اذهبي الى المحتوى

امانى يسرى محمد

العضوات
  • عدد المشاركات

    7701
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

  • الأيام التي فازت فيها

    60

مشاركات المكتوبهة بواسطة امانى يسرى محمد


  1. 🌹معاني رائعة🌹

            *الطلاق*  
    شركة أفلست بعد أن نفذ رصيدها من العواطف 

       *الشائعة*
    طائرة أسرع من الصوت 

         *الأسرار*
    معلومات تبوح بها للآخرين ليقوموا باستغلالها ضدك عند اللزوم 

       *الإنسان*
    كائن من التراب خرج وعلى التراب عاش ومع التراب تعامل وإلى التراب سيعود 

        *الغضب*
    الريح التي تهب فجأة فتطفئ سراج العقل 

         *الصداقة*
    عبارة عن صفقة تجارية رابحة بين قلبين وروحين 

      

           *البلاغة*
    تعني أن تجيب فلا تبطئ وتصيب فلا تخطئ 

           *الحقد*
    يعني شعور بالنقص تجاه الآخرين فيتحول إلى كراهية في القلب 

           *العمر*
    ذلك الشيء الذي كلما طال كلما قصر 

      

          *الحظ*
    عكاز الفاشل وسلاح المنتصر 

          *الصبر* 
    أسلوب مهذب من التحمل يمنع المظلوم أو المتضرر من الشكوى 

      

           *الزمن*
    قطار سريع من المستحيل توقفه 

      *الاستسلام*
    ضعف يؤدي إلى المذلة 
     
       *الأم*
    هي المخلوق الوحيد الذي نجده أمامنا في الحياة صادقة الابتسامة رقيقة.

    (راقت)


  2. " ألعاب محرمة "
    - السلم والثعبان.
    - الطاولة.
    - بنك الحظ.
    - وغيرها من الألعاب التى يستخدم بها حجر النرد،


     قال رسول اللّه ﷺ : " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده فى لحم خنز.ير ودمه " ( رواه مسلم ) فالنردشير هو النرد اى الزهر


     قال رسول اللّه ﷺ : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله"
    - رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

    فاللعب بالنرد محظور شرعا  لأنه كالأزلام يعول فيه على ترك الأسباب والاعتماد على الحظ والبخت فهو عبث يخشى ضره ولا يرجى منه نفع

    واختلف العلماء في الشطرنج إذا خلت من المحرمات على أقوال وذلك لعدم ورود ما ينص على تحريمه. وأن الإكثار من اللعب بالشطرنج واتخاذه عادة ونحو ذلك مكروه؛ لأنه لعب لا ينتفع به في أمر الدين ولا حاجة تدعو إليه، وربما صار وسيلة إلى الوقوع في المحرم ولكن يكون اللعب بالشطرنج مباحا إذا كان بالضوابط الشرعية ولم يخرج عنها.


  3. {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}الاحزاب

    نلاحظ أن الأمر توجَّجه أولاً لأزواج النبي، ثم لبناته صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني أن رسول الله لا يأمر أمته بشيء هو عنه بنجوى، إنما يأمرهم بشيء بدأ فيه بأهل بيته، وهذا أدْعَى لقبول الأمر وتنفيذه، فقبل أنْ آمركم أمرت نفسي فلم أتميز عنكم بشيء.

    لذلك جاء في سيرة القائد المسلم (طارق بن زياد) أنه لما ذهب لفتح الأندلس وقف بجنوده على شاطيء البحر، وأعداؤه على الشاطيء الآخر، ثم قال للجنود: أيها الناس أنا لن آمركم بأمر أنا عنه بنجوى، وإنني عند ملتقى القوم سابقكم، فمبارز سيِّدَ القوم، فإنْ قتلتُه فقد كُفيتم أمره، وإنْ قتلني فلن يعوزكم أمير بعدي.
    أي: أنني سابقكم إلى القتال، ولن أرسلكم وأجلس أتفرج وأرقب ما يحدث، يعني: أنا لا أتميز عنكم بشيء.

    وبهذه المساواة أيضاً ساد عمر- رضي الله عنه- القوم وقاد العالم وهو يرتدي مُرقَّعته بالمدينة؛ لذلك لما رآه رجل وهو نائم تحت شجرة كعامة الناس قال: حكمتَ فعدلْتَ فأمنْتَ، فنمتَ يا عمر.
    وكان- رضي الله عنه- إذا أراد أنْ يأخذ قراراً في أمر من أمور رعيته يعلم أن الفساد إنما يأتي أولاً من الحاشية والأقارب والأتباع ومن مراكز القوى التي تحيط به؛ لذلك كان يجمع قرابته ويحذرهم: أنا اعتزمْتُ أنْ صدر قراراً في كذا وكذا، فوالذي نفسي بيده مَنْ خالفني منكم إلى شيء منه لجعلته نكالاً للمسملين، أيها القوم إياكم أنْ يدخل عليكم مَنْ يدَّعي صلته بي، فتعطونه غير حق مَنْ لم يعرفني، والله إنْ فعلتُم لأجعلنكم نكالاً للمسلمين.

    وورود النص القرآني بلفظ {ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ...} [الأحزاب: 59] دليل على أن سيدنا رسول الله كان ينقل النص الذي جاءه، والصيغة التي تكلَّم الله بها دون أنْ يٌغيِّر فيها شيئاً، وإلا فقد كان بإمكانه أن ينقل الأمر لأزواجه، فيقول: يا أيها النبي أزواجك وبناتك يدنين عليهن من جلابيبهن. إنما نقل النص القرآني كما أُنزل عليه؛ ليعلم الجميع أن الأمر من الله، وما محمد إلا مُبلِّغ عن الله، فمَنْ أراد أنْ يناقش الأمر فليناقش صاحبه.

    وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ساعة نزلتْ عليه هذه الآية كُنَّ تسعة أزواج، كرَّمهن الله وخيَّرهن فاخترْنَ رسول الله، كان منهن خمس من قريش هُنَّ: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وأم سلمة، وسودة بنت زمعة، وثلاث من سائر العرب هُنَّ: ميمونة بنت الحارث، وزينب بنت جحش، وجُويرية بنت الحارث من بني المصطلق، وواحدة من نسل هارون أخي موسى- عليهما السلام- هي السيدة صفية بنت حيي بن أخطب.
    أما بنات رسول الله، فرسول الله أنجب البنين والبنات: البنون ماتوا جميعاً في الصِّغَر، أما البنات فأبقاهُنَّ الله حتى تزوَّجْنَ جميعاً، وهُنَّ: زينب، ورقية، وأم كلثوم.
    وأصغرهن فاطمة، وهي الوحيدة التي بقيتْ بعد موت سيدنا رسول الله، أما زينب ورقية وأم كلثوم فقد مُتْنَ في حياة رسول الله.
    ولفاطمة قصة في الضحك والبكاء؛ لذلك بعض العارفين كان يقول في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبزى} [النجم: 43] أن السيدة فاطمة حينما سُئلت ما الذي أبكاكِ وما الذي أضحكك؟ قالت: لأنني لما دخلتُ على أبي وهو مريض قال لي: إن هذا هو مرض الموت يا فاطمة فبكيت، ثم انصرفت فأشار إليَّ وقال لي: يا فاطمة ستكونين أول أهل بيتي لحوقاً بي فضحكت. لذلك لم تمكث فاطمة بعد رسول الله إلا ستة أشهر.
    وقد أخذ العلماء من هذا الحديث أن لقاء الأموات يكون بمجرد الموت، وإلا لو كان اللقاء في البعث والقيامة لاستوى في ذلك مَنْ مات أولاً، ومَنْ مات آخراً، فدلَّ قوله: (ستكونين أول أهل بيتي لحوقاً بي) على أن لقاءه صلى الله عليه وسلم بها سيكون بمجرد أنْ تموت.
    الشاهد في هذه القصة أن أحدهم- أظنه الإمام علياً- قال لفاطمة: الله يقول {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وأبكى} [النجم: 43] أما رسول الله فأبكاك أولاً، ثم أضحكك حتى لا يكون أضحك وأبكى كربه.

    أما السيدة زينب فتزوجت العاص بن الربيع قبل أنْ يُحرَّم الزواج من الكفار، وقد أُسِر العاص في غزوة بدر، فذهبتْ زينب لتفديه، وقدمت قلادة كانَت معها، فلام رآها رسول الله وجد أنها قلادة خديجة- رضي الله عنها- قد وهبتْها لابنتها، فقال: إنْ رأيتم أنْ تردوا لها قلادتها وتفكُّوا لها أسيرها فافعلوا، فردَّ صلى الله عليه وسلم الأمر إلى مَنْ ينتفع به، فتنازلوا عن القلادة.

    أما رقية وأم كلثوم فلهما حوادث، منها حوادث مؤسفة، ومنها حوادث مبهجة، أما المؤسف فإنَّ عتبة بن أبي لهب عقد على رقية، وأخوه عتيبة عقد على أم كلثوم، وكان هذا قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بُعث رسول الله وحدث ما حدث بينه وبني أبي لهب وأنزل الله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ما أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [المسد: 1-2].
    قال لابنه عتبة: رأسي ورأسك عليَّ حرام حتى تُطلِّق رقية فطلَّقها، بعدها مَرَّ عتبة على رسول الله، وفعل فَعْلةً فيها استهزاء برسول الله، فقال له صلى الله عليه وسلم: «أكلك كلب من كلاب الله».
    أخبر عتبة أباه بما كان من دعاء رسول الله عليه، وكان أبو لهب يعلم صدْق رسول الله، وأن دعاءه مستجاب لا يرَدُّ، فخاف على ابنه، وأخذ يحتاط له، ويوصي به رفاقه في رحلات تجارته- وعجيب أنه مع هذا كله لم يؤمن.
    وفعلاً كان عتبة في رحلات التجارة ينام في وسط القوم، وهم يحيطون به من كل جانب، وفي إحدى الليالي جاءه أسد، فأخذه من بين القوم، ولم يَبْقَ منه إلا ما يُعرف به.
    علَّق على هذه الحادثة أحد المغرضين فقال: إن رسول الله قال: «أكلك كلب» وهذا أسد، فردَّ عليه أحد العارفين فقال: إذا نُسِب الكلب إلى الله، فلابد أنْ يكون أسداً، فرسول الله لم يقل: كلب من كلابكم، إنما من كلاب الله.
    هذا ما كان من أمر عتبة، أما عتيبة فقد طلَّق أم كلثوم، لكنه لم يتعرض لرسول الله بإيذاء، بل قالوا: إنه كان يستحي أنْ يواجه رسول الله، لذلك لم يَدْعُ عليه رسول الله.
    أما الحادث المبهج في حياة رقية وأم كلثوم، فقد أبدلهما الله خيراً من عتبة وعتيبة، حيث تزوجت رقية من سيدنا عثمان، فلما ماتت تزوج بعدها من أم كلثوم؛ لذلك لُقِّب- رضي الله عنه- بذي النورين، وكانت النساء يُغنين حين تزوج عثمان برقية:
    أَحْسَن مَا رأى إنْسَانٌ ** رُقيَّة وزوجُها عُثْمَانُ

    فانظر إلى عِظَم هذا العوض أنْ يُبدِلَهُمَا الله بعتبة وعتيبة مَنْ؟ عثمان، نعم العِوَض هذا، والعِوَض في مثل هذه المسائل إنما يتأتَّى بقبول القضاء في نظائره، فإذا أُصيب الإنسان فاستسلم وسلَّم الأمر لله؛ فقال كما علَّمنا رسول الله: (إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم أَجْرني في مصيبتي- أيّاً كانت هذه المصيبة- وأخْلُفْنِي خَيْراً منها).
    إذا قال ذلك وعلم أن لله حكمة في كل قضاء يقضيه لابد أنْ يُعوِّضه الله خيراً، وأظن أن قصة السيدة أم سلمة مشهورة في هذا المقام، فلما توفي زوجها أبو سلمة حزنتْ عليه حزناً شديداً، ولما جاءها النسوة يُعزِّينها في زوجها قالت إحداهن: يا أم سلمة، قولي كما قال رسول الله: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، اللهم أأجرني في مصيبتي، واخْلُفْني خيراً منها، فقالت: وهل هناك خير من أبي سلمة، يعني: هو في نظرها أحسن الناس وخيرهم.
    لكنها مع هذا رضيَتْ بقضاء الله فما انقضَتْ عِدَّتها حتى طرق عليها طارق يقول: يا أم سلمة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبِك لنفسه، فضحكتْ لأن الله عوَّضها بمَنْ هو خير من أبي سلمة.

    بعد أن أمر الحق سبحانه أزواج النبي وبناته أولاً بهذا الأدب ثِنَّى بنساء المؤمنين، فقال {ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59] لأن أسرة رسول الله ليست أزواجه وبناته فحسب، إنما العالم كله، وكلمة(نساء) جمع، لا واحد له من لفظه، فمفرد أزواج زوج، ومفرد بنات بنت، أما(نساء) فمفردها من معناها، لا من لفظها، فتقول: امرأة، واسْتُثْقِل جمع امرأة على امرآت فقالوا: نساء وأصلها في اللغة من النسيء، قالوا: لأن المرأة أُجِّلَ خَلْقُها بعد خَلْق الرجل.
    وفي اللغة: النَّسْء أي: التأخير والتأجيل، فقالوا: نساء.
    ثم يذكر سبحانه الأمر الذي وُجِّه إلى زوجات النبي، وبناته ونساء المؤمنين جميعاً {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ...} [الأحزاب: 59] فالفعل {يُدْنِينَ...} [الأحزاب: 59] مجزوم في جواب الطلب(قُلْ) مثل: اسكُتْ تسْلَم، ذاكر تنجح، وفي الآية شرط مُقدَّر: إنْ تَقُلْ لهُنَّ ادنين يُدنين.
    كما في {وَأَذِّن فِي الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالاً...} [الحج: 27] لأن الخطاب هنا للمؤمنات، وعلى رَأْسِهن أزواج النبي وبناته، وإنْ لم يستجب هؤلاء للأمر، فقد اختلَّ فيهِنَّ شرط الإيمان.
    ومعنى: الإدناء: تقريب شيء من شيء، ومن ذلك قوله تعالى في وصف ثمار الجنة {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23] أي: قريبة التناول سَهْلة الجَنْي، والمراد: يُدنين جلابيبهن أي: من الأرض لتستر الجسم. وقوله: {عَلَيْهِنَّ...} [الأحزاب: 59] يدل على أنها تشمل الجسم كله، وأنها ملفوفة حوله مسدولة حتى الأرض.

    وكلمة {جَلاَبِيبِهِنَّ...} [الأحزاب: 59] مفردها جلباب، وقد اختلفوا في تعريفه فقالوا: هو الثوب الذي يُلْبس فوق الثوب الداخلي، فتحت الجلباب مثلاً(فانلة) أو قميص وسروال، ويجوز أن تكون الملابس الداخلية قصيرة، أما الجلباب فيجب أن يكون سابغاً طويلاً قريباً من الأرض.
    وقالوا: الجلباب هو الخمار الذي يغطي الرأس، ويُضرب على الجيوب- أي فتحة الرقبة- لكن هذا غير كافٍ، فلابد أنْ يُسدل إلى الأرض ليستر المرأة كلها؛ لأن جسم المرأة عورة، ومن اللباس ما يكشف، ومنه ما يصف، ومنه ما يلفت النظر.

    وشرط في لباس المرأة الشرعي ألاَّ يكون كاشفاً، ولا واصفاً، ولا مُلْفِتاً للنظر؛ لأن من النساء مَنْ ترتدي الجلباب الطويل السَّابغ الذي لا يكشف شيئاً من جسمها، إلا أنه ضيِّق يصف الصَّدْر، ويصف الأرداف، ويُجسِّم المفاتن، حتى تبدوا وكأنها عارية.
    لذلك من التعبيرات الأدبية في هذه المسألة قَوْل أحدهم- وهو على حق- إنَّ مبالغة المرأة في تبرُّجها إلحاح منها في عَرْض نفسها على الرجل. يعني: تريد أنْ تُلفت نظره، تريد أنْ تُنبِّه الغافل وكأنها تقول: نحن هنا. وإنْ تساهلنا في ذلك مع البنت التي لم تتزوج، ربما كان لها عُذْر، لكن ما عذر التي تزوجت؟

    ثم يُبيِّن الحق تبارك وتعالى الحكمة من هذا الأدب في مسألة اللباس، فيقول: {ذلك...} [الأحزاب: 59] أي: إدناء الجلباب إلى الأرض، وسَتر الجسم، وعدم إبداء الزينة {أدنى...} [الأحزاب: 59] أي: أقرب {أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ...} [الأحزاب: 59].
    فالمرأة المسلمة تُعْرف بزيِّها وحِشْمتها، فلا يجرؤ أحد على التعرض لها بسوء أو مضايقتها، فلباسها ووقارها يقول لك: إنها ليست من هذا النوع الرخيص الذي ينتظر إشارة منك، وليست ممَّنْ يَعْرض نفسه عَرْضاً مُهيِّجاً مستميلاً مُلْفتاً.

    وقوله تعالى بعد ذلك وفي ختام الآية {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59] جاء وَصْف المغفرة والرحمة هنا ليشير إلى أن عقوبة الله ليست بأثر رجعي، فما سبق هذا الأمر من تجاوزات مغفور معفوٌّ عنه برحمة الله، والعبرة بسلوك المؤمنة بعد أنْ تسمع هذا الأمر بإدناء الجلباب والتستُّر.
    والحق سبحانه بمثل هذا الأدب إنما يُؤمِّن حياة المرأة المسلمة، كيف؟ نقول: معنى التأمين أنْ نأخذ منك حال يُسْرك، وحين تكون واجداً، لنعطيك حينما تكون غير واجد.
    كذلك الإسلام حين يستر جمال المرأة ومفاتنها حال شبابها ونضارتها يسترها حين تكبر، وحين يتلاشى الجمال، ويحلُّ محلَّه أمور تحرص المرأة على سترها، فالإسلام في هذه الحالة يحمي المرأة ويحفظ لها عِزَّتها.

    نداء الايمان


  4. 1- إذا خان الرجل "زوجته" رجم حتى الموت.
    2- إذا تزوج مرة ثانية ولم يعدل بينهما حشر يوم القيامة شقه مائل.
    3- إذا كتب لها مهرا ولم يعطها إياه فهو سارق.
    4- إذا طلقها لا يحق له أن يأخذ شيئا مما أعطاه لها.
    5- إذا أكل حقها في الميراث فقد تعدى حدود الله ومن يتعدى حدود الله فهو ظالم نفسه.
    6- إذا ضربها وأهانها فهو لئيم وإذا أكرمها فهو كريم.
    7- إذا هجرها أكثر من أربعة أشهر لها الحق بالتفريق.
    8- لا يحق له أن يعاملها كأمه وإن قال لها أنت علي كظهر أمي سيصوم 60 يوما أو يعتق رقبة أو يطعم 60 مسكينا.
    9- إذا كرهها فليصبر فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.
    10- وإذا طلقها فعليه أن لا ينسى فضلها.
    11- وإذا افترقا لا يحرمها أولادها وعليه نفقتهم
    12- مالها حرة فيه إن تصدقت عليه فلها أجران وإن منعته فلا يحق له السطو عليه.
    13- أي إعتداء عليها يعاقب عليه بمثل ما اعتدى عليها.
    وهو مسؤول عنها في طعامها ومشربها ومسكنها وملبسها ضمن قدراته المالية .
    14- قوامته عليها تكليف وطاعتها له جهاد في سبيل الله.
    15- إن أمرها بالمعروف أطاعته وإن أمرها بغيره فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
    16- و لأجلها خاض النبي حربا ضد بني قينقاع.
    17- و للدفاع عنها كان الموت شهادة في سبيل الله.
    18- و لأجلها حرك المعتصم جيشه الى عمورية.
    19- و لسمعتها وضع الله حد القذف ثمانين جلدة.
    ذلك هو
    حق_المرأة_فى_الإسلام


  5. الشيخ الشعراوى

    تفسير  الآيتين57-58سورة الاحزاب

    {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)}

    الإيذاء: إيقاع الألم من المؤذي للمؤذَي، سواء أكان الإيذاء بالقول أم بالفعل، والإيذاء بهذا المعنى أمر لا يتناسب مع الحق سبحانه وتعالى. إذن ما معنى: يؤذون الله؟
    قالوا: الله تعالى لا يُؤذَي بالفعل؛ لأنهم لا يستطيعون ذلك، فهو أمر غير ممكن، أما القول فممكن، والإيذاء هنا يكون بمعنى إغضاب الله تعالى بالقول الذي لا يليق به سبحانه، كقولهم: {إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ...} [آل عمران: 181] وبعضهم أنكر وجود الله.
    وقولهم: {يَدُ الله مَغْلُولَةٌ...} [المائدة: 64].
    وقولهم: {عُزَيْرٌ ابن الله...} [التوبة: 30].
    وبعضهم يسُبُّ الدهر، والله يقول في الحديث القدسي: (يؤذيني عبدي، وما كان له أنْ يؤذيني، يسبُّ الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أُقلِّبُ الليل والنهار).
    وهل الزمن له ذَنْب في الأحداث التي تؤلمك؟ الزمن مجرد ظرف للحدث، أما الفاعل فهو الله عز وجل، إذن: لا تسبُّوا الدهر، فالدهر هو الله، وهم أنفسهم قالوا: {مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ الدهر...} [الجاثية: 24].

    كل هذا إيذاء بالقول، لكن ينبغي أنْ ننظر فيه: أهو كذب وبهتان؟ أم قول صادق يقوم عليه دليل؟ وقد يُؤذيك شخص بكلمة، لكنك لا تُؤذَي منها، وفي هذه الحالة يأخذ هو إثمها، وتسْلَم أنت من شرها وتسلم من ألمها.. فهذه الأقوال منهم في الواقع فيها إيذاء، لكن ليس لله تعالى، إنما إيذاء لهم، كيف؟
    الحق سبحانه وتعالى حينما استخلف الإنسان في الأرض خلق له الكون قبل أنْ يخلقه فطرأ الإنسان على كون مُعَدٍّ لاستقباله، فيه مُقوِّمات بقاء الحياة، ومُقوِّمات بقاء النوع، ثم أعدَّ له أيضاً قانون صيانته، بحيث إنْ أصابه عطب استطاع أنْ يصلحه، هذا القانون هو منهجه سبحانه المحفوظ في كتابه، واقرأ قول الحق سبحانه: {الرحمن عَلَّمَ القرآن خَلَقَ الإنسان عَلَّمَهُ البيان} [الرحمن: 1-4].
    فقانون الصيانة في القرآن موجود قبل أنْ يخلق الإنسانَ؛ لأن الإنسان خَلْق الله وصَنْعته خلقه الله في أحسن تقويم، وعلى أحسن هيئة، ويريد له أنْ يظل هكذا سويَّ التكوين في كل شيء، فإذا ما خرج هذا الخليفة المخلوق لله على قانون صيانته، فإنه ولا شكَّ لابد أنْ يغضب الله، لأن الله يريد أنْ تظلَّ صنعته جميلة، كما أبدعها سبحانه.

    إذن: فالذين أنكروا وجود الله، أو الذين أشركوا به، والذين قالوا: (إن الله فقير ونحن أغنياء) أو قالوا: الملائكة بنات الله.. إلخ هذه الأقوال التي ترتب عليها غضب الحق سبحانه؛ لأنه خليفته في الأرض لم يُؤَدِّ المطلوب منه على حَسْب منهج الله.
    ونقول لهؤلاء: إياكم أنْ تظنوا أنكم بكفركم خرجتم من قبضة الحق سبحانه، بل أنتم في قبضته، وتحت مشيئته، ولو شاء سبحانه لقهركم على طاعته، أو خلقكم على هيئة الصلاح لا تأتي منكم المعصية كما خلق الملائكة، إنما جعلكم مختارين فيما كلفكم به، مَنْ شاء آمن، ومَنْ شاء كفر، ليعلم مَنْ يقبل عليه بحب لا بقهر.
    والدليل على ذلك أنكم مخلوقون، على هيئتين. هيئة لكم فيها اختيار وهي التكاليف، وهيئة مقبوضين في قبضة الحق سبحانه وهي القضاء، فما دمتم تعودتم التمرد على التكاليف، فلماذا لا تتمرَّدُون على أقدار الله فيكم، كالمرض والموت مثلاً؟
    ومع ذلك ما دُمْتَ قد اخترْتَ الكفر وأنا رَب، ومطلوب مني أنْ أعينك على ما تحب، فسوف أختم على قلبك، بحيث لا يدخله الإيمان، ولا يخرج منه الكفر الذي تحبه. إذن: أنا جئت على مرادك مما يدل على أن كفرك بي لا يضرني ولا يؤذيني.
    وقد ورد في الحديث القدسي:(يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي فتضروني).

    وإنْ كانت لكم منطقة اختيار في الدنيا هي أمور التكاليف، فسيأتي يوم القيامة، ويمتنع الاختيار كله، فلا اختيارَ لأحد في شيء يوم يقول الحق سبحانه: {لِّمَنِ الملك اليوم...} [غافر: 16] فلا يجيب أحد، لا مالك ولا مملوك، فيجيب الحق سبحانه على ذاته: {لِلَّهِ الواحد القهار} [غافر: 16].
    هذا في معنى إيذاء الله تعالى، أما الإيذاء في حقِّ سيدنا رسول الله، فرسول الله بشر، يمكن أنْ يصيبه الإيذاء بالفعل والإيذاء بالقول، فكما قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء قالوا عن رسول الله: كاهن وساحر ومجنون وشاعر، ثم تعدَّى الإيذاء إلى الفعل الذي أصاب رسول الله وآلمه بالفعل.

    ألم يُرْمَ بالحجارة حتى دَمِيتْ قدماه في الطائف؟ ألم يضعوا على ظهره الشريف سَلاَ البعير في مكة- أي سَقَط البعير- ألم تكسَر رباعيته يوم أحد ويُشَجُّ ويسيل دمه صلى الله عليه وسلم؟
    فرسول الله ناله مع ربه- عز وجل- إيذاء بالقول، ثم ناله إيذاء آخر بالفعل، إيذاء بشرى فيه إيلام، وقمة الإيذاء بالفعل ما يتعرَّض لأمر محارمه وأزواجه صلى الله عليه وسلم.

    لذلك قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله...} [الأحزاب: 53] أي: بمخالفة ما جاء به، أو بأنْ تتهموه بما ليس فيه، أو تتعرَّضوا له بإيلام حسي، ثم لم يخص من ألوان الإيذاء إلا مسألة الأزواج، فقال: {وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً...} [الأحزاب: 53] وذكر هذه المسألة بالذات صراحةً مراعاة لطبيعة النفس البشرية، فقد قلنا: إن الرجل يمكن أن يتجمل على أصحابه أو أحبابه بأغلى ما يملك، لكنه أبداً لا يقبل أن ينظر أحد إلى زوجته، يحميها ويغَارُ عليها من مجرد النظر.

    لذلك فإن سيدنا حذيفة، وكان يحب امرأته، فقال لها: ألاَ تحبين أن تكوني معي في الجنة؟ فقالت: بلى، فقال لها: إذن إذا متُّ فلا تتزوجي بعدي- فهو يغار عليها حتى بعد موته- لأني سمعت رسول الله يقول: «المرأة لآخر أزواجها».
    لكن هذا الحديث وُوجه بحديث آخر: لما سُئِل رسول الله: أيُّ نساء الرجل تكون معه في الجنة؟ فقال: (أحسنهن خلُقاً معه).
    وقد رأى البعض تعارضاً بين هذين الحديثين، والواقع أنه ليس بينهما تعارض، لأن الآخرية هنا لا يُراد بها آخرية الزمن، إنما آخرية الانتقال، كما لو تمتعت برحلة جميلة مع أحد الأصدقاء منذ عشرين سنة، فلما ذكَّرته بها قال: كانت آخر متعة، مع أنك تمتعت بعدها برحلات أخرى.
    فالمعنى: تكون لآخر أزواجها في المتعة، وإن كان مُتقدِّماً بحُسْن الخلق، إذن: فالمعنيان متفقان، لا تعارض بينهما.
    ومسألة غَيْرة الرجل على المرأة لها جذور في تاريخنا وأدبنا العربي، ومن ذلك قول الشاعر:
    أَهِيمُ بِدَعْدٍ مَا حيَيتُ فإن أَمُتْ ** فوَا أسَفَي مَنْ ذَا يهيمُ بهَا بَعْدي

    فهو مشغول بها حتى بعد أنْ يموت، لكن يُؤْخذ عليه أنه شغل بمن يحل محله في هيامه بمحبوبته؛ لذلك كان أبلغ منه قَوْل الآخر:
    أَهِيمُ بدَعْدٍ مَا حَييتُ فإن أَمُتْ ** فَلاَ صَلُحَتْ دَعْدٌ لذِي خُلَّةٍ بَعْدي

    إذن: فهذه الغيرة مراتب ودرجات.

    ويُحدِّثنا التاريخ أن أحد الخلفاء العباسيين- أظنه الهادي- كان يحب جارية اسمها غادر، ولشدة حبه لها قالوا إنه تزوجها، وفي خلوة من خلوات الهيام والعِشْق قال لها: عاهديني- لأن صحته لم تكُنْ على ما يرام- إذا أنا مِتُّ أن لا تتزوجي بعدي، وفعلاً أعطتْه هذا العهد، فلما مات الهادي لم تلبث أن نسيَتْ غادر عشقها للهادي، ونسيتْ حُزْنها عليه- وهذا من رحمة الله بنا أن كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا المصائب، فإنها تبدأ كبيرة ثم تصغر.
    بعدها تزوجت غادر من أخي الهادي، وفي يوم من الأيام استيقظت فَزِعة صارخة، حتى اجتمع عليها مَنْ في القصر، وسألوها: ماذا بك؟ قالت: جاءني الهادي في المنام، وقال لي:
    خَالَفْتِ عَهْدِي بَعْدَمَا ** جَاوَرْتُ سُكَّانَ المقَابرْ

    ونكحْتِ غادرةً أخِي ** صَدَق الذِي سَمَّاكِ غَأدِرْ

    لا يَهْنك الإلْفُ الجديدُ ** ولا عَدتْ عَنْك الدَّوائرْ

    وَلَحقتِ بي مُنْذُ الصَّباح ** وصِرْتِ حَيْثُ ذهَبْتُ صائِر

    وما كادت تنتهي من قولها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وماتت لذلك، فالحق سبحانه يراعي هذه الغرائز الإنسانية وهذه الطبيعة، أَلا ترى أن عِدَّة المتوفَّي عنها زوجُها كانت سَنةً كاملة، كما في قوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى الحول غَيْرَ إِخْرَاجٍ...} [البقرة: 240].
    ثم جُعلَتْ عِدَّة المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام احتراماً لهذه الغريزة في المرأة.

    ثم يُبيّن الحق سبحانه الجزاء العادل لمن يؤذي الله ويؤذي رسول الله، فيقول سبحانه: {لَعَنَهُمُ الله...} [الأحزاب: 57] أي: طردهم من رحمته {فِي الدنيا والآخرة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً} [الأحزاب: 57].
    ثم يعطينا الحق سبحانه إشارةً إلى أن هذا الجزاء العادل الذي أعدَّه لمن يؤذي الله ورسوله ليس تعصُّباً لله، ولا تعصباً لرسول الله، بدليل أن الذي يؤذي مؤمناً أو مؤمنة لابد أن يُجازَي عن هذا الإيذاء، فسوَّى المؤمن والمؤمنة في إرادة الإيذاء بإيذاء الله، وبإيذاء رسول الله، فقال سبحانه:

    {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)}
    لما تكلم الحق سبحانه عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات خَصَّ هذا الإيذاء بقوله {بِغَيْرِ مَا اكتسبوا...} [الأحزاب: 58] لأن هناك إيذاءً مشروعاً أوجبه الله للذين يخرجون على حدوده، فحَدُّ الزنا والقذف وشرب الخمر.. إلخ كلها فيها إيذاء للمؤمن وللمؤمنة، لكنه إيذاء مشروع لا يُعاقب مَنْ قام به، كما في إيذاء الله ورسوله.
    لذلك يقول تعالى في اللذين يأتيان الفاحشة: {واللذان يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا...} [النساء: 16].

    والحق سبحانه حين شرع هذه الحدود وهذا الإيذاء، إنما شرعه ليكون عقوبةً لمن يتعدَّى حدود الله، وتطهيراً له من ذنبه، ثم لتكون رادعاً للآخرين، فسيدنا عمر رضي الله عنه لما قرأ هذه الآية: {والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات...} [الأحزاب: 58] بكي فقال له جليسه: ما يُبكيك يا أمير المؤمنين؟ قال: لأنني آذيتُ المؤمنين والمؤمنات، قال: يا أمير المؤمنين إنك تؤذي لتُعلِّم ولتُقوِّم والله تعالى أمرنا أن نرجم، وأن نقطع، فضحك عمر وسُرَّ.
    بل أكثر من هذا يأمرنا الحق سبحانه في الحدود: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله...} [النور: 2].
    لأن الرأفة في حدود الله رحمة حمقاء، ولسنا أرحم بالخَلْق من الخالق سبحانه، والله تعالى حين يُضخِّم العقوبة ويؤكد عليها، إنما يريد ألاَّ يجتريء على حدوده، وألاَّ نُعرِّض أنفسنا لهذه العقوبات، ولك أنْ تسأل حين تقرأ قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي القصاص حَيَاةٌ...} [البقرة: 179].
    كيف تكون الحياة في القتل؟ نعم، في القصاص حياة؛ لأنك حين تعلم أنك إنْ قتلتَ تُقتَل، فلن تُقدم أبداً على القتل، وبذلك حَمَى الله القاتل والمقتول، وهل يُعَدُّ هذا إيذاءً؟
    ومعنى {بِغَيْرِ مَا اكتسبوا...} [الأحزاب: 58] أي: بغير جريمة تستحق الإيذاء، وكلمة {اكتسبوا...} [الأحزاب: 58] قلنا: هناك فَرْق بين: فعل وافتعل، فعل أي الفعل الطبيعي الذي ليس فيه مبالغة ولا تكلُّف، أما افتعل ففِعْل فيه تكلُّف ومبالغة، كذلك كسب واكتسب، كسب: أنْ تأخذ في الشيء فوق ما أعطيت، كما لو اشتريت بخمسة وبِعْتَ بسبعة مثلاً فهذا كسْب، أما اكتسب ففيها زيادة وافتعال.
    لذلك تجد في العُرْف اللغوي العام أن كسب تأتي في الخير واكتسب تأتي في الشر، مثل قوله تعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت...} [البقرة: 286] لها ما كسبتْ تفيد الملكية، وعليها تفيد الدَّيْن.
    ذلك لأن الأمر الحلال يأتي طبيعياً تلقائياً، أما الحرام فيحتاج إلى محاولة وافتعال واحتياط، فحين تنظر مثلاً إلى زوجتك تكون طبيعياً لا تتكلف شيئاً، أما حين تنظر إلى امرأة جميلة في الشارع، فإنك تتلصص لذلك وتسرق النظرات، خشية أن يطلع أحد على فِعْلتِك، هذا هو الفرق بين الحلال والحرام.

    وفي آية واحدة في كتاب الله جاء الفعل كسب في الشر، وذلك في قوله تعالى: {بلى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خطيائته فأولئك أَصْحَابُ النار...} [البقرة: 81].
    فلماذا؟ قالوا: لأن الآية فيمَنْ تعوَّد السيئات، وأحاطت به الخطايا حتى أصبحت عادة، وسَهُلَتْ عليه حتى صارت عنده كالحلال، يفعله بلا تكلُّف، بل ويجاهر به ويتباهى، هذا هو المجَاهر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي مُعَافَى إلا المجَاهرين» وفيه: «ستر الله عليه وأصبح يفضح نفسه».
    وهذا الذي يُسَرُّ بالمعصية ويتباهى بها بلغ به الاحتراف أنه يستطيع أنْ يستر حركات انفعاله في الحرام، كأنها الحلال بعينه؛ لذلك جاء الفعل كسب هنا، وكأن السيئة أصبحت مَلكةً.
    أذكر بمناسبة التكلُّف والافتعال في الحرام رجلاً من بلدتنا اسمه الشيخ مصطفى، ذهب إلى السوق لشراء بقرة، وأخذ النقود في جيبه، ومن حرصه وضع يده على جيبه خوفاً من اللصوص، فلما رأوه في السوق يمسك جيبه بيده عرفوا أنه ضالتهم، فكيف احتالوا ليسرقوه؟ لطخ أحدهم كتفه بروَث البهائم، ثم احتكَّ بالشيخ مصطفى، حتى اتسخت ملابسه فغضب، وأخذ ينظف ملابسه من الروث، ونسي مسألة النقود التي في جيبه فسرقوه.
    وكما يأتي الحرام بافتعال، كذلك يكون العقاب فيه أيضاً افتعال ومبالغة تناسب افتعال الفعل؛ لذلك يقول سبحانه في عقاب الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا: {فَقَدِ احتملوا...} [الأحزاب: 58] ولم يَقُلْ حملوا، وفَرْق بين حمل واحتمل، حمل تُقال لما في طاقتك حَمْله، إنما احتمل يعني فوق الطاقة، وإنْ حملْته تحمله بمشقة، فالجزاء هنا من جنس العمل، فكما تفاعلْتَ وتكلَّفْتَ في المعصية كذلك يكون الجزاء عليها.
    {فَقَدِ احتملوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب: 58] البهتان: أن تقول في غيرك ما ليس فيه، فالبهتان كذب، أمَّا الإثم: فأنْ ترتكب ذنباً في حقه بأن تؤذيه بصفة هي فيه بالفعل، لكنه يكره أنْ تصفِه بها، كما تقول للأعمى مثلاً: يا أعمى.

    لذلك ورد في الحديث لما سُئل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ إنْ كان في أخي ما أقول؟ قال: (إنْ كان فيه ما تقول فقد اغتبْتَهُ، وإنْ لم يكن فيه ما تقول فقد بَهته) أي: كذبْتَ وافتريْتَ عليه.
    ووصف الحق سبحانه الإثم هنا بأنه مبين {وَإِثْماً مُّبِيناً} [الأحزاب: 58] يعني: جَليٌّ واضح؛ لأن الوضوح في الإثم إما أن يكون بأنْ تُقِر أنت به وتعترف بذنبك، وإما أنْ يكون بالبينة، فلو سألناك: أنت قلت لهذا الرجل يا أعمى، أتحب أنْ تُوصَف أنت بصفة تكرهها؟ لابد أنْ تقول: لا أحب. إذن: فالإثم هنا واضح، ويكفي إقرارك به.
    وينبغي أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك كما علَّمَنَا سيدنا رسول الله، فكما أنه لا يُرضيك أنْ يسرق الناس منك، كذلك أنت لا تسرق منهم، وكما يُؤذيك الإثمُ كذلك يؤذيهم.

    نداء الايمان

    ا


  6. _دى جوزها بيفسحها كل يوم في مكان ( أمها متوفية تبدلي معاها ،، دي تبيع الدنيا وما فيها وتشوف أمها لحظة ) 

    _ دى جوزها مدلعها لبس و فلوس اادددد كدة ( طيب هو مغترب و مبتشوفهوش غير كل سنتين شهر واحد و باقى السنة قاعدة فى البيت لوحدها تعبت ، زعلت ،، اكتئبت محدش بيحس بيها ) 

    _معاهم فلوس مش عارفين يودوها فين ( عندهم أمراض متتعالجش بالفلوس تاخد مليون وتديلهم صحتك )

    _بنتها مدملكة ( بتتعالج بالكورتيزون )

    _دول بيضحكوا وسعداء وكل يوم مع ناس شكل ومش شايلين هم (أبوهم سندهم راح وبيحاولو يلهوا نفسهم بدل ميغرقوا فالحزن )

    _دي بتشتغل وناجحة وبيتها بيلمع من النضافة ( آخر اليوم بتنام وحيدة وتتمنى ربنا يرزقها بذرية يملوا عليها البيت ) 

    ياريت قبل منشوف نعمة عند غيرنا ونتمناها نفكر الأول هتدفع قدامها نعمة ايه متوفرة عندك ،، لان مفيش حد بياخد كل حاجة ،، دي دنيا و
    الحسد فيها سوء ادب و سوء ظن بالله 
    نشكر ربنا علي النعم اللي عندنا و نفرح لغيرنا لان رزقهم مش مبني علي رزقك و لا خد منه حاجة ، الناس بتلهى نفسها بشوية صور و جوة كل بيت بلاوى محدش عارف بيها إلا ربنا 

    ربنا سبحانة و تعالى قال ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) 
    أشكروا ربنا على حياتكم علشان يزيدها و يبارك فيها ❤🤲🏻

    منقولة

    ...............

    تنبيهات لمن يكثر النظر في نعم الآخرين

    يكثر عند بعض الناس التحدث بإعجاب عن نعم الغير، ولا يتحدث عن نعم الله عليه مع أن الله قال: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، وفي هذا المسلك مخالفة للشرع من عدة وجوه هي

    الوجه الأول: في الحديث عن نعم الغير معصية لله في قوله تعالى: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [الحجر: 88]، ومعصية لله تعالى في قوله: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131]؛ أي: لا تمد عينيك معجباً، ولا تكرر النظر مستحسناً أحوال الدنيا والممَتَّعين بها؛ من المآكل والمشارب اللذيذة، والملابس الفاخرة، والبيوت المزخرفة، والنساء الـمُجَمَّلة؛ فإن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا؛ التي تُطْلِعُها الدنيا كما يُطْلِع النباتُ زهرتَه لامعةً جذابةً.

      الوجه الثاني: في النظر للنعم مخالفة لقول الله -تعالى-: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء: 32].  

      الوجه الثالث: أن في ذلك مخالفة لحديث أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «انْظُروا إلى مَن هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقَكم؛ فهو أجدرُ ألاَّ تزدروا نعمةَ الله عليكم»؛ رواه مسلم.  

    الوجه الرابع: أن في تكرار ذلك فتح لباب العين، والحسد بالعين حقيقة واقعة؛ ففي الحديث: « «العين حقٌّ، ولو كان شيءٌ سابَقَ القَدَر، لسبقَتْه العين» »؛ رواه مسلم. ويقوله -تعالى-: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54]، ويقوله -تعالى-: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 5]. وقد اُبتلي يوسف بحسد إخوته له؛ حيث قالوا: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف: 8]. فحسدوه على تفضيل الأب له؛ ولهذا قال يعقوب ليوسف: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5]. ولن يذهب الحسد من الناس إلا في نهاية الزمان، فقد صح عن أبي هريرة  رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله لينْزِلَنَّ ابنُ مريمَ حَكمًا عادلاً، فليكْسِرَنَّ الصليب، وليَقْتُلَنَّ الخنزير، وليَضَعَنَّ الجزية، ولتُتْرَكَنَّ القِلاص - جمع قَلُوص: وهي الشابة من الإبل - فلا يسعى عليها، ولتذهبنَّ الشحناءُ والتباغُض والتحاسد، وليَدْعُوَنَّ إلى المال، فلا يَقبله أحد»  (رواه مسلم).


    الوجه الخامس: أن ذكر النعم دون دعاء بالبركة قد يسبب مرض الممدوح، فقد قال مالك، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، قال: رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيت كاليوم، ولا جِلْدَ مُخبَّأة! قال: فلُبِطَ سهلٌ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرًا، فتغيظ عليه، وقال: "علام يقتل أحدكم أخاه؟! ألا بَرَّكْتَ عليه؟ اغتسِلْ له"، فَغَسَل له عامر وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صُبّ عليه، فراح مع الناس. (الموطأ) (938، 939)، وأحمد (3 /486)، والنسائي في (الكبرى) (4/ 380، 381)، وابن ماجه (3509).  

    الوجه السادس: أن ذكر نعم الغير يفتح باب حسد الجن، فقد قال ابن القيم رحمه الله: والعين عينان: عين إنسية، وعين جنية، فقد صح عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة. فقال: «استرقوا لها؛ فإن بها النظرة» قال الحسين بن مسعود الفراء: "وقوله سفعة" أي: نظرة - يعني: من الجن - يقول: بها عين أصابتها من نظر الجن، أنفذ من أسنة الرماح. أسأل الله أن يبعد عنا الحسد والحساد، وأن يوفق الجميع للاهتداء بهدي الشرع. والله أعلم. _____________________________________

    _ د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

    طريق الاسلام


     

     


  7.  

    من حسرات أهل النار أنهم يقولون:
    "وكُنَّا نَخوضُ مع الخَائِضين" !!
    وَيحَك؛ اصمُت !!
    وتذكر دائما {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}

      ( وكنانخوض مع الخائضين)تقليد اﻵخرين في الباطل ومسايرة السفهاءوالبطالين والسهر على القيل والقال وإشاعة اﻷخباردون تثبت هلاك وبوار 

      حين يهيم من حولك في كلّ واد يغتابون كن أنت الأطهر لا تأكل معهم لحمَ إخوانك وتذكر ﴿وكنّا نخوضُ مع الخائضين﴾ 

    فحطب كل فتنة: الخائضون بغير نور وبرهان من الحق، بهم تُوقد ويشبُّ ضرامها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظنُّ أن تبلُغ ما بلغَت؛ فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة)).

    ويقول قتادة رحمه الله:
    "ذُكِرَ لنا أن عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث من الغِيبة، وثلث من البول، وثلث من النميمة"؛ (الإحياء: 3 /191).
    وقد أخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيدي، ورجل عن يساره، فإذا نحن بقبرين أمامنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنهما لَيُعذَّبانِ، وما يعذبان، في كبير وبلى فأيكم يأتيني بجريدة؟))، فاستبقنا فسبقته، فأتيته بجريدة، فكسرها بنصفين، فألقى على ذا القبر قطعة، وعلى ذا القبر قطعة، قال: ((إنه يهون عليهما ما كانتا رطبتين، وما يُعذَّبان إلا في الغِيبة والبول)).

    العمر قصير، والساعات طائرة، فالزم باب الصمت إلا عن قول حق ينفع؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يُؤمن بالله واليوم الآخرفليقل خيرًا أو ليَصمُت))، وكن إلى أن تسمع أحرصَ منك إلى أن تتكلَّم، ولا تتكلم في شيء لا يعنيك.


  8. تأملوا معي ميزان علام الغيوب القادر القدير المقتدر:
    *(فمن أبصر فلنفسه)* 104 سورة الأنعام
    *(من عمل صالحًا فلنفسه)* 15 سورة الجاثية
    *(ومن شكر فإنما يشكر لنفسه)* 12 سورة لقمان
    *(ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه)* 18 سورة فاطر
    *(ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه)* 6 سورة العنكبوت
    *(فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)* 92 سورة النمل
    *(ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه)* 38 سورة محمد
    *(فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)* 10 سورة الفتح
    *(ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه)* 111 سورة النساء
    ‏توضح لنا  الآيات السابقة:
    على  المسؤولية الفردية وتحمل نتائجها في أوضح صورة وأقوى عبارة في تأكيدها"
    *فنجاتك يوم القيامة مشروع شخصي*
    لن تُعذر بتقصير الناس .. وانحراف المشاهير والمغمورين وخذلان الأقربين والأبعدين دنياك اختبار لك وحدك
    فاعمل لنفسك واجتهد لنجاتها .. والفوز بالجنة


    *من قوانين محكمة يوم القيامة*
    تعرَّف على محكمة الآخرة قبل أن تقف فيها:
    *1- الملفات غير سرية*
    ﷽ ﴿ونُخرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ كِتابا يَلقاهُ مَنْشُورًا﴾ ...
    *2- الحضور تحت حراسه مشدده*
    ﷽ ﴿وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾...
    *3-الظلم مستحيل*
    ﷽ ﴿وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.. ...
    *4- ليس هناك محامٍ يدافع عنك*
    ﷽ ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾…
    *5- الرشوة والواسطة مستحيلة*
    ﷽ ﴿يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ﴾...
    *6- لا يوجد تشابه أسماء*
    ﷽ ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾...
    *7- استلام النطق بالحكم باليد*
    ﷽ ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ﴾...
    *8- لا يوجد حكم غيابي*
    ﷽ ﴿وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾...
    *9- لا يوجد نقضٌ أو استئناف*
    ﷽ ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾...
    *10-لا يوجد شهود زور*
    ﷽ ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}...
    *11-لا توجد ملفات منسيه*
    ﷽ {أحْصَاهُ الله ونسُوهُۚ}…
    *12- ميزان دقيق للأعمال*
    ﷽ {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسبين}…


    "ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

     

    منقوله


  9.  

    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:

    عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْيَمَامِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا يَمَامِيُّ! لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: "وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا". قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ. قَالَ: فَلَا تَقُلْهَا؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلَانِ؛ كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ الْآخَرُ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، فَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ، فَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لَا يَزَالُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ، فَيَقُولُ: "يَا هَذَا! أَقْصِرْ"، فَيَقُولُ: "خَلِّنِي وَرَبِّي؛ أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟". قَالَ: «إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: "وَيْحَكَ أَقْصِرْ". قَالَ: "خَلِّنِي وَرَبِّي؛ أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟". فَقَالَ: "وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا!"، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، وَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: "اذْهَبْ، فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي"، وَقَالَ لِلْآخَرِ: "أَكُنْتَ بِي عَالِمًا؟ أَكُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدَيَّ قَادِرًا؟" اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ. قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

    مِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ بَذْلُ النَّصِيحَةِ لِلْآخَرِينَ، وَهَذِهِ النَّصِيحَةُ تَحْتَاجُ إِلَى آدَابٍ وَضَوَابِطَ، حَتَّى يَكْتَمِلَ النُّصْحُ، وَيُؤَثِّرَ فِي النَّاسِ، وَمِنْ فِقْهِ الْحَدِيثِ مَا يَلِي:

    1- الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ: تَأَمَّلْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ» وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى عِلْمٍ، وَلِهَذَا صَدَرَ مِنْهُ مَا صَدَرَ! فَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مُجْتَهِدًا فِي الْخَيْرِ وَمُكْثِرًا فِي الْبِرِّ بِدُونِ عِلْمٍ فِي الشَّرِيعَةِ، وَبَصِيرَةٍ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي أَخْطَاءٍ كَبِيرَةٍ.

     

    2- الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَاصِي أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ: لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ: أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

     

    3- لَا بُدَّ لِلنَّاصِحِ مِنْ تَحْسِينِ أُسْلُوبِهِ فِي النُّصْحِ: وَأَنْ يَكُونَ هَمُّهُ كَسْبَ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَيْسَ إِيقَاعَهُمْ فِي الْحَرَجِ وَالْيَأْسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ كَمَا فَعَلَ الْعَابِدُ هُنَا!

     

    4- لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ رَقِيبًا عَلَى النَّاسِ: مَهْمَا بَلَغَ فِي مَرَاتِبِ الْعِبَادَةِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهَا.

     

    5- تَجُوزُ مُخَالَطَةُ الْعَاصِي: مَا دَامَ غَالِبًا عَلَى الظَّنِّ أَنْ يَرْجِعَ وَيَتُوبَ إِلَى اللَّهِ، مَعَ بَذْلِ النَّصِيحَةِ لَهُ، وَأَمْرِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيِهِ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (إِذَا تَغَيَّرَ أَخُوكَ، وَاعْوَجَّ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَلَا تَدَعْهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ أَخَاكَ ‌يَعْوَجُّ ‌مَرَّةً، وَيَسْتَقِيمُ أُخْرَى). وَكَانَ رَجُلٌ عَلَى حَالٍ حَسَنَةٍ، فَأَحْدَثَ - أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَرَفَضَهُ أَصْحَابُهُ وَنَبَذُوهُ، فَبَلَغَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ ذَلِكَ؛ فَقَالَ: (تَدَارَكُوهُ وَعِظُوهُ، وَلَا تَدَعُوهُ).

     

    6- يُهْجَرُ الْعَاصِي؛ إِذَا خَافَ النَّاصِحُ عَلَى نَفْسِهِ الْفِتْنَةَ: فَإِذَا أَيِسَ النَّاصِحُ مِنَ الْمَنْصُوحِ، وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الِافْتِتَانَ؛ فَلَهُ أَنْ يَهْجُرَهُ هَجْرًا جَمِيلًا، لَا أَذًى مَعَهُ.

     

    وَاهْجُرْ وَلَوْ ‌كُلَّ ‌الْوَرَى ‌فِي ‌ذَاتِهِ 
    لَا فِي هَوَاكَ وَنَخْوَةِ الشَّيْطَانِ 
    وَاهْجُرْهُمُ الْهَجْرَ الْجَمِيلَ بِلَا أَذًى 
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْهِجْرَانِ 
     

    7- عِبَارَةُ «أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟» أَحْيَانًا تُقَالُ لِلنَّاصِحِ؛ تَجَنِّيًا، بِغَيْرِ حَقٍّ: فَلَا بُدَّ لِلنَّاصِحِ أَنْ يَنْفِيَ عَنْ نَفْسِهِ هَذِهِ الشُّبْهَةَ، وَيُصَحِّحَ الْمَفْهُومَ لَدَى الْمَنْصُوحِ، فَيَقُولُ: "لَمْ أُبْعَثْ عَلَيْكَ رَقِيبًا، وَلَا عَلَى غَيْرِكَ، وَأَنَا عَلَيْكَ حَرِيصٌ، أُحِبُّ لَكَ الْخَيْرَ، كَمَا أُحِبُّهُ لِنَفْسِي، وَأَكْرَهُ لَكَ الشَّرَّ، كَمَا أَكْرَهُ لِنَفْسِي".

     

    8- لَا تَحْقِرَنَّ عَاصِيًا الْبَتَّةَ: فَمِنْ مُوجِبَاتِ الْهَلَاكِ أَنْ يَنْظُرَ الطَّائِعُ لِنَفْسِهِ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالْإِعْجَابِ، وَيَحْتَقِرَ الْعُصَاةَ، وَيَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الِازْدِرَاءِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْهَلَاكِ وَالضَّلَالِ. وَلِهَذَا قِيلَ: رُبَّ مَعْصِيَةٍ أَوْجَبَتْ ذُلًّا وَاسْتِصْغَارًا، خَيْرٌ مِنْ طَاعَةٍ أَوْجَبَتْ عُجْبًا وَاسْتِكْبَارًا، ثُمَّ إِنَّ قُلُوبَ الْعِبَادِ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَدْرِي أَحَدٌ بِمَ يُخْتَمُ لَهُ، وَمَنِ الَّذِي كُتِبَ لَهُ الْحُسْنَى وَالْقَبُولُ؟

     

    9- كُنْ مِفْتَاحَ خَيْرٍ، وَلَا تَكُنْ مِفْتَاحَ شَرٍّ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقَنِّطَ أَحَدًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَالْخَيْرُ فِي النَّاسِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَرَبُّ النَّاسِ لَا يَزَالُ يَغْفِرُ لَهُمْ وَيَرْحَمُهُمْ، وَيَتُوبُ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا
     

    10- التَّأَلِّي عَلَى اللَّهِ مِنْ مُحْبِطَاتِ الْأَعْمَالِ: وَمِنْ أَسْبَابِ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: "وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ" وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِى يَتَأَلَّى عَلَيَّ [أَيْ: يَحْلِفُ] أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ؛ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَهَذِهِ سَقْطَةٌ خَطِيرَةٌ، وَإِثْمٌ كَبِيرٌ، وَقَعَ فِيهِ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ! لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ بِمَ يُخْتَمُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.

     

    11- مِنَ التَّأَلِّي عَلَى اللَّهِ: أَنْ يَحْلِفَ الْإِنْسَانُ أَلَّا يَفْعَلَ مَعْرُوفًا! أَوْ أَنْ يَحْلِفَ أَلَّا يَصِلَ رَحِمَهُ الْفُلَانِيُّ! أَوْ يَحْلِفَ أَنْ يَظَلَّ مُتَخَاصِمًا مَعَ فُلَانٍ! عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ خُصُومٍ بِالْبَابِ عَالِيَةٍ أَصْوَاتُهُمَا، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الْآخَرَ [أَيْ: يَطْلُبُ مِنْهُ الْوَضِيعَةَ؛ وَهِيَ تَرْكُ بَعْضِ الدَّيْنِ]، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِي شَيْءٍ [أَيْ: يَطْلُبُ مِنْهُ الرِّفْقَ فِي الْمُطَالَبَةِ]، وَهْوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَفْعَلُ! فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيْنَ الْمُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ لَا يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ؟» فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَهُ أَيُّ ذَلِكَ أَحَبَّ [أَيْ: سَأَفْعَلُ مَا يَطْلُبُهُ خَصْمِي] مُتَّفَقٌ عَلَيْ

    12- لَا يَجُوزُ الْجَزْمُ بِجَنَّةٍ أَوْ نَارٍ لِأَحَدٍ، مَهْمَا بَلَغَ مِنَ الصَّلَاحِ أَوِ الْعِصْيَانِ: فَهَذَا مِنَ التَّأَلِّي عَلَى اللَّهِ، فَمِنَ الْخَطَأِ أَنْ يُقَالَ: "فُلَانٌ شَهِيدٌ" وَإِنَّمَا نَقُولُ: "نَحْسَبُهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ" أَوْ "نَحْسَبُهُ شَهِيدًا" وَهَذَا كَالدُّعَاءِ لَهُ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو السَّائِبِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ بِجُوَارِهِ أُمُّ الْعَلَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ". فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ؟» فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ؟ فَقَالَ: «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي» قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

     

    13- خُطُورَةُ الْكَلِمَةِ؛ فَرُبَّمَا تَكُونُ سَبَبًا فِي سَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى: كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا؛ يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

     

    14- قَدْ يَغْفِرُ اللَّهُ تَعَالَى الذَّنْبَ بِلَا تَوْبَةٍ: قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي غُفْرَانِ الذُّنُوبِ ‌بِلَا ‌تَوْبَةٍ؛ إِذَا شَاءَ اللَّهُ غُفْرَانَهَا).

     

    15- الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ: فَكَمْ مِنْ عَابِدٍ أُوبِقَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَمُسْرِفٍ نَجَّاهُ اللّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ.

    د محمود الدوسري
    شبكة الالوكة


  10.  
     

    أسئلة مفسدة 


    سأل شاب شابا آخر أين تشتغل؟ 
    - فقال له: بالمحل الفلاني.
    - كم يعطيك بالشهر؟ 
    - قال له : 5000
    - فيرد عليه مستنكراً: 5000 فقط، كيف تعيش بها؟ 
    إن صاحب العمل لا يستحق جهدك ولا يستاهله، 
    فأصبح كارهاً لعمله وطلب رفع الراتب، فرفض صاحب العمل، فأصبح بلا شغل، 
    كان يعمل .. أما الآن فهو بلا عمل .

    سألت إحداهن زوجة عندما جاءها مولود: 
    ماذا قدَّم لكِ زوجكِ بمناسبة الولادة؟ 
    قالت لها : لم يقدِّم لي شيئاً..
    فأجابتها متسائلة: 
    أمعقول هذا؟ أليس لكِ قيمة عنده؟ 
    ‍‌‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌《ألقت بتلك القنبلة ومشت》 
    جاء زوجها ظهراً إلى البيت فوجدها غاضبة فتشاجرا ، وتلاسنا ، واصطدما ، فطلقها.
    ‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍《 ‌‌من أين بدأت المشكلة؟ 
    من كلمة قالتها إمرأة 》

    يروى أن أباً مرتاح البال ، فيقال له لماذا لا يزورك ابنك كثيراً؟
    كيف تصدق أن ظروفه لا تسمح؟ 
    فيعكر صفو قلب الوالد ليبدأ الجفاء بعد الرضا.
    إنه الشيطان يتحدث بلسانه.‍‍‌‍‌‌

    قد تبدو أسئلة  متكررة في حياتنا اليومية و لكنها مفسدة

    لماذا لم تشتري كذا؟
    لماذا لا تملك كذا؟
    كيف تتحمل هذه الحياة أو هذا الشخص؟ 
    كيف تسمح بذلك؟

    نسألها ربما جهلاً ، أو بدافع الفضول ، أو "الفضاوة" 
    ولكننا لا نعلم ما قد تبثه هذه الأسئلة في نفس سامعها .‍‌‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌

    مضمون الرسالة
    "لا تكن من المفسدين"‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‍‌‌

    نصيحة‍‍‌👌‌‌
    ادخل بيوت الناس أعمى واخرج منها أبكم ..
    *لا تفسدوا على الآخرين حياتهم*


  11. هل تعلم الفرق بين صلاة الفريضة وصلاة قيام الليل ؟
    من أروع ما قرأت عن قيام  الليل كلام تقشعر له الابدان أتمنى من الكل أن يقرأه للنهاية 
     

     استوقفتني صلاة الثلث الآخير من الليل فوجدت عجباً:

     -أنّ الصلاة المكتوبة نداؤها بصوت البشر، و صلاة الثلث الآخير من الليل نداؤها من ربّ البشر.
     -الصلاة المكتوبة يسمع نداءَها كلُّ البشر، وصلاة الثلث الآخير يستشعر نداءها  بعض البشر.

     -الصلاة المكتوبة نداؤها: (حيّ على الصلاة؛ حيّ على الفلاح)، وصلاة الثلث الآخير من الليل نداؤها: (هل من سائلٍ فأعطيَه.).
     -الصلاة المكتوبة يُؤديها أغلبُ المسلمين؛ بينما صلاة الثلث الآخير يُؤديها مَن اصطفاهم الله من المؤمنين.

     -الصلاة المكتوبة ربما يصليها بعضهم  رياءً، أما صلاة الليل فلا يُصليها أحدٌ إلا خُفيةً خالصةً لله.
     -الصلاة المكتوبة يمتزج في أدائها التفكير بمشاغل الدنيا ووساوس الشيطان ؛  أما صلاة الثلث الآخير فهي انقطاعٌ عن الدنيا وبناءٌ للدار الآخرة 
      -الصلاة المكتوبة ربما تؤديها لكي تُقابل أحدًا في المسجد ؛ فتتبادل أطراف  الحديث معه ؛ بينما صلاة الليل تؤديها ؛ لكي تأنس بالحديث مع الله ، و  تتكلم معه ، وتبث همّك وسُؤلك.

     -الدعاء في الصلاة المكتوبة ربما يُجاب؛ بينما صلاة الثلث الآخير من الليل وعد الله عباده بالإجابة (هل من سائل فأعطيَه) 
     -أخيراً .. صلاة الثلث الآخير من الليل لا يوفق بالقيام بها إلا من أراد  الله له أن يأنس بالحديث معه وسماع همومه وشكواه ؛ لأنه من أقرب البشر له ؛  

     فهنيأً لمن حصل على بطاقة دعوة من ربّ العزة والجلال للجلوس بين يديه وسماع حديثه والتلذّذ بمناجاته"
    _إذا أجلست في الظلآم بين يدي الملك العلآم 
     استعمل { أخلاق الأطفال 
     فالطفلُ إذآ طلب شيئا ، ولم يُعْطَه .. { بكى حتى يأخُذه !
     فكن أنت هذآ الطفل , وأطلب حآجتك " بن الجوزي "
    لا تحرم نفسك وغيرك فربما تشجع أحد للقيام ولك أجره 
     نفع الله بكم ويستخدمكم ولا يستبدلكم. 

    اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه المنتجبين فى كل وقت وحين اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تنحل بها العقد وتنفك بها ألكرب وتفتح لنا بها أبواب الفرج .


    منقوووول


  12.  

    العظمةُ التي جاء بها القرآن الكريم لا تقتصر على الاعتقادِ الصحيح وتوحيد الخالق جلَّ جلالُه فقط، بل عظمتهُ تجاوزت آفاق الحياة التي لا حدَّ لها، بما يترتَّب على التَّوحيد من صياغةِ الشخصيةِ الإنسانية، بتقويمِ سُلوكها وتصحيح معاملاتها. فالقرآن الكريم منهج ودستور حياة يضبطُ اعوجاج الإنسان، بمنحهِ فيضاً تِلوَ الآخر من الطهرِ والحبِ والجمالِ، وذلك بنظرتهِ الشموليَّة، وقواعدهِ الكليَّة التي تصلح لكلِّ زمانٍ ومكان. ومن هنا، سَنُبحر سويًا إن شاء الله بسلسلةٍ متواضعة (آية ومنهج حياة) التي أعْتبِرها قبسٌ صغيرٌ شَعَّ نورها من وهجِ القرآن، وهو بالواقع ليس تفسيرًا ولا محاولة للتفسير؛ إذ لتفسير رجاله من العلماء الأفاضل، لكنها مجرد خواطر أخُطها بما فتح الله بها عليَّ؛ لعلها تُلامس الواقع؛ لنصلَ بها معًا لما هو خيرٌ في الدنيا والآخرة.

    ❤‏‏"وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" 

    تلك المساحةُ الروحيةُ التي تتولد شيئًا فشيئًا من زفَراتِ الحياة الباردة، التي تَغورُ على مفاصلِ الفرد الإنساني؛ فَتَشلَ كل جزء من جسده وتزلزل كيانه؛ فيصبحَ عاجزًا أمامَ ما يريد وما كان ليكون، فيصبحَ يبحث عن ذلك المخرج أو تلك الثقوب داخل قسماتِ أخاديد الحياة، ليعيدَ صياغة لحظة خروج.. حتى لو كانت تلُفّها العشوائية المطلقة، فهنا تطغى فوض العجز؛ فتضيق الأرض وتُصفد الأبواب، وتُسد الطرق، ويتلاشى الأمل، ويتضاءل النور، ويفرد الظلام جناحيه، ويفقد الجمال جماله، فلا لذَّة تبقى ولا راحة تغمرنا، فتتحول البسمة إلى دمعة والسعادة إلى ألم.

    نعم، هذه هي الحياة، فلا بدَّ أن تُغلق عليك الدروب يومًا ما، فترى كل الأبواب التي أمامك مُوصده. قد يكون هناك بابٌ واحدٌ مفتوح على مصراعيه، لكن هذا الباب لا يُرضي الله –عز وجل- فتصاب بتلك الزَّفَرات، التي هي ليس إلا اختبار صعبٌ جدًا.. ينبغي أن تنجحَ فيه. وهنا يتجلى قول الله تعالى:: (‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).

     يقول د. محمد راتب النابلسي في هذه الآية: "والله لو لم يكن في القرآن الكريم إلا هذه الآية لكَفَت".

    إنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح
    فإذا اجتَزتَ هذا الاختبار أخي، بتحقيقكَ فعل الشرط في هذه الآية وهو تقوى الله –عز وجل- ؛ سرعان ما يتحقق جوابه وجزاؤه وتُفتح لك جميع الأبواب على مصرعيها، فتستحقَ الوعد وتنال المكافأة في الدنيا والآخرة.

     قال أيضًا الشيخ النابلسي في ذاتِ السياق: "إن زوال الكون أهون على الله من تحقيق هذه الآية. والمخرج ليس مجرد رزق مادي، بل نفسي ومعنوي". 
    وقِيلَ "أنه لو أُطبقتْ السماء على الأرض لجعل الله للمتقين فتحاتٍ يخرجون منها". أما إذا فشلتَ أخي، باجتياز هذا الاختبار بعدم تحقيقكَ فعل الشرط وهو تقوى الله –عز وجل-؛ سيقودك بلا شَكّ نحو خيبة هائلة أو نتائج واقعية بائسة لا سبيل لنكْرانها في الدنيا والآخرة.

    إنْ كنت تعاني من ضائقة أي كانت مالية، اجتماعية، صحية، نفسية أو حتى ذلك الخَليط من أحاسيس العجز والفقر، التي أحيانًا تَتدفق علينا في لحظة واحدة في هذه الحياة .. عليك فقط أن تَتقِ الله؛ فسرعان ما يجل لك مخرجا. فإذا اتقيتَ الله في رزقك، جعلَ لك الله مخرجًا من فقرك. وإذا اتقيت الله في جسدك عافاك الله من سقمك. وإذا اتقيت الله في بصرك وفرجك عافاك الله في عزوبيتك وزوجك. وإذا اتقيت الله في عملك كفاك الله دخلك، وإذا اتقيت الله في الحبِ كفاك الله حب الناس.. وهكذا. هذا هو جزاء المتقين في الدنيا، فكيف بالآخرة؟!

    لا تسأل عن الكمِّ ولا الكيف؟
     فإنَّ الله إذا أراد لك أمراً فتح لك أبوابه، وصير لك جميع خلقه، وأتمه لك من حيث لا تدري. نعم، سيأتيك الفرج والرزق من باب ما ظننتَ يومًا ما أنه سيفتح. فَشْغل نفسك أخي، بتحقيق تقوى الله ولا تُشْغِل نفسك بالمخرج واجْعَل حياتك عامرة بها، فإنَّ الحياة العامرة بتقوى الله أقلها ضيقًا وجزعًا، وأكثرها فرحًا واستقرارًا وبركة. إنَّ الناظر والمتأمل مواضع التقوى في كتاب الله -عز وجل- وفي سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يدرك تمام الإدراك أنها سببًا لكل خير في الدنيا والآخرة. لذا كانت التقوى كما قيل هي وصية الله للأولين والآخرين ووصية كل رسول لقومه أن اتقوا الله؛ لأن فيها السعادة في الدنيا والآخرة وفيها النجاة والمخرج من الشدائد والأزمات وتفريج الكروب والعزة والنصر في الدنيا والآخرة. قال الشعر لبيد بن أبي ربيعة:

    رأيت التقى والحمد خير تجارة رباحاً إذا ما المرء أصبح ثاقلا
    وهل هو إلا ما ابتنى في حياته إذا قذفوا فوق الضريح الجنادلا

    ومن هنا، فإنَّ هذه الآية تُتَرجم فلسفةٌ كونية ومنهج حياة هام جدًا في متاهاتِ هذا الواقع المظلم، لا سيما ونحن نعيش بممراتٍ متداخلة وأفكارٍ متزاحمة كل لحظة تَضَعُنا أمامَ اختبارٍ صعب؛ لنقرر فيه أي منعطف نَسْلُك، أمنعطف التقوى الله ومخافته، التي فيها النجاة والرزق في الدنيا والآخرة، أم منعطف الشهوات والأهواء التي فيها الهم والحزن.

    الكاتب
    احمد ياسر طوطح
    .



  13. عند الدعاء 
    - إما مُجاب ، أو مدفوعٌ به أذىٰ ، أو أجرٌ مُدخر .
     

    إذا كان كل شيء بقدر فلماذا ندعو الله تعالى ؟

     

     

    السؤال


    لماذا يجب علينا أن ندعو إذا كان الله يفعل ما يريد ، ويعطي من يريد ، حتى أولئك الذين لم يسألوه ، وماذا نفعل إن دعوناه فلم يستجب لنا ؛ لأننا بشر في النهاية ، وعدم إعطائنا ما نريد أمر يؤثر في النفس ... إن كل شيء بقدر ، سواء دعونا أم لم ندع ، فلماذا إذن لا نقتصر على العبادة دون أن نتعرض للطلب والدعاء . هل في هذا إشكال أو بأس ؟

     

    الجواب

     

    الحمد لله.


    يمكننا أن نجيبك باختصار ووضوح بأننا ندعو الله تعالى رغم علمنا بأن كل شيء بقدر ، وأن كل شيء مكتوب في اللوح المحفوظ ، وذلك لأسباب ثلاثة رئيسية ، وكل سبب منها يحتمل الشرح والتطويل بمؤلف خاص :

     

    أولا : ندعو الله تعالى لأنه عز وجل يحب أن يرانا على بابه متذللين ، نسأله ونتضرع إليه ، فالسؤال والتضرع أحد مظاهر فقر الإنسان للغني الكامل عز وجل ، يرافقها الحب والتعظيم له سبحانه ، تماما كما يحب سبحانه منا أن نركع ونسجد لعظمته ، وأن نصوم امتثالا لأمره ، ونحوها من العبادات ، كذلك يحب منا سبحانه وتعالى أن نطلب منه حاجاتنا ، ونأوي إلى ركنه الشديد ، يقول الله عز وجل : ( وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ) النساء/32 ، ويقول سبحانه : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/55 ، ويقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) فاطر/15 .

     

    ❤ثانيا : لا أحد يختلف معك أن كل شيء مقدر عند الله سبحانه ، ومكتوب في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ، ولكن الذي فاتك أن تتعرف عليه في سؤالك : أن الله سبحانه وتعالى لم يكتب لك أنه يعطيك أو لا يعطيك فحسب ، بل إذا قدر لك العطاء ، فسيقدره مقرونا بسببه ، بمعنى أن الله إذا قدر لك الزواج مثلا ، فسيكون مكتوبا عنده أنك تبذل من الأسباب ما يوصلك لهذا الشيء المقدر .

    ولو سألك أحدهم فقال لك : إذا كان الطعام والشراب مقدرا لي أيضا ، فلن أسعى لرزقي ، فما هو مكتوب علي سيأتيني لا محالة ، سواء سعيت له أم لا !! فبماذا تجيبه ؟!!

    نظنك ستجيبه فتقول : إنك إذا أكلت أو شربت فذلك مقدر مكتوب عليك ، ولكنه مكتوب مع سببه ، وهو أنك ستقوم مثلا لتحضر الطعام أو تشتريه أو تعمل لتكسب الرزق لتحصيله ونحو ذلك من الأسباب ، كلها تؤدي إلى المسبب ، وكل ذلك بقدر الله سبحانه .

    فالكتابة ليست للنتائج فحسب ، بل للأسباب أيضا ، فإذا لم تبذل السبب لن تتأتى النتيجة أبدا .

    وهكذا أيضا جوابنا على سؤالك حول الدعاء ، فالدعاء أحد الأسباب التي أمرنا الله بها ، بل ورغبنا فيها وحثنا عليها ، وجعلها موصلة إلى مسببها ، كغيرها من الأسباب ، بل هو من أنفع الأسباب للمطالب الدينية والدنيوية .

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

    " الذين يظنون أن ما يحصل بالدعاء والأعمال الصالحة وغير ذلك من الخيرات : إن كان مقدرا حصل بدون ذلك ، وإن لم يكن مقدرا لم يحصل بذلك = هؤلاء كالذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ( أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب ؟ فقال : لا . اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له ) وفي السنن أنه ( قيل : يا رسول الله ؛ أرأيت أدوية نتداوى بها ، ورقى نسترقي بها ؛ وتقاة نتقيها ؛ هل ترد من قدر الله شيئا ؟ فقال : هي من قدر الله ) .

    ولهذا قال من قال من العلماء : الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد ، ومحو الأسباب أن تكون أسبابا تغيير في وجه العقل ؛ والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع ..

    والله سبحانه خلق الأسباب والمسببات ؛ وجعل هذا سببا لهذا .

    فإذا قال القائل : إن كان هذا مقدرا حصل بدون السبب ، وإلا لم يحصل ؟!

    جوابه : أنه مقدر بالسبب ، وليس مقدرا بدون السبب ؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خلق للجنة أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ؛ وخلق للنار أهلا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فسييسر لعمل أهل السعادة . وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل الشقاوة ) " انتهى من " مجموع الفتاوى " (8/138-139) .

    ويقول – أيضا - رحمه الله :

    " الصواب أن الدعاء والتوكل والعمل الصالح سبب في حصول المدعو به من خير الدنيا والآخرة ، والمعاصي سبب ، وأن الحكم المعلق بالسبب قد يحتاج إلى وجود الشرط وانتفاء الموانع ، فإذا حصل ذلك ، حصل المسبب بلا ريب " انتهى من " مجموع الفتاوى " (14/ 143) .

    ❤ثالثا : نحن ندعو الله عز وجل – رغم أن كل شيء بقدر – كي يمنحنا مزيدا من فضله ، وذلك أنه ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا . قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللهُ أَكْثَرُ ) رواه أحمد في " المسند " (17/213) ، وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وجود إسناده المنذري في " الترغيب والترهيب " ، وصححه الألباني في " صحيح الأدب المفرد " (547) .

    فتأمل كيف أن فقه الصحابة الكرام قادهم إلى العزم على الإكثار من الدعاء ، لما سمعوه من الفضل الجزيل مطلقا للدعاء ، سواء تحقق في الدنيا أم لا ، وسواء كُتب القدر بخلافه أم لا .

    وقد سئل العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله :

    " أنكر بعضهم الدعاء ... محتجا بحديث ( فرغ ربك من ثلاث رزقك وأجلك وشقي أم سعيد) فهل هو كذلك ؟

    فأجاب بقوله :

    ليس الأمر كما زعم هذا المنكر ، ويلزمه إبطال الدعاء من أصله ، لأن كل ما سيقع لك قد فرغ منه ، وبذلك قال بعض المبتدعة ، فأبطلوا الدعاء من أصله ، وقالوا لا فائدة له ؛ لأنه إن سبق وصول المدعو به للداعي ، فالدعاء بوصوله عبث ، وإلا فهو عبث أيضا .

    وردَّ عليهم أهل السنة بأن المطلوب من الدعاء التذلل والخضوع ؛ ولذا ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) وفي بعض الآثار أن الله قال لموسى عليه الصلاة والسلام : ( يا موسى اسألني كل شيء حتى ملح عجينك ) .

    على أن له فائدة ، وهي أن تلك المقدرات على قسمين :

    منها ما أُبرم ، وهو المعبر عنه بما في أم الكتاب الذي لا يقبل تغييرا ولا تبديلا .

    ومنها ما عُلق على فعل شيء ، وهو المعبر عنه باللوح المحفوظ القابل للتغيير والتبديل ، وأصل ذلك قوله تعالى : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) [الرعد: 39] . فمن ذلك حديث أن زيارة الرحم تزيد في العمر ...

    وكذلك الدعاء : قد يكون المدعو به معلقا على الدعاء ، فكان للدعاء فائدة أي فائدة .

    على أن الدعاء لا يخيب أبدا ؛ لأنه إن كان بما علق على الدعاء ، فواضح وجود الفائدة فيه ، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ) .

    وإن كان بما لم يعلق على ذلك ، ففائدته الثواب ؛ لأن الدعاء من العبادة .

    وأيضا : فيبدل الله الداعي بدل ما دعا به ، مما لم يقدر له ، بما هو مثل ذلك ، أو أفضل منه ، كما يليق بجوده وكرمه وسعة فضله وحلمه ، ومن ثم أطلق سبحانه وتعالى الاستجابة للدعاء ولم يقيدها بشيء ، فقال عز وجل : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) [غافر: 60] ، وقال : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) [البقرة: 186]

    والفعل وإن كان في حيز الإثبات فلا عموم له ، لكنه في مقام الامتنان للعموم ، كما قالوا به في النكرة في سياق الامتنان ، إذ الفعل والنكرة المثبتة من واد واحد ، عموما وعدمه ، فتأمل ذلك كله ، فإنه ظهر لي بحمد الله ولا مزيد على حسنه وتحقيقه .

    ثم رأيت بعضهم أشار لبعض ذلك فقال : لا ينكر الدعاء إلا كافر مكذب بالقرآن ؛ لأن الله تعالى تعبد عباده به في غير ما آية ، ووعدهم بالاستجابة على ما سبق في علمه من أحد ثلاثة أشياء على ما ورد في الحديث : استجابة ، أو ادخار ، أو تكفير عنه " انتهى من " الفتاوى الحديثية " (ص/92) .

    والخلاصة : أننا ندعو لأن الدعاء من أسباب حصول المطلوب ، تماما كما أن الأكل والشرب من أسباب الشبع ، والمسلم يأخذ بالسبب ويتوكل على الله سبحانه ، فضلا عما في الدعاء من ثواب وأجر جزيل .

    المصدر الاسلام سؤال و جواب


  14. تفسير الشيخ الشعراوي

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا (53)}الاحزاب

    الحق سبحانه وتعالى وزَّع الأمر بين رسول الله وبين أمته، فكما قال للرسول في أول السورة {ياأيها النبي اتق الله...} [الأحزاب: 1] أمر أمته بذكْره وطاعته، وكما تكلَّم عن أمر يتعلَّق برسول الله تكلَّم كذلك عن أمر يتعلق بأمته في قوله {ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ...} [الأحزاب: 49].
    بعد ذلك لرسول الله: {ياأيها النبي إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الأحزاب: 45] ليُبيِّن عموم نَفْعه لأمته، فجازاه عن الأمة بأن يُصلُّوا عليه، وأنْ يتأدبوا حين دخولهم بيته صلى الله عليه وسلم، فقال هنا: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ...} [الأحزاب: 53] لأن التكليف لابد أن يكون لمن آمن بالله. وقلنا: إن الحق سبحانه رب وإله، ومعنى(رب) أنه سبحانه خلق وربَّي وأنعم وتفضَّل، والخَلْق والتربية والإنعام والتفضُّل ليس خاصاً بالمؤمنين، بل لكل مَن استدعاه الله لوجود من مؤمنين وكافرين.

    فالشمس تشرق على الجميع، والمطر يروى أرض المؤمن والكافر، والأرض تستجيب للكل، فالذي يُحسِن أَخْذ أسباب الله من عطاء الربوبية يأخذ النتيجة، وينال نصيبه موقَوتاً بمدى الربوبية في الدنيا {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20] والله لا يضيع أجر مَنْ أحسن عملاً.
    فالمؤمن الذي لا يأخذ يد الله الممدودة له بالأسباب ويهملها يعيش مُتخلِّفاً عالةً على غيره، يعيش شحاذاً يستجدي قُوتَه حتى من الكافر، فإذا ما خَلَتْ الساحة للكافر، وأخذ هو بالأسباب، وأعطاها حقوقها أخذ هو عطاء الرب، وكان أَوْلَى بالمؤمن ألاَّ يترك عطاء ربه، يأخذه مَنْ لا يؤمن بالله، ثم يتخلف هو عن رَكْب الحضارة، وإنْ كانت الحضارة التي وصل إليها الكفار اليوم حضارة في الماديات فحسب.

    أما القيم والأخلاقيات فقد انحدرتْ في هذه المجتمعات، بدليل أنك حين تذهب إلى هذه البلاد وتنزل مثلاً في فندق- كما نزلنا- تجد مكتوباً على باب الحجرة: إذا دخل عليك اللصوص فلا تقاوم، فإن حياتك أثمن مما معك، إذا خرجتَ إلى الشارع فلا تحمل من المال إلا بقدر ضرورياتك. إذن: ارتقوا في شيء، وانحدروا في أشياء.
    وإذا كان مظهر ارتقائهم في الناحية الاقتصادية، فانظر إلى أعلى دَخْلٍ للفرد في العالم تجده في السويد، ومع ذلك تكثر عندهم الأمراض النفسية والعصبية والانتحار والجنون والشذوذ وغيرها من الأمراض الاجتماعية.

    لقد تحضَّرتْ هذه البلاد حضارة مادية؛ لأنهم أخذوا بأسبابها، فأتقن كُلٌّ عمله، وأعطى وقت العمل للعمل، فما بين الثامنة إلى الثانية عشرة لا تجد إنساناً في الشارع، ولا تجد أحداً يجلس على(القهوة) مثلاً أو يضيع وقت العمل، وفي وقت الراحة يذهب الجميع إلى المطعم ليأكل(السندوتش) الجاهز، ثم يعود إلى عمله.
    هكذا يعيش المجتمع المادي، فالذي لا يعمل فيه يموت من الجوع، والحمد لله أن شبابنا تنبهوا إلى أهمية العمل وتخلَّوْا عن الطفولة التي كانوا يعيشون فيها حتى الثلاثين، وهم عَالَة على الأبوين.
    والحق سبحانه هنا يُعلِّمنا الأدب مع رسول الله، ويجعله لنا قدوة، فهو صلى الله عليه وسلم عاش عيشة الكفاف مطعماً وملبساً ومسكناً، فليس عنده إلا عدة حجرات، لكل زوجة من زوجاته حجرة واحدة، فليس لديه حجرة صالون أو استقبال، فلابد أن تتعلم الأمة آداب الدخول وآداب الزيارة في مثل هذه الحالة، وخاصة مع رسول الله في بيوته.

    فقال سبحانه: {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ...} [الأحزاب: 53] كلمة(بيوت) جمع بيت، وهو ما أُعِدَّ للبيتوتة أي: للمبيت فيه، والمبيت في الأغلب الأعَمِّ لليل، فهو محل السكون والبيات، أما النهار فهو محلُّ الحركة، ولابد للإنسان بعد التعب والجهد أن يأوي بالليل إلى مكان يستريح فيه ويفيء إليه؛ لذلك سُمِّي البيت سكناً، كذلك سُمِّيت الزوجة سكناً للسبب نفسه.
    فالبيت مسكن لإيواء القالب وراحته، والمرأة سَكَن لإيواء القلب وراحة النفس، فكلاهما ينبغي أن يكون مصدراً للراحة.
    والبيت يُجمع على بيوت إنْ أردنا المسكن، ويجمع على أبيات إنْ أردنا البيت الشعري، وسُمِّي الشعر بيتاً عند العرب وهم أمة فصاحة وبيان؛ لأنه تأوي إليه المعاني، كما نأوي نحن إلى بيوتنا ونسكن فيها، كذلك المعاني تسكن بيت الشعر، فيصير البيت نفسه حكمة.
    لذلك يقول أحمد شوقي رحمه الله: لا يزال الشعر عاقلاً- يعني: لا زينة له من قولهم المرأة العاقل أي: التي لا زينة لها- ما لم تُزيِّنه الحكمة، فهو بدونها هراء لا فائدة منه.
    ولا تزال الحكمة شاردة حتى يؤويها بيت من الشعر يُحفظ ويُتداول على مَرِّ العصور، كما نستشهد نحن الآن بأبيات المتنبي والمعري وشوقي.. إلخ.
    والبيتوتة في كل شيء بحسبها، فالذين يعملون بالنهار بيتوتهم بالليل، والذين يعملون بالليل بيتوتهم بالنهار، وإنْ كان الأصل في البيات أن يكون ليلاً، وإياك أنْ تشغل إنساناً وقت بيتوته سواء أكانت بالليل أو بالنهار، فوقت العمل للعمل، ووقت السكن للسكن.
    لذلك فإن أهل الحكمة عندنا في الفلاحين يقولون:(مَنْ يحرس) يعني: بالليل(لا يحرث) يعني: بالنهار؛ لأن الإنسان إنْ انشغل وقت راحته لا يجيد عمله ولا يتقنه.
    بصرف النظر، أكان وقت الراحة في الليل أو في النهار، فأنت مثلاً حين تتأمل البلاد التي تشرق فيها الشمس ثلاثة أشهر أو ستة أشهر، وتغيب أيضاً ثلاثة أشهر أو ستة أشهر، هل نتصور أن يعمل أهل هذه البلاد طوال الثلاثة أشهر، وينامون ثلاثة أشهر؟ لا إنما يُقسِّمون هذه الفترة في ليل أو نهار إلى فترات: فترة للعمل، وفترة للراحة.
    لذلك تجد من عظمة القرآن أنْ يحتاط لمثل هذه الأمور، فيقول سبحانه: {مِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار وابتغآؤكم مِّن فَضْلِهِ...} [الروم: 23] فالنوم يكون بالليل، ويكون أيضاً بالنهار لمن تستدعي طبيعة عمله أن يعمل بالليل.
    والبيت يكون على قدر إمكانات صاحبه، المهم أنْ يكون له مكان يأوي إليه ويستريح فيه، مهما قَلَّ، حتى لو كان مكاناً ضيِّقاً على قَدْر ما يسع الإنسان أنْ يضع جنبه على الأرض، فإنْ كان فيه مُتَّسع فبها ونِعْمت، وعلى طارق البيت أنْ يراعي مدى البيتوتة لمن يطرق عليه.

    وكما يتفاوت الناس في البيوت، كذلك يتفاوتون في ترف الحياة وأسباب الراحة في البيت على حسب الإمكانات، وما دامت الراحة على قدر الإمكانات، فينبغي أنْ يتحلَّى كلٌّ بالرضا، وأنْ يربط بين عمله ودَخْله وبين ترف حياته، فقبل أنْ تفرض لنفسك حياة مترفة، افرض لها أولاً عملاً مترفاً بنفس المستوى، بحيث توفر منه إمكانات هذا الترف.
    وكما يقول المثل(على قدر لحافك مِدّ رجليك) فإذا كانت إمكاناتك لا تفر لك إلا الكفاف، فلتكُنْ راضياً به، وإنْ تمردَّتَ وطلبْتَ المزيد فلتتمرد أولاً على نفسك، ولتعمل العمل الذي يوفر لك ما تتطلع إليه.
    وآفة الناس في اقتصادهم أنْ يحددوا مستوى الحياة أولاً، ثم يرغمون دخولهم وإمكاناتهم على هذا المستوى، فيحدث العجز، ولا تفي الإمكانات بالمتطلبات، إنما الواجب أنْ أُحدِّد مستوى حياتي على ضوء دَخْلي وإمكاناتي، وبذلك يعيش الإنسان سعيداً مرتاحاً لا يرهقه شيء، ولا يفوتنا ونحن نتحدث عن الدخول والإمكانات أنْ نراعي الحلال في الكسب وفي الإنفاق.
    وإذا كانت البيوت وأسباب الراحة فيها بحَسْب إمكانات أصحابها، فينبغي أنْ تكون أحوالهم النفسية أيضاً على قدر إمكاناتهم حتى لا يمتليء قلب الفقير حِقْداً على صاحب النعمة.
    إذن: لابد لنا أن نتحلَّى بالرضا، وأنْ نقنع بما في أيدينا، ومَنْ يدريك لعل صاحب النعمة هذا ورثها، وإنْ كان لم يتعب هو فيها فقد تعب أباؤه وأجداده، وسبق أن قلنا: إن الذي يعرق عشر سنين من حياته يرتاح بقية عمره، والذي يعرق عشرين سنة يُريح أولاده، والذي يعرق ثلاثين يُريح أحفاده، ومَنْ ذا الذي عرق وكدَّ ولم يجد ثمرة عرقه؟

    فمَنْ أراد أنْ يعيش محترماً مكرماً حال شيخوخته فليعمل في شبابه وحال قدرته، وليعرق قبل أنْ يأتيه يوم لا يجد فيه هذه القدرة؛ لذلك يراعي سيدنا رسول الله هذا المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم: «أعْطوا الأجير حقه قبل أنْ يجفَّ عرقه».
    أما الذين يتسكعون في الشوارع أو على القهاوي فليسوا أهلاً لهذه الحياة الكمرية حال شيخوختهم، كذلك العامل الذي لا يعطي للعمل حقه، أو لا يتقنه، أو يجلس يراقب صاحب العمل يتحيَّن الفرصة لإضاعة الوقت.
    ومعلوم أن القرش إذا اكتسبه صاحبه دون وجه حق كان وبالاً عليه وفساداً لحاله؛ لأنه لم يعرق به.
    .
    والناس يختلفون في نظرتهم إلى النعمة في أيدي الآخرين فقويُّ الإيمان ساعة يرى النعمة في يد غيره لا يحسده عليها، إنما يرى أنها فَضْل الله على عباده، وتراه يدعو لصاحب النعمة بالبركة، ويقول: والله إنه يستحق هذه النعمة وأكثر منها؛ لأنه جَدَّ واجتهد.
    المؤمن يقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، اللهم بارك له وأعطني من نعمك، المؤمن يرى في نعمة الدنيا نموذجاً مُصغَّراً نعمة الآخرة، فيقول: هذا ما أعدَّه البشر لأنفسهم، فكيف بما أعدَّه الله لخَلْقه؟ عندها يتراءى له نعيم الجنة، فيُقبل عليها بقلب يملؤه الإيمان واليقين، وهذه النظرة للنعمة عند الآخرين تسمى غِبْطة.
    أما غير المؤمن- والعياذ بالله- فيحقد على صاحب النعمة، ويراه غير أَهْل لها، ويتمنى زوالها من عنده، ويحسده عليها، وهذا كله دليل على ضَعْف الإيمان والاعتراض على أقدار الله في خَلْقه.
    ونُسمِّي المساجد بيوت الله، وسُمِّي المسجد بيت الله؛ لأنه جُعِل خصيصاً لكي نقابل فيه الله حينما نسمع نداء الصلاة؛ لذلك حذرنا رسول الله أنْ نُدخل الدنيا معنا بيوت الله، فحذَّر أنْ تُقعد الصفقات في المساجد، أو تُنشَد فيها الضالة، ولا أدلَّ على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم لمن عقد صفقة تجارية في بيت الله: (لا بارك اللهُ لك في صفقتك) وقال لمن نشد ضالته في المسجد: (لا ردَّ اللهُ عليك ضالَّتك).
    لأن الإنسان يعيش طوال وقته للدنيا، فلا يجوز أن يأخذها معه حتى في وقت الصلاة، فوقت الصلاة للقاء الله، وهذا الوقت لا يعطل حركة حياتك، إنما يعطيك شحنة إيمانية تُقوِّيك على متابعة حركة حياتك، وسبق أن قلنا: إن هذه الشحنة أشبه بشحنة البطارية، فهل يقال لمن أخذ البطارية ليشحنها أنه عطَّل البطارية؟
    كذلك أنت صَنْعة الله وخِلْقته، وما بالك بصنعة تُعرض على صانعها كل يوم خمس مرات، أيصيبها عطب بعد ذلك؟ وكذلك أنت حين تعرض نفسك على ربك، تأخذ من هذا اللقاء شحنة إيمان ويقين، وتتخلَّص من همومك ومشاكلك.
    لذلك كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما حَزَبَه أمر فزع إلى الصلاة، ففي الصلاة ترمي بنفسك وترمي بهمومك ومشاكلك في(أحضان) ربك؛ لأنه سبحانه أعطى الكون أسباباً، فإذا عزَّتْ عليك الأسباب ولم تُفِدْكَ بشيء فاترُكْ الأسباب، والجأ إلى المسبِّب سبحانه.

    وقلنا: إن المسجد بيت الله باختيار الخَلْق، أما بيت الله الحرام فهو بيت الله باختيار الله؛ لذلك جعله الله قِبْلة كل البيوت، فإذا ما زُرْته ولو مرة واحدة أصلح حياتك كلها.
    نعود إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وما ينبغي أنْ يتحلى به المؤمنون من أدب في دخولها، وما يجب أنْ يُراعَي في دخول هذه البيوت بالذات؛ لأن لها طبيعة خاصة تناسب مهمة صاحبها صلى الله عليه وسلم.

    {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبي إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ...} [الأحزاب: 53] يعني: لا تتهجَّموا عليها؛ لأنها ضيِّقة وليستْ فيها سعة للاستقبال في كل الأوقات، والإذن هنا مُقيَّد بالطعام {إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ...} [الأحزاب: 53].
    وحتى إذا دُعِيتَ إلى طعام رسول الله لا تذهبْ إليه قبل وقته، فإذا كان الغداء مثلاً الساعة الثانية، فلا تذهب أنت الساعة العاشرة؛ لأنه لا يليق أن تشغل رسول الله وله في بيته مهمات يجب ألاّ ينشغلَ عنها، مهام مع ربه، ومهام مع أهل بيته، وهذا معنى: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ...} [الأحزاب: 53] أي: نضج الطعام واستوائه وإعداده، والفعل(إِنَي) على وزن رضا، وفي لغة: إني أني مثل: رمي رمياً.
    وهنا تحذير للمؤمنين إذا دُعُوا إلى طعام رسول الله أنْ يدخلوا بيوته ينتظرون نُضْج الطعام، إنما عليهم ألاَّ يدخلوا إلا بعد نُضْج الطعام وإعداده، بحيث يقول لهم تفضلوا الطعام {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فادخلوا...} [الأحزاب: 53] فالطعام جاهز ومُعَدٌّ {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا...} [الأحزاب: 53] فكما نهاهم في أوَّليّة الطعام عن انتظار نُضْجه، كذلك نهاهم في آخريته عن عدم الجلوس بعده، إنما ينبغي عليهم إذا أكلوا أنْ ينتشروا.
    والانتشار: أنْ يأخذ الشيء حيِّزاً أوسع من حجمه، والانتشار يُعينك على تحقيق الغاية، ألسْنَا ننشر الملابس بعد غَسلْها؟ لماذا؟ لأن نَشْر الغسيل يساعد على جفافه، ولو تركْتَه في حيِّزه الضيق لاحتاج أسبوعاً لكي يجفَّ، إذن: في الانتشار فائدة.

    وسبق أنْ أوضحنا هذه الظاهرة بكوب الماء إذا تركْتَه مثلاً وسافرتَ لمدة شهر، فإنك ستعُود فتجده كما هو لم ينقص إلا القليل، لكن إنْ سكبْتَه في أرض الحجرة فسوف يجفّ قبل أنْ تخرج منها.
    فقوله تعالى هنا {فادخلوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فانتشروا...} [الأحزاب: 53] أي تفرَّقوا؛ لأن المكان الذي أنتم فيه في بيت النبي ضيِّق، إذن: ليذهب كُلٌّ إلى عمله، وماذا يُراد من المؤمن بعد أنْ تناول طعامه؟ أنْ يسعى في مناكب الأرض، لا أنْ يجلس خاملاً عَالةً على غيره، وتأمل أيضاً قول الله تعالى في سورة الجمعة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاة فانتشروا فِي الأرض وابتغوا مِن فَضْلِ الله...} [الجمعة: 10].
    إذن: أمر الحق سبحانه عباده المؤمنين بالانتشار؛ لأن له هدفاً وغايةً، فالهدف السعي وطلب الرزق، وماذا بعد أنْ تناولتهم طعامكم؟ أيليق بكم أنْ تقعدوا مثل(تنابلة السلطان) في بيت رسول الله، وأنتم تعلمون أنه يعيش عَيِشَة الكفاف في كل شئون حياته؟
    ومن معاني الانتشار: السياحة، وهي مأخوذة من سَاح الماء إذا فَاض، وأخذ حيِّزاً أكبر، والانتشار أو السياحة ينبغي أنْ تكون مُنظمة كما تنتشر نقطة الماء على القماش، فتحدث فيه دائرة منتظمة.
    كذلك في انتشاركم في الأرض للسعي في طلب الرزق يجب أنْ يكون بنظام معين، بحيث لا يحدث تكدُّس في مكان أو زحام، في حين يخلو مكان آخر لا يجد مَنْ يعمره، ويستنبط خيراته.
    والسياحة في الأرض أو الانتشار فيها، الله تعالى يريده مِنَّا لغايتين:
    الأولى: الضرب في الأرض وابتغاء رزق الله وفضله، كما قال الحق سبحانه وتعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرض يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ الله...} [المزمل: 20].
    والضرب في الأرض ليس مجرد الانتشار فيها، إنما المراد العمل والكفاح واستخراج خيراتها؛ لأن الخالق سبحانه نثر القوت في أنحاء الأرض بالتساوي، ونثر فيها الخيرات؛ لذلك كل يوم تعطينا الأرض جديداً من نِعَم الله، كنا لا نعرف من خيرات الأرض إلا الزراعة، فلما تقدَّمَتْ العلوم والاكتشافات وتطوَّرت أدواته عرفنا المعادن والبترول والكنوز المطمورة في أرض الله، وكل أثر كنزيٍّ في الأرض لا نستخرجه ولا نعرفه إلا بالضرب في الأرض، وسبق أن قلنا: الضرب إيقاع شيء بقوة.

    كنا نتعجَّب من الناس الذين يسكنون البوادي والصحراء ونشفق عليهم، كيف يعيشون في هذا الجَدْب والقَحْط؟ ولماذا لا يتركون هذا المكان إلى غيره؟ والآن وبعد الاكتشافات البترولية صاروا هم أغنى الناس وتأتيهم كل خيرات الدنيا تحت أقدامهم. لماذا؟ لأنهم تمسَّكوا بأرضهم وبلادهم وصبروا عليها، حتى آن الأوان لجني خيراتها، ولو أنهم يئسوا منها ما نالوا كل هذا الخير.
    وسبق أنْ أوضحنا أن خيرات الأرض متساوية، وشبهناها بقطاع طولي في البطيخة مثلاً، وإنْ تعددت ألوان هذه الخيرات واختلفت من مكان لآخر.
    والأخرى: أن تكون السياحة للاعتبار والتأمل في آيات الله في كونه، فبالتنقل والسير في الأرض أرى آيات ليست موجودة في بيئتي، وفي ذلك يقول تعالى: {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض فانظروا كَيْفَ بَدَأَ الخلق ثُمَّ الله يُنشِئُ النشأة الآخرة إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت: 20] ويقول سبحانه في موضع آخر: {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض ثُمَّ انظروا...} [الأنعام: 11].
    والمعنى أن السَّيْر في الأرض لابتغاء الرزق ينبغي أنْ يصاحبه نظر وتأمُّل لآيات الله.

    ثم يقول سبحانه: {وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلكم كَانَ يُؤْذِي النبي فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق...} [الأحزاب: 53] أي: لا ينبغي أنْ تجلسوا بعد الطعام للحديث، وتجعلوها(سهراية) في بيت رسول الله، وهذا النهي كان له سبب وحادثة وقعتْ، فنزلت هذه الآية.
    سيدنا رسول الله لم يُؤلِم وليمة في عُرْس من أعراسه إلا لزينب بنت جحش، فذبح صلى الله عليه وسلم شاة، وأعدَّ لهم الحَيْس، وهو التمر المخلوط بالزبد والسمن، ثم يوضع عليه اللبن الحامض أو الرايب.
    فلما أكل الناس جلسوا يتحدثون، انتظر رسول الله أنْ يقوموا وينصرفوا، فلم يَقُمْ منهم أحد، وحياؤه صلى الله عليه وسلم يمنعه أنْ يقول لهم: قوموا، فأراد صلى الله عليه وسلم أنْ يُظهِر لهم أنه يريد أنْ يقوم، وقام فعلاً وخرج، فلم يقُم منهم أحد ووجدَ صلى الله عليه وسلم آخرين جالسين بالخارج، فعاد إلى مجلسه، فشعر القوم بما يريده رسول الله فانصرفوا.
    يقول سيدنا أنس: فجئتُ فأخبرتُ رسول الله أنهم انطلقوا، فجاء صلى الله عليه وسلم ودخل، فذهبت لأدخل وراءه، فألقى الحجاب بيني وبينه- يعني: لا أحد يدخل حتى أنت.
    ومعنى: {إِنَّ ذلكم كَانَ يُؤْذِي النبي فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ...} [الأحزاب: 53] لأنه صلى الله عليه وسلم يريد أنْ تنصرفوا، لكن يمنعه حياؤه، وهذا لأن المكان ضيِّق، ورسول الله في يوم عُرْس، وليس من المناسب الجلوس عنده.
    {والله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحق...} [الأحزاب: 53] لذلك قالوا: حَسْب الثقلاء أن الله لم يحتملهم. هكذا حدثتنا الآية في صدرها عن: آداب الدخول، وآداب الاستئذان، وآداب الأكل، وآداب الجلوس عند رسول الله.

    ثم تحدَّثنا بعد ذلك عن الآداب التي يجب أنْ يتحلَّى بها المؤمنون في علاقتهم بزوجاته صلى الله عليه وسلم: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...} [الأحزاب: 53].
    المتاع: أواني البيت التي لا تتيسَّر للجميع، فعادة ما يكون في الشارع أو الحارة بيت أو بيتان مَسْتوران، عندهم مثل هذه الأشياء: ماجور العجين، أو المنخل، أو الغربال، أو الهون.. إلخ.
    ومثل هذه الأشياء عادة لا تتوفر للفقير، فيذهب إلى جاره فيستعيرها منه، وهذا ما قال الله فيه: {أَرَأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ بالدين فَذَلِكَ الذي يَدُعُّ اليتيم وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ الذين هُمْ يُرَآءُونَ وَيَمْنَعُونَ الماعون} [الماعون: 1-7].
    فالمتاع هو الماعون، وهو أدوات البيت التي يستعيرها منك جارك غير القادر على توفيرها في بيته.
    إذن: الحق سبحانه في حين جعل للمؤمنين أدباً خاصاً مع رسول الله في الدخول عليه أو الأكل في بيته والجلوس عنده، لم يمنع الانتفاع بما عنده صلى الله عليه وسلم من متاع البيت، ومتاع البيت يُطلَب بأنْ تطرق الباب على أهله تقول: أعطونا كذا وكذا، وعادة ما تُسْأل المرأة لأنها ربةُ البيت والمسئولة عن هذا المتاع، فإذا طلبتُم شيئاً من زوجات النبي فاطلبوه من وراء حجاب {ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...} [الأحزاب: 53].
    سبق أنْ قُلْنا: إن المشاعر والإدراكات والمواجيد والعقائد التي تستقرُّ في النفس، هذه المظاهر الشعورية تتكون على مراحل ثلاث: آلة تدرك، ووجدان يستقبل، إما بالمحبة، وأما بالكراهية، ثم نفس تنزع، ومثَّلْنا لذلك بالوردة تراها في البستان جميلة نضرة، وتشُمُّ رائحتها زكية عطرة، فهذا إدراك بحاسة البصر وحاسة الشم، نتج عنه إعجاب ومواجيد، يترتب عليها أنْ تمدَّ يدك لتقطفها، وهذا هو النزوع.
    والشرع لا يتدخل، لا في الإدراك، ولا في الوجدان، إنما يتدخل في النزوع، فَلَك أنْ ترى جمال الودرة كما تشاء، ولك أنْ تشمَّ عبيرها، لكن إن امتدَّتْ يدُكَ إليها قُلْنا لك: قف: أَهِي حَقٌّ لك؟ إنْ كانت حقك فَخُذْهَا، وإلا فهي مُحرَّمة عليك لأنها ليَستْ مِلْكك، وليس في هذا حَجْراً على حريتك؛ لأن الذي قيَّد حريتك في الاعتداء على مال الغير قيَّد حرية الآخرين في الاعتداء عليك، فأعطاك قبل أنْ يأخذ منك إذن: فالشرع في صالحك أنت.

    نقول: الشرع لا يتدخل إلا عند مرحلة النزوع، إلا في علاقة الرجل بالمرأة والنظر إلى جمالها، فإنه يتدخل فيها من بدايتها، فيحظر عليك مجرد الإدراك، لأنك حين ترى جمال المرأة، وربما كانت أجمل من امرأتك أو لم يسبق لك الزواج، فإنك تُعجب بها.
    وهذا الإعجاب لابد أنْ يدعوك إلى النزوع، فكيف تنزع في هذه الحالة؟ والنزوع في هذه المسألة له شروط: أولها أنْ تأتيه من باب الحلال، فإنْ لم تكُنْ قادراً على باب الحلال، فإما أنْ تعفَّ نفسك، وإما أنْ تعربد في أعراض الآخرين، لذلك تدخَّل الشرع في هذه المسألة من أولها، ولم يتركك حتى تقع في المحظور وتنزع فيما لا يحلُّ لك؛ لأن المرأة الجميلة لا شكَّ تهيج في الرجل معاني خاصة.
    وفي ذلك يقول الشاعر:
    سُبْحانَ مَنْ خَلَق الجَماَ ** لَ والانْهِزَام لِسَطْوتِهِ

    وَلَذَاكَ يأمْرنَا بغَضِّ ** الطَّرْف عنه لَرحمتِهِ

    من شاء يطْلبه فلا ** إلاّ بطُهْر شريعتِه

    وبذَا يدُوم له التمتُّع ** هَأهُنَا وبجنَّتِهِ

    أما الذي يدَّعي أن نظره إلى جمال المرأة لا يترك فيه هذا الأثر فهو مخالف للطبيعة، حتى وإنْ كان متزوجاً، وإياك أنْ تظن أن امرأة تُغني بجمالها عن جمال في سواها؛ لذلك يقولون: النساء كالخمر، كل مليحة بمذاق، فمهما كانت زوجتك جميلة، وفيها كل المواصفات التي تعجبك فسوف تجد في غيرها الجديد مما ليس فيها. إذن: من رحمة الله بك أنْ لا تدخل في هذه المسألة من أول مراحلها، فحرَّم مجرد النظر.
    وإذا كان هذا في المعنى العام للناس، فكيف يكون مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى مخاطباً المؤمنين {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله...} [الأحزاب: 53] أي بالنظر إلى زوجاته؛ لأن النظر إدراك يتبعه أنْ تجد في نفسك شيئاً، صحيح أنت لا تستطيع أنْ تُقدِم؛ لأنهن أمهات المؤمنين، إنما سينشغل قلبك، ومجرد خواطر القلب هنا إيذاء لسيدنا رسول الله، بدليل أنه قال بعدها: {وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ...} [الأحزاب: 53].
    ورُوِي أن رجلاص رأى السيدة عائشة قبل الحجاب فانبهر بها، فقال: والله إنْ مات رسول الله لأتزوجنَّ هذه الحميراء، وإنْ كان كفَّر عن هذه القَوْلة وحَجَّ ماشياً، وأعتق الرقاب، ليغفر الله له هذه الجرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    فمعنى {ذلكم...} [الأحزاب: 53] أي: أمرنا بأنْ تسألوهنَّ من وراء حجاب، وهذا الأمر احتياط للطرفين {أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ...} [الأحزاب: 53] لقلوبكم أولاً، ولقلوبهن ثانياً.
    وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله} [الأحزاب: 53] أي: لا ينبغي ولا يكون، وهذا يعني أنَّ شيئاً لم يحدث، بل مجرد الخاطر يُعَدُّ إيذاءً؛ لأنه في حق مَنْ؟ في حق رسول الله.
    وقوله: {وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً...} [الأحزاب: 53] هذا تكريم لرسول الله ولأزواجه ليس في مدة حياته فحَسْب، إنما حتى بعد مماته؛ لأنهُنَّ أمهات للمؤمنين، وليس لأحد أنْ يتزوج منهن بعد رسول الله.

    ومعلوم أن للزوجة بالنسبة لزوجها خصوصية، فعادةً في طبيعة التكوين الإنساني ترى الرجل عنده ألوان من الخير، فإنْ كان صاحب أريحية لا يمنعك شيئاً تتطلبه أو تستعيره منه، يعطيك من ماله، من متاع بيته، يعيرك سيارته.. إلخ.
    إلا ما يتعلق بالمرأة، فإنه يغار حتى من مجرد أنْ تنظر إليها، ليس ذلك وهي في حوزته ومِلْكه، إنما حتى لو كان كارهاً لها، حتى لو طلقها يغار عليها أن تتزوج بآخر.

    إذن المرأة هي المتاع الوحيد الذي يحتل هذه المنزلة، وينال هذا الحفظ وهذه الرعاية، لماذا؟ لأنها وعاء النَّسْل، وكأن الله تعالى يريد للأمة كثرة النسل شريطة أنْ يكون من طُهْر وعِفَّة ونقاء، فوضع في قلب الرجل حُبَّها والغيرة عليها.
    لذلك، تأمل هذا الوصف الذي وصف الله به الأنصار لما استقبلوا المهاجرين، وأفسحوا لهم في أملاكهم وفي بيوتهم، فوصفهم الله وصفاً أرقى ما يُوصف به مكان في مكين.
    فقال سبحانه: {والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان...} [الحشر: 9] فكأنهم يسكنون في الإيمان {مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ...} [الحشر: 9].
    وما استحق الأنصارُ هذا الوصفَ من الحق سبحانه إلا لإيثارهم إخوانهم المهاجرين وبَذْل شيء لم يبذله أحد قبلهم، حيث كان الواحد منهم يعرض على أخيه المهاجر أنْ يُطلِّق له إحدى زوجاته ليتزوجها، وهذه هي المسألة التي تثبت أن إيمانَ هؤلاء طغي على كل ما عداه، وصار أحبَّ شيء إليهم حتى من المرأة، ومن الغيرة عليها.
    وقوله تعالى: {إِنَّ ذلكم...} [الأحزاب: 53] أي: ما سبق أنْ ذُكِر من سؤال أمهات المؤمنين من وراء حجاب، وألاَّ تؤذوا رسول الله، أو تنكحوا أزواجه من بعده، كل هذا {كَانَ عِندَ الله عَظِيماً} [الأحزاب: 53] وكيف يُؤْذَي رسولُ الله، وهو ما جاء إلا ليحمينا من الإيذاء في الدنيا في الآخرة.

    نداء الايمان


  15.  لكل عصر طبيعته التي يتأثر بها من يعيش فيها، وعصر الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتشر فيه تعدد الزوجات، واتخاذ الجواري، ومع ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن زواجه رغبة في كثرة النساء، وإنما كان زواجه صلى الله عليه وسلم يرجع إلى أسباب اجتماعية وتشريعية وسياسية يمكن بيانها على النحو التالي:

    أولًا: الأسباب الاجتماعية:

    - زواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها، وهذا نضج اجتماعي، بحيث يتزوج الرجلُ المرأةَ العاقلة الرشيدة، وكان عليه الصلاة والسلام في سن الخامسة والعشرين وظلت معه وحدها حتى توفيت وهو في سن الخمسين.

    - تزوَّج بعدها بالسيدة سودة بنت زمعة وكانت أرملة؛ لحاجة بناته الأربع إلى أم بديلة ترعاهن وتُبَصِّرهن بما تُبَصِّر به كل أم بناتها.

    - حفصة بنت عمر بن الخطاب تزوجها بعد وفاة زوجها إكرامًا لأبيها سـ3هـ.

    - السيدة زينب بنت خزيمة استشهد زوجها في غزوة أحد فتزوجها سـ4هـ.

    - السيدة أم سلمة هند بنت أمية توفى زوجها ولها أولاد فتزوجها سـ4هـ.

    فقد تبين من الزيجات السابق ذكرها أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بأرامل الشهداء الذين قُتِلُوا في جهاد المسلمين للمشركين لتطييب نفوسهن، ورعاية لأولادهن، فكان هذا تعويضًا من الله عز وجل لهن.


    ثانيًا: الأسباب التشريعية:
    - زواجه من السيدة عائشة رضي الله عنها كان بوحي، حيث رأى في المنام أنه تزوجها، ورؤيا الأنبياء وحي.

    - زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة الذي كان يُدْعَى زيد بن محمد بالتبني، فنزل قول الله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ [الأحزاب: 4] ﴿ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: 5] وبعد خلاف مع زوجها طُلِّقت منه، وأُمِرَ الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها لإقامة الدليل العملي على بطلان التبني، وذلك سنة خمسة للهجرة.


    ثالثًا: الأسباب السياسية:
    كان لبعض زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم بُعد سياسيٌّ من حيث ائتلاف القلوب والحدِّ من العداوة وإطلاق الأسرى... إلخ، ومِن ذلك: زواجه بالسيدة جويرية بنت الحارث، سيد بني المصطلق، من خزاعة، وقعت في الأسر، تزوجها سنة 6 هـ.

    - والسيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، تنصَّر زوجها وبقيت هي على إسلامها، وكان للزواج منها كبير الأثر في كسر حِدَّة أبي سفيان في العداء للإسلام، حتى هداه الله.

    - والسيدة صفية بنت حيي بن أخطب كانت من سبي خيبر أعتقها الرسول وتزوجها سـ7 هـ.

    - والسيدة ميمونة بنت الحارث تزوجها سـ7هـ. مات من هؤلاء اثنتان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهما: خديجة، وزينب بنت خزيمة، وتوفى الرسول صلى الله عليه وسلم عن تسع.

    وأما الجواري فهما مارية القبطية التي ولدت إبراهيم وتوفى صغيرًا، وريحانة بنت زيد القرظية.

    إذن التعدد بدأ في سن الثالثة والخمسين من عمره، فهل هذا دليل الشهوة؟ ومن يشتهِي هل يتزوج الثيبات وأمهات الأولاد والأرامل؟ كيف وقد عُرِضَ عليه خيرة بنات قريش فأبى؟!، إن التعدد منه صلى الله عليه وسلم كله كان لحكم منها -فضلًا عما سبق- بيان كل ما يقع في بيت النبوة من أحكام عملًا بقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا﴾ [الأحزاب: 34] ولتتشرف به قبائل العرب بمصاهرته لهم، وللزيادة في تألفهم لذلك، ولتكثر عشيرته من جهة نسائه فيزداد أعوانه على من يحاربه. ولنقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال؛ لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله.

    ........

    التعدد سنة الأنبياء بنصوص الكتاب المقدس:


    ذكر الكتاب المقدس عددًا من الأنبياء وذكر عنهم التعدد؛ منهم:


    - نبى الله إبراهيم عليه السلام، ذكر الكتاب المقدس له ثلاث زوجات؛ سارة [سفر التكوين (20: 12)]، هاجر المصرية [سفر التكوين (16: 3)]، قطورة [سفر التكوين (25: 1)]، وكذلك ذكر أنه كانت له سرارى [سفر التكوين (25: 6)].


    - نبى الله يعقوب عليه السلام، كان له أربع نسوة فى وقت واحد؛ جاء فى سفر التكوين: "ثم قام فى تلك الليلة وأخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وعبر مخاضة يبوق" (32 : 22).

    - نبى الله داود عليه السلام، ذكر العهد القديم له تسع نسوة: 


    1- أخينوعم اليزرعيلية.


    2- أبيجايل امرأة نابال الكرملي.


    3- معكة بنت تلماى ملك جشور.


    4- حجيث.


    5- أبيطال.


    6- عجلة. [صموئيل الثانى ( 3 : 1-6)]


    7- ميكال. [سفر صموئيل الثانى (6 : 23 )]


    8- بثشبع امرأة أوريا. [سفر صموئيل الثانى ( 11 : 26 )]


    9- أبيشج الشونمية. [سفر الملوك الأول ( 1 : 1- 5 )]

    - نبى الله سليمان عليه السلام، ذكر العهد القديم أنه كانت له ألف امرأة؛ سبعمائة من الحرائر وثلاثمائة من السرارى. 


    "وكانت له سبعمائة من النساء السيدات وثلاثمائة من السرارى" [سفر الملوك الأول (11 : 3 )].


    فهؤلاء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان ذكر العهد القديم أنهم قد عددوا الزوجات، فالتعدد سنة الأنبياء ومنهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

     


    المصدر
    دار الافتاء المصرية


  16.   مسيء
     
    #وقفات مع الفرق بين " أحد" و "واحد"
    والإعجاز البلاغي في سورة الإخلاص.
     
    ما الحكمة في قول الله تعالى في سورة الإخلاص ﴿قل هو الله أحد﴾ ولم يقل قل هو الله واحد!! يعود ذلك إلى ثمانية أسباب احفظوها:
     
     واحد هو مفتتح العدد حيث نقول واحد اثنان ثلاثة أما أحد فهو منقطع العدد، فأحد ليس له ثان.
     
     واحد له مؤنث فتقول:واحدة أما أحد فلا يؤنث وهذا مقام تشريف.
     
     واحد يأتي وصفا لأي شيء، فتقول: رجل واحد، كتاب واحد أما أحد فقد اختص به الله سبحانه وتعالى فتقول: الله أحد، ولا يصح أن تقول: رجل أحد.
     
     واحد يتجزأ وينقسم إلى أبعاض، فالواحد يتجزأ إلى أرباع أو أثلاث أو أنصاف أما أحد فلا يمكن أن يتجزأ ولا يتبعض فأحد يعني الوحدة المطلقة.
     
     واحد لا يفيد النفي المطلق ، فعندما تقول : ما قتلت واحدًا تحتمل أنك قتلت اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر فالنفي بواحد لا يبرؤك ، أما أحد فتفيد النفي القاطع ، فعندما تقول: ما قتلت أحدا ، فأنت بريء من قتل أي أحد.
     
     واحد تستخدم للعاقل وغير العاقل ، حيث تقول: رجل واحد - جمل واحد أمَّا أحد فلا تستخدم إلَّا للعاقل ؛ وهذا مقام تشريف.
     
     واحد صيغة اسم فاعل أمَّا أحد فصيغتها صفة مشبهة، والصِّفة المشبَّهة أقوى من اسم الفاعل.
     
     واحد تبدأ بحرف لين وهو الواو وهو حرف ضعيف،كما أن كلمة واحد عند نطقها مقطعة إلى ثلاثة مقاطع أما أحد فتبدأ بحرف قوي شديد وهو الهمزة، وكلمة أحد تنطق كلها بمقطع واحد، و هذا مقام قوة
     
    . وكفار قريش قد علموا كل هذه المعاني الدقيقه ولكن في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا.
     

  17.  

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

    فالأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان" .

    وقوله: ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان، لأن ربيعة كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجباً، وكانت مضر تحرم رجباً نفسه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي بين جمادى وشعبان" تأكيداً وبياناً لصحة ما سارت عليه مُضر.

    وأما مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر، فقد صرح بها بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36] .
    قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الحج:25] .

    وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء. انتهى.

    وقال القرطبي رحمه الله: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) [الأحزاب:30] . انتهى كلام القرطبي.
    والله أعلم


    اسلام ويب


  18.  

    فوائد مختصرة من أقوال علماء وأئمة الدعوة منتقاة من الدُّرر السَّنيَّة

    فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

     
     بسم الله الرحمن الرحيم

     

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد فهذه فوائد مختصرة من أقوال علماء وأئمة الدعوة, رحمهم الله, منتقاة من كتاب " الدرر السّنيّة في الأجوبة النجدية "  أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

    العلامة عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله:

    ●   مواعظ القرآن:

    &لا أرى أعظم من مواعظ القرآن قد ذكر أن رجلًا طلب من أخ له موعظة فسأله: هل أنت تقرأ القرآن ؟ فقال: نعم, فقال: إن لم يعظك القرآن ما وعظك غيره.

    ●   حضور القلب في الصلاة:

    & المطلوب في الصلاة حضور القلب بين يدي الله تعالى, واتعاظه لكلام الله تعالى إذا يتلى عليه, والخشوع والطمأنينة, وهذه في الغالب ما تحصل للإنسان الذي يود العجلة.

    ●   كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم رحمهما الله:

    & الإمام ابن القيم, وشيخه: إماما حق, من أهل السنة, وكتبهم من أعزِّ الكتب.

    العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين رحمه الله:

    ●   صرف الأوقات والساعات في طلب العلم النافع:

    & طلب العلم ومعرفة ما قصد به العبد من الخطاب الشرعي أفضل الأرباح وعنوان الفلاح, والاعراض عن ذلك غلامة الإفلاس والابلاس, فلا ينبغي للعاقل العارف أن يضيع أوقات عمره وساعات دهره إلا في طلب العلم النافع.

    ●   العامل بغير علم:

    & العامل بغير علم وبصيرة ليس له من عمله على طائل, بل ربما جاءه الهلاك والآفة من جهة عمله, كالحاطب في ظلماء, والسالك في عمياء, ولا سبيل إلى العمل إلا بالعلم, ومعرفة صلاح العمل وفسداه لا بد منه, ولا يدرك إلا بنور العلم وبصيرته.

    ●   الوصية بالحرص على طلب العلم:

    &الحرص على تعلم العلم المورث عن الرسول صلى الله عليه وسلم...ولن ينال إلا على جسر من التعب والمشقة...وذلك بشيئين....إدامة المطالعة والحفظ....والوقوف في مواقف الابتهال والانطراح بين يدي ذي العزة والجلال والتضرع بالأسحار وتلاوة القرآن بالتدبر

    ●   من أسباب تحصيل العلم:

    & طلب العلم...السبب في تحصيله: فلا أعلم سببًا أعظم وأنفع وأقرب في تحصيل المقصود من التقوى...ومن الأسباب الموجبة لتحصيله: الحرص والاجتهاد...ومنها: إصلاح النية. وإرادة وجه الله والدار الآخرة فإن النية عليها مدار الأعمال.

    ●   قلة الموافق:

    & لا يتوحش الإنسان لقلة الموافقين, وكثرة المخالفين, فإن أهل الحق أقل الناس فيما مضى, وهم أقل الناس فيما بقي, لا سيما في هذه الأزمنة المتأخرة, التي صار الإسلام فيها غريبًا.

    ●   الاغترار بالكثرة:

    & من أعظم ما فتن به الشيطان في هذه الأزمنة المتأخرة أكثر العامة بل كثيرًا ممن ينتسب إلى علم: الاغترار بالأكثر فيقول أحدهم هذه الأمور التي تنكرونها...منتشر مشتهر في أمصار المسلمين.

     

    الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله:

    ●   من أخلاق أئمة الدين:

    & من أخلاق أئمة الدين: قبول التنبيه والمذاكرة وعدم التكبر, وإن القائل غير أهل

    ●   الاجتماع بأهل العلم عنوان التوفيق:

    & بلغني...أنك تحب الاجتماع بأهل العلم, وتحرص على ذلك, وتقبل العلم, ولو من هو دونك بكثير, فرجوت أن ذلك عنوان التوفيق.

    ●   تفسير الزمخشري:

    & من أبلغ الناس بحثًا في المعاني الزمخشري, وله في تفسيره مواضع حسنة, ولكنه معروف بالاعتزال, ونفي الصفات, والتكلف في التأويلات الفاسدة...مع ما هو عليه من مسبة السلف وذمهم...وفي تفسيره عقارب لا يعرفها إلا الخواص من أهل السنة.

    ●   العقل ثلاثة أنواع:

    & العقل ثلاثة أنواع: عقل غريزي, وعقل إيماني مستفاد من مشكاة النبوة, وعقل شيطاني, يظن أربابه أنهم على شيء...وهو عين الهلاك وثمرة النفاق فإن أربابه يرون أن العقل إرضاء الناس جميعهم وعدم مخالفتهم في أغراضهم وشهواتهم واستجلاب مودتهم

    ●   من ترك الأمر بالمعروف والتهي عن المنكر مخافة المخلوقين:

    & قال بعض السلف: من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, مخافة المخلوقين, نزعت منه الطاعة, فلو أمر ولده أو بعض مواليه لاستخف بحقه, فكما هان عليه أمر الله, أهانه الله وأذله. ﴿ نسوا الله فنسيهم﴾ [التوبة:67]

      

    الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله

    ●   من العقوبات القدرية على القلوب:

    & من العقوبات القدرية على القلوب: عدم الإحساس بالشر, وهي آلام وجودية يضرب بها القلب تنقطع بها مواد حياته وصلاحه وإذا انقطعت عنه حصل له أضدادها بلا شك وعقوبة القلب أشد من عقوبة البدن.

    ●   القرآن حياة القلوب:

    & كما أن الروح حياة البدن, فالقرآن حياة القلوب, فإذا عرف الإنسان أن القلب يموت بفقد القرآن, كما يموت البدن بفقد الروح, عرف قدر القرآن, وأن طلب الهدى من غيره ضلال, وهوان, فالروح للحياة, والنور للهداية.

    ●   الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

    & مقام استجلاب النعم, واستدفاع حلول النقم, لا يحصل إلا بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والأخذ على يد السفيه.

    الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله

    ●   المعاملات الربوية:

    & من أعظم الكبائر التي تمحق البركات ويسعى صاحبها في حرب الله...المعاملات الربوية, وقد فشت...في الناس, وقد شدد صلى الله عليه وسلم في الربا وغلظ فيه.

    ●   مقاتلة الأعداء بالأعمال:

    & لا تغتروا بأهل الكفر وما أعطوه من القوة والعدة, فإنكم لا تقاتلون إلا بأعمالكم, فإن أصلحتموها وصلحت, وعلم الله منكم الصدق في معاملته, وإخلاص النية له أعانكم عليهم, وأذلهم, فإنهم عبيده ونواصيهم بيده, وهو الفعال لما يريد.

     

    الشيخ حسن بن حسين بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله:  

    ●   المصائب:

    & قال بعض العلماء: إنك لن تحد أهل العلم والأيمان إلا وهم أقلّ الناس انزعاجًا عند المصائب, وأحسنهم طمأنينة, وأقللهم قلقًا عند النوازل.

    & قال الله تعالى: ﴿ وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ﴾ [البقرة:155_157] فهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في العاجلة والآجلة

    & إذا علم المؤمن علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه, هانت عليه المصيبة.

    & من صفات المؤمن: أنه عند الزلازل وقور, وفي الرخاء شكور.

    & مما يخفف المصائب برد التأسي, فانظروا يمينًا وشمالًا وأمام ووراء, فإنكم لا تجدون إلا من قد وقع به ما هو أعظم من مصيبتكم أو مثلها أو قريب منها...لو أمعن البصير في هذا العالم جميعه, لم يرّ إلا مبتلى إما بفوات محبوب, أو حصول مكروه.

    & قد مضت عادة أحكم الحاكمين لمن أراد به خيرًا, أن يُقدّم للابتلاء بين يديه.  

    & لعمر الله أن من سلم له دينه, فالمحن في حقه منح, والبلايا عطايا, والمكروهات له محبوبات, وأما المصيبة والخطب الأكبر, والكسر الذي لا يجبر, والعثار التي لا تقال, فهي المصيبة في الدين.

    & سرور الدنيا أحلام ليل, أو كظل زائل, إن أضحكت قليلًا أبكت كثيرًا, وإن سرت يومًا أساءت دهرًا,...إقبالها خديعة, وإدبارها فجيعة, لا تدوم أحوالها, ولا يسلم نزالها, حالها انتقال, وسكونها زوال. غرارة خدوع, معطية منوع.

     

    الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله:

    ●   الابتلاء:

    & الحمد لله الذي جعل الابتلاء...ظهرة وتمحيصًا لأهل الإيمان ورجزًا ونقمة على أهل الظلم والطغيان, وأزال به عن قلوب أوليائه حجاب العجب ورؤية القدرة وأعقبهم الصبر واليقين فيُرى عباده عزته...لتظهر آثار الحكمة لمن له بصيرة وعرفان

    & المؤمن الموفق إذا ناله شيء من الابتلاء أوجب له عدم اتهام ربه بقضائه وقدره وصبر واحتسب, وانتقل من الحال التي يكرها الله إلى الحال التي يحبها الله

    & من ضعف صبره ويقينه وقل احتسابه, فالمصائب لا تزيده إلا ريبًا وشكًا, وإساءة ظن, واتهامًا لمولاه, فيرجع بأخسر الصفقتين, وينقلب بأعماله وأحواله صفر اليدين.

    ●   معرفة الله بأسمائه وصفاته:

    & من عرف الله بأسمائه وصفاته وعزته وقدرته وكمال مجده وملكه وغناه وعرف نفسه بالنقص والعيب والعجز والضعف والفقر والذل أوجب له الرضا والتسليم فمقدورات الرب سبحانه وبحمده أنه حكيم عليم ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

    الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله:

    ●   من أسباب التفرق والاختلاف:

    & من أعظم أسباب التفرق والاختلاف والعدول عن طريق الحق والانصاف ما وقع من كثير من الناس, من الإفتاء في دين الله بغير علم, والخوض في مسائل العلم بغير ...فهم فإن الله تعالى قد حرم القول عليه بغير علم في أسمائه وصفاته وشرعه وأحكامه

     ●   الخروج على ولي الأمر من أعظم أسباب الفساد:

    & قد علم بالضرورة من دين الإسـلام أنه لا دين إلا بجماعة, ولا جماعة إلا بإمامة, ولا إمامة إلا بسمع وطاعة, وأن الخروج عن طاعة ولي أمر المسلمين من أعظم أسباب الفساد في البلاد والعباد والعدول عن سبيل الهدى والرشاد.

    ●   اغتياب أهل العلم والدين:

    & اغتياب أهل العلم والدين, والتفكه بأعراض المؤمنين, سم قاتل, وداء دفين, وإثم واضح مبين, قال الله تعالى: ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا﴾ [الأحزاب:58]

    ●   أكبر أسباب السعادة:

    & أكبر أسباب السعادة والفلاح في المعاش والمعاد: الانتظام في سلك أهل الحق والرشاد, وأعظم أسباب السلامة: الهرب من سبل أهل الغي والفساد, واقتباس نور الهدى من محله, والتماس العلم النافع من حملته وأهله, وهم أهل العلم والدين.

    الشيخ عبدالله بن سليمان بن حميد رحمه الله:

    ●   المصائب:

    & ليست المصيبة أن يصاب الإنسان بنفسه, أو ماله, أو ولده, وإنما المصيبة العظيمة, والكسر الذي لا ينجبر, أن يصاب الإنسان بدينه, فيحل الشك محل اليقين, فيرى الباطل حقًا, والحق باطلًا, والمعروف منكرً, والمنكر معروفًا.

    ●   الدنيا:

    & الدنيا لا تدوم نعمتها, ولا يستمر خيرها, بل هي مجمع الآفات, ومستودع المصائب, لا يركن إليها إلا مغرور, ولا ينخدع بها إلا مفتون.

     

    الشيخ صالح بن أحمد الخريصي رحمه الله:

    ●   عدم الاغترار بالنعم:

    & لا يغرنكم ما بسط عليكم من النعم التي لا يحصيها عدد, ولا ينهيها أمد, من صحة الأبدان, وأمن في الأوطان, وبسط في الرزق وخفض في العيش, فإنها إذا لم تكن على استقامة سريعة الذهاب, وشيكة التغير والانقلاب.

    & ما أُخذ قوم إلا عند سلوتهم وغرتهم ونعمتهم, فلا تغتروا بالله, قال الله عز وجل: ﴿ فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون﴾ [الأنعام:44]

    & استجلبوا نعم الله واستديموها بالقيام بما أوجب عليكم, واستدفعوا نقمه بمثل ذلك, قال الله تعالى: ﴿ فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء ﴾ [الأعراف:165]

    ●   إذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح:

    & المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها, وإذا ظهرت ولم تغير ضرَّت العامة والخاصة, وإذا كثر الخبث عمّ العقاب الصالح والطالح.

    ●   قرب القلب من الله وبعده عنه:

    & كلما قرب القلب من الله, زالت عنه معارضات السوء, وكان كشفه للحق أثم وأقوى, وكلما بعد عن الله كثرت عليه المعارضات, وضعف نور كشفه للصواب, فإن العلم نور يقذفه الله بالقلب, يفرق به العبد بين الخطأ والصواب.

      

    الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله الفريان رحمه الله:

    ●   كثرة المجاملات والمداهنات:

    & كثرت المجاملات, والمداهنات, ترى الكثير منّا يمدح الإنسان بما ليس فيه, ويقره على مخالفته للسنة, لأجل الثناء الفاشل, ولأغراض دنيوية, وتقديم رضى الناس, وضعف المحبة والدين, فإنا لله وإنا إليه راجعون.

    ●   الراضي بالمعصية كفاعلها:

    & قد علم من الشرع الشريف, أن الراضي بالمعصية كفاعلها, وأن السكوت مع القدرة دليل الرضا.

    ●   عدم الاغترار بالكثرة:

    & ليحذر كل مسلم أن يغتر بالأكثرين, يقول: إن الناس قد ساروا إلى كذا, واعتادوا كذا, فأنا معهم, فإن هذا مصيبة عظمى, قد هلك بها أكثر الماضين.

    ●   محاسبة النفس:

    & أيها العاقل: عليك بالنظر لنفسك ومحاسبتها, والتمسك بالحق, وإن تركه الناس, والحذر مما نهى الله عنه, وإن فعله الناس, فالحق أحق بالاتباع.

    &لينظر كل منكم لنفسه...ويفتش عيوبها فسوف يجد ما يحزن باله ويشغله بنفسه عن غيره ويوجب له الذلّ لله والانكسار بين يديه وسؤاله العفو والمغفرة وهذه المحاسبة وهذا الذل والانكسار بين يدي الله هو سبب السعادة والفلاح والعز في الدنيا والآخرة


    كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

     

     صيد الفوائد

        

     

  19.  

    بعد عذاب طويل لأهل النار ... في النار 
    يطلب أهل النار أربع أماني ما هي..؟

    (الأمنية الأولى) :-
    يطلبونها من الله تعالى:- 
    (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ)
    يريدون الخروج من النار.!! 
    فيرد الله عليهم :-
    ( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ)...
    بعد هذه الأمنية ييئسون من (روح الله) بعد ان يئسوا وعلموا ان أن لا خروج لهم منها.!!.... يطلبون الأمنية الثانية.!!

    (الأمنية الثانية) :-
    من ...من يطلبونها...من (مالك) خازن النار :-
    (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)....يطلبون من 
    (مالك خازن النار) ان يشفع لهم عند الله...ليموتوا..!!! يريدون ان يموتوا ليرتاحوا من العذاب....
    فيرد عليهم مالك :-
    (قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ)....ماكثون في النار...
    بعد ذلك..يتوجهون بأمنيتهم الثالثة إلى خزنة النار (الملائكة)
    ويطلبون منهم....

    (الامنية الثالثة) :-...
    أمنية عجيبة تقشعر منها الابدان ماهي هذه الأمنية..:-.!!؟
    (وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّار لِخَزَنَةِ جَهَنَّم اُدْعُوَا رَبّكُمْ يُخَفِّف عَنَّا يَوْمًا مِنْ الْعَذَاب } ..
    يالله..يريدون ان يرتاحوا..يوم...يوم فقط..من العذاب
    فيأتيهم الرد من ملائكة خزنة جهنم :-
    (أولم تأتيكم رسلكم بالبينات)... 
    (قالوا بلى)....
    (قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال)
    اي دعائكم غير مستجاب...
    وبعد لك يطلبون امنيتهم الرابعة من ...من يطلبونها ..!!؟
    من اصحاب الجنة..!!

    ◾( الأمنية الرابعة) :-...
    ◾ويا لها من أمنية بسيطة.....
    (وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ) ... يتمنون شربة ماء..!!
    أو...ماذا...!؟؟
    (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ)..أو أي شيء...من رزق الله عليكم
    فيردون عليهم :-.....
    (قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50)
    لماذا...ماذا كانوا يفعلون....!!؟
    (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا ) 
    وماذا ايضا.....
    (وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) ۚ 
    فما جزائهم بعد ذلك...
    (فَالْيَوْمَ نَنسَاهُم)...ْ لماذا...؟؟؟
    (كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ).

    * اللهم أجرنا من نار جهنم *


  20.  

    د/حازم شومان يقول :

    مشاكل حياتنا  من ثلاثة أسباب

    اول سبب "الحسد"

    وتاني سبب "ذنوبنا "

    وثالث سبب "إبتلاء من الله "

    و هذا من عند كل البشر و لا يسلم منه  احد

    الثلث الأول من المشاكل الخاص "بالحسد" نقدر نتخلص منه بالمحافظة علي اذكار "الصباح والمساء "

    الثلث الثاني الخاص " بالذنوب " نقدر نتخلص منه بكثرة وإدمان "الاستغفار " والتوبة

    والثلث الثالث وهو مشاكل "الابتلاء" و نقدر نتعايش معاه عادي جداً "بالصبر" ولما تكون حياتك كلها مفهاش الا "ثلث واحد " بس الموضوع هيكون بسيط وسهل بأمر الله

    أذكار الصباح والمساء، إدمان الاستغفار وتكرار التوبة والصبر على الابتلاءات

    مشاكلك هتتحل بإذن الله .


  21. ألفاظ تخالف العقيدة:

     - مينفعش تقول : بحس إن ربنا بيطبطب عليا!❌
    ربنا مش بيطبطب على حد 
    اسمها ربنا بيربط على قلبى✔️

    - مينفعش خالص تقول : ربنا عارف كل حاجة!❌
    لأن المعرفة لابد أن تأتي بعد جهل وحاشاه تعالى
     اسمها ربنا عليم بكل حاجة✔️

    - مفيش حاجة اسمها ربنا يأذي المؤذي!❌
    ربنا مبيإذيش حد 
    اسمها ربنا ينتقم من المؤذي✔️

    - مفيش حاجة اسمها الله يقرفك ولو بهزار!❌
    ربنا مبيقرفش حد حاشا لله

    - ومفيش حاجة بردو اسمها ربنا يظلمك!❌
    ربنا مش بيظلم حد حاشا لله
    استبدلهم بقول : ربنا يهديك✔️

    - مفيش حاجة اسمها ربنا عايز كده!❌
    لأن عايز من العوز وهو الحاجة ..
    ربنا مش بيحتاج لحد أو حاجة سبحانه وتعالى 
    استبدلها بقول .. ربنا أراد✔️

    - مفيش حاجه اسمها ربنا يخرب بيتك!❌
    لأن الله لا يخرب
    لكن قل ربنا يجازيك بعملك✔️

    فـ ياريت نخلي بالنا ولا ننسب لله صفة لم ينسبها هو لذاته سبحانه 

    فلنتأدب مع الله ..
    صحح عقيدتك ..


  22. ونحن صغار سمعنا قوله تعالى ( ويل للمطففين ) وشرحوها لنا إنها البائع اللي يغش في الميزان ويعطي الناس أقل من حقوقهم !!! ولكن هل هذا فقط معنى المطففين ؟؟!!! و ماذا تعني كلمة "مطفف" ؟؟!!!

    التطفيف مشتقه من الشيء الطفيف الذي لا يهتم به الناس لقلته .... مثلا ينقص البائع خمسين جراما فقط من عدة كيلو جرامات ... *هو شئ بسيط وقليل* ... *لكن الله توعده بـــسورة خاصة في القرآن ! قال المفسرون أن ويل هو إسم للوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم ويوجد في أسفلها ...... والعياذ بالله .... !!!

    من هم *المطففين ؟*
    هم ( الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون. وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) يعني الذين يأخذون حقَّهم من الناس كاملاً ... وإذا حصل العكس ... ينقِصوا أو يُخسِئون حق غيرهم !!!

    الآية لا تنطبق على البائعين فقط بل إن معناها أشمل وأعم بكثير !!!

    المطفف :
    زوج يريد من زوجته أن تعطيه حقوقه كاملة ويجبرها أن تفعل المستحيل لإرضاء غروره وهو في المقابل يظلمها وبجرحها ويُنقِصها حقَّوقها !!

    المطفف :
    مدرس في نهاية كل شهر، يأخذ مرتَّبه كاملاً...
    وفي الوقت ذاته، يهمل الطلاب ولا يراعي ضميره في الشرح ولا يهتم إلا بأصحاب الدروس الخصوصيه !!!!

    المطفف :
    طبيب يأخذ حقه المادى والحوافز و يترك الفقراء فى المستشفى وقت الدوام ويذهب لعيادته الخاصه ليرعى ويهتم بمن يدفعون له .... !!!!

    المطفف :
    شخص يريد من كل أقاربه أن يهتمّوا به ويسألون عنه ... وهو فى المقابل قاطع لرحمه !!!!

    المطفف :
    هو مسئول التموين الثرى الذى يصرف الغث من البضائع للجمهور ويحتفظ بالجيد لمن له مصالح ومنافع معهم

    المطفف :
    هو ذلك الموظف الذى يعطل مصالح الناس ومقدراتهم ولا يأبه لهم وفى المقابل يوصل الحقوق لأصحاب الوسائط فى بيوتهم لمنافع تسدى له

    المطفف :
    هو كل صاحب عمل يعطى الفرص والحوافز لأشخاص بعينهم ويحرم منها عموم العاملين لأغراض فى نفسه ... !!!!

    المطفف :
    هو الكفيل الذى يأخذ من مكفوله أكثر من حقه ويبخسه راتبه أو يمنعه إياه ... !!!

    المطفف :
    هو أستاذ الجامعه والقاضى ومدير المؤسسه الذى يعين إبنه فى مجال عمله ويحرم منها من هو أكفأ منه ... !!!

    الآية تجعل كل ذى عقل يفكر ... !!!! ؟ ؟ ؟ ؟ ؟
    إن معناها الجامع يشمل أدق جوانب حياتنا ... !!!

    هل كلنا مراعي لضميره في عمله ؟؟ ... في حياته ؟؟ ... في علاقاته الاجتماعية ؟؟ ... أو حتى في علاقاته المادية ؟؟

    *(( ويلٌ للمطفِّفين • الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون • وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ))*
    ثلاث آيات فقط !!! تجعلنا نمعن التفكر في حياتنا العلمية والعملية قليلا.....

    إستغفروا الله 🤎💚

     

    مما اعجبنى


  23. فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا

    تفسير الشيخ الشعراوي

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِأمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا(49)}الاحزاب
    تتحدث الآية عن مسألة اجتماعية تخصُّ حفظ النوع، وحفظ النوع الإنساني لا يتأتَّى إلا بالزواج، وهو وسيلة التكاثر، وأولى مراحل الزواج مرحلة الخِطْبة، وكثيرون لا يفهمون معنى الخِطْبة وحدودها لكل من الرجل والمرأة، فالخِطبة مجرد أنْ يذهب طالب البنت إلى وليِّها ليقول له: أإذا تقدمتُ لطلب يد ابنتك أكون أهلاً للقبول؟
    فيقول وليُّها: مرحباً بك، هذه تسمى خِطْبة، وربما لا يتقدم، فإنْ تقدَّم لها، له أنْ يراها مرة واحدة بين محارمها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للشاب الذي أراد الخطبة: (انظر إليها، فإنه أحْرَى أنْ يُؤدَم بينكما).

    وعجيب أنْ يخلط الناس بين الخِطْبة والعقد، فيعطون الخِطْبة صفة العقد، فإذا قيل الوليُّ الخاطبَ اتفق معه على المهر أو الشبكة وعلى كلِّ تفاصيل الزواج، وأباح له أنْ يجلس مع ابنته، وأنْ يتحدث معها، وربما يختلي بها، ويا ليتهم جعلوها عقداً، فأخرجوا أنفسهم من هذا الحرج.
    فالخطبة إنْ عدل عنها الخاطب ما عليهم إلا أنْ يذهب إلى وليِّ البنت فيقول له: لقد طلبتُ منك يد ابنتك وأنا في حِلٍّ من هذا الأمر، أما العقد فلا يُفسخ قبل الدخول إلا بالطلاق، إذن: لا تجعلوها صورة خطبة وموضوعية عقد.

    والحق سبحانه وتعالى يُبيِّن لنا في هذه الآية الكريمة ما يتعلَّق بأحكام الطلاق إنْ وقع قبل الدخول بالزوجة: {ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا...} [الأحزاب: 49].
    فالنكاح هنا مقصود به العقد فقط، وإلا لو قصد به المعنى الآخر لما قال {مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ...} [الأحزاب: 49] والمسُّ كناية عن الجماع، وهو عملية دائماً يسترها القرآن بألفاظ لا تدل عليه حقيقة.
    والحكم هنا {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا...} [الأحزاب: 49] فليس للزوج على زوجته عِدَّة إنْ طلَّقها قبل أنْ يدخل بها؛ لأن العِدَّة إنما كانت لحكمة: فالعدة في حالة الطلاق الرجعي تعطي للزوج فرصة أنْ يراجع زوجته، وأنْ يعيدها بنفسه إلى عصمته، والعدة تكون لاستبراء الرحم والتأكد من خُلوِّه من الحمل، وقد تكون العِدَّة، لا لهذا ولا لذاك، ولكن لأنه تُوفِّي عنها.

    فالعِدَّة قبل الدخول لها حكم، وبعد الدخول لها حكم آخر، وهذا الفرق يتضح كذلك في مسألة المهر، فقبل الدخول للزوجة نصف مهرها، كما قال سبحانه: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ...} [البقرة: 237] وقال هنا: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: 49] فإنْ سُمِّي المهر بين الطرفين فلها نصفه، وإنْ لم يُسَمَّ فلها نصف مهر المثْل.
    أما العِدَّة بعد الدخول ففيها تفصيل، بحيث تختلف من حالة لأخرى بما يناسب الحالة التي تشرع فيها العِدَّة، والعِدَّة كما قلنا: تدل على أنها شيء معدود، فإنْ كانت المرأة من ذوات الحيض، فهي ثلاث حيضات، ليتأكد خلالها استبراء الرحم، لكن الرحم يستبريء من مرة واحدة، فلماذا جعلها الله ثلاث حيضات؟
    قالوا: الهدف من ذلك إعطاء الزوج فرصة، فقد يراجع نفسه وتهدأ نفسه، فيراجع زوجته في هذه المدة، فالشرع هنا يراعي بناء الأسرة، أَلاَ ترى أن الحق سبحانه شرع التقاء الزوج بزوجته بكلمة: زوِّجني وزوَّجتك، أما في حالة الطلاق والفراق بين الزوجين، فجعله على ثلاث مراحل؛ لأن الله تعالى يريد ألاَّ يجعل للغضب العابر سبيلاً لنقْضِ كلمة الله في الزواج.
    وأذكر أنهم كانوا يسألوننا سؤالاً وكأنه لغز: أو يعتدُّ الرجل؟ أو: أو ليس للمرأة عِدَّةٌ عند الرجل؟ قالوا: نعم، يعتدُّ الرجل في حالة واحدة وهي: إذا تزوج امرأة ثم طلقها، وأراد أن يتزوج بأختها، فعليه أن يمضي العدة ليحلَّ له الزواج بأختها.
    أما عِدَّة التي انقطع عنها الحيض فثلاثة أشهر، وعدة الحامل أنْ تضع حملَها، أما عدة المتوفَّي عنها زوجها فأربعة أشهر وعشرة أيام، لكن ما الحكم إذا اجتمع للمرأة الحملُ مع وفاة الزوج، فكيف تعتدُّ؟ قالوا: تعتدُّ في هذه الحالة بأبعد الأجلين: الحمل، أو الأربعة أشهر وعشرة أيام.

    ولك أنْ تسأل: لماذا كانت عِدَّة المطلَّقة ثلاثة أشهر، وعِدَّة المتوفَّي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام؟ قالوا: لأن هناك فَرْقاً بين الطلاق والوفاة بالنسبة لعلاقة الزوج بزوجته، سببه أن الذي خلق الذكر والأنثى جعل هناك كلمة تجمعهما، هذه الكلمة هي: زوِّجني وزوَّجتُك شريطة أنْ تكون علانية على رءوس الأشهاد، ولا تستهنْ بهذه الكلمة، فأنت لا تعلم ما الذي تصنعه هذه الكلمة في ذرات التكوين الإنساني، ولكنك تعرفها بآثارها.
    وقلنا: هَبْ أنك تعرضتَ لشاب تعوَّد معاكسة ابنتك مثلاً، ماذا تصنع أنت؟ لا شكَّ أنك ستثور، ويفور دمك، وتأخذك الغَيْرة، وربما تعرضْتَ له بالإيذاء، أما إنْ جاء من الباب، وطلب يدها منك ترحب به وتسعد ويفرج الجميع، فما الذي حدث؟ وما الفرق بين الموقفين؟ فالذي أهاجك أنه تلصَّص عليها من غير إذن خالقها، لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله».

    ويقول رسول الله لرجل كان مشهوراً بالغيرة على بناته، وقد جاء يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زواج إحدى بناته، فضحك رسول الله وقال: «جدع الحلال أنف الغيرة».
    فالعقد الذي يجمع الزوجين على كلمة الله يجعل الله به بين الزوجين سِيَالاً حلالاً عند كل منهما، ويلتقي هذان السيالان في الحلال وتحت مظلة الشرع الذي جمعهما.
    وعادة ما يصاحب الطلاق بُغْضٌ من الطرفين، أو كُرْه من أحدهما للآخر؛ لذلك تكون العِدَّة بينهما ثلاثة أشهر أو وَضْع الحمل؛ لأن الكراهية التي حدثتْ بينهما تميت خلايا الالتقاء بين الأنسجة، وتُسرِع بانتهاء ما بينهما من سِيال وتطْعسه.

    أما في حالة موت الزوج، فقد قطع النكاح قدرياً من الله، فعادة ما تكون الزوجة مُحبَّة لزوجها، حزينة على فَقْده، وتأتي فاجعة الموت، فتزيدها حُباً له، وفي هذه الحالة ليس من السهل أنْ ينتهي السيَّال بينهما؛ لذلك يشاء الخالق سبحانه أنْ يطيل أمد العِدَّة إلى أنْ ينتهي هذا السِّيال الذي جمعهما، فلا يدخل على سيال الرجل سيال جديد، فيحدث صراع بين السيالين؛ لذلك كانت عِدَّة المتوفي عنها زوجها أطول من عدة المطلقة.

    وقوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ...} [الأحزاب: 49] يعني: أن الطلاق قبل المسِّ والدخول كان موجوداً كما هو موجود الآن، ونحن نرى الطرفين أو أحدهما يتعجَّل العقد، رغم أنه غير مُستعد لنفقات الزواج، إنما يتعجله لمصلحة تعود عليه من هذا الارتباط.
    وقد ذكر لنا التاريخ أن كثيراً من الأسر، خاصة الأسر العربية الأصيلة كانت تفعل ذلك، لكنهم لم يكونوا يسمحون للزوج في هذه الحالة أنْ يختلي بالزوجة، وإنْ كان عاقداً عليها، وبعض فيتاتنا لهن قصص مُشرِّفة في هذه المسألة.

    ومما رُوى في هذا الصدد قصة بهيثة بنت أوس بن حارثة الطائي والحارث بن عوف، وهو سيد من سيادات بني مُرَّة، وكان للحارث ابن عوف صديق اسمه ابن سنان، وفي ليلة جلس الحارث يتسامر مع صديقه ابن سنان فقال له: ترني لو أنني خطبتُ إلى أحد من العرب ابنته أيردّني؟ قالها وهو مُعْتَزٌّ بنفسه فخور بسيادته على قومه.

    فلما رآه صاحبه على هذه الحالة قال له: نعم هناك مَنْ يردُّك، قال: مَنْ؟ قال: أوس بن حارثة الطائي، فنادي الحارث على غلامة وقال: أحضر المراكب، وهيا بنا إلى أوس بن حارثة الطائي، فذهبوا إليه، فوجدوه جالساً في فناء بيته، فلما رآه أوس قال له: ما الذي جاء بك يا حارث، فأقبل عليه الحارث، وقال: ويك يا أوس، ما الذي جاء بك؟ وتركه على دابته- قال: جئتُك خاطباً لابنتك، فقال له: لستَ هنك- يعني لستَ أهْلاً لها- فلوى الحارث زمام دابته منصرفاً، في حين بدا على ابن سنان الارتياح؛ لأن كلامه صدق في صاحبه.
    فلما دخل أوس على امرأته سألتْه: مَنْ رجلٌ وقف معك فلم يُطل ولم ينزل؟ قال: إنه الحارث بن عوف سيد من سادات بني مُرَّة، فقالت: ولماذا لم تستنزله عندك؟ قال: لقد استحمق- يعني: ارتكب حُمْقاً- قالت: وكيف هذا؟ قال: إنه جاء يخطب ابنتي، قالت: عجباً أو لا تريد أن تُزوِّج بناتك؟ قال: بلى، قالت: فإذا كنتَ لا تُزوِّجهن من سادات العرب، فمَنْ تُزوِّجهن؟ يا أوس، اذهب فتدارك الأمر، قال: كيف وقد فرطَ مني ما فرط؟ قالت: الحقْ به، وقُلْ له: إنك جئتني وأنا مُغْضب من أمر لا دخْلَ لك فيه، ولما راجعتُ نفسي جئتُك معتذراً أطلب منك أنْ تعود، ولك عندي ما تحب.
    فذهب الرجل، فلم يجد الركْبَ، فشدَّ على راحلته، حتى صار بينهما في الركْب، فالتفت ابنُ سنان، وقال: ابن عوف، هذا أوس يلحق بنا، فقال: وماذا أصنع به امْضِ، فناداه أوس: يا حارث: اربع عليَّ ساعة، يعني: انتظرني- ولك عندي ما تحب، ففرح يا حارث وعاد معه.
    عاد أوس إلى بيته، وقال لامرأته: ادْعي ابنتك الكبرى، فجاءت، فقال: با بُنيَّة إن الحارث بن عوف سيد بني مرة جاء ليخطبك فقالت: لا تفعل يا أبي، فقال: ولم؟ قالت: إنني امرأة في وجهي ردّة- يعني قُبْح يردُّ مَنْ يراني- وفي خُلُقي عُهْدة- أي عيب- وليس بابن عم لي فيرعى رحمي، ولا بجَار لك في بلدك فيستحي منك، وأخاف أنْ يكره مني شيئاً، فيُطلِّقني فيكون عليَّ فيه ما تعرف. فقال لها: قُومي، بارك الله فيك.
    ثم قال لامرأته: ادْعِي ابنتك الوُسْطى فجاءتْ، فقال لها ما قال لأختها، فقالت: لا تفعل يا أبي، قال: ولم؟ قالت: أنا امرأة خرقاء- يعني: لا تُحسِن عملاً- وليست لي صناعة، وأخاف أنْ يرى مني ما يكره فيُطلِّقني، ويكون فيَّ ما يكون فقال لها: قومي بارك الله فيك، وادْعِي أختك الصغرى، وكانت هذه هي بُهَيْثة التي نضرب بها المثل في هذا الموقف.

    لما عرض عليها أبوها الأمر قالت: افعل ما ترى يا أبي، قال: يا بُنيَّتي، لقد عرضتُه على أُختيك فأبتَاهُ، قالت: لكني أنا الجميلة وجهاً الصَّناع يداً، الرفيعة خُلُقاً، فإنْ طلَّقني فلا أخلفَ اللهُ عليه، فقال: بارك الله فيك. ثم قام إلى الحارث وقال: بُورِكَ لك يا حارث، فإنِّي زوَّجتك ابنتي بهيثة، فبارك الله لكما، قال: وأنا قبلتُ زواجها.
    ثم قال لامرأته: هَيِّئي ابنتك، واصنعي لها فُسْطاطاً بفناء البيت، ولما صُنع الفسطاط حُملت إليه بهيثة، ودخل عليها الحارث، لكنه لم يلبث طويلاً حتى خرج، فسأله ابنُ سنان: أفرغتَ من شأنك؟ قال: لا والله، يا بن سنان، قال: ولم؟ قال: جئتُ لأقترب منها. فقالت: أعند أبي وإخوتي؟ والله لا يكون ذلك أبداً، فخرجتُ.
    فقال: ما دامتْ لا ترضى وهي عند أبيها وإخوتها، فهيَّا بنا نرحل، فأمر بالرحيل، وسار الركب بهم طويلاً، ثم قال: يا بن سنان تقدَّم أنت- يعني: أعطنا الفرصة-0 فتقدَّم ابن سنان بالركْبِ، وانحاز الحارث بزوجته إلى ناحية من الطريق ونصب خيمته، ثم دخل عليها فقالت له: ما شاء الله، أتفعل بي كما يُفعل بالسَّبِيَّة الأخيذة، والأَمَة الجليبة؟ والله لا يكون ذلك حتى أذهب إلى أهلك وبلدك، وتذبح لي الذبائح، وتدعو سادة العرب، وتصنع ما يصنعه مثلك لمثلي.

    الشاهد هنا- وهو درس لبنات اليوم- أنها لم ترْضَ لزوجها، ولم تقبل منه في بيت أبيها، ولا في الطريق، ولم تتنازل عن شيء من عِزَّتها وكبريائها، مع أنها زوجته.
    وفعلاً تمَّ لها ما أرادت، وذُبِحَتْ لها الذبائح، ودُعي لها سادات العرب، فلما دخل عليها وحاول الاقتراب منها، قالت: لقد ذكرتَ لي شرفاً ما رأيتُ فيك شيئاً منه، فقال: ولم؟ قالت: أتفرغُ لأمر النساء والعرب يقتلُ بعضُهم بعضاً- تريد الحرب الدائرة وقتها بين عبس وذبيان- اذهب فأصلح بينهما، ثم عُدْ لأهلك، فلن يفوتك مني شيء، فذهب الحارث وابن سنان، وأصلحا بين عبس وذُبْيان، وتحمَّلا ديات القتلى ثلاثة آلاف بعير يُؤدُّونها في ثلاث سنوات، ثم عاد إليها، فقالت له: الآن لك ما تريد.

    وهذه الآية {ياأيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ...} [الأحزاب: 49] بظاهرها أعطتْ فهماً لبعض الناس الذين يريدون أن يتحلَّلوا من أحكام الدين في أشياء قد ترهقهم: فمثلاً الذي طلَّق امرأته ثلاث مرات، واستوفى ما شُرِع له من مرات الطلاق حكمه أنه لا تحلُّ له زوجته هذه إلا بعد أن تنكَح زوجاً غيره، فيأتي مَنْ يقول- بناءً على الآية السابقة- ما دام النكاح هنا بمعنى العقد فهو إذن كَافٍ في حالة المرأة التي طُلِّقت ثلاث مرات، وأنها تحِلّ لزوجها الأول بمجرد العقد على آخر.
    ونقول: لكن فاتك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فُوِّض من ربه بالتشريع وبيان وتفصيل ما جاء في كتاب الله من أحكام، كما قال سبحانه مخاطباً نبيه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ...} [النحل: 44].
    فلو أن سُنَّة سول الله لم تتعرَّض لهذه المسألة، لَكانَ هذا الفهم جائزاً في أن مجرد العقد يبيح عودة الزوجة لزوجها ثانية، لكن الذي أناط الله به مهمة بيان القرآن وقال عنه: {وَمَآ آتَاكُمُ الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فانتهوا...} [الحشر: 7].

    إذن: فهو صلى الله عليه وسلم له حَقُّ التشريع، وقد بيَّن لنا المراد هنا في قوله تعالى: {حتى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ...} [البقرة: 230].
    فأبقى كلمة النكاح على أنها مجرد العقد، ثم بيَّن المراد من ذلك، فقال للرجل: (حتى تذوق عسيلته، ويذوق عسيلتها) إذن: تمام الآية لا يجيز لمن يقول: إن مجرد العقد يبيح للرجل أن يعيد زوجته التي طُلِّقَتْ ثلاث مرات إلا بعد أن تذوق عُسَيْلته، ويذوق عُسيَلْتها، وهذه المسألة جعلها الله تأديباً للرجل الذي تعوَّد الطلاق، وسَهُلَ عليه النطق به، حتى صار على لسانه دائماً.

    ومن رحمة الخالق بالخَلْق، ومن حرصه تبارك وتعالى على رباط الأسرة أنْ أحلَّ المرأة للرجل كما قلنا بكلمة زوَّجني وزوّجتك لكن عند الفراق لم يجعله بكلمة واحدة إنما جعله على مراحل ثلاث؛ لُيبقِي للمودة وللرحمة بين الزوجين مجالاً، فإنِ استنفد الزوج هذه الفرص، وطلَّق للمرة الثالثة فلابد أن نحرق أنفك بأنْ تتزوج امرأتُكَ من زوجٍ غيرك زواجاً حقيقياً تمارس فيه هذه العملية، وهي أصعب ما تكون على الزوج.

    ونلحظ هنا أن دقَّة التشريع أو صعوبته في كثير من المسائل لا يريد الله منه أنْ يُصعِّب على الناس، وإنما يريد أن يرهِّب من أنْ تفعل ذلك، يريدك أنْ تبتعد عن لفظ الطلاق، وألاَّ تلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى.
    لذلك يُعلِّمنا سيدنا رسول الله فيقول: (إن أبغض الحلال عند الله الطلاق) فالذين يعترضون على الطلاق في شرعنا، ويتعجَّبون كيف يفارق الزوجُ زوجته بعد العِشْرة الطويلة والحب والمودة يفارقها بكلمة، وفاتَ هؤلاء أن الطلاقَ وإنْ كان الأبغض إلا أنه حلالٌ، ويكفي أن الله تعالى جعله على مراحل ثلاث، وجعله لا يُستخدم إلا عند الضرورة، وحذَّؤ الرجل أنْ يتساهل فيه، أو يُجرِيه على لسانه، فيتعوَّده.

    ونلحظ أن الحق سبحانه خصَّ المؤمنات في قوله: {إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات...} [الأحزاب: 49] مع أن المؤمن يُبَاح له أنْ يتزوج من الكتابية، مسيحية كانت أو يهودية، فكأن في الآية إشارةً لطيفة لمن أراد أنْ يتزوج فليتزوج مؤمنة، ولا يُمكِّن من مضجعه إلا مؤمنة معه، وهذا احتياط في الدين، فالمؤمنة تكون مأمونة على حياته وعلى عِرْضه، وعلى أولاده وماله، فإن غير المؤمنة لا تُؤتمن على هذا كله.

    وقد رأينا بعض بعض شبابنا الذين ذهبوا إلى بلاد الغرب، وتزوجوا من أجنبيات، وبعد الزواج ظهرت النكبات والمصائب، فالأم لا تنسى أنها يهودية أو نصرانية، وتبثّ أفكارها، ومعتقداتها في الأولاد، إذن: فعلى المؤمن أنْ يختار المؤمنة؛ لأنها مؤتمنة عليه وعلى بيته.
    وأذكر حين سافرنا إلى الخارج، كنا نُسْأل: لماذا أبحتُم لأنفسكم أنْ تتزوجوا الكتابية، ولم تبيحوا لنا أن نتزوج المسلمة؟ وكان بعض الآباء يأتون ببناتهم اللائي وُلِدْن في ألمانيا مثلاً، وكانت البنت تُحاج والدها بهذه المسألة، لماذا لا أتزوج ألمانياً كما تزوجْتَ أنت ألمانية؟
    فكنا نرد على بناتنا هناك: بأن المسلم له أن يتزوج كتابية؛ لأنه يؤمن بكتابها، ويؤمن بنبيِّها، لكن كيف تتزوجين أنت من الكتابي، وهو لا يؤمن بكتابك، ولا يؤمن بنبيك؟ إذن: فالمسلم مُؤْتَمن على الكتابية، وغير المسلم ليس مُؤتمناً على المسلمة.

    وقوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: 49] وفي موضع آخر قال سبحانه في نفس هذه المسألة: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ...} [البقرة: 237].
    ويمكن أنْ نُوفِّق بين هاتين الآيتين بأن الأولى نزلتْ فيمَنْ لم يُفْرض لها مهر، والثانية فيمَنْ فُرِض لها مهر، التي لم يُفرض لها مهر لها المتعة {فَمَتِّعُوهُنَّ...} [الأحزاب: 49] والتي فُرض لها مهر لها نصفه، فكل آية تخصُّ وتعالج حالة معينة، وليس بين الآيتين نَسْخ.
    وبعض العلماء يرى أنه لا مانع، إنْ فُرِضَ لها مهر أنْ يعطيها المتعة فوق نصف مهرها، وهذا رأي وجيه، فالعدل أنْ تأخذ نصف ما فُرِض لها، والفضل أنْ يعطيها المتعة فوق هذا النصف، وينبغي أنْ تبنى المعاملات دائماً على الفضل لا على مجرد العدل، وربنا عز وجل يُعلِّمنا ذلك، حين يعاملنا سبحانه بفضله لا بعدله، ولو عاملنا بالعدل لهلكنا جميعاً.

    لذلك جاء في دعاء الصالحين: اللهم عاملْنَا بالفضل لا بالعدل، وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب. نعم، فإن لم يكُنْ في الآخرة إلا الحساب، فلن يكسب منا أحد

    ويقول سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].
    فالفرح لا يكون إلا حين يشملك فضْل الله، وتعمُّك رحمته، وفي الحديث الشريف: «لن يدخل أحدٌ الجنة بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أنْ يتغمدني الله برحمته».
    فإنْ قُلْتَ: فكيف نجمع بين هذه النصوص من القرآن والسنة، وبين مكانة العمل ومنزلته في مثل قوله تعالى: {ادخلوا الجنة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32].
    قالوا: صحيح أن للعمل منزلته وفضله، لكنك حين تعبد الله لا تُقدم لله تعالى خدمة بعبادتك له، إنما الخدمة مُقدَّمة من الله لك في مشروعية العبادة، وإلا فالله تعالى بكل صفات الكمال خلقك وخلق الكون كله لك، فإنْ كلَّفك بعد ذلك بشيء، فإنما هو لصالحك، كما تكلف ولدك بالجد والمذاكرة.
    ثم لو أنك وضعتَ عملك في كِفَّة، ونِعَم الله عليك في كفة لما وفَّتْ أعمالك بما أخذْتَه من نِعَم ربك. إذن: إنْ أثابك بعد ذلك في الآخرة فإنما بفضله تعالى عليكَ ورحمته لك.

    ومثَّلْنا لذلك- ولله تعالى المثل الأعلى- بقولك لولدك: لو نجحتَ آخر العام سأُعطيك هدية أو مكافأة، فمع أنه هو المستفيد من نجاحه إلا أنك تزيده؛ لأنك مُحِبٌّ له وتحب له الخير.
    إذن: ينبغي أنْ نتعامل بهذه القاعدة، وأنْ نتخلَّق بهذا الخلق، خاصة في مثل هذه الحالة، حالة الزوجة التي طُلِّقَتْ قبل الدخول بها.
    فإنْ قُلْتَ: ولماذا تأخذ الزوجة التي طُلِّقت قبل الدخول بها نصف المهر والمتعة أيضاً؟ نقول: هو عِوَض لها عن المفارقة، فإنْ كانت هي المُفَارقة الراغبة في الطلاق، فليس لها شيء من المهر أو المتعة، إنما عليها أنْ تردَّ على الزوج ما دفعه، كما جاء في حديث المرأة التي جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تخبره أنها لا تريد البقاء مع زوجها، فقال لها: (رًدِّي عليه ما دفعه لك) وهذه العملية يسميها العلماء(الخُلْع).

    ثم بعد أن ذكر الحق سبحانه مسألة المتعة قال: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: 49].
    السَّرْح في الأصل: شجر له ثمر، يوجد في البوادي، ترعاه الماشية وتحبه، فالكبيرة منها تأكل من أعلى الشجرة، أما الصغيرة فيتعهدها الراعي إنْ كان عنده دقة رعاية، بأنْ يضرب بعصاه غصون الشجرة، فتتساقط منها بعض الأوراق، فيأكلها الصغار.
    ومن ذلك قوله تعالى عن عصا موسى عليه السلام: {وَأَهُشُّ بِهَا على غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أخرى} [طه: 18].
    ورُوى أن سيدنا عمر مرَّ على راعٍ فقال له: يا راع، فنظر الراعي إلى أمير المؤمنين، وقال: نعم يا راعينا- يعني: أنا راعي الغنم وأنت راعي الراعي، فكأنه لا يتكبر راعٍ على راعٍ- فقال عمر: يا هذا في الأرض التي تبعد عنك كذا وكذا سَرْح أجمل من هذا وأخصب، فاذهب إليه بماشيتك.
    وهذا درس في تحمُّل مسئولية الرعية والحرص عليها، وكان عمر رضي الله عنه خير مَنْ تحمَّل هذه المسئولية، فيُرْوى أن سيدنا عمر وسيدنا عبد الرحمن بن عوف رأيا جماعة من التجار عابري السبيل يلجئون إلى المسجد للمبيت فيه، منهم مَنْ يحمل بضاعته، ومنهم مَنْ يحمل ثمن بضاعة باعها، فخافا أن يجتريء عليهم أحد فيسرقهم، فبات عمر وعبد الرحمن يتسامران حتى الفجر لحراسة هؤلاء العابرين.

    وحتى الآن، في الفلاحين يقول الذاهب في الصباح إلى الحقول(نسْرَحْ) وللعودة آخر النهار(نروح)، ثم تُدوول هذا اللفظ فأْطلق على كل خروج إلى شيء، ومن ذلك نقول: اعطني التسريح، فكأني كنت محبوساً فسمح لك بالخروج، ومن ذلك تسريح الزوجة.
    لكن تسريح الزوجة وصفه الله تعالى بقوله {سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: 49] وكل شيء وُصِف في القرآن بالجمال له مزية في ذاته، كما في {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ..} [يوسف: 18] وتسريح الزوجة عادة ما يصاحبه غضب وانفعال، فينبغي أنْ يكون التسريح جميلاً لا عنفَ فيه، كأنْ يُطيِّب خارطها بقوله: هذا قدرنا، وأرجو الله أن يُعوِّض عليك بخير مني أو غير ذلك، مما يراه مناسباً لتخفيف الخطْب عليها، ويكفي أن تتحمل هي ألم المفارقة ومصيبة الطلاق. وأيُّ جمال فيمَنْ يفارق زوجته بالسُّباب والشتائم، ويؤذيها بأن يمنعها حقاً من حقوقها.

    وهذه الآية عالجتْ قضية هامة من قضايا الأسرة؛ لأنها مرادة للحق سبحانه، فالله تعالى خلق الإنسان الخليفة، وهو آدم عليه السلام، وخلق منه الزوجة ليُحقِّق منهما الخلافة في الأرض، لكن لماذا هذه الخلافة؟ قالوا: ليستمتعوا بآثار قدرة ربهم وحكمته في كونه، كما تسعد أنت حين تأتي لأولادك بما لَذَّ وطابَ من الطعام، وتفرح حين تراهم يأكلون ويتمتعون بما جئتَ به، تفرح لأنك عدَّيْتَ أثر قدرتك للغير- ولله تعالى المثل الأعلى-.
    فما دام الحق سبحانه جعل الخليفة في الأرض ثم حدد مهمته، فقال: {هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض واستعمركم فِيهَا...} [هود: 61] إذن: لابد أنْ يضمن لهذا الخليفة مُقوِّمات حياته ومُقوِّمات استبقاء هذه الحياة لا تكتمل إلا بمُقوِّمات بقاء النوع، فإنه لن يعيش في الدنيا وحيداً لآخر الزمان.
    واستبقاء الحياة يكون بالقوت؛ لذلك فإن ربك عز وجل قبل أنْ يستدعيك إلى الوجود، وقبل أنْ يخلقك خلق لك، خلق لك الشمس والقمر والنجوم والكواكب والأرض والهواء والماء، فأعدَّ للخليفة كل مُقوِّمات حياته.
    واقرأ قول الله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ العالمين وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ} [فصلت: 10].
    إذن: فمخازن القوت مملوؤة {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر: 21] وما دام خالق البشر قدَّر لهم الأقوات مُقدَّماً، فليست لك أن تقول (انفجار سكاني) قُلْ: إنك قصرْتَ في استنباط هذا القوت بما أصباك من كسل أو سوء تخطيط.
    ونلحظ هذا المعنى في قوله تعالى: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].

    ومن الكفر بنعمة الله سَتْرها بالكسل والقعود عن استنباطها، وقد يَشْقي جيل بكسل جيل قبله، لذلك لما تنبَّهنا إلى هذه المسألة، وبدأنا نزرع الصحراء ونُعمِّرها انفرجتْ أزمتنا إلى حَدٍّ ما، ولو بكَّرْنا بزراعة الصحراء ما اشتكينا أزمة، ولا ضاقَ بنا المكان.
    والحق سبحانه يُعلِّمنا أنه إذا ضاق بنا المكان ألاَّ نتشبثَ به، ففي غيره سعة، واقرأ: {إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملائكة ظالمي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض قالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا...} [النساء: 97].
    لذلك يخاطب الحق سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم، حتى في الخلوة الليلية معه: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى مِن ثُلُثَيِ الليل...} [المزمل: 20] إلى أن يقول: {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مرضى...} [المزمل: 20] والمرضى غير قادرين على العمل، فعلى القادر إذن أنْ يعمل ليِسُدَّ حاجته وحاجة غير القادر {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرض يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ الله وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله...} [المزمل: 20].

    إذن: قانون الإصلاح الذي جعله الله لحياة البشر يقوم على دعامتين: الضرب في الأرض والسَّعْي في مناكبها، وفيه مُقوِّمات الحياة، ثم نقاتل في سبيل الله لبقاء الدعوة والمنهج، فالأولى للقالب، وبها نأكل ونشرب ونعيش، والأخرى للقيم.
    فإنْ قعدتْ الأمة أو تكاسلتْ عن أيٍّ من هاتين الدعامتين ضاعتْ وهلكتْ وصارتْ مطمعاً لأعدائها؛ لذلك تجد الآن الأمم المتخلفة فقيرة، تعيش على صدقات الأمم الغنية؛ لأنها كفرتْ بأنعم الله وسترتها، ولم تعمل على استنباطها، قعدتْ عن الاستعمار والاستصلاح.
    أما الأغنياء فعندهم فائض لا يُعْطي للفقراء، إنما يُرْمي في البحر ويُعدَم، لتظل لهم السيادة الاقتصادية، لذلك نستطيع أنْ نقول بأن شر العالم كله والفساد إنما يأتي بكفر نعم الله، إما بسترها وعدم استنباطها، أو بالبخل بها على غير الواجد.
    ولأهمية القوت يأتي في مقدمة ما يمتنُّ الله به على عباده في قوله: {فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4].
    وكما ضَمن الحق سبحانه للخليفة في الأرض مُقوّمات حياته ضَمِن له أيضاً بقاء نوعه ونَسْله، وجعل ذلك بالزواج الذي شرَّعه الله؛ ليأتي النسل بطريقة طاهرة شريفة، لا بطريقة خسيسة دَنِسة، وفَرْق بين هذا وذاك، فالولد الشرعي تتلقفه أيدي الوالدين وتتباهَى به، أما الآخر فإذا لم تتخلَّص منه أمه وهو جنين تخلصت منه بعد ولادته، لأنه عار عليها.

    فالحق سبحانه شرع الزواج لطهارة المجتمع المسلم ونظافته وسلامته، مجتمع يكون جديراً بأن يتباهى به سيدنا رسول الله يوم القيامة، فقد ورد في الحديث الشريف: (تناكحوا تناسلوا، فإنِّي مُبَاهٍ بكم الأمم يوم القيامة).

    نداء الايمان

     
     

  24.  
     

    من أقوال السلف عن فلسطين والمسجد الأقصى

    فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

     
     بسم الله الرحمن الرحيم

     

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين....أما بعد: فللمسجد الأقصى في فلسطين فضائل, كثيرة, وخصائص عديدة, منها: أنه أحد المساجد الثلاثة التي لا تشدّ الرحال بنية التعبد إلا إليها, ومنها: أنه ثاني مسجد وضع في الأرض, ومنها: أن الصلاة فيه تضاعف عن غيره من المساجد سوى مسجد الكعبة, ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم, كما ثبت ذلك في الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

    للسلف رحمه الله, أقوال عن فلسطين, والمسجد الأقصى, يسّر الله الكريم فجمعت بعضٍا منها أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

    بركة فلسطين:

    & قال ابن شوذب رحمه الله في قوله تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ﴾ [الأعراف:137]  قال: فلسطين.

    فضائل المسجد الأقصى (بيت المقدس):

    & قال مجاهد رحمه الله, في قوله تعالى: ﴿ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ﴾ [الإسراء:1] سماه مباركًا لأنه مقر الأنبياء, مهبط الملائكة والوحي, ومنه يحشر الناس يوم القيامة.

    & قال الإمام الطبري رحمه الله: قوله: ﴿ ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ﴾ يقول تعالى ذكره, الذي جعلنا حوله البركة لسكانه, في معاشهم, وأقواتهم, وحروثهم, وغروسهم.  

    & قال الإمام العز بن عبدالسلام رحمه الله: ﴿ بَٰرَكۡنَا ﴾ بالثمار ومجرى الأنهار, أو بمن جُعل حوله من الأنبياء والصالحين.

    & قال الإمام السمعاني رحمه الله: قوله: ﴿ ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ﴾ يعني: بالماء والشجر

    & قال الإمام الشوكاني رحمه الله: بارك الله سبحانه حول المسجد الأقصى ببركات الدنيا والآخرة.

    & قال الشيخ محمد الطاهر عاشور: وكون البركة حوله كناية عن حصول البركة فيه بالأولى, لأنها إذا حصلت حوله فقد تجاوزت ما فيه.

    & قال العلامة السعدي رحمه الله: من بركته: تفضيله على غيره من المساجد, سوى المسجد الحرام, ومسجد المدينة, وأنه يطلب شد الرحل إليه للعبادة, والصلاة فيه, وأن الله اختصه محلًا لكثير من أنبيائه وأصفيائه.

    & قال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر: المسجد الأقصى مسجد عظيم مبارك, له مكانة عالية في نفوس المؤمنين, ومنزلة رفيعة في قلوبهم, فهو مسجد قد خصّ في الكتاب والسنة بميزات كثيرة, وخصائص عديدة, وفضائل جمة, تدل على رفيع مكانته, وعظيم قدره.

    لا فضيلة لصخرة بيت المقدس:

    & قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أما الصخرة فلم يصل عندها عمر رضي الله عنه, ولا الصحابة, ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة, بل كانت مكشوفة...وأهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يكونون يعظمون الصخرة, فإنها قبلة منسوخة....

    & قال العلامة الألباني رحمه الله: ولقد شددت الرحل إلى بيت المقدس لأول مرة بتاريخ 23/5/1385هـ,...فصليت في المسجد الأقصى, وزرت الصخرة للاطلاع فقط, فإنه لا فضيلة لها شرعًا, خلافًا لزعم الجماهير من الناس.

    مدينة نابلس بفلسطين:

    & قال الإمام ابن العربي رحمه الله: دخلت نابلس وهي قرية المنجينق لإبراهيم عليه السلام, فما رأيت أحسن منها, وسكنتها مدة, وترددت عليها مراراً, فما وقعت فيها عيني على امرأة نهاراً, حتى إذا كان يوم الجمعة امتلأ المسجد بهن, ثم لا يقع عين عليهن إلى الجمعة الأخرى.

    بيت أريحا ببيت المقدس:

    & قال الإمام القرطبي رحمه الله: بيت أريحا ببيت المقدس, بناه داود وسليمان عليهما السلام.

    أخذ الفرنج النصارى لبيت المقدس سنة (492هـ):

    & قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين واربعمائة, فمن الحوادث فيها أخذ الافرنج بيت المقدس...وقتلوا فيه زائدًا على سبعين ألف مسلم.

    & قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: قتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا, منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم, وعبادهم, وزهادهم

    & قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: لما كان ضحى يوم الجمعة لسبع بقين سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة, أخذت الفرنج لعنهم الله, بيت المقدس شرفه الله, وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل, وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين,...وذهب الناس على وجوهم هاربين من الشام إلى العراق....فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك, وتباكوا, وقد نظم أبو سعد الهروي كلامًا قرئ في الديوان وعلى المنابر, فارتفع بكاء الناس, وندب الخليفة الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد...فساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئًا.

     سبب تسمية المسجد الأقصى بهذا الاسم:

    & قال الإمام البغوي رحمه الله: سُمى أقصى لأنه أبعد المساجد التي تزار, وقيل: لبعده عن المسجد الحرام.  

    جرائم الصهيونية في فلسطين, وفي المسجد الأقصى: 

    & قال العلامة عبدالرحمن الوكيل رحمه الله: أي مسلم ينسى خيانة الصهيونية على المسلمين عبر تاريخهم وكيدهم وأضغانها التي توارثتها ضد كل ما هو حق وخير وسلام

    أي مسلم ينسى الجرائم الملعونة التي اقترفها وتقترفها الصهيونية ضد العروبة والإسلام في فلسطين؟ أي مسلم ينسى مآسي الأيامي واليتامى والأرامل في فلسطين؟

    أي مسلم ينسى أولئك الإخوة الكرام الذين شردتهم العصابة الباغية عن ديارهم؟

    & قال الشيخ صالح بن عبدالله الحميد: لقد هانت هذه الأمة حين ظهر فيها تفرق الكلمة واختلاف الأعراض وتجاذب الأهواء....في هذه الأجواء المظلمة والأحوال القاتمة يزداد الصهاينة في مقدساتنا عتوًا وفسادًا وتقتيلًا وتخريبًا, يريدون في زعمهم أن يبنوا هيكلهم المزعوم على انقاض ثالث المسجدين الشريفين, ألا ساء ما يزعمون, كذبوا وخسوا...العزة لله ولرسوله وللمؤمنين والذلة والصغار والمسكنة لمن غضب الله عليه ولعنه, وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت, أولئك شر مكانًا وأضلّ عن سواء السبيل.

    & قال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر: يزداد ألم المسلمين وأسفهم يومًا بعد يوم على الحال التي آل إليه المسجد الأقصى, من تسلط اليهود المجرمين عليه, وانتهاكهم لحرمته, واعتدائهم على قدسيته ومكانته, وارتكابهم فيه ومع أهله أنواعًا كثيرة من التعديات والإجرام.

     المدافعة عن الأرض المقدسة واستنقاذ مسجده الشريف المقدس:

    & قال الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ رحمه الله: الله تبارك وتعالى جعل الجهاد في سبيله سببًا لنصرة دينه, وإقامة شرعه وتمكينه, وقد تظافرت نصوص الكتاب والسنة في فضله والحثّ عليه والترغيب فبه.

    إذا تقرر هذا فاعلموا معاشر المسلمين أن جميع الشعوب العربية والأمم الإسلامية قد بذلوا نفوسهم وأموالهم في المدافعة عن الأرض المقدسة واستنقاذ مسجده الشريف المقدس _ الذي هو ثالث المساجد التي فضلها النبي صلى الله عليه وسلم, وأمر بزيارتها وشدّ الرحال إليها, والصلاة فيها _ من أيدي تلك الأمة الغضبية اليهودية الملعونة التي نزلت بأرضه المقدسة, والتي لا تريد إلا محو الإسلام والمسلمين.

    وليس للمسلمين عذر في التخلف عن الدفاع عن دينهم وأوطانهم بأموالهم وأنفسهم

    & قال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله: قد علمتم أن هذه الطائفة _ أعنى اليهود _ هي أخبث الطوائف, ومن أشدها ضررًا على الدين وأهله وأعظمها عداوة وحنقًا وغيظًا على المؤمنين. قال تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ  [المائدة:82] ...فعداوتهم الشديدة للحق وأهله منذ بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم حتى الآن أشهر شيء, مع عداوتهم الجنسية للعرب, وأيامهم معهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لا تخفى, فقد اجتمعت فيهم العداوتان: عداوة الدين, وعداوة الجنس....ولا إرب لهم إلا إطفاء نور الله تعالى واجتيازهم بلاد المسلمين, ولا سيما البلاد المقدسة ومهابط الوحي ليبذروا فيها...فسادهم...فمن أوجب أنواع الجهاد جهادهم, حماية للدين, وذبًا وممانعة عن أوطان المسلمين.

     وجوب نصرة المسلمين في فلسطين:

    & قال العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى: واجب علينا أن ننصر إخواننا...الفلسطينيين, سواء كان بالمال أو كان بالنفس.

    ويعتبر جهادهم ودفاعهم دفاعًا عن الإسلام, ونصرًا للإسلام. نعم, إنه يعتبر نصرًا للإسلام.

    & قال الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر: لا يخفي على أي مسلم ما يعانيه المسلمون في فلسطين من آلام وقتل وتشريد, بسب توالي الاعتداء الغاشم عليهم من اليهود المعتدين الغاصبين, ولا يخفي أيضًا حاجة المسلمين في فلسطين وضرورتهم إلى الكساء والطعام والدواء. ولذا فإن من الواجب على المسلمين المسارعة إلى نجدتهم ومدّيد المساعدة لهم, والوقوف معهم في محنتهم حتى يتمكنوا من مقاومة عدوهم الذي يملك العدة والعتاد.

    المسجد الأقصى ثالث المسجدين, وليس ثالث الحرمين:

    & قال العلامة عبدالله بن محمد بن حميد رحمه الله: عندما يذكرون المسجد الأقصى في القدس, يقولون: ثالثُ الحرمين...فهل نوافقهم على هذا ؟

    فهل هو ثالث الحرمين ؟

    نقول: قولهم هذا باطل, ليس ثالث الحرمين باتفاق المسلمين, فالمسجد الأقصى ليس بحرم, بل قُل: " ثالث المسجدين " هذا صحيح, والصلاة فيه بخمس مئة صلاة, هذا صحيح. لأن معنى "الحرم" هو الذي لا يُعضد شوكه, ولا يُختلى خلاه, ولا يُنفر صيده, ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف, هذه الأحكام لا يوجد شيء منها بالأقصى.

     القضية الفلسطينية قضية إسلامية:

    & قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: القضية الفلسطينية قضية إسلامية أولاً وأخيراً, ولكن أعداء الإسلام بذلوا جهوداً جبارة لإبعادها عن الخط الإسلامي وإفهام المسلمين من غير العرب, أنها قضية عربية لا شأن لغير العرب بها, ويبدوا أنهم نجحوا إلى حد ما في ذلك, ولذا فإني أرى أنه لا يمكن الوصول إلى حل لتلك القضية إلا باعتبار القضية إسلامية, وبالتكاتف بين المسلمين لإنقاذها, وجهاد اليهود جهاداً إسلامياً, حتى تعود الأرض إلى أهلها.

    لن يكون لليهود دولة في فلسطين:

    & قال العلامة أخمد شاكر رحمه الله: لقد ألقى الإنكليز الحديد والنار على فلسطين, حماية لقضية خاسرة, وانتصارًا لأمة لا تقوم لها قائمة, ولن تكون لها دولة كلكم...يعرف أن البشائر التي في القرآن بشائر صدق, وأن آياته كلها حق. والله تعالى يقول في شأن هؤلاء اليهود: ﴿ ضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيۡنَ مَا ثُقِفُوٓاْ إِلَّا بِحَبۡل مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبۡل مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُو بِغَضَب مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَسۡكَنَةُۚ  ﴾ [آل عمران:112] ويقول في شأنهم: ﴿ وَأَلۡقَيۡنَا بَيۡنَهُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ كُلَّمَآ أَوۡقَدُواْ نَارا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ[المائدة:64] ثم الله يحكم عليهم حكمًا أبديًا ﴿ وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبۡعَثَنَّ عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُور رَّحِيم * وَقَطَّعۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ أُمَماۖ  [الأعراف:167_168] هذه صواعق من الله تنصب على رؤوس أعدائكم وعلى رؤوس حماتهم هذا وعد الله بنصركم عليهم والله منجز وعده....إن هؤلاء الأذلاء ....ستكون عاقبة أمرهم إن شاء الله أن يجليهم المسلمون عن كل بلاد الإسلام.

     فتح بيت المقدس, واستنقاذه من أيدي الكفرة:

    & قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة, فيها كانت وقعة حطين التي كانت أمارة وتقدمة وإشارة لفتح بيت المقدس, واستنقاذه من أيدي الكفرة...واستنقاذه من أيدي النصارى بعد أن استحوذوا عليه مدة ثنتين وتسعين سنة....ولما تطهر بيت المقدس مما كان فيه من الصلبان والنواقيس والرهبان والقساقس, ودخله أهل الإيمان, ونودي بالأذان وقُرئ القرآن, ووحد الرحمن, كانت أول جمعة أقيمت في اليوم الرابع من شعبان, بعد الفتح بثمان...وجاء الحق, وبطلت الأباطيل...وانجلت الكربات, وأقيمت الصلوات, وأذن المؤذنون, وخرس القسيسون, وزال البوس, وطابت النفوس, وأقبلت السعود, وأدبرت النحوس, وعبد الله الأحد الصمد الذي ﴿ لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ * وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ  وكبره الراكع والساجد, والقائم والقاعد, وامتلأ الجامع, وسالت لرقة القلوب المدامع, ولما أذن المؤذنون للصلاة قبل الزوال كادت القلوب تطير من الفرح في ذلك الحال.

    وصية لأهل فلسطين:

    & قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: الوصية للمسلمين في فلسطين بتقوى الله, والتعاون على الخير, والاستقامة في العمل, فالله ينصر من ينصره, قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ  [محمد:7] فعليهم أن يصبروا ويصابروا, فوعد الله حق, والله ناصر من ينصره.

    وختامًا, فعلى المسلمين الصبر, فالصبر والنصر قرينان, ونصر الله جل وعلا لعباده المؤمنين الصادقين قريب.


    كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

     

     صيد الفوائد

           
     
    ارسل هذه الصفحة الى صديقك
    IMG_0885.PNG

  25.  

    فوائد مختصرة من شرح كشف الشبهات للعلامة العثيمين

    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ

     
     بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه فوائد مختصرة من شرح كشف الشبهات, للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله, وهي فوائد مختصرة لا تتجاوز الفائدة الواحدة ثلاثة أسطر, أسأل  الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

     

    كتاب " كشف الشبهات " للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله:

    & أورد فيه المؤلف بضع عشرة شبهة لأهل الشرك وأجاب عنها بأحسن إجابة مدعمة بالدليل, مع سهولة المعنى, ووضوح العبارة, أسأل الله تعالى أن يثيبه على ذلك, وأن ينفع بذلك العباد, إنه على كل شيء قدير.

     

    الرحمن الرحيم:

    & الرحمن, اسم من الأسماء المختصة بالله لا يطلق على غيره, ومعناه: المتصف بالرحمة الواسعة.  الرحيم: اسم يطلق على الله عز وجل, وعلى غيره, ومعناه: ذو الرحمة الواصلة, فالرحمن ذو الرحمة الواسعة, والرحيم ذو الرحمة الواصلة.

     

    العلم:

    & العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكًا جازمًا.

    & العلم ينقسم إلى قسمين: ضروري ونظري.

    & الضروري ما يكون إدراك المعلوم فيه ضروريًا بحيث يضطر إليه من غير نظر ولا استدلال, كالعلم بأن النار حارة مثلًا. والنظري ما يحتاج إلى نظر واستدلال كالعلم بوجوب النية في الوضوء.

     

    التوحيد:

    & التوحيد لغة: مصدر وحّد يوحّد, أي جعل الشيء واحدًا. وفي الاصطلاح عرف المؤلف رحمه الله التوحيد بقوله " التوحيد هو إفراد الله عز وجل بالعبادة ", أي أن تعبد الله وحده ولا تشرك به شيئًا بل تفرده وحده بالعبادة محبة وتعظيمًا ورغبة ورهبة.  

    & هناك تعريف أعمّ للتوحيد وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به وأنواعه ثلاثة الأول: توحيد الربوبية....الثاني: توحيد الألوهية. الثالث: توحيد الأسماء والصفات.

    & توحيد الربوبية: وهو: أفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير.

    & توحيد الألوهية وهو: إفراد الله تعالى بالعبادة بأن لا يتخذ الإنسان مع الله أحدًا يعبده كما يعبد الله أو يتقرب إليه كما يتقرب إلى الله تعالى.

    & توحيد الأسماء والصفات وهو: إفراد الله سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته الواردة في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وذلك بإثبات ما أثبته, ونفي ما نفاه من غير تحريف, ولا تعطيل, ومن عير تكيف, ولا تمثيل.

    & توحيد الألوهية...دين الرسل كلهم, فكلهم أرسلوا بهذا الأصل الذي هو التوحيد, كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ ﴾ [النحل:36]

    & توحيد الألوهية...من أخلّ بهذا التوحيد فهو مشرك كافر, وإن أقرّ بتوحيد الربوبية, والأسماء والصفات.

    & الإقرار بالربوبية يستلزم الإقرار بالألوهية....لأنه إذا كان الله وحده هو الخالق, وهو المدبر للأمور, وهو الذي يده ملكوت كل شيء فالواجب أن تكون العبادة له وحده لا لغيره.

     

    الغلو:

    & الغلو في العقيدة كغلو أهل الكلام في الصفات حتى أدى بهم إما إلى التمثيل أو التعطيل.

    & الغلو في العبادات كغلو الخوارج الذين يرون كفر فاعل الكبيرة, وغلو المعتزلة حيث قالوا: إن فاعل الكبيرة بمنزلة بين المنزلتين وهذا التشدد قابله تساهل المرجئة حيث قالوا لا يضر من الإيمان ذنب.

    & الغلو في المعاملات وهو التشديد بتحريم كل شيء, وقابل هذا التشدد تساهل من قال بحلّ كل شيء ينمى المال والاقتصاد حتى الربا والغش وغير ذلك.

    & الغلو في العادات وهو التشدد في التمسك بالعادات القديمة وعدم التحول إلى ما هو خير منها. أما إن كانت العادات متساوية في المصالح فإن كون الإنسان يبقى على ما هو عليه خير من تلقى العادات الوافدة.

     

    دعاء غير الله عز وجل:

    & دعاء العبادة أن يتعبد للمدعو طلبًا لثوابه وخوفًا من عقابه, وهذا لا يصحّ لغير الله, وصرفه لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة.

    & من دعا غير الله عز وجل بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كافر سواءً كان المدعو حيًا أو ميتًا.

    & دعاء الحي بما يقدر عليه مثل يا فلان اسقني, فلا شيء فيه.

    & دعاء الميت أو الغائب بمثل هذا فإنه شرك, لأن الميت أو الغائب لا يمكن أن يقوم بمثل هذا, فدعاؤه إياه يدل على أنه يعتقد أن له تصرفاً في الكون, فيكون بذلك مشركًا.

     

    الاستغاثة:

    & الاستغاثة: طلب الغوث والإنقاذ من الشدة والهلاك.

    & الاستغاثة بالله عز وجل...من أفضل الأعمال, وأكملها, وهو دأب الرسل عليهم الصلاة والسلام, وأتبعهم, ودليله قوله تعالى: ﴿ إذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡف مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ مُرۡدِفِينَ ﴾ [الأنفال:9]

    & الاستغاثة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على الإغاثة فهذا شرك, لأنه لا يفعله إلا من يعتقد أن لهؤلاء تصرفًا خفيًا في الكون فيجعل لهم حظًا من الربوبية.

    & الاستغاثة بالأحياء العالمين القادرين على الإغاثة فهذا جائز كالاستعانة بهم, قال الله تعالى في قصة موسى عليه السلام: : ﴿ أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰه مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل:62]

     

    المجادلة والمناظرة:

    & المجادل يحتاج إلى أمرين: الأول: إثبات دليل قوله. الثاني: إبطال دليل خصمه. ولا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة ما هو عليه من الحق, وما عليه خصمه من الباطل, ليتمكن من دحض حجته.

    & ينبغي لأهل العلم في باب المناظرة والمجادلة أن يأتوا بجواب مجمل حتى يشمل ما يحتمل أن يورده الملبسون المشبهون ويأتي بجواب مفصل لكل مسألة بعينها قال تعالى

    ﴿ الٓرۚ كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِير ﴾ [هود:1]

     

    الذبح:

    & الذبح, ويقع على وجوه: أن يقصد به تعظيم المذبوح له, والتذلل له, والتقرب إليه فهذا عبادة لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى, وصرفه لغير الله شرك أكبر.

     

    أعداء الرسل وأتباعهم:

    & نبه المؤلف رحمه الله...على فائدة عظيمة حيث بين أن من حكمة الله عز وجل أنه لم يبعث نبيًا إلا جعل له أعداءً من الإنس والجن, وذلك أن وجود العدو يمحص الحق ويبينه فإنه كلما وجد المعارض قويت حجة الآخر.

    & كل اتباع الأنبياء يحصل لهم مثل ما يحصل للأنبياء...فإن هؤلاء المجرمين يعتدون على الرسل واتباعهم وعلى ما جاءوا به بأمرين: الأول: التشكيك. الثاني: العدوان.

    & الله تعالى يهدى الرسل وأتباعهم وينصرهم على أعدائهم ولو كانوا من أقوى الأعداء, فعلينا أن لا نيأس لكثرة الأعداء...فإن الحق كما قال ابن القيم رحمه الله:

                  الحق منصور وممتحن فـــــــلا     تعجب فهذي سنة الرحمن

     

    طلب الإنسان من رجل صالح أن يدعو له:

    & لا بأس أن تأتي لرجل صالح تعرفه وتعرف صلاحه فتسأله أن يدعو الله لك...إلا أنه لا ينبغي للإنسان أن يتخذ ذلك ديدنًا له, كلما رأى رحلًا صالحًا قال: ادع الله لي, فإن هذا ليس من عادة السلف رضي الله عنهم, وفيه اتكال على دعاء الغير.

    & الإنسان إذا دعا ربه بنفسه فإنه ينال أجر العبادة ثم يعتمد على الله عز وجل في حصول المنفعة ودفع المضرة, بخلاف ما إذا طلب من غيره أن يدعو الله لله فإنه يعتمد على ذلك الغير وربما يكون تعلقه بهذا الغير أكثر من تعلقه بالله عز وجل.

     

    متفرقات:

    & الإخلاص لله معناه: أن يقصد المرء بعبادته التقرب إلى الله سبحانه وتعالى, والوصول إلى دار كرامته.

    & فرح العبد بما أنعم الله عليه من العلم والعبادة من الأمور المحمودة, كما جاء في الحديث: (( للصائم فرحتان: فرحة عند فطره, وفرحة عند لقاء ربه.))

    & الإنسان وإن كان عالمًا قد يخفى عليه بعض أنواع الشرك, وهذا يوجب على الإنسان أن يتعلم ويعرف حتى لا يقع في الشرك وهو لا يدري

    & الواجب على المرء أن يلتمس رضا الله عز وجل ولو سخط الناس, وأن لا يتبع رضا الناس بسخط الله عز وجل

    & الصالح هو الذي قام بحق الله, وبحق عباد الله.  


    كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

    صيد الفوائد

     

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×