المنتديات
-
"أهل القرآن"
-
ساحة القرآن الكريم العامة
مواضيع عامة تتعلق بالقرآن الكريم
- 56756
- مشاركات
-
ساحات تحفيظ القرآن الكريم
ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]- 109825
- مشاركات
-
ساحة التجويد
ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح
- 9066
- مشاركات
-
-
القسم العام
-
الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"
للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة
المشرفات:
المشرفات, مساعدات المشرفات
- 284
- مشاركات
-
- 180410
- مشاركات
-
شموخٌ رغم الجراح
من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.
المشرفات:
مُقصرة دومًا
- 56691
- مشاركات
-
- حنايا الانين
- بواسطة مناهل ام الخير
-
همزة الوصل
ترحيب.. تهاني.. تعازي.. مواساة..
- 259975
- مشاركات
-
- مشتاقة لكن .....
- بواسطة أمّ عبد الله
-
شكاوى واقتراحات
لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره
- 23497
- مشاركات
-
- مشكلة في نسخ موضوع
- بواسطة أمّ عبد الله
-
-
فتياتنا الجميلات
-
أحلى صحبة
نقاشات، فوائد، قضايا تخص الفتيات
- 204487
- مشاركات
-
- 117096
- مشاركات
-
- فرقعة فُشار ..!
- بواسطة إسراء سعد أحمد
-
- 136898
- مشاركات
-
- 20373
- مشاركات
-
- مذكرة فتاة مسلمة
- بواسطة مناهل ام الخير
-
-
ميراث الأنبياء
-
قبس من نور النبوة
ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها
المشرفات:
سدرة المُنتهى 87
- 8172
- مشاركات
-
مجلس طالبات العلم
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"
- 32129
- مشاركات
-
- 4159
- مشاركات
-
أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة
يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم
المشرفات:
إشراف ساحة الأحاديث الضعيفة
- 3918
- مشاركات
-
- 25483
- مشاركات
-
- 1677
- مشاركات
-
-
الملتقى الشرعي
-
- 30245
- مشاركات
-
الساحة العقدية والفقهية
لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.
المشرفات:
أرشيف الفتاوى
- 52903
- مشاركات
-
أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية
يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية
المشرفات:
أرشيف الفتاوى
- 19526
- مشاركات
-
- 6677
- مشاركات
-
-
قسم الاستشارات
-
استشارات اجتماعية وإيمانية
لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية
المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
- 40679
- مشاركات
-
- 47548
- مشاركات
-
- فوائد الثوم الذكر
- بواسطة أمّ عبد الله
-
-
داعيات إلى الهدى
-
زاد الداعية
لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.
المشرفات:
جمانة راجح
- 21004
- مشاركات
-
- أهم صفات الداعية
- بواسطة أمّ عبد الله
-
إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية
إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.
- 776
- مشاركات
-
-
البيت السعيد
-
بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]
المشرفات:
جمانة راجح
- 6306
- مشاركات
-
- 97004
- مشاركات
-
آمال المستقبل
"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء
المشرفات: ~ محبة صحبة الأخيار~
- 36831
- مشاركات
-
-
سير وقصص ومواعظ
-
- 31791
- مشاركات
-
القصص القرآني
"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"
المشرفات:
** الفقيرة الى الله **
- 4883
- مشاركات
-
- 16436
- مشاركات
-
سيرة الصحابة والسلف الصالح
ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."
المشرفات:
سدرة المُنتهى 87
- 15474
- مشاركات
-
على طريق التوبة
يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.
المشرفات:
أمل الأمّة
- 29721
- مشاركات
-
-
العلم والإيمان
-
العبادة المنسية
"وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس
- 31145
- مشاركات
-
- 12928
- مشاركات
-
-
إن من البيان لسحرًا
-
- 50486
- مشاركات
-
- شعر شعبي عراقي قصير
- بواسطة رنيم حمدي
-
-
مملكتكِ الجميلة
-
- 41313
- مشاركات
-
منزلكِ الجميل
تصاميم.. لمسات تجميلية.. نصائح.. متعلقة بمنزلكِ
- 33878
- مشاركات
-
الطيّبات
- الأطباق الرئيسية
- قسم الحلويات
- قسم المقبلات
- قسم المعجنات والمخبوزات
- منتدى الصحة والرشاقة
- تطبيقات الطيبات
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
[البقرة : 172]- 91729
- مشاركات
-
-
كمبيوتر وتقنيات
-
- 32198
- مشاركات
-
جوالات واتصالات
قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة
- 13116
- مشاركات
-
- 34854
- مشاركات
-
- تصميم مواقع
- بواسطة Hannan Ali
-
- 65605
- مشاركات
-
وميضُ ضوء
صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا
- 6120
- مشاركات
-
الفلاشات
- || لَوْحَہٌ مِنْ اِبْدَاعِے ||
- || سَاحَہ الفلاَشْ اَلْتَعْلِيمِيَہْ ||
- || حَقِيَبہُ الْمُصَمِمَہْ ||
ساحة خاصة بأفلام الفلاشات
- 8966
- مشاركات
-
المصممة الداعية
يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات
- 4925
- مشاركات
-
-
ورشة عمل المحاضرات المفرغة
-
ورشة التفريغ
هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)
- 12904
- مشاركات
-
المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة
هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها
- 508
- مشاركات
-
-
le forum francais
-
- 7177
- مشاركات
-
-
IslamWay Sisters
-
English forums (35836 زيارات علي هذا الرابط)
Several English forums
-
-
المكررات
-
المواضيع المكررة
تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.
- 101646
- مشاركات
-
-
المتواجدات الآن 0 عضوات, 0 مجهول, 41 زوار (القائمه الكامله)
لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن
-
العضوات المتواجدات اليوم
3 عضوات تواجدن خلال ال 24 ساعة الماضية
أكثر عدد لتواجد العضوات كان 14، وتحقق
إعلانات
- تنبيه بخصوص الصور الرسومية + وضع عناوين البريد
- يُمنع وضع الأناشيد المصورة "الفيديو كليب"
- فتح باب التسجيل في مشروع "أنوار الإيمان"
- القصص المكررة
- إيقاف الرسائل الخاصة نهائيًا [مع إتاحة مراسلة المشرفات]
- تنبيه بخصوص المواضيع المثيرة بالساحة
- الأمانة في النقل، هل تراعينها؟
- ضوابط و قوانين المشاركة في المنتدى
- تنبيه بخصوص الأسئلة والاستشارات
- قرار بخصوص مواضيع الدردشة
- يُمنع نشر روابط اليوتيوب
-
أحدث المشاركات
-
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
حكم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: صورة المسألة: صام رجلٌ اليوم الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين من شعبان. والمقصود: أنه صام قبل دخول رمضان بيوم أو يومين. أولًا: تحرير محل النزاع: أ- اتفق العلماء على أنه يجوز لمن كانت له عادة صيام أن يتقدم رمضان بصوم يومٍ أو يومين. ب- واتفقوا على أن من كان عليه صيام فرض - كقضاء، أو نذر، أو كفارة - أنه يجوز له الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين. واختلفوا فيمن ليست له عادة: هل يجوز له الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين؟ اختلفوا على أقوال: القول الأول: يُكرَه تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لمن ليست له عادة. وهذا قول الجمهور[1]: به قال الحنفية[2]، وهو قول عند المالكية، قال به بعض المالكية كابن مسلمة[3]، وهو والمشهور عند الحنابلة، وعليه أكثرهم[4]. واستدلوا على ذلك بأدلة: الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا، فليصمه))[5]. وجه الاستدلال: الاستثناء في قوله: ((إلا رجل...))، وهذا الاستثناء قرينة صارفة للنهي من التحريم إلى الكراهة. فإن قيل: أليس الأصل في النهي أنه يقتضي التحريم؟ فلماذا قالوا بالكراهة؟ الجواب: قالوا: لو كان هذا النهي على الأصل - على التحريم - لحرم على الجميع - على ذي العادة وعلى من لا عادة له - فلما استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك من له عادة، علمنا أنه ليس حرامًا. الدليل الثاني: عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه سأله - أو: سأل رجلًا وعمران يسمع - فقال: يا أبا فلان، أما صمْتَ سرر هذا الشهر؟ قال الرجل: لا يا رسول الله، قال: فإذا أفطرت فصُم يومين، لم يقل الصلت: أظنه يعني رمضان، قال أبو عبدالله: وقال ثابت: عن مطرف، عن عمران، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من سرر شعبان))[6]. وفي رواية لمسلم: ((قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصمت من سرر شعبان؟ قال: لا، قال: فإذا أفطرت، فصم يومين))[7] [8]. سرر بفتح السين وكسرها، وتجوز بضم السين كما حكاه القاضي، والأفصح والأشهر: ما قال أهل اللغة: أنها بفتح السين[9]. معنى "سرر الشهر": وقد تنازع العلماء في المراد بـ(سرر الشهر): فمنهم من قال: يقصد أوله، ومنهم من قال: أوسطه[10]، ومنهم من قال: آخره[11]، وهو قول الجمهور، ولعل هذا أقرب: آخره. قال الإمام النووي رحمه الله: قال الأوزاعي وأبو عبيد وجمهور العلماء من أهل اللغة والحديث والغريب: المراد بالسرر آخر الشهر؛ سميت بذلك لاستسرار القمر فيها؛ قال القاضي: قال أبو عبيد وأهل اللغة: السرر: آخر الشهر[12]. وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلمسأل الرجل عن صيام أواخر شعبان، ثم أمره بقضاء ما فاته من أواخر شعبان، ولو كان الصوم قبل رمضان بيوم أو يومين حرامًا، لَما أمره النبي بقضاء الحرام. الدليل الثالث: ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلممن الإكثار من الصيام في شعبان؛ ومن ذلك: أ- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صيامًا منه في شعبان))[13]. ب- وعنها رضي الله عنها، أنها قالت: ((ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان؛ كان يصومه إلا قليلًا، بل كان يصومه كله))[14] [15]. ج- عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: ((ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان))[16]. د- عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًّا إلا شعبان يصله برمضان))[17]. وجه الاستدلال من هذه الأحاديث: أن النبي كان يصوم في شعبان، ولازم إكثاره من الصيام في شعبان: أن يصوم قبل رمضان بيوم أو يومين، ولو كان الصوم قبل رمضان بيوم أو يومين حرامًا، لَما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الدليل الرابع: عموم الأدلة المرغبة في الصيام؛ ومن ذلك: أ- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا))[18]. ب- عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة: يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان))[19]. ج- وعن مطرف قال: دخلت على عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، فدعا بلبن، فقلت: إني صائم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الصوم جُنَّة[20]من النار، كجنَّة أحدكم من القتال))[21]. وفي رواية: ((وحصن حصين من النار))[22]. د- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يقول الله عز وجل: الصوم لي، وأنا أجزي به؛ يَدَعُ شهوته وأكله وشربه من أجلي))[23]. ه- عن أبي أمامة رضي الله عنها، قال: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، قال: عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له))[24]. وفي رواية: ((عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له))[25]. وجه الاستدلال: هذه أحاديث مرغبة في الصوم، وهي تدل على أن الصيام محثوث عليه، وهذا الحث عام في كل وقت، ولو كان الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين. القول الثاني: يحرم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لمن ليست له عادة، ولا عليه صيام فرض. وهذا مذهب الشافعية [26]، ورواية في مذهب الحنابلة[27]، قال بها بعض الحنابلة[28]، وهو مذهب الظاهرية[29]. واستدلوا على ذلك بأدلة: الدليل الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومًا، فليصمه))[30]. وجه الاستدلال: النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، والأصل في النهي اقتضاء التحريم. الدليل الثاني: حتى لا يزيد في العبادة أو يصوم من باب الاحتياط لرمضان، فحرم عليه ذلك؛ سدًّا للذريعة؛ لأن الزيادة في العبادة المفروضة حرام، وللوسائل أحكام المقاصد. القول الثالث: جواز تقدم رمضان بالصيام. وهذا المشهور من مذهب المالكية[31]. واستدلوا: بالأدلة المرغبة في الصوم مما سبق وذكرناه. وحملوا النهي في الحديث: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومًا، فليصمه - حملوه على: "التقديم بقصد تعظيم رمضان"[32]. قال الشيخ محمد بن عرفة الدسوقي رحمه الله في حاشيته على الشرح الكبير: وأجاب القاضي عياض بأن النهي في الحديث محمول على التقديم بقصد تعظيم الشهر، كما أن الرواتب القبلية في الصلاة إذا قصد بها تعظيم الفريضة بعدها تكره[33]. الترجيح: الراجح في نظري، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم، إن كان صوابًا فمن الله، وإن كان خطأً فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان، وأسأل الله أن يوفقني إلى مراده: حرمة تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لمن ليست له عادة. برهان ذلك: حديث الباب: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومًا، فليصمه))، والأصل في النهي أنه يقتضي التحريم، ولا صارف معتبر ها هنا لصرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة. الجواب عن أدلة المخالفين: الجواب عن أدلة من قال بالكراهة: استدلالهم: بالاستثناء في الحديث: ((إلا رجل...)). الجواب: لا يصرف هذا الاستثناء النهي إلى الكراهة؛ لأن النهي الأول: ((لا تقدموا...)) على عمومه، والنهي مقتضٍ للتحريم، ثم استثنى النبي صلى الله عليه وسلم من كانت له عادة من صيام، فخرج من هذا النهي العام من كانت له عادة صوم، وبقي غيره على النهي المقتضي للتحريم، فمن أراد صرف هذا التحريم الباقي على ما هو عليه، ونقله إلى الكراهة، فعليه بالدليل. فإن قيل: الاستثناء هو الدليل الصارف. قلنا: الاستثناء في الحديث لا يلزم منه الكراهة - كراهة تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لمن ليست له عادة - فيبقى الحكم على الأصل الوارد في الحديث بحسب ما يقتضيه. استدلالهم: بحديث: فصُمْ يومين مكانه، ولو كان صيام سرر - أواخر - الشهر حرامًا، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليأمره بقضاء الحرام. الجواب: هذا الاستدلال خارج محل النزاع، ولا حجة فيه. برهان ذلك: أن كثيرًا من شراح الحديث حملوه على أنه كان رجلًا ذا عادة[34]، فلما سمع النهي من النبي صلى الله عليه وسلم ترك عادته هذه، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، وبيَّن له الجواز بالنسبة له ليستمر على طاعة الله؛ إذ إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. فإن قيل: من أين علمتم أن هذا الرجل كان ذا عادة؟ قلنا: كانت لهذا الرجل عادة، برهان ذلك: نهيُ النبي صلى الله عليه وسلم لمن ليست له عادة عن الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين يدل على أن أقل أحوال ذلك النهي: الكراهة، وفق مذهب الجمهور. ولو قلنا تنزلًا: إن النهي هنا للكراهة، فهل يعقل أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء المكروه؟! قلت: ومما يضعف القول بالكراهة من جهة الاستدلال بهذا الحديث: أن الحديث قد تطرق إليه الاحتمال من أكثر من وجه؛ ومنها: أ- الاختلاف في معنى سرر: هل المراد بها أول الشهر، أو وسطه، أو آخره؟ فإذا كان المراد أول الشهر أو وسطه، فلا حجة فيه. ب- وكذلك الاحتمال أنه كان رجلًا ذا عادة، فإن كان ذا عادة، فلا حجة فيه على الكراهة؛ لأنه لا يدخل في النهي أصلًا. ج- ومِن أهل العلم مَن قال باحتمال أن يكون الرجل أوجبها على نفسه بنذر؛ ولذلك أمره بالوفاء[35]، ووفق هذا الاحتمال فلا حجة فيه. وهنا نقول: وقائع الأحوال إذا تطرق إليها الاحتمال المماثل أو الأقوى[36]، كساها ثوب الإجمال، فسقط بها الاستدلال[37]. استدلالهم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صيامًا منه في شعبان[38]. الجواب: هذا أيضًا خارج محل النزاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كانت عادته الإكثار من الصوم في شعبان كما سبق وبيناه، حتى اختلف العلماء في مقدار صيامه صلى الله عليه وسلم في شعبان: كله أو أكثره؟ فلا حجة في فعل النبي صلى الله عليه وسلمفي الباب؛ لأنه من أهل العادة، فلا يدخل في محل النزاع. والله أعلم. وبالله التوفيق. [1] سنن الترمذي (3/ 609) تحت الحديث رقم: (684). [2] رد المحتار (3/ 347 348)، طـ (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان. [3] حاشية الخرشي على مختصر خليل، ومعها حاشية العدوي على الخرشي (3/ 12)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 801) ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان. [4] الإنصاف، المرداوي (1/ 548)، ط (بيت الأفكار الدولية)، وانظر: المغني، ابن قدامة (3/ 63)، ط (دار الكتب العلمية) بيروت - لبنان، كشاف القناع، البهوتي (2/ 415)، ط (دار إحياء التراث العربي)، بيروت - لبنان، شرح منتهى الإرادات، البهوتي (1/ 460)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان. [5] رواه أحمد (7200)، البخاري (1914)، ومسلم (1082)، وأبو داود (2335)، والترمذي (685)، والنسائي (2173)، وابن ماجه (1650). [6] رواه البخاري (1983)، ومسلم (1161). [7]استدل بهذه اللفظة بعض العلماء على أن الصيام في شعبان يساوي ضعف غيره؛ لأنه قال له: ((فصُم يومين مكانه))، ولا يخفي ما في هذا الاستدلال من اعتراض عليه، لكن الأصل موجود، وهو أن الصيام في شعبان له ما له من الفضل لفِعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه وقت غفلة، أما التحديد: ففيه (نظر) وتردُّه بعض الروايات الأخرى ((فصم يومًا))، والله أعلم، وبالله التوفيق. - فائدة أخرى: هذا الحديث أصل يُستدل به على قضاء الفائتة من النوافل. [8] رواه مسلم (1161). [9] شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 310) تحت الحديث رقم: (1161) ط: (دار أبي حيان)، لسان العرب (4/ 413) مادة: (سرر)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان. [10] لأن سر كل شيء: جوفه، فكأنما أراد أيام البيض. [11] لأنه مشتق من: "استسر القمر"؛ أي: خفي ليلة السرار، فربما كان ليلة وربما كان ليلتين. [12] شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 310) تحت الحديث رقم: (1161)، ط (دار أبي حيان). [13] رواه البخاري (1970)، ومسلم (782). [14] وقد اختلف العلماء: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله أو أغلبه؟ فمن العلماء مَن قال: يصومه كله كاملًا في بعض الأوقات، وفي بعضها كان يصومه كله، فاختلاف الروايات؛ على حسب اختلاف الأوقات، وقد رجح هذا جماعةٌ من شُراح الحديث (الطيبي، والعيني، واستظهره على القاري، وغيرهم). ومن العلماء مَن قال: يصوم أغلبه (قول الجمهور)، وحملوا الروايات التي فيه التصريح بصيامه كله "يصومه كله" على الأغلب - غالب أيام شعبان - وقالوا: هذا سائغ في اللغة أن يُطلق الكل ويُراد به الأغلب، كما نقله الترمذي عن ابن المبارك. ومن العلماء مَن قال: كان يصوم من أوله، ومن وسطه، ومن آخره، ولا يترك منه شيئًا بغير صيام، وهذا المراد بـ(كله). (وقد ذكرنا هذه المسألة بدلائلها باختصار في مقال على الشبكة بفضل الله). [15] صحيح: رواه الترمذي (737). [16] صحيح: رواه الترمذي (736)، والنسائي (2175). [17] صحيح: رواه أبو داود (2336). [18] رواه البخاري (2840)، ومسلم (1153) واللفظ له. [19] صحيح: رواه أحمد (6626)، والحاكم (2036). [20] الجُنَّة: الوقاية. [21] رواه أحمد (15839)، والبخاري (1795)، ومسلم (1151)، والترمذي (764). [22] صحيح: رواه أحمد (9217)، والبيهقي في الشعب (3571). [23] رواه البخاري (7492)، ومسلم (1151)، وغيرهما. [24] صحيح: رواه النسائي (2220). [25] رواه النسائي (2222). [26] المجموع بشرح المهذب (6/ 454)، ط (دار إحياء التراث العربي)، ت: المطيعي، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، الهيتمي (3/ 458)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان، نهاية المحتاج، الرملي (3/ 204)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان، أسنى المطالب شرح روض الطالب، زكريا الأنصاري (1/ 31)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان، حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب (2/ 329)، ط (دار الكتب العلمية) بيروت - لبنان. وعند الشافعية: يحرم الصيام بعد منتصف شعبان إلا لسبب، أو يصله بما قبل النصف من شعبان، والمقصود بالسبب: مَن كانت له عادة، أو مَن كان عليه قضاء أو نذر أو صوم كفارة، فيجوز له بقدر السبب. انظر: حاشية الشرقاوي (2/ 330)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان. [27] الإنصاف (1/ 548)، ط (بيت الأفكار الدولية). [28] الإنصاف (1/ 548)، ط (بيت الأفكار الدولية). [29] المحلى بالآثار، ابن حزم (7/ 23) مسألة رقم: (798)، ط (دار التراث)، القاهرة، ت: أحمد محمد شاكر. [30] رواه أحمد (7200)، البخاري (1914)، ومسلم (1082)، وأبو داود (2335)، والترمذي (685)، والنسائي (2173)، وابن ماجه (1650). [31] حاشية الخرشي على مختصر خليل، ومعها حاشية العدوي على الخرشي (3/ 12)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان، منح الجليل شرح مختصر خليل، عليش (2/ 53)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 801)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان. [32] حاشية الخرشي على مختصر خليل، ومعها حاشية العدوي على الخرشي (3/ 12)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان، منح الجليل شرح مختصر خليل، عليش (2/ 53)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 801)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان. [33] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 801)، ط (دار الفكر)، بيروت - لبنان. [34] معالم السنن، الخطابي (2/ 83)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان، شرح النووي على صحيح مسلم (4/ 310) تحت الحديث رقم: (1161)، ط (دار أبي حيان)، فتح الباري، ابن حجر (4/ 281)، ط (دار الحديث)، القاهرة، الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، السيوطي (1/ 112)، ط (دار الأرقم)، بيروت - لبنان. [35] معالم السنن، الخطابي (2/ 83)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان. [36] وذلك لأنه ليس كل احتمال يسقط به الاستدلال؛ لأن هناك احتمالًا ضعيفًا لا يصلح لسقوط الاستدلال، وإنما يسقط الاستدلال بالاحتمال المماثل أو الأقوى؛ وانظر: شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول، القرافي (ص 190)، ط (دار الكتب العلمية)، بيروت - لبنان. [37] تشنيف المسامع بجمع الجوامع، الزركشي (2/ 795)، ح، شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول، القرافي (ص 190)، ط (دار الكتب العلمية) بيروت - لبنان، وهذه قاعدة مشهورة مروية عن الإمام الشافعي رحمه الله. [38] رواه البخاري (1970)، ومسلم (782). محمد أنور محمد مرسال شبكة الالوكة -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
للقرآن الكريم منزلة عظيمة عند المسلمين، فهو أكثر كتاب اعتنوا به عناية فائقة منذ بزوغ فجره إلى يومنا هذا، وإلى أن يأذن الله برفعه، وما أكثر التالينَ له! بل ما أكثر الحافظينَ له! وإن كان هناك هجر من بعض المسلمين بأنواعه الخمسة؛ وهي: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، هجر تحكيمه والتحاكُم إليه، هجر تدبُّره وتفهُّمه، هجر الاستشفاء والتداوي به[1]. إذن من أنواع الهجر هجر التدبُّر، والتدبُّر هو: (النظر إلى ما وراء الألفاظ من المعاني والعِبَر والمقاصد، الذي يثمر العلوم النافعة والأعمال الزاكية)[2]، ومعلوم أن التدبر يحتاج لمعرفة المعنى، وهنا يأتي دور التفاسير، والتفاسير أنواع كثيرة وأجناس جمَّة، منها الطويل جِدًّا ذو المجلدات الكثيرة، ومنها المختصر جدًّا الذي يهتمُّ بالمفردات، وينبغي للقارئ أن يجعل له وِرْدًا من أحد التفاسير حتى يفهم كلامَ ربِّه، ويتدبَّره ليصل إلى العمل به، والتفاسير المختصرة الموجودة بهامش المصحف كثيرة، فهذه تُمكِّنُك من القراءة والنظر في معاني ما تقرأ دون الحاجة لفتح كتاب تفسير مستقل، وهنا سنذكر أهم هذه التفاسير المختصرة القيمة التي تُعينُ المسلم في فَهْم كلام مولاه عز وجل: • المختصر في تفسير القرآن الكريم، لجماعة من علماء التفسير، وبإشراف مركز تفسير للدراسات القرآنية، وهو من أفضل وأجود التفاسير المختصرة المعاصرة، وكان نتيجة جهود حثيثة ومشتركة لثُلَّة من علماء التفسير في العالم الإسلامي، ومن أهم مميزاته: (وضوح العبارة وسهولتها، والاقتصار على تفسير الآيات وبيان معانيها دون دخولٍ في مسائل القراءات والإعراب والفقه ونحوها، شرح المفردات القرآنية الغريبة، اتِّباع منهج سلف الأُمَّة رضوان الله عليهم في التفسير -وفي بيان معاني آيات الصفاتِ خصوصًا- باتِّباع ما دلَّ عليه القرآن والسنة دون تأويل أو تحريف، تحرِّي المعنى الأرجح عند الاختلاف مع مراعاة ضوابط التفسير وقواعد الترجيح، ذكر بعض هِدَايات الآيات وفوائدها في أسفل كل صفحة؛ بما يُعِين على تدبُّرها وتمام الانتفاع بها)[3]. • التفسير الميسر، لنخبة من أساتذة التفسير، ونشر مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وهذا التفسير ميسر ومختصر، فهو سهل العبارة، مناسب لطالب العلم والعامي، ومن مميزاته: (تفسير الآيات وَفْق مذهب السلف الصالح في الاعتقاد، الاقتصار في النقل على القول الصحيح أو الأرجح، إبراز الهداية القرآنية ومقاصد الشريعة من خلال التفسير، كون العبارة مختصرةً سهلةً، مع بيان معاني الألفاظ الغريبة أثناء التفسير)[4]. • تفسير المدينة المنورة، إعداد نخبة من العلماء، هذا التفسير الرائع يقع في مجلدين كبيرين، وهو جهد مشترك لعدد كبير من أساتذة التفسير، ويتميَّز بأنه يُقدِّم مقدمة بين يدي كل سورة ويذكر فيها مقاصد السورة، كما أن كل مقطع من الآيات يتم تفسيره يليه مباشرة فقرة الفوائد والاستنباطات، ومن مميزاته أيضا: (إيراد إعجاز القرآن العلمي والبياني في الفوائد والاستنباطات، العناية بالاستنباطات التربوية والطبية والفلكية والمستقبلية وعلوم أخرى، إضافة إلى الفوائد العقدية والفقهية والدعوية والتاريخية والبلاغة، اعتماد مذهب السلف باجتناب التأويل في تفسير آيات الأسماء والصفات). • تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الشهير بـ تفسير السعدي للعلامة عبدالرحمن السعدي (ت:1376هـ)، ويوجد بعدة أشكال أفضلها بهامش المصحف في مجلد واحد، والتفسير هذا غني عن التعريف؛ فقد انتشر انتشارًا واسِعًا، واشتهر بين عوامِّ المسلمين فضلًا عن طلاب العلم والعلماء، وكتب الله له القبول فانتفع به الجَمُّ الغفير (حيث جاء هذا التفسير سهل العبارة، واضح الإشارة، وصاغَهُ على نمط بديع بعبارات قريبة لا خفاء فيها ولا غموض، فهو يعتني بإيضاح المعنى المقصود من الآية بكلام مختصر مفيد، مستوعب لجميع ما تضمنته الآية من معنى أو حكم سواء من منطوقها أو مفهومها، دون إطالة أو استطراد أو ذكر قصص أو إسرائيليات... بل يركز على المعنى المقصود من الآية بعبارة واضحة يفهمها كل من يقرؤها مهما كان مستواه العلمي فهو في الحقيقة سهل ممتنع يفهم معناه من مجرد تلاوة لفظه، وقد اهتمَّ بترسيخ العقيدة السلفية، والتوجُّه إلى الله، واستنباط الأحكام الشرعية، والقواعد الأصولية، والفوائد الفقهية إلى غير ذلك من الفوائد... مع اهتمامه بتفسير آيات الصفات بمقتضى عقيدة السلف خلافًا لما يؤولها بعض المفسرين)[5]. وقال عن هذا التفسير تلميذ المفسِّر العلامة العثيمين رحمه الله: (أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير ألَّا تخلو مكتبتُه من هذا التفسير القَيِّم). • زبدة التفسير بهامش مصحف المدينة المنورة للشيخ د. محمد سليمان الأشقر رحمه الله، وهو عبارة عن اختصار لتفسير الإمام الشوكاني المسمَّى: فتح القدير الجامع بين فنَّي الدراية والرواية من علم التفسير، ومما جاء في مقدمته: (... وقد أردت خدمة الكتاب العزيز باختصار تفسيره هذا؛ لتقريب النفع به لعامة المسلمين. فاختصرته على قول واحد في تفسير الآية غالبًا...)، والتفسير مليء بالفوائد الجَمَّة والتوضيحات؛ حيث إنه يذكر جزءًا من الآية ثم يذكر معناه وهكذا، ولأهمية هذا التفسير فقد ضُمِّن بهامش الكتاب الشهير الموسوم بـ (تفسير العُشْر الأخير ويليه أحكام تهمُّ المسلم). • تهذيب تفسير الجلالين لـ د. محمد لطفي الصباغ، وتفسير الجلالين أشهر من نار على علَم، وكثير من دور طباعة القرآن جعلته في حاشية المصحف، وطبعاته أكثر من أن تُحْصَى، وقد أوضح المؤلف سبب اختياره لتفسير الجلالين فقال: (ومِنْ أجَلِّ كُتُب التفسير الموجزة (تفسير الجلالين)، وهو مع صغر حجمه من أفضل كُتُب التفسير، فقد كتب بإيجاز محكم، وعبارته عبارة علمية مركزة، جمعت لباب ما في كتب التفسير)، وأضاف أيضًا: (وكلما رجعت إليه زاد حُبِّي له وإعجابي به؛ لما أرى من دقة عبارته، وجمعه الفوائد والأحكام التي يحتاج إليها طالب العلم، مع اختصار موفق) وقد قام المؤلف -وفَّقَه الله- بتجريد تفسير الجلالين من بعض المآخذ مثل: (التأويل في آيات الصفات، إيراد بعض الإسرائيليات الباطلة، اختيار قول مرجوح في التفسير). وبعد إيراد هذه الباقة العطرة من التفاسير المختصرة يحسن بنا ذكر بعض الأمور: • للاستزادة عن كل تفسير يُرجَع إلى مقدمته. • بعض هذه التفاسير مُسجَّل صوتيًّا مثل المختصر في تفسير القرآن الكريم. • تطبيقات الهاتف تحتوي على هذه التفاسير، فمثلًا تطبيق (آية) يوجد به المختصر في تفسير القرآن، والتفسير الميسَّر، وتفسير السعدي. • التفاسير المختصرة كثيرة جدًّا، ومن أراد التوسُّع فيمكنه الرجوع لمقال على شبكة الألوكة بعنوان: (عرض لبعض الكتب المختصرة في تفسير القرآن) للشيخ عبدالرحمن بن معاضة الشهري، حيث ذكر 18 كتابًا، أما كتاب (التفاسير المختصرة اتجاهاتها ومناهجها) لـ محمد راشد البركة، فموسع جدًّا، فهو مجلد ضخم يقرب من الألف صفحة. فحريٌّ بالمسلم ألَّا يفارقه تفسير مختصر يكشف له ما خفي عليه، ويساعده في تدبُّر ما يتلو، ويرشده للعمل بما يقرأ، فيُحقِّق بذلك الغاية العظمى التي من أجلها نزل القرآن والتي ذكرها المولى في قوله: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]. [1] أنواع هجر القرآن الكريم – موقع الكلم الطيب. [2] الخلاصة في تدبر القرآن الكريم. د.خالد السبت. [3] بتصرُّف من مقدمة: المختصر في تفسير القرآن الكريم، تصنيف: جماعة من علماء التفسير. [4] التفسير الميسر، نخبة من أساتذة التفسير (بتصرُّف). [5] من مقدمة الشيخ: عبدالله بن عقيل المطبوعة ضمن التفسير. سالم محمد أحمد شبكة الالوكة -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59)}
بعد أن تكلم الحق سبحانه وتعالى عن الطائعين وعن العاصين في الدنيا، وتكلم عن مواقف الآخرة الجزائية في أصحاب الجنة، وأصحاب النار والأعراف أراد أن يبين بعد ذلك أن كل دعوة من دعوات الله سبحانه أهل الأرض لابد أن تلقي عنتا وتضييقا، وتلقى إعراضاً، وتلقى إيذاء، إنه سبحانه يريد أن يعطي المناعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، فيوضح له: لست أنت بادعاً من الرسل؛ لأن كل رسول جاء إلى قومه قوبل بالاضطهاد، وقوبل بالتكذيب، وقوبل بالنكرات، وقوبل بالإيذاء، وإذا كان كان كل رسول قد أخذ من هذا على قدر مهمته الرسالية زماناً محدوأ، ومكاناً محصوراً فأنت يا رسول الله أخذت الدنيا كلها زماناً ومكاناً، فلابد أن تكون مواجهاً لمصاعب تناسب مهمتك ورسالتك؛ فأنت في قمة الرسل، وستكون الإيذاءات التي تنالك وتصيبك قمة في الإيذاء، فلست بدعاً من الرسل، فوطّن نفسك على ذلك. وحين توطن نفسك على ذلك ستلقى كل إيذاء وكل اضطهاد بصبر واحتمال في الله، وقص الحق قصص الرسل على رسول الله، وعبر الله بالهدف من قص القصص بقول: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرسل مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ...} [هود: 120].
فكأنا القصص تثبيت لفؤاده صلى الله عليه وسلم، فكلما أهاجه نكران، أو كلما أهاجه جحود، قص عليه الحق سبحانه قصة رسول قوبل بالنكران وقوبل بالجحود ليثبت به فؤاده صلى الله عليه وسلم وفؤاد أتباعه لعلهم يعرفون كل شيء ويوطنون أنفسهم على هذا العنت؛ فلم يقل الحق لأتباع محمد: إنكم مقبلون على أمر والأرض مفروشة لكم بالورود، لا. إنما هي متاعب لتجابهوا شر الشيطان في الأرض. والقصص له أكثر من هدى يثبت به فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم ويبين له أنه ليس بدعاً من الرسل، ويقوي نفوس أتباعه، لأنهم حينما يرون أن أهل الحق مع الأنبياء انتصروا، وهزم الجميع ووليّ الدبر، وأنهم منصورون دائما فهذا يقوي يقين المؤمنين، ويكسر من جهة أخرى نفوس الكافرين مثلما قال الحق عن واحد من أكابر قريش. {سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم}.
قال الحق لهم ذلك عن واحد من أكابر قريش وهم لا يقدرون حينئذ أن يدافعوا أو يذودوا عن أنفسهم، وذهبوا وهاجروا إلى الحبشة حماية لأنفسهم من بطش هؤلاء الأكابر، وكل مؤمن يبحث له عمن يحميه، وينزل قوله الحق بعد ذلك في الوليد بن المغيرة {سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم}، والوليد بن المغيرة سيد قومه، ويأتي يوم بدر فيوجد أنفه وقد ضرب وخطم ويتحقق قول الله: {سَنَسِمُهُ عَلَى الخرطوم} [القلم: 16].
فمن- إذن- يحدد ضربة قتال بسيف في يد مقاتل قبل أن يبدأ القتال؟ لقد حددها الأعلم بما يكون عليه الأمر.
وأيضا فقصص الرسل إنما جيء بها ليثبت للمعاصرين له أنه تلقى القرآن من الله؛ لأنه رسول أميّ؛ الأمة أمية، ولم يدّع أحد من خصومه أنه جلس إلى معلم، أو قرأ كتاباً، فمن أين جاءته هذه الأخبار إذن؟
واسمع قول الحق سبحانه وتعالى في الآيات التي يأتي فيها: (ما كنت) مثل قوله الحق: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الغربي إِذْ قَضَيْنَآ إلى مُوسَى الأمر...} [القصص: 44].
ومثل قوله الحق: {وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ المبطلون} [العنكبوت: 48].
ومثل قوله: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ...} [آل عمران: 44].
فمن أين جاءت هذه الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعلمون أنه لم يجلس إلى معلم ولم يقرأ كتاباً؟ لقد جاءت كلها من الحق سبحانه وتعالى، وهذا دليل آخر على صدق رسالته.
وقصة سيدنا نوح من القصص التي وردت كثيراً في القرآن الكريم مثل قصة موسى عليه السلام، ومن العجيب أن لقطات القصة تنتشر في بعض السور، لكن السورة التي سميت بسورة نوح ليس فيها من المواقف التي تعتبر من عيون القصة، إنها تعالج لقطات أخرى؛ تعالج إلحاحه في دعوة قومه، وأنه ما قصّر في دعوتهم ليلاً ونهاراً، وسرّاً وعلانية، كلما دعاهم ابتعدوا، ولم تأت قصة المركب في سورة نوح، ولا قصة الطوفان، وهذه لقطات من عيون القصة، وكذلك لم تأت فيها قصته مع ابنه، بل جاء بها في سورة هود.
إذن كل لقطة جاءت لوضع مقصود، ولهذا رأينا قصة نوح في سورة (نوح) وقد خلت من عناصر مهمة في القصة، وجاءت هذه العناصر في سورة (هود) أو في سورة (الأعراف) التي نتناولها الآن بالخواطر الإِيمانية.
إذن، كل قصة من القصص القرآني تجدها قد جاءت تخدم فكرة، ومجموعها يعطي كل القصة؛ لأن الحق حين يورد القصص فهو يأتي بلقطة في سورة لتخدم موقفاً، ولقطة أخرى تخدم موقفاً آخر وهكذا. وحين شاء أن يرسل لنا قصة محبوكة تماماً، جاء بقصة (يوسف) في سورة يوسف ولم يكررها في القرآن، لأنها مستوفية في سورة يوسف، اللهم إلا في آية واحدة: {وَلَقَدْ جَآءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بالبينات فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُمْ بِهِ حتى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً...} [غافر: 34].
لقد وردت في سورة يوسف حياة يوسف منذ أن كان طفلا حتى أصبح عزيز مصر، وهكذا نرى أن الحق حين يشاء أن يأتي بالقصة كتاريخ يأتي بها محبوكة، وحين يريد أن يلفتنا إلى أمور فيها مواقف وعظات، يوزع لقطات القصة على مواقع متعددة تتناسب وتتوافق مع تلك المواقع لتأكيد وخدمة هدف. {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ...} [الأعراف: 59].
وساعة ترى (اللام) و(قد) فاعرف أن هذا قسم، وكأن الحق يقول: وعزتي وجلالي لقد أرسلت نوحاً. وهو بهذا يؤكد المقسم عليه.
والقوم هم الرجال خاصة من المعشر؛ لأن القوم عادة هم المواجهون للرسالة، والمرأة محتجبة؛ تسمع من أبيها أو من أخيها أو من زوجها، ولذلك قالت النساء للنبي: غلبنا عليك الرجال.
أي أننا لا نجد وسيلة لنقعد معك ونسألك، فاجعل لنا يوماً من أيامك تعظنا فيه، فجعل لهن يوماً؛ لأن المفروض أن تكون المرأة في ستر، وبعد ذلك ينقل لها الزوج المنهج. إن سمع من الرسول شيئاً، وكذلك الأب يقول لابنته، والأخ يقول لأخته.
فإذا تكلم الرسول يقال: إن الرسول واجه القوم، من قولهم هو قائم على كذا. وقيم على كذا. ولذلك الشاعر العربي يقول:
وما أدرى ولست أخال أدري ** أقوم آل حصن أم نساء وجاء هنا بالقوم، والمراد بهم الرجال، والقرآن يقول: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ...} [الحجرات: 11].
إذن النساء لا تدخل في القوم؛ فالقوم هم المواجهون للرسول ومنهم تأتي المتاعب والتصلب في الرأي، ويكون الإِنكار والجحود والحرب منهم.
وسيدنا نوح عليه السلام دعا قومه ونبههم إلى ثلاثة أشياء: عبادة الله، فقال: {يَاقَوْمِ اعبدوا الله}، وبين لهم أنه ليس هناك إله سواه فقال: {مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ}، وأظهر لهم حرصه وإشفاقه عليهم إذا خالفوا وعصوا فقال: {إني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
وهكذا تكلم عن العقيدة في الإِله الواحد المستحق للعبادة، وليس آلهة متعددة، ونعبده أي نطيع أمره ونهيه، ولأنهم إن لم يفعلوا ذلك فهو يخاف عليهم من عذاب يوم عظيم، وهو عذاب يوم القيامة. أو أنّ الله كان قد أوحى له بأنه سيأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وعذاب يوم عظيم أي يوم الإِغراق، و(الخوف) مسألة تتعب تفكير من يستقبلها ويخاف أن يلقاها. فمن الذي يفزع بهذا؟
إن الذي يفزع هم الطغاة والجبابرة والسادة والأعيان ووجوه القوم، وكانوا قد جعلوا من أنفسهم سادة، أما سائر الناس وعامتهم فهم العبيد والمستضعفون. والذي يهاج بهذه الدعوة هم السادة لأنه ليس هناك إلا إله واحد، والأمر لواحد والنهي لواحد والعبادة والخضوع لواحد، ومن هنا فسوف تذهب عنهم سلطتهم الزمنية، {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60)}
والملأ هم سادة القوم وأعيانهم وأشرافهم، أو الذين (يملأون) العين هيئة ويملأون القلوب هيبة، ويملأون صدور المجالس بنية.
إنهم خائفون أن تكون دعوة نوح هي الدعوة إلى الطريق المستقيم وكلامه هو الهداية؛ فيمنّوا أنفسهم بأن هذا ضلال وخروج عن المنهج الحق: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}.
أي غيبة عن الحق، أو في تيه عن الحق، و(مبين) أي محيط بصورة لا يمكن النفاذ منها.
ويرد نوح عليه السلام: {قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ...}.
{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61)}
هم قالوا له: {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}، المتبادر أن يكون الرد: ليس في أمري ضلال، لكنه قال هنا: {لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ}، أقول ذلك لنعرف أن كل حرف في القرآن موزون لموضعه. هم قالوا له: {إنا لنراك في ضلال}، فيرد عليهم ليس بي ضلالة؛ لأن الضلال جنس يشمل الضلالات الكثيرة، وقوله يؤكد أنه ليس عنده ضلالة واحدة. وعادة نفي الأقل يلزم منه نفي الأكثر، مثلاً عندما يقول صديق: عندك تمر من المدينة المنورة؟ تقول له: ليس عندي ولا تمرة واحدة. أنت بذلك نفيت الأقل، وهذا أيضاً نفي للأكثر. {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ}.
وحين ينفي نوح عن نفسه وجود أدنى ضلالة فذلك لأنه يعرف أنه لم يأت من عنده بذلك، ولو كان الأمر كذلك لاتّهم نفسه بأن هواه قد غلبه، لكنه مرسل من عند إله حق. {... وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين} [الأعراف: 61].
وقوله: {ولكني} استدراك فلا تقولوا: أنا في ضلال؛ فليس فيّ ضلالة واحدة، لكن أنا رسول يبلغ عن الله، الله لا يعطي غير الهدى.
{رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين} أي من سيد العالمين ومن متولى تربية العالمين، ومن يتولى التربية لا يُنزل منهجاً يضل به من يربيهم، بل ينزل منهجاً ليصلح من يربيهم، وسبحانه قبل أن يأتي بهم إلى الوجود سخر لهم كل هذا الكون، وأمدهم بالأرزاق حتى الكافرين منهم، ومن يعمل كل ذلك لن يرسل لهم من يضلهم.
ويستمر البلاغ من نوح عليه السلام لقومه فيقول: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ...}.
{أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}
والبلاغ هو إنهاء الأمر إلى صاحبه؛ فيقال: بلغت المكان الفلاني.. أي انتهيت إليه. و(البلاغة) هي النهاية في أداء العبارة الجميلة، و(أبلغكم) أي أنهي إليكم ما حملنيه الحق من منهج هداية لحركة حياتكم. {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي}.
وكان يكفي أن يقول: (رسالة ربي) إلا أنّه قال: {رِسَالاَتِ رَبِّي} لأن أي رسول يأتي بالمنهج الثابت كما جاءت به الرسالات السابقة حتى لا يقول أحد: إنه جاء ليناقض ما جاء به الرسل السابقون، فما قاله به أي رسول سابق يقوله، ونعلم أنه كانت هناك صحف لشيت ولإِدريس. فقال: إنه يبلغ رسالته المتضمنة للرسالات السابقة سواء رسالة إدريس وهو اخنوخ، وكذلك شيت وغيره من الرسل.
أي أبلغكم كل ما جعله الله منهجاً لأهل الأرض من الأمور المستقيمة الثابتة، مثلما قال سبحانه: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ...} [الشورى: 13].
وهو الأمور المستقرة الثابتة، العقدية، والأحكام التي لا تتغير. أو {رِسَالاَتِ رَبِّي}، لأنه كرسول يتلقى كل يوم قسطاً من الرسالة؛ فاليوم جاءت له رسالة يبلغها، وغداً تأتي له رسالة يبلغها، ولو قال: (الرسالة) لكان عليه أن ينتظر حتى تكتمل البلاغات من الله له ثم يقولها، لكنْ نوح كان يبلغ كل رسالة تأتيه في وقت إبلاغه بها؛ لذلك فهي (رسالات). أو لأن موضوع الرسالات أمر متشعب تشعباً يماثل ما تحتاج إليه الحياة من مصالح؛ فهناك رسالة للأوامر، ورسالة للنواهي، ورسالة للوعظ، ورسالة للزجر، ورسالة للتبشير، ورسالة للإِنذار، ورسالة للقصص، وهكذا تكون رسالات.
أو أن كل نجم- أي جزء من القرآن وقسط منه- يعتبر رسالة، فما يرسله الله في يوم هو رسالة للنبي، وغداً له رسالة أخرى وهكذا.
وقوله: {وَأَنصَحُ لَكُمْ} لأن البلاغ يقتضي أن يقول لهم منهج الله، ثم يدعو القوم لاتباع هذا المنهج بان يرقق قلوبهم ويخاطبهم بالأسلوب الهادئ وينصحهم، والنصح أمر خارج عن بلاغ الرسالة. ولنلتفت إلى فهم العبارة القرآنية. {وَأَنصَحُ لَكُمْ}.
والنصح أن توضح للإِنسان المصلحة في العمل، وتجرد نيتك مما يشوهه. وهل أنت تنصح آخر بأن يعود نفعه عليك؟ إنك إن فعلت ذلك تكون النصيحة متهمة، وإن نصحته بأمر يعود عليه وعليك فهذه نصيحة لك وله، ولكن حينما تقول: (نصحت لك) أي أن النصيحة ليس فيها مسألة خاصة بك، بل كل ما فيها لصالح من تبلغه فقط، وبذلك يتضح الفارق بين (نصحته) و(نصحت لك). {وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 62].
وكأن سيدنا نوحاً يخاطب قومه: إياكم أن تظنوا أن ما أقوله لكم الآن هو كل العلم من الله، ولا كل علم الله، ولا كل ما علمني الله، بل أنا عندي مسائل أخرى سوف أقولها لكم إن اتقيتم الله وامتلكتم الاستعداد الإِيماني، وهنا سأعطيكم منها جرعات.
أو قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} يعني أنه سيحدث لكم أمر في الدنيا لم يحصل للأمم السابقة عليكم وهو أن من يُكذب الرسول يأخذه الله بذنبه. وتلك التجربة لم تحدث مع قوم شيت أو إِدريس. {فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصيحة وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا...} [العنكبوت: 40].
ولم يحدث مثل هذا العقاب من قبل نوح، وقد بين لهم نوح: أنا أعلم أن ربنا قد دبر لكم أن من يُكّذِّبَ سيأخذه أخذ عزيز مقتدر.
أو {وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، أي أن الله أعلمني لا على قدر ما قلت لكم من الخير، لكنه سبحانه قد علمني أن لكل إخبار بالخير ميلاداً وميعاداً.
{أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)}
{أَوَ عَجِبْتُمْ} وكان من الممكن أن يقول: (أعجبتم)، لكن ساعة أن يجيء بهمزة الاستفهام ويأتي بعدها بحرف عطف. فاعرف أن هناك عطفاً على جملة؛ أي أنه يقول: أكذَّبْتُم بي، وعجبتم من أن الله أرسل على لساني {ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ}. والذكر ضد النسيان، وأن الشيء يكون على البال، ومرة يتجاوز البال ويجري على اللسان.
وقد وردت معانٍ كثيرة للذكر في القرآن، وأول هذه المعاني وقمتها أن الذكر حين يطلق يراد به القرآن: {ذلك نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ والذكر الحكيم} [آل عمران: 58].
وكذلك في قوله الحق: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
إذن يطلق الذِّكر ويراد به القرآن، ومرة يطلق الذكر ويراد به الصيت أي الشهرة الإِعلامية الواسعة. وقد قال الحق لرسوله عن القرآن: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ...} [الزخرف: 44].
أي أن القرآن شرف كبير لك ولأمتك وسيجعل لكم به صيتاً إلى يوم القيامة؛ لأن الناس سترى في القرآن على تعاقب العصور كل عجيبة من العجائب، وسيعلمون كيف أن الكون يصدق القرآن، إذن بفضل القرآن (العربي)، سيظل اسم العرب ملتصقا ومرتبطا بالقرآن، وكل شرف للقرآن ينال معه العرب شرفا جديدا.
أي أن القرآن شرف لكم. ويقول سبحانه: {لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ...} [الأنبياء: 10].
أي فيه شرفكم، وفيه صيتكم، وفيه تاريخكم، ويأتي الإسلام الذي ينسخ القوميات والأجناس، ويجعل الناس كلها سواسية كأسنان المشط. {ياأيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لتعارفوا...} [الحجرات: 13].
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».
وسيظل القرآن عربياً، وهو معجزة في لغة العرب، وبه ستظل كلمة العرب موجودة في هذه الدنيا. إذن فشرف القوم يجيء من شرف القرآن، ومن صيت القرآن. والحق يقول: {ص والقرآن ذِي الذكر} [ص: 1].
أي أن شرفه دائم أبداً. حين يأتي إلى الدنيا سبق علمي، نجد من يذهب إلى البحث عن أصول السبق في القرآن، ونجد غير المسلمين يعتنون بالقرآن ويطبعونه في صفحة واحدة، وعلى ورق فاخر قد لا يستعملونه في كتبهم. هذا هو القرآن ذو الذكر على الرغم من أن بعض المسلمين ينحرفون قليلاً عن المنهج، وقد يتناساه بعضهم، لكن في مسألة القرآن نجد الكل يتنبه. وكما قلت من قبل: قد تجد امرأة كاشفة للوجه وتضع مصحفاً كبيراً على صدرها، وقد تجد من لا يصلي ويركب سيارة يضع فيها المصحف، وكل هذا ذكر. وتجد القرآن يُقرأ مرتلاً، ويُقرأ مجوداً، ومجوداً بالعشرة ثم يسجل بمسجلات يصنعها من لا يؤمنون بالقرآن. وكل هذا ذكر وشرف كبير.
عرفنا أن (الذكر) قد ورد أولا بمعنى القرآن، وورد باسم الصيت والشرف: ويطلق الذكر ويراد به ما نزل على جميع الرسل؛ فالحق سبحانه يقول: {اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلاَّ استمعوه وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء: 1-2].
أي أن كل ما نزل على الرسل ذكر. ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء: 48].
إذن فالمراد بالذكر- أيضاً- كل ما نزل على الرسل من منهج الله. ومرة يُطلق الذكر ويراد به معنى الاعتبار. والتذكير، والتذكر فيقول سبحانه: {إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشيطان أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العداوة والبغضآء فِي الخمر والميسر وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله...} [المائدة: 90-91].
والمراد هنا بالذكر: الاعتبار والتذكر وأن تعيش كمسلم في منهج الله. ومرة يراد بالذكر: التسبيح، والتحميد. انظر إلى قوله الحق سبحانه وتعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسمه يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصلاة وَإِيتَآءِ الزكاة...} [النور: 36- 37].
وهو ذكر لأن هناك من يسبح له فيها بالغدو والآصال وهم رجال موصوفون بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
وقد يُطلق الذكر ويراد منه خير الله على عبادة ويراد به كذلك ذكر عبادتهم له بالطاعة؛ فسبحانه يذكرهم بالخير وهم يذكرونه بالطاعة. اقرأ إن شئت قول الحق سبحانه وتعالى: {... وينهى عَنِ الفحشاء والمنكر والبغي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].
وفي آية أخرى: {... إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الفحشآء والمنكر وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].
وما دام قد قال جل وعلا: {وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ} أي ذكر الله لهم بالنعم والخيرات، فذكره فضل وإحسان وهو الكبير المتعال. فهناك إذن ذكر ثان، ذكر أقل منه، وهو العبادة لربهم بالطاعة، هنا يقول الحق: {أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ على رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الاعراف: 63].
ما وجه العجب هنا؟ نعلم أن العجب هو إظهار الدهشة وانفعال النفس من حصول شيء علي غير ما تقتضيه مواقع الأمور ومقدماتها، إذن تظهر الدهشة ونتساءل كيف حدث هذا؟ ولو كان الأمر طبيعياً ورتيباً لما حدثت تلك الدهشة وذلك العجب.
وعجبتم لماذا؟ اقرأ- إذن- قول الحق سبحانه وتعالى: {ق والقرآن المجيد بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ...} [ق: 1-2].
موضع العجب هنا أن جاء لهم منذر ورسول من جنسهم؛ فمن أي جنس كانوا يريدون الرسول؟ كان من غبائهم أنهم أرادوا الرسول مَلَكاً. {بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ} [ق: 2].
وجاء العجب أيضاً في البعث. فتساءل الكافرون هل بعد أن ذهبنا وغبنا في الأرض وصرنا تراباً بعد الموت يجمعنا البعث مرة ثانية؟!
إذن فالعجب معناه إظهار الدهشة من أمر لا تدعو إليه المقدمات أو من أمر يخالف المقدمات.
العجب عندهم في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها لأن نوحاً عليه السلام يريد منهم أن يبحثوا في الإِيمان بوجود إِله. وكان المنطق يقتضي أنه إذا رأوا شيئاً هندسته بديعة، وحكيمة، وطرأ عليها هذا المخلوق وهو الإِنسان ليجد الكون منسقاً موجوداً من قبله، كان المنطق أن يبحث هذا الإِنسان عمن خلق هذا الكون وأن يلحّ في أن يعرف مَن صنع الكون، وحين يأتي الرسول ليقول لكم من صنع هذا الكون، تتعجبون؟!
كان القياس أن تتلهفوا على من يخبركم بهذه الحقيقة؛ لأن الكون وأجناسه من النبات والجماد والحيوان في خدمتك أيها الإنسان. لا بقوتك خلقت هذا الكون ولا تلك الأجناس، بل أنت طارئ على الكون والأجناس، ألم يدر بخلدك أن تتساءل من صنع لك ذلك؟
إذن فالكلام عن الإِيمان كان يجب أن يكون عمل العقل، وقلت قديماً: هب أن إنساناً وقعت به طائرة في مكان، وهذا المكان ليس به من وسائل الحياة شيء أبداً، ثم جاع، ولم يجد طعاماً، وقهره التعب، فنام، ثم أفاق من هذه الإِغفاءة؛ وفوجئ بمائدة أمامه عليها أطايب الطعام والشراب وهو لا يعرف أحداً في المكان، بالله قبل أن يأكل ألا يتساءل عمن أحضرها؟!! كان الواجب يقتضي ذلك.
إذن أنتم تتعجبون من شيء تقتضي الفطرة أن نبحث عنه، وأن نؤمن به وهو الإِله الذي لا ينتفع بطاعاتنا أو بعبادتنا، ولا تعود عليه العبادة بشيء، بل تعود علينا، والعبادة فيها مشقات لأنها تلجم الشهوات وتعقل وتمنع من المعاصي والمحرمات، ولكن يُقابِل ذلك الثوابُ في الآخرة.
وهناك من قال: ولماذا لا يعطينا الثواب بدون متاعب التكليف؟ مادام لا يستفيد. إنّ العقل كاف ليدلنا- دون منهج- إلى ما هو حسن فنفعله، وما نراه سيئاً فلا نفعله، والذي لا نعرفه أهو حسن أم سيئ. ونضطر له نفعله، وإن لم نكن في حاجة له لا نفعله.
ونقول لها القائل: لكن من الذي أخبرك أن العقل كاف ليدلنا إلى الأمر الحسن، هل حسّن لك وحدك أم لك وللآخرين؟ فقد يكون الحسن بالنسبة لك هو السوء بالنسبة لغيرك لأنك لست وحدك في الكون. ولنفترض أن هناك قطعة قماش واحدة، الحسن عندك أن تأخذها، والحسن عند غيرك أن يأخذها. لكن الحُسْن الحقيقي أن يفصل في مسألة ملكية هذه القطعة من القماش مَن يعدل بينك وبين غيرك دون هوى. وألاّ يكون واحد أولى عنده من الآخر. إذن لابد أن يوجد إله يعصمنا من أهوائنا بمنهج ينزله يبين لنا الحسن من السيء؛ لأن الحسن بالمنطق البشري ستصدم فيها أهواؤنا.
ومثال آخر: افرض أننا دخلنا مدينة ما، ورأينا مسكنا جميلا فاخرا وكل منا يريد أن يسكن فيه وكل واحد يريد أن يأخذه؛ لأن ذلك هو الحسن بالنسبة له، لكن ليس كذلك بالنسبة لغيره، إذن فالحسن عندك قد يكون قبيحاً عند الغير.
فالحسن عند بعض الرجال إذا رأى امرأة أن ينظر إليها ويتكلم معها، لكن هل هذا حسن عند أهلها أو أبيها أو زوجها؟ لا.
إنّ الذي تعجبتم منه كان يجب أن تأخذوه على أنه هو الأمر الطبيعي الفطري الذي تستلزمه المقدمات. فقد جاءكم البلاغ على لسان رجل منكم. ولماذا لم يقل الحق: لسان رجل؟ إننا نعلم أن هناك آية ثانية يقول فيها الحق: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ...} [آل عمران: 194].
كأنه يقول لهم: إن الوعد الذي وعده الحق لكم قد جاء لكم بالمنهج الذي نزل على الرسل. ومهمة الرسل صعبة؛ فليست مقصورة على التبليغ باللسان لأن مشقاتها كلها على كاهل كل رسول، ولا تظنوا أن ربنا حين اختار رسولاً قد اختاره ليدلله على رقاب الناس، لا. لقد اختاره وهو يعلم أن المهمة صعبة، والرسول صلى الله عليه وسلم- كما تعلمون- لم يشبع من خبز شعير قط، وأولاده وأهله- على سبيل المثال- لا يأخذون من الزكاة، والرسل لا تورث فجميع ما تركوه صدقة، وكل تبعات الدعوة على الرسول، وهذه هي الفائدة في أنه لم يقل على لسان رسول، لأن الأمر لو كان على لسان الرسول فقط لأعطى البلاغ فقط، إنما (على رجل منكم) تعطي البلاغ ومسئولية البلاغ على هذا الرجل. {أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ على رَجُلٍ مِّنْكُمْ...} [الأعراف: 63].
ما هو العجب؟ لقد كان العجب أن تردوا الألوهية والنبوة.
وبعضهم لم يرد الألوهية ورد فكرة النبوة على الإِنسان. وطالب أن يكون الرسول من الملائكة؛ لأن الملائكة لم تعص ولها هيبة ولا يُعرف عنها الكذب لكن كيف يصبح الرسول ملكاً؟ وهل أنت ترى الملك؟ إن البلاغ عن الله يقتضي المواجهة، ولابد أن يراه القوم ويكلموه، والملك أنت لن تراه. إذن فلسوف يتشكل على هيئة رجل كما تشكل جبريل بهيئة رجل. إذن أنتم تستعجبون من شيء كان المنطق يقتضي ألاّ يكون. {وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى إِلاَّ أَن قالوا أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً} [الإسراء: 94].
وقولهم هذا في قمة الغباء. فقد كان عليهم أن يتهافتوا ويقبلوا على الإِيمان؛ لأن الرسول منهم. وقد عرفوا ماضيه من قبل، وكذلك أنسوا به، ولو كانت له انحرافات قبل أن يكون رسولاً لخزي واستحيا أن يقول لهم: استقيموا. وما دام هو منكم وتعرفون تاريخه وسلوكه حين دعاكم للاستقامة كان من الواجب أن تقولوا لأنفسكم: إنه لم يكذب في أمور الدنيا فكيف في أمور الآخرة، ولم يسبق له أن كذب على خلق الله فكيف يكذب على الله؟ ولأنه منكم فلابد أن يكون إنساناً ولذلك قال الحق: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9].
وهنا في الآية التي نحن بصددها يقول الحق: {على رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
إذن فمهمته أن ينذر، والأنذار لقصد التقوى، والتقوى غايتها الرحمة، وبذلك نجد هنا مراحل: الإنذار وهو إخبار بما يسؤوك ولم يأت زمنه بعد وذلك لتستعد له، وتكف لأنه سيتبعك ويضايقك. والبشارة ضد الإنذار، لأنها تخبر بشيء سار زمنه لم يأت، وفائدة ذلك أن يجند الإنسان كل قوته ليستقبل الخير القادم. وأن يبتعد عن الشيء المخيف.
وهكذا يكون التبشير والإنذار لتتقي الشرور وتأخذ الخير، وبذلك يحيا الإنسان في التقوى التي تؤدي إلى الرحمة.
إذن فمواطن تعجبهم من أن يجيئهم رسول مردودة؛ لأن مواطن التعجب هذه كان يجب أن يلح عليها فطرياً، وأن تنعطف النفس إليها لا أن يتعجب أحد لأنها جاءت، فقد جاءت الرسالة موافقة للمقدمات، وقد جاء الرسول ولم يأت ملكاً ليكون قدوة.
وكذلك لم يرسله الله من أهل الجاه من الأعيان ومن صاحب الأتباع؛ حتى لا يقال إن الرسالة قد انتشرت بقهر العزوة، إن الأتباع كانوا موافقين على الباطل بتسلط الكبراء والسادة، فمخافة أن يقال: إن كل تشريع من الله آزره المبطلون بأتباعهم جاءت الدعوة على أيدي الذين ليس لهم أتباع ولا هم من أصحاب الجاه والسلطان. ولقد تمنى أهل الشرك ذلك ويقول القرآن على لسانهم: {وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31].
ولقد كان تمنيهم أن ينزل القرآن على رجل عظيم بمعاييرهم، وهذه شهادة منهم بان القرآن في ذاته منهج ومعجزة. ولم يتساءلوا: وهل القرآن يشرف بمحمد أو محمد هو الذي يشرف بالقرآن؟ إن محمداً يشرف بالقرآن؛ لذلك يقول الحق: {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرأي...} [هود: 27].
وهذه هي العظمة؛ لأن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم لم يكونوا من الذين يفرض عليهم الواقع أن يحافظوا على جاههم ويعملوا بسطوتهم وبطشهم وبقوتهم، ويفرضوا الدين بقوة سلطانهم، لا، بل يمر على أتباع رسول الله فترة ضعاف مضطهدون، ويؤذوْن ويهاجرون، فالمهمة في البلاغ عن الله تأتي لينذر الرسول، ويتقى الأتباع لتنالهم الرحمة نتيجة التقوى، والتقوى جاءت نتيجة الإنذار.
{فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64)}
وهنا يتكلم الحق عن حكاية الإنجاء، ونعلم المقدمة الطويلة التي سبقت إعداد سيدنا نوح عليه السلام للرسالة، فقد أراد الله أن يتعلم النجارة، وأن يصنع السفينة. {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ...} [هود: 38].
ولم يجيءالحق هنا بسيرة الطوفان التي قال فيها في موضع آخر من القرآن: {فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السمآء بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ} [القمر: 11].
وجاء الحق هنا بالنتيجة وهي أنهم كذبوه. {فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ والذين مَعَهُ فِي الفلك وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ...} [الأعراف: 64].
وكانت هذه أول حدث عقابي في تاريخ الديانات؛ لأن رسالة نوح عليه السلام هي أول رسالة تعرضت إلى مثل هذا التكذيب ومثل هذا العناد وكان الرسل السابقون لنوح عليهم البلاغ فقط، ولم يكن عليهم أن يدخلوا في حرب أو صراع، والسماء هي التي تؤدب، فحينما علم الحق سبحانه وتعالى أنه بإرسال رسوله صلى الله عليه وسلم ستبلغ الإِنسانية رشدها صار أتباع محمد مأمونين على أن يؤدبوا الكافرين.
وفي تكذيب نوح عليه السلام يأتينا الحق هنا بالنتيجة.
{فَأَنجَيْنَاهُ والذين مَعَهُ} ولم يقل الحق: كيف أنجاه ولم يأت بسيرة الفلك، بل أخبر بمصير من كذبوه، ويأتي بالعقاب من جنس الطوفان. {... وَأَغْرَقْنَا الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ} [الأعراف: 64].
هناك (أعمى) لمن ذهب بصره كله من عينيه كلتيهما، وهناك أيضا عَمِه وأَعْمَهُ، والعَمَهُ في البصيرة كالعمى في البصر.. أي ذهبت بصيرته ولم يهتد إلى خير.
ثم انتقل الحق إلى رسول آخر. ليعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة فيه أيضاً. فبعد أن جاء بنوح يأتي بهود. نداء الايمان -
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}
إذن الآية السابقة عالجت قضية البعث بضرب المثل بالآية الكونية الموجودة؛ فالرياح التي تحمل السحاب، والسحاب يساق إلى بلد ميت وينزل منه الماء فيخرج به الزرع. والأرض كانت ميتة ويحييها الله بالمطر وهكذا الإِخراج بالبعث وهذه قضية دينية، ويأتي في هذه الآية بقضية دينية أيضا: {والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ والذي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً}.
والبلد الطيب هو البلد الخصب الذي لا يحتاج إلا لى المياه فيخرج منه الزرع، أما الذي خبث، فمهما نزل عليه الماء فلن يخرج نباته إلاّ بعد عناء ومشقة وهو مع ذلك قليل وعديم النفع.
وهنا يخدم الحق قضية دينية مثلما خدم القضية الدينية في البعث أولاً.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة طيبة؛ قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى منها، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل فقه في دين الله تعالى، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدي الله الذي أرسلت به».
إذن فالمنهج ينزل إلى الناس وهم ثلاثة أقسام؛
القسم الاول: يسمع فينفع نفسه وينقل ما عنده إلى الغير فينفع غيره مثل الأرض الخصبة شربت الماء وقبلته، وأنبتت الزرع
القسم الثانى يحملون المنهج ويبلغونه للناس ولا يعملون به وينطبق عليهم قوله الحق: {... لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ} [الصف: 2].
صحيح سينتفع الناس من المنهج، ولذلك قال الشاعر:
خذ بعلمي ولا تركن إلى عملي ** واجن الثمار وخل العود للنار
ويقول صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة».
فستر المؤمن على المؤمن مطلوب وستر المؤمن على العالم آكد وأشدّ طلبا؛ لأن العالم غير معصوم وله فلتات، وساعة ترى زلته وسقطته لا تُذِعْها لأن الناس سينتفعون بعلمه. فلا تشككهم فيه،
والقسم الثالث هو من لا يشرب الماء ولا يسقيه لغيره أي الذي لا ينتفع هو، ولا ينفع غيره. {والبلد الطيب يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ والذي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كذلك نُصَرِّفُ الآيات لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [الأعراف: 58].
إذن منهج الله مثله مثل المطر تماماً؛ فالمطر ينزل على الأرض ليرويها وتخرج النبات وهناك أرض أخرى لا تنتفع منه ولكنها تمسكه فينتفع غيره، وهناك من لا ينتفع ولا ينفع، فكذلك العلم الذي ينزله الله على لسان رسوله. {والذي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كذلك نُصَرِّفُ الآيات}.
قلنا من قبل: إن الآيات تطلق على معانٍ ثلاثة: الآيات الكونية التي نراها واقعة في الكون مثل قوله الحق: {وَمِنْ آيَاتِهِ الليل والنهار والشمس والقمر...} [فصلت: 37].
وآيات هي آيات القرآن، والآيات التي تكون هي المعجزات للأنبياء. {كذلك نُصَرِّفُ الآيات} [الأعراف: 58].
الآيات هنا في الكونية كالماء الذي ينزل، إنه مثل المنهج، من أخذ به فاز ونجا، ومن تركه وغوى وكل آيات الله تقتضي
-
بواسطة امانى يسرى محمد · قامت بالمشاركة
أحمد الله بمحامده التي هو لها أهل، والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد: فقد سبق معنا السلسلة الأولى من رباعيات العلامة ابن القيم رحمه الله، وسنذكر في هذا المقال السلسلة الثانية، ومنها: العبودية والاستعانة: قال - رحمه الله -: "فالأقسام أربعة: الأول: محبوب لنفسه وذاته، مستعان بنفسه، فهذا أعلى الأقسام، وليس ذلك إلا لله وحده، وكل ما سواه فإنما ينبغي أن يحب تبعًا لمحبته، ويستعان به لكونه آلة وسببًا. الثاني: محبوب لغيره ومستعان به - أيضًا - كالمحبوب الذي هو قادر على تحصيل غرض محبه. الثالث: محبوب مستعان عليه بغيره. الرابع: مستعان به غير محبوب في نفسه. فإذا عرف ذلك، تبين مَن أحقُّ هذه الأقسام الأربعة بالعبودية والاستعانة، وأن محبة غيره واستعانته به إن لم تكن وسيلة إلى محبته واستعانته، وإلا كانت مضرة على العبد، ومفسدتها أعظم من مصلحتها، والله المستعان وعليه التكلان"[1]. ذكر حكمه صلى الله عليه وآله وسلم في العدد: وقال - رحمه الله -: "هذا الباب قد تولى الله - سبحانه - بيانه في كتابه أتم بيان وأوضحه وأجمعه؛ بحيث لا تشذ عنه معتدة، فذكر أربعة أنواع من العدد، وهي جملة أنواعها: النوع الأول: عدة الحامل بوضع الحمل مطلقًا، بائنة كانت أو رجعية، مفارقة في الحياة أو متوفى عنها، فقال: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]. النوع الثاني: عدة المطلقة التي تحيض، وهي ثلاثة قروء؛ كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228]. النوع الثالث: عدة التي لا حيض لها، وهي نوعان: صغيرة لا تحيض، وكبيرة قد يئِست من الحيض. فبين الله - سبحانه - عدة النوعين بقوله: ﴿ وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ﴾ [الطلاق: 4]؛ أي: فعدتهن كذلك. النوع الرابع: المتوفى عنها زوجها، فبين عدتها - سبحانه - بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، فهذا يتناول المدخول بها وغيرها، والصغيرة والكبيرة، ولا تدخل فيه الحامل؛ لأنها خرجت بقوله: ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]، فجعل وضع حملهن جميع أجلهن، وحصره فيه، بخلاف قوله - في المتوفى عنهن -: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾ [البقرة: 228]؛ فإنه فعل مطلق لا عموم له، وأيضًا فإن قوله: ﴿ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4]، متأخر في النزول عن قوله: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ ﴾ [البقرة: 228]، وأيضًا فإن قوله: ﴿ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ﴾ [البقرة: 234]، في غير الحامل بالاتفاق؛ فإنها لو تمادى حملها فوق ذلك تربصته، فعمومها مخصوص اتفاقًا، وقوله: ﴿ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4] غير مخصوص بالاتفاق، هذا لو لم تأتِ السنة الصحيحة بذلك، ووقعت الحوالة على القرآن، فكيف والسنة الصحيحة موافقة لذلك مقررة له؟! فهذه أصول العدد في كتاب الله مفصلة مبينة، ولكن اختلف في فهم المراد من القرآن ودلالته في مواضع من ذلك، وقد دلت السنة - بحمد الله - على مراد الله منها"[2]. الحلم والعلم: وقال - رحمه الله -: "قال بعض السلف: ما قرن شيء إلى شيء أحسن من علم إلى حلم، والناس ها هنا أربعة أقسام: الأول: فخيارهم من أوتي الحلم والعلم. الثاني: وشرارهم من عدمهما. والثالث: من أوتي علمًا بلا حلم. والرابع: عكسه"[3]. العلم والقصد: وقال - رحمه الله -: "الناس أربعة أقسام: الأول: ضال في علمه، غاوٍ في قصده وعلمه، وهؤلاء شرار الخلق، وهم مخالفو الرسل. الثاني: مهتدٍ في علمه، غاوٍ في قصده وعمله، وهؤلاء هم الأمة الغضبية، ومن تشبه بهم، وهو حال كل من عرف الحق ولم يعمل به. الثالث: ضال في علمه، ولكن قصده الخير وهو لا يشعر. الرابع: مهتدٍ في علمه، راشد في قصده، وهؤلاء ورثة الأنبياء، وهم وإن كانوا الأقلين عددًا، فهم الأكثرون عند الله قدرًا، وهم صفوة الله من عباده، وحزبه من خلقه"[4]. الأموال التي يأخذها القضاة: وقال - رحمه الله -: "الأموال التي يأخذها القضاة أربعة أقسام: الأول: رشوة: والرشوة حرام، وهي ضربان: • رشوة ليميل إلى أحدهما بغير حق، فهذه حرام عن فعل حرام، على الآخذ والمعطي، وهما آثمان. • ورشوة يعطاها؛ ليحكم بالحق، واستيفاء حق المعطي من دين ونحوه، فهي حرام على الحاكم دون المعطي؛ لأنها للاستنقاذ، فهي كجعل الآبق، وأجرة الوكلاء في الخصومة. الثاني: وهدية، وأما الهدية فضربان: • هدية كانت قبل الولاية، فلا تحرم استدامتها. • وهدية لم تكن إلا بعد الولاية، وهي ضربان: ♦ مكروهة، وهي الهدية إليه ممن لا حكومة له. ♦ وهدية ممن قد اتجهت له حكومة؛ فهي حرام على الحاكم والمهدي. الثالث: وأجرة، إن كان للحاكم رزق من الإمام من بين المال، حرُم عليه أخذ الأجرة، قولًا واحدًا؛ لأنه إنما أجرى له الرزق؛ لأجل الاشتغال بالحكم، فلا وجه لأخذ الأجرة من جهة الخصوم، وإن كان الحاكم لا رزق له فعلى وجهين[5]: أحدهما: الإباحة؛ لأنه عمل مباح، فهو كما لو حكماه، ولأنه مع عدم الرزق لا يتعين عليه الحكم، فلا يمنع من أخذ الأجرة، كالوصي وأمين الحاكم يأكلان من مال اليتيم بقدر الحاجة. الرابع: ورزق، وأما الرزق من بيت المال، فإن كان غنيًّا لا حاجة له إليه، احتمل أن يكره؛ لئلا يضيق على أهل المصالح، ويحتمل أن يباح؛ لأنه بذل نفسه لذلك، فصار كالعامل في الزكاة والخراج"[6]. أقسام الناس في طلب الأسباب[7]: وقال - رحمه الله -: "والناس في هذا المقام أربعة أقسام: الأول: فأعجزهم من لم يبذل السبب ولم يكثر الطلب، فذاك أمهن الخلق. والثاني: مقابله، وهو أحزم الناس، مَن أدلى بالأسباب التي نصبها الله تعالى مفضية إلى المطلوب، وسأل سؤال من لم يدل بسبب أصلاً، بل سؤال مفلس بائس ليس له حيلة ولا وسيلة. والثالث: من استعمل الأسباب وصرف همته إليها، وقصر نظره عليها، فهذا وإن كان له حظ مما رتبه الله تعالى عليها، لكنه منقوص منقطع، نصب الآفات والمعارضات، لا يحصل له إلا بعد جهد، فإذا حصل فهو وشيك الزوال، سريع الانتقال، غير معقب له توحيدًا ولا معرفة، ولا كان سببًا لفتح الباب بينه وبين معبوده. الرابع: مقابله، وهو رجل نبذ الأسباب وراء ظهره، وأقبل على الطلب والدعاء والابتهال، فهذا يحمد في موضع، ويذم في موضع، ويشتبه الأمر في موضع. • فيحمد عند كون تلك الأسباب غير مأمور بها؛ إذ فيها مضرة عليه في دينه، فإذا تركها وأقبل على السؤال والابتهال والتضرع لله، كان محمودًا. • ويذم حيث كانت الأسباب مأمورًا بها، فتركها وأقبل على الدعاء، كمن حصره العدو وأُمِر بجهاده، فترك جهاده، وأقبل على الدعاء والتضرع أن يصرفه الله عنه، وكمن جهده العطش وهو قادر على تناول الماء فتركه وأقبل يسأل الله تعالى أن يرويه، وكمن أمكنه التداوي الشرعي فتركه وأقبل يسأل العافية، ونظائر هذا. • ويشتبه الأمر في الأسباب التي لا يتبين له عواقبها، وفيها بعض الاشتباه، ولها لوازم قد يعجز عنها، وقد يتولد عنها ما يعود بنقصان دينه، فهذا موضع اشتباه وخطر، والحاكم في ذلك كله الأمر، فإن خفي فالاستخارة، وأمر الله وراء ذلك"[8]. الأمور التي يقال: هي شرور: وقال - رحمه الله -: "فالأمور التي يقال هي شرور: • إما أن تكون أمورًا عدمية. • أو أمورًا وجودية. فإن كانت عدمية، فإنها إما أن تكون: [الأول]: عدمًا، لأمور ضرورية للشيء في وجوده؛ كالإحساس والحركة والنفس للحيوان. [الثاني]: أو ضرورية له في دوام وجوده وبقائه؛ كقوة الاغتذاء والنمو للحيوان المغتذي النامي. [الثالث]: أو ضرورية له في كماله؛ كصحته وسمعه وبصره وقوته. [الرابع]: وإما أن تكون غير ضرورية له في وجوده ولا بقائه ولا كماله، وإن كان وجودها خيرًا من عدمها؛ كالعلم بدقائق المعلومات التي العلم بها خير من الجهل، وليست ضرورية له"[9]. النوع الإنساني: وقال - رحمه الله -: "النوع الإنساني أربعة أقسام: أحدها: لا من ذكر ولا أنثى، وهو خلق أبيهم وأصلهم آدم. الثاني: خلقه من ذكر بلا أنثى؛ كخلق أمهم حواء من ضلع من أضلاع آدم، من غير أن تحمل بها أنثى، أو يشتمل عليها بطن. الثالث: خلقه من أنثى بلا ذكر؛ كخلق المسيح عيسى ابن مريم. الرابع: خلق سائر النوع الإنساني من ذكر وأنثى، وكل هذا ليدل عباده على كمال قدرته، ونفوذ مشيئته، وكمال حكمته"[10]. انقسام الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وقال - رحمه الله -: "انقسم الناس بعد رسول الله أربعة أقسام: [الأول]: قسم لم يريدوا الدنيا، ولم ترِدْهم؛ كالصِّدِّيق ومن سلك سبيله. [الثاني]: وقسم أرادتهم الدنيا، ولم يريدوها؛ كعمر بن الخطاب ومن سلك سبيله. [الثالث]: وقسم أرادوا الدنيا، وأرادتهم؛ كخلفاء بني أمية، ومن سلك سبيلهم، حاشا عمر بن عبد العزيز؛ فإنها أرادته، ولم يردها. [الرابع]: وقسم أرادوها، ولم تردهم، كمن أفقر الله منها يده، وأسكنها في قلبه، وامتحنه بجمعها. ولا يخفى أن خير الأقسام القسم الأول، والثاني إنما فضل؛ لأنه لم يردها، فالتحق بالأول"[11]. إرادة الله - عز وجل - وثوابه: وقال - رحمه الله -: "الناس في هذا المقام أربعة أقسام: أحدهم: من لا يريد ربه ولا يريد ثوابه؛ فهؤلاء أعداؤه حقًّا، وهم أهل العذاب الدائم، وعدم إرادتهم لثوابه: • إما لعدم تصديقهم به. • وإما لإيثار العاجل عليه، ولو كان فيه سخطه. والقسم الثاني: من يريده ويريد ثوابه، وهؤلاء خواص خلقه؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 29]، فهذا خطابه لخير نساء العالمين أزواج نبيه. وقال الله - تعالى -: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ﴾ [الإسراء: 19]، فأخبر أن السعي المشكور: سعيُ مَن أراد الآخرة، وأصرح منها: قوله لخواصِّ أوليائه - وهم أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم - في يوم أُحد: ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ﴾ [آل عمران: 152]، فقسمهم إلى هذين القسمين اللذين لا ثالثَ لهما. وقد غلط من قال: فأين من يريد الله؟! فإن إرادة الآخرة عبارة عن إرادة الله - تعالى - وثوابه؛ فإرادة الثواب لا تنافي إرادة الله. والقسم الثالث: مَن يريد مِن الله، ولا يريد الله، فهذا ناقص غاية النقص، وهو حال الجاهل بربه، الذي سمع أن ثَمَّ جنة ونارًا، فليس في قلبه غير إرادة نعيم الجنة المخلوق، لا يخطر بباله سواه ألبتة، بل هذا حال أكثر المتكلمين المنكرين رؤية الله تعالى، والتلذذ بالنظر إلى وجهه في الآخرة، وسماع كلامه، وحبه، والمنكرين على من يزعم أنه يحب الله، وهم عبيد الأجرة المحضة، فهؤلاء لا يريدون الله تعالى وتقدس... والقسم الرابع - وهو محال -: أن يريد الله ولا يريد منه، فهذا هو الذي يزعم هؤلاء: أنه مطلوبهم، وأن من لم يصل إليه ففي سيره علة، وأن العارف ينتهي إلى هذا المقام، وهو أن يكون الله مراده، ولا يريد منه شيئًا، كما يحكى عن أبي يزيد أنه قال: قيل لي: ما تريد؟ فقلت: أريد ألا أريد، وهذا في التحقيق عين المحال الممتنع؛ عقلًا وفطرة، وحسًّا وشرعًا..."[12]. العلم والمال: وقال - رحمه الله -: "أهل الدنيا أربعة أقسام: الأول: خيرهم من أوتي علمًا ومالًا؛ فهو محسن إلى الناس وإلى نفسه بعلمه وماله. الثاني: ويليه في المرتبة من أوتي علمًا، ولم يؤتَ مالًا، وإن كان أجرهما سواء، فذلك إنما كان بالنية، وإلا فالمنفق المتصدق فوقه بدرجة الإنفاق والصدقة، والعالم الذي لا مال له إنما ساواه في الأجر بالنية الجازمة المقترن بها مقدورهما، وهو القول المجرد. الثالث: من أوتي مالًا، ولم يؤتَ علمًا، فهذا أسوأ الناس منزلة عند الله؛ لأن ماله طريق إلى هلاكه، فلو عدمه لكان خيرًا له؛ فإنه أعطي ما يتزود به إلى الجنة، فجعله زادًا له إلى النار. الرابع: من لم يؤتَ مالًا ولا علمًا، ومن نيته أنه لو كان له مال، لعمل فيه بمعصية الله، فهذا يلي الغني الجاهل في المرتبة، ويساويه في الوِزر بنيته الجازمة المقترن بها مقدورها، وهو القول الذي لم يقدر على غيره. فقسم السعداء قسمين، وجعل العلم والعمل بموجبه سبب سعادتهما، وقسم الأشقياء قسمين، وجعل الجهل وما يترتب عليه سبب شقاوتهما؛ فعادت السعادة بجملتها إلى العلم وموجبه، والشقاوة بجملتها إلى الجهل"[13]. حلق الرأس[14]: وقال - رحمه الله -: "حلق الرأس أربعة أقسام: الأول: شرعي: كالحلق في الحج والعمرة. الثاني: وشركي: كحلق الرأس للشيوخ؛ فإنهم يحلقون رؤوس المريدين للشيخ، ويقولون: احلق رأسك للشيخ فلان، وهذا من جنس السجود له؛ فإن حلق الرأس عبودية مذلة، وكثير منهم يعمل المشيخة الوثنية، فترى المريد عاكفًا على السجود له، ويسميه: وضعَ رأسٍ وأدبًا، وعلى التوبة له، والتوبة لا ينبغي أن تكون لأحد إلا لله وحده، وعلى حلق الرأس له، وحلق الرأس عبودية لا تصلح إلا لله وحده، وكانت العرب إذا أمنوا على الأسير جزُّوا نواصيه وأطلقوه، عبودية وإذلالًا له؛ ولهذا كان من تمام النسك وضع النواصي لله عبودية وخضوعًا وذلًّا. الثالث: وبدعي: وهو كحلق كثير من المطوعة والفقراء، يجعلونه شرطًا في الفقر، وزيًّا يتميزون به عن أهل الشعور من الجند والفقهاء والقضاة وغيرهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الخوارج أنه قال: ((سيماهم التحليق))[15]، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لصبيغ بن عسل، وقد سأله عن مسائلَ، فأمر بكشف رأسه، وقال: "لو رأيتك محلوقًا، لأخذت الذي فيه عيناك، حتى أن تكون من الخوارج"[16]. ومن حلق البدعة: الحلق عند المصائب بموت القريب ونحوه، فأما المرأة فيحرم عليها ذلك، وقد برئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من: (الحالقة، والصالقة، والشاقة)[17]. فالحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة. والصالقة: التي ترفع صوتها بالويل والثبور ونحوه. والشاقة: التي تشق ثيابها. وأما الرجل فحلقه لذلك بدعةٌ قبيحة، يكرهها الله ورسوله. الرابع: ورخصة وحاجة: وهو كالحلق لوجع، أو قمل، أو أذى في رأسه من بثور ونحوها، فهذا لا بأس به"[18]. [1] إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان (1 /43). [2] زاد المعاد (5 /526) باختصار. [3] إعلام الموقعين عن رب العالمين (4 /218). [4] التبيان في أقسام القرآن (ص: 150-151). [5] كذا لم يذكر - رحمه الله - إلا وجهًا واحدًا، ولعله لأمرين: الأول: أنه يتضح منه الوجه الآخر، وهو المنع. والثاني: أن هذا هو الراجح عنده، والله أعلم. [6] بدائع الفوائد (3 /668). [7] تقدم معنا في السلسلة الأولى من رباعيات العلامة ابن القيم - رحمه الله -: أن الأسباب مع مسبباتها أربعة أنواع. [8] بدائع الفوائد (3 /698)، وانظر للفائدة: مقال رباعيات ابن القيم (رحمه الله) 3، الوسائل والمقاصد. [9] شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص:181). [10] طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص:203). [11] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص:210). [12] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2 /81). [13] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1 /179). [14] تقدم معنا في السلسلة الأولى من رباعيات العلامة ابن القيم - رحمه الله -: القزع، وأنه أربعة أنواع. [15] أخرجه البخاري رقم: (7123)، وغيره، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه. [16] تاريخ دمشق (23 /412) لابن عساكر، وقال شيخ الإسلام في الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص:195): " وهو مشهور " وقال - أيضًا -: " رواه الأموي وغيره بإسناد صحيح "، وبمثله قال محمد أنور شاه في إكفار الملحدين في ضروريات الدِّين (ص:99). [17] أخرجه البخاري رقم: (1234) ومسلم رقم: (104)، وغيرهما، عن أبي موسى - رضي الله عنه. [18] أحكام أهل الذمة (3 /1291-1294) بكر البعداني شبكة الالوكة
-
-
أكثر العضوات تفاعلاً
-
آخر تحديثات الحالة المزاجية
-
سارة سيرو تشعر الآن ب مكتئبة
-
samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
-
أمة الله هاجر تشعر الآن ب محبطة
-
مناهل ام الخير تشعر الآن ب أمزح
-
Hannan Ali تشعر الآن ب سعيدة
-
-
إحصائيات الأقسام
-
إجمالي الموضوعات181463
-
إجمالي المشاركات2534309
-
-
إحصائيات العضوات
منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤
فكرة انتهاء مهلة العمل والانتقال لدار الجزاء مهيبة جدًا ! لا توبة تُقْبَل ولا عمل يُصَحح . لو نطق أهل القبور لكانت موعظتهم : أنتم في دار العمل فأحسنوا العمل . نسأل الله حُسن الختام .