اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

وستظل المعركة مستمرّة ...

المشاركات التي تم ترشيحها

وستظل المعركة مستمرة

 

مروة يحي

 

المكان هو نفس المكان، والأشخاص هم نفس الأشخاص... ربما تغيرت بعض ملامح المكان نظرا لاختلاف الفترة الزمنية، وربما اختلف المظهر الخارجي للأشخاص نظرا لاختلاف الملبس من فترة لأخرى، لكن... تظل النفوس هي النفوس، نفوس آمنت بالله ورسله، وأسلمت وجهها لله في شرعه وأوامره، وفي قضاءه وقدره، ونفوس أخرى تكبرت وأبت، تكبرت عن شرع ربها، وعن منهاج نبيها، واحتالت وزورت وقتلت، عتوا وعدوانا لتقول نحن شعب الله المختار!!

 

ربما تكونوا قد علمتم عن من نتحدث... نعم، نتحدث عن يهود، وربما تكونوا عرفتم المكان... نعم، هي فلسطين الحبيبة، ولكي نعرف الأشخاص سنعود للوراء كثير، عندما أرسل الله عيسى عليه السلام لبني إسرائيل.

 

وُلد عيسى عليه السلام بمعجزة إلهية، فقد وُلد من أم بغير أب، معجزة لم ولن تتكرر إلى يوم الدين، معجزة بمفهوم البشر، لكن الله لا يُعجزه شيء، فهو خالق كل شيء، وبيده أن يقول للشيء كن فيكون، خلق آدم عليه السلام من طين، وخلق حواء من ضلع آدم، وخلق عيسى عليه السلام من أم لا أب، وخلق باقي البشر من أم وأب، فهو قادر على كل شيء، خلقنا من عدم، وأحيانا ثم يميتنا ثم يحيينا... سبحانه الخلاق العظيم.

 

وُلد عيسى عليه السلام في أسرة مباركة طيبة، منها سيدنا زكريا، وابنه سيدنا يحيى عليهما السلام... فكان من قدر الله أن أرسل ثلاث أنبياء في وقت واحد ومن أسرة واحدة، لكن يهود هم يهود، أمس أو اليوم أو غدا، شديدي التمرد على الله وعلى شرع الله!!

 

والقصة هي هي نفس القصة، رجل معه الحق ويدعو إلى عبادة الله وحده، والالتجاء له وحده، وأُناس يريدون مصالحهم الشخصية... لم ينكر بني يهود وجود الله، كما لم ينكر مشركي قريش وجود الله، وكما لم ينكر منافقي المدينة وجود الله، ولكن هي الدنيا... لا يريدون شرع الله، يخافون على مصالحهم الشخصية، يخافون على الملك أن يضيع منهم!!

 

أردا الامبراطور في ذلك الوقت أن يتزوج من ابنة أخيه، وكان هذا محرما في شريعة اليهود، فطلب من سيدنا يحيى أن يصدر له فتوى بذلك، فكان جواب يحيى عليه السلام أنه سيعلن للناس ذلك، فجمع الامبراطور له الناس في المعبد، فلما اجتمعوا خطب فيهم يحيى عليه السلام وأعلن تحريم زواج المرأة من عمها... كان من الممكن أن يصمت ويقول هي مرحلة حتى نقيم دولة!!، وكان من الممكن أن يواري ويتعلل أن الوقت غير مناسبا، وكان من الممكن أن يظهر بعض الامتعاض البسيط وينادي للتعايش!!... ولكنه لم يصمت كما صمت الكثير فكان صمتهم هذا إشارة للفاجر أن سِر في طريقك فأنا لا أرى، لا أسمع، ولن أتكلم. وأيضًا لم يمارِ ولم يجارِ ولم يوالِ، بل أعلنها أمام الجميع ليعلم القاصي والداني بالأمر... فما كان من ذلك الفاجر أن قتل يحيى وزكريا عليهما السلام لأن شريعتهما لم ترق له!!، ويبدو أن هذا حال الحكام في سائر العصور، يأبون بأن يكون الحكم كله لله، يريدون أن يكون الأمر لهم وحدهم لا ينازعهم فيه أي أحد، وإن كان الذي سيعادونه ويخرجون عن شرعه هو "الله" مالك الملك، من بيده ملكوت السماوت والأرض {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [سورة الأعراف: 54]، فكان حكم الله فيهم {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سورة المائدة: 44].

 

ورغم ما حدث من نشر زكريا عليه السلام بالمناشير، وقتل يحيى عليه السلام وتقديم رأسه لبغي، رغم هذا كله لم تبتعد هذه الأسرة المباركة عن ميدان الدعوة والصدع بالحق، لم تقل كفى ما حدث بنا لقد قدمنا الكثير، نريد أن نحيا في سلام ووئام مع اللئام، بل ساروا على النهج يعلنونها صريحة في وجه كل فاجر، سواء كان حاكم أو كاهن!!

 

ظل عيسى عليه السلام ينشر دعوته، فتضايق منه كهنة يهود عندما شعروا أن قلوب الناس بدأت تلتفت عنهم، وحسدوه على المكانة التي وصل إليها، وخافوا من أن يكون له سلطان على الناس فتذهب سلطتهم ويذهبون... ويبدو أيضا أن هذا هو حال الظالمين في كل زمان ومكان مع كل من يحاول أن يرفع راية التوحيد، سواء قالوا: "لن نسمح بوجود إمارة إسلامية في (غزة أم أفغانستان أم الصومال أم كشمير أم الشيشان) أو حتى إن أراد أن يقيم تلك الدولة في القلوب فقط كما فعل عيسى عليه السلام... هم لا يريدون أن يسمعوا كلمة شرع الله، {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [سورة الزمر: 45]، هي هي نفس الرواية... تآمروا على عيسى عليه السلام، تآمروا على نبي، ولا أدري كيف طاوعهم قلبهم على هذا؟!، وأرادوا تقديمه للمحاكمة، وأنا لا أدري على أي شيء سيحاكم؟!، ألأنه قال "الله" يُهان؟!، ألأن دينه هو الإسلام؟!...

 

ورفع الله عيسى عليه السلام وأنجاه من هذه المؤامرة {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [سورة آل عمران: 55].

 

رفُع سيدنا عيسى لتظل المعركة مع الذين كفروا إلى يوم القيامة {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}، ولكن الذين اتبعوا عيسى عليه السلام ليس النصارى الذين حرفوا وبدلوا، ولكن الذين اتبعوا عيسى هم المسلمون {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [سورة آل عمران: 52]... إذًا فدين عيسى عليه السلام ودين الأنبياء جميعا هو الإسلام، والمعركة هي بين المسلمين والكفار إلى يوم القيامة، سواء هؤلاء الكفار كانوا يهودا أو نصارى أو مشركين، فالكفر هو الكفر، مهما كان اسمه أو رسمه...

 

وادعى اليهود أنهم ينتظرون نزول المسيح عليه السلام مرة أخرى في فلسطين، ولا أدري كيف ينتظرونه وقد كفروا به مسبقا، وعاونهم النصارى في ذلك، ولا أدري كيف ينتظرون عودته إن كانوا يؤمنون أنه قُتل؟!... وهل يعود الذي مات إلى الحياة مرة أخرى من جديد؟!!

 

ويبدو أن فلسطين بالفعل والله أعلم هي أرض الميعاد، ولكن أضل الله اليهود والنصارى وأعمى أبصارهم عن الفئة المنصورة، أو هم أوهموا أنفسهم أنهم هم الفئة المنصورة فذهبوا إلى هناك ينتظرون المسيح عليه السلام، كما ذهبوا إلى المدينة من قبل ينتظروا بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا يتوقعون أن يتوهمون أيضا أن يكون منهم فلما علموا أنه من نسل إسماعيل عليه السلام عادوه، وحاولوا قتله، وتآمروا عليه مع المنافقين -ويبدو أن المنافقين أيضًا على مر الزمان إخوانًا لإخوان القردة والخنازير يتآمرون معهم على المسلمين-، فما كان من النبي عليه الصلاة والسلام أن حاربهم وطردهم جميعا ليكونوا عبرة لإخوانهم... ولكنهم لم يعتبروا. فذهبوا في العصر الحديث إلى فلسطين ينتظرون المسيح عليه السلام ويتوهمون أنه سيحارب معهم ضد المسلمين، أي ظلم وكبر وعدوان هذا؟!، بل أبُشرهم جميعا أن من سيتبعونه هو المسيح الدجال وليس المسيح عليه السلام، ثم ينزل المسيح فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويحكم بشرع الله، ويصلي وراء إمام المسلمين وقتها...

 

ضل أتباع عيسى عليه السلام، وحرفوا وبدلوا {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [سورة المائدة: 72]، {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة المائدة: 73]، وأبى الله أن تسقط راية التوحيد، فبعث الله محمد صلى الله عليه وسلم ليرفع راية التوحيد عالية، هو ومن تبعه إلى يوم القيامة لتظل المعركة مستمرة مع الذين كفروا... يمكن أن ينتصر المسلمون يوما مثل يوم بدر، ويمكن أن يُقتلوا يوما كغلام الأخدود ومن اتبعوه، ليس المهم من يقتل من، ولكن الأهم عند الله هو الثبات على الحق، وعلى الإسلام وشرعه ومنهجه بدون تبديل أو تغيير إلى أن نلقى الله، وإن قُتلنا جميعا، فنهاية المعركة الحقيقية ليست في الدنيا، ولكن نهاية المعركة الحقيقية في الآخرة، وعند الله تجتمع الخصوم...

 

«لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم، حتى تقوم الساعة» [صححه الألباني].

 

«لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال» [رواه أبو داود وصححه الألباني].

 

«لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمير، تكرمة الله لهذه الأمة» [صححه الألباني].

 

وستظل المعركة سجال بين الحق والباطل إلى يوم القيامة، فانتظروا إننا منتظرون.

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قطعتي قلبي يا مشرفتي بهذا المقال ..

جزيتي خير ا ..

ووفقك الله في امتحنات الدنيا وسهل لك بها طريقك الى الجنان ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

جزاك الله خير الجزاء حبيبتي

 

اللّهمّ أّرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه, وَأَرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
«لا تزال طائفة من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم، حتى تقوم الساعة» [صححه الألباني].

 

وستظل المعركة سجال بين الحق والباطل إلى يوم القيامة، فانتظروا إننا منتظرون.

إننا منتظرون وسينتصر الحق على الباطل إن طال الزمن أو قصر ..

وبإذن الله النصر قادم وقريب

 

اللهم أنصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين .. اللهم آمين

 

مقال رائع ..

بوركتِ ياغالية ..

لاحرمتِ الأجر ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله بكِ مشرفتنا الحبيبة على هذه المقالة الرائعة

رفُع سيدنا عيسى لتظل المعركة مع الذين كفروا إلى يوم القيامة
وستبقى الى يوم الدين لان هؤلاء الكفار واليهود اذا كانوا منقبل تضايقوا حسدوا عيسى عليه السلام

وهو من يقولون انهم ينتظرون نزوله مرة اخرى في فلسطين

فكيف بمن يتبعون دين الاسلام وهم من يكرهون الاسلام والمسلمين

حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله خير الجزاء اختناااا

 

المعركه لن تنتهي الي يوم الين

 

ولكن كلمه الحق هي التي ستعلو وتعلو

 

كلمه

 

لا اله الا الله

 

وان النصر لقادم باذن الخالق

تم تعديل بواسطة مـــاريـــا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×