اذهبي الى المحتوى
بذل الندى

فتوى اللجنة الدائمة حول المقاطعة

المشاركات التي تم ترشيحها

السؤال:

 

 

هل من العادة إباحة التعامل مع اليهود ، أو شركات يملكها اليهود أو مساهمين يهود ، أو شركات لها فروع في إسرائيل ، إلخ. ؟

مؤخرا ً كثير من المسلمين يقولون إنه حرام التعامل مع اليهود على الإطلاق . لحسب معلوماتي المحدودة، حتى عندما قاتل المسلمون اليهود في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم ، لم يمنع التعامل معهم ، وعندما توفي كان درعه مرهوناً عند يهودي على دَيْن . الرجاء إعلامنا بالموقف الصحيح لهذه القضية .

 

الجواب:

 

الحمد لله

 

أولاً : الأصل هو جواز التعامل بالبيع والشراء مع اليهود وغيرهم ، لما ثبت من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع يهود المدينة بالبيع والشراء والقرض والرهن وغير ذلك من المعاملات المباحة في ديننا.

 

وهؤلاء اليهود الذين تعامل معهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا من أهل العهد ، ومن نقض العهد منهم فقد قُتِلَ أو أُخرِجَ ، أو تُرِكَ لمصلحة .

 

على أنه قد ثبت ما يدل على جواز البيع والشراء مع الكفار المحاربين .

 

قال الإمام البخاري رحمه الله :

 

بَاب الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ .

 

ثم روى (2216) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً ؟ قَالَ : لا ، بَلْ بَيْعٌ ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً .

 

وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (11/41) :

 

وقد أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذِّمَّة ، وغيرهم من الكفَّار إذا لم يتحقَّق تحريم ما معه، لكن لا يجوز للمسلم أن يبيع أهل الحرب سلاحاً وآلة حرب ، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم . . . اهـ .

 

وقَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ : مُعَامَلَةُ الْكُفَّارِ جَائِزَةٌ , إِلا بَيْعَ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اهـ .

 

ونقل في " المجموع" (9/432) الإجماع على تحريم بيع السلاح لأهل الحرب .

 

والحكمة من ذلك واضحة ، وهي أن هذا السلاح يقاتلون به المسلمين .

 

ثانياً : لا شك في مشروعية جهاد أعداء الله المحاربين من اليهود وغيرهم ، بالنفس والمال ، ويدخل في ذلك كل وسيلة تضعف اقتصادهم وتلحق الضرر بهم ، فإن المال هو عصب الحروب في القديم والحديث .

 

وينبغي على المسلمين عموما التعاون على البر والتقوى ومساعدة المسلمين في كل مكان بما يكفل لهم ظهورهم وتمكينهم في البلاد وإظهارهم شعائر الدين ، وعملهم بتعاليم الإسلام وتطبيقهم للأحكام الشرعية وإقامة الحدود ، وبما يكون سببا في نصرهم على القوم الكافرين من اليهود والنصارى وغيرهم ، فيبذل جهده في جهاد أعداء الله بكل ما يستطيعه، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ ) . رواه أبو داود (2504) صححه الألباني في صحيح أبي داود .

 

فعلى المسلمين أن يساعدوا المجاهدين بكل ما يستطيعونه ، وبذل كل الإمكانيات التي يكون فيها تقوية للإسلام والمسلمين ، وعليهم أيضاً جهاد الكفار بما يستطيعونه من القدرة ، وعمل كل ما فيه إضعاف للكفار أعداء الدين ، فلا يستعملونهم كعمال بالأجرة كُتَّاباً أو محاسبين أو مهندسين أو خُداما بأي نوع من الخدمة التي فيها إقرار لهم وتمكين لهم بحيث يجمعون أموال المسلمين ويحاربونهم بها .

 

والحاصل :

 

أن من قاطع بضائع الكفار المحاربين وقصد بذلك إظهار عدم موالاتهم ، وإضعاف اقتصادهم ، فهو مثاب مأجور إن شاء الله تعالى على هذا القصد الحسن .

 

ومن تعامل معهم متمسكاً بالأصل وهو جواز التعامل مع الكفار – لاسيما بشراء ما يحتاج إليه – فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى ، ولا يكون ذلك قدحاً في أصل الولاء والبراء في الإسلام .

 

وقد سئلت اللجنة الدائمة : ما حكم ترك المسلمين التعاون بينهم بأن لا يرضى ولا يحب أن يشتري من المسلمين ، ويرغب في الشراء من الكفار ، هل هذا حلال أم حرام ؟

 

فأجابت :

 

الأصل جواز شراء المسلم ما يحتاجه مما أحل الله له من المسلم أو من الكافر ، وقد اشترى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليهود ، لكن إذا كان عدول المسلم عن الشراء من أخيه المسلم من غير سبب من غش ورفع أسعار ورداءة سلعة إلى محبة الشراء من كافر والرغبة في ذلك وإيثاره على المسلم دون مبرر فهذا حرام لما فيه من موالاة الكفار ورضاء عنهم ومحبة لهم ، ولما فيه من النقص على تجار المسلمين وكساد سلعهم ، وعدم رواجها إذا اتخذ المسلم ذلك عادة له ، وأما إن كانت هناك دواع للعدول من نحو ما تقدم فعليه أن ينصح لأخيه المسلم بترك ما يصرفه عنه من العيوب ، فإن انتصح فالحمد لله ، وإلا عدل إلى غيره ، ولو إلى كافر يحسن تبادل المنافع ويصدق في معاملته " اهـ . "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/18) .

 

والله أعلم .

 

 

 

الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com[/font:b441d85ebd][/size]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أختي بذل الندى الحبيبة جازاك الله خيرا و أحسن اليك و اعانك يا رب

 

:) و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

 

هناك نقطتان يجب التنبيه عليهما بخصوص ما نقلتيه يا أخيتي الحبيبة بذل الندى:

 

- المقاطعة كثير من علماء الإسلام أوجبها على المسلمين (كما سيأتي لاحقا)

 

- حاليا تقاد حملة خبيثة ضد خير البرية صلوات ربي وسلامه عليه، ومع هوان هذه الأمة وذلتها وذلة حكامها، لم يقم شخص واحد من بين أكثر من مليار مسلم بالانتقام لرسوله صلى الله عليه وسلم. فكان من أضعف الأسلحة هي المقاطعة لهؤلاء الأنجاس.

 

واليوم عرض التلفزيون الدنمركي خبرًا عن مقاطعة البضائع الدنمركية في السعودية، وقد أصابه الذعر والهلع من الخسائر التي سيتكبدها.

 

وقد ظهر مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل شيخ على قناة المجد يدعو إلى المقاطعة ويستنكر السخرية بالنبي صلى الله عليه وسلم.

 

 

 

 

قلت آنفا لبعض إخواننا سألني وكثيرا مانسئل ، يسألون الناس إلى اليوم عن اللحم البلغاري ، وأنا حقيقة أتعجب من الناس اللحم البلغاري بلينا به منذ سنين طويلة كل هذه السنين ماآن للمسلمين أن يفهموا شو حكم هذا اللحم البلغاري ؟

أمر عجيب ! فأنا أقول لابد أنكم سمعتم إذا كنتم في شك و في ريب من أن هذه الذبائح تذبح على الطريقة الإسلامية أو لا تذبح على الطريقة الإسلامية فلستم في شك بأنهم يذبحون إخواننا المسلمين هناك الأتراك المقيمين منذ زمن طويل يذبحونهم ذبح النعاج ، فلو كان البلغاريون يذبحون هذه الذبائح التي نستوردها منهم ذبحا شرعيا حقيقة أنا أقول لايجوز لنا أن تستورده منهم بل يجب علينا نقاطعهم حتى يتراجعوا عن سفك دماء إخواننا المسلمين هناك ، فسبحان الله مات شعور الإخوة التي وصفها الرسول عليه السلام بأنها كالجسد الواحد (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) لم يعد المسلمون يحسون بآلام إخوانهم فانقطعت الصلات الإسلامية بينهم ولذلك همهم السؤال أيجوز أكل اللحم البلغاري !

لك ياأخي إنت عرفت إن البلغار يذبحون المسلمين هناك ولافرق بين مسلم عربي ومسلم تركي ومسلم أفغاني إلى آخره ، والأمر كما قال عليه السلام إنما المؤمنون إخوة ، فإذا كنا إخوانا فيجب أن يغار بعضنا على بعض و يحزن بعضنا لبعض ، ولايهتم بمأكله ومشربه فقط .

فلو فرضنا أن إنسانا ماقتنع بعد بأن اللحم البلغاري فطيسة .. حكمها فطيسة لأنها تقتل ولاتذبح ، لانستطيع أن نقنع الناس بكل رأي لأن الناس لايزالون مختلفين إلا من رحم ربك كما جاء في القرآن الكريم ، فإذا كنا لانستطيع أن نقنع الناس بأن هذه اللحوم التي تأتينا من البلغار هي حكمها كالميتة ، لكن ألا يعلمون أن هؤلاء البلغار يذبحون إخواننا المسلمين هناك أما يكفي هذا الطغيان وهذا الاعتداء الأليم على إخواننا من المسلمين هناك أن يصرفنا عن اللحم البلغاري ولو كان حلالا هذا يكفي وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين .

 

صوتيا http://www.islamgold.com/rmdata/159_albani-m.rm

المصدر http://www.islamgold.com/view.php?gid=10&rid=159

 

 

وأنا لا يحزنني أن يموت رجل من الشيشان أو امرأة من الشيشان أو طفل من الشيشان لأنهم إن شاء الله شهداء ، لكن الذي يحزنني كثيرا والله سكوت الدول الإسلامية عن هذا ، ولكان الواجب أن تقطع العلاقات بين روسيا من كل وجه ولو فعلوا ذلك لوقفت روسيا عند حدها ، ولن يضرهم شيئا ولكن مع الأسف أن الدول الإسلامية وأعني بذلك رؤوس الدول الإسلامية ، دعنا من الشعوب ، الشعوب قد يكون عنده حماس وغيره لكن ماتستطيع ، ساكتة ولم تتكلم بشئ .. هذا والله الذي يحزنني ، جمهورية مسلمة فتية حديثة يفعل بها هذه الأفاعيل ونسكت

 

http://www.islamgold.com/ff/oth_sheeshan.rm

 

 

موقفنا من إخواننا المسلمين في يوغسلافيا فالواجب علينا أن نبذل ما نقدر عليه من الدعاء لهم بالنصر، وأن يكبت الله أعداءهم، وأن يهدي الله ولاة أمور المسلمين حتى يقاطعوا كل من أعان من يقاتلهم على قتالهم ، المسلمون لو قاطعوا كل أمة من النصارى تساعد الذين يحاربون إخواننا لكان له أثر كبير ولعرف النصارى وغير النصارى أن المسلمين قوة، وأنهم يد واحدة، فموقفنا نحن كشعب من الشعوب أن ندعوا الله لهم بالنصر، وأن يذل أعداءهم وأن نبذل من أموالنا ما ينفعهم، لكن بشرط أن نتأكد من وصوله إليهم لأن هذه المشكلة هى التى تقف عقبة أمام الناس، من يوصل هذه الدراهم إليهم، وهل يمكن أن تصل إليهم، فإذا وجدنا يدا أمينة توصل المال إليهم فإن بذل المال إليهم سواء من الزكاة أو غير الزكاة لا بأس به، أقول لا بأس به بمعنى أنه ليس حراما بل هو مطلوب لأن نصرة المسلمين في أي مكان في الأرض يعتبرنصرة للإسلام.

 

http://www.islamgold.com/ff/oth_yough.rm

 

السؤال: وهذا السائل كذلك، نفس السائل من فرنسا، يقول: ما حكم مقاطعة البضائع الأمريكية والإنجليزية؟؟

فأجاب فضيلة الشيخ:عبد العزيز الراجحي-حفظه الله-:

نعم ينبغي مقاطعتهم.. إذا كنا ندعوا الآن، ونقنت، وندعوا عليهم، فمن باب أولى أن نقاطع سلعهم، لأن هذا يقوي اقتصادهم، فينبغي مقاطعتهم.

 

http://www.liveislam.com/archi/1424/safar.htm

 

 

91.gif

 

 

السؤال: وهذا سائل من كندا يقول، هل يجب علينا نحن الذين في أوروبا، أن نقاطع البضائع الأمريكية؟علماً أنه لا يتوفر البديل؟؟

فأجاب فضيلة الشيخ: صالح اللحيدان-وفقه الله-:

أشرتُ في الجلسة الماضية إلى أن الجهاد لا ينحصر بحمل السلاح الفتاك الذي يأتي على المقصود ومن لم يُقصد، وإنما طرقه ووسائله كثيرة؛ باليد وباللسان والقلم والأمور المالية..

ولا شك أن مقاطعة المصنوعات الأمريكية( الولايات المتحدة)، والمصنوعات البريطانية، والأسترالية، جزء من جهاد المسلم لهؤلاء الذين أتوا بكل عدوان وكل مهزلة، فهم يقولون عن حديثهم عن العراق إنما جاءوا ليحرروا العراق في إذاعاتهم وبياناتهم الصحفية!!!، وهم في فعلهم هذا كأنما يُخاطبون عالَماً لا عقل له..متى كان الغازي الذي يهدم البيوت على أهلها، ويُقتِّل الأطفال والنساء والشيوخ، بل والمسافرين الذين لا يَدري هل فروا من هذه الحرب أو ذهبوا لأمر آخر، متى كان هذا ليُحرِّر؟!!!

إن مقاطعة المنتوجات الأمريكية والبريطانية والأسترالية ، مع النية الصادقة نوعٌ من الجهاد في سبيل الله..وأما قول السائل بأنه لا بديل، فإن الشيء الذي لا بديل هو الذي الناس في ضرورة إليه، بعد أن يعرفوا معنى الضرورة.. الناس كانوا ولا مصنوعات أمريكية، وكانوا عائشين.. وهم الآن-أي الناس- بطرق الاستيراد والتصدير أكثر استغناءً عنهم من ذي قبل.

ثم إن الإكثار من الاستيراد من هذه البضائع والمنتوجات لهذه الدول الظالمة الغاشمة، فيه أيضاً نوع حفظ للمال، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الصحيح: ( كنت نهيتكم عن كذا وكذا..... عن منع وهات....إلى آخره.. "وإضاعة المال" في آخر الحديث).

وصرف المال في شيء لا تدعو إليه حاجة ملحة، وفيه تقوية اقتصاد دولة ظالمة نوعٌ من إضاعة المال.. كما أن بذل مالٍ يسير في تحصيل معصية نوع من التبذير، والمبذرون إخوان الشياطين

 

http://www.liveislam.com/archi/1424/safar.htm

 

 

بيان في فضل الجهاد في سبيل الله وأن المقاطعة الإقتصاديه ركن من أركان الجهاد

 

لفضيلة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله

 

فضل الجهاد في سبيل الله أخبر الله في كتابه أن الجهاد سبب الفلاح وطريق العز والرفعة والنجاح ، وأنه أفضل التجارات الرابحة ، وأن أهله أرفع الخلق درجات في الدنيا والآخرة .. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بالجهاد تتم النعم الباطنة والظاهرة . وهو ذروة سنام الدين وأحب الأعمال إلى رب العالمين، وأن الروحة والغدوة واليوم والليلة في الجهاد ومصابرة الأعداء خير من الدنيا وما عليها ، وأنه خير من استيعاب الليل والنهار بالصيام والقيام وأنواع التعبد ، وأن المجاهد المصابر إذا مات وَجَبَتْ له الجنة وأجري له عمله الذي كان يعمله في الدنيا إلى يوم القيامة ، وأمن من فتن القبر وعذابه ، وأن ذنوبه صغارها وكبارها يغفرها الله ما عدا ديون العباد ، وأن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض أعدها الله للمجاهدين في سبيله ، وما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار .

 

ومن مات لم يغزُ ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق .. أي ومن غزا في سبيل الله أو استعد للغزو عند الحاجة إليه فقد كمل إيمانه وبرئ من النفاق .

 

وفضائل الجهاد لا تعد ولا تحصى ، وثمراته العاجلة والآجلة لا تحد ولا تستقصى، وكيف لا يكون الجهاد في سبيل الله يحتوي على هذه الفضائل الجليلة وفيه عز الدنيا وسعادتها وفيه سعادة الآخرة وكرامتها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . كيف لا يكون بهذه المثابة وفيه عز الإسلام والمسلمين ، وفيه إقامة شعائر وشرائع الدين ، وفيه قمع الطاغين والمعتدين .. فالمجاهد قد استعد وتصدى أن يكون من أنصار الله الذابين عن دين الله ، والمجاهد قد سلك كل سبيل يوصله إلى الله ، والمجاهد قد شارك المصلين في صلاتهم والمتعبدين في عباداتهم والعاملين في كل خير في أعمالهم لأنه لا سبيل لقيام هذه الأمور إلا بالجهاد والذب عن الأوطان والأديان ، فلولا المجاهدون لهدمت مواضع العبادات ، ولولا دفع الله بهم لتصدع شمل الدين واستولت الأعداء من الكافرين الطاغين .. فالجهاد سور الدين وحصنه ، وبه يتم قيامه وأمنه، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز .

 

فيا أنصار الدين .. ويا حماة المسلمين .. ويا خيرة المجاهدين ..

 

هذه أيامكم قد حضرت ، وهذه أمم الكفر والطغيان قد تجمعت على حربكم وتحزبت ، فقد أتوكم في عقر داركم .. غرضهم القضاء التام على دينكم وأقطاركم ، فانفروا لجهادهم خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون ..

 

{يا أيها الذين هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين } .

 

ألم تروا كيف جعل الله الجهاد أربح التجارات، وطريقا إلى المساكن الطيبة في جنات النعيم ، ووعدهم بالنصر منه وفتح قريب ، والله تعالى لا يخلف الميعاد .

 

{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }

 

قوموا بالجهاد مخلصين لله قاصدين أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى .. حافظوا على الوحدة الدينية ، والأخوة الإيمانية ، والحماية العربية .. ولتكن كلمتكم واحدة وأغراضكم متحدة ومقاصدكم متفقة وسعيكم نحوها واحد ، فإن الاجتماع أساس القوة المعنوية ، ومتى اجتمع المسلمون واتفقوا وصابروا أعداءهم وثبتوا على جهادهم ولم يتفرقوا وعملوا الأسباب النافعة واستعانوا بربهم .. متى كانوا على هذا الوصف فليبشروا بالعز والرفعة والكرامة .

 

{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } .

 

{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون * ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم إن الله مع الصابرين } .

 

إخواني :

 

اعلموا أن الجهاد يتطور بتطور الأحوال ، وكل سعي وكل عمل فيه صلاح المسلمين وفيه نفعهم وفيه عزهم فهو من الجهاد ، وكل سعي وعمل فيه دفع لضرر على المسلمين وإيقاع الضرر بالأعداء الكافرين فهو من الجهاد، وكل مساعدة للمجاهدين ماليا فإنها من الجهاد .. فمن جهز غازيا فقد غزى، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزى، وإن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة الجنة : صانعه يحتسب فيه الأجر ، والذي يساعد به المجاهدين ، والذي يباشر به الجهاد .

 

ومن أعظم الجهاد وأنفعه السعي في تسهيل اقتصاديات المسلمين والتوسعة عليهم في غذائياتهم الضرورية والكمالية ، وتوسيع مكاسبهم وتجاراتهم وأعمالهم وعمالهم ، كما أن من أنفع الجهاد وأعظمه مقاطعة الأعداء في الصادرات والواردات فلا يسمح لوارداتهم وتجاراتهم ، ولا تفتح لها أسواق المسلمين ولا يمكنون من جلبها على بلاد المسلمين .. بل يستغني المسلمون بما عندهم من منتوج بلادهم، ويوردون ما يحتاجونه من البلاد المسالمة . وكذلك لا تصدر لهم منتوجات بلاد المسلمين ولا بضائعهم وخصوصا ما فيه تقوية للأعداء : كالبترول ، فإنه يتعين منع تصديره إليهم .. وكيف يصدر لهم من بلاد المسلمين ما به يستعينون على قتالهم ؟؟! فإن تصديره إلى المعتدين ضرر كبير ، ومنعه من أكبر الجهاد ونفعه عظيم .

 

فجهاد الأعداء بالمقاطعة التامة لهم من أعظم الجهاد في هذه الأوقات ، ولملوك المسلمين ورؤسائهم – ولله الحمد – من هذا الحظ الأوفر والنصيب الأكمل ، وقد نفع الله بهذه المقاطعة لهم نفعا كبيرا .. وأضرت الأعداء وأجحفت باقتصادياتهم ، وصاروا من هذه الجهة محصورين مضطرين إلى إعطاء المسلمين كثيرا من الحقوق التي لولا هذه المقاطعة لمنعوها ، وحفظ الله بذلك ما حفظ من عز المسلمين وكرامتهم .

 

ومن أعظم الخيانات وأبلغ المعاداة للمسلمين تهريب أولي الجشع والطمع الذين لا يهمهم الدين ولا عز المسلمين ولا تقوية الأعداء نقود البلاد أو بضائعها أو منتوجاتها إلى بلاد الأعداء ..! وهذا من أكبر الجنايات وأفظع الخيانات ، وصاحب هذا العمل ليس له عند الله نصيب ولا خلاق .

 

فواجب الولاة الضرب على أيدي هؤلاء الخونة ، والتنكيل بهم ، فإنهم ساعدوا أعداء الإسلام مساعدة ظاهرة ، وسعوا في ضرار المسلمين ونفع أعدائهم الكافرين .. فهؤلاء مفسدون في الأرض يستحقون أن ينزل بهم أعظم العقوبات .

 

والمقصود أن مقاطعة الأعداء بالاقتصاديات والتجارات والأعمال وغيرها ركن عظيم من أركان الجهاد وله النفع الأكبر وهو جهاد سلمي وجهاد حربي .

 

وفق الله المسلمين لكل خير وجمع كلمتهم وألف بين قلوبهم وجعلهم إخوانا متحابين ومتناصرين ، وأيدهم بعونه وتوفيقه ، وساعدهم بمدده وتسديده إنه جواد كريم رؤوف رحيم ..

 

و صلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

 

قال ذلك وكتبه :

 

عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي - رحمه الله .

 

http://www.islamgold.com/view.php?gid=10&rid=123

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكـي الله خيرا حبيبتي "بدل ندى"..

و باركـ الله في مشرفتي الحبيبة على التوضيح ..

جزيـــــــتم خيــــــــــــــرا..:)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك حبيبتي المشرفة العامة على هذه الفتاوى الراائعة لعلمائنا الاجلاء

و جزاك الله عني و عن اخوات الركن خير الجزاء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

جزاكي الله خيرا أختنا الغالية بذل الندى

وبارك الله في مشرفتنا الحبيبة علىهذا التوضيح والفتاوى الرائعة

وياليت شعري من الذي دفع ثمن الرصاصة التي مات بها محمد الدرة وغيره من أطفال المسلمين في كل مكان !!!

فعلينا أخواتي باستنهاض الهمم في هذا الشأن فهو سلاحنا الذي نحاربهم به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

أكرمكن الله حبيباتي صفاء الروح وبذل الندى والوردة الحمراء، ونفع بكن.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فسبحان الله مات شعور الإخوة التي وصفها الرسول عليه السلام بأنها كالجسد الواحد (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر )) لم يعد المسلمون يحسون بآلام إخوانهم فانقطعت الصلات الإسلامية بينهم

 

 

 

الله المستعان.. كلام يحزن القلب ويدمع العين

 

بارك الله فيكما مشرفاتي الحبيبات ونفع الله بكم جميعا الأمة الإسلامية[/b]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نعم يا حبيبتي أم عبدالمهيمن.. يعلم الله أن جسمي اقشعر وأنا أقرأ ما اقتبستِ من كلام شيخنا الألباني رحمه الله.. فأين هم من يتشدقون بالسلفية المزعومة وباتباعهم للألباني عن قضايا أمتهم؟! أم أن السلفية تقف حينما يصل الأمر إلى نصرة إخوانهم؟!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وخيرة الخلق أجمعين ، نبينا وسيد ولد آدم ، محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، وبعد :

فإن أعظمَ نعمة أنعمها الله على العالمين ، بعثتُه المرسلين لبيان حَقّ رَبّ العباد أجمعين ، (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّيْنَ مُبَشِّرِيْنَ وَمُنْذِرِيْنَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالَحقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيْمَا اخْتَلَفُوْا فِيْهِ مِنَ الَحقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ) ، (رُسُلاً مُبَشِّرِيْنَ وَمُنْذِرِيْنَ لِئَلَّا يَكُوْنَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) .

فكان أعظم الناس حَظًّا ، وأتمَّهم سعادةً مَنْ آمن بهم ونصرهم وعزَّرهم ، وكان أشقى الناس وأتعسهم مَنْ كفر بهم ، وقاتلهم ، وأستهزأ بهم وبما جاءوا به . قال سبحانه : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِيْنَ كَفَرُوْا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ). وقال : (وَمَا نُرْسِلُ الُمرْسَلِيْنَ إِلَّا مُبَشِّرِيْنَ وَمُنْذِرِيْنَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُوْنَ . وَالَّذِيْنَ كَذَّبُوْا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ العَذَابُ بِمَا كَانُوْا يَفْسُقُوْنَ) .

وأوجب سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله الكرام حقوقا عظيمة على أُمَـمِهم ، مِنَ الاتِّباع والسمع والطاعة والمحبة فوق محبة النفس والمال والوالد والولد ، والنصرة والتعزير والتوقير والتصديق والتعظيم .

ثم جعل أعظمهم حَقًّا ، وأتمَّهم قَدْرًا ، سيد الثقلين ، وخيرة الأولين والآخرين ، خليله وكليمه ، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله أتم صلاة وأتم سلام .

وأخبر عباده المؤمنين بأن نبيه محمدا له عنده المقام المحمود المُعظَّم ، وأنه خليله المُكرَّم ، وصفيه الُمكلَّم ، أُعرج به إليه ، وسمع من ربه كلامه وما أُوحيَ عليه ، وأنه شفيع العباد يوم المعاد ، وأنه شفيعهم يومئذ عند امتناع الأنبياء والرسل عن الشفاعات ، واعتذارهم ببعض الأمور والزَّلَّات ، فيقوم بين يدي ربه داعيا متضرعا ذليلا ، فَيُكْرِمُ رَبُّهُ مقامَهُ عنده ، ويقول له أمام أنبيائه وسائر خلقه « ارْفَعْ رَأْسَكَ ، وَسَلْ تُعْطَ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ » .

وأخبر سبحانه عبادَهُ مُـمْتَنًّا عليهم ببعثتِه إيَّاه لهم : أنه على خلق عظيم ، وأنه رؤوف بهم ورحيم ، يُعْنِتُهُ ما يُعْنِتُهُمْ ، ويَسُرُّهُ ما يَسُرُّهُمْ ، فما دعى لهم إلا بالهداية والرشاد ، وإنْ تمادوا عليه بالتكذيب والعناد .

وأخبر أنه صلى الله عليه وسلم أولى من المؤمنين بأنفسهم ، فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يُوقى بالأنفس والأموال ، وأَنْ يُقَدَّمَ على كُلِّ حال ، كما قال سبحانه : ( مَا كَانَ لِأَهْلِ الَمدِيْنَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوْا عَنْ رَسُوْلِ اللهِ وَلَا يَرْغَبُوْا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ) .

فَعُلِمَ أَنَّ رغبة الإنسان بنفسه أَنْ يصيبَهُ ما يصيب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من المشقة معه حرام .

ومِنْ حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم: أن يكون أحبَّ إلى المؤمن من نفسه وولده وجميع الخلق ، كما دَلَّ على ذلك قوله تعالى : (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) .

وقال صلى الله عليه وسلم:«لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُوْنَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِيْنَ» أخرجاه في«الصحيحين» .

فصلى الله عليه صلاة دائمة ما دامت السموات والأرض ، وسَلَّمَ عليه سلامًا ما تعبَّد اللهَ المؤمنون بنفل أو فَرْض .

 

ثم إني قد اطلعتُ قبل أيام على ما نشرته صحيفة « يولاند بوستن » ( Jyllands-Posten ) الدنماركية ، يوم الجمعة ( 26/8/1426هـ -30/9/2005م ) من طعن في النبي صلى الله عليه وسلم، واستهزاء به وإلحاد ، بنشرهم اثني عشر رسما كاريكوتيرا ساخرا بالنبي صلى الله عليه وسلم، واستمرت في نشره أسبوعا بعد ذلك ! ثم أعادت عدة صحف أوروبية نشر هذه الرسوم هذا الشهر والذي قبله مرَّة أخرى .

وفي هذا محادَّةٌ لله ورسولِه صلى الله عليه وسلم، ومحاربةٌ وإيذاءٌ ، وقد قال جَلَّ وعلا في المؤذين له ولرسله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) .

وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ . كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ) .

وقال تعالى : (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) .

وقد أوجب الله جَلَّ وعلا على المسلمين كافَّة حقوقا وواجبات في شأن الُمعادين له ولرسله صلى الله عليهم وسلم ، من إيذانهم بالحرب والعداوة والبغضاء .

وجعل حكم سَابِّ رسوله صلى الله عليه وسلم القتل ، سواء كان مسلما أو كافرا ، تاب من سَبِّهِ أم استمر في غَيِّهِ ، بل حتى لو كان السّاب كافرا فأسلم لم يعصم ذلك دمَهُ ، وإنْ قُبِلَ منه إسلامُه ، لذلك يُقتل دون استتابة .

وقد قَرَّرَ هذا كُلَّهُ شيخُ الإسلام أبو العباس أحمد ابن تيمية رضي الله عنه أتمَّ تقرير في كتابه العظيم الكبير «الصارم المسلول ، على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم » ، واستدلَّ عليه بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع ، وساق فيها ما لا يستطاع دفعه .

قال شيخ الإسلام في أوله (ص3) : (المسألة الأولى : أن مَنْ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر : فإنه يجب قتله . هذا مذهب عليه عامة أهل العلم ، قال ابن المنذر :«أجمع عوام أهل العلم على أن حَدَّ مَنْ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم القتل» ) .

وقد حكى الإجماع غير واحد من الأئمة ، منهم أبو بكر الفارسي من أصحاب الشافعي ، وإسحاق بن راهوية ، والخطابي ، ومحمد بن سحنون .

وقال (ص253) : (المسألة الثانية : أنه يتعين قتلُه ، ولايجوز استرقاقُه ، ولا المَنُّ عليه ولا فداؤه) .

وقال (ص300) : (المسألة الثالثة : أنه يُقتل ولا يُستتاب ، سواء كان مسلما أو كافرا . قال الإمام أحمد في رواية حنبل :«كل مَنْ شتم النبي صلى الله عليه وسلم وتنقَّصه مسلما كان أو كافرا : فعليه القتل ، وأرى أَنْ يُقتل ولا يُستتاب » ) .

ثم قال : ( وقال عبد الله : سألت أبي عَمَّنْ شتم النبي صلى الله عليه وسلم يستتاب ؟ قال :«قد وجب عليه القتل ولا يستتاب ، خالد بن الوليد قتل رجلا شتم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستتبه » ) .

ثم قال (ص301) : (وقال القاضي في«خلافه» وابنُه أبو الحسين : «إذا سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم قُتل ، ولم تقبل توبتُه ، مسلما كان أو كافرا ، ويجعله ناقضا للعهد ، نَصَّ عليه أحمد») .

ثم قال (ص303) : ( وقد صرح بذلك جماعة غيرهم ، فقال القاضي الشريف أبو علي بن أبي موسى في«الإرشاد» وهو ممن يُعتمد نقلُه :«ومَنْ سَبَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قُتل ، ولم يُستتب ، ومَنْ سَبَّهُ من أهل الذمة قُتل ، وإِنْ أَسْلَمَ» .

وقال أبو علي بن البَنَّاء في«الخصال والأقسام» له : «ومَنْ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم وَجَبَ قتلُه ، ولا تُقبل توبتُه ، وإن كان كافرا فأسلم فالصحيح من المذهب أنه يُقتل أيضا ، ولا يستتاب » قال : « ومذهب مالك كمذهبنا » ) .

 

ولما كان هذا متعذرا اليوم على المسلمين لضعفهم وتفرقهم أَنْ ينالوا من أعدائه والمستهزئين برسله ، ولتسلط أعدائهم عليهم بذنوبهم : كان الواجب على كُلِّ مسلم في هذا بقدره وبحسبه ، إعذارا إلى الله وبراءةً منهم إليه . قال سبحانه (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) ، وقال : (فَاتَّقُوْا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ » .

لذا فالواجب اللازم على المسلمين اليوم : إنكارُ هذا المنكر العظيم ، كُلٌّ بما خَوَّلَهُ الله وولَّاهُ ، فالواجب على ولاة أمور المسلمين قَطْعُ صِلَتِهم بهذه الدولة الُمحادَّة . والواجب على عموم المسلمين تجارا وغيرهم مقاطعة سلعهم وبضائعهم . ليذوقوا وبال أمرهم ، وليحصل بين شركاتهم وتجارهم وعموم شعبهم وبين حكومتهم الراضية بما نُشِرَ شقاقٌ ونزاعٌ بسبب جنايتهم عليهم ، قال تعالى : ( لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .

وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ) .

وليس لهذه المقاطعة غاية تنتهي إليها ، إلا بمحاسبة تلك الصحيفة ومسؤوليها ، ورسَّامي الرسوم وكُلّ ذي صلة بها ، ومعاقبتهم عقوبة حاسمة رادعة .

أَمَّا ما ينادي به بَعْضُ الُجهَّال ، من أن تكون غايةُ المقاطعة اعتذارَ الحكومة الدنماركية أو الصحيفة : فليس من الحق ولا العقل في شيء ! وحكمٌ لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم. وهذه الجناية حَقٌّ عظيم لله عزَّ وجلَّ ، ليس لأحد أَنْ يتنازل عنه ، أو يُعلن المسامحة .

قال شيخ الإسلام في «الصارم المسلول» (ص226) : (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أَنْ يعفو عَمَّن شتمه وسَبَّهُ في حياته ، وليس للأمة أَنْ يعفوا عن ذلك) .

ثم قال (ص293) : ( ومما يوضح ذلك : أنَّ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعلَّق به عدة حقوق : حَقّ الله سبحانه من حيث كَفَرَ برسوله صلى الله عليه وسلم، وعادى أفضل أوليائه ، وبارزه بالمحاربة ، ومن حيث طعن في كتابه ودينه ، فإن صحتهما موقوفة على صحة الرسالة .

ومن حيث طعن في ألوهيته ، فإنَّ الطعن في الرسول طَعْنٌ في الُمرْسِل ، وتكذيبَه تكذيبٌ لله تبارك وتعالى ، وإنكارٌ لكلامه وأمرِه وخبرِه وكثيرٍ من صفاته .

وتعلَّق به حَقُّ جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأُمم ، فإنَّ جميع المؤمنين مؤمنون به ، خصوصا أمته ، فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به ، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بوساطته وسفارته ، فالسَّبُّ له أعظم عندهم من سَبِّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسَبِّ جميعهم ، كما أنه أحبُّ إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين . وتعلَّق به حَقُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه) اهـ .

فلا حَقَّ لأحدٍ قط أَنْ يتنازل عن حَقٍّ ليس له ، ومَنْ تنازل عن شيء من ذلك ، فإنما تنازل عن حَقِّ غيره ، فلا يَصِحُّ تنازلُه ولا يجوز .

كما أَنَّ الواجب على المسلمين أيضا : مُناصرةُ كُلِّ تاجر كريم ، غضب لمحادة أولئك العلوج لله ورسوله صلى الله عليه وسلم - فقطع وارداتهم - بالشِّراءِ منه ، تأييدا له ومناصرة ، وتشجيعا لغيره أَنْ يسلك مسلكَهُ ، وينهجَ نهجه .

 

وفي هذه المقاطعة أربعة أمور عظيمة مُتحقِّقة ، إِنْ تخلَّفَ أحدُها لم تتخلَّفْ بقيتُها :

1 - أحدها : الإعذار إلى الله عزَّ وجلَّ ، وبَذْلُ ما بالوسع والطاقة في نُصرة شرعه ودينه ، فَإِنَّ هذا واجبٌ لازمٌ ، وليس في أيدينا إلا هذا .

2 - والثّاني : احتساب المُقاطِعِ الأجرَ من الله جَلَّ وعلا في ذلك ، وتعبُّده بهجر مُحادِّيه وأعدائه ، والمجاهرين بذلك والمعلنين .

3 - والثّالث : التنكيل بأعداء الله ، وإذاقتهم بَعْضَ وبالِ أمرهم ، بحيث يكون لهم عقوبة مؤلمة ، ويكون لغيرهم رادعا ، حاميا لحياض المسلمين ودينهم وعرض نبيهم صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام (ص385) : (وأيضا : فإن السَّابَّ ونحوه ، انتهك حرمة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقَّص قدرَه ، وآذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين ، وأجرأ النفوس الكافرة والمنافقة على اصطلام أمر الإسلام ، وطلب إذلال النفوس المؤمنة ، وإزالة عِزِّ الدين ، وإسفال كلمة الله ، وهذا من أبلغ السعي فسادا) .

4 - والرّابع : إظهاره عِزَّةَ المؤمنين وقوَّتهم ، ونَيْلَهُمْ من أعدائهم ومُتنقّصي رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم، وإِنْ ضعفتْ حيلتهم عن مقاتلته .

فهذه أربع مصالح عظيمة من مقاطعة أولئك المُحادِّين .

فمَنْ زَعَمَ مِنْ أهل النفاق أَنَّ المقاطعة غير نافعة ، أو أَنَّ نفعَها قليل : أُجِيْبَ بهذا .

وقد ظهر - بحمد الله وفضله - في أيام قلائل ، عظيمُ أثر ما حصل من مقاطعتِهم ، وتألمهم الشَّديد من ذلك ، وانشقاق صفوفهم ، وخوف حكومتهم من العواقب ، وخسارتهم الملايين الكثيرة حتى الآن .

لهذا تكالب أعداء الله - عليهم لعائن الله - بنشر تلك الصور في صحف أوروبية كثيرة ، محاولة منهم فَكَّ هذه المقاطعة ، وإضعاف عزم المسلمين وتشتيت أمرهم ، بإلزامهم أنفسهم بمقاطعة الدول الأوروبية مجتمعة أو تركها كلها ! حِيْلَةٌ خبيثةٌ كان قد سَنَّهَا لأسلافهم إبليسُ في ليلة مُهاجَر النبي صلى الله عليه وسلم، حين أشار على كبار كفار قريش ، اشتراك رجل من كل قبيلة في قتل النبي صلى الله عليه وسلم، ليضيعَ دَمُهُ في القبائل كُلِّهَا فلا يُطْلَبُ !

لذا فإني أرى أَنْ يُعاقبَ هؤلاء بنقيض قصدهم ، فتستمرّ مقاطعة الدنماركيين وهذا واجب لا محالة ، فإنهم هم الذي سَنُّوا هذا الأمر . أما بقيَّة الدول الأوروبية : فقد عَلِمَ المسلمون ما تُكِنُّهُ نفوسُهم الخبيثة لنبيِّهم صلى الله عليه وسلم، فيحرص كُلّ مسلم ألا يشتري من بضائعهم إلا ما تدعوه الحاجةُ إليه إِنْ لم يجدْ بديلا من صناعة غيرهم .

 

كما أغاظتْ هذه المقاطعة كثيرا من المنافقين ، فحاولوا تارة التبرير ، وتارة التهوين ، وتارة بزعم الإصلاح وإرادة الخير !

1 - فمن زاعم أَنَّ المقاطعة ستقطع الحوار معهم !

وهذه كذبةٌ بلقاء ، وحيلةٌ بلهاء ، فإنَّ الله عز وجل لم يَأْذَنْ بالحوار مع الكفار إلا ببنائه على أصلَيْنِ اثنَيْنِ ، هما :

( أ ) دعوتهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، والإيمان بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

(ب) وبيان بُطْلان دينهم وفساده ، وأَنْ اللهَ لا يقبله منهم ، ولا يقبل غيرَ الإسلام .

لهذا قال سبحانه : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) .

وكانتْ حوارات النبي صلى الله عليه وسلم على هذا ، لهذا قال سبحانه : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) ، ولو أقاموهما لآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأسلموا ، كما قال عيسى عليه السلام لهم : (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) .

وقال : (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) .

فهل هذه الحواراتُ المزعومةُ ، شرعيةٌ مبنيَّةٌ على هذَيْنِ الأصلَيْنِ ، أو أنَّها غطاء لهدم الدين ، وموالاة الكفار والمشركين ؟!

2 - ومن منافق زاعم : أَنَّ سبب جناية تلك الصحيفة هو تقصير المسلمين أنفسهم في تعريفهم بالإسلام ! فمرادُه تبرئة هؤلاء المحادّين من جنايتهم ، أو تبريرها لهم ، وإناطة جُرْمِها بالمسلمين !

ولم يعلم هذا المنافق أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم - مع شهادة الله التامة له بإبلاغ الرسالة وإتمام الدين - لم يسلم من المستهزئين والساخرين ، قال سبحانه لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الُمشْرِكِيْنَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الُمسْتَهْزِئِيْنَ) .

بل كُلُّ أنبياء الله كذلك ، قال تعالى : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) ، وقال : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ) .

وقال : (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) .

وقال لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُوْنَ) .

3 - ومِنْ منافق زاعم : أنَّه يعارض المقاطعةَ إِنْ كان بها إضرار بمصالح المسلمين !

ولا أدري ما هذا الضرر الفائق لمحادَّتِهم لله واستهزائهم برسوله صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مـمَّا قدَّمنا . أم أن ضرره المترقَّب ما يخشاه من فضل مطعم ومشرب ! فلا أشبع الله إذن بطنَه .

ولو قُدِّرَ حصول ضرر - وهو غير مسلم -: فالواجب احتساب الأجر والصبر ، فإنَّ الجنة لم تُحَفَّ بالشهوات ، وإنما حُفَّتْ بالمكاره ، وإنما جهنم هي المحفوفة برغبات النفوس وأهوائها .

ومع هذا : لم يحصل بحمد الله ضرر ، بل حصل مِنْ نصرة الدِّين وخُذْلان الكفار والمنافقين ما تَقَرُّ به أعين المؤمنين . ولم ينفرد علوج الدنمارك بحمد الله ببضائعهم ، بل قد عَمَّتِ الخيراتُ بلادَنا وبلاد المسلمين من كل دولة وكل بلد ، غير ما في بلاد المسلمين من خيرات تُغْنِيْهم عمَّا في بلاد أولئك المجرمين .

وإنما هذا المتكلم قد أعمى الله بصرَهُ وبصيرتَهُ ، ومُلِئَ قلبُه نفاقا وحَنَقًا ، فما يَسُرُّ المؤمنين لا يَسُرُّهُ وما يُؤْذِي الكفَّارَ لا يُؤْذيه ، وإنما سروره وضرُّه فيما يَسُرُّ أعداء الدين وفيما يَضُرُّهم . فَلْيَمُتْ بغيظه فليس في المؤمنين المُمْتلئة قلوبُهم بحبِّ الله وحُبِّ رسوله صلى الله عليه وسلم، والذّبّ عن حماهما وشريعته مَنْ يُصْغِي إليه أذنا . غير أَنَّهُ أراد إلباس نفاقه لبوس الخشية على المسلمين ومصالحهم ! فاستتر بثوب خَلِقٍ بَالٍ ، لم يسترْ عورتَهُ ! فقد نَبَّأَنَا اللهُ من أخبارهم ما أظهرَ لنا جَهْرَةً عوارَهم !

 

وبقي هنا أُمورٌ ، مُبَشِّرَاتٌ وتنبيهاتٌ :

 

قال شيخ الإسلام في«الصارم المسلول» (ص117) : (وإِنَّ الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسَبَّهُ ، ومظهرٌ لدينه ولكذب الكاذب ، إذ لم يُمْكِنِ النَّاسُ أَنْ يُقيموا عليه الحدَّ .

ونظير هذا : ما حدَّثناه أعدادٌ من المسلمين العدول ، أهل الفقه والخبرة عمّا جرَّبوه مَرَّاتٍ مُتعدِّدةٍ في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية ، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا ، قالوا : « كنا نحن نحصر الحصن ، أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر ، وهو ممتنعٌ علينا ، حتى نكادَ نيأسُ منه ، إِذْ تعرَّضَ أهلُه لسَبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوقيعة في عرضه ، فَعُجِّلْنَا فَتْحَهُ ، وتَيَسَّرَ ولم يَكَدْ يتأخرْ إلا يوما أو يومين أو نحو ذلك ، ثم يُفْتَحُ المكانُ عَنْوَةً ، ويكون فيهم ملحمة عظيمة» .

قالوا : «حتى إِنْ كُنَّا لنتباشرُ بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه صلى الله عليه وسلم، مع امتلاء القلوب غيظا عليهم بما قالوه فيه» .

وهكذا حدَّثني بَعْضُ أصحابنا الثقات : أَنَّ المسلمين من أهل الغرب حالهم مع النصارى كذلك .

ومِنْ سُنَّةِ الله : أَنْ يُعَذِّبَ أعداءَه تارةً بعذاب من عنده ، وتارةً بأيدي عباده المؤمنين) .

قال (ص164) : ( ومِنْ سُنَّةِ الله : أَنَّ مَنْ لم يُمْكِنِ المؤمنون أَنْ يُعذِّبوه من الذين يؤذون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله صلى الله عليه وسلم، ويكفيه إيّاه . كما قدَّمنا بَعْضَ ذلك في قصة الكاتب المفتري ، وكما قال سبحانه (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الُمشْرِكِيْنَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الُمسْتَهْزِئِيْنَ ) .

والقِصَّةُ في إهلاك الله واحدا واحدا من هؤلاء المستهزئين معروفة ، قد ذكرها أهلُ السِّيَرِ والتفسير) اهـ .

 

أَنَّ مع ما في طعن هؤلاء المحادّين من شَرٍّ وإغاظة للمؤمنين ، إلا أَنَّ فيه خيرا عظيما ، فقد أظهر هذا أمورًا خافيةً على كثير من الناس لعدم تدبّرِهم كتابَ رَبِّهم جلَّ وعلا .

 

ومِنْ تلك الأمور الحسنة :

1 - أنهم عرفوا حقيقة دعاوى كثير من الأدعياء لمحبَّة الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم، الواقفين مواقف الرّيبة من هذه الجريمة ، إمّا بالسّكوت ، أو التّبرير ، أو التّهوين .

 

2 - وعرفوا عداءَ أولئك الصليبين للإسلام وأهله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بعد أَنْ عَمِيَتْ أعينُ كثيرٍ من الناس عن ذلك ، بتزيين أهل الأهواء والنفاق لأولئك . وإلا فإنَّ الله قد أخبر في كتابه مُحذِّرًا عبادَه المؤمنين منهم فقال : ( مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) .

وقال : (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) .

وقال : (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) .

وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) .

 

3 - وعرفوا قوَّتهم ، وكيف استطاعوا النيلَ من أعدائهم وإذلالهم ، وتشتيتَ كلمتهم وتفريق أمرهم .

 

أَنَّ كُلَّ مُتكلِّمٍ بلسان الدّين أو أهله ، بمسامحة أولئك الجناة المحادّين ، أو مسامحة دولتِهم إِن اعتذرتْ أو اعتذرتْ صحيفتُها ، ونشرتْ ذلك في كبرى الصحف أو في غيرها من وسائل الإعلام : فهو إِمَّا منافق ، وإمَّا جاهلٌ مُركَّب .

فالأول : معروفٌ سِرُّ سعيِه بالمسامحة !

والثاني : تنازلَ وسامحَ في شيء ليس من حَقِّهِ ، وليس الأمر فيه إليه ، وقد قدَّمنا ذلك ، فالمقاطعة ماضية لا غاية لها ولا نهاية .

 

: قد سَمَّى بَعْضُ أهل البدع والأهواء ، غَضَبَ المؤمنين لنبيِّهم صلى الله عليه وسلم، واغتياظَهم ممّا نُشِرَ في حَقِّهِ « تقاليد تفرض على أولئك التقدّم باعتذار صريح ينشر في كبريات الصحف العربية » !

وهذا باطلٌ من وجهَيْنِ :

أحدهما : أَنَّ هذا شَرْعٌ من عند الله ، دَلَّ عليه الكتاب والسّنّة والإجماع ، ومَنْ لم تُحْدِثْ عنده تلك الأفعالُ غضبا ولا غيظا فليس بمؤمن . وليستْ تقاليدَ وأعرافًا إِنْ فُعِلَتْ أو تُرِكَتْ فالأمرُ فيها سيان !

 

الآخر : أَنَّ الاعتذار من الحكومة أو الصحيفة ليس مُسْقِطًا لحقِّ الله جَلَّ وعلا ، ولا حَقَّ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ولا حَقَّ المسلمين أجمعين . وليس حُكما من الله تبارك وتعالى في شاتمي رسوله صلى الله عليه وسلم والنائلين من جنابه الشَّريف . وإنما هو شَرْعٌ شَرَعَهُ ذلك الفاسدُ ، مُضاهيًا به شَرْعَ الله وشَرْعَ رسولِه صلى الله عليه وسلم، مُنزلاً حُكْمَهُ هو مكانَ حُكْمِهما !

ومُحاولةٌ منه فاشلةٌ : أَنْ يُظْهِرَ لأعداء الله مَخْرجًا مما وضعوا أنفسَهم فيه ، وأَنْ يُظْهِرَ نفسَهُ لهم أَنَّهُ الدَّالُّ إليه والدَّليل عليه !

 

أَنَّ الأمَّة مجتمعةً فيها قُوّةٌ وخيرٌ ، وأنَّها إذا اجتمعتْ على الحقِّ عجز فيها عدوُّها أَنْ ينال منها أو يخيفَها ، فإظهار هؤلاء الكفار في صحفهم الأوروبية الطعنَ والاستهزاءَ بالنبي صلى الله عليه وسلم عَلَنًا ، جَعَلَ المسلمين مُتّحدين في عدائهم ، مُستشعرين خطرَهم وكيدَهم ، وجعل أعداءَهم مُتذبذبين خائفين مِنْ عواقب ذلك وتبعاتِه عليهم . فكُلُّ ما كان عداء أعداء الله للمسلمين ظاهرا : كان تعاونهم على مدافعتِه عظيما .

وكُلُّ ما كان عداؤهم للمسلمين مُستترا تحت أغطيةٍ يصنعونها تلبيسا ، أو يصنعُها لهم المنافقون من علمانيين وليبراليين وغيرهم : كان ذلك مُشَتِّتًا لكلمة المسلمين مُفرِّقًا لاتّحادِهم وتعاونهم لمدافعة عدوِّهم ، حَتَّى يُؤْخَذُوا دَوْلَةً دَوْلَةً !

 

أَنَّ إطلاق الغَرْبِ مُسمَّى «الإرهاب» لا يُريدون به المعنى الذي نريده نحن عند إطلاقنا له في المملكة ، وإنَّما يُريدون به الإسلامَ ونبيَّه صلى الله عليه وسلم، يَظْهَرُ ذلك من رسومِهم للنبي صلى الله عليه وسلم، حين صوَّروه بِصُوَرٍ تَدُلُّ على مُرادِهم !

 

لذا فالواجب في هذا أَحَدُ أَمْرَيْنِ :

1 - إِمَّا الاقتصارُ على الألفاظ الشرعية ، الدّالة على المعنى المُراد ، كالحرابة ، والمحادّة ، ونحوهما ، وتَرْكُ لفظ «الإرهاب» . لمعرفة مدلول تلك الألفاظ ، وجهالة مدلول الأخير ، وتنازع النّاس فيه دولاً وأفرادًا .

 

2 - وإِمَّا حَدُّهُ عالميًا بِحَدٍّ مُنْضَبِطٍ ، وتعريفه بتعريف بَيِّنٍ ، ثم إطلاقُه عليه ، إِنْ كان ذلك الحدُّ مُسلَّمًا صحيحا .

 

أَنَّ أعداء الله المحادّين له لم يجدوا عُذْرًا يعتذرون به على قبيح فَعْلَتِهم وعظيم جُرْمِهم ، إلا سماح قوانينهم بحرّيّة التعبير وحرّيّة الصحافة ! ومع أَنَّ هذه حُجّةٌ مدحوضةٌ ، فليس كُلُّ مَنْ أراد شيئا في الغَرْبِ قاله ! كما أنهم لا يسمحون لغيرهم بقول ما يريد إذا كان مخالفا لهم .

فَمَعَ هَذَا كُلِّهِ : فيجب على المسلمين أَنْ يتنبَّهوا إلى ما يُرَادُ بهم مِنْ سَعْيٍ إلى فتح حُرّيّة التعبير المُطلقة عندهم وفي وسائل إعلامِهم ، التي يُراد منها تمرير الكفر والمحادّة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، والإذن به ، ولا يظنون أنهم بها يستطيعون قول ما يريدون مما يخافون قولَهُ ويخشون عاقبتَه . وإنَّما يُسلِّطون أعداءَهم عليهم ، وهم لا يستفيدون مِنْ ذلك شيئا !

وَفَّقَ اللهُ المسلمين لما يُحِبُّهُ ويرضاه ، ونَصَرَ دينَهُ ، وأعلا كلمتَهُ ، وأعزَّ جُنْدَهُ ، وأهلكَ أعداءَه ، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ، ولكنَّ المنافقين لا يعلمون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

 

كتبه

فضيلة الشيخ عبد العزيز بن فيصل الرّاجحي

الرياض

الجمعة 4 /1/1427هـ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

https://ar.islamway.net/?iw_s=Fatawa&iw_a=...w&fatwa_id=7241

 

فضيلة الشيخ تناقلت وكالات الأنباء قبل قليل أن الصحيفة الدنمركية اعتذرت فما هو المطلوب بالضبط لكي ننهي المقاطعة ، وما حكم الشرع فيمن يسب النبي صلى الله عليه وسلم بشكل عام راجين بيان الجواب التفصيلي .

 

 

فضيلة الشيخ حامد بن عبد الله العلي حفظه الله

 

الحمد لله والصلاة والسلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :

 

فإنه ينبغي أن يُعلم أن هذه الجريمة لها عقوبـةٌ شرعية أخرى ، هـي أعظم من المقاطعة الاقتصادية ، ذلك أن الدعوة إلى المقاطعة ، إنما هي الوسيلة الممكنة المشروعة لردع هؤلاء الكفرة عن التطاول على نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، وهي أقلّ الواجب المقدور عليه مــن عامة أهل الإسلام في نصرته ، فهي من قبيل السياسة الشرعية الممكنة من شعوب المسلمين لحماية دينهم في زمن تداعت عليهم الأمم ، فالمسلمون إذا لم يكن لهم إمامٌ يقوم بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم بكفّ بأس الكفّار بالجهاد ، وبإخافتهم بإرهاب السلاح ، وبعقوبتهم على جرائمهم بإنزال الجيوش بساحتهم، وبإقامة الحدود الواجب إقامتها على من سبّ النبي صلى الله عليه وسلم أو سخر منه ، أو تعرض لــه بسوء ، يجـب عليهم أن يقوموا ـ كلّ على قدر طاقته ـ بما يقدرون عليه من واجب الدفاع عن دينهم ، من الوسائل المؤثّرة ، إذ هذا من قبيل الواجب المطلق الذي لم يحدّد الشرع كيفيّة أداءه ، فيجتهد أهل العلم بالشرع ، والمعرفة بالواقع ، في الدعوة إلى اتخاذ التدابير المحققة لمقاصد الإسلام في هذا الباب ، ومن ذلك المقاطعة الإقتصادية.

 

وذلك امتثالا لقوله تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ولقوله {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } فحينئذ يُراعي ما يحقق مصلحة الردع من التدابير المطلوبة ، وتوضع أمدا لإنهاء المقاطعة :

 

وحتى تبقى هذه الوسيلة مؤثّرة ، وممكنة الاستعمال من عامة المسلمين ، حاضرا ومستقبلاً ، نكالا ورادعا لهذه الدولة المارقة التي سمحت بهذه الجريمة ، وعبرة لغيرها ، يجب أن تكون منضبطة بمطالب محددة ، تصل إليها هذه الوسيلة ثم تنتهي مهمّتها .

 

وينبغي أن يحذر أهل الإسلام من أساليب الخداع الخبيثة ، مثـل أن تنشر الصحيفة اعتذارا ملبَّسا وتظنّ أنها بذلك تغسل سوءتها ، ثم يتداعى الساسة في بلادنا الذين يخافون على تجارتهم ! لإنهاء المقاطعة بناء على اعتذار سخيـف فحسب . كــلاّ ,فالواجب ـ والله أعلم ـ أن لايقبل بأقلّ من :

 

أولا إعلان اعتذار المجرمين الجناة لأهل الإسلام قاطبة عن جريمتهم مقرّين بجنايتهم آسفين عليها .

 

ثانيا وكذلك اعتذار الدولة التي دافعت عنهم.

 

ثالثا وتعهدها وتعهدهم بعدم العودة إلى هذه الجريمة الشنيعة.

 

رابعا وتعهد الدولة بمنع وقوع أي جريمة من هذا النوع في بلادها ، وباحترام دين المسلمين ومقدساتهم ، وأوّل ذلك منـع الكتاب الذي يعتزمون السماح بنشره قريبا ، والذي امتلأ سبا وشتما لنبينا صلى الله عليه وسلم وديننا وسخرية به .

 

ولا يقبل تذرّعهــم بحرية الرأي المزعومة :

 

أولا : لأنّنا في الإسلام ، لانعترف بهذه الأكذوبة ، فلا حريّة في الطعن في الأنبياء ، بل هي جريمة عقوبتها القتل كما سنبيّنه .

 

وثانيا : إن هؤلاء الكفرة لم يتذرّعوا بحرية الرأي ، في سعيهم الحثيث لمنع التشكيك بمحارق اليهود المزعومة ، فهم يسارعون إلى عقوبة من ينشر ما يشكك فيها ، ولا يقبلون أيّ عذر له ، ويلاحقونه فلا يدعونـه يقر له قرار حتى يُسكت ويُعاقب ، ويتابعون كلّ ما ينشر في إعلامهم فلا يسمحون بنشر شيء يشكك في هذه الفرية التي يروّجها اليهود عن محارقهم، كلّ ذلك يفعلونه إرضاءً اليهود ، أذلّ وأحقر الناس ، وخوفا من ردة فعلهم ، فلا يقبل منهم أن يتذرّعوا بحرية الرأي في سبّ ديننا ونيبّنا ، بل ذكرهم هذا العذر أقبح من ذنبهم العظيم .

 

هذا بالنسبة لسؤال السائل عن المطلوب من هذه الدولة الكافرة المارقة لإنهاء مقاطعة البضائع من قِبل عامة أهل الإسلام ، وإنهاء المقاطعة ، ليس كلّ حكم الشرع فيهم.

 

فحكـم شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ـ ومن يرضى بفعله أو يؤيده مثله ـ يتبين فيما ننقله من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

 

قال رحمه الله في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول :

 

( وهذا الذي ذكرناه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحتم قتل مَنْ كان يسبه من المشركين مع العفو عَمْن هو مثله في الكفر كان مستقراً في نفوس أصحابه على عهده وبعد عهده، يقصدون قتل السابِّ، و يحرضون عليه، وإن أمسكوا عن غيره، ويجعلون ذلك هو الموجب لقتله، ويبذلون في ذلك نفوسهم، كما تقدم من حديث الذي قال: سُبَّني وسُب أبي وأمي وكُفَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حمل عليه حتى قتل، وحديث الذي قتل أباه لما سمعه يسبُّ النبي عليه الصلاة والسلام، وحديث الأنصاريِّ الذي نَذَرَ أن يقتل العَصْماءَ فَقَتَلَهَا، وحديث الذي نذر أن يقتل ابن أبي سرح وكَفَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن مبايعته ليوفي بنذره ) وقال في موضع آخر : (وأيضاً، فقد تبين بما ذكرناه من هذه الأحاديث أن الساب يجب قتله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الساب في مواضع، والأمر يقتضي الوجوب، ولم يبلغه عن أحد السب إلا ندر دمه، وكذلك أصحابه، هذا مع ما قد كان يمكنه من العفو عنه، فحيث لا يمكنه العفو عنه يجب أن يكون قتل الساب أوكد، والحرص عليه أشد، وهذا الفعل منه هو نوع من الجهاد والإغلاظ على الكافرين والمنافقين وإظهار دين الله وإعلاء [كلمته]، ومعلوم أن هذا واجب، فعلم أن قتل الساب واجب في الجملة، وحيث جاز العفو له فإنما هو فيمن كان مقدوراً عليه من مُظْهِر الإسلام مطيع له أو ممن جاء مستسلماً، أما الممتنعون فلم يَعْفُ عن أحد منهم ) .

 

ثم إن ردع هذه الدولة الخبيثة ، وأمثالها ، بما شرع من بأس أهل الإسلام المقدور عليه ، مشروع بل واجب عند القدرة ، فالله تعالى يعذّب من يتطاول على نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم ، ويمسّ مقامه العظيم بسوء ، إما بأيدي رجال أمته الليوث الوثابة على أعداءه ، وإما بعذاب من عند ربه الذي اصطفاه وكفاه ، قال تعالى { إنّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِيِن }. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في موضع آخر من الصارم المسلول ( ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر [أو] أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس منه حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله عليه الصلاة والسلام و الوقيعة في عِرْضِه، تعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتح المكان عَنْوَة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوه فيه. وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك، ومـن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده، وتارة بأيدي عباده المؤمنين ) .

 

وقال في موضع آخر :

 

(وهذا ـ والله أعلم ـ تحقيق قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ}؛ فكل من شنأه وأبغضه وعاداه فإن الله تعالى يقطع دابره، ويمحق عينه وأثره، وقد قيل: إنها نزلت في العاص بن وائل، أو في عقبة بن أبي معيط أو في كعب بن الأشراف، وقد رأيت صنيع الله بهم.

 

ومن الكلام السائر: "لحوم العلماء مسمومة" فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام.

 

و في "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَ ْ بَارَزَنِي بِالمُحَارَبَةِ".

 

فكيف بمن عادى الأنبياء؟ ومن حارب الله حُرِبَ، وإذا استقريت قصص الأنبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما أهلكوا حين آذوا الأنبياء [وقابلوهم] بقبيح القول أو العمل، وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة، وباؤوا بغضب من الله، ولم يكن لهم نصير لقتلهم الأنبياء بغير حق مضموماً إلى كفرهم، كما ذكر الله ذلك في كتابه، ولعلك لا تجد أحداً آذى نبياً من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولابد أن يصيبه الله بقارعةٍ، وقد ذكرنا ما جرَّبه المسلمون من تعجيل الانتقام من الكفار إذا تعرضوا لسب رسول الله ، وبلغنا [مثل] ذلك في وقائع متعددة، وهذا باب واسع لا يحاط به، ولم نقصد قصده هنا، وإنما قصدنا بيان الحكم الشرعي ) .

 

هذا ونسأل الله تعالى أن يستعمل من فداويّة أهل الإسلام ، وأسوده الوثاّبة ، من ذوي البأس والشدة ، والشجاعة التي من أمجاد الماضين مستمدة، من يذيق على أيديهم المتطاولين على مقام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي نفديه بآبائنا وأمهاتنا وأولادنا وأرواحنا ،يذيقهم سوء العذاب آمين. والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×