اذهبي الى المحتوى
مريم فوزي

فآتاهم الله ثواب الدنيا "و حُسنَ" ثواب الآخرة ••

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

 

قال الله تعالى في سورة آل عمران: {فئاتاهم الله ثواب الدنيا و حسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين} [148]

إذا نظرتِ تجدين أنه سبحانه لم يقل على الدنيا "حسن ثواب الدنيا أو فضل أو أي شيء" على عكس ما ذكر سبحانه في الآخرة

الدنيا مهما طالت في أعين من يريدها فهي متاع زائلٌ زائفُ، فإما أنت ستموت و تنقضي النعمة عنك

أو أن النعمة ستزول لأن الدنيا بطبيعتها زائلة

لكن الجنة الحقيقية هي جنة الآخرة و حسن ثواب الآخرة، فهذا هو الجمال بعينه.

 

{والله يحب المحسنين}

نرى في الآية التي قبلها قول الله عز وجل {و ما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا و إسرافنا في أمرنا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين}

فهي مرتبطة بالتي قبلها والله أعلم حيث أحسنوا في طلب المغفرة -فاعترفوا بذنوبهم- و الثبات و النصر على الكافرين بعدما أصابهم، و في ذلك إحسان منهم.

و يكفي أن بعد كل هذا يكون الأجر هو حب الله للمحسن، نسأل الله أن يجعلنا من المحسنين و أن يجعلنا ممن يحبهم و يحبونه.

 

 

نأتي لتفسير السعدي للآية:

{ فآتاهم الله ثواب الدنيا } من النصر والظفر والغنيمة، { وحُسن ثواب الآخرة } وهو الفوز برضا ربهم، والنعيم المقيم الذي قد سلم من جميع المنكدات، وما ذاك إلا أنهم أحسنوا له الأعمال، فجازاهم بأحسن الجزاء، فلهذا قال: { والله يحب المحسنين } في عبادة الخالق ومعاملة الخلق، ومن الإحسان أن يفعل عند جهاد الأعداء، كفعل هؤلاء الموصوفين.

 

 

و في التفسير الكبير للإمام "فخر الدين الرازي" مسائل جميلة و ماتعة:

واعلم أنه تعالى لما شرح طريقة الربيين في الصبر ، وطريقتهم في الدعاء ذكر أيضا ما ضمن لهم في مقابلة ذلك في الدنيا والآخرة فقال : (

فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ) وفيه مسائل:

 

* المسألة الأولى : قوله : ( فآتاهم الله ) يقتضي أنه تعالى أعطاهم الأمرين ، أما ثواب الدنيا فهو النصرة والغنيمة وقهر العدو والثناء الجميل ، وانشراح الصدر بنور الإيمان وزوال ظلمات الشبهات وكفارة المعاصي والسيئات ، وأما ثواب الآخرة فلا شك أنه هو الجنة وما فيها من المنافع واللذات وأنواع السرور والتعظيم ، وذلك غير حاصل في الحال ، فيكون المراد أنه تعالى حكم لهم بحصولها في الآخرة ، فأقام حكم الله بذلك مقام نفس الحصول ، كما أن الكذب في وعد الله والظلم في عدله محال ، أو يحمل قوله : ( فآتاهم ) على أنه سيؤتيهم على قياس قوله : ( أتى أمر الله ) [النحل : 1] أي سيأتي أمر الله .

قال القاضي : ولا يمتنع أن تكون هذه الآية مختصة بالشهداء ، وقد أخبر الله تعالى عن بعضهم أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، فيكون حال هؤلاء الربيين أيضا كذلك ، فإنه تعالى في حال إنزال هذه الآية كان قد آتاهم حسن ثواب الآخرة في جنان السماء .

 

* المسألة الثانية : خص تعالى ثواب الآخرة بالحسن تنبيها على جلالة ثوابهم ، وذلك لأن ثواب الآخرة كله في غاية الحسن ، فما خصه الله بأنه حسن من هذا الجنس فانظر كيف يكون حسنه ، ولم يصف ثواب الدنيا بذلك لقلتها وامتزاجها بالمضار ، وكونها منقطعة زائلة ، قال القفال رحمه الله : يحتمل أن يكون الحسن هو الحسن كقوله : ( وقولوا للناس حسنا ) [البقرة : 83] أي حسنا ، والغرض منه المبالغة كأن تلك الأشياء [ ص: 25 ]

الحسنة لكونها عظيمة في الحسن صارت نفس الحسن ، كما يقال : فلان جود وكرم ، إذا كان في غاية الجود والكرم والله أعلم .

 

* المسألة الثالثة : قال فيما تقدم : ( ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها ) [آل عمران : 145] فذكر لفظة "من" الدالة على التبعيض فقال في الآية : ( فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ) ولم يذكر كلمة "من" والفرق : أن الذين يريدون ثواب الآخرة إنما اشتغلوا بالعبودية لطلب الثواب ، فكانت مرتبتهم في العبودية نازلة ، وأما المذكورون في هذه الآية فإنهم لم يذكروا في أنفسهم إلا الذنب والقصور ، وهو المراد من قوله : ( اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ) [آل عمران : 147] ولم يروا التدبير والنصرة والإعانة إلا من ربهم ، وهو المراد بقوله : ( وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) [آل عمران : 147] فكان مقام هؤلاء في العبودية في غاية الكمال ، فلا جرم أولئك فازوا ببعض الثواب ، وهؤلاء فازوا بالكل ، وأيضا أولئك أرادوا الثواب ، وهؤلاء ما أرادوا الثواب . وإنما أرادوا خدمة مولاهم فلا جرم أولئك حرموا وهؤلاء أعطوا ، ليعلم أن كل من أقبل على خدمة الله أقبل على خدمته كل ما سوى الله .

 

ثم قال : ( والله يحب المحسنين ) وفيه دقيقة لطيفة وهي أن هؤلاء اعترفوا بكونهم مسيئين حيث قالوا : ( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا )فلما اعترفوا بذلك سماهم الله محسنين ، كأن الله تعالى يقول لهم :

 

إذا اعترفت بإساءتك وعجزك فأنا أصفك بالإحسان وأجعلك حبيبا لنفسي ، حتى تعلم أنه لا سبيل للعبد إلى الوصول إلى حضرة الله إلا بإظهار الذلة والمسكنة والعجز .

وأيضا : إنهم لما أرادوا الإقدام على الجهاد طلبوا تثبيت أقدامهم في دينه ونصرتهم على العدو من الله تعالى ، فعند ذلك سماهم بالمحسنين ، وهذا يدل على أن العبد لا يمكنه الإتيان بالفعل الحسن ، إلا إذا أعطاه الله ذلك الفعل الحسن وأعانه عليه ، ثم إنه تعالى قال : (

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) [الرحمن : 60] وقال : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [يونس : 26] وكل ذلك يدل على أنه سبحانه هو الذي يعطي الفعل الحسن للعبد ، ثم إنه يثيبه عليه ليعلم العبد أن الكل من الله وبإعانة الله .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ

اللهم اجعلنا من المحسنين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا

وفي ميزان حسناتك ان شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×