اذهبي الى المحتوى
محبه لسنه النبى

ابعثوا في المسلمين روح التحـــدّي وأبشــــــروا بالنصــر

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

حينَ بَعَثَ اللهُ رسولَه لم يجعلْ ذلك سبباً لتغيير سننِه في خلقِه، بل جعلَ الرسولَ والرِّسالةَ والأتباعَ يعانون ويبذِلُون في سبيلِ تحقيقِ ما إليه يسعَون ويصبُون. فعاشَ المسلمون سنواتٍ في مكَّةَ، قبلَ أنْ يؤذَنَ لهم بالهجرةِ إلى بلادٍ يأمَنُون فيها. عاشوا في مَكَّةَ، وهم قِلَّةٌ مُسْتَضْعَفَةٌ، والمشركون يسومون المستضعفين منهم سوءَ العذابِ، حتى جَرُّوهم على الرَّمْضَاءِ، ووضَعوا على صدورِهم العاريةِ الصخورَ الثقيلةَ الصمَّاءَ، وألهبوا جلودَهم بالنارِ والسِّيَاطِ. وزادَ البلاءُ حتى وَصَلَ إلى غيرِهم مِن أهلِ مكَّةَ، الذين ضُربوا، ولم يَرْقُبِ المشركون فيهم إلاً ولا ذِمَّةً، ولا رَحِمَاً أو رَحْمَةً.

 

وأُذِنَ للرسولِ الكريمِ بالهجرةِ إلى المدينةِ، بعدَ عشرِ سنواتٍ من الدعوةِ في مكةَ، فلمْ ينطلقْ في طريقِ الهجرةِ التي أمِرَ بها إلا بعدَ أنِ اسْتَعَدَّ للأمرِ، وتَزوَّدَ له؛ فاتَّخَذَ من الصدِّيق أبي بكرٍ رفيقاً، ومِن ابنِ عَمِّه الشُّجاعِ عليٍّ مُضَحِّياً ونصيراً، ومِن عبدالله بن أبي بكرٍ عَيناً ومُعيناً، ومِن رجُلٍ من بني عَدِيٍّ هادياً ودليلاً، واشترى الدَّابةَ اللازمةَ للرحلةِ، وخَرجَ من مكَّةَ مُسْتَتِراً، ومَكَثَ في الغارِ أياماً مُختَفِياً، واتخذَ الليلَ والظلامَ مَطيّةً وجَمَلاً. وانطلقَ مع صاحبِه، والمشركون يتبعون أثرَه، وقد امتلأتِ القِفَارُ بالباحثين عنه، في ظلِّ سيوفٍ مُشْرَعَةٍ، وأعْينٍ مُتيقِّظَةٍ، وأنْفُسٍ ثائرةٍ ملتهبةٍ. ومَكَثَ أياماً يواجهُ فيها المخَاطِرَ، ويقابلُ المصاعِبَ، حتى وَصَلَ إلى طيبةَ بغيتِه، فطافتْ به جُمُوعُ المستقبلين فَرِحَةً مُسْتَبشِرَةً، وتَسَابَقَ الناسُ إلى إكرامِه وحُسْنِ وِفَادتِه، ورَجَا كلٌّ منهم أنْ يكونَ الرسولُ ضيفاً له في بيته. لقد خرجَ الرسولُ من قومِه الأقاربِ وهم يكيدون له، ويرجون قتلَه، ووصلَ إلى قومٍ أباعِدَ وهم يُرحِّبون به، ويرجون بِرَّه، فما أحلى عاقبةَ الصبرِ والبذلِ وألذَّها!!

 

لقد كان الذي أسرى به ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى قادراً على أنْ يسْرِيَ به من مكةَ إلى المدينةِ في لَمْحِ البصرِ، ولكنّ المرادَ أنْ تتعلَّمَ الأمَّةُ أنّ عليها أنْ تبذِلَ في سبيلِ تحقيقِ غاياتِها ورغباتِها، وأنّ قَدْرَها على قَدْرِ هِمَّتِها، وأنّ الكُسَالى ليس لهم من النجاحِ نصيبٌ، وأنّ الأماني من غير سَعْيٍ وكدْحٍ رؤوسُ أموالِ المفاليسِ، وأنّها لا تُنالُ إلا على جسورٍ من التعَبِ، وأنّ النصرَ لا يكونُ بغير البذلِ والنَّصَبِ.

تَرْجُو النَّجَاةَ ولم تَسْلُكْ مَسَالِكَها إنَّ السفينَةَ لا تمشي على اليَبَسِ

 

 

هذا الدِّينُ يربِّي أبناءه على عزائمِ الأمورِ ومَعاليها؛ وعلى الترَفُّعِ عن صغائرِها وأدانيها. ومما يُربّى المسلمون عليه: الجِدُّ والاجتهادُ والنشاطُ، وقد قال اللهُ: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) (مريم: من الآية12)، فمَن جَدَّ وَجَدَ، ومَن زَرَعَ حَصَدَ، ومَن جالَ نالَ، ومَن سعى رَعَى، ومَن لم يركبِ الأهوالَ لم ينلِ الآمالَ. ومما يدعو إليه هذا الدِّينُ أنْ يتركَ المرءُ التوانيَ والتواكلَ، وأنْ يأخذَ بالأسبابِ والوسائلِ، ولا تزالُ مقولةُ "اعقلْها وتَوكَّلْ"(1) منارةً للعاملين الطامحين.

 

والأرضُ وإنْ كانت للهِ يورِثُها مَن يشاءُ مِن عبادِه، إلا أنه جَعَلَ العاقبةَ للمتقين. والنصرُ وإنْ كانَ بيدِه سبحانه، إلا أنه لا يهَبُهُ إلا للجادِّين الباذلين، الذين يسعَون لتحقيق أسبابِه. وحينَ يكونُ النصرُ من اللهِ سبحانه يكونُ نصراً ليس كمثلِه نصرٌ: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:160).

وفي زَحْمَةِ الآلامِ، وتطلُّعاتِ الآمَالِ، ينبغي أنْ ننسى ذلك السؤالَ: "متى نصرُ اللهِ؟"؛ بعدَ أنْ تيقنّا وقوعَه، وأنْ يبرزَ ما هو أهمُّ منه مِن السؤالِ: "كيف يتحقَّقُ نصرُ الله؟"؛ حتى نسعى لتحقيقِ أسبابِه، ونتَّصفَ بصفاتِ أهلِه، وتستبينَ سبيلُ المنتصرين.

 

 

 

إنّ مِن أهمِّ أسبابِ النصرِ: جمْعَ الكلمةِ، وتركَ التحزُّبِ والتفرُّقِ والاختلافِ، ففي التفرُّقِ والاختلافِ الضعفُ والفشلُ والهوانُ: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال: من الآية46)، و((إنما يأكلُ الذئبُ القاصيةَ))(2). وإذا أرادَ العدوُّ بأمّةٍ سوءاً سَعَى إلى بَثِّ روحِ التنازُعِ والشِّقَاقِ، والفُرقَةِ والخِصَامِ.

والأمَّةُ حينَ تواجِهُ عدوَّها تحتاجُ إلى نَبْذِ خِلافَاتِها، وتوحيدِ راياتِها، والنظرِ بعينِ واحدةٍ إلى عدوِّها المتربِّصِ بها، المترقِّبِ لزلاتِها، وكما قيل: "إذا اتّحد الأشرارُ فعلى الأخيارِ أنْ يتّحدوا، وإلا سقطوا ضحيةً لهم".

 

عليها أنْ تَعِيَ أنّ الاجتماعَ أقوى أشكالِ الدِّفاعِ، وأنَّّ العدوَّ تنقطعُ منه في المجتمعين الأطماعُ، وأنَّ خمسةً مجتمعين أقوى من عشرةٍ متفرِّقين، وأنّ القومَ لن يعجزوا إذا تعاونوا، وأنّ ((يدَ اللهِ معَ الجماعةِ))(3)، وأنّ (اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)(الصف: الآية4).

ألم تَرَ أنَّ جَمْعَ القَومِ يُـخْشَى وَأنَّ حَرِيـمَ وَاحِدِهِمْ مُبـَاحُ

وأنَّ القِدْحَ حينَ يكُـونُ فَرْدَاً فـيُهصَـرُ لا يَكُونُ لَهُ اقْتِدَاحُ

وأنّكَ إنْ قَبَضْتَ بها جمِـيـعَاً أبَتْ مَا سُمْتَ وَاحِدَهَا القِدَاحُ

 

 

ولكنّ هذا الجمعَ للكلمةِ يجبُ ألا يكونَ على حسابِ المنهجِ والعقيدةِ؛ فإنّ اجتماعاً لا يقيمُ للمنهجِ والعقيدةِ قَدْراً ولا وَزناً اجتماعٌ مُهَدَّدٌ في كلِّ حينٍ بالسقوطِ والزوالِ، بل ربّما كان عدوُّ اليومِ أحدَ المجتمعين بالأمس!! فلا نأمَنُ عدوّاً، ولا نُصَدِّقُ صديقاً.

علينا أنْ ننقِّيَ الصفَّ المسلمَ المتحدَ من المنافقين؛ فهم أخطرُ مِن أعداءَ خارجيّين ظاهرين، وعلينا أنْ ننقيَه من الباطنيّين الخبثاءِ؛ فهم الذين كثيراً ما يتحالفون في الأزماتِ مع الأعداءِ، وعلينا أنْ ننقيَه من المشركين والكفَّارِ؛ فهم رؤوس الشرِّ والأشرارِ.

 

وقد أمرنا اللهُ أنْ يكونَ اعتصامُنا واجتماعُنا على دينِه وعهدِه، فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: من الآية103)، وأنْ يكونَ ولاؤنا وبراؤنا فيه، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة:57).

وقد عَرَفَ التاريخُ دولةً إسلاميةً قويةً في الأندلسِ، واجهتْ خلالَ عقودٍ طويلةٍ الصليبيين، وكانتِ المنتصرةَ عليهم في جُلِّ هذه المواضِعِ. ولكنَّها حين دَبَّ فيها الخلافُ، وانقسمتْ إلى طوائفَ ودُويلاتٍ، هان على العدوِّ أمرُها، فتمكَّنَ منها، ومَزَّقَ كِيَانَها، فصارتْ أثَرَاً بعدَ عينٍ. استشرتْ بينهمُ الخلافاتُ، حتى استعانَ بعضُهم على بعضٍ بالأعداءِ، وكان أوَّلُ مالٍ انتقلَ من بيتِ مالِ المسلمين في الأندلس إلى الفِرَنْجِ مالاً ساقه إليهم المهديُّ محمَّدُ بنُ هِشَامٍ، وهو أحَدُ الخلفاءِ؛ ليقفوا معه ضِدَّ أحدِ أبناءِ عمِّه الثائرين عليه؛ فكانت النتيجةُ بعدَ سِجَالٍ أنْ قُتِلَ المهديُّ، ولم تُغْنِ عنه الفِرَنْجَةُ شيئاً، فلا هو بدينِهِ، ولا هو بمُلكِهِ، ولا هو بحياتِهِ، فصارَ كالمُنْبَتِّ؛ لا ظَهْرَاً أبقى، ولا أرْضَاً قَطَعَ!!(4).

 

 

وإنّ لجمْعِ الكلمةِ وتوحيدِ الصفِّ وسائلَ تُعينُ عليه، ومِن أهمِّها:

تقريبُ العلماءِ الربانيين، وتشجيعُهم، وقَبولُ نُصْحِهم وتوجيهِهم، والصدورُ عن آرائهم؛ ذلك أنّ الأمَّةَ وثيقةُ الارتباطِ بعلمائها الصالحين، ودعاتِها المخلصين، وحينَ ترى لهم مكانةً وقَدْراً، فإنها تُبادِلُ مُكرِمَهم كَرامةً وفَضْلاً.

ولقد أدركَ بعضُ الأمراءِ والقادةِ مكانةَ العلماءِ والصالحين ودورَهم في النصرِ والتمكينِ، فهذا قتيبةُ بنُ مسلمٍ لما هاله أمرُ العدوِّ سألَ عن محمَّدِ بنِ واسعٍ، فقيل: هو ذاك في الميمنةِ، جامِحٌ على قَوسِه، يُبَصْبِصُ بأُصبَعِه(5) نحو السماءِ. فقالَ قتيبةُ: ((تلك الإصبَعُ أحَبُّ إليّ من مئةِ ألفِ سيفٍ شهيرٍ، وشابٍّ طريرٍ))(6). وقالَ مسلمةُ بنُ عبدِالملكِ أميرُ السَّرايا: ((برجاءَ بنِ حَيْوَةَ وبأمثالِه نُنصَرُ))(7). وقال صلاحُ الدِّين: ((ما فتحتُ البلادَ بالعساكرِ، بل أخذتُها برسائلِ القاضي الفاضلِ)).

 

 

ومِن وسائلِ جمعِ الكلمةِ: الشورى، وتركُ الاستبدادِ بالرأيِ؛ فمَن أعْجِبَ برأيِه ضَلَّ، ومَنِ استغنى بعلمِه زَلَّ، ومَن عُهِدَ منه طَلَبُ المشورةِ، كان أمرُه للناسِ أوثقَ قَبُولاً. وقبلَ غزوةِ بدرٍ كانَ الرسولُ عليه الصلاةُ والسلام يحثُّ الناسَ على الشورى، ويقبلُها منهم. وكان أبو هريرةَ رضي اللهُ عنه يقولُ: ((ما رأيتُ أحداً قطُّ أكثرَ مشورةً لأصحابِه من رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم))( 8).

 

ومما يعينُ على جَمْعِ الكلمةِ: إشاعةُ العدلِ ومحاربةُ الظلمِ؛ فإنّ القلوبَ تأتلِفُ ـ دونَ إكراهٍ ـ حولَ مَن عُرِفَ عدلُه، وتنفِرُ ـ مَهما بُذِلَ ـ ممّنْ عُرِفَ ظلمُه، وظُلمُ المرءِ يصرعُه ولو بعدَ حينٍ.

 

والمظلومُ لا ينسى ظالِمَه، فنفسُه عليه تضطربُ، وقلبُه منه مشحونٌ، ويتربَّصُ به الدوائرَ. ومن أجلِ ذلك حَذَّرَ عليه الصلاة والسلام من دعوةِ المظلومِ، فقالَ: ((اتَّقِ دعوةَ المظلومِ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حِجابٌ))(9). وفي المسندِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا، فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ)). وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ: ((إنّ اللهَ ينصرُ الدولةَ العادلةَ ولو كانتْ كافرةً، ويخذُلُ الدولةَ الظالمةَ ولو كانتْ مسلمةً)).

 

 

ومِن سبيلِ المنتصرين أنّ نفوسَهم أبِيَّةٌ، وهِمَّتَهم عَلِيَّةٌ، لا يقبلون بالدُّونِ، ولا تَحُطُّ من عِزَّتِهِمُ وعزيمتهم النَّكَبَاتُ والسُّنُون، وهم عن أسبابِ الهزيمةِ النفسيَّةِ بعيدون. فلم تمنعِ الأخطارُ ومواجهةُ الأهوالِ الرسولَ صلى اللهُ عليه وسلم أثناءَ هجرتِه، أنْ يقولَ لصاحبِه بقلبٍٍ امتلأ عزَّةً وثباتاً ويقيناً: ((ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالِثُهما؟))(10).

وكان مِن وَصْفِ اللهِ للمؤمنين أنهم (اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ) (آل عمران: من الآية172)، وأنّ الناسَ حينَ قالوا لهم مُخَوِّفين: إنّ الناسَ قد جمعوا لكم فاخشوهم، ازدَادَ إيمانُهم، (وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران: من الآية173)، فاستجابتُهم للهِ ورسولِه رغمَ الشدائدِ لا تنقطِعُ، وعزيمتُهم رَغْمَ النَّكَسَاتِ لا تَضْمَحِلُّ.

 

 

ومِن أسبابِ النصرِ: إعدادُ القوى، والاستعدادُ للعِدا، وشحذُ الطاقاتِ والجهودِ. وهو ما أرشدَنا اللهُ إليه في كتابِه بقولِه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) (الأنفال: من الآية60). وحينَ يكونُ هذا الإعدادُ جَادّاً، وبنوايا خالصةٍ، وبأيْدٍ نظيفةٍ أمينةٍ، فإنه يبذُرُ في نفسِ العدوِّ بَذْرَةَ الهزيمةِ.

وعلينا ونحنُ نُعِدُّ جيلََ النصرِ والتمكينِ أنْ نترُكَ الأمانيَ المجرَّدَةَ، والعواطفَ التي تحجُبُ عقولَنا، وعلينا أنْ نحوِّلَها إلى منطلقاتٍ لعملٍ جادٍّ وجهدٍ دؤوبٍ، لإعدادٍ قوَّةٍ تُرهِبُ أعداءنا. فالنصرُ لن يكونَ بمجرَّدِ التغني بأمجادِ الآباءِ، وفتوحاتِ الأجدادِ، وانتصاراتِ الأسلافِ؛ فهؤلاء لم ينالوا ما نالوه إلا بعدَ بذلٍ وإعدادٍ، وإننا ما لم نَسِرْ على خُطَاهم، فلن ننالَ نَوالَهم.

 

 

ومِن أعظمِ أسبابِ النصرِ: الجهادُ، الذي ما تركَه قومٌ إلا ذَلُّوا(11). إنه سِرُّ النصرِ ولُبُّه، وبه فَتَحَ الأوائلُ البلدانَ، ونشروا الإسلامَ، وردُّوا العُدوَانَ. مَا تَكَالبَتْ علينا الأمَمُ إلا بعد أنْ تركناه وأهملناه، ولم يتمادَ العِدَا في حربِنا إلا بعدَ أنْ حاربناه، وصارَ أعداؤنا يُدركون أثرَه في قوتنا أكثرَ مما أدركناه!!

الجهادُ الذي نجَحَ أعداؤنا في إقصائه عن مناهجِنا وتربيتِنا، ونجحوا في تشويهِ صورتِه الناصعةِ. وأُنسينا أنّ له غاياتٍ ساميةً، وأنه لا يكونُ جهاداً إذا اختلفتْ هذه الغاياتُ، وأنَّ أخلاقَ المجاهدين تمنعُهم حينَ القتالِ مِن أنْ يتعرَّضُوا لطفلٍ صغيرٍ، أو امرأةٍ، أو شيخٍ كبيرٍ، أو يحرقوا شجرةً، أو يفسدوا ثمرةً. وأنّه إرهابٌ لأعداءِ اللهِ، الذين نرى تجبُّرَهم وعُدوانَهم وبَغيَهم حينَ تركناه.

 

ولقد جاءنا عن نبيِّنا عليه الصلاةُ والسلامُ قولُه: ((بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي))(12).

إنّ الجهادَ في سبيلِ اللهِ ذِروةُ(13) سَنَامِ الإسلامِ(14)، وأعظمُ التجاراتِ وأربحُها، وبه خيرُ الدنيا والآخرةِ، و (نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) (الصف: من الآية13). ولقد تحقَّقَ النصرُ لدولةِ الأيوبين لما قامتْ على الجهاد؛ فعَمَّ خيرُها، وعُرِفَ فضلُها، وصَدَّتِ الصليبيين، وردَّتهم على أعقابِهم خاسرين خائبين. وما بَلَغَ صلاحُ الدين ما بلغه من نصرٍ وشرفٍ وعزَّةٍ، إلا يومَ كانتْ له هِمَّةٌ عاليةٌ في الجِهادِ، فجَعَلَ ولايتَه سبباً في رفْعِ رايةِ الجهادِ، وتطليقِ الملذاتِ.

 

 

ومما يحتاجُه طالبُ النصرِ: الصبرُ والتقوى، وقد وَعَدَنا أصدقُ الواعدين بأنّ تحقيقَنا لذلك مَطْرَدَةٌ للكيدِ والضَّرَرِ: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) (آل عمران: من الآية120).

إنّ مواجهةَ الخصومِ والجيوشِ تحتاجُ إلى صبرٍ على الأذى، وتَحَمُّلٍ لطولِ الطريقِ ووعورتِه؛ فأفضلُ العُدَّةِ الصبرُ على الشِّدَّةِ. كما تحتاجُ إلى تقوى تَحولُ بين الباحثِ عن النصرِ وبينَ الزَّلَلِ والخطأِ، فالهزائمُ العسكريَّةُ تبقى محدودةَ الضَّرَرِ ما لم تُغَيِّرِ القيمَ والمبادئَ والمُثُلَ. فالنصرُ مُحَالٌ مِن غيرِ صبرٍ وصَلاحٍ وجِلادٍ.

 

ومِن الصبرِ المهمِّ للنصرِ: ألا نستعجلَه، وأنْ نعملَ مِن أجلِ تحقيقِه، وإنْ طَالَ الوقتُ بنا. فالأحداثُ المتعاقبةُ الحاضرةُ توحي بأنّ الأمرَ قد يطولُ، وأنّ صاحِبَ النَّفَسِ الأطولِ هو الذي سينتصرُ، ولا يَعدَمُ الصبورُ الظَّفَرَ، وإنْ طَالَ به الزَّمَنُ.

 

ومِن سبيلِ المنتصرين أنّ الدنيا لم تَشغلْهم، كما شَغَلَتْ غيرَهم، وأنّ نفوسَهم متعلِّقَةٌ بالآخِرَةِ، وأنهم ممتثلون لأمرِ اللهِ، منتهون عن نهيِه. فمتى شَغَلَتِ الناسَ الدنيا مُنِعُوا النَّصرَ، وضُرِبَ عليهم الذُّلُّ، وقد حَذَّرَ مِن هذا الحالِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاً، لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ))(15).

 

إنّ جيلاً نشأَ عَلى الميوعَةِ والترفِ، وتَعَلَّقَ بالملذاتِ والمُتَعِ، لا يُنتظرُ منه أنْ يقفَ في وجهِ عَدُوٍّ غاشِمٍ، أو يكونَ نِدَّاً لمُعْتَدٍ ظالِِمٍ. بل إنّ مَن يطلبُ نصراً مِن مثلِ هذا الجيلِ مُتَطَلِّبٌ في الماءِ جذوةَ نارِ. وإنّ مِن الخيانةِ للأمّةِ أنْ يُسرفَ الأولياءُ في ترفيهِ أبنائهم ترفيهاً يجعلُهم أشدَّ الناسِ تعرُّضاً للمهالكِ حينَ ورودِها.

لقد عاشَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم بعيداً عن الترفِ، وربّى على ذلك أصحابَه، وكان ذلك خُطوَةً في سبيلِ نصرٍ مبينٍ. رآه عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي الله عنه يوماً وَقَدْ أَثَّرَ الحصيرُ فِي جَنْبِهِ، فَبكى وقال: إنّ كسرى وقيصرَ فيما هما فيه، وأنتَ رسولُ اللهِ! فَقَالَ: ((أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لهم الدنيا ولَنَا الآخِرَةُ؟))( 16). ورُوي عن عُمَرَ رضي اللهُ عنه قولُه: ((اخْشَوْشِنُوا؛ فإنّ النِّعمَ لا تدومُ)).

 

وحينَ يطغى حبُّ الدنيا وكراهيةُ الموتِ على غيرِه يتحوَّلُ الناسُ ـ مهما بَلَغَ عددُهم ـ إلى غُثاءٍ كغُثاءِ السيلِ، ليس لهم قيمةٌ ولا وَزنٌ، ويصبحون ألعوبةً بيدِ غيرِهِم من الأمَمِ(17).

 

ويبقى قبلَ هذا كلِّه ومعَه وبعدَه أنْ نَصْدُقَ في التجائنا إلى اللهِ، وأنْ نتضرَّعَ إليه بصدقٍ وإخلاصٍ، وأنْ نتسلَّحَ بالدُّعَاءِ؛ فهو خَيرُ سلاحٍ.

لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ والمشركون أضعافُ المسلمين، اسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: ((اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ(18) هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ))، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلائِكَةِ(19).

 

 

وهاجَتْ ريحٌ سوداءُ في عهدِ المهديِّ، فوجدَه حاجبُه ساجِداً على الترابِ يقولُ: ((اللهمّ لا تُشْمِّتْ بنا أعداءنا من الأممِ، ولا تُفْجِّعْ بنا نبيَّنا، اللهمّ إنْ كنتَ أخذتَ العامَّةَ بذنبي، فهذه ناصيتي بيدِك))، فما أتمَّ كلامَه حتى انجَلَتْ(20).

 

ثمّ إنّ الجادّين في طلبِ النصرِ وتحصيلِه، لا بُدَّ أنْ يسعَوا إلى تربيةِ الأجيالِ على هذه الأسبابِ، والبُعْدِ بهم عن أسبابِ الذُّلِّ والتبعيةِ والانهزامِ.

إنّ ظاهِرَ الأحداثِ يوحي بأنّ المرحلةَ القادمةَ مرحلةُ حربٍ فكريّةٍ، وهي حربٌ قد تكونُ أخطرَ بمراحلَ من الحربِ العسكريَّةِ. فالحربُ العسكريَّةُ قد تبعثُ روحَ المقاومةِ والمغالبةِ، وقد تُكْسِبُ الأمَّةَ تجارِبَ ومهاراتٍ لم تتعلَّمْها، ولم تتدرَّبْ من قبلُ عليها. أمّا الحربُ الفكريّةُ فإنّ نجاحَها يعني أنْ يذوبَ المنهزمون في المنتصرين، وأنْ يكونوا منهم، وأنْ يفقدوا هُويَّتَهم، وأنْ يُصابوا بداءِ الذّلِّةِ والتبعيَّةِ، وما أخطرَ مثلَ هذه الحالِ على الأمَّةِ وقيمِها!!

 

وكما أنّ الحربَ العسكريةَ تبدأُ بقَصْفٍ مُرَكَّز لمراكزِ القوّةِ لدى المقاومين؛ لِتُضعِفَ مقاومتَهم، وتنهارَ قوَّتُهم ـ فإنّ الحربَ الفكريةَ مثلُها في أنها تبدأُ في قصْفِ مراكزِ التوجيهِ والتربيةِ قصْفاً فكريّاً، حتى يسهُلَ فيما بعدُ السيطرةُ عليها، وتوجيهُ الجيلِ توجيهاً يقتلُ في نفسِه كراهَةَ المعتدي، ويئدُ في أعماقِه روحَ المقاومةِ، ويقضي على شعورِه بالتميُّزِ.

وقد أدركَ الأعداءُ هذه الحقيقةَ فسَعَوا جاهدين إلى إحداثِ انقلابٍ في المبادئ والمفاهيمِ، وتشويهِ صورةِ الدينِ، ووظَّفُوا في ذلك بعضَ أبناءِ جلدتِنا، وعاثتِ الفضائياتُ فَسَاداً وإفساداً في هذا الجيلِ، حتى ظَهَرَ جيلٌ لا يعرفُ سوى الملذاتِ، ولا يَقدرُ على التصرُّفِ في المُلِمَّاتِ. ومازالوا يسعَون إلى أكثرَ من هذا، ويطالبون بتنحيةِ الدِّينِ، وسُفُورِ مُربّيَةِ الأجيالِ، وتغييرِ المناهجِ، بدعوى تطويرِها.

 

ولذا فإنّ تحصينَ محاضِنِ التربيةِ، وتنقيتَها من الدُّخَلاءِ والعُمَلاءِ كفيلٌ بتحقيقِ النصرِ، ولو بعدَ حينٍ، وهو كفيلٌ بأنْ يَشِعَّ الضوءُ منها، ولو ادلهَمَّ الظلامُ، واحْلَوْلَكَ السّوادُ، واللهُ غالبٌ على أمرِه، ولكنّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزيتي خيرا موضوع قيم ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

** لم تزل العلاقة بين الإسلام والغرب سلسلة لا تنتهي من المواجهات، وقد روي في الحديث الشريف، بإسناد ضعيف ولكن يشهد له الواقع، ونصوص أخـــــــرى: (فارس نطحة أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبداً، والروم ذات القرون، كلما ذهب قرن خلفه قرن مكانه، إلى آخر الدهر).

 

 

 

ولنستذكر بعض الصور من التاريخ:

 

711 م سقطت شبه القارة الايبريية (أسبانيا والبرتغال) في أيدي المسلمين.

 

831م فتح المسلمون صقلية وباليرمو، وكانوا قاب قوسي أو أدنى من السيادة على إيطاليا كلها.

 

869م فتح المسلمون مالطا.

 

921م فتح المسلمون قسما من الأرض السويسرية ولم يرحلوا إلا عام 980م.

 

1060م استيلاء روجر الأول على صقلية.

 

1058م استيلاء الأسبان على أيبيريا.

 

1099م استيلاء الملك الصليبي غودفروا دوبويوت على بيت المقدس.

 

1187م استرجاع صلاح الدين بيت المقدس.

 

1291م انكفأ الصليبيون نهائيا عن الشرق.

 

1453م عودة المسلمين إلى الهجوم على الغرب وفتح محمد الفاتح القسطنطينة.

 

1519م توغلت جيوش العثمانيين أوربا حتى حصار فيننا.

 

1798م شن الغرب هجوما مضادا في حملة نابليون بونابرت في مصر.

 

1800م استولى المستعمرون الهولنديون على أندونيسيا.

 

1830م استولى الفرنسيون على الجزائر واحتلوها.

 

1857م احتلت بريطانيا الهند التي كان يحكمها المسلمون.

 

1869م فتحت قناة السويس، واحتفرها دولسبس ابن ماتيو دولو سبس الفرنسي المرافق لحملة بونابرت على مصر.

 

1882م احتل الإنكليز مصر.

 

1897م احتل الإنكليز السودان.

 

1917م دخلت الجيوش الغربية (الحلفاء) بيت المقدس.

 

وفي المقابل كر العالم الإسلامي على الغرب الصليبي في ثورات كثيرة من ثورة الجزائر 1830م، والسنوسية 1831م، وثورة المسلمين في الهند 1857م، إلى ثورة عمر المختار في ليبيبا 1930م، إلى ثورة فلسطين 1935م، وما بعدها إلى آخر ثورة ضد الاستعمار.

 

 

 

** وقد أمعن الغرب الصليبي في إخماد كل حركة جهادية ضد هيمنته على العالم الإسلامي إلى أن جاء عام: 1948م فأقام الغرب الكيان الصهيوني في فلسطين، وأمده بكل ما يكرس احتلاله لفلسطين.

 

 

 

ثم من 1948 م ـ إلى اليوم 2003م يواصل الغرب الصليبي هجمته على العالم الإسلامي، ومحاولته الهيمنة والسيطرة عليه وعلى مقدراته بشتى الطرق.

 

 

 

**وها هو اليوم، يطارد كل حركة جهادية إسلامية تهدف إلى التخلص من خطط الغرب لإبقاء العالم الإسلامي تحت سيطرته، كما يحاصر قدرة العالم الإسلامي على التفوق العسكري، ويضربها في مهدها، حتى لو كان ذلك بالحروب التدميرية إن لزم الأمر.

 

 

 

**سلسلة من الصراع المستمر والمواجهات، قرنا إثر قرن، كلما ذهب قرن خلفه قرن مكانه.

 

 

 

**وهذا الصراع سيستمر إلى أن ينتهي بانتصار نهائي لأحد المعسكرين، وقد صح في الحديث عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - ما يدل قطعا على استمرار الصراع إلى آخر الزمان قال - صلى الله عليه وسلم -: (ستصالحون الروم صلحاً آمنا، ً فتغزون أنتم، وهم عدواً من ورائكم، فتنصرون، وتغنمون، وتسلمون، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة) رواه أبو داود.

 

 

 

**وجاء في صحيح البخاري من حديث عوف بن مالك أنهم عندما يغدرون يأتون في ثمانين راية، تحت كل راية اثنا عشر ألفا.

 

 

 

** وصح في الأحاديث أن الانتصار النهائي سيكون لأهل الإسلام، وأن هذا الانتصار سيبلغ روما بعد القسطنطينية، ثم يعقب ذلك نهاية التاريخ العظمى بتتابع أشراط الساعة الكبرى فقيامها.

 

 

 

التناقض الموضوعي والتاريخي بين المشروع الإسلامي والغربي:

 

**والشاهد أن هذا الصراع، لم يزل، وسيبقى، لأنه نتيجة لتناقض موضوعي وتاريخي بين المشروع الإسلامي، والمشروع الغربي الصليبي.

 

 

 

**فالمشروع الإسلامي مشروع إلهي يقوم على الأصول الثلاثة التي دعت إليها الرسل جميعا، فدين الأنبياء واحد، و هذه الأصول هي: الإيمان بتوحيد الله، والإيمان بوجوب التزام البشرية للشريعة التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم الرسل، والإيمان باليوم الآخر.

 

 

 

**بينما يقوم المشروع الغربي على عقيدة استعمارية مبنية على التعصب الديني والعرقي والأطماع المادية.

 

 

 

أجنحة المكر الثلاثة:

 

**ولهذا المشروع ثلاثة أجنحة: الإرث الصليبي المتعصب، والحقد اليهودي الملتف حوله كالحية الرقطاء، والجشع المادي الذي أورثته العقيدة العلمانية اللادينيّة الغربيّة.

 

 

 

**وقد تحالفت هذه الأجنحة الثلاث على أن الهيمنة على العالم الإسلامي، وتطويق المشروع الإسلامي، يحقق لكل جناح هدفه، فتداعوا على الأمة الإسلامية، كما تتداعى الأكلة على قصعتها.

 

 

 

المراحل الخمسة التي مرت بها خطة الهجوم الصليبي المعاصر على الإسلام:

 

 

 

**وقد مرت مراحل الهجوم في خمس مراحل:

 

الأولى: مرحلة العنف، عبر حملاتهم العسكرية على العالم الإسلامي.

 

الثانية: تجزئة العالم الإسلامي إلى دول ودويلات في حدود سياسية صنعوها بدقة لتحقق أهدافهم على المدى القريب والبعيد.

 

الثالثة: التغريب بمحاربة الإسلام والأسس الإيمانية التي يقوم عليها، من الوحي الإلهي بالتشكيك في القرآن، والنبوة بالطعن في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، والشريعة بإقصائها واستبدل القوانين الوضعية العلمانية بها.

 

وقد اهتموا اهتماما خاصا بزرع النخب الموالية لهم من أبناء المسلمين، ليقوموا بهذا الدور بالنيابة، وقد قام هؤلاء بالمهمة خير قيام، كما ذكرنا ذلك في مقال سابق بعنوان (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو العلمانيـــــة اللادينية) ومقال آخر بعنوان (الشهب الطالبانية الحارقة على العلمانية اللادينية المارقة).

 

الرابعة: الإلحاق الاقتصادي، بحيث حولت كل مقوّمات العالم الإسلامي الاقتصاديّة إلى مقومات ملحقة بالاقتصاد الغربي تغذيه وتمده بأسباب القوة والبقاء.

 

الخامسة: تأسيس الكيان الصهيوني ودعمه، ليكون المراقب الميداني لإنجازات الغرب الصليبي في قلب العالم الإسلامي (الشرق الأوسط)، والمتعهد بالمحافظة عليها.

 

 

 

الرد الإسلامي على الهجمة الغربية الصليبية:

 

وبناء على ما تقدم فإن الرد الإسلامي على هذه المحطات، لإفشال خطط الهيمنة الغربية، يجب أن ينطلق إلى أبعد مدى ممكن، وينتشر على جميع المستويات:

 

 

 

*** بالجهاد الذي يقابل مرحلة العنف الصليبية، وهو قائم الآن، ويجب تشجيعه، وبعث روح التحدي والاستمرار فيه.

 

 

 

*** وبتحقيق الاستقلال الاقتصادي، وفصم التبعية الاقتصادية عن الغرب، ومحاربة الهيمنة الاقتصادية الغربية (مشروع المقاطعة على سبيل المثال).

 

 

 

***وبالكر على الأفكار التي يقوم عليها المشروع الغربي وإبطالها بالمعرفة الإيمانية والحكمة الإسلامية.

 

 

 

***وبتحطيم الكيان الصهيوني وتفكيك وجوده.

 

 

 

*** وبمنح هذه المراحل أيضا أوسع مدى مكاني في العالم الإسلامي المترامي الأطراف، وإعطاءه حقه في المدى الزماني أيضا حتى يحقق أهدافه البعيدة ولو عبر الأجيال.

 

 

 

المهم إبقاء روح التحدي متقدة:

 

فليس المهم سرعة النصر، وإنما المهم هنا سلامة الخطة، وإبقاء روح التحدي متقدة متوهجة لا تخبو أبــدا.

 

 

 

المهم امتثال قوله - تعالى -: (وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا، وما استكانوا، والله يحب الصابرين).

 

أي لم يلحقهم الوهن، وهو انكسار الجدّ، وما ضعفوا أي عن قتال عدوهم، وما استكانوا أي لم يذلوا له، ولم يخضعوا، ولو طال أمد الصراع.

 

 

 

هذا وإن العالم الإسلامي اليوم، يسير في اتجاه بعث جهادي واسع، وقد بدأت نهضته تلوح في الأفق، غير أننا نعلم أن التمكين لابد أن يسبقه الامتحان، فابعثوا في المسلمين روح التحدي، وأبشروا بالنصر.

 

 

 

ويا أيها المسلمــــــون.. (لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

بارك الله فيكِ ياحبيبة وجزاك خيرًا على النقل الطيّب ،

وأسأل الله النصر القريب للأمّة ..

 

بخصوص الحديث الضّعيف أول الموضوع ، أرجو الإطلاع على التّالي :

https://akhawat.islamway.net/forum/index.php?showtopic=23655

وأخيرًا ..اسمحي لي بنقل موضوعكِ للسّاحة المناسبة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

حسبى الله على حكامناااااااااااا حسبي الله على التهاووون

 

اين الجهااااااااد يا رجال العرب .......... عار عليكم جميعاااااااااااااااااا

 

والله لسوف تسالون على التخاذل فى حق اخوانكم ...........

 

اللهم انصر فلسطين الحبيه

 

اللهم عليك باليهود الظالمين

 

اللهم اخذلهم، ورد كيدهم إلى نحورهم،

 

اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم أهلكهم.

 

اللهم انشر الوباء بينهم، اللهم سلط عليهم الأمراض والصواعق والزلازل والمحن.

 

اللهم أهلكهم كما أهلكت إرم وعاد، اللهم صاعقة كصاعقة عاد وثمود،

 

اللهم سلط عليهم ريحا صرصرا. اللهم صب عليهم سوط عذاب، فإنهم قد طغوا في البلاد،

 

وأكثروا فيها الفساد، وقتلوا العباد، إنك لهم بالمرصاد،

 

اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×