اذهبي الى المحتوى
بقايا ليل

من روائع الماضي ...تفسير القرآن العظيم

المشاركات التي تم ترشيحها

[align=center:058b1aa681]من روائع الماضي

تفسير القرآن الكريم

لفضيلة الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله [/align:058b1aa681]

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالقرآن الكريم: هو كلام الله تعالى المنزل على أشرف خلقه، وخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم لهداية الناس، وإرشادهم في كل زمن إلى ما به صلاح دنياهم في جميع شئونها، وصلاح دينهم وآخرتهم.

 

والقول في تفسير هذا القرآن ليس بالأمر الهين الذي يستطيعه كل أحد، ويقدر عليه كل من عرف القراءة والكتابة، لأنه كلام الله العلي الأعلى الذي أعجز الجن والإنس أن يأتوا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا، ولكن قد تفضل الله بتيسيره للمتدبرين، والمتفقهين ليزكوا به نفوسهم ويطهروا بالفقه فيه أرواحهم وأخلاقهم، قال تعالى في غير آية: ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر.

والقرآن مائدة الله التي مدها لعباده، وحديقته التي زينها بمختلف الفواكه والزهور والرياحين وفتح أبوابها لكل طالب، ويسر النفع بها لكل راغب، فمن دخل تلك الحديقة، وجلس على هذه المائدة لا بد أن ينال حظًا من طعامها وثمارها، أو من روحها وشذى طيبها، وهم في ذلك على قدر جهدهم وعلى تفاوت صدقهم وحرصهم، فمنهم البحر الخضم، ومنهم النهر، ومنهم النهير، ومنهم الجدول، ومنهم دون ذلك: أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها والكل متى صلحت نيته وخلص مقصده لله، وسلك السبيل في يقين بالحاجة إلى هذه المائدة والحديقة، حاجة لا غنى له عنها، ولا يجدها إلا في هذه المائدة والحديقة، ومن كان كذلك، وسلك السبيل، فلا بد أن يصل إلى بغيته وينتهي إلى طلبته، ويجد غذاء قلبه وروحه على قدر طاقته، وعلى سعة واديه، فلا يدعن أحد شياطين الأنس والجن تلعب بعقله، وتزيغ به عن القرآن وتخدعه عنه وعن هدايته، باسم النصيحة له، والإجلال للقرآن والإعظام لشأنه أن تناله أفهام العامي أو تدرك مقاصده عقول البسطاء، أو تعرف مراد الله منه طبقة الأميين، وأنه لا تفهم آياته غير عقول العلماء المتبحرين من السابقين، إن ذلك من خدع شياطين الإنس والجن يصدون الناس بها عن معرفة حقيقة دينهم، ويحولون بها بين القلوب وغذائها النافع وريها الطيب من ماء القرآن العذب وفواكهه الكثيرة التي أدنى الله لكل مسلم من جناها ما يستغني به عن كل غذاء؛ وقرب موردها لكل وارد حتى لا يجد له يوم القيامة عذرًا ينفع، ولا حجة تدفع عنه عذاب المعرضين عن ذكر الله الذين أطاعوا سادتهم وكبراءهم فأضلوهم السبيل.

وليس القصد من هذا والغرض منه أن يكون كتاب الله مهزلة يعبث به كل جاهل، وملعبة يقول فيه كل أحد برأيه، ويؤوله بهواه، ويتكلم في تفسيره بجهله، فيحرف القول عن موضعه بما يبطل حدوده ويقضي على آياته، ويزعم أنه يفسر القرآن بالقرآن ويرشد منه إلى الهداية والعرفان، كلا ثم كلا، إنما نقصد بقولنا: إن العامي يقرأ ليفهم، لا ليتبرك بتكرير الألفاظ، ويقرأ القرآن كما يقرأ كتابًا يجيئه من عظيم يأمره ويرشده ويتدبره ويعود نفسه التدبر ويمرنها على الفهم وذوق كلام الله تعالى، فإنه إذا قرأ كذلك فتح الله له من آيات أصول الإسلام في توحيد الآلهية والعبادة، وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ما لا يجد مثله في كتاب آخر، وينتفع من ذلك بما لا ينتفع بمثله ولا ببعضه من أي كتاب آخر، وما لا يغني عنه أي كتاب غير القرآن، فإن لقي في سبيله عقبة، فلا يحاول إغفالها والإغضاء عنها، بل يعمل على تذليلها بالرجوع إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقول الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم، فإن لم يقدر على ذلك بنفسه فليستعن بمن تطمئن نفسه إليه من أهل العلم الذين هم أوسع منه إطلاعًا، وأكثر منه إدراكًا لمراد الله تعالى، وإلمامًا بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح والعلماء

المحققين، فإن اختلف عليه قول العلماء في ذلك فليفزع إلى الله معلم إبراهيم عليه السلام وليدع بما كان يدعو به الرسول صلى الله عليه وسلم : "اللهم رب جبريل وميكائيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أهدني لما اختلفت فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". فإنه إن شاء الله مهتد إلى الحق بتوفيق الله وهدايته، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

وليعلم كل من ينصح لنفسه، ويريد لها الخير- أن الله أنزل القرآن هداية عامة، لكل أحد موردًا عذبًا لكل مسلم، وأن الله لم يخص به طبقة دون طبقة، ولا عالمًا دون عامي، ولا أهل زمن دون غيرهم، ولا الماضين دون اللاحقين، فإنه حجة الله الباقية على مدى الدهور والأيام، وهو الكتاب المبين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسن، ولا تنقضي عجائبه، ولا تشبع منه نفوس المؤمنين وقلوبهم، وهو الذي سيسأل عنه كل أحد في أول مرحلة من مراحل الآخرة- القبر- وما بعدها لا يستثني الله من ذلك السؤال عاميّا ولا غير عامي، ولا ينفع عنده جوابًا عن هذا السؤال في أي موقف من مواقف الآخرة ولا مرحلة من مراحلها، أن يقول: كنت عاميًا لا أعرف، أو أميًا لا أقرأ، فقلدت غيري، وسمعت الناس يقولون فقلت مثل ما قالوا. فخذ حذرك، واستعد للجواب، يوم لا تغني نفس عن نفس شيئًا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون.

وخير ما يفسر القرآن: القرآن، فإنك تقرأ الآية من السورة، فيخفى عليك معناها، فإذا جئت السورة الأخرى، وجدتها بأسلوب أوضح، ولفظ أبسط، وكذا تجد القرآن يقص القصص بألوان متعددة، ويسوق العبر في صور شتى، ويبين السنن الإلهية في عبارات متشابهة؛ وذلك قوله تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني.

والذوق القرآني العلمي لا يكون مع الإعراض عن التلاوة، ثم تأخذ المصحف وتطلب الآية الواحدة ثم تحاول فهمها، كلا، إن الذوق القرآني إنما ينعم به من اتخذ القرآن له خليلاً وصاحبًا ورفيقًا في قيامه وقعوده ومضجعه، وليله ونهاره وشأنه كله مع الإيمان به، والاتباع لأوامره والوقوف عند حدوده جهد الاستطاعة، ذلك هو الذي يكسب ذوق القرآن، ويفقه في القرآن، وييسر الله به تدبر القرآن، ويفتح الله به مغلق القلوب، ويبصرها بنور القرآن.

والله تعالى قد يقصد إلى معنى من المعاني أو حكم من الأحكام لكنه ينزله في عدة آيات مملوءة بالمواعظ والتخويف والتبشير والترغيب والترهيب، فيكون هذا المعنى أو الحكم لا يفهم على حقيقته إلا بهذه الآية أو الآيات مجتمعة، وبهذا النظم المحكم، فإذا أنت قطعت أوصال هذه الآيات، وفرقت أولئك الأخوات ثم حاولت الوصول إلى هذا المعنى أو الحكم بعد ذلك، فأنت غير مستطيع ولا واصل، وإذا وصلت إلى شيء فإنما وصلت إلى معنى مشوه أو حكم محرف؛ لأنك

سلكت غير السبيل، وأخذت في غير المنهج، وعدوت على آيات الله فمزقت شملها.

ومن هنا نجد كثيرًا من المتكلمين في القرآن وتفسيره يحيد بهم هذا العدوان عن قصد السبيل، ويأخذ بهم هذا الطريق المعوج إلى معاني تنفر منها النفوس الطيبة، وتمجها الأذواق القرآنية السليمة.

والقرآن لم ينزله الله ليكون تابعًا لمذهب فلان أو رأي فلان، وإنما أنزله مهيمنًا على كل كتاب سبق نزوله من عند الله، وعلى كل كتاب يحدثه أحد من الناس بعد القرآن، فالقرآن حاكم غير محكموم عليه، والقرآن حجة، ولا حجة عليه، والقرآن إمام ولا إمام قبله، بل كل أحد فيجب أن يكون مؤتمًا بالقرآن في قوله وهديه وعمله.

فإذا ما عكست الحقائق، وقلبت الأوضاع وجعلت القرآن تابعًا لمذهبك، فلا مناص لك من أن تحرفه، أو تؤوله تأويلاً هو إلى التحريف أقرب منه إلى التفسير، وقد جنى كثير من أتباع المذاهب الكلامية والفروعية على هذا القرآن والسنة أعظم جناية، بمحاولتهم لتلك الأغراض الفاسدة إذ حكمت عليهم قواعدهم التي زعموها حقائق ثابتة، وبراهين قطعية، بأن يردوا كثيرًا من آيات القرآن؛ أو يعزلوها عن وظيفتها العربية من الفهم والأفهام، والدلالة على المعنى الذي أنزلها الله دالة عليه، وجرّ تحريفهم هذا- الذي زعموه تفسيرًا- إلى بلاء عظيم وفساد في الأمة كبير، وصدق الله إذ قال: يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين.

 

[align=center:058b1aa681]والحمد لله رب العالمين [/align:058b1aa681]

 

 

[align=center:058b1aa681]http://www.altawhed.com/Detail.asp?InNewsItemID=157227[/align:058b1aa681]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك عزيزتي على النقل وجزاك الله كل الخير...

 

موضوع قيم في قمة الروعة...

 

 

حفظك الله من كل سوء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك عزيزتي على النقل وجزاك الله كل الخير...

 

موضوع قيم في قمة الروعة...

 

 

حفظك الله من كل سوء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك عزيزتي على النقل وجزاك الله كل الخير...

 

موضوع قيم في قمة الروعة...

 

 

حفظك الله من كل سوء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خيرا على النقل وأرجوا معرفة الرابط

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×