رحلة الأخطار و المآسي إلى مخيمات لاجئي أراكان

[عـائـشـة 80]

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هذه مجموعة من التغريدات قام بكتابتها المهندس بدر الصمعان المذيع في قناة المعالي عن رحلته إلى مخيمات اللاجئين في بنجلاديش و التي كان قد أعلن عنها قبل ذهابه لمن يرغب بإرسال تبرعاته

 

 

11 ديسمبر

في المطار متجهاً إلى مخيمات اللاجئين البورميين (الأركانيين) في كوكسبازار .. أستودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه ..

 

13 ديسمبر

وأنا أقطع الطريق إلى المخيمات تعجبت من صنوف البؤس التي يعيشها المواطن البنغالي الرسمي .. فكيف حال من حلّ عليهم لاجئاً !؟

 

يلجأ الأراكانيون عند دولة أقصى طموح الشاب فيها أن يجد التأشيرة إلى الخليج ليعمل ٨ ساعات تحت سطوة الشمس ليتقاضى ٢٠ دينار/شهر

 

بدأنا فرز الأموال في أظرف التوزيع، كل ٣ آلاف تكا في ظرف، دعواتكم فالمبلغ كبير ٨ مليون تكا وأكبر ورقة عندهم ١٠٠٠ تكا

 

بحمد الله .. بعد ٦ساعات متواصلة، للتو انتهينا من فرز المبلغ في أظرف التوزيع في هذه الحقيبة الصغيرة

 

 

 

14 ديسمبر

منذ ٤ ساعات ونحن نسير في أدغال كوكسبازار، وصلنا إلى سوق مخيمات الروهينجيا .. لاحظت وبقوة انتشار النقاب بين نسائهم، ابهجني التزامهم :)

 

خبر سيء للغاية السلطات البنغالية منعتنا من التوزيع وهددونا بالسجن إن لم نبتعد مازالت المفاوضات جارية، لا تنسونا من دعاء الجمعة

 

18 ديسمبر

اضطررت للانقطاع اليومين الفائتين بسبب نفاد الشحن من هاتفي في مخيم كوكس بازار وعدم توافر الشاحن، ما منعني أيضاً من التقاط الصور والتوثيق.

 

منعنا آمر المنطقة من التوزيع على الأراكانيين وهددنا بالسجن (متبرعين أتراك و بعض من رافق الشيخ نبيل العوضي في رحلته السابقة مازالوا مسجونين)

 

أصعب ما يكون العمل الإغاثي عندما يسبح عكس التيار الحكومي الحكومة البنغالية تجرّم إغاثة الروهينجيا بغرض التضييق عليهم ليعودوا إلى جحيم البوذ

 

أمرنا الضابط أن نبتعد عن المخيم و نرجع إلى فندقنا الذي يبعد مسيرة ٣ ساعات ونصف، فمضينا واختبأنا في مسجد مجاور للمخيم أملاً بالفرج القريب.

 

وبالفعل ألهم الله بعض الإخوة للتفكير بشخص ذي نفوذ ولايكترث للقوانين البنغالية (بلطجي) فوقع الاختيار على عضو برلماني ينتسب للمافيا البنغالية

 

فذهب القاضي المنسق لرحلتنا مع مرافقه لهذا العضو ليطلبوا تعاونه في هذه القضية، فطلب مقابلتي فرجعوا ليأخذوني فتركت المبالغ في المسجد ثم ذهبت.

 

أخبرني الإخوة بالطريق بأنه جشع و خبيث، وبالفعل كان أول سؤال سألني إياه بعد المجاملة والترحيب: كم تحمل معك من الأموال ؟ فأجبت: ٣ ملايين ..

 

مع العلم أن المبلغ الذي بحوزتي هو ٨ ملايين تقريباً لكني أضمرت في قلبي أنها ٣ ملايين وأكثر، أوريت هذه التورية لأجس نبضه وأختبر طمعه فقط

 

فاكتشفت أنه لايريد منها شيء؛ سوى ١٥٠ ألف تكا فقط ! وقال أنه سيوزعها بنفسه على بعض الفقراء ! فأعطيته إياها ! الله لا يحله ولا يبيحه !

 

لم أر بعيني، لكن الإخوة أبلغوني بأنه وزعها فعلاً على فقراء، لكن كلهم بنغال، فاتضح أن قصده مصلحته الانتخابية، وزعها على ٨٠٠ ناخب ٢دولار/للشخص

 

واشترط علينا أن يتم التوزيع مع بزوغ الفجر ولمدة نصف ساعة فقط، لكي لايتجمهر الناس، فوافقنا لكنه لم يعطنا أي ورقة أو إثبات ليثبت مدى مصداقيته

 

فحاولت أن أتذاكى فطلبت قبل الرحيل صورة تذكارية .. [لأعرضها للشرطة في حال تم اعتقالي] ، لكنه كان أمكر مني فرفض وقال (لاتصوير قبل التوزيع)

 

فرجعنا إلى المسجد حيث الأموال وأرسلنا ٤إخوة فطافوا على ٢٢٠٠ عائلة وأعطوا أربابها بطاقة لتسهيل التوزيع وإتمامه في ٣٠ دقيقة ولتجنب الزحام.

 

تفاجئنا بأن العدد أكبر بكثير من ٢٢٠٠ ! هناك أشخاص لم نسلمهم بطاقات سمعوا بالخبر فأتوا للتحصيل نظمناهم في صفوف وسلمنا من كان معه بطاقة فقط

 

بعد التوزيع على الأسرة الـ ٢٠ تقريباً، خرج الأمر عن السيطرة ! كنا ٨ أشخاص وكانوا أكثر من ٨ آلاف وكلهم يرى في هذا المبلغ الزهيد كنزاً وثروةً

 

فثارت الجموع واضطربت وطوقتنا من كل مكان فخشينا على أنفسنا فهربنا إلى السيارة وأغلقنا النوافذ والأبواب، وأدرنا المحرك وأشعرناهم بأننا ذاهبون.

 

ثم كلمهم أحد الإخوة وقال لهم بأنهم سيخسرون جميعاً إذا لم يضبطوا أنفسهم، ثم نزلنا ودخلنا مصلى النساء وكسرنا أحد جدرانه المبنية من حصير

 

فجعلناه مثل القنطرة، ندخل علينا ٥ أشخاص فقط في المرة الواحدة فيستلمون فينصرفون فيأتي غيرهم وهكذا حتى أنجزنا كامل العدد في ٤ ساعات ونصف.

 

من المنظار التي أدمت قلبي هو حين أرى الشيخ الكبير والعجوز المسنة يزاحمون الشباب للحصول على ٣٤ دولار ! بعضهم خر مغشياً وأكثرهم انكشفت عورته !

 

دعك من كل الصور التي رأيتها عن مأساة الروهينجا .. أقسم بالله الذي لا إله غيره عندما ترى بؤسهم بعينيك ستتوقف كُل لغات العالم وتنطق الدموع !

 

حسبنا الله ونعم الوكيل على من أوصلهم إلى حالهم هذه، وحسبي الله على كل من تخاذل عن نصرتهم اللهم أطعمهم من جوع و اسقهم من ظمأ وآمنهم من خوف