اذهبي الى المحتوى
أقصانا لن ننساك

أحلام.. أُبعدت جسدا وبقيت روحها في فلسطين

المشاركات التي تم ترشيحها

أحلام.. أُبعدت جسدا وبقيت روحها في فلسطين

 

رغم الابعاد..روحي تطوق لسماء بلادي

 

"أذكر يوم شعرت وكأني مت للحظة من اللحظات، كنت أشعر بدوار ودوخة باستمرار حتى أن السكري انخفض كثيرا ووصل إلى حد 77، حينها لم أعد أشعر بشيء، أحاول أن أتكلم ولكن لا أستطيع سماع صوتي حتى أنني كنت أحاول أن أرفع يدي أو رجلي ولكنني فشلت، خفت واعتقدت أني بدأت في آخر لحظاتي في الزنزانة حتى استجمعت قواي وأخذت بالدعاء والابتهال والذكر"...

 

موقف من المواقف الصعبة التي مرت على الأسيرة المبعدة "أحلام جوهر" خلال فترة التحقيق التي خضعت لها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حين أمضت 10 أيام دون تناول الطعام أو الشراب إلا القليل منه.

 

انتظار المجهول

 

أحلام التي اعتقلت بتاريخ 23/1/2008 من على حاجز عسكري جنوب مدينة نابلس خلال عودتها من المدينة إلى منزلها في قرية حوارة، تعرضت لتحقيق قاس جسديا ومعنويا، غير أنها ثبتت وصبرت ولم تحقق للسجان مراده، فلم تجد "دولة" الاحتلال بدًّا من بالتخلص منها وإبعادها عن أهلها وتهجيرها إلى بلد آخر.

 

قصة أحلام بدأت عندما وصلت هي وشقيقتها وفاء إلى حاجز "حوارة" في طريق العودة إلى منزلهم، وبعد أن فحص الجندي أوراقهم الثبوتية طلب منها أن تتبعه، ظنت حينها أن المشكلة تتعلق بجواز السفر الأردني الذي تحمله فهي لا تمتلك هويةً فلسطينية، دخلت غرفة التفتيش وقامت المجندة بتفتيشها وطلبت منها الانتظار، طالت المدة حتى أبلغها الجندي أنها مطلوبة لجهاز المخابرات.

 

وقع الخبر كالصاعقة على الشقيقتين وحاولت كل منهما أن تبدو متماسكة أكثر من الأخرى.

 

وعن تلك اللحظات تقول وفاء: "ضحكت أحلام متعجبة عند سماعها ذلك، راودني شعور بالبكاء لكنها نظرت إلي وقالت: (مالك؟ فش شي بلا هبل!!) فتماسكتُ عندما رأيتها بهذه القوة والثقة، وعدنا لانتظار المجهول...".

 

توالت الأحداث، فبعد نحو ثلاث ساعات على الانتظار في الجو البارد آنذاك، تلقت وفاء مكالمة من شخص عرف نفسه بالضابط "شهاب"، استفسر عن بعض المعلومات العادية عن العائلة، ثم أبلغها أنها يمكنها المغادرة، أما أحلام فعليها الانتظار حتى تأتي قوة إسرائيلية لاعتقالها، وغادرت وفاء المكان لتكون تلك آخر مرة ترى فيها شقيقتها أحلام.

 

التحقيق والشبح

 

وهنا تكمل أحلام فتقول: "نقلت إلى مركز تحقيق (بتاح تكفا)، حيث تم التحقيق معي من قبل 6 محققين بأوقات متفرقة، وهم بذلك يحاولون تشتيت المعتقل والضغط عليه، ويلجأ بعضهم إلى طرح ذات الأسئلة التي يطرحها الآخر في محاولة لإيقاعه بالخطأ أو جعله يزل بكلام لم يتحدث به أمام محقق ثان".

 

واستخدم المحققون مع أحلام أساليب عدة كالتهديد والوعيد والتخويف بسجنها لفترة طويلة، فقال لها أحدهم: إن الشبهات الموجهة لها تستوجب حكما من 4 أشهر إلى 3 سنوات، وهم سيطالبون بأقصى عقوبة، وبعد قضاء الحكم سيحولونها للاعتقال الإداري ويعمدون للتحقيق معها كل شهرين.

 

تقول أحلام "هذا بالإضافة إلى الشتم وإسماعي ألفاظًا سيئة جدا، وكذلك التهديد بالإبعاد والمساومة على هذا الأمر، "يعني إذا ساعدتهم ممكن يتساهلوا معي ويخلوني في البلد".

 

وتتابع "أشد ما في التحقيق أسلوب الشبح على عدة أشكال.. استخدموا معي أسلوبًا واحدًا، وهو عبارة عن كرسي خشب مثبت على الأرض، قاموا بتقييد يداي بالكلبشات وتقييد الكلبشات بالكرسي وأنا جالسة عليه طبعا حتى لا يعطوني أي فرصة للتحرك، وتعرضت لهذه الوضعية عدة ساعات متواصلة في كل يوم".

 

أمضت أحلام 5 أيام، كان التحقيق فيها نهارا وليلا في محاولة منهم لمنعها من النوم ولإضعافها وإرهاقها، تقول أحلام: "كانوا يعطونني فترة راحة خلال الوجبات الثلاثة التي هي حق لكل أسير، بمعنى أنه يمكنني القول انه طوال 5 أيام كان التحقيق متواصل خلال 24 ساعة باستثناء 7-8 ساعات هي فترات الأكل والنوم".

 

"العصافير" والزنازين

 

وتضيف: "تعاملت مع عصفورين (العصفور بلغة السجن هو العميل) كل منهم على حدة، أعطيته انطباعًا بأني أثق فيه وتكلمت معه بكل أريحية وشاركته حتى في النكت والحديث العائلي، كان همي طبعا الحديث معه بكل ما قلته أمام المحقق.. من السهل على الإنسان أن يكتشف (العصفور) لأنه يتحدث بطريقة تشبه المحققين".

 

وتستطرد: "أول زنزانة لي كانت رقم 5، رمادية ذات جدران مدببة غير ملساء وضوء أصفر في سقف الغرفة لمزيد من التعب والإرهاق: كل شيء حولي كان رماديا مهما نظرت يمينا أو يسارا، وحتى أتغلب على وحدتي كنت أحاول أن أرسم لوحات مختلفة في مخيلتي على الحائط الذي يقابلني، كنت قادرة على أن أرى أنهارا وأشجارًا وبيوتا، حتى أنني رأيت أناسًا أرغب برؤيتهم، أعتقد أن كل أسير قادر على ذلك".

 

في هذا اللحظات يشعر الإنسان بقرب الله عز وجل منه، أقول دائما بقرب الله مني وليس قربي من الله.. وكأن المولى يريد في كل لحظة أن يقول لي: أنا الرحمن أقف إلى جانبك.. لقد كنت حقا أعيش في معية الله وحفظه وكنت قادرة على استشعار هذا الأمر.

 

وتمضي تسرد قصتها: "كنت والحمد لله قادرة على رفع معنوياتي في كل لحظة.. وربما الحديث مع "العصافير" (العملاء) ساعدني في ذلك فأنا منذ اللحظة الأولى لاكتشافي إياهم قلت لا بأس هم يريدون أن يلعبوا معي سألعب معهم، فكان الحديث فرصة جيدة للخروج من صمتي.. بالإضافة إلى معرفتي بوجود عدد من المعتقلين داخل زنازين التحقيق الأمر الذي كان يرفع من معنوياتي بأني لست وحدي في هذا المكان، "وكما يعانون ويتحملون ويثبتون يجب علي أيضا أن أتحمل وأثبت وأصبر"..

 

الضغط النفسي

 

ومن أشد الأساليب التي يتبعها المحقق عادة الضغط النفسي والذي قد يفوق أثره على المعتقل التعذيب الجسدي، وهو ما استخدمه المحققون مع أحلام.. فقد عمد أحدهم في وقت متأخر من الليل إلى اصطحابها في جولة على غرف التحقيق واحدة واحدة.. ويعمد إلى فتح جميع المكاتب وهي فارغة، وهو يقول لي: هل يوجد أحد في الداخل؟ هل تشاهدين أحدًا يتم التحقيق معه في هذا الوقت المتأخر من الليل غيرك؟ في محاولة منه للضغط عليها وإجبارها على الإدلاء بما يريد.. تصف تلك اللحظات فتقول: "لقد ظنّ أن ذلك يضعفني ويخيفني، وعند عودتي إلى المكتب قال لي: "يلا اخلصي احكي اللي عندك"، وعندما اكتشف فشل محاولته أمر بإعادة تقييدي وشبحي على الكرسي.. مسكين المحقق!!"..

 

ورغم أن أحلام كانت تستغرب من نفسها لعدم شعورها بالخوف أو القلق، إلا أنها تعترف بمرور بعض اللحظات التي شعرت فيها بالخوف والترقب لما هو قادم وآت، لكنها سرعان ما تتدارك الأمر كونها في معية الله وتردد: "اللهم إني توكلت عليك وأفوض أمري لك.. يا رب رميت حملي عليك".

 

رحلة السجون

 

وعندما تيقن المحققون من صلابة أحلام، قاموا بنقلها إلى سجن "الرملة"، بعد رفض الضابط المسئول عن سجن "هشارون" المخصص للنساء قبولها بحجة أن أوراقها غير مكتملة.

 

تقول "بعد وصولي هناك، ذهبت إلى عيادة السجن ومنها إلى إحدى الغرف حيث كانت هناك فتاتان.. وكنت حريصة على أن لا أتحدث بأي شيء إلا بما تحدثت به أمام المحقق.. فحاولت إحداهما الحديث معي بشأن الأسيرات الأمنيات و"الفرز" (من حق كل أسير أن ينضم إلى الفصيل الذي يريد والعيش معهم في المكان المخصص لهم سواء أكان غرفًا أم خيامًا)، كما أبلغتها أن التنظيم سيسأل عني وما إلى ذلك.. غير أن أحلام أوضحت لها أنها لا تتبع أي تنظيم ولا علاقة لها بهذه الأمور.

 

في اليوم التالي وصلت أحلام رسالة ممن يدعون أنهم أسيرات أمنيات مثلها، عندها تأكدت تماما من أنها في غرفة "العصفورات"، من طبيعة الرسالة وفحوى الأسئلة التي كانت تحويها.. تقول: "على هذا المنوال وصلتني تقريبا 3 رسائل، وقمت بالرد عليها بما يتناسب مع وضعي وبما قلته عند المحقق... المضحك جدا في هذه الرسائل أن إحداها كان موقعًا وعليه ختم باسم إحدى الفصائل الفلسطينية.. ظنا منهم أني أتبع تنظيمًا معينًا وأن ذلك سيعطيني الأمان والثقة بهم". وما يضحك أكثر أن الرسائل كانت عبارة عن "كبسولات" ويشارك بها "الجنايني" الذي ادعى أنه أسير أمني أيضا..

 

ولكن مهما كانت شدة التحقيق وقسوته فهو يهون أمام قضية وسياسة التفتيش العاري الذي يمارس بحق الأسيرات والأسرى، خاصة خلال نقله للمحكمة أو من سجن لآخر وهو ما تعرضت له أحلام عند نقلها إلى سجن (هشارون/ تلموند) حيث تقبع الأسيرات الفلسطينيات. وعن هذا تقول: "يمكن للأسير أن يحتمل كل شيء إلا التفتيش العاري.. عندها كم شعرت برغبة في البكاء، ولكن لم أسمح لنفسي بذلك حتى لا أظهر أي ضعف أمام المجندة".

 

في "هشارون" أمضت أحلام أول أسبوعين في "قسم 11"، وخلالها تعرفت على جميع الأسيرات، ومن ثم نقلت إلى "قسم 12" مدة أسبوع قبل إبعادها إلى الأردن، فهي ليست مواطنة، حيث لا تحمل الهوية الفلسطينية، حيث كانت قد زارت فلسطين (الضفة الغربية) عام 1999 وبقيت فيها وقدمت أوراقها الرسمية للحصول على هوية فلسطينية، ولكن حتى تاريخ اعتقالها لم تحصل عليها.

 

ليلة الإبعاد

 

في تلك الليلة تكون أحلام قد قضت 40 يومًا في الاعتقال، حيث نُقلت من جديد إلى سجن "الرملة" وأمضت ليلتها في العزل.. "كانت ليلة طويلة، فأنا لا أعلم لماذا نقلت إلى هنا؟".

 

في صباح اليوم التالي، جاء السجانون إلى الغرفة وقيدوا يديها ورجليها ونقلوها إلى مكاتب إدارة السجن، ثم حضرت مجندة وأبلغتها بعد أن أعادت لها الأمانات (الحاجيات الشخصية) أنهم سيوصلونها إلى الحاجز.. تصف أحلام تلك اللحظات قائلة "هيأت نفسي للحرية والإفراج.. لا أدري ما الذي دفعني إلى سؤالها على أي حاجز ستضعونني، فما كان منها إلا أن ردت "على اللنبي"، (الجسر الذي يفصل فلسطين عن الأردن).. وقتها تبددت كل الأوهام والآمال المتعلقة بالإفراج وعلمت أنه إبعاد، وبدأت مرحلة جديدة... طلبت أن أتحدث مع الأهل فرفضت ذلك وقالت بأنه غير مسموح.. مشيت معها بخطوات واثقة تماما..أكملت مسيري ودخلت السيارة (فان كبير)، عندها تسارعت الكثير من الأفكار في عقلي وذهني.. لحظات الاعتقال الأولى.. وقبلها دخولي إلى فلسطين عام 1999.. والآن أخرج من وطني بهذه الطريقة دون معرفة أي أحد بهذا الأمر.. وتتابع: "فكرت بأهلي، بصديقاتي.. بكل شيء... تسير السيارة وتسير معها كل أحلامي، ولكن أذكر تماما أن ما أول ما خطر ببالي "أحلام الحمد لله على كل شي، إياكِ أن تنهزي"، وقلت سريعا "اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك".

 

وتختم أحلام حديثها معنا فتقول "الآن أنا في الأردن جسدا ولكن صدقا روحي تحلق في سماء فلسطين.. كل من يتعامل معي يدرك تماما معنوياتي وهمتي العالية بفضل الله.. ولكن صدقا لا أحد يستشعر مقدار الألم الذي أشعر به لفقداني وابتعادي عن وطني أهلي وأحبابي... ولا أحد يدرك مقدار الوجع الذي بداخلي.. ومع ذلك سأحتفظ بمعنوياتي عالية لأني على يقين بأن عودتي ستكون قريبة إن شاء الله".

 

--------------------------------------------------------------------------------

صحفي فلسطيني من نابلس.

سامر خويرة

 

منقول

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيكى

اللهم انصر دينك وكتابك واذن لشرعك ان يسود

اللهم عليك باعداء الدين

اللهم طهر اقصانا

اللهم احفظ بلاد المسلمين من كل سوء

ورد بلادنا الى ينا مردا جميلا

اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين

اللهم امين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيج اختي الكريمه والله ينصر فلسطين ويحررها ويلتم شمل المغتربين والمهجرين

 

 

آآآآآآآآآآآآآميييييييييين

 

اختج تولاي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×