اذهبي الى المحتوى
سُندس واستبرق

المحاضرة الثالثة عشر : المرأة وطلب العلم .

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكن ورحمة الله وبركاته ~|

 

 

المرأة وطلب العلم

 

في هذا اللقاء الأخير سنتحدث عن المرأة وطلب العلم، وهذا في غاية الأهمية فإنَّ مصطلح المرأة وطلب العلم أصبح من المصطلحات الّتي لا ترد على الأذهان كثيرًا، إذا قرأتم في كتب السِّيرة وكتب العلماء والتَّراجم ليس غريبًا عليك أن تسمع لفظ أو مصطلح الشَّيخة فلانة، أمَّا الآن فإنَّ هذا المصطلح إذا أطلق على إمرأة فإنّه يكون من باب التَّندر ومن باب المزاح ونحو ذلك، بينما كان في الزَّمن الماضى كان للمرأة مكانةٌ وقيمةٌ كبيرةٌ في الحركة العلميَّة في حياة العلماء وفي حياة طلبة العلم وفي حياة الفقهاء. لعلنا من خلال هذا اللقاء أن نسلط الضوء على عدَّةِ مسائل تتعلق بالمرأة وطلب العلم.

 

 

في صحيح البخاري في كتاب العلم تحديدًا قال -رحمه الله- باب عظة الإمام النِّساء وتعلِيمِهنَّ ثمَّ ذكر حديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "أشهد على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في صلاة العيد قبل الخطبة قال ثمّ خطب فرأى أنّه لم يُسمعِ النِّساء فأتاهنَّ فذكرهنَّ ووعظهنَّ وأمرهنَّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالصَّدقة"

 

في البخاري أيضًا باب هل يجعل للنَّساء يومٌ على حدةٍ؟ ثم ذكر حديث المرأة كما عند أبي سعيد الخدري قال: "قالت الِّنساء: يا رسول الله غلبنا عليك الرَّجال، فاجعل لنا من نفسك يوًما نأتيك فيه تعلِّمنا ممَّا علمك الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: اجتمعن في يوم كذا كذا فاجتمعن فأتاهنَّ -صلّى الله عليه وسلّم- فعلمهنَّ ممَّا علَّمه الله. ومن ذلك أيضا حديث الشِّفاء بنت عبدالله -رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأنا عند -حفصة رضي الله عنها- فقال: ألا تعلِّمين هذه رُقية النَّملة كما علَّمتها الكتابة أو كما قال -صلّى الله عليه وسلّم-. إذًا كان هناك اهتمامٌ وثيقٌ منَ النّبيّ -عليه الصَّلاة والسَّلام- بتعليم النِّساء وتثقيفهنَّ وتعليمهنَّ كذلك أمور دينهم.

 

 

 

ومن هنا يجب علينا ان نحرص على ان ننشر هذه الثقافه ثقافه نشر العلم والوعى بين النِّساء حتّى يكون لهن الدَّور الكبير والعظيم في نشر هذا الدِّين وفي تعليم النَّاس كتاب ربِّ العالمين وسنَّة سيد المرسلين -عليه أفضلُ الصَّلاة وأتمُّ السَّلام- ولهذا في قول الله -سبحانه وتعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُو َأَنفُسَكُم وَ أَهلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَة عَلَيهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَاَ يَعصُونَ الله مَا أَمَرَهُم وَيَفعَلُونَ مَا يُؤمَرُون} [التَّحريم: 6]، ولهذا كان من عناية السَّلف بالنِّساء ومن تقواهم لله -عزَّ وجلَّ- أن يعلمونهنَّ ممَّا علَّمهم الله -سبحانه وتعالى

انظر إلى أثر أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- على النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وعلى تبليغه لدين الله وعلى نشره لكلمة الله، انظر إليها كيف بذلت مالها وثقافتها وكلّ ما تستطيع من أجل أنَّ محمَّدًا -صلّى الله عليه وسلّم- يبلغُ دين الله وينشر هذا الدِّين على العالمين وهذا لا شكَّ أنّه من الأمور العظيمة الّتي تحمد لخديجة -رضي الله عنها- ثمَّ تأملوا أيضًا في عائشة -رضي الله عنها-وفي المكانة العلميَّة الّتي وصلت عليها وسيأتينا بإذن الله جزءٌ من الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- ولو كن َّالنِّساء كما ذكرنا لفضلت النِّساء على الرِّجال.

 

***

 

صورٌ مٌضيئة :

 

 

**من عناية السَّلف صور -رحمهم الله تعالى- بتعليم المرأة سعيد من المسيب -رضي الله عنه- زوَّج ابنته فلمَّا دخل زوجها بها وقعد معها، فلمَّا أصبح تلميذ سعيد من المسيب وزوج ابنته، لما أصبح الصَّباح أخذ رداءه يريد أن يذهب إلى سعيد -رضي الله عنه- فقالت: على رسلك إلى أين تذهب؟ قال: أذهب إلى درس سعيد، قالت: "ابق هنا فوالله إنَّ كلّ علم سعيد عندي"، فبقى عند زوجته فأخذ من علم سعيد -رضي الله عنه ورحمه الله تعالى رحمةً واسعةً-.

 

**الإمام مالك -رحمه الله رحمةً واسعةً- كان يجلس في درس فيقرأ فاذا غلط أحد الطّلاب وهو يقرأ على الإمام مالك تدق ابنته الباب فيلتفت الإمام مالك ويقول: "أعد القراءة" فيعيدها فيجد أنّه أخطأ في لحنٍ أو كلمةٍ فيصحح الإمام -رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً- هذه القراءة.

 

** الإمام بن تيمية كان دائم الثّناء على امرأةٍ تدعى فاطمة، يثنى عليها وعلى العلم الّذي وصلت إليه حتّى أنَّها كان كما يقول -رحمه الله- كانت تستحضر كتاب المُغني لابن قدامة -رحمه الله رحمةً واسعةً- وكتاب ابن قدامة من أعظم كتب الاسلام حتّى إنَّ ابن عز بن عبد السَّلام يقول: " والله ما طابت لي الفتيا حتّى قرأت كتاب المُغني" فكانت إذا ذهبت إلى الإمام بن تيمية -رحمه الله-؛ لتسفتيه في أمر دينها فإنّه يستعد لها ويحضر لإتيانها وذلك يدل على شرفها وعلى مكانتها -رحمها الله تعالى رحمةً واسعةً-.

 

** أيضًا من الأخبار الّتي تذكر عن عناية السّلف بالنِّساء أنَّ المرأة كانت إذا زوِّجت فإنّها تزف فيوضع في زفافها نسخةٌ من كتاب أحد الفقهاء حتّى تستمر في العلم حتّى بعد زواجها وخروجها من دار أبيها، وقد ذكر هذا الإمام الذهبيّ -رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً.

 

** من الجانب العلمي الّذي كانت المرأة لها مكانةٌ فيه أنَّ المرأة كانت تستشار وتعلمون قصة أم سلمة -رضي الله عنها- حينما أتى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد صلح الحديبية فأمرهم أن يُحلُّوا ويحلقوا فلم يفعل أحدٌ شيئًا فاستشار النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أم سلمة فأشارت إليه أن أحلق رأسك وسيفعلون كما تفعل يا رسول الله، وبالفعل فعل النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-وأخذ برأيها.



 

 

** أيضًا ممَّا يذكر للنِّساء في هذا الجانب أنَّ المرأة كانت تشارك الرَّجل في تحرير المسائل العلميَّة ومناقشة القضايا والخلاف ونحو ذلك. فمن ذلك أنَّ أم الفضل بنت الحارث تمارى أناسٌ عندها وتجادلوا واختلفوا في يوم عرفة هل صامه النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فقال بعضهم: لقد صامه -صلّى الله عليه وسلّم-، وقال بعضهم: ليس بصائمٍ، فأرسلت له بقدح لبنٍ وهو واقفٌ -عليه الصّلاة والسّلام- فشربه -صلّى الله عليه وسلّم- وعلمت أن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكن صائمًا.

 

**ابن عباس -رضي الله عنه- كان يأتي في بعض المسائل الّتي تتعلق بالنِّساء فيرسل إلى جارية فيأخذ منها العلم وهي جارية أنصارية ويبلغه للنّاس جميعًا، فكان هناك نشاطٌ كبيرٌ وحركةٌ علميَّةٌ كبيرةٌ عند النِّساء. عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- ألف السُّيوطي كتابًا اسماه المستدرك فيما استدركته عائشة -رضي الله عنها- على الصَّحابة، المسائل الّتي ذكر فيها الصَّحابة أقوالًا فاستدركته عائشة -رضي الله عنها- فبينها لهم بيانًا شافيًا كافيًا، إذًا المرأة لها نشاطٌ كبيرٌ ولها علمٌ عظيمٌ وكان العلماء يتلقون العلم حتّى على النِّساء

 

 

**الإمام محمد بن شهاب الزّهري روى -رحمه الله تعالى- عن أكثر من امرأة روو رواية في الحديث عن أكثر من امرأة فمن ذلك روايته عن عمرة بنت عبد الرّحمن بن سعد، الإمام مالك بن أنس، كذلك روى عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، القاضي أبو يعلى الفراء روى كذلك عن النِّساء...الامام السَّمعاني -رحمه الله- ذكر في كتابه التّحذير في المعجم الكبير النّسوة الّتي كتب عنهم حديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فرتبهنّ على حروف المعجم وسرد تسًعا وستين امرأةً محدثةً كان يأخذ عنهم حديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالإسناد.

 

 

**كذلك من العلماء الإمام ابن الجوزي -رحمه الله- ذكر أنّه من ضمن أخذ عنهن العلم ثلاث نساء... الأولى فاطمة بنت محمد بن الحسين يقول عنها: "كانت شيختنا فاطمة واعظةً متعبدةً لها رباطٌ تجتمع فيه الزّاهدات سمعت هي من أبي جعفر بن أبي المسلمة وسمعت من أبي بكر الخطيب وغيرها" ثمَّ ذكر سنة وفاتها -رحمها الله-، يقول أيضًا: "أخذت العلم عن فاطمة بنت أبي حكيم"، قال عنها: "كانت شيختنا هذه خالة شيخنا أبي الفضل بن ناصر وكانت خَيرةً -رحمها الله تعالى-، وأخذت العلم عن شهدة بنت جعفر بن السّراج وغيرها من العلماء وكان لها خطٌ حسنٌ يفوق كثيرًا من خطوط العلماء".

 

** أيضًا يذكر عن أحد علماء الشّناقطة وهو يتحدث عن ابنته وعن الحافظة الّتي منَّ الله بها عليها كان هذا العالم يقول لابنته: "اذهبي إلى فلان وأحضري منه القاموس" المحيط القاموس من أصعب معاجم اللغة فتذهب هذه الفتاة وتحضر القاموس وهي تسير في الطّريق تقرأ، وهي تعيد الكتاب إلى صاحبه تقرأ بعد مرور فترة من الزّمن قال والدها: أحضري لي القاموس المحيط، قالت: "يا أبتي لقد حفظت القاموس المحيط فأي شىءٍ تريده منه أنا أخبرك منه حتّى لا أذهب وأتعنى وأحضره لك" وتعلمون علماء الشّناقطة رجالًا ونساءً قد منَّ الله عليهم بهذه الحافظة والموهبة نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يمتعنا بعلم العلماء وفقه الفقهاء وخير الأخيار إنّه هو الجواد الكريم.

 

 

***

إذًا أيّها الأخوة هذا حال المرأة، المرأة نريدها كذلك أن تتعلم العلم الشّرعي والحمد لله الآن مع وجود القنوات الفضائيّة ومع وجود الأشرطة مع وجود الانترنت تستطيع المرأة وهي في منزلها أن تسمع لهذه الدُّروس وهي على الهواء مباشرةً أن ترسل بسؤالها وهي في منزلها لا تحتاج أن تخرج ولا تحتاج أن تزاحم الرّجال بل وهي في منزلها تستطيع أن تتعلم العلم الشّرعي وهذا بفضل الله -سبحانه وتعالى-.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

***

 

المحاضرة مختصرة لمن أرادت قراءتها كاملة فلتتفضل هنا :

 

_________________________.doc

 

ومن أرادت سماعها فلتتفضل من هنا :

 

 

***

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×