اذهبي الى المحتوى
حاشجيات

رحيلك .. ليس مشكلة

المشاركات التي تم ترشيحها

يبدو الإنسان مهموماً بما سيُقال عنه بعد رحيله، ولعله لأجل ذلك يعتني العلْية من القوم بأضرحتهم حفراً؛ كما عند الفراعنة في أعماق الجبال، أو تشييداً كما عند كثير من الأمم.

 

 

وهذا مما نهى عنه الإسلام، وأمر بتسوية القبور، وعدم رفعها أو تشريفها أو البناء عليها.

 

والذكر الحسن هو من الحوافز القوية لدى الإنسان، وهو حافز فطري من حيث الأصل؛ فلا عتب فيه إلا إذا تعدى الحد، وانقلب إلى الضد، مثله في ذلك مثل غريزة الأكل أو النكاح أو التملك أو سواها.

 

تساءلت مع نفسي! فسألتها أو هي سألتني.. ماذا سيُقال عنك بعد رحيلك؟

وأيقنت أن هذا السؤال يخطر على بال كثيرين، ومِن قَبلُ تردد في أعماق بَشَرٍ مَرُّوا من هنا، ووضعوا بَصْمَتَهم، ثم غادروا، والسؤال مدفون في ضمائرهم، أو هو بوح لم يصلنا صداه!

والسؤال هنا هو نتاج الفطرة ، وإلا فليس ثمت في المنطق ما يدعو إليه أصلاً.

هل أنت استثناء حتى تسأل سؤالاً كهذا؟!

قد تذهب حيث لا يذكرك أحد إلا القليل من دائرتك الضيقة المحدودة، ممن ألفوك وصرت جزءاً من كينونتهم، كالأهل والأطفال وشركاء العمل، وقد يكتب عنك بعض مقالات في صحيفة أو مجلة أو موقع إلكتروني، أو ينبري بعض من يرون لك عليهم حقاً لإحياء هذه المناسبة بطريقتهم الخاصة، وفاءً لذكراك!

وعلى أحسن الأحوال، ستكون مثل عديد ممن ترجم لهم الذهبي أو ابن كثير أو السبكي أو ابن خلكان.. وعندها ستكون رجلاً مذكوراً في بعض المصادر والمدونات المعنية بالتراجم والرجال.

وسينقل المؤلف عنك -إن كان محايداً- بعض ثناءات لا تخلو من مجاملة، أو بقصد رسم القدوة للأحياء، فأنت ثاوٍ هامد لا تُخشى منك منافسة، ولا يثور عليك حسد، اللهم ربما!

سيقرأ عنك قرّاء يسمعون باسمك لأول مرة، فهم مستغربون من هذا الثناء.. هل أنت مظلوم مبخوس الحق؟ أم المترجم بالغ وتجاوز الحد؟ وهم لو قارنوك بغيرك لوجدوا أن الحياة تحفل بجم غفير ممن لهم ذكر أو أثر يكبر أو يصغر، في الشأن العلمي، أو التربوي، أو الإعلامي، أو الاقتصادي، أو السياسي.

وأن هؤلاء حين يرحلون فلن يعدم من يؤرخهم أن يجد ما يقوله عنهم، وإذا كان معنياً بالكتابة فسيجمع قصاصات من هنا وهناك قد توهم من يقرؤها مجتمعة أنه أمام شخصية استثنائية، بيد أن الأمر ليس كذلك!

ستكون الأمور على ما يرام، والناس بخير، والكون كما هو يعمل ويتحرك، والبرامج قائمة، رحيلك لن يكون مشكلة حقيقية، وإن قيل ذلك!

 

 

 

 

 

 

عَلَـيكَ سـَلامُ اللَهِ قَـيسَ بنَ عاصِم * وَرَحمـَتُهُ ما شـاءَ أَن يَتـَرَحَّما

 

 

تَحـِيَّةَ مـَن أَوليـتَهُ مِنكَ نِعـمَةً * إِذا زارَ عَن شَــحطٍ بِلادَكَ سَـلَّما

 

 

فَمـا كـانَ قَيسٌ هُـلكُهُ هُلكُ واحِدٍ * وَلَكِنـَّهُ بُنيـانُ قَـومٍ تَهـَدَّما

 

 

ستكون النوبة إلى آخرين، وسيقومون بالمهمة على الوجه المستطاع، وستُداوَى الجراح مع الزمن، وينتهي كل شيء.

 

 

هنا يكون الموت حافزاً حقيقياً للعمل والإبداع والمواصلة والإنجاز, وكسب المزيد من الخبرات ، وليس سبيلاً إلى التراخي والهمود واستعجال الموت قبل حلوله.

 

"وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ" . [الحجر:99] وفي الحديث "اغتنم خمساً قبل خمسٍ شبابَكَ قَبل هرمِكَ وصحتَكَ قبل سقمِكَ, وغناكَ قَبلَ فَقرِكَ وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ وحياتَك قبل موتِك

 

 

 

 

 

" . رواه النسائي وأحمد في الزهد والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرطهما.

 

 

وفي البخاري عن ابن عمر مرفوعاً "كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ

 

 

 

.

 

 

على أن رحيلك فتح باباً ومنح فرصة لقادمين جدد، تنفسوا الصعداء، ولو قُدِّر لك أن تسمع ما يقال حينئذٍ، لترامى إلى أذنك صوت يقول: رحيله محزن، ولعله كان خيراً، وآخر يهمس: ظننا أنه سيترك فراغاً، بيد أن الأمر لم يبد كذلك، وثالث يبوح: قدّم ما لديه!

 

وسبحان من يفني ويبقى؛ فتخلف الدهورَ دهورٌ والأنامَ أنام

 

 

 

يا صـاحِبـِي قُــمْ فـَقـد أَطَلْـنَا * أَنَحْنُ طُـولَ الـمَدى هُـجُودُ

 

 

فـقالَ لي لـن نَقُــومَ منـهـا * مـا دامَ مــِن فَـوْقِنـا الصَعِـيدُ

 

 

تذكُــرُ كَـمْ لَيْـلَةٍ لَهـَوْنا * فــي ظـلِّهَـا والــزَّمـَانُ عِيـدُ

 

 

وكَــمْ سُـرُورٍ هَمـَى علَيْنـَا * ســحــابــةً ثرّةً تـجُــودُ

 

 

يـا وَيْلـَنَـا إِنْ تـخـطّفَتــنَا * رَحـْمـَةُ مَـن بـعــثُه شَدِيدُ

 

 

 

***

 

 

مقال للشيخ / سلمان العودة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزاك الله خير اختي على التذكرة الطيبة

ونفع بك

واسمحي لي ان انقله للقسم المخصص

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
تذكُــرُ كَـمْ لَيْـلَةٍ لَهـَوْنا * فــي ظـلِّهَـا والــزَّمـَانُ عِيـدُ

 

 

 

 

وكَــمْ سُـرُورٍ هَمـَى علَيْنـَا * ســحــابــةً ثرّةً تـجُــودُ

 

 

 

 

يـا وَيْلـَنَـا إِنْ تـخـطّفَتــنَا * رَحـْمـَةُ مَـن بـعــثُه شَدِيدُ

 

اللهم ارحمنا وتجاوز عنا ..

 

فقد زاد لهونا و تعاظمت غفلتنا ...

 

 

 

تسلمي أختي حاشجيات

 

عالإختيار الموفق بارك الله بك ..

 

بانتظار القادم : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكى الله خيرا اخيتى حاشجيات

 

موضوع مميز ورائع

 

سملت يمناك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته

 

طرحٌ قيّم وطيّب أختي الحبيبة

 

جزاكِ الله خير الجزاء وأسعدكِ في الدّارين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه..

 

جزاكِ اللهُ خيرًا ونَفَعَ بكِ أُختي الحبيبة،

وأسعَدَكِ حيثُ حللتِ...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×