أبعاد المؤامرة على الأسرة المسلمة

[في جنة الله أحيا 103]

 

أبعاد المؤامرة على الأسرة المسلمة

نظام الأسرة في الإسلام نظام محكم بالغ الروعة كما أنه جزء من نظرة الإسلام الشاملة للحياة ، وركن ركين لبقاء الأمة الإسلامية وصمودها في مواجهة النوازل والخطوب من خلال بناءها التشريعي .

 ولما كانت مؤسسة الأسرة في الإسلام هي الحصن الحصين لنمو القيم والأخلاق ، والرافد العظيم الذي يمد الأمة بأجيال صحيحة الفكر سليمة العقيدة والمنهج عملت قوى الشر والظلام على إضعافها ، وكانت المخططات والمؤامرات التي تريد أن تنال من هذه القلعة العتيدة .

 الغريب في الأمر أن المخططات التي تستهدف الأسرة المسلمة لم يعد يرتب لها في الخفاء كما كان يحدث سابقا ، ولكنها باتت مكشوفة ومفضوحة للكافة ، وأصبحنا نطلع عليها كل يوم ، وهي تعلن ويروج لها في وسائل الإعلام ، ثم نراها وقد أخذت طريقها للتنفيذ دون حراك أو اعتراض من أحد إلا أصوات مبعثرة من هنا وهناك .

 فقد رأت الصهيونية العالمية أن أقصر طريق للسيطرة على العالم هو انهيار الأخلاق وسيطرة الشهوات والغرائز الجنسية التي تفكك الأسرة ، وتدمر المجتمعات ؛ لذا عملت هذه القوى الشريرة على تقويض دعائم الأسرة بالإباحية ، وهاهم يتبجحون بها في بروتوكولاتهم : " يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان لتسهل سيطرتنا ـ إن ( فرويد ) مِنّا ـ وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدس ، ويصبح همه الأكبر هو إرواء غرائزه الجنسية ، وعندئذ تنهار الأخلاق "

 وجاء اليهودي ( دوركايم ) بنظرياته الاجتماعية موضع الدراسة والعناية والاهتمام في الأوساط التعليمية والثقافية في العديد من بلاد المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وهو الذي يقول بدون خجل أو مواربة : " إن الأسرة نظام لا ضرورة له والأصل هو شيوعية النساء "

 ثم أخذت المؤامرة أبعاداً أخرى خطيرة من خلال بث سموم الفتنة والانحلال من خلال الفن ، وبيوت الأزياء ، ودور السينما ، والملاهي ، والمراقص ، والمجلات المثيرة ، والروايات والقصص الغرامية والمنتجعات السياحية .. وغيرها من الوسائل التي أصبحت علما على التحضر والرقي في العديد من بلاد المسلمين !!

يقول " هنري فورد " في كتابه " اليهود والعالم " لقد سعى اليهود من أجل تحقيق غاياتهم إلى السيطرة على ثلاثة أشياء " البنوك للربا ، والسينما لتقديم مفاهيم مسمومة ، وشركات الملابس لتقديم الأزياء والمساحيق ، والعطور ، وما سواها من مستلزمات الموضة .

وعلى الجانب الآخر أدرك ( المنصرون ) أن المرأة ذات أثر عميق في التربية فأولوها اهتماما كبيرا ، فبادروا إلى إنشاء مدارس تبشيرية ( تنصيرية ) للبنات في بلدان العالم الإسلامي التي منيت بالاستعمار الغربي ، وقالوا : ( إن التبشير يكون أتم حبكا في مدارس البنات الداخلية ؛ لأنها تجعل الصلة الشخصية بالطالبات أوثق ، ولأنها تنزعهن من سلطات البيئة المسلمة إلى بيئة المسيحية ) .

 وقد حدد " مرقص فهمي " في كتابه " المرأة في الشرق " خطة الاستعمار الفكري والثقافي والتي تستهدف الأسرة المسلمة من خلال :

1- القضاء على الحجاب .

2- إباحة الاختلاط .

3- منع الزواج بأكثر من واحدة ، ( وتشويه فكرة التعدد ) .

4- إباحة الزواج بين المسلمات وغير المسلمين .

 ثم جاءت أخيرا مؤتمرات الأمم المتحدة ، ومنها على سبيل المثال مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية ( 5 ـــ12 سبتمبر 1994م ) ، ومؤتمر بكين ( سبتمبر 1995م ) ، ومؤتمر استانبول للإسكان و الإعمار (1996م) .. والتي جاءت بمقررات وتوصيات في غاية الخطورة وتستهدف الأسرة المسلمة وتريد أن تنال من استقرارها وقلعتها الحصينة ، وكان من أهم توصيات تلك المؤتمرات ما يلي :

1. إباحة الإجهاض ، وقد حاول واضعوا الوثيقة استخدام تعابير متعددة لإباحة الإجهاض مثل الحمل غير المرغوب فيه .

2. تقديم المعلومات والثقافة الجنسية للمراهقين وإباحة الممارسات الجنسية ، وحقهم في سرية هذه الأمور ، وعدم انتهاكها من قبل الأسرة .

3. تشجيع الأزواج والزوجات على الممارسات التي تقع خارج العلاقات الشرعية ,

4. اعتبار ممارسة الجنس والإنجاب خارج إطار العلاقات الأسرية حرية شخصية .

5. تحجيم وتهميش دور الآباء في الرقابة على السلوك الجنسي للأبناء ,

المشكلة الكبيرة أن هذه التوصيات ووجد داخل بلاد المسلمين من يروج لها ، ويشارك في هذه المؤامرة الخطيرة التي تستهدف الأسرة المسلمة .

 من خلال هذا العرض الموجز ينبغي أن يدرك الجميع أن هناك مؤامرة خطيرة تستهدف الأسرة المسلمة باعتبارها أحد قلاع وحصون الأمة العتيدة ..

 وحتى نتفادى الآثار الخطيرة والمدمرة لهذه المؤامرة يجب اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير اللازمة ، ومن أهمها :

1. تعزيز الثقافة الإسلامية الوسطية ، في وسائل الإعلام والتعليم ، والدعوة والتوجيه .

2. تنشئة الأجيال المسلمة على قيم ومبادئ الإسلام ، والخصوصية الثقافية والحضارية للأمة .

3. تعزيز ثقافة الحوار داخل الأسرة المسلمة .

4. تدريس فقه الأسرة المسلمة في المدارس ، والمساجد ، والبيوت ، والأندية .

5. إقامة دورات تأهيلية في فقه الحياة الزوجية للمقبلين على الزواج .

6. إقامة دورات تدريبية في مجال " تربية الأبناء في الإسلام " وكيفية التعامل مع المراهقين .

خاتمة :

لا يمكن لأمتنا الإسلامية أن تنهض بعيدا عن الإسلام ، فهذه الأفكار المستوردة من مجتمعات مغايرة لمجتمعاتنا في القيم والأخلاق والعادات والتقاليد لا تصلح أبداً أن تكون المثال أو الأنموذج لنهضة بلادنا وأمتنا .. فهاهي " فرنسا " تحافظ على لغتها ، وتعمل على رفعة شأنها ، وتحرم على السياسيين والدبلوماسيين وغيرهم من أبنائها التحدث بأي لغة أخرى غير الفرنسية ، وتعتني بموروثها الثقافي والحضاري وتعتبره من القيم الفرنسية واجبة الاحترام ، ولم تنهض اليابان بعد الحرب العالمية المدمرة إلا بعد أن عادت إلى جذورها ، واستلهمت نقطة الانطلاق والإقلاع الحضاري من خلال اعتدادها وعنايتها بموروثها الثقافي .. ولما كانت أمة الإسلام هي خير أمة أخرجت للناس باعتبارها أمة الشهود الحضاري على كافة الأمم والحضارات ، قال الله جلّ شأنه لحبيبه صلى الله عليه وسلم : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " ــــ فإن الواجب يقتضي ـــ أن تعود الأمة إلى كتاب ربها وسنة نبيها ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وأن تعتز بإسلامها ، وأن تجعل نقطة انطلاقها في البناء والتنمية والنهوض الحضاري ــ الإسلام العظيم ــ فهو وحده الكفيل برفعة شأنها بين الأمم يقول سيدنا الخليفة الراشد أمير المؤمنين أبو عبدالله " عمر بن الخطاب " رضي الله عنه : " إنا كنا قوم ذي جاهلية ، فأعزنا الله بالإسلام فلو رحنا نبتغي العزة في غيره أذلنا الله "

هذا وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

والحمد لله رب العالمين ؛؛

كتبـــه :

حمـــــدي بسيــــوني