله : يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ وبين ذلك بقوله إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ لكفره بأبيه نوح - عليه السلام - ومخالفته إياه فليس من أهله دينا ، وإن كان ابنا له من النسب ، قال ابن عباس وغير واحد من السلف - رضي الله عنهم - ( ما زنت امرأة نبي قط ) وهذا هو الحق ، فإن الله سبحانه أغير من أن يمكن امرأة من الفاحشة ، ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفاحشة ، وأنكر عليهم ذلك ، وبرأها مما قالوا فيها ، وأنزل في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة .   ثالثا : قال الله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا الآيتين من سورة التحريم . بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة عائشة وحفصة - رضي الله عنهن جميعا - على ما بدر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى حلف أن يعتزلهن شهرا ، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه - عليه الصلاة والسلام - وأنذرهن بالطلاق ، وأن يبدله أزواجا خيرا منهن - ختم سورة التحريم بمثلين مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين : امرأة نوح وامرأة لوط ، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين : بآسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران إيذانا بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده ، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة ، حث العباد على التقوى ، وأن يخشوا يوما يرجعون فيه إلى الله ، يوما لا يجزي فيه والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى ، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ، ولو كان ذا قربى ، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا . فبين سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين ، وكانتا تحت رسولين كريمين من رسل الله ، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على من آمن بزوجها ، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه ؛ إيذاء وخيانة لهما وصدا للناس عن اتباعهما ، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط ، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئا ، وقيل لهاتين المرأتين : ادخلا النار مع الداخلين جزاء وفاقا بكفرهما وخيانتهما ، بدلالة امرأة نوح على من آمن به ، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه ، لا بالزنى ، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى : فَخَانَتَاهُمَا قال : ( ما زنتا ) . وقال : ( ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين ) وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك وغيرهم . وبين الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون وكان أعتى الجبابرة في زمانه ، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم إذا دعت الضرورة إلى ذلك ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى ، متمسكين بدينه ، كما لم ينفع صلاح الرسولين نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين ، قال الله تعالى : لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفر زوجها وجبروته ، فإن الله حكم عدل ، لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ، بل حماها وأحاطها بعنايته ، وحسن رعايته ، واستجاب دعاءها ، وبنى لها بيتا في الجنة ، ونجاها من فرعون وكيده ، وسائر القوم الظالمين .   مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى ، وأن عائشة - رضي الله عنها - برأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق ، ومن انخدع بقوله من المؤمنين والمؤمنات ، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن ، وإنما كانتا كافرتين ، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوءهما ، ويصد الناس عن اتباعهما ، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحا في الشرائع السابقة ، وكذا زواج الكافر بالمؤمنة ، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده ، وحفظ عليها دينها ونجاها من الظالمين ، يتبين أن الآيات المذكورة متوافقة لا متناقضة ، وأن بعضها يؤيد بعضا . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم .     المصدر: مجلة البحوث الإسلامية  
    • السؤال: هل يوجد تعارض بين ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كَنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿١٠٥﴾ ﴾    [المائدة   آية:١٠٥] و ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)   الجواب:   الآية الكريمة تدل على أن الواجب على الإنسان أن يعتني بنفسه وأن يهتم بها وأن يجتهد في إصلاحها، ولا يَضُرُّهُ من ضَلَّ بعد ذلك إذا اهتدى، الإنسان مسؤول عن نفسه ولا يَضُرُّهُ ضلال غيره، يقول الله جل وعلا: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وفي الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَجْنِي جَانٍ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ، لاَ يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَ لا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ فعلى المؤمن أن يسعى في إصلاح نفسه) واستقامتها على طاعة الله ورسوله ولا يضرُّه من ضَلَّ إذا اهتدى ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما اهتدى فهو ناقص الهداية، ناقص الإيمان، فالمعنى أنه لا يضرُّه من ضلَّ إذا أدّى الواجب الذي عليه، ومن الواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، هذا من الواجب عليه   وقد خطب الصدّيق رضي الله عنه، وقف على الناس وقال لهم: إن بعض الناس يقرأ هذه الآية ويضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغيِّرُوهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ ومراده رضي الله عنه أنه ما يكون مهتدياً من ضيع الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، يكون ناقص الهداية، ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، ومعنى إذا اهتديتم يعني إذا أدّيتم الواجب الذي عليكم وتركتم ما حرم الله عليكم، لا يضرّكم من ضلّ بعد ذلك، لا يضرّك ضلال أبيك، ولا أخيك ولا أهل بلدك، ولا الناس كلهم، لا يضرّك، إذا أديت الواجب واجتهدت بالواجب، فإنّه لا يضرك من ضل   ومن حقّ الله عليك أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن تنصح لله ولعباده وأن تدعو إلى الله، على حسب طاقتك ومن حقه عليك أيضاً أن تؤدِّي حقّ زوجتك وأولادك بنصيحتهم وتوجيههم إلى الخير، وتربيتهم التربية الإسلامية، وأن تقوم بحق جيرانك من إكرامهم والإحسان إليهم، وإبعاد الأذى عنهم وإكرام ضيفك، إلى غير هذا من الحقوق، فالذي لا يؤدي الحقوق التي عليه ما يسمى مهتدياً، يسمى ناقص الهداية، ضعيف الإيمان .   المصدر: فتاوى نور على الدرب  
    • الفرق بين الآيات المحكمات والمتشابات من حيث المعنى: الآيات المُحكمات هي الآيات البيّنة، واضحة المعاني، وليس فيها أيُّ التباسٍ في المعنى، وهذا هو غالبُ آيات القرآن الكريم، وتعدّ الآيات المُحكمات أصل الكتاب كما أخبر الله -تعالى- عن ذلك في قوله: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ).   بينما الآيات المتشابهات هي التي يلتبس فيها المعنى على بعض الناس فلا يعلمه إلّا العلماءُ منهم وبعضُ هذه المتشابهات لا يعلمها إلّا الله -سبحانه وتعالى-. من حيث التعامل مع تلك الآيات: أهلُ الحق يُرجعون المتشابه إلى المُحكم ويقولونَ أنَّ كُله من عند الله ولا تعارضَ ولا تناقضَ بين آياته، أمّا غيرهم فيتبّعون المتشابه بغاية معارضة المُحكم، وغرضهم من ذلك الفتنة والسعي في التحريف والإضلال، بالإضافة إلى إيقاع الحيرة في قلوب الناس وعقولهم وإلحاق ما لا يليقُ بالله -تعالى- وبرسوله الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- . من حيث نتيجة التعامل مع تلك الآيات: من يُرجع المتشابه إلى المُحكم؛ أي أعاد التباس المعنى إلى المعاني الواضحة فقد اتّبع سبيل الهُدى وأفلح ونجح؛ بينما من تنكَّر لذلك ولم يُرجعه فقد اتّبع طريق الضلال.   أنواع المتشابهات في القرآن الكريم للمتشابهات في القُرآن الكريم عدةُ أنواعٍ آتياً توضيحها: المتشابه من ناحية اللفظ: هو الذي حدثَ فيه الغموض نتيجة اللفظ، وينقسمُ هذا النوع إلى: متشابهٌ لفظي راجعٌ إلى الألفاظ المُفردة: والسبب فيه إمّا غرابةٌ في اللفظ أو اشتراك هذا اللفظ في عدّة معانٍ. متشابهٌ لفظي راجعٌ إلى جُملة الكلام وتركيبه: من بسطٍ للمعنى أو اختصارٍ له أو من ناحية الترتيب. المتشابه من ناحية المعنى: يأتي المتشابه من ناحية المعنى في الأمور المتعلّقة بيوم القيامة وأهواله، والأمور التي قد لا يتصوّرها العقل البشري، ونعيمُ أهلِ الجنة وعقاب أهل النار. المتشابه من ناحية اللفظ والمعنى معاً: وله عدةُ امثلة مبسوطة في كتاب الله -تعالى-، ومن أمثلته: قوله -تعالى-: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ)، فالذي لا يعرفُ أحوال العرب في جاهليتهم لن يتمكنَ من معرفة المعنى المقصود، فالمقصود ربا النسيئة الذي تعامل به العرب في جاهليتهم.   الحكمة من ورود المتشابه في القرآن الكريم ورد المتشابه في القرآن الكريم لحكمةٍ، وفيما يأتي بيانُ ذلك: خضوع القلوب واستسلامها لخالقها -جلّ وعلا-، فلو أنَّ القرآن الكريم كُلّه مُحكمٌ لأصبحَ الناسُ على فريقٍ واحدٍ من التسليم في الخضوع لله -تعالى-، ولَما تمايزوا فيما بينهم. حثَّ أهل الإيمان وخاصةً العلماء على التنافس المحمود، وذلك من خلال إعمال العقل والتنافسِ في البحث في ذلك الكنز القرآني المليء بالمعاني العظيمة والتي يستنبطُ كُلّ واحدٍ منهم على قدر اجتهاده وبحثه في ذلك، وذلك كُلّه يدخل ضمن أبواب تكريم الإنسان بالعقل الذي وضعه الله -سبحانه وتعالى- فيه لميّزه عن سائر مخلوقاته إنْ هو وضعه في موضعه الصحيح.     ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٧﴾ ﴾   يبين سبحانه جل وعلا : أنه أنزل كتابه الكريم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ببيان ما ينفع الأمة في دينها ودنياها، وأنه سبحانه جعل منه آيات محكمات هن أمُّ الكتاب وأخر متشابهات،   قد وضح أهل العلم رحمة الله عليهم أن الآيات المحكمات هي الواضحة المعنى، التي ليس فيها شبهة ، وهي أم الكتاب وأصل الكتاب، وعليها المدار، وجميع الآيات الأخرى ترجع إليها، تُفَسّر بها   فالمحكمات مثل قوله جل وعلا:   حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وقوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وأشباه ذلك كقوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ . وقوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وقوله سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا وقوله تعالى: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقوله سبحانه: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وقوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا إلى غير هذا من الآيات الواضحات، هذه أم الكتاب فهي واضحة المعنى،   أما المتشابهات فهي التي لا يتضح معناها ، في معناها خفاء، فإنها ترد إلى المُحْكم، ترد المتشابهات إلى المحكم من الآيات مثل قوله جل وعلا: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فسرها العلماء بأن المحصنات يعني المتزوجات السبايا؛ لأن غير السبية إذا كانت متزوجة لا تنكح، حتى يطلقها الزوج، وحتى تخرج من العدة، فهذه فُسِّرَتْ بالمحصنات من النساء، فسّرتها النصوص الدالة على أن السبيّة تطلق من زوجها الذي كان في الحرب، في بلاد الكفر، تكون حلاًّ للمسلمين ولهذا قال: إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فالمحصنات المزوجات، ممنوعات محرمات إلا المملوكة السبية فالمحصنات المزوجات، لا يحل نكاحهن إلا بعد الطلاق والعدة، أو بعد الفسخ والعدة، إلا ما ملكت اليمين فالمحصنة المزوجة إذا كانت ملك اليمين مسبيّة، فإنها تحل ويكون سبيها طلاقاً لها، وتستبرأ بالحيضة وتحل لمن سباها، إذا قسمها ولي الأمر على الغانمين، تكون حلاًّ لمن جاءت سبيّة له من هذه السبايا، وإن كان لها زوج في الشرك؛ لأنها سبية له، فرق بينها وبين زوجها، وصارت السبيّة حلاًّ للمسلمين، وحرمت على زوجها بذلك،   وهكذا ما أشبهها من كل آيات تشتبه على المسلم تفسّر بالآيات المحكمات الواضحات المعنى في جميع القرآن، مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ليس معناه أن الربا المضاعف هو الحرام، والذي غير المضاعف ليس بحرام، لا؛ لأنه بيّن في الآية الأخرى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا هذه محكمة، المراد أن الربا المضاعف يكون أشد تحريماً ، أشد إثماً، وليس المراد تقييده بالربا المضاعف، فلو باعه بيعاً ربويّاً، حرم عليه ذلك، وإذا كرر ذلك صار التحريم أشد مضاعفة فإذا حلّ عليه الدين مثلاً، وهو مائة فجعله مائة وعشرة، وأجَّل عليه المائة بالعشرة، هذا ربا، فإذا حلَّ الثاني، وقال يصير مائة وعشرين هذا ربا، أشد وأشد تحريماً، هذا المضاعف، وإذا حل ثالثة قال: مائة وثلاثين صار أشد وأشد، لكن ليس معناه أن الربا الأول ليس بحرام، الربا الأول حرام، لكن هذا المضاعف يكون أشد تحريماً، والنصوص يفسر بعضها بعضاً، هذا مشتبه على بعض الناس، تفسره الآيات المحكمات، لقوله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وما أشبهه   والمقصود أن المحكمات ما اتضح معناها، والمتشابه ما خفي معناه، فإنه يردّ إلى المحكم، مثل قوله جل وعلا: نَحْنُ و إِنَّا ليس المراد بذلك أن الرب ثلاثة، جماعة، كما تقول النصارى ، لا، الرب واحد وإذا قال: نَحْنُ فهي للتعظيم، يعني أنزلنا عليك القرآن وما أشبه ذلك، وما يأتي في النصوص الأخرى، فعلنا كذا، أمرنا كذا وكل هذا من باب التعظيم؛ لأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه فإذا تكلم سبحانه يريد العظمة، فالمراد بذلك أنه هو العظيم الشأن، وليس المراد التثليث وهكذا إذا قال: إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ وما أشبه ذلك وقوله سبحانه وتعالى في آيات كثيرات يعدد ما فيه العظمة إِنَّا نَحْنُ نَـزَّلْنَا الذِّكْرَ وأشباه ذلك من الآيات التي فيها تعدِيدٌ لهذه النعم لما فيها من التعظيم لموجدها، والمراد التعظيم لله، وأنه سبحانه العظيم الذي لا أعظم منه وليس المراد بالتثليث كما تقول النصارى قاتلهم الله .   المصدر: فتاوى نور على الدرب      
    • حديثنا اليوم مع خير الأنام صلى الله عليه وسلم؛ لنقف على جانب مشرق من جوانب أخلاقه التي هي رحمة للعالمين، لنقف مع جانب من جوانب عظمته صلى الله عليه وسلم، وتعامله مع المذنبين والعصاة والمخالفين؛ ليعلم الجميع أن الإسلام ليس دين تشدُّد أو تكفير للمجتمعات، بل هو يحمل الرِّفق والرحمة للعصاة والمذنبين، ولقد رأينا وشاهدنا أناسًا يدعون العلم والإيمان، ثم هم يكفِّرون العصاة، ويقنِّطونهم من رحمة الله تعالى، فهذا في منهجهم كافر، وذلك مبتدع، وهذا فاسق، فقنَّطوا الناس من رحمة الرحمن الرحيم، ونفَّروهم من دين رب العالمين.       الأمل والرجاء:   إخوة الإسلام، كان من أخلاق الرحمة، فهو يرحم العصاة والمذنبين، ويفتح لهم باب الأمل وباب الرجاء مهما ارتكب العبد من الذنوب والخطايا، فرَبُّ البرايا يغفر الرزايا؛ عَنْ أَبِي الطَّوِيلِ شَطْبٍ الْمَمْدُودِ أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ أَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا عَمِلَ الذُّنُوبَ كُلَّهَا وَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتْرُكْ حَاجَةً وَلَا دَاجَةً إِلَّا اقْتَطَعَهَا بِيَمِينِهِ، فَهَلْ لِذَلِكَ مِنْ تَوْبَةٍ، قَالَ: «هَلْ أَسْلَمْتَ»؟ قُلْتُ: أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: «نَعَمْ لِيَفْعَلِ الْخَيْرَاتِ وَيَتْرُكِ الشِّرْكَ، يَجْعَلُهُنَّ خَيْرَاتٍ كُلَّهُنَّ»[1]؛ يقول الله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].       الرِّفق:   إخوة الإسلام، من صور أخلاقه صلى الله عليه وسلم: الرفق بالعصاة والمذنبين، وكان يعِظهم ويبيِّن لهم الحكمة التي شرَعها الله في تحريم الحرام، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَأْذَنُ لِي فِي الزِّنَا؟ قَالَ: فَصَاحَ الْقَوْمُ بِهِ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقِرُّوهُ وَادْنُهْ"، فَدَنَا حَتَّى كَانَ قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟"، فَقَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ"، قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟"، قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ"، قَالَ: "فَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟"، قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ، قَالَ: "وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ" - ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ كَذَلِكَ - قَالَ: فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ"، قَالَ: فَكَانَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ بَعْدُ[2].       الستر:   إخوة الإسلام، من هدْيه مع العصاة أنه كان يحث على الستر، وقد كثُرت النصوص النبوية التي تحثُّ على ستر المسلم، وتحذِّر من تتبُّع عوراته وزلاَّته، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»؛ رواه البخاري[3].       قال ابن حجر عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن ستر مسلمًا)؛ أي: رآه على قبيحٍ فلم يُظهِره، أي للناس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه".       وها هو إمام أهل الستر صلى الله عليه وسلم يدعوكم إلى الستر على العاصين، ويجازكم الله تعالى بالستر سترًا في الآخرة؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، كَشَفَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، حَتَّى يَفْضَحَهُ بِهَا فِي بَيْتِهِ»؛ رواه ابن ماجه[4].       وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من علِم من أخيه سيئة فسترها عليه، ستر الله عليه يوم القيامة)؛ رواه أحمد.       لما جاء هزَّالٌ رضي الله عنه؛ ليشهد على ماعز بالزنا، يغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرف ذلك في وجهه الشريف، ويُعاتب هزَّالًا، فعن يزيد بنِ نُعَيم عن أبيه أن ماعزًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرَّ عندَه أربعَ مراتٍ، فأمَرَ برجمه، وقال لهزَّالٍ: "لو سَتَرتَهُ بثوبك كان خيرًا لك"[5].       هَزَّال بن رئاب بن زيد بن كليب الأسلمي، ويريد بقوله: ((لو سَتَــرْته بردائك، لكان خيرًا لك)) يريد: مما أظهرته من إظهار أمره، وإخبار النَّبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر به، فكان ستْره بأن يأمره بالتَّوبة، وكتمان خطيئته، وإنَّما ذكر فيه الرِّداء على وجه المبالغة، بمعنى أنَّه لو لم تجد السَّبيل إلى سِتْره إلَّا بأن تَسْتُره بردائك ممن يشهد عليه، لكان أفضل مما أتاه، وتسبَّب إلى إقامة الحدِّ عليه، والله أعلم وأحكم)[6].       وقال ابن الأثير: (ومنه حديث ماعز ((ألَا سَتَرْته بثوبك يا هَزَّال))، إنما قال ذلك حبًّا لإخفاء الفضيحة، وكراهيةً لإشاعتها)[7].       إنه يحب الله ورسوله:   وتأملوا عباد الله في قصة شارب الخمر، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: (أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ! فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إلا إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ")[8].       حِرْص عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ذكر صفة حسنة للصحابي الذي كان يشرب الخمر بكثرة، وهي أنه يُضحك الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو بهذا سبب في إدخال السرور على قلبه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الأصل في إسلامنا، أن نحرص على ذكر محاسن الإنسان، والنظر للجانب المشرق منه، وجعله يطغى على الجانب المظلم حتى يَمحوه، ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، وذلك على نقيض ما يفعله البعض في عصرنا، حيث تجدهم "يُنَقِّبون" بحثًا عن الجانب المعتم في الآخرين، وما إن يجدوه حتى يستغلوه وسيلةً تَجُبُّ ما قبلها وتَمحو ما بعدها من الخير!       مع أصحاب الصغائر:   إذا كان هذا حاله صلى الله عليه وسلم مع أصحاب الكبائر، وهذا هدي النبي مع العصاة والمذنبين، فلا شك أنه كان أشد تسامحًا ورحمةً ورأفة مع أصحاب الصغائر؛ عَن أَنَس أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاةَ، قَالَ: يَا رَسولَ اللهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ شَهِدْتَ الصَّلاةَ مَعَنَا، قَالَ: بَلَى قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ[9].       فانظر لم يَسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن طبيعة الذنب وتفاصيله، بل انتقل من الذنب إلى العلاج، دون أن يقف مع طبيعة الذنب منعًا لإحراجه وسترًا عليه، وكان صلى الله عليه وسلم يَكره أن تُرفع إليه الحدود؛ لأن الحد إذا رُفع إليه فلابد من إقامته، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْجَابِرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مَاجِدَةَ، يَقُولُ: كُنْتُ قَاعِدًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَذْكُرُ أَوَّلَ رَجُلٍ قَطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بِسَارِقٍ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، فَكَأَنَّمَا أَسِفَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ كَرِهْتَ قَطْعَهُ، قَالَ: «وَمَا يَمْنَعُنِي، لَا تَكُونُوا أَعْوَانًا لِلشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذَا انْتَهَى إِلَيْهِ حَدٌّ إِلَّا أَنْ يُقِيمَهُ، إِنَّ اللَّهَ عَفُوٌّ يُحِبُّ الْعَفْوَ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ»[10].       رفقه وحلمه مع الجاهل:   معاشر الأحباب، قد كان مِن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعفو عن الإساءة، ويغفر الزلَّة، ويتحمل جفاء الجفاة؛ عَنِ ابْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ مِنْ خَلْفِهِ جَبْذَةً، حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ"[11].       فتأمَّلوا حال هذا الأعرابيِّ مع النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكتفِ بتنبيهه بالكلام، بل جبذ بردائه جبذة شديدة، أثَّرت في صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ناداه باسمه كما ينادي بعضَ أولاده، وقد أَمَر الله أن يشرَّف ويعظَّم، ويُدعَى باسم النبوة والرسالة، وهو مع ذلك كله لم يتلطَّف في طلب مسألته، بل قال: يا محمد، مُر لي من مال الله الذي عندك، فلسانُ حاله: الفضل والمنة لله لا لك، ومع ذلك الجفاء في القول والفعل، يضحك النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه، ويأمر له بالعطاء، فهذه صورة من صور: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].       عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَاعِدًا فِي الْمَسْجِدِ وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ؛ إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: مَهْ مَهْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: "لَا تُزْرِمُوهُ، دَعُوهُ"، ثُمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنَ الْقَذَرِ وَالْبَوْلِ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا هُوَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ[12].       قوله صلى الله عليه وسلم: "دعوه ولا تُزرموه"، فيها وجوب الرفق بالجاهل في التعليم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يتركوه، ونهاهم أن يقطعوا عليه بولَه لجهل هذا الأعرابي؛ حيث إنه لم يفعل ذلك استخفافًا وعنادًا، وهكذا يجب أن يكون المُنكِر مع الجاهل ولو عَظُم ذنبه ما دام جاهلًا، فليس بقعة أعظم من بيوت الله، وليس أقبح من البول فيها، ومع ذلك رَفَق النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الأعرابي لجهله، وأخبره ما الذي يَصلُح في هذه المساجد من ذكرٍ وصلاةٍ وقرآنٍ، وما لا يصلح فيها.       الخطبة الثانية   رِفقه صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين:   كان في أخلاقه مع من خالفه من غير المسلمين آيةً في الرحمة والحلم والصفح؛ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ: "وَعَلَيْكُمْ"، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَهْ يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ"، فَقَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا؟ إِنَّمَا قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، قَالَ: "قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ"[13].       فردَّ النبي صلى الله عليه وسلم إساءتَهم، ودعا عليهم بالموت، من باب رد الاعتداء بالمثل، من غير خروج عن حد الاعتدال، فملك نفسَه، وصان لسانه عن السب والشتم لهؤلاء المعتدين، فمَلَك النبي صلى الله عليه وسلم بذلك شغافَ قلوب أعدائه؛ بحُسن خلقه، ولطيف معاملته، حتى دعاهم هذا الخُلقُ العظيم إلى قبول الحق، والدخول في الإسلام، أو كف الشر عن المسلمين في كثير من الأحيان، وهذه مقاصدُ عظيمةٌ للشارع.       وصيَّته صلى الله عليه وسلم بالأسرى خيرًا:   وها هو الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم يوصي الأسرى خيرًا، وها هو أبو عزيز شقيق مصعب بن عمير يحكي ما حدث يقول: كنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر, فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم، خَصَّوْني بالخبز, وأكلوا التمر لوصية رسول الله إياهم بنا, ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفَحني بها، فأستحيي فأردُّها فيردُّها عَلَيَّ ما يَمسُّها!       قال ابن هشام: وكان أبو عزيز هذا صاحب لواء المشركين ببدر بعد النضر بن الحارث[14]، فعن الحسن أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين، فيقول: أحسن إليه فيكون عنده اليومين والثلاثة فيؤثره على نفسه، وقال قتادة: كان أسيرهم يومئذ المشرك، وأخوك المسلم أحق أن تُطعمه[15].       اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأكرِمنا ولا تُهنا، وكن لنا ولا تكُن علينا.       اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفَرته، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا دَينًا إلا قضيته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا ميتًا إلا رحِمته، ولا عاصيًا إلا هديته، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاحٌ إلا قضيتَها يا رب العالمين.       اللهم اجعَل جمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرُّقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منَّا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا.       اللهم اهدِنا واهدِ بنا، واجعلنا سببًا لمن اهتدى.       اللهم إن أردتَ بالناس فتنةً، فاقبِضنا إليك غيرَ خزايا ولا مفتونين ولا مغيِّرين ولا مبدِّلين، برحمتك يا أرحم الراحمين.       اللهم احمِل المسلمين الحفاةَ، واكسُ المسلمين العراةَ، وأطعِم المسلمين الجياعَ.       اللهم لا تحرِم مصرَ من الأمن والأمان، اللهم لا تحرِم مصر من التوحيد والموحدين برحمتك يا أرحم الراحمين.       ‌اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذل الطغاة والملاحدة وسائرَ أعداء الملة والدين.       اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعَل اللهم ولايتنا فيمن خافَك واتقاك، واتَّبع رضاك يا رب العالمين.       اللهم احمِل المسلمين الحُفاة واكسُ المسلمين العراة، وأطعِم المسلمين الجياع.       ‌اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبينا محمد الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.     [1] (طب) 7235، (خط) 1156، الصَّحِيحَة: 3391، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3164. [2] مسند أحمد ط الرسالة (36/ 545)) (22211) صحيح. [3] أخرجه البخاري 2442، ومسلم 2580. [4] سنن ابن ماجه (2/ 850) (2546) صحيح لغيره. [5] سنن أبي داود؛ ت الأرنؤوط (6/ 430) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7234). [6] ((المنتقى شرح الموطأ)) لأبي الوليد الباجي (7/ 135). [7] ((النِّهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير (2/ 341). [8] صحيح البخاري (8/ 159) (6780) [9] أخرجه البخاري في: 86 كتاب الحدود: 27 باب: إذا أقر بالحد ولم يبيِّن هل للإمام أن يستر عليه. [10] مسند أحمد مخرجًا (7/ 84) (3977) حسن لغيره. [11] (رواه البخاري: 6088، ومسلم: 1057). [12] أخرجه أحمد 3/ 191، ومسلم (285). [13] أخرجه أحمد 6/ 37، والبخاري (6024) في الأدب: باب الرفق في الأمر كله. [14] ابن كثير (السيرة النبوية، 2/ 475). [15] (تفسير الألوسي (22/ 7)   السيد مراد سلامة شبكة الالوكة
    • ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿١﴾ ﴾    [الإسراء   آية:١] لماذا خُتمت الآية بـ (السميع البصير)؟ ما دلالة السمع والبصر هنا؟ سياق الآيات تقتضي ذكر قدرة الله تعالى الحقيقة أنه لو قال إنه هو القدير أو إنه على كل شيء قدير لا يزيد شيئاً على معنى الآية لأن ما في الآيات اثبات لقدرة الله تعالى والرسول  أُسري به ليسمع ويرى أشياء لم يسمعها ولم يرها من قبل لذلك ناسب سياق الآيات أنه ما يراه الرسول  يراه ربّه وما يسمعه يسمعه ربّه لذلك إنه هو السميع البصير. فلماذا لم تأتي الآيات (السميع العليم) مثلاً كما وردت في آيات أخرى في القرآن؟ الذي يسمع ويرى هو عليم ولكن إذا قيل عليم قد يكون غائب عنك فالعليم ليس فيه حضور أما السميع البصير ففيه حضور. ولقد وردت (السميع العليم) في آيات أخرى لأن المقام في تلك الآيات اقتضى ذلك (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة الأعراف آية 200 عندما ذكر نزغات الشيطان، والشيطان لا يُرى ووساوسه لا تُرى كذلك لذلك جاءت الآية (سميع عليم). أما عند ذكر البشر في آية أخرى تأتي ختام الآية بـ (السميع البصير) (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) سورة غافر آية 56. لماذا قدم السمع على البصر؟ 1. لأن من يسمعك أقرب ممن يراك فالشخص الذي تسمعه أنت أقرب إليك من الذي تراه وهذا يُشعر بالطمأنينة والأمن والقرب. 2. السمع هو أهمّ من البصر في مجال الدعوة فاقد البصر يمكن أن يبلّغ في مجال الدعوة أما فاقد السمع فيصعب تبليغه. 3. الإسراء في الليل والليل آيته السمع. وفي القرآن عندما يأتي ذكر الليل تأتي الآيات بـ (أفلا يسمعون) وعند ذكر النهار تأتي (أفلا تبصرون) فكلّ آية تناسب وقتها فالليل للسمع والنهار للإبصار. 4. قُدّم السمع على البصر في القرآن إلا في مواطن قليلة منها في سورة الكهف (أبصر به وأسمع) لأن السياق يقتضي ذلك، فقد خرج أهل الكهف فارّين حتى لا يراهم أحد لكن الله تعالى يراهم في ظلمة الكهف وفي تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. وفي سورة السجدة (ربنا أبصرنا وسمعنا) قدّم البصر هنا لأنهم كانوا يسمعون في الدنيا ويكذبون في الآخرة وأبصروا العذاب والحقيقة وقولهم يعني انهم موقنون واليقين لا يتأتى إلا بالإبصار وليس بالسمع (عين اليقين) لأنهم رأوا العذاب عين اليقين. لفتة: وردت كلمة سميع والسميع في القرآن الكريم 46 مرة ووردت كذلك كلمة بصير والبصير 46 مرة. خلاصة: 1. أن الحياة والقدرة والسمع والبصر والحكمة وصفة الخلق كلها صفات وردت في هذه الآية ثم ذكر الكمال في هذه الصفات بكلمة واحدة هي (سبحانك) فالفرد قد يكون سميعا وبصيرا وذا قدرة ولكن قد يكون أحمقا أما كلمة سبحانك فجاءت نفياً وتنزيهاً لله تعالى عمّا يصفه أهل الجاهلية. 2. ارتباط أوّل السورة بآخرها فقد بدأت بالتسبيح وختمت بالتحميد. نعمة الإسراء نعمة عظيمة جليلة فجاء في ختام السورة قوله تعالى (وقل الحمد لله) حمداً لله على نعمة الإسراء. 3. ختمت السورة بالباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) وبعد هذه الآية تبدأ سورة الكهف استجابة لهذا القول (قل الحمد لله فافتتحت سورة الكهف بالآية (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) وفي قوله في سورة الكهف في آية 4 (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا) رد على آخر سورة الإسراء أنه سبحانه ليس له شريك في الملك.   *المتوقع أن تختم الآية لأن فيها قوة وقدرة وإظهار لعظمة وغلبة الله سبحانه وتعالى لكن ربنا ختم الآية بشيء يحتاج منا إلى وقفة فقال (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) ولم يقل على كل شيء قدير مثلاً؟ (إضافة للدكتور فاضل) أولاً لما قال (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) هذا يدل على القدرة، لو قال إنه على كل شيء قدير لم يزد على المعنى المفهوم في الآية، يعني لو قال إنه على كل شيء قدير هذا مفهوم مما مضى لكنه أفادنا معنى آخر استدعى السؤال. لو قال إنه على كل شيء قدير لم تضف شيئاً إلا التأكيد أو التبيين لكن هنا أضاف شيئاً. أولاً قال (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) إذن ربنا سبحانه وتعالى أسرى بعبده ليرى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ويسمع أشياء لم يكن يراها ويسمعها فربنا يريه ما يرى ويسمعه ما يسمع. سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يرى ما يراه ربه ويسمع ما يسمعه ربه. الأمر الآخر أن هذه متعلقة بخاتمة السورة وبسياق السورة، مرة ذكرنا أن بداية السورة لها علاقة بخاتمة السورة، كل السور مفتتحها له علاقة بأواخرها. في خواتيم السورة قال (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108)) (يخرون للأذقان سجداً) هذه بحاجة إلى بصر و (يقولون) محتاجة إلى سمع، هذه مستلزمات السميع البصير. قال (قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (110)) هذه محتاجة إلى سمع فالذي يدعو يحتاج إلى أن تسمعه. (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا (110)) الصلاة حركات وأقوال، فإذن هذا كله يتعلق بالسمع والبصر. (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ (111)) الذي ينبغي أن يقول يسمعه ربه، فإذن هذه متعلقة بخاتمة السورة أيضاً وما ذكر في أول السورة من إفساد بني إسرائيل (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا (5)) هذا يحتاج إلى سمع وإلى بصر ماذا يفعل هؤلاء ويبعث عليهم عباداً يرى ويسمع ما يفعل هؤلاء، إذن هي متعلقة بها. أما السميع العليم، السميع لا يقتضي الإبصار قد يعلم واحد عن طريق آخر أما البصر فهو يبصر ويرى. المسؤول يعلم عن الموظفين كثير لكن قد لا يعرفهم أصلاً ولا يبصرهم. لكن السميع البصير أقرب وأظهر في العلم.   *لكن هل هنالك مسألة توأمة لغوية أو دلالية بيانية بين خواتيم الآيات أو فواصل الآيات وصدر الآيات؟ ما الرابط هنا الرسول يُسرى به ليُرى من آيات الله ثم يقول إنه هو السميع البصير؟ نعم. (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) إذن تحتاج إلى رؤية، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يرى ما يراه ربه، ربنا يرى الآيات حتى يراها النبي. نلاحظ ماذا ذكر في الآية، ذكر جملة من الصفات: الحياة (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) معناها حيّ، القدرة، الحكمة (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) هذه لعلِّة، والسمع والبصر، ذكر كل هذه الأشياء الحياة والقدرة والسمع والبصر، هذه متعلقات الألوهية وهذه أصلاً تعريض بما يعبده هؤلاء الذين ليس لهم قدرة ولا معرفة ولا سمع ولا بصر، ذكر متطلبات الألوهية كلها القدرة والحكمة والسمع والبصر أما آلهتهم فلا تسمع ولا تبصر. الإسراء كان في الليل وأداة الليل هي السمع فقدّم السمع ، السمع هو المناسب. قدّم السمع على البصر لأن من يسمعك أقرب ممن يبصرك ففيها تطمين للرسول. *هل الذي يسمع أقرب أم الذي يبصر أقرب؟ قد تسمع الإنسان على بعد لكن لا تبصره. لا، الذي يسمع أقرب. أنت تبصر النجوم لكن لا تسمع حركاتها، أنت تبصر من بعيد لكن لا تسمع ماذا يقول. السمع أقرب (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه) إشعار بالطمأنينة والحفظ لأن قد تبصر أناساً بعيدين لكن لا تسمع أصواتهم لأن مدى السمع أقل من مدى البصر. *أو أن الله سبحانه وتعالى سميع بصير بما يصنع المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذائهم له؟ قالوا هذا أيضاً قالوا وعيد للكفار وتكذيبهم أن الله يسمع ما يقولون ويبصر ما يفعلون، ذكر هذا المفسرون. هي جملة أمور لو قال على كل شيء قدير لا تؤدي هذه المعاني.أضافت معنى جديد، معنى آخر.   *ما معنى كلمة التسبيح؟ وهل له أنواع؟(د.فاضل السامرائى) التسبيح هو التنزيه عما لا يليق، أصل التسبيح هو التنزيه (سبّح لله) أي نزّهه هؤلاء كلهم بما نفقه وبما لا نفقه من تسبيحهم (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) الإسراء) الطير تسبّح والأشجار تسبّح وكل شيء يسبح (وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (15) الرعد) لا نفقه تسبيحها. التسبيح هو التنزيه عن كل ما لا يليق، عن كل نقص، أن تقول لله ولد أو تشبهه بخلقه أو أي شيء لا يليق بذاته. التسبيح ورد في صور شتّى: ورد التسبيح بالفعل الماضي (سبّح) وورد بالفعل المضارع (يسبح) وورد بفعل الأمر (فسبِّح) (سبِّح اسم ربك) وورد بإسم المصدر (سبحان الذي أسرى بعبده) كل هذا ورد فيه، لماذا؟ سبّح للزمن الماضي، يسبح مضارع للحال والاستقبال (المضارع للاستقبال كما في قوله تعالى (إن الله يفصل بينهم) هذا في يوم القيامة) حتى أن بعض النحاة قالوا هو للإستقبال أولاً ثم للحال. (سبِّح) الأمر وهو يدل على أن تبدأ به وتستمر، سبحان إسم مصدر. إسم المصدر قريب من المصدر، سبحان معناه علمٌ على التنزيه.نلاحظ أن الفعل مرتبط بزمن وبفاعل حتى يكون فعلاً، المصدر هو الحدث المجرّد الذي ليس له زمن ولا فاعل. إذن صار التنزيه إستغراق الزمن الماضي (سبح) والحال والمستقبل (يسبح) والأمر بالتسبيح ومداومته (سبّح) وسبحان التسبيح وإن لم يكن هناك من لم يسبح في السموات والأرض قبل الزمان وبعد الزمان إن كان أحد أو لم يكن فهو يستحق التنزيه سبحانه سواء كان هناك من يسبح بفاعل أو بدون فاعل فاستغرق جميع الأزمنة وقبل الأزمنة وبعد الأزمنة واستغرق الخلق وما قبل الخلق وما بعد الخلق. ليس هذا فقط إنما لاحظ كيف ورد التسبيح؟ ورد التسبيح (سبِّح اسم ربك الأعلى) ذكر الإسم، و(سبّحوه بكرة وأصيلا) لم يذكر الإسم وذكر المفعول به مباشرة، (سبّحه) (سبِّح اسم ربك الأعلى) متعدي وسبّح بإسمه متعدي بالباء، متعدي بنفسه والتعدية بالإسم وبالحمد (فسبح بحمد ربك)، (سبّح) هو في الأصل فعل متعدي. الفعل اللازم هو الذي يكتفي بفاعله ولا يأخذ مفعول به مثل ذهب ومشى ونام، الفعل المتعدي يتعدى إلى مفعول به مثل أعطى، وأحياناً يستعمل المتعدي كاللازم بحسب الحاجة مثلاً أحياناً يكون متعدياً إلى مفعوليم أو يذكر مفعولاً واحداً مثلاً (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) الضحى) ماذا يعطيك؟ أطلق العطاء ولم يقيّده بأمر معيّن. وقالوا يستعمل إستعمال اللازم كما في قوله تعالى (حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) التوبة) وأحياناً لا يذكر المفعول به أصلاً (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) يونس) (يفقهون) فعل سمع متعدي (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) النمل) علم تأخذ مفعولين ما ذكرها لأنه أراد الفعل بالذات ولم يُرِد المتعلق. قد نستعمل المتعدي كاللازم نريد الفعل وليس مرتبطاً بالمفعول به كما تقول مثلاً: فلان يعطي ويمنع، ماذا يعطي؟ وماذا يمنع؟ (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه) هو يسمع ويرى ولا يقيّد بشيء معين   ﴿فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ﴿٥﴾ ﴾    [الإسراء   آية:٥] آية (5)-(7)   : *في سورة الإسراء عبّر عن الوعدين بفعل جاء (فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5)) و (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7)) مع أن وعد أولاهما جاء ووعد الآخرة لم يأت بعد؟(د.فاضل السامرائى)   هل الآخرة في الآية يقصد بها يوم القيامة؟ لم لم يقل أخراهما كما قال أولاهما؟ كلا لا تحتمل لأن الآخرة لها معاني كثيرة. من يقول أن الأول جاء بالماضي والأخر بالمستقبل؟   نبدأ الآية من أولها: قال تعالى (وقضينا) ربنا تعالى هكذا قدّر وهكذا قضى وقرّر. إذن هذه الأمور كلها بعد القضاء والتقدير. قيضنا أي قدّرنا. وقضينا إلى بني إسرائيل لتفسدن في الأرض مرتين هذا كله مستقبل، يتكلم عن أمر سيقع في المستقبل (لتفسدنّ) نون التوكيد تحوّل المضارع إلى استقبال، تخصصه للإستقبال. القضاء هو ماضي قدر الله تعالى في الأزل في علمه أن سيكون ذلك. ماذا قدّر؟ قدّر أن بني إسرائيل سيفسدون في الأرض مرتين (فإذا جاء وعد أولاهما) إذن هذا المجيء مستقبل بالنسبة للقضاء والتقدير الذي كتبه ربنا سبحانه وتعالى وهو ماضي وهذه الأمور ستقع تحقيقاً لما قضى ربنا. فإذن قضينا أي الذي قدّره ربنا تعالى وحكمه وقرّره ثم تأتي الأمور مستقبلية تصدق ما قضى به ربنا فلما قال (فإذا جاء وعد أولاهما) (فإذا جاء وعد الآخرة) كلها مستقبل بالنسبة للقضاء والتقدير فإذن ليس هنالك إشكال، هذا أمر. والأمر الآخر أنه يأتي بعد (إذا) ماضي ومستقبل صحيح أن (إذا) ظرف لما يستقبل من الزمان وقد تكون للماضي كما في قوله تعالى (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ (90) يونس) هذا ماضي، (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ (90) الكهف) هذا ماضي، (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا (11) الجمعة) نزلت هذه الآية بعد الحادثة.   إذن (فإذا جاء وعد أولاهما) من الناحية اللغوية أن هذا مستقبل لما قدّر ربنا قد يكون حصل أو لم يحصل بعد، هذا أمر آخر لكن كلاهما مستقبل لما قدّره ربنا سبحانه وتعالى.   النُحاة يقولون – وإن كان لدي جزئية أخالفهم فيها – أن الشرط هو مستقبل لا ينصرف إلى الماضي، تأتي بالفعل المضاي لكن يُراد به الاستقبال (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا (8) الإسراء) هذا للمستقبل، (إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)) جواب الشرط عند النحاة أن الشرط استقبال والماضي في الشروط هو مستقبل. وأنا أرى أنه في الغالب هذا صحيح ولكنه ليس قاعدة عامة بدليل قوله تعالى (قل إن افتريته فعليّ إجرامي) وهو ما افتراه، فليس بالضرورة أن يكون الشرط للمستقبل. موجود في القرآن وفي الشعر العربي ما يخالف ما قاله النُحاة كما في قول الشاعر وهو يرثي أبناءه، هو على قبرهم يرثيهم يقول: فإن يهلك بنيّ فليس شيء *** على حال من الدنيا يدوم ونقول: إن كنت عاهدته فأوفِ عهده، ويقول تعالى (إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ (26) يوسف). شرط متعلق بماضي لكن الأكثر كما يقول النحاة وهذا فيما أرى هم لهم اجتهادهم ويبدو لي - وأنا طالب علم أمام هؤلاء العلماء –أن بعض الأمور تحتاج للتعديل والتدقيق.   *انظر آية (15).↓↓↓(الفرق بين البعث والإرسال)   *(إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (7) الإسراء) ما دلالة استخدام لها مع أنه في القرآن يستعمل عليها (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا (46) فصلت)؟(د.فاضل السامرائى)   هذه ليست في سياق الإثم وما يقع عليه هو وإنما إساءتكم راجعة إلينا. واحد يقول لقد أسأت لأبيك في هذا، أنت لم تحسن إليه، لم يقل أسأت عليه ليس المقصود لإثم يقع عليه يعني لقد أسأت إلى فلان يعني رجعت الإساءة له، تقول لقد أسأت إلى نفسك قبل أن تسيء إلى نفسك. تلك في مقام العقوبة والإثم وقوع الإثم عليه نأتي بـ(على) أما أحياناً نحن لا نستعمل هذا الشيء دائماً نقول لقد أسأت إلى نفسك لكن هذا ليس في سياق العقوبة. في سياق الإثم مثل سياق العقوبة (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا (7) الإسراء) وقال (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ (7) الإسراء).   نلاحظ آيات أخرى على سبيل المثال (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت) معناه أنه سيوقع عليه عقوبة الإساءة لكن ليس بالذُلّ يعني رجعت الإساءة عليه وتحمل إثمها فربنا يعاقبه عليه وليس ظالماً له (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) الإثم عاد عليه، هذا في مقام حساب. وفي آية أخرى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15) الجاثية) يعني سيحاسبكم على ما قدمتم من إساءة وإحسان. نحن نستعملها فنقول لقد أسأت إلى نفسك قبل أن تسيء إلى الآخرين، لقد أسأت إلى أبيك ما كان عليك أن تفعل هذا.     تدارس القرآن الكريم    
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182360
    • إجمالي المشاركات
      2535678
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93241
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×