اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57437
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180543
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8250
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53005
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40679
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33883
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37302 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 37 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    2 عضوات تواجدن خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 7، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • من الأمور التي هي من مفسدات القلب : التعلق بغير الله عز وجل  التعلق بغير الله له عدة نواحٍ والكلام فيه من عدة فروع، فمن التعلق بغير الله: التعلق بالدنيا، وقد مثله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أجود تمثيل في قوله عليه الصلاة والسلام: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش) هذا الرجل المتعلق بغير الله، فمن الناس من يتعلق بالأموال، فيعمل لها كل همه، فيخرج من الصباح ويسعى ويعمل ويكدح إلى الليل، وربما سهر إلى الساعة الثالثة في الفجر، كما قال بعضهم: امرأة تشتكي زوجها قالت: يخرج الصباح فلا يرجع إلا الساعة الثالثة في الليل، مضيع لزوجته ولأولاده ولبيته ويقول لها: هذه حياتي تريدين العيش أهلاً وسهلاً، لا تريدين هذا الباب مع السلامة.فهذا الشخص عبد الدينار والدرهم، وجعل همه للدرهم والدينار، إن رضي فللمال، وإن غضب فللمال وإن سخط فللمال، وإن أعطى فللمال، وإن منع فلأجل المال، وهكذا، فجعل هذا الدرهم والدينار هو معبوده من دون الله، وهو إلهه الذي يسعى في مرضاته،   وهناك أناس يتعلقون مثلاً بمدير أو رئيس مثلاً، فيجعل هذه الرئيس إلهاً يعبد من دون الله، فيطيعه في معصية الله، ويجعل همه في إرضائه، ويتجنب إسخاطه بكل وسيلة ولو أسخط ربه، ويجعل هذا الرئيس إلهاً يعبد، ويكون هو عنده بمثابة الخادم العبد الذليل الذي يفعل له كل شيء، من أجل أن يرضيه، ولا يفكر في إرضاء ربه سبحانه وتعالى، تعس عبد هذا الرئيس.   ومن الناس من قد يتعلق أو يجعل همه إرضاء زوجته، تعس عبد الزوجة، فلو أمرته بمعصية الله أطاع، وجرته إلى مكان معصية ذهب، وهكذا من الأشياء التي قد يقع فيها بسبب إسلامه القيادة لامرأة فاسقة عاصية.   ومن التعلق بغير الله: العشق، وهذا أمر خطير جداً، قد وقع فيه كثير من الناس في القديم والحديث، وقالوا فيه الأقاويل والأشعار حتى أوضحت لنا مكنونات أولئك الناس، فإذا أردت أن تعرف عذاب العاشق في الدنيا، فإنه إنسان فانٍ في محبة معشوقة، ومع ذلك ربما يقرب منه ويبعد عنه ذاك المعشوق ولا يفي له، ويهجره ويصل عدوه، فمعشوقه قليل الوفاء كثير الجفاء، كثير الشركاء سريع التغير، عظيم الخيانة، لا يدوم له معه وصل، فكيف إذا هجره ونأى عنه بالكلية، فإنه يكون عند ذلك جاءه العذاب الأليم، والسم الناقع، الذي يجعل حياته جحيماً لا تطاق، فالمشكلة تبدأ بالتعلق، أو بالإعجاب، قد يعجب بشخص من الأشخاص، ثم يتزايد هذا الإعجاب فيقوى، حتى يصبح تعلقاً بحيث إنه لا بد له من أن يلقاه في كل وقت، وفي كل حين، وأن يجلس إليه، وينظر إليه، ويسمع كلامه، ثم تتطور الأمور حتى تصبح عشقاً، فيصبح متيماً بهذا الشخص، همه إرضاء هذه الشخص قد غلبت محبته لهذا الشخص محبته لله عز وجل، فلذلك يعبده من دون الله ويستولي على قلبه، ويتمكن منه، فصار العاشق عابداً للمعشوق، يسعى في مرضاته ويؤثره على حب الله، بل يقدم رضاه على رضا الله، وحبه على حب الله، ويتقرب إليه ما لا يتقرب إلى الله، وينفق في مرضاة هذا المعشوق ما لا ينفق في مرضاة الله، ويتجنب في سخط هذا المعشوق ما لا يتجنبه من سخط الله، فعند ذلك يكون عبداً له بالكلية، ويكون مشركاً مع الله سبحانه وتعالى. وتأمل كيف قاد العشق امرأة العزيز إلى أن وقعت في المهاوي وعمدت إلى الفاحشة، وركبت رأسها، وغلقت الأبواب، ودعت يوسف وخانت زوجها، وأودى الأمر إلى أن يتكلم فيها نساء المدينة، ومع ذلك هي مصرة على غوايتها، وتقول: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:٣٢].فإذاً: أودى العشق بهذه المرأة في مهاوٍ، والشرك قرين للعشق، والتوحيد يبعد عن العشق تماماً، ولذلك كافأ الله يوسف بتوحيده لربه فأبعده عن الهلاك والرذيلة، وجعل تلك المرأة بشركها ملومة مذمومة يتكلم الناس عنها، حتى اعترفت بذنبها في النهاية، وبرأت يوسف عليه السلام.وتكلمنا في محاضرة سابقة عن موضوع العشق لكنه -أيها الإخوة- ولم يجر عادة الكلام فيه، من شاء فليرجع إليه، لكن ينصح في هذا الموضوع بقراءة ما كتبه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، وكتاب إغاثه اللهفان من مصائد الشيطان، تكلم عنه في موضع من المجلس الأول وفي المجلد الثاني ربما كان الكلام أكثر في أواخره تقريباً، فموضوع العشق هو نتيجة ضعف الإيمان، والقلوب التي لا يكون فيها إيمان مستقر، فإنه يتطرق إليها العشق، وأنتم أيها الإخوة: لو تأملتم في أكثر كلمات الأغاني لوجدتم أنها تدور على معاني العشق، وكلها صدرت من أشخاص قد جربوا العشق أو عشقوا سواء كان الملحن أو المؤلف أو المغني أو السامع، فإن غالب الكلام إذا تأملت فيه وتبصرت فعلاً بنور الإيمان في كلام هؤلاء المغنين، لوجدته وصفاً لأحوال العشق، وأنه قد عبر أمامه وأن قلبه قد أنشد إليه، وأنه أحسن ما في الدنيا، وأنه إذا أعطاه كلمة واحدة من الثناء، فإن له بالدنيا وما له بالدنيا وما فيها، ولذلك تقرأ حتى في بعض أشعارهم: (لو كانت ليلى في جهة المشرق، وأنا أصلي للغرب؛ لتيممت نحوها في صلاتي، ولو أنه بين الحطيم وزمزم) والكلام كله يدور على معاني العشق، وهذه الأغاني قد دمرت القلوب تدميراً، ولعله يتاح لي الفرصة للكلام على مساوئ الأغاني وترسيخ العشق في قلوب الناس السامعين، لأن بعض الناس يقول: لماذا أنتم تعقدون الأمور جداً، والأغاني ماذا فيها؟! موسيقى وكلمات، لكن صدق -بالله العظيم- أن هذه الكلمات والألحان تجر إلى الشرك بالله عز وجل، وتزين العشق للسامعين وللناس، ومن نتائج سماع الأغاني المتكررة، أن يبدأ هؤلاء السامعون للأغاني في عشق النساء والمردان وعشق الصور الجميلة -طبعاً الأشخاص- المحرمة، وينبني عليها فساد عظيم في الدنيا وفي الآخرة، وينبني عليها ثوران الشهوات وينبني عليها تخريب العلاقة برب العالمين، وينبني عليها فساد العبادات، يقول: إياك نعبد وإياك نستعين، الفاتحة، وقلبه متعلق بامرأة أو شخص وهكذا المسألة تسير في هذه الناحية فيجعل جل همه في إرضاء هذا المعشوق وفي طاعته، وباختصار في عبادته من دون الله.وينبغي أيها الإخوة: أن نعلم أن العشق قد يرتبط بالمحبة، لأن العشق هو عبارة عن محبة، زادت جداً جداً حتى وصلت إلى مرحلة أنه صار متيماً بهذا الأمر، وبلغ فيه النهاية القصوى، وتخلل قلبه محبة هذا المتعلق به،   فينبغي أن نعلم بأن المحبة، نوعان: النوع الأول: محبة نافعة. النوع الثاني: محبة محرمة. فالمحبة النافعة ثلاثة أنواع: النوع الأول: محبة الله وهي الأساس. النوع الثاني: المحبة في الله، فنحن نحب الأنبياء لأي شيء؟ لصورهم وأشكالهم!! لأن الله أرسلهم، لأننا نحب الله، وهؤلاء جاءوا رسلاً من الله، فنحن نحبهم لأنهم جاءوا من محبوبنا الأعظم من الله سبحانه وتعالى الذي نحبه أكثر من كل شيء، أو هكذا ينبغي أن يكون الأمر.ثانياً: المحبة في الله. النوع الثالث: محبة ما يعين على طاعة الله.   والمحبة السيئة ثلاثة أنواع: النوع الأول: محبة مع الله، هذا شرك: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة:١٦٥] وهذا يقع فيه العاشقون، يقعون في هذا النوع من الشرك وهو المحبة مع الله، فهذا من أحسن أحوال بعضهم، وإلا فإن بعضهم نسي الله عز وجل تماماً، وصار كل همه في محبة المعشوق محبة مع الله. النوع الثاني: محبة ما يبغضه الله، وهي مذمومة أيضاً. النوع الثالث: محبة ما يقطع عن الله، إذا كان محبتك لشيء تقطعك عن الله، فمحبتك لهذا الشيء حرام، إذا كان التلفزيون يقطعك عن الله، فمحبتك له حرام، إذا كانت الألعاب -أي لعبة لو كانت مباحة- فلو قال قائل: المحبة مع الله شرك عرفناه، محبة ما يبغضه الله عرفناها، ولو كانت أفلاماً محرمة، أو أغاني إلى آخره عرفنا أنها محرمة وأن محبتها محرمة وأن الله عز وجل يبغضها وأن محبة ما يبغضه الله حرام، لكن ما معنى محبة ما يقطع عن الله؟ يعني: أن هناك أشياء مباحة أصلاً لا يبغضها الله، لكن إذا كانت محبتك لها تقطعك عن الله، فينبغي أن تبغضها، ولا تحب الأشياء التي تقطعك عن الله ولو كانت مباحة مادامت تقطعك عن الله مثلاً: إنسان محبته لزوجته تمنعه من الخروج إلى صلاة الفجر، ما حكم محبة الزوجة؟ مباح، بل شيء طيب، بل لا يمكن أن تستقيم الأسرة إلا إذا أحب الرجل زوجته والعكس، لكن لو أن هذه المحبة صارت إلى درجة أن الرجل من تعلقه بزوجته صار لا يمكن أن يفارقها، لإجابة نداء المؤذن في صلاة الفجر، فماذا يكون الحكم؟ هنا صار الأمر محرماً، لأن هذه المحبة في هذا الأمر قد قطعته عما يحبه الله، فصار تعطيلاً عن العبادة ومنعاً من أدائها، وصار أمراً لا يجوز، وقد أجاب ابن القيم رحمه الله في موضوع العشق في إغاثة اللهفان عن مسألة قال: ما حكم عشق الرجل لزوجته؟ فقال: إنه جائز إلا إذا كان يشغل عن عبادة الله.لا يمانع أن الإنسان يحب زوجته جداً، بشرط ألا يقع في الشرك لكن إذا وصل الأمر إلى أنها توقعه في معصية وتصرفه عن طاعة، فعند ذلك يصبح أمراً محرماً.ومحبة الصور المحرمة وعشقها من موجبات الشرك، وكلما كان العبد أقرب إلى الشرك، كان عشقه للصور أوقع وأكثر في نفسه.   من كتاب دروس للشيخ محمد المنجد المكتبة الشاملة  
    • (( يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ – فاطر ١٥ )) هذا هو المبدأ الأول الذي يتوجب علينا الإيمان به أن الناس كلهم فقراء والله هو الغني ، مع الأسف أنََّ غالبيتنا لا يؤمن بالقرآن في مقام العمل ، هذا الغني … هذا الحاكم من أين جاء بما لديه ؟ هل هو من ذاته ؟ لو كان كذلك لبقي عنده إلى أبد الآبدين بل يخرج من الدنيا بكفن رخيص … قبل أن يأتي إلى الدنيا يأتي فقيرا وعندما يذهب يذهب فقيرا ، يقول تعالى : (( وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ- سورة الأنعام ٩٤ )) ، إذا آمنا بهذه الحقيقة هل تبقى ذرة شك في ضرورة الالتجاء لهذا المنبع الأبدي للغنى يجب أن نتصل بالغني المطلق موسى (ع) كليم الله قال : ((رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ – القصص٢٤ )) يبدي افتقاره لرب العالمين ، ونحن في أمورنا العادية وكأننا لا نحتاج لرب العالمين ، رغم أن الأدب مع رب العالمين يقتضي أن نطلب منه كل شيء   الرزق بيد الله : من صفات الله عزوجل أنه رزَّاق ((إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ – الذاريات ٥٨ )) : وهي صيغة من صيغ المبالغة ، أي أن الله يبالغ في رزقه ، ذو القوة المتين : هو صاحب القوة هو مسبب الأسباب ، كما وردت جملة من الآيات القرآنية في الرزق ، يقول تعالى : ((وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً- الطلاق ٢ ))… (( مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ – فاطر ٢ )) (وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ – المنافقون ٧ )) (( ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ – الروم ٤٠ )) ما الذي تعنيه هذه الآية المختصرة ؟ …أن الذي له الخلق له الرزق ، أنت مسَلِّم لله في الخلق ، فلماذا لا تسلم له في الرزق ؟… هل الخلق من الله والرزق من السلطان والتجار والمترفين في الدنيا ؟!…   أسباب الرزق.. وجالبات البركة
      1ـ تقوى الله:
      قال سبحانه: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}[الطلاق] يقول ابن كثير: "يرزقه من جهة لا تخطر بباله"، وقال ابن عباس: "من حيث لا يرجو ولا يأمل". أما التقوى التي تستجلب بها الأرزاق، وتتنزل بها البركات فهي التي عرفها علي رضي الله عنه بأنها: "الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل".
      وقال طلق بن حبيب: هي "أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله".
      وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "تقوى الله: أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر".
      وهي في عموم الكلام "أن تجعل بينك وبين غضب الله ومساخطه وعقابه وقاية".
      قال تبارك وتعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف:96].   2 - كثرة التوبة والاستغفار:
      وقد حكى الله على لسان نبيه نوح عليه السلام أنه قال لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:10-12].
      قال الإمام القرطبي : "دلت الآية أن الاستغفار يتنزل به الرزق والأمطار".
      وقال ابن كثير: "إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر عليكم الرزق، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، فأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع، وأمدكم بأموال وبنين..".

      ذكر الإمام القرطبي عن ابن صبيح قال: "شكا رجل إلى الحسن الجدوبة: فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه آخر الفقر، فقال له: استغفر الله. وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله.. فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار! فقال: ما قلت من عندي شيئاً! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح: {فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:10-12].
      وعن ابن عباس رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)[رواه أحمد وصححه الشيخ شاكر].   3 – صدق التوكل على الله:
      وهو الأخذ بالسبب، وتعلق القلب بالمسبب سبحانه، فيتعلق قلبه بالله في جلب النفع ودفع الضر، وسعة الرزق، وتيسير الأمر.. قال جل في علاه: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}[الطلاق: ]، يعني كافيه: "يكفيه ما يؤذيه ويضره، ويكفيه حاجته وما أهمه".
      عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا)[رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح].
      أي أنها تخرج في الصباح خاوية البطون فارغة الأمعاء، متوكلة على رب الأرض والسماء، ليس معها سبب إلا السعي، فما تلبث أن تعود شباعا بطانا قد رزقها الله من فضله. قال ابن رجب : هذا الحديث أصل في التوكل وأنه من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق.
      قال ربنا سبحانه: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ}[الملك:15]، وقال تعالى: {فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[الجمعة:10].
      قال الشافعي رحمه الله:
      توكلت في رزقي على الله خالقي .. .. وأيقنــت أن الله لا شــك رازقـي
      وما كان من رزقي فليس يفوتني .. .. وإن كان في قاع البحار العوامق
      سـيأتي بــه الله العـظـــيم بمـــنــه .. .. ولو لم يــكن مني اللسـان بناطق   4 ـ صلة الأرحام:
      فقد جعلها الله تبارك وتعالى سببا لسعة الرزق، ولجلب البركة على الواصل في ماله وعياله، وصحته وعمره.
      وقد بوب البخاري في صحيحه: "باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم". وروى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ له فِي رِزْقِهِ، وأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). وأخرج الترمذي عن أبي هريرة عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعَلَّموا من أنسابِكم ما تَصِلُونَ به أرحامَكم؛ فإن صلةَ الرحِمِ مَحَبَّةٌ في الأهلِ، مَثْرَاةٌ في المالِ، مَنْسَأَةٌ في الأَثَرِ)[وقد رواه أحمد أيضا وصححه الألباني]. والأرحام هم أقارب المرء من أرحامه وأنسباؤه، وصلتهم تكون بزيارتهم، والتلطف معهم، والسؤال عن أحوالهم، وعيادة مرضاهم، ومشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، كما تكون بسد حاجة المحتاجين منهم، وإعطاء الفقراء والمساكين، وقضاء حوائج المحتاجين. وقد قيل:
      ومن يــك ذا مـال فيبــخل بمــاله .. .. على أهله يًستغن عنه ويذمم
      ومن يجعل المعروف في غير أهله .. يفره ومن لا يتق الشتم يشتم   5 - النفقة في سبيل الله وكثرة الصدقات:
      سواء كانت في الجهاد، أو في أبواب الخير والنفع، قال تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ:39]، قال ابن كثير: "يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل، وفي الآخرة بالجزاء والثواب".
      وفي صحيح مسلم، يقول اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: (يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ)[وهذه في البخاري أيضا]. وما أبرد هذه على القلب إذا تيقن بها الإنسان، وامتلأ بها قلبه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)[متفق عليه].
      وهذا وعد حق وقد ورد ما يدل عليه في الكتاب والسنة. فإهلاك مال الممسك في قصة أصحاب الجنة في سورة القلم وغيرها،.. ووقائع الدنيا شاهدة بهذا ناطقة به.   6 ـ المتابعة بين الحج والعمرة:
      خصوصا في زماننا هذا الذي زادت فيه تكاليف هذه الرحلات فزهد فيها الناس، فنذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة)[رواه النسائي وصححه الألباني].   7 – النكاح بغية العفاف:
      أي: الَّذي يُريدُ أن يتزوَّجَ ليُحصِّنَ نفْسَه مِن الزِّنا؛ فقد جعل الله هذا من أسباب الرزق، فقال سبحانه: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[النور:32]. وفي الحديث: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ)[صحيح الترمذي].
      قال عمر: عجبا لمن لم يطلب الغنى في النكاح والله يقول: {إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِۗ}.   8 ـ الإكثار من العبادة وتفريغ بعض الوقت لها:
      وليس معناه أن يجلس الإنسان كل وقته يصلى، أو في المسجد قاعدا عن طلب الرزق، وحسن السعي، وإنما أن يقتطع من وقته ما أمكنه ويكثر من ذلك ما استطاع، ففي الحديث القدسي يقولُ ربُّكُم تَباركَ وتَعالَى: (يا ابنَ آدمَ، تَفرَّغْ لِعبادِتي أملَأْ قلْبَكَ غِنًى، وأملَأْ يدَيْكَ رِزْقًا، يا ابنَ آدمَ، لا تُباعِدْ مِنِّي فأملَأَ قلبَكَ فقْرًا، وأمَلَأَ يدَيْكَ شُغُلًا)[أخرجه الحاكم]. فاللهم اشغلنا بما خلقتنا له، ولا تشغلنا بما خلقته لنا.   9 - ترك المعاصي والذنوب:
      فإنها مزيلات النعم، وجالبات النقم، ومذهبات البركة، وموجبات اللعنة والهلكة، ورافعات الأرزاق. وقد جاء في بعض الآثار النبوية: (إنَّ العَبدَ ليُحرَمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)رواه أحمد في مسنده [قال في تخريج المسند: حسن لغيره]. وشاهده قوله تعالى في سورة النحل: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[النحل:112].
      إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا .. .. فَإِنَّ الذُّنُوبَ تُزِيلُ النِّعَمْ
      وَحُطْهَا بِطَاعَةِ رَبِّ الْعِبَاد .. .. فَرَبُّ الْعِبَادِ سَرِيعُ النِّقَمْ   10 – الشكر والرضا
      فقد تكفل الله للشاكرين بالزيادة، فقال سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:7]، وقال سبحانه: {وسيجزي الله الشاكرين}[آل عمران].
      وأما الرضا فهو باب الغنى الأكبر والأوسع، قال صلى الله عليه وسلم: (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)رواه الترمذي وغيره.   وأخيرا الدعاء
      وهو من جوامع الأسباب، فإنه مفتاح كل باب مغلق، وسبيل التيسير لكل أمر عسير، قال سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:60].
      فاللهم إنا نسألك السعة في الأرزاق، والبركة في الأعمار والأموال والأولاد، وارزقنا شكر نعمتك، وحسن عبادتك، والفوز بجنتك يا أرحم الراحمين.   اسلام ويب  
    • نعمة البصر إن من نعم الله على عباده، من نعم الله علينا نعمة البصر كلك النعمة التي امتن الله بها علينا في غير ما آية من كتابه العزيز قال جل وعلا: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78]، وقال: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) [المؤمنون: 78]، وقال: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ*وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ*وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد: 8 -10].   تلك النعمة التي نبصر بها ونستعين بها في حركتنا وسكناتنا في إقامتنا وفي سفرنا وفي كل أحوالنا نتمتع بالنظر إلى ما تشتهي النفس وراحتها نتقي بها هوام الأرض، ونبتعد بها عن أماكن الضر والأذى نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله عليها ونستعين بها على طاعة الله جل وعلا ونراقب الله فيها، ونعلم أنها نعمة سُنسأل عنها يوم القيامة: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) [الإسراء: 36].   ولعظيم هذه النعمة وأهميتها أولى الإسلام بها أيما عناية فأولاً أمر المسلم بأن يوجه نظره للتأمل في خلق الله ونعمه وآلاءه، والاستدلال بذلك على كمال عظمته وحكمته وأنه المستحق للعبادة دون سواه (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) [الأعراف: 185] قال جل وعلا: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) [الملك: 3- 4] وقال: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) [الغاشية: 17 - 20]. ومن عناية الإسلام بنعمة البصر أنه أمر المسلم بغض بصره، وحرم عليه إطلاق البصر في غير ما أحل الله له؛ لأن في إطلاق البصر سببًا عظيمًا في الوقوع في المحرمات، ولذا جاء الأمر في غض البصر قبل الأمر بحفظ الفرج؛ لأن غض البصر من أسباب حفظ الفروج، قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 30]. فالإسلام يدعو إلى مجتمع نظيف لا تدار فيه الشهوات كل لحظات فإن في إثارة الشهوات سبب للوقوع في المحظور يقول صلى الله عليه وسلم: «اكفلوا لي ستًا أكفل لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، وحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم» فالبصر رسول القلب فكلما نظر حرك القلب حتى يتقد من أفكار وأمور خطيرة.   أيها المسلم، ومن عناية الإسلام أيضًا أنه أمر بالاستئذان قبل دخول بيوت الغير لأن هذا الاستئذان سبب لراحة أهل البيت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النور: 27] فأمر بالاستئذان قبل الدخول؛ لأن الاستئذان راحة لأهل البيت إذا البيوت أمة راحة الناس تسكن فيه نفوسهم وتطمئن فيها أرواحهم ولا تكون حرمًا آمنا إلا إذا علم أهل البيت وأذنوا لمن يدخل عليهم ودخل عليهم بعلمهم وبإذنهم وبالأوقات الذين يحددونها. ذلك أن البيوت أماكن تواجد الناس وتساهم في أمورهم فلا يجوز مفاجأتهم والاطلاع عليهم، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً ينظر من جحر باب في إحدى حجره ومعه مدرى يحك بها رأسه، فقال: «لو أعلم أنك تنظر لفقعت به عينك، إنما جعل الاستئذان لأجل البصر»، فالاستئذان إنما جعل خوفًا من أن ينظر العبد ببصره ما أمر قد يعود عليه الشر وعلى أهل بيته بالشر والأذى، ومن عناية الإسلام بالبصر أيضا أنه أرشد الناس إلى عدم الجلوس في الطرقات لأن الطريق يسلكه كثير من رجال ونساء والجالسون في الطرقات ربما يكون هدف بعضهم التطلع إلى عورات النساء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ»، قالوا يا رسول الله: أماكننا لا بد منها نتحدث فيها، قال: «إِنْ أَبَيْتُمْ الجُلُوسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قالوا: وما حق الطريق؟، قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ».   أيها المسلم: ومن عناية الإسلام بالبصر أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم ربى الشباب المسلم بالرفق واللَّين على حفظ البصر، وكفه عن التطلع النساء الأجنبيات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكان منصرفًا من مزدلفة إلى منى مردف الفضل بن العباس معه فلما أوقفتهم امرأة تستفتي نظر الفضل إليها ونظرة إليه فصرف وجه الفضل عنها فنظر مع الشق الثاني فصرف وجه عنها وقال: «رأيت شابًا وشابة فخفت أن يحدث بينهما شرًّا». فانظر إلى هذه التربية السليمة والتوجيه القيم أنه غير وجه ذلك الشاب خوفا من أن ينظر إلى تلك المرأة فلما حول الشاب نظره وجه الأخرى حول وجه أيضا عنها كل ذلك حرص على حفظ البصر وعدم التطلع إلى ما حرم الله، ومنها أيضًا أن الإسلام شاء بالتدرج في حفظ البصر فنهى المسلم عن التمادي في ذلك سأل جرير النبي صلى الله عليه وسلم عن النظرة الفجاءة فقال: «اصْرِفْ بَصَرَكَ»، وقال لعلي رضي الله عنه: «يا عليُّ لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لكَ الأُولَى، وليست لكَ الثانيةُ» أي: النظرة المفاجأة قد تقع لكن لا تتمادى فتتبع النظرة النظرة كما عفي لك في الأولى لا يعفى عنك في الثانية.   ومن عناية الإسلام أيضًا بغض البصر أنه نهى الرجل أن ينظر إلى عورة الرجل والمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة ونهى الرجل أن يكون مع الرجل في ثوب واحد وكذلك المرأة فقال: «لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» كل هذا حمايةً للمجتمع وتنقيةً له وإبعادًا له عن الوقوع في الرذائل، وإن آفة إطلاق البصر آفات سيئة فمن أعظمها أن إطلاق البصر مخالف لأمر الله مخالف لنهي الله فإن الله قال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) [النور: 30]، فمطلق النظر مخالف لهذا الأمر العظيم.   ومن آفة النظر أيضًا أنه وسيلة إلى الوقوع في المهالك وسيلة في الوقوع في الشر الشيطان يستدرج ابن آدم من خطأ إلى خطأ حتى يوقعه في البلاء، ومن آفة ذلك أيضًا من آفات إطلاق البصر أنه يعود بالحسرة على صاحبه فربما يرى أمرًا لا يستطيعه أو أمرًا لا يصبر عنه فيقع في المحذور. ومن أعظم الآفات أيضًا ما يقع في القلب من التساهل بالمحرمات كمن أكثر النظر وأدامه أصبح عنده الأمر عاديًّا ينظر إلى المرأة ويتدبر ويتفكر دائمًا وأبدًا فيذهب من قلبه الغيرة على محارم الله وتكون المعاصي والسيئات عنده سهلة يسيرة فلا يبالي ولا يتورع. فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه وأن يتأدب بآداب الشرع من غض البصر عما حرم الله عليه لأن في ذلك زكاة قلبه (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) [النور: 30] أزكى لقلوبهم أطهر لنفوسهم وأصون لهم عصمة لهم من الخطأ أبعادًا لهم عن مواطن الشر وأماكن الفساد لتكون القلوب قلوب سليمة فإذا صلح القلب واستقام استقامة الجوارح، «إن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح لها الجسد كله، وإذا فسدت فسد لها الجسد كله ألا وهي القلب»، وإذا استمر البصر على النظر المحرم فإن في ذلك فسادًا للقلب وانحراف له عن طرق السوء، حفظنا الله وإياكم بالإسلام ووقنا وإياكم شر أنفسنا والشيطان إنه على كل شيء قدير، أقولٌ قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.   ملتقى الخطباء     {... فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ○ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:٣-٤]

      سبحان الله .. خلق فأبدع ..انظر إلى خلق الله وتأمل كمال خلقه فتلك عبادة يجهلها الكثيرون

      إعادة النظر وتكراره من اليقينيات والقطعيّات ، ليس شكاً فيها بل لتزداد يقيناً بقدرة الله تعالى ولينكسر كِبر العقل أمام كمال خلق الله... انظر بنفسك إلى السماء البديعة مرتين وتفكر بها مراراً .. لن ترى فيها خللاً واحداً بل الكمال والإعجاز والروعة . ألا تشعر بعدها بالحاجة إلى السجود لله ؟! فالمعجزات من حولك كثيرة عليك فقط أن تتأمل ..

      يقول الله تعالى{أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} أمرنا الله تعالى بالنظر للسماء ونحن لاننظر إليها إلا لنعلم هل هناك تباشير للغيث ؟ هل يعقل أن يزينها الله لنا ونحن لانهتم ، ولاتتحرك لمعجزتها القلوب ... لماذا صدأت قلوبنا وتحجرت؟! ... انظر وتفكر في خلق الله ياعزيزي يلين قلبك ويخشع ..    
    • فوائد وأحكام من قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ... ﴾   قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 18، 20].   1- شهادة الله - عز وجل - لنفسه بتفرده بالألوهية، وأنه لا إله إلا هو، بقوله وفعله وعجيب صنعه؛ لقوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾، وفي هذا تنبيهٌ لعباده على غناه عن توحيدهم له، وأنه سبحانه هو الموحِّد نفسه بنفسه.   2- شهادة الملائكة وأولو العلم بما شهد الله به لنفسه من الوحدانية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾، والمراد: أولو العلم بالله وشرعه وأتباعهم.   3- فضيلة الملائكة؛ حيث جعلهم الله تعالى في المرتبة الأولى في الشهادة بالتوحيد بعده سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾.   4- أخذ طائفة من أهل العلم من قوله: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أنه لا يشترط للشاهد عند الحاكم وغيره في قبول شهادته أن يتلفظ بلفظ الشهادة، فمن تكلم بشيء وأخبر به، فقد شهد به؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 150]، وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 19].   فجعل منهم شهادة وإن لم يتلفظوا بلفظ الشهادة، ولم يؤدوها عند غيرهم، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]، فسمى إقرار المرء على نفسه شهادة.   وفي حديث ماعز: «فلما شهد على نفسه أربع مرات، رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم »[1]. فَسُمِّيَ إقراره شهادة.   وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «شهد عندي رجال مرضيون - وأرضاهم عندي عمر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس»[2].   ومعلوم أنهم لم يتلفظوا بلفظ الشهادة.   والعشرة الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة لم يتلفظ بشهادته لهم بلفظ الشهادة، وإنما قال: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة...»[3].   وأجمع المسلمون على أن الكافر إذا قال: «لا إله إلا الله محمد رسول الله» دخل في الإسلام وشهد الشهادتين، وإن لم يقل: «أشهد» ونحو ذلك.   وقد ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنه لابد للشاهد عند الحاكم ونحوه من التلفظ بلفظ الشهادة.   5- فضل العلم بالله وشرعه، وفضل أهل هذا العلم والثناء عليهم؛ حيث جعلهم الله شهودًا بعد الملائكة على وحدانيته، وقرَن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، واستشهد بهم على أجل مشهود به، وجعلهم حُجة على من أنكر هذه الشهادة، فزكَّاهم بهذا وعدَّلهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأُولُو الْعِلْمِ﴾، وهذه منقبة عظيمة للعلماء في هذا المقام.   وهذا لمن قدَّر منهم للعلم قدره، فعظَّم ربه، وصان علمه، وعمل به وعلَّمه، فوَفَّى بما أخذه الله من الميثاق على أهل العلم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187].   وهؤلاء من أهل العلم قليل؛ ولهذا قال تعالى في ختام الآية: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾ [آل عمران: 187].   وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن مِن أول مَن يُقضى يوم القيامة عليه رجل تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن فأُتِيَ به فعرَّفهُ نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلَّمت العلم وعلَّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلَّمت العلم لِيُقال: عالِم، وقرأت القرآن لِيُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أمر به، فَسُحِبَ على وجهه حتى أُلقِيَ في النار»[4].   وقد أحسن القائل: وعالم بعلمه لم يعلمن معذب في قبره من قبل عباد الوثن[5]     وقال الآخر: ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظَّموه في النفوس لعظما ولكن أهانوه فهانوا ودنَّسوا محياه بالأطماع حتى تجهما[6]     6- الترغيب في العلم بالله وشرعه؛ لأن به تحصل الشهادة على وحدانية الله - عز وجل - بل هي من مقتضياته، فمن لم يشهد من أهل العلم لله بالواحدانية، فهو من أجهل الجهال، وإن علم من أمور الدنيا ما لم يعلَمه غيره.   7- حكم الله - عز وجل - أنه لا إله حق إلا هو، بعد شهادته وإخباره بذلك، وأمره - عز وجل - عباده بتوحيده؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [الإخلاص: 1، 2]، فمن عبد مع الله غيره فهو مُشرك.   8- تأكيد تفرده - عز وجل - بالألوهية، فشهد عز وجل بذلك لنفسه، وأخبر به، وحكم به وأمر، كما شهِد بذلك الملائكة وأولو العلم.   9- إثبات قيام الله تعالى واتصافه بالعدل قولًا وفعلًا وحكمًا وإخبارًا، وحكمًا به وأمرًا، وشهادته - عز وجل - لنفسه بذلك وشهادة الملائكة وأولو العلم؛ لقوله تعالى: ﴿ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾.   10- اجتماع صفات الكمال لله عز وجل؛ لأن التوحيد والعدل هما جماع صفات الكمال، فالتوحيد يتضمن تفرُّدَه سبحانه بالكمال والجلال والمجد والتعظيم الذي لا ينبغي لأحدٍ سواه، والعدل يتضمن وقوع أفعاله كلها على السداد والصواب، وموافقة الحكمة؛ ففي الأول كمال ذاته، وفي الثاني كمال أفعاله.   11- إثبات اسم الله «العزيز» وصفة العزة التامة له - عز وجل - لقوله تعالى: ﴿ العزيز ﴾.   12-إثبات اسم الله «الحكيم» وأن له - عز وجل - الحكم التام، والحكمة البالغة؛ لقوله تعالى:﴿ الحكيم ﴾، وفي هذا رد على الجبرية والجهمية الذين ينفون حكمة الله تعالى.   13- في اقتران العزة والحكمة في حقه - عز وجل - زيادة كماله تعالى إلى كمال.   14- أن الدين الذي يُعتد به ويُقبل عند الله هو الإسلام الذي جاء به جميع الأنبياء والرسل، وهو توحيد الله تعالى، والانقياد لشرعه، وهو بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ، ما جاء به من الشرع، فهو الإسلام الذي لا يُقبل من أحدٍ سواه؛ لنسخه لجميع الأديان قبله؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلت به إلا كان من أصحاب النار»[7].   15- أن حقيقة الدين والتدين لله تعالى الاستسلام له بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك؛ لأن الله سمى «الدين» الإسلام.   16- أن أهل الكتاب اليهود والنصارى لم يختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم؛ أي: إن اختلافهم كان عن علم، فلا يعذرون فيه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ﴾.   17- أن اختلاف أهل الكتاب كان بسبب بغي بعضهم على بعض؛ لقوله تعالى: ﴿ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾.   18- التحذير من الاختلاف؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾، وقال تعالى محذرًا هذه الأمة: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 105].   وقال صلى الله عليه وسلم محذرًا أمته من ذلك: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفرق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة»[8].   19- خطر البغي، ووجوب الحذر منه؛ لأنه سبب للاختلاف ورد الحق؛ لقوله تعالى: ﴿ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾.   20- ينبغي في مسائل الخلاف الانتصار للحق، والبحث عنه، والبعد عن التطاول، والانتصار للنفس.   21- التحذير من الكفر بآيات الله؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾، فمن كفر بآيات الله فسيُحاسبه الله سريعًا، ويجازيه على كفره قريبًا، وفي هذا وعيدٌ لمن كفر بآيات الله، وحضٌّ على الإيمان.   22- سرعة حساب الله تعالى للخلائق؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾.   23- إثبات حساب الخلق على أعمالهم، لكن حساب المؤمنين تقريرٌ وعرضٌ، أما حساب الكفار فمناقشة وتوبيخ وتقريعٌ.   كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حوسِب عُذِّب»، قالت عائشة: فقلت: أَوَليس يقول الله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]؟ قالت: فقال: «إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك»[9].   24- عناية الله - عز وجل - بنبيه صلى الله عليه وسلم ، وتهيئته لما سيواجه ممن يدعوهم، وتعليمه ما يقوله للمحاجين له، ولمن يدعوهم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ ﴾ [آل عمران: 20]، وفي هذا إعدادٌ من الله له، وتقوية لقلبه ولحجته ودعوته.   25- في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ﴾ [آل عمران: 20]، توجيه له صلى الله عليه وسلم لما هو أخصر، وبما فيه قطع الطريق على المحاجين وإسكاتهم؛ أي: هذا طريقي وطريق أتباعي دون محاجة أو جدال، وهذا من أساليب الرد على المحاج إذا كان لا جدوى للمحاجة؛ كما قال تعالى في وصف عباد الرحمن: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63].   26- أن المنهج الحق في الإسلام أن يتوجه المسلم إلى الله تعالى بكليته، وبوجهه، وقلبه، وبدنه ممتثلًا لأمر الله، مجتنبًا لنهيه، فهذا هو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه؛ لقوله تعالى: ﴿ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ﴾.   27- شرف الوجه من بين الأعضاء؛ لقوله تعالى: ﴿ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ ﴾، فخصَّهُ من بين الأعضاء لشرفه، ولأن توجهه علامة ظاهرة على توجه بقية الأعضاء.   28- أن من لم يُسلِم وجهه لله تعالى فليس متبعًا للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لمفهوم قوله تعالى: ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ﴾.   29- وجوب الإسلام؛ لقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾.   30- عموم رسالة الإسلام التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم للعرب وغيرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ﴾، وفي هذا ردٌّ على من زعم من أهل الكتاب أن رسالته صلى الله عليه وسلم خاصة بالعرب فقط.   عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُبعث إلى قومه خاصة، وبُعِثت إلى الناس عامة»[10].   وفى رواية: «وبُعِثت إلى كل أحمر وأسود»[11].   ولما زار صلى الله عليه وسلم الغلام اليهودي في مرض موته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : «يا فلان، قُل: لا إله إلا الله»، فنظر إلى أبيه، فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر إلى أبيه، فقال أبوه: أطِعْ أبا القاسم، فقال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار»[12].   31- في تقديم ﴿ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾ في قوله تعالى: ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾: إشارة إلى أن قيام الحجة عليهم أعظم؛ لما عندهم من العلم عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾ [البقرة: 41].   32-أن العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب؛ لقوله تعالى:﴿ وَالْأُمِّيِّينَ ﴾.   33- أن من أسلم فقد اهتدى للطريق المستقيم، وَوُفِّق إليه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾، وفي هذا حض على الإسلام، وترغيب فيه.   34- أن من لم يُسلِم فقد تولَّى وأعرَض عن الحق، وليس على الرسول صلى الله عليه وسلم هدايته؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ﴾.   35- أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والواجب عليه بالنسبة للناس هي إبلاغهم الرسالة ودعوتهم، وأما هدايتهم فهي إلى الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ﴾.   36- اطلاع الله - عز وجل - وبصره بالعباد وأعمالهم وأحوالهم، ومَن هو أهل للهداية، ومَن ليس أهلًا لها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾، وفي هذا وعدٌ لمن أسلَم واهتدَى، ووعيدٌ لمن تولى وأعرَض.     ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,   تفسير قوله تعالى:   ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ... ﴾       قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 18 - 20].       قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾.       قوله ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: الشهادة تكون بالقول والإخبار والإعلام، وتكون بالفعل، أي: شهد الله بقوله وإخباره وإعلامه لخلقه بما أنزل في كتبه وعلى ألسنة رسله أنه لا معبود بحق إلا هو، المتفرد بالألوهية لجميع الخلق، وكلهم عبيده.       وبذلك قضى وحكم؛ كما قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ﴾ [الإسراء: 23]، وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [النحل: 51]، وقال تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 24]، وقال تعالى: ﴿ لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ﴾ [الإسراء: 22]، وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾ [الشعراء: 213].       وشهد - عز وجل - بفعله أنه لا معبود بحقٍّ إلا هو بما نصَّبه من الأدلة الدالة على وحدانيته التي تُعلم دلالتها بالعقل والفطرة، من خلق السماوات والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، والإنسان والحيوان والنبات، وغير ذلك، فهو سبحانه وتعالى بخلقه لها ونصبها دلائل على وحدانيته قد شهد وأبان بها أنه لا إله إلا هو؛ كما قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [فصلت: 53].       قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وشهادة الرب وبيانه وإعلامه يكون بقوله تارة، وبفعله تارة، فالقول هو ما أُرسل به رسله، وأُنزل به كتبه، وأوحاه إلى عباده؛ كما قال: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].       وأما شهادته بفعله فهو ما نصَّبه من الأدلة على وحدانيته التي تُعلم دلالتها بالعقل، وإن لم يكن هناك خبر عن الله، وهذا يُستعمل فيه لفظ الشهادة والدلالة والإرشاد، فإن الدليل يبين المدلول عليه ويُظهِره، فهو بمنزلة المخبر به، الشاهد به.       كما قيل: سل الأرض من فجَّر أنهارها، وغرَس أشجاها، وأخرج ثمارها، وأحيا نباتها، وأغطش ليلها، وأوضَح نهارها، فإن لم تُجِبكَ حِوارًا، أجابتك اعتبارًا.       وهو سبحانه شهِد بما جعلها دالة عليه، فإن دلالتها إنما هي بخلقه لها، فإذا كانت المخلوقات دالة على أنه لا إله إلا هو سبحانه الذي جعلها دالة عليه، فإن دلالتها إنما هي بخلقه، وبيَّن ذلك؛ فهو الشاهد المبيِّن أنه لا إله إلا هو، وهذه الشهادة الفعلية ذكرها طائفة.       قال ابن كيسان: «شهد الله بتدبيره العجيب، وأموره المحكمة عند خلقه - أنه لا إله إلا هو»[1].       وقد ذكر ابن القيم أن للشهادة أربع مراتب، قال:   «فأول مراتبها: علم ومعرفة واعتقاد لصحه المشهود به وثبوته، وثانيها: تكلمه بذلك ونطقه به - وإن لم يُعلِم به غيره، بل يتكلم هو به مع نفسه، ويَذكُرها وينطق بها، أو يكتُبها، وثالثها: أن يُعلِم غيره بما شهد به ويخبره به ويُبينه له، ورابعها: أن يلزمه بمضمونها ويأمره به»، ثم قال: «فشهادة الله سبحانه لنفسه بالوحدانية والقيام بالقسط، تضمَّنت هذه المراتب الأربعة: علم الله سبحانه بذلك وتكلُّمه به، وإعلامه، وإخباره خلقه به، وأمرهم وإلزامهم به»[2].       ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾؛ أي: إنه لا معبود بحقٍّ إلا هو، فكل ما عُبِد من دون الله فهو باطل، كما قال تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ * لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 21، 22]، وقال تعالى: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 40].       ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾: معطوف هو و﴿ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾ على لفظ الجلالة ﴿ الله ﴾؛ أي: وشهد الملائكة أنه لا إله إلا هو؛ قال تعالى: ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 166].       ﴿ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾؛ أي: وشهد أولو العلم، أي: أصحاب العلم بالله - عز وجل - وشرعه، وما يجب له - عز وجل - أنه لا إله إلا هو، بإقرارهم بذلك، وبيانهم وإعلامهم بذلك غيرهم.       ﴿ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾: حال؛ أي: شهد الله أنه لا إله إلا هو حال كونه قائمًا بالقسط - كما شهد الملائكة أولو العلم أنه لا إله إلا هو حال كونه قائمًا بالقسط؛ أي: قائمًا بالعدل، قولًا وفعلًا وإخبارًا وحُكمًا به وأمرًا.       فشهد سبحانه أنه لا إله إلا هو ﴿ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾؛ أي: متكلمًا بالعدل، مخبرًا به، حاكمًا به، آمرًا به؛ كما قال تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنعام: 115]؛ أي: صدقًا في الأخبار، وعدلًا في الأحكام.       وقال هود عليه السلام: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 56]، وقال تعالى في مثل ضربه لنفسه ولما يُشرك به من الأوثان: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 76]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ﴾ [النحل: 90]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾ [الأحزاب: 4].       فخلقه - عز وجل - السماوات والأرض بالعدل، وعبادته وحده دون غيره حقيقة العدل، وجزاؤه المؤمنين بالجنة، والكافرين بالنار عدل.       قال ابن القيم[3]: «فتضمنت هذه الآية أجلَّ شهادة، وأعظمها، وأعدلها، وأصدقها، من أجل شاهد، بأجل مشهود».       فهو سبحانه خير الشاهدين، وأصدق القائلين، وشهادته على وحدانيته، وعلى قيامه بالقسط، أكبر وأعظم شهادة، وتوحيده أعدل العدل، والشرك به أظلم الظلم؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ [الأنعام: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43].       ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: شهد عز وجل أولًا لنفسه أنه (لا إله إلا هو)، كما شهدت بذلك الملائكة وأولو العلم، وحكم ثانيًا أنه (لا إله إلا هو)، فشهد بذلك أولًا، وحكم به ثانيًا، وأكده وأمر به.       ففي الأولى شهادته - عز وجل - وإخباره أن (لا إله إلا هو)، وفي الثانية حكمه وتأكيد أنه (لا إله الا هو)، وفي ذلك كله تعليم عباده، وأمرهم بالشهادة بذلك واعتقاده وعبادته وحده دون سواه.       ﴿ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ﴿ الْعَزِيزُ ﴾: من أسماء الله - عز وجل - يدل على أنه ذو العزة التامة، و«الحكيم»: اسم من أسمائه - عز وجل - يدل على أنه سبحانه ذو الحكم التام، وذو الحكمة البالغة[4].       قال ابن القيم[5]: «فتضمنت هذه الآية وهذه الشهادة وحدانيته المنافية للشرك، وعدله المنافي للظلم، وعزته المنافية للعجز، وحكمته المنافية للجهل والعيب».       قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾.       قوله ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾: قرأ الكسائي بفتح الهمزة «أنَّ»، وقرأ الباقون بكسرها ﴿ إِنَّ ﴾.       فعلى قراءة فتح الهمزة تكون الجملة عطف بيان؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾، يعنى: شهد الله أنه لا إله إلا هو وأن الدين عند الله الإسلام، وعلى قراءة كسر الهمزة تكون الجملة مستأنفة.       و﴿ الدين ﴾: الملة والشرعة؛ قال تعالى: ﴿ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 6]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، وقال تعالى: ﴿ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ﴾ [يوسف: 76].       ﴿ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾: أي إن الدين المقبول، المرضي عند الله هو الإسلام؛ كما قال تعالى: ﴿ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].       وفي قوله: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ صيغة حصر؛ أي: الدين الذي لا دين عند الله سواه.       ﴿ الْإِسْلَامُ ﴾: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، وهو الدين الذي بعث الله به جميع أنبيائه ورسله وأتباعهم من أولهم إلى آخرهم؛ ولهذا قال أول الرسل نوح عليه الصلاة والسلام لقومه: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 72]، وقال إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، وقال تعالى: ﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، وقال يعقوب لبنيه عند الموت: ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 133]، وقال موسى عليه الصلاة والسلام لقومه: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84].       وقال تعالى عن التوراة: ﴿ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ﴾ [المائدة: 44]، وقال عيسى عليه الصلاة والسلام: ﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52]، وقالت ملكة سبأ: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44]، وقال تعالى مخاطبًا هذه الأمة: ﴿ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الحج: 78].       ولما خُتمت الأديان بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، صار الإسلام علمًا بالغلبة على ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يُقبل بعد بَعثه من أحد سواه؛ لنسخه لجميع الأديان السابقة، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، وقال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].       والإسلام إذا أطلق وأفرد يشمل جميع شرائع الدين الظاهرة، وجميع عقائده الباطنة، فيشمل أركان الإسلام الخمسة.       وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا»[6].       وكذا أركان الإيمان الستة؛ كما في حديث: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره»[7].       وكذا كل ما أمر الله به من التوكل على الله، وخوفه، ورجائه، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك، سواء كان ذلك الأمر واجبًا أو مندوبًا.       كما يشمل ذلك ترك كل ما نهى الله عنه من الكفر والشرك، والقتل العمد، والربا، وأكل مال اليتيم، والسحر، والكذب والفجور وقول الزور، والغيبة والنميمة، وغير ذلك.       قوله: ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ﴾: في هذا تقرير وتأكيد لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾، وأن هذا هو الذي كان عليه الناس، وعليه أجمعت الأمة، ثم طرأ الاختلاف بما حصل من أهل الكتاب من اختلاف من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم.       قوله ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾ الواو: عاطفة، و«ما»: نافية، و﴿ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾ هم: اليهود والنصارى.       سُمُّوا أهل الكتاب؛ لأن لهم كتبًا بقيت إلى بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت محرفة؛ أي: وما وقع الاختلاف بين أهل الكتاب في أديانهم وفي دين الإسلام، فاختلف اليهود مع النصارى، واختلف أهل كل ملة منهم فيما بينهم، واجتمعوا على مخالفة الإسلام، وحذف متعلق الاختلاف ليشمل هذا كله.       ﴿ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ﴾ «إلا»: أداة حصر، و«ما»: مصدرية، أي: إلا من بعد مجيء العلم إليهم؛ أي: إلا من بعد مجيء الوحي من الله تعالى إليهم في كتبه، وعلى ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام؛ أي: إلا من بعد ما عرَفوا الحقَّ، وقامت عليهم الحجة، فاختلفوا حيث لا يسوغ لهم الاختلاف.       ﴿ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ «بغيًا»: مفعول لأجله؛ أي: لأجل البغي بينهم والحسد، أي: بغيًا من بعضهم على بعض، وحسدًا، وطلبًا للرياسة.       ولم يكن اختلافهم لشبهة عندهم، فأصبح بعضهم يضلل بعضًا، ويُكَفِّر بعضهم بعضًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [البقرة: 113]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [البقرة: 213]، وقال تعالى: ﴿ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [الجاثية: 17]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ﴾ [الشورى: 14]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ [البينة: 4].       ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ ﴾ الواو: استئنافية، و«من»: شرطية، أي: ومن يكذِّب بآيات الله الشرعية والكونية ويجحدها ويستكبر عن الانقياد لما جاء فيها من الحق.       ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾: جملة جواب الشرط، و«الفاء»: رابطة لجواب الشرط؛ لأنه جملة اسمية، وفيها تخويف وتهديد، أي: فإن الله سريع الحساب، وسيحاسبه ويجازيه ويعاقبه على كفره عن قريب، وأكد عز وجل هذا بــ«إنَّ» وكون الجملة اسمية.       والله - عز وجل - سريع الحساب فحسابه آتٍ، وكل آتٍ قريب؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا»[8].       وهو عز وجل سريع الحساب؛ لأن عمر الإنسان في هذه الدنيا قليل، والدنيا كلها قليل بالنسبة للآخرة؛ كما قال تعالى: ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38].       وقال صلى الله عليه وسلم: «ما لي وما للدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها»[9].       وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».       وكان ابن عمر يقول: «إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخُذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك»[10].       وهو - عز وجل - سريع الحساب؛ لأن الانسان يجد في هذه الحياة الدنيا شيئًا من عاقبة عمله سعادة وتيسيرًا لأموره إن كان مطيعًا، وشقاوة وتعسيرًا لأموره إن كان عاصيًا.       وهو - عز وجل - سريع الحساب، لا يحتاج إلى وقت طويل لمحاسبة الخلائق؛ لأنه لا يخفى عليه شيء من الخلق وأعمالهم؛ كما قال تعالى: ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62].       وقد قال بعض أهل العلم: إن الله - عز وجل - يحاسب الخلائق في نصف يوم أخذًا من قوله تعالى: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [الفرقان: 24]، قالوا: فهو يحاسب الخلق في النصف الأول من النهار، والنصف الثاني يكون أهل الجنة فيها، أي: يقيلون فيها.       قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾.       ذكر الله - عز وجل - اختلاف أهل الكتاب بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم، ثم أتبع ذلك بقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ ﴾ في إشارة واضحة إلى أن اختلافهم فيما بينهم مُفضٍ إلى محاجة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.       قوله ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ ﴾ الفاء: عاطفة، وضمير الواو في «حاجوك» يعود إلى أهل الكتاب والمشركين، بدليل قوله: ﴿ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ ﴾، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم.       و«المحاجة»: المخاصمة، وأكثر ما تكون في المخاصمة بالباطل، أي: فإن خاصموك في الدين خصام مكابرة وعناد.       ﴿ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ ﴾: جواب الشرط «إن»، قرأ نافع وابن عامر وحفص بفتح الياء: ﴿ وَجْهِيَ ﴾، وقرأ الباقون بتسكينها «وجهيْ»؛ أي: توجهت إلى الله بوجهي وقلبي وبدني، وأخلصت له في عبادتي، واتبعت شرعه؛ امتثالًا لأمره، واجتنابًا لنهيه، ورضًا بحكمه، كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ﴿ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 79].       وفي قوله: ﴿ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ﴾: قطع الطريق على المحاجين وإسكاتهم، سواء قلنا: هذا من باب الإعراض عنهم، أو المحاجة لهم.       ﴿ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ﴾ الواو: عاطفة، و«من»: اسم موصول معطوف على الضمير في «أسلمت»، أي: والذي اتبعني أسلم وجهه لله، أو ينبغي أن يُسلِم وجهه لله، أي: أسلمت وجهي لله أنا وأتباعي على ديني؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].       ﴿ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ﴾؛ أي: اليهود والنصارى.       ﴿ وَالْأُمِّيِّينَ ﴾ أي: العرب، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾[الجمعة: 2].       و﴿ وَالْأُمِّيِّينَ ﴾: جمع «أُمِيِّ»، وهو من لا يقرأ ولا يكتب، نسبةً إلى أمه، أي: إلى الحالة التي وُلِدَ عليها.       ﴿ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾: الاستفهام للتحضيض والأمر، وفيه معنى الاستبطاء؛ أي: أسلِموا؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [الأنبياء: 108]؛ أي: أسلِموا، وكما في قوله تعالى: ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91]؛ أي: انتهوا، والمعنى: أنه قد أتاكم من البينات ما يوجِب أن تُسلِموا، فأسلِموا.       ﴿ فَإِنْ أَسْلَمُوا ﴾؛ أي: فإن استسلموا لله ظاهرًا وباطنًا، بتوحيدهم إياه بالعبادة، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك.       ﴿ فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾: جواب الشرط في قوله: ﴿ فَإِنْ أَسْلَمُوا ﴾ الفاء: رابطة لجواب الشرط؛ لاقترانه بـ «قد»، أي: فقد رشدوا وَوُفِّقوا للهدى وسلكوا طريقه.       ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾؛ أي: أعرضوا عن الإسلام باطنًا بقلوبهم، وظاهرًا بأبدانهم فلا يضرك ذلك.       ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ﴾: جواب الشرط في قوله: ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾، وقُرِنَ بالفاء لأنه جملة اسمية.       و﴿ إنما ﴾: أداة حصر، أي: ما عليك نحوهم إلا البلاغ، وقد بلَّغت البلاغ المبين، وهذه الآية كقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النحل: 82]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54].       وأما هداية القلوب وحساب الخلق فإلى الله تعالى؛ كما قال تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾ [الرعد: 40].       وقد بلَّغ صلوات الله وسلامه عليه البلاغ المبين، وأدَّى الرسالة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترَك أُمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده إلا هالك.       ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾؛ أي: والله مطلع على العباد كلهم، خبير بهم وبأعمالهم وأحوالهم، ومن كان منهم أهلًا للهداية، ومن لم يكن أهلًا لذلك.           فوائد وأحكام من قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ... ﴾ [1] أخرجه البخاري في الطلاق (5272)، ومسلم في «الحدود» (1691)، وأبو داود في «الحدود» (4430)، والنسائي في «الجنائز» (1956)، والترمذي في «الحدود» (1429)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [2] أخرجه البخاري في «مواقيت الصلاة» (581)، ومسلم في «صلاة المسافرين» (826)، وأبو داود في الصلاة (1276)، والنسائي في «المواقيت» (562)، والترمذي في الصلاة (183). [3] أخرجه الترمذي في «المناقب» (3747)، من حديث عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه. [4] أخرجه مسلم في «الإمارة» (1905)، والنسائي في «الجهاد» (3137)، والترمذي في «الزهد» (2382). [5] البيت لابن رسلان الشافعي؛ انظر: «غاية البيان» (ص4). [6] البيتان للقاضي الجرجاني؛ انظر: «محاضرات الأدباء ومحاورات لشعراء» (ص14). [7] أخرجه مسلم في «الإيمان» وجوب الإيمان برسالة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس (153)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [8] أخرجه أبو داود في «السنة» (4596)، والترمذي في «الإيمان» (2640)، وابن ماجه في «الفتن» (3991)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [9] أخرجه البخاري في «العلم» (103)، ومسلم في «الجنة وصفة نعيمها وأهلها» (2876)، والترمذي في «صفة القيامة» (2426). [10] أخرجه البخاري في «التيمم» (335)، ومسلم في «الغسل والتيمم» (432). [11] أخرجها مسلم في «المساجد ومواضع الصلاة» (521). [12] أخرجه البخاري في «الجنائز» (1356)، وأبو داود في «الجنائز» (3095)، من حديث أنس رضي الله عنه. ________________________________     تفسير قوله تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ... ﴾   [1] انظر: «دقائق التفسير» (1/ 288- 289). [2] انظر: «بدائع التفسير» (1/ 453). [3] انظر: «بدائع التفسير» (1/ 452). [4] انظر ما سبق في الكلام على قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129]. [5] انظر: «بدائع التفسير» (1/ 463). [6] أخرجه البخاري في الإيمان (8)، ومسلم في الإيمان (16)، والنسائي في الإيمان وشرائعه (5001)، والترمذي في الإيمان (2609). [7] أخرجه مسلم في الإيمان (8)، وأبو داود في سننه (4695)، والنسائي في الإيمان وشرائعه (4990)، والترمذي في الإيمان (2610)، وابن ماجه في المقدمة (63)، من حديث عبدالله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. [8] ذكره الترمذي في «صفة القيامة»، و«الرقائق»، و«الورع» (2459). [9] سبق تخريجه. [10] أخرجه البخاري في «الرقاق» (6416)، والترمذي في «الزهد» (2333)، وابن ماجه في «الزهد» (4114).   لشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم   شبكة الالوكة    
    • الجمع بين: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ...} و«إن الله تجاوز عن أمتي» إن علماء الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تصدوا لبيان معاني بعض الآيات والأحاديث التي يُوهم ظاهرها أن ثمت تعارضًا بينها، فدفعوا ذلك التعارض الظاهري بالتوفيق والجمع بينها، سواء أكان التعارض بين آية وآية، أم بين آية وحديث مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك دفعهم التعارض بين قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 284] وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها، ما لم تعمل أو تكلم» رواه البخاري. فظاهر الآية السابقة يدل على أننا محاسبون بما أضمرته قلوبنا وذلك تكليف بما لا يُطاق، ونصُّ الحديث يدل على أن الله تعالى قد تجاوز عنا ذلك، وأننا لا نحاسب إلا بالعمل أو الكلام، وإذا كان هذا الحديث صحيحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يمكن أن يعارض آية في كتاب الله تعالى لأن الحق لا يضرب بعضه بعضًا، وإنما يصدق بعضه بعضًا، ولذا عمل المفسرون على الجمع بين هذه الآية وهذا الحديث، ودفع التعارض الظاهري بينهما فهذه الآية الكريمة قد أشكلت على كثير من الصحابة  لما نزلت، وهي قوله تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ[البقرة:284] شق عليهم هذا الأمر، وجاؤوا إلى النبي ﷺ وذكروا أن هذا شيء لا يطيقونه، فقال لهم ﷺ: أتريدون أن تقولوا كما قال من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ قولوا: سمعنا وأطعنا فقالوا: سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم، أنزل الله بعدها قوله سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ۝ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286] الآية. فسامحهم الله، وعفا ، ونسخ ما دل عليه مضمون هذه الآية، وأنهم لا يؤاخذون إلا بما عملوا، وبما أصروا عليه، وثبتوا عليه، وأما ما يخطر من الخطرات في النفوس والقلوب، فهذا معفو عنه؛ ولهذا صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم فزال هذا الأمر، والحمد لله، وصار المؤمن غير مؤاخذ إلا بما عمله، أو قاله، أو أصر عليه بقلبه عملًا بقلبه، كإصراره على ما يقع له من الكبر والنفاق، ونحو ذلك. أما الخواطر التي تعرض، والشكوك التي تعرض ثم تزول بالإيمان واليقين، فهذه لا تضر، بل هي عارضة من الشيطان، ولا تضر؛ ولهذا لما قال الصحابة: «يا رسول الله، إن أحدنا يجد في قلبه ما لئن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق به -أو كما قالوا- قال: ذاك صريح الإيمان وفي لفظ: تلك الوسوسة فهي من الشيطان، إذا رأى من المؤمن الصدق والإخلاص، وصحة الإيمان، والرغبة فيما عند الله، وسوس عليه بعض الشيء، وألقى في قلبه خواطر خبيثة، فإذا جاهدها وحاربها بالإيمان والتعوذ بالله من الشيطان، سلم من شرها؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر يقول -عليه الصلاة والسلام-: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقولوا: هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله وفي لفظ: فليستعذ بالله ولينته. فهذا يدلنا على أن الإنسان عرضة للوساوس الشيطانية، فإذا عرض له وساوس خبيثة، وخطرات منكرة، فليبتعد عنها؛ وليقل: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ولينته، ولا يلتفت إليها، فإنها باطلة ولا تضره، وهي من الخطرات التي عفا الله عنها ، نعم.   موقع ابن باز
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182135
    • إجمالي المشاركات
      2535408
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93185
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×