اذهبي الى المحتوى
أم عبد الوارث

واجب على المسلمين المشاركة في الانتخابات ، ولا يجوز التقاعس وعدم المبالاة

المشاركات التي تم ترشيحها

. حاوره في الخرطوم: وليد الطيب

د.عبد الحي يوسف لـ - البيان -:

واجب على المسلمين المشاركة في الانتخابات، ولا يجوز التقاعس وعدم المبالاة

7ewar.jpg

يمر السودان بأكبر اختبار في تاريخه، وقد تفرز انتخابات أبريل 2010م، أوضاعاً قاسية على هذا البلد المسلم الذي يعيش منذ خمس سنوات حالة من السلام الهش؛ بموجب اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية المتمردة، الذي انعقد في يناير 2005م؛ حيث يقضي هذا الاتفاق بإقامة انتخابات عامة على المستوى الرئاسي والبرلماني في السودان عامة وفي جنوب السودان في الوقت ذاته، وينص الاتفاق أيضاً على استفتاء السودانيين الجنوبيين على اختيار الوحدة أو الانفصال في يناير من العام المقبل 2011م، ويُجمِع المحللون على أن الانتخابات المقبلة ستؤثر بصورة مباشرة على اختيار الوحدة أو الانفصال.

 

في هذا السياق التقت - البيان - فضيلة الشيخ الدكتور (عبد الحي يوسف) أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم وأحد أبرز علماء السودان وفقهائه المعدودين، وقد نال فضيلته درجة الماجستير في موضوع: (الدولة في الإسلام)، وتناولت أطروحته للدكتوراة قضية: (الاستبداد السياسي في القرآن الكريم). ولاشتغاله - حفظه الله - (فكراً ودراسة) بموضوع الفقه السياسي واطلاعه الدقيق على مجريات الواقع في السودان، قدَّم إجابات صريحة ودقيقة عن أسئلة - البيان - التي دارت حول الموقف من الانتخابات القادمة وحيثيات الواقع ومآلات الأوضاع والموقف الشرعي الواجب على المسلمين في هذا البلد والدور المتعلق بالعلماء في هذه المرحلة.

 

- البيان -: تمر البلاد بفترة حرجة من تاريخها، ولكن السودانيين منقسمون؛ فإلى أي شيء تردُّون انقسامهم؟

 

السودانيون فيهم المسلم والكافر والبَّر والفاجر، وهم على اختلاف أديانهم وأعرافهم وثقافاتهم مختلفون فيما بينهم؛ لا على أساس الدين - في الغالب - بل لاختلاف الأهواء والأغراض؛ ولذا قلَّ أن تجد حزباً أو جماعة أو طائفة إلا وقد انشطرت إلى قسمين أو أكثر؛ وهذا الانقسام ليس بالأمر الجديد عليهم؛ فهذا هو العهد بهم منذ الاستقلال، بل ما قَبْله، ومردُّ ذلك إلى اختلاف الأهواء؛ فالسودانيون منذ زمن بعيد لا تجمعهم مرجعية واحدة، بل هم شيَع وأحزاب وطوائف، والعجب أن بعضهم ما زال ينتمي إلى أفكار وأحزاب صارت من تاريخ الغابرين: كالشيوعيين والناصريين - مثلاً - وما زال لحزب البعث أنصاره ومروجو خرافاته في الجامعات وغيرها؛ ولذلك تجدهم مختلفين فيما بينهم ومع غيرهم حول قضايا مصيرية.

 

والإسلاميون - في الأعم الأغلب - ليسوا بأحسن حالاً؛ فلا توحِّدهم وِجهة ولا تجمعهم أهداف مشتركة، بل يكيد بعضهم لبعض ويُبدُون العداوة والخصام؛ إلا من رَحِم الله، والذي يمكن عمله - بالنسبة للإسلاميين - أن يتفقوا على مرجعية شرعية مستقلة يصدرون عنها في تقرير مواقفهم؛ لا أقول في الأمور التفصيلية، بل في القضـايا العـامة التي ما ينبغي أن يختلف عليها الناس.

 

- البيان -: الانتخابات القادمة تُعَدُّ فاصلة في تحديد مصير السودان؛ فكيف يراها العلماء؟ وأين يقفون منها؟

 

بالنسبة لي (ولا أتحدث نيابة عن غيري) ليس لديَّ تحفُّظ شرعي على الانتخـابات كوسـيلة مناسـبة - وَفْـقَ المتاح - ليختار الناس من يحكمهـم، بدلاً من الاحتكـام للبندقية التي انتشرت ثقافتها، والتـي أفضـت إلى المآسي المتمثلة فيما يحدث في دارفور وجنوب السودان، وهي بديل مناسب عن الحكم الاستبدادي الديكتاتوري الذي لا ينال الناسُ من ورائه خيراً، وغايته إذلال العباد ونَهْب ثروات البلاد؛ هذا مع علمي بأن الانتخابات تشوهها ندوب وتعتريها جملة محاذير، لكنني أقول: هذا هو المتاح الآن وليس أمام الناس إلا أن يشاركوا، كما أن للانتخابات في السودان فائدة مهمة في هذه المرحلة، وهي: أنها ستبيِّن الأوزان الحقيقية لسائر الكتل والأحزاب السياسية التي يدَّعي كلٌّ منها أنها الممثل لأهل السودان أو لجهة منه، وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت هذه الانتخابات نزيهة حرة، وصار لدى الناس وعي؛ بحيث يكون التصويت لمبادئ وبرامج، لا لأشخاص وأحزاب. وحبذا لو اجتمعت كلمة العلماء على موجِّهات عامة، منها:

 

1 - وجوب مشاركة المسلمين في هذه الانتخابات، وعدم جواز التقاعس وعدم المبالاة؛ لئلا يفضي ذلك إلى أن يثب على الحكم من لا يرجو لله وقاراً.

 

2 - أن يصدر تصوُّر شرعي عام فيما ينبغي عمله في هذه النازلة: من حيث حرمة شراء الأصوات وبيعها، وأنه لا يجوز تزكية ولا انتخاب من أحاطت به أسباب الفسق وخوارم المروءة، ووجوب وحدة أهل الإسلام ودعمهم لمن كان لله أقرب وهو على شعائر الدين أحرص.

 

3 - حبذا لو كانت هناك قائمة للمرشحين مزكاة من قِبَل أهل العلم والفضل؛ حتى يريحوا كثيراً من الناس ممن يصدرون في مواقفهم عن رؤية شرعية، وليس هذا من باب الوصاية على اختيار الناس، بل من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب تعديل من يجهل كثيرٌ من الناس قَدْرَه

 

- البيان -: كثير من الإسلاميين يرون أن اتفاق نيفاشا الذي أوقف حرب الجنوب، كان جائراً بحق الشمال وحق المسلمين، وهو السبب في أكثر الأزمات السياسية التي يمر بها السودان ... ما هو الموقف الشرعي من اتفاق نيفاشا الذي يُقتَرح أن يكون مَثَلاً لحل مشكلات التنوع الديني والعرقي في العالم الإسلامي عامة وفي إفريقيا على وجه الخصوص؟

 

المعلوم أن مفاوضات نيفاشا، وقَبْلها ميشاكوس، وقَبْلها أبوجا، جرت في ظل غياب إسلامي عربي تام، وكانت تحدث تحت إشراف الأمم المتحدة ومعها النرويج وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا وما يسمى بـ: (دول الإيقاد)، وهي - كما ترى - مجموعات صليبية يهودية، ليس فيها جهة إسلامية معتبرة، وكان العرب والمسلمون - خاصة الدول المجاورة - يتصرفـون وكأن أمر السودان لا يعنيهم، ولم يتكرم أمين الجامعة العربية إلا بحضور التوقيع النهائي، بعدما قُضِي الأمر؛ فكان شاهداً على أمر لا يدرِك أوائله ولا مآلاته. وهذه الاتفاقية لا تخلو من حسنات، من ذلك: أنها أوقفت الحرب؛ ولو إلى حين، وأقرَّت حكم الشمال بشريعة الإسلام، وأتاحت - نظرياً - التبشير بدين الإسلام في الجنوب؛ لكنها مع ذلك اشتملت على جملة من الطوام التي تكلَّم عنها الناس في حينه في مناصحات سرية وعلنية، ومن ذلك:

 

أولاً : أخطر ما في نيفاشا أنها ألزمت الحكومة بسحب معظم الجيش السوداني القومي من الجنوب؛ وبذلك صار الجنوب - عملياً - تحت رحمة عصابات وميليشيات الحركة الشعبية، التي لا تبالي بقتل وسحق وإيذاء كل من يخالفها في قليل أو كثير، وقد أثَّر ذلك على المسلمين وغيرهم في الجنوب

 

ثانياً : اتفاقية الترتيبات الأمنية ألزمت الحكومة - في حال اختيار الجنوبيين للوحدة - أن يكون الجيش السوداني نِصْفه من الحركة الشعبية التي تعادي الإسلام وتتبنَّى العَلمانية، مع أن هذه النسبة جائرة وظالمة جداً؛ إذ ليست الحركة الشعبية هي نصف السودان من أجل أن تُعطَى نصف الجيش؛ فإذا تصورنا أن الحركات المسلحة في دارفور سـتطـالب - حـال الاتفـاق معها - بشيء مثل هذا أو قريب منه، وهي حركات - في أغلبها - قائمة على أُسُس عَلمانية؛ فانظر كيف سيكون حال الجيش؟ معنى ذلك: أن الجيش السوداني ستكون أغلبيته معادية للإسلام وشريعته وللعروبة.

 

ثالثاً: الاتفاقية أفضت إلى إنشاء مفوضية لغير المسلمين في الشمال؛ وهو ما أضعف الحكم الإسلامي غاية الضعف؛ لأن هذه المفوضية التي يرأسها جنوبي غير مسلم ظلت تمارس الضغط على حكومة الشمال، بدعوى عدم تضييع حقوق غير المسلمين؛ وهو ما أفضى إلى التفلت الذي يظهر بادياً للعيان في الشوارع، وقل مثل ذلك في التعامل مع الخمور وغيرها من القضايا التي ما كانت تظهر قبل عشر سنوات - مثلاً - إذ كانت الحشمة والوقار والتزام آداب الشريعة ظاهرةً للناس، وقد أدى ذلك أيضاً إلى أن يُطِل المنافقون برؤوسهم ثانية تحـت دعـاوى الحرية والتحول الديمقراطي؛ فظهر الجمهوريون أتباع الهالك محمود محمد طه، وتمدَّد الشيوعيون والعَلمانيون في فضاء الجامعات والمدارس، وإلى الله المشتكى.

 

رابعاً: هذه المفوضية التي أُقرَّت لغير المسلمين في الشمال، ليس هناك مثلها في الجنوب بمعنى: أن المسلمين في الجنوب لا بواكي لهم، وهو ما أفضى إلى إلغاء كثير من مظاهر الإسلام التي كانت قائمة في الجنوب؛ فأُغلِق فرع جامعة القرآن وديوان الزكاة والبنوك الإسلامية، بل عُطلَت بعض المساجد ومُنِع الأذان، ومُنِعت المسلمات من الحجاب، وصار التعليم في المدارس قائماً على المنهج الكيني... وهكذا.

 

خامساً: أعطت الاتفاقية للحركة الشعبية حكم الجنوب كله؛ ولك أن تتصور أن حكومة الجنوب فيها اثنان وعشرون وزيراً ليس من بينهم مسلم واحد، ومعظمهم نصارى مع أن أغلب الجنوبيين وثنيون وليسوا نصارى، وفي الوقت نفسه تشارك الحركة الشعبية في حكم الشمال، والآن بلغ بهم الاستخفاف والأماني أن يرشحوا شيوعياً شمالياً (وهو نائب الأمين العام للحركة) لمنصب رئيس الجمهورية

 

خامساً: التناقض والتشاكس الحاصل في الحكومة المركزية من جراء مشاركة الحركة الشعبية العنصرية؛ حتى إنه ليبدو للناظر أن في الشمال حكومتين لا حكومة واحدة؛ ففي بعض القضايا المصيرية، كقضية المحكمة الجنائية الدولية، ترى للحكومة رأيين وكلمتين؛ فبينما رئيس الجمهورية ونائبه ومعظم أعضاء مجلس الوزراء والمجلس الوطني يرفضون قرار الجنائية الدولية، تسمع من وزراء الحركة الشعبية وعلى رأسـهم سـلفاكير ووزير الخارجية، ما يخالف ذلك؛ إنْ تصريحاً أو تمليحاً، وهو وضعٌ لا تكاد تجد له مثيلاً في الدنيا

 

- البيان -: هل ترى أن وحدة السودان ضرورية للبلاد ومستقبل الإسلام، ولماذا؟

 

المسلم لا يرفض الوحدة، بل يسعى إليها ويحرص عليها؛ لكن في ظل المعطيات الحاصلة الآن يحتاج الأمر إلى نظرة فقهية قائمة على نظرية المصالح والمفاسد؛ والواقع الآن أننا - أعني المسـلمين في الشمال والجنوب معاً - ضعفاء، وكفار الحركة الشعبية ومن يسارعون فيهم من منافقي الشمال يحاولون من خلال الوحدة المدَّعاة، أن يفرضوا العَلمانية على السودان؛ فيقولون: لا بد من محفِّزات حتى تكون الوحدة جاذبة، وأُولَى هذه المحفِّزات عندهم أن تتاح حرية الكفر والفسوق والعصيان، وأن تُعطَّل القوانين الشرعية، وهم في ذلك مدعومون من قوى إقليمية ودولية تحت عناوين شتى؛ ولذلك يرى بعض الناس أنه في ظل التشرذم الإسلامي والضعف والتخاذل من قِبَل الدول العربية؛ فإن الأفضل أن يضحي الناس بالوحدة في مقابل الحفاظ على أصل الدين في الشمال. ويرى آخرون أن انفصال الجنوب لن يزيد الضغوط على الشمال إلا قسوة، وأن التنازل في بعض المطالب سيفتح الميدان لمزيد من التنازلات. والغرب لن يرضا إلا بإذلال السودان وإضعافه، وينبغي على أهل العلم والفقه أن يدرسوا ذلك بعناية وحرص.

 

- البيان -: بعض العَلمانيين يرون أن من محفزات الجنوبيين على الانفصال هي مواقف الحركات الإسلامية: من تأييد تطبيق الشريعة الإسلامية ومناصرة الهوية العربية الإسلامية للسودان، باعتبار أن تطبيق الشريعة يُبعِد غير المسلمين من رئاسة الجمهورية من حيث المبدأ ويجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية؛ فهل هذا صحيح؟

 

إنني أسأل هؤلاء: هل من الديمقراطية التي تبشرون وتتبجحون بها أن تحكم الأقليةُ الأغلبيةَ؟ أين نجد ذلك؟ هل في البلاد التي هي مَثَلكم الأعلى: كأمريكا وبريطانيا يتاح للمسلم أن يحكم؟ ألم يتعرض أوباما حين تقدَّم للترشيح للرئاسة الأمريكية لحملات هجوم عاتية لمجرد أن أباه كان مسلماً بالانتماء؟ وهو ما اضطر معه إلى أن يؤكد مراراً نصرانيته المتأصلة، وأنه حريص على الصلاة في الكنيسة كل يوم أحد، وهل من الديمقراطية أن تفرض الأقلية رؤاها على الأغلبية؟ ثم إنهم يلجؤون إلى المغالطة كثيراً حين يزعمون أن الناس معهم؛ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يحتكمون إلى صناديق الاقتراع؛ ليروا إن كان الشعب المسلم يريد للشـريعة أن تحكـم أم لا؟ وأنا أقـول ذلك تنـزلاً لا إقـراراً منـي بأن الحكم بالشريعة متـــوقف على رضا الناس. وهذه الفـرية يروج لها المنافقون الداعــون إلى العَلْمـانية في سـائر البـلاد لا في السودان وحده؛ ليجعلوا من وجود غيـر المسـلمين تُكـأة لرفـض حكـم الله - جل جلاله -: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٩]، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ} [محمد: ٦٢].

 

- البيان -: من كنسيةٍ بجوبا دعــا سلفــاكير الجنوبيين إلى التصويت لصالح الانفصال فــي عــام 2011م؛ حتــى لا يظلوا مواطنين من الدرجة الثانية... من واقع معايشتكم للأوضاع في السودان بحكم انتسابكم إليه: هل هناك تمييز بين المواطنين لهذه الدرجة التي عبَّر عنها رئيس حكومة الجنوب؟

 

لو طرحنا جملة أسئلة لأمكن من خلال الجواب عنها معرفة قيمة هذه الفرية:

 

- هل الجنوبيون محرومون من فرصهم في التعليم في المدارس والجامعات؟

 

- هل هم محرومون من سُكنى أحياءٍ بعينها، مثلاً؟

 

- هل يُمنعون من ركوب المواصلات العامة؟

 

- هل هم محرومون من تولي المناصب العامة؟

 

- ألم يكن نائب الرئيس جنوبياً منذ عهود بعيدة؟

 

- ألم يكن في مجلس السيادة عقيب الاستقلال عضو من الجنوب؟

 

- هل تعرض مواطن شمالي لأي جنوبي في الشمال بالعدوان في أي يوم من الأيام؛ حتى في أيام الحرب لما سقطت الطائرة التي كان يستقلها الشهيد - بإذن الله - الفريق الزبير محمد صالح نائب رئيس الجمهورية وزعمت الحركة الشعبية من خلال إذاعتها كاذبةً أنهم مَنْ فعل ذلك؟ هل عدا المواطنون من أهل الشمال على الجنوبيين فأحرقوهم أو قتلوهم أو آذوهم؟ اللهم لا!

 

لكن بالمقابل ما الذي حصل يوم الإثنين الذي هلك فيه قرنق؟

 

- البيان -: ما هو واجب العلماء والدعاة في هذه المرحلة؟

 

أعظم واجب عليهم، هو: الدعوة إلى الوحدة الإسلامية القائمة على أخوة الدين لا الحزب ولا الجماعة، وتغليب مفهوم الولاء والبراء على المفاهيم القَبَلية المنتنة، والعنصرية المقيتة، والعصبية الجاهلية، ومن الواجبات كذلك تذكير الناس بأن العاقل ليس من يعرف الخير من الشر، بل العاقل هو من يعرف خير الخيرين وشر الشرين، مع تذكيرهم بنعمة الله علينا في فتح أبواب الدعوة وإتاحة الحريات للناس بقدر مناسب.

 

- البيان -: إذا اختار الجنوبيون الانفصال، كيف ترون مستقبل المسلمين في جنوب السودان، ومالواجب تجاههم؟

 

المسلمون الجنوبيون هم الطرف الخاسر حــال الوحــدة أو الانفصال؛ لأن الاتفاقية ابتداءً لم تتعرض لهم بشيء مذكور؛ ولا شك أن مستقبلهم - حال الانفصال - أكثر ظلاماً؛ لأن الحركة الشعبية تحركها عنصرية بغيضة تجاه غيرها من الأعراق الأخرى، بالإضافة إلى عداوة شديدة تجاه المسلم أياً كان عرقه؛ أي: حتى لو كان من بني جلدتهم، وهم - لضيق أفقهم - ينظرون إلى المسلم الجنوبي وكأنه طابور خامـس أو جاسوس لأهل الشمال، هذا في الوقت الذي يتباكون فيه على الحريات ويطالبون غيرهم بها! وليس أمام المسلمين الجنوبيين حال الانفصال إلا أن ينافحوا عن دينهم ويدافعوا عن وجودهم، ويصبروا على ما يصيبهم في سبيل ذلك حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً؛ والواجب على إخوانهم في الشمال أن يدعموهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وإذا تعذَّر ذلك، فَلْيهاجروا كما هاجر النبي # وأصحابه عملاً بقول ربنا - سبحانه -: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْـمَلائِكَةُ ظَالِـمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ٧٩].

 

- البيان -: جزاكم الله خيراً ونفع بكم فضيلة الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ثمّ أمّا بعدُ:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

 

اعلم رحمك الله أن الإنتخابات تتم عن طريق الديمقراطية

 

والديمقراطية: هي دين غير دين الله تبارك وتعالى, هي تشريعُ الجماهير أو حكمُ الطاغوت وليست حُكمَ الله تعالى... فالله جل ذكره يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالحكم بما أنزل الله عليه، وينهاه عن اتباع أهواء الأمة أو الجماهير أو الشعب، ويُحَذِّره من أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله عليه فيقول سبحانه وتعالى: {وأنِ احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك}(26)... هذا في ملَّةِ التوحيد ودين الإسلام..

 

أما في دين الديمقراطية وملَّةِ الشرك فيقول عبيدها: ( احكم بينهم بما ارتضى الشعب واتبع أهواءهم واحذر أن تُفتن عن بعض ما يُريدون ويشتهون ويُشرِّعون!!. هكذا يقولون... وهكذا تقرر الديمقراطية، وهو كفرٌ بواحٌ وشركٌ صراحٌ لو طبقوه... ومع هذا فالحق أن واقعهم أنتن من ذلك فإنه لو تكلم عن حالهم لقال: وأنِ احكم بينهم بما يهوى الطاغوت وملؤه، ولا يُسن تشريعٌ ولا قانونٌ إلا بعد تصديقه وموافقته!!!)

 

لذا لا يجوز الدخول أو المشاركة في الإنتخابات سواء صوت الذاهب أو ترك بطاقته فارغة ولم يصوت.

 

 

بل الواجب هجر دين الديمقراطية الذي يخالف ديننا , والتمسك بدين التوحيد الخالص النقي قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }

 

 

اسال الله أن يثبتنا على ديننا

 

والله تعالى أعلم وأحكم.

 

اللهم اهدي جميع المسلمين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اختي اقرئي رد الشيخ فركوس حفظه الله على الشيخ يحيى الحجوري لما قال انه يحل الانتخابات-احد الاخوة افترووا الكذب- وستجدين امورا لم يسبق وان خطرت في البال

أمَّا مسألة الانتخابات فإنّ المعهود عن الشيخ محمد علي فركوس -حفظه الله- منذ أمد بعيد القول بعدم جوازها وأنها من النظم الديمقراطية المستوردة من بلدان الكفر قد زاده بيانا في فتواه المعنونة ﺑ: «في حكم مشاركة المرأة سياسيًّا» حيث قال -حفظه الله-: «وعليه فالمشاركة في كلِّ ما خالف حكم الله الذي هو من مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه فهو اعتداءٌ وطغيان على من له الحُكم وإليه يرجع الأمر كلُّه قال تعالى: ﴿أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54]، وهذا الاعتداء على حقّ الله سبحانه في الحكم يظهر جليًّا في جعل الشعب مصدر السلطة في النظام الديمقراطي الذي معناه: «حكم الشعب بالشعب من أجل الشعب» الذي يترتب على اعتقاده واعتناقه والعمل به المفاسد التالية:

 

۱- الوقوع في شرك الحاكمية وذلك بجعل الشعب شريكًا مع الله في الحكم وهو من شِرك الربوبية، ويتجلَّى ذلك عن طريق نواب الشعب المنتخبين الذين يظهر عملهم في سَنِّ وتشريع قوانينَ وضعيةً، وإلغاءِ أحكامٍ شرعيةٍ، حيث يُعرفُ الحقُّ في البرلمان بكثرةِ الأصابع والأيادي المرفوعة في المجالس النيابية، ولو كانت تأييدًا لما حَرَّمَهُ الله تعالى كالفواحش والمنكرات والشركيات والنوادي الليلية ومصانع الخمر وغيرها.

 

۲- اتهام الشريعة بعدم صلاحيتها كنظام حُكْمٍ، وعجزها عن إصلاح حياة الناس واستبدالها بنظام آخر.

 

۳- عدم مراعاة الضوابط الشرعية في المنتخَبين والمنتخِبين، فاشتراطُ العدالة منتفٍ فيهما، وهذا ولا شكَّ ينافي قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: 143]، وقوله تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾ [الطلاق: 2]، وغير هذا من النصوص الشرعية.

 

لذلك يلاحظ الجَوْرُ وعدمُ العدل في الانتخابات في النظام الديمقراطي حيث تعتمد على المساواة بين صوت المسلم والكافر، والرجل والمرأة، والأمين والخائن، وصوت أهل الحلِّ والعقد وأهل اللهو والمجون، وقد حرَّم اللهُ مثلَ هذه المساواة في قوله تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ المُسِلمِِينَ كَالمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [القلم: 35-36]، وقوله تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالفُجَارِ﴾ [ص: 28].

 

٤- التسابق السياسي يفضي بطريق أو بآخرَ إلى انتظام المسلمين ضمن أحزابٍ سياسيةٍ متنازعةٍ ومتناحرةٍ، يوالون عليها ويعادون، مضيِّعين لمبدإ الولاء والبراء للإسلام وهو أوثق عُرى الإسلام، كما يتخذون الحزبية -ضمن ما يمليه الدستور في النظام الديمقراطي- ليصلوا إلى الحقِّ بالباطل؛ لأنَّ «الغاية عندهم تبرر الوسيلة»، وهذه القاعدة الميكافيلية يهودية الأصل، وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في كتابه «إعلام الموقعين» تسعة وتسعين دليلاً على تحريم الوسائل التي تؤدِّي إلى الحرام، وعليه فإنَّ الانتظام في أحزاب على هذا المفهوم ممزِّقٌ لجماعة المسلمين ومفرِّقٌ لكلمتهم ومُشتِّتٌ لوحدتهم، وقد قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَقُوا﴾ [آل عمران: 103]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159]». إلاّ أنه -حفظه الله- استثنى انتخاب الرئيس من حكم الانتخابات البرلمانية والبلدية المحرَّمة لحاجة الناس إلى حاكم يسوسهم ويدفع تنازع الرعية وتفرقهم ولا يمكن ذلك في الوقت الحاضر إلاّ من هذا الطريق وبالقدر الذي ترفع به الضرورة «وإذا تعارضت مفسدتان وضرران قدّم أهونهما وارتكب أخفهما»، مع تفضيله عدم المشاركة فيها قائلاً -حفظه الله-: «ويحسن بالمسلم أن لا يكون من هذا القدر، لئلاَّ تتمَّ له مشاركة لهذا النظام المستبدل لشريعة الإسلام لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ حتى يلقى اللهَ بقلبٍ سليمٍ».

 

وهذا المأخذ عينُ ما أَخَذ به المحدِّث الألباني -رحمه الله- حيث قال: «نحن لنا موقفان من الانتخابات يبدو لمن لا علم عنده ولو لأول وهلة أنّ بينهما تناقضًا ولا تناقض:

 

الموقف الأول: أننا لا ننصح أحدًا من المسلمين أفرادًا كانوا أم جماعاتٍ أن يرشحوا أنفسهم لمثل هذه البرلمانات. والسبب عرفته آنفا...

 

الشيء الثاني: أننا نقول لعامة المسلمين في أي بلد كانوا: إذا كانت الدولة الحاكمة تفرض هذا النظام نظام الإنتخابات وهنا يتسابق أصحاب الأحزاب والآراء أن يتسارعوا إلى ترشيح أنفسهم والوصول إلى البرلمانات بأكثر عدد ممكن لحزبهم أو كتلتهم، في هذه الحالة إذا وُجِدَ بعض المسلمين رشحوا أنفسهم ونحن ننصحهم ألا يفعلوا، لكن لنا موقف آخر فنقول حينئذ: القاعدة الفقهية: «إذا وقع المسلم بين مفسدتين اختار أقلهما شرًّا»، البرلمان سيقوم على عُجره وبُجره شِئنا نحن معشر المسلمين أم أبينا، فهناك فرق كبير جدًّا بين أن يكون البرلمان كلّ أفراده غير مسلمين، وبين أن يكون كلُّ أفراده مسلمين فرق كبير جدًّا. ثمَّ فرق كبير بين أن يكون في الحالة الأخرى أن يكون المرشحين في البرلمان كلهم مسلمين لكن بعضهم صالح وبعضهم طالح، بعضهم يعمل لصالح الإسلام، وبعضهم يعمل لصالح شخصه أو كتلته أو حزبه، ولا يبالي عن مصالح الإسلام. فحينئذ على الناخبين من المسلمين أن يشاركوا في انتخاب الأصلح والأنفع للإسلام. في الوقت الذي نقول لا ينبغي لمسلم أن يرشح نفسه ويدخل البرلمان؛ لأنه في هذا إهلاك لنفسه وإقرار لمخالفته للشريعة. لكن ليس كلّ الناس في إمكاننا أن نقنعهم برأينا ولو كان صوابًا مئة بالمائة وسيكون هناك ما هو الواقع ناس آخرون لهم اجتهادات لهم آراء، بغضِّ النظر هل هم مصيبون أو مخطئون، هل هم أهل لأن يجتهدوا هذا هو الواقع، الواقع أنَّ كثيرًا من المسلمين الصالحين سيرشحون أنفسهم في البرلمانات، حينئذ نقول لأفراد المسلمين اختاروا هؤلاء على الأفراد المسلمين الغير صالحين وعلى الأفراد الكافرين من الشيوعيين وغيرهم. هذا أقل شرًّا من أن تقبعوا في بيوتكم وأن لا تشاركوا في اختيار نوابكم» [من شريط رقم: (344) من «سلسلة الهدى والنور»].

 

مع ملاحظة أنَّ الشيخ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- اقتصر على اختيار الحاكم لقيام حاجة الناس إليه مقام الضرورة ولا يجوِّز المشاركة في الانتخابات البرلمانية لوجود الفارق بينهما ولما تتضمَّنه من مفاسد أعظم من مصالحها

لقراءة الموضوع بأكمله اضغطي هنا http://www.ferkous.com/rep/R10.php

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

بصراحة انا مع المقال في كل حرف

فلن تتخيلوا يا أخوات ماذا يمكن ان يحصل لو تم اختيار رئيس اخر غير عمر البشير

احد المرشحين امراة وعجوزة شمطاء كمان؟؟؟؟

والبقية بين علماني وشيوعي ونصراني كلهم كلهم مافي واحد منهم نافع

ولو فاز واحد غير البشير يبقى على السودان السلام

بخصوص الانتخابات والمشاركة فيها لست عالمة او مفتية لا قول راي لكن عبد الحي يوسف من علماء السودان السلفيين

ورغم ذلك لم اسجل نفسي للتصويت ولست عازمة للتصويت ولم يسجل احد من رجال البيت غير أبي وحتى ابي لست متاكدة

بغض النظر عن مضووع الانتخابات فقط ادعوا لنا ان لايحكمنا حاكم فاجر كافر ورغم ان حكومة البشير فيها مافيها من مساؤي كبار من اهمها اتفاقهم مع النصارى وجعل نائب الرئيس نصراني الا انهم خير من البقية يكفي اننا والحمدلله نعبد ربنا بلا خوف من حكومة أو أمن ويكفي انه يوجد شرطة لأمن المجتمع لتأديب الفتيات اللواتي يرتدين ما لا يصح ويخالف حشمة الفتاة وحتى ماتقولوا يعني اللبس العاري فقط كلا بل حتى البنطلون لو شافت شرطة امن المجمتع فتاة تلبسه فستوقفها للمحاسبة واختصاص هذه الشرطة هو مكافحة الفحشاء والمنكر

ويكفي قبل هذا ان تكون امريكا تكره الحكومة وتتألب عليها .

 

لست مع البشير ومنهجه السياسي ولكن حاليا لايوجد افضل منه بتاتا واي رئيس أخر يعني ان السودان سيصبح في مقتل.

وضحت هذا فقط حتى تعرفوا اهمية ان الانتخابات لو كانت لصالح البشير فها دفعا لشر متسطير بينما لو لم يصوت له احد وصوت البقية لغيره فعلى السودان السلام والشيخ اعلم مننا في فقه المرحلة فبدأ له ما لم يبد لمن لم يعرف الاحوال فأوجب المشاركة في الانتخابات.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نسأل الله تعالى الأمن والأمان لجميع المسلمين

 

بارك الله فيكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

بارك الله فيكن جميعاً اخواتي الغاليات

 

الواضح ان مسألة الأنتخابات هي مسألة خلافية بين اهل العلم المعاصرين

واكيد ان علماء كل بلد هم ادرى بما هو أصلح لها .... نرجو الأطلاع على الفتاوى التالية

 

 

http://www.3llamteen.com/index.php?option=...8&Itemid=46

 

http://almoslim.net/node/52807

 

https://ar.islamway.net/?iw_s=Fatawa&i...;fatwa_id=22571

 

https://ar.islamway.net/?iw_s=Fatawa&i...;fatwa_id=22641

 

والحاصل أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم المعاصرين؛ فلا يجوز فيها الإنكار على المخالف ولكن النصح والإرشاد مع بيان الأدلة قال تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:91]،

 

 

 

واولاً واخيراً نرجو الخير والسلام لأهلنا في السودان وان يحفظهم الله تعالى من كيد الكائدين

تم تعديل بواسطة اسراء84

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الكاتب : حامد بن عبد الله العلي

 

سؤال : ما هي الفروق بين جعل عمر رضي الله عنه الامر شورى بعده وعملية الانتخابات والتصويت للمجالس النيابية ؟

 

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد :

 

ثمة فروق جوهرية، وتناقض موضوعي بين سنة عمر رضي الله عنه، عندما أختار أفضل الصحابة وجعل الأمر شورى بينهم، وبين الانتخابات النيابية القائمة على فكرة الديمقراطية.

 

مع أن الديمقراطية بمفهومها الأصلي لها جانب فلسفي مناقض لعقيدة التوحيد من أساسها، ذلك أنها لاتقيم وزنا لشريعة الله، بل تجعل سلطة الأمة مطلقة لاتقيد حتى بالوحي الإلهي ، وهذا هو الكفر بينه، ولافرق بين هذه الفكرة وعبادة الأصنام أصلا، فاتخاذ المشرعين مع الله، الذين لهم حق التشريع ولو خالفت أحكامهم حكم الله تعالى، مثل عبادة الأصنام سواء، لافرق بينهما في دين الأنبياء والمرسلين أجمعين.

 

أما الانتخابات العامة، فالمقصود بها، أن يجعل معيار اختيار الأكفاء من الناس الذين يقودون الأمة، إلى الاقتراع العام، وحينئذ فهي رد الاختيار إلى العامة، بمن فيهم جهال الناس والرعاع والدهماء، فربما يختارون أجهلهم وأسفههم، وربما يختارون من يخدم دنياهم حتى لو ضيع دينهم، وربما يختارون من يرشيهم كما هو واضح انتشاره هذه الأيام.

 

وربما يختارون الرجل بناء على العصبية القبليّة، أو الحزبيّة وقد غدت مثل العصبيّة القبليّة، وربما ينجح الرجل بسبب اختلاف الناس على غيره، لرغبة بعضهم بإسقاط من يعادونه، فينجح شخص ثالث مستفيدا من هذا الصراع!!

 

وربما ينجح من لادين له ولا أمانة له، ولهذا فالديمقراطية ليست من الإسلام في شيء، ومن ظن أن الفقه الإسلامي دل عليها بواقعها الذي نراه فهو جاهل.

 

وهذا لا يمنع أن ينجح أحيانا من هو أهل لتمثيل الناس، وذلك يختلف باختلاف الأحوال، وطبيعة الناخبين ولهذا فهي في كثير من الأحيان، مثل المقامرة، يدخل الناس فيها فيغنمون أو يغرمون، وربما أصبحت الأمة ضحية هذه المقامرة.

 

أما الإسلام فإنه أمر بالشورى، ومعلوم أن الشورى لاتكون لكل أحد، وإنما يستشار أهل الشورى، ويطلق عليهم في الفقه أهل الحل والعقد، بمعنى أن لهم سلطة فعليّة، بها يحلون ويعقدون أمور الأمة ذات الشأن، وليسوا مجرد دمى وصور تلعب بها السلطة كما تشاء.

 

ولهذا قيل الديمقراطية تعد الرؤوس ولا تزنها، فيكون صوت أجهل الناس وأحمقهم، يساوي صوت أعلمهم وأعقلهم، ولعمري إن هذا لغاية الجهل، أعني أن يُسوّى بين أعظم الأمور اختلافا، في نظام واحد، وأي فكرة أجهل من هذه الفكرة ؟

 

والباعث على انتشار أخذ الناس في الأصل بهذه الفكرة، هو ردة الفعل من تسلط الظلمة في عصور الظلام الأوربية التي كان فيها الإقطاعيون والملوك، يعدون الناس مثل الحيوانات لاقيمة لاحد منهم مهما بلغ من العلم والكفاءة مالم يكن نبيلا بالنسب، فلما ثاروا على هذا الوضع الجائر، أتوا بهذه الفكرة الديمقراطية كردة فعل، وغالبا ما تكون الأفكار التي هي ردة فعل غير موزونة، وهذه منها، وإن كانت قد تكون أهون مما هو شر منها.

 

ثم إنها لما انتشرت هذه الفكرة، آلت إلى أنها تحصر الوصول إلى السلطة بمن يملك القدرة على شراء أصوات الناخبين، سواء بالمال الذي يمكنه به أن يمول حملته الانتخابية، أو يشتري أصواتهم، بطريق مباشر أو غير مباشر عن طريق خدمات يقدمها إليهم، أو بانتسابه إلى حزب أو عصبة يمكنها أن تحصد له الأصوات بطريقة ما.

 

فكأن الأمر انتقل من ديكتاتورية الملك إلى دكتاتورية الطبقة الغنية القادرة على الاستفادة من اللعبة الديمقراطية، ولكن الفرق أن هذه الطريقة الثانية استطاعت أن تخدع الناس فتسكتهم، فإن نازع أحد ذوي السلطة الذين ملكوها باللعبة الديمقراطية قالوا : نحن منتخبون، ولك أن تدخل اللعبة وتجرب حظك أو لتصمت، هذا هو الفرق الوحيد، فلا يملك الاعتراض على تسلطهم، ثم هم قادرون أن يملكوا الإعلام بنفوذهم وتسلطهم، فيسخرونه لهم، فيعود الأمر كله إلى ديكتاتورية مبطنة، كما هو الحال في أمريكا تماما، كما نراه هذه الأيام.

 

ولينظر العاقل مثلا إلى ما يحصل في أمريكا، فإنه لا ينجح في ديمقراطيتهم إلا من يرضى عنه اللوبي الصهيوني، فيمدُّون حملته الانتخابية بالمال والإعلام ويصطنعون له استبيانات خادعة، ويشترون له ذوي النفوذ، والسابق يمهد لللاحق، فتحول الأمر إلى دكتاتورية اللوبي الصهيوني الذي يحكم أمريكا بلعبة الديمقراطية الزائفة، التي أصبحت فائدتها الوحيدة أنه من يعترض على تسلطهم، يقال له إن السلطة جاءت بانتخاب ولم يحرمك أحد من أن ترشح نفسك، ولكنه يعلم أن ترشيح نفسه لن يوصله إلى شيء، لانهم ملكوا بطريق غير مباشرة، كل الخيوط التي يمكن التوصل بها إلى السلطة، هذه هي خدعة الديمقراطية التي يغتر بها أكثر الجهال وهم لا يشعرون.

 

وبعض الحذّاق يعلمون هذا كله، ويقولون إنها خدعة ،ولكنها خير من ديكتاتورية مطلقة، لان الديمقراطية يمكن بها رقابة السلطة، وحرية الصحافة، وحفظ حقوق الناس إلى حد ما، وهذا قد يكون له وجه في بعض الأحوال دون بعض، ومعلوم أن الشرور والأفكار الباطلة قد يكون بعضها أهون ضررا من بعض.

 

والديمقراطية أحيانا قد يكون شرها أهون من شر زعيم مستبد كافر جائر، غير أن السلطان العادل القائم بأمر الله الحافظ للشورى، الذي يخاف الله في رعيته، لا يكون استبداله بالديمقراطية إلا الضلال المبين، ولانقصد بالسلطان هنا شخص واحد، بل النظام الحاكم.

 

والمقصود هنا أن الكلام على أن بعض الشرور والافكار الباطلة أهون شرا من بعض، لايعني أن يضفى علي الاقل شرا، لباس شريعة الله تعالى، انسياقا وراء ضغط الواقع وانبهارا به، بل يجب الرجوع في الحكم على الافكار كلها إلى حكم الله تعالى، فالواقع موضع الحكم، وليس مصدره، وإذا شهدت أحكام الله تعالى على بطلان فكرة، فهي باطلة، ولو آمن بها أكثر أهل الارض، قال تعالى (وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون).

 

ويجب أن يعلم أن النظام السياسي الإسلامي قائم على ثلاثة أركان، دل عليها ثلاث آيات :

 

# الأول الحكم بالشريعة مصدر شرعية السلطة الأساسي : دل عليه قوله تعالى (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع أهواءهم).

 

# الثاني العدل والإحسان إلى الرعية بالرفق واختيار الأصلح لهم في دينهم ودنياهم أساس الحكم : دل عليه قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي)، وفي الحديث (اللهم من ولي من أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به).

 

# الثالث الشورى نظام الدولة : دل عليه قوله تعالى (أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) ولم يجعل الشورى بين الصلاة والزكاة إلا لعظم شأنها.

 

وبالركن الأول : يعلم أن مرجع الدولة والامة هو شريعة الله لاسواها، فإن كان سواهافقد فقدت شرعيتها، وهذا واضح إذ كيف تكون لها شرعية وهي لا ترجع إلى الشريعة الإسلامية.

 

وبالركن الثاني : يعلم أنه يجب على الدولة اتخاذ كل التدابير والوسائل التي تؤدي إلى حفظ حقوق الرعية من رفع الظلم عنهم، حتى لو كانوا متهمين في قضايا، فلا يجوز أن يتعرضوا إلى إجراءات تعسفية، ولا أن يمنعوا من الدفاع عن أنفسهم، في محاكمة عادلة، ولا أن يعذبوا لاستخراج اعترافات منهم، وحتى لو أدينوا لا يجوز أن يعاقبوا بأكثر مما يستحقون، ولا يعاقب غيرهم من ذويهم.

 

كما يجب على الدولة وضع التدابير والوسائل التي تؤدي إلى احترام حقهم في الحياة، الكرامة، والملكية، والتعلم، والعمل الشريف، والخصوصية حتى لو كانوا يعصون في السر فلا يجوز التجسس عليهم، وحفظ حق الجميع في التعبير عن آرائهم ومنع السلطة من الظلم، ونقد أداءها لواجبها، وحقهم في المشاركة في خدمة الأمة بالعمل السياسي أو غيره، كل ذلك وفق قدراتهم، وكفاءتهم الشخصية، وأمانتهم، وليس بعدد الأصوات التي يمكنهم أن يحصلوا عليها بأي طريق، ولا أي اعتبار آخر، فالشريعة تبطل ذلك كله، وتجعل الامانة التي على رأسها صلاح الدين، والقوة المعرفية والقدرة الذاتية هي المعيار المعتبر في نفع الامة.

 

ويجب أن تكون هذه التدابير والوسائل لها قوة القانون، ومنصوص عليها في دستور، يشكل ثوابت تقوم عليها شرعية الدولة نفسها، ولا يصح بحال أن تكون هذه التدابير والوسائل موكولة إلى مجرد الثقة في أشخاص السلطة.

 

وبالركن الثالث : يعلم أنه يجب على الدولة أن تعمل على وضع هيئة تراقب أداء السلطة التنفيذية، ولها الحق أن تكبح جماحها، وهي التي تعقد ما يجب عقده من العقود حتى بيعة الإمام، فجميع العقود الداخلية والخارجية التي تنظم سياسة الدولة، مرجعها إليها مع رأس الدولة، وهذه الهيئة الشوريّة (أهل الحق والعقد) يجب أن تكون جزءا من النظام الأساسي للدولة، ولها قوة مستمدة من شرعيّة الدولة نفسها وكيانها، وليسوا أناسا يتفضل عليهم رأس السلطة.

هذا هو باختصار الإطار العالم للنظام السياسي في الشريعة الإسلامية، ويجب أن يعلم أن هذا كله مأخوذ من جملة الأدلة الشرعية من الكتاب وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين، وعمل الصحابة، وبعضها دلت عليه نصوص عامة، وقواعد الشريعة الكلية، ولاندعي أن كل ملوك المسلمين في كل عصر عملوا بهذا النظام بحذافيره، بل حتى في آواخر عصر الصحابة، لم يكن معمولا بكل هذا النظام السياسي الإسلامي.

 

غير أن عدم تطبيق فكرة النظام السياسي الإسلامي كاملة في كل عصور الإسلام، لا يعيبها، فما من فكرة سياسية إلا وهي ناقصة التطبيق في الواقع، ومعلوم أن شريعة الله كلها حق، مع وقوع تقصير العباد في تطبيقها في كل عصر، فهذا لا يؤثر في كمال الشريعة وصلاحيتها.

 

كما يجب أن يُعلم أن كلّ الوسائل، والتراتيب الإداريّة المعاصرة التي يمكن أن يتوصل بها إلى تحقيق أركان النظام السياسي في الإسلام، يجوز الأخذ بها، بل قد يجب الأخذ بها، شأنها في ذلك شان الأخذ بالوسائل العصرية التي لم تنص الشريعة على تحريمها، في وسائل الدعوة الإسلامية، والقضاء الشرعي، والجهاد في سبيل الله، بل حتى في العبادات المحضة، مثل معرفة القبلة بالبوصلة الحديثة، وجمع وتوزيع الزكاة بالوسائل العصرية، ونحو ذلك، فكذلك في نظام الحكم في الدولة، ومعلوم أن الوسائل لها حكم المقاصد، وهذه من أنفع وأجمع القواعد في الفقه الإسلامي، لاسيما في هذا العصر.

 

نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
الكاتب : حامد بن عبد الله العلي

 

سؤال : ما هي الفروق بين جعل عمر رضي الله عنه الامر شورى بعده وعملية الانتخابات والتصويت للمجالس النيابية ؟

 

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد :

 

ثمة فروق جوهرية، وتناقض موضوعي بين سنة عمر رضي الله عنه، عندما أختار أفضل الصحابة وجعل الأمر شورى بينهم، وبين الانتخابات النيابية القائمة على فكرة الديمقراطية.

 

مع أن الديمقراطية بمفهومها الأصلي لها جانب فلسفي مناقض لعقيدة التوحيد من أساسها، ذلك أنها لاتقيم وزنا لشريعة الله، بل تجعل سلطة الأمة مطلقة لاتقيد حتى بالوحي الإلهي ، وهذا هو الكفر بينه، ولافرق بين هذه الفكرة وعبادة الأصنام أصلا، فاتخاذ المشرعين مع الله، الذين لهم حق التشريع ولو خالفت أحكامهم حكم الله تعالى، مثل عبادة الأصنام سواء، لافرق بينهما في دين الأنبياء والمرسلين أجمعين.

 

أما الانتخابات العامة، فالمقصود بها، أن يجعل معيار اختيار الأكفاء من الناس الذين يقودون الأمة، إلى الاقتراع العام، وحينئذ فهي رد الاختيار إلى العامة، بمن فيهم جهال الناس والرعاع والدهماء، فربما يختارون أجهلهم وأسفههم، وربما يختارون من يخدم دنياهم حتى لو ضيع دينهم، وربما يختارون من يرشيهم كما هو واضح انتشاره هذه الأيام.

 

وربما يختارون الرجل بناء على العصبية القبليّة، أو الحزبيّة وقد غدت مثل العصبيّة القبليّة، وربما ينجح الرجل بسبب اختلاف الناس على غيره، لرغبة بعضهم بإسقاط من يعادونه، فينجح شخص ثالث مستفيدا من هذا الصراع!!

 

وربما ينجح من لادين له ولا أمانة له، ولهذا فالديمقراطية ليست من الإسلام في شيء، ومن ظن أن الفقه الإسلامي دل عليها بواقعها الذي نراه فهو جاهل.

 

وهذا لا يمنع أن ينجح أحيانا من هو أهل لتمثيل الناس، وذلك يختلف باختلاف الأحوال، وطبيعة الناخبين ولهذا فهي في كثير من الأحيان، مثل المقامرة، يدخل الناس فيها فيغنمون أو يغرمون، وربما أصبحت الأمة ضحية هذه المقامرة.

 

أما الإسلام فإنه أمر بالشورى، ومعلوم أن الشورى لاتكون لكل أحد، وإنما يستشار أهل الشورى، ويطلق عليهم في الفقه أهل الحل والعقد، بمعنى أن لهم سلطة فعليّة، بها يحلون ويعقدون أمور الأمة ذات الشأن، وليسوا مجرد دمى وصور تلعب بها السلطة كما تشاء.

 

ولهذا قيل الديمقراطية تعد الرؤوس ولا تزنها، فيكون صوت أجهل الناس وأحمقهم، يساوي صوت أعلمهم وأعقلهم، ولعمري إن هذا لغاية الجهل، أعني أن يُسوّى بين أعظم الأمور اختلافا، في نظام واحد، وأي فكرة أجهل من هذه الفكرة ؟

 

والباعث على انتشار أخذ الناس في الأصل بهذه الفكرة، هو ردة الفعل من تسلط الظلمة في عصور الظلام الأوربية التي كان فيها الإقطاعيون والملوك، يعدون الناس مثل الحيوانات لاقيمة لاحد منهم مهما بلغ من العلم والكفاءة مالم يكن نبيلا بالنسب، فلما ثاروا على هذا الوضع الجائر، أتوا بهذه الفكرة الديمقراطية كردة فعل، وغالبا ما تكون الأفكار التي هي ردة فعل غير موزونة، وهذه منها، وإن كانت قد تكون أهون مما هو شر منها.

 

ثم إنها لما انتشرت هذه الفكرة، آلت إلى أنها تحصر الوصول إلى السلطة بمن يملك القدرة على شراء أصوات الناخبين، سواء بالمال الذي يمكنه به أن يمول حملته الانتخابية، أو يشتري أصواتهم، بطريق مباشر أو غير مباشر عن طريق خدمات يقدمها إليهم، أو بانتسابه إلى حزب أو عصبة يمكنها أن تحصد له الأصوات بطريقة ما.

 

فكأن الأمر انتقل من ديكتاتورية الملك إلى دكتاتورية الطبقة الغنية القادرة على الاستفادة من اللعبة الديمقراطية، ولكن الفرق أن هذه الطريقة الثانية استطاعت أن تخدع الناس فتسكتهم، فإن نازع أحد ذوي السلطة الذين ملكوها باللعبة الديمقراطية قالوا : نحن منتخبون، ولك أن تدخل اللعبة وتجرب حظك أو لتصمت، هذا هو الفرق الوحيد، فلا يملك الاعتراض على تسلطهم، ثم هم قادرون أن يملكوا الإعلام بنفوذهم وتسلطهم، فيسخرونه لهم، فيعود الأمر كله إلى ديكتاتورية مبطنة، كما هو الحال في أمريكا تماما، كما نراه هذه الأيام.

 

ولينظر العاقل مثلا إلى ما يحصل في أمريكا، فإنه لا ينجح في ديمقراطيتهم إلا من يرضى عنه اللوبي الصهيوني، فيمدُّون حملته الانتخابية بالمال والإعلام ويصطنعون له استبيانات خادعة، ويشترون له ذوي النفوذ، والسابق يمهد لللاحق، فتحول الأمر إلى دكتاتورية اللوبي الصهيوني الذي يحكم أمريكا بلعبة الديمقراطية الزائفة، التي أصبحت فائدتها الوحيدة أنه من يعترض على تسلطهم، يقال له إن السلطة جاءت بانتخاب ولم يحرمك أحد من أن ترشح نفسك، ولكنه يعلم أن ترشيح نفسه لن يوصله إلى شيء، لانهم ملكوا بطريق غير مباشرة، كل الخيوط التي يمكن التوصل بها إلى السلطة، هذه هي خدعة الديمقراطية التي يغتر بها أكثر الجهال وهم لا يشعرون.

 

وبعض الحذّاق يعلمون هذا كله، ويقولون إنها خدعة ،ولكنها خير من ديكتاتورية مطلقة، لان الديمقراطية يمكن بها رقابة السلطة، وحرية الصحافة، وحفظ حقوق الناس إلى حد ما، وهذا قد يكون له وجه في بعض الأحوال دون بعض، ومعلوم أن الشرور والأفكار الباطلة قد يكون بعضها أهون ضررا من بعض.

 

والديمقراطية أحيانا قد يكون شرها أهون من شر زعيم مستبد كافر جائر، غير أن السلطان العادل القائم بأمر الله الحافظ للشورى، الذي يخاف الله في رعيته، لا يكون استبداله بالديمقراطية إلا الضلال المبين، ولانقصد بالسلطان هنا شخص واحد، بل النظام الحاكم.

 

والمقصود هنا أن الكلام على أن بعض الشرور والافكار الباطلة أهون شرا من بعض، لايعني أن يضفى علي الاقل شرا، لباس شريعة الله تعالى، انسياقا وراء ضغط الواقع وانبهارا به، بل يجب الرجوع في الحكم على الافكار كلها إلى حكم الله تعالى، فالواقع موضع الحكم، وليس مصدره، وإذا شهدت أحكام الله تعالى على بطلان فكرة، فهي باطلة، ولو آمن بها أكثر أهل الارض، قال تعالى (وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله، إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون).

 

ويجب أن يعلم أن النظام السياسي الإسلامي قائم على ثلاثة أركان، دل عليها ثلاث آيات :

 

# الأول الحكم بالشريعة مصدر شرعية السلطة الأساسي : دل عليه قوله تعالى (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع أهواءهم).

 

# الثاني العدل والإحسان إلى الرعية بالرفق واختيار الأصلح لهم في دينهم ودنياهم أساس الحكم : دل عليه قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي)، وفي الحديث (اللهم من ولي من أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به).

 

# الثالث الشورى نظام الدولة : دل عليه قوله تعالى (أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) ولم يجعل الشورى بين الصلاة والزكاة إلا لعظم شأنها.

 

وبالركن الأول : يعلم أن مرجع الدولة والامة هو شريعة الله لاسواها، فإن كان سواهافقد فقدت شرعيتها، وهذا واضح إذ كيف تكون لها شرعية وهي لا ترجع إلى الشريعة الإسلامية.

 

وبالركن الثاني : يعلم أنه يجب على الدولة اتخاذ كل التدابير والوسائل التي تؤدي إلى حفظ حقوق الرعية من رفع الظلم عنهم، حتى لو كانوا متهمين في قضايا، فلا يجوز أن يتعرضوا إلى إجراءات تعسفية، ولا أن يمنعوا من الدفاع عن أنفسهم، في محاكمة عادلة، ولا أن يعذبوا لاستخراج اعترافات منهم، وحتى لو أدينوا لا يجوز أن يعاقبوا بأكثر مما يستحقون، ولا يعاقب غيرهم من ذويهم.

 

كما يجب على الدولة وضع التدابير والوسائل التي تؤدي إلى احترام حقهم في الحياة، الكرامة، والملكية، والتعلم، والعمل الشريف، والخصوصية حتى لو كانوا يعصون في السر فلا يجوز التجسس عليهم، وحفظ حق الجميع في التعبير عن آرائهم ومنع السلطة من الظلم، ونقد أداءها لواجبها، وحقهم في المشاركة في خدمة الأمة بالعمل السياسي أو غيره، كل ذلك وفق قدراتهم، وكفاءتهم الشخصية، وأمانتهم، وليس بعدد الأصوات التي يمكنهم أن يحصلوا عليها بأي طريق، ولا أي اعتبار آخر، فالشريعة تبطل ذلك كله، وتجعل الامانة التي على رأسها صلاح الدين، والقوة المعرفية والقدرة الذاتية هي المعيار المعتبر في نفع الامة.

 

ويجب أن تكون هذه التدابير والوسائل لها قوة القانون، ومنصوص عليها في دستور، يشكل ثوابت تقوم عليها شرعية الدولة نفسها، ولا يصح بحال أن تكون هذه التدابير والوسائل موكولة إلى مجرد الثقة في أشخاص السلطة.

 

وبالركن الثالث : يعلم أنه يجب على الدولة أن تعمل على وضع هيئة تراقب أداء السلطة التنفيذية، ولها الحق أن تكبح جماحها، وهي التي تعقد ما يجب عقده من العقود حتى بيعة الإمام، فجميع العقود الداخلية والخارجية التي تنظم سياسة الدولة، مرجعها إليها مع رأس الدولة، وهذه الهيئة الشوريّة (أهل الحق والعقد) يجب أن تكون جزءا من النظام الأساسي للدولة، ولها قوة مستمدة من شرعيّة الدولة نفسها وكيانها، وليسوا أناسا يتفضل عليهم رأس السلطة.

هذا هو باختصار الإطار العالم للنظام السياسي في الشريعة الإسلامية، ويجب أن يعلم أن هذا كله مأخوذ من جملة الأدلة الشرعية من الكتاب وفي عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين، وعمل الصحابة، وبعضها دلت عليه نصوص عامة، وقواعد الشريعة الكلية، ولاندعي أن كل ملوك المسلمين في كل عصر عملوا بهذا النظام بحذافيره، بل حتى في آواخر عصر الصحابة، لم يكن معمولا بكل هذا النظام السياسي الإسلامي.

 

غير أن عدم تطبيق فكرة النظام السياسي الإسلامي كاملة في كل عصور الإسلام، لا يعيبها، فما من فكرة سياسية إلا وهي ناقصة التطبيق في الواقع، ومعلوم أن شريعة الله كلها حق، مع وقوع تقصير العباد في تطبيقها في كل عصر، فهذا لا يؤثر في كمال الشريعة وصلاحيتها.

 

كما يجب أن يُعلم أن كلّ الوسائل، والتراتيب الإداريّة المعاصرة التي يمكن أن يتوصل بها إلى تحقيق أركان النظام السياسي في الإسلام، يجوز الأخذ بها، بل قد يجب الأخذ بها، شأنها في ذلك شان الأخذ بالوسائل العصرية التي لم تنص الشريعة على تحريمها، في وسائل الدعوة الإسلامية، والقضاء الشرعي، والجهاد في سبيل الله، بل حتى في العبادات المحضة، مثل معرفة القبلة بالبوصلة الحديثة، وجمع وتوزيع الزكاة بالوسائل العصرية، ونحو ذلك، فكذلك في نظام الحكم في الدولة، ومعلوم أن الوسائل لها حكم المقاصد، وهذه من أنفع وأجمع القواعد في الفقه الإسلامي، لاسيما في هذا العصر.

 

نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة

 

لقد وضحنا بارك الله فيكِ أن هناك اختلاف حول الأمر بين أهل العلم فنرجو عدم محاولة فرض أحد الآراء على الآخرين

و ليسعنا ما وسع علماءنا عند الاختلاف و ليحترم كل أحد قول الأخر طالما أنه مستند لأقوال أهل العلم .

و لقد طرحتِ ما لديكِ فلا داعي لمزيد من الجدل حول الأمر بارك الله فيكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
لقد وضحنا بارك الله فيكِ أن هناك اختلاف حول الأمر بين أهل العلم فنرجو عدم محاولة فرض أحد الآراء على الآخرين

و ليسعنا ما وسع علماءنا عند الاختلاف و ليحترم كل أحد قول الأخر طالما أنه مستند لأقوال أهل العلم .

و لقد طرحتِ ما لديكِ فلا داعي لمزيد من الجدل حول الأمر بارك الله فيكِ

وبك بارك الله , اختي انا لم اجادل في المسألة وإنما نقلت اقوال اهل العلم بالادلة الشرعية ولم افرض راي على احد ولا حول ولا قوة الا بالله

ولكن هذه مسألة مهمة لانها تتعلق باصول الدين بل اعظم اصل في الاسلام وهو التوحيد فهي ليست مسألة فرعية مختلف فيها

والامر الاخر أهل السنة يأخذون كلام العلماء الذي يطابق الكتاب والسنة , والعصمة دفنت يوم دفن الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم

مع حبي واحترامي لك اختي الكريمة 061.gif

تم تعديل بواسطة ام صهيب البغدادي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×