اذهبي الى المحتوى
الروميساء

الحوار بين الزوجين هو مفتاح التفاهم والانسجام

المشاركات التي تم ترشيحها

الحوار بين الزوجين هو مفتاح التفاهم والانسجام

 

الحوار بين الزوجين هو مفتاح التفاهم والانسجام، الحوار هو القناة التي توصلنا إلى الآخر. فعندما نتحاور إنما نعبّر عن أنفسنا بكل خبراتنا الحياتية وبيئتنا الأسرية والتربوية، نعبّر عن جوهر شخصيتنا عن أفكارنا عن طموحاتنا... فالحوار ليس أداة تعبير "لغوي" فقط بل الحوار هو أداة التعبير الذاتي.فكيف لزوجين يرمون إلى التفاهم والانسجام وتحقيق المودة والألفة من دون أن يُحسنا استخدام الحوار ؟

لقد أصبح "الحوار" من أكثر المواضيع بحثاً، نظراً لأهمية الحوار في عملية الاتصال والتواصل الإنساني ونجاح هذه العلاقات. كما اعتبر انعدام الحوار بين الزوجين من الأسباب الأولى المباشرة المؤدية إلى الطلاق وفقا لما ورد في دراسات عديدة، نذكر منها: الدراسة الإحصائية التي أعدتها "لجنة إصلاح ذات البين" في المحكمة الشرعية السنية في بيروت-لبنان عام 2003 تبين فيها أن انعدام الحوار بين الزوجين هو السبب الرئيسي الثالث المؤدي إلى الطلاق. وفي دراسة علمية أعدها الباحث الاجتماعي علي محمد أبو داهش، والذي عمل 18 سنة في مكاتب الاجتماع بالرياض والمتخصصة في حل المشكلات الاجتماعية وأهمها الطلاق، تحت إشراف مجموعة من الباحثين الاجتماعيين، أوضح أن أهم أسباب الطلاق المبكر هو عدم النضج، عدم التفاهم، وصمت الزوج. وأشار أبو داهش إلى أن مشكلة انطواء الأزواج وصمتهم في المنزل أصبحت من القضايا التي تخصص لها نقاشات في الندوات العالمية لما لها من تأثير سلبي على نفسية الزوجة والحياة الزوجية عامة. وفي دراسة ثالثة (نُشرت في إحدى صفحات المواقع الإلكترونية) أقيمت على نحو مائة سيدة، اخترن كعينة عشوائية، بهدف الكشف عن أبرز المشكلات الزوجية التي تواجه أفراد العينة، تراوحت الإجابات بشكل عام ما بين الصور التالية: بقاء الزوج فترة طويلة خارج المنزل ، الاختلاف المستمر في الآراء ووجهات النظر، رغبة الزوج في الانعزال عن الآخرين أو الاختلاط في المجتمع المحيط، انعدام الحوار! وعندما طُرح في هذه الدراسة ما هو الأسلوب الأمثل لحلّ هذه المشكلات الزواجية، تبين أن ما يزيد على (87%) من إجابات أفراد العينة يفضلن الحوار المباشر لحل أية مشكلات، وفسرن ذلك بأنه أقصر الطرق لحل أي خلاف ينشب. كما أشارت نسبة (4%) اللاتي قلن إنهن يلجأن لوسائل أخرى لحل الخلافات الزوجية أبرزها كتابة الرسائل المتبادلة التي توضح وجهة نظرهن في المشكلة المثارة.

بناء على ما سبق نستنتج أن تعلّم "الحوار" وممارسته في الحياة الزوجية والأسرية من أهم العوامل التي تحقق الانسجام والتفاهم الزوجي والاستقرار الأسري. لذلك سنتناول في هذا البحث المواضيع التالية:

المفاهيم الخاطئة لدى الزوجين المسببة لانقطاع الحوار أو لسوء ممارسته، ثم نشرح كيف ينظر كل من الزوجين إلى الحوار وما مقدار حاجته وأهميته بالنسبة له، وماهي الفروقات النفسية والفكرية في طريقة استخدام الحوار بين الزوجين، ثم نعرض بعض الإشكاليات حول الحوار وأهمّها: الرجل الصامت والمرأة الثرثارة، وكيف نعالج ذلك عند كل منهما. وفي الفقرة الأخيرة نفصّل في أساليب ناجحة في بناء الحوار الإيجابي والفعّال بين الزوجين.

أولاً: المفاهيم الخاطئة المعوّقة لعملية الحوار بين الزوجين:

يوجد العديد من المفاهيم الخاطئة التي يعتقد بها الأزواج تعيق عملية الحوار والتواصل بين الزوجين بشكل غير مباشر. ونذكر أبرزها:

أ- مفاهيم سلبية خاصة لدى الزوج:

-يفترض الزوج أن الزوجة تتصرف كما يتصرف هو من حيث أسلوب التفكير والمحادثة.

-الاستهانة بشكوى الزوجة واعتبارها من أساليب الزوجة النكدية.

-التعامل معها بلغة العقل وإغفال الجانب العاطفي وذلك مقياسًا لطبيعة الرجل وأسلوب حياته.

-الاستخفاف باقتراحات الزوجة لحل المشاكل المطروحة نظرا لعدم الثقة بقدرتها على إيجاد الحلول المناسبة.

-أن الزوج قد وفّى بكل مطالب الزوجة وأدى واجباته المالية من حيث السعي والعمل والإنفاق وهكذا يكون قد أدى دوره.

-أن الزوجة بطبعها كثيرة الثرثرة فمن الأفضل عدم اعطائها الفرصة للتحدث والعمل على إيقافها عند اللزوم.

-على الزوجة فقط أن تبادر لتحادث زوجها وتؤمن له الراحة النفسية.

-لا يوجد وقت كافي للتحادث مع الزوجة نظرا لضغط الأعمال وضيق الأوقات وهي ستتفهّم ذلك.

ب- مفاهيم سلبية خاصة لدى الزوجة:

-أن تقارن الزوجة تصرفات زوجها بتصرفاتها.

-تتوقع من الزوج أن يقوم بما ترغب في أن يقوم به، لأنه يفكر بالأسلوب نفسه.

-تعتمد أسلوب الاستفزاز لكي تخرجه من صمته وتدفعه للحوار.

-تتوقع أن يبادرها في الحوار وأن يعبر لها عن مشاعره الرومانسية في كل حديث وساعة.

-أن تعاند الزوجة آراء زوجها لاعتقادها أن الرجل لا يأتي إلا بهذه الطريقة.

-أن الزوج عندما يصمت إنما يعبر عن غضبه عليها وعن فتور الحب بينهما.

إن الحديث عن المفاهيم الخاطئة لدى الأزواج ينقلنا لشرح ما يعنيه الحوار لكل من الزوجين، وهل يختلف معنى الحوار والحاجة إليه عند كل منهما وما هي الفروقات النفسية والفكرية في طريقة استخدام الحوار ؟

ثانياً: الفروقات النفسية والفكرية في طريقة استخدام الحوار عند الزوج والزوجة:

أ- عند الزوج:

•إن الرجل لا يتكلم إلا لهدف معيّن، فهو لا يقصد الحوار بذاته أي لأنه يريد أن يتكلم فقط، إنما يقصد الحوار لتحقيق غاية معيّنة مثال إثبات الذات، جلب المصالح، المناقشة والمنافسة، كسب العلاقات العامة..

لذلك نرى الرجل يتكلم خارج المنزل أكثر من داخله، ويستعمل كل أسلحته خارجاً للفوز ولتحقيق أهدافه، ولهذا فهو يستهلك الكثير من الكلام ما يجعله يظهر بمظهر المتكلم والثرثار خارجاً، وعند عودته إلى المنزل نراه قليل الكلام لأنه بذل مجهوداً كبيراً في الخارج ولم تبقى لديه الطاقة التي تعينه.

•كذلك فإن المنزل بالنسبة لمعظم الرجال هو المكان الذي لا يتوجب عليه الكلام فيه، فهو قادم للراحة. فالراحة للرجل هي الابتعاد عن المنافسات والمناقشات الطويلة، الراحة بالنسبة للرجل هي عدم الكلام.

•كما أن الرجل لا يستخدم الحوار إلا إذا أراد أن يستفسر عن أمور معيّنة أو يتحقق من واقعة، ونادراً ما يتحدث الرجل عن مشاكله إلا إن كان يبحث عن حلّ عند خبير، لأن بنظره "طلب المساعدة عندما يكون باستطاعتك تنفيذ العمل هو علامة ضعف أو عجز" .

• يجد الرجال صعوبة قصوى في التعبير عن مشاعرهم وقد يشعرون بأن كيانهم مهدد إن أفصحوا عن ذلك، وهذا ما يدفعهم للتعبير عن مشاعرهم بطرق أخرى مختلفة عن الحوار.

ب- عند الزوجة:

•تشعر النساء بقيمتهن الذاتية من خلال المشاعر ونوعية العلاقات التي تقيمها مع الآخرين. ويختبرن الاكتفاء الذاتي من خلال المشاركة والتواصل.. فإن الحوار والتواصل بالنسبة للمرأة هي حاجة ضرورية وملّحة، هي حاجة نفسية فإن لم تشبعها يحدث لديها اضطراب. وقد تلجأ المرأة إلى تصريف هذه الحاجة من خلال إقامة العلاقات الاجتماعية والمشاركة في جلسات حوارية مختلفة خارج المنزل، وبالرغم من أنه يلبي حاجة في نفسها إلا أن الزوجة لا يمكن أن تشعر بقيمتها الذاتية إلا من خلال إشباع حاجة الحوار لديها مع زوجها. فإن كان الزوج من النوع الذي لا يحاور زوجته أو لا يصغي لحديثها، فإن الزوجة تفسّر ذلك بأنه لا يحبها ولا يقدّرها، وهذا بالتالي يؤثر على نفسية الزوجة فتقوم بردات فعل تجاه الزوج مسيئة للعلاقة الزوجية.

•كما أن الزوجة داخل المنزل تكثر الكلام وتتكلم في أمور شتى لأن المنزل هو المكان الأمثل الذي تشعر فيه بحرية الكلام وعدم خوفها من ملاحظات الآخرين، فتتكلم بأمور كثيرة مهمة وغير مهمة. الحياة بالنسبة للمرأة عبارة عن اتصال ودي ومحاولة خلق جو ملؤه المحبة والوئام، والكلام هو أفضل وسيلة، فتظهر أنها ثرثارة تختلق الكلام حتى ولو لم يكن هناك شيء مهم.

ج- لغة المرأة مختلفة عن لغة الرجل:

•لا يختلف الرجل عن المرأة بيولوجيا ونفسيا فقط، أيضا في طريقة استخدام اللغة. فعندما يتكلم الرجل يختار كلماته بدقة وواقعية، فهو كل كلمة ينطقها يقصدها ويعنيها بذاتها. لذلك نرى كلامه مرتباً متسلسلاً منطقياً، ويبتعد عن استخدام لغة العاطفة في حديثه. بينما المرأة عندما تتحدث تستخدم لغة العاطفة في كلامها. فغالبا ما نراها تستخدم هذه العبارة: " أنا أحسّ، أشعر.." وعندما تتكلم المرأة فهي تطلق أحكاما عامةّ شمولية ولا تقصدها لذاتها إنما لتبالغ في التعبير عن شعورها أو ما يزعجها. مثال تقول للزوج "أنت بحياتك ما أخرجتني.. ألف مرّة قلت لك لا تفعل ذلك.. إنك لا تشعر بي أبدا...." هذه العبارات يفهمها الرجل كما هي على الإطلاق وذلك لأنه يفهم كلامها من منظاره هو، أي يفهم هذه العبارات كلمة كلمة، وهذا ما يثير غضب الزوج. وقد نرى في هذه الحالة ردة فعل عنيفة له قائلا على سبيل المثال:" كيف لا! ألم نخرج في الأسبوع الماضي يوم كذا الساعة كذا... كلا لم تخبريني سوى ثلاث مرات.... لقد فعلت كذا لأعبر لك عن شعوري معك، ألا تذكرين موقف كذا في يوم وتاريخ قد فعلت لك وقمت وشاركتك مشاعرك..." وهذه الأمثلة الصغيرة كثيرا ما تتكرر في الحوار بين الزوجين، وهو حوار سلبي في حال استمر على هذا الحال. فإن الرجل هنا يحكم على حديث المرأة مقارنة باستخدامه الخاص للغة، كما أن المرأة لا تستوعب ردة فعل زوجها وتظن أنه يحاسبها على ما فعله لأجلها وهو يسرد لها هذه التفاصيل..

•اختلافات أخرى في اللغة : تلجأ المرأة لتعبّر عن معاناتها أو ما يؤلمها ويشغل بالها من خلال الحوار. فالمرأة تفكّر بصوت عال، وهي توجّه الحديث إلى زوجها لأنها تحتاج في هذه اللحظات إلى دعمه العاطفي والمعنوي، على سبيل المثال عندما تقول الزوجة:" آه إن رأسي يؤلمني.. كم تعبت اليوم في العمل لقد واجهت مشاكل كثيرة... لا أدري ماذا أفعل غدا مع هذا الموقف... إن والدتي مريضة ولدي إلتزامات كثيرة غدا كيف أوفق بين ذلك كلّه.." تستخدم الزوجة هذه العبارات لتعبّر عن ما يجول في خاطرها من أفكار، وعن ما يختلج في صدرها من مشاعر، لكن ما يزيد من ألم الزوجة هو عدم تفّهم الزوج حاجتها للدعم النفسي والعاطفي وخاصة عندما يرد عليها بهذه العبارات:

" يمكنك أخذ مسكّن لوجع الرأس.. أتركي العمل أو خففي من وقت العمل... يمكنك فعل كذا وكذا في هذا الموقف... يمكنك الاعتذار عن بعض الالتزامات وإخبار والدتك بذلك.." الرجل هنا يعتبر أن المرأة عندما تشتكي بهذه الطريقة لأنها عاجزة عن إيجاد الحلول وأنها تطرح عليه ذلك للمساعدة، وإن الرجل بطبيعته العملية يصغي لما تقول ويعتبر أنه المسؤول عن إيجاد الحلّ لمساعدة زوجته في ذلك. لكن المرأة يغضبها ردّ الرجل وتتهمه في هذه الأوقات بأنه لا يتفهمها ولا يشعر معها، فبدل أن يخفّف عنها معاناتها يزيدها ألما فهي في هذه اللحظات تحتاج لأن يقول لها مثلا:" سلامتك حبيبتي.. يضمها ، يقبلها.. ماذا حدث معك في العمل لماذا أنت تعبانة؟... آه يا زوجتي كم أنت حنونة وحسّاسة أنا فخور بك لأنك تحترمين والدتك وأنك إنسانة فاعلة في المجتمع.. تعالى نتحدث كيف يمكن أن نخرج مما تعانين.." بهذه العبارات يمتلك الرجل المرأة ويشعرها بأنها محظوظة بهذا الزوج الذي يتفهمها ويقدّرها.. لهذا على الرجل أن يفهم هذا الاختلاف في التعبير، فالمرأة هنا لا تشتكي لعجز عن الحل إنما لتعبّر عن مشاعرها أو لأنها تفكّر بصوت عال..

•ومن الاختلافات أيضاً، عندما تطلب المرأة شيئا أو تقترحه على زوجها قد يعتبر الرجل أنها تأمره، فالمرأة تقترح ليناقشها الزوج ولا يعني أنها تبت بهذا الموضوع. على عكس الرجل فعندما يطلب أو يقترح فغالبا ما يكون قد أخذ القرار بذلك..

• كذلك في حالة الحوار بين الزوجين تنتقل المرأة من موضوع إلى آخر مختلف، من دون أن تنهي الموضوع الذي بدأت به وقد تستدرك ذلك في آخر حديثها فتعود للموضوع الأول وتنهيه، وهكذا دواليك... وهذا يتعب الرجل فهو يحلل أثناء حديث الزوجة، يقول ما علاقة الموضوع الأول بالثالث أو هذه الحادثة مثلا، فيتضح له أنه لا علاقة! قد يتفاجأ من ذلك فهو بطبيعته تركيزي أي يناقش موضوعا موضوعا ولا يترك ملفات مفتوحة.. فكأن الرجل يستخدم طريقة عامودية والمرأة تستخدم طريقة أفقية في الحديث..

هذه الاختلافات إن لم يعيها الزوجان قد تفجّر بركانا من الخلافات الزوجية، وتبدأ النيران بالاشتعال بمجرد أن يستخدمان الحوار النفسي السلبي، فما هو هذا الحوار؟

د- الحوار النفسي السلبي عند الزوجين:

الحوار النفسي السلبي هو الحوار الداخلي الذاتي، أي طريقة الحوار مع النفس فالحوار عند الانسان ينقسم إلى حوار داخلي أي أفكارك التي تدور في بالك وما تحدثه لنفسك، وحوار خارجي هو التعبير اللغوي.

في موقف معيّن بين الزوجين على سبيل المثال، عندما يطلب الزوج من زوجته أن تسهر معه وقتا طويلا وترفض ذلك الزوجة لأنها تشعر بالتعب نتيجة أعمالها الشاقة في ذلك اليوم وتستأذن لتنام. هذا الموقف تختلف فيه ردات فعل الأزواج، وذلك وفقاً للحوار النفسي الذي يفعله الرجل. قد يحدّث الرجل نفسه في هذا الموقف " إنها لا تحترمني لا تقدّر رغباتي لقد احتجت بالتعب لتتهرب مني- إنها تتعمد إغضابي- لا تحبني- إنها أنانية..." هنا استخدم الرجل الحوار النفسي السلبي (وكذلك الحال لو عكسنا المثال على المرأة) ودخل الرجل في دائرة الحوار النفسي وهي:

فكرة سلبية- تضخيم هذه الفكرة وإيجاد تفسيرات ذاتية لها- توتر داخلي- تصاعد التوتر- غضب- مشكلة مع الطرف الآخر.

لذلك نلاحظ في كثير من الأحيان أن الزوجين قد يطلبان الطلاق لأسباب ظاهريه بسيطة ، إنما يكون الدافع من وراء ذلك هذا الحوار النفسي السلبي الذي لم يتعالج ولم يتم التحدث عنه وتفريغه. فهذا الرجل أو المرأة الذي دخل في هذه الدائرة يفتعل أي مشكلة مع زوجته ويضخمها عقابا لها، وفقا لما يعتقده من أفكار سلبية نحوها لا تمت بأي صلة للواقع إنما هي أفكار

post-18659-1149008034_thumb.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لغة الحوار ..قبل وبعد الزواج

 

الحوار في فترة الخطبة يكون لطيفاً حتى يحصل كل منهما على قبول واستحسان الآخر، فهو حوار للتودد والتعارف، وتكون فتراته قليلة حسب ظروف كل خاطبين وحسب ما تسمح به أسرة الفتاة، وهذا شيء طبيعي يحدث بين أي خاطبين حتى ينال كل منها رضا الآخر، ويكون في اشتياق دائم للحديث معه في حوار رقيق، به بعض المجاملة، ويغلب عليه طابع العاطفة، أما بعد الزواج يختلف الوضع عما كان عليه سابقاً حيث إنهما أصبحا معا طوال الوقت ويستطيعان أن يتحاورا معا في أي وقت وفي أي مجال، إلا أنهما لا يستثمران ذلك في صالحهما، بل يحدث العكس، ونحن لا نستطيع أن نعمم القاعدة، في أن الزواج يؤدي إلى تغير الحوار إلى الأسوأ، بل العكس قد يكون إلى الأفضل ولصالح الزوجين ويزيد من حبهما وتقاربهما، وهذا هو المطلوب، وهذا ما أنصح به أن يكون الحوار بين الزوجين بعد الزواج أكثر إيجابية عما كان عليه أيام الخطبة حتى تستمر حياتهما دون ملل أو رتابة، وحتى يسود علاقتهما الحب والتفاهم.

أما النوع الآخر من التغير الذي يكون للأسوأ وهو حال الكثير من الأسر في عالمنا العربي التي غاب طائر الحب عن سمائها عندما فقد القدرة على الاستمرار في جو خانق كئيب لا روح فيه ولا حياة.

وقد يكون التغير في الحوار، أو الجفاء في الأسلوب، أو الصمت وفقدان الحوار، لأسباب عدة منها:

1- انشغال كل من الزوجين عن الآخر، حيث ينشغل الزوج بأحواله وظروف عمله ومشاكله وتنشغل الزوجة عن الاهتمام بزوجها إلى رعاية أبنائها، فمن تعب إلى تعب ومن انشغال إلى انشغال، فأين الوقت؟ وأين الطاقة والإرادة والصبر؟ من أجل بدء وإدارة حوار أو حتى تبادل الكلام.

2- عدم وجود الحب بين الزوجين، فالحب يخلق الحوار، فقد يكون زواجهما لمصلحة أو هدف معين، وقد يكون إجباراً من الوالدين، وبالتالي تفتقد حياتهما الحوار.

3- الاعتقاد الخاطئ بأن الأفعال تغني عن الأقوال فنجد لحجتهم ألف دليل ودليل على أن الحب أبلغ من الكلام.

4- الجهل بمعنى وأهمية الحوار. هناك غياب للإدراك بأن الحوار هو عصب الحياة الزوجية، وأنه الجسر الذي تنتقل عبره المغازلات والمعاتبات والاستشارات والملاحظات.

5- تعوّد الزوجين على بعضهما فالإنسان يكون ملهوفاً على الشيء ويبذل قصارى جهده ليناله، وإذا امتلكه تعود عليه ومل منه، وهذا هو حال الزوجين بعد الزواج، فبعد اللهفة والأشواق يكون البعد والملل، وذلك يسبب عدم حرص كل طرف على أن يضفي معنى جديداً في حياة الآخر، أو إهمال أحد الطرفين في إظهار المودة للطرف الآخر.

6- كثرة المشكلات بين الزوجين سواء بسبب الأبناء أو الأمور المادية.

7- الحرص على عدم تكرار فشل سابق في الحوار، فقد تخاف الزوجة أن تطلب من الزوج ذلك، فربما يصدها أو يستخف بحديثها كما فعل في مرة سابقة، أو قد ييأس الزوج من زوجة لا تصغي، ولا تجيد إلا الثرثرة، أو لا تفهم ما يطرحه ويحكيه.

8- اختلاف ميول الطرفين في بداية حياتهما الزوجية، وذلك لاختلاف بيئتهما ويؤكد د.خضر بارون أن تغير الحوار والكلام بين الزوجين أم المشاكل في كثير من الحالات الزوجية المتأزمة، ولذلك لابد على الزوجين أن يحرصا على وجود الحوار بينهما، وذلك لأن الزواج ارتباط يدوم مدى الحياة ويزدهر مع الأيام عندما يصبح الزوجان أفضل شريكين وصديقين، والواقع أنه لو استطاع الزوجان أن يحتفظا في ظل الزواج بحب الخطبة وبهجتها، وما يتخللها من حوارات شيقة لعاشوا حياتهم في نعيم دائم، والمطلوب من كل عروسين كي يحققا سعادتهما الزوجية أن تكون معلوماتهما عن الزواج واقعية، وكما يقول علماء النفس والاجتماع: ضرورة توافر انسجام نفسي وعقلي بين الزوجين وأن يعمل كل منهما على الظهور بمظهر المرح، والاهتمام بميول شريكه ومن المعروف أن الحياة الزوجية مليئة بالأعمال المتكررة المملة، وبالمشاكل والأزمات المالية، وهذا شيء يجب أن يتقبله الطرفان من أول يوم في الحياة، والحياة الناضجة هي مزيج من الهموم والمرح والمسؤولية والترفيه وأضاف د. خضر بارون قائلاً :

إذا كان الزوجان يحتاجان إلى الحوار أيام الخطبة فهما بعد الزواج أشد حاجة إليه حتى تستقر حياتهما ويزداد تفاهمهما، وبالتالي يعيشان حياة سعيدة بإذن الله.

إن انعدام أو تغير الحوار بين الزوجين لا ينعكس أثره على الزوجين فقط، بل يتعداه إلى الأبناء، فقد يؤدي ذلك إلى نشوء أطفال انطوائيين، فاقدي الإحساس بالأسرة، لا يستطيعون التعبير الجيد عن أنفسهم، فالحياة الزوجية علاقة سامية قائمة على الشراكة، وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلم يمنعه حمل الدعوة وحمل مسؤوليات أمه بأسرها من أن يكون خير زوج وخير مؤنس لأهل بيته، فليتنا نقتدي به.

وحتى يستطيع أحد الزوجين التعامل مع طرفه الذي تغير في الحوار معه يقول د.خضر بارون: إن على كل من الزوجين أن يحاولا بقدر الإمكان المحافظة على وجود حوار دائم وفعال بينهما قائم على الود والحب، فشجرة الحب ترتوي بالحوار والكلام الجميل، وتنمو بالمشاركة الوجدانية، فعلى الزوجين أن ينظرا إلى الأسباب التي أدت إلى تغير الحوار بينهما، ويحاولا معالجتها، وعلى الزوجة بالتحديد أن تحاول تطوير العلاقة مع زوجها وخصوصاً الحوار المتجدد، وذلك لأن الزوجة بيدها مفاتيح السعادة.

الزوجة الذكية هي التي تستطيع أن تفتح مجالات متعددة للحوار مع زوجها من خلال:

• الإصرار على محاورة زوجها في كل ما يخصه ويخص حياتهما.

• أن تؤكد لزوجها أنه أهم وأكبر شيء في حياتها بعد مرضاة الله عز وجل.

• إبداء حوارات مختلفة، وممارسة هوايات سوية.

• السفر سويا في نزهة داخل البلد أو خارجها.

• استثمار الأبناء في جذب الزوج للحوار وفتح مناقشات معه.

• اختيار الموضوع الذي يتحاوران فيه، فهذا يساعد على تبادل الحوار بينهما.

• تحاول الزوجة أن يكون حوارها مع زوجها بالكلمات الرقيقة مثل ( حبيبي- عمري- روحي) فهذه كلمات تساعد على جذب الانتباه.

• الاجتماع والمحافظة على تناول الوجبات سويا مع الأولاد، فهما فرصة للحوار.

• أن يتحاورا في كل شيء مهما كان صغيراً، فهذا يزيد من التقارب والحب بين الزوجين.

وبذلك يكون تغير الحوار بعد الزواج للأفضل ويزيد من الحب والتقارب بين الز

post-18659-1149008719_thumb.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أين كنت»؟ سؤال يكرهه كثير من الرجال

 

 

«أين كنت»؟سؤال يتردد على ألسنة كثير من الزوجات ، وهو ما يكرهه كثير من الرجال ؛ فبعضهم يعتقد أنّه فوق المساءلة ، وبعضهم يرى أنه حر ومن حقه أن يتأخر ويفعل ما يريد ، حتى ولو كان متزوجاً ولديه أطفال!! من الأزواج من يقضي معظم وقته خارج البيت ولا يعود إلا في ساعة متأخرة ، ثم يأتي باعتذار بارتباطاته وصداقاته.... ومنهم من يخرج لاستراحته أو استراحة غيره، فيلتقي زملاءه وتستمر الجلسة إلى ما شاء الله دون أن يدري ماذا حل بالمنزل ، ولا إلى أين يسير الأولاد .

ولا ما تعانيه الزوجة من جراء ذلك الإهمال ، وربما أتى وزوجته تغط في سبات عميق بعد أن أعياها السهر وطال عليها الانتظار.

تأخر الزوج ونسيانه المواعيد العائلية وعدم اهتمامه بشئون أسرته من المنغصات التي تؤدي إلى قلق وفقدان الزوجة لأعصابها، بل إنّ بعض الرجال قد يستضيف أصحابه في منزله كل ليلة .

فيثقل كاهل زوجته بما تعده للضيوف من أنواع الطعام والشراب ، وربما طال وقت الجلسة إلى ما بعد منتصف الليل ، وربما كانت الجلسة على لهو أو باطل ، فإذا خرج الضيوف آوى الزوج إلى فراشه، وترك زوجته تغسل الأواني ، فلا تكاد تنتهي إلا قرب الفجر دون أن تسمع منه كلمة شكر!!

ظاهرة قلق الزوجة على زوجها كما يشير موقع «لها» اونلاين تبدو طبيعية في كل المجتمعات البشرية، وتعرف الزوجة على تفاصيل صداقات زوجها وأصحابه قد يزيدها قلقاً مع تأخره عن مواعيده المعتادة في الرجوع إلى البيت ، وقد يزداد الأمر سوءا وتتطور المشكلات إذا ما اندفعت المرأة - من خلال الهاتف - للسؤال عن زوجها المتأخر في الأماكن الخاصة التي يسهر فيها ، نتيجة توترها وحساسيتها المرهفة ، وحرصها على زوجها وغيرتها عليه أيضاً..

وفي المقابل يجب على الزوج أن يستوعب تساؤلاتها وقلقها بهدوء خاصة أنّه تسبب في آلام نفسية للشخص الذي ينتظره، وإذا لم يجد تفهماً لحظياً من الزوجة الغاضبة، فعليه أن يكون صبوراً ويهدئ من روعها.

إنّ الانشغال عن الأهل تفريط عظيم وظلم بيّن ، إذ كيف يسوغ للإنسان أن يشتغل طيلة وقته خارج منزله ، فيترك شريكة عمره نهباً للوساوس والوحشة والأزمات ، أو يتركها للانغماس والدخول في مالا يحمد عقباه.

ليس مطلوبا أن يعيش الزوج حبيس منزله ، وإنّما هي دعوة للتوازن وإعطاء كل ذي حق حقه قدر الإمكان ، ففقدان القدرة على الموازنة يورث خللاً واضطراباً في حياة الفرد الزوجية والأسرية..

 

محمد عبد النبي

post-18659-1149009314_thumb.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ثقافة الاعتذار بين الزوجين..!

 

 

الاعتذار سلوك حضاري بين الناس عامة والزوجين خاصة، ومن يخطئ يتوجب عليه الاعتذار، لكن القليلين فقط يجدون الشجاعة للاعتذار عن أخطائهم للآخرين وخاصة اذا كان الآخر هو الزوجة، بدعوى أن ذلك يهدر كرامتهم ورجولتهم

لكن، هل حقيقة ان الازواج يشعرون بالمهانة عندما يطلبون من زوجاتهم ان يسامحنهم على خطأ ارتكبوه في حقهن؟ وما هي البدائل التي يختارونها للتعبير عن اسفهم دون ان يضطروا الى النطق الصريح بالكلمات الدالة على ذلك؟

أسئلة كان الهدف منها جس نبض الزوجات لمعرفة كيف يتعايش مع اخطاء الازواج، وهل يشترطن تلقي اعتذار صريح كي يصفحن عن زلات شركاء حياتهن.

تغادر الزوجة بيت الزوجية بعد تعمق فجوة الخلاف بينها وبين زوجها كوسيلة من وسائل التعبير عن غضبها واحتجاجها على معاملته لها.

بل ان الطلاق قد يحصل، وينصرف كل واحد الى حال سبيله، بعد استحالة الحياة بين الزوجين، بسبب تمادي أحدهما في إساءة معاملة الآخر، وبعد ان لا يكون هناك من حل سوى الانفصال بعد تأكد الطرفين من استحالة الحياة بينهما.

لكم وبعد ان ظن الجميع ان العودة باتت مستحيلة، يحدث ان يقرر الشريكان اعادة رباطهما الى سابق عهده، فما لبثت ان تعود المياه لمجاريها، ويبدأ الاثنان بداية جديدة، والكل يتساءل: كيف تمكنا من ذلك بعد كل ما حدث بينهما؟ خاصة وأن الخلاف في بعض الحالات يكون عميقاً، والزوجان يمكن ان يكونا قد تبادلا شتى انواع الاتهامات والشتائم الجارحة، وهو ما يعني انهما فقدا احترامهما لبعضهما.

المسامحة عملية دقيقة

اعادة العلاقة الزوجية الى سابق عهدها بعد ان يكن الشرخ قد اصابها، يستلزم تحقق حالة من الصفح والمسامحة وبذل المجهود النفسي المطلوب لنسيان ما حصل، لأنه من غير الطبيعي ان يستمر المرء في العيش تحت سقف واحد وهو يضمر للآخر الكثير من مشاعر الغضب والحنق والحقد.

كيف تتم عملية الصفح والغفران؟ ومن يطلب السماح والصفح من الآخر؟ وكيف يتم ذلك؟ هل يشعر الزوج بالمهانة عندما يطلب من زوجته ان تسامحه على خطأ ارتكبه في حقها؟

لماذا يكاد جل الازواج يقصرون تلك اللحظات على فضاءات واوقات معينة، غالبا ما تكون في ساعات متأخرة من الليل، مما يعني ان اكثر اللحظات حميمية في العلاقة الزوجية، هي التي تكون شاهدة على العبارة التاريخية التي لا تتكرر الا نادرا: »سامحيني.. أنا مخطئ!«.

هل يشعر الأزواج فعلا بالدونية وبالمهانة وهم يقدمون اعتذارا لابد منه عن خطأ جسيم اقترفوه في حق زوجاتهم أو أسرهم؟

ما هي البدائل التي يختارها الأزواج للتعبير عن اسفهم دون ان يضطروا الى النطق الصريح بالكلمات الدالة على ذلك؟

هل تكفي الهدايا والدعوات وتوزيع الابتسامات والكلمات الرقيقة وعرض المساعدة في القيام ببعض اشغال البيت، للإيفاء بالغرض وتحقيق المطلوب؟ ام ان الزوجة تحتاج لاعتراف صحيح من زوجها يؤكد لها فيه أنه نادم على ما فعل، وحزين لأجل ما تسبب لها فيه من ألم.

هل تغفر المرأة زّلات الرجل؟

اذا كانت بعض الزوجات يؤكدن انه بوسعهن الصفح عن كل اخطاء الأزواج وحماقاتهم ماعدا المساس بكرامتهن في مقابل التغاضي عن بعض هفوات الأزواج، ففي النهاية لا يمكن التجاوز عن جميع اشكال الاخطاء مهما بلغ حجمها.

بينما تكتفي زوجات اخريات -أقل حظاً في علاقتهن الزوجية- بأضعف الايمان، فيكفيهن القليل حتى يطوين الصفحات المؤلمة من حياتهن ويفتحن صفحة جديدة على أمل ان تكون أكثر بهجة واستقرارا، ولكن هل يفلحن في النسيان حقاً؟

ذلك هو السؤال الذي ينبغي ان تطرحه كل زوجة على نفسها، قبل ان تدخل في دوامة من الأخطاء المتكررة.

الكثير من السيدات يؤكدن ان غلطتهن الكبرى كانت انهن صاحبات قلب ابيض يغفر كل أنواع الإساءات، وهو ما شجع ازواجهن على التمادي في الخطأ.

وفي النهاية، هل يمتلك الأزواج الشجاعة الضرورية لارتكاب فضيلة الاعتذار سواء كان ذلك مباشراً او مقنعا، وقبل ذلك هل تتشبث الزوجات بالتمتع بهذا الحق قبل القبول بالصفح؟ هذه طبيعة الأسئلة التي طرحت على بعض الأزواج وفيما يلي بعض الشهادات حول هذا الموضوع.

الاعتذار بطريقة غير مباشرة

سندس الحميدان »???? سنة، موظفة، متزوجة منذ ست سنوات ولها ثلاثة أطفال« تقول: »من الصعب نسيان ما لحق بي من اذى من زوجي، الا انني اجاهد كي لا تستعيد ذاكرتي تفاصيل بعض الاحداث المؤسفة التي اخترقت حياتي الزوجية، لأنني مؤمنة بأن النسيان أفضل دواء للمعاناة وللنفس المجروحة، وأمنّي نفسي بطي صفحة الماضي من حياتي حتى اتمكن من العيش الى جوار من اختاره القدر زوجا لي.

لطالما كنت اعتقد بأن زوجي رجل متفهم حنون، ولا يمكن له ان ينزل الى الدرك الأسفل للأزواج الذي يسيئون معاملة زوجاتهم، فهو قد دأب على معاشرتي بالمعروف منذ بداية ارتباطنا، وكنت متأكدة من أن معاملتي المتميزة له لن تدفعه سوى الى غمري بالكثير من العطف والحنان، الا انني كنت مخطئة، ويمكن أن أقول دون مواربة بأنني كنت ساذجة لأنني كنت اراهن على أشياء غير محسوسة هي مشاعره الجميلة تجاهي، وأغمض عيني عن حقيقة ان المؤثرات الخارجية يمكن ان تعمل عملها في شخصيته، فتجعل منه رجلاً آخر غير ذاك الذي عرفته وأحببته.

في بداية زواجنا، تعرضت علاقتنا للكثير من المطبات التي كنا نجتازها بأمان، وكنا نتعمد تجاوز المواجهات العنيفة والخلافات العميقة، وذلك حتى لا يستمر خصامنا فترة طويلة.

من فرط سذاجتي، كنت أعفي زوجي من الاضطرار للاعتذار لي حتى لو كان الأمر يستحق ذلك، وذلك لأنني لم أكن ارغب في احراجه، لمعرفتي بحساسيته تجاه كلمة »آسف«، ناهيك عن أنني كنت مؤمنة اشد الايمان بأن العلاقة بين الزوجين فيها من الخصوصية والحميمية ما يجعلها تسمو على مثل هذه الحسابات الحاضرة بقوة في العلاقات الانسانية العادية.

وكانت النتيجة اني تسببت عن غير قصد في جعل زوجي لا يتحرج من ارتكاب الأخطاء في حقي، وقد يحدث ذلك أمام افراد من عائلته، وهو ما يزيد جرحي غورا.

بعد ان تكررت ثوراتي لهذا السبب، استطيع القول ان زوجي اصبح اكثر اقتناعا بضرورة تطييب خاطري، وان كان يختار لذلك طرقاً غير مباشرة من قبيل عرض مساعدتي في المطبخ، او تقديم هدية رمزية، او اقتراح دعوة اهلي للعشاء.

مع مرور الوقت، اصبحت افهم المغزى من هذه الاشارات الرمزية، وأتجاوب معها كدلالة على انني قبلت اعتذاره، ففي النهاية لابد ان تستمر الحياة، وحسبي انني استطعت افهامه بأن فضيلة الاعتذار مسألة أساسية، ولا معنى للتنازل عنها حتى عندما يتعلق الأمر بإطار حميمي تتهاوي خلاله كل الحدود والمسافات، وهو رباط الزوجية!

أنت غبية

فاطمة محمد »متزوجة منذ أكثر من عشرين سنة، ربة بيت ولها ستة أولاد« تقول: قضيت عشر سنوات مع زوجي في صمت مطلق، فقد كان قليل الكلام معي، وهو متعلم وأنا متوسطة التعليم ورغم انني من اسرة غنية الا انه لا يتردد في توبيحي دائما ونعتي بالغبية وبالبليدة أمام أبنائي،

فأنا بالنسبة له بمثابة الانسان المطيع الذي يلبي كل طلباته لا أكثر ولا أقل، وإن لم أتفان في ارضائه سيعجل علىّ بالزوجة الثانية، الأمر الذي جعلني اوقفه عند حده، مبررة طاعتي له بواجب ديني وانساني وليس خوفاَ من سطوته، خاصة وانني لا اخشى الفاقة وأولادي أصبحوا شبابا،

مما جعله يعيد النظر في تصرفاته وغروره المتزايد ويقدم اعتذارات مجازية عن المعاملة السيئة لي، وهي وعود بمستقبل زاهر خال من المشاكل، وشكل »الاعتذار« التحول الجذري في حياتنا الزوجية لتلوح في سماها بوادر الاستقرار والآمان والمودة.

التعاليم الإسلامية تدفعنا للاعتذار

أم عبدالله »ربة بيت متزوجة من عشرين سنة ولها سبعة اولاد« تقول: »زوجي انسان طيب الا انه عصبي ومتهور ويخطأ في حقي كثيراً بقصد وبغير قصد، اتجاهل اخطاءه البريئة واخاصمه في الاخطاء المقصودة، مما يدخله في دوامات حادة نفسية وفكرية تتخلص في عدم تقديم اي اعتذارات،

فلم تخلق المرأة التي ترغم الرجل على الاعتذار -مما يجعلني اتعمد القاء محاضرة على أولادي وعلى مسامحة حول الاعتذار، وكيف ان الله عز وجل يقبل التوبة من عباده موضحة بأن الانسان اذا أخطأ في حياته الدنيوية عليه ان يتراجع عن خطأ وباب الاعتذار مفتوح، والاعتذار ليس عيبا بقدر ما يعني الشجاعة والقوة، وان المعتذر يتمتع بشخصية سوية متكاملة، ويعرف حدود نفسه ويشعر بالآخرين.

كلماتي أتت أكلها وجعلته يقدم اعتذارا سريعا وخفيفا قابلته من جهتي بحفاوة واطراء، ومازال الاعتذار يشكل عبئاً ثقيلاً على زوجي الا انه بدأ يفقد قوته وسلطانه مع الزمن«.

الاعتذار من الشهامة

هدى حسين »???? سنة ربة بيت« تقول: »الرجولة الحقيقية تدفع الرجل لأن يعتذر اذا اخطأ حق زوجته او اي شخص آخر، فالرجولة تعني الصدق والشهامة، وعندما يعتذر الرجل فإنه لا يسقط من عين زوجته او يهون أمره عليها، بل ترتفع قيمته في نظرها ويعلمها درسا في الأمانة والشهامة واحترام الذات«.

أحني رأسي حتى تمر العاصفة

بثينة العوضي »???? سنة، موظفة، وأم لثلاثة أطفال، متزوجة منذ ثلاث عشر سنة« تقول: »لم يسبق لزوجي ان اعتذر لي، ولا يمكن لدي القبول بأن يعرض نفسه لموقف مهين لرجولته من أجل إرضائي، حتى لو أخطأ فعلاً في حقي.

الرجال عموما لا يعتذرون ولم يتعلموا القيام بذلك، خاصة عندما يتعلق الأمر بفضاء حساس اسمه بيت الزوجية.

فزوجي -شأنه في ذلك شأن باقي الأزواج عموماً- يتفادى الظهور بمظهر الرجل الضعيف، رقيق الاحساس، او المخطئ الذي يمكن ان يرتكب افعلا يندم عليها او يشعر بالذنب لإقدامه عليها.

بفطنة وإحساس المرأة، استطيع التمييز بين الاخطاء البسيطة التي لا يتوجب التوقف عندها ولو للحظة واحدة، لأنها مجرد هفوات صغيرة لا تستحق ان نثيرها، وبين الاخطاء الجسيمة التي لابد من تقديم تبرير بصددها.

وفي النهاية، يكفيني ان زوجي لا يقصد ايذائي او جرح مشاعري، ولا أزال بين الفينة والأخرى، استعيد بيني وبين نفسي حكمة سمعتها منذ سنوات من والدتي الحكيمة، حينما أوصتني بأن اعرف متى أحني رأسي للعاصفة حتى تمر، ولا زخرب بيتي بيدي، فمعظم الرجال ينتمون الى طينة واحدة، وكلهم يخطئون بشكل او بآخر في حق زوجاتهم.

لا أذكر أن والدي اعتذر يوما لوالدتي، الا انني متأكدة من انه كان يقدرها وانه كان حريصاً على احترام شعورها وكبريائها.

وفي اعتقادي، فإن كل أخطاء الازواج يمكن الصفح عنها وحتى التغاضي عنها، ما عدا فعل الخيانة، فهو يظل موسوما في نفس المرأة، ولا اعتقد انه بمقدور اية زوجة نسيان انها كانت ضحية للخيانة من قبل زوجها، مهما قدم لها من اعتذارات، لأنها ببساطة فقدت الثقة في شريك حياتها، والثقة أهم عنصر للقبول باعتذار الآخر، وفتح صفحة جديدة معه«.

اعتقادات خاطئة

نبيلة محمد موظفة ???? سنة تقول: الكثير من الرجال يعتقدون أن الاعتذار ضرب من ضروب الضعف، بينما الضعف الحقيقي هو ان يخفي الانسان خطأه ويظل يكابر، والمكابرة تفتح ابواب المشاكل بين الزوجين، ولو كان الرجل يثق في نفسه ويحترم ذاته فإنه لن يجد أية غضاضة في ان يعتذر ووقتها سوف يصبح قدوة لزوجته وتنساب المياه في مجاريها وتنبعث الرومانسية من جديد وتصبح الحياة أكثر تفاؤلا وجمالا«.

وختاما فإن الاعتذار مطلب اساسي لدوام أية علاقة، خاصة العلاقة الزوجية التي تنمو وتقوى بالمودة والرحمة والتسامح، وسواء كان الخطأ أو الاختلاف حول أمور صغيرة أو كبيرة فإن جملة »أنا آسف« غالبا ما تصفي الأجواء وتفتح الابواب أمام التعاطف والتواصل وتمنح فرصة للبدء من جديد، كما انها تجلب الثقة والأمانة والتواضع وهذه من أجمل الصفات التي يمكن ان يتشاركها الشخصان.

 

جليلة كمال

post-18659-1149009497_thumb.jpg

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العزيزة الروميساء...

بارك الله فيك علي هذه المقالة....

مع أني لم أتزوج بعد ولكن أسأل الله أن يرزقني زوجا صالحا ويوفقني الي العمل بنصائحك.

مجددا,,,بارك الله فيك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

 

أخيتي الرميساء أجدتِ الإختيار فما أحوج بيوت الزوجية

 

لمثل هذه المفاهيم الصحيحة لتعميق الحوار المؤدي للاستقرار

 

بين الزوجين جزاكِ الله عنا خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×