اذهبي الى المحتوى
أختكم آيات

محمد نعيم.. خطوات غزاوية على طريق النصر

المشاركات التي تم ترشيحها

محمد نعيم.. خطوات غزاوية على طريق النصر

 

صهباء بندق

 

محمد نعيم..ترجمة واقعية لمعنى الرضا

 

شاب وسيم في مقتبل العمر.. من مواليد 1987م.. هو الابن الثاني في أسرة من عشرة أبناء.. يخطب فتاة يحبها كثيراً ويكدح لتجهيز منزل الزوجية.. يعمل مزارعا.. يقود الجرار

لحراثة 50 دونما من الأرض الزراعية المزروعة بالقمح (الدونم يعادل 1000 متر مربع)، ويحلم أن يقدم من حصاد سنابلها مهرا لعروسه.. لكن وحشية الغزو الإسرائيلي الأخير الذي اجتاح غزة؛ اقتلعت سنابل القمح، وجرفت الأرض الزراعية، ولم يبق لمحمد نعيم إلا الأحلام.. إنها وقائع قصة قد تكون مفجعة لكل من يعيش خارج غزة، لكنها قصة عادية لأهلها كانت تقع أمثالها مراراً كل يوم أثناء الحرب الأخيرة على غزة التي استمرت 22 يوما متواصلة.

 

أنوار هدف عسكري!

 

كان ذلك قبيل المغرب في يوم من أيام شتاء عام 2009م؛ بالتحديد في السادس عشر من يناير حين صعدت الفتاة أنوار مروان شحادة ذات الأربعة عشر ربيعا إلى سطح المنزل؛ فالتقطت جسدها الصغير إحدى الدبابات الرابضة فوق جبل الريس فوجهت قذيفتها القاتلة نحوها مباشرة.. أدرك الجميع أن الفتاة إما شهيدة أو جريحة، ولكن أحداً لم يجرؤ على الصعود إلى سطح المنزل لإنقاذها، فكل من يظهر فوق السطح سيكون في مرمى الدبابات المكتظة بالحقد والقذائف. وفي تلك اللحظة انطلق محمد (22 سنة) بصحبة والده نعيم محمد شحادة (52 سنة) بشجاعة نادرة إلى السطح.. يقول محمد بكلمات يخنقها الألم: (لقينا الأشلاء في كل مكان.. والدم على كل جدران السطح.. لقيت الرجلين في الأول.. وصرنا أنا وأبوي نلملم باقي اللحم من هان وهان).. كان الأب يبحث بجنون عن رأس ابنة أخيه في الوقت الذي لاحظ فيه الابن محمد أن الدبابة المواجهة لسطح المنزل مباشرة توجه فوهتها باتجاه معاكس لموقعهم.. أدرك محمد أنه ما من كلمات يمكنها أن تثني والده عن مواصلة بحثه الغاضب عن رأس ابنة أخيه المسكينة ولملمة جسدها المبعثر.. فصرخ قائلاً: (أبوي.. أبوي.. ضربوا علينا.. ضربوا علينا..)، لم تكن فوهة الدبابة باتجاههم ولكنها كانت في طريقها إليهم.. جذب محمد والده وانطلق مسرعا باتجاه الدرج.. وعند بسطة الطابق الأخير من المنزل سقط الصاروخ الذي لا يرحم على الأب والابن معا في لحظة تُشهد التاريخ حقيقة القسوة الصهيونية ومدى إجرامها في حق الأبرياء. أحدث الصاروخ قوة هائلة قذفت بمحمد عاليا.. وبعد أن تخبط في الجدران عدة مرات.. سقط أخيرا على بسطة الطابق العلوي.. كانت رجله اليسرى قد انثنت للخلف واليمنى للأمام، وكانت الأخيرة متهتكة تماماً وقد تناثر لحمها على الأرض، ولا يدري محمد كيف وجد والده في حضنه.. كان الصاروخ قد اخترق جانبه وذهب برجله، يقول محمد: (كان أبوي يشخر ويزبد والدم يخرج من فمه.. كانت حشرجة الموت بس ما كنت أعرف وقتها.. رفعت سبابتي للسما ونطقت بالشهادة خمس مرات).. أصاب الذعر جميع سكان الحي.. هربوا جميعا ولم يتقدم لنجدة محمد ووالده سوى زوج أخته عبد منتصر دكة (25 سنة).. قال لي محمد بتأثر كبير: (والله كل الناس هربوا بعد ما انقصفنا.. لكن نسيبي الله يكرمه ما هان عليه.. طلع علينا مثل الصاروخ ولما حملني بدأت أشعر بالألم وصرت أصرخ من رجلي.. قبل هيك كنت كأني مخدر ما كنت أشعر بشيء)..

 

 

بعد هدوء العاصفة

 

تم نقل محمد إلى مستشفى كمال عدوان الأقرب إلى مكان الجريمة الصهيونية.. ومنها إلى مستشفى الشفاء بغزة.. وطوال تلك الفترة كان محمد بكامل وعيه برغم كمية الدماء الكثيرة التي نزفت من أطرافه المتهتكة، وعلى الفور أُدخل إلى غرفة العمليات، وفي غرفة الإفاقة تنبه محمد وشعر بجفاف شديد في حلقه وأدرك بعدها أن رجله اليمنى قد بترت، ولاحظ رجله اليسرى وقد تم تجبيرها وغرس عدد من الأسياخ المعدنية بها فعظمة الفخذ في رجله التي انثنت تحته لحظة القصف قد كسرت، وبهدوء واحتساب تقبل وضعه الجديد.. وكان أول ما نطق به (الحمد لله)، وظل يكررها مرارا في تطبيق عملي لمعنى الصبر عند الصدمة الأولى والتي عندها فقط يكون الصبر الحقيقي. كان الأطباء يطلبون من محمد أن يحرك أصابع قدمه اليسرى لاختبار الأعصاب.. وكان ينجح في ذلك طيلة اليوم، ولكن في صباح اليوم التالي لم يستطع.. كان الجرح المضاعف في عظمة الفخذ ملتهباً، وبدأت الغرغرينا تغزو رجله اليسرى وتهدد حياته، وقرر الأطباء بتر الرجل اليسرى على الفور، ولكن أعمام محمد وأخواله رفضوا إجراء عملية البتر أملا في الحصول على فرصة علاجية أخرى قد تنجي الطرف المتبقي. وبعد ثلاثة أيام من العملية الأولى؛ تقرر سفر محمد إلى مصر في محاولة لإنقاذ رجله اليسرى، وفي 19 يناير بمستشفى معهد ناصر بالقاهرة عرف محمد أن عليه الخضوع لعملية بتر فوق الركبة.. ومرة ثانية استسلم قلب الشاب لقدر الله. وكان عليه أن يصبر لخبر مفجع آخر.. فقد علم أن والده استشهد في اللحظات القاسية التي وصفها محمد عندما كان والده في حضنه.. كانت روحه البريئة تصعد إلى باريها وسط صخب الحشرجة وأزيز الطائرة القاتلة. وبقي محمد في معهد ناصر أربعين يوماً غادر بعدها إلى غزة على كرسي متحرك بعد أن فقد أطرافه السفلى؛ الطرف الأيمن وقد بتر تحت الركبة، والأيسر وقد بتر فوق الركبة.. وفي غزة.. كانت العروس تنتظر بشوق خطيبها، وتم العرس وسط ابتهاج يقهر الحلم الصهيوني بكسر نفوس أهل غزة. وانتظم محمد في جلسات العلاج الطبيعي لمدة خمسة أشهر بين جمعية السلامة ومنظمة أطباء بلا حدود، وقام بتحويل سيارة والده الشهيد إلى سيارة مجهزة لذوي الاحتياجات الخاصة بحيث يتم التحكم باليدين فقط، واجتاز التمرينات بسرعة أدهشت المدرب الذي طلب منه أن يوصله إلى بيته بالسيارة بعد أول حصة تدريب قائلا إنه ليس بحاجة إليه! وذات يوم كان محمد يجلس على كرسيه المتحرك غارقاً في أفكاره يتأمل حياته وقد تغيرت في طرفة عين، وينظر إلى مساحة الأرض الزراعية الممتدة أمامه ويفكر كم كانت نعمة المشي نعمة عظيمة، ويتذكر كيف كان يقفز إلى الجرار ويقطع الأرض ذهاباً وإياباً. وفي تلك الأثناء؛ مر به أحد محبي الخير فحياه ثم سأله: لم لا تفكر في تركيب أطراف صناعية؟.. أجابه محمد: لا أعرف جهة تساعدني، فقال له بشهامة وعطف: اترك الأمر على الله ثم علي. وبعد شهرين من الإجراءات الإدارية والمماطلات المملة؛ حصل محمد على إذن بالسفر من جديد إلى مصر لتركيب الأطراف الصناعية.

 

"اللي يجي من الله يا ماحلاه"

في 16 سبتمبر 2009 وصل محمد إلى مستشفى فلسطين بالقاهرة برفقة عمه؛ وهناك التقيتُهُ واستمعت إلى قصته الحزينة، وقمت بالتنسيق مع اتحاد الأطباء العرب الذي تكفل بنفقات الأطراف وجلسات التدريب، وتابعت مع محمد جميع مراحل تركيب الأطراف الصناعية.. وكم كان يبث في نفسي الأمل في مستقبل غزة بابتسامته الوديعة وروحه الراضية. استمعت.. تأملت.. تألمت.. ثم صدعت بالسؤال: هل خضعت لجلسات تأهيل نفسي؟ وهل توجد منظمات أو جمعيات في غزة تهتم بالتأهيل النفسي لجرحى الحرب؟ أجابني محمد بعفوية: (صحيح موجود.. لكن ما احتجت لها.. إيش راح تعمل لي.. أنا راضي ومرتاح.. اللي يجي من الله يا ما أحلاه.. الحمد لله الرضا نعمة كبيرة)! كان على البطل الغزاوي أن يصبر على قدره؛ بعد الاجتياح الإسرائيلي الذي ذهب بكل شيء؛ بروح ابنة عمه البريئة أولاً ثم بحياة والده، ورجليه، وسنابل القمح التي انتظر حصادها.. والآن يبدو أن شفاء محمد من غمرة الأحزان كاملاً بفضل الله، فهو لا يفكر إلا في العودة إلى غزة، وقلبه المحب يلتهب شوقاً إلى اللحظة التي يرى فيها زوجته الحامل، وأن يشهد معها اللحظة التي سيرى ابنه أو ابنته نور الحياة، ففي غزة تولد ألف لحظة ميلاد جديد في مقابل كل لحظة موت. حقًّا لم يَسْتَعِدْ محمد أطرافه الحقيقية؛ لكنه انتصر.. ففي قصته تعرفت على إيمان عجيب ساعده في جهاده للعودة من وادي الأحزان المظلمة.. ولا يمكنني الزعم بأنني أصبحت أدرك شكل الصبر والاحتساب الحقيقي؛ ولكني أصبحت أعتقد –وهذا في ذاته يكفي- أن الرضا هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن للزمن أن ينتزعه منا، وأنه سلاحنا الوحيد في مواجهة المصائب القاسية.. علمني محمد أن كلمة "الحزن" يجب أن تحذف من قاموس لغتنا وتحل محلها كلمة "الرضا".

تم تعديل بواسطة بسمة الرضى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يا سبحااااااااااااان الله

و الله لا أدري ما أكتب ،، سبحان الله

هؤلاء الأبطال دوما يعلموننا الصبر و الرضا و الإحتساب

 

و الله لقد فاز محمد برضاه عن الله

و الفردوس الأعلى بإذن الله بإذن الله فقط تنتظه

 

و أسأل الله أن يسهل ولادة زوجته و يرزقه الذرية الصالحة

و ينسى بخير الله الآتي كل حزن و ألم فات

 

اللي يجي من الله يا ماحلاه

يا الله !!

يا سبحان الله !!

ما أجملها من كلماااات

و الله أستشعر فيها حلاوة الإيمان

 

و الحمد لله الذي رزقه نعمتي الصبر و الرضا

 

حقًّا لم يَسْتَعِدْ محمد أطرافه الحقيقية؛ لكنه انتصر.. ففي قصته تعرفت على إيمان عجيب ساعده في جهاده للعودة من وادي الأحزان المظلمة.. ولا يمكنني الزعم بأنني أصبحت أدرك شكل الصبر والاحتساب الحقيقي؛ ولكني أصبحت أعتقد –وهذا في ذاته يكفي- أن الرضا هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن للزمن أن ينتزعه منا، وأنه سلاحنا الوحيد في مواجهة المصائب القاسية..

بالفعل انتصر و الله انتصر، أسأل الله أن يشمله و عائلته الصغيرة برحمته و غفرانه

الرضا بالله و عن الله و قضائه لا ينتزعه أحد من القلوب المؤمنة الراضية

 

علمني محمد أن كلمة "الحزن" يجب أن تحذف من قاموس لغتنا وتحل محلها كلمة "الرضا".

يا ليت!!

لكن الرضا يحل محل الحزن فقط عند الذين رضي الله عنهم و رضوا عنه

 

 

أسأل الله أن يرحم والده و ابنة عمه و جمع شهاداء المسلمين

و يرزقه من حيث لا يحتسب و لا ينزع الرضا من قلبه أبداً.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

لا حول ولا قوة الا بالله

هؤلاء هم الابطال وهذا هو الشعب الفلسطيني المجاهد

رحم الله الفتاة واسكنها فسيح جنانه

صراحة لا يوجد تعليق

القراءة لوحدها كافية لذرف الدموع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×