اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 56984
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109825
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180440
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56691
      مشاركات
    4. 259978
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23497
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8201
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32130
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4159
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30248
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      52954
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19526
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  6. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97004
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36835
      مشاركات
  7. سير وقصص ومواعظ

    1. 31791
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16436
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15475
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  8. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31145
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  9. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33878
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91735
      مشاركات
  10. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13116
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  11. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  12. IslamWay Sisters

    1. English forums   (36057 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  13. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • القبر -أيها الأخ المؤمن- أول منازل الآخرة، ومساكن الموتى التي فيها يُؤْوَون، وفيها يبيتون، وفيها يقيمون حتى يدع الداع إلى شيء نكر، كما قال تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر:٦ - ٨]، ومفهوم المخالفة أن المؤمنين يقولون: هذا يوم يسير، كما أخبر الله عنهم بقوله: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم:٨٥].   [ضغطة القبر] وأول ما يفاجئ الميت في قبره ضغطة القبر، وضمته، وكلاهما ورد به الخبر الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فذلك أمر حتمي لازم لا انفكاك منه، فقد قال صلى الله عليه وسلم في دفن سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه: (إن للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)، ومعلوم أن سعداً رضي الله تعالى عنه شهد جنازته سبعون ألف ملك، ومشى صلى الله عليه وسلم في أوائل المشيعين لها، واهتز عرش الرحمن لصعود روحه فرحاً واستبشاراً، ومع هذا المقام العظيم عند الله وعند رسوله لن ينجو رضي الله تعالى عنه من ضغطة القبر.وقد ورد حديث آخر حسنه بعض أهل العلم وصححه بعضهم، وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق صبي، قال: (إن هذا الصبي لن ينجو من ضمة القبر) فأول ما يفجأ الميت في قبره هذه الضمة، وهذه الضغطة التي لا بد منها، ثم يفرج عنه على قدر دينه وإيمانه وورعه كما أخبر صلى الله عليه وسلم.   [فتنة القبر] ثم بعد ذلك فتنة القبر، ويراد بالفتنة السؤال؛ لأن الفتنة لها معان متعددة، ومن معانيها السؤال، قال الله تبارك وتعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات:١٣]، وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أتباعه أن يعوذوا بالله من فتنة المحيا والممات، وفتنة القبر هي تلك الأسئلة الثلاثة التي توجه إلى الميت في قبره، وورد أن اللذين يسألانه هما منكر ونكير، فيقعدان الميت ويسألانه تلك الأسئلة التي استفاضت شهرتها: من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فعلى قدر صلاح العبد وتقواه وإيمانه يكون جوابه {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧].وهذه الأسئلة اختلف أهل العلم رحمهم الله فيها، هل يسأل بها كل مكلف؟ وهل يسأل بها الكفار والمؤمنون؟ وهل سئل بها الذين من قبلنا أو لم يسألوا؟ وأظهر أقوال أهل العلم -والله تعالى أعلم- أن الجميع يسأل، وإن خالف في هذه المسألة بعض أهل العلم من أهل السنة، والله تعالى أعلم.   [عذاب القبر ونعيمه] ثم بعد ذلك على ما يكون من إجابة، وعلى ما كان من العبد من عمل يكون عذاب القبر ونعيمه، وعذاب القبر ونعيمه أمر استفاض علمه من دلائل الكتاب والسنة المطهرة عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار، فحادت به بغلته حتى كادت أن تلقيه صلوات الله وسلامه عليه، فإذا أقبر خمسة أو ستة أو أربعة، فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال: (من يعرف أصحاب هذه القبور؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.فقال: متى مات هؤلاء؟ قال: ماتوا في زمن الإشراك، فقال صلى الله عليه وسلم: لولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع، ثم قال لأصحابه: تعوذوا بالله من عذاب القبر، فقالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر، قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قالوا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قال: تعوذوا من فتنة المسيح الدجال، فقالوا: نعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال).فهذا خبر صحيح، ويؤيده ما جاء في حديث عائشة أن امرأتين من اليهود قدمتا عليها، فأخبرتاها بأن أصحاب القبور يعذبون في قبورهم، فلم تصدقهما أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، فلما قدم نبينا صلى الله عليه وسلم أخبرته الخبر، فقال: (نعم، إن هذه الأمة تبتلى في قبورها.قالت عائشة: فما وجدته بعدها إلا كثيراً ما يستعيذ بالله من عذاب القبر) ويدل عليه ظاهر القرآن، قال الله جل وعلا: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [السجدة:٢١]، قال بعض أهل العلم: العذاب الأدنى: عذاب القبر، ويدل عليه قول الله جل وعلا في سورة غافر: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر:٤٦]، وهذا في القبر {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:٤٦]، فعذاب القبر ونعيمه أمر مستفيض مشهور، فمن عقيدتنا -أهل السنة والجماعة- أن أهل القبور إما في نعيم وإما في عذاب.وهذا العذاب أو النعيم يشمل الروح والجسد، ويشمل الروح حيناً، لأن الروح تنفك عن الجسد حيناً وتنفصل عنه، وهذا أمر غيبي لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى، فهو الذي يعلم كنهه ولبه ومنتهى إدراكه، فالله تبارك وتعالى علام الغيوب.   [سماع الموتى كلام من يأتيهم] إن المتأمل في أخبار الكتاب والسنة يجزم بأن أصحاب القبور يسمعون ذلك، ومما يدل عليه أمور عدة: أولها: ما ثبت في الصحيحين من طرق متعددة ووجوه مختلفة من أنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من قتلى بدر ألقاهم في قليب، أي: في بئر مهجورة، ثم وقف عليهم بعد ثلاثة أيام فقال: (يا فلان ابن فلان! يا فلان ابن فلان! -يناديهم بأسمائهم- هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً) فأذهل هذا الأمر عمر، فقام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا رسول الله! ما تخاطب من أقوام قد جيفوا، فقال: (يا عمر! والله ما أنت بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون جواباً) فأثبت لهم صلوات الله وسلامه عليه السمع، وقال: (ما أنت) أي: يا عمر (بأسمع) أي: بأشد سماعاً (لما أقول منهم)، ولكن وجه الخلاف هو أنهم لا يستطيعون جواباً.ولا يعارض هذا قول ربنا جل جلاله في سورة فاطر: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:٢٢]، فإن قول ربنا جل جلاله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:٢٢] المقصود منه والمراد منه سمع الامتثال والقبول، لا سمع الأصوات، فهم يسمعون، ولكنهم لا يسمعون سماع من يمتثل ويقبل ما تقول، ويستطيع أن يمتثل لأمرك.ومما يدل عليه أيضاً ما ثبت في السنة الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن الميت يسمع قرع نعال من يشيعه إذا انصرفوا عنه.ومما يدل عليه أيضاً أن نبينا صلى الله عليه وسلم لما ندبنا ورغبنا في زيارة القبور علمنا ماذا نقول، فمن ضمن ما نقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين) ولا ريب في أن استعمال كاف الخطاب يلزم منه -كما هو مفهوم من لغة العرب- أن يدرك من تبلغه السلام سلامك ذلك، وإلا لكان هذا السلام كالسلام على العدم المحض، وهذا أمر لا يعقل، ولا يخاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم به، فمن ذلك يفهم أن الموتى يأنسون بمن يزورهم، ويسمعون نداء ودعاء من يأتيهم، إلا أنهم لا يملكون إجابة، ولا يستطيعون رداً على ما يقوله لهم من يسلم عليهم.   [انتفاع الميت بعمل الحي] هل ينتفع الميت بعمل الحي ودعائه له؟ الذي يكاد ينقل الإجماع فيه أن الموتى ينتفعون بالدعاء والاستغفار لهم، إذ قال الله جل جلاله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر:١٠] فقول الله جل وعلا حكاية عن الصالحين: (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) مفهومه أنهم ينتفعون بذلك الاستغفار -أي: الموتى- وينتفعون بذلك الدعاء، وإلا فلو كانوا لا ينتفعون بذلك الاستغفار، ولا ينتفعون بذلك الدعاء؛ فأي منقبة وأي مدح في دعاء واستغفار أولئك القوم الصالحين.وقد أخبر جل جلاله أن حملة العرش يستغفرون للذين آمنوا، ولم يحصر جل وعلا ذلك الاستغفار على الأحياء دون الأموات، فالآية جاءت عامة.وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي أهل بقيع الغرقد فيدعو لهم ويستغفر الله جل وعلا لهم، كما ثبت ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه في السنة الصحيحة.ومما نقل أن الموتى ينتفعون بالصدقة عنهم، كما في حديث ابن عباس في صحيح مسلم وغيره أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه قال: (يا رسول الله! إن أمي ماتت وأنا غائب عنها، أينفعها إن أنا تصدقت عنها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال: يا رسول الله! إني أشهدك أن حائطي -أي: بستاني في مكان كذا وكذا- صدقة عن أمي).وكذلك نقل أن الموتى ينتفعون بالحج والعمرة عنهم، واختلف في غير ذلك، كالصيام وما شابهه ذلك من قراءة القرآن وغير ذلك من سائر الأعمال الصالحة، ويظهر -والله تعالى أعلم- أنا لا نجد مانعاً من أنهم ينتفعون بذلك كله، فإن قال قائل: ما تقولون في قول ربنا جل جلاله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٩] في سورة النجم؟ فنقول: إن الله جل وعلا في الآية: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٩] قصر ما يحاسبون عليه في سعيهم، وأما ما يكون لهم فإنه ليس في الآية ما يدل عليه، فلو فرضنا أن رجلاً استدان من بقال ثلاثة آلاف ريال، فكتبها عليه ديناً، فجاء رجل آخر فدفع ثلاثة آلاف للبقال، وقال له: اقض بهذا المال دين فلان، فلا يقول عاقل: إن هذه الثلاثة الآلاف للرجل المتصدق، وفي نفس الوقت نفعت ذلك المديون فأدت دينه عنه، فنفع المؤمن الحي لأخيه الميت كائن بهذا المثال، فإنك إذا استغفرت لأخيك أو دعوت له أو تصدقت عنه، أو اعتمرت عنه، أو حججت عنه، فإن كل ذلك -بإذن الله- ينفعك، ولا يمنع ولا يعارض قول ربنا تبارك وتعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٩]   [حتمية الموت] فمن ذلك كله يفهم أن الموت أمر محتوم، وأمر لازم، ولكن الله جل وعلا أخفى عن كل أحد ساعة موته، قال ربنا تبارك وتعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام:٥٩] وفسر صلى الله عليه وسلم مفاتح حالغيب، فقال -كما في المسند من حديث ابن عمر -: (مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله،) ثم تلا خواتيم سورة لقمان: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:٣٤]، فلا تعلم نفس بأي أرض تموت، ومن جهل المكان أولى وأحرى به أن يجهل الزمان، فكل إنسان يعلم أنه ميت، وهنا نقول: إن حقيقة الموت - أي علم الإنسان بأنه يموت- لا أعلم أحداً حتى الساعة خالف فيها، فأهل الكفر وأهل الملل المتفرقة، وأهل النفاق، وأهل الفسق، والدهريون، والبعثيون، والشيوعيون، والماركسيون، وغيرهم من أهل الملل والنحل من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة لا يظهر لنا أنهم خالفوا في حقيقة الموت، فلم يأت أحد من الناس ليقول: إنه لا يموت، ولكن الخلاف بيننا وبينهم فيما بعد الموت من بعث ونشور، فحقيقة الموت قد سلم بها الجميع، ولذلك ترى الله جل وعلا يحكي عن كفار قريش قولهم: {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية:٢٤] فأثبتوا لأنفسهم أنهم يموتون، وإن نسبوا ذلك إلى الدهر، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.وذلك الرجل البالغ في الإثم من القرشيين لما أخذ عظاماً قد بليت، وقال: يا محمد! أتزعم أن ربك يحيي هذه بعدما أرمت؟! ونفخها بفيه حتى تناثرت، فأنزل الله جل وعلا قوله: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:٧٧ - ٧٨]، فذلك القرشي لم ينكر أن الناس سيموتون، لكنه أنكر أن يكون هناك بعث بعد ذلك الموت.فحقيقة الموت قد سلم بها كل أحد، وأيقن كل أحد، بأنه ميت لا محالة، ومقدار إيمانك ويقينك بأنك ستبعث بعد الموت هو الدافع للعمل الصالح.ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء فالموت أمر حتمي لازم لا ينجو منه أحد، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس: (أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت الذي لا يموت والجن والأنس يموتون)، وظاهر الكتاب والسنة أن الموت أمر حتمي لازم لا ينجو منه أحد، قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:٨٨]، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧]، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:١٨٥]، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [الجمعة:٨]، {لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران:١٥٤]، فالموت أمر حتمي لازم لا يفر منه أحد.وهنا نقول: إنه لا ينجي من الموت حذر، ولا ينجي من الموت سبب، ولا يعصم من الموت ملجأ ولا نفق ولا سرداب، ولا سلم في السماء، ولا غير ذلك مما يخطر ببالك أو لا يخطر ببالك، فالموت أمر حتمي لازم، ولذلك ورد أن ابن عباس رضي الله تعالى عنه لما مكث في مسجده يحدث الناس ويفسر لهم كتاب ربنا جل جلاله وصل إلى قول الله جل وعلا: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل:٢٠] فقال رضي الله تعالى عنه يخبر من حوله: إن الهدهد كان يعمل لسليمان أنه يرى له تخوم الأرض، فينظر إلى مواقع الماء ومواقع القطر.فتعجب نافع بن الأزرق -وهو رجل من الخوارج كان حاضراً- من مقولة ابن عباس، وقال: غلبت اليوم يا ابن عباس، قال: وما ذاك؟ قال: تزعم أن الهدهد يعلم ما تحت تخوم الأرض من مواقع الماء؟ قال: نعم، قال: يا ابن عم رسول الله! كيف والطفل الصغير يأتي بالفخ فيضع عليه شيئاً من التراب فيقع فيه الهدهد دون أن يدري ما تحت ذلك التراب؟ فقال له ابن عباس ذلك الحبر العظيم: يا ابن أخي! خفت أن تخرج من حلقتي وتقول: غلب ابن عباس، وإلا لما أجبتك، ثم أجابه فقال: يا ابن أخي! إنه إذا نزل القدر عمي البصر وبطل الحذر؛ لأنه لابد من أن يقع أمر الله، فلا يمنع وقوع أمر الله شيء، {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب:٣٨]، {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال:٤٢]. ولذلك قد ترى الحادث المروري فتقول عند رؤيتك له: لن ينجو منه أحد، فترى القوم جميعاً سالمين، وترى الحادث المروري فتقول: هذا حادث يسير لا يصاب فيه أحد، فإذا بالقوم أمواتاً، وما ذلك إلا لأن الأمر أولاً وأخيراً منوط بما قدر له الله أن يكون، فما قدر الله له أن يكون لابد من أن يكون حتماً ولزاماً، قال الله جل جلاله: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:٣٤].   كتاب دروس للشيخ صالح المغامسي   شبكة الالوكة    
    • [وقفة مع آية: (وما أنزل على الملكين ببابل)] الآية الأولى: قول الله جل وعلا: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة:١٠١ - ١٠٢]. أيها المؤمنون! هذه الآية بمجملها اخترناها عمداً لكثرة الأسئلة التي ترد إلينا عن الإشكال في قوله جل وعلا: {وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ} [البقرة:١٠٢].وذلك أن (ما) هنا تحتمل أن تكون نافية، وتحتمل حسب اللغة أن تكون موصولة، لكننا سنبدأ في تفسير الآيات من أولها.الآيات جاءت في سورة البقرة في ذكر اليهود، والله هنا يقول: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة:١٠١]، هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما معهم هي التوراة، وفي التوراة وصف لنبينا صلوات الله وسلامه عليه، ذلك أن الله جل وعلا وصف محمداً وأصحابه في التوراة والإنجيل ثم ابتعثه من أعز قبيل في أكرم جيل وأمثل رعيل، صلوات الله وسلامه عليه.ولما قيل لـ عبد الله بن سلام اليهودي الذي أسلم أتعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم هو بعينه ووصفه ونفسه؟ قال: نعم ولا أشك في ذلك، أعرفه أكثر مما أعرف ابني، ثم بين رضي الله عنه وأرضاه قال: ذلك أن أمين السماء نزل على موسى وأعطاه التوراة فأخبره بوصف نبينا صلى الله عليه وسلم، أما ابني في صلبي فلا أدري ما كان من شأن أمه كذبت علي أو صدقت! غاية الأمر أن يعلم أن الله هنا يقول: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البقرة:١٠١]، وهذا أسلوب القرآن العظيم في التحرز من تعميم الأحكام قال الله جل وعلا: {فَرِيقٌ} [البقرة:١٠١]، ولم يقل (أمة اليهود بأكملها) ذلك أن كل أمة فيها الأخيار وفيها دون ذلك، قال الله جل وعلا في آية محكمة: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} [الجن:١١]. وهذا قول الله جل وعلا {فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البقرة:١٠١] يشهد له الواقع، فالإسلام دين الفطرة، وما زال الناس من يهود، ومجوس، ونصارى، ووثنيون وغير ذلك يدخلون في الإسلام تباعاً حتى إن آخر يهودي أسلم قبل أيام واسمه، ميخائيل هاجر من روسيا إلى إسرائيل رغبة بأن يستوطن أرض الميعاد، وسكن في مستوطنة يهودية يقال لها: كربات أو كريات، فمكث فيها ثم هداه الله جل وعلا إلى الإسلام، فغير اسمه من ميخائيل إلى محمد المهدي، وانتقل يسكن في قطاع غزة مع سائر المسلمين ممن يسكن في تلك البلاد المباركة.هذا كله يدل على التحرز القرآني في كلام الرب جل وعلا، {نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة:١٠١ - ١٠٢]، عدى الله الفعل (تتلو) هنا بحرف الجر (على) وهذا يحتمل أن المقصود من الآية: أن اليهود تركوا الأمر البين الواضح الذي أنزله الله جل وعلا عليهم، ولجئوا إلى الكذب.والآية تفهم من سياقها التاريخي، ذلك أن سليمان عليه الصلاة والسلام أعطاه الله جل وعلا أموراً عظاماً، قال الله جل وعلا: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص:٣٦ - ٣٩].كان سليمان قبل أن يموت قد دفن السحر الذي جاءت به الشياطين، فلما مات أخرجته الشياطين وأخرجه اليهود ونسبوا إلى سليمان عليه السلام السحر، وإنما كان يصنعه سليمان ولم يكن معجزة من الله بزعمهم، ولهذا قال الله جل وعلا: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة:١٠٢]، رغم أن اليهود لم ينسبوا إلى سليمان الكفر وإنما قال الله: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة:١٠٢]؛ لأنهم نسبوا إلى سليمان السحر والسحر هو الكفر أو قرين الكفر، أو بتعبير أوضح: السحر من الكفر، ولذلك قال الله جل وعلا: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة:١٠٢].إلى هنا لا يوجد خلاف كبير بين العلماء في معنى الآية، لكن قال الله بعدها: {وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة:١٠٢].قال فريق من العلماء: إن (ما) هنا نافية، والآية عندهم فيها تقديم وتأخير، ومعنى الآية: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} [البقرة:١٠٢]، أن الله نفى الكفر عن سليمان، ويقولون: إن الأصل في الآية: {وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ} [البقرة:١٠٢]، لهاروت وماروت أي: أن الله ينفي أن يكون قد أنزل على الملكين أي شيء من السحر.هذا معنى الآية عند بعض العلماء، واختاره القرطبي رحمه الله، وأيده الشوكاني من المتأخرين.لكن هذا القول لا يستقيم مع الآية أبداً؛ لأن الله قال بعدها: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} [البقرة:١٠٢]، فجاء الله بألف التثنية في (يقولا ومنهما ويتعلمان) مما يدل على أنها تعود على الملكين هاروت وماروت، فعلى هذا يبطل هذا القول في ظننا.القول الثاني: اختاره الإمام ابن حزم رحمه الله، وحجته أن الواو للعطف، والعطف يقتضي المغايرة وفق قواعد اللغة، يقول رحمه الله: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ} [البقرة:١٠٢]، أي: الذي أنزل على الملكين غير السحر؛ لأن الواو عاطفة والعطف يقتضي المغايرة.والذي دفع العلماء إلى هذا القول ما روي عن ابن عمر وغيره من الصحابة بأسانيد مرفوعة وموقوفة أن الله جل وعلا أنزل الملكين هاروت وماروت وابتلاهما بالكوكب المعروف: الزهرة، تمثلت لهم كأنها امرأة ففتن بها الملكان فردها الله وجعلها كوكباً، هذا الذي جعل بعض العلماء يحيد عن معنى الآية. والحق إن شاء الله تعالى في تفسير الآية ما يلي: أما ما نقل من أن الله ابتلى الملكين بالزهرة فهذا باطل لا يمكن أن يثبت، ومجمل الأمر أن الله جل وعلا لا ملزم له ولا معقب لحكمه، فلما فشا في ذلك الزمان السحر حتى اختلط على الناس ما هو السحر وما هي معجزات الأنبياء أرسل الله جل وعلا هذين الملكين هاروت وماروت فتنة للناس يبينون للناس ما هو السحر، فإذا عرف الناس ما هو السحر عرفوا أن يفرقوا ما بين السحر ومعجزات الأنبياء، وهذا هو الذي يستقيم مع الآية، فمعنى (وما أنزل) أي: والذي أنزل على الملكين بابل هاروت وماروت. والذي يدل على صحة هذا المعنى قول الله جل وعلا: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} [البقرة:١٠٢]، أي: أن الملكين لا يعلمان أحداً، حتى يبينا ويقولا: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} [البقرة:١٠٢]، وفي هذا دلالة على أن السحر كفر، {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} [البقرة:١٠٢]، أي: يتعلم شرار الناس من الملكين، {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة:١٠٢]، وهذا أحد أنواع السحر المنصوص عليها في كلام ربنا جل وعلا، والنوع الثاني ذكره الله جل وعلا في سورة طه: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه:٦٦]، وهو سحر التخييل كما هو ظاهر في سورة طه.نعود للآية، قال الله جل وعلا: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:١٠٢]، فقد يقع الضرر وقد لا يقع، وسواء وقع أو لم يقع فكل ذلك لا يمكن أن يتم ولا يكون إلا بمشيئة الله تبارك وتعالى، {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة:١٠٢]، وآخر الآية ظاهر بين في ذم السحر وأربابه وأتباعه ومن يقوم به ومن يؤذي الناس به، عافنا الله وإياكم من ذلك كله   شيخ صالح المغامسي شبكة الالوكة    
    • قال الله في فاتحة سورة ص: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} [ص:١ - ٢]. هناك قاعدة عند العلماء: فإذا قالوا في تفسير قول الله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس:١].أو قول الله: {وَالْعَصْرِ} [العصر:١].أو قول الله: {وَالضُّحَى} [الضحى:١].أو قول الله: {وَالنَّازِعَاتِ} [النازعات:١].أو قول ربنا: {وَالْفَجْرِ} [الفجر:١].يقولون: لله جل وعلا أن يقسم بما شاء من مخلوقاته, وليس للعبد أن يقسم إلا بالله، وهذا حق. لكن هل يناسب أن يأتي مفسر فيقول هذه القاعدة عند قول الله جل وعلا: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص:١]؟ و الجواب لا يناسب؛ لأن القرآن ليس مخلوقاً, بل هو كلام الله وصفة من صفاته, فالعبارة: (ولله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته) وإن كانت صحيحة, لكن إيرادها هنا يوهم أن القرآن مخلوق, والقرآن منزل غير مخلوق.واختلف العلماء في جواب القسم على ثمانية أقوال, سنأخذ واحداً هو الراجح عندي والعلم عند الله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص:١] جواب القسم محذوف، والتقدير: ليس الأمر كما تزعمون.قال تعالى: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ * كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص:٢ - ٣].يخاطب الله مشركي قريش و (كم) , من حيث التأصيل العلمي تنقسم إلى قسمين: كم خبرية، وكم استفهامية, تتفقان في أمور: تتفقان في أن كليهما اسمان، وكليهما مبنيان، وكليهما له الصدارة في الكلام.وتختلفان في أمور من أشهرها: أن كم الخبرية لا تحتاج إلى جواب, يراد بها التعبير عن الكثرة. وكم الاستفهامية تحتاج إلى جواب لأنها سؤال واستفهام.و (كم) هنا قول العزيز الحميد: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص:٣] خبرية، استفهامية؟ يخبر الله عن أمم كثيرة لا يعلمها إلا الله, أهلكها الله من قبل، عندما أهلكها {فَنَادَوْا} [ص:٣].ولم يذكر الله هل نادوا مستغيثين أم نادوا مؤمنين, لكن تكلم الله عن أمم أهلكها بعذاب، فالله يذكر أنهم عندما جاءهم العذاب نادوا مستغيثين، كفرعون عندما قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٩٠] أو طلبوا الاستغاثة أو طلبوا الإيمان. ثم قال تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص:٣] يعني: ليس الوقت وقت ينفع فيه الندم, أي أنهم نادوا فعلاً لكن الذي منع الفائدة من مناداتهم أن الوقت ليس وقت مناداة لأنه إيمان إجباري، وليس اختيارياً وللعلماء تعبير آخر يقولون: إيمان اضطراري، والإيمان الاضطراري لا يقبله الله, وإنما يقبل الله الإيمان الاختياري. قوله: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص:٣] التاء زائدة و (لا) نافية تعمل عمل ليس عند سيبويه وأتباعه.ويقول النحويون: إنها إذا عملت عمل ليس فلابد من حذف أحد جزأيها، أي المتبدأ -أو الخبر، والمحذوف هنا هو الاسم؛ لأن ما جاء بعدها منصوب، واسمها يكون مرفوعاً، والمرفوع غير مذكور لأن الله قال: {وَلاتَ حِينَ} [ص:٣] بالنصب فدل على أن الاسم محذوف     كتاب دروس للشيخ صالح المغامسي   المكتبة الشاملة  
    • [وقفة مع فاتحة سورة فاطر]    {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر:١]. هذه فاتحة سورة فاطر, وقد مر في دروس مضت, أن خمس سور استفتحهن الله جل وعلا بحمده, وهي: الفاتحة والأنعام والكهف وسبأ وفاطر. قال الله في فاطر: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [فاطر:١] الألف واللام في قول الله جل وعلا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [فاطر:١] تعني الاستغراق, والمعنى: جميع المحامد أولها وآخرها ظاهرها وباطنها لله.واللام الجارة نحوياً في قوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [فاطر:١] هي لام الاستحقاق، فيصبح معنى الآية: أن الله جل وعلا مستحق لجميع المحامد.وهذه اللام تأتي للاستحقاق وتأتي لغير الاستحقاق, فتأتي للاختصاص وتأتي للملك.فمثال الاختصاص: المحراب للإمام، والكرسي للمدرس.وقول الله جل وعلا: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [البقرة:٢٥٥] اللام هنا في قوله: ((لَهُ)) هي لام الملك ومثله قوله جل وعلا: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [البقرة:٢٨٤].   أما قوله: {فَاطِرِ} [فاطر:١]: فهو اسم فاعل من فطر بمعنى خلق على غير مثال سابق، أي خلق لأول مرة، ففاطر تجمع معنيين.المعنى الأول: الخلق.المعنى الثاني: الخلق على غير مثال سبق، أي: خلق ابتداء.يروى عن حبر القرآن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه جاءه أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها أي: أنا ابتدأت حفرها, قال ابن عباس: فلم أكن أعلم أن فاطر بمعنى خلق وابتدأ إلا من هذا الأعرابي! هذا يدل على شيء مهم إذا صحت الرواية عن ابن عباس، وهو أن كلمة ((فَاطِرِ)) كانت غير ذائعة عندهم، لأن هذا حبر القرآن عربي قرشي فصيح وكان لا يعرفها، فدلت القصة على أن الكلمة لم تكن دارجة, ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن القرآن أول ما نزل بها، قيل: إن الأعرابي أخذها من القرآن، لكن أياً كان المعنى فالقصة تدل على أن كلمة ((فَاطِرِ)) ليست دارجة, وإلا لما جهلها ابن عباس.{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر:١] أي: رسلاً بين الله ورسله، أي: بين أنبيائه.{جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ} [فاطر:١] أي: أصحاب أجنحة .ثم قال: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:١].ثم قال جل ذكره: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر:١].قال بعض العلماء: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} [فاطر:١] بمعنى: الملاحة في الوجه والسعة في العينين, وهذا التقييد لا داعي له، بل إن الآية متصلة، لأن الله قال: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:١].وهذا يسمى عند النحويين عدولاً، أي: أن (مثنى) معدولة عن اثنين اثنين.والآية تدل على الملائكة بصورة أولية, ويؤيدها حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل وله ستمائة جناح {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر:١].هذه الوقفة الأولى أخذناها من فاتحة سورة فاطر.     [الفرق بين الماء الملح والماء المالح]   الوقفة الثانية: قال الله: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [فاطر:١٢].وقال في الفرقان: {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان:٥٣].وقال في فاطر: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} [فاطر:١٢]. الذي أريد أن أقف عليه هنا أن الله قال: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ} [الفرقان:٥٣] ولم يقل ربنا (وهذا مالح) فما الفرق بين مالح وملح؟و الجواب الماء إذا كان الملوحة في الماءمتأصلة يسمى ماء ملحاً مثل البحر.أما الماء الذي هو عذب وألقيت فيه ملحاً فيسمى مالحاً.   [الفرق بين معنى (لو) ومعنى (لولا)] قال الله في آخر السورة: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر:٤٥].المعنى: أن الله أخر الناس إلى أجل مسمى، ولا أريد أن أقف عند الشيء الواضح, لكن هذه وقفة لغوية تقودك إلى مسألة إيمانية عظيمة, وذلك أنه يوجد حرفان: (لو) و (لولا).وفقه المسألة أن أي إنسان إنما يكون تفاعله قلبياً وخشوعاً وخضوعاً مع أي مسألة إذا كان يفهمها, أما إذا كان لا يفهمها فلا يمكن أن يتفاعل معها إلا في حالة واحدة, وهو أن يكون الكلام كلام الله فقط, يسمعه العجم فيبكون دون أن يعرفوا معناه لأنه كلام الله، فنقول: الحرفان (لو) و (لولا).حرف (لو) حرف امتناع لامتناع.وحرف (لولا) حرف امتناع لوجود معنى حرف امتناع لامتناع: أي لم يتحقق الجواب لعدم تحقق الشرط, فمثلاً: أنت تعد أخاك أن تزوره، تقول له: إذا توفرت لدي سيارة سأزورك، فلم تتوفر لديك سيارة, فلو سألك لم لم تزرني؟ ستقول له: لو وجدت سيارة لزرتك.فالذي امتنع هو الجواب -وهو الزيارة- لامتناع الشرط, وهو وجود السيارة.أما (لولا) فهو حرف امتناع لوجود, فمثلاً: إنسان واقف في المطر ثم من الله عليه برجل يحمله, فيقول: لولا أن مر علي زيد لابتلت ثيابي, أي فامتنع الجواب -وهو البلال- لوجود الشرط وهو مرور زيد.هذا كله صناعة نحوية, لكن الصناعة النحوية آلة لفهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.أهل الجنة إذا قعدوا فيها يرون أماكنهم في النار التي نجاهم الله منها, وأهل النار إذا مكثوا في النار عياذاً بالله يرون مقاعدهم من الجنة التي حرموها.   الآن نأتي بـ (لو) ونأتي بـ (لولا).يقول أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:٤٣] هؤلاء المباركون -جعلني الله وإياكم منهم -وقعت عليهم الرحمة والهداية, ووجود الرحمة والهداية منعهم من دخول النار.هذا معنى حرف امتناع لوجود, فالذي امتنع هو دخول النار، لوجود الهداية والرحمة من الله! أما أهل النار فيأخذون مقاعدهم من النار, وعندما يرون أماكنهم في الجنة التي لم يصلوا إليها يقولون كما قال الله عنهم: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر:٥٧] فامتنع أن يكون تقياً من أهل الجنة لامتناع الهداية من الله تبارك وتعالى, لهذا يعرف العاقل أنه لا شيء يطلب أعظم من رحمة الله جل وعلا, وما الهداية إلا شيء من رحمة الله تبارك وتعالى.   كتاب دروس للشيخ صالح المغامسي المكتبة الشاملة      
    • {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86)}
        هكذا شاء الحق أن يفضح المنافقين، هؤلاء الذين استمرأوا الاستمتاع بنفس حقوق المؤمنين لمجرد إعلانهم الإسلام، بينما تبطن قلوبهم الكفر والكيد للمسلمين. وقوله الحق: {وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بالله وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ} هو خطاب للمنافقين يكشف بطلان إيمانهم؛ ولذلك جاء قوله الحق: {أَنْ آمِنُواْ} أي: اجعلوا قلوبكم صادقة مع ألسنتكم، فالله يريد إيماناً بالقلب واللسان، فيتفق السلوك مع العقيدة. وقول الحق: {وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ} أي: انفروا للجهاد مع رسول الله، فهذا هو التعبير العملي عن الإيمان، ولا تفرحوا بتخلفكم عن القتال في سبيل الله؛ لأن الجهاد والقتال في سبيل الله شرف كبير له ثواب عظيم. وامتناع إنسان عن الجهاد هو تنازل عن خير كبير، فالحق سبحانه يعطي جزيل الأجر لمن جاهد جهاداً حقيقيّاً.
        ويقول الحق سبحانه وتعالى: {استأذنك أُوْلُواْ الطول مِنْهُمْ} و(استأذن) من مادة استفعل، وتأتي للطلب، كأن تقول: (استفهم) أي: طلب أن يفهم، و(استعلم) أي: طلب أن يعلم. إذن: فقوله: {استأذنك} أي: طلبوا الإذن، ولأنهم يتظاهرون بالإيمان ويبطنون الكفر، تجدهم ساعة النداء للجهاد لا يقفون مع المؤمنين، وكان من المفروض أن يكونوا بين المجاهدين، وأن يجدوا في ذلك فرصة لإعلان توبتهم؛ ورجوعهم إلى الحق فيكون جهادهم تكفيراً عما سبقه من نفاق، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، بل طلبوا الإذن بالقعود.
      ومن الذي طلب الإذن؟
      إنهم أولو الطَّوْل. و(أولو) معناها أصحاب القوة والقدرة. و(الطَّوْل) هو أن تطول الشيء، أيك تحاول أن تصل إليه، فإذا لم تصل يدك إليه؛ يقال: إن هذا الشيء يدك لم تَطُلْه، أي: لم يكن في متناول يدك.
      و{أُوْلُواْ الطول} أي: الذين يملكون مقومات الجهاد من سلامة البدن من الأمراض ووجود القوة، ولا يعانون من ضعف الشيخوخة، وأن يكون الإنسان قد بلغ مبلغ الرجولة وليس صبيّاً صغيراً؛ لأن الشيخ الكبير ضعيف لا يقدر على الجهاد، وكذلك الصبي الصغير لا يملك جَلَداً على الحرب. وأيضاً نجد المريض الذي قد يعوقه مرضه عن الحركة.
      أما أولو الطول فهم الذين يملكون كل مقومات الحرب، من قوة بدنية وسلاح، والذين لم يبلغوا سن الشيخوخة، ولا هم صبيان صغار ولا مرضى.
        إذن: فعندما تنزل آية فيها الجهاد، فالذين يستأذنون ليسوا أصحاب أعذار- لأنهم معفون- لكن الاستئذان يأتي من المنافقين الذي تتوافر فيهم كل شروط القتال، ويستأذنون في القعود وعدم الخروج للقتال. ويقولون ما يخبرنا الحق به: {وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ القاعدين} والقاعد مقابله القائم. والقيام- كما نعلم- هو مقدمة للحركة. فإذا أراد الإنسان أن يمشي، قام من مكانه أولاً، ثم بدأ المشي والحركة، ومن القيام أخذتْ مادة(القوم) أي: الجماعة القائمة على شئونها، والقوم هم الرجال، أما النساء فلا يدخلن في القوم، مصداقاً لقول الحق: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ...} [الحجرات: 11].
      إذن: فالقيام يقابله القعود، والقوم يقابلهم النساء. والقعود هو مقدمة للسكون، فمتى جلس الإنسان فهناك مقدمة لفترة من السكون، وقعود المنافقين وتخلفهم واستئذانهم أن يبقوا مع النساء والعجزة والمرضى والصبية هو حَطٌّ من شأنهم.
      ولذلك يقول عنهم الحق سبحانه وتعالى: {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الخوالف...} [التوبة: 87].  
      {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (87)}
        و{الخوالف} ليست جمع (خَالِف) ولكنها جمع (خالفة)؛ لأن (خَالف): لا تجمع على (فواعل) ، وإنما(خالفه) هي التي تُجمَعُ على(فواعل) ، وهم قد ارتضوا لأنفسهم أن يطبق عليهم الحكم الذي يُطبق على النساء.
      ولذلك كانوا {لاَ يَفْقَهُونَ} لأنهم ارتضوا لأنفسهم وصفاً لا يليق بالرجال وفرحوا بهذا الوصف دون أن ينتبهوا لما فيه من إهانة لهم؛ لأنهم يهربون من القتال كما تهرب النساء. والمنافق- كما قلنا- له ملكتان: ملكية قولية، وملكة قلبية. فقول المنافق إعلان بالإيمان، أما قلبه فهو ممتلئ بالكفر؛ وفي هذه الحالة تتضارب ملكاته.
      والله سبحانه وتعالى يوضح لهم: سوف نعاملكم في الدنيا بظاهر كلامكم، ونعاملكم في الآخرة بباطن قلوبكم، وسوف نطبع على هذه القلوب؛ فلا يخرج منها كفر، ولا يدخل إليها إيمان، ولذلك قال الحق سبحانه هنا {وَطُبِعَ على قُلُوبِهِمْ}.
      وقد قال الحق سبحانه: {خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ...} [البقرة: 7].
      وقال سبحانه: {وَطَبَعَ الله على قُلُوبِهِمْ...} [التوبة: 93].
      وما دام الكافر قد أعجبه كفر قلبه؛ فالحق سبحانه يختم على قلبه، بحيث لا يخرج ما فيه من كفر، ولا يدخل إلى قلبه؛ ما هو خارجه من إيمان، تماماً كما تختم الشيء بالشمع الأحمر؛ فيظل ما في داخله كما هو، وما في خارجه كما هو. ويطبع الله على قلبه؛ فيمنع ما فيه من الكفر أن يخرج، ويمنع ما في خارجه من الإيمان أن يدخل إليه.
      ويقول الحق سبحانه وتعالى: {فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ} والفقه هو الفهم، أي: لا يفهمون ما حُرِموا منه من ثواب ونعيم الآخرة؛ لأنهم قد فرحوا بتخلفهم عن الجهاد، وهم يحسبون أن هذا خيراً لهم ولكنه شر لهم.
      ثم يريد الحق سبحانه أن يضع الطمأنينة في نفوس المؤمنين، ويطلب منهم ألا يفزعوا؛ لتخلف هؤلاء القادرين عن القتال رغم أنهم أصحاب الطَّوْل الذين يملكون الأموال والأولاد. ويزيل الحق أثر ذلك من نفوس المؤمنين، فيقول سبحانه: {لكن الرسول والذين...}.   {لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)}
        أي: إياكم أن تحزنوا على هؤلاء المنافقين بسب قعودهم عن الجهاد معكم ولا تقولوا: نحن خسرناهم في قتالنا؛ لأن الحق لا يحتاج إليهم ولا إلى جهادهم. وسبحانه القائل: {فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هؤلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89].
      ويقول سبحانه: {فَإِنِ استكبروا فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38].
      وكذلك يقول الحق سبحانه: {هَا أَنتُمْ هؤلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ والله الغني وَأَنتُمُ الفقرآء وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم} [محمد: 38].
      وأيضاً نجد قوله الحق: {ياأيها الذين آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ...} [المائدة: 54].
        إذن: فتخلف بعض أصحاب القوة والمال والجاه عن الجهاد، يجب ألا يشيع الفزع أو الحزن في نفوس المؤمنين؛ لأن الله معهم، ولأنهم لهم الخيرات، أي: لهم كل ما يطلق عليه خير: {وأولئك لَهُمُ الخيرات وأولئك هُمُ المفلحون} والمفلح: هو الفائز الناجي المستفيد بثمرة عمله، وأصلها فلح الأرض أي: شقها؛ لأن الزراعة تقتضي أن تحرث الأرض أولاً، وهذه مهمة الإنسان ليخرج الزرع. والحق سبحانه وتعالى يقول: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزارعون} [الواقعة: 64].
      ونحن حيث نحرث الأرض نهيجها، وبدلاً من أن تكون صلبة لا يدخلها هواء ولا تتخللها أشعة الشمس، تصير بعد الحرث مستقبلة للهواء وتتخللها أشعة الشمس؛ فتخلصها من أي ماء راكد في داخلها، وبذلك يتوافر للأرض الهواء اللازم لنمو جذور النبات؛ لأن إذا وضعت الحَبّ في أرض غير محروثة، فالزرع لا ينبت؛ لعدم وجود الهواء الذي تتنفس منه الجذور. ولكن إذا حرثت الأرض؛ جعلت أشعة الشمس تتخلل ما هو تحت السطح؛ وتبخر الماء المخزون؛ ليدخل الهواء بدلاً منه؛ فتستطيع جذور النبات أن تنمو. إذن: فكل عمل يؤدي إلى نتيجة طيبة نُسمِّيه فَلاحاً. وهو مأخوذ من الأمر الحسّي، الذي نراه كل يوم وهو الفِلاحة.
        وحين يريد الحق سبحانه وتعالى أن يوضح لنا أمراً معنويّاً، فهو سبحانه يستحضر لنا صورة محسّة من الذي نراه أمامنا؛ حتى نستطيع أن نُقرِّب المعنى إلى الأذهان؛ خصوصاً في الغيبيات التي لا نراها، فإذا أراد سبحانه أن يقرِّبها إلى أذهاننا؛ فهو يضرب لنا الأمثال بأمور حسّية. والإنسان حين يفلح الأرض ويشقها ويبذر فيها الحب، تعطيه محصولاً وفيرا. ً وكذلك فإن كل عمل يؤدي إلى نتيجة طيبة نسميه فلاحاً.
      وعندما يحدثنا الحق سبحانه، فهو يعطينا المثل مما نراه كل يوم؛ ليقرب إلى أذهاننا جزاء الصدقة والزكاة، ومضاعفته لنا الأجرَ، فيقول: {مَّثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ والله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ...} [البقرة: 261].
      فإذا كانت الحبة عندما تضعها في الأرض تنبت سبعمائة حبة، وإذا كانت الأرض، وهي مخلوقة لله، قد أعطتك عن الشيء الواحد سبعمائة ضعف، فكم يعطي خالق الأرض؟ وكم يضاعف؟
      إنها صورة مُحَسّة للجزاء على الصدقة والزكاة. وأنت ساعة تزرع الأرض لا تقول: أنا أنقصت المخزون عندي كيلة من القمح أو إردباً من القمح؛ لأنك تعلم أنك تأخذ مما عندك إردباً من القمح؛ لتزرعه في الأرض. ولكنك لا تنظر إلى الإردب الذي أخذته من المخزون عندك، بل انظر إلى ما سوف يجيء لك من هذا الإردب ساعة الحصاد، وكذلك الزكاة: إياك أن تنظر إلى ما سينقص من مالك عندما تؤدي الزكاة، ولكن انظر إلى كم سيضاعف الله لك من هذا المال.
        وقد ضرب الحق مثلاً بشيء مُحِسٍّ يعلمه الجميع، ومن صورة ما نراه أمامنا لنفهم ما ينتظرنا، فإذا كانت الأرض- وهي المصدر الأول للاقتيات- تُلقى فيها الحبة الواحدة، فتعطي لك سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة، وإذا كانت الأرض المخلوقة لله تعوضك عما وضعته فيها بسبعمائة ضعف، فكم يعطيك خالق الأرض؟
      إذن: فهو سبحانه قادر أن يضاعف لمن يشاء بغير حساب. ولذلك يبشر الحق سبحانه وتعالى المؤمنين بقوله: {وأولئك لَهُمُ الخيرات وأولئك هُمُ المفلحون} وهذا جزاء المؤمنين في الدنيا، ولكن هناك جزاءاً آخر في الآخرة. وفي هذا يُبشِّرنا الحق سبحانه في قوله: {أَعَدَّ الله لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي...}.   {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (89)}
      وقد عرفنا من قبل أخبار الجنات والأنهار، وهنا يوضح لنا الحق الخير الذي يخلد فيه المؤمنون.
      ولماذا سمى الله سبحانه وتعالى جزاء الآخرة بأنه: {الفوز العظيم}.
      ذلك لأن هناك فارقاً بين الخير والفلاح في الدنيا، والفوز في الآخرة؛ فالدنيا موقوتة بعمرك وتتمتع فيها بقدر أسبابك. إذن: ففيها فوز محدود لا يسمى فوزاً عظيماً. أما الآخرة فالنعمة فيها لا تفارقك، ولا تفارقها أنت، فالنعمة خالدة، وأنت خالد، وهذه النعمة- في الوقت نفسه- ليست بقدراتك أنت، بل بقدرات خالقك سبحانه وتعالى، ولا تحتاج منك أي تعب أو عمل أو اجتهاد، بل يأتيك الشيء بمجرد أن يخطر على بالك، وهذا لا يحدث إلا في الآخرة وفي الجنة وهذا هو الفوز العظيم؛ لأنه دائم وبلا نهاية.      
  • أكثر العضوات تفاعلاً

    لاتوجد مشارِكات لهذا الاسبوع

  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      181607
    • إجمالي المشاركات
      2534673
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      92997
    • أقصى تواجد
      2750

    أحدث العضوات
    أميرة داود
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏فكرة انتهاء مهلة العمل والانتقال لدار الجزاء مهيبة جدًا ! لا توبة تُقْبَل ولا عمل يُصَحح . لو نطق أهل القبور لكانت موعظتهم : أنتم في دار العمل فأحسنوا العمل . نسأل الله حُسن الختام .

×