اذهبي الى المحتوى

سوزان بنت مصطفى بخيت

إشراف ساحة الاستشارات
  • عدد المشاركات

    137
  • تاريخ الانضمام

  • تاريخ آخر زيارة

  • الأيام التي فازت فيها

    2

مشاركات المكتوبهة بواسطة سوزان بنت مصطفى بخيت


  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حياكِ الله حبيبتي أزهار البنفسج

    وبارك الله فيكِ وفي ابنتك حفظها الله

    تأملت استشارتك وما فيها من العبر

    ففي حياتنا محطات كثيرة نحتاج للتوقف عندها لنقرر، هل علينا النزول أم الإستمرار؟
    قد يكون القرار صعبا
    وقد يكون يسيرا
    لكنه حتما سيكون له أثر بليغ،

    فبمجرد أن تأخذي القرار، فليس من السهل التراجع عنه خاصة حينما يكون قرار مصيري

    وقد رزقك الله بالزوج وتوَّج الزواج بطفلة صغيرة
    لكنك وجدتِ عدم قدرة على الاستمرار في رحلتك معه، ومما ذكرتيه، فأنت ترين أن هذه الحياة لم تكن سعيدة بالنسبة لكِ ولذلك قررتِ الطلاق رغم أنك يتيمة كما ذكرتِ وكنت قوية وشجاعة وأخذتِ قرار وثبتِ عليه خمسة سنوات لم تحرمي فيها زوجك من ابنته.

    هنا انتهت القصة

    لكنها عادت لتبدأ من جديد
    عادت من أجل من يتدخلون للصلح بينكم حتى تعيش ابنتك بين أبويها وبدأ يتسرب معها الخوف من أن تكوني ظالمة لابنتك.

     

    حبيبتي،

    أن قرار الزواج والطلاق يتعلق بالزوجين في المقام الأول
    ولابد أن يكون الطرفان في قبول وراحة نفسية فالزواج ميثاق غليظ يُبنى على المودة والرحمة،

    فإن فقدت المودة والرحمة بين الزوجين، فلن تكون هناك سكينة ولا طمأنينة في البيت،

    ولن تنتفع ابنتك بعيشها معكما، بل العكس ستتمنى لو استمريتم بالانفصال حتى تعيش في راحة وهدوء

    فحبذا لو تُخرجي ابنتك من المعادلة، وتحاولي التركيز عليك أنت وطليقك
    مشاعرك نحو طليقك هي نتيجة تجارب مررتِ بها منذ خمس سنوات

    فما رأيك أن تنسي هذه المشاعر، وتحاولي النظر لمواقفكما معا بنظرة حكيمة خاصة أنه قد مرت خمسة سنوات على طلاقكما وأكيد رؤيتك ونظرتك لحياتك اختلفت الآن وأصبحت أكثر نضجا

    واستخيري الله عز وجل كثيرا هل تقبلين رغبة زوجك بالعودة لكِ أم لا

    وفكري هل ابنتك ستكون سعيدة وتعيش في جو أسري صحي نفسيا بالنسبة لها؟
    أم أنها ستجد بيت مليء بالمشاكل والخصام والصراخ؟

    وبعد هذا يمكنك أن تقرري إن كان الأفضل العودة لطليقك أم لا

    يسر الله أمرك وأعانك ووفقك لكل خير

    • معجبة 1

  2. في ١٦‏/٦‏/١٤٤١ هـ at 20:40, قالت محبة الخير 14:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.صراحة موضوع جد رائع.واختنا ام ااعبادلة مثال في الإصرار والمثابرة حقا اعجبتني شخصيتك وعنادك لطلب العلم .أنا دائما أحاول حفظ القرآن الكريم لكن كثيرا ما أتوقف لانشغالي بالبيت والوظيفة وقلة تنظيم الوقت .رجاءا انصحيني كيف أواصل وجزاك الله كل خير .ذكرا

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    ربي يبارك فيكِ حبيبتي

    وبارك الله فيكِ ووفقكِ لكل خير

    المشاغل مستمرة معنا سبحان الله ولا تتوقف وحينما تكون بشكل غير منظم، طبيعي جدا أن تؤثر على كل شيء بحياتنا

    فنصيحتي لكِ أن تبدئي بالاهتمام بتنظيم وقتك

    وفي قناتي بمنصة التليجرام، نشرت دورة بعنوان "قيمتك بيومك وليست بغدك"
    ستجدينها على هذا الرابط وبعون الله تفيدك بتنظيم الوقت https://t.me/SuzanneBekhit/616

    وحتى يتيسر لكِ حفظ القرآن فلابد أن يتعلق قلبك بالقرآن من خلال التفسير والتدرب والعيش مع الآيات، فهو أفضل سبيل لضمان استمرارك ومواصلة بالحفظ


  3. ~
    #صدقة
    #تحدي_أمسك_عليك_لسانك 👅

    اكتشفت اليوم شيئا ليس جديدا
    لكن أحببت تسليط الضوء عليه وأن يكون لي وقفة معه.

    لاحظت أنه لا يوجد أي لقاء بأي مكان سواء على أرض الواقع أو شبكة الإنترنت إلا ولابد أن يدور الحوار فيه عن الأهل أو الأولاد أو الأصدقاء أو الأغراب، وما فعلوه أو سيفعلوه أو مواقفنا معهم أو ...

    فتعجبت وقلت ألا نستطيع إدارة حوار كامل مدته ساعة بدون أن نتحدث عن سلوكيات أي شخص آخر؟
    وبحثت في ذهني عن أي مواقف للرسول صلى الله عليه وسلم تشبه حالنا اليوم ولم أجد، مما يدل على وجود خلل شديد بحياتنا 💔💔.

    بل وجدت العكس تماما، كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينبه الصحابة رضوان الله عليهم أن يحذروا ألسنتهم وخطورتها، كقوله لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: (ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم) [رواه الترمذي]

    فأغلب الكلام يكون غيبة أو نميمة أو بهتان أو حسد أو انتقاص أو ... مما يترتب عليه الكثير من الذنوب.
    ونادرا جدا جدا لو كان غير ذلك.

    كما أن لهذه الكلمات تأثير بالغ على القلوب وعلى علاقاتنا بمن حولنا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة رضوان الله عليهم: (لا يُبَلِّغُنِي أحدٌ من أصحابي عن أحدٍ شيئًا، فإنِّي أحبُّ أن أخرج إليكم وأنا سَلِيم الصَّدر) [رواه الترمذي]


    ثم تذكرت كيف كان حالي حينما بدأت هذا التحدي منذ ثلاث أعوام تقريبا
    كان عجيبا وشاقا أحيانا، لكنه كان ممتعا للغاية وجعلني أكتشف شخصيات من أقابلهم، 

    • هل في حياتهم أهداف وطموحات نتناقش حولها؟ 

    • هل هي قارئة للكتب لنتبادل فوائدها؟

    • هل تحضر دورات او تستمع لمحاضرات مفيدة نتحدث عنها؟

    • هل تهتم بتطوير ذاتها فنتبادل النصائح والخبرات؟

    • هل وهل وهل ...

    أم 
    أن حياتها خاوية تماما من كل هذا وتعيش على القيل والقال، ولو توقفت عن ذلك تجديها صامتة لا تجد ما تتحدث عنه.


    💪 لذلك أحببت اليوم أن تشاركوني التحدي متأسيين بحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم  💪

    تحدي 👅 أمسك عليك لسانك 👅

    سيكون التحدي مبدئيا لمدة ثلاثة أيام، ويسعدني مشاركتك لي 🌺 

    لتخبريني ماذا اكتشفتِ عن نفسك في هذه الفترة
    وما المعوقات التي واجهتك لنحاول أن نعالجها معا.

    وسأنتظر رسالتك بالبوت  @SuzanneBekhit_Bot

    ثم سأقوم بنشر مشاركاتكن وتعليقي عليها 👌

    🌺 ولا تنسي مشاركة المنشور مع كل رفيقاتك ودعوتهن لمتابعة القناة ومشاركتنا بالتحدي 💪 🌺

    لكِ مودتي
    سوزان بنت مصطفى بخيت


    🍃🌷🍃🌷🍃

    رابط القناة
    http://t.me/SuzanneBekhit

    ~

    • شاكرة 1

  4. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

    حياكِ الله بنيتي

    هل تعلمين أن أكثر ما أحببته فيكِ هو حسن خلقك ورغبتك في تقوى الله في سلوكك وأفعالك.

    وقد أعجبني جدا حرصك الشديد في التعامل مع الشباب، فهذا من سمات الفتيات الخلوقة ومن معالم الأنوثة التي بدأت تندثر.

    أما فيما يخص لعبك مع رفيقاتك، فما رأيك أن تأتي بجواري لنشاهد سويا كيف كانت تلعب رفيقاتك

    تخيلي أنك جالسة على مسافة منهم وتشاهديهم، يا ترى كيف سيبدو لكِ سلوكهم؟ 
    هل سيلفت نظرك صوتهم العالي؟ 
    إن كان نعم، فكيف ستكون نظرتك لهن وهن في تلك الحال؟
    والآن تخيلي أن هناك شباب جالسون، 
    هل سيتجاهلون تلك الأصوات كما يتجاهلون أصوات الشباب؟
    أم سيغويهم الشيطان للمتابعة والنظر إليكم ومتابعة كل صغيرة وكبيرة تفعلها رفيقاتك؟
    والآن تخيلي نفسك جالسة مع رفيقاتك وهؤلاء الشباب جالسون يشاهدونكم ويستمعون لأحاديثكم وحواراتكم، ماذا سيكون شعورك وقتها؟
    وكيف سيتعامل معكم هؤلاء الشباب بعد ذلك؟ هل سيستمرون في رسميتهم حفاظا على الحدود التي وضعتيها؟
    أم سيشعرون بنوع من الألفة والحميمية لأنهم وجدوا أنك لا تمانعين مشاهدتهم لعفويتك وضحكاتك مع رفيقاتك؟


    بنيتي،

    من فضل الله عليك أن رزقك نفسا لوامة حريصة على تقواها

    ومن فضله عليك أنه وفقك للإنتباه لنفسك وسلوكك، فحافظي على ذلك حبيبتي بتقوى الله في كل صغيرة وكبيرة

    وهذا لا يعني أنك لا تستطيعين الاستمتاع بصحبة رفيقاتك، وإنما معناه أن تنتبهي للتوقيت والمكان والكيفية التي تناسبك كأنثى وفتاة.

    أسأله سبحانه أن يوفقك لما يحبه ويرضاه


  5. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    من الأمور التي يقع فيها الكثيرون هو الإستسلام لوساوس الشيطان بسبب عدم معرفتهم بمداخله وحيله المختلفة وكذلك قلة الوعي بالأمور الشرعية.

    يا حبيبتي،

    الرياء لا علاقة له مطلقا بمعرفة الناس بالأعمال الصالحة، وبالتالي لن يفرق إن أخبرتيهم أو أخفيتي عنهم حفظ القرآن.

    وإنما الرياء هو أن تقومي بالعمل الصالح حتى يراه الناس فتنال إعجابهم ومدحهم وتلفت أنظرهم، بدلا من أن تقوم به قربة لله وعبادة له.

    لذلك حذرنا الشرع منه لأن هنا تحولت من عبادة الله إلى عبادة الناس، ولذلك يُسمى بالشرك الأصغر.

    والحل هنا يكون بتجديد النية دوما والمداومة على الدعاء بأن يجعل الله عملك كله صالحا وأن يجعله لوجهه خالصا، ولا يجعل لأحد فيه شيئا.

    وكلما طاردتك وساوس الشيطان، عليك بتجديد النية والإستمرار بعملك وعدم الاستسلام له، فهو لا يريد منك سوى تثبيطك ومنعك عن الخير.

    وتذكري حبيبتي لو كان الحفظ والتسميع على يد معلمتك من الرياء، لأمتنع عنه أهل العلم

    وكذلك تشجيع رفيقتك لك، فهو من باب قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام : {هَـٰرُونَ أَخِی (٣٠) ٱشۡدُدۡ بِهِۦۤ أَزۡرِی (٣١) وَأَشۡرِكۡهُ فِیۤ أَمۡرِی (٣٢) كَیۡ نُسَبِّحَكَ كَثِیرࣰا (٣٣) وَنَذۡكُرَكَ كَثِیرًا}

    أما فيما يخص جمع أحبتك عند ختمك للقرآن، فلقد كان من هدي السلف الصالح أن يجمعوا أحبتهم ليدعوا ويؤمنوا على الدعاء عند ختم القرآن.

    لذلك اهدئي وخففي عن نفسك واجتهدي بتجديد النية دوما، وكلما وسوس لكِ الشيطان، جددي نيتك فورا وقولي يا رب هي لك فقط سبحانك.

    اما فيما يخص تحصين قلبك، فمن أجمل ما سمعت كلام للشيخ الشنقيطي حفظه الله يقول كيف لشخص عرف الله حق المعرفة أن يدخل قلبه الرياء بعدما يعرف بضآلة نفسه، لذلك أنصحك بتعلم العقيدة والتوحيد وأسماء الله الحسنى.

    وفقك الله ورعاكِ ويسرك لك الخير.


  6. أما فيما يخص رسالتك الأولى

    https://akhawat.islamway.net/forum/topic/355748-التردد-في-اكمال-الزواج/

    حينما أدت قرائتها، لاحظت الآتي:

    - تعتمدين على الفكر والحرية الشخصية بحدود الدين والمنطق.
    في حين أنه شخصية تقليدية تقيده العادات والتقاليد نوعا ما.

    - عند عدم قبوله وجهة نظرك، يقابلها بالعصبية والاستهتار

    - اسلوبك جاف وتفقدين اعصابك حينما لا يتقبل كلامك.

    - ترغبين أن يتقبل رغباتك لكنه ينتقدها ويرفضها
    وفي المقابل يريدك أن تتقبلي أراؤه وأن تكون القيادة له وكلمته التي تسير

    - يستمع اليك ثم يختار ما يريحه ولو سمع منك ما يتعارض مع وجهة نظره تحدث مشكلة فتتضايقين

    - تحدثتي معه عن الحياة الزوجية وأنها شراكة وليست انفراد بالرأي

    - يريدك أن تعيشي بقناعاته

    - تعتبرينه مقصرا لأنه لا يرسل لك المال بفترة خطوبتك

    - بيتوتي ولا يحب الاختلاط

    - تتمنين لو تغيرين تفكيره

     

    مما سبق اتضح لي أن نمط شخصيتك شمالي غربي، لذلك تتسم شخصيتك بالقوة والرغبة بالتحرر من أي قيود أو روتين مع حب التجديد بإستمرار
    في حين أن نمط خطيبك السابق، شمالي شرقي، فهو يحب الراحة والروتين والتقاليد وينزعج من اي شيء مختلف عما أعتاده.

    وعدم إدراك أي منكما للأنماط الشخصية واختلافها في التفكير والمشاعر وردود الأفعال، تسبب في كثير من الصدامات بينكما،

    ونفس الشيء مع عدم إدراك أي منكما للفرق بين طبيعة الأنثى والذكر في التفكير والمشاعر وردود الأفعال.

    ولن تزول هذه الصدامات حتى تتعرفي على طبيعة نمطك ونمطه وتتفهميها جيدا لتتعلمي كيف تتواصلي معه.

    فبدون مهارات التواصل الإجتماعي وبدون القدرة على فهم من حولنا وفهم اختلافهم الشخصي عنا، سيحدث صدامات شديدة جدا بيننا،

    والحمدلله كل شيء أصبح سهل تعلمه من خلال الإنترنت.

     

    الأمر الثاني
    واضح جدا أن هناك ندية شديدة في التعامل بينكما وهي من الأسباب الرئيسية في الخلافات بينكما

    فأنت ترين أنك الأصح وأنه لابد أن يتبع رأيك
    وهو يرى أنه الأصح ولابد أن تتبعي رأيه

    وهنا يا بنيتي، دعيني أهمس في أذنيك بأمر غفلت عنه الكثير من النساء

    وهو أن قوة الشخصية والإصرار على الرأي تتنافي مع أنوثتك، فتلك الصفات هي خاصة بالرجال وتتناسب مع شخصيتهم العملية.

    لكننا نحن معشر النساء، من أهم ما يميزنا هو اللين بغير ضعف، والطلب بغير إلحاح، ومن خلال رقتك وجمال شخصيتك وسحرها الذي لا يستطيع الرجل الحازم أن يصمد أمامه إن أحسنتِ استخدامه، وقتها ستمتلكين قلب زوجك وسيكون هو من يرغب بالسعي لتلبية طلباتك وآراءك.


    كذلك يا بنيتي، من المعروف أن القوامة بيد الرجل،

    فحينما يراك تتخلين عن فطرتك كأنثى وتبدئي تنازعيه في دوره، فمن الطبيعي جدا أن يحتد معك ويرفض رغباتك حتى لو كان مقتنع أنها صحيحة، وما ذلك إلا لأنه يريد أن يخبرك أنه لن يقبل بما يظنه تسلط منك ورغبة في منازعته في قوامته، وقد يكون هو أيضا لديه أفكار مغلوطة عن الزوجة ودورها، وما تفعلينه من طريقة للتعامل معه، ستزيد الأمر سوءا.

     

    وتذكري يا حبيبتي، أنه من سنن الحياة أن يكون لكل مكان قائده،

    وكما قيل: المركب التي لها قائدين حتما ستغرق.
    فالأسرة يقودها الأب
    والمدرسة يقودها المدير
    والفصل يقوده المعلم
    وهكذا الحال بكل مكان.

     

    والله عز وجل قد جعل القوامة للرجل من باب التكليف وليس التشريف.
    والرجل بشر وليس ملاك وعادي جدا لو من وجهة نظرك أخطأ بقرار ما، اتركيه يخوض التجربة ويتعلم من أخطائه كما نتعلم جميعا.
    اتركيه يؤدي دوره الذي كلفه الله به، ومع مرور الوقت سيعلم أن رأيك كان الأصوب وسيثق فيك، فقط في حالة انك اشعرتيه باحترام قراره ورؤيته ولم تنازعيه على دوره كرجل ولا على دوره كزوج يقوم برعاية الأسرة، أو حتى أب في المستقبل.

    واعلمي حبيبتي انه بإمكان أي زوجة أن تملك قلب زوجها بسهولة جدا مهما كانت شخصيته، فقط إن هي أحسنت طريقة التواصل معه بما يتناسب معه.

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما رَأَيْتُ مِن ناقِصاتِ عَقْلٍ ودِينٍ أذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحازِمِ مِن إحْداكُنَّ) [رواه البخاري]

     

    لذلك دعيني أهمس إليك بما تحتاجين القيام به بالفترة القادمة:

    • تحتاجين للتوقف تماما عن التفكير فيما حدث لأنها تجربة وأنتهت والتفكير لن يغير فيها شيء.
    • خذي هدنة بضعة أشهر لا تفكري فيها بالإرتباط بأي شخص، وإنما ركزي على تطوير نفسك والإرتقاء بها حتى لا تتكرر أخطاءك السابقة.
    • لو كنتِ محبة للقراءة، فأكثري منها، ولو محبة للسماع، فاجتهدي بالتعلم من خلال السماع باليوتيوب وغيره.
    • اهتمي بتعلم الأنماط الشخصية المختلفة وسمات كل منهم وكيفية التعامل معهم لتفهمي نفسك أولا ثم تفهمي من حولك لتتعلمي كيف تتواصلي مع كل شخصية بما يناسبها.
    • اهتمي بتعلم مهارات التواصل مع الآخرين وكسب قلوبهم.
    • اهتمي بتعلم الفرق بين طبيعة الرجل والأنثى في المشاعر والتفكير وردود الأفعال، ومن أشهر الكتب في هذا المجال، "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة" ، "تصرفي كسيدة وفكري كرجل"
    • اهتمي بالتعلم عن الحقوق الشرعية بين الزوجين وحق كل منهما على الآخر، ليس لتطالبي بها وإنما لتؤدي مع عليك تجاه زوجك بالمستقبل، ومن باب المعرفة لما هو حقك فعلا وما ليس كذلكز، وكذلك اهتمي بالتعلم عن المعنى الحقيقي للمودة والرحمة بين الزوجين ومعنى القوامة.

    وأوعدك أنك لو اتبعتِ نصيحتي، ستتغير أمور ومفاهيم كثيرة جدا لديك، وسيكون هناك نقلة كبيرة جدا بشخصيتك وعلاقاتك مع من حولك لأن أغلب مشاكلك سببها قلة الوعي وقلة المعرفة.

    أسأله سبحانه أن يلهمك يرشدك ويوفقك لما فيه الخير لكِ في دينك قبل دنياك.


  7. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    حياك الله بُنيتي وبياكِ وجعل الجنة مثواكِ
    وأسأله سبحانه أن تكون حالتك النفسية أفضل الآن 

    قرأت رسالتك السابقة التي تحدثتِ فيها عن مشكلتك بالتفصيل
    ثم قرأت رسالتك الحالية التي ذكرتِ فيها أنك أخذتِ قرار الإنفصال ونفذتيه فعلا ومع ذلك متخوفة من أن تكوني ظالمة.

    بنيتي الحبيبة
    أشعر بك تماما وبما تمرين به من تشتت وألم وتخبط وهذا أمر طبيعي جدا لصغر سنك وقلة خبرتك
    فمن خلال رسالتك الأولى والثانية لاحظت أن معلوماتك قليلة عن فن التواصل وفهم طبيعة تفكير الرجال عامة 
    وكذلك معلوماتك قليلة عن الزواج وما يتعلق به.

    وهذان السببان الرئيسيان في كل المشاكل التي تمرين بها
    وبتقوية هذين الجانبين لديك، بعون الله ستتغير رؤيتك وفهمك للكثير جدا من الأمور وعليها ستتغير ردود أفعالك.

    فدعينا نبدأ برسالتك الثانية أولا
    لدينا شخصان أرادوا بناء شركة ليستثمرا معا في مشروع كبير.
    عند كتابة العقد، قام كلا منهما بالاتفاق على بعض البنود التي تجعل إدارة الشركة والتعاملات المادية وغيرها مريحة بينهما.

    ثم مع مرور الوقت، وجد أحدهما أنه لا يحقق أي أرباح من الشركة نهائيا وأراد فسخ العقد بسبب خسارته المستمرة،
    وربما أراد الفسخ لأنه لم يستطع التوافق مع إسلوب الطرف الآخر في الإدارة ويراها سببا لفشل قادم للشركة،
    أو غيرها من الأسباب.

    هل يُعقل هنا أن نقول له كيف تفسخ العقد وأنك ستكون ظالم؟؟
    بالطبع لا، وسيستنكر الجميع أن يُقال كلام كهذا.
    فهذه تعاملات مادية قائمة على المنفعة والمصلحة.

    والآن نعود إليك بنيتي،
    ما يغفل عنه الكثيرون أن الزواج في الشرع هو نوع من أنواع الشراكة بين الزوج والزوجة قائم على المنفعة للطرفين.

    لكن الفرق بين شراكة الشركة، وشراكة الزوجين
    أن العلاقة بين شركاء الشركة كلها تعاملات إدارية ومادية خالية من المشاعر.
    في حين العلاقة بين الزوجين أساس نجاحها هو المودة والرحمة والسكينة بينهما، بالإضافة لتفهم كل منهما للآخر ووجود القبول.

    في الشركة، توجد قوانين لأدق التفاصيل في التعامل.
    أما في الحياة الزوجية، فرض الله الشكل العام للتعامل بين الزوجين، والتفاصيل تُركت ليقوم بها كلا من الزوجين بحب ونفس راضية وبما يتناسب مع ظرفهما التي تختلف من شخص لآخر.

    فمثلا الزوج مسئول عن أساسيات المأكل والمشرب والمسكن للزوجة بما يتوافق مع ظروفه المادية ورؤيته للحياة، 
    وإن زاد عن ذلك طواعية منه فهو كرما وتفضلا منه كالمصروف الشخصي والكماليات وغيرها.
    وهنا يأتي دور الزوجة في فهم زوجها وطبيعته وكسب قلبه ليعطيها ما تريد بحب وصدر رحب.

    إذن، لو افترضنا أن أحد الزوجين كان متضررا من الحياة الزوجية ضررا حقيقيا،  
    فهل من المنطق أن نقول لو انفصلتِ ستكونين ظلمتِ الطرف الآخر؟ بالطبع لا.
    فقرارك بإستمرار الزواج لا يقوم على أساس ما يناسب الطرف الآخر وإنما يقوم على أساس ما يُناسبك أنت ولا يحق لأحد أن يتهمك بالظلم أو الأنانية.

    فالله عز وجل شرَّع الطلاق، بشرط أن يكون هناك ضررا فعليا يقع عليك، فعقد الزواج هو الميثاق الغليظ الذي لا ينبغي للأهواء أن تتحكم فيه.
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) صححه الألباني في صحيح أبي داود 

    وهذه من أحد الفتاوى:
    ويجوز للمرأة أن تطلب الطلاق أو الخلع إن وجد ما يدعو لذلك ؛ لما روى البخاري (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).
    وقولها : " ولكني أكره الكفر في الإسلام " أي أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه .. ونحو ذلك .
    موقع الإسلام سؤال وجواب

    وبالتالي لو ترين أن هناك ضررا فعليا سيضر بك في حياتك الزوجية والتي هي مشروع العمر، فمن الأفضل أن ترفضي الآن بدلا من القبول والعيش بقية حياتك في تعاسة وندم وعذاب.

    كل هذا يصلنا إلى نقطة أنك لن تكوني ظالمة لخطيبك السابق، وأنه ليس له علاقة بقرارك نهائيا بغض النظر عن ما سيترتب عليه من حزن وألم له نتيجة قرارك.

    أما هل أنت ظالمة لنفسك أم لا، فهذا أمر يعتمد هل هناك سبب جوهري يستحق أن تنفصلي فعلا عنه أم لا؟
    هل بذلتِ الأسباب فعلا للتعلم ومعرفة كيفية التعامل الصحيح معه؟
    هل بحثتِ عن حقوق الزوجين بالشرع وما لهما وما عليهما لتقفي على أرض صلبة أثناء التحدث معه بشرط أن تراعي أسلوب الحوار بما يتناسب مع طبيعة شخصيته؟
    هل تعلمتِ فن التواصل والتحاور والأسلوب الحسن الذي يأسر القلوب مع الناس عامة وجربتِ أن تتعاملي معه به وفشلتِ في التواصل؟
    وغيره الكثير والكثير من الأمور التي تحتاجين للنظر إليها وقد أعلق عليها في تعليقي الثاني بعون الله

    لي عودة بتعليق أخر فيما يتعلق برسالتك الأولى بعون الله والتي أرسلتيها قبل انفصالك عنه.


  8. 🍃 كم نصيبك من السُنَّة؟ 🍃

    جلست جمانة تنصت بإهتمام لحوار رفيقاتها.

    فقد كان الحوار غاية في المتعة والجمال 💕.

    تحدثت فيه إحداهن بكلام يدغدغ الأرواح ، 
    كيف لا وقد كان الحديث عن حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.

    وكانت تجيب على أسئلتهن بطريقة جعلتهن يشعرن بالشوق الشديد لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ❤️.

    فقد أشعلت حبه بداخلهن وربطت هذه المشاعر بواقعهن الحالي بشكل عجيب، حتى أنهن عزمن النية على الاجتهاد بتعليم أطفالهن الاقتداء به في جميع شئون حياتهن.

    عادت جمانة لبيتها وهي تفكر بحماس 
    ما هي السنن التي يمكن لأطفالي مشاركتي فيها 🥰؟

    ثم قالت ربما الأفضل أن يبدأن بما التزمت به فعلا ثم نتدرج معا للبقية.

    بدأت جمانة تفكر بالسنن التي تطبقها بالفعل.

    بدأت تبحث وتبحث 
    ولم تجد شيئا 😳
    ظلت تعصر عقلها محاولة أن تتذكر متى كانت آخر مرة طبقت فيها أي من السنن التي كانت تحافظ عليها،
    ولم تجد 😳😳😳

    أصاب جمانة حالة من الذهول وهي تردد: ما هذا ؟
    أين السنن التي كنت أطبقها؟
    مستحيل 😢😢😢
    لا يمكن أن تكون هذه أنا
    معقول أني لم أعد أطبق أي منها 💔💔💔

    لا أصدق ما أنا فيه
    منذ متى وأنا في هذه الغفلة؟
    منذ متى وأنا في هذا الحرمان ولم أشعر به؟💔💔💔

    كانت فاجعة جمانة كبيرة للغاية
    ولم تدري ماذا تفعل؟

    كانت تفكر، كيف تطلب من أبنائها الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي لم تعد تطبق أي من سننه، والمصيبة الأكبر أنها لم تنتبه لذلك إلا الآن 😭😭😭.

    وظلت تردد:
    اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.
    اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.
    اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.

    شعرت جمانة بالابتلاء الشديد الذي تعيش فيه.

    فبدأت تستغفر ربها 
    تستغفر لكل ذنب اقترفته علمت به أم لم تعلم.
    تستغفر لتقصيرها وتفريطها في الاقتداء بحبيبها المصطفى .
    تستغفر لغفلتها وإنشغالها بالدنيا التي أوصلتها لتلك الحالة 🥀🥀🥀.

    وتستغفر لأنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم الإستغفار على أي تقصير يقوم به، رغم أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، 
    فقد قال صلى الله عليه وسلم: (واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً) [رواه البخاري]

    ••••••••••••••••••

    ومن هنا كانت بداية جمانة وقد عزمت النية على عدم التفريط في السنن قدر المستطاع والاجتهاد بتعليم أبناءها.

    لكن ما زال هناك الكثيرات مثل جمانة، ومنهن طالبات للعلم، أشغلهن طلب العلم عن التطبيق.

    فكيف سيكون حالهن إذا جلسن مع أنفسهن في مواجهة صريحة؟
    كم من السنن سيجدن في حياتهن؟
    واحدة ... إثنين ... ثلاثة ... أم لا شيء.

    نسأله سبحانه أن لا يفجع قلوبنا ولا قلوبكم بمثل هذا الإبتلاء، 
    وأن يرزقنا بصحبة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنة الفردوس الأعلى.


    كتبته
    سوزان مصطفى بخيت
    اكتوبر ٢٠١٩


  9. post-4-1143804249.jpg

     

     

     

     

     

    وأخيرا وبعد طول انتظار

    رابط تحميل كتاب "رفقا بعقيدتي يا أمي"

    دليل إرشادي لغرس الإيمان في قلوب الأبناء بدءا من الحمل وحتى مرحلة البلوغ

    ::

    ::

    إلى كل أم تسعى لإنشاء جيل على طاعة الله ليكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعةٌ يظلُّهم الله - تعالى - في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه» [رواه البخاري] وذكر منهم: «وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله».

    .

    إلى كل أم ترغب أن تعين أبناؤها على إدراك أن الهدف الحقيقي من خلق الله لنا هو عبادته سبحانه، لقوله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]

    .

    أهديكِ أيتها الأم هذه النسخة الأولية من الدليل الإرشادي (والذي كانت بدايته هي سلسلة مقالات نشرتها منذ حوالي عامين) سائلة المولى أن يكون نعم العون لكِ وأنت تكون صدقة جارية لي بعد مماتي، وهي تتكون من حوالي 80 صفحة.

    .

    أسأله سبحانه أن يجعل عملي هذا صالحا وأن يجعله لوجهه خالصاً وألا يجعل لأحد فيه شيئا.

    .

    وأتمنى فضلا نشره على اكبر نطاق لعل هذا الكتاب يكون شفيعا لي يوم القيامة.

    .

    أم عبد الرحمن سوزان بنت مصطفى بخيت

    ذي الحج 1437 - أكتوبر 2016

    .

    روابط التحميل

    الألوكة

    http://www.alukah.net/social/0/108758/

    .

    صيد الفوائد

    http://saaid.net/boo...=106&book=14700

    • معجبة 3

  10. لن تغمض لي عين حتى ترضى

     

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

     

    أما بعد؛ فقد قرأت لإحدى الأخوات وصفًا بديعًا عن الحياة الزوجية؛ حيث شبهتها بحديقة خلابة رأتها بأحد المنازل في شارعهم؛ حيث في تلك الحديقة أنواع كثيرة من النباتات والورود تمَّ ترتيبها بعناية شديدة.

     

    لن يختلف اثنان على أن هذه الحديقة لم تظهَر هكذا فجأة، وإنما هناك من بذل فيها جهدًا لعدة ساعات، قد يكون شخصًا واحدًا، وقد يكونون مجموعة أشخاص بينهم اهتمام واحد وهو حب الزِّراعة، ومهما واجهتهم من مشاكل أو عقبات - الحشائش والآفات - فكل همِّهم منصبٌّ على إيجاد حلول لتخطِّي تلك العقبة والحصول على حديقة جميلة وخلابة، وكذلك الحياة الزوجية تحتاج لمن يرعاها بنفس الأسلوب.

     

    لكن من المهم أن يكون لديكِ القدرة لتتعرفي على البذور التي تحتاجينها لغرسها بحديقتك، كما يَنبغي عليكِ أن تنتبهي للآفات والحشائش التي قد تنمو خلسة منك قبل أن تتحوَّل إلى آفة كبيرة تفسد حديقتك وتَقضي على ورودك.

     

    من المهم أيضًا أن تَنتبهي لتغيُّرات الطقس، فحينما تقل الأمطار ستَحتاجين أن تسقي حديقتك بنفسك حتى لا تجفَّ ورودُها وتذبل، وأعلم أن هذا سيتطلب منك مجهودًا كبيرًا، وقد يأخذ منك ساعات طويلة، لكن لا بدَّ أن تُدركي أنه بدون جهودِك وتعبك ستَذبل حديقتك وتموت.

     

    في "حديقة الزواج"، لا يمكنك الجلوس على الأريكة لتُشاهدي الورود وهي تنمو وتزدهر، فهي لن تنمو وحدها، والله خلقنا لنجدَّ ونُكافح في هذه الدنيا، لذلك لا بد أن تبذلي جهدًا كبيرًا حتى تجني السعادة في حياتك.

     

    أعلم أنه ليس سهلاً، ولن يكون سهلاً، خاصة إذا لم تكوني على علم بكيفية الزراعة وأحدث الوسائل المعينة على ذلك.

     

    ولا بدَّ أن تعلمي أن حديقتك قد لا تزدهر بالفواكه بعد كل جهودك لحِكمة لا يعلمها سوى الله عز وجل، لكنَّكِ ما زلتِ مطالَبة بالعمل والاجتهاد بغضِّ النظر عن النتيجة.

     

    وعلى كل حال لا يَنبغي لك أن تنتظري الأجر على عملك في هذه الدنيا.

     

    تلك الحديقة التي تُغطِّيها قطرات الندى في الصباح فتشع بزهرة الابتسامة الساحرة ووردة الكلمة الطيبة.

     

    تلك الحديقة التي زرعتِ فيها نباتات الحكمة والسداد، وغرستِ فيها نباتات الطاعة بالمعروف فيما يحبه الله ويرضاه.

     

    تلك الحديقة التي اعتنيتِ أنتِ بها عناية خاصة، ووضعتِ بها لمساتك المميزة، وهذبتِ أوراق أشجارها لتظهر بمظهر جميل، وسقيتِها من أشواقك بصوتك الندي الرقيق.

     

    فقطرات الندى هي الصباح المشرق الذي تَستيقِظ عليه الأسرة فترى ابتسامتك الساحرة للقلوب والعقول، وتستمع لكلماتك الطيبة التي تطرب الأسماع وتصل للقلوب، فتبدأ الأسرة يومها في سعادة وسرور.

     

    أما الحكمة والسداد بأن تكوني كيسة فَطِنة، تُدركين بماذا تتكلمين وأين تتكلمين ومتى تتكلمين، وأن تكوني هينة لينة في معاملتك وردود أفعالك، فلا تضرك الرياح ولا تَكسِرك الأعاصير، بل تسير من جوارك بهدوء وانسيابية.

     

    وأما الطاعة لزوجك ورفيق دربك فهي لثقتك به وبحكمته وحسن قراراته، وقبل كل ذلك طاعة لله عز وجل؛ لأنَّكِ مؤمنة أن كل شيء بقدر الله، وأننا لا حول لنا ولا قوة إلا بالله عز وجل، ونَثِق فيه أنه سيُوفِّقنا لكل خير فقط حين نستعين به ونلجأ إليه ليُعينَنا على اختيار ما يحبه الله ويرضاه.

     

    أما لمساتك فهي بصمتك الأنثوية الخاصة في حياة أسرتك، لتُصبحي جزءًا من حياتهم لا يستطيعون الاستغناء عنه، فتَسحريهم بأكلاتك الراقية، وتُعينيهم على الوصول لحاجاتهم بتَرتيبك المميز لملابسهم وأغراضهم، وتشاركيهم اهتماماتهم، وتعوديهم على أن قطعة الحلوى الخاصة بهم لن تكون شهية إذا لم يُشارِكوك بقَضمة منها، فأنتِ هنا لستِ زوجة ولا أمًّا، بل أنت طفلتهم المدلَّلة (طفلة زوجة وأبنائك).

     

    ومن أهمِّ اللمسات الأسرية: احتواؤهم وإشباعُهم عاطفيًّا، ومُشاركتهم بالجلوس معهم مرةً أسبوعيًّا في أي مكان عام لشرْب مشروبك المنعش الجميل بعيدًا عن مشاغل الحياة، لتتبادَلوا الطرائف والضحكات.

     

    ومن أهم لمساتك الزوجية:

    أن تُرسلي لزوجك على الأقل رسالتين في الأسبوع لتبثِّي أشواقك أو تُذكِّريه بموقف طريف بينكما، أو تلمِّحي له بحركة رقيقة قام بها معك أو أن يكون لك جلسة خاصة مع زوجك ولو كانت ليلة مميَّزة لكما معًا، حتى لو كانت مرةً كل شهرَين أو ثلاثة.

     

    وكذلك صوتك الهادئ الرقيق، المُفعم بالأنوثة والحيوية، والذي يشع دلالاً ورقَّة، فيشتاقون لسماعه ليل نهار.

     

    وتذكَّري أن بعض الزهور والورود (أفراد أسرتك) قد تَحتوي على أشواك جارحة (طباع جبلوا عليها)، فدَورك هو الاستمتاع بجمال الزهور والورود، واستنشاق عبيرها بدون أن تجرحي نفسك بأشواكها.

     

    وانتبهي كذلك لبعض الحشائش والآفات (الخلافات الزوجية) التي تحاول أن تتسرَّب إلى حديقتِك لتشوِّهها وتأكل من غذائها حتى تَذبل الحديقة وتموت.

     

    فهل تتوقَّعين بعد كل تلك الرعاية والعناية، وبعد أن أصبحت حديقتك جميلةً وآسرةً للأبصار قبل القلوب، هل تتوقعين بعد كل ذلك أنك ستَسمحين بأي آفة أو عشب دخيل ينمو في حديقتك ويفسدها؟

     

    وهل تتوقعين أن زوجة كهذه لن يَفتقدها زوجها وأولادها ولن يسعوا لسعادتها ورضاها لو حزنت أو مرضت أو غابت لسفر أو غيره؟

    بالطبع لا!

     

    واعلمي أن تلك الحشائش لم تكبر فجأة بين زهور حديقتك، لكنها بدأت صغيرة، ومع غفلتك عنها وإهمالها بدأت تكبر رويدًا رويدًا، وأصبحت تتغذى من زهور حديقتك ونباتاتها:

    فمرةً تأكل من زهرة الابتسامة الساحرة.

    ومرة تأكل من وردة الكلمة الطيبة.

    ومرة تأكل من نباتات الحكمة والسداد.

    ومرة تأكل من نباتات الطاعة.

     

    لذلك ينبغي عليكِ أن تكوني فطنة وحذرة لتَنتبهي لها من البداية قبل أن تتوغل في حياتك وتُدمِّرها، وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدرتك على هذه المَهمة حين قال: ((والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها))[1].

     

    فأنتِ مَن كلَّفك الله برعاية البيت بكل من فيه، فتحتوينهم وتجمعين شملهم، وتوجهينهم وترشدينهم.

     

    أتعلمين لماذا؟

    لأنك تمتلكين من السمات التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يُبشِّرك بأنك ستكونين من نساء أهل الجنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أُخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود، العؤود؛ التي إذا ظُلمت قالت: هذه يدي في يدك، لا أذوقُ غمضًا حتى ترضى))[2].

     

    فأنت:

    الودود التي تتحبَّب إلى زوجها وأبنائها.

     

    العؤود التي تعود على زوجها وأسرتها بالنفع.

     

    التي إذا ظلَمها زوجها قالت له: لا أذوق غمضًا - أي: نومًا - حتى ترضى؛ أي: لن أستطيع النوم حتى تتصافى قلوبُنا، ونَصِل لحل يرضيك قبل أن يُرضيني.

     

    وليس بالاعتذار والتذُّلل كما تفعل كثير من النساء، ولكنه بالتفاهم والتراضي والحب الذي يجمع بينكما، فلا تمر ليلة وإلا وقد ازددتما محبة وقربًا.

     

    فكثير من الأخوات حينما تقرأ حديث "لا أذوق غمضًا حتى تَرضى" تظن أن المقصود به هو الاعتذار، فتجدينها تُسرع بالاعتذار طلبًا لمرضاة الزوج، ومرةً مع مرة يتحول الاعتِذار لشيء روتيني ويبقى سبب المشكلة قائمًا، فتكون كمن أصابها الألم وأخذت مسكِّنًا ليُضيع الألم لكنها لم تبحث عن المرض الذي تسبب في هذا الألم، ومع مرور الوقت يزيد المرض حتى يأتي وقت لا تنفع فيه المسكِّنات، وكان من باب أولى أن تراضي زوجها بالجلوس معه ومُحاولة فهم سبب المشكلة لإيجاد حلٍّ يُرضي جميع الأطراف وأوَّلهم الزوج.

     

    ويكون ذلك في نقاش هادئ تَستخدم فيه دلالها ورقَّتها وأنوثتها بطريقة ودود ولينة وهينة.

     

    وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيتُ من ناقصات عقْلٍ ودين، أذهب للبِّ الرجل الحازم من إحداكنَّ))[3]، فرغم أن المرأة ناقصة عقل لأنَّ شهادتها نصف شهادة الرجل؛ لكون عاطفتها قد تغلب عليها أحيانًا، ورغم أنها ناقصة دين لأنه يأتيها الحيض شهريًّا فتتوقف عن الصيام والصلاة، فإن الله جعلها قادرة على أن تُفقد الرجل الحازم عقله بأنوثتها ودلالها وغير ذلك مما تتميَّز به النساء دون غيرهنَّ.

     

    فهل هناك شكٌّ بعد ذلك في أنكِ تملكين زمام الأمور والقدرة على التخلُّص من تلك الآفات والحشائش التي ترغَب في إفساد بيتك وتدميرها؟

     

    كل ما تحتاجين إليه:

    أن تتحلَّي بالصبر لتنزعي الحشائش من جذورها بدون أن تُصيبِي الزهور والورود التي في حديقتك.

     

    وكذلك الحكمة لتستطيعي نزعها برفق من المكان المناسب وفي الوقت المناسب.

     

    وفي بعض الأحيان تَحتاجين للتغافُل؛ فقد لا تكون الحشائش ضارةً، وقد تموت وحدها دون تدخل منك، فلا داعي للتربص بكل آفة تتعرض لها حديقتك.

     

    والأهمُّ مِن كل ذلك الاهتمام، فلا ينبغي لك أن تَغفلي عن الاستمرار في رعايتك حديقتك،

    نعم؛ لقد أصبحت حديقتُك ساحرةً خلابة، لكنَّها تحتاج لعناية مُستمرة منك؛ ليستمرَّ جمالها وبهاؤها.

     

    فلا ينبغي لكِ أن تُهملي رعايتك لبيتك وقت الخلافات.

    ولا يَنبغي لك أن تُهملي اهتمامك بمن ترعينهم.

    ولا ينبغي لك أن تُهملي اهتمامك بنفسك.

    فكل هذه أبواب يدخل منها الشيطان ليفسد حياتك الزوجية.

     

    وإذا كان أهل العلم قالوا بعدم خروج المطلَّقة طلاقًا رجعيًّا من منزلها في فترة العدَّة، بل عليها بالتزين والاهتمام بنفسها، والظهور أمام زوجها بزينتها، فلعل في هذا سببًا لرجوعه إليها، فمِن باب أولى أن تَهتمِّي بنفسك وقت الخلافات وأنتِ لم تَصِلي لمرحلة الطلاق، وإذا كانت الصحابية أم سليم رضي الله عنها تزيَّنت وتجملت لزوجها ليقضي معها أجمل ليلة حين مات طفلها، فيكون مهيئًا لسماع خبر الوفاة بأقل قدْرٍ من الصدمة، فمن باب أولى أنه مهما بلغ بك الغضب والشعور بالظلم والألم أن تَتغاضي عن كل هذا وأن تَستَخدمي دهاء الأنثى وذكاءها لتُصلحي ما أفسده الشيطان بينك وبين زوجك؛ فمن وسائل زيادة القرب والحب وقت الخلافات:

    تقول إحدى الأخَوات: إنها في إحدى المرات كان هناك خلاف بينها وبين زوجها، وكانت نفسيتها مُتعَبة، فقامت وأخذت حمامًا مُنعشًا، ثم لبست أفضل شيء لدَيها، ووضعت عطرها المفضَّل، وذهبت لتجلس مع الأولاد وتلعب معهم حتى تُزيل آثار التعب والحزن، وتتخلَّص من آثار تلك المشكلة على نفسها، وقد كان تصرُّفها هذا سببًا لإنهاء الخلاف؛ لأن زوجها لم يقاوم بعده عنهم في هذا الجو الأسري الحميمي.

     

    تقول أخرى: إنه مهما حدث من زعل بينها وبين زوجها فنادرًا ما تُغيِّر روتين حياتها أو تقلِّل من اهتمامها بزوجها، وحتى مكان نومها لا تغيره، وقد أخبرت زوجها مرة أنها تعودت على النوم بجواره، وكونها نائمة بجواره لا يعني أنها ليست غاضبةً منه، لكنها تعودت على جواره، فتقبَّل زوجها الأمر وأصبَحا لا يفترقان في النوم مهما كانا غاضبين من بعضهما البعض، وكان لذلك دور في تقليل الفجوة وقت الخلافات، وتقبُّل الصلح بسهولة ويسر.

     

    وتقول أخرى: إنها وقت الخلاف أحيانًا تُزعج زوجها برسائل الاعتذار اللطيفة والمشاكسة حتى يرضى، وإذا تجاهلَها تُخبره أنها ستستمرُّ في مُراسلته، وسيكون هو الخسران؛ لأن رصيدها سينفد، وسيضطر لشحنه مرة أخرى.

     

    وتقول أخرى: إنها تنتهز فرصة يكون فيها تأثير الشيطان ضعيفًا عليها، فتسرع لزوجها وتقول له - تُشاكسه -: إني قبلتُ رغبتك في مصالحتي.

     

    وتقول أخرى: إنها اتفقت مع زوجها أنه مهما حدث بينهما فبُمجرَّد دخولِهما غرفة النوم لا بدَّ أن ينسيا تَمامًا أي خلافات حدثتْ خارج الغرفة حتى لا تؤثِّر على علاقتهما داخل الغرفة، وسبحان الله! كان لهذا عامل قويٌّ في الفصل بين ما يَحدث خارج غرفة النوم وداخلها في وقت الخلافات.

     

    ومن وسائل الإصلاح:

    الوقاية خير من العلاج.

    محاولة فهم أساس المشكلة لتستطيعي علاجها.

    عدم إعطاء المشكلة أكثر مما تستحقُّ حتى لا تتضخَّم.

    المبادرة والاحتواء في بداية المشكلة قبل أن تكبر.

    الرفق.

    التعايُش والتكيُّف معها لو كان أساس المشكلة صفة جِبليَّة في الزوج مثل الغيرة.

     

    وفي النهاية دعيني أهمس لكِ أخيتي وأقول:

    لا تسمحي لأي شخص مهما كان أن يقترب من حديقتك ويفسدها، ولا تعتمدي على غيرك أن يحقِّق لكِ سعادتك؛ بل اجتهدي للحصول عليها بعد الاستعانة بالله عز وجل.

     

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

     

     

     

    [1] صحيح البخاري (6184).

     

    [2] صحيح الجامع (2604).

     

    [3] صحيح البخاري (304).

    • معجبة 1

  11. الفرق بين تأثير العلوم الشرعية * القرآن على أرواحنا

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    "حدثتني احدى رفيقاتي عن حالها وكيف أنها رغم محاولتها لتطبيق العلم الشرعي والتخلق به الا أنها حينما يأتيها موقف ابتلاء واختبار، فإنها تفشل فيه وبجداره لذلك هي تسعى حاليا أن تتربى بالقرآن"

     

    ورغم أننا نمر جميعا بما تمر به رفيقتي الا انني حين قرأت كلماتها، وجدت أن الله فتح علي بفهم آخر للموقف لم أفهمه من قبل فأحببت مشاركتكن فيه

     

    فقلت لها مستعينة بالله: أتعلمين لما نرسب في تلك الاختبارات؟

    لان العلم الذي تعلمناه وطبقناه هو علم وتطبيق ظاهري ولم يدخل قلوبنا ويعمرها بعد.

     

    هل تأملتِ يوما ما هو الفرق بين تربية القرآن وتربية العلوم الشرعية؟

    هل تأملتِ يوما، لماذا نتأثر ونتربى بالقرآن أكثر من تأثرنا وتربيتنا بالعلوم الشرعية؟

     

    السبب أن تأمل القرآن ومدارسته مرتبطة بذكر الله

    فكلما تلوتِ القرآن وتدبرتيه وتخلقتِ به، كلما ذكرتِ الله وتقربتي إليه أكثر

     

    اما العلم الشرعي فرغم انه من عند الله الا انه صيغ بكلام البشر فهو يشبه الحقائق العلمية التي نتعلمها ونتبعها، أي أنه كالوسيط في علاقتنا بالله عز وجل والذي يحتاج لمعين يتوغل قلوبنا (ذكر الله) حتى يؤتي بثماره ويؤثر بنا فعلا

     

    بعكس القرآن (كلام الله) حينما تدرسينه، فدراسته تكون شاملة للتعلم والتدبر والذكر وكل شيء

     

    لذلك... حتى يؤثر بنا العلم الشرعي ونستطيع التخلق والتربي به فعلا، فلابد من اقترانه بذكر الله

     

    مثال: دراسة التوحيد من الأمور الهامة لكل مسلم، ولابد من معرفة التوحيد ومعناه وإدراكه بالعقل، لكن هل هذا كافِ ليعمر التوحيد قلوبنا ولنستشعره؟

    بل يحتاج لذكر الله ولتجديد التوحيد في قلوبنا يوميا واستشعارها

    ويمكن تحقيق ذلك من خلال ترديد الذكر الذي حثنا عليه الرسول - عليه الصلاة والسلام - يوميا في أذكار الصباح والمساء

    "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"

    فقال قال عن فوائد ترديد كلمة التوحيد: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك) رواه البخاري

    وبالتالي ربطنا هنا بين تعلمنا التوحيد وتطبيقه وتجديده في قلوبنا

     

    والله أعلى وأعلم


  12. ♥♥ لكل فتاة مقبلة على الزواج أو في بداية زواجها وتحتاج للإرشاد ♥♥

    .

    راسلتني طالبة للنصح، فقد اقترب موعد زفافها وتريد كتب تقرأها عن حقوق الزوج والزوجة في الشرع؟

    فاستئذنتها في نشر السؤال وما أرسلته لها مع بعض الإضافات ومزيد من الروابط

    .

    فلقد لاحظت أن أغلب الفتيات إلا من رحم ربك تركز على جانب واحد فقط في الحياة الزوجية (بما يوافق اهتماماتها في الحياة) وتغفل عن البقية مما يعود عليها بالضرر بعد سنوات من الزواج إن لم يكن بعد شهور وقد يتسبب قلة وعيها بالحياة الزوجية ومتطلباتها بكثير من المشاكل وربما الانفصال والله المستعان.

    .

    لذلك أحببت تجميع بعض الروابط الهامة والتي تعين كل فتاة على التثقف في أغلب ما يخص الحياة الزوجية

    .

    فالزواج هو سكن ومودة ورحمة والمؤمنة الكيسة الفطنة هي من تتعلم كل شيء يساعد في الارتقاء بحياتها الزوجية والأسرية بعد اللجوء لله عز وجل بالدعاء بإلحاح في كل جزء من تفاصيل حياتها اليومية مع الاستعانة بالله في كل أمورها بالاضافة الى الاهتمام بصلاة الاستخارة في كل موقف مهما صغر أو كبر.

    .

    فمما تحتاج الفتاة للاطلاع عليه والاهتمام به:

    .

    .

    ~ الحقوق الشرعي

    ==========

    ينبغي على الفتاة أولا أن تطلع على الحقوق الشرعية للزوجين وما لها وما عليها، ومفترض أنها على علم أيضا بحقوق والديها وأخوتها وأرحامها وجيرانها وأصدقائها (حقوقهم عليها قبل الزواج وبعدها حيث أن بعض الحقوق مثل حق الطاعة للوالدين ينتقل للزوج فيصبح عليها تقديم طاعته على طاعة والديها)

    فيجب عليها أن تتعلم حق زوجها عليها لتعرف ما هو المطلوب منها تأديته تجاهه

    وكذلك تتعرف على حقها على زوجها، لا لتطالبه به بل ليكون قلبها مطمئن أن هي أيضا لها حقوق أقرها الشرع ولتستطيع التعامل مع زوجها على أسس واضحة ولا تكلف نفسها فوق ما كلفها الشرع به إلا لو قبلت بالتراضي.

    .

    ومن المقالات الجميلة عن الحقوق الزوجية الشرعية

    .

    الحقوق الزوجية (حق الزوج)

    http://www.alukah.net/sharia/0/42210/

    .

    الحقوق الزوجية (حق الزوجة(

    http://www.alukah.net/sharia/0/42248/

    .

    الحقوق المشتركة بين الزوجين

    http://www.alukah.net/social/0/42128/

    .

    .

    ~ الجانب النفسي

    =========

    لابد ان تدرك كل فتاة أن هناك فرق شاسع بين الرجال والنساء في المشاعر وطريقة التفكير وكيفية معالجة الامور وكذلك في ردود الأفعال وغيرها من الكثير من الأمور،

    لذلك يعتبر مهم جدا أن تتعرفي على كيفية تفكير الرجل ومعالجته للأمور وغيرها حتى تعرف ما هو سقف توقعاتها ولتتعرف كذلك على كيفية التعامل معه

    .

    ومن الكتب الجميلة في توضيح الفرق بين الرجال والنساء

    كتاب (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة)

    http://files.books.e....net-gh-304.pdf

    .

    وكذلك من المهم الاطلاع على ما يسمى بالبوصلة الشخصية ومحاولة التعرف على شخصية زوجك وسماته من خلالها، وهي تنقسم الى شمالي وجنوبي وشرقي وغربي

    وبالتعرف عليها يمكنك التعرف على السمات العامة لزوجك وما يحب وما يكره في المرأة ومنها تستطيعي أخذها كـ *دليل إرشادي* للاسلوب الأمثل في التعامل مع زوجك

    ويوجد على شبكة الانترنت الكثير من المقالات عن البوصلة الشخصية

    .

    وكذلك من المهم الاهتمام بقراءة قصص الخيانة الزوجية خاصة التي نشرتها ناعمة الهاشمي لانها تركز على الأشياء التي ينفر منها الرجل وتُلجئه للبحث عن إمرأة أخرى كما ستجدي في تلك القصص حلول لكيفية معالجة الزوجة لتلك الأسباب ليعود زوجها لأحضان بيته.

    .

    ويوجد كذلك كتاب "لغات الحب الخمسة" وهو من الكتب المميزة للتعرف على الطرق الخمسة للتعبير عن الحب وتوطيد العلاقة

    فهناك من يهتم باللمس والأحضان، وهناك من يهتم بالكلام الجميل وهناك من يهتم بالهدايا، وهناك من يهتم ....

    وفي هذا الكتاب ستتعرفي على الاسلوب الذي يشعر زوجك بحبك له فتستطيع التعامل معه به، وفيه ستتعرفي على الاسلوب الذي يشعرك بالحب ممن حولك فتخبري زوجك ليعاملك به - ابتسامة -

    http://www.book-juic.../download/12549

    .

    وهنا مقالة عن وسائل زيادة أواصر الحب بين الزوجين ويشمل قصص من المنهج النبوي بعنوان (نبضات قلب بين زوجين)

    http://www.alukah.net/social/0/78095/

    .

    .

    ~ الجانب الاجتماعي:

    ===========

    تعتبر مواقع الاستشارات من أفضل المواقع لتحصلي على أكبر قدر من المعرفة فيما يتعلق بمشاكل الحياة الزوجية ومشاكل العائلة والنسب وغيرها وكيفية التعامل مع المواقف المختلفة بالإسلوب الذي يساعد على تقليل حجم المشكلة وتفاديها

    .

    ويعتبر قسم الاستشارات بموقع الألوكة أفضلهم (من وجهة نظري) كون المستشارين اغلبهم لديه خلفية شرعية بالاضافة لخبرة في مجال الحياة بلإضافة لوجود فريق شرعي بالموقع يقوم بمراجعة الردود على الاستشارات قبل عرضها

    http://www.alukah.net/fatawa_counsels/

    .

    ويوجد كذلك قسم الاستشارات بشبكة اسلام ويب

    http://consult.islam...nsult/index.php

    .

    .

    ~ الاهتمام بالنفس والزوج والأبناء والبيت

    =====================

    يوجد مجموعة من الدورات الشاملة لأغلب الجوانب والتي ينبغي لكل فتاة الاطلاع عليها والاستفادة منها، فهذه روابط بعض الدورات ولو كان لديك وقت فأنصحك بالاطلاع على المناقشات المتعلقة بدروس تلك الدورات

    .

    الدورة الذهبية للفتاة والزوجة المثالية

    http://akhawat.islam...howtopic=251765

    .

    دورة الاكسسوارات الزوجية

    http://akhawat.islam...howtopic=269231

    .

    دورة لتشرقي معنا ندية

    http://akhawat.islam...howtopic=309739

    .

    وهذا موضوع مميز عن كيفية المحافظة على التزامك وعلاقتك بالله عز وجل بعد الزواج وبها نصائح قيمة عن الحياة الزوجية عامة

    http://www.ahlalhdee...ad.php?t=269157

    .

    وهذه روابط مجموعة مواضيع هامة وبعضها مواضيع حساسة تستحي منها المرأة رغم أهميتها في انعاش الحياة الزوجية

    .

    تَفَـاصيـل أنْثَى

    http://akhawat.islam...howtopic=337477

    .

    مَشاعـرك يا زوجتي تُهمني فاغدقي علّي بابتساماتك ()

    http://akhawat.islam...howtopic=335965

    .

    سَأنتَقم مِنْك يَا زَوْجي .. وأصبح أفضل

    http://akhawat.islam...howtopic=334074

    .

    [متميز] لِنَروي حُـبًا

    http://akhawat.islam...howtopic=330409

    .

    من أسرار الفراش .. ♥

    http://akhawat.islam...howtopic=271240

    .

    اعتِذَار الزوْج صَفَحاتٌ بيضاء ()

    http://akhawat.islam...howtopic=329875

    .

    ~ هَمَسَات أُمْ ~

    http://akhawat.islam...howtopic=328491

    .

    تهيئة الفتاة للزواج ، ومسؤولية الوالدين .

    http://akhawat.islam...howtopic=327955

    .

    لَذّة الحُـبّ

    http://akhawat.islam...howtopic=324205

    .

    ابْتَعِد عَنّي يَا زَوجِي فَانـا نَفَساء | خاص بالمُتزوجات فقط

    http://akhawat.islam...howtopic=323303

    .

    أزواجنا والواقع المُعاش | للنقاش

    http://akhawat.islam...howtopic=323875

    .

    أمَانِينَا الوَرْدِيَة | تَغريدَات فِي الحيَاة الزوْجيـّة

    http://akhawat.islam...howtopic=321886

    .

    سِلْسِلَة | فَن الاعتذار بَينَ الزَوجين

    http://akhawat.islam...howtopic=321457

    .

    سلسلة | فَنّ صِناعة السَعَادَة للزَوْجين

    http://akhawat.islam...howtopic=313727

    .

    سِريّ للغايّة \♥

    http://akhawat.islam...howtopic=310705

    .

    حَ ـتَى تَذٌوِقَيّ عَ ـُسًـَيّْلَيّتُهُ .. ♥

    http://akhawat.islam...howtopic=307061

    .

    تغريدات زوجيّة 6

    http://akhawat.islam...howtopic=288471

    .

    هذا ما وفقني الله بتجميعه مؤقتا مع ضرورة التنويه على أهمية الاستعداد لمرحلة الامومة بالقراءة والاطلاع بعدما تنتهي من قراءة ما يخص الحياة الزوجية

    .

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    .

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

    • معجبة 1

  13. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

     

    بارك الله فيكِ وأحسن الله إليكِ : )

    كلمات حكيمة و متزنة بفضل الله : ))

     

    معلش أعذريني حول هذه الجملة

    4- الغيرة والحسد خصوصاً إذا رُزقت الابنة - بعد الزواج - بما حرمت منه الأم.

    وهل يمكن للأم أن تغير من ابنتها قرة عينها ؟ .. والله المستعان

     

    صراحة كما ذكرتِ وأتقنتِ بفضل الله أن هذا المشهد يتكرر كثيراُ فالكغيبة فاكهة المجالس

    و للأسف لا يسلم أحد أبناء تلك المرأة بل زوجها و أهلها ويمكن كمان " عامل الكاشيير " اللي أغضبها لنصف جنيه فصال :))

    والله المستعان

     

    اللهم احفظ ألسنتنا من الغيبة ,

    للاسف ممكن لو كانت الام متعلقة بالدنيا وابنتها افضل منها دنيويا والله المستعان


  14. انظر عمَّن تأخذ دينك

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

    إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

    من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

    أما بعد:

    ففي ظلِّ انتشار وسائل التكنولوجيا، ومع سهولة طلَب العلم من خلال الإنترنت - انتشرَت الكثير من الدُّروس والشروحات للعلماء والدُّعاة، ومع تنوُّع المصادِر واختلاف الأسلوب، انتشر بين طلاَّب العلم آفَة البحث عمَّن هو حسَن الكلامِ والأسلوب أكثر من التركيز على من هو سلِيم العقيدة؛ مستندين على بعض الشُّبهات التي آثرتُ كتابتَها على هيئة نِقاشٍ بين طالبات العِلم؛ للتعليق على تلك الشُّبهات وذِكر أقوال أهل العِلم فيها.

    حوار واقعي ومتكرر:

    أسماء: حياكنَّ الله يا غاليات، كيف حالكنَّ اليوم؟

    زينب: الحمد لله رب العالمين بخير.

    سارة: وحياكِ الله يا أسماء، بخير بفضل الله.

     

    أسماء: عندي خبرٌ جميل، لقد وجدتُ سلسلةً جميلة جدًّا في شرح أسماء الله الحسنى للشيخ فلان، وأسلوبه وشرحه تبارك الله سلِس جدًّا وبسيط.

     

    سارة: لكن هذا الشيخ أخطأ في بعض مسائل العقيدة؛ فهو يُؤوِّل الصِّفات، وقد وجدتُه في إحدى شروحاته يقول على قول الله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} [البقرة: 255]: إنَّ المقصود بالكرسِي هو العِلم، كما وجدتُه يردِّد بعضَ كلام الأشاعرة، وكذلك يقول: إنَّ "هو" اسم من أسماء الله عزَّ وجلَّ.

     

    أسماء: لا مشكلة؛ فأنا لن أتعلَّم منه العقيدة، فقط سأستمِع لشرحه فيما يخصُّ أسماءَ الله الحسنى.

     

    نظرَت إليها سارة بذهولٍ وسألَتها: معنى كلامك أنَّ الأسماء والصِّفات ليسَت من العقيدة؟!

    ثمَّ أكملَت سارة في هدوء قائلة: يا غاليتي، لقد عرَّف العلماء العقيدةَ بأنَّها: "هي الإيمان الجازم بربوبيَّة الله تعالى وألوهيَّته وأسمائه وصفاته، وملائكتِه، وكتبه، ورسلِه، واليوم الآخر، والقدَرِ خيرِه وشرِّه، وسائر ما ثبت من أمور الغيب، وأصول الدِّين، وما أجمع عليه السَّلَف الصَّالح، والتسليم التامُّ لله تعالى في الأمر، والحكمِ، والطاعة، والاتِّباع لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم"[1].

    ونظرًا لأهمِّيتها الكبرى، وكونها الأساس الذي يَرتكز عليه الدِّين؛ فقد قضى الرسولُ صلى الله عليه وسلم حوالي 13 عامًا يعلِّم الصحابةَ العقيدةَ السَّليمةَ ويثبِّتها ويرسخها قبل أن يَبدأ بعدها بتعليمهم الأحكام والمعاملات.

     

    فعلَّقَت زينب قائلة: يمكنها أن تأخذ الصحيحَ من عقيدته، وتترك غير الصحيح؛ حتى لا تُحرم ممَّا فتح اللهُ عليه به من عِلم.

     

    فنظرَت سارة إلى أسماء وسألَتها: وهل بإمكانك يا أسماء أن تميِّزي بين العقيدة الصَّحيحة وغير الصحيحة في شروحاته؟

    فردَّت أسماء بثِقة وحماس: نعم، أستطيع.

     

    فسألَتها سارة: كيف تستطيعين ذلك، وأنتِ لم تدركي أنَّ الأسماء والصفات هي جزء من العقيدة؟

    فنظرَت أسماء إلى الأرض في صمت.

     

    فأكملَت سارة: ويا تُرى ما هي المتون التي درَسْتِها يا أسماء لتعينك على التمييز بين عقيدةِ أهل السنَّة والجماعة وعقيدة من يخالفهم؟

    فاستمرَّت أسماء في صَمتها.

     

    فتدخَّلَت زينب قائلة في توتُّر: لا يحقُّ لنا الحكم على أحد؛ فهذا خاصٌّ بأهل العلم، ولا يحقُّ لنا التألِّي على الله، كما أنَّ هذا الشيخ بشَر اجتهدَ فأخطأ.

     

    فاستوقفَتها سارة قائلة: عذرًا يا زينب، ولكنَّني لم أتَّهمه بالكفر أو الفسوق، أو حتى تدخَّلتُ في نياته لتقولي: لا يحقُّ لنا الحكم عليه.

    ولم أقل: إنَّ عملَه محبَط، ولم أحكم عليه بدخول النَّار حتى تقولي: لا يحق لنا التألِّي على الله.

    واسمحي لي يا غالية أن أقول: إنَّه قد جانبَك الصَّواب تمامًا في كلامك، ومن حقِّ أسماء عليَّ أن أنصحها وأحذِّرها؛ حتى لا تتشرَّب عقيدتَه من حيث لا تدري.

    أمَّا بخصوص أنه اجتهد فأخطأ، "فقد سئل الشيخ صالح الفوزان عن المسائل التي يَجوز الاختلاف فيها؟ وتلك التي ينبغي التَّوقُّفُ عن الخلاف فيها؟

    فأجاب: إنَّ الاختلاف على قسمين... ومنها: الاختلاف في مسائل العقيدة، وهذا لا يجوز؛ لأنَّ الواجب على المسلمين اعتقاد ما دلَّ عليه الكتابُ والسُّنَّة، وعدم التدخُّل في ذلك بعقولهم واجتهاداتهم؛ لأنَّ العقيدة توقيفيَّة، ولا مجال للاجتهاد والاختلاف فيها"[2].

     

    فتابعَت زينب قائلة: وماذا عن ابن حجر الذي يُرشِّح العلماء كتبَه للمدارسة؟ وأيضًا ألم تسمعي بالشيخ فلان المفسِّر المعروف بأنَّ منهجه أشعري، ولكنَّ الله فتح عليه فتحًا كبيرًا في التفسير، فهل نترك تفسيرَه لمجرَّد أنَّ هناك خلَلاً في عقيدته؟

     

    فأجابَت سارة: حسنًا يا زينب، لا بدَّ أولاً من التفريق بين من يَنتسب لطائفةٍ من أهل البِدَع، وبين من ينتسب لأهل السنَّة ولكنَّه اجتهد فأخطأ وقال بشيءٍ من كلام أهل البِدَع.

     

    قاطعَتها زينب غاضبة: مهلاً مهلاً، ومن تكلَّم عن أهل البِدَع هنا؟

     

    فأجابَتها سارة بهدوء: غاليتي زينب، هل تعلمين من هم أهل البِدَع؟

    أهل البِدَع هم من يقومون بالبِدَع، وقد عرَّف ابن تيمية رحمه الله البدعةَ قائلاً: "بأنَّها ما خالَف الكتابَ والسنَّة أو إجماعَ سلَف الأمَّة من الاعتقادات والعبادات"[3].

    وعرَّفها الشاطبيُّ رحمه الله قائلاً: "طريقة في الدِّين مخترَعة، تضاهِي الطريقةَ الشرعيَّة، يُقصد من السلوك عليها المبالَغة في التعبُّد لله تعالى"[4].

    وعرَّفها ابن رجب قائلاً: "ما أُحدث ممَّا لا أصل له في الشَّريعة يدلُّ عليه"[5].

    وبالتالي؛ كلُّ من قال في الشَّرع ما ليس فيه حتى لو كان من باب الاجتهاد، فقد أحدَث بدعةً، هل اتَّضح الأمر الآن؟

    فصمتَت زينب ولم تعقِّب.

     

    فأكملَت سارة قائلة: نعود لباقي سؤالك السَّابق فيما يخصُّ ابن حجر، كما ذكرتُ فلا بدَّ من التفريق بين مَن ينتمي لطائفةٍ من أهل البِدَع، وبين من اجتهد فأخطأ وقال ببعض كلامهم.

    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هناك علماء مشهودٌ لهم بالخير، لا يَنتسبون إلى طائفةٍ معيَّنة مِن أهل البِدَع، لكنْ في كلامهم شيءٌ من كلام أهل البِدَع؛ مثل ابن حجر العسقلاني، والنووي رحمهما الله...؛ فهذان الرَّجلان بالذَّات ما أعلم اليوم أنَّ أحدًا قدَّم للإسلام في باب أحاديث الرسول مثلما قدَّماه"[6].

    أمَّا بخصوص الشَّيخ المشهور بالتفسير الذي قال بلسانه عن تفسيره: إنَّه ليس تفسيرًا، ولكنَّه مجرَّد خواطِر حول الآيات القرآنيَّة، فهناك من قال: إنَّه صوفيٌّ، وهناك من قال: إنَّه أشعريٌّ، وهناك من قال: إنَّه يؤوِّل في الصِّفات، وهناك من قال: إنَّه قبوريٌّ، ولم أتابِع الأمرَ بنفسي، لكن أحد محارمي الذين أثِق في علمِه أخبرني أنَّه رأى ذلك الشيخ وهو يُقَبِّل عتبةَ باب مسجد السيِّد البدوي المعروف بمدينة طنطا في مصر، ويُعتبر من أكبر المساجد التي تَحتوي على قبور، وهذا كان سببًا كافيًا بالنِّسبة لي لأحذر منه؛ لأنَّه ثبتَ عليه فعلٌ مخالِف للشرع.

    يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: "ومعلوم بالأدلَّة الشرعية من الكتاب والسنَّة أنَّ الأعمال والأقوال إنَّما تصحُّ وتُقبَل إذا صدرَت عن عقيدةٍ صحيحة؛ فإن كانت العقيدةُ غير صحيحة، بطل ما يتفرَّع عنها من أعمالٍ وأقوال"[7].

    وحين نتأمَّل تفسيرَ القرآن، نجد أنَّ الله عزَّ وجل أخبر فيه عن نفسه، فأثبت توحيدَ الربوبيَّة، وتحدَّث عن أسمائه وصفاته، وهي تدخل تحت توحيد الأسماء والصِّفات، وذكر كذلك قصصَ الأنبياء، التي تتحدَّث عن الصِّراع الدائر حول توحيد الألوهيَّة؛ وفي ذلك إثبات للرِّسالة والنبوَّة.

    وتحدَّث عن البعث والجزاء من خلال آياته الكونيَّة، وذكر أخبار السَّاعة والجنَّة والنار وما أعدَّ لأهلها، وذكر القيامة وأهوالها، وكذلك الرد على المشرِكين ومجادلتهم من خلال البراهين العقليَّة؛ من أجل ترسِيخ العقيدة في نفوس المسلِمين ليكونوا مهيَّئين لقبول التشريعات )العبادات والمعاملات( وتطبيقها.

    فكيف لي بعد كل ذلك أن أغامِر بأخذ التفسير ممَّن يُشتبَه في عقيدته لمجرَّد أنَّه حسَن البيان والبلاغَة وله تأمُّلات جميلة حول الآيات القرآنيَّة، وأنا ما زلتُ لم أتعمَّق في دراسة العقيدة بما يَكفي ليجعلني أميِّز بين العقيدة السَّليمة وما يضادها؟

     

    والآن نرجع لسؤالكِ: هل نترك التفسيرَ لمجرَّد أنَّ هناك خلَلاً في عقيدة المفسِّر؟

    اختلفَت أقوالُ أهل العِلم في هذه المسألة بين مانعٍ ومجيز.

     

    فالشيخ بكر أبو زيد ممَّن نهى عن أخذ العِلم من صاحب البِدعة، وقد قال الشيخ ابن عثيمين في شرح حلية طالب العلم:

    "وظاهر كلام الشيخ - بكر أبو زيد - وفقه الله أنَّه لا يُؤخَذ عن صاحب البِدعة شيء حتى فيما لا يتعلَّق ببدعته.

    فمثلاً إذا وجدنا رجلاً مبتدعًا، لكنَّه جيِّد في اللغة العربيَّة: البلاغة والنحو والصرف، فهل نجلس إليه ونأخذ منه هذ العِلم الذي هو جيِّد فيه، أم نَهجره؟

    ظاهر كلام الشيخ أنَّنا لا نجلس إليه؛ لأنَّ ذلك يوجِب مفسدتين:

    1- المفسدة الأولى: اغتراره بنفسِه، فيحسب أنَّه على حقٍّ.

    2- المفسدة الثانية: اغترار النَّاس به؛ حيث يتوارَد عليه النَّاس وطلَبة العِلم ويتلقَّون منه، والعامِّي لا يفرِّق بين علم النَّحو وعلم العقيدة.

    لهذا نرى أنَّ الإنسان لا يَجلس إلى أهل البِدَع والأهواء مطلَقًا، حتى إن كان لا يَجد علمَ العربيَّة والبلاغة والصَّرف إلاَّ فيهم، فسيجعل الله له خيرًا منه؛ لأنا كوننا نأتي لهؤلاء ونتردَّد إليهم لا شك أنَّه يوجِب غرورَهم واغترار الناس بهم.

    وقال رحمه الله: حذَّر المؤلِّف من أهل البِدَع هذا التحذير البلِيغ، وهم جديرون بذلك، ولا سيَّما إذا كان المبتدِع سليط اللِّسان فصيح البيان؛ لأنَّ شرَّه يكون أكبر"؛ اهـ.

     

    وممَّن أجاز التعلُّم منهم الشيخ صالح بن فوزان الفوزان[8] حفظه الله.

    حيث سُئل: "ما حكم طلَبِ العِلم عند شيخٍ يَختلف مع أهل السنَّة والجماعة في باب الأسماء والصِّفات؟ أفيدونا أفادكم الله.

    فأجاب: إنَّ اختيار المدرِّس المستقيم في عقيدته، وفي عِلمه: أمرٌ مطلوب، وإذا لم يمكن، ووجدتَ من عنده معرفة في الفقه - مثلاً - أو النَّحو، والعلوم التي لا تتعلَّق بالعقيدة؛ فلا بأس أن تدرس عنده في العلوم التي يُحسِنها، أمَّا العقيدة فلا تدرسها إلاَّ على أهل العقيدة الصحيحة".

     

    ومن أجاز أَخذ العلم عن أهل البِدَع، وضع ضوابط لذلك:

    "أخذ العلم عن المبتدِع: إمَّا أن يكون في الأمور التي تَدخل في نطاق بِدعته، أو لا؟

    فإن كان العلم الذي ستَأخذه منه ممَّا تلحقه بدعتُه، ويظهر أثرُها فيه: ففي هذه الحالة لا شك في النَّهي عن الأخذ عنه؛ لأنَّ في أخذ العِلم عنه تحقيقًا لمفسدتين: مفسَدة مخالَطة المبتدِع وتوقيره، ومفسدَة تعريض النَّفس للشُّبهات وأخذ العلم الذي يَختلط فيه الحقُّ بالباطل.

    وربما يُستثنى من ذلك: من كان له أداة كامِلة في تمييز مواقِع هذه البِدعة، وغلب على ظنِّه السَّلامة من تأثير المأخوذ عنه، واحتاج إلى شيءٍ من الأخذ عنه لأجل دِراسة، أو معرفة ما عند القوم، أو نحو ذلك، فنرجو ألاَّ يكون على مِثل ذلك حرَج في الأخذ عن هؤلاء، وإن كان الظَّاهر أن يقيَّد ذلك بمن لم تكن بدعته مغلَّظة، مع أنَّ الاحتياط: التركُ مطلقًا.

    أمَّا إذا كان العِلم الذي ستأخذه منه من العلوم التي لا تَدخلها بدعتُه؛ كعِلم النحو واللغة وتجويد القرآن الكريم، بل وغالب الفقه كذلك، فهنا تعارضَت مفسَدة مخالَطَة المبتدِع، مع مصلحة العِلم النَّافع، ففي هذه الحالة يرجح بينهما، وينظر أيهما أقل مفسدةً: أخذ العِلم عنه، أو تركه؟

    فإذا كانت هناك حاجة ماسَّة لعِلمه، ولا يوجَد غيره، وأمِنت فتنته: ففي هذه الحالة يجوز الأخذ عنه.

    أمَّا إذا كان العِلم المراد تعلُّمه ليس هناك حاجة شديدة إليه، أو كان يوجد غير هذا المبتدِع يمكن التعلُّم على يديه، أو كانت فِتنة بِدعته أشد من فوات عِلمه، ففي هذه الحالة يُنهى عن الأخذ عن هذا المبتدع"[9].

     

    والآن نَستخلص من كلِّ ما سبق:

    • أنَّه لا ينبغي للعامِّي أن يَستمع لمن أخطأ في بعض مسائل العقيدة.

    • لا ينبغي لطالِب العلم أن يدرس على من أخطأ في بعض مسائل العقيدة.

    • من أراد من طلَبة العِلم أن يدرس عمن أخطأ في بعض مسائل العقيدة، فلا بدَّ أن يكون متمكِّنًا من العقيدة؛ ليميِّز صحيحَها من سقيمها، ولا بدَّ أن يكون في حاجة ماسَّةٍ لذلك العلم.

     

    • والآن يا أسماء، هل ما زلتِ تَرغبين في الاستماع لشَرح الأسماء الحسنى للشيخ فلان؟

    • فأجابت أسماء بارتياح: لا، بل سأركِّز على دراسة العقيدة بتعمُّقٍ أولاً، ثمَّ بعدها أقرِّر هل سأستمِع لهذا الشيخ أم أبحث عن غيره ممَّن عُرفَ عنه سلامة عقيدته.

     

    • وأكملَت سارة: وأنتِ يا زينب.

    • فصمتَت زينب ولم تعلِّق.

     

    • فسألَت أسماء: لكن كيف يمكنني اختيار شيخٍ عُرِف عنه سلامة عقيدته لأتعلَّم منه؟

    • أجابت سارة: أحسنتِ السؤال يا أسماء، فقد قال أحد السلَف: "إنَّ هذا العلم دِين؛ فانظروا عمَّن تأخذون دينَكم"، ممَّا يدلُّ على أهميَّة الحرص في اختيار من تتعلَّمين عنه.

    لذلك ينبغي أولاً أن تحدِّدي الفرعَ الشَّرعي الذي تَرغبين في دراسته؛ فمثلاً الأسماء والصِّفات تندرج تحت العقيدة؛ إذًا وجب عليك البحث عن شيخٍ متخصِّص في العقيدة، ثمَّ تبحثين عن أقوال أهل العِلم فيه، وهل عليه مؤاخذات أم لا؟ ويمكنكِ سؤال مَن تَثقين فيهم من أهل العِلم ليطمئنَّ قلبك أكثر.

    وأحبُّ التنويه هنا بعدم الاغترار بمن يَظهرون في الفضائيَّات؛ فاستضافة الفضائيَّات لمن يُفتي أو يلقي دروسًا دينيَّة ليس معناه أنَّه مؤهل لذلك...

    والآن اسمحنَ لي يا غاليات بالاستئذان.

    سبحانك اللهمَّ وبحمدِك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

     

     

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

     

    [1] الموسوعة العقدية بموقع الدرر السنية.

    [2] المنتقى من فتاوى الفوزان (1 / 407، 408)، السؤال رقم (241).

    [3] مجموع الفتاوى.

    [4] الاعتصام.

    [5] جامع العلوم والحكم.

    [6] لقاءات الباب المفتوح (43 / السؤال رقم 9).

    [7] العقيدة الصحيحة وما يضادها؛ للشيخ ابن باز.

    [8] الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة.

    [9] فتوى رقم 223300؛ بموقع الإسلام سؤال وجواب.

    • معجبة 1

  15. ~ امتلأ المسجد بمن دعتهم للاسلام وأسلموا ~

    .

    حدثتني بعيون دامعة وقالت: سمعت اليوم بوفاة انسانة عزيزة علي، انسانة تعهدتني في غربتي وأنا فتاة صغيرة ذو 14 عاما وهي في الخمسين من عمرها

    كانت تأخذني معها لأشاركها الدرس الاسبوع وترجعني

    كانت تأخذني لزيارة المرضى بالمستشفى

    كانت تأخذني معها لإلقاء كلمة بالمدرسة عن الإسلام

    ترتب الدروس وتتعاهد اللاجئين

    ثم ....

    انتقلت لمدينة أخرى وانقطع الاتصال بيننا

    .

    من فترة تملكني احساس بأنها مريضة وعزمت النية على زيارتها لتتعرف على بناتي لكن مرضي حال دون ذلك واليوم اتصلت بي احدى الأخوات لتخبرني بوفاتها وأنها كانت فعلا بالمستشفى ونزل علي الخبر كالصاعقة

    ما زلت أتذكر ابتسامتها الرقيقة البسيطة واليوم علمت أنهن سبحان الله حين غسلوها وجدوا ابتسامتها تملأ وجهها

    وفي صلاة الجنازة امتلأ المسجد بالناس الذين دعتهم للإسلام وأسلموا، وتجمع المسلمين الذين فرقت بينهم الدنيا والأيام

    وأمام كل هؤلاء شهد لها الإمام بأنها كانت سباقة للخير

    علمت أيضا أنه كان لديها مكان ثابت في المعرض السنوي بالمدينة لتعريف غير المسلمين بالإسلاموتوزيع بعض المطويات عليهم

    ^ لقد عَلِمَتْ لما خُلِقَتْ له فعملت من أجله ^

    .

    ثم استمرت الأخت في سرد ذكرياتها معها وقد تهيجت مشاعرها وحاولت أن أترك لها مساحة كبيرة للكلام لتخرج ما يؤلمها ويحزنها ورغبة أيضا في التعرف على تلك المعلمة التي كانت بمثابة الأم بالنسبة لها

    وحاولت أن أخفف عنها بما يسره الله لي وأنتهى اللقاء لكن كلماتها ما زالت تتردد في ذهني خاصة جملة "امتلأ المسجد بمن دعتهم للاسلام وأسلموا"

    وقفت عند هذه الجملة مرارا وتكرارا لأتأملها وأرددها في نفسي ...

    لقد امتلأ المسجد بمن دعتهم للاسلام وأسلموا

    وكل هؤلاء سيشهدوا لها يوم القيامة بأنها عَلِمَتْ لما خُلِقَتْ له فعملت من أجله

    .

    سبحان الله العمر يمضي بنا ونحن ما زلنا في بداية الطريق ولم نقدم شيء يذكر

    لم ندعو للإسلام ...

    لم نصحح عقيدة مسلم ...

    لم نغرس الإيمان في القلوب ...

    لم نجاهد بكل قوتنا لتنشئة جيل كجيل الصحابة ...

    لم ولم ولم ...

    ثم فجأة وبدون مقدمات سنجد كل شيء توقف ولم يعد هناك مجال للعمل

    فلقد ... انتهى الوقت ... Time is over

    ووقتها لن ينفع الندم

    .

    فهل من موقفة نقفها الآن لنعيد حساباتنا قبل أن يأتي يوم نقول فيه

    {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة : 25]

    {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر : 24]

    .

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

    • معجبة 2

  16. التوبة أسلوب حياة

    أم عبد الرحمن بنت مصطفى بخيت

     

     

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

    من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.

     

    أما بعد:

    فللطَّاعة لذةٌ لا يعلمها إلا من جرَّبها، لذة تشعر معها بحلاوة الإيمان، والأُنس بالقرب من الله عز وجل، وحتى تدومَ تلك اللذة فلا بد من مُعاهدة القلب في كل لحظةٍ وحين، والمداومة على تطهيره من الأدران التي ستُصيبه لا محالة باقترافه للذنوب والخطايا؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون))[1].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يَعتاده الفَيْنةَ بعد الفَينة، أو ذنبٌ هو مُقيمٌ عليه لا يُفارقه حتى يفارق الدنيا، إن المؤمن خُلق مُفتَّنًا توَّابًا نسيًّا، إذا ذُكِّر ذَكَر))[2].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم ولجَاء بقوم يُذنبون فيَستغفرون الله فيغفر لهم))[3].

     

    والذَّنب: هو فِعلُ أيِّ شيء نَهى الله ورسولُه عنه، أو تركُ أيِّ شيء أمرَ الله ورسولُه به؛ لأنه بذلك اختار لنفسه غيرَ ما اختاره الله ورسولُه له.

     

    يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا } [الأحزاب: 36].

     

    ويقول تعالى: {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا } [الجن: 23].

    وقد توعَّد الشيطانُ بإغوائنا، ولكن الله وعدَه باستمراره في غُفران ذنوبنا ما دُمنا نَتوب ونستغفر؛ كما ورَد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنَّ الشيطان قال: وعزَّتِك يا رب لا أبرَحُ أُغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الربُّ: وعزَّتي وجلالي، لا أَزال أغفر لهم ما استَغفروني))[4].

     

    والذنوب نوعان:

    1- كبائر: وهي كل ذنب يترتَّب عليه حدٌّ في الدنيا أو وعيدٌ في الآخرة؛ كالشِّرك بالله وترك الصلاة، وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم، وظُلم النِّساء وأكل مال اليتيم، والكذب والزِّنى، والرِّشوة والرِّبى، وتَصديق الكهَنة والسَّحَرة، واتهام الأبرياء، ومحبة الكفار، والتَّحاكم إلى غير شرع الله... وغيرها.

     

    2- صغائر: وهي كل ذنب لم يوجِب حدًّا في الدنيا أو وعيدًا في الآخرة، وكان قليلَ المفسَدة؛ كإدخال النَّجاسة بالمسجد، والصلاة وقت الكراهة، والعبث والالتفات في الصلوات، والصوم في يوم منهيٍّ عنه، والأكل من طعامِ مَن كان غالبُ ماله حرامًا، والخلوة بالأجنبية، والنظر المحرَّم، وهجر المسلم فوق ثلاث بدون عذر، وكثرة الخصومة، والاستماع للغيبة، وابتداء الكافر بالسلام، والاستماع للهو وآلات العزف، وإفشاء السر، وإخلاف الوعد، والتعصب، وسفر المرأة بدون محرَم... وغيرها.

     

    وقد حذَّر الرسول صلى الله عليه وسلم من الاستخفاف بهذه الصَّغائر حين قال: ((إياكم ومُحقَّرات الذُّنوب؛ فإنَّما مَثل محقَّرات الذنوب كمثَل قومٍ نزلوا بطنَ وادٍ، فجاء ذا بعودٍ، وجاء ذا بعودٍ، حتى حملوا ما أنضَجوا به خُبزَهم، وإنَّ مُحقَّرات الذنوب متى يُؤخَذ بها صاحبُها تُهلِكْه))[5].

     

    وللتوبة من الذنوب عامة شروط لا بد من تحقيقها:

    1- الإخلاص لله في التوبة.

    2- النَّدم على ما اقترف من المعاصي؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الندم توبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له))[6].

    3- الإقلاع عن الذنب؛ لأنه يَستحيل التوبة مع الاستمرار في الذنب.

    4- العزم على عدم العودة للذنب.

    5- التحلُّل من أصحاب الحق إذا كانت المعصية فيها تَعدٍّ على الحقوق، أو إرجاع الحق لأصحابه إن أمكن ذلك.

     

    يقول الشيخ ابنُ باز رحمه الله في الفرق بين السيِّئة والخطيئة والذنب: "السيئة والخطيئة والذنب كلُّها بمعنًى واحد، وكلها مِن المعاصي، فما جاء في النُّصوص من ذنوبٍ وسيئاتٍ وخطايا فهذا معناه ما يفعله العبد من الجريمة، لكن قد تطلق الخطيئة على ما كان من غير تَعمُّد، أو النسيان؛ كما قال تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، قد يسمى الشيء خطأً يعني أنه وَقَع بغير قصد أو نسيان، ويسمى الذنب خطيئة، ويسمَّى سيئة، ويسمى ذنبًا"[7].

     

    ومِن رحمة الله أنه لم يجعل التوبة من الذنب مُقتصِرةً على ترديد الاستغفار؛ بل جعل الله التوبة أسلوبَ حياة إذا أخلَصْنا النية لله، واحتسبنا الأجر قبل القيام بالأعمال؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرتُه إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يَنكِحها فهِجرتُه إلى ما هاجر إليه))[8].

     

    "والفرق بين الاستغفار والتوبة: أن الاستغفار طلبُ المغفرة بالدعاء والتوبةِ أو غيرِهما من الطاعة، والتوبة: الندمُ على الخطيئة، مع العزم على ترك المعاودة؛ فلا يجوز الاستغفار مع الإصرار"[9].

     

    ويقول أ. د. ناصر العمر: "لذلك ينبغي أن تكون التوبة بالقلب وليس باللسان فقط؛ فكثيرٌ من الناس يقرأ الأوراد ولا يجد لها أثرًا، ولو تدبَّر قوله تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } [الكهف: 28] لأدرك السرَّ في ذلك؛ حيث يَذكر اللهَ بلسانه مع غفلة قلبه، فهل يُنتظَر أثرٌ لذاكرٍ هذه حالُه؟!" ا.ه.

     

    كيف تكون التوبة أسلوب حياة؟

    تكون التوبة أسلوبَ حياة حين ترتبط بأغلب أعمالنا اليوميَّة؛ مِن أكل وشرب، ووضوء وصلاة، وزيارة المرضى والتقاء الأصدقاء... وغيرها؛ فالله عز وجل منَحَنا من وسائل التوبة والاستغفار ما يجعلنا لا ننام إلا وقد غُفِرت جميعُ ذنوبنا في ذلك اليوم.

     

    فدعونا نتأمل بعضًا من وسائل التوبة والاستغفار.

     

    الأذان:

    ومِن أجمل ما وجَدتُ أن أكثر مواضع التوبة تتعلَّق بالصلاة؛ (كالوضوء، والأذان، والصلاة، وأذكار بعد الصلاة، وقيام الليل...)، فقلت: سبحانك ربي! جعلتَ الصلاة مصدرَ راحتنا، ووسيلةَ تواصُلنا معك وقربنا منك، وكذلك جعَلتَها بابًا واسعًا للتوبة والتكفير عن كل الذنوب.

     

    فالأذان هو نداء الله عز وجل للقلوب؛ لِتُقبِل عليه وتتقرب منه، فتبتعد عن التفكير في الدنيا ومشاغلها؛ لتبدأ في الاستعداد للصلاة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بلال! أقم الصلاة، أرِحْنا بها))[10]، فالصلاة راحةٌ من الهموم والآلام.

     

    فتتلقَّى نداء الله بالاستماع والإنصات، والترديد خلف المؤذن بقلبك قبل لسانك؛ امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم النداء، فقولوا مثلَ ما يقول المؤذن))[11].

     

    ثم ترديدُ الشهادتين والإقرار بأنَّك رضيتَ بالله ربًّا وبمحمد رسولاً وبالاسلام دينًا، فيَجزيك الله بأن يغفر لك جميعَ ذنوبك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال حين يَسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًّا وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينًا - غَفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه))[12].

     

    الوضوء:

    وبعد الأذان تتَوجَّه بقلبٍ خاشع للتوضُّؤ؛ استعدادًا للوقوف بين يدي الله عز وجل، متيقِّنًا أن الله سيغفر لك خطاياك التي اقترفَتْها جوارحُك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيُّما رجلٍ قام إلى وضوئه يريد الصلاة، ثم غسل كفَّيه نزلَت خطيئتُه من كفيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سَلِم من كل ذنب هو له ومن كل خطيئة، كهيئتِه يومَ ولدَتْه أمُّه، فإذا قام إلى الصلاة رفعه الله عز وجل بها درجة، وإن قعد قعد سالِمًا))[13].

     

    وتيقَّن أنَّك بإسباغك الوضوءَ وإقبالك على الصلاة بقلبك وجوارحك؛ فإن الله سيغفر لك ذنوبك، وسيرزقك بالجنة؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِنكم من أحد يتوضَّأ فيُحسِن الوضوء، ثم يقوم فيركع ركعتين يُقبِل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبَت له الجنة وغُفر له))[14].

     

    الصلاة:

    والآن حان الوقتُ للوقوف بين يدي الله عز وجل؛ حبًّا وشوقًا إليه وخشية منه، حتى لو كنتَ بمُفرَدِك على رأس جبل، فيغفر الله لك؛ لخشيتك إياه، ويُدخلك الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَعجَب ربُّك مِن راعي غنم في رأس شظيَّة بجبل يؤذِّن للصلاة ويصلِّي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم الصلاة؛ يَخاف مني، قد غفرتُ لعبدي وأدخلتُه الجنة))[15].

     

    ويتجدَّد اللقاء خمسَ مرَّات على مدار اليوم؛ ليتجدد القُرب من الله عز وجل، ويتجدد عهد الله بغفران الذنوب؛ فقد قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((خمسُ صلوات افترضَهن الله عز وجل، مَن أحسَن وُضوءهن وصلاَّهن لوقتهن وأتمَّ ركوعهن وخشوعهن، كان له على الله عهدٌ أن يَغفر له، ومَن لم يفعل فليس له على الله عهدٌ؛ إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه))[16].

     

    وحين تبدأ الصلاة وبعد أن تقول: الله أكبر، تستفح بالدعاء لله أن يُطهِّرك من الخطايا كما ورَد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ((اللهم اغسل عنِّي خطاياي بماء الثَّلج والبرَد، ونَقِّ قلبي من الخطايا كما نقيتَ الثوب الأبيض من الدنس، وباعِد بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب))[17].

     

    ومع كل ركوع وسجود كان يردِّد: ((سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك))[18].

     

    ثم يُنهي صلاته بطُمأنينة، ويبقى في مجلسه تحفُّه الملائكة وتدعو له؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مُصلاَّه الذي صلى فيه، ما لم يُحدِث أو يَقُم: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه))[19].

     

    ومع كل صلاة يَغفر الله لك الذنوبَ التي سبَقَتها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن امرِئ يتوضَّأ فيُحسِن وضوءه ثم يُصلي الصلاة إلا غُفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى، حتَّى يُصلِّيَها))[20].

     

    وحين سأل ثوبانُ رضي الله عنه مولى الرسول صلى الله عليه وسلم عن أحبِّ الأعمال إلى الله، قال: ((عليك بكثرة السجود؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفَعَك الله بها درجة، وحطَّ بها عنك خطيئة))[21].

     

    أذكار بعد الصلاة:

    وبعد انتهائه من الصلاة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يَستغفر الله؛ لجبرِ أيِّ قُصور صدَر منه بالصلاة؛ كان إذا انصرَف من صلاته استغفرَ ثلاثًا ثم قال: ((اللهم أنت السلام ومنك السلام، تبارَكْتَ يا ذا الجلال والإكرام))[22].

     

    ثم يبدأ في ترديد الأذكار؛ رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبا ذَر، ألا أُعلِّمك كلمات تقولهن تَلحق مَن سبقك ولا يُدرِكك إلا مَن أخذ بعمَلِك؟ تُكبِّر دُبرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين وتسبِّح ثلاثًا وثلاثين وتحمد ثلاثًا وثلاثين، وتختم بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مَن قال ذلك غُفِرَت له ذنوبه ولو كانت مِثل زبَد البحر))[23].

     

    ألا يَكفي كلُّ هذا لتبييَّن عِظمَ شأن الصلاة وأهميتها، وأهمية إعطائها حقَّها من الوقت والخشوع والتضرُّع بين يدي الله عز وجل لتكون سببًا في غفران الذنوب!

     

    قيام الليل:

    وهو دَأب الصَّالحين، لا يُوفَّق إليه إلا مَن وفَّقه الله؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دَأبُ الصالحين قبلَكم، وقربةٌ إلى الله تعالى، ومَنهاةٌ عن الإثم وتكفيرٌ للسيئات، ومَطرَدةٌ للداء عن الجسد))[24].

     

    ففيه يتنزل الله عز وجل تنزيلاً يليق بجلاله؛ ليلبِّي حاجةَ عباده المقربين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتنزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يَبقى ثُلث الليل الآخرُ فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرني فأغفرَ له؟))[25].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن تَعارَّ مِن الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استُجيبَ له، فإن قام فتوضَّأ ثم صلى قُبِلَت صلاتُه))[26].

     

    الجمعة:

    وهو يومُ عيدٍ للمسلمين؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا يومُ عيد جعَله الله للمسلمين، فمَن جاء إلى الجمعة فلْيغتسِل، وإن كان طيبٌ فليَمسَّ منه، وعليكم بالسِّواك))[27].

     

    وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير عن فضل يوم الجمعة وصلاتها، فقال: ((مَن توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدَنا واستمع وأنصَت غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصى فقد لغا))[28].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغُسل، وتطهر فأحسن الطُّهور، ولبس مِن أحسن ثيابه، ومَسَّ ما كَتب الله له من طيب أو دُهن أهلِه، ثم أتى المسجد فلم يَلغُ ولم يُفرِّق بين اثنين - غفَر الله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))[29].

     

    ثم يمرُّ اليوم بعد ذلك بأحداثه المتفرقة، والتي تشمل الكثير من وسائل التوبة والاستغفار:

    الخلاء:

    هو أول مكان ندخله حين الاستيقاظ من النوم، وكذلك آخر مكان نذهب إليه قبل الذهاب إلى النوم، بالإضافة إلى دخوله عدة مرات خلال اليوم نُحرَم فيها من ذِكر الله؛ لذا علَّمنا رسولنا الاستغفارَ من انقطاعنا عن الذِّكر بترديد كلمة ((غفرانك))؛ لما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرَج مِن الخلاء قال: ((غفرانَك))[30].

     

    الطعام:

    حين تبدأ طعامك بالبسملة ثم تلتهمه وتنتهي منه، فلا تحتاج سوى أن تحمد الله وتنسب الفضل إليه؛ ليغفر لك ذنبك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أكل طعامًا ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعمَني هذا الطعام ورزَقَنيه مِن غير حولٍ مني ولا قوة، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[31].

     

    الملبس:

    وفي كل مرة تُبدِّل ملابسَك ما عليك سوى حمدِ الله على فضله؛ ليغفر لك ما تقدم من ذنبك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ومَن لبس ثوبًا فقال: الحمد لله الذي كَساني هذا ورزقَنيه من غير حولٍ مني ولا قوة، غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخَّر))[32].

     

    الرفقاء:

    وحينما تَلتقي بأحد المسلمين وتمدُّ يدك لمصافحته يَغفر الله لك ذنبَك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مُسلمَيْن يَلتقيان فيتَصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتَفرَّقا))[33].

     

    وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مُسلمين يلتقيان فيُسلِّم أحدُهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا لله، فلا يفترقان حتى يُغفر لهما))[34].

     

    وبعد الانتهاء من مَجلسِك والذي حتمًا ستتخلَّله بعض الذنوب - مِن لغوٍ وفضول الكلام وغيرهما - فما عليك سوى ترديد دعاء كفَّارة المجلس قبل أن تَقوم من مجلسك؛ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مجلس إلا قال: ((سبحانك اللهم ربي وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك))، وقال: ((لا يَقولهنَّ أحد حيث يَقوم من مجلسه إلا غُفر له ما كان منه في ذلك المجلس))[35].

     

    وكذلك الاهتمام ببذل السلام لمن نَعرف ومن لم نَعرف من موجبات المغفرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ موجبات المغفرة بذل السَّلام وحُسن الكلام))[36].

     

    عيادة المريض:

    وكما أنَّ لقاء الرُّفقاء في السَّراء سببٌ لغفران الذنوب، فكذلك زيارتهم في الضراء خاصة وقتَ احتياجهم النفسي والمعنوي للرفقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن رجل يعود مريضًا ممسيًا إلا خرج معه سبعون ألفَ ملَك يستغفرون له حتى يُصبح، ومن أتاه مُصبِحًا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يُمسي))[37].

     

    تنفيذ العقوبات:

    كثيرون مَن يرتكبون الكبائرَ ويتعدَّون على حقوق الغير، لكن القلة القليلة التي تتَّقي الله وتخشاه وتعترف بالخطأ، وتقبل بتطبيق الحدود عليها في الدنيا؛ لذلك يَجزي الله عز وجل هذه القلة بجَعلِ الحدِّ كفَّارة لتلك الكبيرة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مَن أصاب ذنبًا فأقيم عليه حدُّ ذلك الذنب فهو كفَّارته))[38].

     

    العُطاس:

    العطاس هو إحدى نعم الله علينا؛ حيث تخرج الأبخرة المحتقنة في الدماغ؛ ولذلك وجَب علينا حمدُ الله عز وجل عليها، فيدعو لك المسلمون بالرحمة، فتَقوم في المقابل بالدعاء لنفسك ولهم بالمغفرة في جوٍّ يسوده الحبُّ والألفة، وتَلاقي الأرواح؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا عَطِس أحدُكم فليَقُل: الحمد لله ربِّ العالمين، وليقل له: يرحمك الله، وليقل هو: يغفر الله لنا ولكم))[39].

     

    الابتلاء:

    تمرُّ بنا الحياة بشتى أنواع الابتلاءات صغيرة وكبيرة، فيجعلها الله وسائلَ لتكفير الذنوب ورفعِ الدرجات؛ كلٌّ على حسب إيمانه، فتُنسينا حلاوةُ الأجر ما مرَرْنا به من مَرارة الصبر على البلاء؛ يقول ابن الجوزي: "ولو أنَّ ملِكًا قال لرجل فقير: كُلَّما ضربتُك بهذا العود اللطيف ضربة أعطيتُك ألف دينار - لأحَبَّ كثرة الضرب، لا لأنه لا يُؤلِم، ولكن لِمَا يَرجو مِن عاقبة، وإن أنكاه الضَّربُ، فكذلك السَّلَف تلَمَّحوا الثَّواب، فهان عليهم البلاء))[40].

     

    ويقول الشيخ عبدالعزيز الطريفي: المصائب نعمة لمن رُزِق الصبر، ولو عَلِم الإنسان ثواب صبره لأنساه ألم مصيبته؛ يقول تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر 10].

     

    وقد وضَّح لنا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأجور فقال: ((أشدُّ الناس بلاءً الأنبياءُ ثم الأمثلُ فالأمثل؛ يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابةٌ اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّة ابتُلي على قدر دينه، فما يَبرح البلاءُ بالعبد حتى يتركه يَمشي على الأرض، وما عليه خطيئة))[41].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يُصيب عبدًا نكبةٌ فما فوقَها أو دونَها إلا بذنب، وما يَعفو الله عنه أكثر))[42].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسِه وولده وماله، حتى يَلقى الله وما عليه خطيئة))[43].

     

    ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد الله بعبده الخيرَ عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشرَّ أمسك عنه بذنبه حتى يُوافي به يوم القيامة))[44].

     

    المرض والألم:

    وكذلك المرَض والألم ابتلاءٌ مِن الله عز وجل؛ ليُكفِّر به الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يَبتلي عبده المؤمن بالسَّقَم حتى يُكفِّر عنه كلَّ ذنب))[45].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: أنا قيَّدتُ عبدي بقيد من قيودي، فإن أقبِضْه أغفر له وإن أُعافِه فحينئذٍ يَقعد لا ذنب له))[46].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ ابتلاه الله في جسده إلا كُتب له ما كان يعمل في صحَّته؛ ما كان مريضًا، فإن عافاه - أراه قال - عسَلَه)). وفي رواية: ((وإن قبضه غُفر له، وإن شفاه عسَلَه))[47].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله عز وجل: أكتب له صالح عمله، فإن شفاه غسله وطهره، وإن قبضه غفَر له ورَحِمه))[48].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الصالحين يُشدَّد عليهم، وإنه لا يصيب مؤمنًا نكبةٌ - مِن شوكة فما فوق ذلك - إلا حطَّت عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة))[49].

     

    أذكار النوم:

    يأتي موعد النوم بعد يوم كامل من المشقة والعمل، يتخللها بعض الذنوب التي تصيب جوارحنا، فنحتاج إلى التطهُّر منها بالوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طَهِّروا هذه الأجساد طهَّرَكم الله؛ فإنه ليس عبدٌ يَبيت طاهرًا إلا بات معه ملَكٌ في شِعاره لا ينقلب ساعةً من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك؛ فإنه بات طاهرًا))[50].

     

    ثم تستعد للنوم فتنفض فراشك قبل أن تضطَجِع على شِقِّك الأيمن داعيًا الله عز وجل ومناجيًا إياه؛ ليغفر لك ذنبك ويحفظك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فليأخُذ داخِلةَ إزاره، فليَنفُض بها فِراشه، وليُسمِّ الله؛ فإنه لا يَعلم ما خلَفَه بعده على فراشه، فإذا أراد أن يضطجع، فليضطجع على شقِّه الأيمن، وليَقُل: سبحانك اللهمَّ ربي، بك وضعتُ جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكتَ نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتَها فاحفَظْها بما تحفظُ به عبادك الصالحين))[51].

     

    الاستغفار والدعاء:

    ورغم وجود وسائلَ كثيرة في حياتنا اليومية للتوبة وتكفير الذنوب، ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أنقى القلوب وأطهر البشر - فإنَّه كان مهتمًّا جدًّا بترديد الاستغفار والدعاء والتوبة لله عز وجل؛ لجبر أيِّ تقصير صدر منه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليُغانُ على قلبي، وإني لأَستغفِر الله في اليوم مائةَ مرة))[52].

     

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليِّ بن أبي طالب: ((ألاَ أُعلِّمك كلمات إذا قُلتَهن غفر الله لك وإن كنتَ مغفورًا لك؟ قل: لا إله إلا الله العليُّ العظيم، لا إله إلا الله الحكيم الكريم، لا إله إلا الله، سبحان الله ربِّ السموات السبع ورب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين))[53].

     

    ورُوي أنَّ أبا بكرٍ الصديق رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهم إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يَغفر الذُّنوب إلاَّ أنت، فاغفر لي مِن عندك مغفرةً؛ إنَّك أنت الغفور الرَّحيم))[54].

     

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيد الاستغفار أن تَقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتَني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شرِّ ما صنَعتُ، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يَغفر الذنوبَ إلا أنت؛ مَن قالها من النهار موقنًا بها فمات من يومه قبل أن يُمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقنٌ بها فمات قبل أن يُصبح فهو من أهل الجنة))[55].

     

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأثير الرَّان على القلوب: ((إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكِتَت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيدَ فيها حتى تَعلُوَ على قلبه، وهو الرَّان الذي ذكَر الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [المطففين: 14]))[56].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم في عجَبِ الله من المستغفرين ويَقينهم بالله: ((إنَّ ربَّك ليَعجب من عبده إذا قال: ربِّ اغفر لي ذنوبي، وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري))[57].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: مَن علم أنِّي ذو قُدرة على مغفرة الذنوب غفرتُ له ولا أبالي، ما لم يشرك بي شيئًا))[58].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: يا بن آدم، إنَّك ما دعَوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم، لو بلَغَت ذنوبك عَنانَ السماء ثم استغفرتَني غفرتُ لك ولا أبالي، يا بن آدم، لو أنك أتيتَني بقُراب الأرض خطايا ثم لَقيتَني لا تُشرك بي شيئًا لأتيتُك بقُرابها مغفرة))[59].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم في شأن صاحب الشِّمال وتأخُّره في تسجيل الذنوب: ((إن صاحب الشمال ليَرفع القَلم ستَّ ساعات عن العبد المسلم المخطِئ، فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كُتِبَت واحدة))[60].

     

    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر الله كلَّ يوم أكثر من سبعين مرة: ((استغفروا ربَّكم؛ إني استغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة))[61].

     

    ومن الأذكار التي تَمحو جميع الخطايا ولو كانت مثلَ زبَد البحر: قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطَّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر))[62].

     

    وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما على الأرض أحدٌ يقول: لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله: إلا كُفِّرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر))[63].

     

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوبة من الرياء: ((يا أيها الناس، اتَّقوا هذا الشِّرك؛ فإنه أخفى مِن دبيب النمل))، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتَّقِيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: ((قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نُشرِك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لِما لا نَعلمه))[64].

     

    وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اغفر لي خَطيئتي وجَهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جَدِّي وهَزْلي، وخَطئي وعَمْدي، وكل ذلك عِندي، اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيء قدير)) [65].

     

    ((اللهم اغفر لي ذنبي ووَسِّع لي في داري وبارك لي في رزقي))[66].

     

    ((اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم أنعشني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق؛ فإنه لا يَهدي لصالحها ولا يَصرف سيِّئَها إلا أنت))[67].

     

    المدح:

    ولأن المَدح يولِّد العُجْب والكِبْر في الممدوح فقد كان الرَّجل من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا زُكِّي قال: (( اللهم لا تُؤاخذني بما يَقولون، واغفر لي ما لا يعلمون)) [68].

     

    الصلاة على رسول الله:

    ومما يَزيدنا قربةً لله عز وجل أن نتذكر رسولَه صلى الله عليه وسلم ونُصلِّي عليه في كل وقت وحين؛ فعن أُبيِّ بن كعب أنه قال: يا رسولَ الله، إنِّي أُكثِرُ الصَّلاةَ عليك فكَم أجعلُ لك مِن صلاتي؟ فقال: ((ما شِئتَ))، قال: قلتُ: الرُّبُعَ، قال: ((ما شئتَ، فإن زِدتَ فهو خيرٌ لك))، قُلتُ: النِّصفَ، قالَ: ((ما شِئتَ؛ فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ))، قالَ: قلتُ: فالثُّلُثَيْنِ، قالَ: ((ما شِئتَ؛ فإن زدتَ فَهوَ خيرٌ لَكَ))، قلتُ: أجعلُ لَكَ صلاتي كلَّها، قالَ: ((إذًا تُكْفَى هَمَّك، ويُغفرَ لَكَ ذنبُك))[69].

     

    الصدقة:

    للصدقة عظيمُ الأثر في حياة المسلمين؛ سواء كانت صدقة تجد أثرَها في حياتك فتُطفِئ الخطيئة؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تصدَّقوا ولو بتمرة؛ فإنها تَسدُّ من الجائع، وتطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماءُ النارَ))[70].

     

    أو صدقةً يستمرُّ أجرُها بعد مماتك، ومنها ولدٌ يَستغفر لك بعد مماتك؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سَبعٌ يَجري للعبد أجرُهن وهو في قبره بعد موته: مَن علم علمًا أو أجرى نهرًا أو حفر بئرًا أو غرس نخلاً أو بنى مسجدًا أو ورَّث مصحفًا أو ترَك ولدًا يستغفر له بعد موته))[71].

     

    طلب العلم وتعليمه:

    ولطلب العلم فضلٌ عظيم؛ يقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].

     

    كيف لا والعلم هو ميراث الأنبياء وطريقٌ تسلكه إلى الجنة، فيُكرِمك الله بأن يَستغفر لك مَن في السَّموات ومَن في الأرض، وحتى الحيتان في جوف الماء؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سَلك الله به طريقًا من طُرق الجنة، وإن الملائكة لتَضع أجنحتَها لطالب العلم؛ رِضًا بما يصنع، وإن العالم ليَستغفر له مَن في السموات ومن في الأرض والحيتانُ في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنما ورثوا العلم، فمَن أخذه أخذ بحظ وافر))[72].

     

    ولم يَقتصر هذا الفضل على طالب العلم، بل امتدَّ لمن طلب العلم وعلَّمَه لغيره، فيستمر استغفارُ كل شيء لك حتى الحيتان في البحار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معلِّم الخيرِ يستغفر له كلُّ شيء، حتى الحيتان في البحر))[73].

     

    الشيب:

    كثيرٌ منا يَحزن إذا ظهَر الشيب في رأسِه، لكن كيف يكون شعورهم لو عَلموا أن هذا الشيب سيَكون لهم نورًا يوم القيامة؟ يَقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن شاب شيبةً في الإسلام، كانت له نورًا يوم القيامة))[74].

     

    وكما أنَّ للشيب فضلاً يوم القيامة فله فضلٌ أيضًا في الدنيا؛ حيث يَكتب الله لك بكلِّ شيبة حسنة ويحطُّ عنك بها خطئية؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كَتب الله له بها حسنة وحطَّ عنه بها خطيئة))[75].

     

    حسن تربية الأبناء:

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته؛ فالإمام راعٍ ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤولٌ عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها))[76].

     

    ومِن رعيَّة المرأة أبناؤها وحسنُ تربيتهم، فمَن أحسن تربيةَ أبنائه كانوا له صدَقة جارية بعد مماته، ورُفعَت درجته بالجنة باستغفار أبنائه له؛ فعَن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((تُرفَع للميت بعد موته درجتُه، فيقول: أيْ ربِّ، أيُّ شيء هذه؟ فيُقال: ولَدُك استغفَر لك))[77].

     

    إماطة الأذى عن الطريق:

    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه))[78].

     

    وقال صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجلٌ يَمشي بطريق وجَد غُصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشَكَر الله له فغَفَر له))[79].

     

    الإحسان إلى الحيوان:

    أمرنا الله عز وجل بالعدل والإحسان في كل شيء، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ } [النحل: 90]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله كتب الإحسانَ على كلِّ شيء))[80].

     

    والعدل والإحسان يشمَلان الإنسانَ والحيوان، وكان مِن رحمته سبحانه وتعالى أن جَعل الإحسانَ للحيوان سببًا لمغفرة الذنوب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينا رجلٌ يَمشي فاشتدَّ عليه العطش، فنَزل بئرًا فشرب منها ثمَّ خرج، فإذا هو بكلبٍ يلهَث؛ يأكل الثَّرى مِن العطش، فقال: لقد بلَغ هذا مثلُ الذي بلَغَ بي، فملأ خُفَّه ثم أمسَكه بفِيه، ثم رَقِي فسَقى الكلبَ، فشكَر الله له، فغفَر له))، قالوا: يا رسول الله، وإنَّ لنا في البهائم أجرًا؟ قال: ((في كلِّ كَبدٍ رطبةٍ أجرٌ))[81].

     

    الخاتمة:

    وما سبق هو قطرةٌ مِن غيثٍ في بحر الآيات والأحاديث التي تُعلِّمنا وسائل التوبة والاستغفار في حياتنا؛ مما يَجعلنا نتأمَّل: كيف لنا أن نَخرج من يومنا كلَّ ليلة مُحمَّلين بالذنوب وقد وهَبَنا الله عز وجل الكثيرَ من الوسائل المكفِّرة للخطايا، والرافعة للدرجات؟

     

    فالصلاة وحدَها يَغفر الله لنا فيها ذُنوبَنا عدة مرات لو احتسَبْنا أجرَها الذي أخبرَنا به نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم، بدءًا من الدعاء بعد الأذان، ثم الوضوء، ثم الذَّهاب إلى الصلاة، ثم دعاء الاستفتاح، ثم الركوع والسجود، ثم أذكار بعد الصلاة، في كلِّ خَطوة من هذه تُغفَر جميع ذنوبنا.

     

    وصلاتنا هذه نؤدِّيها خمس مرات في اليوم، فكيف لو احتسَبْنا الأجور المذكورةَ في الأعمال الأخرى التي نَقوم بها كلَّ يوم؛ لنخرج كلَّ ليلة وقد غُفرَت جميعُ ذنوبنا ولو كانت مثل زبَدِ البحر؟!

     

    همسة أخيرة:

    "إذا انطفَأت كلُّ الأنوار، فاعلم أنَّ هناك مصباحًا لا يَنطفئ حتى تَموت؛ هو مصباح التوبة"[82].

     

    فالله أفرحُ بتوبة عبده من أيِّ مخلوق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((قال اللهُ عزَّ وجلَّ: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حيث ذكَرَني - واللهِ لَلَّهُ أفرحُ بتوبةِ عبدِه مِن أحدِكم يَجِدُ ضالَّتَه بالفلاةِ - ومَن تقرَّب إليَّ شِبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، ومن تقرَّب إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا، وإذا أقبل إليَّ يمشي أقبلتُ إليه أهرولُ))[83].

    وآخِر دَعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

     

     

     

    [1] حسن: رواه الترمذي (2499).

    [2] صحيح الجامع (5735).

    [3] صحيح الجامع (7074 - 2403).

    [4] صحيح الجامع (1650).

    [5] صحيح الجامع (2686).

    [6] صحيح الجامع (6803).

    [7] الموقع الرسمي للشيخ ابن باز باختصار وتصرف بسيط.

    [8] رواه البخاري ومسلم.

    [9] أبو هلال العسكري في "الفروق اللغوية"، موقع إسلام ويب: فتوى (199931).

    [10] صحيح الجامع (7892).

    [11] رواه البخاري (611).

    [12] صحيح: رواه ابن حبان (1693).

    [13] صحيح الجامع (2724).

    [14] صحيح الجامع (5802 - 1899).

    [15] صحيح الجامع (8102 - 3181).

    [16] صحيح الجامع (3242).

    [17] رواه البخاري (6368).

    [18] صحيح الجامع (4771).

    [19] صحيح الجامع (6727 - 2292).

    [20] صحيح الجامع (5689 - 1842).

    [21] صحيح الجامع (4050).

    [22] صحيح الجامع (4688).

    [23] صحيح الجامع (7821 - 2919).

    [24] صحيح الجامع (4079).

    [25] صحيح الجامع (8021 - 3114).

    [26] صحيح الجامع (6156 - 2047).

    [27] حسن: رواه ابن ماجه (1098).

    [28] صحيح الجامع (6179 - 2066).

    [29] صحيح الجامع (6064 - 2005).

    [30] صحيح: رواه ابن حبان (1444).

    [31] صحيح الجامع (6086 - 2015).

    [32] صحيح الجامع (6086 - 2015)، قال الشيخ الألباني رحمه الله: زيادة ((وما تأخر)) منكَرة لا شاهد لها.

    [33] صحيح الجامع (5777).

    [34] صحيح الجامع (5778).

    [35] صحيح الجامع (4867).

    [36] صحيح الجامع (2232).

    [37] صحيح الجامع (5717).

    [38] صحيح الجامع (6039).

    [39] صحيح الجامع (686).

    [40] مختصر منهاج القاصدين، صفحة 274.

    [41] صحيح الجامع (992).

    [42] صحيح الجامع (7732 - 2843).

    [43] صحيح الجامع (5815 - 1908).

    [44] صحيح الجامع (308).

    [45] صحيح الجامع (1870).

    [46] صحيح الجامع (1673).

    [47] صحيح الأدب المفرد (386).

    [48] صحيح الجامع (258 - 105).

    [49] صحيح الجامع (1660).

    [50] صحيح الجامع (3936).

    [51] رواه مسلم (2714).

    [52] صحيح الجامع (2415 - 1098).

    [53] صحيح الجامع (2621).

    [54] رواه البخاري (7387).

    [55] صحيح الجامع (3674).

    [56] صحيح الجامع (1670).

    [57] صحيح الجامع (2069).

    [58] صحيح الجامع (4330).

    [59] صحيح الجامع (4338).

    [60] صحيح الجامع (2097).

    [61] صحيح الجامع (944 - 467).

    [62] صحيح الجامع (6431).

    [63] صحيح الجامع (5636 - 1818).

    [64] حسن؛ صحيح الترغيب (36).

    [65] رواه مسلم (2719).

    [66] صحيح الجامع (1265).

    [67] صحيح الجامع (1266).

    [68] صحيح الأدب المفرد (585).

    [69] حسن: رواه الترمذي (2457).

    [70] صحيح الجامع (2951).

    [71] صحيح الجامع (3602).

    [72] صحيح الجامع (6297 - 2117).

    [73] صحيح الجامع (5883).

    [74] صحيح: الترغيب والترهيب (1290).

    [75] صحيح الجامع (5760).

    [76] رواه البخاري (2558).

    [77] حسن: صحيح الأدب المفرد (27).

    [78] رواه البخاري (13).

    [79] صحيح الجامع (2874 - 1323).

    [80] رواه مسلم (1955).

    [81] رواه البخاري (2363).

    [82] موقع وذَكِّر.

    [83] رواه مسلم (2657).

     

    رابط الموضوع:

    http://www.alukah.ne.../#ixzz3nG5JyLMO

    • معجبة 2

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×