اذهبي الى المحتوى
  • اﻹهداءات

    قومي بتسجيل الدخول أوﻻً لإرسال إهداء
    عرض المزيد

المنتديات

  1. "أهل القرآن"

    1. 57442
      مشاركات
    2. ساحات تحفيظ القرآن الكريم

      ساحات مخصصة لحفظ القرآن الكريم وتسميعه.
      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" [صحيح الترغيب]

      109817
      مشاركات
    3. ساحة التجويد

      ساحة مُخصصة لتعليم أحكام تجويد القرآن الكريم وتلاوته على الوجه الصحيح

      9066
      مشاركات
  2. القسم العام

    1. الإعلانات "نشاطات منتدى أخوات طريق الإسلام"

      للإعلان عن مسابقات وحملات المنتدى و نشاطاته المختلفة

      المشرفات: المشرفات, مساعدات المشرفات
      284
      مشاركات
    2. الملتقى المفتوح

      لمناقشة المواضيع العامة التي لا تُناقش في بقية الساحات

      180547
      مشاركات
    3. شموخٌ رغم الجراح

      من رحم المعاناة يخرج جيل النصر، منتدى يعتني بشؤون أمتنا الإسلامية، وأخبار إخواننا حول العالم.

      المشرفات: مُقصرة دومًا
      56695
      مشاركات
    4. 259983
      مشاركات
    5. شكاوى واقتراحات

      لطرح شكاوى وملاحظات على المنتدى، ولطرح اقتراحات لتطويره

      23500
      مشاركات
  3. ميراث الأنبياء

    1. قبس من نور النبوة

      ساحة مخصصة لطرح أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم و شروحاتها و الفوائد المستقاة منها

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      8250
      مشاركات
    2. مجلس طالبات العلم

      قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع"

      32133
      مشاركات
    3. واحة اللغة والأدب

      ساحة لتدارس مختلف علوم اللغة العربية

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      4162
      مشاركات
    4. أحاديث المنتدى الضعيفة والموضوعة والدعوات الخاطئة

      يتم نقل مواضيع المنتدى التي تشمل أحاديثَ ضعيفة أو موضوعة، وتلك التي تدعو إلى أمور غير شرعية، إلى هذا القسم

      3918
      مشاركات
    5. ساحة تحفيظ الأربعون النووية

      قسم خاص لحفظ أحاديث كتاب الأربعين النووية

      25483
      مشاركات
    6. ساحة تحفيظ رياض الصالحين

      قسم خاص لحفظ أحاديث رياض الصالحين

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      1677
      مشاركات
  4. الملتقى الشرعي

    1. الساحة الرمضانية

      مواضيع تتعلق بشهر رمضان المبارك

      المشرفات: فريق التصحيح
      30256
      مشاركات
    2. الساحة العقدية والفقهية

      لطرح مواضيع العقيدة والفقه؛ خاصة تلك المتعلقة بالمرأة المسلمة.

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      53006
      مشاركات
    3. أرشيف فتاوى المنتدى الشرعية

      يتم هنا نقل وتجميع مواضيع المنتدى المحتوية على فتاوى شرعية

      المشرفات: أرشيف الفتاوى
      19530
      مشاركات
    4. 6678
      مشاركات
  5. قسم الاستشارات

    1. استشارات اجتماعية وإيمانية

      لطرح المشاكل الشخصية والأسرية والمتعلقة بالأمور الإيمانية

      المشرفات: إشراف ساحة الاستشارات
      40679
      مشاركات
    2. 47551
      مشاركات
  6. داعيات إلى الهدى

    1. زاد الداعية

      لمناقشة أمور الدعوة النسائية؛ من أفكار وأساليب، وعقبات ينبغي التغلب عليها.

      المشرفات: جمانة راجح
      21004
      مشاركات
    2. إصدارات ركن أخوات طريق الإسلام الدعوية

      إصدراتنا الدعوية من المجلات والمطويات والنشرات، الجاهزة للطباعة والتوزيع.

      776
      مشاركات
  7. البيت السعيد

    1. بَاْبُڪِ إِلَے اَلْجَنَّۃِ

      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه." [صحيح ابن ماجه 2970]

      المشرفات: جمانة راجح
      6306
      مشاركات
    2. .❤. هو جنتكِ وناركِ .❤.

      لمناقشة أمور الحياة الزوجية

      97009
      مشاركات
    3. آمال المستقبل

      "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" قسم لمناقشة أمور تربية الأبناء

      36838
      مشاركات
  8. سير وقصص ومواعظ

    1. 31793
      مشاركات
    2. القصص القرآني

      "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يُفترى"

      4883
      مشاركات
    3. السيرة النبوية

      نفحات الطيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم

      16438
      مشاركات
    4. سيرة الصحابة والسلف الصالح

      ساحة لعرض سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وسير سلفنا الصالح الذين جاء فيهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.."

      المشرفات: سدرة المُنتهى 87
      15479
      مشاركات
    5. على طريق التوبة

      يقول الله تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } طه:82.

      المشرفات: أمل الأمّة
      29721
      مشاركات
  9. العلم والإيمان

    1. العبادة المنسية

      "وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ.." عبادة غفل عنها الناس

      31147
      مشاركات
    2. الساحة العلمية

      العلوم الكونية والتطبيقية وجديد العلم في كل المجالات

      المشرفات: ميرفت ابو القاسم
      12926
      مشاركات
  10. إن من البيان لسحرًا

    1. قلمٌ نابضٌ

      ساحة لصاحبات الأقلام المبدعة المتذوقة للشعر العربي وأدبه

      المشرفات: الوفاء و الإخلاص
      50492
      مشاركات
  11. مملكتكِ الجميلة

    1. 41313
      مشاركات
    2. 33883
      مشاركات
    3. الطيّبات

      ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ))
      [البقرة : 172]

      91746
      مشاركات
  12. كمبيوتر وتقنيات

    1. صوتيات ومرئيات

      ساحة مخصصة للمواد الإسلامية السمعية والمرئية

      المشرفات: ام جومانا وجنى
      32199
      مشاركات
    2. جوالات واتصالات

      قسم خاص بما يتعلق بالجوالات من برامج وأجهزة

      13114
      مشاركات
    3. 34854
      مشاركات
    4. خربشة مبدعة

      ساحة التصاميم الرسومية

      المشرفات: محبة للجنان
      65605
      مشاركات
    5. وميضُ ضوء

      صور فوتوغرافية ملتقطة بواسطة كاميرات عضوات منتدياتنا

      6120
      مشاركات
    6. 8966
      مشاركات
    7. المصممة الداعية

      يداَ بيد نخطو بثبات لنكون مصممات داعيـــات

      4925
      مشاركات
  13. ورشة عمل المحاضرات المفرغة

    1. ورشة التفريغ

      هنا يتم تفريغ المحاضرات الصوتية (في قسم التفريغ) ثم تنسيقها وتدقيقها لغويا (في قسم التصحيح) ثم يتم تخريج آياتها وأحاديثها (في قسم التخريج)

      12904
      مشاركات
    2. المحاضرات المنقحة و المطويات الجاهزة

      هنا توضع المحاضرات المنقحة والجاهزة بعد تفريغها وتصحيحها وتخريجها

      508
      مشاركات
  14. IslamWay Sisters

    1. English forums   (37314 زيارات علي هذا الرابط)

      Several English forums

  15. المكررات

    1. المواضيع المكررة

      تقوم مشرفات المنتدى بنقل أي موضوع مكرر تم نشره سابقًا إلى هذه الساحة.

      101648
      مشاركات
  • أحدث المشاركات

    • ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا وَيَسخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۘ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوقَهُمۡ يَومَ ٱلقِيَٰمَةِۗ وَٱللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيرِ حِسَابٖ﴾ [البقرة: 212]   السؤال الأول: ما دلالة التذكير في قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ﴾ ولم يقل: زينت، مع أنّ الدنيا مؤنث؟   الجواب:  1ـ من حيث الحكم النحوي: يجوز وليس فيه إشكال؛ لأنّ الحياة مؤنث مجازي، والمؤنث المجازي هو الذي ليس له مذكر من جنسه، فمثلاً: (البقرة) مؤنث حقيقي؛ لأنّ الثور ذكر من جنسها، و(النعجة) لها كبش من جنسها، وكلمة (سماء) ليست مؤنثاً حقيقياً، وكذلك (الشمس) مؤنث مجازي و(القمر) مذكر مجازي، فإذا كان هنالك مذكر من جنس الكلمة فإنها مؤنث حقيقي، إذن كلمة ﴿ٱلحَيَوٰةُ﴾ مؤنث مجازي يجوز تذكيره وتأنيثه، هذا لغوياً . 2ـ ثم هنالك فاصل بين الفعل والفاعل ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا﴾ [البقرة:212] والفاصل حتى في المؤنث الحقيقي يمكن تذكيره . تقول مثلاً: (أقبلت فاطمة) بالتأنيث، وتقول: (أقبل اليومَ فاطمةُ) طالما فصلنا بين العامل والمعمول؛ لذلك يجوز تذكيره وتأنيثه. 3ـ إذن من حيثُ النحوُ ليس فيه إشكالٌ: آ- لكون الفاعل مجازيَّ التأنيثِ . ب - لوجود فاصلٍ بين العامل والمعمول، لكن لماذا اختار التذكير؟ ومما يجدر ذكره أنّ هنالك قراءة أخرى، وهي: (زَيَّنَ للذين كفروا الحياةَ الدنيا) بالبناءِ للمعلومِ والفاعلُ الشيطانُ ضميرٌ مستترٌ، والحياةَ: مفعول به، وهذه القراءة لا يمكن أنْ يقول فيها: زَيَّنت، لذا التذكير صار واجباً. إذن في الآية قراءتان: قراءة (زَيَّنَ) بالبناء للمعلوم، و يلزم فيها تذكير الفعل (زين)، وقراءة ﴿زُيِّنَ﴾ بالبناء للمجهول، ويحسن فيها تذكير الفعل. ولذلك قال تعالى: ﴿زُيِّنَ﴾ ولم يقل: (زينت) لأنه فصل بين (زُين) والحياة الدنيا بفاصل وهو قوله: ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ وإذا فصل بين الفعل والفاعل حَسُنَ تذكير الفعل؛ لأنّ الفاصل يغني عن تاء التأنيث.   السؤال الثاني: لِمَ اختار الله تعالى في الآية صيغة الماضي للتزيين ﴿زُيِّنَ﴾ وصيغة المضارع للسخرية ﴿وَيَسخَرُونَ﴾ ؟   الجواب: أتى فعلُ التزيين ماضياً ليدلَّنا على أنّ التزيينَ أمرٌ مستقرٌ في الكافرين، فهم أبد الدهر يعشقون الدنيا ويكرهون الموت، وأتى بفعل السخرية مضارعاً ﴿وَيَسخَرُونَ﴾ ليبيّن لنا ربُّنا سبحانه وتعالى أنّ الكافرين يسخرون من الإيمان وأهله بشكلٍ متجددٍ متكررٍ، وفي ترتيب الفِعلَينِ دلالةٌ منطقيةٌ لأنَّ السُّخريةَ مبعَثُها حُبُّ الدنيا والشهواتِ ، والتزيينُ سابقٌ للسخريةِ فعبَّرَ عنه بالماضي، والسخريةُ ناشئةٌ من تعلُّقِ القلب بالدنيا، فعبّر عنها بالمضارع.   السؤال الثالث: ما الدلالة البيانية لمجيء الفعل ﴿زُيِّنَ﴾ مبنياً للمجهول ؟   الجواب: هناك خطٌّ عامٌّ واضح في القرآن الكريم، أنه في آيات التزيين فإنّ الله ينسب الخيرَ إلى نفسه، وأمّا تزيينُ القبيحِ فيبنيه للمجهولِ أو ينسِبُه إلى الشيطانِ؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِذۡ زَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيطَٰنُ أَعمَٰلَهُمۡ ﴾ [الأنفال:48] وقوله : ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيطَٰنُ أَعمَٰلَهُمۡ﴾ [العنكبوت:38]. وقد تجد في القرآن: ﴿زَيَّنَّا لَهُمۡ أَعمَٰلَهُمۡ﴾ [النمل:4] لغرض إقامة العقيدة الصحيحة، ولكن لا تجد مطلقاً (زينا لهم سوء أعمالهم) بذكر السوء، والفرق ظاهر بين الأمرين .   السؤال الرابع: ما دلالات استخدام التعابير ﴿ٱلدُّنيَا﴾ ، ﴿ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا﴾ ، ﴿ٱلأٓخِرَةُ﴾ في القرآن الكريم؟   الجواب: أولاً ـ معلومات عددية: 1ـ وردت كلمة (الدنيا) في القرآن الكريم 165 مرة. 2ـ ورد تعبير (الحياة الدنيا) 68 مرة. 3ـ وردت كلمة (الآخرة) في القرآن الكريم 115 مرة. 4ـ ورد التعبير (الدار الآخرة) 9 مرات. 5ـ تعبير (الدار الدنيا) لم يرد مطلقاً. 6ـ تعبير (الحياة الآخرة) لم يرد مطلقاً. 7ـ وردت التعابير (ثواب الآخرة) (عذاب الآخرة) (لقاء الآخرة) (حرث الآخرة) ولم يرد مثل هذه التعبيرات للدنيا. ثانياً ـ المعـــــاني: الدنــيا: عندما تكون مفردةً تدل على الحياة التي نحياها في هذه الأرض دون أية ظلال أو إيحاءات أخرى، وهي المسافة الزمنية الممتدة من خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة. والدنيا على صيغة فعلى، وهي مؤنث: أدنى، وهي مشتقة من الدنوِّ، أي: الأكثر قرباً إليك، نحو: [الجار الأدنى ـ السماء الدنيا ـ العُدوةِ الدنيا] أو مشتقة من الدناوة. الآخــــرة: هي عَلَمٌ على الحياة الثانية التي سيحياها الإنسان بعد هذه الحياة الدنيا. الحياة الدنيــــــا: وهي تعني في القرآن الكريم استغراق الإنسان في هذه الحياة وانغماسه وانشغاله فيها وانصرافه عما بعدها، فكأنّ تعبير الحياة الدنيا صورة لانصراف الإنسان عن ربه وغفلته عن الآخرة.    شواهد قرآنية: [ البقرة 212 ـ القصص 79 ـ إبراهيم 3 ـ الأنعام 29 ]. والحياة الدنيا حياة مؤقتة لا بدّ لها من زوال، أمّا الآخرة فهي حياة دائمة خالدة إمّا في نعيم الجنة وإمّا في شقاء النار. لذلك قال الله: (ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا) ولم يقل: (الحياة الآخرة)؛ لأنّ الحياة الدنيا فانية زائلة، والحياة في الآخرة خلود لا يزول، لذلك عبّر عنها بالدار الآخرة؛ لأنّ الدار تحمل معنى الاستقرار والثبات والبقاء، والإنسان لا يشعر بالاستقرار إلا في داره، قال تعالى: ﴿يَٰقَومِ إِنَّمَا هَٰذِهِ ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا مَتَٰعٞ وَإِنَّ ٱلأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلقَرَارِ﴾ [غافر:39] . وقال: ﴿تِلكَ ٱلدَّارُ ٱلأٓخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِي ٱلأَرضِ وَلَا فَسَاداۚ وَٱلعَٰقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ﴾ [القصص:83] . وقال: ﴿لِّلَّذِينَ أَحسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنيَا حَسَنَةٞۚ وَلَدَارُ ٱلأٓخِرَةِ خَيرٞۚ وَلَنِعمَ دَارُ ٱلمُتَّقِينَ﴾ [النحل:30] .   السؤال الخامس: قوله تعالى في الآية: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوقَهُمۡ يَومَ ٱلقِيَٰمَةِۗ﴾ [البقرة:212] ولم يقل: والذين آمنوا فوقهم، فلماذا؟   الجواب: قوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوقَهُمۡ يَومَ ٱلقِيَٰمَةِۗ﴾ ولم يقل: والذين آمنوا فوقهم؛ وذلك ليعزل الاسم عن الوصف، فكم من مدعٍ الإيمان، والله يريد أنْ نأخذ الإيمان بالالتزام بمنهج السماء وليس بالاسم فقط، ولذلك لا تحصل السعادة في الآخرة إلا للمؤمن التقي. وهذه الفوقية للمؤمنين هي بالمكان؛ لأنّ المؤمنين في عليِّين والكافرين في سجّين، وهي فوقية بالكرامة، وهي فوقية بالحجة.   السؤال السادس: ما أهم الدروس في هذه الآية ؟   الجواب: 1ـ خَلَقَ اللهُ الإنسانَ سيدَ هذا الكون وسخّر له الحيوان والنبات والجماد ليخدمه . وكان مقتضى العقل أنْ يبحث هذا السيدُ عن جنس أعلى منه، ولن يجد حوله من هو أعلى من جنسه الذي ينتسب إليه، فكان من المفروض أنْ يقول الإنسان: أنا أريد جنساً يعلِّمُني عن نفسي، فأرسل الله سبحانه الرسل وقالوا: أيها الإنسان إنّ الذي أعلى منك هو الله وهو ﴿لَيسَ كَمِثلِهِۦ شَيءٞ﴾ [الشورى:11] وهو قد وضع لك منهجاً لسعادتك ومصلحتك، وكان على الإنسان أنْ يفرح بمجيء الرسل وخصوصاً أن الله تعالى لا يريد خدمة منه بل الإنسان يحتاج لعبادة الله . لذلك فالإنسان مخيَّرٌ بين خادمٍ له مسخَّرٍ من الجماد والحيوان والنبات، ومُعطٍ مُتفضِّلٍ عليه مختارٍ وهو أعلى منه ، إنه هو الله، وهو يقول للإنسان: خذ الأعلى لتسعدَ. 2ـ عندما يقول الحق: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا﴾ فهو يريد أنْ يلفتنا إلى أنّ مقاييس الكافرين مقاييس هابطة، ومن خيبة الإنسان أنْ يأخذ الأدنى ويفضله على الأعلى وهو دليل على حمقه، ومن العجيب أنكم فعلتم ذلك وأنتم في الأدنى وتسخرون من الذين التفتوا إلى الأعلى!!. 3ـ كلمة ﴿زُيِّنَ﴾ من الزينة، وهي مؤقتة لا تلبث أنْ تزول. 4ـ قول الحق: ﴿وَٱللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيرِ حِسَابٖ﴾ ؛ لأنّ خزائنه لا تنفد ويرزق بغير حساب؛ لأنه لا يحكمه قانون وإنما يعطي بطلاقة القدرة، فيعطي المؤمن وحتى الكافر، والله تعالى لا يُسأل عن حكمه فالحكم لله وحده ﴿لَا يُسَٔلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُمۡ يُسَٔلُونَ﴾ [الأنبياء:23] . وعلى الإنسان أنْ يعمل في الأسباب، لكن لا يأخذ حساباً من الأسباب ويظن أنّ ذلك هو رزقه؛ لأنّ الرزق قد يأتي من طريق لم يدخل في حسابك ولا في حساباتك. 5ـ النعمة لا تكون إكراماً من الله إلا إذا وفقك الله في حسن التصرف في هذه النعمة، وكذلك لا تكون النعمة إهانة إلا إذا لم يوفقك الله في أداء حق النعمة بشكر المُنعِمِ وعدمِ الانشغال بها عمن رزقك إياها. 6ـ قوله: ﴿زُيِّنَ﴾ ولم يقل: (زينت) لأنه فصل بين زُين والحياة الدنيا بفاصل، وهو قوله: ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ وإذا فصل بين الفعل والفاعل حَسُنَ تذكير الفعل؛ لأنّ الفاصل يغني عن تاء التأنيث. 7 ـ جاء قوله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلحَيَوٰةُ ٱلدُّنيَا وَيَسخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۘ﴾ بالصيغة الفعلية إشارة على الحدوث ، وأنه أمر طارئ لا يلبث أن يزول ، وجاء قوله تعالى : ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوقَهُمۡ يَومَ ٱلقِيَٰمَةِۗ﴾   بالصيغة الاسمية الدالة على الاستمرار والديمومة لا يطرأ عليها تبديل  .   السؤال السابع: ما معنى قوله تعالى في الآية : ﴿وَٱللَّهُ يَرزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيرِ حِسَابٖ﴾  ؟   الجواب: إنّ لهذا التعبير أكثر من دلالة وكلها صحيحة، ومن ذلك :  1.      أنه لا يُسأل عما يفعل ولا يحاسبه أحد . 2.    وانه يرزق من غير تقتير وبلا نهاية لما يعطيه ، فهو لا يخشى أن تنفد خزائنه كما يفعل المخلوقون فإنهم يحسبون حساباً لما عندهم . 3.   وأنه لا يحاسب المرزوق فيرزقه على قدر طاعته أو معصيته وإنما يمد من يشاء من هؤلاء وهؤلاء على ما تقتضيه حكمته ، كما قال تعالى : ﴿كُلّا نُّمِدُّ هَٰٓؤُلَآءِ وَهَٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحظُورًا﴾ [الإسراء: 20] . 4.    و يعني أنه يوسع على من توجب الحكمة التوسعة عليه ، ولا يفعل ذلك من غير حكمة . 5.   هو يرزق من يشاء من غير حساب من العبد ، فقد يرزق العبد وهو لا يعلم ولا يحسب لذلك حساباً ، كما قال تعالى : ﴿وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجعَل لَّهُۥ مَخرَجٗ * وَيَرزُقهُ مِنۡ حَيثُ لَا يَحتَسِبُۚ﴾ [الطلاق: 2-3]   . والله أعلم .         ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍نَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلكِتَٰبَ بِٱلحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱختَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعدِ مَا جَآءَتهُمُ ٱلبَيِّنَٰتُ بَغيَا بَينَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلحَقِّ بِإِذنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّستَقِيمٍ﴾ [البقرة: 213]   السؤال الأول: ما معنى قوله تعالى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ﴾ وبما أنّ الناس أمة واحدة فما الغرض من بعث النبيين مبشّرين ومنذرين؟   الجواب: 1ـ قوله تعالى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ﴾ أي: متفقين على التوحيد مقرّين بالعبودية. 2ـ السؤال: إذا كانوا كذلك لم أرسلَ الرُّسلَ؟ نقرأ الآية: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍نَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلكِتَٰبَ بِٱلحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِ﴾  [البقرة:213].  إذن كانوا أمة واحدة فاختلفوا، كما في آية أخرى ﴿وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱختَلَفُواْۚ﴾ [يونس:19] ولمّا قال: ﴿لِيَحكُمَ بَينَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِ﴾ إشارة إلى أنهم اختلفوا، وهذا اقتضى إرسال النبيين والمرسلين.   السؤال الثاني: ما معنى كلمة (أمّة) في القرآن الكريم ؟   الجواب: كلمة (أُمَّة) جاءت في القرآن الكريم بأربعة معانٍ، هي: 1ـ الأمّة بمعنى المِلّة: أي: العقيدة، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلَّآ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَٱختَلَفُواْۚ وَلَولَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَينَهُمۡ فِيمَا فِيهِ يَختَلِفُونَ﴾ [يونس:19] ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعبُدُونِ﴾ [الأنبياء:92] . 2ـ الأمّة بمعنى الجماعة: كما في قوله تعالى: ﴿وَمِن قَومِ مُوسَىٰٓ أُمَّةٞ يَهدُونَ بِٱلحَقِّ وَبِهِۦ يَعدِلُونَ﴾ [الأعراف:159] ﴿وَمِمَّنۡ خَلَقنَآ أُمَّةٞ يَهدُونَ بِٱلحَقِّ وَبِهِۦ يَعدِلُونَ﴾ [الأعراف:181]. 3ـ الأمّة بمعنى الزَّمَن: كما في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنۡ أَخَّرنَا عَنهُمُ ٱلعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٖ مَّعدُودَةٖ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَومَ يَأتِيهِمۡ لَيسَ مَصرُوفًا عَنهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَستَهزِءُونَ﴾ [هود:8] ﴿وَقَالَ ٱلَّذِي نَجَا مِنهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعدَ أُمَّةٍ أَنَا۠ أُنَبِّئُكُم بِتَأوِيلِهِۦ فَأَرسِلُونِ﴾ [يوسف:45] . 4ـ الأمة بمعنى الإمامِ: كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ إِبرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتا لِّلَّهِ حَنِيفا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلمُشرِكِينَ﴾ [النحل:120] أي: القُدوةُ. وقوله تعالى: ﴿كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّ‍نَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلكِتَٰبَ بِٱلحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱختَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعدِ مَا جَآءَتهُمُ ٱلبَيِّنَٰتُ بَغيَا بَينَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلحَقِّ بِإِذنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّستَقِيمٍ﴾ [البقرة:213] في آية سورة البقرة ، الأمة هنا بمعنى العقيدةِ الواحدةِ والمِلّة الواحدةِ.   السؤال الثالث: يقولون إنّ هذه الآية لخَّصت تاريخ البشريةِ من عهد آدم إلى أن تقوم الساعة، فكيف؟   الجواب:  هذه الآية لخّصت تاريخ البشرية من عهد آدم إلى أنْ تقوم الساعة، ومعناها أنّ الناسَ كانوا على عقيدةٍ واحدةٍ من عهد آدم إلى زمن ما قبل نوح حيث بدّلوا عقيدتهم، فالدين واحد والعقيدة هي الإيمان بالله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسلَٰمُۗ وَمَا ٱختَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلعِلمُ بَغيَا بَينَهُمۡۗ وَمَن يَكفُرۡ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلحِسَابِ﴾ [آل عمران:19] ﴿وَمَن يَبتَغِ غَيرَ ٱلإِسلَٰمِ دِينا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي ٱلأٓخِرَةِ مِنَ ٱلخَٰسِرِينَ﴾  [آل عمران:85] . وكأنّ في الآية جملةً مقدّرةً : (كان الناس أمة واحدة فضلُّوا وتفرَّقوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين) .   السؤال الرابع: لم أفرد الله عز وجل( الكتابَ) في الآية وجمعَ (النبيين) ؟   الجواب: بعث الله تعالى الأنبياء فعبّر عنهم بصيغة الجمع ﴿ٱلنَّبِيِّ‍نَ﴾ ولكنه قال: ﴿وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلكِتَٰبَ بِٱلحَقِّ﴾ ولم يقل: الكُتُب، مع أنهم جمعٌ متتابعٌ ولم يكن للكلِّ كتابٌ واحدٌ، فلِمَ أفرده تعالى؟ أفرده ليعلِّمَنا أنّ الحقَّ الذي نزل به الأنبياء واحدٌ، ولكنه نزل على فترات، وكلُّ واحد منهم متمِّمٌ لما قبله.   السؤال الخامس: لماذا أنَّثَ (البينات) فقال: ﴿جَآءَتهُمُ ٱلبَيِّنَٰتُ﴾ ؟   الجواب: انظر الجواب في السؤال الأول من آية البقرة 209.   السؤال السادس: ما أهم دلالات هذه الآية ؟   الجواب: 1 ـ هذه الآية تبيّن أنّ البشرَ بحاجة إلى تشريعٍ إلهي وبشكل مُلِّح ، لأنّ حبَ الدنيا عندهم حبٌ قديم، أدى بهم إلى الكفر والتفرق والبغي ، وبدأ ذلك من عهد نوح عليه السلام حيث عبَدَ الناسُ الأصنام ( ود ـ سواع ـ يغوث ـ يعوق ) بعد حوالي ألف سنة من زمن آدم عليه السلام ،  لذلك بعث الله الأنبياء بالكتب لهداية البشرية . 2ـ ( الكتاب ) يُطلق على جميع الكتب السماوية ﴿لِيَحكُمَ﴾   هؤلاء الرسل بين الناس فيما اختلفوا فيه  من الشرك والتوحيد بمقتضى ما جاء فيها . 3 ـ ( البغي ) هو أعمال الحسد بالقول والفعل ، والحرصُ على طلب الدنيا بغير حق ،  وكذلك التعدي والتجاوز بأشكاله المختلفة . 4 ـ قوله تعالى : ﴿وَمَا ٱختَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعدِ مَا جَآءَتهُمُ ٱلبَيِّنَٰتُ بَغيَا بَينَهُمۡۖ﴾ هم اليهود والنصارى الذين اختلفوا فيما بينهم في شأن محمد عليه السلام  من باب البغي والحسد  والظلم  من بعد أن رأوا العلامات الدّالة على صدقه ، وكان هذا من باب الحسد  لانتقال الرسالة منهم إلى العرب . 5 ـ كان ممّا اختلفوا فيه أيضاً: شأن عيسى عليه السلام ـ شأن إبراهيم عليه السلام أيهودي أم نصراني ـ في شأن القبلة ـ  في شأن يوم الجمعة ، فاختار اليهود السبت واختار النصارى الأحد ـ في شأن مدة الصيام ـ في شأن الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم . 6 ـ قوله تعالى : ﴿فَهَدَى ٱللَّهُ﴾  في إسناده إلى اسم الجلالة إعلام بأنّ الهدى من الله بعونه وتوفيقه . والله أعلم .       ﴿أَمۡ حَسِبتُمۡ أَن تَدخُلُواْ ٱلجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَواْ مِن قَبلِكُمۖ مَّسَّتهُمُ ٱلبَأسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾ [البقرة: 214]   السؤال الأول: قال تعالى: ﴿أَمۡ حَسِبتُمۡ أَن تَدخُلُواْ ٱلجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَواْ مِن قَبلِكُمۖ مَّسَّتهُمُ ٱلبَأسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُۥ مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾ [البقرة: 214] وفي رواية ورش جاء (يقولُ) بالضَّمِّ فما دلالة الضمِّ؟   الجواب: 1ـ ما الفرق اللغوي في المعنى بين الفعل المنصوب والفعل المرفوع بعد (حتى) ؟ والجواب: آـ القاعدة أنّ الحرفَ (حتى) قد يأتي بعده الفعل مرفوعاً وقد يأتي منصوباً، و(حتى) لا تَنصب إلا إذا كان الفعل بعدها مستقبل الوقوع، مثل: سأدرسُ حتى أنجحَ؛ لأنَّ النجاح يكون مستقبلاً، كما في قوله تعالى: ﴿قَالُواْ لَن نَّبرَحَ عَلَيهِ عَٰكِفِينَ حَتَّىٰ يَرجِعَ إِلَينَا مُوسَىٰ﴾ [طه:91]. ب ـ إذن النصبُ يفيدُ الاستقبالَ، ولذلك هم قالوا: إذا قلت: جئتُ حتى أدخلَ المدينةَ، يعني أنت لم تدخلها بعد، وإنْ كان قد دخلها يقول: جئتُ حتى أدخلُ المدينةَ . لا تقولها بالرفعِ إلا وأنت في سِكَكِها، فلو سمعناها بالنَّصبِ (حتى أدخلَ) نفهَمُ أنه ما دخلها. مثال آخر: أنت تقول: ما الذي جاء بك؟ يقولُ: جئت حتى أزورَ فلاناً، أي: يعني أنه لم يزره بعدُ، أمّا إذا قال: جئتُ حتى أزورُ فلاناً، يعني: زاره. ج ـ لذلك نؤكِّدُ على القاعدة في المعنى: إذا كانت بالرفع تدل على فعل حدث، وإذا كانت بالنصب يعني أنّ الفعل لم يحدث بعدُ. 2ـ في الآية يتكلم القرآن عن جماعةٍ مضوا ﴿حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ﴾ بالنَّصبِ، إذن هذا بعد إصابة البأساء والضراء والزلزال ثم قال الرسول، فهو إذن استقبالٌ لما بعد الإصابةِ، أي: هذا مستقبَلٌ بالنسبة لإصابةِ البأساءِ والضراءِ، ونفهم من ذلك أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم ما قالها إلا بعد البأساءِ والضراءِ والزلزلة النفسيةِ، إذن هذه منصوبة؛ لأنَّ القول يكون بعد البأساء والضراء. 3ـ (حتى يقولُ) بالرفعِ هذا ماضٍ بالنسبة للإخبارِ عنهم؛ لأنّ الإخبارَ كُلَّه وقع، فأنت الآن تخبِرُ عن أمر ماضٍ وقعَ، فالبأساءُ حدثت والرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلامَ وأنت تتكلَّمُ عن تاريخٍ، لذلك قوله تعالى: (حتى يقولُ) بالرفعِ، هذا إخبارٌ عما وقع عن حادثةٍ ماضيةٍ، فيقوله بالرفع.  إذن هناك أمران: إذا كان الاستقبالُ لما بعد الإصابةِ يقول: (حتى يقولَ) بالنصب، وإذا كان إخباراً عن كلِّ الحوادثِ يقولها بالرفع (حتى يقولُ). 4ـ قد يقول قائل: ألا يتعارض هذا بعضه مع بعض؟ والقرآنُ ماذا يريد أنْ يقول؟ هل قالها الرسولُ قبل البأساء أو بعد؟  والجواب: أنّ في الآية جانِبَينِ: الأول أنه ذكر حالة الرسول صلى الله عليه وسلم قبل القولِ فنصبَ، والثاني أنه ذكر حالَ الإخبار عنها بعد القول فرفع، ولا يوجد تعارض بين القراءتين وإنما ذكر حالتين: حالة قبل القول وحالة إخبار بعد القول. 5ـ نلخص ما سبق: في الآية قراءتان متواترتان هما: آـ حتى يقولَ ـ بالنصب. ب ـ حتى يقولُ ـ بالضم. والقاعدة النحوية كما ذكرنا أنه إذا كان الفعل مستقبلاً بعد (حتى) نصبتَ ، وإذا كان حالاً محكية رفعتَ فقولك: أسيرُ حتى أدخل البلدةَ، إذا لم يتم الدخول نصبتَ الفعلَ، وإذا حصل الدخول رفعت. (حتى يقولَ) بالنصب: أي: يقول الرسول مستقبلاً بعد الإصابة بالبأساء والضراء والزلزلة، أي بتقدير: وزلزلوا إلى أن يقولَ الرسول. (حتى يقولُ) بالرفع: إخبار عما وقع في الماضي، كأنه تاريخ عن الإصابة بالبأساء والضراء والزلزلة. فكأنّ القراءتين شملتا الحالتين، قبل القول وبعد القول . والأكثرية اختاروا النصب؛ لأنّ قراءة الرفع لا تصح إلا إذا جعلنا الكلام حكايةً عمن يخبر عنها حال وقوعها، أمّا قراءة النصب فلا تحتاج إلى هذا الفرض، لذا كانت قراءة النصب أولى. والله أعلم .   السؤال الثاني: ما دلالة الفعل ﴿وَزُلزِلُواْ﴾ في الآية؟   الجواب: انظر أخي المؤمن كيف عبّر الله عن شدة المصاب بقوله ﴿وَزُلزِلُواْ﴾ وهذا الفعل يدلُّكَ على شدة اضطراب نظام معيشتهم؛ لأنّ الزلزلة تدل على تحرك الجسم في مكانه بشدة، والتضعيف في الفعل زلزلوا يدل على تكرر هذا الحدث. والفعل ﴿وَزُلزِلُواْ﴾ معناه أنهم فتنوا من أكثر من جهة ، وليس من جهة واحدة، وهو أبلغ في التعبير.   السؤال الثالث: ما الفرق بين المسِّ واللمس ؟   الجواب: اللمس: يكون باليد خاصةً ليُعرف اللين من الخشونة والحرارة من البرودة، والمسُّ: يكون باليد وبغيرها. قال تعالى: ﴿مَّسَّتهُمُ ٱلبَأسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ﴾ [البقرة:214] وقال: ﴿وَإِن يَمسَسكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ﴾ [الأنعام:17] ولم يقل: يلمسك.   السؤال الرابع: ما الفرق بين البأساء والضراء ؟ الجواب: البأساء: لغة هي الشدة عموماً والمشقة والبؤس والفقر والحرب، ولكنْ أكثر ما تستعمل في الأموال والأنفس. الضراء: لغة هي المرض في الأبدان وما يصيب الأموال. ونقل عن ابن تيمية رحمه الله تعالى : البأساء في الأموال، والضراء في الأبدان، والزلزال في القلوب.   السؤال الخامس: ما المعلومات النحوية عن الحرف (حتى) باختصار ؟   الجواب:  مقدمة نحوية: الحرف (حتى) يدخل على الفعل المضارع فينتصب بعده أو يرتفع، فهو ينصب بعده إذا كان مستقبلاً، وأمّا إذا كان حالاً أو قولاً عن الماضي فيرفع. وتأتي (حتى) في معانٍ ثلاث مع النصب: آ ـ انتهاء الغاية بمعنى: (إلى أنْ) نحو قوله تعالى: ﴿حَتَّىٰ يَرجِعَ إِلَينَا مُوسَىٰ﴾ [طه:91]. ب ـ التعليل بمعنى: (كي) كقوله تعالى: ﴿لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ﴾ [المنافقون:7] وكقولك: أطعتُ الله حتى أدخلَ الجنة. ج ـ مرادفة لمعنى: (إلا أنْ) في الاستثناء.   السؤال السادس: ما المعنى العام لهذه الآية ؟   الجواب: ذكر الله تعالى في الآية التي سبقتها أنّ الله يهدي من يشاء إلى الحق وطلب الجنة، فبيّن الله تعالى في هذه الآية للمؤمنين أنّ هذه الفضيلة من الهداية لا يستحقونها إلا بتحمل المحن كما تحملها المؤمنون مع الأنبياء السابقين.   السؤال السابع: ما دلالة حرف الاستفهام (أم) في الآية ؟   الجواب: ( أمْ ) حرفُ استفهام نحو: أزيد أفضل أمْ خالد؟ آ ـ وقد تأتي بمعنى (بل) والهمزة ، كما في قوله تعالى ﴿أَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمۡ هُمُ ٱلمُصَيطِرُونَ﴾ [الطور: 37] والمعنى: بل أعندهم خزائن ربك . ب ـ وقد يكون الاستفهام بها حقيقياً نحو: هذا المنطلق أحمد أم هو إبراهيم ؟ فقد بنيت كلامك على اليقين أنه أحمد، ثم أدركك الشك وسألت: بل أهو إبراهيم ؟ ج ـ وقد يكون الاستفهام بها غير حقيقي، فيراد به الإنكار والتوبيخ نحو قوله تعالى: ﴿أَمۡ لَهُ ٱلبَنَٰتُ وَلَكُمُ ٱلبَنُونَ﴾ [الطور: ٣٩] . د ـ وكذلك فإنّ (أم) المنقطعة تفيد الإضراب بل قد تتجرد له كما في قوله تعالى: ﴿قُلۡ هَلۡ يَستَوِي ٱلأَعمَىٰ وَٱلبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَستَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ﴾ [الرعد: ١٦].    السؤال الثامن: كيف يليق بالرسول القاطع بصحة وعد الله أن يقول على سبيل الاستبعاد ﴿مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ﴾ ؟   الجواب: إنّ كونه رسولاً لا يمنع من أنْ يتأذى من كيد الأعداء، كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ نَعلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾ [الحِجر:97] وقوله: ﴿لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤمِنِينَ﴾ [الشعراء:3] وقوله: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَا ٱستَئَسَ ٱلرُّسُلُ﴾ [يوسف:110] . وعلى هذا إذا ضاق قلبه وقلت حيلته وهو يعلم أنّ نصر الله آتٍ- وإنْ كان لا يعرف وقته تحديداً- فماذا عليه لو سأل عن موعد ذلك النصر؟ ﴿مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ﴾ حتى إذا علم قرب الوقت زال همه وطاب قلبه كما قال في الجواب: ﴿أَلَآ إِنَّ نَصرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾ فتضمن الجواب ذكر القرب؛ لأنّ السؤال كان عن قرب النصر، ولو كان السؤال عن وجود النصر من عدمه لما كان الجواب مطابقاً لذلك السؤال.   السؤال التاسع: قوله تعالى: ﴿مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ﴾ إلى من يعود ؟   الجواب: قوله تعالى: ﴿مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ﴾ هو قول الذين آمنوا، وقوله تعالى : ﴿أَلَآ إِنَّ نَصرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾ هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنْ يكون جواباً من الله تعالى لهم تثبيتاً لقلوبهم.   السؤال العاشر: إنْ قيل إنّ قولَه تعالى: ﴿أَلَآ إِنَّ نَصرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾ يوجب في حقِّ كل من لحقته شدة أنْ يعلم أنه سيظفر بزوالها وذلك غير ثابت، فكيف ؟   الجواب: آـ لا يمنع أنْ يكون هذا من خواص الأنبياء عليهم السلام. ب ـ أو يكون ذلك عاماً؛ لأنّ الإنسان في البلاء إمّا أنْ يتخلص منه أو يموت، وإنْ مات فقد وصل إلى من لا يهمل أمره ولا يضيع حقه، وذلك من أعظم النصر، وإنما جعله قريباً؛ لأنّ الموت قريب. ج ـ هذه الآية: ﴿مَتَىٰ نَصرُ ٱللَّهِۗ أَلَآ إِنَّ نَصرَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ﴾ فيها استبطاءٌ ، وفيها بشرى بالنصر القريب. والله أعلم .    
    • الشفاعة في آيات القرآن الكريم بين النفي والإثبات الشفاعة فضل من الله تعالى يكرم به بعض عباده يوم القيامة فيأذن لهم أن يشفعوا لمن شاء من خلقه ممن لم يقترف كفراً أو شركاً، ففي ظل ذلك الرهيب الذي يغرق الناس فيه في عرقهم، وتحيط بهم الأهوال من كل جانب، يتمنى كل إنسان أن يجد مخرجاً ومنفذا ينجو فيه من عذاب الله وعقابه، وهنا تبرز رحمة الله وفضله، فلا يخيب آمال خلقه، بل يأذن لأنبياءه وأولياءه بالشفاعة، فيشفع النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة العظمى في الفصل بين الخلائق، وبدء الحساب، ويشفع النبي صلى الله عليه وسلم في العصاة من أمته، ويشفع غيره من الأنبياء، ويشفع الشهداء في أقربائهم، ويشفع العلماء، ويشفع المولود في والده، ويشفع غيرهم ممن يأذن الله لهم، في يوم مهيب يحتاج الناس فيه لمثل هذه الشفاعات .   فالشفاعة هي توسط أصفياء الخلق يوم القيامة لرفع درجات أقوام أو دفع أو رفع أو تخفيف عقابهم وهي في حقيقتها تكريم للشافع، ورحمة بالمشفوع، ولأهمية الشفاعة فقد ورد ذكرها في العديد من الآيات، ولكن هذه الآيات ترددت في ذكرها بين النفي المطلق، والإثبات المقيد، ونحن نذكر جميع هذه الآيات ونبين معانيها، ونشرح كيف أن هذه الآيات – مع اختلاف ظاهرها - تتفق ولا تختلف، وتجتمع ولا تفترق . قال تعالى: { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون } البقرة (48)، والظاهر من الآيات العموم أي أن النفوس يوم القيامة لا تنفعها شفاعة الشافعين، لكن سياق الآيات يدل على أن المراد بهذه النفوس التي لا تنفعها الشفاعات هي النفوس الكافرة، التي أشركت وكفرت بربها، فلم تترك لعظم ذنبها مجالا لرحمة الله أن تحل بها، بواسطة أو دون واسطة، ومن الدليل على أن المراد من هذه الآية الكفار ما سبقها من آيات، والتي تبين أن المخاطب بها هم اليهود، قال تعالى: { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي .. } قال الإمام الطبري في تفسيره: " إن الله عز وجل خاطب أهل هذه الآية بما خاطبهم به فيها، لأنهم كانوا من يهود بني إسرائيل، وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه وأولاد أنبيائه، وسيشفع لنا عنده آباؤنا. فأخبرهم الله جل وعز أن نفساً لا تجزي عن نفس شيئاً في القيامة، ولا يقبل منها شفاعة أحد فيها حتى يستوفى لكل ذي حق منها حقه .. فآيسهم الله - جل ذكره - مما كانوا أطمعوا فيه أنفسهم من النجاة من عذاب الله - مع تكذيبهم بما عرفوا من الحق، وخلافهم أمر الله في إتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - وما جاءهم به من عنده - بشفاعة آبائهم وغيرهم من الناس كلهم؛ وأخبرهم أنه غير نافعهم عنده إلا التوبة إليه من كفرهم والإنابة من ضلالهم، وجعل ما سن فيهم من ذلك إماماً لكل من كان على مثل منهاجهم لئلا يطمع ذو إلحاد في رحمة الله " أ.هـ .   وقال تعالى: { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون } البقرة (آية:123) وهذه الآية كسابقتها المخاطب بها بنو إسرائيل، والقول فيها كالقول في الآية السابقة . وقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون } البقرة (آية:254)، وهذه الآية وإن كان المخاطب فيها المؤمنون والنفي فيها عاماً، إلا أنه من العام المخصوص، وتخصيصه بالأدلة الصريحة والصحيحة التي تثبت شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في العصاة أصحاب الكبائر، ويمكن أن يقال أيضاً أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة التي لا يأذن الله فيها، أي التي يتصور أن يبتدئها الشافع دون إذن من الله، أما التي يأذن الله بها، فهذه ليست منفية بل مثبته في الآيات والأحاديث . وقال تعالى: { لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } مريم (آية:87) وهذه الآية دليل على إثبات الشفاعة، وأنها ليست منفية بإطلاق، بل هي مشروط بالإيمان وهو المقصود بالعهد في الآية، يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية: " لا يملك هؤلاء الكافرون بربهم يا محمد، يوم يحشر الله المتقين إليه وفداً الشفاعة، حين يشفع أهل الإيمان بعضهم لبعض عند الله، فيشفع بعضهم لبعض { إِلا مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمْ عِنْدَ الرَّحْمَنِ } في الدنيا { عَهْدًا } بالإيمان به، وتصديق رسوله، والإقرار بما جاء به، والعمل بما أمر به " أ.هـ .   ويقول تعالى: { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } طه (آية:109) وهذه الآية تثبت الشفاعة وتشترط لها شرطين إذن الله ورضاه عن قول المشفوع، وقوله هو شهادة التوحيد، فهذه الآية تتسق مع ما سبقها من أن الشفاعة لا تنال كافرا لكفره . وقال تعالى: { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } سبأ (آية:23) وهذه الآية كسابقتها . وقال تعالى: { قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون } الزمر (آية:44)، وهذه الآية ترد أمر الشفاعة جميعا لله تعالى، فهو الذي يأذن للشافع أن يشفع، وهو الذي أراد للمشفوع أن يُشفع فيه، وهو القادر على منع الشافع والمشفوع، كما أنه هو القادر على إعطاءها، فالأمر كله بيده منعاً وإعطاءاً . وقال تعالى: { ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون } الزخرف (آية:86) وهذه الآية خاطب الله بها الكفار الذين يعبدون الأوثان والأحجار، فقال لهم: إن من تدعونهم من أصنامكم وأوثانكم، وتأملون أن يشفعوا لكم، هم لا يملكون الشفاعة أصلاً، وإن من يملكها هو من يأذن الله له أن يشفع، وهم الأنبياء والمرسلون، فاتبعوهم وآمنوا بما جاءوا به من عند الله تنال شفاعتهم . وقال تعالى: { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } المدثر (آية:48)، وهذه الآية في الكفار بدليل الآيات السابقة وهي متسقة مع ما أثبتناه سابقاً من إثبات الشفاعة للمؤمنين ونفيها عن الكافرين . وقال تعالى: { فما لنا من شافعين ولا صديق حميم } الشعراء (آية:100) وهذه الآية تحكي قول المشركين وهم في النار خالدون، كيف يتحسرون ويتندمون، فلا إيمان ينجيهم، ولا عمل يخلصهم، ولا شافع يشفع لهم، ولا صديق ينقذهم، فتقطعت بهم السبل، وضرب اليأس أعماقهم، فزادهم عذاباً فوق العذاب . هذه جملة ما ورد في الشفاعة من آيات القرآن وهي تؤكد معنى واحدا أن الشفاعة ملك لله تعالى، وأنه سبحانه قد حرمها الكفار فلا يشفعون ولا يشفع لهم، وأنه سبحانه قد امتن على بعض عباده من الملائكة والأنبياء والشهداء والعلماء بالشفاعة تكريما لهم ورحمة بمن يشفعون . وينبغي التنبيه هنا أن الشفاعة وإن كانت مثبتة بأدلة الكتاب والسنة والإجماع إلا أن على المؤمن أن لا يركن على ذلك، فيصيب المعاصي ويأتي المنكرات أملاً أن ينالها، فالشفاعة جائزة وليست واجبة، بمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الشافعين يشفعون في بعض من تجوز الشفاعة فيهم لا كلهم، فتنال الشفاعة بعض العصاة دون بعض، ويصيب العذاب بعض العصاة دون بعض، ثم إن الشفاعة تحصل يوم القيامة أما في القبر فلا شفاعة، فعلى المسلم أن يركن لرحمة الله وتوفيقه ثم أن يركن إلى الإيمان والعمل الصالح فهما أعظم شفيع يوم القيامة .     اسلام ويب
       
    • كود تفعيل myhd IPTV: كيفية الحصول عليه واستخدامه يعتبر كود تفعيل myhd IPTV خطوة أساسية للمستخدمين الراغبين في الاستفادة من الخدمة، حيث يتيح لهم الوصول إلى مجموعة واسعة من القنوات والمحتوى الترفيهي. في هذا الموضوع، سنستعرض كيفية الحصول على كود التفعيل، وطريقة استخدامه، بالإضافة إلى بعض النصائح الهامة لضمان تجربة سلسة. 1. ما هو كود تفعيل myhd IPTV؟ كود تفعيل myhd IPTV هو رمز فريد يُستخدم لتفعيل الاشتراك في خدمة IPTV. يوفر هذا الكود للمستخدمين الوصول إلى القنوات والمحتوى المتميز الذي تقدمه myhd IPTV. 2. كيفية الحصول على كود تفعيل myhd IPTV للحصول على كود التفعيل، يجب على المستخدمين اتباع الخطوات التالية: الاشتراك في خدمة myhd IPTV: يجب أولاً تسجيل الاشتراك عبر الموقع الرسمي أو من خلال مزودي الخدمة المعتمدين. تأكيد الاشتراك: بعد الاشتراك، سيتم إرسال كود التفعيل إلى البريد الإلكتروني المسجل. التحقق من الرسائل: تأكد من التحقق من صندوق الوارد أو مجلد الرسائل غير المرغوب فيها. 3. كيفية استخدام كود تفعيل myhd IPTV لاستخدام كود التفعيل، اتبع الخطوات التالية: تثبيت تطبيق myhd IPTV: قم بتنزيل التطبيق على جهازك، سواء كان تلفازًا ذكيًا، أو هاتفًا محمولًا، أو جهاز كمبيوتر. فتح التطبيق: بعد التثبيت، افتح التطبيق. إدخال كود التفعيل: في واجهة التطبيق، ابحث عن خيار "تفعيل" أو "تسجيل الدخول" وأدخل كود التفعيل الذي حصلت عليه. الاستمتاع بالمحتوى: بعد إدخال الكود بنجاح، يمكنك البدء في استكشاف القنوات والمحتوى المتاح. 4. نصائح لضمان تجربة سلسة اختيار مزود موثوق: تأكد من شراء الاشتراك من مزود خدمات موثوق لضمان جودة الخدمة. التأكد من تحديث التطبيق: حافظ على تحديث تطبيق myhd IPTV لأحدث الإصدارات لضمان أداء أفضل. الاتصال بشبكة إنترنت قوية: تأكد من اتصالك بشبكة Wi-Fi قوية لتفادي انقطاع الخدمة أو بطء التحميل. الخاتمة كود تفعيل ماي اتش ابي تي في هو الخطوة الأولى نحو الاستمتاع بتجربة ترفيهية مميزة. من خلال اتباع الخطوات المذكورة أعلاه، يمكنك الحصول على الكود واستخدامه بسهولة. استمتع بمشاهدة مجموعة متنوعة من القنوات والمحتوى المتميز!  
    • من درر العلامة ابن القيم عن النفس   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فمن المواضيع التي تحدَّث عنها العلامة ابن القيم رحمه الله في بعض مصنفاته: موضوع "النفس"، وقد يسَّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا من أقواله، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.   كتاب: روضة المحبِّين ونزهة المشتاقين النفوسُ الشريفة الزكَّيةُ العلوية تعشقُ صفات الكمال: النفوسُ الشريفة الزكَّيةُ العلوية تعشقُ صفات الكمال بالذَّات، فأحبُّ شيء إليها العلمُ والشَّجاعةُ والعفَّةُ والجودُ والإحسانُ، والصبر، والثبات؛ لمناسبة هذه الأوصاف لجوهرها، بخلاف النفوس اللئيمة الدنيَّة فإنها بمعزل عن محبة هذه الصفات، وكثير من الناس يحمله على الجود والإحسان فرطُ عشقه ومحبَّته له، واللَّذة التي يجدها في بذله، كما قال المأمون: لقد حُبِّب إليَّ العفو حتى خشيت ألَّا أُؤجَرَ عليه، وقيل للإمام أحمد رحمه الله: تعلمت هذا العلم لله؟ فقال: أمَّا لله فعزيز، ولكن شيء حُبِّبَّ إليَّ، ففعلتُه. وقال آخر: إني لأفرحُ بالعطاء وألتذُّ به أعظم مما يفرحُ الآخذ بما يأخذه مني.   وكثيرٌ من الأجواد يعشق الجود أعظم عِشْق، فلا يصبر عنه مع حاجته إلى ما يجود به، ولا يقبلُ فيه عَذْلَ عاذلٍ، ولا تأخذه لومةُ لائمٍ، وأمَّا عُشَّاق العلم فأعظمُ شغفًا به وعشقًا له من كل عاشقٍ بمعشوقه، وكثيرٌ منهم لا يشغلُهُ عنه أجمل صورة من البشر.   قيل لامرأة الزبير بن بكار أو غيره: هنيئًا لك؛ إذ ليست لك ضرَّة، فقالت: واللهِ لهذه الكتبُ أضرُّ عليَّ مِن عدَّة ضرائر، فعِشْقُ صفاتِ الكمال من أنفع العشق وأعلاه، وإنما يكون بالمناسبة التي بين الروح وتلك الصفات.   أقسام النفوس ومَحابِّها: النفوس ثلاثة: نفس سماوية عُلوية، فمحبتها منصرفة إلى المعارف، واكتساب الفضائل، والكمالات الممكنة للإنسان، واجتناب الرذائل، وهي مشغوفة بما يُقرِّبها من الرفيق الأعلى، وذلك قُوتُها، وغِذاؤُها، ودواؤها، واشتغالها بغيره هو داؤها.   ونفس سبعية غضبية، فمحبَّتُها منصرفةٌ إلى القهر، والغي، والعلو في الأرض، والتكبُّر، والرئاسة على الناس بالباطل، فلذَّتُها في ذلك، وشغفُها به.   ونفس حيوانية شهوانية، فمحبَّتُها منصرفةٌ إلى المأكل، والمشرب، والمنكح، وربما جمعت بين الأمرين، فانصرفت محبَّتُها إلى العلو في الأرض، والفساد.   الملائكة أولياء لأصحاب النفس السماوية العلوية: الملائكة أولياء هذا النوع في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32] فالملك يتولَّى من يناسبه بالنصح له والإرشاد....وإلقاء الصواب على لسانه، ودفع عدوِّه عنه، والاستغفار له إذا زلَّ، وتذكيره إذا نسي، وتسليته إذا حزن، وإلقاء السكينة في قلبه إذا خاف، وإيقاظه للصلاة إذا نام عنها، وإيعاد صاحبه بالخير، وحضِّه على التصديق بالوعد، وتحذيره من الركون إلى الدنيا، وتقصير أمله، وترغيبه فيما عند الله، فهو أنيسه في الوحدة، ووليُّه، ومعلِّمه، ومثبتُه، ومسكِّن جأْشِه، ومرغِّبه في الخير ومحُذِّرة من الشرِّ، يستغفر له إن أساء، ويدعو له بالثبات إن أحسن، وإن بات طاهرًا يذكر الله بات معه في شعاره، فإن قصَدَه عدوٌّ له بسوءٍ وهو نائم، دفعه عنه.   الشياطين أولياء لأصحاب النفوس السبعية الغضبية: الشياطين أولياء النوع الثاني، قال تعالى: ﴿ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ﴾ [النحل: 63]، وقال تعالى:﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ﴾ [الكهف: 50].   فهذا النوع بين نفوسهم وبين الشياطين مناسبة طبيعية، بها مالت أوصافُهم، وأخلاقُهم، وأعمالُهم، فالشياطين تتولَّاهم بضدِّ ما تتولَّى به الملائكة من ناسبهم، فتؤزُّهم إلى المعاصي أزًّا، وتزعجهم إليها إزعاجًا، ويزينون لهم القبائح، ويُخفِّفونها على قلوبهم، ويحلونهم في نفوسهم، ويثقلون عليهم الطاعات ويُثبطونهم عنها، ويقبحُونها في أعينهم، ويلقون على ألسنتهم أنواع القبيح من الكلام، وما لا يفيد، ويُزيِّنونه في أسماع من يسمعه منهم، يبيتون معهم حيث باتوا، ويقيلون معهم حيث قالوا، ويشاركونهم في أموالهم وأولادهم ونسائهم، يأكلون معهم ويشربون معهم وينامون معهم، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا ﴾ [النساء: 38].   كتاب: بدائع الفوائد النفس كالعدوِّ: النفس كالعدوِّ إن عرفت صولة الجدِّ منك استأسرت لك، وإن أنست عنك المهانة أسرتك، امنعها ملذوذ مُباحاتها ليقع الصلح على ترك الحرام، فإذا ضجَّت لطلبِ المباح: ﴿ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ﴾ [محمد: 4].   كتاب: الروح النفس اللوَّامة: اللوَّامة، هي التي أقسم بها سبحانه في قوله: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2]، فاختلف فيها، فقالت طائفة: هي التي لا تثبتُ على حال واحدة، أخذوا اللفظة من التلوُّم، وهو التردُّد، فهي كثيرة التقلُّب والتلوُّن، وهي من أعظم آيات الله، فإنها مخلوق من مخلوقاته تتقلَّب وتتلوَّن في الساعة الواحدة – فضلًا عن اليوم والشهر والعام والعمر – ألوانًا متلونةً، فتذكُر وتغفل، وتقبل وتُعرض، وتلطف وتكثف، وتنيب وتجفو، وتحب وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتطيع وتعصي، وتتقي وتفجر، إلى أضعاف ذلك من حالاتها وتلوُّنها، فهذا قول.   وقالت طائفة: اللفظة مأخوذة من اللوم...فإن كل أحد يلوم نفسه، برًّا كان أو فاجرًا، فالسعيد يلومها على ارتكاب معصية الله وترك طاعته، والشقي لا يلومها إلا على فوات حظِّها وهواها...وقالت فرقة أخرى: هذا اللومُ يوم القيامة، فإن كل أحد يلوم نفسه: إن كان مسيئًا على إساءته، وإن كان محسنًا على تقصيره.   وهذه الأقوال كلها حقٌّ ولا تنافي بينها؛ فإن النفس موصوفة بهذا كلِّه، وباعتباره سميت لوَّامة؛ ولكن اللوَّامة نوعان: لوَّامة ملُومة: وهي النفس الجاهلة الظالمة، التي يلومها الله وملائكته، ولوَّامة غيرُ ملومة: وهي التي لا تزال تلومُ صاحبها على تقصيره في طاعة الله مع بذله جهده، فهذه غير ملومة.   وأشرف النفوس مَن لامت نفسها في طاعة الله، واحتملت ملائم اللائمين في مرضاته فلا تأخذها فيه لومة لائم فهذه قد تخلَّصت من لوم الله لها، وأما من رضيت بأعمالها...ولم تحتمل في الله ملام اللُّوام، فهي التي يلومها الله عز وجل.   النفس الأمَّارة: النفس الأمَّارة فهي المذمومة، فإنها تأمر بكل سوء، وهذا من طبيعتها إلا من وفَّقها الله، وثبَّتها، وأعانها، فما تخلَّص أحد من شرِّ نفسه إلا بتوفيق الله له، كما قال تعالى حاكيًا عن امرأة العزيز: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [يوسف: 53]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ ﴾ [النور: 21]، وقال تعالى لأكرم خلقه عليه وأحبِّهم إليه: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 74].   وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّمهم خطبة الحاجة: ((إنَّ الحمدَ لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له))، فالشرُّ كامنٌ في النفس، وهو موجب سيئات الأعمال، فإن خلى الله بين العبد وبين نفسه هلك بين شرِّها وما تقتضيه من سيئات الأعمال، وإن وفَّقه وأعانه نجَّاه من ذلك كله، فنسأل الله العظيم أن يعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.   النفس المطمئنة: النفس المطمئنة هي أقلُّ النفوس البشرية عددًا، وأعظمها عند الله قدرًا، وهي التي يُقال لها: ﴿ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 28 - 30]، والله سبحانه المسؤول المرجو الإجابة، أن يجعلنا نفوسنا مطمئنةً إليه، عاكفةً بهمتها عليه، راهبةً منه، راغبةً فيما لديه، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وألَّا يجعلنا ممن أغفل قلبه عن ذكره، واتَّبع هواه، وكان أمره فرطًا.   تأثير النفس في غيرها: تأثيرات النفوس بعضها في بعض أمر لا ينكره ذو حسٍّ سليم ولا عقل مستقيم، ولا سيَّما عند تجرُّدها نوع تجرد عن العلائق والعوائق البدنية، فإن قواها تتضاعف وتتزايد بحسب ذلك، ولا سيَّما عند مخالفة هواها وحملها على الأخلاق العالية...وتجنبها سفساف الأخلاق ورذائلها وسافلها، فإن تأثيرها في العالم يقوي جدًّا تأثيرًا يعجز عنه البدن، وأعراضه: أن تنظر إلى حجر عظيم فتشُقُّه، أو حيوان كبير فتُتلفه، أو نعمة فتزيلها، وهذا أمر قد شاهده الأمم على اختلاف أجنساها وأديانها، وهو الذي يُسمَّى إصابة العين، فيضيفون الأثر إلى العين، وليس لها في الحقيقة؛ وإنما هو للنفس المتكيفة بكيفية رديَّة سُمِّيَّة، وقد يكون بواسطة العين، وقد لا يكون؛ بل يوصف له الشيء من بعيد، فتتكيَّف عليه نفسه بتلك الكيفية فتفسده.   كتاب: الفوائد شهود عيوب النفس: شهود العبد ذنوبه وخطاياه توجب له ألَّا يرى لنفسه على أحدٍ فضلًا، ولا له على أحدٍ حقًّا، وإذا شهد ذلك من نفسه لم يرَ لها على الناس حقوقًا من الإكرام يتقاضاهم إياها ويذمُّهم على ترك القيام بها...فيرى أنَّ من سلَّم عليه أو لقيه بوجهٍ منبسط فقد أحسن إليه، وبذل له ما لا يستحقُّه، فاستراح هذا في نفسه، وأراح الناس من شِكايته وغضبه على الوجود وأهله، فما أطيبَ عيشَه! وما أنعم بالَه! وما أقرَّ عينَه!.   التضييق على النفس، والتوسيع عليها: النفس كلما وسَّعت عليها ضيَّقت على القلب حتى تصير معيشتُه ضنكًا، وكلما ضيَّقت عليها وسَّعت على القلب حتى ينشرح وينفسح.   الاشتغال بعيوب النفس: • طوبى لمن شغله عيبُه عن عيوب الناس، وويل لمن نَسِي عيبه وتفرَّغ لعيوب الناس، هذا من علامة الشقاوة، كما أن الأول من أمارات السعادة.   • من شغل بنفسه شُغل عن غيره، ومن شُغل بربِّه شُغل عن نفسه.   • من عرف نفسه اشتغل بإصلاحها عن عيوب الناس.   من عرف نفسه عرف ربَّه: من عرف نفسه عرف ربَّه، فإنه من عرَف نفسَه بالجهل والظلم والعيب والنقائص والحاجة والفقر والذُّل والمسكنة والعدم، عرف ربَّه بضدِّ ذلك، فوقف بنفسه على قدرها، ولم يتعدَّ بها طورها، وأثنى على ربِّه ببعض ما هو أهله، وانصرفت قوة حُبِّه وخشيته ورجائه وإنابته وتوكُّله إليه وحده، وكان أحبَّ شيء إليه وأخوف شيء عنده وأرجاه له، وهذا هو حقيقة العبودية، والله المستعان.   مجاهدة النفس تُذهِبُ أخلاقها المذمومة: سبحان الله في النفس: كبرُ إبليس، وحسد قابيل، وعُتُوُّ عاد، وطغيانُ ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغيُ قارون، وقحة هامان، وحِيَل أصحاب السبت، وتمرُّدُ الوليد، وجهل أبي جهل.   وفيها من أخلاق البهائم: حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجُعل، وعقوق الضَّبِّ، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسقُ الفارة، وخُبْثُ الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفَّةُ الفراش، ونوم الضبع، غير أنَّ الرياضة والمجاهدة تُذهِبُ ذلك.   جهل الإنسان بمصالح نفسه: والعبدُ- لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربِّه وحكمته ولطفه- لا يعرف التفاوت بين ما مُنِعَ منه وبين ما ذُخِرَ له؛ بل هو مُولِع بحبِّ العاجل وإن كان دنيًّا، وبقلَّةِ الرغبة في الآجل وإن كان عليًّا.   ولو أنصف العبد ربَّه – وأنَّى له بذلك – لعَلِمَ أن فضله عليه فيما منعه من الدنيا ولذَّاتها ونعيمها أعظم من فضله عليه فيما آتاه من ذلك، فما منعه إلا ليُعطيه، ولا ابتلاه إلا ليُعاقبه، ولا امتحنه إلا ليُصافيه، ولا أماته إلا ليُحييه، ولا أخرجه إلى هذه الدار إلا ليتاهَّب منها للقدوم عليه، وليسلك الطريق الموصلة إليه.   كتاب: طريق الهجرتين وباب السعادتين غِنى النفس: غنى النفس...استقامتها على الأمر الديني الذي يحبُّه الله ويرضاه، وتجنُّبها لمناهيه التي يسخطها ويُبغضها، وأن تكون هذه الاستقامة على الفعل والترك تعظيمًا لله وأمره، وإيمانًا به، واحتسابًا لثوابه، وخشية من عقابه، لا طلبًا لتعظيم المخلوقين له ومدحهم، وهربًا من ذمِّهم وازدرائهم، وطلبًا للجاه والمنزلة عندهم، فإن هذا دليل على غاية الفقر من الله، والبعد منه، وأنه أفقر شيء إلى المخلوق.   فسلامة النفس من ذلك واتصافها بضدِّه دليل غناها؛ لأنها إذا أذعنت منقادةً لأمر الله طوعًا واختيارًا ومحبةً وإيمانًا واحتسابًا، بحيث تصير لذَّتها وراحتها ونعيمها وسرورها في القيام بعبوديته، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا بلالُ، أرِحْنا بالصَّلاةِ))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((حُبِّب إليَّ من دُنْياكم النساءُ والطيِّبُ، وجُعِلت قُرَّةُ عيني في الصلاة)).   كتاب: التبيان في أيمان القرآن النفس اللوَّامة: كل نفس لوَّامة؛ فالنفس السعيدة تلوم على فعل الشر وترك الخير فتُبادِر إلى التوبة، والنفس الشقيَّة بالضد من ذلك.   ونبَّه سبحانه بكونها لوَّامة على شدة حاجتها وفاقتها وضرورتها إلى مَن يُعرِّفها الخير والشر، ويرشدها إليه ويلهمها إياه، فيجعلها مريدةً للخير مؤثرة له، كارهةً للشر مجانبةً له.   النفس المعطية: النفس المعطية: هي النفَّاعة المحسنة التي طبعها الإحسان وإعطاء الخير اللازم والمتعدي، فتعطي خيرَها لنفسها ولغيرها، فهي بمنزلة "العين" التي ينتفع الناس بشربهم منها، وسقي دوابهم وأنعامهم وزروعهم، فهم ينتفعون بها كيف شاؤوا فهي مُيسَّرة لذلك، وهكذا الرجل المبارك مُيسَّر للنفع حيث حلَّ، فجزاء هذا أن يُيسِّره الله لليُسْرى كما كانت نفسُه مُيسَّرةً للعطاء.   كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد مراتب جهاد النفس: جهاد النفس أربع مراتب: إحداها: أن يُجاهِدها على تعلُّم الهدى ودين الحق.   الثانية: أن يُجاهِدها على العمل به بعد علمه.   الثالثة: أن يُجاهِدها على الدعوة إليه، وتعليمه من لا يعلمه. الرابعة: أن يُجاهِدها على الصبر على مشاقِّ الدعوة إلى الله، وأذى الخلق.   رياضة النفوس: • رياضة النفوس بالتعلُّم والتأدُّب، والفرح والسرور، والصبر والثبات، والإقدام والسماحة، وفعل الخير، ونحو ذلك ممَّا ترتاض به النفوس.   • النفوس...من أعظم رياضتها: الصبر والحب، والشجاعة والإحسان، فلا تزال ترتاض بذلك شيئًا فشيئًا حتى تصير لها هذه الصفات هيئات راسخة، وملكات ثابتة.   • من لم يجاهد نفسه أولًا لتفعل ما أمرت به، وتترك ما نهيت عنه، ويُحاربها في الله، لم يُمكنه جهاد عدوِّه في الخارج، فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه، وعدوه الذي بين يديه قاهر له، مُتسلِّط عليه، لم يجاهده، ولم يُحارِبْه في الله.   كتاب: إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان ظهور ما في النفس من طيب وخبث على الجسد: النفس النجسة الخبيثة يقوى خبثها ونجاستها حتى يبدو على الجسد، والنفس الطيبة بضدِّها، فإذا تجردت وخرجت من البدن وُجِدَ لهذه كأطيب نفحة مسكٍ وُجِدت على وجه الأرض، ولتلك كأنتن ريح جيفةٍ وُجِدت على وجه الأرض.   لجهل النفس تضع الداء موضع الدواء: النفس...لجهلها تظن شفاءها في اتِّباع هواها؛ وإنما فيه تلفُها وعطبُها ولظلمها...تضع الداء موضع الدواء فتعتمده وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه فيتولَّد من بين إيثارها للداء واجتنابها للدواء أنواع من العِلَل التي تُعيي الأطباء ويتعذَّر معها الشفاء.   فوائد محاسبة النفس: في محاسبة النفس عدة مصالح: منها: الاطلاع على عيوبها، ومن لم يطَّلِع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مَقَتَها في ذات الله.   • من فوائد محاسبة النفس: أنه يعرف بذلك حقَّ الله عليه، ومن لم يعرف حقَّ الله عليه فإن عبادته لا تكاد تُجدي عليه، وهي قليلة المنفعة جدًّا.   • من فوائد محاسبة النفس النظر في حقِّ الله على العبد، فإن ذلك يُورِثه مَقْتَ نفسِه، والإزراء عليها، ويُخلِّصه من العُجْب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذُّل والانكسار بين يدي ربِّه، واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفوِ الله.   كتاب: مدارج السالكين في منازل السائرين السخط على النفس: قد قيل: علامة رضا الله عنك سخطك على نفسك، وعلامة قبول العمل احتقاره واستقلاله وصغره في قلبك، حتى إن العارف ليستغفر الله عقيب طاعاته.   سوء الظن بالنفس، إنما احتاج إليه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويُلبس عليه، فيرى المساوئ محاسن، والعيوب كمالًا،... ولا يسيءُ الظن بنفسه إلا مَن عرَفها، ومن أحسن ظنَّه بها فهو من أجهل الناس بنفسه!   رياضة النفس: من منازل: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] الرياضة، وهي تمرين النفس على الصدق والإخلاص...تمرينها على قبول الصِّدق إذا عرضه عليها في أقواله وأفعاله وإرادته، فإذا عرض عليها الصدق قبلته وانقادت له وأذعنت له، وقبول الحق ممن عرضه عليه.   • تهذيب الأخلاق بالعلم المراد به إصلاحها وتصفيتها بموجب العلم فلا يتحرَّك بحركةٍ ظاهرةٍ أو باطنةٍ إلا بمقتضى العلم، فتكون حركاتُ ظاهره وباطنه موزونةً بميزان الشرع.   شبكة الالوكة فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ  
    • من درر العلامة ابن القيم عن الشيطان   الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فالشيطان من المواضيع التي تكلَّم عنها العلامة ابن القيم رحمه الله في عدد من كتبه، ولا غَرْو في ذلك، فقد جاء التحذير من الشيطان في الكِتاب والسُّنَّة في مواضع متعددة، قال رحمه الله في كتابه المفيد النافع "إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان": الشيطان ... المتأخرون من أرباب السلوك لم يعتنوا به اعتناءهم بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، فإنهم توسَّعوا في ذلك، وقصروا في هذا الباب، ومَن تأمَّل القرآن والسُّنَّة وجد اعتناءهما بذكر الشيطان وكيده ومحاربته أكثر من ذكر النفس.   الشيطان ... تحذير الرب تعالى لعباده منه جاء أكثر من تحذيره من النفس، وهذا هو الذي لا ينبغي غيره، فإن شرَّ النفس وفسادها ينشأ من وسوسته فهي مركبه، وموضع سرِّه، ومحل طاعته.   هذا وقد جمعتُ بفضل من الله وكرمه بعضًا مما ذكره العلامة ابن القيم عن الشيطان، أسأل الله أن ينفع به الجميع.   الشيطان هو الداعي إلى الوسواس: الشيطان هو الداعي إلى الوسواس، فأهله قد أطاعوا الشيطان ... ورغبوا عن اتِّباع سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقته، حتى إن أحدَهم ليرى أنه إذا توضَّأ وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أو اغتسل كاغتساله، لم يطهر ولم يرتفع حدثُه؛ [إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان].   وسوسة الشيطان: قوله تعالى: ﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ ﴾ [الناس: 4] يعُمُّ كُلَّ شَرِّه.   ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شرًّا، وأقواها تأثيرًا، وأعمها فسادًا؛ وهي: الوسوسة، التي هي مبادئ الإرادة، فإن القلب يكون فارغًا من الشر والمعصية، فيوسوس إليه، ويخطرُ الذنب بباله، فيصوره لنفسه، ويُمنِّيه ويشهِّيه؛ فيصير شهوة، ويُزينها له ويُحسنها، ويُخليها له في خيال تميل نفسه إليه؛ فيصير إرادة، ثم لا يزال يُمثل ويُخيلُ، ويُمنِّي ويُشهِّي، وينسى علمه بضررها، ويطوى عنه سوء عاقبتها، فيحول بينه وبين مطالعته؛ فلا يرى إلا صورة المعصية والتذاذه بها فقط، وينسى ما وراء ذلك، فتصير الإرادة عزيمة جازمة، فيشتدُّ الحرص عليها من القلب.   فأصل كل معصية وبلاء إنما هو الوسوسة؛ ولهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها من أهم من كل مستعاذ منه؛ [بدائع الفوائد].   الرقص سببه ركوب الشيطان على كتفي الراقص، ودقه برجليه على صدره: حركة الرقص ... سببها استخفاف الشيطان لأحدهم، وركوبه على كتفيه، ودقُّه برجليه على صدره، وكلما دقَّه برجليه، ورقص على صدره رقص هو كرقص الشيطان عليه؛ [الكلام على مسألة السماع].   الشيطان مع العبد إلى الموت مهما بلغ من الزهادة والعبادة: لو بلغ العبد من الزهادة والعبادة ما بلغ فمعه شيطانه ونفسه، لا يفارقنه إلى الموت، والشيطان يجري منه مجرى الدم، والعصمة إنما هي للرُّسُل صلوات الله وسلامه عليهم، الذين هم وسائط بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده ووعيده؛ [إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان].   ما أمر الله عز وجل بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تفريط، وإما إفراط: ما أمر الله عز وجل بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تقصير وتفريط، وإما إفراط وغلو، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخُطتين، فإنه يأتي إلى قلب العبد فيشتامه، فإن وجد فيه تقصيرًا وفتورًا وتوانيًا وترخيصًا؛ أخذه من هذه الخطة، فثبَّطه وأقعده، وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح له باب التأويلات والرجاء وغير ذلك، حتى ربما ترك العبد المأمور جملة.   وإن وجد عنده حذرًا وجدًّا، وتشميرًا ونهضةً، وأيس أن يأخذه من هذا الباب؛ أمره بالاجتهاد الزائد، وسوَّل له أن هذا لا يكفيك، وهمتك فوق هذا، وينبغي لك أن تزيد على العاملين، وألَّا ترقد إذا رقدوا، ولا تفطر إذا أفطروا، وألَّا تفتر إذا فتروا، ... فيحمله على الغلو والمجاوزة، وتعدي الصراط المستقيم، كما يحمل الأول على التقصير دونه، وألَّا يقربه.   ومقصوده من الرجلين إخراجهما عن الصراط المستقيم؛ هذا بألَّا يقربه، ولا يدنو منه، وهذا بأن يتجاوزه ويتعدَّاه.   وقد فتن بهذا أكثر الخَلْق، ولا يُنجي من ذلك إلا علم راسخ، وإيمان وقُوَّة على محاربته، ولزوم الوسط، والله المستعان؛ [الوابل الصيب ورافع الكلم].   من لم يعذب شيطانه في الدنيا بذكر الله تعالى عذَّبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار. من لم يعذب شيطانه في هذه الدار بذكر الله تعالى، وتوحيده، واستغفاره، وطاعته؛ عذبه شيطانه في الآخرة بعذاب النار، فلا بُدَّ لكل أحدٍ أن يُعذِّبَ شيطانه أو يُعذِّبُه شيطانه؛ [بدائع الفوائد].   مداخل الشيطان على الإنسان وما يُنجيه منها: الله سبحانه بحكمته سلَّط على العبد عدوًّا عالمًا بطرق هلاكه، وأسباب الشرِّ الذي يلقيه فيه، متفننًا فيها، خبيرًا بها، حريصًا عليها، لا يفتر عنه يقظة ولا منامًا، ولا بدَّ له من واحدةٍ من ستٍّ ينالها منه: أحدها: وهي غاية مراده منه، أن يحُول بينه وبين العلم والإيمان، فيلقيه في الكفر، فإذا ظفر بذلك فرغ منه واستراح.   فإن فاتته هذه، وهُدي للإسلام؛ حرص على تلو الكفر وهي البدعة، وهي أحبُّ إليه من المعصية، فإن المعصية يُتابُ منها، والبدعةُ لا يُتابُ منها؛ لأن صاحبها يرى أنه على هُدًى.   فإن أعجزته ألقاه في الثالثة، وهي الكبائر، فإن أعجزته ألقاه في اللَّمَم، وهي الرابعة، وهي الصغائر، فإن أعجزته؛ شغله بالعمل المفضول عما هو أفضل منه؛ ليربح عليه الفضل الذي بينهما، وهي الخامسة.   فإن أعجزه ذلك صار إلى السادسة؛ وهي تسليط حزبه عليه يؤذونه ويشتمونه، ويبهتونه، ويرمونه بالعظائم؛ ليحزُنه، ويشغل قلبه عن العلم والإرادة، وسائر عمله.   فكيف يمكن أن يحترز منه مَنْ لا علم له بهذه الأمور، ولا بعدوِّه، ولا بما يحصنه منه؟ فإنه لا ينجو من عدوِّه إلَّا مَنْ عَرَفه، وعَرَف طرقه التي يأتيه منها، وجيشه الذي يستعين به عليه، وعَرَفَ مداخله ومخارجه، وكيفية محاربته، وبأيِّ شيءٍ يُحاربه، وبماذا يُداوي جراحته، وبأيِّ شيءٍ يستمدُّ القوة لقتاله ودفعه، وهذا كله لا يحصل إلَّا بالعلم، فالجاهلُ في غفلةٍ وعَمًى عن هذا الأمر العظيم، والخطب الجسيم؛ [مفتاح دار السعادة].   حروز يستدفع بها شرَّ الشيطان: يعتصم ... العبدُ من الشيطان، ويستدفعُ شره، ويحترز منه، ... بأسباب: أحدها: الاستعاذة بالله من الشيطان، قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 36].   الحرز الثاني: قراءة هاتين السورتين [الفلق، والناس]؛ فإن لهما تأثيرًا عجيبًا في الاستعاذة بالله تعالى من شره ودفعه، والتحصُّن منه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تعوَّذ المتعوِّذُون بمثلهما))، وكان يتعوَّذ بهما كل ليلة عند النوم، وأمر عقبة أن يقرأ بهما دُبَرَ كل صلاة، وقال: ((مَنْ قرأهما مع سورة الإخلاص ثلاثًا حين يُمسي، وثلاثًا حين يصبحُ؛ كفَتْه من كلِّ شيءٍ)).   الحرز الثالث: قراءة آية الكرسي.   الحرز الرابع: قراءة سورة البقرة.   الحرز الخامس: خاتمة سورة البقرة.   الحرز السادس: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مائة مرة.   الحرز السابع: وهو من أنفع الحروز من الشيطان، وهو كثرة ذكر الله عز وجل.   الحرز الثامن: الوضوء والصلاة، وهذا من أعظم ما يُتحَرَّز به منه، ولا سيَّما عند ثوران قوة الغضب والشهوة، فإنها نار، والوضوء يُطفئُها، والصلاة إذا وقعت بخشوعها؛ أذهبت ذلك كله، وهذا أمر تَجْرِبَتُه تُغني عن إقامة الدليل عليه.   الحرز التاسع: إمساك فضول النظر، والكلام، والطعام، ومخالطة الناس، فإن الشيطان إنما يتسلَّط على ابن آدم، وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة؛ [بدائع الفوائد].   ناس بالصورة وشياطين بالحقيقة: الموصوفون بقوله: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ [الأنفال: 22]، هذا الضرب شرُّ البريَّة، يضيِّقون الديار، ويُغلون الأسعار.   عند أنفسهم أنهم يعلمون؛ ولكن يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا، وهو عن الآخرة هم غافلون، ويتعلمون ولكن ما يضرُّهم ولا ينفعهم، ويتكلمون ولكن بالجهل ينطقون، ويؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت يؤمنون، ويعبدون ولكن يعبدون من دون الله ما لا يضُرُّهم ولا ينفعهم، ويجادِلون ولكن بالباطل ليدحضوا به الحَقَّ، ويتفكَّرون ويبيتون ولكن ما لا يرضى من القول يبيتون، ويدعون ولكن مع الله إلهًا آخر يدعون، ويذكرون ولكن إذا ذكروا لا يذكُرون، ويصلُّون ولكنهم من المصلِّين الذين عن صلاتهم ساهون، الذين هم يراؤون، ويمنعون الماعون، ويحكمون ولكن حكم الجاهلية يبغون، ويكتبون ولكن يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنًا قليلًا، فويل لهم ممَّا كتبت أيديهم، وويل لهم مما يكسبون.   ويقولون: إنما نحن مصلحون ألا إنهم المفسدون ولكن لا يشعرون، وإذا قيل لهم: آمنوا كما آمن الناس، قالوا: أنؤمن كما آمن السفهاء ؟! ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون......فهذا الضرب ناس بالصورة وشياطين بالحقيقة؛ [مفتاح دار السعادة].   صوت الشيطان كل صوت في غير طاعة الله: قال الله تعالى للشيطان: ﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ﴾ [الإسراء: 64]، فالصوت الشيطاني يستفزُّ بني آدم، وصوت الشيطان كل صوت في غير طاعة الله، نُسِبَ إلى الشيطان؛ لأمره به ورضاه به، وإلا فليس هو الصوت نفسه، فصوت الغناء وصوت النوح وصوت المعازف...كلها من أصوات الشيطان، التي يستفزُّ بها بني آدم فيستخفهم ويُزعجهم؛ ولهذا قال السلف في هذه الآية: "إنه الغناء"؛ [الكلام على مسألة السماع].   لا تُمكن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك: إياك أن تُمكن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك، فإنه يفسدها عليك فسادًا يصعُب تداركه، ويُلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضرة، ويحول بينك وبين الفكر فيما ينفعك، وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك، والذي يلقيه الشيطان في النفس لا يخرج عن الفكر فيما كان...لو كان على خلاف ذلك، وفيما لم يكن لو كان كيف كان يكون.   أو في خيالات وهمية لا حقيقة لها، أو فيما لا سبيل إلى إدراكه من أنواع ما طوي عنه علمه، فيلقيه في تلك الخواطر التي لا يبلغ منها غاية، ولا يقف منها على نهاية، فيجعل ذلك مجال فكره ومسرحَ وَهْمِه.   وجماع إصلاح ذلك: أن تشغل فكرك...بمعرفة ما يلزمك من التوحيد وحقوقه، وفي الموت وما بعده إلى دخول الجنة والنار، وفي آفات الأعمال وطُرُق التحرُّز منها.   وبالجملة فالقلب لا يخلو قَطُّ من الفكر إمَّا في واجب آخرته ومصالحها، وإمَّا في مصالح دُنْياه ومعاشه، وإمَّا في الوساوس والأماني الباطلة والمقدرات المفروضة؛ [الفوائد].   الشيطان يشمُّ قلب العبد ويختبره: الشيطان يشمُّ قلب العبد ويختبره، فإن رأى فيه داعيةً للبدعة وإعراضًا عن كمال الانقياد للسُّنَّة أخرجه عن الاعتصام بها، وإن رأى فيه حرصًا عليها وشدةَ طَلَبٍ لها لم يظفر به من باب اقتطاعه عنها، فأمره بالاجتهاد والجور على النفس ومجاوزة حدِّ الاقتصاد فيها، قائلًا له: إن هذا خير وطاعة، والزيادة والاجتهاد فيها أوْلَى، فلا تفتر مع أهل الفتور، ولا تَنَمْ مع أهل النوم، فلا يزال يحثُّه ويُحرِّضه حتى يخرجه عن الاقتصاد فيها، فيُخرجه عن حدِّها، كما أن الأول خارج عن هذا الحدِّ، فكذا هذا الآخر خارج عن الحدِّ الآخر، وهذا حال الخوارج الذين يحقر أهل الاستقامة صلاتهم مع صلاتهم، وصيامهم مع صيامهم، وقراءتهم مع قراءتهم، وكلا الأمرين خروج عن السُّنَّة إلى البدعة؛ لكن هذا بدعة التفريط والإضاعة، والآخر إلى بدعة المجاوزة والإسراف؛ [مدارج السالكين في منازل السائرين].   انتشار الأرواح الشيطانية عند إقبال الليل: شرع عند إقبال الليل وإدبار النهار ذكر الربِّ تعالى بصلاة المغرب... كما شرع ذكر الله بصلاة الفجر عند إدبار الليل وإقبال النهار.   ولما كان الرَّبُّ تبارك وتعالى يحدث عند كل واحد من طرفي إقبال الليل والنهار وإدبارهما ما يحدثه، ويبثُّ من خلقه ما يشاء فينشر الأرواح الشيطانية عند إقبال الليل، وينشر الأرواح الإنسانية عند إقبال النهار، فيحدث هذا الانتشار في العالم أثره، شرع سبحانه في هذين الوقتين هاتين الصلاتين العظيمتين؛ [التبيان في أيمان القرآن].   من عقوبات المعاصي أنها مدد من الإنسان يمدُّ به عدوَّه عليه: ومن عقوبات الذنوب والمعاصي: أنها مَدَد من الإنسان يمدُّ به عدوَّه عليه، وجيش يُقوِّيه به على حربه، وذلك أن الله سبحانه ابتلى...الإنسان بعدوٍّ لا يُفارقه طرفةَ عينٍ، ينام ولا ينام عنه، ويغفل ولا يغفل عنه، يراه هو وقبيلُه من حيث لا يراه، يبذل جهده في معاداته في كل حال، ولا يدع أمرًا يكيده به يقدر على إيصاله إليه إلا أوصله، ويستعين عليه ببني أبيه من شياطين الجن وغيرهم من شياطين الإنس، قد نصب له الحبائل...والفخاخ والشباك، وقال لأعوانه: دونكم عدوكم وعدو أبيكم، لا يفوتنكم، ولا يكن حظُّه الجنة وحظُّكم النار، ونصيبُه الرحمة ونصيبكم اللعنة، وقد علمتم أن ما جرى عليَّ وعليكم من الخزي واللعن والإبعاد من رحمة الله فبسببه ومن أجله، فابذلوا جهدكم أن يكونوا شركاءنا في هذه البليَّة.   ودونكم ثغر العين، فإن منه تنالون بغيتكم، فإني ما أفسدت بني آدم بشيء مثل النظر، فإني أبذر به في القلب بذر الشهوة، ثم أسقيه بماء الأمنية، ثم لا أزال أعِدُهُ وأُمَنِّيه حتى أُقوِّي عزيمتَه، وأقُودَه بزمام الشهوة إلى الانخلاع من العصمة.   ثم امنعوا ثغر الأذن أن يدخل منه ما يفسد عليكم الأمر، فاجتهدوا ألَّا تدخلوا منه إلا الباطل، فإنه خفيف على النفس تستحليه وتستملحه، وتخيروا له أعذب الألفاظ وأسحرها للألباب...وإيَّاكم أن يدخل من هذا الثغر شيء من كلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أو كلام النصحاء، فإن غلبتم على ذلك ودخل من ذلك شيء فحُولوا بينه وبين فهمه وتدبُّره والتفكُّر فيه.   ثم...قوموا على ثغر اللسان، فإنه الثغر الأعظم...فأجروا عليه من الكلام ما يضره ولا ينفعه، وامنعوه أن يجري عليه شيء مما ينفعه.   فالرباط الرباط على هذا الثغر...فزيِّنوا له التكلُّم بالباطل بكل طريق، وخوِّفُوه من التكلُّم بالحق بكل طريق.   وكونوا أعوانًا على الإنس بكل طريق، وادخلوا عليهم من كل باب، واقعدوا لهم كل مرصاد...اقعدوا...على سائر طريق الخير بالتنفير منها وذكر صعوبتها وآفاتها، ثم اقعدوا على طُرُق المعاصي، فحسِّنُوها في أعيُن بني آدم، وزيِّنوها في قلوبهم، واجعلوا أكبر أعوانكم على ذلك النساء، فمن أبوابهن فادخلوا عليهم، فنعم العون هن لكم، واستعينوا يا بني بجندين عظيمين لن تغلبوا معهما: أحدهما: جند الغفلة، فأغفلوا قلوب بني آدم عن الله والدار الآخرة بكل طريق...فإن القلب إذا غفل عن الله تمكنتم منه ومن أعوانه. الثاني: جند الشهوات فزيِّنُوها في قلوبهم، وحسِّنُوها في أعينهم.   وإذا رأيتم جماعة مجتمعين على ما يضُرُّكم من ذكر الله أو مذاكرة أمره ونهيه ودينه، ولم تقدروا على تفريقهم، فاستعينوا عليهم ببني جنسهم من البطَّالين، فقربوهم منهم، وشوشوا عليهم. وبالجملة...فادخلوا على كل واحد من بني آدم من باب إرادته وشهوته، فساعدوه عليها، وكونوا عونًا له على تحصيلها.   ورابطوا على الثغور، وانتهزوا فرصكم فيهم عند الشهوة، والغضب، فلا تصطادون بني آدم في أعظم من هذين الموطنين.   واعلموا أنه ليس لكم في بني آدم سلاح أبلغ من هذين السلاحين، وإنما أخرجت أبويهم من الجنة بالشهوة، وإنما ألقيت العداوة بين أولادهم بالغضب.   وأعظم أسلحتهم فيكم وأمنع حصونهم: ذكر الله، ومخالفة الهوى، فإذا رأيتم الرجل مخالفًا لهواه، فاهربوا من ظِلِّه، ولا تدنوا منه؛ [الداء والدواء].   إذا غفل العبد عن ذكر الله جثم على قلبه الشيطان: العبد إذا غفل عن ذكر الله جثم على قلبه الشيطان، وانبسط عليه، وبذر فيه أنواع الوساوس التي هي أصل الذنوب كلها، فإذا ذكر العبد ربَّه واستعاذ به انخنس وانقبض كما ينخنس الشيءُ ويَتَوارى.   فذكر الله تعالى يقمعُ الشيطان ويُؤلمه ويُؤذيه؛ كالسياط والمقامع التي تؤذي من يضربُ بها؛ ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيلًا ضئيلًا مضنًى ممَّا يُعذِّبهُ المؤمن ويقمعه به من ذكر الله وطاعته؛ [بدائع الفوائد].   قول: قبح الله الشيطان، مما يفرح الشيطان: قول القائل: أخزى الله الشيطان، وقبَّح الله الشيطان، فإن ذلك كُلَّهُ يُفرحهُ، ويقول علم ابن آدم أني قد نلته بقوتي...فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم مَنْ مَسَّهُ شيءٌ من الشيطان أن يذكر الله تعالى، ويذكر اسمه، ويستعيذ بالله منه، فإن ذلك أنفع له.   لما كان الشيطان: نوعًا يُرى عيانًا؛ وهو شيطان الإنس، ونوعًا لا يُرى؛ وهو شيطان الجن، أمر سبحانه وتعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يكتفي من شَرِّ شيطان الإنس بالإعراض عنه والعفو والدفع بالتي هي أحسن، ومن شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه؛ [زاد المعاد].   من مكايد الشيطان: • من كيده للإنسان: أنه يُورِده الموارد التي يُخيَّل إليه أن فيها منفعته، ثم يُصدرُهُ المصادر التي فيها عطبه، ويتخلى عنه ويُسلمه ويقف يشمت به، ويضحك منه، فيأمره بالسرقة والزِّنا والقتل، ويدل عليه ويفضحه.   • من كيد عدوِّ الله أنه يخوِّف المؤمنين من...أوليائه، فلا يجاهدونهم، ولا يأمرونهم بالمعروف ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وكلما قوي إيمانُ العبدِ زالَ مِنْ قلبِه خوفُ أولياء الشيطان، وكُلَّما ضعُف إيمانُه قوي خوفُه منهم.   • من مكايده: أنه يسحر العقل دائمًا حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيُزيِّن له الفعل الذي يضُرُّه، حتى يُخيِّل إليه أنه من أنفع الأشياء له، وينفره من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له، حتى يخيل له أنه يضُرُّه.   • من كيده: أنه يحسن إلى أرباب التخلي والزهد والرياضة العمل بهاجسهم وواقعهم، دون تحكيم أمر الشارع، ويقولون: القلب إذا كان محفوظًا مع الله كانت هواجسُه وخواطِرُه معصومةً من الخطأ! وهذا من أبلغ كيد العدوِّ فيهم.   • من أعظم مكايده التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلا مَنْ لم يرد الله فتنته: ما أوْحَاه قديمًا وحديثًا إلى...أوليائه من الفتنة بالقبور حتى آل الأمر فيها أن عبد أربابها من دون الله، وعُبدت قبورهم، واتخذت أوثانًا، وبُنيت عليها الهياكل وعبدت مع الله.   • من مكايد عدوِّ الله ومصايده التي كاد بها من قَلَّ نصيبُه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين: سماع المكاء والتصدية، والغناء بالآلات المحرَّمة، الذي يصد القلوب عن القرآن، ويجعلها عاكفةً على الفسوق والعصيان.   • من مكايده ومصايده: ما فتن به عُشَّاق الصور: وتلك لعمر الله الفتنة الكبرى، والبليَّة العُظْمى، التي استعبدت النفوس لغير خالقها، وملكت القلوب لمن يسومها الهوان من عُشَّاقها، وألقت الحرب بين العشق والتوحيد، ودَعَتْ إلى موالاة كل شيطان مريد، فصيرت القلبَ للهوى أسيرًا، وجعلته حاكمًا وأميرًا، فأوسعت القلوب محنةً، وملأتها فتنةً، وحالت بينها وبين رُشْدِها، وصرفتها عن طريق قصدها.   • من مكايده التي كاد بها الإسلام وأهله: الحيل، والمكر، والخداع، الذي يتضمَّن تحليل ما حرَّمه الله، وإسقاط ما فرضه، ومضادته في أمره ونهيه، وهي من الرأي الباطل الذي اتفق السلف على ذمِّه.   • من كيده العجيب: أنه يشامُّ النفوس، حتى يعلم أي القوَّتَينِ تغلب عليها: قوة الإقدام والشجاعة، أم قوة الانكفاف والإحجام والمهانة.   فإن رأى الغالب على النفس المهانة والإحجام أخذ في تثبيطه وإضعاف همته وإرادته عن المأمور به وثقله عليه، وهون عليه تركه، حتى يتركه جملةً أو يقصر فيه ويتهاون به، وإن رأى الغالب عليه قوة الإقدام وعلو الهمة أخذ يقلل عنده المأمور به، ويوهمه أنه لا يكفيه، وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة.   وقد اقتطع أكثر الناس إلا أقل القليل في هذين الوادين: وادي التقصير، ووادي المجاوزة والتعدِّي، والقليل منهم جدًّا الثابت على الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.   فقصَّر بقوم في خلطة الناس حتى اعتزلوهم في الطاعات؛ كالجمعة والجماعات والجهاد وتعلُّم العلم، وتجاوز بقوم حتى خالطوهم في الظلم والمعاصي والآثام.   وقصَّر بقوم حتى منعهم من الاشتغال بالعلم الذي ينفعهم، وتجاوز بآخرين حتى جعلوا العلم وحده هو غايتهم، دون العمل به.   وقصَّر بقوم حتى قالوا: إن الله سبحانه لا يُشفِّع أحدًا في أحد البتة، ولا يرحم أحدًا بشفاعة أحدٍ، وتجاوز بآخرين حتى زعموا أن المخلوق يشفع عنده بغير إذنه، كما يشفع ذو الجاه عند الملوك ونحوهم، وقصَّر بقوم حتى نفوا حقائق أسماء الربِّ تعالى وصفاته وعطَّلوه منها، وتجاوز بآخرين حتى شبَّهوه بخلقه ومثَّلُوه بهم.   وقصَّر بقومٍ حتى عَادَوا أهلَ بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلوهم، واستحلُّوا من حرمتهم، وتجاوز بقوم حتى ادَّعَوا فيهم خصائص النبوَّة من العصمة وغيرها، وربما ادَّعَوا فيهم الإلهية.   وقصَّر بقومٍ حتى أخملوا أعمال القلوب ولم يلتفتوا إليها، وعدُّوها فضلًا أو فضولًا، وتجاوز بآخرين حتى قصروا نظرهم وعملهم عليها، ولم يلتفتوا إلى كثير من أعمال الجوارح؛ [إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان].   شبكة الالوكة فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ  
  • آخر تحديثات الحالة المزاجية

    • samra120 تشعر الآن ب غير مهتمة
  • إحصائيات الأقسام

    • إجمالي الموضوعات
      182142
    • إجمالي المشاركات
      2535418
  • إحصائيات العضوات

    • العضوات
      93186
    • أقصى تواجد
      6236

    أحدث العضوات
    chaima12
    تاريخ الانضمام

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×