روعة الاسلام 0 أرسلي تقرير عن المشاركة قامت بالمشاركة 30 يوليو, 2006 البشرية لفظ لا يسكنه معنى يضيق الرداء الجلدي ؛ بفعل أبخرة الغفلة ، ودخان المعصية ، على الروح الفتية الغضة فلا يسرها إلا أن تزفر عن ما بداخلها لأمها خديجة بنت خويلد . أماه لََم أََحزَن يوماً كما أفعلُ الآن ، وأخافُ من مجردِ الظَنِ بأن الأيامَ القادمة سَتقدم لي المزيدَ منه . أماه الجميع ينزلُ للأسفلِ ، وَأنا معهم ، أتدرين حين يصل المرء لدرجة ظاناً أن لا أخيرة بعدها ، فإذا بأخيرة ، وأخيرة لم يكن يعلمها ، تسقطه على وجهه بكامل جسده. كنت أنا وهم هذا المرء يا أماه وسقطت على وجهي بأنفي ، تشربتني الأرض ، اختلطَت بي ، زادتني بوحلها التصاقاً ، لم استطع نهوضاً ، حاولت ، حاولت كثيراً يا أمي صدقيني ، واشتبكت في رأسي جميع المشاعر التي كانت كالجبال عليه إحراج ، بؤس ، حيرة ، تردد ، خوف ، حزن ، أسى ، ندم ، لا أدري ، وبدأت أنزف ألماً ، ألماً نفسياً يا أمي يضاف إلى سابق ألامي النفسية ، لم يكن ألما جسدياً يا أمي ، أبداً.ً أماه لبنان كعادتها تحتضر ، والدواء يا أمي كعادته يستقطع من أجساد أطفالها وفتياتها ، والرجال ، هه الرجال كعادتهم أيضاً يا أمي ماتوا قبلها زمناً طويلاً ، طويلاً جداً . أماه تحت لحافي الذي عَجِزَ عن فِعل التدفئة ، وبيد ترتعش أَمْسّكّ بها موجِهُ التِلفاز. يمتلئُ رأسي حديثاً كثيراً ، كثيراً جداً ، جمل ، كلمات ، حروف بنقاطها ، تسبح بضيق لازدحامٍ فيه. وبدأ المنخل الذي يفرق بين أذني اليمنى و اليسرى ينقي الحَكي ، كله تناثر للخارج ، عدا كلمتين توقَفت عِندها ساعتي عن التكتكة ، وأصبحت مدينتي ثقباً أسوداً ثقيلاٌ يذوّبُ فيه بقية العالم ، بقية الكون . " أنتم عار " ماذا ؟ نحن عار ! وبدأ الصوت يا أمي يصلني كمثقاب جدارٍ يثقب بقايا الإحساس الذي لازال فيني .ً ومن غيركم؟ لا تكتفونَ بفتحِ جرحٍ صغيرٍ في جسدكم ، حتى تُمسكوا طَرفيه بأصابعَ قاسيةٍ لتمزقوه من الجهتين مجبرين إياه على مزيدٍ من الاتساع . أنتم عار ! تعتلون المنابر , تَهتَز بحناجِركم مجردُ جزيئاتِ الهواءِ التي أَمامها ، تحملون في أيديكُم سيوفاً من خَشب ، تخربشون بها على هامشِِ الأوراق المدرعة ، ثم تنزلون بصدور منتفخة تمزق ما ترتدون ؛ مِن فَخر بعظَم الإنجاز ! أنتم عار ! تَتحدثون عن الأُخوةِ التي تُسافرُ عبرَ الحدود ، عَنِ الجَسدِ الواحدِ الملتصقِ ، عن البُنيانِ المَرصُوص الذي يَضُمكم ، حتّى إذا ما صَرخ أخٌ سَددتم آذانكم بأصابعكم وتبرأتم منه تجاهلاً ، حتّى إذا ما اعتلَّ عُضو بَترتموهُ خَوفاً من الغرغرينا ونَسيتم أمر العضو أنانيةً ، حتّى إذا ما ثُقِبَ بُنيانُكم تركتمُ جانِبَ جِدارِهِ حتّى يَتهاوى وحيداً. أنتم عار! حِينَ لا ترومون الانتصار لا تَسكتونَ عَن خَيبَتِكم ، لا تَصمتون عَن فضيحَتِكم ، بَل تَمتَهنون مزيداً من الهَزائم ، مزيداً من الطعن في ظُهورِكم . أنتم عار! أتدرون لماذا ؟ بعد كل هذا وبعد أن تؤمنوا أنها الحقيقة ستقولون هراء ، كذب ، إدعاءات. أماه وبدأ جسدي ينزِف سِهاماً غُرِسََت فِيه ، وأنا يا أُمي ضَعيف ، لا أَروم نَفَساً ، فَكَيفَ بِحَديثٍ يَصفعُني مانعاً منِّي إياه ، ويعود الصوت مرةُ أُخرى يا أمي ليقضيَ على بَقيةِ ما تَبقَّى مِني . أنتم عار! تريدون أن تَثبتوا لأنفُسِكُم كَيف ؟ اسألوها .. ماذا قَدمتْ ؟ أَسألها يا أمي ، لا تجيب ، حينها يفقِد وعيي وَعيه ، ويَبدأ الشَك بِشُربي ، هل نحن مسلمون حقاً ؟ هل نحن مسلمون حقاً ؟ وأهرب بكل خلاياي إلى ما أظنه راحتي فإذا به حتفي. أغفو يا أمي . أراني طائراً أَخضَرَ اللَّونِ أَطير إلى قمة أندلسية كلَونِي ، أَطير خفيفاً ، مبتهجاً ، فَرِِحاً بِروحي ، مغرداً بصوتي ، وعلى القمة تحاصرني غيوم رمادية ، أََلتفتُ لجناحَيَّ فإذا بِِِهِما أسوَدانْ ممْتَلئان ثقوباً ، رِجلاَي الصَغيرةُ مَقطوعتانْ وَكُلي يَنزف دماً ، احْمَرّ على أثره لَونُ الجَبل ، ثُم أَهوي بِرَأسي ، أَبحثُ عَن لِسانِي لأَستنجِدَ بِه أُمَتي الهائِمَةَ النائِمة ، أَبحَث عَنهٍ فَلا أَجِده ! فِي أَسفلِ الجَبلِ وَأَنا أَهوي أَرى أَسراباً مِنَ الغِربان تَحمل راياتٍ مُختلفة و تَنعِقُ بِشعراتٍ كَريهةٍ ، مَقيتًة ، طائِفيةٍ ، مَذهبيةٍ ، مُختلفة ، تَتمزق الأسراب هذه يا أمي كل لحظة إلى مزق كثيرة ، متشرذمة . كانَت هذه الأسرابٍ تَتوقف أَمام شيءٍ أَجهلُهُ ، لا أراه ، ثم تهوي ، وأنا أكاد أهوي للقاع معهم لكنني أتحامل ؛ رغبة في معرفة سر ذلك الشيء الموقِفِ ، الذي يُجبر الجميعَ عَلى التَهاوي أمامه ، لا أحتمل ! أسقط ، أظل أزحفُ بجسدي المثقوب إلى ذلك الشيء ، أراهُ لُفافةً بيضاءَ تكومَتْ أمامها ألويةٌ مُمَزقَةٌ بِألوانٍ مُختلفة ، أقترِبُ أَكثر مِنَ اللُفافة ، أتدرين ما أجد يا أمي؟ طِفلةً بِعينٍ خَضراءَ واحدةٍ فَقط ، وبلا يد يسرى ، وبثلاثة أصابعَ فِالأُخرى ، وَانفَرَجَت شَفتاها المتعبة " البشرية لفظ لا يسكنه معنى" وخناجر تنْغََرِس فِي البَقايا مِنْ جَسَدِي الذي أحْمِلُه ، وَالأسرابَ الغِرْبانِيةُ تَحتَرِقُ بِنِيرانِها المُشتَعِلَةِ وَقبلَ إِغماضتي الأخيرَة تَحْتَضِنُنُي الصَغِيرةُ لأَرى خَلفها تِلْكَ الأَسرابَ الغِربانية التِي نَعقَت بِما لا تَعرفُ ولا تسمعُ ولا ترى ، مجرد رماد تذروه الرياح . ويعودُ وعيي إلى وَعيِه يا أُماه ، أَتَلَمَسُ ما جفَّ مِنْ أنهارٍ عَلى وَجهِي ، وأسافِرُ بِدمعَتين جَديدتينِ إِلى أَرضٍ تَزيدني شوقاً إليكِ ، بودِّي أَن أَسكُنها كما سَكَنَتني ، أسافر بدمعتين إلى بيتِ الحَبيبِ الأَول والأَخير ، وإِمامُ الحَرَمِ يَزرَعُ قَلبي وُروداً فِي زَمَنِ جَدبِ الرِجال ، يَملئُ قَلبي عِزة ، كرامة ، سعادة ، تفاؤلاً ، أملاً ، حبوراً. أتتخيلين بماذا يملؤني بكل هذا يا أمي ؟ بمجرد حديث لا يقولونه إلا همساً ؛ لمجرد خوفهم من لائمة الأسراب الغربانية مجدداً ، وَيُذكِرُِني ، كأنَّي لَم أسمَعها يوماً : (( أم حَسِبتم أَن تَدخلوا الجَنة ولمَّا يَأتَِكُم مَثَلُ الذينَ خَلَوا مِن قَبلِكَُم مَسَّتهُمُ البَأساءُ وَالضَّراءُ وَزُلزِلوا حَتى يقول الرسول والذين آمنوا معه مَتَى نَصرٍُ الله أَلا إِنَّ نَصرَ اللهِ قَرِيب )) حينها يرتفع الجميع دعاءً ، وينسكب الجميع دموعاً . أماه و يُقبلُ أَخي , يرى زجاجة البيبسي الفارغةَ في يَدي ، و بقاياً مِن وجبَة الكنتاكي أَمامي ، يُمسِكُ بِتَلابِيبِي يُلقيها : " الا نستطيع أن نقدم شيئاً لو قليلاً ، إذا قاطعنا لن نموت ، وإذا لم نقاطع سيموتون " يرمق الدمعتين أسفاً ثم يغادرني وهو يخنقني بها " دموع كاذبة , دموع كاذبة , دموع لا نَفع لها " أنكمشُ أنا ثم أتلاشى . أماه ما عاد في القلبِ مَكانٌ لابتسامةٍ مَجدولةِ الطرفين ، ما عادَ في القلبِ حَتى سم خياط ترومُ المُرورَ منه مجرد ثلاثة أحْرف ف ر ح فمتى يحين اللقاء ؟ إنني لأرقبه في رَحِمِ مِحنٍ توهَبُ لنا مِنهُ المِنَح ، فيا ربَّي ، يا ربَّي ، بِحُبكَ لنا إلا وَهبتَنا إياها عاجِلاً غيرَ آجِل عاجِلاً غير آجِل ، عاجلاً غير آجِل. منقوووول شارك هذه المشاركه رابط المشاركه شارك