اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57391
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180533
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8247
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53000
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40679
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31794
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33892
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13117
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37227 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:   ففي "باب تحريم وصل الشعر والوشم والوشر" وهو تحديد الأسنان، قد مضى الكلام على ذلك بقي من الأحاديث ما جاء عن ابن عمر ، "أن رسول الله ﷺ لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة"[1]، والواصلة هي التي تصل الشعر يعني تقوم بهذا العمل، والمستوصلة هي التي تطلب ذلك لنفسها أو لغيرها، والواشمة والمستوشمة، والوشم هو ما يحصل من غرز الإبر أو ما في معنى ذلك ثم يوضع مادة كالكحل وغيره فيبقى ذلك الأثر في رسومات وما إلى هذا، وذكرت حكمه، وما يشبهه مما يسمونه "التاتو"، وأنها ترجمة للوشم، وأحكام ذلك، وما كان لإصلاح عيب، وما لم يكن لهذا الغرض.   ثم ذكر حديث ابن مسعود ﷺ قال: "لعن الله الواشمات"[2]، فالحديث الأول أن رسول الله ﷺ لعن الواصلة، وهنا: "لعن الله الواشمات"، يعني لعنهن الله ورسوله، الواشمات جمع واشمة وهي التي تقوم بهذا العمل، والمستوشمات جمع مستوشمة وهي التي تطلب ذلك لنفسها أو لغيرها.   "والمتنمصات" المتنمصة وفي بعض الألفاظ: "النامصات والمتنمصات"، فالنامصة هي التي تفعل ذلك، والمتنمصة هي التي تطلبه لنفسها أو لغيرها، والنمص الفقهاء اختلفوا فيه، فبعضهم قيده بشعر الحاجب.   وبعضهم أطلق ذلك في الوجه، وسبب اختلاف الفقهاء أن أهل اللغة اختلفوا في معنى النمص، ومعلوم أن ألفاظ الشارع تحمل على المعنى الشرعي إن وجد، فإن لم يوجد فالعرفي، يعني عرف المخاطبين وهم الصحابة ، فإن لم يكن عرف معين فإنه ينتقل بعد ذلك إلى المعنى اللغوي، والنمص ليس له معنى في الشرع خاص عند الشارع، وليس له معنى في عرف المخاطبين، فيرجع حينئذ إلى اللغة، فأهل اللغة يختلفون في النمص فبعضهم يقيده بالحاجب، وبعضهم يطلق ذلك في الوجه، فمن قيده بالحاجب فإنه لا إشكال عنده أن تزيل المرأة مما ينبت على خديها، أو ما يكون بين الحاجبين أن تزيل ذلك، أما إن كان لها شارب ولحية على غير المعهود فإنهم يقولون بالاتفاق فيما أعلم حتى الذين يقولون: إن النمص إزالة شعر الوجه، يقولون: لا بأس أن تزيل ذلك، بل بعضهم يقول: يستحب كالنووي[3] -رحمه الله-. والذين قالوا: بأنه يشمل الوجه جميعًا فعندهم لا يجوز أن تزيل شعر الوجه بأي طريق كان إلا الشارب واللحية إذا ظهر على غير المعهود، وما عدا ذلك فيقولون: إزالة الشعر الذين يكون بين الحاجبين لا يجوز، الشعر الذي على الخدين بالنسبة للمرأة لا يجوز، وما إلى ذلك إذا كان هذا في المرأة، وهي محل الجمال والتجمل والحسن: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18]، فيكون إزالة الرجل لشعر الوجه لاسيما اللحية التي هي من خصال الفطرة، قد جاء الأمر بإعفائها أشد، يعني إذا كان ورد الحديث هنا في لعن النامصات والمتنمصات على القول بأن النمص يشمل شعر الوجه جميعًا فالرجل يكون من باب أولى. أما إزالة شعر الحاجبين فهذا بالاتفاق بالإجماع أن ذلك لا يجوز، وأنه من كبائر الذنوب، يعني أن تحف الحاجب فهذا لا يجوز بحال من الأحوال، الباقي يمكن أن يقال: إن من الورع المشروع أن تتوقاه المرأة لكن إن ظهر لها شارب أو لحية على غير المعهود والمعتاد فإنها تزيله، وما عدا ذلك من شعر الوجه فلو تورعت من ذلك فهو خير لها، أما الحاجب فبالاتفاق لا يجوز لها حف الحاجبين، يبقى أمر آخر وهو التشقير  الذي يسأل عنه النساء كثيرًا تقول: أنا لا أريد النمص لكن التشقير، وهذا التشقير ليس بدائم هو كالحناء ونحوه، فمثل هذا التشقير الآن لو نظرنا إلى واقعه وحقيقته فهو ليس بنمص فلم تأخذ من شعر حاجبها، لكن النمص لماذا حرم؟   المغيرات خلق الله للحسن تغير ذلك تفعل ذلك؛ لتبدو حواجبها دقيقة هذه النامصة، فإذن حرمت لهذه العلة وأما الشعر فمعلوم أنه ثلاثة أنواع في جسد الإنسان:  النوع الأول: يحرم إزالته كالنمص  فهذا لا يجوز. والنوع الثاني: يؤمر بإزالته كشعر الإبط ونحو ذلك من خصال الفطرة. والنوع الثالث: هو المسكوت عنه فهذا لم يرد فيه شيء فلو أزاله المكلف فإنه لا يكون مؤاخذًا، مثل: الشعر الذي ينبت على الرقبة على الحلق فهذا لا حرج على المكلف في إزالته.   إذن إزالة الشعر ليست بمقصود لذاته حينما يمنع مثلاً، أو نحو هذا وعليه فهذه المرأة التي تشقر الحاجب أشبهت النامصة في المآل في النهاية تبدو حواجبها دقيقة، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى هذه المرأة المشقرة هي متشبهة في الواقع بالنامصة، ومن رآها يحتاج أن يدقق هل هي نامصة أو مشقرة، تبدو حواجبها دقيقة، ومعلوم من الأبواب السابقة وما ورد فيها من الأحاديث أنه لا يجوز التشبه بالفاسقات، بأهل الفسق، والمتنمصات والنامصة ورد فيها اللعن هذا من الكبائر، وضابط الكبيرة أن يرد فيه لعن أو وعيد خاص بالنار، أو عذاب معين، أو نحو ذلك، فهذه إذًا من الفاسقات هذه النامصة فلا يجوز للمرأة أن تتشبه بها فتشقر حواجبها فتبدو كالنامصة، من رآها ظن أنها نامصة ولهذا نقول للنساء بأن لا تقرب الحاجبين بتشقير أو بنمص، والله تعالى أعلم.   قال: "والمتفلجات للحسن" يعني تطلب الحسن المتفلجة نحن عرفنا المتفلجة هي التي تفرق بين الأسنان لتبدو جميلة ويكون ذلك غالبًا لمن تقدم بها العمر فأسنانها تكون مصتكة، أو تكاد، فتباعد بينها لتبدو كأنها شابة حديثة السن، وهذا لا يجوز لا للشابة ولا لغير الشابة، لكن هنا قال: "للحسن" فدل ذلك على أنه إن كان لغرض طبي فهذا لا إشكال فيه، وقد ذكرت من قبل أنه جاء في رواية صحيحة أن ذلك: "إلا لعلة"، يعني جاء فيه الاستثناء فإن كان لعلة فلا إشكال في ذلك. قال: "المغيرات خلق الله"، إذن العلة هي تغيير خلق الله -تبارك وتعالى-، فقالت له امرأة في ذلك يعني لابن مسعود  يعني كيف تلعن؟ تقول: "لعن الله" أين هذا؟ فقال: "وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ﷺ، وهو في كتاب الله"، هذه المرأة تقول: "أنا قرأت القرآن وما وجدت هذا فيه، فقال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه فقرأ عليها قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]"[4]، متفق عليه. فهذه الآية في الأصل في سياقها هي واردة في العطاء الدنيوي، العطاء المادي، المال وما إلى ذلك، وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا، من الفيء أو الغنيمة هذا في الأصل، فيكون هذا يدخل فيه دخولاً أوليًا، ويدخل في العموم ما آتاكم من الأحكام، والشرائع، والتوجيهات، والآداب، فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا؛ لأن العبرة بعموم الألفاظ والمعاني، فهذا اللفظ عام فما تفيد العموم ولهذا احتج بها ابن مسعود  على هذا المعنى ما آتاكم من الأحكام والشرائع فخذوه، فإذا قال النبي ﷺ: لعن الله النامصات، فإن هذا داخل في جملة قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا. يقول المصنف -رحمه الله-: المتفلجة هي التي تبرد من أسنانها ليتباعد بعضها من بعض قليلاً، وتحسنها وهو الوشر، -الوشر كأن يكون بالمبرد ونحو ذلك؛ لتستوي هذه الأسنان-، والنامصة وهي التي تأخذ من شعر حاجب غيرها وترققه؛ ليصير حسنًا، والمتنمصة التي تأمر من يفعل بها ذلك. إذن أقول: إذا كان هذه النصوص الآن بهذه المثابة اللعن في أمر إنما يفعل من أجل الزينة والحسن، فهل يطيق الإنسان لعنة الله  أن يقوم بها ويقعد، ويأكل ويشرب، ويذهب وينتقل ولعنة الله  تلاحقه من أجل حف حاجب من يطيق هذا؟! وللأسف بعض النساء لربما تتساهل في هذا، وتقول: ما دام الدعوة خربانة، فتفعل أشياء أخرى من عمليات التجميل أيضًا في الأنف، أو في الشفة، أو نحو ذلك بحجة أنها تنمص الحاجب، فلا تسأل عن عمليات التجميل، وكشف العورات مما يندى له الجبين، فيجرؤها هذا العمل هذه الكبيرة يعني هي تقول: ما دام حلت عليها لعنة الله  إذن فلتفعل الباقي، يعني أما يكتفي الإنسان بلعنة واحدة إن كان ولا بدّ بدلاً من أن تتابع عليه لعنات الله، فكيف يفكر الإنسان؟! وكيف يجترئ؟! وكيف يجعل آخرته في خطر؟! بل حتى دنياه في خطر! إنسان تنزل عليه لعنة الله  كيف يضحك؟! كيف ينام؟! وكيف يستطيع أن يأكل؟! وكيف يستطيع أن يجلس مع الناس؟! وكيف يلقاهم؟! فهذا من أعجب الأشياء لا يكاد الإنسان يتصور مثل ذلك، كيف يجترئ عليه من عرف الله -تبارك وتعالى- وأنه ملاقيه ولا بدّ؟! وأنه سيموت وأنه سيحاسب بمثاقيل الذر؟! فنسأل الله  أن يصلح أعمالنا وأحوالنا، إنه سميع مجيب، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.   أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر:7]، برقم (4886)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2125). أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب الموصولة، برقم (5943)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2125). انظر: شرح النووي على مسلم (14/ 106). أخرجه البخاري، كتاب اللباس، باب المتنمصات، برقم (5939)، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات والمغيرات خلق الله، برقم (2125).   موقع خالد السبت
    • (ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ )١٧ (إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ )١٨ (وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ )١٩ (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ )٢٠ -ص   الصبر: استعلاء النفس على الأحداث بمعنى ألاَّ تنال الأحداثُ من النفس ومن قوتها، لأن الذي يُصاب بمصيبة يحتاج إلى قوة إضافية فوق قوته الطبيعية، فلا تجعل المصيبة أو الشدة تُضعف من قوتك على تحمُّل الحدث.
        وإياك أنْ تجعل المصيبة مصيبتين، حين تضعف أمام الأحداث فيجتمع عليك المصيبة والضعف عن تحملها، ذلك لأن المصيبة بالنسبة للمؤمن على قسمين. الأول: مصيبة للإنسان دَخْلٌ فيها كالطالب المهمل الذي يرسب في الامتحان، فالرسوب نتيجة إهمالك وتهاونك، فإنْ كنت ستغضب فاغضب من نفسك ولُمها وعنِّفها، وحاول أن تصححَ خطأها، وتصلح فسادها، هذه هي الرجولة التي تواجه الواقع ولا تتنصَّل من المسئولية.
        الثاني: صبر على حَدَث ليس للإنسان دَخْل فيه، وهذا هو الأمر القدري يُجريه الله عليك، ولا يريد لك منه إلا الخير، وإنْ كنتَ تعتقد أنت أنه شَرٌّ.
      لذلك قد يدعو الإنسان بما يراه خيراً له حَسْب قوانينه وفَهْمه للخير، لكن لا يرى إجابة فيغضب ويقول: دعوتُ فلم يُستجب لي. وغفل أن ربه - عز وجل - أعلمُ بالخير أين هو، لذلك لم يُجِبْهُ، إذن: فإجابته لك ألاَّ يجيبك.
        لذلك يُعلِّم الحق سبحانه المؤمنين الرّد على الذين كانوا يشمتون في الأحداث تصيبهم، فيقول: { { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا } [التوبة: 51] نعم، كتب الله لنا لا علينا، لأن المصيبة لا تأتي المؤمنَ إلا بالخير، فهي إما تمحيص لنا وإما عُلُو لمرتبتنا، وإما ليعلم غيرُ المؤمنين أن لأهل الإيمان جلادةً أمام الأحداث، وصلابةً لا تلين.
        ومن ناحية أخرى، نجد المصيبة التي تصيب الإنسانَ إما مصيبة له فيها غريم، أو مصيبة لا غريمَ فيها فالمصيبة التي لك فيها غريم اعتدى عليك مثلاً تحتاج إلى صبر أقوى وجَلَد وتحمُّل أكثر، لأنك كلما رأيتَ غريمك حرَّك فيك كوامن النفس ودواعي الانتقام، أما المصيبة التي ليس لك فيها غريم، وهي المصيبة القدرية التي أصابتْك بقدر الله فهي أهون على النفس من الأولى لأنها من الله، فلا تملك معها إلا أنْ تقول لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله وتصبر وتحتسب، وإلا فماذا تفعل مثلاً أمام المرض أو الموت؟
      لذلك يقول سبحانه في المصيبة التي لك فيها غريم: { { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43] يعني: تحتاج إلى عزيمة وقوة تحمُّل تعينك على الصبر، أو تدعوك إلى المغفرة، أما المصيبة القدرية التي لا غريمَ لك فيها، فيقول الحق فيها: { { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [لقمان: 17] ولم يقُلْ هنا { { إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } [الشورى: 43]، فآية لقمان في المصيبة التي لا غريم فيها، فأتت بدون اللام، وآية الشورى لما فيها غريم فأتت فيها اللام.
        هنا الحق سبحانه يريد أنْ يُسلِّي نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ويُخفِّف عنه ما يلاقي من قومه، فقولهم عن رسول الله أنه ساحر وكاذب ومجنون .. إلخ كل هذا يُحزن رسول الله ويشقُّ عليه ويُؤلمه؛ لذلك مرَّتْ بنا آياتٌ كثيرة في تسليته صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى: { { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } [الأنعام: 33].
      وهنا يخاطبه ربه: { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } [ص: 17] ثم يعطيه مثلاً من موكب الرسالات السابقة { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] لكن لماذا ذكر سيدنا داود بالذات في هذا المقام؟
      قالوا: لأن قومَ سيدنا داود قالوا في حقه ما هو أفظع مما قيل في حَقِّ رسول الله، فكفار مكة قالوا: ساحر، وكاهن، وكذاب. أما قوم داود فقد اتهموه في شرفه وعفَّته وطهارته، حين زعموا أنه بعث بأحد قادته إلى حرب خارج البلاد؛ لأنه كان يحب زوجته، ويريد أنْ يخلوَ له الجو وينفرد (كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معول عليه )بها،( ومع ذلك صبر سيدنا داود.
        والحق سبحانه يخاطب نبيه محمداً ويقول له: اصبر كما صبر داود. مع أن محمداً هو خاتم الرسل جميعاً، فلا رسالةَ بعده وفوَّضَه الله في أنْ يُشرِّع لأمته، وهذه خصوصية لم تسبق لأحد غيره من الرسل، وأرسل الله معه كتاباً خالداً مهيمناً على كل الكتب السابقة ومع ذلك يقول له ربه: اصبر كما صبر داود، وكما صبر إخوانك من الرسل ليدلَّ على أن أمة الرسالة أمة واحدة، كل منهم يُبلِّغ عن الله رسالة مناسبة لقومه، فالرسل جميعاً كشخص واحد.
        لذلك قال تعالى: { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] وبعد ذلك ذكر عدةَ رسُل من موكب الرسالات ولم يقُلْ عبادنا، كأنهم تجمعوا كلهم في مهمة واحدة فلا تفرق بينهم؛ لذلك يقول سبحانه: { { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ .. } [الشورى: 13].
      وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تفضلوني على يونس بن متى" .
      لأنكم لا تعلمون مقاييس المفاضلة، فدعوا المفاضلة لله تعالى فهو الذي يُفضِّل، كما قال سبحانه: { { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ .. } [البقرة: 253].
        وتأمَّل هذا الشرف الكبير الذي ناله سيدنا داود حين تحدَّث الحق عنه، فقال { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } [ص: 17] كذلك نال سيدنا محمد في استهلاك سورة الإسراء: { { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } [الإسراء: 1] فليس للإسراء حيثية، إلا أنه صلى الله عليه وسلم عبد أخلص العبودية لله فاستحق هذا الشرف العظيم؛ لذلك لما جَفتْ به الطائف واضطهدوه وشتموه جاء العزاء من الله، فإنْ كانت الأرضُ لم تحتَفِ بك، فسوف تحتفي بك السماء.
        وقوله تعالى: { ذَا ٱلأَيْدِ } [ص: 17] يعني: صاحب القوة في العبادة، والإيمان يحتاج فعلاً إلى قوة تُعينك على الطاعة، وتزجرك عن المعصية، وتكبح جماحَ النفس حين تميل بك إلى المخالفة، أما الطاعة فتحتاج إلى قوة لأن الطاعةَ غالباً ما تكون ثقيلة على النفس، فتحتاج إلى قوة دافعة حافزة؛ لذلك يقول تعالى عنها: { { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } [البقرة: 45].
        أما المعصية فلها لذة وجاذبية وشهوات تُلِح على النفس، فتحتاج كذلك إلى عزيمة وقوة رادعة كابحة؛ لذلك كثيراً ما يتكرر ذِكْر القوة في كتاب الله، فقال عن داود { ذَا ٱلأَيْدِ } [ص: 17]، وقال ليحيى عليه السلام: { { يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } [مريم: 12].
        فالمؤمن لا بُدَّ أنْ يكون قوياً، قويَّ الإرادة والعزم، لا بُدَّ له من قوة الدفع إلى الطاعات لأنه يكسل عنها، وقوة الردع عن المعاصي لأنه يميلُ إليها، والإنسان لا يكسل عن الطاعة ولا يرغب في المعصية إلا حين يعزل العملَ عن الجزاء والعاقبة، ولو استحضر الجزاء وتذكَّر العاقبة لَهانت عليه الطاعة وخَفَّتْ على نفسه وسَهُلَتْ، ولَزِهدَ في المعصية، وفَرَّ منها فراره من الأسد.
        وقد أوضحنا هذه المسألة بمثال قلنا: هَبْ أن شاباً طغتْ عليه الغريزة الجنسية، وهي أعنف الغرائز في الإنسان، فقلنا له: تقضي ليلة مع فتاة جميلة لكن في الصباح سنُدخلك هذا (الفرن) المتأجج لمدة ساعة، فماذا يقول؟ إذن: استحضار العقاب على المعصية عند المعصية يمنعك منها، كذلك استحضار الثواب على الطاعة يدفعك إليها.
        وهناك في جبال الهملايا وعند قمة إفرست وجدوا ضحايا كثيرين مِمَّن يحاولون اعتلاء هذه القمة، فبعضهم مَات بعد ثلث المسافة، وبعضهم بعد الثلثين وهكذا، فما الذي حملهم على تحمُّل هذه المصاعب والمخاطر؟ إنها شهوة الاستعلاء على هذه القمة التي تُعَدُّ أعلى قمة في العالم، إنه حب الشهرة وتخليد الذكْر في دوائر المعارف، إذن: استهانوا بالأخطار ليصلوا إلى هذه الغاية التي يتطلَّعون إليها.
      فالذي يجعل الإنسان يزهد في الطاعات ويتكاسل عنها أنه لم يستحضر الثوابَ عليها ولو استحضر ثوابها لَسهُلَتْ عليه، كما قال الشاعر: تَهُونُ عَلَيْنا في المعَالِي نُفُوسُنَا ومَنْ يخطُب الحَسْنَاءَ لم يُغْلِهَا المهْرُ   والنبي صلى الله عليه وسلم يشرح لنا هذه المسألة بقوله: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارقُ حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمرَ حين يشربها وهو مؤمن" .
      يعني: ينتفي عنه وَصْفُ الإيمان في لحظة وقوعه في هذه المعصية؛ لأنه غفل عن العاقبة، وغفل عن الله، ولو استحضر اللهَ في ذهنه ما أقدم.
        ثم يقول تعالى في وصف سيدنا داود: { إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17] من الفعل آب آيب وأوَّاب صيغة مبالغة على وزن فعَّال. يعني: كثير التوبة والأوْب إلى الله، وهذه الكلمة فيها إشارة إلى أن الإنسانَ عُرْضة للمعصية، وأنه مهما تاب فهو مُعرَّض للعودة مرة أخرى؛ لأنه ليس معصوماً، المهم أنْ تحدثَ لكل ذنب توبةٌ، وألاَّ تكون مُصِراً على أن تعودَ.
        لذلك تلاحظ أن من أسماء الله تعالى الغفار { { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } [طه: 82] ولم يقل غافر، لماذا؟ لأن الخَلْق فيهم غفلة، وفيهم معصية تتكرر، وتكرُّر المعصية يحتاج إلى تكرُّر المغفرة؛ لذلك من رحمة الله بنا أنه غفَّار أي: كثير المغفرة.
      وقوله تعالى في حَقِّ سيدنا داود: { إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17] تشرح لنا فيما بَعْد معنى { { وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } [ص: 24].
        ثم يقول تعالى: { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] معنى: { بِٱلْعَشِيِّ } [ص: 18] الوقت بعد الظهر إلى المغرب { وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] بعد شروق الشمس وهو وقت الضحى، ومعلوم أن الجبال جماد، والجماد هو أدْنى الأجناس في الكون، فالإنسان هو سيد هذا الكون، وهو أعلى الأجناس، يليه الحيوان، ثم النبات، ثم الجماد.
      الحق سبحانه يخبرنا أن الجماد يُسبِّح، وأن للجماد حياةً في حين يظن الإنسان أن جماد يعني جامد لا حياةَ فيه، نعم لا حياةَ فيه بمقياسك أنت، لكن له حياة أخرى غير حياتك، أنت تسعى وتجري في طول الدنيا وعرضها، أما الجماد فثابت لا يتحرك.
      لكن لكل جنس حياة تناسبه، فأنت أيها الإنسان لك حياتان: حياة في حال اليقظة، وحياة أخرى في حال النوم، أقانونك وأنت نائم هو قانونك وأنت مستيقظ؟ إنك ترى في النوم الأشخاص والأشكال، وتُميِّز بين الألوان، وتعيش قصة طويلة وتَعِي تفاصيلها، كل هذا وأنت نائم مُغْمضَ العينين، فبأيِّ حاسة رأيتَ ما رأيت؟ بعد ذلك لك حياة أخرى مناسبة للموت، وحياة أخرى مناسبة للبعث.
        وإنْ أردت أنْ تستدلَّ على أن كل شيء في الوجود له حياة تناسبه، فاقرأ إنْ شئتَ: { { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ .. } [الإسراء: 44] بعض العلماء قال - ليخرج من هذا المطب - التسبيح هنا يعني تسبيح دلالة. يعني: هذه المخلوقات تدل على خالقها، وليس المراد تسبيح المقال، ولو كان التسبيح المراد تسبيح دلالة كما يقول ما قال الحق بعدها: { { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء: 44] لأننا نفهم تسبيحَ الدلالة. إذن: لا بُدَّ أنْ لها تسبيحاً آخر، لا نعلمه نحن.
      كذلك في قوله تعالى في الطير: { { وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَه وَتَسْبِيحَهُ } [النور: 41] فليس لنا أن نبحث في كيفية صلاة الطير، فكل جنس يعلم كيف يصلي لله خالقه، ألم تَرَ النملةُ جنودَ سليمانَ فتسرع لتحذر قومها: { { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [النمل: 18] وتأمل هذا الاحتياط في قولها وعدالة الحكم في { { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [النمل: 18] فهم ليسوا ظلمة ولا جبارين، وإنْ مرُّوا عليكم سيحطمونكم من حيث لا يدرون ولا يشعرون بكم.
        ألم يعلم هدهدُ سليمانَ قضيةَ التوحيد؟ ألم يكُنْ سبباً في هداية قوم ضلُّوا وعبدوا الشمس من دون الله حين عاد إلى سليمان، يقول { { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [النمل: 22-23].
      والذي أغاظ الهدهد وأثَّر في نفسه أنْ يراهم يسجدون للشمس من دون الله: { { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ * أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [النمل: 24-25].
      إن الهدهد يفهم القضية كاملة، بل ويجيد في ذلك ما لا يجيده الإنسانُ العاقل.
      والإنسان الذي يُدِلُّ على الكون بعقله وفهمه، ألم يُعلِّمه الغراب كيف يُواري سَوْأةَ أخيه وجثته: { { فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ .. } [المائدة: 31].
        إذن: فكل كَوْن له عالمه، وله لغته، وله صلاته لله وخشوعه، فلا تفرض قانوناً لتسحبه على قانون آخر، فتحيل كثيراً من الأشياء. وإنْ أردتَ سنداً لهذا من نفس القرآن فاقرأ قوله تعالى: { { لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ } [الأنفال: 42] فالهلاك نقيض الحياة. واقرأ: { { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [القصص: 88].
      إذن: حين نجمع بين الآيتين نرى أن كل شيء له حياة خاصة به، وإنْ كنا لا ندرك نحن كُنْه هذه الحياة لكنها موجودة، بدليل أن كل شيء هالك. والآن بدأ العلماء يُسجِّلون لغة الطير ولغة الحيوان ويتوصَّلون إلى حَلِّ شفرة هذه اللغات.
        ومن العجائب التي جعلها الله لتشرح لنا قدرته تعالى في كونه أنهم لما صنعوا الصاروخ (ديسكافري)، وأرادوا إطلاقه إلى الفضاء ووزنه 110 أطنان، وجدوا به عُطْلاً يمنع انطلاقه، فلما بحثوا عن العطل وجدوا طائراً وزنه أربعة جرامات اسمه نقار الخشب نقر في الجدار العازل لخزان الوقود في الصاروخ اثنين وأربعين ثقباً فعطَّل الصاروخ عن الانطلاق، وهكذا سُخِّر طائر وزنه أربعة جرامات وبنى عُشَّه على هذا الصاروخ العملاق فعطَّل حركته.
        وكأن الطيورَ أرادتْ أنْ تثأر لنفسها لما رأت الإنسان يزاحمها في عالم الطيران؛ لذلك وجدوا أن أكبر شيء يهدد الطيران هو عالم الطيور، وأن جماعات منها تعترض الطائرات، وتحوم حول المطارات وكأن هناك عداوةً بينها وبين هذه المخلوقات التي تنازعها الطيران.
      لذلك فكَّر علماء الطيران في فكرة تطرد الطيور عن المطارات، فأخذوا فكرة أصوات الطيور التي تصدرها كإنذار لغيرها عند حدوث خطر وسجَّلوا هذه الأصوات وأذاعوها حول المطارات، لكن الطير تنبَّه إلى هذه الخدعة، ولم تَعُدْ تزعجه هذه الأصوات، لذلك لجأوا إلى وسيلة أخرى فقالوا: إن الطيور تخاف من الصقور، فصنعوا لها مُجسَّمات من البلاستيك وعلَّقوها، لكن هذه الخدعة عرفها الطير، وسَخر منها حين وضعتْ بعض الطيور أعشاشها على أجنحة هذه الصقور.
      إذن: للطير عالمه ومملكته وأسراره، عرفنا منها شيئاً، وغابت عنا منها أشياء.
        فإذا قرأتَ عن سيدنا داود: { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] فاعلم أن الجبال تسبح على الحقيقة تسبيحاً لا يعلمه إلا ربها وخالقها. والميزة هنا لسيدنا داود ليست في تسبيح الجبال؛ لأن الجبال مُسبِّحة دائماً، إنما المعجزة هنا أنها تُسبِّح معه وتردد معه نشيداً واحداً، فالكلام في (معه) أي تُسبِّح مع تسبيحه.
      لذلك قلنا في قولهم: سبِّح الحصى في يد رسول الله، قلنا: عدِّلوا العبارة، لأن الحصى يسبح حتى في يد أبي جهل، فالصواب والمعجز أن نقول: سمع رسول الله تسبيحَ الحصى في يده. هذه هي العظمة.
      ومعنى { بِٱلْعَشِيِّ .. } [ص: 18] العَشِيُّ: الفترة بعد الظهر إلى المغرب { وَٱلإِشْرَاقِ } [ص: 18] أي: شروق الشمس، وقد أخذ بعض الأئمة من هذه الآية دليلاً على مشروعية صلاة الضحى التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول عن هذه الصلاة: صلاة الإشراق. لكن أيّ عشي؟ وأيّ إشراق؟ هذا وقت وكل مكان له عَشِيٌّ وله إشراق يخالف الآخر.
      إذن: فهو وقت ممتد في كل وقت كما أوضحنا في الصلاة، فهي دائمة ممتدة لا تنقطع أبداً، ففي مكان يُصلِّي الصبح، وفي آخر يُصلِّي الظهر، وفي آخر يُصلِّي العصر وهكذا. فكأن الخالق سبحانه أراد بهذه الدورة الزمنية أنْ يُعبَد سبحانه في كل جزئيات الزمان عبادة لا تنقطع في وقت من الأوقات.
        ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوبَ مسيء النهار، ويبسطُ يده بالنهار ليتوبَ مسيء الليل" ولا يخلو الزمن أبداً من ليل أو نهار، إذن: فالمعنى أنه سبحانه يده مبسوطة دائماً.
      ثم يقول سبحانه: { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 19] معنى محشورة أي: مجتمعة حول سيدنا داود، لأنه عليه السلام كان جميل الصوت حين يقرأ المزامير ويتغنى بها، فكانت الطيرُ تجتمع عليه وتُردِّد معه وتُرجِّع ما يقول: إذن: كانت منظومة إيمانيةً مُكوَّنة من سيدنا داود والجبال والطير، جميعهم يرددون تسبيحاً واحداً، وكأنهم كما قلنا: (كورس) واحد.
      لذلك قالوا في { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 19] أي: داود والجبال والطير، كل منهم أواب لله خاضع له راجع إليه.
        وقوله: { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } [ص: 20] أي: قوَّيناه وساندناه بالنصر والهيبة، النصر في كل شيء، والهيبة أقوى أسباب القوة؛ لذلك إذا أراد اللهُ أنْ يضعف الملِك نزع الهيبةَ منه من القلوب، وحين لا يهابه الناس يتجرأون عليه.
        { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } [ص: 20] الحكمة: وَضْع الشيء في موضعه المناسب له، والذي تأتي منه الثمرة المرجوة من أقصر الطرق وأيسرها، والحق سبحانه حين يأتي بلفظ من الألفاظ يأخذ أنْسَه بما في اللغة، فالحكمة مأخوذة من الحَكمة، وهي اللجام الذي يُوضَع في حَنَك الجواد، فيسهل التحكم فيه وضبط حركته كما أريد، فأرخى له ليسرع، وأجذبه فيقف.
      وقالوا: الحكمة أي النبوة وسداد الرأي في الأمور، وقد امتاز كل من سيدنا داود وسيدنا سليمان بالذات بأنْ جمعَ اللهُ لهما الملْكَ والنبوة؛ لذلك رأينا المخالفين لهما (فطسانين) لا وجودَ لهم، ولا أثر؛ لأن الملك يطمس عُنْف المخالف.
        ومعنى { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } [ص: 20] أي: علم الفَصْل في الخصومات، والفصل لا يكون إلا في متجادلين، يأتي هذا بحجة وهذا بحجة، وعلى الحكَمِ بينهما أنْ يفصلَ بينهما، بأنْ يُنصِفَ الحق ويبطل الباطل.
      وإنْ كانت مسألة فصْل الخطاب هذه اعترض عليها؛ لأن سيدنا سليمان فيما بعد عدّل حكماً لأبيه، وهذه تحسب أيضاً لسيدنا داود؛ لأن الذي عدل حكمه هو ولده، والإنسان لا يحب لأحد أن يتفوَّق عليه إلا ولده؛ لذلك سُرَّ بها سيدنا داود.   التفاسير العظيمة    
    • ثلاجات العرض التجارية تعتبر أداة لا غنى عنها للمطاعم والمتاجر، حيث تسهل عرض المنتجات بشكل جذاب وتحافظ على جودتها لفترات طويلة. اختيار النوع المناسب يعتمد على احتياجات النشاط التجاري، المساحة المتوفرة، ونوع المنتجات التي سيتم عرضها. وفى هذا المقال سنقدم لك كيفية اختيار افضل انواع ثلاجات العرض التجارية.   نصائح لاختيار ثلاجة العرض المناسبة الاستخدام: ثلاجات عرض اللحوم: تحتاج إلى ثلاجات عرض مصممة خصيصا للحفاظ على درجات حرارة منخفضة ثابتة تمنع فساد اللحوم وتساعد في حفظها طازجة. ثلاجات عرض المشروبات: عادة ما تأتي ثلاجات عرض المشروبات بأبواب زجاجية شفافة ورفوف مرنة لعرض المشروبات الباردة بطريقة جاذبة. ثلاجات عرض الحلويات: يجب أن توفر درجات حرارة مناسبة للحفاظ على نضارة الحلويات، وتحتوي على أضواء داخلية تبرز جمال المنتجات. ثلاجات عرض الخضروات والفواكه: تركز على التحكم في مستوى الرطوبة للحفاظ على المنتجات طازجة لفترات أطول. التصميم والشكل: أفقية: هذه الأنواع توفر رؤية شاملة للمنتجات المعروضة وتتيح سهولة الوصول إليها. تعتبر مثالية للمنتجات الكبيرة مثل اللحوم. رأسية: توفر مساحة تخزين كبيرة ولكن مع استغلال محدود للأرضية، وهي ممتازة للمساحات الصغيرة والمناطق التي تحتاج إلى تنظيم المنتجات بشكل مرتفع.
        حجم الثلاجة: يعتمد حجم الثلاجة على المساحة المتاحة في المكان وعدد المنتجات التي تحتاج إلى عرضها. يجب حساب احتياجاتك بعناية لتحديد السعة المناسبة. جودة المواد المصنوعة: ستانلس ستيل: يعد اختيار ممتاز لمقاومته للصدأ وسهولة تنظيفه، مما يجعله مثاليا للاستخدام المتكرر. ولا تنس البحث عن عروض ثلاجات العرض المصنوعة من ستانلس ستيل. الزجاج: يفضل استخدامه في الأبواب لتوفير رؤية واضحة للمنتجات، وهو يعزز من جاذبية العرض. البلاستيك: يستخدم في بعض الأجزاء الداخلية والخارجية، وهو خيار عملي في الحالات التي تتطلب صيانة أقل وتكلفة منخفضة. نظام التبريد: اختر ثلاجة عرض تتميز بنظام تبريد فعال يضمن توزيع متساوي للبرودة في جميع أنحاء الثلاجة. لا تفوت فرصة الحصول على عروض ثلاجات العرض التى تتمتع بنظام تبريد فعال. يجب أن يكون نظام التبريد متوافق مع نوع المنتجات التي تنوي عرضها، على سبيل المثال، المشروبات تتطلب درجات تبريد مختلفة عن اللحوم.   وفي النهاية، تحقق من زيارة موقع تكييف الالكتروني للحصول على أفضل عروض ثلاجات العرض.  
    • في أثناء حديث القرآن الكريم عن قصة بقرة بني إسرائيل، أخبر سبحانه عن قسوة قلوب أولئك القوم بقوله: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} (البقرة:74) فالخطاب في الآية لبني إسرائيل، بيد أن حمله على العموم لا تأباه أصول التفسير، بل هو الأليق بمقاصد القرآن الكريم، ومن ثم نقول:

      إن الآية الكريمة تصور حالة محزنة مخيفة من حالات قسوة القلب؛ فالقلب القاسي ليس كالحجارة فحسب، بل قد يكون -وفق منطوق الآية- {أشد قسوة} بل إن الله تعالى ذكر فضل الحجر على بعض البشر، وذلك ما أفصحت عنه تتمة الآية، يقول عز شأنه: {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله} (البقرة:74).

      فالله سبحانه يذكر فضل وتميز الحجر على بعض قلوب البشر، ويذكر من فضائل الحجارة أنها من لينها ومطاوعتها تنشق، فينساب من بين جوانحها الماء الزلال، أو تهبط وتتردى خضوعاً وتذللاً لله سبحانه.

      وقد لاحظ أحد أئمة التفسير من التابعين -وهو الإمام قتادة- هذه المقارنة القرآنية بين الحجارة وبعض قلوب بني آدم، فعلق تعليقاً بديعاً، قال فيه: "عذر الله الحجارة، ولم يعذر شقي بني آدم"؛ ذلك أن القلب إذا قسا خسر القدرة على الاتصال بالله سبحانه، ومناجاته، والتضرع إليه.

      ويحدثنا القرآن عن صورة أخرى من صور قساوة القلب، وذلك على ضوء ما يقدره الله على العباد من كوارث كونية، يريد منهم اللجوء إليه، والتضرع له، ولكن من ابتلي بقسوة القلب يفلس في الوصول إلى هذه اللحظات الراقية، يقول تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم} (الأنعام:42-43) فالله تعالى يقدر المرض والمجاعة والحروب والفقر، يريد من عباده اللجوء إليه، والتضرع له، بيد أن قسوة القلب تكبل قساة القلوب، فلا يستطيعون الوصول إلى هذه المنزلة العظيمة.

      وقساوة القلب لا تقف بصاحبها عند هذا الحد، بل تدفع بصاحبها إلى التماس المخارج بتأويل النصوص؛ لتوافق هواه، وليي أعناقها؛ لتعزز مساره، كما قال تعالى في وصف تأثير قسوة القلب على تحريف النصوص: {وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه} (المائدة:13).

      ومن حكمته سبحانه أن جعل في النصوص الشرعية مواضع مشتبهة، ومكن الشيطان من الإغواء كوناً وقدراً، فيلقي الشيطان أمام قلوب الناس لذائذ الشبهات، وكلاليب الحيل والمكايد. فلا يصبر ويُسَلِّم للنصوص، ويترك مواضع الاشتباه إلا من رقت قلوبهم بالإيمان. ولا يطيش عقله أمام هذه النصوص، فيتخذها تُكأة لتقصيره إلا من قسا قلبه، قال تعالى: {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم} (الحج:53).

      وقسوة القلب ليست مجرد سبب للمعصية -كما يظن كثير من الناس- بل قد تكون نتيجة وعقوبة من الله على المعصية ذاتها، فيعاقب الله العبد إذا عصاه بأن يجعل قلبه قاسياً، كما قال تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية} (المائدة:13)، وهكذا، فإن الله يعاقب على قسوة القلب، إذا لم يداوها المرء بمزيد من قسوة القلب، كما هو صريح الآية الكريمة الآنفة الذكر.

      ولا يختلف مسلمان في أن قسوة القلب هي نتيجة طبيعية للمعاصي والخطايا بشكل عام، غير أن ثمة عاملاً له خصوصية في إنتاج قسوة القلب، وهو: بُعْدُ العهد عن ذكر الله سبحانه.

      وقد جاءت الإشارة في كتاب الله إلى هذه العلاقة بين بُعد العهد عن ذكر الله وقسوة القلب، يقول سبحانه: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} (الحديد:16) فطول الأمد، وبُعْدُ العهد عن كتاب الله، أورثهم قسوة قلوبهم، وتنبيه القرآن لهذه الظاهرة الواقعة في الأمم السابقة، ليس مجرد خبر تاريخي مضى وانقضى، وإنما ذكره سبحانه لنتحاشاه، ونستفيد من هذا الدرس.

      وتُلْحَظ العلاقة بين بُعْدِ العهد عن ذكر الله وقسوة القلب أيضاً في قول الحق سبحانه: {فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله} (الزمر:22) والمعنى كما رجحه شيخ المفسرين الطبري: أن قلوبهم قست بسبب بُعْدهم عن ذكر الله، ونص عبارته: "يقول تعالى ذكره: فويل للذين جفت قلوبهم ونأت عن ذكر الله، وأعرضت".

      والمتأمل في الآيات التي تحدثت عن قسوة القلب -وقد أتينا على أكثرها- يدرك أن قسوة القلب يجب أن لا تكون شيئاً هامشياً في حياتنا، لقد اهتم القرآن بهذه الظاهرة اهتماماً واضحاً، فوصفها، وشرح أسبابهاـ وآثارها، وهدد صراحة من وقع فيها. ومن ثم لا خيار لنا في اتخاذ القرار العاجل والمبادرة بمداواة قلوبنا من هذه القسوة التي تداهمها. وقد أثبت التجارب العملية والنفسية أن أنفذ الأدوية وأسرعها في معالجة قسوة القلب هو تلاوة كلام الله سبحانه وتدبره، مصداق ذلك قول الباري سبحانه: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} (الزمر:23).

      وقد أخبرنا الله سبحانه عن أنبيائه وصفوة خلقه، كيف يتأثرون بكلام الله، وتسيل عبراتهم بقوله: {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا} (مريم:58).

      وأخبرنا سبحانه أيضاً عن بعض عباده الصالحين من أهل الكتاب، كيف تفيض أعينهم بالدموع، إذا تلي عليهم القرآن الكريم، قال تعالى: {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق} (المائدة:83).

      فإذا رأى متدبر القرآن، كيف يصف الله القرآن الكريم بأنه تقشعر منه جلود المؤمنين، وتلين قلوبهم له، وكيف وصف سبحانه سلسلة الأنبياء، وصالحي أهل الكتاب إذا استعبروا، وذرفت عيونهم خشية لكلام الله، أدرك أن هذا القرآن أنجع وسيلة تهز القلوب، وتطير بها عن منحدرات القسوة، وكهوف الرين.

      على أن ذكر الله تعالى بتلاوة القرآن وتدبره لا تلين القلب فحسب، بل تجعل ذلك القلب أيضاً مطمئناً خاشعاً لله سبحانه، قال عز من قائل: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} (الرعد:28).
        ختاماً، فقد روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله؛ فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي). وفي "مسند البزار" عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعة من الشقاء: جمود العين، وقساء القلب، وطول الأمل، والحرص على الدنيا).     اسلام ويب
    • في القرآن الكريم نقرأ قوله عز وجل: {وإن جندنا لهم الغالبون} (الصافات:173)، هذه الآية الكريمة تقرر وتؤكد سنة من سنن الاجتماع: إنها سنة تقرر غلبة المؤمنين على الكافرين، والحق على الباطل، والإيمان على الكفر، والصدق على الكذب، ودين السماء على أديان الأرض.

      هذه الغلبة لجند الله -وليس لجند الشيطان- سنة ثابتة ماضية إلى يوم القيامة كغيرها من السنن الكونية، تمضي في عالم الاجتماع كما تمضي الكواكب والنجوم بانتظام في عالم الكون، وكما يتعاقب الليل والنهار في الأرض على مدار الزمان، وكما تنبثق الحياة في الأرض الميتة ينـزل عليها الماء، فتصبح مخضرة بعد أن كانت يباباً.

      هذه السنة الاجتماعية دلت عليها آيات غير الآية التي معنا، من ذلك قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} (النور:55)، وقوله سبحانه: {ولينصرن الله من ينصره} (الحج:40)، وقوله تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم} (محمد:7)، فهذه الآيات ونحوها من الآيات تؤكد سُنة الغلبة لجند الله المؤمنين، وأن جند الله غالبون منصورون، مهما وُضعت في سبيلهم العوائق، وقامت في طريقهم العراقيل. ومهما رصد لهم الباطل من قوى الحديد والنار، وقوى الدعاية والافتراء، وقوى الحرب والمقاومة، وقوى الإعلام والكلام، إن هي إلا معارك تختلف نتائجها، غير أنها تنتهي إلى الوعد الذي وعده الله لجنده وأوليائه، والذي لا يُخْلَف، ولو قامت قوى الأرض كلها في طريقه، الوعد بالنصر، والغلبة، والتمكين.

      وقد أطبقت كلمة المفسرين على هذا المعنى للآية، وإن لم يذكروا هذا المفهوم السنني لها؛ فشيخ المفسرين الطبري يقول في هذا الصدد: "إن حزبنا وأهل ولايتنا لهم الغالبون...لهم الظفر والفلاح على أهل الكفر بنا، والخلاف علينا". ويقول القشيري: "وجند الله الذين نصبهم لنشر دينه، وأقامهم لنصر الحق وتبيينه...من أراد إذلالهم فعلى أذقانه يخرُّ، وفي حبل هلاكه ينجرُّ".

      وقد ذهب ابن عاشور مذهباً أبعد في معنى الآية، حيث رأى -رحمه الله- أن الغلبة لجند الله والرفعة لهم ليست مقتصرة على غلبة المؤمنين على الكفرين في الحياة الدنيا، بل هي أيضاً غلبه في الآخرة، يقول فيما نحن بسبيله: "إن غلبة المؤمنين تشمل علوهم على عدوهم في مقام الحِجَاج وملاحم القتال في الدنيا، وعلوهم عليهم في الآخرة، كما قال تعالى: {والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة} (البقرة:212)، فهو من استعمال (غالبون) في حقيقته ومجازه".

      على أن الأمر المهم في هذا السياق هو أن غلبة جند الله مع التأكيد على سننيَّتها، إلا أنها خاضعة لأسباب لا بد لجند الله من الأخذ بها، والسعي لتحصيلها، كما هو شأن أي نشاط إنساني لا بد لتحقيقه وإنجازه من طرق باب الأسباب والسعي إليها؛ فغلبة جند الله كنتيجة واقعة لا تخلف لها، لا بد لها من أن تُسبق بأسباب يُسعى إليها، ويتقدمها أسباب يُحْرَص على تحصيلها؛ وذلك لتربية النفس الإنسانية على طلب الأسباب وتحصيلها، وتبين أن النتائج لا تأتي إلا بعد تحصيل أسبابها، فإن كانت هذه الأسباب وفق شرع الله وسننه في خلقه كانت النتائج إيجابية، وإن كانت الأسباب خلاف ما أمر به الله كانت النتائج سلبية.

      وقد ألمح إلى هذا المعنى الشيح الشعراوي رحمه الله حيث قال: "فإن أردتَ الغلبة فكن في جند الله وتحت حزبه، ولن تُهزَم أبداً، إلا إذا اختلت فيك هذه الجندية، ولا تنسَ أن أول شيء في هذه الجندية الطاعة والانضباط، فإذا هُزِمْتَ في معركة، فعليك أن تنظر عن أيٍّ منهما تخليت". ويقول أيضاً: "لا ينبغي أن تبحث في هذه الجندية: أصادق هذا الجندي في الدفاع عن الإسلام أم غير صادق؟ إنما انظر في النتائج؛ إن كانت له الغلبة، فاعلم أن طاقة الإيمان فيه كانت مخلصة، وإن كانت الأخرى فعليه هو أن يراجع نفسه، ويبحث عن معنى الانهزام، الذي كان ضد الإسلام في نفسه؛ لأنه لو كان من جُند الله بحق لتحقق فيه قوله سبحانه: {وإن جندنا لهم الغالبون}، ولا يُغلب جُند الله إلا حين تنحل عنهم صفة من صفات الجندية، فإذا رأيت موقفاً لم ينتصر فيه المسلمون، حتى في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وحياة صحابته رضوان الله عليهم، فاعلم أن الجندية عندهم قد اختلت شروطها، فلم يكونوا في حال الهزيمة جنوداً لله متجردين.

      لذلك رأينا في غزوة أحد أن مخالفة الرماة لأمر رسول الله قائد المعركة كانت هي سبب الهزيمة، وماذا لو انتصروا مع مخالفتهم لأمر الرسول؟ لو انتصروا لفهموا أنه ليس من الضروري الطاعة والانقياد لأمر رسول الله. إذن: هذا دليل على وجوب الطاعة، وألا يخرجوا عن جندية الإيمان أبداً خضوعاً وطاعة...ولو انتصر المسلمون في أحد مع مخالفتهم لأمر رسولهم لهان كل أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها، ولقالوا: لقد خالفنا أمره وانتصرنا. إذن، فمعنى ذلك أن المسلمين لم ينهزموا، إنما انهزمت الانهزامية فيهم، وانتصر الإسلام بصدق مبادئه".

      فحين نتأمل الأحداث في معركة (أحُد) نجد أن الله تعالى يقول للمسلمين: لا تظنوا أن وجود رسول الله بينكم يحميكم، أو يُخرِجكم عن هذه القضية، بل لا بد لجند الله أن يأخذوا بأسباب النصر المادية والمعنوية، فهذه سنة الله في كونه لا تتبدل، ولا تتغير.

      وقد يرى البعض في هذه النتيجة التي انتهت إليها معركة أُحُد مأخذاً، فيقول: كيف يُهزم جيش يقوده رسول الله؟ وهذه المسألة تُحسَب للرسول عليه الصلاة والسلام لا عليه؛ وذلك أنه صلى اله عليه وسلم لن يعيش بينهم دائماً، ولا بُدَّ لهم أن يروا بأعينهم عاقبة مخالفتهم لأمره، وأن يشعروا بقداسة هذه الأوامر، ولو أنهم انتصروا مع المخالفة لفقدوا الثقة في أوامره صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ولِمَ لا وقد خالفوه في أُحُد وانتصروا!!

      وعلى هذا النحو أيضاً جرى الأمر يوم حنين، ذلك اليوم الذي قال الله فيه: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين} (التوبة:25) فكان من إعجاب المؤمنين بكثرتهم أن قالوا: لن نُغْلَب اليوم عن قلة؛ لذلك لقَّنهم الله تعالى درساً، وكادوا أن يُهزموا، لولا أن الله تداركهم في النهاية برحمته، وتحوَّلت كفة الحرب لصالحهم، وكأن التأديب جاء على قدر المخالفة.

      فالحق سبحانه يُعلِّمنا امتثال أمره، وأن نخلص في الجندية لله سبحانه، وأن ننضبط فيها لنصل إلى الغاية منها، وأن نرعى الأسباب حق رعايتها، فإن خالفنا حُرِمنا هذه الغاية؛ لأنه لو أعطانا الغاية مع المخالفة لما أصبح لحكمه مكان احترام ولا توقير، ولذهب عن أمره معنى العبودية والامتثال.

      ثم إن وراء سنة الأخذ بالأسباب أمر آخر، لا يقل أهمية عن سُنَّة الأخذ بالأسباب، وهو أن غلبة جند الله -كما يقول سيد قطب رحمه الله- مرهونة بتقدير الله، يحققها حين يشاء. ولقد تبطئ آثارها الظاهرة بالقياس إلى أعمار البشر المحدودة، لكنها لا تُخْلَف أبداً، ولا تتخلف، وقد تتحقق في صورة لا يدركها البشر؛ لأنهم يطلبون المألوف من صور النصر والغلبة، ولا يدركون تحقق السُّنَّة في صورة جديدة إلا بعد حين! ولقد يريد البشر صورة معينة من صور النصر والغلبة لجند الله وأتباع رسله، ويريد الله صورة أخرى أكمل وأبقى، فيكون ما يريده الله، ولو تكلف الجند من المشقة وطول الأمد أكثر مما كانوا ينتظرون. ولقد أراد المسلمون قبيل غزوة بدر أن تكون لهم عير قريش، وأراد الله أن تفوتهم القافلة الرابحة الهينة، وأن يقابلوا النفير وأن يقاتلوا الطائفة ذات الشوكة، وكان ما أراده الله هو الخير لهم وللإسلام، وكان هو النصر الذي أراده الله لرسوله وجنده ودعوته على مدى الأيام.
        ولقد يُهزم جنود الله في معركة من المعارك، وتدور عليهم الدائرة، ويقسو عليهم الابتلاء؛ يقول الإمام الرازي في هذا المعنى: "فالمؤمن وإن صار مغلوباً في بعض الأوقات، بسبب ضعف أحوال الدنيا فهو الغالب، ولا يلزم على هذه الآية أن يقال: فقد قتل بعض الأنبياء وقد هزم كثير من المؤمنين"؛ لأن الله يُعِدُّهم للنصر في معركة أكبر؛ ولأن الله يهيئ الظروف من حولهم؛ ليؤتي النصر يومئذ ثماره في مجال أوسع، وفي خط أطول، وفي أثر أدوم، تصديقاً وتحقيقاً لقوله تعالى: {وإن جندنا لهم الغالبون}.     اسلام ويب
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182093
    • إجمالي المشاركات
      2535344
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93169
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×