اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57632
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180579
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8273
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30257
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53031
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40675
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31796
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. مملكتكِ الجميلة

    1. 41315
      مشاركات
    2. 33885
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  11. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32200
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  12. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  13. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37496 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  14. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 25 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    1 عضوة تواجدت خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 8، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • حكم اليأس والقنوط   أجمع العلماء على تحريم اليأس والقنوط، ومن اليأس والقنوط ما يخرج من الملة، ومنه ما لا يخرج من الملة، وإنما هو من الكبائر، بل أشد تحريمًا من الكبائر الظاهرة كالزنا، وجعلهما القرطبي في الكبائر بعد الشرك من حيث الترتيب (انظر: (الجامع لأحكام القرآن) للقرطبي: [5/160]، (إحسان الظن بالله والتحذير من اليأْس والقنوط) لفهد بن سليمان الفهيد: [1/11-114]، (الزواجر عن اقتراف الكبائر) لابن حجر الهيتمي: [1/149]، (مدارج السالكين) لابن قيم الجوزية: [1/133]).   قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "الكبائر أربع: الإشراك بالله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله" (رواه الطبري في (تفسيره): [8/243]). وقال العدوي: "الإياس من الكبائر" (حاشية العدوي على شرح كفاية الطالب الرباني: [2/441]).     أقسام اليأس من رحمة الله   1- اليأْس التام: وهذا يخرج من الإسلام إذا لم يوجد الرجاء معه تمامًا.   2- يأْس العصاة: وهو يأس عصاة المسلمين بسب كثرة المعاصي، وهذا لا يخرج من الملة ولكنه من كبائر الذنوب (انظر: (تيسير الكريم الرحمن) للسعدي: [1/629]، (شرح العقيدة الطحاوية) لخالد المصلح: [14/6]، (فتح الباري) لابن حجر: [13/386]).   قال السعدي: "الإياس من رحمة الله من أعظم المحاذير، وهو نوعان: إياس الكفار منها، وتركهم جميع سبب يقربهم منها، وإياس العصاة، بسبب كثرة جناياتهم أوحشتهم، فملكت قلوبهم، فأحدث لها الإياس" (تيسير الكريم الرحمن: [1/629]).     ما يباح من اليأْس اليأس ليس مذمومًا في كل الأحوال بل قد يحمد في بعض المواضع، ومنها:   - اليأس مما في أيدي الناس: "كان عمر رضي الله عنه يقول في خطبته على المنبر: إنَّ الطمع فقر، وإن اليأس غنى، وإن الإنسان إذا أيس من الشيء استغنى عنه" (رواه ابن المبارك في (الزهد): [1/223]، وابن عساكر في (تاريخ دمشق): [44/357]).   واليأس مما في أيدي الناس شرط لتحقيق الإخلاص قال ابن القيم: "لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت، فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأْس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص" (الفوائد: [1/149]).   - ذكر نصوص الوعيد والعذاب لمن غلب رجاؤه وانهمك في المعاصي: قال البخاري: "كان العلاء بن زياد يذكر النار، فقال رجل: لِمَ تقنط الناس؟، قال: وأنا أقدر أن أقنط الناس، والله عزَّ وجلَّ يقول: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر من الآية:53] ويقول: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر من الآية:43] ولكنَّكم تحبون أن تبشروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم مبشرًا بالجنة لمن أطاعه، ومنذرًا بالنار من عصاه" (صحيح البخاري: [6/226]).


          للسلف أقوال عن اليأس يسَّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا منها أسأل الله أن ينفع بها.   اليأس: قال الراغب الأصبهاني رحمه الله: اليأسُ: انتفاء الطمع. قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: اليأس: ضد الرجاء. قال العلامة العثيمين رحمه الله: اليأس...عدم الرجاء وعدم الأمَل في حُصول الشيء.   اليأس والقنوط: قال العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: القنوط...قال أبو السعادات: هو أشدُّ اليأس من الشيء. قلت: فيكون القنوط من اليأس، وظاهر القرآن أن اليأس أشد لأنه: حكم لأهله بالكفر، ولأهل القنوط بالضلال.   قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: القنوط بمعنى اليأس، إلا أن اليأس أشدُّ من القنوط، فاليأس كفر، والقنوط ضلال ﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56] وقال في اليأس: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87] كما أن الأمن خسارة: ﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99].   اليأس من روح الله: قال العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله قوله: ((اليأس من روح الله))؛ أي: قطع الرجاء والأمل من الله فيما يرومه ويقصده.   قال العلامة عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: قوله: ((اليأس من روح الله))؛ أي: قطع الرجاء والأمل من الله، فيما يخافه ويرجوه، وذلك إساءة ظن بالله، وجهل به وبسعة رحمته، وجوده، ومغفرته.   قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: اليأس هو: قطع الرجاء، بحيث إن الإنسان ييأس، وكأنه لا يستحضر سعة فضل الله، وسعة قدرته، وكأنه إذا وقع في شدة يئس من زوالها، فإذا وقع مثلًا في فقرٍ أو سجنٍ ظلمًا، أو ما أشبه ذلك، قطع رجاءه ولم يبق مؤملًا للنجاة، واعتقد أن ربه تعالى لا يقدر على نجاته أو لا ينجيه، أو أنه لا يستحق النجاة، أو ما أشبه ذلك.   لا تيأس من رحمة الله: عن قتادة رحمه الله في قوله: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 87]، قال: من رحمة الله.   عن ابن زيد رحمه الله في قوله: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾، قال: فرج الله، يفرج عنكم الغَمَّ الذي أنتم فيه.   قال الإمام القرطبي رحمه الله: المؤمن يرجو فرج الله.   قال العلامة الألوسي رحمه الله: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾؛ أي: لا تقنطوا من فرجه سبحانه وتنفيسه.   قال العلامة العثيمين رحمه الله: لا تيأس من رحمة الله أبدًا، انتظر الفرج، ولكن اصبر لا تتعجَّل الأمور، فالله تعالى جعل لكل شيءٍ سُنة وطريقة تأتي بها في النهاية.   قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الواجب علينا الصبر عند المصائب وعدم اليأس من روح الله.   اليأس من رحمة الله عز وجل من صفات الكفار: قال الإمام الطبري رحمه الله: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87] يقول: لا يقنط من فرجه ورحمته، ويقطع رجاءه منه ﴿ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾يعني: القوم الذين يجحدون قُدرته على ما يشاء تكوينه.   قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: جعل اليأس من رحمة الله وتفريجه من صفات الكافرين.   قرن الله جل وعلا الرحمة مع العقوبة لئلا يحصل اليأس: قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأعراف: 167] قوله: ﴿ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾؛ أي: لمن عصاه وخالف شرعه ﴿ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾؛ أي: لمن تاب إليه وأناب، وهذا من باب قرن الرحمة مع العقوبة لئلا يحصل اليأس.   اليأس من رحمة الله عز وجل من أكبر الكبائر: قال ابن مسعود رضي الله عنه: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله. قال العلامة ابن باز رحمه الله: الكبائر أنواع وطبقات، ومن أكبرها اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله. قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: اليأس من رحمة الله من كبائر الذنوب.   اليأس من رحمة الله من أعظم الذنوب: قال الإمام الغزالي رحمه الله: قال علي رضي الله عنه لرجل أخرجه الخوف إلى القنوط لكثرة ذنوبه: يا هذا، يأسك من رحمة الله أعظم من ذنوبك.   اليأس من رحمة الله إلقاء للنفس في التهلكة: قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 53]؛ أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا، وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها، فتبقون بسبب ذلك مُصرِّين على العصيان، متزوِّدين ما يغضب عليكم الرحمن، ولكن اعرفوا ربكم، بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾ [الزمر: 53] من الشرك والقتل والزنا...وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار.   لا تيأس من إجابة الدعاء ولو تأخرت الإجابة لسنوات: قال مورق العجلي رحمه الله: دعوت ربي في حاجة عشرين سنة، فلم يقضِها لي، ولم أيأس منها.   قال ابن الجوزي رحمه الله: يا طالب النجاة، دُم على قرع الباب، وزاحم أهل التقى أولي الألباب، ولا تبرح وإن لم يفتح، فرُبَّ نجاحٍ بعد اليأس، ورُبَّ غنى بعد الإفلاس.   قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا دعوت الله عز وجل بأي شيءٍ فلا تيأس، لا تقل: هذا لا يمكن، إلا ما كان عدوانًا واعتداءً فلا يجوز، وهذا يفتح للإنسان باب الرجاء وباب دعاء الله واللجوء إليه.   لا تيأس من التوبة ما دمت تندم على ذنوبك: قال الجنيد رحمه الله: لا تيأس من نفسك، وأنت تشفق من ذنبك، وتندم عليه بعد فعلك. قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: لا تيأس من نفسك ما دمت تندم على ذنبك.   اليأس من التوبة إلقاء باليد إلى التهلكة: قال العلامة السعدي رحمه الله: الإلقاء باليد إلى التهلكة...يدخل تحت ذلك أمور كثيرة، فمن ذلك:...الإقامة على معاصي الله، واليأس من التوبة.   لا تيأس من دعوة الناس ولو أعرضوا أو اعترضوا: قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: يتعين على كل من عنده علم أن ينشره بحسب قدرته، ويلقيه على الناس على اختلاف طبقاتهم من طلبة وعوام وخواص على قدر ما تسنح الفرصة، فلو جرى أهل العلم هذا المجرى لحصل خير كثير...ولا ينبغي لهم أن يملكهم اليأس ويعتذروا بكسل الناس، وليقتدوا بمعلم الخير وإمام الخلق صلوات الله وسلامه عليه، فإنه ما زال يدعو الخلق في جميع الأوقات، ويكرر الدعوة مع إعراض المدعوين ومعارضتهم، ويدعو إلى سبيل ربه بالتي هي أحسن، ولا يمل ولا يسأم من الدعوة والتعليم سواء وافق إقبالًا من الناس ونجاحًا، أو صادف نفورًا وإعراضًا.   لا تيأس من هداية أحد: قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: لا تيأس كم قلب لان للحق وهو من أفسق عباد الله سبحانه وتعالى. لا تيأس، كم من إنسان استبعد الإنسان أن يهديه الله فهداه الله.   لا تيأس من شفاء أي مرض لا يُرجى زواله: قال العلامة العثيمين رحمه الله: الإنسان قد يُصاب بمرض مثلًا فييأس مِن برئه بعد العلاج، فيُقال له: لا تيأس، إن الله على كل شيء قدير، وأنت إذا أراد الله أن يبقي المرض بك، فقد يكون خيرًا لك؛ لأنك تكسب من ورائه الثواب من الله عز وجل لأنه لا يصيب المؤمن من همٍّ ولا غمٍّ ولا أذًى حتى الشوكة يُشاكها إلَّا كفَّر الله به- يعني: من ذنوبه- فأنت لا تيأس إذا أصابك مرضٌ لا يُرجى زوالُه مثلًا، فإن الله على كل شيء قدير.   الإنسان لا ينبغي له أن ييأس من الشفاء ولو بلغ به من المرض ما بلغ...فلا تيأس من رحمة الله سبحانه وتعالى...فإن الله قد ييسر لك ما يكون سببًا لشفائك...كم من إنسان دعوا له الغاسل، واشتروا له الكفن، وقربوا له النعش، وتهيأ أصحابه لتشييعه ثم يعافيه الله عز وجل؛ لأن الله على كل شيءٍ قدير.   لا تيأس أن يبدلك الله بزوجة خير من زوجتك التي طلقتها، وأيضًا الزوجة لا تيأس: قال العلامة العثيمين رحمه الله: لا تيأس حتى ولو استبعدت أن الله يبدلك خيرًا منها، أو أن الله يبدلها بخير من زوجها، فلا تستبعد، فإن الله سيغنيك من سعته.   لا تيأس من حصول الرزق: قال العثيمين رحمه الله: الله يرزقك من حيث لا تحتسب...فلا تيأس وتقول: أين الرزق من حيث لا أحتسب؛ بل انتظر وثق بوعد الله، وصدِّق به وستجده ولا تتعجل.   لا تيأس وغلب جانب التفاؤل: قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: من منهج التفكير لدى المسلم أن يغلب جانب التفاؤل، ويحذر من القنوت، واليأس الذي يحمله على عمل أشياء منكرة، التفاؤل والإيجابية هذه تعطيك انطلاقة.   لا تيأس من أي شيء تريده من الله جل وعلا: قال العلامة العثيمين رحمه الله: لا تيأس من أي شيء تريده من الله عز وجل... من آمن بأن الله على كل شيء قدير، فإنه يطرد عنه اليأس....كم من أضرار حدثت للإنسان حتى أوصلته إلى اليأس والقنوط فكشفها الله عز وجل.   القنوط هلاك: قال ابن مسعود رضي الله عنه: الهلاك في اثنتين: القنوط، والعجب.   القنوط من وسوسة الشيطان: قال الإمام الغزالي رحمه الله: العاصي المنهمك إذا خطرت له التوبة، قال له الشيطان: وأنَّى تُقبَل توبتك، فيقنط من رحمة الله تعالى.   الهداية والعلم العظيم يمنعان من القنوط: قال العلامة السعدي رحمه الله: من أنعم الله عليه بالهداية والعلم العظيم، فلا سبيل إلى القنوط إليه؛ لأنه يعرف من كثرة الأسباب والوسائل والطرق لرحمة الله شيئًا كثيرًا.  
      المصدر طريق الاسلام شبكة الالوكة    
    • مَنْ لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر:   إذاً: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ أردت أن أنطلق من كلمة فعززنا إلى أسلوب التعزيز الذي يستخدمه الله عز وجل مع عباده، فأنت كلما جاءتك دعوة لطيفة: أحياناً ترى مناماً، إذا كنت موفقاً جداً، وحساساً جداً، وعلى مستوى عال من الإدراك، يكفيك منام تحذيري، أحياناً كلمة، أحياناً انقباض، هذا الطريق فيه انقباض لا يحبه الله، هذه النزهة لا ترضي الله، يقول لك: متضايق، هذه السهرة لا ترضي الله، هذه الشركة لا ترضي الله، هذه الصفقة لا ترضي الله، هذا الدخول لهذا البيت لا يرضي الله، اللقاء مع فلان لا يرضي الله، الانقباض إشارة من الله عز وجل، فإذا الإنسان فَهِم على الله عز وجل نعمة كبيرة، أحياناً رؤيا، أحياناً انقباض، أحياناً كلام واضح، صديقك ينصحك يا أخي أنت أخ مؤمن، وهذا الذي أنت فيه لا يرضي الله، احذر...مادمت أنت على مستوى أن تستجيب لنصيحة، أو لدعوة، أو لآية كريمة، أو لحديث شريف، أو لمنام حقيقي تراه، وتفهمه على الله تماماً، هذه نعمة، أو بانقباض، أما الذي لا يفهم إلا بالمشكلة الكبيرة، والضيق الشديد، والتضييق، فهذا حسه متلبد.  أيها الأخوة؛ اسمعوا هذه الكلمة: مَنْ لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر، هذا الذي تأتيه المصيبة من الرحمن الرحيم لتلفت نظره، لتدفعه، لتقربه، لتجعله يتوب، لتحمله على طاعة الله، لتجعله يزداد من الله قرباً وحباً، فلا يستفيد منها هو المصيبة، نفسه هي المصيبة.   كل إنسان له اختيار فليس عليك إلا أن تنصح وتبين وعلى الله الباقي:   ﴿قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ(16)وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(17)﴾ أنت مخيّر، الإنسان مخير، كثير من الأخوان يسألني ماذا أفعل؟ لا أستطيع إلا أن أنصحه، لأنه مخيّر، أحياناً قد يكون لك ابن، أو قريب، أو صديق، أو شريك، منحرف، ماذا أفعل؟ انصحه، إذا النبي وعظمته الله عز وجل قال: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)﴾[ سورة البقرة ] أي لست مسؤولاً عنهم، والآية الثانية: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)﴾[ سورة القصص ]   من أصابه خير فمن حسن استقامته ومن أصابه شرّ فمن تقصيره: يا أيها الأخوة الأكارم؛ سورة يس هي قلب القرآن: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ﴾ والله على هذه الكلمة تُكْتب مجلدات، خيرك منك وشرك منك، كل شيء خارجي بريء، إذا أصابك الخير فمن حسن استقامتك، من نواياك الطيبة، من إخلاصك، من حبك لله، من التزامك بأمر الله، وإن أصابك الشر فمن تقصير، من ذنب. ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(30)﴾[ سورة الشورى ]   نسيان المؤمن المتاعب التي عانى منها في الدنيا عندما يرى ما أعدّ الله له: الشيء المهم أن المؤمن حينما يأتيه ملك الموت ويرى ما أعدّ الله له من نعيم مقيم قيل: يعرق.. عرق الخجل، كل المتاعب ينساها حتى لو أنه قُتِل، هنا قتلوه، لكن عندما أراه الله عز وجل مقامه في الجنة: ﴿قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26)بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ(27)﴾ لو علموا هذا ما قتلوني، واستجابوا إلي.   ما بعد الموت أشد من الموت:   أين عاد وثمود؟ أين الفراعنة؟ أين الرومان؟ الذي عتوا، وبغوا، واستطالوا، واستعلوا، وكفروا، أين هم الآن؟ أحاديث، الله قال: ﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)﴾[ سورة سبأ ] ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ(32)﴾ . ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) ﴾[ سورة الغاشية ] فهذا مثل حقيقي، هؤلاء الذين رفضوا دعوة الرسل: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ(29)﴾ أُهْلِكوا، وما بعد الموت أشد من الموت، والذي آمن قُتِل لكن أكرمه الله بالجنة، فلما رأى مقامه في الجنة: ﴿قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26)﴾ أول السورة دعوة نظرية، وهذا مثل عملي: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ﴾ الذين استجابوا ما مصيرهم؟ والذين لم يستجيبوا ما مصيرهم؟ قُتِلوا فدخلوا الجنة، وكَذَّبوا فجاءتهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون.   موسوعة النابلسى  
    • ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ ﴾    [الدخان   آية:٤] س : سؤالي عن ليلة النصف من شعبان هل هذه الآية التي في سورة الدخان فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ هل المقصود بها ليلة النصف من شعبان أم المراد بها ليلة القدر سبع وعشرين من رمضان المبارك ، وهل يستحب في ليلة النصف من شعبان العبادة والذكر والقيام وقراءة القرآن وصيام يوم أربعة عشر من شعبان ؟   جـ : أولا : الصحيح أن الليلة المذكورة في هذه الآية هي ليلة القدر وليست ليلة النصف من شعبان . ثانيا : لا يستحب تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادة مما ذكرت أو غيره ، بل هي كغيرها من الليالي الأخرى وتخصيصها بشيء من العبادات بدعة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى ثم قرأ: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [الدخان: 3، 4]، يعني: ليلة القدر ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل. أخرجه الحاكم. وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ قال: في ليلة القدر كل أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت، يقدر فيها المعايش والمصائب كلها. ﴿ فيها يُفرق كل أمر حكيم ﴾
      في ليلة_القدر يكتب أجلك..مستقبلك..رزقك.. فكن لله كما يُحب.. ليكتب لك فوق ما تُحب.   تدارس القرآن الكريم  
    • يا عبادَ الله، اتقوا اللهَ - تعالى - بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وتعرَّضوا لأسباب رضاه، وابتعدُوا عن حرماته ومعاصيه، وإنَّ من أعظم المصائب وأقبح المعايب ما انتشر بين الناس اليوم من آلات اللهو والطرب، واستماع الأغاني والمزامير، والربَاب والأعواد، من الإذاعات والتلفزيون، والإسطوانات والبكمات، وغيرها، وإنَّ استعمال هذه الأشياء والاستماع إليها من المحرَّمات التي تصُدُّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وتزرعُ النفاقَ في القلب، وتُذهِبُ الغَيْرة من القلب، وتُذهِبُ نورَ الإيمان، وتُقرِّبُ أهلَها من الشيطان، وتُبعِدهم عن الرحمن، وتبغِّضُ إليهم القرآن، وإن الغناء وآلاتِ اللَّهو من مصايد الشيطان ومكايده، التي كاد بها مَن قَلَّ نصيبُه من العلم والعقل والدين؛ فإنها تصدُّ القلوبَ عن القرآن وتجعلُها عاكفةً على الفسوق والعصيان، وإنَّ الغناء قرآن الشيطان والحجاب الكثيف عن الرحمن، كادَ به الشيطان النفوسَ المبطلة؛ مكرًا منه وغرورًا، وأوحَى إليها الشُّبَهَ الباطلة على حسنه، فقبلت وحيَه واتَّخذتْ لأجله القرآن مهجورًا، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الغناء وسمَّاه الصوت الأحمق والصوت الفاجر، وأخبَر أنه ملعونٌ في الدنيا والآخرة، وقَرَنَ تحريمَه بتحريم الزِّنا وشربِ الخمر ولبس الحرير - في حقِّ الرجال - فقال: ((ليكوننَّ من أمَّتي أقوامٌ يستحِلُّون الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ))؛ رواه البخاري.       وليس على الناس أضرُّ من سماع آلات اللهو والغناء، ولا أفسد لعقولهم وقلوبهم، وأديانهم وأموالهم وأولادهم وحريمهم منه، وقد شاهَد الناسُ أنه ما اعتاد الغناءَ صبِيٌّ إلاَّ فسد، ولا امرأةٌ إلاَّ بَغَتْ، ولا متدينًا عاقلًا إلاَّ نقص عقلُه وقلَّ حياؤه، وذهبتْ مروءتُه وضعُفَ دينه.       وإن الغناء من أعظم الأسباب لوقوع الفواحش والزنا، يكون الرجل أو المرأة في غاية الصيانة والعفة، حتى يحضر الغناء فتنحل نفسُه، وتسهُل عليه الفاحشةُ، ويميل إليها، إنَّ الغناءَ يُفسد العقل، ويُنقص الحياء، ويَهدِم المروءة؛ ولذلك يرقصُ أهلُه كما ترقصُ القرود، ويتمايَلون كتمايل المجانين، ويصفِّقون كما تُصفِّق النساء، إن الغناء يسخط الله - تعالى - لأنَّه يصدُّ عن ذكره وطاعته، إن الغناء سببٌ لأنواع العقوبات في الدنيا والآخرة؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [لقمان: 6].       وفسَّر الصحابة لهو الحديث بالغناء؛ وقال - تعالى - مخاطبًا إبليسَ: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ﴾ [الإسراء: 64]؛ قال المفسِّرون: صوتُ الشيطان: الغناء والمزامير.       وقد مدح الله المؤمنين، وأثنى عليهم في إعراضهم عن اللَّغو - ومنه الغناء - وأنهم يُكرِمُون أنفسَهم ويُنَزِّهونها عن سماعه؛ قال - تعالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 3]، وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ﴾ [القصص: 55]، ﴿ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان: 72].       وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما نُهِيتُ عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة الشيطان...))[1]؛ رواه الترمذي وحسَّنه، فسمَّى الغناء صوتًا أحمقَ، ولم يقتصرْ على ذلك حتى وصَفَه بالفجور، ولم يقتصرْ على ذلك حتى سمَّاه مزاميرَ الشيطان، فكيف يستَحِلُّ المسلم إباحةَ ما نهى عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وسمَّاه صوتًا أحمقَ فاجرًا ومزامير شيطان، وجَعَلَه والنِّياحةَ - التي لُعنَ فاعلُها - أخوين، وأخرج النهيَ عنهما مخرجًا واحدًا، ووصفه بالحمق وصفًا واحدًا؟!       وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ الله بعثني هدًى ورحمةً للعالمين، وأمرني أن أمْحَقَ المزاميرَ والمعازفَ والأوثانَ التي تُعبَد في الجاهلية))[2]، ومن المُجْمَع عليه أن المغنِّي من الرجال يُطلَق عليه اسم (المخَنَّث)، وكفى به خزيًا وعارًا أن يُقال: إنه مُخَنَّث[3]، وقد قال بعضُ أمراءِ بني أمية: "يا بني أمية، إياكم والغناءَ؛ فإنه يُنقِص الحياء، ويهدم المروءة، ويزيد في الشهوة، وإنه لَيَنُوبُ عن الخمر، ويفعل ما يفعل السُّكْر، فإنْ كنتم لا بُدَّ فاعلين، فجنِّبوه النساء؛ فإنَّ الغناء داعيةُ الزنا"[4].       ولا ريبَ أنَّ كلَّ غيورٍ يجنِّبُ أهلَه سماع الغناء كما يجنِّبهم أسباب الريب؛ فإن المرأة سريعة الانفعال إلى الصوت جدًّا، فإذا كان الصوت بالغناء صار انفعالها من جهتين: من جهة الصوت، ومن جهة معناه؛ فكم من حُرَّة صارت بالغناء من البغايا! وكم من حر أصبح به عبدًا للصبيان والصبايا! وكم من غيور تبدَّل به اسمًا قبيحًا بين البرايا! فاتقوا الله - عبادَ الله - ونزِّهوا أنفسكم وأكرموها عن هذه الفتن القبيحات، وصونوا ألسنتَكم وأسماعَكم وأبصارَكم عن هذه المحرمات، وجنِّبُوها أولادَكم ونساءَكم؛ فإنهم أماناتٌ عندكم، فاحذروا خيانتها؛ قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ ﴾ [التَّحريم: 6]؛ وذلك بطاعة الله وتقواه، وامتثال ما أمر، واجتناب ما نهى، وبتعليم الأهل والأولاد، وتربيتهم وتنشئتهم على الخير في القول والعمل والاعتقاد، والحب والبغض، والفعل والترك؛ فإنكم مسؤولون عنهم أمام الله؛ ((كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته))[5]، ولا تطيعوهم في معصية الله، ألاَ هلكت الرجال حين أطاعوا النساء في معصية الله!       قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ﴾ [التغابن: 14]، إن الغناء بريدُ الزنا، ووسيلة إليه، والجنة حرام على الدَّيُّوث الذي يُقِرُّ السوء في أهله ويسكت؛ ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 34]، إنه لا يجتمع حبُّ القرآن وحبُّ الغناء في قلب إنسان أبدًا؛ إن الغناء يُفسِدُ قلوبَ المفتونين به ويُفسِد أخلاقَهم ودينهم ودنياهم، ولا سيَّما النساء والأولاد؛ إنهم إذا نُشِّئوا عليه أَلِفُوه وأحبوه، وعكفوا عليه ولازموه واشتغلوا به عن طاعة الله وذكره، إن تأثير الغناء في القلوب والإيمان كتأثير السُّمِّ في الأبدان.       أيُّها المسلمون، اشغلوا عقولَكم وألسنتَكم، وأسماعكم وأبصاركم فيما خُلِقت له، في التفكُّر في خلق الله، اشغلوها بذكر الله؛ فبذكر الله تطمئنُّ القلوب، اشغلوها بالتسبيح، والتهليل، والاستغفار في الليل والنهار والسرِّ والجهار، إنَّ هذه الحواسَّ مسؤولة عن عملها ووظيفتها، ومعذَّبةٌ على غفلتها ومعصيتها؛ ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مسؤولًا ﴾ [الإسراء: 36]، إن هذه الجوارح والحواسَّ سوف تشهد على أهلها يوم القيامة؛ ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 24]، ﴿ اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].       فاتَّقوا الله - عباد الله - وحاسِبوا أنفسكم قبل يوم الحساب، واعتبروا بعاقبة العاصين من الأولين والآخِرين، فالسعيد مَن وُعِظ بغيره، ولا تتركوا الحقَّ لقلَّة السالكين، ولا تغترُّوا بالباطل لكثرة الهالكين؛ ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ [الأنعام: 116]، ولا تكونوا إمَّعة؛ تقولون: إنْ أحسن الناس أحسنَّا، وإنْ ظلموا ظلمْنَا، وإن أطاعوا أطعنا، وإنْ عصوا عَصَيْنَا، بل وطِّنُوا أنفسَكم على حبِّ الخير والعمل به، إنْ أحسن الناس فأحسِنُوا، وإنْ ظلموا فلا تظلموا؛ فإنَّ كلَّ عاملٍ سيلقى عمله ويُجزَى به، وكلَّ زارع سيحصد ما زرع؛ ﴿ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمُ بِاللهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33]، واحمدوا ربَّكم الذي عافاكم ممَّا ابتَلَى به كثيرًا من الناس وفضَّلكم على كثير ممَّن خلق تفضيلًا، وسَلُوا ربَّكم الاستقامةَ على دينه والثبات عليه حتى تموتوا؛ ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].       ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ [التَّحريم: 8].       أعانني اللهُ وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وثبَّتَنا على دينه وطاعته، وأعاذنا من مضلاَّت الهوى والفِتَن، ما ظهر منها وما بطن، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ القَوْمُ الخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 96 - 99]، ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 45 - 47].       وإليكم هذه المسائلَ مما ذكره العلماء ممَّا يتعلَّق بتحريم الغناء؛ انظر: "إغاثة اللهفان"؛ لابن القيم (ج1/ص224- 268).       قال العلماء - رحمهم الله - كما في "فصل الخطاب في الرد على أبي تراب"؛ للشيخ حمود التويجري:   1- لا يجوز التداوي بسماع آلات اللهو والغناء والطرب.       2- وإذا كانت الأغاني محرَّمة، فيحرُم تسجيلها وبيعها وشراؤها وثمنها؛ لأن الله إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثمنه، وفي الحلال كفاية عن الحرام.       3- لا يجوز الاستئجار على الزمر والغناء والضرب بالعود، وغيره من آلات اللهو والطرب.       4- لا ضمانَ في إتلاف آلات اللهو.       5- ولا يجوز حضور الوليمة إذا كان فيها غناء أو شيءٌ من آلات اللهو.       6- ولا قطع على سارق آلات اللهو.       7- ولا تقبل شهادة المغني والرقاص وصانع آلات اللهو، متَّخذها والمتظاهر بسماع الغناء وآلات اللهو، كل هؤلاء محكوم بفسقهم وعدم قبول شهادتهم[6].     [1] رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. [2] رواه أحمد. [3]- والمخنث هو المتشبه بالنساء، وانظر: "الإعلام بأن الغناء والعزف حرام"؛ لأبي بكر الجزائري، ص23. [4] رواه ابن أبي الدنيا. [5] متفق عليه. [6] انظر: "فصل الخطاب في الرد على أبي تراب"؛ للشيخ/ حمود بن عبدالله التويجري (ص105- 126).   الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله   شبكة الالوكة
    • ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٢٦﴾ ﴾    [النور   آية:٢٦]   س: حدثت مناظرة بيني وبين شخص مسيحي ، وقد فاجأني بقوله لي : هناك آية في القرآن تتضمن قول الله سبحانه وتعالى : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ إلى آخر الآية ، والآية الأخرى تتضمن قوله تعالى : رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ و يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ وهناك آية أخرى ، وهي قوله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ إلى آخر الآية ، وأن هناك - على حد زعمه - تناقضا ، فكيف يقول الله سبحانه وتعالى : وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ إلى آخر الآية ، بينما زوجات أنبياء الله نوح ولوط خبيثات ، وفرعون كما جاء فيه في القرآن وزوجته طيبة ، وحيث ليس لدي جواب مقنع ، آمل التكرم بإفتائي عن ذلك جزاكم الله خيرا ؟   جـ : أولا : قال الله تعالى : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ هذه الآية ذكرت بعد الآيات التي نزلت في قصة الإفك تأكيدا لبراءة عائشة - رضي الله عنها - مما رماها به عبد الله بن أبي ابن سلول ، رأس المنافقين ، زورا وبهتانا ، وبيانا لنزاهتها وعفتها في نفسها ، ومن جهة صلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم . وللآية معنيان :   الأول : أن الكلمات الخبيثات والأعمال السيئات أولى بها الناس الخبيثون ، والناس الخبثاء أولى وأحق بالكلمات الخبيثات والأعمال الفاحشة ، والكلمات الطيبات والأعمال الطاهرة أولى وأحق بها الناس الطيبون ذوو النفوس الأبية والأخلاق الكريمة السامية ، والطيبون أولى بالكلمات والأعمال الصالحات . والمعنى الثاني : أن النساء الخبيثات للرجال الخبيثين ، والرجال الخبيثون أولى بالنساء الخبيثات ، والنساء الطيبات الطاهرات العفيفات أولى بالرجال الطاهرين الأعفاء ، والرجال الطيبون الأعفاء أولى بالنساء الطاهرات العفيفات ، والآية على كلا المعنيين دالة على المقصود منها ، وهو نزاهة عائشة - رضي الله عنها - عما رماها به عبد الله بن أبي ابن سلول من الفاحشة ، ومن تبعه ممن انخدع ببهتانه ، واغتر بزخرف قوله .   ثانيا : قال الله تعالى : وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ سورة هود ، ومعنى الآيتين أن الله تعالى أخبر عن رسوله نوح - عليه السلام - أنه سأله تعالى أن ينجز له وعده إياه بنجاة ولده من الغرق والهلاك بناء على فهمه من ذلك من قوله تعالى له : احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وقد وعدتني بنجاة أهلي ووعدك الحق الذي لا يخلف وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي الذين وعدتك بإنجائهم لأني إنما وعدتك بإنجاء من آمن من أهلك بدليل الاستثناء في قوله تعالى : إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ولذلك عاتبه الله تعالى على تلك المساءلة وذلك الفهم بقوله : يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ وبين ذلك بقوله إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ لكفره بأبيه نوح - عليه السلام - ومخالفته إياه فليس من أهله دينا ، وإن كان ابنا له من النسب ، قال ابن عباس وغير واحد من السلف - رضي الله عنهم - ( ما زنت امرأة نبي قط ) وهذا هو الحق ، فإن الله سبحانه أغير من أن يمكن امرأة من الفاحشة ، ولذلك غضب سبحانه على الذين رموا عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفاحشة ، وأنكر عليهم ذلك ، وبرأها مما قالوا فيها ، وأنزل في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم القيامة .   ثالثا : قال الله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا الآيتين من سورة التحريم . بعد أن عاتب الله تعالى أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخاصة عائشة وحفصة - رضي الله عنهن جميعا - على ما بدر منهن مما لا يليق بحسن معاشرة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى حلف أن يعتزلهن شهرا ، وأنكر تعالى عليهن بعض ما وقع منهن من أخطاء في حقه - عليه الصلاة والسلام - وأنذرهن بالطلاق ، وأن يبدله أزواجا خيرا منهن - ختم سورة التحريم بمثلين مثل ضربه للذين كفروا بامرأتين كافرتين : امرأة نوح وامرأة لوط ، ومثل ضربه للذين آمنوا بامرأتين صالحتين : بآسية امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران إيذانا بأن الله حكم عدل لا محاباة عنده ، بل كل نفس عنده بما كسبت رهينة ، حث العباد على التقوى ، وأن يخشوا يوما يرجعون فيه إلى الله ، يوما لا يجزي فيه والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، يوم لا تزر فيه وازرة وزر أخرى ، وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ، ولو كان ذا قربى ، يوم لا تنفع فيه الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا . فبين سبحانه أن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين ، وكانتا تحت رسولين كريمين من رسل الله ، وكانت امرأة نوح تخونه بدلالة الكفار على من آمن بزوجها ، وكانت امرأة لوط تدل الكفار على ضيوفه ؛ إيذاء وخيانة لهما وصدا للناس عن اتباعهما ، فلم ينفعهما صلاح زوجيهما نوح ولوط ، ولم يدفعا عنهما من بأس الله شيئا ، وقيل لهاتين المرأتين : ادخلا النار مع الداخلين جزاء وفاقا بكفرهما وخيانتهما ، بدلالة امرأة نوح على من آمن به ، ودلالة امرأة لوط على ضيوفه ، لا بالزنى ، فإن الله سبحانه لا يرضى لنبي من أنبيائه زوجة زانية ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله تعالى : فَخَانَتَاهُمَا قال : ( ما زنتا ) . وقال : ( ما بغت امرأة نبي قط إنما كانت خيانتهما في الدين ) وهكذا قال عكرمة ، وسعيد بن جبير ، والضحاك وغيرهم . وبين الله سبحانه بالمثل الذي ضربه للذين آمنوا بآسية زوجة فرعون وكان أعتى الجبابرة في زمانه ، أن مخالطة المؤمنين للكافرين لا تضرهم إذا دعت الضرورة إلى ذلك ما داموا معتصمين بحبل الله تعالى ، متمسكين بدينه ، كما لم ينفع صلاح الرسولين نوح ولوط زوجتيهما الكافرتين ، قال الله تعالى : لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ولذلك لم يضر زوجة فرعون كفر زوجها وجبروته ، فإن الله حكم عدل ، لا يؤاخذ أحدا بذنب غيره ، بل حماها وأحاطها بعنايته ، وحسن رعايته ، واستجاب دعاءها ، وبنى لها بيتا في الجنة ، ونجاها من فرعون وكيده ، وسائر القوم الظالمين .   مما تقدم في تفسير الآيات من أن ابن نوح ليس ابن زنى ، وأن عائشة - رضي الله عنها - برأها الله في القرآن مما رماها به رأس النفاق ، ومن انخدع بقوله من المؤمنين والمؤمنات ، وأن كلا من امرأة نوح وامرأة لوط لم تزن ، وإنما كانتا كافرتين ، ودلت كل منهما الكفار على ما يسوءهما ، ويصد الناس عن اتباعهما ، وأن زواج المؤمن بالكافرة كان مباحا في الشرائع السابقة ، وكذا زواج الكافر بالمؤمنة ، وأن الله حمى امرأة فرعون من كيده ، وحفظ عليها دينها ونجاها من الظالمين ، يتبين أن الآيات المذكورة متوافقة لا متناقضة ، وأن بعضها يؤيد بعضا . وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم .     المصدر: مجلة البحوث الإسلامية  
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182363
    • إجمالي المشاركات
      2535682
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93241
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×