اذهبي الى المحتوى
عاشقة للجنة

أطفـــــال تمزقـــت أحلامهم في الطرقات

المشاركات التي تم ترشيحها

أطفال تمزّقت أحلامهم في الطرقات

 

بشار دراغمة 15/10/1426

17/11/2005

 

 

 

أطفال تمزقت أحلامهم في طرقات المدن والمخيمات بحثاً عن لقمة عيش، وتزداد صعوبة الحصول عليها مع مضي الأيام، إن لم يكن في أي مكان في العالم، فهو هنا في فلسطين، في الضفة الغربية، في قطاع غزة، في كل المدن والمخيمات، أطفال اتخذوا من التسول مهنة لهم بعدما أجبرهم زمان الاحتلال على ذلك، فمنهم من قُتل آباؤهم، وآخرون زُج المعيل الاول لأسرهم خلف قضبان السجون، ليجد الطفل الفلسطيني نفسه أمام واقع مرّ "لا بديل عن التسوّل لكسب الرزق ومساعدة عائلاتهم"، هكذا قال لي أحد الأطفال المتسولين، بينما وجدت طفلاً آخر لا يقتنع بهذا الكلام، وبحث عن طريقة أخرى لكسب قوت عائلته، سألته كيف؟ فأجاب: "التجارة شطارة، وأنا استطيع أن أبيع العلكة والشيكولاتة، وأشياء أخرى كهذه، وفي النهاية أجمع شيئاً من المال أساعد به عائلتي، فوالدي في الحبس، وهو الوحيد الذي كان يعيلنا".

 

استجداء من أجل شيكل

 

ربما لا يفاجأ المرء إن أغرقه المتسولون والباعة المتجولون من الأطفال في أحد شوارع مدينة نابلس، أسئلة كثيرة تتبادر إلى ذهنك قبل أن تدخل في حوار مع هذا الطفل المتسول أو ذاك البائع المتجول، تقول: نحن في الصباح ومن المفترض أن يكون هذا الطفل في مدرسته، لماذا هو غائب عنها الآن؟ لكن إلحاحه يقطع عليك كل تساؤلاتك، فهو يريد أن ينتهي منك للبحث عن رزق جديد.

مررت بأحد الأطفال، أسرع إلي قائلاً: " عمو أعطيني شيكل، الله يخليلك أولادك، الله يسعدك، الله..."، قبل أن ألبي له رغبته قررت أن أساله: ماذا سيصنع لك الشيكل، إنه بسيط جداً، ولماذا لم يعطك أهلك هذا الشيكل؟ فأجاب: " أنا جوعان كثير وبدي أشتري ساندويتش من المطعم؛ لأنها أمي ما عملت فطور، ما معها فلوس، وأبوي مات زمان، قتلته إسرائيل".

مجرد أن تنتهي من هذا الطفل، حتماً هناك أطفال آخرون سيلاحقونك في الطرقات كافة، فطفل جديد اعترض طريقي، وجدته واقفاً أمامي، يقول: " عمو تشتري؟، معي علكة زاكية كثير، وكمان معي كاسات شاي كل (12) كاس بعشرة شواكل، خذهم للبيت الله يجبر خاطرك".

الأطفال المتجولون في الشوارع بحثاً عن قوتهم كثيرون جداً، ولكل منهم طريقته الخاصة في تسويق سلعته أو الاستجداء من الناس.

 

دراسات: الحاجة تدفعهم للعمل

 

الدراسات الفلسطينية الرسمية تؤكد على أن عمالة الأطفال سواء في بيع الحاجيات الصغيرة أو التسول في الشوارع، تأتي بسبب ممارسات إسرائيل على الأرض، ومنع العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أماكن عملهم، حيث يظهر تقرير أصدره جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني أن 71% من الأطفال دون سن الخامسة عشرة يعملون بسبب الفقر، وانعدام فرص العمل لآبائهم، وحسب هذه الإحصائية فقد بلغ عدد الأطفال العاملين سواء بأجر أو بدون أجر( 40,139) طفلاً، أي ما نسبته 3.1% من إجمالي الأطفال، منهم 3.8% في الضفة الغربية و1.9% في قطاع غزة.

وبحسب نتائج هذه الإحصائية فإن عمالة الأطفال الأعلى موجودة في المناطق الريفية مقارنة مع الحضر والمخيمات حيث بلغت 4.6% مقابل 2.6% في الحضر، و1.8% في المخيمات، أمام بالنسبة لتوزيع المحافظات فكانت المحافظة الأولى في هذا الشأن هي أريحا بنسبة (13.2%)، ومن ثم سلفيت (10.4%)، وبعدها محافظة قلقيلية (9.2%)، في حين سجلت محافظتا القدس وبيت لحم أدنى نسبة للأطفال العاملين.

أما في قطاع غزة فقد سجلت محافظة غزة أعلى نسبة حيث وصلت إلى 2.8%، يليها محافظة رفح (2.2%)، في حين بلغت أدنى نسبة في محافظتي دير البلح وخان يونس فقد بلغت 1.0% لكل منهما.

 

ساعات عمل طويلة وأمراض مزمنة

 

يلاحظ من خلال الإحصائيات أن الساعات الأسبوعية التي يقضيها الأطفال في العمل طويلة جداً قياساً بأعمارهم حيث بلغ متوسط ساعات العمل الأسبوعية (25.6) ساعة، بواقع (14.4) ساعة للفئة العمرية (5-9) سنوات، و(20.3) ساعة للفئة (10-14) سنة، و(33.8) ساعة أسبوعياً للفئة (15-17) سنة، هذا في وقت تبين فيه أن العديد من الأطفال أصيبوا بأمراض مزمنة نتيجة ظروف عملهم الصعبة، وتبين أن 7.6% من الأطفال العاملين تعرضوا لإصابات عمل أو أصيبوا بأمراض مزمنة خلال أدائهم لعملهم بواقع 7.5% في الضفة الغربية و8.3% في قطاع غزة.

 

ضياع المدرسة لضمان العمل

 

في الوقت الذي يبحث فيه الطفل عن قوت يومه ليعيل عائلته فإنه حتماً سيضطر في أحيان كثيرة إلى التخلي عن "حبيبته المدرسة"، فالكثير من هؤلاء الأطفال نجدهم راغبين في إكمال مشوارهم التعليمي، لكن على حد قول أحدهم: "ما في اليد حيلة" بينما يقول آخر:"ما إنت شايف: العين بصيرة واليد قصيرة، وعينك في الناظر". وتبين النتائج أن 95.4% من الأطفال في الفئة العمرية (6-17) سنة ملتحقون بالمدرسة، كما أظهرت النتائج أن2.3% من الأطفال الملتحقين بالمدرسة يعملون بأنشطة اقتصادية بواقع 4.0% للذكور و0.6% للإناث، من جهة أخرى أظهرت النتائج أن 8.1% من بين الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة يعملون، بواقع 9.5% في الضفة الغربية و6.1% في قطاع غزة، مع ملاحظة أن الأطفال في عمر (5) سنوات مشمولون في هذه المقارنة.

 

دحلان: التسول ليس ظاهرة في فلسطين

 

من جهته يرفض محمد دحلان، وزير الشؤون المدنيّة الفلسطينية أن يطلق على التسول في فلسطين اسم الظاهرة، معتبراً أن مثل هذا المصطلح بحاجة إلى دراسات علمية، وفي فلسطين لم نحصل على دراسات دقيقة حول أعداد وانتشار المتسولين في المجتمع الفلسطيني، ويعتبر العقيد دحلان أن حالة التسول تنتشر دون أسباب مباشرة قائلاً: "الوضع الاقتصادي وبالتحديد الفقر يُعدّ أحد أهم العوامل التي تدفع بالأطفال لممارسة هذه العادات السلبية، وتدني القدرة الشرائية لدى الأسرة وعدد الأفراد في الأسرة الواحدة داخل المجتمع الفلسطيني بشكل عام، والالتزامات المتعددة لدى رب الأسرة، وعدم مقدرته على تلبية بعض الاحتياجات لأبنائه ساهم في توجه هؤلاء الأطفال للانحراف السلوكي من سرقة أو تسول، أو مسح زجاج السيارات، أو جمع الزجاجات الفارغة كعلب الكرتون أو بعض قطع الحديد والنحاس، والبقايا الملقاة هنا".

ويحمّل دحلان الأسرة جزءاً من المسؤولية حول انتشار هذه الظاهرة قائلاً: "التنشئة الاجتماعية وأسلوبها داخل الأسرة تلعب دوراً كبيراً في الحد من هذه العادات، فإذا كانت النشأة سليمة فلن تحدث، أما إذا كانت تنشئة غير واعية وسليمة فإنها حتما ستؤدي إلى انتشار مثل هذه الحالات.

 

السياحة لمواجهة التسول

 

وزارة السياحة الفلسطينية حاولت أن تلعب دوراً في هذا الجانب؛ إذ أعلنت الوزارة عن البدء في تنفيذ خطة من شأنها أن تحد من انتشار ظاهرتي التسول والباعة المتجولين في الشوارع، وأوضح زياد البندك، وزير السياحة والآثار الفلسطيني، أن وزارته تسعى للحد من هذه الظاهرة في الأماكن السياحية، و التقى البندك مع العميد محمود المشني قائد الشرطة السياحية، وقيادات شرطية أخرى لوضع خطة لمكافحة التسول في الأماكن السياحية، واعتبر البندك ان ظاهرة التسول غريبة على المجتمع الفلسطيني وتسيء إلى "السمعة الطيبة التي يتمتع بها هذا الشعب باعتباره شعباً كريماً محباً لضيوفه ويحترم زوّاره".

إن الأماكن السياحية الفلسطينية التي بدأت تشهد عودة متدرجة للسياح إليها، بعد سنوات الانتفاضة، تشهد وجود مجموعات من الأطفال تتسول من السائحين، في حين عجزت الشرطة السياحية التي تضم خريجي الجامعات في صفوفها من وضع حد للتسول.

وقال العميد محمود المشني قائد الشرطة السياحية: إن أفراد هذه الشرطة سيكثفون من وجودهم في المواقع السياحية، وذلك من أجل عدم إفساح المجال أمام من أسماهم العابثين والمسيئين لسمعة وصورة الشعب الفلسطيني.

 

قانون للطفل الفلسطيني

 

حاولت السلطة الفلسطينية أن تتبع نهجاً حضارياً في التعامل مع الطفل، فأصدرت قانوناً خاصاً سمي بـ"قانون الطفل الفلسطيني" لكن يبقى غياب التطبيق هو سيد الموقف، وهذا القانون الذي ضم في صفحاته (75) مادة تضمن حقوق الطفل يهدف في مادته الأولى إلى الارتقاء بالطفولة في فلسطين بما لديها من خصوصيات. وتنشئة الطفل على الاعتزاز بهويته الوطنية والقومية والدينية وعلى الولاء لفلسطين، أرضاً وتاريخاً وشعباً. وكذلك إعداد الطفل لحياة حرة مسؤولة في مجتمع مدني متضامن قائم على التلازم بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات، وتسوده قيم العدالة والمساواة والتسامح والديمقراطية. وأيضاً حماية حقوق الطفل في البقاء والنماء والتمتع بحياة حرة وآمنة ومتطورة.إضافة إلى توعية المجتمع بحقوق الطفل على أوسع نطاق ممكن باستخدام الوسائل المناسبة.وكذلك إشراك الطفل في مجالات الحياة المجتمعية وفقاً لسنه ودرجة نضجه وقدراته المتطورة حتى ينشأ على خصال حب العمل والمبادرة والكسب المشروع وروح الاعتماد على الذات. ومن الأهداف الأخرى تنشئة الطفل على الأخلاق الفاضلة وبخاصة احترام أبويه ومحيطه العائلي والاجتماعي.

وبالرغم من هذا القانون الجميل في صفحاته وعباراته إلا أن الأطفال لا يزالون على حالهم متسولين وباعة متجولين في الطرقات التي قتلت أحلامهم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×