اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57393
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180533
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8247
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53000
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40679
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33893
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13117
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37229 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • شركة تسليك مجاري بالرياض
      تعد شركة تسليك مجاري بالرياض من الشركات الضرورية التي تقدم خدمات أساسية للمنازل والمنشآت، إذ تعالج مشكلة انسداد المجاري والصرف الصحي التي قد تتسبب في العديد من المشاكل الصحية والبيئية. تعتمد هذه الشركات على أدوات متطورة وخبراء مختصين لضمان إزالة الانسدادات بسرعة وكفاءة عالية.

      اسعار تسليك مجاري بالرياض
      تختلف اسعار تسليك مجاري بالرياض بناءً على حجم العمل المطلوب ونوع الأدوات المستخدمة. تعتمد تكلفة الخدمة على مدى تعقيد الانسداد وموقعه، بالإضافة إلى المعدات المطلوبة مثل السوستة الكهربائية أو استخدام ضغط المياه العالي. بشكل عام، تتراوح الأسعار بين 300 و 1000 ريال، ولكن يفضل دائمًا طلب تقدير دقيق من الشركة المختصة.
      تسليك المجاري بسوسته الكهربائية
      تعد السوستة الكهربائية من أفضل الأدوات المستخدمة في تسليك المجاري، حيث تعمل تسليك المجاري بسوسته الكهربائية على إزالة الانسدادات الصعبة بفعالية وسرعة. تعمل هذه الأداة بتوليد حركة دورانية تساعد في تفتيت الرواسب الصلبة مثل الدهون والكالسيوم العالق في المواسير، مما يسهم في فتح المجاري بسهولة.
      تسليك المجاري شبك الأبواب الحوش والأمطار
      غالبًا ما تتعرض شبكات الصرف حول الأبواب والحوش للاحتباس بسبب تراكم الأوساخ أو أوراق الأشجار التي قد تسد المنافذ. تقدم تسليك المجاري شبك الأبواب الحوش والامطار حلولاً مخصصة لهذه المشكلات، باستخدام أدوات تنظيف فعالة لتنظيف الشبكات وضمان تدفق المياه بشكل طبيعي، خاصة في موسم الأمطار.
      انسداد بالوعة الحمام العربي
      يعد انسداد بالوعة الحمام العربي مشكلة شائعة في المنازل القديمة والحديثة على حد سواء. يتسبب تراكم الشعر، والصابون، والدهون في انسداد مجرى البالوعة، مما يؤدي إلى ارتداد المياه وتراكم الروائح الكريهة. يمكن لشركات تسليك المجاري معالجة هذه المشكلة باستخدام أدوات متخصصة مثل السوستة أو الضغط العالي للماء.
      انسداد المجاري في المطبخ
      انسداد المجاري في المطبخ يحدث غالبًا بسبب تراكم بقايا الطعام والزيوت داخل المواسير. تقدم شركات تسليك المجاري بالرياض حلولًا سريعة وفعالة لهذه المشكلة من خلال إزالة الرواسب باستخدام أدوات مثل خراطيم الضغط العالي والمواد الكيميائية الآمنة للمواسير.
      شركة تسليك مجاري حي الملقا الرياض
      توفر شركة تسليك مجاري حي الملقا الرياض خدمات احترافية للتعامل مع انسداد الصرف الصحي. تعتمد هذه الشركات على أحدث الأدوات والتقنيات لضمان إعادة تدفق المياه بشكل طبيعي وسريع، مع الحرص على الحفاظ على سلامة المواسير من التلف.
      تسليك المجاري من الكلس
      الكلس هو من أكثر المشاكل شيوعًا التي تؤدي إلى انسداد المجاري بسبب تراكم الرواسب الكلسية داخل الأنابيب على مر الزمن. يمكن تسليك المجاري من الكلس باستخدام أدوات حديثة مثل السوستة الكهربائية والمواد الكيميائية المخصصة لتفتيت الرواسب دون التسبب في تلف الأنابيب.
      تسليك المجاري في المنزل
      تحتاج مشاكل انسداد المجاري المنزلية إلى معالجة فورية لتجنب انتشار الروائح الكريهة وتلف الأنابيب تقدم تسليك المجاري في المنزل خدمات منزلية تشمل استخدام أدوات مثل السوستة اليدوية والكهربائية والضغط العالي لإزالة الانسدادات بشكل سريع وفعّال.
      سلك تسليك المجاري
      يستخدم سلك تسليك المجاري كأداة تقليدية لإزالة الانسدادات الخفيفة والمتوسطة. يُدخل السلك في المجاري ويدفعه باتجاه الانسداد لتفتيته وإزالته. يُعتبر خيارًا فعالًا في بعض الحالات المنزلية البسيطة، لكنه قد يحتاج إلى تدخل أعمق في حالات الانسدادات الكبيرة.
      تسليك مجاري المطبخ
      انسداد مجاري المطبخ يحدث عادة بسبب تراكم الدهون وبقايا الطعام داخل الأنابيب تستخدم شركات تسليك مجاري المطبخ أدوات مثل خراطيم الضغط العالي لتنظيف المواسير وإزالة الانسدادات، مما يعيد تدفق المياه بشكل طبيعي ويمنع حدوث مشاكل مستقبلية.
      شركة تسليك مجاري حي التعاون الرياض
      توفر شركة تسليك مجاري حي التعاون الرياض حلولاً فعالة وسريعة للتعامل مع مشاكل الصرف الصحي. تعتمد هذه الشركات على فرق من المتخصصين والأدوات الحديثة للتأكد من إزالة الانسدادات بدون التسبب في أي ضرر للبنية التحتية.
      شركة تسليك صرف صحي بالرياض
      شركة تسليك صرف صحي بالرياض تلعب دورًا حيويًا في حماية المنازل والمنشآت من المشاكل البيئية والصحية المرتبطة بانسداد المجاري. تقدم هذه الشركات خدمات متخصصة في تسليك الأنابيب وإزالة العوائق باستخدام الأدوات الحديثة والمواد الآمنة.
      شركة تسليك مجاري حي العليا الرياض
      في حي العليا، تتوفر شركة تسليك مجاري حي العليا الرياض التي تقدم خدمات تسليك المجاري باستخدام أحدث الأدوات والتقنيات. تهدف هذه الشركات إلى توفير حلول فعالة وسريعة لتجنب أي تلف أو تسرب في النظام الصرف الصحي.
      خرطوم تسليك مواسير الصرف الصحي
      يستخدم خرطوم تسليك مواسير الصرف الصحي لإزالة الرواسب العالقة داخل الأنابيب من خلال ضخ المياه بضغط عالٍ. يُعتبر هذا الخيار من أفضل الحلول لمعالجة الانسدادات الكبيرة وإزالة الكتل الصلبة دون الحاجة إلى تكسير الأنابيب.
      تسليك مجاري الحمامات
      انسداد مجاري الحمامات مشكلة مزعجة تؤثر على الحياة اليومية شركات تسليك مجاري الحمامات توفر حلولاً مثل السوستة الكهربائية وخراطيم الضغط العالي لإزالة الانسدادات واستعادة تدفق المياه بشكل طبيعي.
      تسليك المجاري بالضغط
      يُعد تسليك المجاري بالضغط من الحلول الفعّالة التي تعتمد على ضخ المياه بضغط قوي داخل المواسير لتفتيت الانسدادات الصعبة وإزالتها. هذه الطريقة آمنة وفعالة وتستخدم غالبًا في حالات الانسدادات الكبيرة التي تتطلب تدخلًا سريعًا.
    • بالرغم من أن إنسان هذا العصر غارق في لجج المدنية المعاصرة، ومنتجاتها التقنية والاتصالية، بيد أن المؤمن تعتريه لحظات مفاجئة بين الفينة والأخرى، تنتشله من هذا الزخم التقني والاتصالي، فيخرج من مدارات التفاصيل الصغيرة، ويستعيد وعيه بالحقائق الكبرى.

      لحظة الصدمة تقع دوماً حين يستشعر المؤمن لحظة لقاء الله، وقرب هذه اللحظة. وقد أشار القرآن الكريم إلى مفارقة مؤلمة، وهي شدة قرب لقاء الله، مع كون الإنسان يغفل كثيراً عن هذه الحقيقة، لقاء الله قريب غير بعيد، وما زلنا غافلين، قال تعالى: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} (الأنبياء:1).

      والقرآن الكريم أخبر عن المعاد بطرق كثيرة ومتنوعة جداً، وهذه الكثرة والتنوع من الآيات التي تربط العقل المسلم باليوم الآخر ليست عبثاً، ولكنها لأغراض لا تخفى على المهتم بمغزى كلام الله، والمعني بمقاصد القرآن، ورسائله الضمنية.

      وثمة آيات تحدثت عن اليوم الآخر، وصورت الناس بصور شتى، تكشف عن حالهم، من ذلك:

      - آيات صورت مشاعر المقصرين في ذلك اليوم، منها قوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار * مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء} (إبراهيم:42-43) انظر كيف سيقوم الناس من قبورهم، شاخصة أبصارهم، مسرعين، ومقنعي رؤوسنا، تنظر شدة الأهوال، ومن شدة التحديق بحيث لا تطرف العين، وصف القرآن هذه الحالة بأنهم {لا يرتد إليهم طرفهم} ومن شدة الفزع والرعب وصف الله القلوب بأنها فارغة من كل شيء، {وأفئدتهم هواء} فهي في حالة تنسي الدنيا بكل ما فيها، وتنظر فيما هي مُقْدِمة إليه من الحساب والعذاب.

      - ومن التصويرات القرآنية المخيفة لتلك اللحظات، تصوير لحظة الانكسار والذل والضَّعَة التي تعتري المقصر، يقول تعالى: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون} (السجدة:12). ووصف سبحانه الخجل والذل في ذلك اليوم وصفاً آخر، يجعل الإنسان ينظر مسارقة، قال تعالى: {وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} (الشورى:45) والإنسان الذليل الخائف يسود وجهه، وتعلوه القتامة، حتى كأن الليل البهيم يعلو محياه، قال عز وجل: {كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما} (يونس:27).

      - ومن الصور القرآنية التي تنخلع لها القلوب صورة الجثو على الركب في ذلك اليوم، فترى الناس مستوفزين لا يصيب الأرض منهم إلا ركبهم وأطراف أقدامهم، قال سبحانه: {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} (الجاثية:28-29).

      - ومن الصور القرآنية التي تصور حال القلوب الفزعة في ذلك اليوم، ما جاء في قوله سبحانه: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين} (غافر:18) فالقلوب يومئذ من شدة الهول تخفق كأنما تصعد للحنجرة مع الصمت المطبق.

      - والأمر المهم في هذه الصور القرآنية أننا نعلم أن هذه الأحوال والأهوال التي وصفها سبحانه لنا، لا يفصل بيننا وبينها إلا مجيء ملك الموت في الساعة المقدرة اليوم أو غداً، ومع ذلك لا زالت الغفلة تكبلنا، وتشدنا إلى هذه الحياة الفانية؛ ففي ستة مواضع من القرآن الكريم وصف سبحانه ذلك اليوم بأنه يأتي {بغتة} أي: يأتي بشكل مفاجئ، والناس في غفلة تامة، قال سبحانه: {حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها} (الأنعام:31)، وقال سبحانه: {لا تأتيكم إلا بغتة} (الأعراف:187)، وقال عز وجل: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة} (يوسف:107)، وقال عز من قائل: {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة} (الحج:55). وقال سبحانه: {هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون} (الزخرف:66). وقال تعالى: {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها} (محمد:18).

      - واللافت في الأمر أن العلماء يؤكدون أن القرآن الكريم أكثر من ذكر اليوم الآخر بما لا يوجد مثله في الكتاب السماوية السابقة، يقول ابن تيمية: "وفي القرآن من ذكر المعاد وتفصيله، وصفة الجنة والنار، والنعيم والعذاب، ما لا يوجد مثله في التوراة والإنجيل".

      - وقد تمدَّح سبحانه بتعظيم نفسه بإلقاء الوحي على الرسل؛ لكي ينبهوا الناس إلى اليوم الآخر، فجعل سبحانه من أعظم وظائف الوحي تذكير الناس بقرب لحظة لقاء الله، قال عز من قائل: {رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق} (غافر:15) وإنه لأمر محرج أن يوضح سبحانه لنا أن من أغراض الوحي تنبيه الناس على لقائه، ونحن غافلون عن هذه الغاية القرآنية العظيمة.

      هل نحن حين نتلو القرآن الكريم نستحضر أن من مقاصد القرآن الكريم تعميق استحضار اليوم الآخر في النفوس؟ هل منحنا الآيات التي تصور مشاهد اليوم الآخر منزلتها التي تستحقها؟

      حين ننشغل بأمر الدنيا -وما أكثر مشاغلها ومفاتنها- ونغفل عن هذا اليوم القادم، فنحن لا نغفل عن يوم عادي، أو يوم مهم فحسب، إننا نغفل عن يوم وصفه سبحانه بقوله: {إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا} (الإنسان:27).

      هذا الإطراق، وخشوع الأبصار، وتنكيس الرؤوس، وفراغ القلوب من الرعب، والجثو على الركب في ذلك اليوم العصيب، إنما سببه هول العذاب، والخجل من سيء الأعمال. ولكن ثمة أمر آخر أعظم من ذلك كله، وهو جلال وهيبة الله سبحانه؛ إذ يتجلى ذلك اليوم لعباده، قال تعالى: {يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا} (طه:108) وقال سبحانه: {وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما} (طه:111) ومعنى {عنت} أي: خضعت، وذلت، واستسلمت.

      كلما استطاع المسلم التخلص من الضباب الكثيف الذي يصنعه الانهماك في الدنيا، ومنح نفسه ساعة تأمل في لحظة صفاء، وتذكر قرب لقاء الله، فإنه سيتفاجأ بحيوية جديدة تدب في نفسه، سيشعر كأنما قام قلبه باستحمام إيماني، يزيل عنه العوالق والأوضار، وستتغير نظرته لكثير من الأمور.

      ومن أهم ما يصنعه استحضار ذلك اليوم في النفوس الزهد في الفضول، فضول النظر، وفضول السماع، وفضول الكلام، وفضول الخلطة، وفضول النوم، وفضول تصفح الإنترنيت، وفضول الجوالات، ونحوها، فيصبح المرء لا ينفق نظره وسمعه ووقته إلا بحسب الحاجة، ووفق ما يرضي الله سبحانه.

      ومما يصنعه استحضار ذلك اليوم في النفوس الإقبال على القرآن الكريم، فيعيد المسلم صياغة شخصيته الفكرية على ضوء القرآن الكريم؛ لأن الله في ذلك اليوم العصيب القادم سيحاسبنا على ضوء هذا القرآن، قال عز من قائل: {وقد آتيناك من لدنا ذكرا * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا} (طه:99-100). وقال سبحانه: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم الأنباء يومئذ فهم لا يتساءلون} (القصص:65-66) وإن من الخسارة بمكان أن يبني المسلم شخصيته من كتب فكرية منحرفة.

      ومما يصنعه استحضار ذلك اليوم في النفوس إقبال المرء على نفع إخوانه المسلمين في دينهم ودنياهم؛ بتعلميهم معاني كلام الله ورسوله، وتعليمهم ما تقوم به أمور حياتهم؛ فمن استحضر ثِقَل ذلك اليوم، هل يستطيع أن يتجاهل دماء إخوانه النازفة في كثير من بلدان المسلمين؟ هل يستطيع أن ينسى مسؤوليته أمام الله، وهو يتذكر صور الأشلاء المتناثرة هنا وهناك، واستغاثات الثكالى والأيامى، وأنين الأطفال والرُّضع في كثير من بلدان المسلمين؟

      ومما يصنعه استحضار ذلك اليوم الاستخفاف بالجاه في عيون الخلق، والتعلق بالجاه عند الله جلا وعلا، وماذا يغني عنك ثناء الناس، وأنت تعرف من خطاياك ما لو علموه لما صافحوك؟
        من وضع بين عينيه عظمة ذلك اليوم، والمنزلة عند الله، وكيف ستُبَدِّل الآخرة من منازل الناس بشكل انقلابي، كما قال تعالى: {خافضة رافعة} (الواقعة:3) من استحضر ذلك كله، علم رخص الشهرة، والظهور والرياسة، وكسد سوقها في قلبه، وأيقن أنها أهداف في غاية التفاهة؛ بحيث لا تستحق دقيقة جهد، فضلاً عن أن يذهب عناء السنين في العلم والعمل وجمع الكتب وعناء الليالي لأجل مديح الناس!     اسلام ويب
    • في القرآن الكريم ست آيات تخبر أن {الساعة} آتية لا ريب فيها، وأن مجيئها إنما يكون بغتة على حين غفلة من الناس، فما المراد بـ {الساعة} وما المراد بمجيئها {بغتة}؟ هذا هو مدار حديثنا في هذه السطور.

      نستعرض أولاً الآيات التي تحدثت عن هذا الحدث العظيم:

      * قال تعالى في سياق الحديث عن الذين أنكروا البعث والحساب، والثواب والعقاب، والجنة والنار، وحسبوا أنما الحياة إنما هي هذه الحياة الدنيا، فأخبر سبحانه عن خسرانهم لموقفهم هذا بقوله: {قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها} (الأنعام:31).

      * وأخبر القرآن الكريم عن سؤال المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقت الذي تقوم به {الساعة} فيأتي الجواب بأن وقت مجيئها مما استأثر الله بعلمه، فلا يعلمه أحد، يقول سبحانه: {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة} (الأعراف:187).

      * وخاطب القرآن الكريم أولئك الذين لا يقرون بأن الله ربهم إلا وهم مشركون في عبادتهم إياه غيره، خاطبهم بقوله: {أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة} (يوسف:107).

      * وأخبر القرآن الكريم أن الذين كفروا لا يزالون في شك من القرآن الكريم أنه كتاب من رب العالمين، فقال سبحانه: {ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة} (الحج:55).

      * وفي سياق إخبار القرآن الكريم عن أمر الأحزاب الذين اختلفوا في شأن عيسى عليه السلام، جاء قوله تعالى: {هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون} (الزخرف:66).

      * وأخيراً وليس آخراً فقد خاطب سبحانه المكذبين بآيات الله من أهل الكفر والنفاق بقوله: {فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها} (محمد:18).

      وبالتأمل في هذه الآيات الست تستوقفنا بضع ملاحظات:

      أولاً: أن هذه الآيات الست جاءت في سياق الحديث عن المنكرين ليوم البعث، والمكذبين بلقاء الله، والمعرضين عن القرآن الكريم وما تضمنه من أخبار غيبية وأوامر شرعية. والآيات مع أنها واردة في سياق تحذير المنكرين ليوم البعث، والمكذبين بآيات الله، إلا أنها أيضاً تتضمن تنبيهاً للمؤمنين الغافلين في مسرح الحياة، والناسين لمجيء هذا اليوم القريب غير البعيد.

      ثانياً: أن الآيات الست أخبرت عن أمر يأتي اسمه {الساعة} و{الساعة} اسم للقيامة، وهي من الأسماء الغالبة، كالنجم للثريا. وسميت القيامة بـ {الساعة} لوقوعها بغتة، أو لسرعة حسابها، أو على العكس لطولها، أو لأنها عند الله على طولها كساعة من الساعات عند الخلق. قال الطبري: "وإنما أدخلت (الألف) و(اللام) في {الساعة}؛ لأنها معروفة المعنى عند المخاطبين بها، وأنها مقصود بها قصد {الساعة} التي وصفت. وقد قال القرطبي: "سميت القيامة بالساعة لسرعة الحساب فيها". وقال القاسمي: "سميت القيامة (ساعة) لأنها تفجأ الناس بغتة في ساعة لا يعلمها أحد إلا هو تعالى".

      ثالثاً: أن الآيات الست أخبرت أن القيامة لا تأتي إلا {بغتة} ومعنى {بغتة} فجأة من غير ترقب، ولا إعلام، ولا ظهور شبح، أو نحوه. ففي (البغت) معنى المجيء عن غير إشعار؛ يقال منه: بَغَتُّه أَبْغَتُه بَغْتَة: إذا أخذته كذلك. قال قتادة: {بغتة}، بغتَ القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكرتهم، وغرتهم، ونعمتهم، وعلى غفلة منهم، فإذا جاءتهم {الساعة}، علم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين، وندموا حيث لا ينفعهم الندم، وأبلسوا وأيسوا من كل خير، وودوا لو آمنوا بالرسول، واتبعوا النور الذي جاءهم به، وتمنوا لو اتخذوا معه سبيلاً. ومن ثم قال قتادة: قضى الله أنها لا تأتيكم إلا بغتة، قال: وذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن الساعة تهيج بالناس، والرجل يصلح حوضه، والرجل يسقي ماشيته، والرجل يقيم سلعته في السوق، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه.

      هذا، وانتفاء إظهار وقتها انتفاء متوغل في نوعه، بحيث لا يحصل العلم لأحد بحلولها بالتفصيل، ولا بالإجمال، وأما ما ذُكر لها من أمارات في حديث سؤال جبريل عن أماراتها، فلا ينافي إتيانها بغتة؛ لأن تلك الأمارات ممتدة الأزمان، بحيث لا يحصل معها تهيؤ للعلم بحلولها.

      ويرى الراغب الأصفهاني أن المراد بـ {الساعة} في هذه الآيات، الساعة الصغرى، قال: "الساعة الكبرى بَعْثُ الناس للمحاسبة، والصغرى موت الإنسان، فساعة كل إنسان موته، وهي المشار إليها بقوله تعالى: {قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة} (الأنعام:31)، ومعلوم أن الحشر ينال الإنسان عند موته"، والمفهوم من كلام المفسرين أن المراد بـ {الساعة} هو القيامة كما أسلفنا.

      رابعاً: تواترت الأحاديث تواتراً معنويًّا على أن مجيء {الساعة} قريب، كما جاء في صريح القرآن، ومن الأحاديث الواردة في شأنها ما رواه البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بإصبعيه هكذا -بالوسطى والتي تليها-: (بُعثت أنا والساعة كهاتين) وهذا إشارة منه صلى الله عليه وسلم على أن مجيء {الساعة} قريب غير بعيد.

      وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين {لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (الأنعام:158) ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه، ولا يطويانه، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته -اللِّقحة، بالكسر والفتح: الناقة القريبة العهد بالنِّتاج-، فلا يطعمه، ولتقومن الساعة، وهو يليط حوضه -أي: يطينه ويصلحه-، فلا يسقي فيه، ولتقومن الساعة والرجل قد رفع أكلته إلى فيه، فلا يطعمها).

      والأمر المهم في هذه الآيات أنه مع علمنا أن مجيء {الساعة} {قريب}، وأن مجيئها مقرون بأحداث تشيب لهولها الولدان، وتضع كل ذات حمل حملها، وأنه لا يفصل بيننا وبينها إلا مجيء ملك الموت في {الساعة} المقدرة اليوم، أو غداً، ومع ذلك لا زالت الغفلة تكبلنا، وتشدنا إلى هذه الحياة الفانية.   اسلام ويب
    • الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:   ففي "باب تحريم وصل الشعر والوشم والوشر" وهو تحديد الأسنان، قد مضى الكلام على ذلك بقي من الأحاديث ما جاء عن ابن عمر ، "أن رسول الله ﷺ لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة"[1]، والواصلة هي التي تصل الشعر يعني تقوم بهذا العمل، والمستوصلة هي التي تطلب ذلك لنفسها أو لغيرها، والواشمة والمستوشمة، والوشم هو ما يحصل من غرز الإبر أو ما في معنى ذلك ثم يوضع مادة كالكحل وغيره فيبقى ذلك الأثر في رسومات وما إلى هذا، وذكرت حكمه، وما يشبهه مما يسمونه "التاتو"، وأنها ترجمة للوشم، وأحكام ذلك، وما كان لإصلاح عيب، وما لم يكن لهذا الغرض.   ثم ذكر حديث ابن مسعود ﷺ قال: "لعن الله الواشمات"[2]، فالحديث الأول أن رسول الله ﷺ لعن الواصلة، وهنا: "لعن الله الواشمات"، يعني لعنهن الله ورسوله، الواشمات جمع واشمة وهي التي تقوم بهذا العمل، والمستوشمات جمع مستوشمة وهي التي تطلب ذلك لنفسها أو لغيرها.   "والمتنمصات" المتنمصة وفي بعض الألفاظ: "النامصات والمتنمصات"، فالنامصة هي التي تفعل ذلك، والمتنمصة هي التي تطلبه لنفسها أو لغيرها، والنمص الفقهاء اختلفوا فيه، فبعضهم قيده بشعر الحاجب.   وبعضهم أطلق ذلك في الوجه، وسبب اختلاف الفقهاء أن أهل اللغة اختلفوا في معنى النمص، ومعلوم أن ألفاظ الشارع تحمل على المعنى الشرعي إن وجد، فإن لم يوجد فالعرفي، يعني عرف المخاطبين وهم الصحابة ، فإن لم يكن عرف معين فإنه ينتقل بعد ذلك إلى المعنى اللغوي، والنمص ليس له معنى في الشرع خاص عند الشارع، وليس له معنى في عرف المخاطبين، فيرجع حينئذ إلى اللغة، فأهل اللغة يختلفون في النمص فبعضهم يقيده بالحاجب، وبعضهم يطلق ذلك في الوجه، فمن قيده بالحاجب فإنه لا إشكال عنده أن تزيل المرأة مما ينبت على خديها، أو ما يكون بين الحاجبين أن تزيل ذلك، أما إن كان لها شارب ولحية على غير المعهود فإنهم يقولون بالاتفاق فيما أعلم حتى الذين يقولون: إن النمص إزالة شعر الوجه، يقولون: لا بأس أن تزيل ذلك، بل بعضهم يقول: يستحب كالنووي[3] -رحمه الله-. والذين قالوا: بأنه يشمل الوجه جميعًا فعندهم لا يجوز أن تزيل شعر الوجه بأي طريق كان إلا الشارب واللحية إذا ظهر على غير المعهود، وما عدا ذلك فيقولون: إزالة الشعر الذين يكون بين الحاجبين لا يجوز، الشعر الذي على الخدين بالنسبة للمرأة لا يجوز، وما إلى ذلك إذا كان هذا في المرأة، وهي محل الجمال والتجمل والحسن: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18]، فيكون إزالة الرجل لشعر الوجه لاسيما اللحية التي هي من خصال الفطرة، قد جاء الأمر بإعفائها أشد، يعني إذا كان ورد الحديث هنا في لعن النامصات والمتنمصات على القول بأن النمص يشمل شعر الوجه جميعًا فالرجل يكون من باب أولى. أما إزالة شعر الحاجبين فهذا بالاتفاق بالإجماع أن ذلك لا يجوز، وأنه من كبائر الذنوب، يعني أن تحف الحاجب فهذا لا يجوز بحال من الأحوال، الباقي يمكن أن يقال: إن من الورع المشروع أن تتوقاه المرأة لكن إن ظهر لها شارب أو لحية على غير المعهود والمعتاد فإنها تزيله، وما عدا ذلك من شعر الوجه فلو تورعت من ذلك فهو خير لها، أما الحاجب فبالاتفاق لا يجوز لها حف الحاجبين، يبقى أمر آخر وهو التشقير  الذي يسأل عنه النساء كثيرًا تقول: أنا لا أريد النمص لكن التشقير، وهذا التشقير ليس بدائم هو كالحناء ونحوه، فمثل هذا التشقير الآن لو نظرنا إلى واقعه وحقيقته فهو ليس بنمص فلم تأخذ من شعر حاجبها، لكن النمص لماذا حرم؟   المغيرات خلق الله للحسن تغير ذلك تفعل ذلك؛ لتبدو حواجبها دقيقة هذه النامصة، فإذن حرمت لهذه العلة وأما الشعر فمعلوم أنه ثلاثة أنواع في جسد الإنسان:  النوع الأول: يحرم إزالته كالنمص  فهذا لا يجوز. والنوع الثاني: يؤمر بإزالته كشعر الإبط ونحو ذلك من خصال الفطرة. والنوع الثالث: هو المسكوت عنه فهذا لم يرد فيه شيء فلو أزاله المكلف فإنه لا يكون مؤاخذًا، مثل: الشعر الذي ينبت على الرقبة على الحلق فهذا لا حرج على المكلف في إزالته.   إذن إزالة الشعر ليست بمقصود لذاته حينما يمنع مثلاً، أو نحو هذا وعليه فهذه المرأة التي تشقر الحاجب أشبهت النامصة في المآل في النهاية تبدو حواجبها دقيقة، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى هذه المرأة المشقرة هي متشبهة في الواقع بالنامصة، ومن رآها يحتاج أن يدقق هل هي نامصة أو مشقرة، تبدو حواجبها دقيقة، ومعلوم من الأبواب السابقة وما ورد فيها من الأحاديث أنه لا يجوز التشبه بالفاسقات، بأهل الفسق، والمتنمصات والنامصة ورد فيها اللعن هذا من الكبائر، وضابط الكبيرة أن يرد فيه لعن أو وعيد خاص بالنار، أو عذاب معين، أو نحو ذلك، فهذه إذًا من الفاسقات هذه النامصة فلا يجوز للمرأة أن تتشبه بها فتشقر حواجبها فتبدو كالنامصة، من رآها ظن أنها نامصة ولهذا نقول للنساء بأن لا تقرب الحاجبين بتشقير أو بنمص، والله تعالى أعلم.   قال: "والمتفلجات للحسن" يعني تطلب الحسن المتفلجة نحن عرفنا المتفلجة هي التي تفرق بين الأسنان لتبدو جميلة ويكون ذلك غالبًا لمن تقدم بها العمر فأسنانها تكون مصتكة، أو تكاد، فتباعد بينها لتبدو كأنها شابة حديثة السن، وهذا لا يجوز لا للشابة ولا لغير الشابة، لكن هنا قال: "للحسن" فدل ذلك على أنه إن كان لغرض طبي فهذا لا إشكال فيه، وقد ذكرت من قبل أنه جاء في رواية صحيحة أن ذلك: "إلا لعلة"، يعني جاء فيه الاستثناء فإن كان لعلة فلا إشكال في ذلك. قال: "المغيرات خلق الله"، إذن العلة هي تغيير خلق الله -تبارك وتعالى-، فقالت له امرأة في ذلك يعني لابن مسعود  يعني كيف تلعن؟ تقول: "لعن الله" أين هذا؟ فقال: "وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ﷺ، وهو في كتاب الله"، هذه المرأة تقول: "أنا قرأت القرآن وما وجدت هذا فيه، فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه فقرأ عليها قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]"[4]، متفق عليه. فهذه الآية في الأصل في سياقها هي واردة في العطاء الدنيوي، العطاء المادي، المال وما إلى ذلك، وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، من الفيء أو الغنيمة هذا في الأصل، فيكون هذا يدخل فيه دخولاً أوليًا، ويدخل في العموم ما آتاكم من الأحكام، والشرائع، والتوجيهات، والآداب، فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؛ لأن العبرة بعموم الألفاظ والمعاني، فهذا اللفظ عام فما تفيد العموم ولهذا احتج بها ابن مسعود  على هذا المعنى ما آتاكم من الأحكام والشرائع فخذوه، فإذا قال النبي ﷺ: لعن الله النامصات، فإن هذا داخل في جملة قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. يقول المصنف -رحمه الله-: المتفلجة هي التي تبرد من أسنانها ليتباعد بعضها من بعض قليلاً، وتحسنها وهو الوشر، -الوشر كأن يكون بالمبرد ونحو ذلك؛ لتستوي هذه الأسنان-، والنامصة وهي التي تأخذ من شعر حاجب غيرها وترققه؛ ليصير حسنًا، والمتنمصة التي تأمر من يفعل بها ذلك. إذن أقول: إذا كان هذه النصوص الآن بهذه المثابة اللعن في أمر إنما يفعل من أجل الزينة والحسن، فهل يطيق الإنسان لعنة الله  أن يقوم بها ويقعد، ويأكل ويشرب، ويذهب وينتقل ولعنة الله  تلاحقه من أجل حف حاجب من يطيق هذا؟! وللأسف بعض النساء لربما تتساهل في هذا، وتقول: ما دام الدعوة خربانة، فتفعل أشياء أخرى من عمليات التجميل أيضًا في الأنف، أو في الشفة، أو نحو ذلك بحجة أنها تنمص الحاجب، فلا تسأل عن عمليات التجميل، وكشف العورات مما يندى له الجبين، فيجرؤها هذا العمل هذه الكبيرة يعني هي تقول: ما دام حلت عليها لعنة الله  إذن فلتفعل الباقي، يعني أما يكتفي الإنسان بلعنة واحدة إن كان ولا بدّ بدلاً من أن تتابع عليه لعنات الله، فكيف يفكر الإنسان؟! وكيف يجترئ؟! وكيف يجعل آخرته في خطر؟! بل حتى دنياه في خطر! إنسان تنزل عليه لعنة الله  كيف يضحك؟! كيف ينام؟! وكيف يستطيع أن يأكل؟! وكيف يستطيع أن يجلس مع الناس؟! وكيف يلقاهم؟! فهذا من أعجب الأشياء لا يكاد الإنسان يتصور مثل ذلك، كيف يجترئ عليه من عرف الله -تبارك وتعالى- وأنه ملاقيه ولا بدّ؟! وأنه سيموت وأنه سيحاسب بمثاقيل الذر؟! فنسأل الله  أن يصلح أعمالنا وأحوالنا، إنه سميع مجيب، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.   أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر:7]، برقم (4886)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2125). أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الموصولة، برقم (5943)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2125). انظر: شرح النووي على مسلم (14/ 106). أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب المتنمصات، برقم (5939)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2125).   موقع خالد السبت
    • (ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ )١٧ (إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ )١٨ (وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ )١٩ (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ )٢٠ -ص   الصبر: استعلاء النفس على الأحداث بمعنى ألاَّ تنال الأحداثُ من النفس ومن قوتها، لأن الذي يُصاب بمصيبة يحتاج إلى قوة إضافية فوق قوته الطبيعية، فلا تجعل المصيبة أو الشدة تُضعف من قوتك على تحمُّل الحدث.
        وإياك أنْ تجعل المصيبة مصيبتين، حين تضعف أمام الأحداث فيجتمع عليك المصيبة والضعف عن تحملها، ذلك لأن المصيبة بالنسبة للمؤمن على قسمين. الأول: مصيبة للإنسان دَخْلٌ فيها كالطالب المهمل الذي يرسب في الامتحان، فالرسوب نتيجة إهمالك وتهاونك، فإنْ كنت ستغضب فاغضب من نفسك ولُمها وعنِّفها، وحاول أن تصححَ خطأها، وتصلح فسادها، هذه هي الرجولة التي تواجه الواقع ولا تتنصَّل من المسئولية.
        الثاني: صبر على حَدَث ليس للإنسان دَخْل فيه، وهذا هو الأمر القدري يُجريه الله عليك، ولا يريد لك منه إلا الخير، وإنْ كنتَ تعتقد أنت أنه شَرٌّ.
      لذلك قد يدعو الإنسان بما يراه خيراً له حَسْب قوانينه وفَهْمه للخير، لكن لا يرى إجابة فيغضب ويقول: دعوتُ فلم يُستجب لي. وغفل أن ربه - عز وجل - أعلمُ بالخير أين هو، لذلك لم يُجِبْهُ، إذن: فإجابته لك ألاَّ يجيبك.
        لذلك يُعلِّم الحق سبحانه المؤمنين الرّد على الذين كانوا يشمتون في الأحداث تصيبهم، فيقول: { { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } [التوبة: 51] نعم، كتب الله لنا لا علينا، لأن المصيبة لا تأتي المؤمنَ إلا بالخير، فهي إما تمحيص لنا وإما عُلُو لمرتبتنا، وإما ليعلم غيرُ المؤمنين أن لأهل الإيمان جلادةً أمام الأحداث، وصلابةً لا تلين.
        ومن ناحية أخرى، نجد المصيبة التي تصيب الإنسانَ إما مصيبة له فيها غريم، أو مصيبة لا غريمَ فيها فالمصيبة التي لك فيها غريم اعتدى عليك مثلاً تحتاج إلى صبر أقوى وجَلَد وتحمُّل أكثر، لأنك كلما رأيتَ غريمك حرَّك فيك كوامن النفس ودواعي الانتقام، أما المصيبة التي ليس لك فيها غريم، وهي المصيبة القدرية التي أصابتْك بقدر الله فهي أهون على النفس من الأولى لأنها من الله، فلا تملك معها إلا أنْ تقول لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله وتصبر وتحتسب، وإلا فماذا تفعل مثلاً أمام المرض أو الموت؟
      لذلك يقول سبحانه في المصيبة التي لك فيها غريم: { { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43] يعني: تحتاج إلى عزيمة وقوة تحمُّل تعينك على الصبر، أو تدعوك إلى المغفرة، أما المصيبة القدرية التي لا غريمَ لك فيها، فيقول الحق فيها: { { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [لقمان: 17] ولم يقُلْ هنا { { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43]، فآية لقمان في المصيبة التي لا غريم فيها، فأتت بدون اللام، وآية الشورى لما فيها غريم فأتت فيها اللام.
        هنا الحق سبحانه يريد أنْ يُسلِّي نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ويُخفِّف عنه ما يلاقي من قومه، فقولهم عن رسول الله أنه ساحر وكاذب ومجنون .. إلخ كل هذا يُحزن رسول الله ويشقُّ عليه ويُؤلمه؛ لذلك مرَّتْ بنا آياتٌ كثيرة في تسليته صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى: { { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } [الأنعام: 33].
      وهنا يخاطبه ربه: { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } [ص: 17] ثم يعطيه مثلاً من موكب الرسالات السابقة { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] لكن لماذا ذكر سيدنا داود بالذات في هذا المقام؟
      قالوا: لأن قومَ سيدنا داود قالوا في حقه ما هو أفظع مما قيل في حَقِّ رسول الله، فكفار مكة قالوا: ساحر، وكاهن، وكذاب. أما قوم داود فقد اتهموه في شرفه وعفَّته وطهارته، حين زعموا أنه بعث بأحد قادته إلى حرب خارج البلاد؛ لأنه كان يحب زوجته، ويريد أنْ يخلوَ له الجو وينفرد (كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معول عليه )بها،( ومع ذلك صبر سيدنا داود.
        والحق سبحانه يخاطب نبيه محمداً ويقول له: اصبر كما صبر داود. مع أن محمداً هو خاتم الرسل جميعاً، فلا رسالةَ بعده وفوَّضَه الله في أنْ يُشرِّع لأمته، وهذه خصوصية لم تسبق لأحد غيره من الرسل، وأرسل الله معه كتاباً خالداً مهيمناً على كل الكتب السابقة ومع ذلك يقول له ربه: اصبر كما صبر داود، وكما صبر إخوانك من الرسل ليدلَّ على أن أمة الرسالة أمة واحدة، كل منهم يُبلِّغ عن الله رسالة مناسبة لقومه، فالرسل جميعاً كشخص واحد.
        لذلك قال تعالى: { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] وبعد ذلك ذكر عدةَ رسُل من موكب الرسالات ولم يقُلْ عبادنا، كأنهم تجمعوا كلهم في مهمة واحدة فلا تفرق بينهم؛ لذلك يقول سبحانه: { { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ .. } [الشورى: 13].
      وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تفضلوني على يونس بن متى" .
      لأنكم لا تعلمون مقاييس المفاضلة، فدعوا المفاضلة لله تعالى فهو الذي يُفضِّل، كما قال سبحانه: { { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ .. } [البقرة: 253].
        وتأمَّل هذا الشرف الكبير الذي ناله سيدنا داود حين تحدَّث الحق عنه، فقال { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] كذلك نال سيدنا محمد في استهلاك سورة الإسراء: { { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } [الإسراء: 1] فليس للإسراء حيثية، إلا أنه صلى الله عليه وسلم عبد أخلص العبودية لله فاستحق هذا الشرف العظيم؛ لذلك لما جَفتْ به الطائف واضطهدوه وشتموه جاء العزاء من الله، فإنْ كانت الأرضُ لم تحتَفِ بك، فسوف تحتفي بك السماء.
        وقوله تعالى: { ذَا ٱلأَيْدِ } [ص: 17] يعني: صاحب القوة في العبادة، والإيمان يحتاج فعلاً إلى قوة تُعينك على الطاعة، وتزجرك عن المعصية، وتكبح جماحَ النفس حين تميل بك إلى المخالفة، أما الطاعة فتحتاج إلى قوة لأن الطاعةَ غالباً ما تكون ثقيلة على النفس، فتحتاج إلى قوة دافعة حافزة؛ لذلك يقول تعالى عنها: { { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } [البقرة: 45].
        أما المعصية فلها لذة وجاذبية وشهوات تُلِح على النفس، فتحتاج كذلك إلى عزيمة وقوة رادعة كابحة؛ لذلك كثيراً ما يتكرر ذِكْر القوة في كتاب الله، فقال عن داود { ذَا ٱلأَيْدِ } [ص: 17]، وقال ليحيى عليه السلام: { { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } [مريم: 12].
        فالمؤمن لا بُدَّ أنْ يكون قوياً، قويَّ الإرادة والعزم، لا بُدَّ له من قوة الدفع إلى الطاعات لأنه يكسل عنها، وقوة الردع عن المعاصي لأنه يميلُ إليها، والإنسان لا يكسل عن الطاعة ولا يرغب في المعصية إلا حين يعزل العملَ عن الجزاء والعاقبة، ولو استحضر الجزاء وتذكَّر العاقبة لَهانت عليه الطاعة وخَفَّتْ على نفسه وسَهُلَتْ، ولَزِهدَ في المعصية، وفَرَّ منها فراره من الأسد.
        وقد أوضحنا هذه المسألة بمثال قلنا: هَبْ أن شاباً طغتْ عليه الغريزة الجنسية، وهي أعنف الغرائز في الإنسان، فقلنا له: تقضي ليلة مع فتاة جميلة لكن في الصباح سنُدخلك هذا (الفرن) المتأجج لمدة ساعة، فماذا يقول؟ إذن: استحضار العقاب على المعصية عند المعصية يمنعك منها، كذلك استحضار الثواب على الطاعة يدفعك إليها.
        وهناك في جبال الهملايا وعند قمة إفرست وجدوا ضحايا كثيرين مِمَّن يحاولون اعتلاء هذه القمة، فبعضهم مَات بعد ثلث المسافة، وبعضهم بعد الثلثين وهكذا، فما الذي حملهم على تحمُّل هذه المصاعب والمخاطر؟ إنها شهوة الاستعلاء على هذه القمة التي تُعَدُّ أعلى قمة في العالم، إنه حب الشهرة وتخليد الذكْر في دوائر المعارف، إذن: استهانوا بالأخطار ليصلوا إلى هذه الغاية التي يتطلَّعون إليها.
      فالذي يجعل الإنسان يزهد في الطاعات ويتكاسل عنها أنه لم يستحضر الثوابَ عليها ولو استحضر ثوابها لَسهُلَتْ عليه، كما قال الشاعر: تَهُونُ عَلَيْنا في المعَالِي نُفُوسُنَا ومَنْ يخطُب الحَسْنَاءَ لم يُغْلِهَا المهْرُ   والنبي صلى الله عليه وسلم يشرح لنا هذه المسألة بقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارقُ حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن" .
      يعني: ينتفي عنه وَصْفُ الإيمان في لحظة وقوعه في هذه المعصية؛ لأنه غفل عن العاقبة، وغفل عن الله، ولو استحضر اللهَ في ذهنه ما أقدم.
        ثم يقول تعالى في وصف سيدنا داود: { إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17] من الفعل آب آيب وأوَّاب صيغة مبالغة على وزن فعَّال. يعني: كثير التوبة والأوْب إلى الله، وهذه الكلمة فيها إشارة إلى أن الإنسانَ عُرْضة للمعصية، وأنه مهما تاب فهو مُعرَّض للعودة مرة أخرى؛ لأنه ليس معصوماً، المهم أنْ تحدثَ لكل ذنب توبةٌ، وألاَّ تكون مُصِراً على أن تعودَ.
        لذلك تلاحظ أن من أسماء الله تعالى الغفار { { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } [طه: 82] ولم يقل غافر، لماذا؟ لأن الخَلْق فيهم غفلة، وفيهم معصية تتكرر، وتكرُّر المعصية يحتاج إلى تكرُّر المغفرة؛ لذلك من رحمة الله بنا أنه غفَّار أي: كثير المغفرة.
      وقوله تعالى في حَقِّ سيدنا داود: { إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17] تشرح لنا فيما بَعْد معنى { { وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } [ص: 24].
        ثم يقول تعالى: { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] معنى: { بِٱلْعَشِيِّ } [ص: 18] الوقت بعد الظهر إلى المغرب { وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] بعد شروق الشمس وهو وقت الضحى، ومعلوم أن الجبال جماد، والجماد هو أدْنى الأجناس في الكون، فالإنسان هو سيد هذا الكون، وهو أعلى الأجناس، يليه الحيوان، ثم النبات، ثم الجماد.
      الحق سبحانه يخبرنا أن الجماد يُسبِّح، وأن للجماد حياةً في حين يظن الإنسان أن جماد يعني جامد لا حياةَ فيه، نعم لا حياةَ فيه بمقياسك أنت، لكن له حياة أخرى غير حياتك، أنت تسعى وتجري في طول الدنيا وعرضها، أما الجماد فثابت لا يتحرك.
      لكن لكل جنس حياة تناسبه، فأنت أيها الإنسان لك حياتان: حياة في حال اليقظة، وحياة أخرى في حال النوم، أقانونك وأنت نائم هو قانونك وأنت مستيقظ؟ إنك ترى في النوم الأشخاص والأشكال، وتُميِّز بين الألوان، وتعيش قصة طويلة وتَعِي تفاصيلها، كل هذا وأنت نائم مُغْمضَ العينين، فبأيِّ حاسة رأيتَ ما رأيت؟ بعد ذلك لك حياة أخرى مناسبة للموت، وحياة أخرى مناسبة للبعث.
        وإنْ أردت أنْ تستدلَّ على أن كل شيء في الوجود له حياة تناسبه، فاقرأ إنْ شئتَ: { { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ .. } [الإسراء: 44] بعض العلماء قال - ليخرج من هذا المطب - التسبيح هنا يعني تسبيح دلالة. يعني: هذه المخلوقات تدل على خالقها، وليس المراد تسبيح المقال، ولو كان التسبيح المراد تسبيح دلالة كما يقول ما قال الحق بعدها: { { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء: 44] لأننا نفهم تسبيحَ الدلالة. إذن: لا بُدَّ أنْ لها تسبيحاً آخر، لا نعلمه نحن.
      كذلك في قوله تعالى في الطير: { { وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَه وَتَسْبِيحَهُ } [النور: 41] فليس لنا أن نبحث في كيفية صلاة الطير، فكل جنس يعلم كيف يصلي لله خالقه، ألم تَرَ النملةُ جنودَ سليمانَ فتسرع لتحذر قومها: { { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [النمل: 18] وتأمل هذا الاحتياط في قولها وعدالة الحكم في { { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [النمل: 18] فهم ليسوا ظلمة ولا جبارين، وإنْ مرُّوا عليكم سيحطمونكم من حيث لا يدرون ولا يشعرون بكم.
        ألم يعلم هدهدُ سليمانَ قضيةَ التوحيد؟ ألم يكُنْ سبباً في هداية قوم ضلُّوا وعبدوا الشمس من دون الله حين عاد إلى سليمان، يقول { { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [النمل: 22-23].
      والذي أغاظ الهدهد وأثَّر في نفسه أنْ يراهم يسجدون للشمس من دون الله: { { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ * أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [النمل: 24-25].
      إن الهدهد يفهم القضية كاملة، بل ويجيد في ذلك ما لا يجيده الإنسانُ العاقل.
      والإنسان الذي يُدِلُّ على الكون بعقله وفهمه، ألم يُعلِّمه الغراب كيف يُواري سَوْأةَ أخيه وجثته: { { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ .. } [المائدة: 31].
        إذن: فكل كَوْن له عالمه، وله لغته، وله صلاته لله وخشوعه، فلا تفرض قانوناً لتسحبه على قانون آخر، فتحيل كثيراً من الأشياء. وإنْ أردتَ سنداً لهذا من نفس القرآن فاقرأ قوله تعالى: { { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } [الأنفال: 42] فالهلاك نقيض الحياة. واقرأ: { { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [القصص: 88].
      إذن: حين نجمع بين الآيتين نرى أن كل شيء له حياة خاصة به، وإنْ كنا لا ندرك نحن كُنْه هذه الحياة لكنها موجودة، بدليل أن كل شيء هالك. والآن بدأ العلماء يُسجِّلون لغة الطير ولغة الحيوان ويتوصَّلون إلى حَلِّ شفرة هذه اللغات.
        ومن العجائب التي جعلها الله لتشرح لنا قدرته تعالى في كونه أنهم لما صنعوا الصاروخ (ديسكافري)، وأرادوا إطلاقه إلى الفضاء ووزنه 110 أطنان، وجدوا به عُطْلاً يمنع انطلاقه، فلما بحثوا عن العطل وجدوا طائراً وزنه أربعة جرامات اسمه نقار الخشب نقر في الجدار العازل لخزان الوقود في الصاروخ اثنين وأربعين ثقباً فعطَّل الصاروخ عن الانطلاق، وهكذا سُخِّر طائر وزنه أربعة جرامات وبنى عُشَّه على هذا الصاروخ العملاق فعطَّل حركته.
        وكأن الطيورَ أرادتْ أنْ تثأر لنفسها لما رأت الإنسان يزاحمها في عالم الطيران؛ لذلك وجدوا أن أكبر شيء يهدد الطيران هو عالم الطيور، وأن جماعات منها تعترض الطائرات، وتحوم حول المطارات وكأن هناك عداوةً بينها وبين هذه المخلوقات التي تنازعها الطيران.
      لذلك فكَّر علماء الطيران في فكرة تطرد الطيور عن المطارات، فأخذوا فكرة أصوات الطيور التي تصدرها كإنذار لغيرها عند حدوث خطر وسجَّلوا هذه الأصوات وأذاعوها حول المطارات، لكن الطير تنبَّه إلى هذه الخدعة، ولم تَعُدْ تزعجه هذه الأصوات، لذلك لجأوا إلى وسيلة أخرى فقالوا: إن الطيور تخاف من الصقور، فصنعوا لها مُجسَّمات من البلاستيك وعلَّقوها، لكن هذه الخدعة عرفها الطير، وسَخر منها حين وضعتْ بعض الطيور أعشاشها على أجنحة هذه الصقور.
      إذن: للطير عالمه ومملكته وأسراره، عرفنا منها شيئاً، وغابت عنا منها أشياء.
        فإذا قرأتَ عن سيدنا داود: { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] فاعلم أن الجبال تسبح على الحقيقة تسبيحاً لا يعلمه إلا ربها وخالقها. والميزة هنا لسيدنا داود ليست في تسبيح الجبال؛ لأن الجبال مُسبِّحة دائماً، إنما المعجزة هنا أنها تُسبِّح معه وتردد معه نشيداً واحداً، فالكلام في (معه) أي تُسبِّح مع تسبيحه.
      لذلك قلنا في قولهم: سبِّح الحصى في يد رسول الله، قلنا: عدِّلوا العبارة، لأن الحصى يسبح حتى في يد أبي جهل، فالصواب والمعجز أن نقول: سمع رسول الله تسبيحَ الحصى في يده. هذه هي العظمة.
      ومعنى { بِٱلْعَشِيِّ .. } [ص: 18] العَشِيُّ: الفترة بعد الظهر إلى المغرب { وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] أي: شروق الشمس، وقد أخذ بعض الأئمة من هذه الآية دليلاً على مشروعية صلاة الضحى التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول عن هذه الصلاة: صلاة الإشراق. لكن أيّ عشي؟ وأيّ إشراق؟ هذا وقت وكل مكان له عَشِيٌّ وله إشراق يخالف الآخر.
      إذن: فهو وقت ممتد في كل وقت كما أوضحنا في الصلاة، فهي دائمة ممتدة لا تنقطع أبداً، ففي مكان يُصلِّي الصبح، وفي آخر يُصلِّي الظهر، وفي آخر يُصلِّي العصر وهكذا. فكأن الخالق سبحانه أراد بهذه الدورة الزمنية أنْ يُعبَد سبحانه في كل جزئيات الزمان عبادة لا تنقطع في وقت من الأوقات.
        ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار، ويبسطُ يده بالنهار ليتوبَ مسيء الليل" ولا يخلو الزمن أبداً من ليل أو نهار، إذن: فالمعنى أنه سبحانه يده مبسوطة دائماً.
      ثم يقول سبحانه: { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 19] معنى محشورة أي: مجتمعة حول سيدنا داود، لأنه عليه السلام كان جميل الصوت حين يقرأ المزامير ويتغنى بها، فكانت الطيرُ تجتمع عليه وتُردِّد معه وتُرجِّع ما يقول: إذن: كانت منظومة إيمانيةً مُكوَّنة من سيدنا داود والجبال والطير، جميعهم يرددون تسبيحاً واحداً، وكأنهم كما قلنا: (كورس) واحد.
      لذلك قالوا في { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 19] أي: داود والجبال والطير، كل منهم أواب لله خاضع له راجع إليه.
        وقوله: { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } [ص: 20] أي: قوَّيناه وساندناه بالنصر والهيبة، النصر في كل شيء، والهيبة أقوى أسباب القوة؛ لذلك إذا أراد اللهُ أنْ يضعف الملِك نزع الهيبةَ منه من القلوب، وحين لا يهابه الناس يتجرأون عليه.
        { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } [ص: 20] الحكمة: وَضْع الشيء في موضعه المناسب له، والذي تأتي منه الثمرة المرجوة من أقصر الطرق وأيسرها، والحق سبحانه حين يأتي بلفظ من الألفاظ يأخذ أنْسَه بما في اللغة، فالحكمة مأخوذة من الحَكمة، وهي اللجام الذي يُوضَع في حَنَك الجواد، فيسهل التحكم فيه وضبط حركته كما أريد، فأرخى له ليسرع، وأجذبه فيقف.
      وقالوا: الحكمة أي النبوة وسداد الرأي في الأمور، وقد امتاز كل من سيدنا داود وسيدنا سليمان بالذات بأنْ جمعَ اللهُ لهما الملْكَ والنبوة؛ لذلك رأينا المخالفين لهما (فطسانين) لا وجودَ لهم، ولا أثر؛ لأن الملك يطمس عُنْف المخالف.
        ومعنى { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } [ص: 20] أي: علم الفَصْل في الخصومات، والفصل لا يكون إلا في متجادلين، يأتي هذا بحجة وهذا بحجة، وعلى الحكَمِ بينهما أنْ يفصلَ بينهما، بأنْ يُنصِفَ الحق ويبطل الباطل.
      وإنْ كانت مسألة فصْل الخطاب هذه اعترض عليها؛ لأن سيدنا سليمان فيما بعد عدّل حكماً لأبيه، وهذه تحسب أيضاً لسيدنا داود؛ لأن الذي عدل حكمه هو ولده، والإنسان لا يحب لأحد أن يتفوَّق عليه إلا ولده؛ لذلك سُرَّ بها سيدنا داود.   التفاسير العظيمة    
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182096
    • إجمالي المشاركات
      2535347
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93170
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×