اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57490
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180558
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8257
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53012
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40679
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33884
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32200
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37418 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • المتواجدات الآن   0 عضوات, 0 مجهول, 4 زوار (القائمه الكامله)

    لاتوجد عضوات مسجلات متواجدات الآن

  • العضوات المتواجدات اليوم

    1 عضوة تواجدت خلال ال 24 ساعة الماضية
    أكثر عدد لتواجد العضوات كان 8، وتحقق
  • أحدث المشاركات

    • ّ(ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ )١٧-غافر تفسير الشعراوي


      { ٱلْيَوْمَ } يعني: يوم القيامة { تُجْزَىٰ } تُحاسب { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } [غافر: 17] قلنا: إن كسب تأتي للخير واكتسب للشر، وعلماء اللغة يقولون: إن كل زيادة في بنية الكلمة لابدَّ أن يقابلها زيادة في المعنى، لذلك كسب غير اكتسب. كسب على وزن فعل أيْ يأتي الفعل منك طبيعياً لا تكلّف فيه، إنما اكتسب يعني افتعل ففيه افتعال ومحاولة.
      فالخير لا يحتاج منك إلى تعب، على خلاف الشر فيحتاج إلى تعب ومشقة وتلصُّص، يقول تعالى: { { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ } [البقرة: 286]



      وقد أوضحنا هذه المسـألة بالرجل الذي يجلس بين أهله وفيهم جميلات زوجته وبناته وخالاته وعماته.. إلخ فينظر إلى هذا الجمال دون تكلُّف ولا تحرّج، أمّا في غير المحارم فإنه يختلس النظرة وينفعل لها ويحاول ألاَّ يراه أحد.
      كذلك نلاحظ هذه المسألة في المرأة تحمل من حلال والأخرى من الحرام، وكيف أن الأولى تُدِلّ بحملها وتتباهى به، أما الأخرى فتحاول جاهدة أنْ تُخفيه وأنْ تتخلص منه، ففرحة الأولى وحسرة الأخرى هو الفرق بين الحلال والحرام.
      كذلك الإنسان إذا أخذ شيئاً من بيته يأخذه علانية بلا تكلّف وبلا تخطيط، إنما إنْ أراد أنْ يسرق من بيوت الآخرين فإنه يحتال لذلك ويخطط له، إذن: نقول الحلال لا يُتعب صاحبه إنما الحرام هو الذي يتعب الدنيا كلها.


      أما في قوله تعالى: { { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً .. } [البقرة: 81]

      فقد استعملت كسب هنا في الشر، فلماذا؟

      قالوا: هذا حين تصير السيئةُ عند صاحبها إلْفاً وعادة يفعلها بلا تكلُّف وبلا مشقة على نفسه وكأنها حسنة، فلما تعوَّد عليها صارتْ في حقه كسْباً لا اكتساباً، وهذا الذي نسميه (الفاقد) أي: الذي تجرّأ على الحرام وألِفَ المعصية حتى صارتْ له عادة.


      ومثل ذلك في النظر في قوله تعالى: { { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ } [غافر: 19] إذن: هناك خائنة أعين، وهناك أمينة أعين، أمينة أعين حين تنظر إلى الحلال، وخائنة أعين حين تنظر إلى المحرم.
      حتى في الناحية الاقتصادية التي تحكم الشعوب وبها يُقاس تقدُّم الأمم ورُقيها نقول: الحلال لا يكلِّف إنما الذي يكلف الحرام - هذا من الناحية الاقتصادية - لأن الأصل في الحلال { { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } [الأعراف: 31] وفي الحديث الشريف: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع" .
      ولو عِشْنا على هذه الأصول لكفَانا القليل، ولك أنْ تجرب نفسك فلا تأكل إلا على جوع، وساعتها ستجد اللقمة لذيذة ولو كانت بملح، فكأن استقامتك على دين الله تُريحك وتسترك ولا تتعبك في حركة الحياة، ولا تحتاج منك لمزيد من العمل ولمزيد من المال.
      كذلك إذا أكلنا لا نشبع، وأنتم تروْنَ الذي يأكل حتى التخمة وحتى يحتاج إلى مهضم، فشقَّ على نفسه وكلفها في الطعام وفي تصريف الطعام.


      ثم يقول سبحانه: { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 17] نعم لأن الحاكم في هذا اليوم هو الله العدل المطلق، وكأن الحق سبحانه يقول: الظلم عندكم أنتم أيها البشر، فقد أمهلناكم في الدنيا تربعون فيها بالظلم. يظلم القوي الضعيف، ويظلم الغني الفقير، ويظلم الحاكم المحكومين إنما اليوم { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 17] لقط وصل بكم الظلم في الدنيا إلى غايته حين أشركتم بالله.
      لذلك قال سبحانه: { { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13] نعم ظلم بيِّنٌ واضح؛ لأن الظلم معناه أنْ تأخذ حقَّ الغير لك، أو تأخذ الحق من صاحبه وتعطيه لغير صاحبه، وهذا هو ما حدث منكم حين أشركتم بالله فأخذتم منه سبحانه الألوهية، وجعلتموها للأصنام.
      الظلم يأتي من عدة وجوه. فمن الظلم أنْ تعمل خيراً ولا تجزي به خيراً، ومن الظلم أنْ تعمل الحسنة تستحق عليها عشرة فيعطيك خمسة، ومن الظلم أن تعمل السيئة ولا تُحاسب عليها، ومن الظلم ألاَّ تعمل سيئة وتُحاسب عليها.
        إذن: كل اختلال في موازين الملكية والنفعية من العمل تُعَد ظلماً؛ لذلك قال تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمتُ الظلم على نفسي فلا تظالموا" .
      كان هذا في الدنيا، أما في القيامة فأنتم أمام الحاكم العادل وفي رحاب العدل المطلق الذي لا يُحابي أحداً على حساب أحد، وليس له ولد ولا صاحبة فيميل عن الحق لأجلهما.

      لذلك قلنا: إن الجن كانوا أصدق استقبالاً منا حين قال: { { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [الجن: 3] لأن معظم الفساد يأتي من هذين: الصاحبة والولد.


      وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [غافر: 17] إشارة إلى طلاقة قدرته تعالى في الفصل بين الناس وفي مجازاتهم على أعمالهم، وكأنه يقول لنا: إياكم أنْ تظنوا أن موقف الحساب يشقّ علينا، أو أنه سيأخذ وقتاً طويلاً، لا فعندنا حسابات أخرى ليس عندنا جلسة تطول ولا جلسة تتأجل.
      { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [غافر: 17] لأن الله تعالى فعلَ فِعْله بكُنْ لا يفعل بعلاج كما تفعلون، والدليل على ذلك أن في دنيا الناس آلاف وملايين القضاة يحكمون بين الناس بالحق في آلاف وملايين البلاد في وقت واحد في بلاد مختلفة ومحاكم مختلفة، والحق الذي يحكمون به ليس حقاً يتنقّل بين القضاة من قاض لآخر، إنما هو موهبة ذابتْ في نفوسهم جميعاً وصبغة صبغتْ أحكامهم جميعاً.
      فإذا كان المخلوق لله وهو الحق يمكنه أنْ يستولي على نفوس القضاة في مختلف الأرض في وقت واحد، فالذي خلق هذا الحق أَوْلَى بأنْ يحكم بين الخلائق في وقت واحد.
      لذلك لما سُئل الإمام علي رضي الله عنه هذه المسألة: كيف يُحَاسب الناس في وقت واحد على كثرتهم؟ قال: كما يرزقهم جميعاً في وقت واحد.



      المصدر التفاسير العظيمة
        ////////////////

      خطبة عن قوله تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ)


      للشيخ حامد ابراهيم


      يقول ابن كثير في تفسيرها : يخبر الله تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه ، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها ، وبالسيئة واحدة ; ولهذا قال : (لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ )،

      كما ثبت في صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّى فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِى فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ».

      إن تحقيق العدل بين الناس يقتضي وجود يوم للحساب والجزاء، لأن الكثير من المظالم لا يفصل فيها في الدنيا، والموت قد يغيب الظالم أو المظلوم قبل القصاص، والدنيا دار ابتلاء واختبار للجميع، والصبر على الابتلاءات وعلى الحرمان في الدنيا، والنجاح في اجتياز الاختبارات الدنيوية المتعددة، لابد لهما من جزاء، وهذا الجزاء يلقاه العبد في الآخرة. والفطرة السوية تدل على ضرورة وجود يوم للجزاء والحساب، وإلا لما أصبح للعدل معنى أو قيمة، ولتحولت الدنيا إلى مرتع وخيم للظلم. واليوم الآخر يوصف بأنه يوم الدين ويوم الحساب، لأن من خصائص ذلك اليوم الفصل بين الخلائق، ومجازاة المحسنين من الناس على ما قدموا، ومعاقبة الظالمين على ظلمهم. وفي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة نجد التذكير باليوم الآخر، وبالحساب والجزاء ، وبالعدل الإلهي المطلق في محاسبة الناس والقصاص من الظالمين وإعطاء المظلومين حقوقهم كاملة، ففي الحديث عن الجزاء يقول الله عز وجل : {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (إبراهيم:51). وفي المحاسبة والفصل بين الناس يقول الله عز وجل : {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (غافر:17). ومن آخر آيات القرآن نزولا قول الله عز وجل : {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (البقرة:281). ويقول الله عز وجل : {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (غافر:18). وفي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ ، فَقَالَتْ :يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ » وفي رواية : (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – :« مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ » .



      والإيمان باليوم الآخر من الأمور التي تعين المؤمن على الصبر، فعزاء الضعفاء والمقهورين والمظلومين في الدنيا هو وجود اليوم الآخر، الذي تعاد فيه الحقوق لأصحابها، ويقتص فيه للمظلومين من الظالمين، وقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ ». والإيمان باليوم الآخر مدخل جيد لدعوة غير المسلمين، سواء الذين ينغمسون في متع الدنيا الفانية ثم ينهون حياتهم بالانتحار، أو مع أولئك الذين لا يرون من الدنيا إلا الكدر والظلم. فالإيمان باليوم الآخر يمنع الإنسان من ظلم نفسه والإسراف في الملذات والمعاصي والموبقات ، والإيمان باليوم الآخر يريح الإنسان من نكد الدنيا وقسوة الحياة وظلم الآخرين، ويجعله يتطلع إلى النعيم الأبدي الذي لا ينقطع. وغرس الإيمان بالله وباليوم الآخر في نفوس النشء له أثره العميق في الوقاية من الظلم، ولذلك ينبغي أن يعلم الأولاد أن عاقبة الظلم وخيمة في الدنيا والآخرة، وأن الظالم لن يفلت من عقاب الله، وإن أفلت منه في الدنيا لسبب من الأسباب فإنه لن يفلت منه يوم القيامة، وهو اليوم الذي يجمع فيه الخلائق للفصل بينهم ومحاسبة كل إنسان على ما قدم في الحياة الدنيا، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِى لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ » . ثُمَّ قَرَأَ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102)
    • يقول الله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) (71)، (72) مريم، وفي الصحيحين: في حديث الشفاعة: (يقول صلى الله عليه وسلم: (فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتَّبِعُونَهُ وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ وَلاَ يَتَكَلَّمُ يَوْمَئِذٍ إِلاَّ الرُّسُلُ وَدَعْوَى الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ).   إن الورود والمرور على الصراط يوم القيامة حتم ومؤكد، وواجب الإيمان به، فقد قامت الأدلة عليه من الكتاب والسنة، وقال العلماء: نؤمن بالبعث، وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض، والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب، والعقاب، والميزان، والصراط، ففي صحيح مسلم: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ) فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «عَلَى الصِّرَاطِ». وفي رواية له: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ». ،وفي سنن الترمذي: (عن عَائِشَة أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ قَوْلِهِ (وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) قَالَتْ: قُلْتُ فَأَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ «عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ»، فالصراط هو جسر جهنم الذي سيعبر عليه الناس، وتكليفهم بعبوره هم مضطرون إليه، لا خيار لهم في عبوره، لا بد لهم من عبوره، ففي صحيح البخاري: (يقول صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَىْ جَهَنَّمَ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ « مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلاَلِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ، لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ، الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا)، فالصراط تزلق فيه الأقدام، وتسقط فيه الأجساد والأرجل، إلا من رحم ربي، وهو كحد السيف، وقال العلماء: إن الكفار لا يمرون على الصراط؛ لأنه قد أخذ بهم إلى جهنم من قبل ذلك، أما الذين يمرون على الصراط فهم المسلمون والمنافقون، ففي صحيح مسلم: (وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ – مُنَافِقٍ أَوْ مُؤْمِنٍ – نُورًا ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ وَعَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَأْخُذُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ)، والمسلمون ليسوا سواء، فمنهم الطائع ومنهم العاصي، منهم البر، ومنهم الفاجر، ومنهم المؤمن كامل الإيمان، ومنهم الفاسق، ولذلك يتفاوت الناس في مرورهم على الصراط تفاوتاً عظيماً، وذلك لأن المرور عليه يكون بقدر الأعمال الصالحة، فيعطي الله كل إنسان نوراً على قدر عمله الصالح، فينير له الصراط، لأن الصراط مظلم إظلاماً تاماً، وكل يمر عليه حسب نوره، فتكون الأنوار على قدر الأعمال، ثم يبدأ المرور على الجسر، فيطفئ الله أنوار المنافقين، فإذا طفئت أنوار المنافقين سقطوا في جهنم، وبقي المسلمون البر والفاجر الطائع والعاصي، يعطون أنواراً على قدر أعمالهم، ففي صحيح مسلم: (وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ – مُنَافِقٍ أَوْ مُؤْمِنٍ – نُورًا ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ وَعَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَأْخُذُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ)، قال تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (13): (15) الحديد، وقال تعالى: (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (8) التحريم     وهناك أعمال ينجي الله بها المسلم، ويثبت الله بها قدميه على الصراط يوم القيامة، كما أن هناك أعمالا صالحة أخرى موجبة لسرعة الجواز على الصراط، وكلا النوعين من هذه الأعمال – الموجبة للثبات على الصراط، والموجبة لسرعة الجواز عليه- قد دلنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الأعمال: الإيمان بالله تعالى: فتحقيق الإيمان الصادق شرط للمرور على الصراط ودخول الجنة، ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ..) ،وفي سنن النسائي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جِئْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ بِبَرَاءَةَ قَالَ «مَا كُنْتُمْ تُنَادُونَ». قَالَ كُنَّا نُنَادِي «إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ ..) الحديث، وفي صحيح مسلم: (وَيُعْطَى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ – مُنَافِقٍ أَوْ مُؤْمِنٍ – نُورًا ثُمَّ يَتَّبِعُونَهُ وَعَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ كَلاَلِيبُ وَحَسَكٌ تَأْخُذُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَطْفَأُ نُورُ الْمُنَافِقِينَ ثُمَّ يَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ)، وقال تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ) الحديد (13)،      ومن الأعمال الصالحة التي ينجو بها المؤمن على الصراط: قضاء حوائج المسلمين، فقد روى ابن أبي الدنيا في “قضاء الحوائج”، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تَدْخِلُهُ عَلَى مُؤْمِنٍ: تَكْشِفُ عَنْهُ كَرْبًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرَيْنِ فِي مَسْجِدٍ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رِضا، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثْبِتَهَا لَهُ، ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ، وَإِنَّ سُوءَ الْخُلُقِ لَيُفْسِدُ الْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ”، وفي المعجم الكبير للطبراني: (ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام)   ومن الأعمال الصالحة التي ينجو بها المؤمن على الصراط: الصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإعانة الأخرق والمظلوم، وكف الأذى، ففي المستدرك للحاكم وصححه الذهبي: وقد سئل أبو ذر: دلني على عمل إذا عمل به العبد دخل الجنة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تؤمن بالله، قلت: يا رسول الله إن مع الإيمان عملا، قال: يرضخ مما رزقه الله، قلت: يا رسول الله فإن معدما لا شيء له؟، قال: يقول معروفا بلسانه، قلت: فإن كان عيبا لا يبلغ عنه لسانه؟، قال: فليعن مغلوبا، قلت: فإن كان ضعيفا لا قوة له؟، قال: فليصنع لأخرق قلت: فإن كان أخرق، فالتفت إلي فقال: ما تريد أن تدع في صاحبك خيرا، قال: يدع الناس من أذاه قلت: يا رسول الله إن هذا ليسير كله، قال: و الذي نفس محمد بيده ما منهن خصلة يعمل بها عبد، يبتغي بها وجه الله، إلا أخذت بيده يوم القيامة، فلم تفارقه حتى تدخله الجنة)   ومن الأعمال الصالحة التي ينجو بها المؤمن على الصراط: عدم الخوض في أعراض المؤمنين، والذب عنهم: ففي مسند أحمد: (عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ حَمَى مُؤْمِناً مِنْ مُنَافِقٍ يَعِيبُهُ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَكاً يَحْمِى لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ بَغَى مُؤْمِناً بِشَيْءٍ يُرِيدُ بِهِ شَيْنَهُ حَبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ»   ومن الأعمال الصالحة التي ينجو بها المؤمن على الصراط: كثرة الاعمال الصالحة: من صلاة وصيام وزكاة وحج وبر للوالدين وأداء الأمانات وترك المحرمات، فإن كثرة الأعمال الصالحة تزيد من سرعتك واجتيازك للصراط بسلام، ففي سنن الترمذي: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْحِ الْبَرْقِ ثُمَّ كَالرِّيحِ ثُمَّ كَحُضْرِ الْفَرَسِ ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِى رَحْلِهِ ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ ثُمَّ كَمَشْيِهِ »، فالناس يتفاوتون في سرعاتهم على الصراط، وذلك تبعا لمراتبهم، وتفاوت أعمالهم الصالحة ،   ومن هذه الأعمال الصالحة: المحافظة على صلاتي الفجر والعصر: ففي صحيح مسلم: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا». يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْرَ)،   وكذا المحافظة على ركعتي الضحى، والمحافظة على أربع ركعات قبل الظهر وبعدها، ففي سنن الترمذي وغيره: (أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ». ومعنى حافظ: أي داوم وواظب على هذا العمل.   ومن هذه الأعمال الصالحة التي ينجو بها المؤمن على الصراط: الجهاد في سبيل الله، ففي سنن الترمذي ومسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ». وفيه أيضا: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: أداء الأمانة وصلة الرحم: فقد جاء في صحيح مسلم: (وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ فَتَقُومَانِ جَنَبَتَي الصِّرَاطِ يَمِينًا وَشِمَالاً)، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَذَاكَ لَكِ».   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أراد أن يشفع له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنجاة من كُرب يوم القيامة عموما، ومن كَرب الصراط خصوصا؛ فعليه الاعتناء بالأعمال الصالحة، خصوصا المؤدية لشفاعته صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، والتي من أهمها: سؤال الوسيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح مسلم: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِى الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ».   ومنها: الإكثار من الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَىَّ صَلاَةً»، ومنها: الإكثار من النوافل: ففي صحيح مسلم: (رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الأَسْلَمِيُّ قَالَ كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ فَقَالَ لِي «سَلْ». فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ «أَوَغَيْرَ ذَلِكَ». قُلْتُ هُوَ ذَاكَ. قَالَ «فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». وفيه أيضا: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً»، ومنها: الصبر على ضيق العيش في المدينة المنورة: ففي صحيح مسلم: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ صَبَرَ عَلَى لأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ». يَعْنِى الْمَدِينَةَ.                       ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: الصبر على موت الولد: ففي صحيح البخاري: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانَ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ». وفي رواية في الصحيحين: «لاَ يَمُوتُ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، تَمَسُّهُ النَّارُ، إِلاَّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ»، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ، يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ. فَقَالَ «اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا». فَاجْتَمَعْنَ فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاَثَةً، إِلاَّ كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ». فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ اثْنَيْنِ قَالَ فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ «وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ»    ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: الصدقة، والكلمة الطيبة: ففي الصحيحين: (ذَكَرَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ، فَتَعَوَّذَ مِنْهَا، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ – قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلاَ أَشُكُّ – ثُمَّ قَالَ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»، وفي صحيح مسلم: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ».   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: البكاء من خشية الله عز وجل، والحراسة في سبيل الله، وغض البصر: ففي سنن الترمذي: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ وَلاَ يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ»   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: حسن الخلق مع الناس: ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ». وفي رواية للإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (حُرِّمَ على النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ قَرِيبٍ من الناس)   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: الصبر على البنات وإعالتهن ورعايتهن: ففي صحيح البخاري: (عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ،فَدَخَلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»، وفي سنن الترمذي: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنِ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَنَاتِ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ».   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: الصبر عند الإصابة بالحمى: ففي سنن ابن ماجه: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ عَادَ مَرِيضًا وَمَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ وَعْكٍ كَانَ بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ هِيَ نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِىَ الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ فِي الآخِرَةِ».   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام في الصلاة: ففي سنن الترمذي ومسند أحمد: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَتَانِ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ»   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: إسباغ الوضوء: ففي صحيح مسلم: (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلاَةِ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ فَصَلاَّهَا مَعَ النَّاسِ أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ ». وفيه أيضا: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ – أَوِ الْمُؤْمِنُ – فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ – أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ – فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ – أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ – فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلاَهُ مَعَ الْمَاءِ – أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ – حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ». وفي الصحيحين: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ». مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا)، وفي سنن أبي داود :(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلاَئِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبْعَهُ مِنَ النَّارِ فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ وَمَنْ قَالَهَا ثَلاَثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِهِ فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ».   ومما ينجي على الصراط يوم القيامة: الاستجارة من النار: ففي سنن النسائي: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالَتِ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ».   الشيخ حامد ابراهيم
    • ّ(ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ )١٧-غافر تفسير الشعراوي { ٱلْيَوْمَ } يعني: يوم القيامة { تُجْزَىٰ } تُحاسب { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ } [غافر: 17] قلنا: إن كسب تأتي للخير واكتسب للشر، وعلماء اللغة يقولون: إن كل زيادة في بنية الكلمة لابدَّ أن يقابلها زيادة في المعنى، لذلك كسب غير اكتسب. كسب على وزن فعل أيْ يأتي الفعل منك طبيعياً لا تكلّف فيه، إنما اكتسب يعني افتعل ففيه افتعال ومحاولة.
      فالخير لا يحتاج منك إلى تعب، على خلاف الشر فيحتاج إلى تعب ومشقة وتلصُّص، يقول تعالى: { { لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ } [البقرة: 286]   وقد أوضحنا هذه المسـألة بالرجل الذي يجلس بين أهله وفيهم جميلات زوجته وبناته وخالاته وعماته.. إلخ فينظر إلى هذا الجمال دون تكلُّف ولا تحرّج، أمّا في غير المحارم فإنه يختلس النظرة وينفعل لها ويحاول ألاَّ يراه أحد.
      كذلك نلاحظ هذه المسألة في المرأة تحمل من حلال والأخرى من الحرام، وكيف أن الأولى تُدِلّ بحملها وتتباهى به، أما الأخرى فتحاول جاهدة أنْ تُخفيه وأنْ تتخلص منه، ففرحة الأولى وحسرة الأخرى هو الفرق بين الحلال والحرام.
      كذلك الإنسان إذا أخذ شيئاً من بيته يأخذه علانية بلا تكلّف وبلا تخطيط، إنما إنْ أراد أنْ يسرق من بيوت الآخرين فإنه يحتال لذلك ويخطط له، إذن: نقول الحلال لا يُتعب صاحبه إنما الحرام هو الذي يتعب الدنيا كلها.
        أما في قوله تعالى: { { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً .. } [البقرة: 81] فقد استعملت كسب هنا في الشر، فلماذا؟ قالوا: هذا حين تصير السيئةُ عند صاحبها إلْفاً وعادة يفعلها بلا تكلُّف وبلا مشقة على نفسه وكأنها حسنة، فلما تعوَّد عليها صارتْ في حقه كسْباً لا اكتساباً، وهذا الذي نسميه (الفاقد) أي: الذي تجرّأ على الحرام وألِفَ المعصية حتى صارتْ له عادة.
        ومثل ذلك في النظر في قوله تعالى: { { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ } [غافر: 19] إذن: هناك خائنة أعين، وهناك أمينة أعين، أمينة أعين حين تنظر إلى الحلال، وخائنة أعين حين تنظر إلى المحرم.
      حتى في الناحية الاقتصادية التي تحكم الشعوب وبها يُقاس تقدُّم الأمم ورُقيها نقول: الحلال لا يكلِّف إنما الذي يكلف الحرام - هذا من الناحية الاقتصادية - لأن الأصل في الحلال { { وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُوۤاْ } [الأعراف: 31] وفي الحديث الشريف: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع" .
      ولو عِشْنا على هذه الأصول لكفَانا القليل، ولك أنْ تجرب نفسك فلا تأكل إلا على جوع، وساعتها ستجد اللقمة لذيذة ولو كانت بملح، فكأن استقامتك على دين الله تُريحك وتسترك ولا تتعبك في حركة الحياة، ولا تحتاج منك لمزيد من العمل ولمزيد من المال.
      كذلك إذا أكلنا لا نشبع، وأنتم تروْنَ الذي يأكل حتى التخمة وحتى يحتاج إلى مهضم، فشقَّ على نفسه وكلفها في الطعام وفي تصريف الطعام.
        ثم يقول سبحانه: { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 17] نعم لأن الحاكم في هذا اليوم هو الله العدل المطلق، وكأن الحق سبحانه يقول: الظلم عندكم أنتم أيها البشر، فقد أمهلناكم في الدنيا تربعون فيها بالظلم. يظلم القوي الضعيف، ويظلم الغني الفقير، ويظلم الحاكم المحكومين إنما اليوم { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } [غافر: 17] لقط وصل بكم الظلم في الدنيا إلى غايته حين أشركتم بالله.
      لذلك قال سبحانه: { { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13] نعم ظلم بيِّنٌ واضح؛ لأن الظلم معناه أنْ تأخذ حقَّ الغير لك، أو تأخذ الحق من صاحبه وتعطيه لغير صاحبه، وهذا هو ما حدث منكم حين أشركتم بالله فأخذتم منه سبحانه الألوهية، وجعلتموها للأصنام.
      الظلم يأتي من عدة وجوه. فمن الظلم أنْ تعمل خيراً ولا تجزي به خيراً، ومن الظلم أنْ تعمل الحسنة تستحق عليها عشرة فيعطيك خمسة، ومن الظلم أن تعمل السيئة ولا تُحاسب عليها، ومن الظلم ألاَّ تعمل سيئة وتُحاسب عليها.
        إذن: كل اختلال في موازين الملكية والنفعية من العمل تُعَد ظلماً؛ لذلك قال تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمتُ الظلم على نفسي فلا تظالموا" .
      كان هذا في الدنيا، أما في القيامة فأنتم أمام الحاكم العادل وفي رحاب العدل المطلق الذي لا يُحابي أحداً على حساب أحد، وليس له ولد ولا صاحبة فيميل عن الحق لأجلهما.   لذلك قلنا: إن الجن كانوا أصدق استقبالاً منا حين قال: { { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [الجن: 3] لأن معظم الفساد يأتي من هذين: الصاحبة والولد.
        وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [غافر: 17] إشارة إلى طلاقة قدرته تعالى في الفصل بين الناس وفي مجازاتهم على أعمالهم، وكأنه يقول لنا: إياكم أنْ تظنوا أن موقف الحساب يشقّ علينا، أو أنه سيأخذ وقتاً طويلاً، لا فعندنا حسابات أخرى ليس عندنا جلسة تطول ولا جلسة تتأجل.
      { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } [غافر: 17] لأن الله تعالى فعلَ فِعْله بكُنْ لا يفعل بعلاج كما تفعلون، والدليل على ذلك أن في دنيا الناس آلاف وملايين القضاة يحكمون بين الناس بالحق في آلاف وملايين البلاد في وقت واحد في بلاد مختلفة ومحاكم مختلفة، والحق الذي يحكمون به ليس حقاً يتنقّل بين القضاة من قاض لآخر، إنما هو موهبة ذابتْ في نفوسهم جميعاً وصبغة صبغتْ أحكامهم جميعاً.
      فإذا كان المخلوق لله وهو الحق يمكنه أنْ يستولي على نفوس القضاة في مختلف الأرض في وقت واحد، فالذي خلق هذا الحق أَوْلَى بأنْ يحكم بين الخلائق في وقت واحد.
      لذلك لما سُئل الإمام علي رضي الله عنه هذه المسألة: كيف يُحَاسب الناس في وقت واحد على كثرتهم؟ قال: كما يرزقهم جميعاً في وقت واحد.   المصدر التفاسير العظيمة //////////////// خطبة عن قوله تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ) للشيخ حامد ابراهيم يقول ابن كثير في تفسيرها : يخبر الله تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه ، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها ، وبالسيئة واحدة ; ولهذا قال : (لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ  )، كما ثبت في صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّى فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِى فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ ».  إن تحقيق العدل بين الناس يقتضي وجود يوم للحساب والجزاء، لأن الكثير من المظالم لا يفصل فيها في الدنيا، والموت قد يغيب الظالم أو المظلوم قبل القصاص، والدنيا دار ابتلاء واختبار للجميع، والصبر على الابتلاءات وعلى الحرمان في الدنيا، والنجاح في اجتياز الاختبارات الدنيوية المتعددة، لابد لهما من جزاء، وهذا الجزاء يلقاه العبد في الآخرة.  والفطرة السوية تدل على ضرورة وجود يوم للجزاء والحساب، وإلا لما أصبح للعدل معنى أو قيمة، ولتحولت الدنيا إلى مرتع وخيم للظلم.  واليوم الآخر يوصف بأنه يوم الدين ويوم الحساب، لأن من خصائص ذلك اليوم الفصل بين الخلائق، ومجازاة المحسنين من الناس على ما قدموا، ومعاقبة الظالمين على ظلمهم. وفي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة نجد التذكير باليوم الآخر، وبالحساب والجزاء ، وبالعدل الإلهي المطلق في محاسبة الناس والقصاص من الظالمين وإعطاء المظلومين حقوقهم كاملة، ففي الحديث عن الجزاء يقول الله عز وجل : {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ  إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (إبراهيم:51). وفي المحاسبة والفصل بين الناس يقول الله عز وجل : {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ  لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ  إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (غافر:17).  ومن آخر آيات القرآن نزولا قول الله عز وجل : {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ  ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} (البقرة:281). ويقول الله عز وجل : {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ  مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (غافر:18). وفي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ ، فَقَالَتْ :يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبِ الأَرْضَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ » وفي رواية : (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – :« مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ » .   والإيمان باليوم الآخر من الأمور التي تعين المؤمن على الصبر، فعزاء الضعفاء والمقهورين والمظلومين في الدنيا هو وجود اليوم الآخر، الذي تعاد فيه الحقوق لأصحابها، ويقتص فيه للمظلومين من الظالمين، وقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ ».   والإيمان باليوم الآخر مدخل جيد لدعوة غير المسلمين، سواء الذين ينغمسون في متع الدنيا الفانية ثم ينهون حياتهم بالانتحار، أو مع أولئك الذين لا يرون من الدنيا إلا الكدر والظلم. فالإيمان باليوم الآخر يمنع الإنسان من ظلم نفسه والإسراف في الملذات والمعاصي والموبقات ، والإيمان باليوم الآخر يريح الإنسان من نكد الدنيا وقسوة الحياة وظلم الآخرين، ويجعله يتطلع إلى النعيم الأبدي الذي لا ينقطع. وغرس الإيمان بالله وباليوم الآخر في نفوس النشء له أثره العميق في الوقاية من الظلم، ولذلك ينبغي أن يعلم الأولاد أن عاقبة الظلم وخيمة في الدنيا والآخرة، وأن الظالم لن يفلت من عقاب الله، وإن أفلت منه في الدنيا لسبب من الأسباب فإنه لن يفلت منه يوم القيامة، وهو اليوم الذي يجمع فيه الخلائق للفصل بينهم ومحاسبة كل إنسان على ما قدم في الحياة الدنيا، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِى لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ » . ثُمَّ قَرَأَ (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود: 102)      
    • تَمُرّ بنا المصائب والمشكلات المؤلمة، وفقْد الأحبّة، والإخفاقات، وما إلى ذلك مِن أسباب الحزن والألم، لكن، لا خسارة للمؤمن مع ربه، ما دام معه على نهْج الإيمان به سبحانه.   وما أكثرَ وأعظمَ المسلّيات للمسلم، إنْ هو اعتصم بحبل الله، واستحضر هذه المسلّيات من الله له في لحظات الفقد والألم! ومِن هذه المسلّيات، استحضار أنّ:   1- لله ما أَخذ، فالخَلْق خَلْقه، والأمر أمْره؛ فهو الذي أعطى، وهو الذي أَخذ!   2- ليس لنا مِلْك مع مِلْك الله، بل لا مِلْكية حقيقية في الدنيا إلا مِلْك الله، فهو خالق كل شيء، وهو مالكه، وحين يقول لنا سبحانه: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [سُورَةُ المَائـِدَةِ: 120] ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [سُورَةُ النُّورِ: 42]؛ فلْندرك هذه الحقيقة، وأمّا ملْكيتنا فهي مجرّد عاريّةٍ أعارها الله لنا، ومآل العاريّة أن تُردّ إلى صاحبها! فلماذا الزعل والحزن!   3- وما حُزْننا في حالات الألم والفقد إلا بسبب توهّمنا أنّا فقدْنا شيئًا هو لنا؛ لكنه توهّمٌ غير صحيح؛ فهو لله، أيًّا كان ذلك: عزيزًا يموت، مالًا ينقص أو يذهب، أو صحة تُفقَد أو تضمحلّ، أو أيّ شيء نحرص عليه، أو نَعدّه لنا!   4- لا رادّ لأمر الله، وليس لأحدٍ مشاركة الله في أفعاله وقضائه وقدره، أو معارضة الله في ذلك! ثم نحن جميعًا عبيده يَفعل بنا ما يريده، ونسأله التوفيق والتيسير.   5- مَهْما حزنّا أو جزعنا؛ فلن نُغيّر من الأمر شيئًا!   6- قد نهانا الله عن الحزن والحسرة، وأخبر أنّ الحسرة مِن عقوبات الله للخاسرين يوم القيامة، وأمَرنا بالتسليم له والرضا بقضائه وقدره!   • ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [سُورَةُ الكَهْفِ: 6].   • ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 3].   • ﴿ أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [سُورَةُ فَاطِرٍ: 8].   7- مهما كان همّك لمصيبة الموت، فإنه يُعزِّيك فيها أمورٌ كثيرة، منها: • أنّ الموت بالنسبة للمؤمن، ليس شرًّا محضًا، ولا خسارة محضة، بل قد يكون رحمةً من الله لكلٍّ من المتوفى، والمبتلى بالفقد، ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19] • وربما كان الموت شهادةً في سبيل الله!   • وقد يكون الموت نجاةً مما هو أعظم منه، وقد يكون... وقد يكون...   • وبالمقابل: فليست الحياة أو النجاة من الموت خيرًا في كل الأحوال، بل ربما كان استمرار الحياة استمرارًا في الآثام والضلال، أو تماديًا في أسباب عذاب الله تعالى.   8- وهكذا هي الحال بالنسبة لأيّ مصيبة تصيبك: • فقد يكون فيها أو في طيّاتها ما لا تعلمه مما تُحبّ.   • وقد يكون فيها من الأجر والثواب وحُسن العاقبة ما لا يعلمه إلا الله! ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 216].   • ويكفيك أنّ ذلك هو خِيرة الله لك؛ أفلا ترضى خِيرة ربك لك!   • وقد يكون ما أغمّك اختبارًا من الله لك؛ أفلا تحرص على النجاح في اختبار مولاك لك سبحانه!   9- لسنا مخلّدين في هذه الدار، وليست هي دارنا، وإنما دارنا الأهم منها هي الدار الآخرة، التي ينقسم الناس فيها إمّا إلى الجنة أو إلى النار؛ فالأهم هو سعْينا الجادّ لحجز مكاننا ومكان أحبابنا في جنات النعيم.   10- استحضار أنّ الله عزّ وجل، هو أغلى عندنا مِن كل غالٍ؛ فمهما كان فقيدنا الغالي عزيزًا علينا؛ فلن يَصل إلى مكان الله وغَلاهُ في نفوسنا! فهل نُغضِب الله أو نعصيه لأجل فقْد عزيزنا!   11- اليقين بأنّ مَن رضي بقضاء الله وقدره، فله الرضا، ومَن سخِط فله السخط، وقدَرُ الله قد نَفَذَ!   12- وجوب التماسنا للصدق، وأنْ نكون صادقين في قولنا: رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله وأصحابه أجمعين.   13- وأمرٌ آخر، كيف يغيب عن بالك أيها المبتلى بالفقد والمصيبة! هو ثواب الله للصابرين، الذي لا نطيل فيه، ولكن إشارات: • فما موقفك مما أصابك إذا سمعتَ الله يقول لك: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سُورَةُ البَقَرَةِ: 153]؛ فأيُّ شرَفٍ، وأيُّ عزاء لك كهذا! ألا يكفيك ويُغنيك أنّ الله جلّ جلاله معك!   • ويقول لك: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾! [سُورَةُ الزُّمَرِ: 10]. ألا يكفيك يا أخي أن يَعِدك الله أنْ يوفّيَك أجرك على صبرك واحتسابك (بغير حساب)!   • ويقول لأهل الجنة: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24]. ألا تَرضى بهذه العاقبة!   • وما موقفك مما كتبه الله مِن مصيبة إذا علمتَ قول الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه: (... ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، ومَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)، [كما في البخاري ومسلم].   • وتذكَّر بيت الحمد الذي أعدّه الله للصابرين، فقد أَخبر عنه رسول صلّى الله عليه وسلّم وآله وصحبه، بقوله: (إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ: قبضتم ولدَ عبدي؟ فيقولونَ: نعم، فيقولُ: قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ؟ فيقولونَ: نعم، فيقولُ: ماذا قالَ عبدي؟ فيقولونَ: حمِدَكَ واسترجعَ، فيقولُ اللَّهُ: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ)! [كما رواه الترمذي وأحمد وغيرهما]. لكن، انتبهْ لقوله صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله: (حمِدَكَ واسترجعَ)! إنّ مِن المتعيّن على العبد في تعامله مع الله سبحانه أنْ يحمده على السرّاء والضرّاء! وكم نَغفل عن هذا؛ ونَغفل عن أنّ واجبنا أنْ نحمد الله على المصائب والأقدار المؤلمة، كما نحمده جلّ جلاله على نعمائه؛ فنخسر الموقفَ مع ربنا سبحانه، ونَخسر بيتَ الحمد هذا وسِواه مِن ثواب الله!   14- وأخيرًا وأوّلًا: كل ما أصابك من سرّاء وضرّاء فقد أصابك بقضاء الله وقدره، والإيمان به ركن من أركان الإيمان بالله، فلا يتمّ لك الإيمان بالله إلا بالإيمان بقضائه وقدره!   • ثم إنّ ما يكتبه الله عليك من مصائب، قد أخبرنا الله في القرآن الكريم أنها لك، لا عليك! قال الله تعالى: ﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ. قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 50- 51]. فانتبهْ لقول الله تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا.. ﴾؛ فكم هي دلالةٌ لطيفة في وصف الله للمصيبة التي يُقدّرها لعبده بأنه كتبَها له، ولم يَقلْ: (علينا)! وفي ربْط هذا بالتذكير بأنه ﴿ هُوَ مَوْلَانَا ﴾ مِن الأُنس ما ينبغي أن لا يَخفى على الجن والإنس!   اللهم آنسنا بالإيمان بك، والإيمان بقضائك وقدرك، والتسليم لك فيما قضيت لنا، يا أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين!   والحمد لله والشكر له على السرّاء والضرّاء!   اللهم صل وسلم على خاتم رسلك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.   أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي شبكة الالوكة
    • في القرآن الكريم كثير من الآيات التي تفيد أن الهداية إنما هي توفيق من الله سبحانه لعباده، غير أن هذا لا ينافي أن يتعرض العبد لأسباب الهداية، طلباً لها، وسعياً للوصول إليها؛ لينال رضا الله في الدنيا والآخرة. كالمريض يأخذ الدواء طلباً للشفاء، مع أن الشافي في الحقيقة هو الله رب العالمين، لكنه سبحانه أقام أمر الدين -وكذلك أمر الدنيا- على أسباب لا بد للإنسان أن يعمل على تحصيلها؛ لكيلا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة.

      ومن الآيات التي تؤكد المعنى الذي ألمحنا إليه بداية قوله سبحانه: {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور} (النور:40). جاءت هذه الآية في سياق بيان أعمال الذين كفروا، مشبِّهة أعمالهم بالسراب، الذي يبدو للناظر كأنه ماء، وهو في حقيقة الأمر ليس إلا سراباً خادعاً، لا يروي من عطش، ولا يغني من ظمأ. فجاءت هذه الآية تذييلاً لما سبقها؛ لتقرر حقيقة مهمة مفادها: أن الهداية من الله سبحانه، فمن لم يوفقه الله لأسبابها، فلا سبيل له إليها.

      وقد ذكر المفسرون ثلاثة أقوال في المراد من هذه الآية:

      الأول: أن المراد من (النور) في الآية الدين والإيمان، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: من لم يجعل الله له ديناً وإيماناً، فلا دين له. وعلى هذا يكون المعنى: من لم ينور الله قلبه بنور الإيمان، ويهده إليه، فهو في ظلمة عمياء، لا نور له، ولا يهتدي أبداً.

      الثاني: أن المراد من (النور) في الآية الهداية في الدنيا، أي: من لم يهده الله في هذه الدنيا، فلا يهديه أحد، وهذا كقوله سبحانه: {ومن يهد الله فما له من مضل} (الزمر:37)، وقوله عز وجل: {ومن يضلل الله فما له من هاد} (الرعد:33). وهذا القول هو الأرجح فيما يُفهم من كلام المفسرين.

      الثالث: أن المراد من (النور) الهداية في الآخرة، والمراد بحسب هذا القول: من لم يرحمه الله، وينور حاله بالعفو والرحمة، فلا رحمة له. أو من لم يجعل له نوراً يمشي به يوم القيامة، فما له من نور يهتدي به إلى الجنة. وقد أخرج ابن المنذر عن أبي أمامة ما يشهد لهذا القول، قال: أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منـزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، ويوشك أن تظعنوا -ترتحلوا- منه إلى منزل آخر، وهو القبر. بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الضيق إلا ما وسع الله، ثم تنقلون إلى مواطن يوم القيامة، وإنكم لفي بعض تلك المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله، فتبيض وجوه وتسود وجوه، ثم تنتقلون إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيُعطى المؤمن نوراً، ويُترك الكافر والمنافق، فلا يُعطى شيئاً، وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه {أو كظلمات في بحر لجي} إلى قوله: {فما له من نور}، فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير.

      والحق أن هذه الأقوال لا تعارض بينها، بل يُكَمِّل بعضها بعضاً، فإن المؤمن بدين الإسلام لابد له أن يصل إلى طريق الهداية، ومن وصل إلى طريق الهداية لا بد أن يلتزم ما أمر الله به، وما نهى عنه، ومن التزم شرع الله لا بد أن يكون من الفائزين يوم القيامة، كما قال تعالى: {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار} (البقرة:25).

      والنقطة المحورية التي تنبه إليها الآية الكريمة هي: أن الهداية إنما تكون بتوفيق من الله وتيسير منه سبحانه، والعبد مطالب أن يطرق باب أسباب الهداية كما يطلب باب أسباب الرزق، فكما أن الرزق من الله سبحانه وتعالى، وهو القائل: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} (هود:6)، إلا أن العبد مطالب -في الوقت نفسه- بأن يسعى في تحصيل الرزق، ويتعرض لأسبابه كما قال تعالى: {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} (هود:15)، فكذلك أمر الهداية، فإن العبد مطالب بتحصيل أسبابها، وسلوك الطرق المؤدية إليها؛ وذلك لا يكون إلا بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتعرف على سنن الآفاق والأنفس التي بثها سبحانه في هذا الكون، والسير على سَنَنِها.

      والآية التي معنا جاء مضمونها في آية أخرى، تؤكد أن أمر الهداية إنما يكون بتوفيق الله العبد لأسبابها، وأن كل ما على العبد القيام به، إنما هو الأخذ بأسباب الهداية، تلك الآية قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم} (الحديد:28)، فهذه الآية واضحة بأن الوصول إلى الهداية لا يكون إلى بالأخذ بأسبابها -وهو وَفْق الآية- تقوى الله، وتقوى الله كلمة جامعة، تعني الالتزام بشرع الله سبحانه، فإذا كانت آية النور تهتم بإبراز جانب النتيجة = الهداية، فإن هذه الآية -آية الحديد- تهتم بإبراز جانب الأسباب = الالتزام بشرع الله، والقرآن يفسر بعضه بعضاً.

      على أن الأمر المهم هنا، أنه ليس في آية النور حجة ومستمسك لمن يقول من الكفار: إن الله لم يُرِد لي الهداية، فهذا كلام لا وزن له في ميزان الشرع، وهو كلام من لم يفقه شرع الله؛ لأن الله سبحانه أمر عباده بطلب أسباب الهداية، وأمر بالسعي في تحصيلها، ألم يقل سبحانه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} (العنكبوت:69)، فقد علق سبحانه حصول الهداية على الجهاد في سبيله، ومن معاني الجهاد في سبيله جهاد النفس في طلب الهداية، والتعرف على سبل النجاة. فالأمر في المحصلة رَبْطٌ للنتائج بأسبابها، وأسباب تؤدي إلى نتائج محددة، كل ذلك بتوفيق الله سبحانه؛ لذلك كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ( اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً واجعل لي نوراً) متفق عليه.

      اسلام ويب
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182205
    • إجمالي المشاركات
      2535482
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93209
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×