اذهبي الى المحتوى
bassema

نساء مسلمات

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

أقدم لكم ملف كامل ومتجدد لنساء مسلمات

 

المهاجرة

(سارة)

 

خرجتْ مهاجرة فى سبيل الله مع زوجها وابن أخيه لوط -عليهما السلام- إلى فلسطين.

 

 

ولما اشتد الجفاف فى فلسطين هاجرت مع زوجها مرة أخرى إلى مصر.

 

 

وسرعان ما انتشر خبرهما عند فرعون مصر الذى كان يأمر حراسه

 

بأن يخبروه بأى امرأة جميلة تدخل مصر.

 

وذات يوم، أخبره الجنود أن امرأة جميلة حضرتْ إلى مصر، فلما علم إبراهيم بالأمر

 

قال لها: "إنه لو علم أنك زوجتى يغلبنى عليكِ، فإن سألك فأخبريه بأنك أختي،

 

وأنت أختى فى الإسلام، فإنى لا أعلم فى هذه الأرض مسلمًا غيرك وغيري".

 

وطلب فرعون من جنوده أن يحضروا هذه المرأة، ولما وصلت إلى قصر فرعون

 

دعت اللَّه ألا يخذلها، وأن يحيطها بعنايته، وأن يحفظها من شره،

 

وأقبلت تتوضأ وتصلى وتقول:

 

"اللهم إن كنتَ تعلم أنى آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجى إلا على زوجي،

 

فلا تسلط على هذا الكافر".فاستجاب اللَّه دعاء عابدته المؤمنة فشَلّ يده عنها

 

-حين أراد أن يمدها إليها بسوء-

 

فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدى ولا أضرك. فدعت سارة ربها؛

 

فاستجاب الله دعاءها، فعادت يده كما كانت، ولكنه بعد أن أطلق اللَّه يده

 

أراد أن يمدها إليها مرة ثانية؛ فَشُلّت، فطلب منها أن تدعو له حتى تُطْلق يده

 

ولا يمسها بسوء، ففعلت، فاستجاب الله دعاءها، لكنه نكث بالعهد فشُلّت مرة ثالثة.

 

 

فقال لها : ادعى ربك أن يطلق يدي، وعهدٌ لا نكث فيه ألا أمسّك بسوء،

 

فدعت اللَّه فعادت سليمة، فقال لمن أتى بها: اذهب بها فإنك لم تأتِ بإنسان،

 

وأمر لها بجارية، وهى "هاجر" -رضى الله عنها- وتركها تهاجر من أرضه بسلام.

 

ورجع إبراهيم وزوجه إلى فلسطين مرة أخري، ومضى "لوط" -عليه السلام-

 

فى طريقه إلى قوم سدوم وعمورة (الأردن الحالية) يدعوهم إلى عبادة اللَّه،

 

ويحذرهم من الفسوق والعصيان. ومرت الأيام والسنون ولم تنجب سارة بعد

 

ابنًا لإبراهيم، يكون لهما فرحة وسندًا، فكان يؤرقها أنها عاقر لا تلد، فجاءتها

 

جاريتها هاجر ذات مرة؛ لتقدم الماء لها، فأدامت النظر إليها، فوجدتها صالحة

 

لأن تهبها إبراهيم، لكن التردد كان ينازعها؛ خوفًا من أن يبتعد عنها ويقبل

 

على زوجته الجديدة، لكن بمرور الأيام تراجعت عنها تلك الوساوس، وخفَّت؛

 

لأنها تدرك أنّ إبراهيم - عليه السلام - رجل مؤمن، طيب الصحبة والعشرة،

 

ولن يغير ذلك من أمره شيئًا.

 

وتزوَّج إبراهيم -عليه السلام- "هاجر"، وبدأ شيء من الغيرة يتحرك فى نفس سارة،

 

بعد أن ظهرت علامات الحمل على هاجر، فلمّا وضعت هاجر طفلها إسماعيل -

 

عليه السلام - طلبت سارة من إبراهيم أن يبعدها وابنها، ولأمر أراده اللَّه أخذ

 

إبراهيم هاجر وابنها الرضيع إلى وادٍ غير ذى زرع من أرض مكة عند بيت الله الحرام،

 

فوضعهما هناك مستودعًا إياهما اللَّه، وداعيا لهما بأن يحفظهما الله ويبارك فيهما،

 

فدعا إبراهيم -عليه السلام- ربه بهذا الدعاء:

 

(رَّبَّنَا إِنِّى أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ

 

فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاس تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) [إبراهيم :37] .

 

 

لكن آيات الله لا تنفد، فأراد أن يظهر آية أخرى معها. وذات يوم، جاء نفرٌ لزيارة

 

 

إبراهيم عليه السلام؛ فأمر بذبح عجل سمين، وقدمه إليهم، لكنه دهش لما وجدهم

 

لا يأكلون، وكان هؤلاء النفر ملائكة جاءوا إلى إبراهيم -عليه السلام-

 

فى هيئة تجار، ألقوا عليه السلام فرده عليهم . قال تعالى:

 

(وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ

 

. فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ

 

لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوط) [هود: 69-70] .

 

قال تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِى قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ

 

لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ) [هود : 47-48]

 

وأخبرت الملائكة إبراهيم - عليه السلام- أنهم ذاهبون إلى قوم لوط؛ لأنهم عصوا

 

نبى الله لوطًا، ولم يتبعوه.

 

وقبل أن تترك الملائكة إبراهيم -عليه السلام- بشروه بأن زوجته سارة سوف تلد ولدًا

 

اسمه إسحاق، وأن هذا الولد سيكبر ويتزوج، ويولد له ولد يسميه يعقوب.

 

ولما سمعت سارة كلامهم، لم تستطع أن تصبر على هول المفاجأة، فعبَّرت عن فرحتها،

 

ودهشتها كما تعبر النساء؛ فصرخت تعجبًا مما سمعت، وقالت:

 

(قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِى شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ.

 

قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)

 

[هود: 72-73] .

 

وحملت سارة بإسحاق - عليه السلام - ووضعته، فبارك اللَّه لها ولزوجها فيه ؛

 

ومن إسحاق انحدر نسل بنى إسرائيل .

 

هذه هى سارة زوجة نبى اللَّه إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- التى كانت أول

 

من آمن بأبى الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حين بعثه اللَّه لقومه يهديهم

 

إلى الرشد، ثم آمن به لوط ابن أخيه - عليه السلام -، فكان هؤلاء الثلاثة

 

هم الذين آمنوا على الأرض فى ذلك الوقت. وماتت سارة ولها من العمر 127 عامًا

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المتوكلة

 

(أم موسى)

 

تحت صرخات امرأة ذُبح ابنها، فتحت أيارخا زوجة عمران الباب، بعد أن ابتعدت

 

أقدام جنود فرعون، واختفت ضحكاتهم الوحشية، ومضت إلى جارتها،

 

التى كانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياة، تخفف عنها آلامها، وتواسيها فى أحزانها.

 

 

كان بنو إسرائيل فى مصر يمرون بأهوال كثيرة، فقد ضاق بهم "فرعون"،

 

وراح يستعبدهم ويسومهم سوء العذاب؛ نتيجة ما رأى فى منامه من رؤيا أفزعته،

 

فدعا المنجِّمين لتأويل رؤياه، فقالوا: سوف يولد فى بنى إسرائيل غلام يسلبك المُلك،

 

ويغلبك على سلطانك، ويبدل دينك. ولقد أطل زمانه الذى يولد فيه حينئذٍ.

 

ولم يبالِ فرعون بأى شيء سوى ما يتعلق بملكه والحفاظ عليه، فقتل الأطفال

 

دون رحمة أو شفقة، وأرسل جنوده فى كل مكان لقتل كل غلام يولد لبنى إسرائيل .

 

وتحت غيوم البطش السوداء، ورياح الفزع العاتية، وصرخات الأمهات وهن يندبن

 

أطفالهن الذين قُتِلوا ظلمًا، كان الرعب يسيطر على كيان زوجة عمران، ويستولى

 

الخوف على قلبها، فقد آن وضع جنينها وحان وقته، وسيكون مولده فى العام الذى

 

يقتل فرعون فيه الأطفال.

 

واستغرقت فى تفكير عميق، يتنازع أطرافه يقين الإيمان ولهفة الأم على وليدها،

 

ووسوسة الشيطان الذى يريد أن يزلزل فيها ثبات الإيمان، لذلك كانت تستعين دائمًا باللَّه،

 

وتستعيذ به من تلك الوساوس الشريرة .

 

ولما أكثر جنود فرعون من قتل ذكور بنى إسرائيل قيل لفرعون:

 

إنه يوشك إن استمر هذا الحال أن يموت شيوخهم وغلمانهم، ولا يمكن لنسائهم

 

أن يقمن بمايقوم به الرجال من الأعمال الشاقة فتنتهى إلينا، حيث كان بنو

 

إسرائيل يعملون فى خدمة المصريين فأمر فرعون بترك الولدان عامًا وقتلهم عامًا،

 

وكان رجال فرعون يدورون على النساء فمن رأوها قد حملت، كتبوا اسمها،

 

فإذا كان وقت ولادتها لا يولِّدها إلا نساء تابعات لفرعون . فإن ولدت جارية تركنها،

 

وإن ولدت غلامًا؛ دخل أولئك الذباحون فقتلوه ومضوا. ولحكمة اللَّه -تعالى وعظمته-

 

لم تظهر على زوجة عمران علامات الحمل كغيرها ولم تفطن لها القابلات ،

 

وما إن وضعت موسى - عليه السلام-

 

حتى تملكها الخوف الشديد من بطش فرعون وجنوده، واستبد بها القلق

 

على ابنها موسى، وراحت تبكى حتى جاءها وحى اللَّه عز وجل آمرًا

 

أن تضعه داخل صندوق وتلقيه فى النيل. قال تعالي:

 

(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِى

 

وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص :7].

 

 

وكانت دار أم موسى على شاطئ النيل، فصنعت لوليدها تابوتًا وأخذت ترضعه،

 

فإذا دخل عليها أحد ممن تخافه، ذهبت فوضعته فى التابوت، وسَـيرَتْـهُ فى البحر،

 

وربطته بحبل عندها.

 

وذات يوم، اقترب جنود فرعون، وخافت أم موسى عليه، فأسرعت ووضعته

 

فى التابوت، وأرسلته فى البحر، لكنها نسيت فى هذه المرة أن تربط التابوت،

 

فذهب مع الماء الذى احتمله حتى مرَّ به على قصر فرعون. وأمام القصر توقف

 

التابوت، فأسرعت الجوارى وأحضرنه، وذهبن به إلى امرأة فرعون،

 

فلما كشفت عن وجهه أوقع اللَّه محبته فى قلبها، فقد كانت عاقرًا لا تلد.

 

وذاع الخبر فى القصر، وانتشر نبأ الرضيع حتى وصل إلى فرعون،

 

فأسرع فرعون نحوه هو وجنوده وهمّ أن يقتله، فناشدته امرأته أن يتركه،

 

وقالت له: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ

 

وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [القصص: 9].

 

كاد قلب أم موسى أن يتوقف، فهى ترى ابنها عائمًا فى صندوق وسط النهر،

 

ولكنَّ الله صبرها، وثبتها، وقالت لابنتها:

 

اتبعيه، وانظرى أمره، ولا تجعلى أحدًا يشعر بك. وكان قلبها ينفطر حزنًا

 

على مصير وليدها الرضيع الذى جرفه النهر بعيدًا عنها

 

(وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ

 

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون)

 

[القصص: 10-11].

 

فرحت امرأة فرعون بموسى فرحًا شديدًا، ولكنه كان دائم البكاء، فهو جائع،

 

ولكنه لا يريد أن يرضع من أية مرضعة، فخرجوا به إلى السوق لعلهم يجدون

 

امرأة تصلح لرضاعته، فلما رأته أخته بأيديهم عرفته، ولم تُُظِْْهِْر ذلك،

 

ولم يشعروا بها، فقالت لهم: أعرف من يرضعه. وأخذته إلى أمه.

 

( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ

 

وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ. فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَى تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ

 

حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[القصص: 12-13].

 

هذا هو القدر الإلهى يظهر منه ومضات ليتيقن الناس أن خالق السَّماوات والأرض

 

قادر على كل شيء: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].

 

وما إن وصل موسى -عليه السلام- إلى أمه حتى أقبل على ثديها، ففرحت الجوارى

 

بذلك فرحًا شديدًا، وذهب البشير إلى امرأة فرعون، فاستدعت أم موسى،

 

وأحسنت إليها، وأعطتها مالا كثيرًا - وهى لا تعرف أنها أمه-، ثم طلبتْ منها

 

أن تُقيم عندها لترضعه فرفضتْ، وقالت :

 

إن لى بعلا وأولادًا، ولاأقدر على المقام عندك، فأخذته أم موسى إلى بيتها،

 

وتكفلت امرأة فرعون بنفقات موسى. وبذلك رجعت أم موسى بابنها راضية مطمئنة،

 

وعاش موسى وأمه فى حماية فرعون وجنوده، وتبدل حالهما بفضل صبر أم موسى وإيمانها.

 

ولم يكن بين الشدة والفرج إلا يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه

 

من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا.

 

اللهم فرج همومنا وهموم كل مكروب

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

زوجة الفراسة والحياء

 

( زوجة موسى )

 

يقول ابن مسعود: أفرس الناس ثلاثة ؛ صاحب يوسف حين قال لامرأته:

 

(أَكْرِمِى مَثْوَاهُ) [يوسف:21]، وصاحبة موسى حين قالت: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ)

 

[القصص: 26]، وأبو بكر حين استخلف عمر بن الخطاب.

 

ولكن ما الذى أخرج موسى من مصر إلى أرض مدين فى جنوب فلسطين؛

 

ليتزوج من ابنة الرجل الصالح، ويرعى له الغنم عشر سنين ؟!

 

كان موسى يعيش فى مصر، وبينما هو يسير فى طريقه رأى رجلين يقتتلان؛

 

أحدهما من قومه "بنى إسرائيل"، والآخر من آل فرعون. وكان المصرى يريد

 

أن يسخِّر الإسرائيلى فى أداء بعض الأعمال، واستغاث الإسرائيلى بموسى،

 

فما كان منه إلا أن دفع المصرى بيده فمات على الفور، قال تعالي:

 

(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا

 

مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِى مِنْ عَدُوِّهِ

 

فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِين)[القصص: 15].

 

وفى اليوم التالى تشاجر اليهودى مع رجل آخر فاستغاث بموسى -عليه السلام-

 

مرة ثانية فقال له موسى: إنك لَغَوِى مُبين؛ فخاف الرجل وباح بالسِّرِّ عندما قال:

 

أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسًا بالأمس، فعلم فرعون وجنوده بخبر قتل موسى

 

للرجل، فجاء رجل من أقصى المدينة يحذر موسى، فأسرع بالخروج من مصر،

 

وهو يستغفر ربه قائلاً: (رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)

 

[القصص :16].

 

وخرج موسى من مصر، وظل ينتقل حتى وصل إلى أرض مَدْين فى جنوب فلسطين،

 

وجلس موسى -عليه السلام- بالقرب من بئر، ولكنه رأى منظرًا لم يعجبه؛

 

حيث وجد الرعاة يسقون ماشيتهم من تلك البئر، وعلى مقربة منهم تقف

 

امرأتان تمنعان غنمهما عن ورود الماء؛ استحياءً من مزاحمة الرجال،

 

فأثر هذا المنظر فى نفس موسى؛ إذ كان الأولى أن تسقى المرأتان أغنامهما

 

أولاً، وأن يفسح لهما الرجال ويعينوهما، فذهب موسى إليهما وسألهما عن

 

أمرهما، فأخبرتاه بأنهما لا تستطيعان السقى إلا بعد أن ينتهى الرجال من سقى

 

ماشيتهم، وأبوهما شيخ كبير لا يستطيع القيام بهذا الأمر، فتقدم ليسقى لهما

 

كما ينبغى أن يفعل الرجال ذوو الشهامة، فزاحم الرجال وسقى لهما،

 

ثم اتجه نحو شجرة فاستظل بظلها، وأخذ يناجى ربه:

 

(رب إنى لما أنزلت إلى من خير فقير) [القصص: 24].

 

وعادت الفتاتان إلى أبيهما، فتعجب من عودتهما سريعًا. وكان من عادتهما

 

أن تمكثا وقتًا طويلا حتى تسقيا الأغنام، فسألهما عن السبب فى ذلك، فأخبرتاه

 

بقصة الرجل القوى الذى سقى لهما، وأدى لهما معروفًا دون أن يعرفهما،

 

أو يطلب أجرًا مقابل خدمته، وإنما فعل ذلك مروءة منه وفضلا.

 

 

وهنا يطلب الأب من إحدى ابنتيه أن تذهب لتدعوه، فجاءت إليه إحدى الفتاتين

 

تمشى على استحياء، لتبلغه دعوة أبيها: (إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)

 

[القصص: 25]. واستجاب موسى للدعوة، فلما وصل إلى الشيخ وقصّ عليه قصته،

 

طمأنه الشيخ بقوله: (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[القصص: 25].

 

وعندئذ سارعت إحدى الفتاتين -بما لها من فراسة وفطرة سليمة، فأشارت

 

على أبيها بما تراه صالحًا لهم ولموسى -عليه السلام-:

 

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِين)[القصص: 26].

 

فهى وأختها تعانيان من رعى الغنم، وتريد أن تكون امرأة مستورة،

 

لا تحتكّ بالرجال الغرباء فى المرعى والمسقي، فالمرأة العفيفة الروح

 

لا تستريح لمزاحمة الرجال. وموسى فتى لديه من القوة والأمانة ما يؤهله

 

للقيام بهذه المهمة، والفتاة تعرض رأيها بكل وضوح، ولا تخشى شيئًا، فهى

 

بريئة النفس، لطيفة الحسّ.

 

ويقتنع الشيخ الكبير لما ساقته ابنته من مبررات بأن موسى جدير بالعمل

 

عنده ومصاهرته، فقال له: (إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَى هَاتَيْنِ عَلَى

 

أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِى حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ

 

عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ أَيَّمَا

 

الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَى وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)[القصص :27-28].

 

ولـمَّا وَفَّى موسى الأجل وعمل فى خدمة صِهْرِه عشر سنين، أراد أن يرحل

 

إلى مصر، فوافق الشيخ ودعا له بالخير، فخرج ومعه امرأته وما أعطاه

 

الشيخ من الأغنام، فسار موسى من مدين إلى مصر.

 

وهكذا كانت زوجة موسى - رضى اللَّه عنها - نموذجًا للمؤمنة، ذات الفراسة

 

والحياء، وكانت قدوة فى الاهتمام باختيار الزوج الأمين العفيف.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الملكة المؤمنة

 

( آسيا بنت مزاحم )

 

نشأتْ ملكة فى القصور، واعتادتْ حياة الملوك، ورأَتْ بطش القوة،

 

وجبروت السلطان، وطاعة الأتباع والرعية، غير أن الإيمان أضاء فؤادها،

 

ونوَّر بصيرتها، فسئمتْ حياة الضلال، واستظلتْ بظلال الإيمان، ودعتْ ربها

 

أن ينقذها من هذه الحياة، فاستجاب ربها دعاءها، وجعلها مثلا للذين آمنوا،

 

فقال : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِى عِندَكَ

 

بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِى مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[التحريم: 11].

 

 

وقال رسول اللَّه (: "أفضل نساء أهل الجنة :خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد،

 

ومريم، وآسية" [أحمد].

 

إنها آسية بنت مزاحم -امرأة فرعون- التى كانت نموذجًا خلّده القرآن للمؤمنة

 

الصادقة مع ربها، فهى عندما عرفت طريق الحق اتبعتْه دون خوف من الباطل،

 

وظلم أهله، فلقد آمنت باللَّه إيمانًا لا يتزعزع ولايلين، ولم تفلح تهديدات

 

فرعون ولا وعيده فى ثنيها عن إيمانها، أو إبعادها عن طريق الحق والهدي.

 

لقد تاجرتْ مع اللَّه، فربحَتْ تجارتها، باعتْ الجاه والقصور والخدم، بثمن غال،

 

ببيتٍ فى الجنة، وزواج الرسول ( فى الآخرة ونعم أجر المؤمنين.

 

 

وقد جاء ذكر السيدة آسية - رضى اللَّه عنها - فى قصة موسى - عليه السلام -

 

حينما أوحى اللَّه إلى أُمِّه أن تُلْقيه فى صندوق، ثم تلقى بهذا الصندوق فى البحر،

 

وفيه موسى، ويلْقِى به الموج نحو الشاطئ الذى يطلّ عليه قصر فرعون ؛

 

فأخذته الجواري، ودخلن به القصر، فلما رأت امرأة فرعون ذلك الطفل فى الصندوق؛

 

ألقى الله فى قلبها حبه، فأحبته حبَّا شديدًا.

 

وجاء فرعون ليقتله - كما كان يفعل مع سائر الأطفال الذين كانوا يولدون من

 

بنى إسرائيل - فإذا بها تطلب منها أن يبقيه حيا؛ ليكون فيه العوض عن حرمانها

 

من الولد. وهكذا مكن اللَّه لموسى أن يعيش فى بيت فرعون، قال تعالي:

 

(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِى الْيَمِّ وَلَا تَخَافِ

 

ولا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ

 

لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ. وَقَالَتِ امْرَأَتُ

 

فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّى وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون)

 

[القصص 7-9] .

وكانت السيدة آسية ذات فطرة سليمة، وعقل واعٍ، وقلب رحيم، فاستنكرت

 

الجنون الذى يسيطر على عقل زوجها، ولم تصدق ما يدعيه من أنه إله وابن آلهة.

 

وحينما شَبَّ موسى وكبر، ورحل إلى "مدين"، فرارًا من بطش فرعون وجنوده ثم

 

عاد إلى مصر مرة أخرى - بعد أن أرسله اللَّه - كانت امرأة فرعون من أول

 

المؤمنين بدعوته . ولم يخْفَ على فرعون إيمان زوجته باللَّه، فجن جنونه،

 

فكيف تؤمن زوجته التى تشاركه حياته، وتكفر به، فقام بتعذيبها حيث عَزَّ عليه

 

أن تخرج زوجته على عقيدته، وتتبع عدوه، فأمر بإنزال أشد أنواع العذاب عليها؛

 

حتى تعود إلى ما كانت عليه، لكنها بقيت مؤمنة بالله، واستعذبت الآلام فى سبيل اللَّه .

 

وقد أمر فرعون جنوده أن يطرحوها على الأرض، ويربطوها بين أربعة أوتاد،

 

وأخذت السياط تنهال على جسدها، وهى صابرة محتسبة على ما تجد من أليم

 

العذاب، ثم أمر بوضع رحًى على صدرها، وأن تُلقى عليها صخرة عظيمة،

 

لكنها دعتْ ربها أن ينجيها من فرعون وعمله .

 

فاستجاب اللَّه دعاءها، وارتفعت روحها إلى بارئها، تظلِّلُها الملائكة بأجنحتها؛

 

لتسكن فى الجنة، فقد آمنت بربها، وتحملت من أجل إيمانها كل أنواع العذاب،

 

فاستحقت أن تكون من نساء الجنة الخالدات.

 

وصدق رسول اللَّه ( حين قال: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء

 

إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء

 

كفضل الثريد على سائر الطعام" [البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الماشطة

 

لما أُسرى بالنبى ( شمَّ ريحًا طيبة، فقال: "يا جبريل ما هذه الريح الطيبة؟" قال:

 

"هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها"[ابن ماجة].

 

انتشر أمر موسى- عليه السلام - وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرًا

 

مستمرّا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون فى قصره فى حالة غليان مستمر

 

يمشى ذهابًا وإيابًا، يفكر فى أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وشأن أتباعه،

 

فأرسل فى طلب رئيس وزرائه هامان ؛ ليبحثا معًا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض

 

على كل من يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون

 

جنوده فى البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء

 

من المؤمنين باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع

 

من شدة الألم، ووطأة التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.

 

وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب،

 

فزاد البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛

 

خوفًا من فرعون وجبروته واستعلائه فى الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار

 

بدينهم بعيدًا عن أعين فرعون .

 

وكان فى قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين آمنوا،

 

وكتموا الإيمان فى قلوبهم، وذات مرة كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها كل يوم

 

، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت:

 

بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت:لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه،

 

فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم تخف،

 

فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك فى القصر من يكْفُر به، فلما سمع فرعون ذلك؛

 

اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها :

 

أَوَ لكِ ربٌّ غيري؟! قالت: نعم، ربى وربك اللَّه . وهنا جُنَّ جنونه، فأمر بإحضار وعاء

 

ضخم من نحاس وإيقاد النار فيه، وإلقائها هى وأولادها فيه،

 

فما كان من المرأة إلاَّ أن قالت لفرعون : إن لى إليك حاجة، فقال لها:

 

وماحاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامى وعظام ولدى فى ثوب واحد وتدفننا،

 

فقال: ذلك علينا. ثم أمر بإلقاء أولادها واحدًا تِلْوَ الآخر، والأم ترى ما يحدث لفلذات

 

كبدها، وهى صابرة محتسبة، فالأولاد يصرخون أمامها، ثم يموتون حرقًا،

 

وهى لا تستطيع أن تفعل لهم شيئًا، وأوشك الوهن أن يدب فى قلبها لما تراه

 

وتسمعه، حتى أنطق اللَّه -عز وجل- آخر أولادها -وهو طفل رضيع- حيث

 

قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.

 

فاقتحمتْ المرأة مع أولادها النار، وهى تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها،

 

فضَربتْ بذلك مثالاً طيبًا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها،

 

وتصبر فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلاتخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين،

 

وماتت ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء فى سبيل الله،

 

بعدما ضربوا أروع مثال فى التضحية والصبر والفداء.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الزوجة الوفية

 

( زوجة أيوب )

 

زوجة صابرة أخلصت لزوجها، ووقفت إلى جواره فى محنته حين نزل به البلاء،

 

واشتد به المرض الذى طال سنين عديدة، ولم تُظْهِر تأفُّفًا أو ضجرًا، بل كانت متماسكة طائعة.

 

إنها زوجة نبى اللَّه أيوب - عليه السلام - الذى ضُرب به المثل فى الصبر الجميل،

 

وقُوَّة الإرادة، واللجوء إلى اللَّه، والارتكان إلى جنابه.

 

 

وكان أيوب - عليه السلام - مؤمنًا قانتًا ساجدًا عابدًا لله، بسط اللَّه له فى رزقه،

 

ومدّ له فى ماله، فكانت له ألوف من الغنم والإبل، ومئات من البقر والحمير،

 

وعدد كبير من الثيران، وأرض عريضة، وحقول خصيبة ،وكان له عدد كبير

 

من العبيد يقومون على خدمته، ورعاية أملاكه، ولم يبخل أيوب -عليه السلام-

 

بماله، بل كان ينفقه، ويجود به على الفقراء والمساكين .

 

 

وأراد اللَّه أن يختبر أيوب فى إيمانه، فأنزل به البلاء، فكان أول مانزل عليه ضياع

 

ماله وجفاف أرضه ؛ حيث احترق الزرع وماتت الأنعام، ولم يبق لأيوب شيء

 

يلوذ به ويحتمى فيه غير إعانة الله له، فصبر واحتسب، ولسان حاله يقول فى

 

إيمان ويقين : عارية اللَّه قد استردها، ووديعة كانت عندنا فأخذها، نَعِمْنَا بها دهرًا،

 

فالحمد لله على ما أنعم، وَسَلَبنا إياها اليوم، فله الحمد معطيا وسالبًا، راضيا وساخطًا،

 

نافعًا وضارا، هو مالك الملك يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز

 

من يشاء ويذل من يشاء . ثم يخرُّ أيوب ساجدًا لله رب العالمين .

 

ونزل الابتلاء الثاني، فمات أولاده، فحمد اللَّه -أيضًا- وخَرّ ساجدًا لله، ثم نزل الابتلاء

 

الثالث بأيوب -فاعتلت صحته، وذهبت عافيته، وأنهكه المرض، لكنه على الرغم من

 

ذلك ما ازداد إلا إيمانًا، وكلما ازداد عليه المرض؛ ازداد شكره لله.

 

وتمر الأعوام على أيوب - عليه السلام - وهو لا يزال مريضًا، فقد هزل جسمه،

 

ووهن عظمه، وأصبح ضامر الجسم، شاحب اللون، لا يقِرُّ على فراشه من الألم.

 

وازداد ألمه حينما بَعُدَ عنه الصديق، وفَرَّ منه الحبيب، ولم يقف بجواره إلا زوجته

 

العطوف تلك المرأة الرحيمة الصالحة التى لم تفارق زوجها، أو تطلب طلاقها،

 

بل كانت نعم الزوجة الصابرة المعينة لزوجها، فأظهرت له من الحنان ما وسع قلبها،

 

واعتنت به ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. لم تشتكِ من هموم آلامه، ولا من مخاوف

 

فراقه وموته. وظلت راضية حامدة صابرةً مؤمنة،ً تعمل بعزم وقوة؛ لتطعمه وتقوم

 

على أمره، وقاست من إيذاء الناس ما قاست .

 

ومع أن الشيطان كان يوسوس لها دائمًا بقوله :

 

لماذا يفعل اللَّه هذا بأيوب، ولم يرتكب ذنبًا أو خطيئة؟

 

فكانت تدفع عنها وساوس الشيطان وتطلب من الله أن يعينها، وظلت فى خدمة زوجها

 

 

أيام المرض سبع سنين، حتى طلبت منه أن يدعو اللَّه بالشفاء،

 

فقال لها: كم مكثت فى الرخاء؟ فقالت: ثمانين . فسألها: كم لبثتُ فى البلاء؟

 

فأجابت: سبع سنين .

 

قال: أستحى أن أطلب من اللَّه رفع بلائي، وما قضيتُ منِه مدة رخائي. ثم أقسم أيوب

 

- حينما شعر بوسوسة الشيطان لها - أن يضربها مائة سوط، إذا شفاه اللَّه،

 

ثم دعا أيوب ربه أن يكفيه بأس الشيطان، ويرفع ما فيه من نصب وعذاب، قال تعالي:

 

(وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص : 41].

 

 

فلما رأى اللَّه صبره البالغ، رد عليه عافيته ؛حيث أمره أن يضرب برجله،

 

فتفجر له نبع ماء، فشرب منه واغتسل، فصح جسمه وصلح بدنه، وذهب عنه المرض،

 

قال تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ

 

ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ. وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً

 

مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِى الأَلْبَاب)[ص:41-43] .

 

ومن رحمة اللَّه بهذه الزوجة الصابرة الرحيمة أَن أَمَرَ اللَّهُ أيوبَ أن يأخذ

 

حزمة بها مائة عود من القش، ويضربها بها ضربةً خفيفةً رقيقةً مرة واحدة ؛

 

ليبرّ قسمه، جزاء له ولزوجه على صبرهما على ابتلاء اللَّه

 

(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص: 44] .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الملكة

 

( بلقيس )

 

استيقظتْ من نومها والظلام يحيط بكل شيء؛ لتستعدَّ للذهاب مع حاشيتها إلى

 

معبد الشمس الكبير بأرض مأرب على بُعْدِ ثلاثة أميال من صنعاء؛ حيث يستقبل

 

شعب سبأ يومًا من الأيام المقدسة التى تشهد نشاطًا كبيرًًا فيقدمون قرابينهم للشمس

 

التى يعبدونها من دون اللَّه . وما إن أشرقت الشمس حتى اخترق نداء الكاهن آذان

 

أهل سبأ يأمرهم بالسجود لها 000 وفى الوقت الذى كان يسجد فيه أهل سبأ للشمس،

 

كان نبى اللَّه سليمان - عليه السلام - وجنوده يسجدون للَّه رب العالمين؛

 

اعترافًا بحقه -عز وجل- . وقد وهب اللَّه لسليمان ملكًا عظيمًا، وكوَّن سليمان

 

جيشًا عظيمًا، من الإنس والجن والطير، وجعل لكل واحد فى الجيش مكانًا

 

ومهمةً عليه أن ينفذها.

 

واعتاد "سليمان" - عليه السلام - أن يتفقد جنوده حينًا بعد آخر، وذات مرة لم يجد الهدهد،

 

فقال: (مَا لِى لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ)[النمل:20-21].

 

فجاء الهدهد بعد أن مكث فترة من الزمن، فقال لسليمان -عليه السلام- :

 

(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ

 

أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ. إِنِّى وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ

 

مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن

 

 

دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)

 

[النمل: 22-24]. ثم أخذ الهدهد يصف ما رأى وما سمع وكيف يعبدون الشمس

 

من دون اللَّه . ففكر نبى اللَّه ثم قال: (سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين) [النمل: 27].

 

عرف الهدهد بفطرته السليمة أن السجود لا يكون إلا للَّه سبحانه وتعالي،

 

كما عرف أهمية الدعوة إلى اللَّه تعالي، وكيف يتحرك لها حتى وإن لم يكلفه

 

أحد بهذا العمل، وهكذا يكون الداعية دائمًا فى كل مكان وزمان .

 

وبعد ذلك كتب نبى اللَّه عليه السلام رسالة، وأمر الهدهد بالذهاب إلى ملكة سبأ

 

وأن يعطيها الرسالة، فقال له:

 

(اذْهَب بِّكِتَابِى هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُون) [النمل:28]

 

 

وبينما كانت بلقيس تستريح من عناء يوم طويل فى فراشها، دخل عليها الهدهد

 

من النافذة، وألقى عليها الكتاب، فقرأته وعلمت مافيه، وأنه من نبى اللَّه سليمان

 

- عليه الصلاة والسلام -، فجمعت وزراءها وأعيان قومها وقرأت عليهم خطاب سليمان،

 

وقالت قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّى أُلْقِى إِلَى كِتَابٌ كَرِيمٌ.

 

إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

 

أَلَّا تَعْلُوا عَلَى وَأْتُونِى مُسْلِمِينَ [النمل: 29- 31]، ثم طلبت منهم الرأى والمشورة

 

(قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِى فِى أَمْرِى مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ) [النمل: 32].

 

 

وهى فى ذلك تعطى صورة طيبة للشورى عند الحاكم . فأجابها القوم

 

(قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِى مَاذَا تَأْمُرِينَ)[النمل:33]

 

لكن بلقيس كانت تعلم قوة سليمان، فأرادت أن تصرف قومها عن الحرب،

 

وأن تردهم إلى الرشاد،

 

(قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل: 34].

 

كان يدور فى ذهن بلقيس أمر سليمان، ولم تكن تعلم أن الله سخَّر له الريح تجرى

 

بأمره، فقالت بحكمة بالغة وحسن تدبير:

 

(وَإِنِّى مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ )[النمل:35]

 

وأخبرتهم أنه إن كان ملكًا قبل الهدية وانصرف، وإن كان نبيا فلن يقبل الهدية،

 

ولن يرضى منا إلا أن نتبعه على دينه . ووافق القوم على ذلك، وانصرفوا .

 

فلما جاءت رُسل بلقيس بالهدية إلى سليمان،

 

قال لهم : ( أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِى اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُون)

 

[النمل: 36] وكيف يقبل الهدية وقد أكرمه الله بالنبوة والحكمة، وأعطاه الله

 

ما لم يعط أحدً ا من العالمين؟!

 

فقال لرئيس الوفد:

 

(ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُون) [النمل: 37]

 

وأدرك سليمان بحكمته أن إنذاره هذا سينهى الأمر، وستُقبل عليه الملكة

 

مستسلمة طائعة؛ لأنه ظهر من تصرفاتها أنها لا تريد الحرب، وعندما عادوا

 

إليها أخبروها بماحدث، فأرسلت إلى سليمان تخبره أنها سوف تأتى إليه ومعها

 

كبار قومها، وأمرت بلقيس جنودها بحراسة عرشها والحفاظ عليه وإغلاق الأبواب دونه،

 

وخرجت من مُلْكها متجهة ناحية الشمال، وقبيل حضورها، أراد سليمان

 

أن يبين لها قدرة اللَّه وعظمته،

 

وكيف أعطاه مالم يعط أحدًا من العالمين فأقبل على جنوده قائلا قَالَ

 

 

يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ.

 

قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّى عَلَيْهِ لَقَوِى أَمِينٌ )

 

[النمل: 38-39] لكن سليمان استبطأه، فقام رجل مؤمن من بنى إسرائيل،

 

وكان صدِّيقًا يعلم اسم الله الأعظم، فقال لسليمان أَنَا آتِيكَ

 

بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)[النمل: 40] وبالفعل كان عرش بلقيس أمام نبى اللَّه

 

سليمان فخر ساجدًا لعظمة اللَّه، واعترافًا بنعمته، وقال(هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى

 

أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِى كَرِيمٌ)[النمل: 40].

 

ورأت بلقيس مُلكَ سليمان، وبينما قومها يتهامسون فيما بينهم على ما يروَنه،

 

رأت عرشها بعد أن أمر سليمان جنوده أن يغيروا معالمه، وأن يبدلوا أوضاعه

 

بحيث تختلف فيه الرؤية؛ ليعرف مدى ذكائها(قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِى

 

أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا

 

الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ )[النمل: 41-42].

 

فلما دخلت بلقيس الصرح الذى أمر نبى اللَّه سليمان جنوده ببنائه من الزجاج

 

بحيث يجرى من تحته جدول صغير من الماء حسبته لجة (أى ماء) فكشفت

 

عن ساقيها بحركة لاشعورية منها:

 

( قِيلَ لَهَا ادْخُلِى الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِير)

 

[النمل:44].

 

فلما رأت بلقيس ما وهبه اللَّه لنبيه سليمان قالت:

 

( قَالَتْ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين) [النمل: 44].

 

وهكذا كانت بلقيس ملكة سبأ امرأة ذات فراسة وحكمة وذكاء ؛ فلم تستبد برأيها فى

 

الأمور العظيمة والخطوب الجليلة، بل استشارت قومها، وهذا يدل على فطنتها

 

فلما عرفت الحق آمنت به وأسلمت للَّه طوعًا مع سليمان عليه السلام.

 

تلك هى بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان، ملكة سبأ، تمكنت من الملك

 

بعد مقتل عمرو ذى الأذعار، فبايعها قومها وولوها الحكم، فأدارت شئون البلاد

 

بشجاعة وحكمة، ورممت سد مأرب الشهير، وشيدت قصرها فى مدينة مأرب،

 

وازدهرت على يديها التجارة والزراعة، وزادت ثروات البلاد واستقرت أحوال الناس.

 

كانت تعبد الشمس هى وقومها، ثم أكرمها الله تعالى بالإيمان، فآمن قومها برسالة

 

نبى الله سليمان - عليه السلام- فتزوجها سليمان - عليه السلام- وأنجبتْ له ولدًا،

 

إلا أنه توفى شابَّا، وتوفيت بعده بلقيس فى أنطاكية -رضى الله عنها-.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزاكي الله خير حبيبتي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الأم العـــــــــــــــــذراء

 

( مـــــــــــــريم )

 

 

 

 

أنزل الله ملائكة يقولون لها: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42].

ويقول عنها رسول الله (:"خير نساء العالمين: مريم، وآسية، وخديجة، وفاطمة" [ابن حبان].

 

 

 

فى جو ساد فيه الظلم والاضطراب، كانت الحياة التى يعيشها بنو إسرائيل بائسة، فقد أفسدوا دينهم وحرّفوا عقيدتهم، وأضحى الواحد منهم لا يأمن على نفسه غدر الآخر، وفى خضم هذا الفساد كان يعيش عمران بن ماتان وزوجته حَنّة بنت فاقوذ، يعبدان الله وحده ولا يشركان به شيئًا، وكان الزمان يمر بهما دون ولد يؤنسهما. وفى يوم من الأيام جلست حنة بين ظلال الأشجار، فرأت عصفورة تطعم صغيرها، فتحركت بداخلها غريزة الأمومة، فدعت اللّه أن يرزقها ولدًا حتى تنذره لخدمة بيت المقدس إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّى نَذَرْتُ لَكَ مَا فِى بَطْنِى مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّى إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [آل عمران: 35] .

 

 

 

 

 

وتقبل الله منها دعاءها، ولكن حكمته اقتضت أن يكون الجنين أنثي، فكانت السيدة مريم(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ

وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّى سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّى أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)[آل عمران: 36].

يقول (فى ذلك أنه : "كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أمه إلا مريم وابنها" [مسلم].

 

 

 

 

لكن القدر كان يخفى لمريم اليتم، فقد توفى أبوها وهى طفلة صغيرة، وأخذتها أمها إلى الهيكل؛ استجابة لنذرها، ودعت الله أن يتقبلها(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ

حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا) [آل عمران: 37].

 

 

 

 

 

 

ولما رآها الأحبار قذف الله فى قلوبهم حبها، فتنازعوا على من يكفلها. قال نبى الله زكريا -عليه السلام- وكان أكبرهم سنا: أنا آخذها، وأنا أحق بها؛ لأن خالتها زوجتى - يقصد زوجة أم يحيي، لكن الأحبار أَبَوْا ذلك، فقال لهم زكريا: نقترع عليها، بأن نلقى أقلامنا التى نكتب بها التوراة فى نهر الأردن، ومن يستقر قلمه؛ يكفلها، ففعلوا، فأخذ النهر أقلامهم، وظهر قلم زكريا فكفلها. قال تعالي: وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُون [آل عمران: 44]. (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا) [آل عمران: 37]. وكان عُمْرُ مريم حينئذ لا يتجاوز عامًا، فجعل لها زكريا خادمة فى محرابها ظلت معها حتى كبرت، وكان لا يدخل عليها حتى يستأذنها ويسلم عليها، وكان يأتى إليها بالطعام والشراب.

 

غير أنه كلما دخل عليها قدمت له طبقًا ممتلئًا بالفاكهة، فيتعجب زكريا من الفاكهة التى يراها، حيث يرى فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيقول لها فى دهشة: يا مريم من أين يأتى لك هذا؟ فتقول: رزقنى به اللّه. قال تعالي: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)[آل عمران: 37]

 

 

 

فلما رأى زكريا مارأى من قدرة ربه وعظمته، دعا اللّه أن يعطيه ولدًا يساعده ويكفيه مؤنة الحياة (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء.فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّى فِى الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) [آل عمران: 38 -39].

 

 

 

مرت السنون وأصبح زكريا شيخًا كبيرًا، ولم يعد قادرًا على خدمة مريم كما كان يخدمها، فخرج على بنى إسرائيل، يطلب منهم كفالة مريم، فتقارعوا بينهم حتى كانت مريم من نصيب ابن خالها يوسف النجار، وكان رجلاً تقيا شريفًا خاشعًا للّه. وظل يوسف يخدمها حتى بلغت سن الشباب، فضربت مريم عندئذ على نفسها الحجاب، فكان يأتيها بحاجتها من الطعام والماء من خلف الستار . وبعد ذلك ابتعدت مريم عن الناس، وأصبح لا يراها أحد ولا ترى أحدًا (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا) [مريم : 16-17].

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تكملة الام العذراء

 

 

 

وبينما مريم منشغلة فى أمر صلاتها وعبادتها، جاءها جبريل بإذن ربها على

 

هيئة رجل ليبشرها بالمسيح ولدًا لها (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا)

 

[مريم: 17]، ففزعت منه، وقالت: قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا.

 

قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا. قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ

 

يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا.

 

قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا)

 

[مريم:18-21]. يقول المفسرون: إنها خرجت وعليها جلبابها، فأخذ جبريل بكمها،

 

ونفخ فى جيب درعها، فحملت حتى إذا ظهر حملها، استحيت، وهربت حياءً من

 

قومها نحو المشرق عند وادٍ هجره الرعاة. فخرج قومها وراءها يبحثون عنها،

 

ولا يخبرهم عنها أحد.

 

 

 

 

فلما أتاها المخاض تساندت إلى جذع نخلة تبكى وتقول:

 

(قَالَتْ يَا لَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) [مريم :23].

 

حينئذ أراد الله أن يسكّن خوفها فبعث إليها جبريل

 

(فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّاوَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ

 

تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا

 

فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا) [مريم: 24 - 26].

 

 

 

 

فاطمأنت نفس مريم إلى كلام الله لها على لسان جبريل، وانطلقت إلى قومها.

 

(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ) [مريم: 27]،

 

أى جئت بشيء منكرٍ وأمرٍ عظيم(يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا.

 

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا)[مريم: 28- 29]،

 

 

 

لكن الله لا ينسى عباده المخلصين، فأنطق بقدرته المسيح وهو وليد لم يتعدّ عمره

 

أيامًا معدودة(قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا. وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ

 

وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا. وَالسَّلَامُ

 

عَلَى يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم:30-33].

 

فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت علامات براءة مريم،

 

فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.

 

 

 

لكن أعداء الله - اليهود - خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا

 

هذا الوليد المبارك، فهاجرت به مريم، ومعها يوسف النجار إلى مصر، حيث

 

مكثوا بها اثنتى عشرة سنة، تَرَّبى فيها المسيح، ثم عادت إلى فلسطين بعد موت

 

هذا الملك الطاغية، واستقرت ببلدة الناصرة، وظلت فيها حتى بلغ المسيح ثلاثين

 

عامًا فبعثه اللّه برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد اليهود له

 

وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على

 

أحد تلاميذه الخائنين وهو يهوذا، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع اللَّه

 

عيسى إليه مصداقًا لقوله تعالي وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُم)[النساء: 157]،

 

وقوله تعالي: (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)[ النساء: 158] .

 

 

 

 

وتوفيت مريم بعد رفع عيسى -عليه السلام- بخمس سنوات، وكان عمرها

 

حينئذ ثلاثًا وخمسين سنة، ويقال: إن قبرها فى أرض دمشق .

 

هذه هى قصة السيدة المؤمنة مريم كما حكاها لنا القرآن الكريم، وهو كلام الله تعالى

 

الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ... وقد بين لنا القرآن الكريم كفرَ

 

اليهود وإلحادهم وإشراك النصارى وادّعاءاتهم. حيث يقول الله تعالي:

 

(وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا) [النساء: 65_] .

 

 

 

 

وقولهم: المسيح هو ابن الله، وعبادتهم له ولأمه مريم ولروح القدس (جبريل)

 

إنما هو قول باطل، يخرج صاحبه من نور التوحيد إلى ظلام الكفر والشرك.

 

 

ولقد نعى الله عليهم ما هم فيه من الشرك والضلال والكفر، وأوْضَحَ لهم فساد عقيدتهم؛

 

حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، عسى أن يتوبوا إليه؛ فقال تعالي:

 

( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى

 

ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ

 

وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ

 

مَا فِى السَّمَاوَات وَمَا فِى الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً) [النساء:117].

 

 

 

ويوضح الله كُفر مَنْ يزعم أن المسيح ابن الله؛ فالمسيح -عليه السلام-

 

لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرّا. يقول تعالي:

 

(لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا

 

إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِى الأَرْضِ جَمِيعًا) [المائدة: 17].

 

 

 

ويقول تعالي مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ

 

كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المائدة: 75].

 

 

 

ويبين الله -تعالي- براءة المسيح مما ادعوه عليه من الألوهية والعبادة.

 

يقول سبحانه(وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّى إِلَهَيْنِ

 

مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ

 

عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ.

 

اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ

 

عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المائدة : 116-117].

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سيدة نساء قريش

 

( خديجة بنت خويلد )

 

 

كان رسول اللَّه ( لا يخرج من البيت حتى يذكرها فيحسن الثناء عليها.

 

هى أم المؤمنين، وخير نساء العالمين، السيدة خديجة بنت خويلد

 

-رضى اللَّه عنها- كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لطهارة سريرتها

 

وسيرتها، وكان أهل مكة يصفونها بسيدة نساء قريش، وكانت ذات شرف

 

ومال وحزم وعقل، وكان لها تجارة، فاختارت النبي

 

( ليقوم بها، وبرَّرت ذلك الاختيار بقولها له: إنه مما دعانى إليك دون أهل مكة

 

ما بلغنى من صدق حديثك، وعظيم أمانتك، وكرم أخلاقك. وقد سمعت من غلامها

 

ميسرة -الذى رافق النبي ( في رحلته إلى الشام -ما أكد لها صدق حدسها ونظرتها

 

في أمانته وصدقه وحسن سيرته في الناس، فقد روى لها ما رآه في طريق

 

الذهاب والعودة عن الغمامة التي كانت تظلل النبي

 

( حين يشتد الحر، وعن خُلق النبي ( وسلوكياته في التجارة، وأخبرها بأنه كان لا

 

يعرض شيئًا عُنْوة على أحد، وأنه كان أمينًا في معاملاته، فأحبه تجَّار الشام وفضَّلوه

 

على غيره. كل هذه الأخبار عن النبي ( جعلت السيدة خديجة - رضى اللَّه عنها -

 

ترغب في الزواج من النبي(، فعرضت نفسها عليه، وبعثت إليه من يخبره برغبتها

 

في الزواج منه، لما رأت فيه من جميل الخصال وسديد الأفعال

 

 

 

 

وفكر رسول اللَّه ( في الأمر، فوجد التي تدعوه إلى الزواج امرأة ذات شرف وكفاءة،

 

من أوسط قريش نسبًا، وأطهرهم قلبًا ويدًا، فلم يتردد.

 

 

وتزوج محمد الأمين ( (وعمره خمسة وعشرون عامًا) خديجة الطاهرة

 

(وعمرها أربعون عامًا)، فولدت له أولاده كلهم - عدا إبراهيم - وهم:

 

زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة الزهراء، والقاسم، وعبد الله.

 

وكانت -رضى الله عنها- مثالا للوفاء والطاعة، تسعى إلى مرضاة زوجها،

 

ولما رأت حبه ( لخادمها زيد بن حارثة وهبته له.

 

وعندما نزل الوحى على رسول اللَّه ( كانت أول من آمن به. فقد جاءها الرسول

 

( يرتجف، ويقص عليها ما رأى في غار حراء، ويقول: "زمِّلونى زمِّلوني"

 

أى غطُّوني. فغطته حتى ذهب عنه ما به من الخوف والفزع، ثم أخبرها -

 

رضى اللَّه عنها - بما رأى في الغار وبما سمع، حتى قال: "لقد خشيتُ على نفسي".

 

 

 

فأجابته بلا تردد وطمأنته في حكمة بكلماتها التي نزلت عليه بردًا وسلامًا فأذابت ما به

 

من خوف وهلع، قائلة: "كلا واللَّه، ما يخزيك اللَّه أبدًا؛ إنك لتصل الرحم،

 

وتحمل الكلّ، وتُكْسِبُ المعدوم، وتَقْرِى الضَّيف، وتُعين على نوائب الحق" [البخاري].

 

ثم سارعت إلى التصديق برسالته والدخول معه في الدين الجديد.. فكان قولها

 

الحكيم تثبيتًا لفؤاد النبي ( وتسرية عنه.

 

 

إنها لحكيمة لبيبة عاقلة، علمت بشفافيتها ونور بصيرتها حقيقة الأمر،

 

وأن اللَّه لا يجزى عن الخير إلا الخير، ولا يجزى عن الإحسان إلا الإحسان،

 

وأنه يزيد المهتدين هدي، ويزيد الصادقين صدقًا على صدقهم، فقالت:

 

أبشر يابن عم واثبت، فوالذى نفسى بيده، إنى لأرجو أن تكون نبى هذه الأمة

 

 

 

ثم أرادت أن تؤكد لنفسها ولزوجها صِدْقَ ما ذَهَبَا إليه، فتوجهت إلى ابن عمها

 

ورقة بن نوفل الذي كان يقرأ في التوراة والإنجيل وعنده علم بالكتاب -فقد تنصر

 

في الجاهلية وترك عبادة الأصنام- فقصت عليه الخبر، فقال ورقة: قدوس قدُّوس،

 

والذى نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقْتينى يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر

 

الذي كان يأتى موسى، وإنه لنبى هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.

 

 

فلما سمعت خديجة -رضى اللَّه عنها- ذلك، أسرعت بالرجوع إلى زوجها وقرة

 

عينها رسول اللَّه (، وأخبرته بالنبوة والبشرى فهدَّأت من رَوْعِه.

 

وكانت -رضى الله عنها- تهيئ للنبى ( الزاد والشراب ليقضى شهر رمضان

 

في غار حراء، وكانت تصحبه أو تزوره أحيانًا، وقد تمكث معه أيامًا تؤنس وحشته وترعاه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تتمة لقصة السيدة خديجة

ولما دخل النبي ( والمسلمون شِعْبِ أبى طالب، وحاصرهم كفار قريش دخلت

 

معهم السيدة خديجة -رضى الله عنها-، وذاقت مرارة الجوع والحرمان،

 

وهى صاحبة الثراء والنعيم.

 

فرضى اللَّه عن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، كانت نعم العون لرسول اللَّه

 

( منذ أول يوم في رحلة الدعوة الشاقة، آمنت به وصدقته، فكان إيمانها أول

 

البشرى بصدق الدعوة وانتصار الدين. وثبتت إلى جواره وواسته بمالها،

 

وحبها، وحكمتها، وكانت حصنًا له ولدعوته ولأصحابه الأولين، بإيمانها العميق،

 

وعقلها الراجح، وحبها الفياض، وجاهها العريض، فوقفت بجانبه حتى اشتد

 

ساعده، وازداد المسلمون، وانطلقت الدعوة إلى ما قدر اللَّه لها من نصر

 

وظهور، وما هيأ لها من ذيوع وانتشار.. فلا عجب إذن إذا ما نزل جبريل

 

على رسول اللَّه ( يقول: يا رسول اللَّه! هذه خديجة قد أتتك ومعها إناء فيه

 

إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنى

 

وبشرها ببيت في الجنة من قصب (من لؤلؤ مجوَّف) لا صَخَب فيه ولانَصَب

 

(لا ضجيج فيه ولا تعب) [متفق عليه]. ولا عجب إذا ما تفانى رسول اللَّه

 

( في حبها، إلى درجة يقول معها: "إنى لأحب حبيبها" [الدولابي].

 

 

 

 

وكان رسول الله ( ربما ذبح الشاة، ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صواحب خديجة"

 

[الدولابى - عنه ابن حجر في الإصابة].

 

لقد كانت مثاًلا للزوجة الصالحة، وللأم الحانية، وللمسلمة الصادقة،

 

وصدق رسول الله ( إذ يقول: "كُمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا

 

مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد" [متفق عليه].

 

وتُوفيت -رضى اللَّه عنها- في رمضان قبل الهجرة بأعوام ثلاثة، في نفس

 

العام الذي تُوفِّى فيه أبو طالب: عام الحزن كما سماه رسول اللَّه

 

(، حيث فقد فيه المعين والسند، إلا رب العالمين. ودفنت بالحجون، ونزل رسول اللَّه

 

( في حفرتها التي دفنت فيها، وكان موتها قبل أن تشرع صلاة الجنائز

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المهاجرة أرملة المهاجر

 

( سودة بنت زمعة )

 

 

لُقِّبت بالمهاجرة أرملة المهاجر، لأنها أسلمت وهاجرت بدينها إلى الحبشة مع

 

زوجها السكران بن عمرو بن عبد شمس، وتحملت مشاق الهجرة ومتاعب الغربة،

 

وتوفى زوجها بعد أن عاد معها من الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة، وأمست سودة

 

وحيدة لا عائل لها ولامعين، فأبوها مازال على كفره وضلاله، ولم يزل أخوها

 

عبد اللَّه ابن زمعة على دين آبائه، فخشيت أن يفتناها في دينها.

 

 

 

 

فلما سمع الرسول ( ما أصاب السيدة سودة وصبرها والتجاءها إلى الله؛ خشى عليها

 

بطش أهلها، وهم أعداء الإسلام والمسلمين، فأراد

 

( أن يرحمها وينجدها من عذابها، ويعينها على حزنها، ويجزيها على إسلامها

 

وإيمانها خيرًا، فأرسل إليها خولة بنت حكيم -رضى اللَّه عنها- تخطبها له،

 

وكانت السيدة خديجة -رضى الله عنها- قد ماتت، وهو بغير زوجة، وكانت

 

سودة قد بلغت من العمر حينئذٍ الخامسة والخمسين، بينما كان رسول الله

 

( في الخمسين من عمره.

 

 

 

وحين دخلت خولة عليها قالت: ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت:

 

سودة: وماذاك؟ فقالت خولة: إن رسول الله ( أرسلنى إليك لأخطبك إليه. قالت: وددت ذلك.

 

فقالت خولة: دخلت على أبيها وكان شيخًا كبيرًا مازال على جاهليته وحيَّـيْـتُه بتحية

 

أهل الجاهلية، فقلت: أنعِم صباحًا. فقال: من أنت؟ قلت: خولة بنت حكيم. فرحَّب بي،

 

وقال ما شاء الله أن يقول.

 

فقلت: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يذكر سودة ابنة زمعة.

 

فقال: هو كفء كريم، فما تقول صاحبتك؟ قلت: تُحِبُّ ذلك.

 

قال: ادعوها إلي. ولما جاءت

 

قال: أى سودةُ، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب أرسل يخطبك

 

وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم. قال: فادعوه لي. فدعته خولة، فجاء فزوَّجه.

 

 

 

وفى رواية ابن سعد: أن النبي ( خطبها، فقالت: أمرى إليك، فقال لها مُرى رجلا من

 

قومك يزوجك. فأمرت حاطب بن عمرو (وهو ابن عمها وأول مهاجر إلى الحبشة) فزوجها.

 

ودخلت السيدة سودة بنت زمعة -رضى الله عنها- بيت النبوة، وأصبحت واحدة من

 

أمهات المؤمنين، وكانت الزوجة الثانية لرسول الله (، وكان ذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات.

 

 

 

وكانت السيدة سودة مثالا نادرًا في التفانى في خدمة النبي ( وابنته أم كلثوم وفاطمة،

 

فكانت تقوم على رعايتهما بكل إخلاص ووفاء، ثم هاجرت مع الرسول ( إلى المدينة.

 

وكانت السيدة سودة ذات فطرة طيبة ومرح، وكانت ممتلئة الجسم، فكان رسول اللَّه

 

( كلما رآها تمشى ضحك لمشيتها، فكانت تكثر المشى أمامه كى تضحكه، وتُدخل

 

السرور عليه، وكانت تنتقى من الكلمات ماتظن أنه يضحكه.

 

 

 

وكانت السيدة سودة -رضى اللَّه عنها- تحب رسول اللَّه ( حبَّا شديدًا، وكانت تسعى

 

إلى مرضاته دائمًا، فلما كبرت في السن، ولم تعد بها إلى الأزواج حاجَةً، وأحست

 

بعجزها عن الوفاء بحقوق النبي (، أرادت أن تصنع من أجله شيئًا يعجبه ويرضيه

 

ويرفع مكانتها عنده...

 

فاهتدت إلى أن تهب يومها لعائشة؛ لعلمها أنها حبيبة إلى قلب رسول الله

 

(، وحتى لا تشعر رسول الله ( بالحرج، وبررت له ما أقدمت عليه بقولها:

 

ما بى على الأزواج من حرص، ولكنى أحب أن يبعثنى الله يوم القيامة زوجًا لك.

 

وتفرغت للعبادة والصلاة.

 

 

 

 

قال لها رسول الله (:"يا بنت زمعة، لوتعلمين علم الموت، لعلمت أنه أشد مما تظنين

 

" [ابن المبارك].

 

وكانت السيدة عائشة - رضى اللَّه عنها - تغبطها على عبادتها وحسن سيرتها،

 

قالت: ما رأيت امرأة أحب إلى أن أكون في مِسْلاخها (هديها وصلاحها) من سودة .

 

ولما خرجت سودة -رضى الله عنها- مع رسول الله ( إلى حجة الوداع!

 

قال: "هذه الحجة، ثم ظهور الحُصْر" (أى الْـزَمْـنَ بيوتكنّ ولا تخرجْنَ منها).

 

فكانت - رضى الله عنها - تقول: حججت واعتمرت فأنا َأَقرُّ في بيتى كما أمرنى الله

 

عز وجل، ولا تحركنا دابة بعد رسول الله (. [ابن سعد].

 

 

 

وكانت السيدة سودة -رضى الله عنها- زاهدة في الدنيا مقبلة على الآخرة.

 

بعث إليها عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- في خلافته ببعض الدراهم،

 

فوزعتها على الفقراء والمساكين.

 

وظلت كذلك حتى توفيت في آخر خلافة عمر فحضر جنازتها، وصلى عليها،

 

ودفنت بالبقيع.

 

وكان للسيدة سودة نصيب من العلم والرواية، فقد روت -رضى الله عنها- أحاديثًا لرسول الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله

أم المؤمنين.. الحبيبة

 

( عائشة بنت أبى بكر )

 

لما سأل عمرو بن العاص رسول اللَّه ( عن أحب الناس إليه قال: "عائشة" [متفق عليه].

 

وعندما جاءت أم المؤمنين أم سلمة -رضى اللَّه عنها- إلى النبي

 

( لتشتكى من أمر يتعلق بعائشة، قال لها النبي (: "يا أم سلمة لا تؤذينى في عائشة؛

 

فإنه -واللَّه- ما نزل على الوحى وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها" [متفق عليه].

 

وُلدت السيدة عائشة أم المؤمنين - رضى اللَّه عنها - قبل الهجرة بحوالى ثمانى سنوات،

 

في بيت عامر بالإيمان، ممتلئ بنور القرآن، فأبوها الصديق أبو بكر صاحب رسول اللَّه

 

(، وثانى اثنين إذ هما في الغار، وأول من آمن من الرجال، وأول خليفة للمسلمين

 

بعد رسول اللَّه (، وأمها السيدة أم رومان بنت عامر، من أشرف بيوت قريش وأعرقها في المكانة

 

 

 

 

وقد شاركت السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- منذ صباها في نصرة الإسلام،

 

فكانت تساعد أختها الكبيرة أسماء في تجهيز الطعام للنبى ( وأبيها وهما في الغار عند الهجرة.

 

وبعد أن استقر مقام المسلمين في مدينة رسول اللَّه ( أرسل أبو بكر الصديق إلى ابنه

 

عبد اللَّه يطلب منه أن يهاجر بأهل بيته:

 

عائشة، وأسماء، وأم رومان، فاستجاب عبد اللَّه بن أبى بكر ومضى بهم مهاجرًا،

 

وفى الطريق هاج بعير عائشة فصاحت أم رومان:

 

وابنتاه وا عروساه. ولكن اللَّه لطف، وأسرع الجميع إلى البعير ليسكن،

 

وكان في ركب الهجرة السيدة فاطمة الزهراء والسيدة أم كلثوم بنتا رسول اللَّه

 

( وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، ونزلت السيدة عائشة مع أهلها في

 

دار بنى الحارث بن الخزرج، ونزل آل النبي ( في منزل حارثة بن النعمان.

 

 

 

 

وبدأتْ مرحلة جديدة في حياة أم المؤمنين عائشة - رضى اللَّه عنها - فقد تزوجها النبي

 

( وهى بنت ست سنين، وبنى بها وهى بنت تسع سنين. [البخاري].

 

وكان بيت النبي ( الذي دخلت فيه أم المؤمنين عائشة -رضى اللَّه عنها- حجرة واحدة

 

من الطوب اللَّبِن - النَّـيِّـئ - والطين ، ملحق بها حجرة من جريد مستورة بالطين،

 

وكان باب حجرة السيدة عائشة مواجهًا للشام، وكان بمصراع واحد من خشب،

 

سقفه منخفض وأثاثه بسيط: سرير من خشبات مشدودة بحبال من ليف عليه وسادة

 

من جلد حَشْوُها ليف، وقربة للماء، وآنية من فخارٍ للطعام والوضوء

 

 

 

وفى زواج النبي ( من السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها- تقول: قال رسول اللَّه

 

(: "أُرِيتُك في المنام مرتين: أرى أنك في سَرقة (قطعة) من حرير،

 

ويقول: هذه امرأتك. فأكشف فإذا هي أنتِ، فأقول: إن يك هذا من عند اللَّه يُمضِه"

 

[البخارى ومسلم وأحمد]. وانتظر رسول اللَّه ( فلم يخطب عائشة حتى جاءته خولة

 

زوج صاحبه عثمان بن مظعون ترشحها له.

 

أحبت السيدة عائشة النبي حبَّا كبيرًا، ومن فرط هذا الحب كانت فطرتها - مثل النساء - تغلبها فتغار

 

 

 

ومرت الأيام بالسيدة عائشة هادئة مستقرة حتى جاءت غزوة بنى المصطلق،

 

فأقرع النبي ( بين نسائه (أى أجرى القرعة بينهن لتخرج معه واحدة في السفر)

 

وكان من عادته ( أن يفعل ذلك مع أزواجه إذا خرج لأمر، فخرج سهمها فخرجت معه

 

(، حتى إذا فرغ النبي من غزوته، وعاد المسلمون منتصرين، استراح المسلمون

 

لبعض الوقت في الطريق، فغادرت السيدة عائشة هودجها، فانسلّ عِقدها من جيدها

 

(عنقها)، فأخذت تبحث عنه.. ولما عادت كانت القافلة قد رحلت دون أن يشعر

 

الرَّكْبُ بتخلفها عنه، وظلَّت السيدة عائشة وحيدة في ذلك الطريق المقفر الخالى حتى

 

وجدها أحد المسلمين - وهو الصحابى الجليل صفوان بن المعطل - رضى اللَّه عنه -

 

فركبت بعيره، وسار بها، واللَّه ما كلمها ولاكلمته، حتى ألحقها برسول اللَّه

 

(، إلا أن أعداء اللَّه تلقفوا الخبر ونسجوا حوله الخزعبلات التي تداعت إلى أُذن الرسول

 

(، وأثرت في نفسه، ونزلت كالصاعقة عليه وعلى أبيها"أبى بكر" وأمها "أم رومان"

 

وجميع المسلمين، لكن اللَّه أنزل براءتها من فوق سبع سماوات فنزل في أمرها

 

إحدى عشرة آية؛ لأنه يعلم براءتها وتقواها، فقال تعالي:

 

(إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ

 

امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور: 11].

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وتقول السيدة عائشة لما علمت بحديث الإفك:

 

وبكيت يومى لا يرقأ لى دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح عندى أبواى وقد بكيت ليلتى ويومًا،

 

حتى أظن أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندى وأنا أبكى استأذنتْ امرأة من

 

الأنصار، فأذنتُ لها، فجلست تبكى معي، فبينما نحن كذلك إذ دخل رسول اللَّه

 

(، فجلس - ولم يجلس عندى من يوم قيل في ما قيل قبلها- وقد مكث شهرًا لا يُوحى

 

إليه في شأنى شيء، فتشهَّد، ثم قال: "يا عائشة، فإنه بلغنى عنك كذا وكذا، فإن كنت

 

بريئة فسيبرئك اللَّه، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفرى اللَّه وتوبى إليه، فإن العبد إذا

 

اعترف بذنب ثم تاب، تاب اللَّه عليه". فلما قضى رسول الله

 

( مقالته، قَلَص دمعى حتى ما أُحِس منه قطرة، وقلتُ لأبي: أجب عنى رسول اللَّه

 

( فيما قال. قال: واللَّه لا أدرى ما أقول لرسول اللَّه

 

(. فقلت لأمي: أجيبى عنى رسول اللَّه ( فيما قال. قالت: ما أدرى ما أقول لرسول اللَّه

 

(، وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرًا من القرآن.

 

 

إنى واللَّه لقد علمت أنكم سمعتم ما يُحَدِّثُ به الناس، ووقر في أنفسكم وصدقتم به،

 

وإن قلتُ لكم إنى بريئة - واللَّه يعلم أنى بريئة - لا تصدقوننى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر

 

- واللَّه يعلم أنى بريئة - لتصدقني، واللَّه ما أجد لى ولكم مثلا إلا قول أبى يوسف:

 

فّصّبًرِ جّمٌيلِ $ّاللَّهٍ بًمٍسًتّعّانٍ عّلّي" مّا تّصٌفٍون [يوسف:18].

 

ثم تحولت على فراشى وأنا أرجو أن يبرئنى الله، ولكن واللَّه ما ظننتُ أن يُنزِل في

 

شأنى وحيًا، ولأنا أحقر في نفسى من أن يُتكلم بالقرآن في أمري، ولكنى كنت أرجو

 

أن يرى رسول اللَّه ( في النوم رؤيا تبرئني، فواللَّه ما رام مجلسه، ولا خرج أحد من

 

أهل البيت، حتى أُنزل عليه الوحى ... فلما سُرِّى عن رسول الله ( إذا هو يضحك

 

(أى انكشف عنه الوحى ثم ابتسم)، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال:

 

"يا عائشة، احمدى الله، فقد برأك اللَّه".

 

فقالت لى أمي: قومى إلى رسول الله

 

(، فقلت: لا واللَّه لا أقوم إليه ولا أحمد إلا اللَّه، فأنزل اللَّه تعالي: إن الذين جاءوا بالإفك. [البخاري

 

 

 

 

وأراد النبي ( أن يصالحها فقال لها ذات يوم :

 

"إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على غَضْـبَـي".

 

فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟

 

فقال : "أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد،

 

وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم".

 

فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إلا اسمك. [البخاري].

 

تلك هي المؤمنة ،لا يخرجها غضبها عن وقارها وأدبها، فلا تخرج منها كلمة نابية، أو لفظة سيئة

 

 

 

ولما اجتمعت نساء النبي( ومعهن السيدة عائشة لطلب الزيادة في النفقة منه

 

رغم علمهن بحاله، قاطعهن رسول اللَّه ( تسعة وعشرين يومًا حتى أنزل اللَّه تعالى

 

قوله الكريم: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ

 

أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا.وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ

 

أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 28-29]. فقام النبي

 

( بتخيير أزواجه فبدأ بعائشة فقال: "يا عائشة إنى ذاكر لك أمرًا فلا عليك

 

أن تستعجلى حتى تستأمرى أبويك".

 

قالت: وقد علم أن أبواى لم يكونا ليأمرانى بفراقه،

 

قالت: ثم قال: "إن اللَّه تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ

 

الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ)[الأحزاب: 82].

 

حتى بلغ: (لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 29].

 

فقلت: في هذا أستأمر أبوي؟ فإنى أُريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة. وكذا فعل أزواج النبي جميعًا.

 

 

 

وعاشت السيدة عائشة مع رسول اللَّه حياة إيمانية يملأ كيانها نور التوحيد

 

وسكينة الإيمان، وقد حازت -رضى اللَّه عنها- علمًا غزيرًا صافيًا من نبع النبوة

 

الذي لا ينضب، جعلها من كبار المحدثين والفقهاء، فرُوى عنها من صحيح الحديث

 

أكثر من ألفين ومائة حديث، فكانت بحرًا زاخرًا في الدين، وخزانة حكمة وتشريع،

 

وكانت مدرسة قائمة بذاتها، حيثما سارت يسير في ركابها العلم والفضل والتقي،

 

فقد ورد عن أبى موسى -رضى اللَّه عنه- قال: ما أُشْكِلَ علينا -أصحاب رسول اللَّه

 

(- حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا.

 

وكان للسيدة عائشة -رضى الله عنها- علم بالشعر والطب، بالإضافة إلى علمها بالفقه

 

وشرائع الدين.وكان عروة بن الزبير -رضى الله عنه- يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بفقه

 

ولا بطب ولا بشِعْر من عائشة -رضى الله عنها

 

 

 

ومن جميل ما أسدته السيدة عائشة للمسلمين أنها كانت سببًا في نزول آية التيمم،

 

يروى عنها أنها قالت: أقبلنا مع رسول اللَّه ( حتى إذا كان بِتُرْبان

 

(بلد يبعد عن المدينة عدة أميال وهو بلد لا ماء به) وذلك وقت السحر،

 

انسلت قلادة من عنقى فوقعت، فحبس على رسول اللَّه ( (أى أمر بالبقاء لالتماسها في الضوء)

 

حتى طلع الفجر، وليس مع القوم ماء، فلقيت من أبى ما اللَّه به عليم من التعنيف والتأفُّف،

 

وقال: في كل سفر للمسلمين يلقون منك عناء وبلاء، فأنزل اللَّه الرخصة في التيمم،

 

فتيمم القوم وصلوا،

 

قالت: يقول أبى حين جاء من اللَّه الرخصة للمسلمين: واللَّه ما علمت يا بنية

 

إنك لمباركة !! ما جعل اللَّه للمسلمين في حبسك إياهم من البركة واليسر!!

 

وفى رواية قال لها أُسيد بن حضير: جزاك اللَّه خيرًا، فواللَّه ما نزل بك أمر

 

تكرهينه قط إلا جعل اللَّه لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة

 

 

 

لم يتزوج رسول اللَّه ( بكرًا غيرها، فلقد تزوجها بعد أم المؤمنين خديجة وأم المؤمنين

 

سودة بنت زمعة رضى اللَّه عنهن جميعًا-؛ رغبة منه في زيادة أواصر المحبة

 

والصداقة بينه وبين الصدِّيق -رضى اللَّه عنه-. وكانت منزلتها عنده

 

( كبيرة، وفاضت روحه الكريمة في حجرها. وعاشت -رضى اللَّه عنها- حتى شهدت

 

الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان - رضى اللَّه عنه - وحضرت معركة الجمل،

 

وكانت قد خرجت للإصلاح.

 

واشتهرت - رضى اللَّه عنها - بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن

 

فيه رسول اللَّه ( وأبى - رضى اللَّه عنه - واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي،

 

فلما دُفِن عمر - رضى اللَّه عنه - (معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً

 

من عمر - رضى اللَّه عنه-.

 

 

 

 

وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج

 

النبي ( حل لهما.وكانت -رضى الله عنها- كريمة؛ فيُروى أن "أم درة" كانت تزورها،

 

فقالت: بُعث إلى السيدة عائشة بمال في وعاءين كبيرين من الخيش:

 

ثمانين أو مائة ألف، فَدَعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس،

 

فأمست وما عندها من ذلك المال درهم، فلما أمست قالت: يا جارية هلُمى إفطاري،

 

فجاءتها بخبز وزيت،

 

فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحمًا بدرهم فنفطر به.

 

فقالت: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتينى لفعلت.

 

 

 

ومن أقوالها :

 

* لا تطلبوا ما عند اللَّه من عند غير اللَّه بما يسخط اللَّه.

 

* كل شرف دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به.

 

* إن للَّه خلقًا قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ للجبناء، فأفٍّ للجبناء.

 

* أفضل النســـاء التي لا تعرف عـيب المقـــال، ولا تهتـدى لمكر الرجــــال، فارغـة القـلب

 

إلا من الـزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها.

 

* التمسوا الرزق في خبايا الأرض

 

 

 

رأت رجـًلا متمـاوتًا فقـالـت: ماهـذا؟ فقـيـل لهـا: زاهــد. قالت: كان عمــر بن الخطــــاب

 

زاهدًا ولكنه كان إذا قال أسمع،وإذا مشى أسرع،وإذا ضرب في ذات اللَّه أوجع.

 

* علِّموا أولادكم الشعر تعذُب ألسنتهم.

 

هذه هي السيدة عائشة بنت الصديق -رضى اللَّه عنها- حبيبة رسول اللَّه

 

(، والتى بلغت منزلتها عند رسول اللَّه ( مبلغًا عظيمًا، فقد رضى الله عنها لرضا رسوله

 

( عنها، فعن عائشة -رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله

 

( يومًا: "يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام". فقلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته"

 

[متفق عليه

 

 

 

 

وفى ليلة الثلاثاء 17 من رمضان في السنة 57 من الهجرة توفيت أم المؤمنين

 

السيدة عائشة وهى في سن السادسة والستين من عمرها، ودفنت في البقيع،

 

وسارت خلفها الجموع باكية عليها في ليلة مظلمة حزينة، فرضى اللَّه عنها وأرضاها.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

صاحبة سر رسول الله

 

( حفصة بنت عمر )

 

 

 

لما فرغ زيد بن ثابت -رضى اللَّه عنه- من جمع القرآن بأمر من أبى بكر-

 

رضى اللَّه عنه-، كانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند أبى بكر، حتى توفاه اللَّه،

 

ثم عند عمر حتى توفاه اللَّه، ثم عند حفصة بنت عمر -رضى اللَّه عنها - ثم أخذها عثمان

 

-رضى اللَّه عنه- فنسخها، ثم ردها إليها فكانت في حوزتها إلى أن ماتت.

 

وُلدت السيدة حفصة قبل بعثة النبي ( بخمس سنين، في بيت شريف كريم، فأبوها

 

أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- وأمها السيدة زينب بنت مظعون بن حبيب

 

 

 

أسلمتْ حفصة مبكرًا هي وزوجها خُنيس بن حذافة السهمى القرشي،

 

وهاجرت معه إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم إلى المدينة بعد أن بدأت الدعوة

 

في الانتشار، وشهد زوجها بدرًا، ومات في غزوة أحد بعد جرح أصابه، وترك

 

حفصة شابة لم تتجاوز عامها الحادى والعشرين . وبعد أن انقضت عدتها ذكرها

 

عمر عند عثمان بن عفان، ثم أبى بكر، فلم يردا عليه بالقبول، فجاء عمر إلى النبي

 

( يشكو إليه إعراض أبى بكر وعثمان عن ابنته حفصة، فقال

 

(: "يتزوج حفصةَ من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمانُ من هي خيرٌ من حفصة" .

 

ثم خطبها الرسول ( من عمر، فتزوجها فلقى أبوبكر عمر بن الخطاب،

 

فقال له: لا تجد (لا تغضب) على في نفسك ؛ فإن رسول اللَّه(

 

كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشى سرَّ رسول اللَّه(، ولو تركها لتزوجتها. [ابن سعد

 

 

 

وبنى بها النبي ( في شعبان من السنة الثالثة للهجرة، وكان زواج النبي

 

( من حفصة ؛ إكرامًا لها ولأبيها وحُبّا فيهما، وذات يوم قالت امرأة عمر له

 

: عجبًا يا بن الخطاب ! ما تريد إلا أن تجادل وابنتك تجادل رسول اللَّه

 

( حتى يظل يومه غضبان، فذهب عمر ابن الخطاب من فوره إلى حفصة غضبان

 

يقول لها: يا بنيتى إنى أحذرك عقوبة اللَّه وغضب رسوله. كانت السيدة حفصة

 

-رضى اللَّه عنها- عابدة خاشعة، تقوم الليل، وتصوم النهار، لذا كرمها اللَّه تعالى

 

بفضله وجعلها من نساء النبي ( في الجنة

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وشهدت حفصة-رضى اللَّه عنها- انتصارات الإسلام واتساع دولته، وروت 60

 

حديثًا عن رسول الله (.توفيت حين بويع الحسن بن على -رضى اللَّه عنهما- وذلك في

 

جمادى الأولى سنة 41 للهجرة، وقيل توفيت سنة 45هـ.

 

سُمِّيت بأم المساكين لرحمتها بهم وِرّقتها عليهم ؛ فكانت تطعمهم وتكسوهم،

 

وتقضى حوائجهم، وتقوم على أمرهم.

 

 

 

تزوجها النبي ( في السنة الثالثة للهجرة، بعد زواجه من السيدة حفصة

 

- رضى اللَّه عنها - بوقت قصير، وذلك بعد أن استشهد زوجها عبيدة بن الحارث

 

بن عبد المطلب - ابن عم رسول اللَّه - إثر جرح أصابه يوم بدر، وتركها بلا عائل؛

 

فرحم النبي ( وحدتها، وتقدم إليها يخطبها، فجعلت أمرها إليه؛ فتزوجها (.

 

ذكر المفسرون في قوله تعالي: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ) [الأحزاب: 50].

 

أنها من بين الواهبات أنفسهن للنبى (، ورسول اللَّه ( لم يتزوج واحدة من أولئك اللائى

 

وهبن أنفسهن، فإن صح الخبر، تكون أم المساكين -رضى اللَّه عنها- قد أعلنت

 

عن رغبتها في أن تكون زوجة له، فاستجاب الرسول ( لرغبتها وتزوجها

 

 

 

إنها السيدة زينب بنت خزيمة -رضى الله عنها- التي أكرمها اللَّه عز وجل بالزواج

 

من رسوله (، وجعلها في كنفه وإلى جواره، وكفى بها كرامة.

 

وكانت السيدة زينب -رضى اللَّه عنها- أخت أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث -

 

رضى اللَّه عنها- من أمها، وقد تزوج النبي ( السيدة ميمونة سنة سبع من الهجرة

 

لما اعتمر عمرة القضاء، وذلك بعد وفاة أختها السيدة زينب -رضى الله عنها،

 

وهى في الثلاثين من عمرها

 

 

 

عاشت السيدة زينب في بيت النبي ( نحو ثلاثة أشهر، ثم ماتت، ولحقت بالسيدة

 

خديجة بنت خويلد لتكون ثانى زوجات النبي ( موتًا في حياته - ولم يمت في حياته

 

( غيرهما - فقام النبي ( على أمر جنازتها، وصلى عليها، ودفنها في البقيع، فكانت

 

أول زوجة من زوجاته ( تدفن في هذا المكان المبارك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

صاحبة الرأى والمشورة

( أم سلمة )

 

 

فى يوم الحديبية دخل رسول اللَّه ( عليها، يشكو إليها عدم إجابة المسلمين لمطلبه

 

حين أمرهم بالنحر والحلق. فقالت - رضى اللَّه عنها - للنبى (: يا رسول اللَّه!

 

اخرج فلا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بُدْنَك، وتدعو حالقك فيحلقك، ففعل النبي

 

ذلك بعد أن استصوب رأى أم سلمة، عندها قام الناس فنحروا، وجعل بعضهم يحلق

 

بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمَّا.

 

 

 

إنها أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبى أمامة بن المغيرة، وأمها عاتكة بنت

 

عامر بن ربيعة من بنى فراس، وكان أبوها يعرف بلقبه (زاد الراكب)؛ لأنه كان

 

جوادًا، فكان إذا سافر لا يترك أحدًا يرافقه ومعه زاد إلا وحمله عنه. وكانت أم سلمة

 

-رضى الله عنها- أكبر زوجات النبي (.

 

 

 

عندما علم المسلمون المهاجرون إلى الحبشة بدخول عمر بن الخطاب، وحمزة

 

بن عبد المطلب في الإسلام ازداد حنينهم لمكة وللرسول

 

(، فعادت أم سلمة وزوجها عبد اللَّه بن عبد الأسد -الصحابى الجليل وصاحب

 

الهجرتين وابن عمة رسول اللَّه (- الذي استجار بأبى طالب بن عبد المطلب فأجاره

 

، لكن أبا طالب لم يلبث أن فارق الحياة، فاشتدت العداوة بين قريش والمسلمين،

 

وأمر النبي ( أصحابه حينئذ بالهجرة إلى يثرب.

 

 

 

تقول أم سلمة في هذا: إنه لما أراد أبو سلمة الخروج إلى المدينة، أعد لى بعيرًا،

 

ثم حملنى عليه، وحمل معى ابنى سلمة في حجري، ثم خرج يقود بى بعيره.

 

فلما رأته رجال بنى المغيرة، قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت

 

صاحبتنا هذه، عَلام نتركك تسير بها في البلاد؟! فنزعوا خطام البعير من يده، فأخذونى منه عنوة.

 

 

 

وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد - قوم أبى سلمة - فقالوا: لا واللَّه لا نترك ابننا عندها

 

إذ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا ابنى سلمة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق بنوأسد،

 

وحبسنى بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجى أبو سلمة إلى المدينة فَفُرِّق بينى

 

وبين زوجى وبين ابني، فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما زلت أبكى

 

حتى مضت سنة أو نحوها.

 

 

 

 

 

فَمَرَّ بى رجل من بنى عمى - أحد بنى المغيرة - فَرأى مابي، فرحمني.

 

فقال لبنى المغيرة: ألا تُخْرِجون هذه المسكينة؟! فَرَّقْتُم بينها وبين زوجها وبين ابنها.

 

ومازال بهم حتى

 

قالوا: الحقى بزوجك إن شئت. وردّ على بنو عبد الأسد عند ذلك ابني،

 

فرحلت ببعيرى ووضعت ابنى في حجرى ثم خرجت أريد زوجى بالمدينة،

 

ومامعى أحد من خلق اللَّه.

 

يتبع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حتى إذا كنت بالتنعيم - مكان على فرسخين من مكة - لقيت عثمان بن طلحة،

 

فقال: إلى أين يا بنت أبى أمية؟

 

قلت: أريد زوجى بالمدينة.

 

فقال: هل معك أحد؟ فقلت: لا واللَّه، إلا الله وابنى هذا.

 

فقال: واللَّه مالك من مَتْرَك.

 

وأخذ بخطام البعير فانطلق معى يقودني، فواللَّه ما صحبت رجلا من العرب

 

أراه كان أكرم منه ؛ إذا نزل المنزل أناخ بى ثم تنحى إلى شجرة فاضطجع تحتها،

 

فإذا دنا الرواح قام إلى بعيرى فقدمه ورحله، ثم استأخر عنى

 

وقال: اركبي. فإذا ركبت واستويت على بعيري، أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي.

 

 

 

 

فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بى المدينة. فلما نظر إلى قرية بنى عمرو بن عوف بقباء -

 

وكان بها منزل أبى سلمة في مهاجره -

 

قال: إن زوجك في هذه القرية، فادخليها على بركة اللَّه. ثم انصرف راجعًا إلى مكة.

 

 

 

 

فكانت أم سلمة بذلك أول ظعينة (مهاجرة) دخلت المدينة، كما كان زوجها أبو سلمة

 

أول من هاجر إلى يثرب من أصحاب النبي (، كما كانا أولَ مهاجِرَيْنِ إلى الحبشة

 

 

 

وفى المدينة عكفت أم سلمة - رضى اللَّه عنها - على تربية أولادها الصغار ؛

 

سلمة وعمر وزينب ودرة. وجاهد زوجها في سبيل اللَّه، فشهد مع النبي

 

( بدرًا وأحدًا، واستعمله ( على المدينة إبّان غزوة العشيرة ؛ نظرًا لإخلاصه

 

وحسن بلائه، وجعله أميرًا -مرة- على سرية، وكان معه مائة وخمسون رجلا منهم

 

"أبو عبيدة بن الجراح"؛ وذلك عندما بلغ النبي

 

( أن بنى أسد يُعِدُّون لمهاجمته في المدينة. فعاد أبو سلمة مظفرًا، لكن جرحه الذي

 

أصيب به يوم أحد انتكأ بصورة شديدة أودت بحياته، فمات شهيدًا.

 

 

 

فقالت له أم سلمة يومًا: بلغنى أنه ليس امرأة يموت زوجها، وهو من أهل الجنة،

 

ثم لم تتزوج بعده، إلا جمع اللَّه بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقى

 

الرجل بعدها.. فتعال أعاهدك ألا تتزوج بعدي، وألا أتزوج بعدك.

 

قال: فـإذا مت فتزوجي،

 

ثم قال: اللهمَّ ارزق "أم سلمة" بعدى رجلا خيرًا منى لا يحزنها ولا يؤذيها.[ابن سعد].

 

فلما انتهت عدتها من وفاة زوجها -رضى اللَّه عنه- تقدم أبو بكر، ثم عمر

 

-رضى اللَّه عنهما- ليخطباها ولكنها ردتهما ردًّا جميلاً.

 

 

 

وكان رسول اللَّه ( يواسيها ويخفف عنها لما توفى زوجها،

 

ويقول لها: "قولي: اللهم اغفر لنا وله، وأعقبنى منه عقبى صالحة" [أحمد ومسلم وأبو داود].

 

ومرت الأيام، وأراد رسول اللَّه ( أن يتزوجها، فأرسل حاطبَ بن أبى بلتعة يخطِبها له.

 

فقالت السيدة أم سلمة: مرحبًا برسول اللَّه وبرسله، أخبر رسول اللَّه

 

( أنى امرأة غَيْرَى (شديدة الغيرة)، وأنى مُصْبِيَة (عندى صبيان)،

 

وأنه ليس أحد من أوليائى شاهدًا. فبعث إليها رسول اللَّه

 

( يقول: "أما قولك: إنك امرأة مصبية، فالله يكفيك صبيانك

 

(وفى رواية: أما أيتامك فعلى اللَّه ورسوله)،

 

وأما قولك: إنك غَيْري، فسأدعو اللَّه أن يذهب غيرتك، وأمـا الأوليـاء،

 

فليـس منهم شاهـد ولا غائـب إلا سيرضى بي" [ابن سعد].

 

 

 

فلما وصلها جواب رسول اللَّه ( فرحت به، ووافقت على الزواج منه

 

(؛ فتزوجها ونزلت أم سلمة من نفس النبي ( منزلا حسنًا؛ فكان ( إذا صلى العصر

 

دخل على أزواجه مبتدئًا بأم سلمة ومنتهيًا بعائشة؛ رضى اللَّه عنهن أجمعين.

 

وقد شهدت أم سلمة -رضى الله عنها- مع رسول الله ( فتح خيبر، وفتح مكة

 

وصحبته في حصار الطائف، وفى غزوة هوازن وثقيف، وكانت معه في حجة الوداع.

 

 

 

وظلت السيدة أم سلمة تنعم بالعيش مع رسول الله ( حتى لحق بالرفيق الأعلى.

 

وتعد السيدة أم سلمة - رضوان اللَّه عليها - من فقهاء الصحابة.

 

رُوِى عنها 387 حديثًا، وأُخرج لها منها في الصحيحين 29 حديثًا، والمتفق عليه

 

منها 13 حديثًا، وقد روى عنها الكثيرون.

 

 

 

وامتد عمرها فكانت آخر من تُوُفِّى من نساء النبي (، وكان ذلك في شهر ذى القعدة

 

سنة 59 للهجرة، وقد تجاوزت الثمانين عامًا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السيدة زينب بنت جحش

 

 

 

هى ابنة عمة الرسول ( ، اختار النبي ( مولاه زيد بن حارثة زوجًا لها،

 

فقالت: أنا لا أرضاه لنفسى وأنا أيِّم قريش.

 

فقال لها (: "أنا رضيتُه لك" [البخاري].

 

ونزل قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ

 

لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 36].

 

فنَفَّذَتْ زينب أمر الرسول (، وتزوجت زيدًا، وكان صداقها عشرة دنانير، وستين درهمًا،

 

وخمارًا، ودرعًا، وخمسين مُدّا، وعشرة أمداد من تمر

 

 

 

وعاشت عنده ما يقرب من سنة أو يزيد، ثم حدث خلافٌ بينهما، فذهب زيد إلى الرسول

 

(، يشكو زوجته، ويستأذنه في تطليقها، فنصحه أن يصبر،

 

وقال له: "أمسك عليك زوجكَ واتقِ الله" [البخاري]. ولكنه لم يستطع أن يستكمل

 

معها حياته، فطلقها

 

 

 

ثم نزل أمر الله تعالى على رسوله ( بالزواج منها،

 

قال تعالىفَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ

 

فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) [الأحزاب: 37].

 

وذلك لإبطال عادة التبنِّى التي سنَّها الجاهليون. وبعد انتهاء عدتها من زيد،

 

أرسله النبي ( إليها يخطبها إلى نفسه، وتلا عليها الآيات، ففرحت فرحًا شديدًا،

 

وسجدتْ لله شكرًا، ونذرت صوم شهرين لله

 

 

 

وكانت السيدة زينب تفخر على أزواج النبي (، فتقول: "زوَّجكُنَّ أهليكُنَّ، وزوَّجنى الله من

 

فوق سبع سماوات" [البخاري].

 

وعاشت -رضى الله عنها- مع النبي ( حياة كلها حب وإيمان، وكانت تتصف برقة القلب

 

والعطف على المساكين. وكانت تجيد دبغ الجلود وخرزها، فتعمل وتنفق ما تكسبه

 

على المساكين

 

 

 

وكان الرسول ( يقول لزوجاته : "أسرعكُنَّ لحاقًا بى أطولكُنَّ يدًا (وكان

 

( يقصد بطول اليد: الصدقة) " [البخاري].

 

وكانت السيدة زينب -رضى الله عنها- أول من ماتت من أمهات المؤمنين بعد الرسول

 

(، وكان ذلك في سنة 20هـ.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

عاتقة المائة

(جويرية بنت الحارث)

 

 

اختارتْ جوار اللَّه ورسوله، وفضلتْ الإسلام على اليهودية، فيروى أنه لما جاء أبوها

 

الحارث بن أبى ضرار -سيد يهود "بنى المصطلق" وزعيمهم- إلى النبي

 

( يقول: إن ابنتى لا يُسبَى مثلها، فأنا أَكْرَم من ذلك.

 

قال له النبي (: "أرأيت إن خيَّرْناها؟" فأتاها أبوها

 

فقال: إن هذا الرجل قد خيرك، فلا تفضحينا.

 

فقالت: فإنى قد اخترتُ اللَّه ورسوله.

 

قال: "قد واللَّه فضحتِنا" [ابن سعد].

 

ثم أقبل أبوها في اليوم التالى ومعه فداؤها فلما كان بالعقيق (وادٍ قرب المدينة)

 

نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها طمعًا فيهما،

 

فغيبهما في شِعْب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي ( يقول: يا محمد، أصبتم ابنتى وهذا فداؤها.

 

 

 

 

فقال رسول اللَّه (: "فأين البعيران اللذان غَـيَّـبْتَ (خَبَّأْتَ) بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا؟".

 

قال الحارث: أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأشهد أن محمدًا رسول اللَّه، فواللَّه

 

ما أطلعكَ على ذلك إلا اللَّه. فأسلم، وأسلم ابنان له، وكثير من قومه، وأرسل

 

بمن جاء بالبعيرين، ودفع بالإبل جميعًا إلى النبي

 

(. فكانت -رضى الله عنها- سببًا في إسلام أهلها، ونالت بذلك ثواب هدايتهم،

 

إنها أم المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار

 

 

 

تقول جويرية -رضى الله عنها-:

 

قال لى أبى وهو يبرر هزيمته أمام جيش رسول الله (: "أتانا ما لا قبل لنا به".

 

فلما أسلمتُ وتزوجنى رسول الله (، ورجعنا إلى المدينة جعلت أنظر إلى المسلمين،

 

فرأيتهم ليسوا كما سمعتُ.فعلمتُ أنه رعب من اللَّه يلقيه في قلوب المشركين

 

 

 

اشتُهِرتْ جويرية بكثرة عبادتها وقنوتها للَّه، فقد خرج النبي ( من عندها بكرة حين صلى

 

الصبح وهى في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهى جالسة،

 

فقال: "مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟"

 

قالت: نعم. قال النبي ( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ

 

اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته" [مسلم].

 

فكانت -رضى الله عنها- كثيرًا تردُّدها

 

 

 

وقد كانت جويرية قبل أن تتزوج النبي ( متزوجة من رجل مشرك، هو ابن عمها

 

مسامح بن صفوان، وقد قُتل في غزوة بنى المصطلق في السنة السادسة للهجرة،

 

حين خرج النبي ( لقتال يهود بنى المصطلق لما بلغه استعدادهم لقتال المسلمين بقيادة

 

زعيمهم الحارث بن أبى ضرار، فقاتلهم، فنصر اللَّه رسوله وهزم الكفار وأُخِذت نساؤهم

 

سبايا، ومنهن:

 

جويرية (وكان اسمها قبل أن يتزوجها النبي "بَرّة" فغيره النبي إلى "جويرية"؛

 

لأنه كره أن يقال: خرج النبي من عند برة).

 

تقول عائشة -رضى اللَّه عنها-: إنه لما أصاب رسول اللَّه

 

( نساء بنى المصطلق، فوقعت جويرية في سهم ثابت بن قيس، الذي عرض عليها

 

أمر افتدائها بمقدار تسع أواق من الذهب، وهو واثق من أنها قادرة على دفعها له؛

 

لأنها بنت سيد بنى المصطلق ومن أغنياء اليهود. فكاتبتْه بهذا المبلغ؛ حتى يطلق

 

سراحها، ولكنه أبَى إلا أن يتسلم أولا الفداء.

 

 

 

 

ولما كانت جويرية سبية ليس معها ما تفدى به نفسها -توجهت إلى رسول اللَّه

 

(، وهو يومئذٍ عندى تسأله في كتابتها، ولما أذن لها الرسول بالدخول -

 

قالت: يا رسول اللَّه، أنا برة بنت الحارث - سيّد قومه - وقد أصابنى من الأمر ما قد علمتَ،

 

فأعِنِّى في كتابتي

 

. فقال لها : "أولكِ خير من ذلك؟"

 

فقالت: ماهو؟

 

فقال: "أؤدى عنك كتابك وأتزوجك"

 

قالت: نعم يا رسول اللَّه.

 

فقال: "قد فعلتُ". فخرج الخبر إلى الناس.

 

فقالوا: أأصهار رسول الَّله ( يُسترقُّون؟ فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء بنى

 

المصطلق، فبلغ عِتْقُهم مائةَ أهل بيت بزواجه إياها، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على

 

أهلها منها [ابن إسحاق]. وكانت السيدة جويرية -رضى الله عنها- في العشرين

 

من عمرها حين تزوجها النبي

 

 

 

 

وعاشت جويرية في بيت النبي (، وامتّد عمرها حتى عهد معاوية بن أبى سفيان -رضى الله عنه-.

 

وتوفيت -رضى الله عنها- عام 56 للهجرة، وصلَّى عليها مَرْوان بن الحكم- أمير المدينة،

 

وقد بلغت سبعين سنة، وقيل توفيت سنة 50 للهجرة وعمرها 65 سنة.

 

وقد روت -رضى الله عنها- بعضًا من أحاديث النبي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

سليلة الأنبياء

(صفية بنت حيي)

 

 

 

 

نصر اللَّه المسلمين على اليهود في خيبر نصرًا كبيرًا، وكانت هي من بين السبايا،

 

قال لها رسول اللَّه (: "لم يزل أبوك من أشدّ اليهود لى عداوة حتى قتله اللَّه تعالي..

 

يا صفية، إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي، وإن اخترت اليهودية فعسى أن

 

أعتقك فتلحقى بقومك".

 

فقالت: يا رسول اللَّه،

 

إن اللَّه يقول في كتابهوَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الزمر: 7 ].

 

وأنا قد هويتُ الإسلام وصدَّقْتُ بك قبل أن تدعونى حيث صِرْت إلى رَحْلِكْ، ومالى

 

في اليهودية أرَبٌ، ومالى فيها والد ولا أخ، وخيّرتنى الكفر والإسلام، فاللَّه ورسوله

 

أحبّ إلى من العتق وأن أرجع إلى قومي. [ابن سعد].

 

 

 

 

فلما همت صفية أن تركب البعير ثنى لها النبي( ركبته لتركب،)

 

فأجَلَّتْ رسولَ اللَّه ( أن تضع قدمها على فخذه ؛ فوضعت ركبتها على فخذه فركبت،

 

ثم ركب النبي( فألقى عليها الحجاب، ثم سارا مع المسلمين حتى إذا كانا على بُعد ستة

 

أميال من خيبر نُزُلاً مع الجيش منزلاً للراحة،

 

فأراد النبي ( أن يُعرس بها فأبت صفية،

 

فغضب النبي ( منها في نفسه، فلما كانا بالصهباء على بعد ستة عشر ميلا من خيبر طاوعته،

 

فقال لها: "ما حملك على إبائك حين أردت المنزل الأول؟"

 

قالت: يا رسول اللَّه خشيت عليك قرب اليهود.

 

فأكرمها النبي ( على موقفها ذاك وخوفها عليه من اليهود. [ابن سعد].

 

 

 

 

تقول السيدة صفية -رضى اللَّه عنها-:

 

دخل على رسول اللَّه ( وقد بلغنى عن عائشة وحفصة قولهما: نحن أكرم على رسول اللَّه

 

( منها، نحن أزواجه وبنات عمه، فذكرت له ذلك،

 

فقال : "ألا قُلتِ: وكيف تكونان خيرًا مني؛ وزوجى مُحمد، وأبى هارون وعمى موسى" [الترمذي].

 

 

 

وتقول: جئت إلى رسول اللَّه

 

( أزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدثت معه ساعة،

 

ثم قمت أنصرف،

 

فقام النبي ( معى يودعني، حتى إذا بلغت باب المسجد، عند باب أم سلمة مر رجلان

 

من الأنصار، فسلما على رسول اللَّه

 

فقال لهما النبي (: "على رِسلكما إنما هي صفية بنت حُـيَـي".

 

فقالا: سبحان اللَّه يا رسول اللَّه! وكبر عليهما،

 

فقال (: "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإنى خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا"

 

[متفق عليه].

 

 

 

ولما كان رسول اللَّه ( في مرضه الذي تُوفى فيه،

 

قالت السيدة صفية - رضى الله عنها -: واللَّه يا نبى اللَّه ! لوددت أن الذي بكَ بي.

 

فغمزها أزواجه، فأبصرهن رسول اللَّه

 

( فقال: "مضمضن". قُلن: من أى شئ؟

 

قال: "من تغامزكن بها، واللَّه إنها لصادقة" [ابن سعد].

 

 

 

وكانت -رضى اللَّه عنها- سخية كريمة ؛ فقد أهدت إلى السيدة فاطمة الزهراء وبعض

 

أمهات المؤمنين حلقات من ذهب، وتصدقت بثمن دارها قبل وفاتها.

 

ويروى أن جارية عندها أتت عمر بن الخطاب -رضى اللَّه عنه-

 

فقالت له: إن صفية تحب السبت وتصِل اليهود، فبعث إليها فسألها عن ذلك،

 

فقالت: أما السبت فإنى لم أحبه فقد أبدلنى اللَّه خيرًا منه وهو الجمعة،

 

وأما اليهود فإن لى فيهم رحمًا لذلك أصلها.

 

ثم قالت للجارية: ما حملكِ على هذا؟

 

قالت الجارية: الشيطان. فقالت لها السيدة صفية: اذهبى فأنت حرة.[ابن عبد البر]

 

 

 

هذه هي أم المؤمنين السيدة: صفية بنت حُيى بن أخطب من ذرية نبى اللَّه هارون.

 

كانت أمها: برة بنت سَمَوأل من بنى قريظة،

 

تزوجت النبي ( وهى في السابعة عشر من عمرها؛ إلا أنها رغم صغر سنها؛

 

تزوجت قبل ذلك مرتين؛ الأولى من سلام بن مشكم القرظى فارس قومها وشاعرهم،

 

والثانية من كنانة بن الربيع صاحب حصن القوص؛ أقوى حصن من حصون خيبر.

 

وتحكى صفية أنها لما تزوجت النبي( رأى بوجهها أثر خُضرة قريبًا من عينها،

 

فقال لها النبي(: "ما هذا؟".

 

 

 

 

قالت: يا رسول اللَّه.

 

رأيت في المنام كأن قمرًا أقبل من يثرب حتى وقع في حجري، فذكرت ذلك لزوجى

 

كنانة فضرب وجهى ولطمنى لطمًا شديدًا،

 

وقال: أتحبين أن تكونى تحت هذا الملك الذي يأتى من المدينة (يقصد رسول اللَّه (). [ابن سعد].

 

 

 

 

وقد وقفت السيدة صفية بجانب الحق حين تعرض أمير المؤمنين عثمان بن عفان للحصار

 

في منزله ؛ فوضعت خشبًا من منزلها إلى منزل عثمان تنقل عليه الماء والطعام له.

 

توفيت - رضى الله عنها - في رمضان سنة 50 من الهجرة -

 

في خلافة معاوية بن أبى سفيان- ودفنت بالبقيع بجوار أمهات المؤمنين،

 

رضوان اللَّه عليهن أجمعين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أم المؤمنين التقية

 

(أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان)

 

 

 

زارها أبوها، وهى في المدينة، فأبعدت عنه فراش النبي (

 

، فقال لها: يا بنية أرغبتِ بهذا الفراش عنى أم بى عنه؟

 

قالت: بل هو فراش رسول اللَّه وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحبَّ أن تجلس عليه.

 

قال: يا بنية لقد أصابك بعدى شر.

 

قالت: لا، بل هدانى اللَّه للإسلام، وأنت يا أبة سيد قريش وكبيرها، كيف يسقط عنك الدخول

 

في الإسلام، وأنت تعبد حجرًا لا يسمع ولا يبصر؟

 

 

 

 

إنها أم المؤمنين أم حبيبة "رملة بنت أبى سفيان" ذات الحسب والنسب والمكانة؛

 

فأبوها هو "أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية" وأمها "صفية بنت أبى العاص"،

 

وأخوها "معاوية بن أبى سفيان" وقد تزوجها النبي ( فكانت سببًا للمودة بين النبي

 

( وآل أبى سفيان. وفى هذا نزل

 

قوله تعاليعَسَى اللَّهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً) [الممتحنة: 7].

 

 

 

 

وعوضًا عن صبرها وإيمانها الكبير باللَّه تعالي.

 

كانت زوجة لعبيد اللَّه بن جحش، وكان قد تنصر في الجاهلية، ورفض عبادة الأصنام،

 

فلما جاء الإسلام، أسرع هو وزوجته إلى الدخول فيه، لكنهما أمام جبروت قريش

 

وقسوتها على الذين آمنوا، اضطرا إلى الفرار من مكة إلى الحبشة، وهناك أنجبا

 

ابنتهما حبيبة، وبها كانت تُكنَّي،

 

فيقال لها: أم حبيبة

.

وفى الحبشة، ارتد عبيد اللَّه بن جحش عن الإسلام واعتنق النصرانية، وحاولت أم حبيبة

 

وجميع من هاجروا إلى الحبشة إثناءه عن عزمه، فلم يفلحوا

 

 

 

وتقص السيدة أم حبيبة تلك الواقعة،

 

فتقول: رأيت في النوم عبيد اللَّه زوجى في أسوأ صورة وأشوهها، ففزعتُ

 

وقلت: تغيرتْ واللَّه حاله،

 

فإذا هو يقول حين أصبح: يا أم حبيبة،

 

إنى نظرت في الدين فلم أر دينًا خيرًا من النصرانية، وكنت قد دِنتُ بها ثم دخلت في دين

 

محمد، وقد رجعتُ. فأخبرتُهُ بالرؤيا فلم يحفل (يهتم) بها، وأكب على الخمر حتى مات

 

 

 

وقد حاول عبيد اللَّه بن جحش أن يجر امرأته أم حبيبة إلى النصرانية، لكنها -

 

رضوان اللَّه عليها - أبت عليه ذلك، واستمسكت بعقيدتها وظلت على دينها..

 

فنجاها اللَّه بصبرها على دينها، وأبدلها عن زوجها زوجًا خيرًا منه وهو رسول اللَّه

 

 

 

دخلت أبرهة خادمة النجاشى ملك الحبشة عليها،

 

وقالت: ياأم حبيبة إن الملك (تقصد النجاشي)

 

يقول لك إن رسول اللّه كتب إليه ليزوجك منه (.

 

قالت أم حبيبة: بشَّركِ اللّه بخير يا أبرهة، خذى هذه منى هدية.

 

وأعطتها سوارين من فضة وخلخالين.

 

فأرسلت أم حبيبة إلى خالد بن سعيد بن العاص ابن عمها لتوكله في أمر زواجها من رسول اللّه (.

 

 

 

ولما دنا الليل أمر النجاشى "جعفر بن أبى طالب" ومَنْ هناك مِن المسلمين فحضروا

 

فخطب النجاشي،

 

فقال:

الحمد للّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لاإله إلا اللّه

 

وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنه الذي بشّر به عيسى ابن مريم عليه السلام.

 

أما بعد: فإن رسول اللّه ( كتب إلى أن أزوجه أم حبيبة رملة بنت أبى سفيان فأجابت إلى

 

ما دعا إليه رسول اللّه ( وقد أصدقتها أربعمائة دينار. ثم سكب النجاشى الدنانير بين يدى القوم

 

 

 

وتكلم "خالد بن سعيد"

 

وقال: "الحمد للّه، أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له،

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله

 

ولوكره المشركون.

 

أما بعد: أجبت إلى ما دعا إليـه رسـول اللّه ( وزوَّجتُه أم حبيبة فبارك اللّه لرسول اللّه.

 

ثم دفع خالد الدنانير إلى أم حبيبة فقبضَتها. ثم أرادوا الخروج لكن النجاشى استوقفهم

 

وقال: "اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يُؤْكل طعام على التزويج".

 

ودعا بطعام فأكل الحاضرون ثم تفرقوا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تقول أم حبيبة: فلما وصل إلى المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتنى

 

فقلت لها:

 

يا أبرهة! إنى كنت أعطيتك ما أعطيتُ يومئذٍ ولا مال عندى بيدي. فهذه خمسون

 

 

مثقالا فخذيها واستعينى بها.

 

فأبت أبرهة، وأخرجتْ حُقّا فيه كلُّ ما كنتُ أعطيتُها فردّته علي،

 

وقالتْ: عزم على الملك أن لا آخذ منكِ شيئًا وأن ا التي أقوم على ثيابه ودهنه،

 

وقد اتبعتُ دين محمد رسول اللّه ( وأسلمت للّه -عز وجل-.

 

وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليكِ بكل ماعندهن من العطر. فلما كان الغد جاءتنى به

 

. فقدمت بذلك على رسول اللّه ( فكان يراه على وعندى فلا ينكره.

 

ثم قالت أبرهة: يا أم حبيبة حاجتى إليك أن تقرئى على رسول اللّه (

 

السلام منى وتُعلِميه أنى قد اتبعتُ دينه. ثم لطفت بى وكانت هي التي جَهَّزتني.

 

وكانت كلما دخلت على

 

تقول: لا تنسى حاجتى إليك

 

 

 

فلما قدمتُ على رسول اللّه ( أخبرته كيف كانت الخِطبة وما فعلت بى أبرهة، فتبسم

 

وأقرأته منها السلام،

 

فقال: "وعليها السلام ورحمة اللّه وبركاته" [ابن سعد].

 

وفى ليلة الزفاف أقام عثمان بن عفان -رضى اللَّه عنه- وليمة في عرس النبي

 

( وأم حبيبة -وهى ابنة عمة عثمان : صفية بنت أبى العاص- هذه الوليمة كانت غير تلك

 

التي أقامها النجاشى في الحبشة عند عقد النكاح.

 

ولما بلغ أبا سفيان بن حرب خبر زواج النبي ( من ابنته

 

قال: ذلك الفحل لا يقرع أنفه (أى الرجل الصالح الذي لا يُرد نكاحه).

 

وقد أحبت أُمُّ حبيبة رسول اللَّه ( حبّا شديدًا، وآثرت محبته على كل محبة أخري،

 

حتى ولو كانت محبتها لأبيها أو أبنائها أو إخوانها أو عشيرتها

 

 

 

وكانت أم حبيبة - رضى اللَّه عنها - تحرص دائمًا على مراقبة اللَّه - عز وجل -

 

وابتغاء مرضاته، فقد روى عن السيدة عائشة - رضى اللَّه عنها -

 

أنها قالت: دعتنى أم حبيبة عند موتها،

 

فقالت: قد كان يحدث بيننا ما يكون من الضرائر، فغفر اللَّه لى ولك ما كان من ذلك.

 

فقلت: غفر الله لكِ ذلك كله وتجاوز وحلَّك من ذلك كله.

 

فقالت: سررتِنى سركِ الله، وأرسلتْ إلى أم سلمة - رضى اللَّه عنها -

 

فقالت لها مثل ذلك

 

 

 

هذا وقد أسلم أبوها أبو سفيان في فتح مكة، وأعطى رسول الله ( الأمان لمن دخل داره.

 

. ففرحت أم حبيبة بإسلام أبيها فرحة كبيرة، وامتد بأم حبيبة العمر حتى عَهْدِ أخيها

 

معاوية بن أبى سفيان وتوفيت في سنة أربع وأربعين للهجرة فرضى اللَّه عنها وأرضاها

 

 

 

 

وروت -رضى الله عنها- عن رسول الله ( خمسة وستين حديثًا، وروى عنها كثير من

 

الصحابة والتابعين -رضى الله عنهم أجمعين-.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

صاحبة الأمنية

 

(ميمونة بنت الحارث)

 

 

كانت آخر من تزوج الرسول (، وعرفت بالعبادة واشتهرت بالزهد، قالت عنها أم

 

المؤمنين السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها-: "إنها كانت من أتقانا للَّه وأوصلنا للرحم

 

" [الحاكم وابن سعد].

 

جاهدت في سبيل اللَّه واشتركت في معركة تبوك تنقل إلى المجاهدين الماء والزاد،

 

وتسعف الجرحى، وتداوى المرضي، وتضمد جراحهم، وقد أصابها يومئذٍ سهم من

 

سهام الكفار، لكن عناية اللَّه حفظتها

 

 

 

إنها أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية، إحدى الأخوات الأربع اللائى

 

سماهن نبى اللَّه ( الأخوات المؤمنات، وهن: أم الفضل زوج العباس عم النبي

 

(، وأسماء بنت عُمَيْس زوج جعفر بن أبى طالب، وسَـلْمَى بنت عُميس زوج حمزة بن

 

عبد المطلب عم النبي (، وميمونة بنت الحارث زوج النبي (.

 

وكانت أمهن هند بنت عوف أكرم عجوز في الأرض أصهارًا، فقد تزوج النبي

 

( ابنتيها: زينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث.

 

 

 

وقد تزوجت السيدة ميمونة -رضى الله عنها- مرتين قبل زواجها بالنبى (،

 

فقد تزوجها مسعود بن عمرو بن عمر الثقفي، فلما توفى تزوجها أبو رهم بن عبد العزى

 

بن أبى قيس، ولما توفى كانت زوجًا لرسول الله (.

 

وكانت السيدة ميمونة -رضى الله عنها- تعرف باسم "بَرَّة" فسماها النبي

 

( ميمونة، لأنه تزوجها في يوم مبارك -يوم عمرة القضـاء-، وكان عـمرها حينــئـذ

 

ستّـا وعشرين سنـة. [الحاكم وابن سعد].

 

 

 

وكانت -رضى الله عنها- مؤمنة تحب الله ورسوله، وتتمنى أن تنال شرف الزواج برسول

 

الله (، وتكون أمَّا للمؤمنين.

 

وفى السنة السابعة للهجرة -وبعد صلح الحديبية- كانت عمرة القضاء، فقد جاء النبي

 

ومعه المسلمون لأداء العمرة في العام السابق فمنعهم المشركون، فوقَّعوا صلحًا،

 

على أن يعودوا لأداء العمرة في العام المقبل، وأن تكون مدة العمرة ثلاثة أيام،

 

ولما جاءوا لأداء العمرة -فى السنة السابعة من الهجرة المباركة- أخذت ميمونة

 

تحدث شقيقتها أم الفضل -رضى الله عنها- عن أمنيتها في أن تكون زوجًا للنبى

 

وأمَّا للمؤمنين، فاستبشرت أم الفضل خيرًا وحدّثت زوجها العباس عم النبي

 

( بذلك ،فذكرها العباسُ للنبى (، فوافق على زواجه منها، فكان ذلك إعزازًا وتقديرًا

 

وشرفًا لها، وتعويضًا لها عن فقد عائلها، فأصدقها النبي ( أربعمائة درهم، وكان قد

 

بعث ابن عمه جعفرًا -زوج أختها أسماء- يخطبها، فلما جاءها الخاطب بالبشرى -

 

وكانت على بعير- قالت: البعير وماعليه لرسول اللَّه، وجعلت العباس وليها في أمر الزواج.

 

 

 

وفى رواية أن ميمونة هي التي وهبت نفسها لرسول اللَّه ( فأنزل اللَّه تعالي:

 

(وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)

 

[الأحزاب: 50].

 

ولما قاربت مدة العمرة التي اتفقوا عليها -الأيام الثلاثة- طلب النبي ( من مشركى مكة

 

أن يمهلوه وقتًا حتى يتم الزواج بميمونة،

 

فقال لهم: "ما عليكم لو تركتمونى فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعامًا فحضرتموه"

 

[ابن سعد وابن عبد البر]. فرفضوا،

 

ومع إيمان الرسول ( بنصر اللَّه إلا أنه أبى إلا أن يفى بوعده معهم، وخرج

 

( حتى اقترب من مكان يسمى سَرف يبعد عن مكة بعشرة أميال، فأتمّ زواجه من ميمونة،

 

وكان ذلك في شهر ذى القعدة سنة سبع من الهجرة.

 

 

 

عاشت ميمونة -بعد ذلك- مع النبي ( تحيا بين جنبات القرآن، وروت -رضى اللَّه عنها-

 

ثلاثة عشر حديثًا.

 

ولما حانت منيتها في عام الحرة سنة ثلاث وستين، وكانت بمكة، وليس عندها أحد

 

من بنى أخيها،

 

قالت: أخرجونى من مكة، فإنى لا أموت بها، إن رسول اللَّه

 

( أَخْبَرَنى أنى لا أموت بمكة فحملوها حتى أتوا بها (سرف) - عند الشجرة التي بنى بها

 

رسول اللَّه فتوفيت هناك، وعمرها حينئذ 81 سنة، وحضر جنازتها ابن عباس -

 

رضى اللَّه عنهما- وغيره من الصحابة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×