اذهبي الى المحتوى
رحلة أمل

الأمثال في القرآن الكريم

المشاركات التي تم ترشيحها

نرى أن القرآن الكريم كثيرا ما يضرب الأمثال ، فما هي فائدة الأمثال ؟.

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي - رحمة الله تعالى عليه - في تفسير قوله تعالى : ( ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شئ جدلا ) الكهف/54 :

… وفي هذه الأمثال وأشابهها في القرآن عبر ومواعظ وزواجر عظيمةٌ جدّاً ، لا لبس في الحق معها ، إلا أنها لا يَعقل معانيها إلا أهلُ العلم كما قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) العنكبوت/43 ، ومِن حِكَم ضرب المثل : أن يتذكر الناس ، كما قال تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون ) الحشر/21 .

وقد بين في مواضع أخر أن الأمثال مع إيضاحها للحق يهدي بها الله قوماً ، ويضل بها قوماً آخرين ، كما في قوله تعالى : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين ) البقرة/26 ، … ولا شك أن الذين استجابوا لربهم هم العقلاء الذين عقلوا معنى الأمثال ، وانتفعوا بما تضمنت من بيان الحق ، وأن الذين لم يستجيبوا له هم الذين لم يعقلوها ، ولم يعرفوا ما أوضحه من الحقائق .

فالفريق الأول : هم الذين قال الله فيهم : ( ويهدي به كثيراً ) البقرة/26 .

والفريق الثاني : هم الذين قال فيهم : {يضل به كثيراً } ، وقال فيهم : ( وما يضل به إلا الفاسقين ) .

 

 

ما رأيكن أن نأخذ اايات الامثال في القران الكريم ونقرأ تفسيرها السهل الميسر للمساهمة في ايصال معاني هذه الامثال العظيمة للعامة بصورة مبسطه وصحيحة

 

 

مثلا 1 - في الآيه29 سورة الزمر : من تفسير الجلالين

 

{ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ٱلْحَمْدُ للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.

29ـ { ضَرَبَ ٱللَّهُ} للمشرك والموحِّد { مَثَلاً رَّجُلاً} بدل من «مثلاً» { فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَـٰكِسُونَ} متنازعون سيئة أخلاقهم { وَرَجُلاً سَلَماً} خالصا { لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً} تمييز: أي لا يستوي العبد لجماعة والعبد لواحد فإنّ الأوّل إذا طلب منه كل من مالكيه خدمته في وقت واحد تحير فيمن يخدمه منهم، وهذا مثل للمشرك والثاني مثل للموحِّد { ٱلْحَمْدُ للَّهِ} وحده { بَلْ أَكْثَرُهُمْ} أي أهل مكة

 

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

ضرب مثلا للشرك والتوحيد فقال: { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا } أي: عبدا { فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ } فهم كثيرون، وليسوا متفقين على أمر من الأمور وحالة من الحالات حتى تمكن راحته، بل هم متشاكسون متنازعون فيه، كل له مطلب يريد تنفيذه ويريد الآخر غيره، فما تظن حال هذا الرجل مع هؤلاء الشركاء المتشاكسين؟

 

{ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ } أي: خالصا له، قد عرف مقصود سيده، وحصلت له الراحة التامة. { هَلْ يَسْتَوِيَانِ } أي: هذان الرجلان { مَثَلًا } ؟ لا يستويان. كذلك المشرك، فيه شركاء متشاكسون، يدعو هذا، ثم يدعو هذا، فتراه لا يستقر له قرار، ولا يطمئن قلبه في موضع، والموحد مخلص لربه، قد خلصه اللّه من الشركة لغيره، فهو في أتم راحة وأكمل طمأنينة، فـ { هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ } على تبيين الحق من الباطل، وإرشاد الجهال. { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }

 

 

3 - حلقي في لمعنى المثل مع ابن القيم :

 

هذا مثل ضربه الله سبحانه للمشرك والموحد فالمشرك بمنزلة عبد تملكه جماعة مشتركين في خدمته لا يمكنه رضاهم أجمعين والموحد لما كان يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد رجل واحد قد سلم له وعلم مقاصده وعرف

الطريق إلى رضاه فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه بل هو سالم لمالكه من غير منازع فيه مع رأفة مالكه به ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليته بمصالحه فهل يستوي هذان العبدان وهذا منه أبلغ الأمثال فإن الخالص لمالك واحد مستحق من معونته وإحسانه والتفاته إليه وقيامه بمصالحه ما لا يستحقه صاحب الشركاء المتشاكسين.

 

 

 

 

 

 

في الآية 73 سورة الحج

0 {

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ}.

73ـ { يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ} أي أهل مكة { ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ} وهو { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ} تعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ} أي غيره وهم الأصنام { لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً} اسم جنس واحدة ذبابة، يقع على المذكر والمؤنث { وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ} لخلقه { وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً} مما عليهم من الطيب والزعفران الملطخين به { لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ} لا يستردّوه { مِّنْهُ} لعجزهم، فكيف يعبدون شركاء لله تعالى؟ هذا أمر مستغرب عبر عنه بضرب مثل { ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ} العابد { وَٱلْمَطْلُوبُ} المعبود.

 

- اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

هذا مثل ضربه الله لقبح عبادة الأوثان، وبيان نقصان عقول من عبدها، وضعف الجميع، فقال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ } هذا خطاب للمؤمنين والكفار، المؤمنون يزدادون علما وبصيرة، والكافرون تقوم عليهم الحجة، { ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ } أي: ألقوا إليه أسماعكم، وتفهموا ما احتوى عليه، ولا يصادف منكم قلوبا لاهية، وأسماعا معرضة، بل ألقوا إليه القلوب والأسماع، وهو هذا: { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } شمل كل ما يدعى من دون الله، { لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا } الذي هو من أحقر المخلوقات وأخسها، فليس في قدرتهم خلق هذا المخلوق الضعيف، فما فوقه من باب أولى، { وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ } بل أبلغ من ذلك لو { يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ } وهذا غاية ما يصير من العجز. { ضَعُفَ الطَّالِبُ } الذي هو المعبود من دون الله { وَالْمَطْلُوبُ } الذي هو الذباب، فكل منهما ضعيف، وأضعف منهما، من يتعلق بهذا الضعيف، وينزله منزلة رب العالمين.

 

3 - حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

إن الآلهة التي يعبدها المشركون من

دون الله لن تقدر على خلق ذباب ولو اجتمعوا كلهم لخلقه فكيف ما

هو أكبر منه ولا يقدرون على الانتصار من الذباب إذا سلبهم شيئا مما

عليهم من طيب ونحوه فيستنقذونه منه فلا هم قادرون على خلق

الذباب الذي هو من أضعف الحيوان ولا على الانتصار منه واسترجاع

ما سلبهم إياه فلا أعجز من هذه الآلهة ولا أضعف منها فكيف

يستحسن عاقل عبادتها من دون الله تعالى .

في 5الآيه سورة الجمعة

 

{

مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ}.

{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ} كلفوا العمل بها { ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} لم يعملوا بما فيها من نعته صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا به { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} أي كتبـا في عدم انتفاعه بها { بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ} المصدّقة للنبي صلى الله عليه وسلم والمخصوص بالذمّ محذوف، تقديره: هذا المثل { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} الكافرين.{ لاَّ يَعْلَمُونَ} ما يصيرون إليه من العذاب فيشركون

- اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

لما ذكر تعالى منته على هذه الأمة، الذين ابتعث فيهم النبي الأمي، وما خصهم الله به من المزايا والمناقب، التي لا يلحقهم فيها أحد وهم الأمة الأمية الذين فاقوا الأولين والآخرين، حتى أهل الكتاب، الذين يزعمون أنهم العلماء الربانيون والأحبار المتقدمون، ذكر أن الذين حملهم الله التوراة من اليهود وكذا النصارى، وأمرهم أن يتعلموها، ويعملوا بما فيها ، وانهم لم يحملوها ولم يقوموا بما حملوا به، أنهم لا فضيلة لهم، وأن مثلهم كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفارًا من كتب العلم، فهل يستفيد ذلك الحمار من تلك الكتب التي فوق ظهره؟ وهل يلحق به فضيلة بسبب ذلك؟ أم حظه منها حملها فقط؟ فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة، الذي من أجله وأعظمه الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والبشارة به، والإيمان بما جاء به من القرآن، فهل استفاد من هذا وصفه من التوراة إلا الخيبة والخسران وإقامة الحجة عليه؟ فهذا المثل مطابق لأحوالهم.

 

بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله الدالة على صدق رسولنا وصدق ما جاء به.{ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } أي: لا يرشدهم إلى مصالحهم، ما دام الظلم لهم وصفًا، والعناد لهم نعتًا ومن ظلم اليهود وعنادهم، أنهم يعلمون أنهم على باطل، ويزعمون أنهم على حق، وأنهم أولياء الله من دون الناس.

 

3 - حلقي في لمعنى المثل مع ابن القيم :

 

 

فقاس سبحانه من حمله كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به

ويدعو إليه ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب فقرأه به بغير

تدبر ولا تفهم ولا اتباع له ولا تحكيم له وعمل بموجبه كحمار على

ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها وحظه منها حملها على ظهره ليس

إلا فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره

فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن

حمل القرآن فترك العمل به ولم يؤد حقه ولم يرعه حق رعايته .

.

تم تعديل بواسطة رحلة أمل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

بارك الله فيك غاليتي رحلة أمل

طرح مميز

 

مشاركة بسيطة

 

قال تعالى: { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون } (البقرة:17)

 

تفسير الآية : { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } أي مثالهم في نفاقهم وحالهم الغريبة كحال شخص أوقد نارا ليستدفئ بها ويستضيء , فما أتقدت حتى انطفأت وتركته في ظلام دامس وخوف شديد

 

{فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون} أي فلما أنارت المكان الذي حوله فأبصر وأمِن , وأستأنس بتلك النار المشعة المضيئة ذهب الله بنورهم أي أطفأها بالكلية فتلاشت النار وعُدم النور وتركهم في ظلمات شديدة وخوف شديد ,,,, وهذا حال المنافقين في استبدالهم الضلالة عوضا عن الهدى , واستحبابهم الغي عن الرشد .

 

الفائدة : الغاية من ضرب المثل .. تقريب البعيد وتوضيح الغامض حتى يصبح كالأمر المشاهد المحسوس , وللأمثال تأثير عجيب في النفوس { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }

 

قال العلامة ابن القيم : تأمل قوله تعالى{ ذهب الله بنورهم } ولم يقل " ذهب الله بنارهم " مع أنه مقتضى السياق ليطابق أول الآية{ أستوقد نارا } فإن النار فيها إشراق وإحراق .

فذهب الله بما فيها من إشراق وهو " النور " وأبقى ما فيها من الإحراق وهو " النارية " !!وتأمل كيف قال " بنورهم " ولم يقل" بضوئهم " لأن الضوء زيادة في النور , فلو قيل ذهب الله بضوئهم لأوهم الذهاب بالزيادة فقط دون الأصل !!

وتأمل كيف قال{ ذهب الله بنورهم } فوحد النور ثم قال { وتركهم في ظلمات} فجمعها , فإن الحق واحد وهو صراط الله المستقيم , الذي لا صراط يوصل سواه , بخلاف طرق الباطل فإنها متعددة ومتشعبة , لهذا أفرد سبحانه "الحق" وجمع "الباطل" في آيات عديدة مثل قوله تعالى : { يخرجونهم من الظلمات إلى النور } وقوله : { وجعل الظلمات والنور } وقوله : { إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} فجمع سبل الباطل ووحد سبيل الحق .

 

من كتاب صفوة التفاسير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

جميل جدا أخيتى رحلة أمل

 

متابعة معكن إن شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
جزاك الله خير أختي رحلة أمل وموضوعك وطرحك جداً رائع واستمري على هذا النهج

جزاك الله خيروبارك الله فيك أختي الفاضلة زهور الريف أسعدني مرورك

لسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

بارك الله فيك غاليتي رحلة أمل

طرح مميز

s

جزاك الله خيراأختي الفاضلة فدوى وبارك الله لك في علمك اعجبتني مشاركتك كـــــــثيرا واستفدت منها أجزل الله لك الأجر والمثوبة نتظر منك المزيدأعانك الله وسدد خطاك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

جميل جدا أخيتى رحلة أمل

 

متابعة معكن إن شاء الله

. جزاااااااااااااااااااااااااك الله خيرا أختي الفاضلة امة الله ش ويسعدنا تواجدك ومشاركتك

تم تعديل بواسطة رحلة أمل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

أتابع بهذه المشاركة البسيطه

اولا في تفسير الجلالين

للآيه41 من سورة العنكبوت

مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }

 

 

1- تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين

 

 

. { مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ} أي أصناما يرجون نفعها { كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً} لنفسها تأوي إليه { وَإِنَّ أَوْهَنَ} أضعف { ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ} لا يدفع عنها حرًّا ولا بردا، كذلك الأصنام لا تنفع عابديها { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} ذلك ما عبدوها.

 

 

 

 

- اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

هذا مثل ضربه اللّه لمن عبد معه غيره، يقصد به التعزز والتَّقَوِّي والنفع، وأن الأمر بخلاف مقصوده، فإن مثله كمثل العنكبوت، اتخذت بيتا يقيها من الحر والبرد والآفات، { وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ } أضعفها وأوهاها { لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ } فالعنكبوت من الحيوانات الضعيفة، وبيتها من أضعف البيوت، فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفا، كذلك هؤلاء الذين يتخذون من دونه أولياء، فقراء عاجزون من جميع الوجوه، وحين اتخذوا الأولياء من دونه يتعززون بهم ويستنصرونهم، ازدادوا ضعفا إلى ضعفهم، ووهنا إلى وهنهم.

 

فإنهم اتكلوا عليهم في كثير من مصالحهم، وألقوها عليهم، وتخلوا هم عنها، على أن أولئك سيقومون بها، فخذلوهم، فلم يحصلوا منهم على طائل، ولا أنالوهم من معونتهم أقل نائل.

 

فلو كانوا يعلمون حقيقة العلم، حالهم وحال من اتخذوهم، لم يتخذوهم، ولتبرأوا منهم، ولتولوا الرب القادر الرحيم، الذي إذا تولاه عبده وتوكل عليه، كفاه مئونة دينه ودنياه، وازداد قوة إلى قوته، في قلبه وفي بدنه وحاله وأعماله.

 

ولما بين نهاية ضعف آلهة المشركين، ارتقى من هذا إلى ما هو أبلغ منه، وأنها ليست بشيء، بل هي مجرد أسماء سموها، وظنون اعتقدوها، وعند التحقيق، يتبين للعاقل بطلانها وعدمها، ولهذا قال: { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } أي: إنه تعالى يعلم -وهو عالم الغيب والشهادة- أنهم ما يدعون من دون اللّه شيئا موجودا، ولا إلها له حقيقة، كقوله تعالى: { إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ } وقوله: { وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وإن هم إلا يخرصون }

 

{ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم } الذي له القوة جميعا، التي قهر بها جميع المخلوقات، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها، الذي أحسن كل شيء خلقه، وأتقن ما أمره.

 

{ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ } أي: لأجلهم ولانتفاعهم وتعليمهم، لكونها من الطرق الموضحة للعلوم، ولأنها تقرب الأمور المعقولة بالأمور المحسوسة، فيتضح المعنى المطلوب بسببها، فهي مصلحة لعموم الناس.

 

{ و } لكن { مَا يَعْقِلُهَا } بفهمها وتدبرها، وتطبيقها على ما ضربت له، وعقلها في القلب { إِلَّا الْعَالِمُونَ } أي: أهل العلم الحقيقي، الذين وصل العلم إلى قلوبهم.

 

وهذا مدح للأمثال التي يضربها، وحثٌّ على تدبرها وتعقلها، ومدح لمن يعقلها، وأنه عنوان على أنه من أهل العلم، فعلم أن من لم يعقلها ليس من العالمين.

 

والسبب في ذلك، أن الأمثال التي يضربها اللّه في القرآن، إنما هي للأمور الكبار، والمطالب العالية، والمسائل الجليلة، فأهل العلم يعرفون أنها أهم من غيرها، لاعتناء اللّه بها، وحثه عباده على تعقلها وتدبرها، فيبذلون جهدهم في معرفتها.

 

وأما من لم يعقلها، مع أهميتها، فإن ذلك دليل على أنه ليس من أهل العلم، لأنه إذا لم يعرف المسائل المهمة، فعدم معرفته غيرها من باب أولى وأحرى. ولهذا، أكثر ما يضرب اللّه الأمثال في أصول الدين ونحوها.

 

 

 

- حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

يقول ابن القيم (وبيت العنكبوت هو أوهن البيوت وأضعفها وتحت هذا المثل أن هؤلاء المشركين أضعف ما كانوا حيث اتخذوا من دون الله أولياء فلم

يستفيدوا بمن اتخذوهم أولياء إلا ضعفا كما قال تعالى {واتخذوا من

دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا }. وقال تعالى {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون. ))

 

سورة الرعد آية 17\في تفسير الجلالين

0

{أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّارِ ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَاطِلَ فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَآءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي ٱلأَرْضِ كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ

}.

 

1- تعرفي على معنى الاية من تفسير الجلالين

 

 

17ـ ثم ضرب مثلاً للحق والباطل فقال { أُنزِلَ} تعالى { مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً} مطرا { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} بمقدارِ مثلها { فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا} عاليا عليه هو ما على وجهه من قذر ونحوه { وَمِمَّا * تُوقِدُونَ} بالتاء والياء { عَلَيْهِ فِى ٱلنَّارِ} من جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس { ٱبْتِغَآءَ} طلب { حِلْيَةٍ} زينة { أَوْ مَتَـٰعٍ} ينتفع به كالأواني إذا أذيبت { زَبَدٌ مِّثْلُهُ} أي مثل زبد السيل وهو خبثه والذي ينفيه الكير { كَذَلِكَ} المذكور { يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ وَٱلْبَـٰطِلَ} أي مثلهما { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ} من السيل وما أُوقِد عليه من الجواهر { فَيَذْهَبُ جُفَآءً} باطلاً مرميا به { وَأَمَّا مَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ} من الماء والجواهر { فَيَمْكُثُ} يبقى { فِى ٱلأٌّرْضِ} زمانا، كذلك الباطل يضمحل وينمحق وإن علا على الحق في بعض الأوقات والحق ثابت باقٍ { كَذَلِكَ} المذكور { يَضْرِبُ} يبـيِّن { ٱللَّهُ ٱلأٌّمْثَالَ} .

 

 

 

- اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

 

شبّه تعالى الهدى الذي أنزله على رسوله لحياة القلوب والأرواح، بالماء الذي أنزله لحياة الأشباح، وشبّه ما في الهدى من النفع العام الكثير الذي يضطر إليه العباد، بما في المطر من النفع العام الضروري، وشبه القلوب الحاملة للهدى وتفاوتها بالأودية التي تسيل فيها السيول، فواد كبير يسع ماء كثيرا، كقلب كبير يسع علما كثيرا، وواد صغير يأخذ ماء قليلا، كقلب صغير، يسع علما قليلا، وهكذا.

 

وشبه ما يكون في القلوب من الشهوات والشبهات عند وصول الحق إليها، بالزبد الذي يعلو الماء ويعلو ما يوقد عليه النار من الحلية التي يراد تخليصها وسبكها، وأنها لا تزال فوق الماء طافية مكدرة له حتى تذهب وتضمحل، ويبقى ما ينفع الناس من الماء الصافي والحلية الخالصة.

 

كذلك الشبهات والشهوات لا يزال القلب يكرهها، ويجاهدها بالبراهين الصادقة، والإرادات الجازمة، حتى تذهب وتضمحل ويبقى القلب خالصا صافيا ليس فيه إلا ما ينفع الناس من العلم بالحق وإيثاره، والرغبة فيه، فالباطل يذهب ويمحقه الحق { إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } وقال هنا: { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ } ليتضح الحق من الباطل والهدى والضلال

- حلقي في لمعنى المثل مع ابن القيم :

 

ويقول العلامة ابن القيم( شبه الوحي الذي أنزله لحياة القلوب والأسماع والأبصار بالماء الذي

 

أنزله لحياة الأرض بالنبات وشبه القلوب بالأودية فقلب كبير يسع علما

 

عظيما كواد كبير يسع ماء كثيرا وقلب صغير إنما يسع بحسبه كالوادي

 

الصغير فسالت أودية بقدرها واحتملت قلوب من الهدى والعلم بقدرها

 

كما أن السيل إذا خالط الأرض ومر عليها احتملت غثاء وزبدا .

 

فكذلك الهدى والعلم إذا خالط القلوب أثار ما فيها من الشهوات

 

والشبهات ليقلعها ويذهبها كما يثير الدواء وقت شربه من البدن

 

أخلاطه فتكرب بها شاربه وهي من تمام نفع الدواء فانه أثارها ليذهب

 

بها فإنه لا يجامعها ولا يساكنها وهكذا يضرب الله الحق والباطل ثم

 

ذكر المثل الناري فقال ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو

 

متاع زبد مثله وهو الخبث الذي يخرج عند سبك الذهب والفضة

 

والنحاس والحديد فتخرجه النار وتميزه وتفصله عن الجوهر الذي

 

ينتفع به فيرمى ويطرح ويذهب جفاء فكذلك الشهوات والشبهات

 

يرميها قلب المؤمن ويطرحها ويجفوها كما يطرح السيل والنار ذلك

 

الزبد والغثاء والخبث ويستقر في قرار الوادي الماء الصافي الذي

 

يسقي منه الناس ويزرعون ويسقون أنعامهم كذلك يستقر في قرار

 

القلب وجذره الإيمان الخالص الصافي الذي ينفع صاحبه وينتفع به غير]

تم تعديل بواسطة رحلة أمل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

 

بوركت أختي الحبيبة رحلة أمل

 

وهذه مشاركة مني في هذا الموضوع الرائع

مثل من أعرض عن كلام الله

في قول الله تعالى : ( فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة )

في تشبيه من أعرض عن كلامه وتدبره فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة شبههم في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمر رأت الأسد والرماة ففرت منه وهذا من بديع التمثيل فإن القوم من جهلهم بما بعث الله سبحانه رسوله كالحمر فهي لا تعقل شيئا فإذا سمعت صوت الأسد أو الرامي نفرت منه أشد النفور وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم وحياتهم كنفور الحمر عما يهلكها ويعقرها وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة فإنها لشدة نفورها قد استنفر بعضها بعضا وحضه على النفور فإن في الاستفعال من الطلب قدرا زائدا على الفعل المجرد فكأنها تواصت بالنفور وتواطأت عليه ومن قرأها بفتح الفاء فالمعنى أن القسورة استنفرها وحملها على النفور ببأسه وشدته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

 

بوركت أختي الحبيبة رحلة أمل

 

وهذه مشاركة مني في هذا الموضوع الرائع

مثل من أعرض عن كلام الله

في قول الله تعالى : ( فمالهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة )

في تشبيه من أعرض عن كلامه وتدبره فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة شبههم في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمر رأت الأسد والرماة ففرت منه وهذا من بديع التمثيل فإن القوم من جهلهم بما بعث الله سبحانه رسوله كالحمر فهي لا تعقل شيئا فإذا سمعت صوت الأسد أو الرامي نفرت منه أشد النفور وهذا غاية الذم لهؤلاء فإنهم نفروا عن الهدى الذي فيه سعادتهم وحياتهم كنفور الحمر عما يهلكها ويعقرها وتحت المستنفرة معنى أبلغ من النافرة فإنها لشدة نفورها قد استنفر بعضها بعضا وحضه على النفور فإن في الاستفعال من الطلب قدرا زائدا على الفعل المجرد فكأنها تواصت بالنفور وتواطأت عليه ومن قرأها بفتح الفاء فالمعنى أن القسورة استنفرها وحملها على النفور ببأسه وشدته

 

سبحان الله معنى جميل

أحب هذه الأية كثيرا مؤثرة جدا

جزاك الله خيرا أخيتى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيكن حبيباتي

رحلة أمل

زهور الريف

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

شكراً لكن اخوتي الكريمات وجزاكن الله خير الجزاء ورفع قدركن

اعتذرلأن ألوان الخط لم تظهر وكذلك حجم الخط الذي اخترته لاادري لماذا مع انه كان جيد عند المعاينة لتعديل المشاركة

سعيده جدا بمشاركاتكن أثابكن الله وسدد خطاكن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

الآية(39 -40 ) سورة النور

قوله تعالى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ* أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}

 

تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :[/b]

 

[والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة] جمع قاع أي فلاة وهي شعاع يرى فيها نصف النهار في شدة الحر يشبه الماء الجاري [يحسبه] يظنه [الظمآن] أي العطشان [ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا] مما حسبه كذلك الكافر يحسب أن عمله كصدقة ينفعه حتى إذا مات وقدم على ربه يجد عمله أي لم ينفعه [ووجد الله عنده] أي عند عمله [فوفاه حسابه] أي جازاه عليه في الدنيا [والله سريع الحساب] أي المجازاة .

 

[أو] الذين كفروا أعمالهم السيئة [كظلمات في بحر لجي] عميق [يغشاه موج من فوقه] أي الموج [موج من فوقه] أي الموج الثاني [سحاب] غيم هذه [ظلمات بعضها فوق بعض] ظلمة البحر وظلمة الموج الأول وظلمة الثاني وظلمة السحاب [إذا أخرج] الناظر [يده] في هذه الظلمات [لم يكد يراها] أي لم يقرب من رؤيتها [ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور] أي من لم يهده الله لم يهتد .

 

[b]اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي :

 

هذان مثلان، ضربهما الله لأعمال الكفار في بطلانها وذهابها سدى وتحسر عامليها منها فقال: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا } بربهم وكذبوا رسله { أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ } أي: بقاع، لا شجر فيه ولا نبت.

 

{ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً } شديد العطش، الذي يتوهم ما لا يتوهم غيره، بسبب ما معه من العطش، وهذا حسبان باطل، فيقصده ليزيل ظمأه، { حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا } فندم ندما شديدا، وازداد ما به من الظمأ، بسبب انقطاع رجائه، كذلك أعمال الكفار، بمنزلة السراب، ترى ويظنها الجاهل الذي لا يدري الأمور، أعمالا نافعة، فيغره صورتها، ويخلبه خيالها، ويحسبها هو أيضا أعمالا نافعة لهواه، وهو أيضا محتاج إليها بل مضطر إليها، كاحتياج الظمآن للماء، حتى إذ قدم على أعماله يوم الجزاء، وجدها ضائعة، ولم يجدها شيئا، والحال إنه لم يذهب، لا له ولا عليه، بل { وجد اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } لم يخف عليه من عمله نقير ولا قطمير، ولن يعدم منه قليلا ولا كثيرا، { وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ } فلا يستبطئ الجاهلون ذلك الوعد، فإنه لا بد من إتيانه، ومثلها الله بالسراب الذي بقيعة، أي: لا شجر فيه ولا نبات، وهذا مثال لقلوبهم، لا خير فيها ولا بر، فتزكو فيها الأعمال وذلك للسبب المانع، وهو الكفر.

 

والمثل الثاني، لبطلان أعمال الكفار { كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ } بعيد قعره، طويل مداه { يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ } ظلمة البحر اللجي، ثم فوقه ظلمة الأمواج المتراكمة، ثم فوق ذلك، ظلمة السحب المدلهمة، ثم فوق ذلك ظلمة الليل البهيم، فاشتدت الظلمة جدا، بحيث أن الكائن في تلك الحال { إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } مع قربها إليه، فكيف بغيرها، كذلك الكفار، تراكمت على قلوبهم الظلمات، ظلمة الطبيعة، التي لا خير فيها، وفوقها ظلمة الكفر، وفوق ذلك، ظلمة الجهل، وفوق ذلك، ظلمة الأعمال الصادرة عما ذكر، فبقوا في الظلمة متحيرين، وفي غمرتهم يعمهون، وعن الصراط المستقيم مدبرين، وفي طرق الغي والضلال يترددون، وهذا لأن الله تعالى خذلهم، فلم يعطهم من نوره، { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } لأن نفسه ظالمة جاهلة، فليس فيها من الخير والنور، إلا ما أعطاها مولاها، ومنحها ربها. يحتمل أن هذين المثالين، لأعمال جميع الكفار، كل منهما، منطبق عليها، وعددهما لتعدد الأوصاف، ويحتمل أن كل مثال، لطائفة وفرقة. فالأول، للمتبوعين، والثاني، للتابعين، والله أعلم.

 

- حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

ذكر سبحانه للكافرين مثلين مثلا بالسراب ومثلا بالظلمات المتراكمة وذلك لأن المعرضين عن الهدى والحق نوعان أحدهما من يظن أنه على شيء فيتبين له عند انكشاف الحقائق خلاف ما كان يظنه وهذه حال أهل الجهل وأهل البدع والأهواء الذين يظنون أنهم على هدى وعلم ، فإذا انكشفت الحقائق تبين لهم أنهم لم يكونوا على شيء ، وهكذا الأعمال التي لغير الله عز و جل وعلى غير أمره يحسبها العامل نافعة

 

له وليست كذلك وهذه هي الأعمال التي قال الله عز و جل فيها {وقدمنا

 

إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هبآء منثورا } .

 

وتأمل جعل الله سبحانه السراب بالقيعة وهي الأرض الخالية القفر من البناء والشجر، والسراب لا حقيقة له وذلك مطابق لأعمالهم وقلوبهم التي أقفرت من الإيمان والهدى وتأمل ما تحت قوله { يحسبه الظمآن مآء } والظمآن الذي اشتد عطشه فرأى السراب فظنه ماء فتبعه فلم يجده شيئا فكذلك هؤلاء لما كانت أعمالهم على غير طاعة الرسل كانت كسراب يرى في أعين الناظرين ماء ولا حقيقة له .

 

الذين عرفوا الحق والهدى وآثروا عليه ظلمات الباطل والضلال

 

فتراكمت عليه ظلمة الطبع وظلمة النفوس وظلمة الجهل حيث لم يعملوا بعلمهم فصاروا جاهلين وظلمة اتباع الغي والهوى فحالهم كحال من كان في بحر لجي لا ساحل له وقد غشيه موج ومن فوق ذلك الموج موج ومن فوقه سحاب مظلم فهو في ظلمة البحر وظلمة الموج وظلمة السحاب وهذا نظير ما هو فيه من الظلمات التي لم يخرجه الله منها

 

إلى نور الإيمان .

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية { 24 - 26 } سورة إبراهيم

{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ *تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ }

 

 

 

تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :

 

{ أَلَمْ تَرَ} تنظر { كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً} ويبدل منه { كَلِمَةً طَيِّبَةً} أي لا إله إلا الله { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ} هي النخلة { أَصْلُهَا ثَابِتٌ} في الأرض { وَفَرْعُهَا} غصنها { فِى ٱلسَّمَآءِ} . 25ـ { تُؤْتِىۤ} تعطي { أُكُلُهَا} ثمرها { كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} بإرادته كذلك كلمة الإِيمان ثابتة في قلب المؤمن وعمله يصعد إلى السماء ويناله بركته وثوابه كل وقت { وَيَضْرِبُ} يبـيّن { ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يتّعظون فيؤمنون.

 

[ومثل كلمة خبيثة] هي كلمة الكفر [كشجرة خبيثة] هي الحنظل [اجتثت] استؤصلت [من فوق الأرض ما لها من قرار] مستقر وثبات كذلك كلمة الكفر لا ثبات لها ولا فرع ولا بركة

 

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

يقول تعالى: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَة } " وهي شهادة أن لا إله إلا الله، وفروعها { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } وهي النخلة { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } في الأرض { وَفَرْعُهَا } منتشر { فِي السَّمَاءِ } وهي كثيرة النفع دائما، { تُؤْتِي أُكُلَهَا } أي: ثمرتها { كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن، علما واعتقادا. وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية، والآداب الحسنة في السماء دائما يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وينفع غيره، { وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ما أمرهم به ونهاهم عنه، فإن في ضرب الأمثال تقريبا للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة، ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان، ويتضح غاية الوضوح، وهذا من رحمته وحسن تعليمه. فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه، فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها، في قلب المؤمن.

 

ثم ذكر ضدها وهي كلمة الكفر وفروعها فقال: { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } المأكل والمطعم وهي: شجرة الحنظل ونحوها، { اجْتُثَّتْ } هذه الشجرة { مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } أي: من ثبوت فلا عروق تمسكها، ولا ثمرة صالحة، تنتجها، بل إن وجد فيها ثمرة، فهي ثمرة خبيثة، كذلك كلمة الكفر والمعاصي، ليس لها ثبوت نافع في القلب، ولا تثمر إلا كل قول خبيث وعمل خبيث يستضر به صاحبه، ولا ينتفع، فلا يصعد إلى الله منه عمل صالح ولا ينفع نفسه، ولا ينتفع به غيره.

 

 

 

-

حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

شبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة و الباطنة فكل عمل صالح مرضي لله عز و جل ثمرة هذه الكلمة وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أصلها ثابت قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن وفرعها في السماء يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء .

 

ثم ذكر سبحانه مثل الكلمة الخبيثة فقال {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} فشبهها بالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض فلا عرق ثابت ولا فرع عال .

 

قال الضحاك ضرب الله مثلا للكافر بشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول ليس لها أصل ولا فرع وليس لها ثمرة و لا فيها منفعة كذلك الكافر لا يعمل خيرا ولا يقوله ولا يجعل الله فيه بركة ولا منفعة .

 

وقال ابن عباس ومثل كلمة خبيثة وهي الشرك كشجرة خبيثة يعني الكافر اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان ولا يقبل الله عمل المشرك ولا يصعد إلى الله.

 

فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية 12من سورة الحجرات

 

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }

 

تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :

 

[يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم] أي مؤثم وهو كثير كظن السوء بأهل الخير من المؤمنين وهم كثير بخلافه بالفساق منهم فلا إثم فيه في نحو ما يظهر منهم [ولا تجسسوا] حذف منه إحدى التاءين لا تتبعوا عورات المسلمين ومعايبهم بالبحث عنها [ولا يغتب بعضكم بعضا] لا يذكره بشيء يكرهه وإن كان فيه [أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا] بالتخفيف والتشديد أي لا يحسن به [فكرهتموه] أي فاغتيابه في حياته كأكل لحمه بعد مماته وقد عرض عليكم الثاني فكرهتموه فاكرهوا الأول [واتقوا الله] عقابه في الاغتياب بأن تتوبوا منه [إن الله تواب] قابل توبة التائبين [رحيم] بهم

 

 

 

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي :

 

نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ { إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه.

 

{ وَلَا تَجَسَّسُوا } أي: لا تفتشوا عن عورات المسلمين، ولا تتبعوها، واتركوا المسلم على حاله، واستعملوا التغافل عن أحواله التي إذا فتشت، ظهر منها ما لا ينبغي.

 

{ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا } والغيبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: { ذكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه }

 

ثم ذكر مثلاً منفرًا عن الغيبة، فقال: { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } شبه أكل لحمه ميتًا، المكروه للنفوس [غاية الكراهة]، باغتيابه، فكما أنكم تكرهون أكل لحمه، وخصوصًا إذا كان ميتًا، فاقد الروح، فكذلك، [فلتكرهوا] غيبته، وأكل لحمه حيًا.

 

{ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } والتواب، الذي يأذن بتوبة عبده، فيوفقه لها، ثم يتوب عليه، بقبول توبته، رحيم بعباده، حيث دعاهم إلى ما ينفعهم، وقبل منهم التوبة، وفي هذه الآية، دليل على التحذير الشديد من الغيبة، وأن الغيبة من الكبائر، لأن الله شبهها بأكل لحم الميت، وذلك من الكبائر.

 

حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

يقول ابن القيم : وهذا من أحسن القياس التمثيلي فانه شبه تمزيق عرض الأخ بتمزيق لحمه ولما كان المغتاب يمزق عرض أخيه في غيبته كان بمنزلة من يقطع لحمه في حال غيبة روحه عنه بالموت لما كان المغتاب عاجزا عن دفعه بنفسه بكونه غائبا عن ذمه كان بمنزلة الميت الذي يقطع لحمه ولا يستطيع أن يدفع عن نفسه ولما كان مقتضى الأخوة التراحم والتواصل والتناصر فعلق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذم والعيب والطعن كان ذلك نظير تقطيعه لحم أخيه والأخوة تقتضي حفظه وصيانته .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

نتاااااااااااابع

 

 

 

 

الآية 175من سورة الأعراف

 

-( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ)-[الأعراف 175/176/177]

 

تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :

 

[واتل] يا محمد [عليهم] أي اليهود [نبأ] خبر [الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها] خرج بكفره كما تخرج الحية من جلدها وهو بلعم بن باعوراء من علماء بني إسرائيل ، سئل أن يدعو على موسى وأهدي إليه شيء فدعا فانقلب عليه واندلع لسانه على صدره [فأتبعه الشيطان] فأدركه فصار قرينه [فكان من الغاوين] *

 

[ولو شئنا لرفعناه] إلى منازل العلماء [بها] بأن نوفقه للعمل [ولكنه أخلد] سكن [إلى الأرض] أي الدنيا ومال إليها [واتبع هواه] في دعائه إليها فوضعناه [فمثله] صفته [كمثل الكلب إن تحمل عليه] بالطرد والزجر [يلهث] يدلع لسانه [أو] إن [تتركه يلهث] وليس غيره من الحيوان كذلك ، وجملتا الشرط حال ، أي لاهثاً ذليلاً بكل حال ، والقصد التشبيه في الوضع والخسة بقرينة الفاء المشعرة بترتيب ما بعدها على ما قبلها من الميل إلى الدنيا واتباع الهوى وبقرينة قوله [ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص] على اليهود [لعلهم يتفكرون] يتدبرون فيها فيؤمنون *

 

[ساء] بئس [مثلاً القوم] أي مثل القوم [الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون] بالتكذيب

 

 

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي :

 

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا )أي: علمناه كتاب اللّه، فصار العالم الكبير والحبر النحرير.

 

(فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ )أي: انسلخ من الاتصاف الحقيقي بالعلم بآيات اللّه، فإن العلم بذلك، يصير صاحبه متصفا بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويرقى إلى أعلى الدرجات وأرفع المقامات، فترك هذا كتاب اللّه وراء ظهره، ونبذ الأخلاق التي يأمر بها الكتاب، وخلعها كما يخلع اللباس.

 

فلما انسلخ منها أتبعه الشيطان، أي: تسلط عليه حين خرج من الحصن الحصين، وصار إلى أسفل سافلين، فأزه إلى المعاصي أزا.

 

(فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ )بعد أن كان من الراشدين المرشدين.

 

وهذا لأن اللّه تعالى خذله ووكله إلى نفسه، فلهذا قال تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا )بأن نوفقه للعمل بها، فيرتفع في الدنيا والآخرة، فيتحصن من أعدائه.

 

(وَلَكِنَّهُ )فعل ما يقتضي الخذلان، فَأَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ، أي: إلى الشهوات السفلية، والمقاصد الدنيوية. (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ )وترك طاعة مولاه، (فَمَثَلُهُ )في شدة حرصه على الدنيا وانقطاع قلبه إليها، (كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ )أي: لا يزال لاهثا في كل حال، وهذا لا يزال حريصا، حرصا قاطعا قلبه، لا يسد فاقته شيء من الدنيا.

 

(ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا )بعد أن ساقها اللّه إليهم، فلم ينقادوا لها، بل كذبوا بها وردوها، لهوانهم على اللّه، واتباعهم لأهوائهم، بغير هدى من اللّه.

 

(فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )في ضرب الأمثال، وفي العبر والآيات، فإذا تفكروا علموا، وإذا علموا عملوا.

 

(سَاءَ مَثَلا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ )أي: ساء وقبح، مثل من كذب بآيات اللّه، وظلم نفسه بأنواع المعاصي، فإن مثلهم مثل السوء، وهذا الذي آتاه اللّه آياته، يحتمل أن المراد به شخص معين، قد كان منه ما ذكره اللّه، فقص اللّه قصته تنبيها للعباد. ويحتمل أن المراد بذلك أنه اسم جنس، وأنه شامل لكل من آتاه اللّه آياته فانسلخ منها.

 

وفي هذه الآيات الترغيب في العمل بالعلم، وأن ذلك رفعة من اللّه لصاحبه، وعصمة من الشيطان، والترهيب من عدم العمل به، وأنه نـزول إلى أسفل سافلين، وتسليط للشيطان عليه، وفيه أن اتباع الهوى، وإخلاد العبد إلى الشهوات، يكون سببا للخذلان.

 

 

حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

فشبه سبحانه من آتاه كتابه وعلمه العلم الذي منعه غيره فترك العمل به واتبع هواه وآثر سخط

الله على رضاه شبهه بالكلب الذي هو من أخبث الحيوانات وأوضعها قدراو أخبثها نفسا وهمته لا تتعدى بطنه .

وفي تشبيه من آثر الدنيا وعاجلها على مثل الذي أوتى الكتاب ولم يعمل به - مع وفور علمه -

بالكلب في لهثه سر بديع وهو أن الذي حاله ما ذكره الله من انسلاخه من آياته واتباعه هواه إنما كان لشدة

لهفه على الدنيا لانقطاع قلبه عن الله والدار الآخرة فهو شديد اللهف

عليها ولهفه نظير لهف الكلب الدائم في حال ازعاجه وتركه واللهف

 

 

واللهث أخوان في اللفظ . تم تعديل بواسطة رحلة أمل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الآية 31 من سورة الحج

 

*حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }

 

 

 

تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :

 

[حنفاء لله] مسلمين عادلين عن كل دين سوى دينه [غير مشركين به] تأكيد لما قبله وهما حالان من الواو [ومن يشرك بالله فكأنما خر] سقط [من السماء فتخطفه الطير] أي تأخذه بسرعة [أو تهوي به الريح] أي تسقطه [في مكان سحيق] بعيد أي فهو لا يرجى خلاصه .

 

 

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

 

أمرهم أن يكونوا { حُنَفَاءَ لِلَّهِ } أي: مقبلين عليه وعلى عبادته، معرضين عما سواه.

 

{ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ } فمثله { فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ } أي: سقط منها { فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ } بسرعة { أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } أي: بعيد، كذلك المشرك، فالإيمان بمنزلة السماء، محفوظة مرفوعة.

 

ومن ترك الإيمان، بمنزلة الساقط من السماء، عرضة للآفات والبليات، فإما أن تخطفه الطير فتقطعه أعضاء، كذلك المشرك إذا ترك الاعتصام بالإيمان تخطفته الشياطين من كل جانب، ومزقوه، وأذهبوا عليه دينه ودنياه.

 

- حلقي في معنى المثل مع ابن القيم :

 

فتأمل هذا المثل ومطابقته لحال من أشرك بالله وتعلق بغيره ويجوز لك في هذا التشبيه أمران :

 

أحدهما أن تجعله تشبيها مركبا ويكون قد شبه من أشرك بالله وعبد معه غيره فكأنما خر من السماء وقد تسبب إلى هلاك نفسه هلاكا لا يرجى معه نجاة فصور حاله بصورة من خر من السماء فاختطفه الطير في الهوى فتمزق مزعا في حواصلها أو عصفت به الريح حتى هوت في بعض المطارح البعيدة وعلى هذا لا ينظر إلى كل فرد من أفراد الشبه ومقابلته من المشبه به .

 

والثاني أن يكون من التشبيه المفرق فيقابل كل واحد من أجزاء الممثل بالممثل به وعلى هذا فيكون قد شبه الإيمان والتوحيد في علوه وسعته وشرفه بالسماء التي هي مصعده ومهبطه فمنها يهبط إلى الأرض وإليها يصعد منها وشبه تارك الإيمان والتوحيد بالساقط من السماء إلى أسفل سافلين من حيث التضييق الشديد والآلام المتراكمة والطير الذي يخطف أعضاءه ويمزقه كل ممزق بالشياطين التي يرسلها الله سبحانه وتعالى عليه تؤزه أزا وتزعجه وتقلقه إلى مظان هلاكه فكل شيطان له مزعة من دينه وقلبه كما أن لكل طير مزعة من لحمه وأعضائه والريح التي تهوي به في مكان سحيق هو هواه الذي يحمله على إلقاء نفسه في أسفل مكان وأبعده من السماء .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

مثلان لاجور المنفقين261 -265من سورة البقرة

قوله تعالى{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } وقوله تعالى {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}

أولاَ قوله تعالى

{

مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } الآية (261)

1- تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :

مثل] صفة نفقات [الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله] أي طاعته [كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة] فكذلك نفقاتهم تضاعفت لسبعمائة ضعف [والله يضاعف] أكثر من ذلك [لمن يشاء والله واسع] فضله [عليم] بمن يستحق المضاعفة

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

هذا بيان للمضاعفة التي ذكرها الله في قوله { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } وهنا قال: { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله } أي: في طاعته ومرضاته، وأولاها إنفاقها في الجهاد في سبيله { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } وهذا إحضار لصورة المضاعفة بهذا المثل، الذي كان العبد يشاهده ببصره فيشاهد هذه المضاعفة ببصيرته، فيقوى شاهد الإيمان مع شاهد العيان، فتنقاد النفس مذعنة للإنفاق سامحة بها مؤملة لهذه المضاعفة الجزيلة والمنة الجليلة، { والله يضاعف } هذه المضاعفة { لمن يشاء } أي: بحسب حال المنفق وإخلاصه وصدقه وبحسب حال النفقة وحلها ونفعها ووقوعها موقعها، ويحتمل أن يكون { والله يضاعف } أكثر من هذه المضاعفة { لمن يشاء } فيعطيهم أجرهم بغير حساب { والله واسع } الفضل، واسع العطاء، لا ينقصه نائل ولا يحفيه سائل، فلا يتوهم المنفق أن تلك المضاعفة فيها نوع مبالغة، لأن الله تعالى لا يتعاظمه شيء ولا ينقصه العطاء على كثرته، ومع هذا فهو { عليم } بمن يستحق هذه المضاعفة ومن لا يستحقها، فيضع المضاعفة في موضعها لكمال علمه وحكمته

 

 

ثانياَ قوله تعالى

 

{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}

 

- تعرفي على معنى الآية من تفسير الجلالين :

"ومثل " نفقات "الذين ينفقون أموالهم ابتغاء " طلب "مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم " أي تحقيقا للثواب عليه بخلاف المنافقين الذين لا يرجونه لإنكارهم له ومن ابتدائية "كمثل جنة " بستان "برُبوة " بضم الراء وفتحها مكان مرتفع مستو "أصابها وابل " "مطر غزير " [فآتت] أعطت [أكْلها] بضم الكاف وسكونها ثمرها [ضعفين] مثلي ما يثمر غيرها [فإن لم يصبها وابل فطلٌّ] مطر خفيف يصيبها ويكفيها لارتفاعها ، المعنى: تثمر وتزكو كثر المطر أم قل فكذلك نفقات من ذكر تزكو عند الله كثرت أم قلت [والله بما تعملون بصير] فيجازيكم به

اقتربي من المثل أكثر مع تفسير السعدي

هذا مثل المنفقين أموالهم على وجه تزكو عليه نفقاتهم وتقبل به صدقاتهم فقال تعالى: { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله } أي: قصدهم بذلك رضى ربهم والفوز بقربه { وتثبيتا من أنفسهم } أي: صدر الإنفاق على وجه منشرحة له النفس سخية به، لا على وجه التردد وضعف النفس في إخراجها وذلك أن النفقة يعرض لها آفتان إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء، أو يخرجها على خور وضعف عزيمة وتردد، فهؤلاء سلموا من هاتين الآفتين فأنفقوا ابتغاء مرضات الله لا لغير ذلك من المقاصد، وتثبيتا من أنفسهم، فمثل نفقة هؤلاء { كمثل جنة } أي: كثيرة الأشجار غزيرة الظلال، من الاجتنان وهو الستر، لستر أشجارها ما فيها، وهذه الجنة { بربوة } أي: محل مرتفع ضاح للشمس في أول النهار ووسطه وآخره، فثماره أكثر الثمار وأحسنها، ليست بمحل نازل عن الرياح والشمس، فـ { أصابها } أي: تلك الجنة التي بربوة { وابل } وهو المطر الغزير { فآتت أكلها ضعفين } أي: تضاعفت ثمراتها لطيب أرضها ووجود الأسباب الموجبة لذلك، وحصول الماء الكثير الذي ينميها ويكملها { فإن لم يصبها وابل فطل } أي: مطر قليل يكفيها لطيب منبتها، فهذه حالة المنفقين أهل النفقات الكثيرة والقليلة كل على حسب حاله، وكل ينمى له ما أنفق أتم تنمية وأكملها والمنمي لها هو الذي أرحم بك من نفسك، الذي يريد مصلحتك حيث لا تريدها، فيالله لو قدر وجود بستان في هذه الدار بهذه الصفة لأسرعت إليه الهمم وتزاحم عليه كل أحد، ولحصل الاقتتال عنده، مع انقضاء هذه الدار وفنائها وكثرة آفاتها وشدة نصبها وعنائها، وهذا الثواب الذي ذكره الله كأن المؤمن ينظر إليه بعين بصيرة الإيمان، دائم مستمر فيه أنواع المسرات والفرحات، ومع هذا تجد النفوس عنه راقدة، والعزائم عن طلبه خامدة، أترى ذلك زهدا في الآخرة ونعيمها، أم ضعف إيمان بوعد الله ورجاء ثوابه؟! وإلا فلو تيقن العبد ذلك حق اليقين وباشر الإيمان به بشاشة قلبه لانبعثت من قلبه مزعجات الشوق إليه، وتوجهت همم عزائمه إليه، وطوعت نفسه له بكثرة النفقات رجاء المثوبات، ولهذا قال تعالى: { والله بما تعملون بصير } فيعلم عمل كل عامل ومصدر ذلك العمل، فيجازيه عليه أتم الجزاء .

- حلقي في معنى المثلين مع ابن القيم :

. شبه سبحانه نفقة المنفق في سبيله سواء كان المراد به الجهاد أو جميع سبل الخير من كل بر بمن بذر بذرا فأنبتت كل حبة

سبع سنابل اشتملت كل سنبلة على مائة حبة والله يضاعف بحسب حال المنفق وإيمانه وإخلاصه وإحسانه ونفع نفقته وقدرها ووقوعها

موقعها فان ثواب الإنفاق يتفاوت بحسب ما يقوم بالقلب من الإيمان والإخلاص والتثبت عند النفقة وتعاهد البذر بالسقي ونفي الدغل

والنبات الغريب عنه ،فإذا اجتمعت هذه الأمور ولم تحرق الزرع نار ولا لحقته جائحة جاء أمثال الجبال وكان مثله كمثل حبة بربوة وهي

مكان فيه نصب الشمس والرياح فتربى الأشجار هناك أتم تربية فنزل عليها من السماء مطر عظيم القطر متتابع فرواها ونماها فآتت أكلها

ضعفي ما تؤتيه غيرها بسبب ذلك الوابل وإن لم يصبها وابل فطل أي مطر صغير القطر يكفيها لكرم منبتها تزكو على الطل وتنمي عليه مع

أن في ذكر نوعي الوابل والطل إشارة إلى نوعي الإنفاق الكثير والقليل فمن الناس من يكون إنفاقه وابلا ومنهم من يكون إنفاقه طلا

والله لا يضيع مثقال ذرة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×