اذهبي الى المحتوى
alzahraa

التاريخ يعيد نفسه بالأمس في تونس و الآن في العراق

المشاركات التي تم ترشيحها

ما تنفرد «الصباح» بنشره :

 

على هامـــــــش جريمة اغتصـاب جنـــدي أمريكي لفتــاة عراقيــــــة:

3 جنود أمريكيين اغتصبوا عام 1943 في الوطن القبلي فتاة تونسية

عمرها 16 عاما أمام والدها.. ثم قتلوه

 

بقلم: الأستاذ خالد عبيد (مؤرخ جامعي)

 

لم أجد بُدّا من كتابة هذه الأسطر وأصداء جرائم «المحرّر» الأمريكي في العراق المُثْخَن تتتالى علينا من حين لآخر، كي تذكّرنا في ألم بمأساة شعب استبيحت أرضه وخيراته وهُدرت امكانياته وأُهدر شرفه باسم تخليصه من نيْر «الديكتاتورية» الصدّامية، فاذا بهذا التحرير بات كابوسا يُؤْرق العراقيين الذين خالوا أنفسهم في أفريل 2003 في جنّات الوهم الأمريكي الموعود، وها هو البعض يكتشف الآن أنّه بات أسير لُجج التحرير الأمريكي المزعوم، الذي مكّن نفسه وجنوده من حصانة عَصِيّةٍ حتى على الحكومة العراقية الحالية ذات «السيادة الكاملة»، والتي وجدت نفسها عاجزة عن القيام بأيّ شيء لمحاسبة ومعاقبة «أبطال» آخر جريمة أمريكية بالعراق!! جريمة اغتصاب فتاة عراقية بريئة عبير قاسم الجنابي ذات الخمسة عشر ربيعا في المحمودية، على مرأى ومسمع من أبيها وأمّها وأختها الصغرى ذات السبع سنوات ثمّ الاقدام على قتلها هي وعائلتها واضرام النار فيهم وفي المنزل.

 

ومن الأكيد أنّ هذا الجندي أو الجنود «المجرمين»، لن يطالهم العقاب العادل لأنّ الضحيّة تنتمي الى عرق بات استباحة دمه أمرا محميًا دوليًا في كلّ من فلسطين والعراق!..، وستطلع علينا الدوائر الأمريكية برواية اهتزاز نفسية المجرم أو عدم مسؤوليته عن أفعاله أو عَتَهِه المؤقت أو.. أو.. غير ذلك من التبريرات المُعْوجّة أصلا، لكنّها مستساغة وتُمرّر بل وتُسوّق ما دام الضحيّة في منزلة بين المنزلتين، منزلة اللاانسان ـ اللاحيوان المُرَاق دمه والمُسْتباح عرضه والمُهَان في كرامته والمهمّش في مكانته والعاجز في فعله والمثقل في همومه والواهم في خلاصه الغيْبِي.

 

وقد ذكّرتني هذه الجريمة في العراق بـ«جريمة» مماثلة لها وتشبهها الى حدّ كبير، وقعت في بلادنا التونسية منذ أكثر من ستّين سنة، عندما قدمت جحافل القوات الأمريكية والبريطانية وما عرف بقوات فرنسا الحرّة الى تونس في بداية سنة 1943 لـ«تحريرها» من كابوسيْ النازية والفاشية وتخليصها من نيْر العَمَهِ المحوري، فاذا بهذه القوات الحليفة ورافعة لواء الديموقراطية ترتكب مجازر بحقّ التونسيين وتقوم بتصفيات جسدية بالجملة دون محاكمة ودون محاسبة بحقّهم كالذي حدث في منطقة قفصة مثلا، كما ارتكب جنود التحالف آنذاك ـ كم هي متشابهة تسميات تلك الفترة والفترة الحالية! ـ جرائم أخرى ببلادنا، ينطبق عليها حاليا تصنيف: «جرائم حرب» و«جرائم ضدّ الانسانية»، وذلك عندما أقدم ثلاثة جنود أمريكيين في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 جوان 1943 على اغتصاب فتاة تونسية لا يزيد عمرها عن 16 سنة، بمرأى ومسمع من والدها المسكين الذي أجبر على رؤية اغتصاب ابنته دون أن يتمكّن من فعل أيّ شيء وأنّى له ذلك؟ وأمام أمّها وبقيّة نسوة العائلة اللاتي لم يجدن سوى الوَلْوَلة سلاحا يرْفَعْنَه تجاه هذه الجريمة.

 

وقد حدثت هذه الواقعة الأليمة في الوطن القبلي باحدى المناطق الريفية وتحديدا في هنشير لَبْنة وداخل ضيعة معمّر على الأرجح أين تشتغل فيها عائلة هذا العامل الفلاحي وتسكن، ولم يكتف هؤلاء الأمريكيون بذلك، بل وعمدوا اثر الانتهاء من فعلتهم الى ارغام والد الفتاة المغتصَبة على الاصطفاف مع تونسي آخر يتولّى الاشراف على عمّال الضيعة وشيخ يبلغ عمره حوالي سبعين عاما، وأجهز عليهم أحدهم بزخّات من رشّاشه بكلّ برودة دم ممكنة، وانطلقوا اثر ذلك الى معسكرهم الذي يبعد عن مكان جريمتهم حوالي كيلومترا واحدا وكأنّ شيئا لم يكن!، بعد أن ألقوا الرعب في هؤلاء النســـــــــــوة من خلال طلقات نارية كثيفة وعشوائية في المنزل لارغامهنّ على الكفّ عن الصياح.

 

والظاهر أنّ قيادة القوات الأمريكية المرابطة في تونس آنذاك قامت باعتقال هؤلاء الجنود الثلاثة وأرسلوا الى تونس يوم 30 جوان 1943 بغاية التحقيق معهم، ومن المرجّح أنّ العقاب الذي «حِيق» بهم، ان عُوقبوا أصلا، تمثل في لومهم أو ارسالهم الى منطقة عسكرية أخرى أو التغاضي عمّا فعلوا والتكتّم عن جريمتهم مثلما يحدث الآن في العراق، وتعمّد خلق رواية منافية للواقع كالذي حدث في مجزرة حديثة أو الاسحاقي أو المحمودية التي نسبت زمن حدوثها الى زُمْرة «الارهابيين».

 

ومن المحتمل أن يكون الملفّ قد أغلق في تونس على أساس اختبال فُجْئي حدث لهؤلاء الجنود «المساكين»، جرّاء الضغــــــــــــط المعنوي الهائل الذي يتعرّضون له في كنف ظروف حرب استثنائية، زاده تأكيدا الادّعاء بحالة السكر المطبق التي كانـوا عليها.

 

والأكيد، أنّ هذه الحادثة الأليمة التي جدّت في بلادنا آنذاك مرّت في صمتٍ حينئذ بالنظر الى ظروف الحرب العالمية، كما أنّ وسائل الاعلام والاتصال لم تكن كما هي عليه الآن، بالاضافة الى أنّ التونسيين مغلوبون على أمرهم ولا حول لهم ولا قوّة ازاء القمع الكبير الذي سُلّط عليهم مباشرة اثر «تحرير» بلادهم من المحور، فحالُهم هنا حال العراقيين المغلوبين على أمرهم، «حُرّرت» بلادهم دون أن يدروا ممّن؟ ثمّ ديست كرامتهم وانتهكت أعراضهم دون أن يَدْرُوا لماذا ؟ وبات المشهد التونسي سنة 1943 هو ذاته المشهد العراقي منذ سنة 2003 : «الجلاّد» هو الجلاّد والضحيّة هي الضحيّة!!

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 7 جويلية 2006)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×