جابرة 0 أرسلي تقرير عن المشاركة قامت بالمشاركة 8 أغسطس, 2008 يوم أن كنت مع عمر خضر في جوانتنامو حزنت والله أشد الحزن عندما رأيت الفلم الذي بثه الأمريكان عن أخونا البطل : عمر خضر . حزنت والله لأني استشعرت كيف سيكون حال والدته المسكينة حين ترى أبنها على هذا الحال . بينما لم أحزن والله على عمر بل إني ضحكت على الطريقة التي كان يتكلم بها عمر .. لاشك أنكم ستتعجبون من ذلك .. ولكن والله إني لأعرف بعمر منكم .. عمر وما أدراكم ما عمر .. عمر هو الشبل الذي تربى في عرين الأسود هو الذي رضع حليب العزة والكرامة وهو الذي قضى معظم عمره في أرض الجهاد – أفغانستان – . بين جبالها وسهولها نشأ وعلى أصوات القذائف والرصاص ترعرع رأى الخطوط الأمامية وتجول في المعسكرات التدريبية عاش بين مجاهديها الأشاوس قابل وسلم وجلس مع شيخنا أبا عبدالله – أسامة بن لادن – ولربما لعب مع أبناءه ولكن لعب أطفالهم ليس كلعب أطفالنا. عمر هذا أتدرون من أبوه . أبوه هو – أبو عبدالرحمن الكندي – صاحب الباع الطويل في الجهاد والذي ربى أبناءه على بذل الغالي والرخيص في سبيل الله .. واسألوا عنه خوست ولوجر أيام جهاد السوفيت وسلوا عنه ووزيرستان وقرديز حين قدم الأمريكان واخيراً سلوا عنه جنود الخيانة والغدر جنود الجيش الباكستاني وسينبأونكم عنه فهو من أذاقهم الأمرين حين أرادوا قتله .. نعود فنقول لا تحزنوا إخوتي على بطلنا عمر فقد كنت معه في جوانتامو وأنا أعلم بحاله .. عمر حين قدم الأمريكان وشنوا حملتهم العسكرية ضد الطالبان والقاعدة كان أحد المجاهدين المقاومين ، ولا يخفى على أحد سرعة تساقط ولايات أفغانستان الواحدة تلو الأخرى في يد الأمريكان والتحالف الشمالي ولذلك السقوط السريع ما يبرره من أسباب ليس هذا بمكان بسطها فعسى الله أن يهيأ وقت لكتابتها ففيها دروس وعبر عظيمة .. سقطت معظم الولايات مما اضطر المجاهدين العرب وغيرهم من المهاجرين بل وبعض الطالبان كقياداتهم وأمرآئهم إلى الإنجياز إلى باكستان بمحاذات الحدود ومن هناك بدأ التخطيط والترتيب لخوض معركة طويلة الأمد مع هذا العدو الصليبي وفعلاً بدأت المعركة ولم تزل.. حين سقطت الولايات وخرج المجاهدون إلى باكستان بقي مجموعة قليلة من المجاهدين العرب ومعهم بعض الأوزبك وبعض الطالبان ممن رفض الإنسحاب وبقوا متوزعين في عدة مناطق من خوست وقرديز وهناك كانوا يقومون ببعض العمليات العسكرية ويقومون بنصب الكمائن وزرع الألغام لضرب سيارات الأمريكان وأعوانهم التحالف الشمالي .. كان هذا البطل عمر مع إحدى تلك المجموعات وفي ذلك الوقت لم يكن عمره قد بلغ الخامسة عشرة ، كان عمر رجلاً موهوبا فهو يتكلم الانجليزية والبشتو والفارسي بطلاقة تامة غير لغته الأصلية العربية و- أظنه - يجيد الأردو فحين تراه يتكلم مع الأفغان لا تشك أبداً في أنه أفغاني بل إن الأفغان لا يعرفون أنه عربي وحين كان يترجم لنا في جوانتنامو كان يتكلم الإنجليزية بطلاقة أيظاً ، إذا فإجادته للغتي البشتو والفارسي هي ما سهل عليه كثيراً من أمور في أفغانستان .. لك أن تتخيل معي من هوهذا الفتى الذي لم يبلغ الخامسة عشر من عمره يعيش في أوضاع كهذه وهو لا يعلم مصير أمه ولا أبوه ولا بقية أهله ففي مثل ذلك الوضع كل شيء متوقع قد يقتلون قد يؤسرون قد يسلمون إلى مصر ومع ذلك فقد بقي هذا البطل مع إخوانه يشاركهم جهادهم وقتالهم في تلك الأوضاع المتوترة .. فلله دره كان عمر – فك الله أسره – يجيد استعمال الكثير من الأسلحة رغم صغر سنة ولعل حدة ذكائه وزيادة فطنته بعد عون الله هي ما جعله يتقن استعمال الكثير منها ولقد كان خبيرا بالإلكترونيات وزراعة وتشريك الألغام .. وفي أحد الأيام كما يذكر لنا عمر كان في بيت من بيوت ولاية خوست هو ومجموعة من المجاهدين فإذا بقوات التحالف الشمالي تسندها القوات الأمريكية تقوم بهجوم مباغت على البيت الذي هم فيه فبادر كل أخ بأخذ سلاحه وبدأوا بالإشتباك مع تلك القوات فخرج لهم عمر يقاتلهم فأصيب بعدة إصابات شديدة في رجله وصدره وعينه فسقط عمر على الأرض وقد ظن أعداءه أنه قد قتل فتقدموا نحوه فلما اقتربوا منه قام البطل بإخراج قنبلة كانت معه وألقاها على جنديين أمريكيين كانا قد تقدما نحوه فقتل أحدهم وأصاب الآخر مما أصابهم الأمريكان بالرعب ثم استطاعوا بعد ذلك أسره وقد أثخنته الجراح .. لم يكن عمر يقص على أحد ما حصل له خوفا على نفسه من الرياء ولكي لا يبطل عمله ، إلا أنه في القليل النادر وتحت إصرار من يعزون عليه يقص ما حصل له بكلام مقتضب ... فلله ذلك الفتى حين أسر عمر قام الأمريكان يتفتيش البيت الذي كانوا فيه فحصلوا على كاميرا بها شريط احتوى على بعض التصوير وكان مما ظهر في الفلم صور لعمر وهو يقوم بتشريك بعض الألغام .. بعد ذلك نقل عمر إلى القاعدة الجوية في – بقرام – شمال كابل حيث القوات الأمريكية ومكث هناك فترة طويلة ومن ثم جاءوا به إلى جوانتنامو .. لا أنسى ذلك اليوم في جوانتنامو حين جاء الأمريكان بعمر ومجموعة من المجاهدين فقد عرفنا أن هناك دفعة جديدة قد جاءت إلى جوانتنامو ونعرف ذلك بصياح الجنود المرتفع وأصوات الكلاب البوليسية فحين تقدم دفعة جديدة تجد الجنود يصرخون على الأسرى بأصوات مرتفعة جدا ( إخرس ، لا تتكلم ، انظر للأسفل يا ابن ...... ، اجلس على ركبك ، لا تتحرك ..وغيرها ) كل ذلك بصوت عال محاولة منهم لإدخال الرعب في قلوب الأسرى وبعد أن انتهى الصياح بدأوا بأخذ إخواننا واحدا تلو الآخر للتحقيق وبعد التحقيق يتم نقلهم إلى الزنازين الإنفرادية فحين نقلوا إلى الزنازين كنا في عنبر مجاور لهم وكنا نستطيع الحديث معهم عن طريق فتحة مراوح التهوية فقد بدأ أحد الأخوة يسرد لنا أسماء من قدموا معه فكان مما ذكر اسم عمر الكندي بعد فترة طويلة خرج عمر من الإنفرادي وتم توزيعه ومن معه على عنابر السجن فكان عمر خضر من نصيب عنبرنا فكان حين يأتي الوقت المسموح لنا فيه بالمشي يقوم الأمريكان بإخراج كل أسير لوحده في مكان صغير مخصص للمشي فحين يخرج عمر لمكان المشي فهو مباشرة يقوم بأداء التمارين والجري ولم يكن يمهل أحد لكي يتحدث معه فهو قد وجد فرصة لتمرين قدميه بعد مدة طويلة من الإصابة وكان بعض الإخوة يسألونه عن أخباره وأخبار إخواننا في بقرام وكان يجيبهم ثم يعود ويمارس رياضته ... كان عمر رجلا عجيبا : عظيماً في أدبه ، فهو هين لين ، شديد الإحترام لإخوانه ، بالغ الهدوء ، ذو خلق عظيم ، قد أحسن والله من رباه ، تلمس في التعامل معه آثار التربية الصحيحة التي تلقاها ، عمر رجلا حافظ لكتاب ربه ، طائع له ، يقوم من الليل ما كتب الله له، حافظ للسانه ، وممسكه عن الخوض فيما لا يعنيه ، رغم صغر سنه إلا أنه يعيش روحا معنوية عالية ، وما أظن ذاك بعد حفظ الله إلا من آثار دعوات صادقة من أمه ومن إخوانه المسلمين عمر رجل ثابت ثبات الجبال الرواسي .. في جوانتنامو أنت معرض للعقوبة إن لم تكن العقوبة جراء مشاكلك مع الجنود ومخالفتك لأنظمة السجن فهي ستكون جراء عدم تعاونك مع المحققين ولا يلزم من ذلك أنك غير متعاون ولكن مادمت لا تتكلم مع المحققين بالكلام الذي يريدونه هم فأنت غير متعاون ... فهم لأجل ذلك كانوا يقومون بعقوبات ضد الأسرى وفي الغالب لا يصرحون بأن هذه العقوبة من التحقيق ولكن من أسهل الأمور أن يقوموا بتلفيق تهمة ضدك كمحاولة ضرب أحد الجنود أو مخالفة قوانيين السجن وما أكثرها من قوانيين ؟؟ فكان عمر ممن ابتلي بالعقوبات التي تكون بسبب التحقيق ولذلك كثيرا ما يقومون بمصادرة الأغراض التي لديه في الزنزانة ويضعونه في زنازين انفرادية وكان عمر من أوائل الذين نقلوا إلى السجن الإنفرادي المشهور بـ ( كامب 5 ) واستمروا بإبقاءه في هذا السجن الإنفرادي لمدة طويلة فكان من ضمن مطالب الأسرى في أحد أشهر الإضرابات عن الطعام أنهم كانوا يطالبون بنقل عمر خضر وأسير آخر من المدينة المنورة وهو من أصل افريقي وكلاهما لم يتجاوزا سن السادسة عشرة في وقت ذلك الإضراب فكان الأسرى يطالبون بنقلهم من السجن الخامس إلى السجون الأخرى الأقل تشديد في المعاملة .. كان عمر في ( الدرجة الرابعة ) وهذه الدرجة يعرفها أهل جوانتنامو ومن كان في هذه الدرجة لا يملك إلا لباسه السروال والقميص البرتقاليين وقطعة اسفنج هي فراشه وهي سجادته ويستخدمها أيظا كسترة حين يستخدم الخلاء وفي الليل تعطى له بطانية في الساعة التاسعة وتأخذ منه في الساعة الثالثة أو الرابعة فجراً ... فاستخدم عمر – فك الله أسره - مع الأمريكان أسلوباً أجدى نفعاً فكان يقول أنا طفل صغير كيف تضعونني في هذا المكان كيف تصادرون أغراضي كيف تحرمونني من البطانية والمنشفة كيف ....وكيف ... ؟؟؟ فكان هذا الأسلوب ناجحاً ومفيداً مع عمر خاصة وبهذ الأسلوب كفى الله عمر كثيراً من شرور الأمريكان ورد عنه كثيرا من بأسهم ولعل ذلك من رحمة الله به . فما رأيناه في الفلم من تحقيق عمر خضر لا أشك في أنه إحدى الحلقات المسرحية التي يقوم بها عمر أمام الأمريكان وأذنابهم الكنديين . فلا يظن أحداً أن عمر يبكي أمام المحقق فعلاً وأن الحال قد بلغ به أن يقول: ( فقدت كل شيء .. يدي وعيني ووو.... ) لا والله . فأنا في ذلك التاريخ الذي تم فيه التصوير كنت لم أزل في جوانتنامو وكان عمر حينها على خير حال فو الله إن عمر اليوم أشد بأساً وأصلب عوداً ثم إنه لا أحد يعلم حال الأسير وحقيقة أوضاعه إلا من عايشها فالأسير أعرف بما يناسب حاله فلا يستعجل أحد منكم الحكم عليه ولا يتهمه أحدا بالخوف أو الجبن أو الخور ففي سيرته التي ذكرت ما ينفي ذلك ولو كان عمر يظن أن هذا التحقيق سيظهر للعلن فلا أظنه سيقوم بهذا الدور ... ولولا أن يظن أحداً بعمر ظنا لما قمت بكتابة هذا الموضوع . لأن ذلك ليس من صالحه عجل الله له بفك الأسر وأثابه عظيم الأجر وألهم والدته حسن الصبر إنه القادر على ذلك @@ ما مضى من أسطر هو والله حقيقة ما شاهدته وعلمته عن ذلك البطل عسى الله أن يجعل ما كتبت سببا للتخفيف عن والدته والله من وراء القصد @@ أخوكم : أبوالمعالي رجب – 1429هـ شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شارك