متمنية للشهادة 0 أرسلي تقرير عن المشاركة قامت بالمشاركة 5 يوليو, 2006 بسم الله الرحمن الرحيم لاخلاف في فضل الجهاد في سبيل الله على سائر العبادات،وقد ورد من الأدّلةعلى ذلك في الكتاب والسنّة ما لا يحصى كتفضيلها علىالسقاية وعمارة المسجدالحرام وتفضيل النبي لها على الصيام والقيامالمتتابع المتواصل، وقد ذكرذلك العلماء كثيراً في فضلها ففضّلوها علىالمجاورة في الحرمين وعلى غيرذلك مما يصعب تقصّيه وحصره.وكذلك فقد ورد تفضيل العلم والحثُّ عليه وعلىطلبه، وورد في القرآنوالسنّة وأقوال أهل العلم ما يؤكّد فضل العلم وعظممنزلته وتفضيله علىالعبادة وعظم أجره وأجر صاحبه والماشي إليه ونحو ذلك منالفضائل المترتّبةعليه والحضّ على العلم وطلبه.فمن ها هنا أصبح العلموالجهاد كفرسي رهانٍ يستبقانِ في المنزلة والفضل،وأصبح العلماء والمجاهدونالذين هم أفضل أصناف الأمّة يتسابقون ويتسارعونلحوز الأفضليّة أيّهما يسبقوتعلوا منزلته ويرتفع قدره ومكانته في الدّنياوالآخرة. وليسالمجال مجال تنافسٍ وتشاجرٍ وخلاف بل الجهاد والعلم كلٌّ منهمامكمّلٌللآخر، يسيران في اتّجاهٍ وخطِّ متوازٍ، فلا يمكن الفصل بينهماابتداءًفهما متداخلان في الأصل والدّين يكمّل بعضه بعضاً لا سبيل إلى أخذبعضهوترك بعضه والإعراض عن بعضه. ومن أهمّ أسباب انحطاط الأمّة وتدهورحالتها وضعف بنيتها الفصل بين هذينالركنين العظيمين من أركان الدين حّتىكادا لا يجتمعان إلاّ ما رحم الله،فصار العالم قاعداً في أكثر أمره لايؤدّي ما فرضه الله عليه وأمره به منالجهاد في سبيل الله والذّود عن حياضالدّين، وأصبح من المجاهدين من يجاهدبلا علمٍ فيفسد أكثر مما يصلح ويضرّأكثر مما ينفع، ولو أنّ العالم جاهدوالمجاهد تعلّم لصلح الأمر واعتدلالحال. فمن يا ترى المسؤول عن هذه الحالة العالم القاعد الذي تركالجهاد ورضيبأجر وفضيلة تعليم العلم، أم المجاهد الذي جاهد بلا علمٍ ولاتعلّم ولاحرصٍ على مسائل الدّين. هاهنا اختلف الناس وتنازع القوموتكسّرت النّصال على النّصال فلمّا احتدمالقتال وحمي الوطيس أخرج العلماءأنفسهم بمقولة لا هي من كتاب الله ولا منسنّة رسول الله صلى الله عليهوسلم ولا هي تشهد لهم وتدفع عنهم بل أقصى ماتشبّه أن يقال لهم فيها ماقاله عليّ رضي الله عنه : هذه كلمة حقٍّ يرادبها باطل. تلكم هي مقولة ابن عساكر رحمه الله تعالى "لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أعراض منتقصيهم معلومة.." ولستُالآن في مجال تبيين من المسئول عن انهزام الأمّة وضعفها ووهنها،فذلك لهمجالٌ آخر يطول والجميع مسئولٌ بنوعٍ وقدرٍ من المسئوليّة، ولكنّيأريد أنأعطي للمجاهدين ما للعلماء من الحقّ في كلمة ابن عساكر رحمه اللهتعالىوأقلب المثل بأن أقول "لحوم المجاهدين مسمومة" فهل حقَّاً لحومالمجاهدينمسمومة؟! أقول: إنّ الله جلّ وعلا لمّا حرّم الغيبة جعلها حكماً عاماًًفي الناسولم يفرق فيها بين صاحب طاعة ٍ أو طاعةٍ أخرى وإن كان معلوماًأنّه كلماعلت منزلة من وقعت عليه الغيبة كلّما زاد إثم المغتاب له، ومثالذلك ماورد في قصّة الصحابي الذي زنى فرُجم فاغتابه بعض الصحابة وقد شهد لهالنبيصل الله عليه وسلم بأنّه تاب توبةً نصوحاً. فمن هنا يتبيّن أنّ أهلالعلمخصّوا العلماء بذلك وذكروهم به لأنّ منزلة العلم والعلماء عظيمةفالإثم فيمن وقع في أعراضهم أشدّ كما أنّ من يقع في عرض النبيّ صلى اللهعليه وسلّموصحابته وأزواجه إثمه أشدُّ ممن يقع في أعراض من سواهم منالمسلمين. فإذا تبيّن لنا العلّة التي جعلت ابن عساكر رحمه الله تعالىيؤكّد بسببهاعلى حرمة أعراض العلماء وجدناه منطبقاً بتمامه على أهل الجهادوالرباط بلهؤلاء قد يفوقونهم فيه كما سنبيّن قريباً. وليس تمّة سببٌآخر يعظّم أعراضهم أكثر من غيرها، ولم يرد نصٌّ يختصُّ بهمدون بقيّة أهلالإسلام –على أنّ هذا ورد في المجاهدين- فمن هنا نقول بأنّلحوم المجاهدينمسمومة كلحوم العلماء أو أشدّ خاصّة في عصرنا الذي صار فيهالجهاد متعيّناًعلى الجميع. ثمّ إنّ إثم الشيء يكون على قدر أثره فإثم المغتابللمجاهدين ضرره عامٌكبيرٌ وإثم مغتاب العلماء وإن كان كذلك إلاّ أنّ ضررهلا يبلغ مبلغ مغتابالمجاهد، فإن غيبة العالم ربّما ضرّت بالعلم وأهله ولاتتعدّى ذلك غالباً،أمّا غيبة المجاهدين فضررها عظيم يترتّب عليه ضياعالدّين والنّفس والمالوالعرض فأيّهما أعظم؟! فمن هنا كانَ إثم من يقع فيأعراض المجاهدين أعظم. ثمّ إنّ فيما يخصّ أعراض المجاهدين نصّاً واضحاًعلى تشديد حرمة أعراضهموالمبالغة في التّحذير منها فقد صحّ عن النبيّ صلىالله عليه وسلم أنّهقال: ""حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمةأمهاتهم، وما من رجل منالقاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله فيخونهفيهم، إلا وقف له يومالقيامة فيأخذ من عمله ما شاء، فما ظنكم ؟" فإذ كان هذا في حرمة نسائهم دلَّ على أنّ الوقوع في أعراضهم أشدُّ إثماً من الوقوع في أعراض غيرهم من سائر الناس. وهذاالحديث حجّة لأهل الجهاد أنّ أعراضهم –ومنها غيبتهم- أشدّ حرمةمنالقاعدين، لو كان القعود جائزاً فكيف الحال والجهاد اليوم متعيِّنٌعلىكلِّ أحد. وحتّى نعرف أيّ الرجلين أشدّ حرمة والوقوع في عرضه أعظمجرماً، لا بدّ أننعرف أيّ الرجلين أفضل، ومن منهما أخيَر وأفضل المجاهد أمالعالم، فهذا لهعدّة أحوال: 1- أن يكون الجهاد غير متعيِّنٍ والعلمكذلك، فكلٌّ منهما لم يبلغ مرتبةالتعيين كأن يكون فرض كفاية وقام به منيكفي من الأمّة، فالظاهر في هذهالحالة –والله أعلم- أنّه يصعب تفضيلأحدهما على الآخر فمن ثمّ ينبني عليهأن تكون غيبة المجاهد والعالممتقاربةً في الإثم والوقوع في أعراض هؤلاءوهؤلاء إثمه متوازٍ، وهذه ليستحالتنا في هذا العصر فإنّ الجهاد فرض عينباتّفاق. 2- أن يتعيّن العلموالجهاد لم يتعيّن: فالعالم أفضل من المجاهد وأعلىمرتبةً وأعظم نفعاً وإثممن يقعُ في عرضه أعظم من إثم من يقع في عرضالمجاهد الذي لم يتعيّن عليهالجهاد. 3- أن يكون الجهاد متعيّناً والعلم غير متعيِّن، فهُنا يكونالمجاهد أعظممن العالم وأفضل منه إذ هو يقوم بفرضٍ من فروض الدين، والإثمعلى من يقعفي عرضه بغيبةٍ أو بغيرها أشدُّ من إثم من يقع في عرض غيره. 4-أن يتعيّن العلم ويتعيّن الجهاد: فإنّه في هذه الحالة يقدّم الجهاد–إنتعذّر الجمع بينهما اللهم إلاّ العلمُ بأصل الدين والإيمان- بل إنّالجهادإذا تعيّن قُدِّم على سائر الفروض والواجبات عدا الإيمان، وحتّىالصلاةفإنّ المجاهد لا يعامل بها كالقاعد بل يصلّي بحسب إمكانه، أمّا طالبالعلممثلاً إذا تعيّن عليه العلم لم يجز له أداء الصّلاة بنقصٍ أوبأيِّاتّجاهٍ أو غير ذلك من الأحكام التي تختصّ بالمجاهد، وكذلك الصيامفإنّهإن خشي الهزيمة بسبب صيامه وعدم القدرة على الجهاد المتعيِّن وجبعليهالفطر، قال شيخ الإسلام: "والعدوّ الصائل الذي يفسد الدّين والدّنيالاشيء أوجب بعد الإيمان من دفعه ولا يشترط له شرط.."، ففي هذه الحالةيكونالمجاهد أفضل من العالم القاعد بل المجاهد لا يأثم بتركه طلبالعلمالمتعيّن أمّا العالم فإنّه يأثم بترك الجهاد المتعيّن عليه ولواشتغل عنهبفرض العلم. فلّما كان المجاهد والحالة هذه أفضل من العالمالقاعد كانَإثم من يقع في المجاهدين أشدّ الإثم وجرمه أفضع الظلم. وسواءًقال أحدٌ بتعيّن العلم اليوم أم لم يقُل فعلى أيّ القولين يكونالجهاد أفضلوأعظم حرمةً وأشدُّ وأعلى منزلة فإثم من يقع في أعراضالمجاهدين أشدُّ منإثم من يقع في أعراض غيرهم كائناً من كان. وهذا ردٌّ بالعلم على هؤلاءالذين يدعون إلى التحاكم للعلم والرّجوع إليهفهذا العلم يحكم للمجاهدينعلى العلماء القاعدين، ونعمَّا به من حَكَمٍوحاكم، فقد أثبت لنا أنّ "لحومالمجاهدين مسمومة وقد بقي بعد كلّ هذا السّرد أمرٌ يجدر التنبيه عليهألا وهو أنّ المقارنةالتي أجريناها هذه إنّما عنينا بها العلماء الصادقينالمخلصين القاعدين،والمجاهدين في سبيل الله حقّاً وصدقاً أصحاب المنهجالسديد والرأي السليمالرشيد. فأمّا أنصار الطواغيت والكفار وأصحابالمبدئ الهدامة والأفكار المختلّة أوعلماء السوء وأبواق الضلالة فهؤلاء لانقصِدُ إليهم في كلامنا البتّةً بلهؤلاء يجب كشف عورهم وتوضيح خطرهم للناسوما في لحومهم إلاّ سموم الحراموأكل أموال النّاس وملء البطون من موائدالطواغيت فمِن هاهُنا يقولونللناس: نحن لحومنا مسمومة أي مما سمّمنت به منأموال السّحت ففيهم شبهٌممن قال الله فيهم: (إِنَّ كَثِيراً مِنَالْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِلَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِبِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِاللَّهِ) قاتلهم الله أنّى يؤفكون. نسألالله تعالى أن يجعلنا من العلماء العاملين، والمجاهدين المرابطين،سوأنيكتب لنا الأجرين، ويجمع بين المنزلتين، والله أعلى وأعلم وصلى اللهوسلّمعلى نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.[1] من مجلة (صدى الجهاد) العدد الخامس. أبو عبد الصمد السيوطي شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شارك