اذهبي الى المحتوى

سوزان بنت مصطفى بخيت

إشراف ساحة الاستشارات
  • عدد المشاركات

    137
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

  • الأيام التي فازت فيها

    2

مشاركات المكتوبهة بواسطة سوزان بنت مصطفى بخيت


  1. الاحتساب في تربية الأبناء:

    .

    والاحتساب هو أن تنوي القيام بالعمل الصالح وتصبري على المكروهات طلبا للأجر الذي وعدك به الله عز وجل.

    وقد عرَّفه ابن الأثير قائلا: "هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها"

    فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه»

    ومما لا يخفى عليكِ أن تربية الأبناء من الأمور الشاقة لكنها ليست مستحيلة وبقليل من الاحتساب في تربيتهم والاستعانة بالله، ييسر الله لكِ تربيتهم ويعينك عليها وتنالي من الأجور الكثير، وحتى تستطيعي احتساب الأجر في تربيتك لأبناءك فلابد ان تفكري في نوايا تحتسبيها عند تربية أبناءك مع الحرص على جعل نواياك كلها خالصة لله عز وجل.

    .

    ومن النوايا التي يمكن احتسابها:

    - أن يكون ابنك صدقتك الجارية بعد مماتك فيكون الولد الصالح الذي يدعوا لكِ.

    - أن يكون لابنك هوية إسلامية راسخة وثابتة فيه، يواجه بها تحديات الحياة والفتن ويكون قوي الإيمان، يعبد الله على بصيرة.

    - أن يكون هادي للناس وداعي يرشدهم للتوحيد والرجوع للشرع في كل شئون حياتهم.

    - أن يكون ممن يظلهم الله بظله يوم القيامة لأنه شاب نشأ في طاعة الله.

    وغيرها من النوايا الكثيرة

    .

    [كتاب رفقا بعقيدني يا أمي - لأم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت]


  2. همسة رمضانية 7

     

    النساء والأعذار الشرعية (الحيض والنفاس)

    تقربي من الله في الرخاء ليعينك على التقرب منه في الشدة

    .

    ~ ما زال أمامك آيام لتتدربي على التقرب لله عز وجل بالذكر وقراءة التفسير وكتب التدبر والرقائق.

    ~ ما زال أمامك آيام لتتدربي على الاستمتاع بسماع القرآن.

    ~ ما زال أمامك أيام لتروضي لسانك على الحمد والشكر والتسبيح والحوقلة وغيرها من الأذكار.

    ~ ما زال أمامك أيام لتتدربي على اللجوء لله عز وجل بالدعاء بين كل آذان وإقامة.

    .

    <em><span style=🌱"> ما زال أمامك أيام لتتقربي لله عز وجل في الرخاء

    حتى إذا ما جاء وقت الشدة حيث تنقطعين عن الصلاة والصيام،

    وجدت أنه هناك أمور أخرى ما زالت تربطك بالله عز وجل وتكون عونا لكِ على زيادة الإيمان

    .

    <em><span style=🌱"> أما فيما يخص القرآن فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

    "يجوز للحائض أن تقرأ القرآن من التفسير وغير التفسير إذا كانت تخشى أن تنسى ما حفظته .

    فإن كان من التفسير لم يشترط أن تكون على طهارة،

    وإن كان من غير التفسير بأن يكون من المصحف فلا بد أن تجعل بينها وبينه حائل من منديل أو قفاز أو نحوه؛

    لأن المرأة الحائض وكذلك من لم يكن على طهارة لا يحل له أن يمس المصحف " انتهى .

    "فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين (123 /27) .

    • معجبة 2

  3. همسة رمضانية 6

    .

    <em><span style=🌸">سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد حفظه الله هل حفظ القرآن أفضل أم قراءته في رمضان ؟. فأجاب فضيلته: الحمد لله قراءة القرآن في رمضان من أجل الأعمال وأفضلها، فرمضان هو شهر القرآن،

    قال الله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } البقرة/185.

    وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة في رمضان فيدارسه القرآن. رواه البخاري (5) ومسلم (4268).

    وروى البخاري (4614) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن جبريل{ كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ }.

    .

    فيؤخذ من هذا استحباب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته في رمضان.

    ويؤخذ منه استحباب ختمه كذلك، لأن جبريل عليه السلام كان يعرض القرآن كاملاً على النبي صلى الله عليه وسلم.

    انظر : "فتاوى الشيخ ابن باز" (11/331).

    .

    وكل من الحفظ والمراجعة هو قراءة وزيادة، لأنه لن يحفظ أو يراجع إلا بعد تكرار قراءة الآية عدة مرات، وله بكل حرف عشر حسنات. وعلى هذا يكون اهتمامه بالحفظ والمراجعة أولى.

    .

    وقد دلّت السنة إذاً على: 1- مراجعة الحفظ. 2- المدارسة. 3- التلاوة. وهي حاصلة مما سبق.

    .

    <em><span style=🍀">وينبغي في مثل هذه الحال أن يختم القرآن، ولو مرّة واحدة في الشهر،

    ثم يفعل الأنسب لحاله بعد ذلك:

    إما أن يكثر من التلاوة وختم القرآن

    أو يهتم بالمراجعة،

    أو الحفظ الجديد

    . ويراعي الأصلح لقلبه،

    فقد يكون الأصلح له الحفظ أو القراءة أو المراجعة،

    فإن المقصود من القرآن هو قراءته وتدبره والتأثر به والعمل بما فيه.

    فعلى المؤمن أن يتعاهد قلبه، وينظر الأصلح له فيفعله. والله أعلم

     

    الإسلام سؤال وجواب


  4. همسة رمضانية 5

    .

    الواقعية في التخطيط

    مع حلول شهر رمضان يبدأ التنافس بين الأقران والأصدقاء في التخطيط ووضع أهداف تحقق أكبر قدر من العبادة

    ثم حين نأتي للتطبيق، تنهار الأهداف واحدة تلو الأخرى فتصابي بالإحباط وتبدأي بالتنازل عن الخطط واحدا تلو الأخرى وهذا ما حذرنا منه نبينا الحبيب

    فقد روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : كانت عندي امرأةٌ من بني أَسَدٍ ، فدخل عليَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقال : مَنْ هذهِ .

    قلتُ : فلانةٌ ، لا تنامُ بالليلِ ، تَذْكُرُ من صلاتِها ،

    فقال : (مَهْ ، عليكمْ ما تُطيقونَ من الأعمالِ ، فإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّواْ) رواه البخاري

    .

    لذلك من المهم جدا أن تكوني واقعية في أهدافك وأن تتناسب تلك الأهداف مع قدراتك وإمكانياتك حتى تضمني الاستمرار عليه.

    فقد روى عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ : أيُّ العملِ أحَبُّ إلى اللهِ ؟

    قال ( أدْومُه وإن قَلَّ) رواه مسلم

    .

    ♡ أمثلة على التخطيط للصلاة ♡

    <em><span style=🌱"> إن كنتِ ممن يؤخرون الصلاة إلى آخر وقتها، فأحرصي على أن تصلي الصلاة في أول وقتها، مع صلاة ركعتي الضحى وصلاة الوتر قبل النوم

    <em><span style=🌱"> وإن كنتِ ممن يصلي الفرض في وقته، فإحرصي على الالتزام بالسنن الرواتب (12 ركعة في اليوم والليلة، اثنين قبل الفجر، اثنين الضحى، اثنين قبل الظهر واثنين بعده، اثنين بعد المغرب، واثنين بعد العشاء ثم ركعة الوتر)

    <em><span style=🌱"> وإن كنتِ ممن يصلي السنن الرواتب، فإحرصي على صلاة ما لا يقل عن ركعتين في جوف الليل تختلي فيهم مع ربك.

    .

    ♡ وأما التخطيط لختمات القرآن ♡

    <em><span style=🌱"> إن كنت ممن يختم القرآن في أكثر من شهر، فليكن هدفك ما لا يقل عن ختمة في شهر رمضان

    <em><span style=🌱"> وإن كانت لكِ ختمة في رمضان، فإحرصي على ما لا يقل عن ختمتين هذا العام

    <em><span style=🌱"> وإن كانت لكِ أكثر من ختمة في رمضان، فإحرصي على أن تكون بالصلوات، واحدة بصلاة الفرض، وأخرى بالسنن الرواتب، وأخرى بصلاة القيام

    .

    <em><span style=🌾"> وإن كانت لكِ ختمات مختلفة ما بين ختمة تلاوة وختمة تفسير وختمة استماع،

    فلا توزعي جهدك عليهم بالتساوي، وإنما قسميهم على حسب الوقت المناسب

    ~ فأفضل وقت لختمة الإستماع وأنت ترتبين البيت وتطبخين الطعام

    ~ وأفضل وقت لختمة التلاوة أثناء الصلاة

    ~ وأفضل وقت لختمة التفسير حينما تكوني بذهن صافي قادر على تدبر الآيات

    .

    مع الحرص على قراءة القرآن بالحدر بحيث لا تزيد تلاوة الجزء على 20 دقيقة بحد أقصى


  5. همسة رمضانية 4

    .

    الروتين اليومي وتنظيم الوقت

    في رمضان

    .

    يوجد وجبتين فقط بنهاية اليوم وباقي اليوم كله فراغ لذلك يحسن عليك استغلال هذا الوقت

    .

    <em><span style=🌾">.. بعد صلاة الفجر اقرأي وردك

    ثم اغسلي صحون السحور ورتبي البيت سريعا

    واغسلي الغسيل وانشريه حتى يبارك الله لك بوقتك فالبركة في البكور

    .

    <em><span style=🌾">.. نامي ساعة او ساعتين واستيقظي قبل الظهر لتحضري وجبة الافطار

    ثم اجمعي الغسيل واطويه وضعيه بالدولاب

    اقضي وقتك من العصر للمغرب في تلاوة ما تيسر من القرآن

    قبل المغرب بنصف ساعة سخني الطعام وضعي المشروبات بالاكواب

    .

    <em><span style=🌾">.. بمجرد أن يؤذن المغرب اشربي القليل من الماء مع بضعة تمرات ثم اذهبي فورا للصلاة لانك لو اجلتيها لبعد الافطار ستجدي نفسك ممتلئة البطن ومرهقة

    بعد الصلاة ضعي الطعام لتفطروا جميعا

    بمجرد انتهائك من افطارك قومي لتحضير ابريق الشاي وفي نفس الوقت اغسلي الصحون الناتجة عن الافطار

    ثم اجلسي وارتاحي حتى يحين موعد العشاء لتصلي التراويح

    .

    <em><span style=🌾">.. بعد التراويح يمكنك اخذ مشروب او فاكهة بسيطة ثم الذهاب للنوم

    .

    <em><span style=🌾">.. استيقظي على الاقل قبل الفجر بساعتين لتصلي ما لا يقل عن ركعتين قبل تحضير السحور

    .

    ♡ همسة

    .. من المهم الاستحمام على الاقل مرة يوميا لتزيلي اثار التعب والارهاق

    .. احرصي على عدم الاسراف في العزومات او الحلويات والمشروبات لانها تسبب الخمول والتعب وتأكل الوقت أكلا في التحضير لها


  6. همسة رمضانية 3

    .

    العبادة لا تقتصر على كثرة التلاوة وطول القيام

    بل العبادة هي باب واسع وكبير ومنها على السبيل المثال لا الحصر

    .

    ♡ الدعاء في كل وقت

    فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} رواه الترمذي

    .

    والدعاء من اسباب تآليف القلوب

    مثال

    .. الدعاء لنفسك ان تكوني من عتقاء الشهر وان يرزقك الله الفردوس الأعلى ورؤية وجهه الكريم

    .. الدعاء لوالديك أن يرزقهما الله حسن الخاتمة وان يلبسهما تاج الوقار

    .. الدعاء لزوجك ان يجعل قلبه معلق بالمساجد وأن يوفقه فيما يحبه الله ويرضاه وان يكون نعم القدوة الصالحة للأبناء

    .. الدعاء لطفلك ان يجعل الله الصلاة قرة اعينهم،

    مع الاهتمام بالدعاء على مسمعهم كقول

    جعلك الله من حفظة القران ممكن تحضر لي مصحفي،

    أسقاك الله من حوض النبي ممكن تعطيني كوب ماء

    .

    ♡ ذكر الله وترديد الاستغفار والحمد والتكبير والحوقلة وغيرها خاصة اثناء عملك لينشغل لسانك بما يرضي الله ويبني لك جسور من الحسنات بالآخرة

    .

    ♡ حفظ الجوارح واستشعار مراقبة الله عز وجل

    فلا تقولي الا ما يرضي الله

    ولا تنظري الى لما يرضي الله

    ولا تسمعي الا ما يرضي الله

    ولا تمشي الا الى مكان يرضي الله

    وهكذا

    .

    ♡ احتساب الاجر

    ان تعملي العمل وتعددي النوايا الاخروية ليكون لك من الاجور الكثير

    فتنظفي البيت وانت تحتسبين اجر الطهور شطر الايمان

    وتحضري الطعام وانت تحتسبي اجر افطار صائم

    .

    وغيرها من الأمور التي لو قمنا بها بنية العبادة واحتسبنا الاجر لتحولت العادات الى عبادات


  7. همسات رمضانية 2

    .

    شهر رمضان هو شهر الطاعات والعبادات وليس شهر الزيارات والعزومات

    وإن كان لابد من الزيارات والعزومات فليكن بدون إسراف ولا تبذير ولا اضاعة للوقت في تحضير كل ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات

    .

    ولتحرصي على أن تقتصر الزيارات على النصف الاول من رمضان حتى تتفرغي بالنصف الاخر منه للاستزادة من قراءة القرآن وقيام الليل

    .

    واحرصي على عدم الانشغال مع الضيوف عن عباداتك بل حثيهم على صلاة التراويح معك وعلى قراءة ما تيسر من القرآن

    مع الابتعاد عن القيل والقال والسهر المبالغ فيه

    • معجبة 1

  8. همسات رمضانية1

    .

    عيشي يومك مع القرآن وزكي عن كل ساعة في يومك

    اضبطي المنبه بحيث كلما دقت الساعة 1 او 2 او 3 او 4 او ....

    تأخذي خمس دقائق فقط لقراءة خمسة صفحات من القرآن، كل ساعة خمسة دقائق

    وفي نهاية اليوم انظري كم جزء استطعتِ قرائته بتلك الطريقة، وكيف احساسك وانت كل ساعة تجري للامساك بمصحفك وكيف احساسك وانت تقضي يومك مع القرآن

    • معجبة 1

  9. اللهم آمين وإياكم

     

    فراسلتني احدى الاخوات بارك الله فيها بأن هذا قد يدخل في البدع بسبب تحديد وقت للدعاء الذي يستخدم أساسا في السفر

     

    ففضلا هل ممكن تغير الجملة

    وكذلك استودِعاهم الله قبلَ خروجهم

     

    لتصبح

    وكذلك استودِعاهم الله في أي وقت

     

    بارك الله فيكم


  10. خطورة التحرش وأهمية توعية الأبناء

     

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

     

    من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

     

    أما بعد:

    قصص واقعية:

     

    (1)

    في إحدى دول الخليج أخبرتنا رفيقتنا قائلة:

    عاد عبدالرحمن ذو السبع السنوات من مدرسته، ووقف مع والدته بالمطبخ كعادته؛ ليحكيَ لها ما مرَّ به في يومه، ثم قال بتردُّد: شيء ما عجيب حدَث اليوم يا أمي!

     

    فنظرَت له الأم ولاحظت تردده، فعادت تنظر لما في يديها؛ ليستطيع التحدث بأريحية وسألته: وما هو يا بني؟

    فقال: ونحن بـ(الباص) وبعد أن نزل مجموعة من الأولاد، قال أحد زملائي (في السابعة من عمره): تعالَ أريد أن أُريَك شيئًا سيفيدك كثيرًا.

     

    وذهبنا للجلوس في آخر الباص، وفجأة أخرج عورته من البنطلون.

     

    فتماسكَت الأم واستمرَّت تنظر لما في يديها وقالت: وماذا فعَلتَ؟

    فأكمل وهو يسترِقُ النظرات لوجه أمه: أدَرْت وجهي للاتجاه الآخر وقلت له: ماذا تفعل؟! هذا عيب ولا ينبغي لك فعلُ هذا، وطلبتُ منه ألا يفعلها مرة أخرى مع أي أحد، فأخبرني أنه يفعلها مع صديق واحدٍ فقط، ولم يستجيب لنصحي.

     

    فاطمأنَّت الأم ونظرت إليه بابتسامة مطمئنة وقالت: أحسنتَ يا بُني، هل تتذكر قصة قوم نبيِّنا لوط عليه السلام، الذين عذَّبهم الله عذابًا شديدًا؟

    قال: نعم.

     

    قالت: لقد عذبهم الله؛ لأنهم فعَلوا ما يشبه ذلك؛ فهذا الفعل فيه كشفٌ للعورة، ويؤدِّي إلى فعل أشياء محرمة.

    ففزع عبدالرحمن حينما علم فَداحة هذا الفعل وقال: إذًا يَنبغي أن أُخبر ذلك الولد؛ حتى لا يعذبه الله مثل قوم نبينا لوطٍ عليه السلام.

     

     

    (2)

    وفي دولة عربية أخرى:

    أتَتنا إحدى الأخوات سائلة النُّصح وقالت: إحدى الفتيات في العاشرة من عمرها، تشتكي من معلِّمها وتقول: إنه يمسك يدها كثيرًا ويُبقيها بالصف بعد خروج جميع الطلبة، وفي ذلك اليوم أخرج الجميع وأبقاها وحدها، وأغلق الباب عليهما، ثم طلب منها أن تُحضر كتابًا من فوق الرفِّ (القريب من الشباك)، وحينما ذهبَت لتُحضره، وجدَته يقف خلفها مباشرة ليأخذ الكتاب بنفسه من على الرف، وفي نفس اللحظة كانت هناك فتاةٌ في الصف السادس بالمبنى المقابل تقف في شباك فصلها، وحينما رأَتِ المعلم قامت بقذف قبلة في الهواء للمعلِّم! فتراجع المعلم وابتعد عن هذه الفتاة.

     

    تقول الأخت: إن والد الفتاة عاجزٌ عن التفكير، ولا يعلم هل تتخيَّل الفتاة ذلك أم أنه حدث فعلاً، وكيف يمكن حلُّ المشكلة لو ثبت صحتها؟!

     

     

    (3)

    ومن دولة عربية ثالثة راسلَتني إحدى الأخوات تحكي لي عن موقفٍ حدث بعَملها (رياض الأطفال) وكيف أنَّها نادمة على ردِّ فعلها، وتريد أن تَعلم ما هو التصرف الأمثل لمثل هذا الموقف.

     

    فقد وجدَت أن هناك أختين إحداهما في السادسة من عمرها والأخرى في الرابعة من عمرها، يأخذان الفتيات الأقلَّ منهما عمرًا ويذهبان بهما إلى الحمام (المخصص للاستحمام)، ويقومان بتقبيل الفتيات من فمِهن، فقامت المعلمة بضربهما ومعاقبتِهما؛ حتى لا يتكرر التصرُّف، لكن النتيجة أنهما أصبحتا أكثر حرصًا على القيام بذلك خِلسة منها! وقد قامت المعلمة بتبليغ الإدارة ولكنهم لم يفعلوا شيئًا.

     

    فسألَتني: ماذا كان يمكنها أن تفعل مع الفتيات حتى لا يكرِّرنَ هذا التصرف؟

     

    • • •

     

    حينما نسمع عن قصص التحرش، نجد أنفسنا نتعاطف معها، ولكنها تكون ذاتَ تأثير أعمقَ، ووقعٍ أكبرَ على النفس إذا كنتِ قريبةً من الأحداث، فأول قصَّتين عايشتُ أحداثهما بنفسي يومًا بيوم، وكان الفارق الزمني بين الحادثتين هو أسبوعًا واحدًا، وقد وقعتا عليَّ وعلى رفيقاتي كالصاعقة، وحاوَلْنا بقدر المستطاع التعاونَ على التفكير في اقتراحات لحلِّ المشكلتين، وفي نفس الوقت كانت تلك الحادثتان كتنبيهٍ لنا على أهمية توعية أبنائنا مهما صَغُر سنُّهم.

     

    فالقصة الأولى حدثَت في بلد يُجَرِّم التحرش ويعاقب المتحرشين عقوبةً شديدة، مما سهَّل الأمر على الوالدين؛ فقد قاما باستدراك ابنهما بطرق مختلفة ليَحكي القصة من عدة جوانب؛ حتى يكون لديهم إلمامٌ تام بالأمر، ثم اتَّصلا بمدير المدرسة بدون علم ابنهما وأخبَراه بما حدث، طالبِين منه معالجة الأمر في صمت، وبأقلِّ قدر من المشاكل مع الطفل الآخر، فقام المدير باستدعاء ذلك الطفل وواجهَه، فأنكر، فظل المدير يحاوره لمدة نصف الساعة تقريبًا، وفي النهاية اعترف الطفل بكل شيء حينما لاحظ إصرار المدير؛ ظانًّا أن هناك كاميرات بالباص سجَّلَت كل شيء، وتم التعامل مع ذلك الطفل وإخبارُ أهله باعترافه.

     

    أما القصة الثانية، فقد عاش الوالدان في حالة عدم تصديق لابنتهما؛ خوفًا أن تكون تخيَّلَت الأمر، خاصة أنهم في بلد انتشر فيها الفسادُ بشكل كبير، ولو لم يُوجد دليل قاطع لا يَقبل الشكَّ على حدوث تلك الواقعة، فستَتعرَّض الفتاة وأهلُها لمأساةٍ كُبرى وفضيحة أيضًا؛ لذلك لم يكن من الوالدين سوى التعاملِ بكل سلبية مع الوضع؛ عن طريق إرسال وسيطٍ ليسأل المعلِّم: هل فعلاً حدَث ما روَتْه ابنتهما، فكان جواب المعلم: بالطبع لا، لم يحدث، بل أبقيتُها بالصف وحدَها عقوبة لها على مشاغبتها.

     

    وبعدها جاءني سؤال الأخت المعلِّمة، فعلمتُ أن الأمر صار أخطر مما أظن، وأن التحرش قد انتشر كالوباء بمختلِف أشكاله بين الأطفال، وفي مختلِف البلدان؛ لذلك قمتُ بكتابة هذا المقال بالاستعانة بالأفكار التي تمت مناقشتها مع رفيقاتي، وقد اشتمل المقال على:

    معنى التحرش بالطفل.

    أنواع وأشكال التحرش.

    كيف يتم اختيار المتحرَّش بهم؛ من حيث العمرُ والشخصية؟ وكيف يقع الاعتداء؟

    كيف يتم توعية الأبناء قبل التحرش؟

    نصائح للآباء والأمهات.

    كيف يدافع الأبناء عن أنفسهم في حال تعرضوا للتحرش؟

    أعراض التحرش.

    كيف تتعاملين مع الموقف إذا تحرش أحدهم بأطفالك؟ وكيف تتعاملين مع طفلك؟

    أهمية إشعار الطفل بالثقة والأمان بعد التجربة.

    كيف تتأكدين أن طفلك تعرض فعلاً للتحرش قبل الإقدام على أي إجراء مع المتَّهم بالتحرش بطفلك؟

     

     

    معنى التحرش بالطفل:

    هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسيَّة لشخص مراهق أو بالغ، وأحيانًا يتم بين طفلين (لا يُدرِكان معنى الشهوة) من باب اللعب والاستمتاع، واكتشاف أعضاء الجسم، وفي بعض الحالات يكون رغبةً في إشباع احتياج عاطفي أو نفسي لم يجده بالبيت.

     

    كل ذلك عن طريق تعريض الطفل نفسه أو غيره لأيِّ نشاط أو سلوكٍ جنسي.

     

    أنواع وأشكال التحرش:

    للتحرش أشكال كثيرة مختلفة، ومنها:

    النظر: بأن ينظر المتحرِّش بطريقة غير لائقة للطفل، أو لأجزاء معيَّنة لجسد الطفل.

     

    الكلام: بأن يُبديَ المتحرش تعليقاتٍ جنسيةً عن جسد الطفل، أو ملابسه، أو حركته. وقد يَحكي قصة جنسية أو نكات.

     

    الصور: بأن يَعرِض صورًا أو أفلامًا أو مقاطعَ جنسية على الطفل.

     

    اللمس: بأن يتحسس المتحرش جسد الطفل، أو يطلب من الطفل أن يلمس أماكن من جسده؛ كالاستمناء، أو لمس أماكنَ من جسد المتحرش، أو حتى التقبيل.

     

    التعري: بأن يقوم بتعرية أماكنَ حساسة من جسده، أو جسد المتحرش به.

     

    كيف يتم اختيار المتحرَّش بهم من حيث العمر والشخصية؟ وكيف يقع الاعتداء؟

    يركز المتحرش عادة على الطفل الهادئ الصغير؛ كونه لا يفهم ولا يُصدِر ردَّات فعل، ويكون ذلك لأطفال من عمر عامين، وقد يصل إلى عمر 10 سنوات تقريبًا، وقد يتم أحيانًا بين أطفال مشاكِسين باتفاق مسبق بينهم على تلك الحركات، خصوصًا لو كان أحد أفراد العائلة يشاهد الأفلام الإباحيَّة.

     

    ولا يعني هذا عدمَ تعرُّض المراهقين للتحرش، بل أثبتَت الدراسات أن المراهقين أكثرُ عُرضة من الأطفال للتحرش، لكنهم أكثرُ صمتًا في الإفصاح عن ذلك؛ لِفَقْد لغة الحوار بينهم وبين الأهل في تلك المرحلة العمريَّة، أما الطفل فهو أكثر إفصاحًا عمَّا يتعرض له من مواقف.

     

    وعادة يكون التحرش عن طريق كَسْب ثقة الطفل أو تخويفه وتهديده، أو تعلُّق الطفل به بحيث يَقبل منه أيَّ تصرف، وهذا غالبًا يتم من شخص قريب للعائلة، ولدَيه إدراكٌ بحالة الطفل النفسية، فقد يكون أحدَ الأقارب، أو المدرِّبَ بالنادي، أو المعلِّم بالمدرسة، أو الخادمَ أو...

     

    لذلك يجب على الوالدين تعميقُ علاقتهم بالأبناء، والتقرُّب إليهم؛ ليكونا على دراية كاملة بكل ما يحدث لأبنائهم، فيَستطيعا التدخل بالوقت المناسب.

     

    كيف يتم توعية الأبناء قبل التحرش؟

    تتعدد طرق توعية الأبناء ضد التحرش؛ سواء كانت بالتصريح، أو التلميح، ويَبقى أفضلها ما لا يَلفِت انتباهَ الطفل لأمر التحرش؛ حتى لا يبدأ التفكير فيه وتخيُّل ما لم يَحدث، وِمن أفضل الطرق التي اقترحَتها إحدى رفيقاتي هي طريقة "جسدي ملكي أنا"، وهي طريقة عِلمية وممتعة للطفل؛ حيث يتعرَّف على:

    أجزاء جسمه ووظيفتها بطريقة عِلمية.

    شُكر الله على تلك النعمة.

    كيفيَّة المحافظة على نظافتها.

    كيف نحميها ونمنع أي شخص أن يؤذيَها؟

     

    وبذلك نكون تطرَّقنا للجانب الخلقي، والعلمي، والصحي، والنفسي، والديني؛ بدون ذِكْر أي شيء عن التحرش.

     

    وتقومين فيها كلَّ يوم بالتحدث عن جزء معين من أجزاء الجسم، مع إحضار صورةٍ لهذا الجزء، وكذلك الإشارة إليه في جسد طفلك؛ ليربط بين الصورة وجسده، والتذكير بنعمة الله علينا في خَلقِه لنا، وكيف نهتمُّ بهذا الجزءِ وبنظافته، ثم ننبِّههم أنه إذا آذانا أحدٌ فيه، فيَنبغي أن نصرخ دِفاعًا عن أنفسنا ثم نُسرِع إلى الأبِ والأمِّ لنُخبرهم؛ ليساعدونا في العلاج المناسب، والدفاع عنَّا أمام مَن آذانا، ونركز دائمًا عند التحدث أن نقول: هذا الجزء مِلكي وحدي، ويخصُّني أنا فقط، مع التدرج في أجزاء الجسم من الرأس وحتى الأسفل.

     

    مثال للتوضيح:

    الشَّعر: هذا شَعري حبيبي، رزَقني الله به لِيَكون زينةً لي؛ فهو ملكي أنا، لا أحد يلمسه، لا أحد يشده، لا أحد يقصه، أشكر الله عليه بالمحافظة على نظافته وغَسلِه على الأقلِّ مرتين بالأسبوع، كما يَنبغي أن أعتنيَ به بتصفيفه بشكل مرتَّب وجميل؛ فإن قام أحدٌ بشدِّ شعري، أو لمسه، أو محاولة قصِّه بدون رضاي، أصرخ عاليًا وأمنعه؛ لأن هذا شعري أنا وملكي أنا، ثم أسرع إلى أبي أو أمِّي أو مُعلِّمتي، وأخبرهم بما حدث.

     

    الأذن: هذه أذني أنا؛ رزقني الله بها لأسمع، فهي ملكي أنا فقط، ينبغي ألا أسمع بها إلا ما يُرضي الله، ولا أؤذيها بالصوت العالي، ولا أسمح لأحد أن يشدَّها، ولا أسمح لأحد أن يُدخِل أيَّ شيء فيها، أشكر الله بحمايتها والمحافظةِ على نظافتها بالتخلُّص من الإفرازات بمساعدة الطبيب؛ وإن حدَث وشدَّ أحد أذني أو حاول أن يُدخل شيئًا فيها، أصرخ عاليًا وأدفعه بعيدًا، ثم أسرع إلى شخص كبير أعرفه وأثق فيه، وأخبره بما حدث؛ ليُخبر والدي ليأخذني للطبيب ليعالجني.

     

    الشفتان: هذه شفتاي أنا، رزقني الله بها لتكون عونًا لي على التحدث، وتكون عونًا لي على الأكل والشرب، فهي ملكي أنا فقط، لا ينبغي أن أتحدَّث بهما بسوء، ولا أن أفشيَ سرًّا، ولا أن آكُل أو أشرب بهما ما لا يُرضي الله، أشكر الله بهما بترتيل القرآن والتحدث بالكلام الطيِّب، وبتقبيل أبي وأمي من باب البر؛ فشفتاي بابٌ لأجور كثيرة عند الله عز وجل، أهتمُّ بنظافتهما بعد الطعام والشرب، وأعتني بهما ضد التشقُّق، لا أسمح لأحد بلَمسِهما ولا شدِّهما ولا الاقتراب منهما؛ وإن اقترب أحدٌ في محاولةٍ للَمسِها أدفعه بعيدًا وأصرخ عاليًا، وأجري إلى أبي وأمي لأخبرهما.

     

    العورة: هذه عورتي، رزقني الله بها لتُخرج الفضلات من الجسم، وهي ملكي أنا فقط، ليس من حقِّ أحد أن يراها أو يلمَسها أو يُدخل فيها شيئًا، نَشكر الله عليها بالمحافظة على نظافتها عن طريق غَسلِها بالماء جيدًا بعد عملية الإخراج؛ حتى لا تتكوَّن رائحةٌ كريهة، أو التهابات، أو غيرهما، ولا نلمَسها أبدا إلا حينما نَغسِلها فقط، ولا نُظهِرها إلا وقتَ الإخراج فقط، ولا نجعل أحدًا يراها أو يلمَسها، أو يُدخل فيها شيئًا، فهي - مثل العين والأذن والأنف - تتأذَّى؛ فإن حاول أحدٌ رؤيتها أو لمسها أو... أدفعه بعيدًا، وأصرخ وأجري لأبي أو أمي لأخبرهم؛ حتى يأخذوني للطبيب ليعالجني، فهذا جسدي حبيبي ملكي أنا، وليس من حق أحد أن يلمسه أو يؤذيَه.

     

    وعند الحديث عن العين، أو الأذن أو الأنف أو الفم، نَعرِض صورَ التهاباتٍ وإصابات؛ حتى يُدرِكوا الأذى الذي يمكن أن يُصيبها، ثم عند الحديث عن العورة، نَستشهِد بصور التهابات الأذن والأنف والعين والفم، ونخبرهم أنَّ منطقة العورة تتعرض للأذى أيضًا، لكننا لن نستطيع رؤيةَ صور للعورة؛ لأنها منطقة خاصة، يَحرُم رؤيتها ولمسها، ولا يحق لأحد أن يرى عورتنا، ولا يحقُّ لنا رؤيةُ عورة أحد.

     

    ثم بعد فترة نَحكي لهم قصة قوم لوط، ونوضح أن مِن أسباب عذابهم هو كشف عورات بعضهم لبعض. وقد سرَدَتها الكاتبة هبة بنت أحمد أبو شوشة بأسلوب سهل ومشوق للأطفال؛ بعنوان قصة سيدنا لوط (للأطفال)[1].

     

    نصائح للآباء والأمهات:

    1- لا بد أن تَكونوا جزءًا من علاقة البالغين بالأولاد، فلا تَتركوهم وحدَهم مع السائق أو الخادم، أو حتى العمِّ أو الخال، ولكن كونوا دومًا في الصورة؛ بالوجود معهم، أو الاتِّصال المستمر بهم، أو حتى متابعتهم مِن على بُعد، بشكلٍ غير لافِت.

     

    2- تقبَّلوا من أبنائكم كلَّ ملاحظاتهم بتفهُّم وسَعة صدر، ولا تغضب إن قال: إنه يرفض السلام، أو حتى الذَّهاب لأحد الأقارب، ولا تُجبروهم على ذلك، بل تَفهَّموا موقفهم، واحترموا مشاعرهم، وحاولوا معرفة سبب رفضه.

     

    3- لا تَفرضوا على الأبناء بأن يَقبلوا أيَّ طريقة للسلام أو التقبيل يَرغبُها الغير؛ حتى لا تتولَّد لديهم قناعةٌ بأنه لا مانعَ مِن تقبيلهم بأيِّ طريقة ومن أي شخص؛ بل لا بدَّ أن يكون هناك حدودٌ لا يتخطَّاها.

     

    4- من المهم توثيقُ العلاقة بالأبناء، وفتحُ مجال للحوار بدون قيودٍ ولا شروط ولا حدود؛ حتى يَشعروا بأريحيَّة في إخباركم كلَّ شيء عنهم، بدون خوف ولا مُداراة؛ لأنَّ الطفل عادةً يخشى من الإفصاح عن كلِّ ما هو خطأ، إلا إذا شعَر بتفهُّم والديه، وأحسَّ بأنهم مصدرُ الأمان والاحتواء له.

     

    5- من المهم إشباعُ احتياجات الطفل النفسية والعاطفيَّة؛ حتى لا يَذهب للبحث عن وسائلَ وطرقٍ أخرى لإشباعها في الخارج.

     

    6- إذا حدث وتعرَّض الطفل لمشاهدَ جنسية أو رؤية العورات بطريقة عفويَّة؛ من اليوتيوب مثلاً، أو على أرض الواقع للوالدَين، واكتشف الوالدان الأمر، فينبغي التوضيحُ للطفل، بأسلوب بسيطٍ يناسب عمرَه وإدراكه ونفسيته؛ لأنَّ المعلومة وصلَته مشوَّهة، فلا بدَّ من تصحيحها، بالجلوس معه لحوار جادٍّ غير فذٍّ وغير مخجل، وتوضيح أنَّ الله عز وجل قدَّر للرجال والنساء أن يتَزوَّجوا حينما يَكبرون، وتكون بينهم علاقة طبيعيَّة، وهي التي يَنتج عنها الذريَّة، وعلى حسب السنِّ والأسئلة يتم التدرُّج في الحوار والنقاش، بدون التطرُّق للتفاصيل.

     

    7- من المهم جدًّا تعليمُ الطفل الاستقلاليَّة؛ بحيث يُبدِّل ملابسه بنفسه، وتطهيرَ نفسه وتنظيفَها، وبذلك يقلل من فرص التعرِّي أمام الآخرين، مما يقلل من فرص التحرش به.

     

    8- ينبغي توخِّي الحذر إذا لعب الطفلُ مع مَن هم أكبرُ منه، ومتابعتُهم في لَعبِهم، وألا يُغلَق عليهم بابٌ عند لعبهم.

     

    9- ينبغي أن يكون الوالدان قدوةً للأبناء في عدم مشاهدة أي شيء يخدش فطرتهم وحياءهم؛ حتى لا يذهب الأبناءُ للبحث ومشاهدة تلك المَشاهد ومحاولة تقليدها.

     

    كيف يدافع الأبناء عن أنفسهم في حال تعرضوا للتحرش؟

    من التساؤلات التي تدور عادة في ذهن الآباء والأمهات، كيف يقوم الأطفال بحماية أنفسهم من المتحرشين؟

     

    والحماية نوعان:

    الأولى: التحصين بالأذكار والأدعية المأثورة؛ مثل تعليمِهم قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن عبدٍ يقولُ في صباحِ كلِّ يومٍ ومساءَ كلِّ ليلةٍ: بسمِ اللهِ الذي لا يَضُرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، وهو السميعُ العليمُ - ثلاثَ مراتٍ، فيضرَّه شيءٌ))[2].

     

    وكذلك استودِعاهم الله في أي وقت؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله إذا استُودِع شيئًا حفظه، وإني أستودع الله دينَكم وأمانتَكم وخواتيمَ أعمالكم))[3].

     

    الثانية: بتدريب الأبناء على وسائل الدفاع عن النفس، وكان مما ذكَرَته إحدى رفيقاتي هو تدريب الأبناء (من عمر عامين ونصف)، بأن تتظاهر الأمُّ أنها ترغب بإيذاء طفلها، وتَطلب منه أن يُدافع عن نفسه كما علَّمَته؛ ليتدرَّب على الحركات معها.

     

    كذلك من القوانين التي يجب تعليمها للأطفال (كل طفل على حسّب سنِّه واستيعابه):

    1- لا تبتعد عن أهلك.

    2- لا تتحدَّث مع الأغراب.

    3- لا تأخُذ حلوى من الأغراب.

    4- لا تأخُذ هدايا من أحد، حتى لو كان مِن المقرَّبين بدون سبب؛ فكل هدية لا بد أن يكون لها سببٌ ومناسبة معيَّنة.

    5- لا تدخل الحمام مع أحدٍ مهما كان.

    6- لا تبدِّل ملابسك أمام أي شخص قريب أو غريب.

    7- لا تسمح بأي لمسة مريبة، ولو كانت من الأقارب.

    8- لا تسمح لأحد أن يسلِّم عليك بطريقة لم تعتَدْها.

    9- لا تجلس فوق حجْر شخص غريب.

    10- لا تمشِ وحدك؛ فالقوَّة في الجماعة، وامشِ دائمًا في مجموعات؛ من اثنين فأكثر.

    11- لا تثِقْ بشخص غريب، وابتعد فورًا واصرخ عاليًا.

    12- أنت طفل شجاع، قاوِم ودافع عن نفسك بقوة وشجاعة.

    13- لا تصدق الغريب مهما كان لطيفًا، حينما يقول لك: والدك أوصاني أن أوصلك للبيت!

    لا تصدِّقه؛ فلو كان صحيحًا لأخبرك والدك، أو لاتَّصَل بمدير المدرسة، وينبغي أن تبتعد عن هذا الشخص فورًا، وإن لم تستطع فكن ذكيًّا؛ وأخبرهُ أن عليك أن تُحضر أختك من الداخل، واذهب وأخبِر المدير أو المُعلِّمة، أو قُل لذلك الشخص: لكن والدي هناك ينتظرني في السيارة، أو ها هو هناك، وأركض مِن عنده واصرُخ بأعلى صوتك.

     

    14- إذا شعَرت أنَّ أحدًا يُراقبك، مَثِّل دائمًا بأن هناك مَن ينتظرك في آخر الشارع ويراك، فابدَأ بتلويح يدِك، ونادِ: أمِّي أنا هنا! أو أبي أنا قادمٌ نحوك.

     

    15- إن أمسك بك المتحرِّش أو اقترَب منك للإمساك بك، فابتعد ثلاثَ خطوات للخلف، وابدأ بالركض سريعًا والصُّراخ بأعلى صوتك.

     

    16- إن أمسك بك أحد وأغلق فمَك، فقم بعضِّ يده بكلِّ قوتك، واستخدم رجليك في ضربه حتى تُفلِت منه، ثمَّ ابدأ بالركض والصراخ بأعلى صوتك.

     

    17- إن حاول أحدهم أن يُمسك بك من الأمام فابتعد إن استطعتَ ثلاث خطوات، واركض واصرخ، وإن أمسك بك فعلاً، فاستخدم رجليك في ضربه واصرخ، وارْمِ نفسك أرضًا وحرِّك جسدك أرضًا بكل قوتك وبكل سرعة في جميع الاتِّجاهات واصرخ بأعلى صوتك؛ فهذا يشتِّت انتباهَ الخاطف، ويَجعل من الصعوبة الإمساكَ بك.

     

    18- إنْ حمَلَك أحدهم على كتفه، فعضَّ كتفه بكل قوتك، وشدَّ شعره واصرخ بأعلى صوتك، والفت الأنظار نحوك، واستعِن بكل مَن تراه والفتِ انتباههم، مع العلم حملُ الطفل هكذا وحدَه لافتٌ للأنظار.

     

    أعراض التحرش:

    هناك بعض الأعراض التي قد تُشير أن طفلك قد تعرض للتحرش، ولا بد أن تكون الأم منتبهة لها، ومنها:

    الكوابيس واضطراب النوم.

    الميل للانسحاب الجماعي.

    فقدان الثقة بالآخرين اجتماعيًّا، وربما بعض الأقارب.

    تبول لا إرادي.

    انخفاض في المستوى الدراسي.

    تشتتُ انتباهٍ متزايد.

    انخفاض واضح في تقدير الذات.

    الانهماك في سلوك إيذاء الذات.

    إدراك مشوه للذات.

    ميول انتحارية.

    صعوبات في التواصل البصري.

    نوبات بكاء مفاجئة عند تذكُّره لحادثة التحرش.

    وغيرها من الأعراض.

     

    كيف تتعاملين مع الموقف إذا تحرش أحدهم بأطفالك؟ وكيف تتعاملين مع طفلك؟

    أولاً وأهمُّ شيء هو: بثُّ الطُّمأنينة والأمان في نفس طفلك، وإعلامه أنه بخير، وأنه لم يُخطئ، وأن تُثني على شجاعته في القدوم إليكِ وإخبارك؛ فهذا دليل على قوته وثباته، مع التأكيد على أنه قوي، ويستطيع تخطي تلك المرحلة، مع الاهتمام بعَرضِه على مستشار نفسي ليُساعده على التخلص من رواسب تلك الحادثة الأليمة.

     

    لأنَّ التجربة ستترك أثرًا بالغًا قد يستمر لسنوات وسنوات؛ إن لم تهتمِّي بنفسية طفلك جيدًا جدًّا، وقد تتولد لديه عُقدةٌ شديدة تؤثِّر على حياته المستقبلية؛ لذلك لا بد من المسارعة في علاجها.

     

    ثانيًا: عدم نشر الخبر؛ لأنه سيُؤثر سلبًا على طفلك، وسيَشعر بالانكسار بسبب نظرة الناس له وتعامُلهم معهم من شفَقة إلى استهزاء، وقد يَدفع الخبرُ بعضَ ضِعاف النفوس إلى تَكرار المحاولة معه، أو حتى نشر إشاعات.

     

    ثالثًا: لا بد من البحث عن المتحرش والتعامل معه على حسب قوانين البلاد؛ فإن كانت بلد تُجرم التحرش، فالحل هو إبلاغ الشرطة فورًا، وإن كانت إحدى الدول المنتشر فيها الفساد، فلْتَتعاملي مع الموقف بما يتَناسب مع ذلك، ثم تبلِّغي طفلك ليشعر بالأمان والثقة بأنَّ والِدَيه يستطيعان حمايته.

     

    أهمية إشعار الطفل بالثقة والأمان بعد التجربة:

    أخبرتني أكثر من زوجة بتعرضها للتحرش في صِغَرها، ومدى تأثير ذلك عليها رغم مرور السنوات وتزوُّجِها وإنجابها للأطفال.

     

    فإحدى الأخوات تعرَّضَت للتحرش في مكان عام في أحد الأعياد، وخشيَت من إخبار أي شخص، وظلَّت ذكرى الحادث في مخيَّلتها حتى بعد مرور السنوات وتزوُّجها وإنجابها لعدة أطفال؛ لأنها كانت دومًا تَلوم نفسها أنها السبب في ذلك، فاستأذنتُها في سرد قصتها في إحدى اللقاءات مع رفيقاتنا بدون ذكر اسمِها؛ ليكُنَّ عونًا لها على تخطِّي تلك الذكرى الأليمة، وبالفعل قامَت الأخوات جزاهن الله خيرا بطمأنتِها أنها لم تُخطئ وأنها بخير، والدليل أنها تَعيش حياتها بسلام وأمان، وتزوَّجَت وأنجبَت، وكانَ لكلماتهن الأثرُ الطيب على نفسها؛ مما جعلها تتحرَّر من ذلك الهاجس، ولأوَّل مرة بعد سنوات طويلة أصبحَت تتحدث مع الأمهات بأريحية؛ لتوعيتهن بخطورة التحرش، وأهمية توعية الأبناء.

     

    وأخبرَتْني أختٌ أخرى أنها تعرَّضَت للتحرش في صغرها في بيتها من أحد المعلِّمين الذي كان يعطيها دروسًا خصوصية هي وأخاها، وفي يوم طلب المعلِّم من أخيها أن ينصرف؛ لأنه أنهى واجباته، وبعد انصراف الأخ فجأة قام المعلم وقبَّلها عَنوة، وحاولت جاهدة دفعَه بعيدًا عنها وفشلت، وحينما سمع المعلم صوتَ أخيها تركَها وهرَبَت من أمامه، وهرب هو أيضًا من البيت.

     

    تقول: جريتُ وظللت أغسل وجهي وفمي، وأنا في حالة رعب وتقزُّز شديدة، وأخبرَت والدتها بما حدث، وأخبرَت والدها الذي طمأنَها، وأخبرها ألا تخاف، وأنها أصبحت في أمانٍ الآن.

     

    تقول الأخت: إن وجود والِدَيها بجوارها وتفهُّمهما لمشاعرها ومحاولةَ بثِّهما الأمان في قلبها كان له عامل كبير في تخطِّيها الأزمة؛ خصوصًا في الأيام والأسابيع التالية، وترديدهم دومًا أنها قوية، وتستطيع تخطِّيَ تلك الأزمة بقوَّةٍ وثَبات، بالإضافة إلى تصرف والدها الفوريِّ مع ذلك المدرِّس؛ مما أكَّد لها أن والدها بجوارها يحميها، لكنها أخذت وقتًا طويلاً لتثِقَ في المعلِّمين مرة أخرى.

     

    كيف تتأكدين أن طفلك تعرض فعلاً للتحرش قبل الإقدام على أي إجراء مع المتهم بالتحرش بطفلك؟

    من المهم جدًّا التأكدُ بأن الطفل قد تعرض فعلاً للتحرش، وأنه لا يتخيل ذلك؛ من كثرة ما سمع عن حوادث التحرش، أو أنه يتخيَّله كمحاولةٍ لجذب الانتباه.

     

    وقد ذكرَت إحدى الأخوات قصَّة لمعلم يُعطي دروسًا خصوصية في إحدى القرى، ويتعامل مع كل طلابه على أنهم أولادُه، فكان يَربتُ على كَتف الطلاب، وفي يوم أتت إحدى الفتيات تشتكي لأبيها أنَّ المعلم يضع يده عليها، ولأنَّ الأب يعرف المعلم جيدًا فقد أحسن الظنَّ به وحاول أن يتأكد أولاً، وبالفعل رآه وهو يربت على كتف طلابه بطريقةٍ أبَوية ليس فيها أي شبهة، فأخذ المعلِّمَ جانبًا وأخبره أنه يَعلم أنه يَعتبرهم جميعًا أبناءه، لكن البنات قد كبرَت الآن وهنَّ لا يحبِبْن أن يلمسَهن أي رجل، وتفهَّم المعلمُ وانتهى الأمر.

     

    وأخرى تقول: إن طفلتها الصغيرة أخبرَتها أن أحد المعلمين يُعطيها حلوى، فجُنَّ جنونها وخافَت عليها وذهبت للتأكد، فوجدَت المعلم رجلاً كبيرًا جدًّا في السن، ويُعطي حلوى لجميع الأطفال في مجموعات، وليس ابنتها فقط، ويتعامل معهم كما يتعامل الجدُّ مع أحفاده.

     

    وفي المقابل أخت أخرى ذكرَت قصة صديقتها التي كانت تعمل بإحدى المدارس، وكانت تلك المعلِّمة لديها طفلها بالروضة التابعة للمدرسة، وكانت قد قامت بتوعية طفلتها بما يخصُّ التحرش وكيفية التصرف، وفي يومٍ أتَت ابنتها وقالت: إن المعلم يجعلهم يُدخلون أيديهم في جيب البنطلون؛ ليُخرجوا المفاتيح، وتلك الفتاة رفضَت ذلك، فشَكَّت المعلِّمة في الأمر، وذهبَت للفصل محاولةً لسؤال الأطفال بطريق غير مباشر، وتأكَّدَت أنه يفعل ذلك مع الجميع، فقدَّمَت شكوى ضده للإدارة.

     

    وكان هذا ما وفَّقني الله في تجميعه، وأسأله سبحانه أن يَحفظ أبناءنا وأبناء المسلمين، وأشكر كلَّ أخت اطَّلعَت على المقال، وأسهمَت فيه بملاحظة أو إضافة؛ ليكون شاملاً من جميع الجوانب.

     

    وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

     

     

     

    [1] المقال متوفر بشبكة الألوكة.

     

    [2] صحيح الترغيب.

     

    [3] السلسلة الصحيحة.

     

    • معجبة 2

  11. وعجلت إليك ربِّ لترضى

     

    (قصة واقعية)

     

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

     

    من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

     

    أما بعد:

    ففي إحدى التجمعات النسائية اجتمَعنا وتبادلنا الحكايات والذكريات؛ عن كيف كنَّا وكيف أصبَحنا، متذكِّراتٍ نِعَم الله علينا وفضلَه في تيسير الأسباب لنتقرَّب إليه.

     

    وهناك كانت تلك الأختُ تَروي لنا قصتها على استحياءٍ من بداية التزامها إلى أن وفَّقها الله بلبس اللباس الشرعي (النقاب).

     

    فتعالَوا نتأمل قصتها ونعتبر ونتَّعظ مما حدث لها على مدار ستة أعوام.

     

    تقول الأخت:

    "نشأت في أسرة غير ملتزمة، لكنها محافظة في بعض الأمور، وتدرَّجتُ في مراحل التعليم حتى دخلت الجامعة؛ حيث بدأت في التخبُّط فيما يخص هويتي الإسلامية، فلبست البناطيل ووضَعتُ (المكياج) مع استمراري في إهمال الصلاة التي كنت أعتبرها مجرَّد روتين يومي، مُطالَبةً بتأديته، وبعد انتهائي من عامي الأول بالجامعة، قرَّر والدي اصطحابنا معه للهجرة إلى الخارج.

     

    حزنتُ كثيرًا وبكيت طويلاً، واعترضتُ وتوسلت؛ حتى لا أفترق عن أصدقائي وأهلي وجيراني، ولكن هيهات؛ فمِن فضل الله ومنته عليَّ أنه كان قرارًا لا رجعة فيه؛ فمن هناك كانت بدايتي، اللهم لك الحمد والشكر.

     

    حينما وجدتُ أن السفر أصبح أمرًا واقعًا، بدأت أتفلَّت أكثر من قيود اللبس، فأصبحتُ ألبس (الاسترتشات) بدلاً من البناطيل، وأصبح حجابي قصيرًا يكاد يغطي الشعر.

     

    كنت منذ صغري مولعةً بالرسم وكلِّ ما يتعلق به من أعمال فنية، واشتهرتُ بذلك، حتى إنَّ رفيقاتي في مرحلة الثانوية إن رغبنَ في البحث عني، فأول مكان يذهبنَ إليه هو غرفة الرسم، وحينما دخلتُ الجامعة اشتركت أيضًا في الجماعة الفنية.

     

    لذلك كان من الطبيعي حينما هاجرت أن أبحث عمَّا يُشبع هواياتي، لكن من فضل الله لم أجد سوى جماعةٍ لرسم ذوات الأرواح، فابتعدتُ عنها؛ كوني لا أتقنها.

     

    إذًا ماذا أفعل؟ وكيف أملأ فراغي في تلك البلاد؟

    في تلك الفترة كانت بعض المسلمات تحاولن التعرف عَلَيَّ؛ لدعوتي للذهاب لمسجد الجامعة، فكنت أتهرَّب منهن أحيانًا، وأذهب معهن على مضض واستحياء أحيانًا أخرى؛ فلم أكن مهتمة بالصلاة وقتها، وكنت أقضي أغلب وقتي مع غير المسلمين، حتى جاءتني إحدى زميلاتي - أعجميَّة مسلمة - وكانت في شدة الغضب منِّي، وكان مما قالت: لماذا لا تأتين للمصلَّى؟! أنت عربيَّة وتفهمين القرآن، من المفترض أن تكوني قدوةً لنا وتعلِّمينا، فلماذا لا تواظبين على الصلاة بالمصلَّى؟!

     

    يا ألله! كم شعرت بالاستحياء الشديد منها وبالمسؤولية في نفس الوقت - جزاها الله عني كلَّ خير - وكان ذلك الموقف سببًا في مواظبتي على الذهاب للمسجد يوميًّا؛ لكني كنت أؤخر الصلاة، وأحيانًا أجمعها، حتى جاء ذلك اليوم.

     

    كنتُ في إحدى المحاضرات بالجامعة، وفجأة دخل طالبٌ بلباس مميز طويل وغطاءٍ للرأس، رغم أن ملامحه أوربيَّة، فتعجبتُ من مظهره ثم علمت فيما بعد أنه أخٌ دخل الإسلام حديثًا ويحاول الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء، حتى في لباسه.

     

    ثم بعد ذلك بدأتُ ألاحظ أنه يخرج يوميًّا في منتصف المحاضرة مهما كانت مهمَّة، وكان هذا الأمر مثيرًا للاهتمام؛ لأنه نادرًا ما يخرج أحد في منتصف المحاضرة، وكانت صدمتي حينما اكتشفتُ أنه كان يخرج ليصلِّي الصلاة جماعةً في أول وقتها!

     

    في تلك اللحظة.. شعَرتُ بضَآلةِ نفسي وحقارتها؛ فأنا يا من وُلدتُ مسلمة، ونشأت في دولة مسلمة لم أهتمَّ يومًا بموعد الصلاة، ولم أستشعر قيمتها ولا أهميتها، وهذا الذي دخل الإسلام منذ أيام يحرص على ألا تفوتَه صلاةُ الجماعة؟!

     

    فكان هذا الموقف سببًا في بدء التزامي بالصلاة في أول وقتها.

     

    في تلك الفترة كنت في حاجة شديدة إلى إشباع هواياتي، ولم أجد سوى الجماعة الإسلامية، فاشتركت بها على سبيل تضييع الوقت وشَغل فراغي، لكن سبحان الله! لقد كانت سببًا في أن حياتي بدأت تتَّخذ مسارًا جديدًا؛ فمعهم بدأت بالتعرف على المراكز الإسلامية والمحاضرات التي تُقام دوريًّا، فبدأتُ بالذَّهاب إليها رغم ضعف لغتي الإنجليزيَّة.

     

    وقد كان تأثير تلك الدروس والمحاضرات على قلبي مثل قطرات الماء التي تنزل على أرض يابسة جافَّة، ومع مرور الأيام بدأَت الأرض تُنبت ثمارًا طيبة، في البداية لم أشعر بتأثيرها ولا ثمرتها، ولكني واظبتُ على الحضور؛ لشعوري بانجذاب نحو تلك التجمُّعات، ومع مرور الأيام بدأ تأثيرها يظهر عليَّ رويدًا رويدًا.

     

    في نفس الفترة، ذهبتُ يومًا للمصلَّى، وقررتُ أن أرتب المكتبة، وأطَّلِع على الكتب المتوفِّرة فيها، وفي أثناء ترتيبي وجدتُ كتاب صحيح البخاري، وقفتُ عنده كثيرًا لأتأمله؛ فقد كنت دومًا أسمع عنه، لكنها كانت المرة الأولى التي أراه فيها، فقررت قراءتَه.

     

    قضيتُ مع الكتاب أيامًا وليالي، ما بين الذهول وعدم التصديق لبعضٍ مما أقرؤه، بالأخصِّ ذلك الباب الذي استوقفَني كثيرًا، وجعَلني أردِّد طول الوقت: مستحيل أن يتحدَّث الرسول عن هذا، ويتكلمَ بتلك الجُرأة في مواضيعَ كهذه، ولا أعلم كيف استمررت في قراءة الكتاب، وبالأخص ذلك الباب؛ باب الغُسل.

     

    ومع ذلك مِن فضل الله ومِنَّته عليَّ أني استمررت بالقراءة، حتى بدأتُ أشعر بشيء من السكينة أخذ يغمر قلبي رويدًا رويدًا، وكانت قراءتي لذلك الكتاب إحدى نقاط التحول الملموسة في حياتي.

     

    ومن الأشياء العجيبة التي عايشتُها أني كنتُ أسكن في منطقة عامرة بالسكان من مختلِف الجنسيات؛ حيث كنتُ في بناية من 12 طابقًا، وفي كل طابق ما لا يقل عن عشرِ شقق، وكنتُ نادرًا ما أرى أيَّ مسلم حتى تولدَت لديَّ قناعة بعدم وجودهم في تلك المنطقة، لكن حينما بدأتُ أتقرب لله عز وجل، وحينما بدأ الإيمان يتسلل إلى قلبي، اكتشفتُ أنَّ 90% ممن يسكنون في بنايتي هم مِن المسلمين، ليس ذلك فقط؛ بل كثير من نسائهم يلبسن اللباس الساتر الفضفاض، فأيقنتُ وقتها أنَّ الغشاوة التي كانت على عيني وقلبي هي التي جعَلَتني لا أراهم خلال سنواتي الأولى بالبلد، وحينما بدأَت غشاوةُ قلبي تزول، بدأت غشاوة عيني تزول معها تدريجيًّا.

     

    بعد فترة وبالتحديد يوم (11 سبتمبر) حدثَت مشكلةُ تفجير البرجين بأمريكا، وكان لهذا الحدث تأثيرٌ عظيم على نفسي؛ لأنه يوافق تاريخ ميلادي، ومن ثَم تتجدَّد ذِكراه معي كل عام!

     

    وبدأت أفكِّر؛ إلى متى الانتظار والموتُ قد يأتيني في أي لحظة؟!

    ومن هنا بدأتُ في التغيير خارجيًّا؛ حيث تخليتُ عن البناطيل وبدأت ألبس التنُّورات، وتمنيتُ لو أستطيع لبس العباءة، لكني لم أكن مهيَّأةً نفسيًّا؛ كونها مرحلةً انتقالية كبيرةً بالنسبة لي.

     

    وسبحان اللطيف الحليم؛ بعد عدة شهور كان هناك مؤتمر إسلامي، وفيه يوجد مكتبة لبيع الكتب والملابس، وهناك وجدتُ عباءةً سوداء مفتوحة، فوقع حبُّها في قلبي وقررتُ شراءها رغم تكلفتها العالية، وفعلاً اشتريتها ولبستُها في اليوم التالي.

     

    في البداية كنتُ ألبسها مفتوحةً، وتحتها تنورة وبلوزة والحجاب، لكن مع مرور الوقت بدأتُ أستحيي؛ خصوصًا في الأيام التي بها رياح، فبدأتُ بإغلاقها، في نفس الوقت بدأتُ أتجنب الاختلاط مع زملائي، واقتصرت في تعاملاتي على الأخوات فقط؛ حيث كنت أستحيي كثيرًا أن أتحدَّث مع الإخوة؛ لشعوري بأني هكذا أتعرَّى من عباءتي؛ فلقد كان حجابي هو وسيلتي للتقرب إلى الله عز وجل في تلك الفترة، وكنتُ كلما رغبتُ في التقرب إلى الله أكثر، أتستَّر في لباسي أكثر، وأطيل من حجابي أكثر وأكثر؛ مما ينعكس على إيماني وزيادته.

     

    تمنيت كثيرًا أن ألبس النقاب، وتحدثتُ مع إحدى رفيقاتي عن ذلك، فقامت جزاها الله عني كل خير بشراء مجموعة إسدالات (عباءة الرأس)، ومع كلٍّ منها نقابٌ بنفس اللون، لكني لم أستطع لبسها، وكان مصيرها الدولاب؛ نظرًا لرفض أهلي الشديد للفكرة.

     

    بعدها انشغلتُ بالحياة وأُنسيت أمر النقاب، لكني لم أنسَه تمامًا؛ فقد كان يراودني دومًا الشوق إليه، وفي إحدى الفترات كنت أشعر بهمٍّ وحزن شديد، وأريد التقرب إلى الله أكثر، ولا أعلم كيف، حتى كان ذلك اليوم؛ كنتُ أسير بالشارع ورأيتُ تلك الفتاة، تلبس (إسدالاً) فتعجبتُ من نفسي، وقلت: لماذا لم أفكر في ذلك؟! وجريت عليها لأسألَها من أين اشتَرته؛ فقد كان لبسها واسعًا وفضفاضًا وساترًا، إلا أنها لا تغطِّي وجهها، ومن هنا بدأت الرحلة في البحث عن مكانٍ أشتري منه (الإسدال).

     

    وفي يوم وأنا أقلب في دولابي، وجدت كيسًا كبيرًا، وتساءلتُ: ما هذا؟ ففتحتُه، وكانت المفاجأة؛ (ياااه) إنها الإسدالات التي أرسلَتها لي رفيقتي منذ سنوات! اللهم لك الحمد والشكر يا رب، فأخرجتُها في الحال ولبستُها، وشعَرتُ بسعادة كبيرة تغمرني.

     

    ورغم سعادتي فإنني بعد فترة بدأتُ أشعر بحزن شديد، وبدأت أبكي فقد هيَّجَني الشوق إلى الله والقربُ منه، وتأملت حالي، ووجدت أنه قد اكتمَل لباسي الشرعي، ولم يتبقَّ لي سوى تغطية وجهي فقط؛ أي: إن وسيلتي للتقرب إلى الله ستتوقف عند ذلك، ولن أجد وسيلة أخرى أتقرَّب بها إلى الله عز وجل؛ فلقد كان تستُّري في لباسي هو وسيلتي لزيادة الإيمان في قلبي، وحينما أنتهي من ستر جميع جسدي، هل يعني ذلك أن إيماني لن يزيد؟

     

    ومع ذلك لم يوقفني ذلك عن الشوق للبس النقاب، وفي يوم وصل شوقي منتهاه، فعزمتُ على عدم الخروج في ذلك اليوم إلا به، وبعدها بقليل دخلَت عليَّ والدتي، وحينما علمَت بقراري ثارت عليَّ ثورةً لم أرها في حياتي من قبل، وكانت في حالة غضب شديد، لكني كنتُ قد اتخذت قراري؛ إرضاءً لربي، وتقربًا إليه، ولم أعد أبالي بأيِّ عواقبَ، وبقي أن أستخير قبل أن أخرجَ من بيتي.

     

    استخرتُ، ولأول مرة في حياتي أستخير وأشعرُ بانقباض وخوفٍ شديد في قلبي! فشعرتُ بالانكسار والحزن الشديد، ولم ألبسه، والله المستعان.

     

    بعدها بحوالي عام أو أكثر، يسَّر الله الأسباب للسفر لوطني، وهناك قابلتُ بناتِ خالي، وكُنَّ كلُّهن منتقباتٍ، فكنت أستحيي عند الخروج معهن، وأشعر أنني عارية وهن ساترات، رغم أن الفرق الوحيد بيني وبينهنَّ هو غطاء الوجه.

     

    كانت عيوني دومًا ممتلئة بالدموع، وكنتُ أتألم كثيرًا حينما كانت تراني إحدى الأخوات وتسألني: هل لبسي للإسدال لأني أخرج مع بنات خالي؟ وكأنه ليس من حقِّ مَن عاش بالخارج مع غير المسلمين أن يكون ساترًا.

     

    كنت أدعو الله دومًا ألا أعود للخارج مرة أخرى، وكنت ألح في الدعاء في أوقات الإجابة، وأدفع مبالغَ كبيرة جدًّا من الصدقة حتى اتُّهمتُ بالجنون! وما يعلمون أن هذا من توفيق الله؛ ليأتيني فرَجُه بعد ذلك مباشرة؛ ففي تلك الفترة تقدَّم لي زوجي، وفي خلال شهر تم العقدُ ولبستُ النقاب يوم العقد بفضلٍ من الله ونعمة.

     

    والآن بعد مرور السنوات تعلمتُ أن الإيمان ليس باللباس فقط، بل أساس الإيمان هو أن تتقرَّب إلى الله بالتعرُّف عليه بأسمائه وصفاته؛ من خلال تلاوة القرآن وقراءة التفسير، وتدبُّرِ معانيه واستشعار عظمة الله سبحانه وتعالى.

     

    وكذلك بقراءة السيرة النبوية، والتمعُّن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعبادته، وكيفية تطبيقه لشرع الله، ومحاولة الاقتداء به في كل شيء".

     

    فسألَتها إحدى الأخوات: وكيف أدركتِ أنَّ أساس الإيمان هو التقرب إلى الله بكلامه هو؟

    فأجابت: هو بتوفيق الله قبل كلِّ شيء، ثم بطلَبِ العلم الشرعي؛ حيث وفَّقني الله أن أتَّجه لتعلُّم أسماء الله وصفاته، والذي يعتبر من أساس الدين؛ فقد قال عنها ابنُ القيم رحمه الله: "ليست حاجةُ الأرواح قطُّ إلى شيء أعظمَ منها إلى معرفة بارئها وفاطرها، ومحبتِه وذِكره والابتهاج به، وطلَبِ الوسيلة إليه والزُّلفى عنده، ولا سبيل إلى هذا إلا بمعرفة أوصافه وأسمائه؛ فكلما كان العبد بها أعلمَ كان بالله أعرفَ وله أطلبَ وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكرَ كان بالله أجهلَ وإليه أكرهَ ومنه أبعد، والله يُنزل العبدَ من نفسه حيث يُنزله العبدُ من نفسه"ا.هـ.

     

    ولن يكون ذلك القرب إلا من خلال:

    تلاوة القرآن وتدبُّرِه.

     

    ومن خلال تعلُّم السيرة النبوية؛ حيث يقول ابن القيم رحمه الله عن نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم ودَوره في تعليم الأسماء والصفات: "فعرَّف الناسَ ربَّهم ومعبودَهم غايةَ ما يمكن أن تناله قُواهم من المعرفة، وأبدى وأعاد، واختصَر وأطنب في ذِكر أسماء الله وصفاته وأفعاله، حتى تجلَّت معرفتُه سبحانه في قلوب عباده المؤمنين، وانجابَت سحائب الشكِّ والريب عنها؛ كما يَنجاب السحاب عن القمر ليلةَ إبداره، ولم يدَع لأمته حاجةً في هذا التعريف؛ لا إلى مَن قبلَه، ولا إلى مَن بعده، بل كفاهم وشفاهم وأغناهم عن كلِّ مَن تكلم في هذا الباب؛ يقول الله تعالى: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [العنكبوت: 51]".

     

    وهنا انتهى كلام أختنا؛ ثبَّتَنا الله وإياها.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

    • معجبة 7

  12. أختي تريد موافقتي على صداقتها للأولاد (استشارة)

    المجيبة: أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    سؤال: ناقشتني أختي منذ فترة أنه جائز أن يكون لها أصدقاء أولاد، حاولت أن أقنعها أن هذا لا ينبغي؛ لعدة أسباب، وأن طبيعة البنات مختلفة عن الأولاد، ولا يصلح أن يكونوا أصدقاء، غير أنه حرام، لكن لم تقتنع، وهى كانت تناقشني كي تأخذَ إذنًا ليكلموها بدون حرج أمامي، من غير ان تشعر أنها تفعل شيئًا خطأ، لكن - طبعًا - لم أوافق، ثم أوشكت أن تفعل هذا، وتكلمهم دون علمي، وهؤلاء إخوة صاحباتها، أو جيراننا، كيف أقنعها - عقليًّا - أنه لا توجد صداقة بين ولد وبنت؟

     

    الجواب:

    الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

    يقول الله تعالى: { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } [القصص: 56].

    وروي عن أنس بن مالك أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: ((يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)) فقلت: يا نبي الله، آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف شاء)).[1]

     

    من هذا نُدرك أن الهداية بيد الله عز وجل، وأننا ليس علينا سوى البلاغ والإلحاح في الدعاء أن ينير الله بصيرة من ندعوهم، مع الصبر والاستمرار في المحاولة، وتنويع الأساليب بين الترهيب والترغيب، والتبيين، بالإضافة إلى ذكر قصص واقعية لأُناس تعرفونهم، سواء كانوا أقاربَ أو جيرانًا، أو البحث على شبكة الإنترنت لمقاطع من برامج تحكي فيها الفتيات قصصهن مع مصادقة الأولاد، وما ترتب على ذلك من مفاسد.

     

    فالإنسان بطبيعته لا يحب النصائح المباشرة، وأفضل طريقة للتعلُّم تكون من خلال معرفة تجارب الغير، والاستماع إلى قصصهم.

     

    واعلمي - حفظك الله - أن ما تقولينه سيُغرس في عقلها - حتى لو رفضه هواها - وأن كلماتك ستظل تتردَّد في ذهنها مرارًا وتَكرارًا حتى يأذن الله بإنارة بصيرتها.

     

    ورغم أهمية الإقناع بالعقل في زمننا هذا، فإن الأهم منه هو تعليم أختك كيفية استشعار مراقبة الله عز وجل؛ ليكون رادعًا لها عن الحرام في غيابك عنها، ويكون رادعًا لها عن اتباع هواها؛ كون الفتاة بطبيعتها تميل للجنس الآخر في فترة المراهقة، وهوى من حولها؛ كون المجتمع أصبح يشجِّع على الاختلاط والصداقة بين الجنسين.

     

    ولن يتم ذلك إلا إذا تقربت لله عز وجل عن حب وفهم، ومن أسهل الوسائل في التقرب لله عز وجل والبعد عن الفحشاء والمنكر: تلاوة القرآن، والالتزام بالصلاة؛ يقول الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } [العنكبوت: 45] فاعتني جيدًا بتقريبها لله عز وجل، واستشعارها لعظمته؛ حتى تبتعد عمَّا نهى عنه، وتقترب مما حثَّ عليه.

     

    أما الطرق العقلية: فيمكنك ببساطة سؤالها عن حالها حينما تتعرف على فتاة لأول مرة، وترغب في اتخاذها كصديقة، هل تبقى مشاعرها محدودة تجاهها أم أنها تجد نفسها دومًا في رغبة للتقرب منها أكثر وأكثر؛ من أجل التعرف عليها واكتشافها، ومع مرور الوقت تبدأ تتعمق مشاعرها؟

     

    فهذا بالضبط ما سيحدث مع الأولاد وأكثر منه؛ لأن مشاعر الفتاة مع الفتاة ستأتي في مرحلة وتتوقف عن التزايد، أما مشاعرها مع الأولاد فلن تتوقف، بل ستنمو وتزداد في النمو حتى تتحول لإعجاب، ثم حب، ثم ما هو أكثر من ذلك، والذي - حتمًا - سيؤدي إلى ما لا تُحمَدُ عُقباه.

     

    أريدك أن تسأليها، وتطلبي منها أن تجيبَك بصراحة، أو اتركيها تجيب نفسها بصدق:

    ألم يَحدُثْ يومًا أن شعرتْ بأنها تتمنى أن يُعجَب بها هؤلاء الأولاد أكثر من إعجابهم بصديقتها؟

    ألم يحدث يومًا أن وجدتْ نفسها لا شعوريًّا تتجمَّل في تصرفاتها وكلامها ومظهرها لتنال إعجابهم؟

    ألم يحدث يومًا أن وجدت نفسها تستحي، ويحمَرُّ وجهُها حينما بدأت تتكلم معهم لأول مرة، ثم مع مرور الوقت بدأ حياؤها يقلُّ تدريجيًّا؟

    ألم يحدث أنها بعد أن تتركهم، تظَلُّ تفكر في كلمات أصدقائها الأولاد، وثنائهم على شيء يخصُّها، أو نظرتهم لشيء تملكه، وتكون سعيدةً بتلك النظرات والكلمات؟

    والآن نعود لصديقاتها، هل تشعر بنفس الأحاسيس مع صديقاتها الفتيات؟

     

    بالطبع لا؛ لأن ما يحدث بينها وبين الأولاد ليست صداقة؛ بل هو أعمق من ذلك بكثير، والشيطان يجمِّله ويزينه لها؛ حتى لا تشعر بفداحة وخطأ تصرفها.

     

    أيضًا معروف أن جمال الفتيات يتمثَّل في حيائها ورقَّتها وبساطتها، في حين جمالُ الولد يتمثَّل في حزمه وقوته، فحينما تختلط الفتيات بالأولاد، فإنها تفقِدُ جمالَها رويدًا رويدًا، وأول ما تفقِدُه هو حياؤها، وتبدأ - لا شعوريًّا - إما باكتساب بعض صفات الأولاد وحركاتهم وطريقة كلامهم، وربما تجد نفسها تقلِّدهم في اللبس عن طريق البدء في لبس البناطيل، والتخلِّي عن لبس التنُّورات، وإما قد تتوجه إلى المبالغة في الاهتمام بإبراز أنوثتِها وأناقتها، لدرجة تجعلها تنمِّص حواجبها، وتلبس الضيّق، وأحيانًا المثير.

     

    أُخَيتي، لا يوجد مكان يجتمع فيه البنات والأولاد إلا ووجدت الفتاة نفسَها - لا شعوريًّا - ترغب في رؤية نظرات الإعجاب لها، ولو وجدت نظرات الإعجاب متجهة لشخص آخر، لشعرت بالغيرة؛ مما يُولِّد الكُره والحقد والحسد، أليس كل ذلك دليلاً على أن هذه العلاقة ليست طبيعية، وأنها مخالفة للفطرة؟!

     

    وحينما يتمكَّن الشيطان من النفس فإنه يزين لها كل حرام، ويُسوِّلُه لها؛ لذلك أمرنا الله عز وجل بالبعد عن كل ما قد يؤدي إلى حرام، وعلَّمنا نبيُّنا الحبيب كل ما فيه الخير لنا.

     

    وقد بيَّن رسولنا الحبيب ما في تعامل الرجال مع النساء من فتنة شديدة، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء)).[2]

     

    وكذلك قال: ((إن الدنيا حلوةٌ خَضِرةٌ، وإن اللهَ مُستخلفُكم فيها، فينظرُ كيف تعملون؛ فاتقوا الدنيا واتقوا النساءَ؛ فإن أولَ فتنةِ بني إسرائيلَ كانت في النساء)).[3]

     

    ثم وضَّح لنا بعد ذلك سبل الوقاية من تلك الفتنة، وركز على أكثر الأشياء المثيرة للمشاعر، والتي تكون بداية للفتنة بين الفتيات والأولاد والرجال والنساء، ومنها:

    1- النظر:

    فأول الصداقة هي النظرة والإعجاب؛ لذلك أمرنا الله عز وجل بغض البصر للنساء والرجال وقال: { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور: 30، 31]. وكذلك وضَّح رسولنا الحبيب ماذا نفعل إذا نظرنا فجأة وبدون قصد: فعن جرير بن عبدالله أنه قال: "سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفُجاءة، فأمرني أن أصرفَ بصري"[4].

     

    ثم وضَّح بعد ذلك الفرق بين النظرة الأولى - غير المتعمدة - وبين مَن يُطيل النظر، فقال: ((يا عليُّ، لا تتبعِ النظرة النظرة؛ فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة))[5].

     

    ولنحافظ على قلوبنا من الفتنة؛ فقد أوصانا الله عز وجل حين نرغب في التواصل مع الرجال لضرورة، أن يكون ذلك بشروط؛ فقال تعالى: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب: 53].

     

    2- الخضوع بالقول:

    ومما يفتن القلوب ويأسرها حسن الصوت، ولين الكلام، وقد قيل - قديمًا - في الأمثال: "إن الأُذن تعشق قبل العين أحيانًا"؛ لذلك أمرنا الله تعالى بالانتباه إلى ذلك وقال في كتابه العزيز: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا } [الأحزاب: 32]

     

    3- اللمس:

    وللمس سحر خاص، يذيب القلوب، واللمس عادة لا يَحدثُ إلا إذا تعمَّقت العَلاقة بشدة بين الولد والفتاة؛ ولذلك حذَّرنا منه نبينا الحبيب تحذيرًا شديدًا؛ كونه ينقل العَلاقة لمرحلة خطرة جدًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يُطعَنَ في رأس أحدكم بمخْيَطٍ من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له))[6].

     

    4- الخلوة:

    والصداقة عادةً تبدأ بشكل جماعي، ثم بعد فترة تتحول إلى صداقة فردية، حين يرتاح أحد الأصدقاء لشخص معين، وتلك الصداقة الفردية قد تكون من خلال المقابلات الفردية، أو مقابلات جماعية، مع انزواء فردين ليتكلَّما بحوار خاص، أو من خلال الهاتف أو حتى شبكات التواصل الاجتماعي، وهنا تتعمَّق المشاعر أكثر وأكثر، وتزداد الفتنة، ويزداد تأثير الشيطان؛ لذلك حذَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الخلوة وقال: ((لا يخلوَنَّ أحدُكم بامرأةٍ؛ فإن الشيطان ثالثُهما))[7].

     

    وأكَّد على أهمية وجود المحرم في حديث آخر فقال: ((لا يخلُونَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم))[8].

     

    كل ما سبق وغيره الكثير يوضِّح خطورة ما يسمى بالصداقة بين الولد والفتاة، ومدى حرمته بالشرع.

     

    أسأله سبحانه أن يعينكِ على توعية أختك لما هي مقبلة عليه، وأن ينير بصيرتها، ويهديها إلى الحق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

     

     

     

    [1] حسن: رواه الترمذي (2140).

     

    [2] رواه البخاري (5096).

     

    [3] رواه مسلم (2742).

     

    [4] رواه مسلم (2159).

     

    [5] حسن: رواه الترمذي (2777).

     

    [6] صحيح الجامع (5045).

     

    [7] صحيح: رواه ابن حبان (4576).

     

    [8] رواه البخاري (5233).

     

    • معجبة 2

  13. نبضات قلب بين زوجين

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

     

    أما بعد:

    فالحب ليس كلمات تتردد على الألسن، بل هو أفعال ومواقف.

     

    فالحب:

    هو إحسان الظن بمن تحب.

    هو التماس العذر لمن تحب.

    هو أن ترى تصرفات من تحب أعمالاً تستحق أن تفتخر بها، حتى لو كانت تافهة.

    هو أن ترتسم الابتسامة على وجهك حينما تأتي سيرة من تحب، ولا تجد في قلبك سوى كل حب لهم، رغم الاختلاف بينكم في الرأي والطباع والمواقف.

    هو أن تسعد لسعادة من تحب، حتى لو كان ما يسعدهم يخالف ما يسعدك.

    هو أن يظهر الحب في كلماتك حينما تتحدث عنهم، فيرى الناس محبتك لهم، فيحبونهم.

    هو أن تكون أول مَن يدافع عنهم حينما يسيء أحد إليهم، وإن لم يكونوا موجودين، فيعلم مَن حولك أن الإساءة إليهم هي خط أحمر، لا ينبغي لهم تعديه.

     

    هذا هو الحب الحقيقي.

     

    وما دون ذلك فهو حب زائف، سراب.

     

    كانت تلك خاطرة كتبتها، وأرسلتها لرفيقاتي، ثم فوجئت بردودهن عليها حين قالوا: إن هذا النوع من الحب قد اندثر وانتهى، وربما بقي منه حب الأم لأبنائها.

     

    فتعجبتُ مِن كلامهن!

     

    نعم، أدرك أن الحياة بضغوطها ومشاكلها قد تجعل المرء ينشغل عن نفسه، وعمَّن يحب أحيانًا، لكن أن يصل الأمر إلى أن تصبح قناعة الكثيرات أننا أصبحنا في زمن لا يوجد به حب، فهذا أمر مبالغ فيه بكل تأكيد.

     

    وتساءلت: هل سبب وصولهن لتلك القناعة هو التباس في مفهوم الحب نفسه؟

    أم في كيفية إظهاره؟

    أم في كيفية المحافظة عليه، والمداومة على إظهاره؟

     

    فالحب:

    هو ميل القلب إلى من تحب، وهو مشاعر فطرية في قلوب جميع البشر، لكنها تحتاج إلى تعلُّم فن إظهار الحب برِقَّة وجمال، وهذا ما لا يتقنه الكثيرون رغم بساطته وسهولته.

     

    فالحب كالوردة التي تحتاج إلى رعاية وتعهُّد، فإن اهتممت بها، وداومت على سقايتها على قدر حاجتها، نَمَتْ وازدهرت، وإن أنت أهملتها، وغفلت عنها، ذبلت وماتت مع مرور الوقت.

     

    لذلك يعتبر الحب من الركائز الأساسية في نجاح الحياة الزوجية، ومنه تتولد السكينة والمودة والرحمة.

     

    قال تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم: 21].

     

     

    • • •

     

    كيفية إظهار الحب، والمداومة عليه:

    انتشر مؤخرًا الكثير من الوسائل للتعبير عن الحب وتجديده؛ كالذهاب في نزهة فخمة، أو شراء هدية فاخرة، أو ربما التجهيز لليلة لا تنسى، وهذه كلها رغم تميزها ورونقها، فإنه يصعب تحقيقها أحيانًا، والمداومة عليها؛ لما فيها من التكلفة، والتكلف، ومحاولة الخروج عن المألوف، وكثيرًا ما يكون تأثيرها وقتيًّا.

     

    فالحب يمكن التعبير عنه بأبسط الأساليب، وفي الوقت نفسه يكون له تأثير عميق في النفس، وأسوتنا في ذلك نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم.

     

    الحب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم:

    رغم بساطة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وانشغاله الشديد، فإن حياته مع أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن تميزت بالحب الراقي البسيط في مواقف الحياة المختلفة، التي تعتبر أسوة لكل الأزواج والزوجات؛ فمن تلك المواقف على سبيل المثال لا الحصر:

    1- اهتمامه بمشاعر زوجاته، وتفهمها:

    فتهتم الزوجة بمعرفة وقت ضيق زوجها وغضبه، من خلال كلماته ونظراته، ويهتم الزوج بالتعرف على مشاعر زوجته من خلال همساتها وحركاتها.

     

    فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها: ((إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبى))، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: ((أما إذا كنت عني راضية؛ فإنك تقولين: لا، وربِّ محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا، وربِّ إبراهيم))، قالت: قلت: أجل، والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك[1].

     

     

    2- تفهمه لغيرة زوجاته وتعامله معها بحكمة:

    الغيرة هي دليل حب وترابط روحي بين الزوجين، وتحتاج إلى شيء من الحكمة والصبر، مع البعد عن اللوم والعتاب والمحاسبة، كما أنها تحتاج لعناية خاصة لو صدرت من الزوج، مع حكمة شديدة؛ لتستطيع الزوجة أن تمتص مشاعره، وتُطمئن باله.

     

    فقد رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان عند بعض نسائه، أرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحْفَة فيها طعام، فضربت التي النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصحفة، فانفلقت، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: ((غارت أمُّكم))، ثم حبس الخادم حتى أُتِيَ بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرَتْ صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَتْ[2].

     

     

    3- إظهاره محبته ووفائه لزوجاته:

    إظهار الزوجة استعدادها لتقديم كل ما من شأنه أن يسعد زوجها ويرضيه، وكذلك الزوج مع زوجته، ومن أشهر القصص حديث أم زرع الطويل، وفي نهايته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ((كنْتُ لكِ كأَبِي زرعٍ لأمِّ زرعٍ))[3].

     

     

    4- ترخيم الاسم عند مناداتها من باب التودد والتحبب:

    فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا عائشُ، هذا جبريلُ يقرئكِ السَّلامَ))، فقلتُ: وعليه السَّلامُ ورحمة الله وبركاتُهُ[4].

     

     

    5- تتبُّع مواضع شرب زوجاته وأكلهن:

    فيشرب الزوج من نفس الموضع الذي وضعت فيه الزوجة شفتيها لتشرب، وتشرب الزوجة من نفس الموضع الذي وضع فيه الزوج شفتيه، ويأكل من نفس الموضع الذي وضعت فيه أسنانها لتأكل، وتأكل هي من نفس الموضع الذي وضع فيه الزوج أسنانه.

     

    فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنتُ أشربُ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فيَضَعُ فاه على موضِعِ فيَّ، فيشرب، وأَتَعَرَّقُ[5] العَرْقَ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبي صلى الله عليه وسلم، فيَضَعُ فاه على مَوضِعِ فيَّ[6].

     

     

    6- اهتمام عائشة رضي الله عنها بتصفيف شعر النبي صلى الله عليه وسلم؛ توددًا إليه:

    فملامسة شعر الزوج أو الزوجة لها عامل كبير في تجديد مشاعر الحب والود في القلوب، خصوصًا حينما تشمل اقتراب الزوجين؛ ليصفف أحدهما شعر الآخر.

     

    عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنتُ أُرَجِّلُ رأسَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا حائضٌ[7].

     

     

    7- نوم النبي صلى الله عليه وسلم في حجر عائشة رضي الله عنها:

    فالقرب الجسدي بين الأزواج هو من وسائل تغذية مشاعر الحب والود والتآلف بين الزوجين.

    فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يَتَّكِئُ في حجري وأنا حائِضٌ، ثم يَقرَأُ القُرآنَ[8].

     

     

    8- التنزه معها، والتحدث إليها:

    والحب لا يقتصر على القرب الجسدي، والكلام العاطفي، بل يشمل - أيضًا - قضاء بعض الوقت معًا؛ للتسامر في جو جميل؛ كالسير في الهواء الطلق، أو الجلوس في الشرفة أو البلكونة، أو الجلوس على سطح المنزل في الهواء.

     

    وروى مسلم أنه كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ إذا كان بالليلِ، سار مع عائشة، يتحدثُ معها[9].

     

     

    9- التودد لمن تحب، ومهاداة أحبابهم:

    كلما كان الحب أعمق زاد التودد، حتى بعد وفاة من تحب، والتودد بعد الوفاة: منه الإحسان للمقربين من الزوج أو الزوجة، والسؤال عنهم دومًا.

     

    كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ إذا ذبح الشاة يقول: ((أرسِلوا بها إلى أصدقاءِ خديجة))[10].

     

     

    10- المدح والثناء عليها:

    الحب يجعلك ترى أعمال حبيبك عظيمة، حتى لو كانت أمورًا تافهة، ويتم ترجمة ذلك من خلال المدح والثناء؛ مدح طبيخ الزوجة، ومدح مساعدة الزوج، ومدح ترتيب الزوجة للبيت، ومدح تلبية الزوج للطلبات، وغيرها.

     

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَضْل عائشة على النساءِ كفضلِ الثريدِ على سائرِ الطعامِ))[11].

     

     

    11- الفرح لفرحها:

    فلكل إنسان اهتمامات تُسعده إن حققها، وتسعد مَن حوله؛ لحبهم له، وسعادتهم من أجله.

    رُوي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلعب بالبناتِ عندَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ، قالت: وكانت تأتيني صواحبي، فكُنَّ ينقمعْنَ من رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ، قالت: فكان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ يُسرِّبُهُنَّ إليَّ[12].

     

     

    12- الإفصاح عن حبه لها:

    الحب لا هو محرَّم، ولا عيب، ولا هو ضعف حتى يخفيه الإنسان، إلا إذا خشي من العين، فمن حق الزوجة أن تُصَرِّح عن حبها لزوجها أمام الناس، ومن حق الزوج أن يُصَرِّح بحبه لزوجته أمام الناس.

     

    فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاعره تجاه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها قائلاً: ((إني قد رُزِقْتُ حُبَّها))[13].

     

    وقد روي أنَّ عمرو بن العاص سأل رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلم، فقال: أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك؟ قال - أي: النبي -: ((عائشة))[14].

     

     

    13- تقبيل زوجته قبل الخروج:

    فلحظات الوداع والاستقبال اليومية إن ارتبطت بالحب، صار لها لذة وطعم خاص، وتجديد مستمر للحب، وإعانة على ضغوط الحياة والمسؤوليات، وأبسطها هو استقبال الزوج وتوديعه بقُبلة عفوية؛ تعبيرًا عن الحب، عند خروجه للعمل وللصلاة.

     

    روي عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّمَ قبَّلَ امرأة مِن نسائِه، ثمَّ خرجَ إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأْ[15].

     

     

    14- يلعب معها ويسابقها:

    والحب يحتاج كل فترة للمرح؛ لكي ينعشه ويجدده، والمرح له أشكال وألوان، فقد يكون بنثر المياه بشكل مفاجئ على الزوج أو الزوجة، وقد يكون بقذف بعض المِخدات على أحدهما ليقوم الطرف الآخر بالرد بقذف المخدات، وقد تكون بدغدغة مفاجئة لأحد الطرفين، والجري في الشقة في حضور الأولاد، واستمتاعهم بالمشاهدة، وقد تكون في نزهة للبر بعيدًا عن أعين الناس، وهناك من الطرق الكثير، بشرط أن تتناسب مع شخصية الزوجين، وأن يتقبلاها بصدر رحب.

     

    وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ في سفرٍ وهي جارية، قالت: لم أَحْمِلِ اللَّحمَ، ولم أَبْدُنْ، فقال لأصحابه: ((تقدَّموا))، فتقدَّموا، ثم قال: ((تعالَيْ أُسابقك))، فسابقتُه، فسبقتُه على رجلي، فلما كان بعدُ - وفي رواية: فسكت عني حتى إذا حملتُ اللحمَ، وبَدُنْتُ، ونسيتُ - خرجتُ معه في سفرٍ، فقال لأصحابِه: ((تقدَّموا))، فتقدَّموا، ثم قال: ((تَعالَيْ أسابقك))، ونسيتُ الذي كان، وقد حملتُ اللحمَ، فقلتُ: كيف أُسابقُك يا رسولَ الله وأنا على هذا الحالِ؟ فقال: ((لَتفْعَلِنَّ))، فسابقتُه، فسبقَني، فجعل يضحكُ، وقال: ((هذه بتلكَ السَّبقة))[16].

     

    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أتيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ بخَزِيرَة طَبَخْتُهَا لهُ، فقلتُ لسَوْدَة والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ بيني وبينَها فقلتُ لها: كُلِي، فأَبَتْ، فقلتُ: لتأكُلِنَّ أو لَأَلْطَخَنَّ وجهَكِ، فأَبَتْ، فوضعتُ يدي في الخَزِيرَة، فطليتُ بها وجهَها، فضحكَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فوضعَ فَخِذَه لها، وقال لسَوْدَة: ((الْطَخِي وجهَها))، فلَطَخَتْ وجهي، فضحكَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّمَ أيضًا[17].

     

     

    15- يحب ويحترم أهلها:

    مما يتقرب به الزوجان لبعضهما البعض أن يقوم كل من الزوج والزوجة بالإحسان إلى أهل الآخر، والصبر على سوء معاملتهم، مع احترامهم، والتودد إليهم.

     

    روي عن عمرو بن العاص أنه أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أيُّ الناسِ أحَبُّ إليك؟ قال - أي: النبي -: ((عائشة))، قلتُ: مِنَ الرجالِ؟ قال: ((أبوها))[18].

     

     

    16- لا ينتقصها وقت الأزمات:

    كثيرًا ما تمر بنا مواقف حرجة شائكة بسبب الإشاعات وغيرها، وهنا وَجَبَ الصمت حتى يتقين الزوج أو الزوجة من هذا الاتهام.

     

    ففي حادثة الإفك رغم بشاعة ما قيل وفتنة المسلمين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحدث مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولم يلومها، ولم يتهمها، ولم ينتقص منها، ولم يُشعرها بما حدث، منتظرًا أن يتيقن من صحة أو افتراء ما قيل.

     

    فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: فَقَدِمْنَا المَدِينَة، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْه حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْه وَسَلَّمَ، فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: ((كَيْفَ تِيكُمْ؟))، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِي يَرِيبُنِي، وَلا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ[19].

     

     

    17- يراعيهن وقت المرض:

    وقت المرض من أكثر الأوقات التي يحتاج فيها الإنسان لقرب من يحب ومساندته؛ للحصول على الدعم النفسي والاهتمام.

     

    عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ إذا مرض أحدٌ من أهلِه، نفثَ عليه بالمعوِّذاتِ، فلما مرِض مرضَه الذي مات فيه، جعلتُ أنفثُ عليه، وأمسحُه بيدِ نفسِه؛ لأنها كانت أعظمَ بركة من يدي[20].

     

     

    كل ما سبق ما هو إلا قطرة من غيث من المواقف الحياتية الكثيرة التي تُعين على تجديد المحبة والمودة والرحمة بين الزوجين بأبسط الأساليب والطرق.

     

    كل ذلك مع الاستعانة بالله، وتجديد النية بأن يكون ذلك الحب خالصًا لله عز وجل، وقربة إليه، فيتحول من متعة دنيوية إلى عبادة يؤجر عليها الزوجان، ويتقربان بها إلى الله عز وجل، مهما كان العمل بسيطًا.

     

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحقرَنَّ من المعروفِ شيئًا، ولو أن تلقَى أخاك بوجه طلْقٍ))[21].

     

    أسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤلف بين قلوب الأزواج، ويعمر حياتهم بالحب والمودة والرحمة.

     

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

     

     

     

     

     

     

    [1] رواه البخاري (5228).

     

    [2] رواه البخاري (5225).

     

    [3] رواه البخاري (5189).

     

    [4] رواه البخاري (3768).

     

    [5] آكُل ما على العظم من اللحم نهشًا بأسناني.

     

    [6] رواه مسلم (300).

     

    [7] رواه البخاري (295).

     

    [8] رواه البخاري (297).

     

    [9] رواه مسلم (2445).

     

    [10] رواه مسلم (2435).

     

    [11] رواه البخاري (3411).

     

    [12] رواه مسلم (2440).

     

    [13] رواه مسلم (2435).

     

    [14] رواه البخاري (4358).

     

    [15] صحيح: رواه أبو داود (179).

     

    [16] صحيح: السلسلة الصحيحة (1/ 254).

     

    [17] حسن: السلسلة الصحيحة (7/ 363).

     

    [18] رواه البخاري (4358).

     

    [19] رواه البخاري (4750).

     

    [20] رواه مسلم (2192).

     

    [21] رواه مسلم (2626).


  14. غيبة الأبناء

    أسبابها وأضرارها وعلاجها

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

     

    إن الحمد لله نحمده، و نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

     

    من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدُه و رسولُه.

     

    أما بعد، مشهد واقعي:

    تقابلت شيماء مع رفيقتها فاطمة وبدأا في الحوار وتبادل الأخبار ثم تحول الكلام إلى حال الأبناء فبدأت شيماء تشتكي ابنتها عائشة وفاطمة تسمع وتتعجب مما يقال وتردد هل معقول أن تفعل عائشة كل هذا، عائشة تلك الفتاة المعروفة بحسن الخلق والالتزام، حتى امتلأ قلبها نفورا من عائشة بعد أن كانت محببة إليها ومقربة إلى قلبها.

     

    وتتفرق الرفيقتان حيث أفرغت شيماء شحنة غضبها من عائشة في قلب رفيقتها فاطمة ولم تفكر للحظة ماذا سيكون تأثير تلك الكلمات على رفيقتها ولا كيف سيكون حال رفيقتها مع عائشة بعد أن سمعت ما تكره عنها.

     

    وصدقت فاطمة كلمات رفيقتها بدون التحقق مما حدث لعل شيماء بالغت في الأمر ولم تظهر الحقيقة كاملة.

     

     

    ••••

     

    وفي ظل انتشار وسائل التواصل وتنوعها، انتشر معها كثرة الكلام والقيل والقال وبالأخص حكايات النساء عن أبنائهن، ورغم تنوع الأسباب التي أدت لسرد تلك الحكايات إلا أن النتيجة واحدة، غيبة الأم لأبنائها وتضرر الأبناء من ذلك.

     

    لذلك في هذه المقالة سأحاول تسليط الضوء على مفهوم الغيبة وحكمها الشرعي، وأسباب غيبة الأمهات لأبنائهن، والأضرار الواقعة على الأبناء بسبب تلك الغيبة، والحالات التي يباح فيها أن تغتاب الأم أبنائها وفي النهاية سأختم مقالتي بكيفية التوبة من الغيبة وكيفية معالجة أسبابها وأضرارها.

     

    مفهوم الغيبة:

    والغيبة هي "أن تذكري أبنائك بما يكرهون لو بلغهم، سواءً ذكرتيهم بنقص في بدنهم أو نسبهم أو في خَلْقِهِم أو خُلُقِهِم، أو في دينهم أو فعلهم أو قولهم، أو في دنياهم، حتى ثوبهم ودارهم ودابتهم وغير ذلك"[1]

     

    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قيلَ: يا رسولَ اللهِ ما الغيبةُ؟ قالَ: ((ذِكرُكَ أخاكَ بما يَكرَهُ))، قالَ: أرأيتَ إن كانَ فيهِ ما أقولُ؟ قالَ: ((إن كانَ فيهِ ما تقولُ فقَدْ اغتبتَهُ وإن لم يَكن فيهِ ما تقولُ فقد بَهتَّهُ))[2]

     

    وحديث الأمهات عن أبنائهن يعتبر من الغيبة، "فقد حصر العلماء المسائل التي يجوز فيها الغيبة عند الحاجة، ولم يستثنوا منها غيبة الأم لأبنائها"[3].

     

    وسئل الشيخ ابن باز في برنامج نور على الدرب: هل الغيبة تنتفي إذا كانت المرأة تتكلم عن ابنها وزوجته، مع بناتها في غيبتهما؟ وهي تقول بأن هذا ليس من الغيبة؟

    فأجاب: إذا ذكرت ابنها بما يكره، أو زوجته بما يكره، فهذه غيبة. اهـ.[4]

     

    وبالتالي إن ذكرتِ أبناءك في غيابهم بما يكرهوا أن يُقال عنهم، فقد اغتبتِهم، وإن افتريتِ عليهم بما ليس فيهم، فقد بهتِّهم.

     

    حكم الغيبة:

    والغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وعدَّها كثير من العلماء من الكبائر، "وعليه فغيبة الأم لأبنائها محرمة كغيرها"[5]

     

    وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة: ((يا مَعْشَرَ مَن آمن بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه، لا تغتابوا المسلمينَ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم، فإنه مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه، ومَن تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَه، يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه))[6]

     

    وذم الله تعالى صاحب الغيبة فقال: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } [الحجرات - 12].

     

    ومنها فإن غيبتك لأبنائك تعتبر كأنك تأكلين من لحومهم وهم ميتون (رغم كراهيتك الشديدة لذلك) فإذا كنتِ تكرهين أكل لحومهم وهم ميتون فمن باب أولى ترك غيبتهم وذكرهم بما يكرهون وهم أحياء.

     

    كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوبة الغيبة في الآخرة موضحاً أن الجزاء سيكون من جنس العمل فقال: ((أنه لما عُرِجَ به مرَّ على قومٍ لهم أظافر من نحاسٍ يَخمشون بها وجوهَهم وصدورَهم، فقال: يا جبريلُ من هؤلاءِ؟ فقال: هؤلاءِ الذين يأكلونَ لحومَ الناسِ ويقعونَ في أعراضِهم))[7]

     

    أسباب غيبة الأبناء:

    وقد تعددت أسباب غيبة الأمهات لأبنائهم في عصرنا هذا، أذكر منها على سبيل المثال:

     

    1- اعتبار الأم أن الأبناء ملكية خاصة لها، فترى أن من حقها التحدث عنهم كيفما شاءت وأينما شاءت وبما شاءت، وترى أن من حقها إفشاء أسرارهم لأي شخص ولأي سبب (إما لظنها أن أبناءها لن يعلموا أنها أفشت سرهم، أو لأنها تظن أن المستمع من حقه أن يعرف ذلك السر غافلة أن هذا حق للأبناء فقط ولا يجوز لها إفشاء أسرار أبنائها حتى لو غضب منها جميع البشر).

     

    2- الغضب والغيظ لعدم قدرة الأم على فرض سيطرتها على أبناءها أو عدم قدرتها على أخذ شيء منهم بالأخص لو كانوا متزوجين.

     

    3- الاستهزاء بهم والانتقاص منهم على سبيل الفكاهة والمرح أو للتقليل من شأنهم كونها تنظر لعيوبهم أكثر من مميزاتهم.

     

    4- الغيرة والحسد خصوصاً إذا رُزقت الابنة - بعد الزواج - بما حرمت منه الأم.

     

    5- مجاراة المتحدثين ومشاركتهم في غيبة الأبناء.

     

    6- الفضفضة والتنفيس عن النفس لعدم رضا الأم عن حال أبنائها المادي أو المعنوي.

     

    الأضرار المترتبة على غيبتك لأبنائك:

    زيادة نفورك من أبنائك ونفورهم منك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ، فما تعارف منها ائتَلَف. وما تناكَر منها اختلف))[8]، فكيف تريدين لأرواحهم أن تتآلف مع روحكِ وأنت تذكرينهم بالسوء وتعصي الله بغيبتهم؟

     

    وقد ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله: "إن المعاصي لتوجب نفور الناس بعضهم من بعض"[9].

     

    نفور الناس من أبنائك، فالناس عادة تتعاطف مع الأم بغض النظر هل كلامها صحيح أم لا وبغض النظر هل هي على حق أم لا؟ والنفوس تتأثر بكلام غيرها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُبلِّغُني أحدٌ عن أحدٍ مِن أصحابي شيئًا فإنِّي أحبُّ أن أخرجَ إليكُم وأنا سليمُ الصدرِ))[10]، وقال الشيخ عبد العزيز الطريفي فيمن يترك لنفسه العنان للاستماع لغيره: العاقل لا يسمع كلام الناس في الناس لأن صدره أضيق من أن يتحمل أحقاد الجميع.

     

    استباحة الغير أن يتحدث عن أبنائك بالسوء (بالأخص المقربين كإخوتهم وإخوانهم والأهل والجيران) كونهم يرونك تستبيحين التحدث عن أبنائك، وهذا مما يتسبب في ملء القلوب بالضغائن والعداوة وقطع الود والمحبة بينهم وبين أبنائك، مع زيادة نفورك من أبنائك لما تسمعينه عنهم من سوء.

     

    إدخال الحزن على قلوب أبنائك مما يؤدي لبعدهم عنك، فالله عز وجل يستر على العبد كثيراً حتى إذا تكررت معصيته، كشف الستر عن عبده، والله قد أخفى عن أبنائك غيبتك لهم حتى إذا زادت غيبتك، كشف الله سترك ويسر من الأسباب ما يجعل أبناءك يعلمون بغيبتك لهم.

     

    الحالات التي يجوز فيها الغيبة:

     

    1- التظلم: حين يقع عليكِ ظلم من أبنائك فمن حقك التظلم لمن له سلطة كالقاضي وغيره ليسترد لك حقك.

     

    2- الاستعانة بالغير على تغيير المنكر ورد العاصي لصوابه، حين يرتكب أبناؤك المعاصي فمن حقك الاستعانة بمن له قدرة على زجره وردعه.

     

    3- الاستفتاء والاستشارة: فتلجئين لأهل العلم والخبرة ممن يتسمون بالحكمة لتستشيريهم في كيفية تربية أبنائك والتعامل معهم.

     

    4- التحذير من شر أبنائك إن كانوا يتسببون في أذًى لغيرهم.

     

    علاج الغيبة:

    ينقسم العلاج إلى شقين:

    التوبة من الغيبة:

    التوبة إلى الله عز وجل والندم عما فعلتِه من معصية (الغيبة) وأخذ عهد على نفسك أمام الله عز وجل بعدم تكرارها مع الالتزام بذلك الوعد.

     

    الذهاب لمن اغتبتِ من أبنائك طالبة منهم أن يسامحوك ويَحِلُّوك من غيبتك لهم حتى لا يأخذوا من حسناتك يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت عنده مَظلمةٌ لأخيه فليتحلَّلْه منها، فإنَّه ليس ثَمَّ دينارٌ ولا درهمٌ، من قبلِ أن يُؤخَذَ لأخيه من حسناتِه، فإن لم يكُنْ له حسناتٌ أخذ من سيِّئاتِ أخيه فطُرِحت عليه))[11]

     

    الاستغفار لنفسك ولمن اغتبته من أبنائكإن كنتِ غير قادرة على طلب العفو منهم حتى لا تأتي يوم القيامة وقد أفلستِ من الحسنات، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتدرون ما المفلِسُ؟)) قالوا: المفلِسُ فينا من لا درهمَ له ولا متاعَ. فقال: ((إنَّ المفلسَ من أمَّتي، يأتي يومَ القيامةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا. فيُعطَى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه. فإن فَنِيَتْ حسناتُه، قبل أن يقضيَ ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرِحت عليه. ثمَّ طُرِح في النَّارِ))[12].

     

    علاج أسباب الغيبة وأضرارها:

     

    1- علاج أسباب الغيبة:

    عليكِ بتأمل سبب غيبتك لأبنائك ومحاولة تطهير قلبك من مشاعرك التي دفعتك للغيبة وسؤال نفسك دوماً: أتحبين أن تأكلي من لحوم أبنائك وهم ميتون حتى تذكرينهم بما يكرهون وهم أحياء؟

     

    تزكية لسانك بالمداومة على ذكر الله والبعد عن كل ما يغضب الله، من غيبة ونميمة وغيرها، فقد روي عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمسك لسانه وقال: ((كف عليك هذا)). فقُلْت (أي معاذ): يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ((ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم؟))[13]

     

     

    2- معالجة الأضرار الواقعة على الأبناء من الغيبة:

    البدء بالتحدث بالخير عن أبنائك عند كل شخص اغتبتهم عنده، مع الاستمرار على ذلك حتى تزيلي ما غُرس في قلوب الناس من ضيق وكره وعدم احترام لأبنائك.

     

    عدم السماح لأي شخص مهما كبر أو صغر ومهما كانت مكانته لديك بأن يغتاب أبناءك، بل عليكِ بزجرهم وتوعيتهم بحرمة ذلك مع زرع محبة أبنائك واحترامهم في قلوب هؤلاء. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ردَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ عن وجهِه النَّارَ يومَ القيامةِ))[14]، وكان من هدي السلف رحمهم الله، اذا اغتيب أحد في وجودهم أن يردوا غيبته بقول: ما علمتُ عليه إلا خيرًا.

     

    الإيمان بأن الأبناء رزق ونعمة تتقربين بهم إلى الله عز وجل بحسن معاملتك لهم، ومعرفة أن أبناءك ليسوا ملكية خاصة لك تتحكمين فيهم كما شئت كيفما شئت، بل هم ملك لله عز وجل ولهم من الحقوق عليكِ مثل أي مسلم، وعليكِ بالإحسان إليهم وذكرهم بالخير في حضورهم وغيابهم حتى لو اختلفتِ معهم في الطباع والأفكار.

     

    أسأله سبحانه أن يؤلف بين قلوبنا وقلوب أبنائنا، وأن يطهر قلوبنا وألسنتنا.

     

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

     

     

     

    [1] إحياء علوم الدين ج3 ص 143، بتصرف يسير.

     

    [2] رواه الترمذي (1934) حسن صحيح.

     

    [3] فتوى 41639، للشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي، موقع طريق الإسلام، بتصرف يسير.

     

    [4] فتوى 226453، بموقع الإسلام ويب.

     

    [5] فتوى 41639، للشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي، موقع طريق الإسلام، بتصرف يسير.

     

    [6] صحيح: صحيح الجامع (7984).

     

    [7] مجموع فتاوى بن باز (239/9) صحيح.

     

    [8] رواه مسلم (2638).

     

    [9] تفريغ خطبة ماذا تسبب المعاصي؟ للشيخ بن عثيمين رحمه الله..

     

    [10] حسن: رواه أحمد (5 /286).

     

    [11] رواه البخاري (6534).

     

    [12] رواه مسلم (2581).

     

    [13] حسن: رواه الترمذي (2616).

     

    [14] حسن: رواه الترمذي (1931).

     

     

     

     


  15. صلاح الأبناء من صلاح الآباء:

     

    صلاحُ الأبناء لا يكون إلا بصلاح آبائهم، والولد الفاسد هو مِن كسبِ أبيه، كما ذكر بعض السلف وعليه وجب على الوالدين الاجتهاد في الطاعة والعبادة الخالصة لوجه الله تعالى، والاهتمام بالعمل والكسب الحلال ليجدوا ثمار ذلك في صلاح أبنائهم. وكذلك ليكونوا قدوة صالحة للأبناء.

    فقد قال الله تعالى: { وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء : 9]

    وقد رُوِي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إن أطيبَ ما أكَل الرجلُ مِن كَسْبِه، وإن ولَدَ الرجل مِن كسبِه».[1]

    كما رُوِي عن جابرٍ رضي الله عنه أنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يُصلِح بصلاح الرجلِ الصالحِ ولدَه، وولدَ ولدِه، وأهل دويرات حوله، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم»[2].

    وقال ابن عباس في قول الله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82]، إنهما حُفظا بصلاحِ أبيهما[3].

    وعن هشام بن حسَّان قال: قال سعيدُ بنُ جُبَير: إني لَأزِيدُ في صلاتي مِن أجلِ ابني هذا.

    قال مخلد: قال هشام: رجاءَ أن يُحفَظَ فيه[4].

    . . ... . .

    ومع ذلك فقد تجد – في حالات قليلة - أبناء فاسدين لأبوين صالحين لحكمة لا يعملها إلا الله عز وجل، كقصة نوح عليه السلام مع ولده، وهذا ابتلاء من الله عز وجل لذا وجب على الأبوين اللجوء إلى الله عز وجل والانكسار والتذلل بين يديه وإلتزام الدعاء، فهداية الإنسان لا يملكها سوى الله عز وجل، أما الوالدين فما عليهما إلا الأخذ بالأسباب الواجبة عليهما في تعليم أبنائهما بالرفق والحكمة مع الشرح والتبيين لقول الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56].

    ويوجد في المقابل طفل صالح ينشأ بين أبوين كافرين كإبراهيم عليه السلام نشأ في كنف أبيه آزر وتمسكه بالكفر.

     

    [من كتاب رفقا بعقيدتي يا أمي ... تأليف أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت]

     

     

     

    [1] صحيح: رواه النسائي (4461)

     

    [2] رواه ابن مردويه في "الدر المنثور" ص 422

     

    [3] رواه ابنُ أبي الدنيا في كتاب " النفقة على العيال" ص 539

     

    [4] رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" ص 279


  16. على قدر سيرك على صراط الدنيا ستسيرين على صراط الآخرة

    كتبته: أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

     

    أما بعد، فتمر بنا الأيام والليالي وسط انشغالات الحياة، تتخوَّلها موعظة وراء الأخرى؛ لتذكرنا بالهدف الأساسي من خَلْقِنا؛ لنعود لله عز وجل ونتقرب إليه، ثم ننشغل مرة أخرى، وتستمر الحياة حتى تأتي اللحظة الفاصلة حين تأتينا المَنية، ونموت وندفن في القبور في انتظار اليوم الموعود؛ يوم الحساب.

     

    يوم يفرُّ المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه!

     

    يوم تَذهلُ كلُّ مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى من شدة الخوف والهلع!

     

    يوم لا يأمن العبد على نفسه، ولا يعلم إلى أين مصيره: أجنات تجري من تحتها الأنهار، أم نار وقودها الناس والحجارة؟!

     

    يقول القرطبي رحمه الله: "تفكَّر الآن فيما يحل بك من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقَّتَه، ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته، ثم قرَع سمعَك شهيق النار وتغيُّظُها، وقد كُلِّفت أن تمشي على الصراط، مع ضعف حالك، واضطراب قلبك، وتزلزل قدمك، وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك من المشي على بساط الأرض، فضلاً عن حدة الصراط، فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك، فأحسست بحدَّته، واضطررت إلى أن ترفع قدمك الثانية، والخلائق بين يديك يزِلُّون ويتعثرون، وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكَلاليب، وأنت تنظر إليهم كيف ينكسون إلى جهة النار رؤوسهم وتعلو أرجلهم، فيا له من منظر ما أفظعَه، ومرتقًى ما أصعبَه، ومجال ما أضيقَه، فاللهم سلِّم سلم" [1].

     

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف السائرين على الصراط: ((فتقومانِ جَنَبتَي الصِّراطِ يمينًا وشمالًا، فيمرُّ أوَّلُكُم كالبرقِ))، قالَ: قُلتُ: بأبي أنتَ وأمِّي، أيُّ شيءٍ كمرِّ البرقِ؟ قالَ: ((ألم تَروا إلى البرقِ كيفَ يمرُّ ويرجعُ في طَرفةِ عينٍ؟ ثمَّ كمرِّ الرِّيحِ، ثمَّ كمرِّ الطَّيرِ، وشدِّ الرِّجالِ، تَجري بِهِم أعمالُهُم، ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراطِ، يقولُ: ربِّ سلِّم سلِّم، حتَّى تَعجِزَ أعمالُ العبادِ، حتَّى يجيءَ الرَّجلُ فلا يَستَطيعُ السَّيرَ إلا زَحفًا، قالَ: وفي حافتيِ الصِّراطِ كَلاليبُ مُعلَّقةٌ مَأمورةٌ بأخذِ من أُمِرَتْ بِهِ؛ فمَخدوشٌ ناجٍ، ومَكْدوسٌ في النَّارِ))[2].

     

    لو تأمَّلنا هذا الحديث، لوجدنا مشهدًا مخيفًا توجل منه القلوب، نتناساه كثيرًا، لكن حين نتذكره نتساءل:

    يا ترى كيف سيكون حالنا؟

    وكيف سنسير على الصراط؟

    وكيف السبيل إلى معرفة ذلك؟

     

    يقول ابن قيِّمِ الجوزية رحمه الله: "على قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذاك الصراط؛ فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطيف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الركاب، ومنهم من يسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المخدوش المسلَّم، ومنهم المكردس[3] في النار"[4].

     

    أي على قدر سعينا وتقربنا إلى الله في هذه الدنيا، سيكون سيرنا على الصراط يوم القيامة، والله المستعان، وعلى قدر محبتنا وشوقنا إلى الله وسعينا لمرضاته في هذه الدنيا بالأفعال والأقوال وما تُخفي القلوب، سيكون سعيُنا يوم القيامة على الصراط المستقيم، والله المستعان.

     

    فهل بذلنا ما في وسعنا من التقرب إلى الله، أم ألهتْنا الدنيا وشهواتها ولذاتها؟

    فإن سألت سائلة: وكيف السبيل إلى ذلك وقد شغلتني مسؤوليات البيت والزوج والأولاد، وبالكاد أؤدي الفروض؟

    فأقول لكِ أختاه: وهل نسيتِ عبادة الذِّكر والاحتساب؟

     

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيبُها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه))[5].

     

    فكل عمل تقومين به، لو قمتِ به لله عز وجل واحتسبتِ الأجر عنده، لكان لكِ عبادة:

    فحينما ترتِّبين البيت وتنظفينه، احتسبي أجر إدخال السرور على الزوج والأولاد لرؤيتهم البيت نظيفًا، وأن الطهارة شطر الإيمان.

     

    وحين تهتمين بنفسك، احتسبي أجر حسن التبعُّل للزوج.

     

    وحين تطبخين الطعام، احتسبي أجر إطعام مسلم.

     

    وهكذا، اجعلي لكل عمل نية أنك تؤدينه لله عز وجل، واحتسبي الأجر فيه، وكلما أكثرتِ من النيات في العمل الواحد، كلما حصلتِ على أجور وثواب أكبر.

     

    وكذلك عبادة الذكر، فهي من أيسر وأسهل العبادات، ولا تحتاج منك سوى تحريك اللسان بالحمد والتهليل، والتسبيح والاستغفار، مع إيمان بالقلب لما تردِّدينه.

     

    فإن سألت سائلة: وهل هناك من عمل أقوم به يدخلني الجنة؟

    فأقول: لقد سبقك بسؤالك الصحابيُّ معاذ بن جبل رضي الله عنه، فقال: قلتُ: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار؟

    قال: ((لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسيرٌ على مَن يسره الله عليه، تعبدُ اللهَ ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضانَ، وتحجُّ البيتَ))، ثمَّ قالَ: ((ألا أدلُّكَ على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّةٌ، والصدقة تطفئ الخطيئةَ كَما يطفئُ الماءُ النار، وصلاة الرجل في جوف الليلِ، ثمَّ تلا: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16] حتَّى بَلغَ: ﴿ يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17]))، ثمَّ قال: ((ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذِروة سَنامِه؟))، قلت: بلَى، يا رسولَ اللهِ، قال: ((رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصلاة، وذِروةُ سَنامِهِ الجِهادُ))، ثمَّ قال: ((ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟))، قلتُ: بلَى، يا نبيَّ اللهِ، فأخذَ بلسانِهِ، وقال: ((كُفَّ عليكَ هذا))، فقُلتُ: يا نبي الله، إِنَّا لَمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ به؟ قال: ((ثَكلتكَ أمُّك يا معاذُ، وَهل يَكُبُّ الناسَ في النارِ على وجوههم أو علَى مناخرِهم إلَّا حصائدُ ألسنتِهم))[6].

     

    أي إن المطلوب منك أختاه أن تستعيني بالله وتقومي بالتالي:

    التوحيد: ويشمل توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.

    الصلاة: الفروض والنوافل، بالأخص قيام الليل، ولو ركعتين قبل الفجر.

    الزكاة والصدقة فهي مما يمحو الخطيئة كما تطفئ الماء النار.

    الصوم، فهو جُنة المؤمن.

    الحج (إن استطعتِ).

    الجهاد، ويشمل مجاهدة النفس والفتن والمعاصي والشهوات والملهيات وغيرها.

    وأخيرًا، حفظ اللسان، من الغِيبة والنميمة وإيذاء الناس وغيرها.

     

    فهل تستطيعين تحقيقها لتنالي الجنة؟

    هل اشتياقك لله عز وجل يستحق التضحية بملذَّات الدنيا؟

    هل فعلاً ترغبين في جنة عرضها السموات والأرض؟

    تذكَّري: على قدر سيرك على الصراط في الدنيا، سيكون سيرك على الصراط في الآخرة إن شاء الله.

     

    وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين

     

     

     

    [1] التذكرة للقرطبي ص 757.

     

    [2] رواه مسلم (195).

     

    [3] انقبض واجتمع بعضه إلى بعض.

     

    [4] مدارج السالكين ج1 ص 16.

     

    [5] رواه البخاري (1).

     

    [6] مشكاة المصابيح (28) حسنه الألباني.

     


  17. التجديد في وسائل تعليم الأبناء التوحيدَ والإيمان:

    -------------------------

    للاهتمام بالتنوُّع في وسائل التعليم دورٌ هام في تربية الأبناء. وتعتمد اختيار الوسيلة على حسب الموقف وعلى حسب شخصية طفلك ومدى استجابته لتلك الوسيلة مع التنويع كل فترة بين الوسائل من باب التجديد والتحفيز.

     

    وكما للوسيلة دور هام في التوجيه فكذلك لاختيار الوقت المناسب المؤثر في الطفل، فإن القلوب تُقبل وتُدبر، وعلى الوالدين اختيار أوقات إقبال قلوب الأبناء ليُخَوِّلُوهم بالموعظة.

     

    فمن أوقات إقبال قلوب الأطفال :

    - النزهة والطريق والركوب، وهنا يكون الطفل في مكان مفتوح في الهواء الطلق، فتكون نفسه على استعداد للتلقي.

    - وقت المرض: المرض يُلَيِّن قلوب الكبار، ويكون أشد لينا ورقة في حالة الأطفال مما يجعلهم أكثر قبولا للنصح والتوجيه.

     

    كل ذلك مع محاولة إثارة مشاعرهم، وشد انتباههم لتهئيتهم للاستماع عن طريق البدء بالألفاظ الودوة مثل: يا بني، يا قرة العين.

    . . ... . .

    ومن وسائل التعليم المتنوعة:

    - التعليم باصطحاب الطفل

    - التعليم في وقت المرح والنزهة

    - التعليم بالحوار والإقناع

    - التعليم بالقصة

    - التعليم بالترغيب و الترهيب

    - التعليم بالتدرج

    - التعليم بالقدوة

    - التعليم بالتكرار

     

    [من كتاب رفقا بعقيدتي يا أمي ... تأليف أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت]


  18. الصلاة في حياة الأبناء

     

    كم هو جميلٌ أن تتحوَّلَ عادةُ ابنك في تقليدِك في الصلاة إلى حبٍّ وتعلُّقٍ وشعور بالراحةٍ والطمأنينة، فينشأ قلبه متعلقًا بالله.

     

    ولن يحدُثَ هذا إلا إذا شعَر بحبِّك وتعلُّقِك بالصلاة، وطمأنينتك فيها وراحتك عند سماعِك تردِّدين قولَ رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: «يا بلالِ أقم الصلاة، أرحنا بها «.

     

    وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «وجُعِلت قرةُ عيني في الصلاة» .

    فيتربَّى على أن الصلاةَ مصدرُ راحةٍ من الهموم، وأنها مصدرُ الطمأنينة والسكينة، وكيف لا وهي صلةُ الوصل بيننا وبين الله عز وجل؟!

     

    وقد اهتم السلفُ الصالح بتعويد أبنائهم على الصلاةِ منذ الصغر؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: حافِظوا على أبنائكم في الصلاة، وعوِّدوهم الخيرَ؛ فإن الخيرَ عادةٌ .

     

    وقال محمد بن نصر المروزيُّ - رحمه الله - معلِّقًا على هذا الأثر: ففي هذا دلالة أن يؤمَروا بالصلاة صِغارًا؛ ليعتادوا، فلا يضيِّعوها كبارًا، فإن اعتادوا قبل وجوبِ الفرض عليهم، فذلك أحرى أن يلزَموها عند وقتِ الفرض .

     

    وروي عن ابن سيرين أنه قال: يُعلَّم الصبيُّ الصلاةَ إذا عرَف يمينَه من شِماله .

    وروى أبو معاوية عن هشام عن أبيه رضي الله عنه: أنه كان يعلِّمُ بنيه الصلاةَ إذا عقَلوا .

     

    [من كتاب رفقا بعقيدتي يا أمي تأليف أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت]

    • معجبة 1

  19. اللهم آمين يا رب ولكِ بالمثل وزيادة

     

    يبدو أنك لم تنتبهي من السؤال وأن الأم حاولت فعلا، لذلك كان لابد من اللجوء للحيلة حتى لا يتم الزواج الان

    لعل الله يصلحه وينير بصيرته في اختيار الزوجة المناسبة


  20. شاب صغير يرغب في الزواج من فتاة من أسرة مفككة

     

    (استشارة)

     

    المجيبة: أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أختي أم عبدالرحمن، جزاك الله خيرًا، هذا ابن أخت أعرفها يبلغ من العمر الثامنة عشرة، يحب فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، والداها منفصلان، وهي تعيش وإخوتها في شقة غير شقة والدها؛ لأنه متزوج من أخرى، ولم يحصل بين الأولاد والزوجة الجديدة توافق، الوالد يعيش في عمارة وحيّ آخر، والبنت في مرحلة مراهقة، ويتواصل معها هاتفيًّا، وقد يصل الأمر لزيارتهم، الولد والده متوفى، ويحفظ القرآن، لكنه لديه مخالفات شرعية، تعبت والدته من محاولة إيقاف العلاقة، هو يريد تزوجها بعد إنهاء دراسته، ولكن الأم تحس أنها ليست الفتاة المناسبة له؛ لأن الغالب في الزواج ارتباط أسر، وليس الفتاة والفتى، فما هي نصيحتك لها؟

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...

    حياك الله أخيتي وبيّاك، ويسّر لأختك أمرها وأعانها!

    يمر الشباب والفتيات في مرحلة البلوغ بالعديد من التغيرات النفسية والجسدية، التي ينبغي لكل أمٍّ الانتباه لها؛ ليعينوا أبناءهم على تخطّي تلك المرحلة، ومن ضمن ما يمر به الأبناء في تلك المرحلة: إشباع احتياجهم العاطفي، والشعور بالاهتمام، وتقدير الذات، ولأن غالب الأسر لا تنتبه لذلك، فقد يلجأ الأبناء إلى البحث عنها بالخارج، ويغلِب على ظنه أن مشاعره تلك حقيقية وليست وقتية، فيتمسك بها، ولا يقبل التنازل عنها؛ كونها تعبر عن ذاته وكيانه، وهذا ما حدث مع هذا الشاب، خصوصًا أن الفتاة هي أيضًا تمر بمرحلة صعبة بسبب انفصال والديها، وتبحث عمن يحتويها ويشبعها عاطفيًّا؛ مما أدى لتعاطف ذلك الشاب معها.

    فهو تعرَّف على تلك الفتاة، وتعلق بها، وشعر معها أن له ذاتًا وكيانًا، وأن هناك من يهتم به ويقدره؛ ولذلك فهو لن يتنازل عن حُلم الزواج منها بسهولة، ولن يستطيع التفكير بعقلانية وواقعية؛ لذلك على والدته أن تجاريَه وتظهر موافقتها له، وتخبره أن هذا قراره، وأنه من سيتحمل المسؤولية، سواء كان قراره صائبًا أم خطأ، وتوضح له (بموضوعية وبدون ذم للفتاة أو أسرتها): أن سبب اعتراضها أن والدي الفتاة منفصلان، وأن الفتاة تسكن بعيدة عنهما؛ مما سيؤثر على نفسيتها فيما بعد؛ فهو عندما يتزوج سيكون مسؤولاً عن بيته وزوجته، ومع مرور الوقت سيضطر للتعامل مع مشاكل والديها، خصوصًا لو كانت تمس الفتاة، ولو انقطع عنهم ولم يتعامَلْ مع مشاكلهم، فالفتاة لن تستطيع نسيان أهلها، وستفكر دومًا فيهم وفي مشاكلهم؛ مما سيؤثر على نفسيتها وبيتها مع زوجها، وهكذا تكون والدته وضَّحت له بالتفصيل مخاوفها بأسلوب يتقبله ابنُها، مع التأكيد على أنها لا تمانع الزواج بشرط، وهو: أن يتوقف عن التواصل مع الفتاة حتى تتم الخطوبة رسميًّا بعد الانتهاء من دراسته، والأفضل بعد أن يجد عملاً ينفق منه، (كلما استطاعت إقناعه بطول الفترة كان أفضل)؛ بحيث يكون قد استعد لتحمل مسؤولية البيت كاملة، وتوضح له أن سبب الانقطاع هو أن ما بني على حرام فلن يبارك الله فيه، واختلاطه بالفتاة هكذا وزيارته لها محرَّم شرعًا، وتحاول إقناعه بذلك، لا أن تفرض عليه؛ حتى لا يتواصل مع الفتاة بدون علم الأم.

    في تلك الفترة التي سيكون فيها بعيدًا عن تلك الفتاة، على والدته أن تتقرب إليه، وتشبعه عاطفيًّا، وتردد على مسامعه جملاً مثل: "ما شاء الله صرت رجلاً، وقريبًا ستتحمل مسؤولية بيت"، وتحاول أن تشعره فعلاً أنه رجل يستحق الاحترام والتقدير، وتأخذ رأيه في بعض الأمور، وتنفذ رأيه، وتثني على رجاحة عقله، وتحاول أن تعتمد عليه بقدر المستطاع؛ ليشعر بذاته.

    وتحاول كذلك أن تجمعه مع بعض الصحبة الصالحة، وتعينه على العمل والاعتماد على النفس في نفس وقت دراسته، متحججة بأنه يحتاج لتجهيز نفسه من الآن، وبالتالي ينشغل عن فتاته بقدر المستطاع، والأهم من كل ما سبق هو الدعاء بكثافة؛ بأن ينير الله بصيرته، وأن يوفقه إلى فتاة صالحة تعِينه على طاعة الله.

    مع الاستخارة دومًا في: هل زواجه من تلك الفتاة فيه خير أم لا؟ وكذلك حثُّه على الاستخارة باستمرار، فلا تدري أين الخير؟ وهل هي الأنسب له أم غيرها؟ ولا يدري ذلك سوى الله عز وجل!

     

    وأسأله سبحانه أن ينير بصيرته إلى الاختيار الأصوب!

    وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين!

    • معجبة 1

  21. الدعاء في حياة الأبناء:

     

    للدعاء سِحر خاص في تأليف القلوب وحثِّها على الخير لا سيما مع أبنائك الصغار، فما أجملَ أن تبدئي كلامَك وتُنهيه بالدعوات لهم مما يزيد من محبتك في قلوبهم، كأن تقولي لهم:

    • أعطِني الكوب.. الله يرضى عنك!
    • جعلك الله من الصالحين، أحضِرْ لي الشال أتدثَّر به!
    • حفظك الله، هل ممكن تغلق الباب؟
    • احفظ وردك من القرآن، جعلك الله من أهله وخاصته.
    • وغيرها من الدعوات المؤلفة للقلوب.

    ومن القصص الواقعية الجميلة في هذا الأمر أن أختًا رزقها الله بسبعة من الأبناء حفظوا القرآن جميعا في سن مبكر، وحينما سُئلت عن طريقتها في تحفيظهم، أجابت: كلما أحسَن أحدهم عملاً، كنت أدعو له وعلى مسامعه: "بارَك الله فيك وجعَلك من حفَظةِ القرآن"، متمنية أن توافق ساعة إجابة، والحمد لله الذي منَّ عليَّ بحِفظهم جميعًا لكتاب الله.

     

    . . ... . .

     

    وهنا وجب التنويه عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء على الأبناء لأنه من أسباب فسادهم وشقائهم

    فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة نيل فيها عطاء فيستجاب لكم»[1]

    وذكر أن رجل جاء إلى عبد الله بن المبارك يشكو له عقوق ولده،

    فقال له: هل دعوت عليه؟

    فقال: بلى.

    فقال عبد الله بن المبارك: أنت أفسدته.[2]

     

     

    [من كتاب رفقا بعقيدتي يا أمي تأليف أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت]

     

     

     

    [1] رواه أبي داوود (1532) صحيح

     

    [2] إحياء علوم الدين ج2 ص 59

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×