اذهبي الى المحتوى
(حفيدة الصحابة)

تهذيب النفوس قبل تحصيل الدروس !

المشاركات التي تم ترشيحها

 

HwF77115.gif

 

 

تهذيب النفوس,, قبل تحصيل الدروس !

 

-----------

 

كانت الروح تمتلئ حزناً وتأسى وهي تصطدم في كل مرة بنقائص وزلات معيبة من بعض طلبة العلم الشرعي الذين تتوسم النفس حين تلتقي بهم لأول وهلة أنها بلغت واحة للمستراح تستروح فيها الروح من رمضاء التصحر, فإذا بك بعد وقت يسير يتبدى لك في بعض منهم عورات وأخلاقيات منبوذة, وتطلع لحظوة النفوس وحظها, ووجاهتها وجاهها, واغترار وغلظة, وجفاء وجفوة, مع إعراض عن الحق حينا, واتباع وتقليد معمى حيناً, وجحود للصراط إليه حينا, بل وخوف من إستجلاء الحقيقة كاملة بكل تبعاتها أحيانا كثيرة. وقد أُدميت يوما من بعض من ذلك, فكانت هذه السطور من رسالة سطرت في حينها, ولولا أن الأمل فيهم كبير, لما كان الألم كبيرا, فهم الصفوة المأمولة , وهم الدرر المنتقاة و الأعلام المرتجاة في ظلمات الجهالة, وبصلاحهم تبدأ المسيرة, ودونهم البقية الغافية الغافلة ممن ترك كل شيء وأعرض عن كل خير, فلم يطلب علما ولم يشحذ عزما, ولا اتجه للدين أصلا, وغاص في الدنيا وجعل نفسه أعلى من كل شيء وقيما على الدين وأهله واستغل الأخطاء فيهم ليبررعلوه وجفاءه وتعاليه الفازغ :

 

متى تصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا

 

---------------------

 

LQ077115.gif

 

 

" الحمد لله معلي قدر من علما *** وجاعل العقل في سبل الهدى علما"

 

 

لماذا يهرب البعض من فتح باب العلم والفهم والفكر والقدح والتفكر ... يؤثرون سلامة التعمية على الحقائق الجميلة ليتركوا الصندوق مغلقا على ما فيه, ولتبقى أدوات العقل والفهم والتبصر معلقة بتعميمات لا سند لديهم على صحتها أو خطأها, لكنهم يخشون من نبش الركام الذي غطى على الأفهام والأفئدة, يخافون من قدح زناد الفكرة ومناقشة المسلّمات التي لم يسلِّم لهم بها أحد ولم يقبلها العقلاء الذين لم يُغيّبُوا في جهالة النكوص وعيهم ... لم يسلِّموا بها حين نظروا فيها نظرة قسط محايدة..

 

LQ077115.gif

 

مع أن الأمر ليس لغزاً وليس عصياً على الفهم جداً وليس بحاجة لفلسفات وعمر من الكدح والتعلم كي يتضح ويجلو في النفس أصله, لكنه بحاجة لتجاوز جبل من العوائق وقطع حبال من العادات والوقوف لبرهة قصيرة ذات مرة بإنصاف وإقساط وتجرد لكي يتجلى كأوضح ما يكون ... ككوكب دريُّ لا يغشى بهاء نوره سحاب..

 

سبحان الله....

 

LQ077115.gif

 

" امسح زجاج نظارتك جيدا لترى قبل فوات الأوان .. "

 

قبل أن تسرح بك الخطى في الطريق المعوج وتفقد دلالات الطريق فلا تهتدي لتصحيح مسارك بعد ...

ولا تحسن سبيل الرجعة حين تريد أن ترجع...

 

LQ077115.gif

 

التمادي في رفض الحق ومناصبة أهله الجفاء أو العداء أمر مفجع, ويقود إلى خسارة فادحة, لا يتبين صاحبها أثرها ووقعها على قلبه وفهمه وعقله مع مرور الوقت, ومع الوقت يتحول الأمر إلى عناد محض ..

 

LQ077115.gif

 

عناد فيه من الكبر عن الحق أكثر مما فيه من الثبات المزعوم عليه.. . وفيه من الصدود عن الانصياع في لحظة خشوع وخضوع, لإعادة مناقشة الفكرة والوجهة والسبيل والفهم القديم الخاطئ, أكثر مما فيه من الثبات على ما تظنه القلوب المغبونة حقا...

 

LQ077115.gif

 

* طالب الحق ... ليست تلك هي حاله!

 

طالب الحق يظل مشفقاً أبدا... يلين قلبه وقوله, وتخشع كل جوارحه وتخضع لسنن الله تعالى في الملكوت, ويظل متواضعا شفوقا, يعرف ويدرك ضآلة شأنه أمام عظمة خالقه الجليل سبحانه, ويعرف أنه لا أحد بمنأى ولا كان أحد ليأمن من مكر الله تعالى...

 

LQ077115.gif

 

فهو دائم التفقد لقلبه وجوارحه ولسانه وإيمانه وأعماله ودائم التطلع لتهذيب نفسه وتأديبها وتزكيتها لتزكو وتصفو وتشف وتسمو عسى أن ينظر الله تعالى لها نظرة رحمة ورضا فيرضاها ويرضى عنها ويتجاوز عن سوءها ويزكي خيرها ويعليها ويعلي في دار المأوى منزلتها ..

 

LQ077115.gif

 

بعيب النفس ذا بصر وعلم *** عمىّ القلب عن عيب الرفيق

 

ولذلك... تراه منشغلا بذنوبه عن ذنوب غيره... وبعيوبه عن عيوب غيره... وبالندم عليها والاستغفار منها والحياء بين يدي خالقه من عوارها وعارها, والرجاء في مغفرته وعفوه, عن كل شغل ءاخر في زهاء الدنى..

 

LQ077115.gif

 

لو آمنـتْ أنفسٌ باللَّهِ مـا شُغِـلْت *** عنه بمـا ليس في فقدانِه مَضَض

 

LQ077115.gif

 

وتراه مشتغلا في طاعة ربه والعمل فيما يرضيه ويحبه مشتاقا إليه بكل جوارحه وروحه ساعياً إليه بكل نَفًسٍ من أنفاسه متذكِّرا متدبِّرا, مخبتاً مقبلاً, راجياً راغباً, مستغفراً منيباً, محباً وجلاً..

 

LQ077115.gif

 

أدّبت نفسي فما وجدت لها *** من بعد تقوى الله من أدبِ

 

LQ077115.gif

 

لا يسعده إلا أن يزداد بخالقه معرفة ومنه قربا, فيقدّم بين يدي ذلك ساعات الليل والنهار في العلم والتعلم والتأمل والتدبر وتلاوة آيه وإجالة الطرف في ملكوته وتفقد يد رحمته وإبداع خلقه وجليل صنعه وفضله وكريم عطائه وسابغ نعمائه وتمام حكمته ونفاذ مشيئته وإعجاز تدبيره وتفرد قدرته وعلوه... فهو يرى ما لا يراه الغافلون في كل ما يعبره ويعبر عنه, ويعرف ويدرك ويبصر أن لله حكمة تجل عن الإحاطة في أقل خلقه شأنا, كما له حكمة وقدرا في أتم خلقه إعجازا وقدراً...

 

LQ077115.gif

 

وتراه لا يطرب قلبه لما لا يحبه مولاه .. حتى متاع الحياة العابر الذي يبغضه الله تعالى ويذمه, ويتيه في لجّته عامة من يتيه فرحاً ومرحاً وغروراً وطرباً ومتعة, تجده في كل ذلك نقيّ النفس, سليم الفطرة, حاضر المروءة, لا يسعده أن يقترف متاعا لا يرضاه ربه, فهو يبغضه ولا يتبغضه, يبغضه بغضاً أصيلا, لا يترك له معه سعة لأن يطرب منه قلب, أو تختلج فيه جارحة...

أما حين يكون متاعاً حلالاً طيباً فهو يختاره ويحبه, ويعرف أن مولاه الرحيم الودود يحمده عليه إن تأتاه في مرضاته وحمده عليه وعلى نعمته فيه ومعافاته ... فهو مع الله تعالى في كل أمره... حيث يريه أن يسعى يسعى, بالقدر والكيف الذي يشرعه تعالى له, بغير جور ولا تقتير..

 

LQ077115.gif

 

عفّت جوارحهم عن كل فاحشة *** فالصّدق مذهبهم والخوف والوجل

 

يؤنس قلبه الذكر... وإن كفّ اللسان ..

 

LQ077115.gif

 

فذكر الله تعالى والتأمل في حكمته وحمده واستغفاره وتنزيهه وتسبيحه, والتفكر والاستحضار, وقدح زناد الفكر والفهم, واستنباط جواهر المعاني, وبينات البيان, هو شغل قلبه في كل حاله, وعلى كل صورة تراه عليها ..

فهو يدعو ويرجو, ويتذكر ويشكر, ويتوب ويستغفر, ويستعين ويتوكل, ويسبح ويحمد, ويجتهد ويتعلم, ويستدل ويدلل, ويراجع درسه ويحاسب نفسه, ويخطط وينوي, ويعزم ويجدّ على الدرب, في كل وقته وعلى كل حاله, إن تحرك أو سكن, أو تحدث أو سكت, لا يشغله عن حاله تلك شاغل, ولا يرهقه ويتعبه إلا أن تجتاحه ممن حوله - عن تلك الحال - عارضات الشواغل..

 

LQ077115.gif

 

وما تقلبت من نومي وفي سنتي *** إلا وذكرك بين النفس والنفس

 

الحلم سمته وهدي القرءان خلقه...

فتراه أبدا وضيئاً سمحاً, متأنياً متدبراً, رحيما رقيقا, حي القلب, متوفز الهمة, تملؤه السكينة..

 

 

من كان ملتمسا جليسا صالحا *** فليأت حلقة مسعر بن كدام

فيها السكينة والوقار وأهلها *** أهل العفاف وعلية الأقوام

 

 

ليس شئ عنده مطلوب لذاته ولا شئ لديه متروك بذاته.. وليس إلاّ في مولاه حبه وبغضه وموالاته..

 

وهو لا يرى نفسه فوق الناس ولا دونهم ... لكنه يعرف أن الحق الذي يؤمن به فوق كل شيء .. ففيه ومنه عزته وعدته ووقاره.. ويعرف أن الذنب الذي لم يسلم منه بشر, هو مصدر ذلته بين يدي مولاه ومبعث رجائه...

 

LQ077115.gif

 

ثم هو لا يقيم وزن الناس بأوزان الناس..

بل يرى ويدرك أن خير الناس وأكرمهم هو أتقاهم لربه.. فبقدر إخلاصهم للحق يكون قدرهم..

فليس الضعيف الواهن رث الحال رثاً عنده إن كان ربانياً تقياً.. بل يرى كرامته بقدر خُلقه ونقاء فهمه وشرف نفسه وتجرده لمراد ربه .. وبالمثل.. ليس الشريف اللامع الغنيّ المشرق صاحب الصيت والسلطان بكريم عنده إن كان على غير الجادة .. فتلك جاهلية مقيتة ..

 

فهو يعيش المعنى بكل قلبه " هذا خير من ملء الأرض مثل هذا " متفق عليه

 

LQ077115.gif

 

لا يحسن معاملة الناس رضا عنهم ليغيره السخط عليهم .. بل يعاملهم بالقسط الذي يحبه منه ربه.. فلا يغيره الرضا أو السخط ...

لذلك ... ترى من حوله يعرفون له ذلك, فلا يخافون أن يجور عليهم, ولا يستحيون أن يلجأوا إليه حال عوزهم, وإن امتد دهر من الجفاء بينهم وبينه.. فهم يعرفون أنه, وإن كرّ الزمان, هو هو كما كان أبدا.. لا يُدِّل عليهم ولا يمُنّ.. ولا يخالطهم بخلق اللئيم الجارح, بل العفيف المانح, المستغني عن مدح المادح, الهيّن مع ذم الشانئ...

 

LQ077115.gif

 

وكذلك.. تراهم .. يتوارون عنه حين تغريهم الدنيا فيدلّسون مع من دلّس ويتهاونون في بعض الحدود ويجاروون الدهماء في مجرى غفلتهم وخوضهم .. غير أنهم .. يعرفون في خبيئة نفوسهم أن أهل الحق لا يرضيهم ذلك ... ولا يرون الخط الأعوج إلأ خطاً أعوجاً.. ولا يشهدون لصاحب السعي الأعرج إلا بأن سعيه عن سبيل الحق أعرج..

 

هدى الوقار وعزّ سلطان التقى *** فهو المهيب وليس ذا سلطان

 

المصدر

ملتقى أهل الحديث

 

4nL77115.gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ أختي الحبيبة

موضوع قيّم ..

وكم نفتقر لمثل تلك النفوس

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

نقل طيب ونافع :)

بوركت حفيد الصحابة وجوزيت خيرًا ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

سلكت يداكِ أختى الكريمة

اتمنى والله ان أكون كما ذكرتى

اللهم طهر واصلح نفسنا

جزيت كل الخير اختى ومشكورة جدااااا علي الموضوع الشيق الرائع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

جزاك الله خيرا يا غالية

موضوع قيم ..

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا

بوركت و بورك مسعاك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ حفودة، وجعل ما نقلتِ فى ميزان حسناتكِ ..

اللهم آتى نفسى تقواها وزكها أنت خيرمن زكاها ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×