اذهبي الى المحتوى
غداً ألقى الأحبة

مسلمات بريطانيا والتحدي الأكبر!

المشاركات التي تم ترشيحها

مسلمات بريطانيا والتحدي الأكبر!

الثلاثاء 07 رجب 1430 الموافق 30 يونيو 2009

 

 

 

 

 

علاء البشبيشي

 

تواجه المرأة المسلمة في الغرب معادلةً صعبةً تتمثل في التأقلم مع المجتمع دون الذوبان فيه، والتعامل مع المتغيرات بدون التفريط في الثوابت، وبناء لبنة بدون التنازل عن المعتقدات، وتربية الأبناء تربيةً إسلامية في مجتمع له تَحفُّظاته على هذا الدين، ومواجهة التحديات بلا تقوقع أو هروب منها...

 

وقبل أن نتحدث عن مسلمات بريطانيا كنموذج لها التحدي؛ نطرح سؤالاً هامًّا: هل استطاعت المسلمات في الغرب التوفيق بين أطراف هذه المعادلة؟ وما هي التحديات التي تواجههن؟ وكيف يتعاملن معها؟...

 

تحديات كثيرة

 

مما لا شكَّ فيه أنَّ في الغرب منافذَ خيرٍ كثيرةً للعمل الدعوي الإسلامي والخيري لا يمكن إغفالها، لكن هناك في الجانب الآخر تحديات كثيرة وخطيرة معًا تواجه مسلمات بريطانيا في ظلّ المجتمع الذي يعشن فيه معظمها تتعلق بالهوية، ومن أهم هذه التحديات:

 

اضطهاد الحجاب:

 

كثيرًا ما يُنظر إلى المرأة المحجبة نظرةَ استغرابٍ في بريطانيا خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة و7 يوليو 2005 في لندن الأمر الذي قاد إلى موجة من التنميط و الأحكام المسبقة التي تعتمد على المظهر الخارجي والاعتقاد أنّ كل مسلم هو إرهابي و يحمل قنبلة في حقيبته، الأمر الذي ألقى مسئولية مضاعفة على كاهل المسلمين عامة والمسلمات خاصة ليُبَيّنوا لهذا المجتمع الوجه الحقيقي للإسلام. هذا ما دفع صحيفة ذي إندبندنت البريطانية أن تصدر صفحتها الأولى بأحرف كبيرة بعنوان "كباش فداء" إشارة إلى الارتفاع الهائل في جرائم الكراهية الدينية بعد هجمات لندن. وتشير الصحيفة إلى أن هذه الجرائم زادت بنسبة وصلت إلى 600 بالمائة وفقًا لتقارير الشرطة، الأمر الذي جعل البعض يطالب المسلمات بخلع حجابهن لتجنُّب ويلات الاضطهاد الديني إلا أن مجلس مسلمي بريطانيا أبَى إلا أن يتمسَّك بالحق لآخر لحظة وألا يميل حتى تهدأ العاصفة وأعلنها في قوة: "ليس على المسلمات تغيير سلوكهن ولكن مَن يتحتم عليه تغيير نفسه هم البلطجية واليمين المتطرف الذي قد يستهدفهن".

 

ومازالت الحكومة تواجه انتقادات حول مسألة الحجاب وما إذا كان يحول دون الاندماج في المجتمع البريطاني، وهي المسألة التي طَفَت على السطح بعد التصريحات التي قد أدلى بها وزير شؤون مجلس العموم جاك سترو الذي دعا فيها مسلمات بريطانيا إلى كشف وجوههن، كما أثار وزير آخر هو فيل وولاس غضب المسلمين حينما دعا إلى إقالة مساعدة مدرسية تبلغ من العمر 23 عامًا رفضت نزع نقابها في مدرسة ابتدائية تابعة لكنيسة إنجلترا. الأمر الذي جعل رئيس مجلس مسلمي بريطانيا محمد عبد الباري يقول: "إن توالي التصريحات الوزارية مؤخرًا عن هذه القضية قد أدَّى إلى وصم المجتمع الإسلامي بأسره داخل البلاد".

 

تربية الأبناء:

 

قلق المرأة المسلمة الدائم على أولادها شيء طبيعي في مجتمع غير مسلم فهي تحاول أن تحوطهم برعاية خاصة لتجنيبهم ويلات عادات ما أنزل الله بها من سلطان فكلما كان الاهتمام بالأطفال مبكرًا وعميقًا كان العمل معهم شبابًا أيسر.

 

ومما يسهل هذا الدور أن للجاليات المسلمة والمراكز الإسلامية في بريطانيا وأوروبا بصفة عامة جهودًا حثيثة من أجل الحفاظ على الهوية الإسلامية قد يختلف هذا الدور من مركز إلى آخر، ومن مسجدٍ إلى آخر، لكن لكل منها دوره وعطاؤه حتى لا تذوب الأجيال في خضم الحياة الغربية، ولعل من أبرز الجهود المبذولة في هذا المجال:

 

- مدارس تعليم اللغة ومبادئ الدين الإسلامي، وهي تُعرف بمدارس نهاية الأسبوع ومراكز تحفيظ القرآن.

 

- بعض المدارس الإسلامية التي تتمتع بالدعم الماديّ والإشراف من قبل وزارة التعليم البريطانية.

 

- العديد من المدارس الإسلامية الخاصة.

 

- تبنّي منهج التعليم البريطاني تعريفَ الأديان والعقائد المختلفة والكائنة في المجتمع، وينتهز كثير من المسلمين، أفرادًا ومؤسسات فرص المناسبات الإسلامية للتعريف بالإسلام، وتعزيز صلة أبنائهم بالمناسبة.

 

- وهناك بعض الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية للشابات والفتيات، غير أنها لا تغطي كافة أبناء الجالية.

 

- دروس لإحياء المناسبات الاجتماعية المختلفة.

 

- القيام بدور ثقافي في استضافة الندوات والمحاضرات.

 

- يتولى الأئمة في مختلف المراكز دورًا فاعلاً في إفتاء الجمهور في حلّ مشكلاتهم الشخصية.

 

- نادي أحباب الله التابع لجمعية المرأة المسلمة: يعمل على تحقيق أقصى إفادة لأطفال الجالية المسلمة في مختلف مناطق المملكة المتحدة؛ حيث يتم ترسيخ القيم الإسلامية المختلفة في أذهان الأطفال كل حسب عمره، بطريقة علمية، ووفقًا لمنهج موضوع مسبقًا لتحقيق الإفادة القصوى ليس لأبناء الجالية المسلمة الناطقين بالعربية فقط بل ولغير الناطقين بها أيضًا .

 

وبحمد الله فقد تخرجت مجموعات من الأطفال (فوق 10 سنوات من البنين، وفوق 14 سنة من البنات) للدخول في مرحلة أخرى من التعليم والتثقيف الإسلامي الضروري، أكثر مناسبة لفئتهم العمرية، يتعلم الطفل فيه على سبيل المثال لا الحصر: قيمًا إسلامية مثل العدل والشورى والشجاعة والعلم والصبر، وشيئًا من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وسيرة بعض الشخصيات الإسلامية كشخصية محمد الفاتح، كما يتم كذلك مناقشة أوضاع المسلمين، وما يثيره الإعلام؛ لربط الأطفال بالأحداث المهمة لتوعيتهم، ولمواكبة الأحداث الجارية على الساحة.

 

إلا إن جهدًا أكبر لابد أن يبذل من أجل تنشئة جيل يعتزّ بدينه ويعمل من أجله وفي الوقت نفسه يساهم في تطوير مجتمعه الذي يعيش على أرضه ويأكل من خيراته.

 

التواصل الاجتماعي:

 

من الضغوط التي قد تواجه المرأة المسلمة في بريطانيا ضعفُ التواصل، وغياب شبكة الدعم الاجتماعي، ودور الأسرة الكبيرة الممتدة التي نعهدها في بلادنا الإسلامية، وعدم الاستقرار وضغط العمل الاقتصادي، وهموم الأمة وآلامها. إنَّ عِبْءَ المجتمع وضغوطه حين تواجهه المسلمة في غير بلدها يكون أصعب مرات كثيرة مما إذا كانت في بلدها المسلمة.

 

4- و لعلَّ أصعب التحديات التي تواجه المسلمة البريطانية هي التحديات النفسية الداخلية، التي تؤثر على الإنسان أيما تأثير فعندما تسمع المسلمة برلمانيًا بارزًا بحزب المحافظين يقول للمسلمين: "إن كنتم لا تحبون طريقتنا في الحياة، فلترحلوا" ماذا سيخلف هذا من الإهانة لها ولكن هل تعتز المسلمة بدينها رغم كل هذه التحديات أم يتملكها الخجل لأنها مسلمة؟

 

كذلك تباعدُ المسافات بين مساكن أبناء الجالية المسلمة، والمساجد أو المركز الإسلامي، والحاجة إلى مزيدٍ من الأماكن لإقامة الأنشطة المختلفة، كما أن ضغوط الحياة وانشغال المسلمين في تدبير وسائل العيش يحول دون تحقيق الكثير من الأهداف التربوية بينهم.كذلك هناك حاجة إلى مزيد من الجهد في مجال ترجمة الكتب الإسلامية، خاصة تلك التي تحمل الفكر الوسطي المستنير.

 

إسهامات المسلمات في المجتمع البريطاني

 

من الإنصاف القول بأن كل هذه التحديات التي تواجه المسلمة في بريطانيا لم تقعدها عن المساهمة بدور فاعل في مجتمعها بل استطاعت ولدرجة كبيرة التغلب عليها وتحقيق المعادلة الصعبة التي تحدثنا عنها آنفًا "معادلة الاندماج بلا ذوبان". الأمر الذي دفع وزيرة الخارجية في أحد تصريحاتها في 9 نوفمبر 2006 تقول: "مسلمو بريطانيا هم بالفعل- وسيبقون على الدوام- جزء لا يتجزأ من مجتمعنا البريطاني المشترك نقدّرهم ونعجب بهم. فلولا وجود هؤلاء الرجال والنساء هنا لكانت بلادنا هذه أفقر بكثير- بكل ما في كلمة الفقر من معنى- مما هي عليه الآن".

 

ويوجد ببريطانيا العديد من الاتجاهات الإسلامية ذات الأجنحة النسائية، مثل "young Muslims "، و"ISB "، التي لها دور كبير في المجتمع البريطاني الأمر الذي ظهر جليًّا خلال الإعداد للمؤتمرات كمؤتمر نصرة الحجاب، بالإضافة لجمعية المرأة المسلمة التي تعنى بالطفل والمرأة المسلمة، وتقوم بعدة نشاطات على مدار العام لتأصيل الهوية الإسلامية لدى أطفال المسلمين، وتوعية وإرشاد النساء المسلمات، ومدّ جسور المحبة والتعارف بينهن، لإتاحة التبادل الثقافي، وتيسير سبل الترفيه لهم. وهي مسجلة رسميًا بالدولة، ولها خمسة فروع في مدن بريطانية مختلفة، وتهتم بالجوانب الروحانية والإيمانية، علاوة على الجوانب الاجتماعية، وذلك من خلال لقاءات شهرية ونشرات دورية ومسيرات واعتصامات وحلقات أسبوعية.

 

تتجه شَرِيحة واسعة من الفتيات في بريطانيا إلى دراسة الطب والصيدلة والهندسة وبرعن في هذه المجالات، إنهم فتيات التغيير وأمل المستقبل، لديهن الرغبة في تغيير الواقع والمشاركة في صياغته.

 

مسلمات بريطانيا لا يعشن حياة مُجْتَثة الجذور؛ فهم على اطلاع دائم بأخبار المسلمين في العالم خاصة المناطق الساخنة فيه وهُنّ يحاولن التأثير في مجتمعهن لإبراز صورة الإسلام المعتدل بالمشاركة مع هيئات رسمية وغير رسمية فمثلاً برنامج "العمل معًا لأجل منع التطرف" الذي أعدّته هيئات مستقلة تعمل مع الشباب والشابات المسلمين بالمشاركة مع وزارتي الخارجية والداخلية يعدّ من أبرز الأمثلة على تعزيز أصوات المسلمين المعتدلين

 

جذور المسلمين على الأراضي البريطانية

 

- يعود تواجد المسلمين في بريطانيا إلى سنوات عديدة مضت وهم يمثلون أكبر أقلية دينية في بريطانيا (أكثر 3% من إجمالي تعداد السكان) بتعداد يفوق المليوني مسلم نصفهم ولدوا في المملكة المتحدة ومعظمهم من أصول آسيوية، نسبة ضئيلة من هذا العدد من المسلمين الإنجليز.

 

- المسلمون في بريطانيا لهم أصوات في مجلسي العموم و اللوردات والبرلمان الأوروبي، وعدد كبير من المنتخبين كرؤساء للمجالس المحلية. وكان أول برلماني بريطاني مسلم هو لورد ستانلي أوف أديرلي في القرن التاسع عشر، وبعد ذلك لورد هيدلي الذي اعتنق الإسلام عام 1913.

 

- تأسّس المجلس الإسلامي البريطاني عام 1997 لتشجيع التشاور والتعاون والتنسيق حول شؤون المسلمين في بريطانيا. وهو يمثل تقريبًا 400 هيئة محلية ووطنية تنتشر في طول وعرض بريطانيا. ومن بين الهيئات الإسلامية البارزة الأخرى هناك الجمعية الإسلامية في بريطانيا، والبعثة الإسلامية البريطانية، واتحاد جمعيات الطلبة المسلمين.

 

- تم افتتاح أول مدرسة للمسلمين في بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر في ليفربول. وهناك حاليًا أكثر من 110 مدارس للمسلمين في المملكة المتحدة، من بينها خمس مدارس تمولها الدولة. وتَمّت إضافة ارتداء الحجاب إلى الزي المدرسي للبنات المسلمات في عدد من المدارس الحكومية.

 

- هناك إشارة إلى علماء مسلمين في حكايات كانتربري. وقد أسست جامعتا أكسفورد وكامبريدج منصب بروفيسور باللغة العربية في الثلاثينيات من القرن السابع عشر، وتَمّ نشر أول ترجمة للقرآن الكريم عام 1649. هناك حاليًا إحدى عشرة جامعة بريطانية تقدم دورات في الدراسات الإسلامية.

 

- تم افتتاح أول مسجد بُنِي خصيصًا لهذا الغرض في ووكينغ عام 1889. وهناك حاليًا أكثر من 1200 مسجد في المملكة المتحدة.

 

- يؤدي حوالي 20,000 مسلم بريطاني كل عام فريضة الحج.

 

- هناك العديد من الهيئات الخيرية الإسلامية التي تأسست في بريطانيا، الأبرز بينها جمعية الإغاثة الإسلامية وجمعية العون الإسلامي.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد له الذي بفضله تتم الصالحات

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×